حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

فى صدق من تحقق المقيد وقيد معا واما الشرط فهو قيد لثبوت المسند للمسند اليه فمعنى قولنا ان ضربنى زيد ضربته الاخبار بثبوت ضرب المتكلم لزيد فى وقت ثبوت ضرب زيد له فصدقه لا يتوقف على تحقق الشرط والجزاء بل على ان يكون ثبوته فى وقت ثبوته وان لم يثبتا قال الشارح رحمه الله تعالى فى شرح المفتاح فقولك ان يضرب عمرو يضرب زيد حكم بنسبة الضرب الى زيد فى وقت وقوع الضرب من عمرو وعلى تقديره وفى موضع آخر فان قيل قد سبق ان مضمون الجملة الشرطية تعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فما معنى ذلك فى الانشاء وكيف امتنع فى الشرط دون الجزاء قلنا الحصول قد يكون لثبوت شئ لشئ او نفيه عنه كما هو مدلول الخبر وقد يكون لتوجه الطلب او التمنى او نحو ذلك كما هو مدلول الانشاء فيعلق ذلك بحصول مضمون الشرط المفروض الصدق فمن ههنا امتنع كونه انشاء فحاصل ان جاءك زيد فاكرمه انى على تقدير صدق انه جاءك اطلب منك اكرامه لا بمعنى الاخبار بالطلب بل بمعنى انشائه انتهى كلامه فهو صريح فى ان الشرط قيد لثبوت شئ لشئ او نفيه عنه فى الخبر ولطلب شئ او تمنيه او ترجيه فى الانشاء واليه اشار ههنا بقوله وصدقها باعتبار مطابقة الحكم بثبوت الوجود للنهار حينئذ اى حين طلوع الشمس فان قلت فما الفرق بين مذهبى اهل العربية والميزانيين فان المآل واحد قلت الفرق ان الشرط عند اهل العربية مخصص للجزاء ببعض التقديرات حتى انه لو لا التقييد بالشرط كان الحكم الذى فى الجزاء عاما لجميع التقديرات فيكون القيد مفيدا لمفهوم المخالفة كما ذهب اليه الشافعية وعند الميزانيين كل واحد من الشرط والجزاء بمنزلة جزء القضية الحملية لا يفيد الحكم اصلا فلا يكون الشرط مخصصا للجزاء ببعض التقديرات ولا يتصور مفهوم المخالفة بل هو ساكت عنه كما هو مذهب الحنفية* قال قدس سره فظهر ان الحكم الاخبارى الخ* ليت شعرى انه كيف ينتفى هذا الاختلاف والحال انه ثابت بين الحنفية والشافعية كما فصله فى التوضيح ومعنى الاختلاف المذكور ان الميزانيين قالوا ان الجملة الشرطية الواقعة فى استعمال العرب معناها الحكم بلزوم شئ لشئ وقال اهل العربية معناها ثبوت حكم الجزاء على تقدير ثبوت الشرط كما قالوا ان الاول مذهب الحنفية والثانى مذهب الشافعة وليس معناه ان الميزانيين وضعوا الشرطية لهذا المعنى حتى يرد ما ذكره بقوله كيف وهم بصدد بيان مفهومات القضايا المستعملة* قال قدس سره وفيه اشارة الخ* فيه ان كون الاول سببا للثانى يقتضى ان يكون تحقق مضمون الاول مفضيا الى تحقق مضمون الثانى سواء كان الحكم فى الشرطية بالارتباط بينهما

٢٦١

او بالتقيد لا اختصاص له بشئ منهما (قوله للشرط فى الاستقبال) اى لتعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة اخرى فى الاستقبال كما صرح به فى شرح المفتاح فلفظ الشرط بالمعنى المصدرى وفى الاستقبال متعلق بالحصول الثانى الذى يتضمنه لفظ الشرط لا بالتعليق لانه فى الحال ولا بالحصول الاول لانه معلق بالحصول الثانى (قوله من التأويل) بتنزيل المجزوم منزلة المشكوك لنكتة (قوله كما انه يشترط فى ان عدم الجزم الخ) لك ان تقول المتبادر من عدم الجزم بالوقوع فى العرف التردد (قوله فى المعانى المحتملة) اى للوقوع واللاوقوع فى نفس الامر (قوله المشكوكة) اى غير المتيقنة عند المتكلم فان الشك فى اللغة خلاف اليقين كما فى القاموس وليس المراد منها المتساوية الطرفين لما فى الرضى من ان ان ليست للشك بل لعدم القطع فى الاشياء الجائز وقوعها وعدم وقوعها وفيه ايضا ان ان للابهام فلا تستعمل فى الامر المتيقن المقطوع به وقال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح وقد اطبقوا على ان ان للمعانى المحتملة المشكوكة وانها تستعمل فيما يترجح اى يتردد بين ان يكون وان لا يكون (قوله لان الغرض الخ) نص عليه فى الايضاح حيث قال اما ان ان واذا فهما للشرط فى الاستقبال لكنهما يفترقان فى شئ الخ (قوله فليتأمل) ليظهر لك ان كون عدم الجزم باللاوقوع فى ان بسبب التردد وفى اذا بواسطة الجزم بالوقوع لا ينافى اشتراكهما فى عدم الجزم على ماوهم (قوله وكذا ذكر الخ) فاكتفى فى بيان معناه على ما هو الفارق ونبه فى المثال على اعتبار عدم الجزم باللاوقوع ايضا حيث قال ام لا (قوله وكذا قال) اى كما انه نبه فى المثال قال انها الخ (قوله فى نحو ان لم اكن لك ابا الخ) مبنى على تنزيل المخاطب منزلة الجاهل بلا وقوع الشرط الذى هو انتفاء ابوتك له مع انه جازم بانك اب له عالم بتحققه الا انه لا يجرى على موجب علمه من مراعاة حقك فكانه غير عالم كذا فى شرحه للمفتاح* قال قدس سره ههنا بحث وهو انه لم يرد بالجزم الخ* قد عرفت فى بيان قوله فى المعانى المحتملة المشكوكة ما يدل على ان المراد بالجزم معناه الحقيقى وان لا واسطة بين محل ان واذا كما هو الظاهر فما قاله السيد السند من ان المراد بالجزم الرجحان الشامل للظن وانه واسطة بين موقع ان واذا فلا بد له من شاهد من كلام القوم واما قوله ولذلك كان المظنون موقع اذا انما يتم اذا ثبت استعماله فى المظنون على الحقيقة دون التنزيل ودونه خرط القتاد* قال قدس سره اقرب الى كونه الخ* لان رجحان اللاوقوع اقرب الى التساوى منه الى رجحان الوقوع لكونه وسطا بينهما وفيه انه ضد لكل منهما وتوسط التساوى تحيلى فتدبر (قوله كالحصب والرخاء) اورد الكاف

٢٦٢

فى بيان الحسنة اشارة الى شمولها للخصب والرخاء وغيرهما واورد كلمة اى فى تفسير سيئة اشارة الى ان المراد منها نوع منها (قوله ونحن مستحقوها) اشارة الى انهم ادعوا اختصاص الحسنة بحسب الاستحقاق لا بحسب الوقوع فان الحسنة لم تكن مختصة بهم (قوله لان القطع الخ) فيه ان هذا الدليل انما يقتضى تساويهما فى قطعية الحصول لا فى كثرة الوقوع اذ وقوع الجنس وتحققه فى ضمن كل نوع على سبيل الشمول والاحاطة ووقوع نوع ما فى ضمن نوع واحد على سبيل البدل لان معنى نوع ما نوع معين فى الواقع مجهول عند السامع والى ما ذكرنا اشار العلامة فى شرحه حيث فسر قوله تعالى (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) اى نوع منها كخصب او غنيمة او ظفر يوم بدر فاورد الكاف وكلمة او وكذا قوله تعالى (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) اى نوع منه كفتح او غنيمة انتهى ولا شك ان وقوع النوع المعين الواحد المبهم عند السامع اقل من وقوع الجنس (قوله اللهم الا ان يقصد به الخ) اورد اللهم اشارة الى ضعفه لان ارادة النوع المعين من النكرة وجعل تنكيره للتعظيم او للتكثير خلاف المتبادر وبين الشارح رحمه الله النوع المخصوص فى الآيتين فى شرح المفتاح بان المراد بالحسنة فى قوله تعالى (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) هو الخصب والرخاء لان الآية نزلت فى اليهود لعنوا حيث تشأموا برسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم فقالوا منذ دخل المدينة نقصت اثمارها وغلت اسعارها وبان المراد بالفضل فى قوله تعالى (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) هو الفتح والغنيمة لوقوعه فى مقابلة فان اصابتكم مصيبة اى قتل وهزيمة بدليل ما قبله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) انتهى وانت تعلم ان شان النزول لا يقتضى خصوص النص فالحق ان ليس فى الآيتين قرينة على ارادة النوع المخصوص (قوله والمصنف قد قطع الخ) فيه انه ان اراد ان المصنف قد قطع بتعريف الجنس فى الآية فهو ممنوع لان المستفاد من المتن ان الحسنة المطلقة لكونها مقطوعا بها عرفت تعريف الجنس ولا يدل ذلك على قطعه بعدم صحة كونه للعهد وان اراد انه قد قطع به على تقدير كون المراد الحسنة المطلقة فمسلم لكن الرد على صاحب المفتاح انما يتم لوجوز كونه تعريف العهد على تقدير ارادة الحسنة المطلقة وسيظهر لك انه ليس فى كلامه دلالة على ذلك (قوله على مذهب الجمهور) تعريف العهد عند الجمهور الاشارة الى خصة معهودة مقدمة الذكر تحقيقا او تقديرا وعند السكاكى رحمه الله تعالى الاشارة الى شئ معهود حاضر فى الذهن سواء كان نفس الحقيقة او حصة منها فتعريف الجنس عنده قسم من العهد وقسيم له عند الجمهور (قوله ولو سلم) انه تقدم

٢٦٣

ذكر الحسنة تقدير ابناء على كثرة وقوعها فيما بينهم واتساع وجودها (قوله والمقدر ان المراد الخ) اى مقدر السكاكى رحمه الله تعالى وسانقل عبارته (قوله وبهذا ظهر الخ) اى بما قلنا ان المقدر ان المراد الحسنة المطلقة ظهر فساد الوجه الذى ذكره الترمذى فى بيان كون العهد اقضى لحق البلاغة لكونه مبنيا على ارادة الحصة حيث قال جعل الحسنة المعهودة التى حقها ان يشك فيها فان الشك انما يليق بالحصة لكونها قليلة بالنسبة الى الجنس (قوله فهذا بعينه تعريف الجنس) فلا يصح جعله مقابلا له فى قوله ذهابا الى كونها معهودة او تعريف جنس (قوله وبهذا يبطل الخ) اى بما ذكرنا فى الشق الثانى من ان هذا بعينه تعريف الجنس على مذهبه يبطل ما ذكره العلامة من كون العهد اقضى لان قوله بمنزلة المعهود الحاضر فى الذهن وقوله ولا يلزم ذلك فى تعريف الجنس يدل على ان الحضور فى الذهن معتبر فى العهد غير معتبر فى الجنس عنده فلذا حكم بكون العهد اقضى منه وقد عرفت انه خلاف مذهبه والقول بان مراد العلامة ان العهد على ما اختاره اقضى من تعريف الجنس عند القوم كما اختاره السيد فى توجيه عبارة المفتاح وذكره فى الحاشية بقوله اجيب اه لا يخفى ضعفه لان العهد المقابل للجنس كما تدل عليه عبارته ليس اقضى بل اعتبار الجنس على مذهبه اقضى من اعتباره على مذهب القوم وما ذكره السيد بقوله لما كان مختاره راجعا الى العهد عبر عنه به مما لا يرضى به الطبع السليم فان قول السكاكى رحمه الله تعالى ذهابا الى كونها معهودة او تعريف جنس ينادى بكون الحسنة معهودة او جنسا لا ان تعريفها تعريف جنس مختلف باعتبار الحضور فى الذهن وعدمه والناظرون جعلوا قوله وبهذا يبطل اشارة الى قوله والمقدر ان المراد الحسنة المطلقة وحينئذ يكون الواجب تقديمه على الشق الثانى من الترديد ويكون قوله واذا جعلت الحسنة هى الواقعة الموجودة الخ تكرارا اعتذروا عن الاول بان تقديم الشق الثانى لما انه يلزم الفاصلة بين شقى الترديد بكلام طويل وعن الثانى بان اعادته ليترتب عليه قوله وحينئذ يظهر فساد ما قيل ولا يخفى ما فيه من بتر النظم وايهام خلاف المقصود ولزوم ركاكة عبارة الشرح فان نظم الكلام حينئذ ان يورد شقا الترديد متصلين ثم يقال وبما ذكرنا من ان المقدر ان المراد الحسنة المطلقة يظهر فساد ما قيل وما ذكره العلامة وما قيل (قوله انهم اذا ادعوا الخ) لا يخفى ان مجرد استحقاق الجنس لا يقتضى دخول المعهود لجواز ان يكون استحقاق الجنس لفرد غير المعهود نعم اختصاصه يقتضى دخول المعهود لكن قد عرفت سابقا ان ادعاءهم اختصاص الجنس بقولهم لنا هذه باعتبار

٢٦٤

الاستحقاق لا باعتبار الوقوع (قوله واما من حيث هى فممتنع الخ) فيه انه لم يرد العلامة بالجنس من حيث هى هى الماهية بشرط لا شئ حتى يمتنع وقوعها بل الماهية لا بشرط شئ ولا شك فى انه يلزمها الوقوع (قوله واذا جعلت الخ) عطف على قوله وقوع جنس الحسنة الخ واعتراض آخر على العلامة بان ما ذكره خلاف المقدر (قوله والحاصل الخ) اى حاصل اعتراض المصنف رحمه الله على السكاكى رحمه الله وفيه اشارة الى ان ذكر الشق الثانى لمجرد الاستظهار وان عبارته لا تساعده او جود كلمة او فيها كما عرفت (قوله ويمكن الجواب الخ) فيه انه تأبى عنه عبارة المفتاح فانه قال قال الله تعالى (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ) بلفظ اذا والماضى حيث اريدت الحسنة المطلقة لا نوع منها (قوله صحة ما ذكر) من قوله لكونه ابعد عن الانكار وادخل فى الالزام ومن كونه ادل على فضل الله وعنايته دون ما ذكره العلامة لانه يدل على مغايرة المراد على تقدير العهد لما اريد على تقدير الجنس كما لا يخفى وفى لفظ ذكر بصيغة المجهول اشارة الى ذلك هذا وانا احرر عبارة المفتاح بحيث يطلع صبح الحق ويغنى عن المصباح فاقول اتى بلفظ اذا فى جانب الحسية حيث اريدت اى حين اريدت فانه يجئ بمعنى حين كما فى الرضى الحسية المطلقة اى جنس الحسية لا نوع منها اى لا نوع واحد منهم منها واما اذا اريد النوع المعين منها فايراد اذا والماضى مما لا شبهة فيه لكونه متحقق الوقوع معهودا عند المخاطب لكون حصول الحسية المطلقة مقطوعا به اى بالحصول كثرة وقوع تمييز اى مقطوع كثرة وقوعه او مفعول له اى لكثرة وقوعه واتساعا اى اتساع وجوده ولذلك اى لكون الحسية المطلقة قطعية الحصول لكثرة الوقوع عرفت الحسلة ذهابا الى كونها معهودة او معرفة تعريف جنس فان من نظر الى ان قطعية الحصول وكثرة الوقوع بالذات ليس الا للحصة ذهب الى ان التعريف للعهد واراد بها الحصة المعينة كما نقل الامام فى التفسير الكبير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما انه اريد بالحسية الخصب والرخاء وزيادة الثمرات والصحة والعافية ومن نظر الى انه لا تقدم لذكر الحصة تحقيقا حمل التعريف على الجنس وهى ايضا قطعية الحصول فى ضمن الحصة والاول اقضى لحق البلاغة للوجوه الثلثة التى نقل الشارح رحمه الله لانه اذا اريدت الحسية المعينة كان من حقها ان يشك فى وقوعها فجعلها كثيرة الوقوع قطعية الحصول ادل على فضل الله وكان ابعد عن الانكار وادخل فى الالزام وكان فى تعريف العهد دلالة على انكارهم عظائم الحسيات وترك الشكر عليها بخلاف الجنس لجواز انكاره بانكار

٢٦٥

فرد حقير وترك الشكر عليه وحينئذ يكون المراد بالعهد ما يقابل الجنس اعنى الحصة للعهودة واندفع اعتراض المصنف رحمه الله لانه لم يفهم من عبارته انه قدر ارادة الحسنة المطلقة بل وجه ايراد اذا حين ارادة الحسنة المطلقة كما لا يخفى فتدبر حق التدبر واحفظه فانه من المواهب (قوله فبالنظر الى لفظ المس الخ) قيل انه مناف لما ذكره فى بحث تنكير المسند اليه من انه لا دلالة للفظ المس على القلة والجواب ان المنفى سابقا دلالة لفظ المس على ارادة التقليل فى العذاب فان استعماله مع العذاب العظيم شائع لا انه لا ينبئ عن القلة فى الاصابة (قوله فلان الضمير فى مسه الخ) يعنى ان الظاهر ان يكون الضمير لمطلق الانسان لكن الذى يقتضيه البلاغة ان يكون للانسان المقيد بما يدل عليه الجزاء اعنى قوله تعالى (أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) اى اعرض عن الشكر وذهب بنفسه اى ابعدها عن رتبة سائر الناس تكبرا وتعظما كذا فى شرحه للمفتاح (قوله فى مقام الجزم بوقوع الشرط) قيد الجزم بالوقوع على طبق الايضاح ورعاية لسوق الكلام حيث قال سابقا اصل ان عدم الجزم بوقوع الشرط والا فاستعمالها فى مقام الجزم باللاوقوع ايضا يكون على خلاف اصله لنكتة (قوله استطلت ليلتك) اى عددتها طويلة بناء قياسى فان الاستفعال يجئ للحسبان والعد والاستعمال اللغوى للاستطالة هو اللازم ففى القاموس طال واستطال بمعنى (قوله تولها) الوله محركة الحزن او ذهاب العقل حزنا والضجر القلق (قوله لمن يكذبك) اى يجوز كذبك ليكون مقام استعمال ان لكون المخاطب مترددا (قوله وتصوير ان المقام الخ) وربما يتحقق التصوير بدون التوبيخ كما فى قولك ان كان اباك فلا تؤذه لان فيه اشتمال المقام اعنى صدور الايذاء من المخاطب على ما يقلع الشرط عن اصله لكن لا توبيخ على وقوع الشرط (قوله كما يفرض المحال) يعنى كما ان استعمال ان فى المحل المحقق شائع كثير استعمل ههنا فى المحال المقدر (قوله اى انهملكم) قدر المعطوف عليه تبعا للكشاف رعاية لجزالة المعنى وليس مذهب الكشاف وجوب التقدير فى امثال هذه العبارة وان صرح الرضى بذلك بدليل انه جزم فى قوله تعالى (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى) انه عطف على اخذناهم فهو اكثرى عنده (قوله اى اعراضا الخ) على الاول مفعول مطلق من غير لفظه وعلى الثانى مفعول له اى اعتبار الاعراضكم ليتحد فاعل وفاعل الفعل المعلل وعلى الثالث حال بمعنى اسم الفاعل (قوله فيمن قرأ بالكسر) فيكون حرف شرط ولا جزاء له لانه فى موضع الحال اى مفروضا كونكم مسرفين او جزاؤه محذوف بقرينة المتقدم او هو المتقدم واما على قرأة الفتح فهو تعليل لما تقدم بتقدير اللام (قوله يعنى الاصنام) والتعبير بضمير

٢٦٦

العقلاء على اعتقاد المخالفين الالوهية المستلزمه للعلم تهكما بهم (قوله ان المحال الخ) واستعمال ان فى فرض المحالات شائع كما نقله الشارح رحمه الله تعالى مثل لو الا ان لو اشيع منه ففى استعمال ان ههنا مع تحقق الشرط اشارة الى تنزيله منزلة المحال نظرا الى وجود ما يقلعه فاندفع ما قيل ان ما ذكره المجيب مصحح لاستعمال ان فى هذا المقام لا لقولهم ان الاستعمال للتوبيخ والتصوير المذكور اذ التصوير انما يحصل لو كان ان مستعملا فى فرض المحالات مثل لو (قوله كان فيهم الخ) هكذا ذكر المصنف رحمه الله تعالى فى الايضاح فيكون المراد بغير المرتابين من لا ارتياب لهم (قوله والاشكال) المذكور بقوله لا يقال المستعمل فى المحالات الخ (قوله ههنا) اى فى تغليب غير المرتابين على المرتابين والجواب المذكور غير جار ههنا كما لا يخفى (قوله لا يقال الخ) ايراد على قوله لان عدم الشرط حيئذ يكون مقطوعا به واما اعتبار التغليب حينئذ فلان الشرط يجب ان يكون على خطر الوجود غير متحقق الوجود فى الحال فلا يقال لزيد القائم ان قمت اضربك فاندفع اعتراض السيد رحمه الله تعالى (قوله ظاهر ان ليس المعنى الخ) لان التحدى ينافيه* قال قدس سره لزم ان يشاركها الخ* انما يلزم لو اريد بالاحداث المخصوصة الاحداث المستفادة من اخبارها اما اذا اريد الاحداث المخصوصة التى هى مدلولاتها من الانتقال والدوام وغير ذلك فلا تلزم مشاركتها له فى ذلك (قوله لتمحضه له) اى ليس له دلالة على الحدث المخصوص كما يدل عليه التعليل فايراده لمجرد الدلالة على الزمان المخصوص فلو تجرد عنه كان ذكره عبثا لا انه لا يدل على الحدث اصلا على ماوهم فقيل انه مخالف لما فى الرضى من دلالته على الكون المطلق (قوله انه يجوز الخ) بناء على كون الحسن والقبح عقليين (قوله قبل النهى) بقوله (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (قوله من هذا الاشكال) اى الاشكال الوارد على التغليب* قال قدس سره لان اللازم الخ* يريد ان استعمال ان شائع فى المحال بتنزيله منزلة المشكوك لا اعتبار خطابى بخلاف استعماله فى مقطوع العدم الذى ليس بمحال فانه لم يجئ استعماله فيه بتنزيله منزلة المشكوك فاندفع ما قيل فيه بحث اذ فيما سبق كونه محالا بالتنزيل يستلزم القطع بعدمه وههنا كون المرتابين غلب عليهم غير المرتابين يستلزم القطع بعدم الارتياب فكما نزل ثمه اولا الشرط بمنزلة المحال ثم جعل ذلك المحال بمنزلة المتردد فيه فكذا ههنا يجوز ان يغلب اولا غير المرتابين على المرتابين حتى يصير المجموع غير مرتابين بالتغليب ثم ينزل منزلة ما لا قطع بارتيابهم ولا بعدمه للتبكيت على انه لا يكون استعمال ان ح فى مقام الجزم بالوقوع للتغليب بل للتبكيت ولا دخل لاعتبار التغليب فيه اذ يكفى ان يقال لما كان

٢٦٧

بعضهم مرتابين وبعضهم غير مرتابين نزل الكل منزلة من لا قطع بارتيابهم ولا بعدمه للتبكيت* قال قدس سره وفى ذلك زيادة مبالغة الخ* لا يخفى انه اذا اعتبر الاناث داخلة فى القانتين بحكم التغليب للاشتراك فى القنوت كانت مريم داخلة فى الاناث لا فى الذكور حتى يستفاد المبالغة نعم لو اريد بالقانتين الذكور فقط كان دخولها فيهم مفيدا للمبالغة المذكورة اللهم الا ان يقال ان فى ايراد صيغة الذكور وان كانت شاملة للاناث نوع مبالغة لكنه يستلزم المبالغة المذكورة فى حق كل القانتات وهى لا تليق بمقام مدحها (قوله لان الغرض الخ) اى الغرض مدحها باعتبار الحسب لا باعتبار النسب (قوله بانها صدقت الخ) اشارة الى مضمون الآية الواردة فى شانها قال الله تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (قوله بتاء الخطاب) وليس لآية حينئذ من الالتفات من الغيبة التى فى قوم الى الخطاب على ماوهم اذ ليس المراد بقوم قوم موسى حتى يكون المعبر عنه فى الاسلوبين واحدا بل معنى كلى حمل على قوم موسى (قوله لكنه فى المعنى عبارة الخ) لاتخاذه معهم بالحمل عليهم (قوله وينبغى ان يغلب الاخف) لان المقصود من التغليب التخفيف فيختار ما هو ابلغ فى الخفة (قوله وعين الميزان) فى الصحاح فى الميزان عين اذا لم يكن مستويا (قوله ولو سلم) اى اعتبار الاتفاق فى المعنى فى النثنية والجمع فذلك فيما اذا كانا حقيقة فليكن نحو ابوان مجازا (قوله من المجاز) وقوله بل انتم قوم تجهلون من المجاز باعتبار ما كان فان الخطاب فى تجهلون باعتبار كون القوم مخاطبا فى التعبير بانتم فلا يرد ان اللفظ لم يستعمل فيها فى غير ما وضع له ولا الهيئة التركيبية ولم يسند الفعل الى غير ما هو له فكيف يكون مجازا فيها (قوله لان اللفظ لم يستعمل الخ) يعنى ان هذا القدر معلوم قطعا وظاهر ان ذلك الاستعمال يكون لعلاقة والا لكان خطأ فيكون مجازا وان لم يعلم خصوصية العلاقة وهذا معنى قوله فى شرحه للمفتاح واما بيان مجازية التغليب وبيان العلاقة فيه وبيان انه من اى نوع منه فمما لم ار احد احام حوله (قوله ان القانتين) اى باعتبار هيئته (قوله لم يكن فى ملتهم) لان ملتهم الكفر والانبياء معصومون عن الكفر قيل البعثة وبعدها اتفاقا (قوله نحو انا وانت فعلنا الخ) فانه لمثنى المتكلم ومجموعه فلا بد من اعتبار كل واحد من آحاده متكلما فما قالوا من انه موضوع للمتكلم مع الغير معناه مع الغير الذى اعتبر متكلما (قوله فيمن قرأ بتاء الخطاب) واما قرأة الغيبة فالمراد منه الامة اذ لم يجئ تغليب الغائب على المتكلم او المخاطب* قال قدس سره الظاهر ان لفظ غيرهم الخ* فيه ان اختصاص من بذوى العلم آب عن هذا التعميم الا ان يعتبر فيه تغليب

٢٦٨

او يجعل بمعنى ما فالظاهر ان المراد من غيرهم اهل التمييز الغير المكلفين كالصبيان والمجانين ولان قول الشارح رحمه الله تعالى وقد يجتمع فى لفظ واحد الخ يدل على انه لم يكن فيما سبق اجتماع التغليبين* قال قدس سره كانه يجعل اولا صالحا للخطاب* اى لتوجيه الكلام وانما اعتبر تقدم اعتبار الصلاحية لان تغير الاسلوب من الغيبة الى الخطاب فرع الصلاحية لتوجيه الكلام* قال قدس سره وقد اشير الى ذلك فى قوله تعالى (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) حيث قيل غلب فيه المخاطبون على غيرهم والا لقيل يذرؤكم فيه واياهن وغلب العقلاء على غيرهم والا لقيل يذرؤكم واياكن ولقد احسن من قال لتغليب المخاطبين على غيرهم جئ بالكاف لا بالهاء ولتغليب العقلاء على غيرهم جئ بالميم لا بالنون* قال قدس سره واعلم ان خصوصية الخ* دفع لما يتوهم من قول الشارح رحمه الله الآتى بلفظ كم المختص بالعقلاء بان المراد باختصاصه بالعقلاء من حيث كونه خطابا لا من حيث خصوصيته وليس تعريضا للشارح رحمه الله تعالى على ما هم اذ ليس فى كلامه تعرض لكون الواو فى تعلمون لتغليب العقلاء على غيرهم* قال قدس سره لان العبادة منهم ليست الخ* لانه ان حمل التقوى على المرتبة الاولى اعنى الاتقاء عن الشرك فهو متقدم العبادة شرط لها وان حملت على المرتبة الثانية اعنى الاتيان بالطاعات والاجتناب عن المعاصى فهى عين العبادة وان حملت على المرتبة الثالثة اعنى الاتقاء عما سوى الله تعالى فهو لا يناسب لعموم الخطاب بقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الشامل لعوام المؤمنين والكفار اذ لا يفهم تلك المرتبة ولا يرغب اليها الا الاوحديون من المؤمنين والعبادة منهم لرجاء الثواب والتخليص من العذاب وقد اختار القاضى فى تفسيره تعلقه باعبدوا وفصلنا رجحانه ودفع الاعتراضات التى اوردت عليه فى حواشينا عليه* قال قدس سره للارادة* تبع الكشاف فالمراد بها الطلب لان معنى ارادته تعالى فعل الغير عند المعتزلة طلبه منه ولذا جوزوا تخلف المراد عن الارادة ففى لعل استعارة تبعية شبه الطلب مع حصول الدواعى للمطلوب بالرجاء فاستعمل لعل فيه* قال قدس سره كان لفظ لعل حقيقة الخ* لتصح الاستعارة فانها استعمال اللفظ فى غير ما وضع له لمشابهته لما وضع له* قال قدس سره لغلبة استعمالها فيه* وغلبة الاستعمال امارة الحقيقة* قال قدس سره بمعنى الغاية فمعنى لعلكم تتقون لكى تتقوا* تشبيها للغاية بالمرتجى فى كون كل منهما مطلوبا* قال قدس سره وهذه الوجوه لا تجرى فى لعل اذا جعلت الخ* لان طلب العبادة منهم ليس لارادة التقوى وطلبها ولا غاية له اذ لا يصح ان يقال اعبدوا ربكم مريدا منكم التقوى او لكى تتقوا ولا معنى لقولنا شبه حاله تعالى بالقياس اليهم فى ان طلب منهم

٢٦٩

العبادة واقدرهم على التقوى ونصب لهم الدواعى اليها والزواجر عن تركها بحال المرتجى بالقياس الى المرتجى منه بخلاف قولنا شبه حال خالقهم بالقياس اليهم فى ان خلقهم واقدرهم على التقوى* قال قدس سره هذا التقدير الخ* اما تعريض للشارح رحمه الله تعالى فى ايراد ضمير الجمع الراجع الى صاحب الكشاف وصاحب المفتاح وغيرهما واما بيان لصحة ايراده بان صاحب الكشاف مصرح بذلك التقدير وصاحب المفتاح موافق له فى القول بالتغليب فكانه ايضا قائل بذلك التقدير* قال قدس سره لكنه لا يقتضى الخ* لم يقل الشارح رحمه الله تعالى انه يقتضى ذلك بل قال وعلى هذا اى على ان يكون الخطاب مختصا بهم يكون التقدير هكذا والفرق بينهما ظاهر* قال قدس سره وذكرها فى الانعام الخ* فيه انه ذكرها فى الانعام على ذلك التقدير بحيث يكون منفعة لهم فالذى يشهد به الذوق ان بيان كونها معدنا للتكثير يتناول الجنسين معا لكن بحيث يبين كون تكثر الانعام منفعة لهم فلا بد من اعتبار خصوص الخطاب بهم والحاصل ان قوله تعالى (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) بيان لحكمة خلق الناس ازواجا وخلق الانعام لاجلهم ازواجا فمقتضى البلاغة القرآنية ان يكون الخطاب فى يذرؤكم مختصا بالناس ليكون اشارة الى ان خلق الانعام ازواجا لاجلهم وفى قول الشارح رحمه الله تعالى خلقها (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) الخ تصريح بما قلنا* قال قدس سره ولا يقدح الخ* عدم القدح مسلم لكن تقدير لكم يقتضى تخصيص الخطاب بالناس (قوله وهذا انسب بنظم الكلام) ليكون قوله ومن الانعام عطفا على القريب مع كمال التناسب بين المعطوفين بخلاف توجيه الكشاف فانه يحتاج الى ان يعتبر عطفه على لكم* قال قدس سره والاولى ادراجه الخ* لا يخفى ان المتبادر من تغليب الاكثر على الاقل كون الكثرة والقلة فى ذاتيهما كما فى شعيب عليه السّلام والذين آمنوا وفيما نحن فيه الكثرة والفلة باعتبار عارض وهو المزاولة بالايدى فالانسب ان يجعل من تغليب الواقع بوجه على ما وقع بغير هذا الوجه* قال قدس سره ان مثل قولك اكرم زيدا الخ* فيه بحث اما اولا فلانه يلزم ان يكون صيغة الامر دالا على زمانى الحال والاستقبال مع ان الفعل ما يدل على احد الازمنة الثلاثة واما ثانيا فلان المضارع يدل على تقييد ثبوت الحدث للفاعل فى الحال او الاستقبال فالظاهر ان الامر يدل على توجه الطلب الى متعلقه فى الحال او الاستقبال فان الطلب فيه مدلول الهيئة كما ان ثبوت الحدث مدلول الهيئة فى المضارع قال فى شرح التجريد فى مسئلة ان الامر هل يدل على الفور ام لا ان هيئة الامر لا دلالة لها الا على الطلب فى خصوص زمان وخصوص المطلوب من المادة واما ثالثا فلانه

٢٧٠

يلزم منه ان يكون الامر ظاهرا فى التراخى واما رابعا فلانه يلزم منه ان تكون الاوامر الآلهية المقيدة بالشرط مثل قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) للطلب فى الحال فيلزم اما القول بتخلق الوجوب عن الايجاب ان قلنا بعدم الوجوب حين الطلب او القول بكون المأمور اذا مات قبل تحقق الشرط مات عاصيا لتركه الواجب ان قلنا بالوجوب عليه حين الطلب واذا ظهر لك فساد هذه المقدمة ظهر لك فساد ما يبتنى عليها قال الشارح رح فى شرح المفتاح ما محصله ان فى الشرطية التى جزاؤها خبر تعليقا بحصول ثبوت شئ لشى او نفيه عنه وفى الشرطية التى جزاؤها انشاء تعليقا بحصول توجه الطلب او التمنى او نحو ذلك مما هو مدلول الانشاء فحاصل ان جاءك زيد فاكرمه انه على تقدير صدق انه جاءك اطلب منك اكرامه لا بمعنى الاخبار بالطلب بل بمعنى انشائه* قال قدس سره ثم القائل الخ* يعنى ان كلم المجازاة تدل على مسببية الجزاء عن الشرط فلا بد من فهم المسببية وملاحظتها عند ذكرها لكن ملاحظة مسببية الطلب من حيث انه مستفاد من صيغته غير ممكن وان كان فى نفسه مسببا عن شئ باعث للطالب عليه وذلك لان الطلب من حيث انه مستفاد من صيغة اكرم ملحوظ من حيث هو هو بدون اعتبار وصف معه كالوجود والحصول والتعلق والاستحقاق والشئ من حيث هو من غير اعتبار وصف لا يمكن ملاحظة كونه مسببا عن شئ واذا اعتبر الطلب باعتبار وصف كان مأولا بالخبر هذا والجواب ان كلم المجازاة موضوعة للتعليق فى شرح التسهيل ادوات الشرط كلم وضغت لتعليق جملة بجملة تكون الاولى سببا والثانية مسببا فدلالتها على السببية كدلالة لو على الامتناع ولا شك ان نفس الطلب قابل للتعليق كما انه قابل للتقييد بالظرف وهذا لا يقتضى ان تكون ملاحظة المسببية باعتبار نفسه فيجوز ان تلاحظ المسببية باعتبار ملاحظة وصف كالحصول ونحوه وسيجئ بيان سببية الطلب ومسببية فى بحث الامر ان شاء الله تعالى وقال بعض الناظرين فى بيان قوله لكنه من حيث هو مستفاد منه لا يمكن ملاحظة كونه مسببا عن شئ ان الحكم بكونه مسببا عن الشرط وملاحظته لا يتصور الا بان يلاحظ طلب الاكرام من حيث انه مفهوم برأسه ويجعل ملحوظا فى نفسه والمفهوم من اكرم هو طلب الاكرام الملحوظ من حيث انه حال من احواله وفيه انه يلزم ان لا يكون معنى الامر مستقلا بالمفهومية لا المطابقى ولا التضمنى مع ان المقرر ان المدلول التضمنى للفعل مستقل بالمفهومية وغير المستقل انما هو مدلوله المطابقى باعتبار النسبة الداخلة فية* قال قدس سره ويتفرع الخ* فانه ان اول كان الحكم بين الجزاء والشرط بالاتصال

٢٧١

فيحمل الصدق وعدمه وان لم يأول كانت النسبة الانشائية مقيدة بالشرط غير محتملة لهما* قال قدس سره هذا حكم بانتفاء الشئ الخ* مقصود الشارح رحمه الله تعالى ان تأويل الجزاء الطلبى لكونه جزاؤهم لان الجزئية لا يقتضى الا كونه معلقا بشى مفروض الصدق فى الاستقبال وهذا متحقق فى الطلبى ولا يعتبر فى الجزاء كونه مفروض الصدق كما فى الشرط فيقاس امتناع كونه جزأ على امتناع كونه شرطا وليس مقصوده الاستدلال بانتفاء السبب الخاص على انتفاء المسبب فان مرتبته اجل من ان يتوهم فى حقه ذلك بل بيان الفارق بين الشرط والجزاء واما اثبات ان فى الطلب امرا آخر يقتضى عدم وقوعه بدون التأويل فلا بد من اثباته ودونه خرط القتاد وقد عرفت حال ما نبه به عليه* قال قدس سره فى بعض الخ* وعلى التقديرين هو فاعل اجن من اجنه اذ استره وفاعل ذهلت ضمير راجع الى الابل وان قرئ بصيغة المتكلم فصدورها بالهاء لا بالنون فاعل ذهلت* قال قدس سره فينبغى ان يقيد الخ* لا يخفى ان فى قول الشارح رحمه الله تعالى وهذا يصلح اشعارا بذلك حيث لم يقل هذا مثال لهما (قوله لا نسلم ان الشرط النحوى الخ) مخالف لما فى كتب الاصول من قسمتهم الشرط بالمعنى المذكور الى عقلى وشرعى ولغوى وهو المذكور بعد ان اه وانه يستعمل غالبا فى السبب وفى شرط شبيه بالسبب الا ان يقال ان ذلك المذكور انما هو فى كتب الاصول للشافعية والمنع مبنى على مذهب الحنفية وما ذكره من قولنا ان كان هذا انسانا فهو حيوان فهو باعتبار العلم فان العلم بالاول سبب للعلم بالثانى من غير توقفه على شئ آخر (قوله انه لا خلاف الخ) يعنى ان الدلالة على المفهوم المخالف مشروطة بان لا تكون للتقييد فائدة اخرى كما تقرر فى محله وفيما نحن فيه يجوز ان يكون الفائدة اظهار الرغبة فيه او كون الحادثة التى نزلت فيها كذلك (قوله معناه يحرم الخ) على اختلاف بينهم فى ان مدلول النهى عدم الفعل او الكف عنه (قوله فالخطاب لمحمد صلّى الله تعالى عليه وسلم) وليس عاما له ولجميع الانبياء بقرينة ما قبله على ماوهم لان الحكم المذكور موحى الى كل واحد منهم لا الى مجموعهم فيكون لكل واحد منهم خطاب على حدة (قوله وعدم اشراكه مقطوع به فى جميع الازمنة) لان الانبياء عليهم السّلام معصومون عن الكفر قبل البعثة وبعدها فلكون الجزاء استقباليا نزل المحال وقوعه منزلة المشكوك لتصوير ان فى المقام ما يقلعه عن اصله فكان المقام مقام ان تشرك لكن جئ بلفظ الماضى وان كان المعنى على الاستقبال ابرازا للاشراك الغير الحاصل من النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير للتعريض بمن تحقق منهم

٢٧٢

الشرك بانه قد حبط اعمالهم لتحقق موجبه فيهم (قوله لا معنى للتعريض بمن) لم يصدر عنهم الشرك بانه قد حبط اعمالهم لعدم صدوره منهم والحكم عليهم بانه سيحبط اعمالهم مستفاد من النص بطريق فحوى الخطاب كما فى قوله تعالى لا تقل لهما اف فان الشرك من النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم الذى هو بمكانة من الله تعالى اذا كان موجبا للحبط كان ممن عداه موجبا له بطريق الاولى ومنه ظهر ان صيغة المضارع لا تفيد التعريض بمن صدر عنهم الشرك لان المضارع حينئذ يكون مستعملا على اصله اعنى وقوع الشرك من النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم فى الاستقبال بطريق الفرض وهو الارتداد وترتب الحبط على الارتداد لا يفيد التعريض بمن صدر عنه الشرك ابتداء بانه قد حبط عمله بل يكون تعريضا بمن ارتد بخلاف الماضى فانه وان كان بمعنى المستقبل لكن فى التعبير بصورة الماضى ابرازا له فى صورة الحاصل تعريضا بمن صدر عنه الشرك بانه قد حبط عمله هكذا ينبغى ان يفهم هذا المقام فانه قد خفى على الناظرين (قوله فى هذا الكلام من الخفأ والضعف الخ) اما الخفأ فظاهر حيث ذهب الخلخالى الى انه تعريض بمن صدر عنه الشرك وبمن لم يصدر عنه بناء على عدم الفرق بين فحوى الخطاب والتعريض والمضارع يفيده ايضا بناء على عدم الفرق بين مفاد الماضى وتحقيق الشرك ومفاد المضارع وهو الارتداد واما الضعف فلان التعريض بمن صدر عنه الشرك يستفاد من التعبير بصيغة الماضى الدال على الوقوع صورة ولا حاجة فى ذلك الى ابراز الشرك الغير الحاصل من النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم فى معرض الحاصل بطريق الفرض وارتكاب سوء الادب (قوله هذا التعريض) لا مطلق التعريض اذ لا يجرى ذلك فى قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) فان المقصود منه نسبة الحبط اليهم على وجه ابلغ (قوله لان كل من سمعه الخ) فعلى الاول المنصف بمعنى الحامل على القول بالانصاف وعلى الثانى المنصف صاحبه (قوله حالصى العداوة) مستفاد من صيغة المبالغة فان الاعداء جمع عدو (قوله تمنوا ان ترتدوا) اشارة الى ان لو مصدرية بقرينة وقوعه بعد الوداد اليه ذهب البعض كالفراء وابى على وابى البقاء وغيرهم والوداد بمعنى التمنى لان وقوع الارتداد من المؤمنين غير متوقع لهم ويجوز ان يكون بيانا لحاصل المعنى فمفعول ودوا محذوف ولو شرطية اى ودوا ارتدادكم لو تكفرون لسروا كما هو مذهب الجمهور (قوله وهو المذكور فى الكشاف) اى المفهوم مما ذكر فيه فان عبارته هكذا فان قلت كيف اورد جواب الشرط مضارعا مثله ثم قال ودوا بلفظ الماضى قلت الماضى

٢٧٣

وان كان يجرى فى باب الشرط مجرى المضارع فى علم الاعراب قال فيه نكتة كأنه قيل ودوا قبل كل شئ كفركم وارتدادكم انتهى ولا تعرض فيها لكون ودوا جوابا للشرط لا فى السؤال لان حاصله انه كيف جاء ودوا ماضيا بعد ان اورد جواب الشرط كالشرط مضارعا كما هو الاصل سواء كان ودوا جوابا اولا ولا فى الجواب اذ خلاصته ان ودوا وان فرض كونه جاريا مجرى المضارع بان يكون معطوفا على جواب الشرط فيه نكتة وهى الدلالة على ودادتهم للكفر قبل كل شئ وانه اذا لم يكن جاريا مجراه بان يكون معطوفا على مجموع الشرط والجزاء كانت النكتة المذكورة فيه بطريق الاولى كما هو مدلول ان الوصلية وذلك لانه حينئذ لا يكون ودادتهم مقيدة بالشرط المذكور فيدل على تحققها قبل كل شئ يريدونه من مضار الدنيا والدين وانها حاصلة لهم وان لم يثقفوكم بخلاف ما اذا كان جاريا مجرى المضارع فانه حينئذ يكون بمعنى المضارع مترتبا على الشرط لكن ايراده بلفظ الماضى يشعر بكونه حاصلا لهم قبل زمان التكلم وايراد الشرط والجزاء المذكورين بلفظ المضارع يدل على حصولهما بعد زمان التكلم فيكون فى لفظ الماضى دلالة على قبلية ودادتهم للكفر من كل مضرة يريدونها وانها حاصلة لهم وان لم يثقفوكم ولا شك ان الدلالة على تقدير عدم الاجراء اظهر لكون الماضى مستعملا فى معناه بخلافها على تقدير الاجراء فان الدلالة حينئذ بمجرد التعبير بلفظ الماضى وما ذكرنا من توجيه عبارة الكشاف مصرح به فى تفسير القاضى حيث قال ومجيئه وحده بلفظ الماضى للاشعار بانهم ودوا ذلك قبل كل شئ وان ودادتهم حاصلة وان لم يثقفوكم وبما حررنا ظهر وجه تخصيص الشارح رحمه الله تعالى قوله فان قلت اذا عطف على جواب الشرط الخ بالوجه المذكور فى المفتاح ولم يتعرض لوروده على وجه الكشاف لانه لم يتعرض لكونه معطوفا على جواب الشرط ثم ان ودادتهم للكفر اذا كان قبل كل ما يريدونه كان لزومها للظفر اوضح بالنسبة الى العداوة والبسط فيؤل وجه الكشاف الى وجه المفتاح فلذا قال الشارح رحمه الله تعالى فى شرحه وهذا حاصل ما ذكره صاحب الكشاف (قوله ان لزوم الخ) يعنى ان الماضى اذا وقع جزاء وان كان بمعنى المضارع لكن التعبير بلفظ الماضى يشعر بتحقق مفهومه ولا شك ان التعليق بالشرط الذى هو على خطر الوجود ينافى ارادته فليحمل على تحقق لزومه للشرط بقرينة وقوعه جزاء وقال السيد فى شرحه للمفتاح انما دل الماضى على تحقق اللزوم لان الجزاء معلق بالشرط فمعناه اذا وقع جزاء بتحقق مفهومه جزما على تقدير الشرط وفيه انه يتوقف على اعتبار المضى

٢٧٤

بعد الجزائية والظاهر انه مقدم وان تحقق مفهومه جزما على تقدير الشرط لا يدل على تحقق لزومه له من غير شبهة لجواز ان يكون اتفاقيا من غير لزوم كما فى قولنا كلما كان الانسان ناطقا كان الحمار ناهقا (قوله اذا عطف الخ) خرج بهذا القيد كون المجموع من حيث هو جزاء لانه حينئذ لا يكون العطف على الجزاء بل مقدما على وقوعه جزاء على ان معنى قوله على وجهين انه يستعمل على وجهين والاستعمال بان يكون المجموع جزاء لا بد له من شاهد حتى يمنع الحصر* قال قدس سره وحينئذ لا يرد الخ* فيه بحث لان المراد بقوله ليكون المجموع لازما واحدا ان ترتب مجموع الجمل الثلاث بالترتيب الذى بينها فى اللزوم يكون اللازم لازما واحدا بالقياس الى الشرط كانه قيل ان يثقفوكم يكونوا لكم اعداء الملزوم لان يبسطوا اليكم ايديهم والسنتهم الملزوم لان يودوا كفركم فلا يكون هناك لزومات متعددة بالقياس الى الشرط حتى يصح ان لزوم الثالث للشرط اوضح بالنسبة الى لزوم الاولين له* قال قدس سره لانها حاصلة لهم الخ* فيه بحث لان التمنى على ما سيجئ فى بحث الانشاء طلب الشئ على سبيل المحبة فيجوز ان لا يتحقق طلب الكفر منهم على تقدير اليسط وفى تفسير الكشاف ودوا بقوله تمنوا ان ترتدوا اشارة الى ما قلنا* قال قدس سره ويظهر لك مما قررنا الخ* تعريض للشارح رحمه الله تعالى بانه لا وجه لتخصيص لزوم خلو التقييد عن الفائدة بما فى المفتاح وقد عرفت اندفاعه فيما سبق* قال قدس سره نعم لو قيل الخ* لا يخفى ان الترديد المذكور انما يستقيم لو ثبت فى الاستعمال وقوع المجموع من حيث هو جزاء وان لم يتوقف بعض اجزائه على الشرط* قال قدس سره وعلى كل تقدير يبطل الخ* اما على تقدير ان يكون المجموع لازما واحدا فلعدم تعدد اللزومات فلا يصح كون بعضها اوضح واما على تقدير ان يكون كل واحدة منها لازما بلا واسطة او بواسطة فلخلو التقييد بالشرط المذكور او المقدر عن الفائدة ولا يخفى عليك ان الترديد بين المجموع وبين كل واحدة منها* قال قدس سره تختار الخ* لانه لم يقل بتعدد اللزومات والكل من حيث هو لازم وان لم يكن كل واحد من اجرائه لازما فلا يخلو التقييد بالشرط عن الفائدة (قوله انه من الضرب الاول) لانه الشايع المتبادر الى الفهم (قوله والمراد اظهار الخ) قد عرفت ان المراد بالودادة التمنى ويجوز ان يكون التمنى بعد الظفر فلا حاجة الى التأويل وكذا فى قوله يكونوا لكم اعداء لان المراد خالصى العداوة والخلوص انما هو بعد الظفر لا قبله فانه لا يخلو عن شئ من الملايمة الظاهرة (قوله يظنونهم كفارا) اى يظن المشركون المؤمنين كفارا بسبب ارسال المكتوب

٢٧٥

اليهم واظهار اسرار النبى صلّى الله عليه وسلّم (قوله هذا انما يصح الخ) فيه ان اخبار المرأة التى حملت مكتوب خاطب بما جرى لها مع اصحابه يكفى فى ظن المشركين للمؤمنين كفارا مثلهم ولا يتوقف على وصول المكتوب اليهم (قوله فرضا) متعلق بحصول الشرط اى حصول فرض او مفروضا او من حيث الفرض لا بالتعليق لكونه محققا وكذا فى الماضى متعلق به حال (قوله مع القطع الخ) اى الحصول المفروض للشرط المقارن للعلم بانتفائه اللازم منه انتفاء الجزء المسبب عنه مدلول لو فمدلولها التعليق المذكور مع الامتناعين وهو مذهب الجمهور وقال الشلوبين وابن عصفور واختاره القاضى فى تفسير قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) انها لمجرد التعليق بين الحصولين فى الماضى من غير دلالة على امتناع الاول او الثانى كان لمجرد التعليق فى الاستقبال وقيل انها للتعليق مع امتناع الشرط من غير دلالة على امتناع الجزاء بل يستفاد ذلك بقرينة كالمساواة كذا فى المغنى (قوله على سبيل القطع) قال العلامة انه متعلق بامتنع اى لتعليق ما هو معلوم انتفاؤه قطعا بامتناع غيره للدلالة على علية امتناع الاول لامتناع الثانى لا للاستدلال على انتفاء الثانى لكونه معلوما كما سيحققه الشارح رحمه الله تعالى وقال الشارح رحمه الله تعالى الاظهر انه متعلق بامتناع غيره لانك تعلق امتناع الاكرام بالامتناع القطعى للمجئ يعنى تجعله مسببا عنه على ان التعليق مجاز عن التسبيب لانك اذا قلت ان جئننى اكرمتك وعلقت الاكرام بالمجئ فقد جعلته مسببا والمجئ سببا والا فالظاهر انه ليس بمستقيم اذ ليست كلمة لو لتعليق الامتناع بالامتناع بل لتعليق الحصول بالحصول (قوله لان تعليق الخ) هذا غير ما قالوا من ان تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية وبعض الناظرين لم يفرق بينهما فاعترض بانه لا معنى لقولنا انها لتعليق ما امتنع لاجل امتناعه اذ ليس الامتناع علة للتعليق (قوله لتعليق الامتناع الخ) قد عرفت انه جعل الشارح رحمه الله تعالى التعليق مجازا عن التسبيب وعندى انه لا حاجة اليه لانه تعليق كالتعليق فى لما ومآله السببية فمعنى قولنا لو جئتنى لاكرمتك ان ثبت المجئ ثبت الاكرام ولما انتفى الاول انتفى الثانى (قوله والمآل واحد) لان التعليق بالحصول الفرضى للدلالة على ان انتفاء الثانى لانتفاء الاول* قال قدس سره اما ان اريد به التعليق الشرطى الخ* قد عرفت انه تعليق شرطى كالتعليق فى لما وقد اعترف به فى شرح المفتاح فقال ومحصل ما ذكره انها تدل على معنى قولنا لما انتفى الشرط انتفى الجزاء بانتفائه فيرجع الى ما هو المشهور من انها لانتفاء الثانى لانتفاء الاول نعم انه ليس تعليقا شرطيا بمعنى تعليق

٢٧٦

امر بآخر على خطر الوجود كما فى ان* قال قدس سره وان مفهوم لو هو التعليق الخ* لا يخفى ان كلا المعنيين مفهوم من لو وكون الاول مفهوما مطابقيا والثانى لازميا مما لم يثبت بل التبادر وكون المقصود ان امتناع الثانى لامتناع الاول يدلان على ان مفهومها مجموع الامرين كل منهما داخل فيه* قال قدس سره فيكون التعليق فى عبارته الخ* فيه انه لا بد فى هذا التوجيه من تأويل الامتناع بالممتنع فى الموضعين ومن تقدير الحصول فيهما اى تعليق حصول ما امتنع بحصول ما امتنع مع انه خلاف الظاهر لان المتبادر من قولنا تعليق ما امتنع تعليقه من حيث الامتناع (قوله سواء كان الخ) اشارة الى دفع ما توهم بعض شراح المفتاح من ان قوله لامتناع الثانى لامتناع الاول لا يشمل الا صورة واحدة وهى ما اذا كان الشرط والجزاء مثبتين مع ان الاستعمال لو اربع صور (قوله والسبب قد يكون اعم) اى اكثر فى نفسه وفى الرضى والمسبب قد يكون اعم اى محققا (قوله اما الاول فلان الشرط الخ) قد مر سابقا ان الشرط النحوى معتبر فيه معنى السببية ولذا قال الاصوليون انه شرط شبيه بالسبب وقال فى المغنى ان لو دالة على عقد السببية والمسببية المعتبرة فيها الجعلية سواء كانت فى الواقع اولا وفى نحو قولنا لو كان النهار موجودا فالشمس طالعة السببية باعتبار العلم على انه لا يلزم على الشيخ دعوى الكلية حتى يرد عليه ما ذكره بل يكفيه ان تكون جزئية فمعنى قوله ان الاول سبب والثانى مسبب انه قد يكون سببا ومسببا (قوله فهى لامتناع الاول الخ) اى هو داخل فى مفهومها (قوله انه يستدل بامتناع الاول الخ) فان كلا الانتفائين معلومان فى نحو قولنا لو جئتنى لاكرمتك (قوله على انتفاء الخ) يعنى انه قد حصل جمع الشروط والاسباب لوجود الثانى كالاكرام سوى مضمون الاول كالمجئ مثلا فلم ينتف الاكرام الا لانتفاء المجئ كما مر منقولا من التحرير العضدى (قوله فقد جعلوا اه) اى جعلوا هذا الاستعمال اصطلاحا واخذوه هناك مذهبا كالشلوبين وابن عصفور الا انه لما شاع استعمالها فيما يكون انتفاؤهما قطعا قالوا انها لا تحتاج الى ذكر استثناء نقيض التالى بخلاف استثناء المقدم* قال قدس سره يفهم من ظاهرهما الخ* الاول مفهوم من ظاهر القول الاول والثانى من القول الثانى لكن يرد على الاول ان الحصر المستفاد من قوله انما هو بحسب الاوضاع الاصطلاحية لارباب المعقول ممنوع بل المفهوم منه انه معنى حقيقى عندهم مجازى عند اهل اللغة لكونه جزء ما وضع له وعلى الثانى ان المفهوم منه الآية الكريمة واردة على وفق اصطلاحهم لا على مقتضى اصطلاحهم حتى يرد انه يفهم منه انه فرع الاصطلاح ولولاه لما وجد (قوله

٢٧٧

فيكون) دائما اذ لا واسطة بين النقيضين وما توهم من انك تقول لو ضربنى الامير ضربته فتقصد وجود ضربك على تقدير ضرب الفقير بطريق الاولى ولا يلزم منه استمرار ضربك ولا يلزم منه انه لو ضربك السلطان ضربته فمدفوع لانه ليس مما نحن فيه لانه ليس فيه نقيض الشرط اعنى عدم ضرب الامير انسب واليق بالجزاء بل هو من باب التعريض فتدبر* قال قدس سره هذا انما يتأتى الخ* خلاصة كلامه انه اذا كانت لو لا مركبة من لو وحرف النفى كان معنى التعليق باقيا فيه فيفيد استمرار الجزاء على تقدير وجود الشرط وعدمه اذا كان تعلقه بالشرط مستبعد او اما اذا كانت كلمة برأسها كان معناها ان وجود الاول مانع عن تحقق الثانى فلا يفيد استمراره* قال قدس سره واما قولك الخ* يعنى انه فرق بين لو لا ولو لم فانه مركب من لو ولم قطعا فهى تدل على التعليق فتفيد استمرار الجزاء فى المثال (قوله ان الارتباط الخ) ولذا قالوا ان رفع المقدم لا يوجب رفع التالى ووضع التالى لا يوجب وضع المقدم ولو اعتبر الارتباط لانتجا (قوله فلو قدر الخ) بان تكون مستعملة على اصلها (قوله ويتناقض) اى يحصل التناقض بين ثبوت نفى المنفى المستلزم لثبوت العصيان وبين ما اريد بقوله نعم العبد صهيب الخ لانه سيق للمدح بعدم العصيان (قوله وهذا وهم الخ) قيل كان الشيخ استبعد التقييد بالنفى لانه ينافى عموم النفى الصريح ففيه مزيد تكلف ليس فى تقييد المثبت وحينئذ لا يتجه ما ذكره الشارح رحمه الله والجواب ان ترديد الشارح رحمه الله تعالى فى اعتبار الارتباط فى مفهوم الجزء ولا شك انه لا فرق بين المنفى والمثبت حينئذ انما الاستبعاد اذا كان التقييد بقرينة خارجة عن مفهوم الجزاء (قوله واما قوله تعالى (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً) الخ) اول الاية (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ) الخ اى لو علم الله فى الكفرة الصم عن الحق البكم من نطقه سعادة كتبت لهم او انتفاعا بالايات لا سمعهم سماع تفهم (قوله واجيب الخ) فى المغنى والجواب بثلثة اوجه اثنان يرجعان الى منع كونه قياسا وذلك لاختلاف الوسط احدهما ان التقدير لا سمعهم اسماعا نافعا ولو اسمعهم اسماعا غير نافع لتولوا والثانى ان يقدر ولو اسمعهم على تقدير علم عدم الخير فيهم والثالث الى منع استحالة النتيجة بتقدير كونه قياسا متحد الوسط اذ التقدير ولو علم الله فيهم خيرا وقتاما لتولوا بعد ذلك ولا يخفى ضعف الجواب الاول لانه لا قرينة على تقييد لو اسمعهم بالاسماع الغير النافع ولانه تحقق فيهم الاسماع الغير النافع الا ان يقيد بالاسماع بعد نزول هذه الآية وكذا ضعف الثالث لان علمه تعالى بالخير ولو فى وقت لا يستلزم التولى بل عدمه

٢٧٨

واما لجواب الثانى فهو قوى لان الشرطية الاولى قرينة على تقييد الاسماع فى الشرطية الثانية بتقدير علم عدم الخير فيهم وهذا مختار القاضى فى تفسيره حيث قال ولو اسمعهم وقد علم ان لا خير فيهم لتولوا ولم ينتفعوا به او ارتدوا بعد التصديق والقبول (قوله فانما ينتجان) اى اللزومية كما يدل عليه قوله وهذا محال لان المحال استلزام علمه تعالى بالخير فيهم للتولى لا توافقهما فى الوجود وقوله والمحال جاز ان يستلزم المحال والقياس انما يننج لزومية اذا كان من اللزوميتين وليس المراد ان الانتاج مطلقا يكون من اللزوميتين فان القياس المركب من الاتفاقيتين ومن اللزومية والاتفاقية منتجان للاتفاقية وتفصيله فى شرح المطالع فلا يرد ما قيل انه على تقدير كون الاولى اتفاقية عامة والثانية لزومية اذ اسلم كونها كلية يجب ان ينتج كما لا يخفى على من له درية بصناعة البرهان فلا يصح قوله انما ينتجان اذا كانتا لزوميتين (قوله فاستحالة النتيجة ممنوعة) اى لا نسلم استحالة الحكم باللزوم بين المقدم والتالى وان كان الطرفان محالين فما قيل اى استحالتها على تقدير وقوع المقدم واما قوله والمحال جاز ان يستلزم المحال فبالنظر الى استحالته فى نفسه فلا تدافع بينهما ناش من سوء الفهم (قوله والمحال جاز ان يستلزم المحال) وان لم يوجد بينهما علاقة عقلية على ما هو التحقيق من عدم اشتراط العلاقة فى استلزام المحال للمحال فاندفع ما قيل لا كلام فى جواز استلزام المحال للمحال لكن لا ريب فى استحالة استلزام المحال لما يستحيل تحققه عند تحققه وههنا كذلك (قوله وهذا) اى المذكور من السؤال والجواب غلط اما السؤال فلان اولم يستعمل الى آخره واما الجواب فلقوله وكيف الى آخره يعنى ان فيه تسليم كونه قياسا ومنع كونه منتجا لانتفاء شرائط الانتاج وكيف يصح اعتقاد وقوع قياس فى كلامه تعالى اهملت فيه شرائط الانتاج وان لم يكن مراده تعالى قياسية ذلك وبما حررنا لك اندفع كلا الاعتراضين للسيد اما الاول فلانه ان اراد بقوله بل اراد منع كونه قياسا منتجا منع قياسيته فباطل لان الشرائط المذكورة شرائط الانتاج لا شرائط القياسية فبانتفائها لا ينتفى القياسية وان اراد منع انتاجه ففيه تسليم كونه قياسا الا انه غير منتج لانتفاء شرائط الانتاج واما الثانى فلانه مبنى على ان يكون لفظ هذا اشارة الى الجواب ويكون قوله لان لفظة لو لم تستعمل الخ اعتراضا على التسليم المدلول عليه بقوله ولو سلم وقد عرفت انه اشارة الى مجموع السؤال والجواب بين غلطية كل منهما على ترتيب اللف قوله ثم ابتدأ (قوله ولو اسمعهم لتولوا كلاما آخر الخ) يعنى انه كلام منقطع عما قبله والمقصود منه تقرير توليهم فى جميع الازمنة حيث ادعى لزومه لما هو مناف له ليفيد

٢٧٩

ثبوته على تقدير الشرط وعدمه فمعنى الآية انه انتفى الاسماع لانتفاء علم الخير وانهم ثابتون على التولى ففى الشرطية الاولى اللزوم بحسب نفس الامر وفى الثانية ادعائى فلا يكون على هيئة القياس فاندفع ما قيل ان الاشكال باق بحاله اذ لو كان هاتان الشرطيتان حقتين لكان استلزام علم الله تعالى للاسماع واستلزام الاسماع للتولى ثابتين ويلتئم منهما قياس اقترانى ينتج للمحال (قوله يجوز ان يكون الخ) يعنى ان التولى بمعنى الاعراض عن الشئ كما هو اصل معناه لا بمعنى مطلق التكذيب والانكار عن الحق فحينئذ يجوز ان يكون لو بمعناه المشهور ويكون المقصود منه الاخبار بان انتفاء الثانى فى الخارج لانتفاء الاول فيه كالشرطية الاولى ولا ينتظم منهما القياس اذ ليس المقصود منهما بيان استلزام الاول للثانى فى نفس الامر ليستدل بل اعتبار السببية واللزوم بينهما ليعلم المسببية والملزومية بين الانتفائين المعلومين فى الخارج (قوله وعدم الانقياد) كالعطف التفسيرى لما قبله لافادة ان الاعراض ههنا عقلى لا حسى (قوله لم يتحقق منهم التولى والاعراض) لان الاعراض عن الشئ فرع تحققه (قوله ولم يلزم من هذا تحقق الانقياد له) لان الانقياد للشئ وعدم الانقياد له ليس على طرفى النقيض بل كالعدول والتحصيل لجواز ارتفاعهما بعدم ذلك الشئ (قوله لا نسلم ان الخ) لانه يجوز ان يكون ذلك بسبب عدم الاهلية للاسماع وهو داء عضال وشر عظيم قال الله تعالى (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) (قوله ليس خيرا فيه) وان كان خيرا له فلا يكون مخالفا لما هو المشهور ان من النعمة ان لا تقدر* قال قدس سره فيه بحث الخ* والجواب ان فى الامر الاول كمال ذمهم وتوبيخهم حيث صار الاسماع الذى هو سبب لعدم التولى سببا لتوليهم بناء على فرط عنادهم وتضييعهم الاهلية والاستعداد كانه قيل جميع اسباب التولى وشرائطه متحقق فيهم الا الاسماع ولو اسمعهم لتولوا* قال قدس سره بخلاف دوام التولى الخ* يعنى بخلاف ما اذا جعل من قبيل لو لم يخف الله لم يعصه فان المدلول حينئذ دوام التولى وهو يفيد كمال ذمهم* قال قدس سره فان قلت الخ* هذا انما يرد لو اريد لتولوا عما اسمعهم اما لو اريد لتولوا عن الحق وانكروه فانه متحقق على التقديرين لانهم صم بكم ثابتون على التكذيب والانكار اسمعهم الحق او لم يسمعهم اما على تقدير عدم الاسماع فظاهر واما على تقدير الاسماع فلانهم ينكرونها عنادا قال الله تعالى (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) * قال قدس سره لاسمعهم للطف بهم الخ* فسر الاسماع باللطف وهو ما يقرب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية لانه لا يمكن تفسيره بالاقدار على السماع

٢٨٠