حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

لحصوله ولا بخلق السماع فيهم بالجبر لانه لا يعتبر فى الشرع ولا يترتب عليه النجاة ولا بتوسط اختيارهم لكون الافعال الاختيارية مخلوقة للعبد عند المعتزلة فالمراد خلق اسباب السماع وهو اللطف* قال قدس سره لما نفع فيهم اللطف* اى لثبتوا على التكذيب والانكار كانوا قبل اللطف فلا يرد ان عدم نفع اللطف فيهم فرع تحقق اللطف فكيف يصح قوله وهذا مستمر على تقديرى اللطف وعدمه* قال قدس سره قلت هو ايضا محمول على الاستمرار* لا يخفى انه لا حاجة على هذا الوجه الى الحمل على الاستمرار بل هو محمول على الاستعمال المشهور يعنى انه لم يبق عن ارادتدهم عن الخلق الانتفاء اللطف ومجئ الآيات حتى لو تحقق تحقق ويمكن حمله على طريق الاستدلال فانه ينتج حينئذ لو علم الله فيهم خيرا اى انتفاعا باللطف لارتدوا ولا شبهة فى صحته واما الجواب الذى ذكره السيد فتكلف لان التكذيب وعدم الاستقامة ليس مطلقا بل هو مقيد بقوله بعد ذلك كما هو الظاهر ولان التصديق ينافى للاستمرار على التكذيب والتقييد بالانفكاك المعتد به خلاف الظاهر (قوله واما قوله تعالى ولو جعلناه الخ) فى تفسير القاضى وقالوا لو لا انزل عليه ملك هلا انزل معه ملك يكلمنا انه نبى كقوله لو لا انزل اليه ملك فيكون معه نذيرا ولو انزلنا ملكا لقضى الامر جواب لقولهم وبيان لما هو المانع مما اقترحوه والخلل فيه والمعنى ان الملك لو انزل بحيث عاينوه كما اقترحوه لحق اهلاكهم فان سنة الله تعالى جرت بذلك فيمن قبلهم ثم لا ينظرون بعد نزوله طرفة عين (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) جواب ثان ان جعل الهاء للمطوب وان جعل للرسول فهو جواب اقتراح ثان فانهم تارة يقولون لو لا انزل عليه ملك وتارة يقولون لو شاء ربنا لانزل ملائكة والمعنى ولو جعلنا قرينا لك ملكا يعاينونه او الرسول ملكا لمثلناه رجلا كما مثلنا جبريل عليه السّلام فى صورة دحية الكلبى فان القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك فى صورته وانما رأهم كذلك الافراد من الانبياء بقوتهم القدسية وللبسنا جواب محذوف اى ولو جعلناه رجلا للبسنا اى لخلطنا عليهم ما يخلطون على انفسهم فيقولون ما هذا الا بشر مثلكم انتهى ولا يخفى عليك بعد التدبر فيما نقلناه ان كلمة لو ههنا لمجرد الربط والتعليق ليفيد ابداء النافع لما اقترحوه ويكون جوابا عما اقترحوه واما ما قاله الشارح رحمه الله من انه لاستمرار الجزاء على تقديرى الشرط وعدمه فلا مدخل له فى الجواب عن اقتراهم وكذلك كونها على اصلها اعنى امتناع الثانى لامتناع الاول او بالعكس اذ ليس المقصود ههنا بيان السببية بين الانتفائين المعلومين

٢٨١

ولا الاستدلال بانتفاء اللبس على انتفاء كونه رجلا ومنه على انتفاء كونه ملكان فان جواب اقتراحهم يحصل بمجرد ابداء المانع وحاجة فيه الى اعتبار امتناع الثانى ليفيد امتناع الاول (قوله فيلزم عدم الثبوت آه) اى عدم ثبوت الشرط والجزاء اما عدم ثبوت الشرط فظاهر واما عدم ثبوت الجزاء فلكونه معلقا على الشرط الغير الثابت والتعليق لا يدل على عدم ثبوت شئ منهما لانه يقتضى كونهما على خطر الوجود لا القطع بعدم الثبوت* قال قدس سره واليه* اى الى كونه مرادا* قال قدس سره ولو كان بالصين* الصواب ولو يكون فى وقت الطلب* قال قدس سرة كانه لم ينظراه* البارق غيم يظهر منه البرق ببغداد متعلق بطربن الوهن ليلة فيها غيم لو نصف الليلة مالهن ومالى تعجب متصل بما دل عليه الكلام اى طربن فاخذت اسكنها وهى لا تسكن ثم اعاودها وهى تدافعنى الى ان قضيت من كثرة معاودتى وشدة مدافعتها العجب فويقا نهر غائبة عنها وتمنت لها ورغبت عن الفرات وهى حاضرة حولها تراب لها دعاء على الابل اى لا شربت الماء بل لها بدل الماء التراب انيق وجمال بيان للضمير فى لها والكرخ ولاية بغداد اى ان كنت فى ولاية بغداد فانى عطشان الى وطنى فهل حملت ايها البرق قطرة عن ماء بلدتى وهى المعرة (قوله فى الجهد والهلاك آه) يقال فلان يعنت فلانا اى يطلب ما يؤديه الى الهلاك كذا فى الكشاف فالهلاك مأخوذ فى مفهوم العنت فلا يرد ما قيل ان الصواب اولا العنت معناه الفساد والمشقة او لهلاك والاثم على ما فى القاموس ولا يجوز ارادة معنيين من لفظ واحد (قوله لقصد استمراراه) اى للاشارة الى استمرار الفعل لا ان اللفظ مستعمل فيه (قوله فيما مضى) اذ الجزاء ماض ولو لا يقلب الماضى الى المضارع (قوله وقتا فوقتا) لان المضارع يدل على الاستمرار التجددى لتجدد زمان الاستقبال (قوله لانه كان اه) وفيه تعكيس امر الايالة فقصد الاشارة الى ما ارادوا توبيخالهم عليه واستهجانا له ولذا عبر عن الموافقة بالاطاعة انما قلنا ان اللفظ ليس مستعملا فيه بل هو من مستتبعات التراكيب بايراد صيغة المستقبل كالتعريض فى قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) بايراد صيغة الماضى لان المقصود من الآية نفى الاطاعة فى الكثير لا نفى الاستمرار لا طاعنة فى الكثير (قوله بدليل قوله تعالى اه) متعلق بقوله كان فى ارادتهم ووجه الاستدلال ان المراد من الكثير الحوادث التى تحتاج الى الرأى وهى كثيرة فى نفسها وان كانت قليلة بالنسبة الى الحوادث التى لا تحتاج الى الرأى فالمعنى لو يطعيكم فى الحوادث التى تحتاج الى الرأى بان يعمل على رأيكم فيها وهذا هو استمرار عمله على

٢٨٢

ما يستصوبونه (قوله بعد قوله اه) انما قال ذلك ليظهر ان مقتضى الظاهر الله مستهزئ عدل عنه الى المضارع لافادة الاستمرار التجددى والله مستهزئ وان كان دالة على الدوام بمعونة المقام الا ان الاستمرار التجددى ابلغ (قوله ليكون المعنى اه) هذا بيان لحاصل المعنى وما يؤل اليد وكذا ما فى المفتاح لما عرفت من ان المعنى ان انتفاء عنتكم بسبب انتفاء اطاعتكم فى كثير من الامر وذلك لان الاطاعة فى كثير من الامر تستلزم استمرار الاطاعة فان اعتبر النفى المستفاد من كلمة لو مقدما على الاستمرار كان مأل المعنى انتفاء استمرار الاطاعة وان اعتبر الاستمرار مقدما على النفى كان مأله استمرار انتفاء الاطاعة ووجه آخر وهو انه ان كان فى كثير متعلقا بيطيعكم كان مأله الى انتفاء استمرار طاعتكم وان كان متعلقا بالنفى المستفاد من كلمة لو كان مأله الى استمرار امتناع طاعتكم* قال قدس سره فظاهر* لان استفادة المعانى من الالفاظ على وفق ترتيبها* قال قدس سره واما موافقته الخ* لا يخفى ان موافقته اياهم اما بالوحى او بالاجتهاد وهو ايضا وحى عند من يجوزه للانبياء عليهم السّلام لامتناع تقررهم على الخطاء وعلى كل تقدير لا موافقة لرأيهم فالنبى عليه الصلاة والسّلام مستمر على امتناع اطاعتهم وانه لو اطاعهم فى شئ لوقعوا فى العنت والامر بالمشاورة له لمجرد تطييب قلوبهم (قوله وللثانى ايضا وجه) بناء على ان البليغ يصور المعانى الاصلية اولا فى الذهن ثم يعتبر فيها الخصوصيات والمزايا فالنفى والاثبات مقدم فى الاعتبار على استمرار وعدمه (قوله الخطاب الخ) ففى التخصيض تسلية للرسول عليه السّلام وفى التعميم تفضيخ لهم بظهور شناعة حالهم على كل احد (قوله اروها الخ) قال الزجاج قوله تعالى (إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) يحتمل ثلثة اوجه الاول ان يكونوا قد وقفوا عندها حتى يعاينوها فهم موقوفون الى ان يدخلوها والثانى ان يكونوا قد وقفوا عليها وهى تحتهم يعنى انهم وقفوا فوق النار على الصراط وعلى هذين الوجهين وقفوا من وقفت الدابة والثالث انهم عرفوها من وقفته على كلام فلان علمته معناه (قوله وجواب لو محذوف) وكذا مفعول ترى اى لو ترى الكفار فى وقت وقوفهم ولا يجوز ان يكون اذ مفعولا لانه اخراج لا ذو الرؤية عن الاستعمال الشائع اعنى الظرفية والادراك البصرى من غير ضرورة (قوله لرأيت امر افظيعا) يقصر العبارة عن تصويره قدر الماضى على طبق الكشاف رعاية لمقتضى الظاهر فى لو وموافقة لقوله تعالى (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) (قوله فهذه الحالة) اى رؤية الكفار فى تلك الاوقات بدليل قوله فاستعمل لو وقال السيد فى شرح المفتاح وهذه الامور انما تقع فى الآخرة وفسرها فى الحاشية بقوله يعنى ان وقوفهم على النار وكونهم ناكسى رؤسهم

٢٨٣

وكونهم موقوفين عند ربهم امور مستقبلة توجد يوم القيمه لكنها لتحقق وقوعها نزلت منزلة الماضى المقطوع به فاستعمل فيها لو واذا المختصان بالماضى كانه قيل هذه احوال قد تحققت وانقضت وانت ما رأيتها وحينئذ كان المناسب ان يقول ولو رأيت لكنه عدل الى صيغة المستقبل تنبيها على نكتة اخرى وهى ان اللفظ المستقبل الصادر عمن لا خلاف فى اخباره بمنزلة الماضى المعلوم تحقق معناه انتهى ويرد عليه ان كون هذه الامور بمنزلة الماضى يقتضى التعبير عنها بصيغة الماضى وادخال اذ عليها لا استعمال لو فانه انما يتربب على تنزيل الرؤية المستقبلة منزلة الماضى وانا لا نسلم ان المناسب لكون تلك الامور متخققة ان يقال لو رأيت (قوله قد انقضى هذا الامر) اى رؤيتهم فى تلك الاوقات (قوله هكذا ينبغى الخ) يعنى ينبغى ان يفهم ان ما هو منزل منزلة الماضى هو اصل الرؤية لتحقق وقوعه والذى فرض وقوعه ادخل عليه لو هو الرؤية بالنسبة الى المخاطب كما يدل عليه قوله لكنك ما رأيته وفى شرح المفتاح وانت لو رأيتها لرأيت العجيب فاندفع ما يقال ان خبر الصادق يدل على تحققه واما فرض الصادق فلا لان المفروض انما هو النسبة الى المخاطب واما اصل الرؤية فمذكور لا على وجه الفرض فدخول لو يجعل اصل الرؤية المستقبلة بمنزلة الماضى وكذا اندفع ايضا ما يقال ان تنزيل المضارع منزلة الماضى فى التحقق ينافى دخول لو الدالة على الامتناع لان الامتناع باعتبار الاسناد الى المخاطب والتحقق لاصل الفعل فذكر لو يدل على ان الرؤية بمثابة من الفظاعة يمتنع معها رؤية المخاطب (قوله فى احد قولى البصريين) وهو لزوم وقوع الماضى بعد رب دون القول الآخر لهم وهو جواز وقوع الحال والاستقبال بعدها يدل على ذلك تفريعه على ما تقدم بقوله فقوله (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ) الخ (قوله والفعل المتعلق به رب محذوفا) لانه حينئذ لا يجوز تعلقه بيود ولا بد له فعل يتعلق به على ما ذهب اليه الجمهور من كونه حرف جر واما على مذهب الاخفش واختاره الشيخ الرضى من كونه مبتدأ لا خبر له والمعنى قليل او كثير وداد الذين كفروا فلا حاجة اليه (قوله من التعسف) لان المعنى على تقليل ودادهم لا على تقليل شئ يودونه الا ان يراد رب شئ يودونه من حيث انهم يودونه (قوله وبتر النظم) اى قطع قوله تعالى (لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) عما قبله (قوله ورب ههنا لتقليل النسبة) فى الحديث لا يزال الرب يرحم ويشفع اليه حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فيتمون الاسلام (قوله لتقليل النسبة) اى للتقليل بالنسبة الى اصل زمان ذهاب عقلهم من الدهشة (قوله مستعارة للتكثير) اى مستعارة بالنسبة الى

٢٨٤

اصل الوضع وان شاع استعماله فى التكثير حتى التحق بالحقيقة (قوله نقلت من التقليل الخ) فان التقليل فى الماضى يلزمه التحقيق (قوله على ان لو الخ) متعلق بمحذوف اى محذوف بناء على ان لو للتمنى والجملة فى موضع الحال اى قائلين لو كانوا مسلمين ويجوز ان يكون للشرط والجواب محذوف اى لو كانوا مسلمين لنجوا من العذاب (قوله بعد فعل يفهم منه الخ) فى المغنى واكثر وقوع لو المصدرية بعدود او يودو قد تقع بدونهما (قوله لاستحضار الصورة) واعلم ان استحضار الصورة غير حكاية الحال فانه احضار للصورة من غير قصد الى الحكاية والنقل فلا ينافى هذا لما فى الرضى فى بحث اذ واذا من انه لم يثبت حكاية الحال المستقبلة كما ثبت حكاية الحال الماضية (قوله ولا نكذب) قرئ بالرفع اى ونحن لا نكذب وبالنصب اى وان لا نكذب (قوله متقاولين بتلك المقالات) اى يقول (الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) الآية (قوله كقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) الاية) فى تفسير القاضى لمثوبة من عند الله خير جواب لو واصله لا ثيبوا مثوبة من عند الله خيرا لهم مماشروا به انفسهم فحذف الفعل وركب الباقى جملة اسمية لتدل على ثبات المثوبة والجزم بخيربتها وحذب المفضل عليه اجلالا للمفضل من ان ينسب اليه انتهى دفع بقوله واصله الخ اشكالين لفظى وهو ان جواب لو انما يكون فعلية ماضوية ومعنوى وان خيرية المثوبة ثابتة لا تعلق لها بايمانهم وعدمه ولاجل هذين الاشكالين قال بعض النحاة ان اللام جواب قسم محذوف والتقدير ولو انهم آمنوا واتقوا لكان خيرا لهم والله لمثوبة من عند الله خير لهم والمصنف وصاحب الكشاف اختارا انه الجزاء لتضمنه البلاغة مع قلة الحذف والماضوية فى جواب لو اعم من ان تكون حقيقة او تأويلا ومعنى قوله وركب الباقى جملة اسمية ان النصب لما كان دالا على الفعل والفعل على الحدوث عدل عنه الى الرفع وركبت الجملة اسمية لتدل على ثبات المثوبة فان الفعل لدلالته على الزمان يفيد حدوث مدلوله اعنى الحدث وحدوث النسبة ايضا لتلازمهما فاذا عدل الى الاسم نقضا لغبار الحدوث ليتومل به بمعونة المقام الى الثبات والدوام كان مدلول الجملة الاسمية ثبات المثوبة وثبات نسبة الخيرية اليها الا انه لما كان المقصود ههنا ثبات المثوبة ودوامها تحسير الهم على حرمانهم المثوبة الدائمة وترغيبا لمن عداهم فى الايمان اكتفى به ولم يتعرض لثبات نسبة الخيرية اليها فاندفع ما قيل انه لا يدل على ثبات المثوبة بل على ثبات الخيرية لها (قوله واما تنكيره) اى ايراد المسند نكرة وهذا فى مقام يصح للمتكلم ايراده معرفة ونكرة ولا يكون ذلك الا بالتعريف باللام

٢٨٥

او الاضافة وهما يجيأن للجنس والعهد والتعريف الجنسى قد يفيد الحصر والتنكير يكون لافادة عدم الحصر المستفاد من التعريف الجنسى وعدم العهد المفاد بالتعريف العهدى والمراد ارادة عدمهما فقط فان الاطلاق قد يكون دليل التقييد فلا يرد ان فى قولنا هو البطل المحامى ووالدك العبد ارادة عدمهما متحققة مع تعريف المسند فان المراد فى المثالين شئ زائد على ارادة عدمهما وهو الاتحاد والاشتهار ولا ان تلك الارادة متحققة اذا اورد المسند مضمرا او اسم اشارة او علما او موصولا مع عدم التنكير على ان الاطراد والانعكاس غير لازم وانما لم يقل مع عدم ارادتهما لان عدم الارادة ليس مقتضيا لشئ فان غير البليع يورد التنكير لاداء اصل المعنى مع عدم ارادته لشئ منهما (قوله ويدخل فيه) اى فى قوله واما تنكيره فلارادة الخ حكاية المنكر من حيث انه منكر لان الحكاية نقل كلام الغير مع استبقاء صورته ولا شك ان استبقاء البليغ الصورة السابقة اعنى التنكير مع علمه بجهة التعريف انما هو لاستبقاء المعنى الذى قصده المتكلم من التنكير من ارادة عدم الحصر والعهد او التفخيم او التحقير او غير ذلك وفيه تعريض لصاحب المفتاح حيث جعل قصد حكاية المنكر مقتضيا برأسه بان مقتضى حكاية كل شئ هو مقتضى ذلك الشئ وليس الحكاية امرا يقصده البليغ بذاته انما يقصده لاستبقاء ذلك المقتضى فالمراد بقوله فلارادة عدم الحصر والعهد او للتفخيم الخ اعم من ان يكون ابتداء او حكاية ولو كان الحكاية مقتضية برأسها لوجب ذكرها فى سائر الاحوال فاندفع اعتراض السيد بان كل واحد من القصدين مستقل باقتضاء التنكير فلا وجه لادخال احدهما فى الآخر* قال قدس سره منهم من ذهب الخ* هذه العبارة الى قوله مذهب سيبويه زائدة لا فائدة فيها كما لا يخفى* قال قدس سره وبالجملة ليست المسئلة الخ* لا يخفى ان ما نقله عن الرضى من الحكم بالاولوية يدل على جواز كون كم مبتدأ وما بعده خبره فلعل الجواز متفق عليه انما الخلاف فى الوقوع* قال قدس سره وانت تعلم الخ* فى شرحه للمفتاح ان للسكاكى رحمه الله تعالى ان يحمل قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) وقولك مررت برجل افضل منه ابوه على القلب (قوله لاستلزام الحكم الخ) يتجه عليه انه يستلزم ان يكون الاصل فى المحكوبه التعريف لان الحكم على الشئ يستلزم العلم بالطرفين ومنشأ غلطه عدم الفرق بين التعريف والعلم (قوله ان العلم بحكم من احكام شئ) اى من حيث انه حكم له وحال من احواله (قوله وهذا وهم الخ) خلاصته انه ان اراد الشيوع من حيث المفهوم فلا نسلم وجوده فى الاسم الذى يخصصه الوصف وان اراد الشيوع من حيث الوجود

٢٨٦

فلا نسلم انتفاءه فى الفعل وما قيل فى دفعه من ان الفعل يدل على الطبيعة بلا شرط شئ فلا يلاحظ معها الوحدة فلا شيوع فيها لانه فرع ملاحظة الوحدة الشايعة بخلاف النكرة فانها تدل على الوحدة الشايعة فيناسب الاول التقييد لكونها مطلقة عن الوحدة والكثرة بل عن جميع القيود ويناسب الثانى التخصيص الدال على نقص الشيوع المفهوم من دلالته على الوحدة المبهمة فلا يدفع اعتراض الشارح رحمه الله لان الشيوع ليس لازما للوحدة التى فى النكرة فى الذهن بل فى الخارج وكذلك مفهوم الفعل* قال قدس سره لان الفعل يسند اولا الخ* لان النسبة الى الفاعل جزء من مفهوم الفعل والنسبة الى المعمولات خارجة عنه* قال قدس سره ثم يسند ثانيا* لان المسند هو المقيد والا لكان التخصيص بالاضافة او الوصف بيان تغيير* قال قدس سره وهذا القدر الخ* ولا يلزم وجود الشمول فى جميع افراد الاسم (قوله بحسب الذات) اى الذات التى يصدقان عليها واحدة فى الوجود الخارجى اى الاصيلى مع تغايرهما بحسب المفهوم فى الوجود الذهنى اى الظلى كما تقرر فى محله (قوله حال كون آه) يشير الى ان الجار والمجرور وقع حالا عن عمرو المنطلق لكونه مفعولا به لمعنى المماثلة المفهومة من لفظ نحو ولا حاجة الى ما قيل انه حال عن المعطوف على المضاف اليه لخبر المبتدأ اعنى نحو والحال عن المبتدأ او عن المعطوف على خبر المبتدأ واقع فى عبارات المصنفين نص عليه الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف فى سورة آل عمران على ان شهادته لا توافق دعواه (قوله تمهيد آه) اى ليس التقييد احترازيا* قال قدس سره مناف لذلك الاطلاق* عدم المنافاة بين عبارتى الايضاح ظاهر لانه قال بعد قوله فلافادة السامع اما حكما على امرآه تفسير هذا انه قد يكون للشئ صفتان من صفات التعريف ويكون السامع عالما باتصافه باحديهما دون الاخرى فاذا اردت ان تخبره بانه متصف بالاخرى فتعمد الى اللفظ الدال على الاولى وتجعله مبتدأ وتعمد الى اللفظ الدال على الثانية وتجعله خبرا فتفيد السامع ما كان يجهله من اتصافه بالثانية كما اذا كان للسامع اخ يسمى زيدا الى آخر ما نقله السيد فاذا كان هذا تفسيرا لما قبله كان ذلك الاطلاق مفسرا بهذا التقييد فلا منافاة ولذا اقتصر الشارح رحمه الله على اباء عبارة التلخيص عما يشعر به عبارة الايضاح وانما قال يأبى عنه لانه يمكن ان يقال ان الايضاح كالشرح لهذا الكتاب فيكون اطلاقه ايضا محمولا على ذلك التفسير* قال قدس سره وحكمه بانه يمتنع الحكم الخ* مراد المصنف رحمه الله من قوله على من لا يعرفه المخاطب اصلا من لا يعرفه المخاطب بالوصف الذى جعله عنوانا

٢٨٧

اصلا لا بخصوصه ولا بوجه ما ولا شك ان عدم معرفة المخاطب للمحكوم عليه بالعنوان الذى جعل مرآة لاحضاره يوجب امتناع الحكم عليه فلظهور اندفاع هذا البحث لم يتعرض الشارح رحمه الله له* قال قدس سره فى المعنى* لا فى اللفظ فانه تجرى عليه احكام المعوفة كما مر* قال قدس سره فى المؤدى* لا فى مدلول للفظ فان مدلوله الجنس المعهود باعتبار مطابقته لفرد لا بعينه بخلاف النكرة فان مدلولها فرد لا بعينه* قال قدس سره فلا منافاة بين ان يكون اه* لان معرفته باعتبار مفهوم الجنس المضاف وعدم معرفته باعتبار مطابقته لفرد ما فى الخارج* قال قدس سره لان المسند حينئذ فى الحقيقة اه* يعنى ان المسند على تقدير عدم معرفته بان له اخا فى الخارج مفهوم اخوك اعنى ذاتا موصوفة باخوة المخاطب دون الذات الموصوفة به فى الخارج وذلك المفهوم معلوم له بقاعدة اللغة فيكون معنى التعريف الاضافى متحققا فيه وهو الاشارة الى امر معهود عند المخاطب وان لم يعرف ان هناك ذاتا موصوفة بذلك المفهوم فى الخارج وانما قال فى الحقيقة لان الظاهر من اللفظ كون المسند تلك الذات الموصوفة فى الخارج بناء على ان الشائع استعماله فيما اذا عرف المخاطب ان له اخا فى الخارج* قال قدس سره واما قولك اخوك زيداه* يجوز ان يكون استينافا وان يكون معطوفا على مقدر مفهوم من السابق اى هذا يعنى ان جواز ارادة المعنيين انما هو فى زيد اخوك واما اخوك زيد فلا يراد به المعنى الاول اذ لا فائدة فى حمل المعين على المبهم لا كون المعين وصفا له ولا كونه متحدا به بل تتعين ارادة المعنى الثانى فلا بد فيه من معرفة المخاطب ان له اخافى الخارج فيكون الاضافة اشارة الى تلك الذات الموصوفة بالاخوة فى الخارج المعلومة للمخاطب بمطابقة المفهوم الجنسى له ويكون فائدة الحمل اتحاد زيد بتلك الذات وحاصل توجيهه قدس سره انه ليس معنى (قوله سواء عرف ان له اخا اولم يعرف) عرف هذا المفهوم اولم يعرف هذا المفهوم حتى ينافى الاطلاق المذكور سابقا بل معناه عرف ان له اخافى الخارج اولم يعرف ان له اخا فيه وهذا لا ينافى معرفته المفهوم الجنسى فاندفع البحث الاول وان المراد بالامتناع الامتناع الوقوعى فاندفع الثانى هذا غاية تنقيح كلامه ولا يخفى ما فيه من التكلف لان المتبادر من (قوله سواء عرف ان له اخا او لم يعرف) التسوية بين معرفة مفهوم ان له اخا وعدم معرفته ومن الامتناع الامتناع الذاتى على ان ذلك لا يدفع المنافاة بين ما ذكره المص رحمه الله بقوله بآخر مثله وبين المذكور فى كتب النحو كما لا يخفى فالحق ما ذكره الشارح رحمه الله فى دفع المنافاة ما ذكرناه فى دفع البحث الثانى* قال قدس سره نعم قد يقصد به الجنس الخ* يعنى

٢٨٨

ان الفرق بين زيد اخوك واخوك زيد اذا قصد العهد الذهنى بانه يصح فى الاول دون الثانى واما اذا قصد به الجنس او الاستغراق مبالغة بادعاء انه الجنس كله او كل الافراد فلا فرق بينهما كما لا فرق بينهما فى المعرف باللام* قال قدس سره وجوابه ان من فى السؤال الخ* لا يخفى ان تقرير السؤال على مذهب سيبويه لا يناسب قوله اذا بلغك ان انسانا من اهل بلدك تاب فانه ينادى بان الغرض الحكم على النائب بمعين كانه يسأل هل التائب زيدا وعمرو والجواب حينئذ التائب زيذ وانما يناسب التقرير المذكور كون السامع طالبا للحكم على معين بالنائب وحينئذ الجواب زيد التائب فالنظر غير مندفع والتحقيق ان السامع بعد علمه بان انسانا من اهل بلدك تاب سؤاله بمن هو سؤال عن تعيين ذلك التائب سواء كان من مبتدأ او خبرا واذا (٧) اختلفوا فى جواز الامرين ولو كان المعنى مختلفا لما صح ذلك ويؤيد ذلك انه لا فرق بينهما فى الترجمة الفارسية بان يقال كيست آن تائب وآن تائب كيست وانه يجوز ان يقال فى جوابه زيد التائب والتائب زيد لافادة كل منهما تعيين التائب قال الله تعالى (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) وقال الله تعالى (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) وقال الله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) فانها من قبيل التائب زيد وقال تعالى (مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ) وقال تعالى (مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) قل الله يكلؤكم وقال تعالى (مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) فانها من قبيل زيد التائب وقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وقال تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) محتملا للتقديرين وانما اختار صاحب الكشاف زيد التائب لموافقته لقوله تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ولانه اكثر وقوعا فى القرآن ولان الاصل ان تجعل الذات مبتدأ والوصف خبر الا لانه لا يجوز فى جوابه التائب زيد وكلام صاحب المفتاح يشير الى اختيار التائب زيد لان المناسب لطلب التعيين ان يجعل ما يفيده خبر او بما ذكرنا ظهر ان ما شرحه للمفتاح من ان الكلام فى ان السامع اذا علم ان احدا اثنى عليه او ان احدا حصل له الانطلاق فقال من الذى اثنى على او من المنطلق طالبا لتعيينه فالذى يصلح للجواب عنه هو زيد الذى اثنى عليك وزيد المنطلق ام الذى اثنى عليك زيد والمنطلق زيد وكلام المصنف رحمه الله يميل الى الثانى وقد صرح جار الله وعبد القاهر بخلافه واتفقا على انه اذا بلغك ان انسانا من اهل بلدك تاب ثم استخبرت من هو فجوابه زيد التائب محل نظ الا ان يقال

__________________

(٧) حكمو بجواز الخ نسخه

٢٨٩

ان معنى يصلح يختار لان الصالح عند البلغاء هو المختار* قال قدس سره منقوض بقولهم آه لان معنى من قام ا زيد قام ام عمرو فينبغى ان يجاب بزيد قام* قال قدس سره لا المطابقة المعنوية* لان معنى من قام اقام زيد ام قام قام عمرو لان الاستفهام بالفعل اولى فيكون السؤال عن فاعل قام فيكون قام زيد مطابقا له* قال قدس سره اعثرك على معنى قول النحويين الخ* وهو ان تقديم الخبر على المبتدأ يوهم قلب المعنى المقصود بناء على ما قالوا انما يقدم ويحكم على ما يتصور ان المخاطب طالب للحكم عليه وعبروا عن هذا المعنى بدفع الالتباس* قال قدس سره على انا قد حققنا آه* وهو ما مر فى بحث حذف المسند من ان من قام جملة فعلية حقيقة الا ان من قدم على الفعل لتضمنه الاستفهام فصارت اسمية (قوله بل مبالغا فيه) لان المقصود قصر الكامل من الجنس فيه وقد جعل مطلق الجنس مقصورا مبالغة فى ذلك القصر كما يدل عليه بيانه بقوله اى الكامل فى الشجاعة فييرز الكلام الخ فما قيل لا مبالغة فى القصر بل فى النسبة بواسطة القصر ليس بشئ (قوله لا تفاوت بينهما الخ) فى شرحه للمفتاح وميل صاحب الكشاف التفرقة حيث قال فى الفائق ان قولك الله هو الدهر معناه انه هو الجالب للحوادث لا غير الجالب وقولك الدهر هو الله معناه ان الجالب للحوادث هو الله لا غيره (قوله وذلك الخ) اى افادة المعرف بلام الجنس القصر مطلقا الا انه صور الاستغراق فى المسند اليه والجنس فى المسند لان الاصل ان يعتبر فى جانب الموضوع الافراد وفى المحمول المفهوم (قوله على طريقة انت الرجل آه) يعنى انهما على طريقة واحدة فى الحمل على الاستغراق وافادة القصر وان كان الاستغراق فى الاول بمعنى الكل الافرادى وفى الثانى بمعنى الكل المجموعى فى الرضى من الجوامد الواقعة صفة قياسا لفظ كل تابعة للجنس مضافة الى مثل متبوعها نحو انت الرجل كل الرجل والوصف بهذا اللفظ كالتأكيد اللفظى فلا يقال انت زيد كل الرجل اذ ليس فى زيد معنى الرجولية حتى يؤكد بكل الرجل ومعنى كل الرجل انه اجتمع فيه من خصال الخير ما تفرق فى جميع الرجال وبما ذكرنا تبين فساد ما قيل ان كل الرجل معناه كل رجل فانه قد يجئ كل المضاف الى المعرفة لاحاطة الافراد كما فى قوله تعالى (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) وقوله عليه السّلام كل الطلاق واقع الاطلاق المعتوه اذ لا معنى لتوصيف الرجل بكل رجل سواء اريد منه الجنس او كل فرد على انه يأبى عنه قوله فى شرحه للمفتاح على طريقة هم القوم كل القوم يا ام خالد (قوله الا حيث يصدق زيد وعمرو) الظاهر الا فى زيد وعمرو اذ لا صدق لهما فى شئ* قال قدس

٢٩٠

سره وان كان موضوعا للماهية بقيد وحدة مطلقه الخ* لا يخفى ان مفهوم فرد ما هو الماهية مع واحد من الخصوصيات على سبيل البدل وهى حصة من الجنس واتحادها بشئ لا يقتضى اتحاد الماهية مطلقا به بخلاف المعرف بلام الجنس فان مفهومه الماهية بلا شرط فاذا اتحدت مع شئ يجب ان لا توجد فى غيره والا لم يكن الماهية متحدة به بل خصة فليس قول المجيب انه لا يلزم من اتحاد فرد من افراد الانسان بزيداه من باب اشتباه العارض بالمعروض كيف وانه قال فى الجواب ان المجول ههنا مفهوم فرد ما فخلاصة جوابه ان المعرف بلام الجنس يدل على الماهية بلا شرط واتحاده بشئ يستلزم انحصاره فيه والمنكر يدل على حصة منها واتحادها لا يقتضى الحصر وبما ذكرنا اندفع الوجه الاول من النظر وكذا الثانى لان صدق فرد من افراد الانسان على زيد فى الخبر المنكر يستلزم صدق حصة منه لا صدق ماهية وكذا الثالث لان المجيب قال باقتضاء صدق الماهية بلا شرط الانحصار لا الصدق مطلقا وكذا الحمل لانه لم يقل بان الاتحاد فى الوجود الخارجى يستلزم اتحاد المفهومين او تساويهما بل قال بان اتحاد الطبيعة من حيث هى بشئ يستلزم حصرها فيه واين هذا من ذاك ولعل وجه النظر الذى اشار اليه الشارح رحمه الله تعالى ان ما ذكره المجيب لا يطرد فى المصادر لانها بالاتفاق موضوعة للماهية من حيث هى لا للافراد على ما صرح به الشارح رحمه الله تعالى فى شرحه للمفتاح فى بحث تعريف الجنس فيلزم ان لا يكون فرق بين المعرف والمنكر منها فى افادة الحصر والجواب ان افادة تعريف الجنس للحصر دليلها الاستعمال وما ذكر ابداء مناسبة معنوية بينهما كسائر النكات العربية وبهذا الجواب يسقط وجه نظر السيد ايضا* قال قدس سره فانها تعد فى هذه الصناعة فضولا* كون معنى الحمل اتحاد المتغايرين ذهنا فى الخارج ليس له اختصاص بصناعة دون اخرى فانه متفق عليه ولذا قال الشارح رحمه الله تعالى لظهور امتناع حمل الخ بلفظ الظهور* قال قدس سره والا ينبغى ان يحمل الخ* لا ادرى ما وجه هذا الانبغاء ولزوم ضياع التعريف الجنسى ممنوع لانه يفيد الاشارة الى الحضور الذهنى كما مر غير مرة ولو ضاع ههنا لضاع فى كل معرف بلام الجنس لافادة النكرة ما افاده وقيد ظاهرا لا يجدى نفعا على ان ما ذكره لا يجرى فيما اذا كان المعرف المذكور مبتدأ فان معنى الاتحاد بمفهوم الجنس انما يوجد فى الاستعمال فى الخبر المعرف ولذا قال الشيخ ان للخبر المعرف باللام معنى غير ما ذكر* قال قدس سره وينبغى ان لا يسمى قصرا الخ* لا يخفى انه حينئذ لا يكون ما ذكره توجيها لكلام القوم فانهم صرحوا بافادة القصر* قال قدس سره احتمل ان يكون المبتدأ الخ* لا تنافى بين

٢٩١

الاحتمالين فليكن الكلام مفيدا لكلا القصرين وقوله فيما ذا يتميز احدهما عن الاخر ان اراد عدم التمييز من حيث المفهوم او من حيث الدلالة فظاهر البطلان لان المفهومين متميزان والدال عليهما التعريفان وان اراد عدم تميز احدهما عن الآخر اذا كان مراد المتكلم احدهما واورد المبتدأ والخبر كليهما معرفا باللام فنقول انه مفوض الى القرائن كسائر المجملات فلا وجه لهذا الاستفسار* قال قدس سره هناك قصر المبتدأ على الخبر اظهر الخ* لا يخفى انه يصح ذلك فيما اذا كان المبتدأ اعم من الخبر كقولنا الناس العلماء واما اذا كان الخبر اعم كما فى قولنا العلماء الناس فلا اذ لا وجه لقصر الخاص على العام فلا وجه لجعله مقابلا لقوله وقيل الخ والصواب ان يقال انه اذا كان احدهما اعم فهو المقصور وان كان بينهما عموم من وجه يفوض الى القرائن وان لم توجد قرينة فالاظهر قصر المبتدأ على الخبر* قال قدس سره لان المعنى ان كل توكل على الله* لا يخفى على المنصف ان من يقول التوكل على الله لا يقصد العموم فى افراد التوكل والاحاطة بل يقصد ان حقيقة التوكل ومفهومه على الله تعالى مع قطع النظر عن وجوده فى كل الافراد او بعض منها* قال قدس سره بدلالة اللام على الاختصاص الخ* فى المغنى للام الجارة احد وعشرون معنى احدها الاستحقاق وهى الواقعة بين معنى وذات نحو الحمد لله والعزة لله والملك لله ونحو ويل للمطففين ولهم فى الدنيا خزى ومنه وللكافرين النار اى عذابها والثانى الاختصاص نحو الجنة للمتقين وهذا الحصير للمسجد والسرج للدابة الخ فلم يجعل اللام فى الحمد لله للاختصاص بمعنى القصر بل للاستحقاق وهو الاظهر حيث يفيد قصر استحقاق الحمد على الله تعالى وانه لا استحقاق لغيره* قال قدس سره ونحن بما قررناه لك الخ* قد عرفت حال ما قرره وما قرره الشارح رحمه الله تعالى (قوله ليس معناه الخ) الفرق بين المعنيين ان المقصود فى الاول كمال المحبوبية بتنزيل محبوبية كل ما سواه منزلة العدم وفى الثانى كمال محبة المتكلم بتنزيل كل محبة متعلقة بما سواه منزلة العدم ولا شك انه ليس المقصود بهذا الكلام بيان كمال المحبوبية او كمال المحبة انما المقصود قصر محبته عليه وانه ليس لغيره نصيب منها ودقة هذا المعنى ليس لان ههنا قصر الجنس المخصوص كما توهمه السيد بل لان المتعارف فى قصر الجنس انه لا يوجد فرد منه فى غير المقصور عليه لا انه لا يوجد جزء منه فى غيره وانه ذكر المحبة مطلقا واراد محبة نفسه خوفا من الرقباء (قوله مثل زيد المنطلق) فى ارادة العهد الا انه فى انت الحبيب نوعى ولذا كان اللام للجنس وفى زيد المنطلق شخصى (وقوله وبهذا سقط الخ) لكون كل واحد

٢٩٢

من القصرين مخالفا للغرض من الكلام (قوله ان يثبت له العبودية الخ) فيه اشارة الى طريق استفادة هذا المعنى وهو ان يعتبر اسناد الخبر الى المبتدأ قبل تعريفه باللام فيكون اشارة الى حضور الخبر المثبت للمبتدأ فى الذهن (قوله لان القصر وعدمه الخ) فيه تنبيه على انه لا يقال فيما لا يعقل فيه العموم عدم القصر ايضا لان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة (قوله فيما يعقل فيه العموم الخ) بان يكون العقل عند تصور مفهومه مما يجوز فيه صدقه على متعدد لان القصر عبارة عن تخصيص امر بامر والتخصيص فرع العموم فى نفسه ولو لا ذلك لما اعتقد المخاطب الشركة او القلب او التردد وليس مراده انه لا بد ان يعتقد المخاطب العموم والشركة حتى يرد ما اورده السيد من انه لا يوجد فى قصر القلب والتعيين (قوله وقيل الاسم الخ) قائله الامام الرازى والجملة عطف على ما فهم من قوله فلا فائدة السامع حكما على امر معلوم الخ فانه يفهم منه ان الامر المعلوم باحدى طرق التعريف سواء كان اسما او صفة يصح ان يكون محكوما عليه بامر آخر مثله اسما كان او صفة فكانه قال هذا اى صحة كون الاسم او الصفة المعرف محكوما عليه عند الجمهور وقيل الاسم متعين للابتداء والمراد بالصفة ههنا ما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى قائم به فمقابله الاسم بمعنى ما دل على الذات فقط او المعنى فقط او الذات المعينة باعتبار المعنى كاسم الزمان والمكان والآلة (قوله على امر نسبى) وهو المعنى القائم بالذات (قوله لكونه منطوقا به) اولا لانه قد يجب تأخيره (قوله ومثبتا له المعنى) اى فى الجملة الخبرية كما سيجئ (قوله ورد بان المعنى الخ) يعنى ان تعين الاسم للابتداء والصفة للخبر انما يثبت بالدليل المذكور اذا كانت دلالة الاسم على الذات والصفة على الامر النسبى متعينة وهو ممنوع لان المعنى الشخص الذى له هذه الصفة صاحب هذا الاسم فما قيل ان النزاع على تقدير هذا المعنى لفظى وهم (قوله وجوابه الخ) يعنى ان الاحتياج الى التأويل المذكور ناش عن خصوص المثال المذكور لا عن كون الخبر جامدا لان المقصود الحكم على الذات المعينة المعلومة بالصفة ولا يمكن ذلك الا بملاحظته باعتبار مفهوم مجهول اتصاف الذات به كيلا يلزم حمل الشئ على نفسه (قوله لان الجزئى الحقيقى اه) لكونه متأصلا فى الوجود الذى هو ظرف الحمل والحكم بالاتحاد انما يصح من جانب ما هو موجود بالتبع بما هو موجود بالاصالة وان كان الاتحاد من الجانبين (قوله لان الخبراه) هذا الوجه لابن الانبارى والثانى للسكاكى رحمه الله والثبوت عنده اعم من الوجود والمعنى ان مفاد الكلام الايجابى المركب من المبتدأ والخبر تقرر الخبر وحصوله للمبتدأ سواء كان الطرفان

٢٩٣

من الموجودات او من المعدومات الممكنة او الاول موجودا والثانى معدوما بخلاف المنفى فانه لا يتصف عندهم بشئ وانما خص البيان بالحكم الايجابى لان السلب فرع الايجاب فاذا لم يصح كونه خبرا فى الايجاب لم يصح فى السلب ايضا وتقرير الاستدلال ان الخبر ثابت للمبتدأ اى مدلوله لمدلوله ولا شئ فى نفس الامر من الانشاء بثابت لغيره فلا يكون الخبر انشاء اما الصغرى فظاهرة لان مدلول الكلام المركب من المبتدأ والخبر ذلك واما الكبرى فلان الانشاء اى مدلوله ليس بثابت اى متقرر فى نفسه اى مع قطع النظر عن المتكلم لانه معان عارضة للمتكلم وكل ما لا يكون له تقرر فى نفسه لا يكون متقررا لغيره فان المنفى الصرف لا يمكن اتصاف شئ به فان قلت له تقرر فى نفس المتكلم فيمكن الاخبار به قلت الكلام فى ان المعنى الانشائى فى نفسه لا يمكن الاخبار به لا انه بعد ثبوته فى نفس المتكلم وحصوله لا يمكن الاخبار به فلا يقال زيد طالب للضرب وبما حررنا ظهر اندفاع ما قيل ان اريد بالثبوت فى قوله الخبر يجب ان يكون ثابت للمبتدأ قيامه به ينتقض بالامور الاعتبارية وان اريد به ان يكون محمولا عليه مواطأة ينتقض بالجمل الواقعة اخبارا لانه اريد به الحصول والاتصاف سواء كان حقيقيا (٨) او اعتباريا وما قيل لا نسلم ان الانشاء لا ثبوت له فى نفسه فان الطلب الذى هو مدلول اضرب ثابت قائم بنفس المتكلم وغير الثابت انما هو متعلقه لان المراد بالثبوت فى نفسه تقرره مع قطع النظر عن المتكلم وكذا ما قيل لا نسلم ان ما لا ثبوت له فى نفسه لا يكون ثابتا لغيره لما تقرر ان ثبوت شئ لشئ انما هو فرع ثبوت المثبت له لا ثبوت المثبت نحو زيد اعمى لان ذلك انما هو فى الثبوت بمعنى الوجود لا فى الثبوت بمعنى التقرر ضرورة ان المنفى لا يثبت لشئ وكذا ما قيل انه ينتقض الثبوت بالاخبار الايجابية الجارية على المستحبلات فانها غير ثابتة فى انفسها مع ثبوتها للغير لانها فى صورة الايجاب وليست بثابتة حقيقة ضرورة ان المنفى الصرف لا يتصف بشئ نعم يرد عليه ما ذكره الشارح رحمه الله من ان ثبوته وحصوله للمبتدأ انما هو فى الخبر الذى هو جزء القضية دون مطلق الخبر فان اللازم فيه ان يكون مسند او الاسناد اعم من الثبوت فانه متحقق فى قولك اضرب زيدا من غير حصول طلب الضرب للمخاطب واتصافه به فكذا فى زيد اضربه ولا فرق بينهما الا باعتبار ان الثانى يفيد التحقيق لتكرر ايقاع الضرب على زيد بخلاف الاول كما ذكره السكاكى رحمه الله ان قولك زيد عرفت او عرفته بالرفع يفيد تحقيق انك عرفت زيدا* قال قدس سره على معنى انه يجب اه* اى لم يرد به وقوع النسبة حتى يرد ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى من ان هذا الوجوب مختص بالقضية الموجبة بل اريد به النسبة الحكمية اى يجب ان

__________________

(٨) او انتزاعيا نسخه

٢٩٤

يكون الخبر مرتبطا بالمبتدأ بان يتصور حصوله له سواء كانت مرفوعة بان يكون الحكم بالسلب او موضوعة بان يكون الحكم بالايجاب او مشكوكا فيها بان لا يحكم بشئ منهما فيشمل جميع صور الاخبار هذا وقد عرفت فيما حررناه انه يمكن ان يراد به الوقوع الايجابى كما هو المتبادر بناء على ان مفاد الكلام الايجابى المركب من المبتدأ والخبر ذلك* قال قدس سره مما لا ينبغى ان ينازع فيه* قد عرفت مما حرناه انه يمكن النزاع فيه فان الواجب فى الخبر الاسناد واما كونه على وجه الثبوت والاتصاف فكلا سواء فسر الثبوت بالوقوع او بالنسبة الحكمية فانه بكلا المعنيين انما يجب فى القضية الموجبة* قال قدس سره لينسب اليه اه* فيه انه ان اراد ان يكون مدلوله الصريح حالا من احواله فيجب تأويل الجملة الخبرية الواقعة خبرا فى نحو زيد قام ابوه لان قيام الاب ليس حالا من احوال زيد وقد اعترف السيد به فى تعريف الدلالة وان اراد اعم من مدلوله الصريح والضمنى فلا شك ان قولنا زيدا ضربه يدل على كون زيد بحيث يتعلق به طلب الضرب كما ان زيد قام ابوه يدل على كون زيد بحيث قام ابوه على ان مختار الشارح رحمه الله تعالى كما سيجئ فى تعريف الدلالة ان فهم المعنى وان كان صفة للمعنى الا ان فهم المعنى من اللفظ صفة اللفظ ففى زيد اضربه وان كان طلب الضرب صفة للمتكلم لكن طلب ضرب زيد صفة لزيد وحال من احواله* قال قدس سره وبهذا فرق اه* قد عرفت ان لا فرق بينهما الا باعتبار دلالة الثانى على التحقيق دون الاول ولو سلم ان الثانى يقتضى اسناد حال من احواله فالحال اعم من ان يكون صريحا او ضمنا* قال قدس سره ولذلك صرحوااه* هذا لتصريح انما هو فى الجملة الخبرية الواقعة خبرا والشارح رحمه الله معترف بانه لا بد من الثبوت فيها انما النزاع فيما اذا كانت الجملة الانشائية خبرا* قال قدس سره فيستفاد من لفظ اضربه اه* يعنى ان فى زيد اضربه مبالغة ليست فى اضرب زيدا لانه يفيد طلب الضرب مع الاستحقاق له صرح به فى شرح المفتاح وحواشيه وفيه ان استحقاقه قوله اضربه لا يقتضى وقوع ذلك القول حتى يستفاد منه طلب ضربه وحينئذ ظهر ركاكة تقدير مستحق لان يقال فيه اضربه لان مقصود القائل من قوله زيدا ضربه تحقيق طلب ضرب زيد لا افادة كونه مستحقا للقول المذكور* قال قدس سره بعض النحاة* اراد به الشيخ الرضى* قال قدس سره واشار به الى ما نقله الشارح رحمه الله تعالى* من ان وقوع الانشاء خبرا كثير فى كلامهم والتقدير تعسف* قال قدس سره وقد عرفت* ما فيه من انه ليس تعسفا محضا ولا بد من التقدير ليكون الخبر حالا من احوال المبتدأ* قال قدس سره ان انتفاء مانع

٢٩٥

مخصوص* وهو كونه معرفا او مخصصا للمبتدأ* قال قدس سره فقد اوجب التأويل* يعنى انه اوجب التأويل فيهما لمانع غير ما ذكره فى الصفة والصلة فليكن فى الخبر ايضا مانع آخر يوجب التأويل كوجوب كونه حالا من احوال المبتدأ (قوله وليس بثابت للمبتدأ) هذا الكلام يدل على انه حمل الثبوت فى قوله يجب ان يكون ثابتا على الثبوت الذى يلزم الايقاع اعنى الوقوع اذ الثبوت الذى يعتبر بين المبتدأ والخبر اعنى النسبة الحكمية حاصل فى اين زيد وانى لك هذا ومتى القتال وان لم تكن موقعة (قوله بل انتم لامر حبابكم) فى الكشاف ويقال لمن يدعى له مرحبا اى اتيت رحبا من البلاد لا ضيقا ورحبت بلادك رحبا ثم ادخل عليه لا فى الدعاء السوء انتهى فالجملة الدعائية خبر لانتم (قوله وزيد كانه الاسد) اذا اريد انشاء التشبيه او الشك فانه يكون الخبر جملة انشائية بخلاف ما اذا قصد التشببه فانه حينئذ خبرية (قوله ونعم الرجل زيد) فانه جملة لانشاء المدح العام وقع خبر الزيد (قوله ولا يخفى ان تقدير القول فى جميع ذلك تعسف) يشعر لفظ الجميع بان القائل بعدم صحة وقوع الانشاء خبرا يقدر القول فى نحو اين زيد على ما صرح به فى شرح المفتاح حيث قال بل يأباه المعنى فى كثير من المواضع سيما فى باب المدح والذم فيمن يجعل المخصوص مبتدأ وفى الدعاء كقوله تعالى (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) وفى مثل اين زيد ومتى القتال وكيف الحال وقال السيد فى شرحه واما مثل ابن زيد ومتى القتال فليس مما نحن بصدده لان الاستفهام ههنا داخل فى الحقيقة على النسبة بين المبتدأ المذكور والخبر المقدر لا على الخبر وحده انتهى وفصله فى الحاشية بقوله فالمعنى ازيد حصل فى الدار ام فى السوق فلا يتصور تقدير القول اذ لم يقع الانشاء خبرا للمبتدأ وليس المعنى زيدا حصل فى الدار ام فى السوق الا ترى انه اذا قدر باسم الفاعل كان الاستفهام داخلا فى المبتدأ حقيقة ولو لا هذا لما وجب تقديم الكلمة المتضمنة للاستفهام على المبتدأ اعنى زيدا كما فى قوله زيد اين هو وفيه بحث اما اولا فلان هذه الكلمات موضوعة لطلب التصور اى المتصور ومعناه على ما حققه السيد ان الحاصل بعد السؤال تعيين المسند واذا كان كذلك كان الاستفهام استفهاما عن تعيين المسند فالتقدير زيدا حصل فى السوق ام فى الدار لا عن نسبة الحصول الى زيد واما ثانيا فلانا لا نسلم انه لو لا هذا لما وجب تقديم الكلمة المتضمنة للاستفهام على المبتدأ لانه ليس المراد بالغير فى قولهم كل مغير للكلام يجب تصديره ما يغير النسبة بل ما يحدث فى الكلام معنى زائدا على اصله كما فى ضمير الشان ولام الابتداء فان الاول يحدث كونه مفسرا والثانى التأكيد وليسا بمغيرين

٢٩٦

للنسبة (قوله فعلى هذا يختص التقوى الخ) لانه اذا كان مسندا الى غير ضمير المبتدأ لا يصلح لان يسند الى المبتدأ ولا يكتسى الحكم به قوة فان الحكم الاول الحكم على المبتدأ والمستفاد من الضمير الحكم على غيره فما قبل ان تخصيص الضمير بالمسند الى المبتدأ تخصيص بلا قرينة والظاهر العموم وان الظاهر دخوله فى التقوى لانه قال فى فصل اعتبار التقديم والتأخير مع الفعل ونظير قولنا انا عرفت فى اعتبار التقوى زيد عرفت او عرفته الرفع يفيد تحقيق انك عرفته والنصب يفيد انك خصصت زيدا بالعرفان فقوله الرفع يفيد تحقيق انك عرفته يدل على انه يفيد التقوى ليس بشئ لان القرينة كنار على علم وكونه نظيرا لانا عرفت فى افادة التحقيق لا يدل على انه مثله فى افادة التقوى المصطلح وفى قوله ينبغى اشارة الى انه ليس داخلا فى التفسير الذى ذكره السكاكى رحمه الله تعالى للمسند السببى كما مر فى ضابطة الافراد لا الى انه داخل فى التقوى على ما وهم فاورد عليه اشكالان احدهما انه انما يصح ادخاله فى التقوى اذا كان كونه جملة ناشأ من قصد التقوى وليس كذلك لانه لو لم يقصد التقوى وجب كونه جملة لاسناد الفعل فيه الى غير المبتدأ وثانيهما انه اذا كان زيد ضربته داخلا فى التقوى كان زيد ابوه منطلق ايضا داخلا فيه مع انه سببى على تفسيره فلا يصح المقابلة بينهما على انه يمكن ان يقال ان كلمة او فى قوله او لكونه سببيا لمنع الخلو وانما قال ينبغى ليكون ضابطة الافراد والجملة مطردة ومنعكسة (قوله كما سبقت الاشارة اليه) حيث فسر المسند السببى فى ضابطة الافراد بجملة علقت على المبتدأ بعائد الخ وصرح بدخول زيد ضربته فيه (قوله معرى عن العوامل) فى الحال او فى الاصل فيدخل فيه ما دخله النواسخ نحو ان زيدا قام وما زيد قام (قوله فهذا) اى القول بزيد كالتوطئة للاسناد اليه (قوله فاذا قلت قام) اى ما يتحمل ضمير زيد دخل الاسناد دخول المأنوس لان ايراد قام متحملا لضميره حقق ان ذكره كان توطئة وتقدمة اذ لو كان المقصود مجرد الاعلام بقيام زيد كفى قام زيد بخلاف ما اذا لم يكن الخبر متحملا للضمير نحو زيد انسان فانه دل على ان ذكر زيد اولا كان للحكم عليه اذ لا طريق له سواه وابطل كون ذكره توطئة ومقدمة فاندفع اعتراض السيد واما ما قيل فى جوابه ان تعرية المبتدأ عن العوامل ليس الا فى الخبر الفعلى فان التعرية تقتضى تحقق العامل ولم يتحقق فى زيد انسان وزيد قائم ما يصلح للعمل فى زيد حتى يكون تقديمه عليه تعرية له عن العوامل بخلاف زيد قام فان تقديم زيد تعرية عن العوامل ففيه بحث لان التعرية حينئذ انما تعلم بعد ذكر الخبر بانه يصلح عمله فيما تقدم فتقديمه يكون تعرية اولا يصلح فلا يكون تعرية وهذا مناف

٢٩٧

لقوله فاذا قلت زيد فقد اشعرت الخ لانه يدل على ان ذكر المبتدأ فقط تقدمة ولقوله ليس الاعلام بالشئ بغتة مثل الاعلام به بعد التنبيه عليه والتقدمة (قوله هب انه لم يتعرض الخ) ذكر الشارح رح فى شرحه للمفتاح نقضا على ضابطة كونه جملة اربع صور احديها ضمير الشان والثانية صور التخصيص والثالثة جملة اسمية وقعت خبرا وليس فيها فعل او مشتق نحو زيد اخوه عمرو او غلامك فانه ليس مفيدا للتقوى ولا سببيا عند السكاكى رح لما عرفت من تفسيره والرابعة زيد ضربته والمصنف رح لما لم يفسر السببى امكن ادخال الثالثة والرابعة فى السببى بان يفسره بالتفسير الذى ذكره الشارح رح فيما سبق والصورة الاولى لكونه مشهورا واحدا متعينا كانه مذكور بقى الصورة الثانية فاورد النقض بها ههنا واجاب عنه وهذا الجواب لا يتم من قبل السكاكى رحمه الله تعالى لانه قال واما الحالة المقتضية لكونه جملة فهى اذا اريد تقوى الحكم اذ لا يراد التقوى فى صورة التخصيص (قوله هو داخل فى التقوى) لان معنى قوله فللتقوى فلاشتماله على التقوى واللام للسببية لا للغرض بدليل ان المعلل كونه جملة لا ايراده جملة والاشتمال على التقوى بالمعنى المصطلح اعنى تقوية الحكم بنفس التركيب لا بتكرر المسند ولا بالمؤكدات حاصل فى جميع صور التخصيص ضرورة تكرر الاسناد فيها وما قاله المصنف رحمه الله تعالى سابقا من ان رجل جاءنى للتخصيص فقط معناه انه يستعمل للتخصيص ولا يستعمل للتقوى لا انه لا يشتمل عليه ولا يفيده (قوله واعتبارهما) اى التقديم والتأخير بين زيد وعرف بان يكون الاصل عرف زيد على ان زيد بدل عن الضمير المستتر فيكون فاعلا معنى كما مر فى تقديم المسند اليه (قوله كيف لا) اى كيف لا يكون صور التخصيص داخلة فى التقوى وقد ذكر ان كل تخصيص تأكيد على تأكيد لانه لاشتماله على الحكم على المقصور عليه كان تأكيد الاصل الحكم المسلم عند السامع ولاشتماله على نفيه عما عدا المقصور عليه المستلزم لثبوته للمقصور عليه كان تأكيد اللحكم الثبوتى المستفاد من الكلام صريحا واذا كان كل تخصيص تأكيدا على تأكيد فاذا استفيد ذلك من نفس التركيب كما فى صورة التخصيص كان تقويا مصطلحا فتدبر فانه مما خفى على الناظرين (قوله وبهذا ظهر فساد الخ) لان اللازم من قوله وبعد تسليم العرفان لا حاجة الى التأكيد والبيان ان لا يكون مرادا لا ان لا يكون مفادا على ان عدم الحاجة بالنظر الى السامع لا يستلزم عدم الحاجة مطلقا لجواز تحققها باعتبار آخر ككون الحكم نصب العين وترتب الاحكام على ثبوته والتعريض بغباوة من انكره (قوله مع تصريحه بان المسند الخ) اى لم يذهب الى ما قاله بعض من ان انا

٢٩٨

تأكيد مقدم والمسند مفرد (قوله واسميتها الخ) اى المقتضى لا يراد الجملة مطلقا اما التقوى او كونه سببيا والمقتضى لخصوص كونها اسمية افادة الثبوت ولكونها فعلية افادة التجدد ولكونها شرطية افادة التقييد بالشرط (قوله لان اصل الخ) لكونه حدثا فلا بد له من الفاعل والمفعول والزمان والمكان (٧) والعلة (قوله ثبت تعلقها بالفعل قطعا) وان كان لخصوصية المقام من وقوعه صلة او جزاء بخلاف تعلقها باسم الفاعل فانه لم يثبت فى موضع اصلا (قوله والذى جاءنى فله درهم) اى حصل له درهم لان الجزاء لا يكون الا جملة تبع فى ذلك ظاهر عبارة الكشاف حيث قال فى تفسير قوله تعالى فيه ظلمات فان قلت بم ارتفع ظلمات قلت بالظرف على الاتفاق لاعتماده على الموصوف فانه يفهم من ظاهره ان تعين جهة الرفع اعنى الفاعلية متفق عليه لكن مراده ان رفعه بالفاعلية حينئذ لا خلاف فيه لا ان جهة الرفع لا خلاف فيه اذ لا مانع من كونه مبتدأ مقدم الخبر ولذا لم يوجد فى بعض النسخ وخط عليه فى بعض فى الرضى قال ابو على وادعى بعضهم انه مجمع عليه ان الظرف اذا اعتمد على موصوف او موصول او ذى حال او حرف استفهام او حرف نفى فانه يجوز ان يرفع الظاهر لتقويته بالاعتماد (قوله لان الاصل فى الخبر الخ) فى الرضى لمانع ان يمنع ذلك لتضمن الجملة الحكم المطلوب من الخبر كالمفرد (قوله لاصالة المفرد الخ) فيه ان اصالته فى الاعراب لا يقتضى اصالته فى الخبرية على ان اصالته فى الاعراب انما يتم ذلك لو كان الاصل فى الاعراب اللفظى (قوله ولم يحذف الخ) لانه يؤكد نحو فؤادى عندك الدهرا جمع ويعطف عليه نحو عليك ورحمة الله السّلام ويقع ذا حال نحو ففى الجنة خالدين فيها وقال السيرافى حذف مع الفعل فالخبر عنده هو الفعل المحذوف كذا فى الرضى (قوله لكنه لو قصد الخ) اثبت القصد اولا بالنظر الى تغيير الجملة الى الفعل وتفاه ثانيا نظرا الى عدم القول المذكور فلا منافاة بين اثبات القصد ونفيه على ما وهم (قوله لان معنى اه) ليس هذا معناه اللغوى لان التقدير المعتدى بالباء معناه التسوية يقال قدرت الشئ بالشئ اذا قسته به كما فى القاموس بل يؤل اليه كتفسيره بمأولة بالجملة فانه اذا كان بعد تقدير الفعل مساويا بالجملة كان فى التقدير جملة ومؤولة به وقيل التقدير بمعنى الفرض والباء زائدة اى مفروض جملة او للملابسة اى مفروض ملتبسا بالجملة (٨) تلبس الجزء بالكل (قوله لا معنى لعبارة المصنف رحمه الله تعالى) اذ لا يجعل الجملة الظرفية فى التقدير فعلا (قوله ان حملت على ظاهرها) بان يراد بضمير هى الجملة الظرفية بخلاف ما اذا اريد منه الظرف فانه يندفع هذا الفساد (قوله فكان ينبغى الخ) اى لدفع هذا

__________________

(٧) والآلة نسخة

(٨) تلبس الجزئى بالكلى نسخة

٢٩٩

الفساد واما الفساد الاول فغير مندفع اذ لا معنى لقولنا يجعل الظرف فى التقدير فعلا (قوله على ما مر فى ضمير الفصل) من ان الباء داخلة على المقصور وهو الاستعمال العربى الشائع (قوله ان عدم الغول الخ) اعتبر الاتصاف او متابعة لصاحب المفتاح فى قوله تعالى (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) ليظهر كونه من قصر الموصوف على الصفة ثم عطف الحصول عليه اشارة الى ان المقدر هو الفعل العام لا الاتصاف اذ لا قرينة عليه واعتبر القصر بالنسبة الى الاتصاف والحصول لانه المقصود من القصر على المتصف والحاصل ومعنى الاتصاف بفى خمور الجنة الاتصاف بظرفية خمور الجنة لها فلا حاجة الى ان يقال معناه على الاتصاف بكونها فى خمور الجنة مع ابهامه ان القصر على الاتصاف بالحصول لا على نفس الحصول ثم اعلم ان كلمة لا ههنا لنفى الجنس ولوقوع الفصل بينه وبين الاسم بالخبر وجب الرفع والتكرير فالقضية سالبة ومقصود الشارح رحمه الله تعالى من اعتبار السلب فى جانب الموضوع والمحمول ان النفى متوجه الى الحكم فالنفى مقيد بالقصر وليس متوجها الى القيد حتى يكون لنفى القصر وهذا كما اعتبر فيما سيجئ من قوله بناء على اختصاص عدم الريب بالقرأن لا ان القضية معدولة حتى يرد عليه ان لا التبرئة موضوعة لنفى الخبر عن المبتدأ لا لنفى احدهما فى نفسه وان كلمة لا اذا كانت جزأ من الموضوع لا يصح الفصل بينهما بقوله فيها وانه قد صرح فى بحث المساواة بان تقديم الخبر فى مثل فى الدار رجل لا يفيد الاختصاص لكونه مصححا لوقوع النكرة مبتدأ ولا شك انه اذا كان قوله تعالى (لا فِيها غَوْلٌ) معدولة كان تقديم الخبر فيه مصححا فلا يكون مفيدا للاختصاص بخلاف ما ذا كان سالبة فان المصحح حينئذ وقوعه فى سياق النفى والتقديم للاختصاص وبما حررنا ظهر اندفاع ما ذكره السيد لان القضية سالبة والمقصود قصر نفى الغول على الكول فى خمور الجنة فالغو مسلم الثبوت والنزاع فى محله فالمخاطب يعتقد محلية خمور الجنة له والمتكلم ينفيه وكونه مستلزما للمعدولة لا ينافى ذلك فان السالبة والمعدولة متلازمتان عند وجود الموضوع الا انه فرق بينهما فى الاستعمال فيستعمل لا فيها غول اذا كان النزاع فى محلية الغول وفيها لا غول اذا كان النزاع فى محلية عدم القول كما فى ما انا قلت وانا ما قلت فلا يبطل الفرق الذى بينه الشارح رحمه الله فيما مر (قوله وبهذا يظهر الخ) لان القصر اضافى لا حقيقى حتى يرد عليه ما ذكره (قوله ليس على معنى الخ) لان الخطاب فى لكم لكفار مخصوصين ودينهم يتجاوز الى ما سواهم من الكفار وكذا دين النبى عليه السّلام يتجاوز عنه الى المؤمنين

٣٠٠