حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

(قوله فلينظر الى ما فى هذا الكلام الخ) وعندى انه لا خبط فيه ولا خروج اما عدم الخبط فلانه قال فى شرحه فى بيان مقتضيات تقديم المسند او ان يكون المراد تخصيصه اى تخصيص المسند بالمسند اليه لا قصره عليه على ما قيل كقوله تعالى (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) وان المعنى ان حصول دينكم لكم دون غيركم بخلاف ما لو قيل دينكم لكم لدلالته على حصول الدين لهم لا على الاختصاص بهم كما يدل عليه التقديم وذلك لان المتكلم اذا ذكر المبتدأ عقيب الخبر علم المخاطب انه لم يرد عطف شئ على الخبر لفصل المبتدأ بينهما ولهذا يجوز ان يقال دينكم لكم ولغيركم ولا يجوز ان يقال لكم دينكم ولغيركم فلهذا يفيد القصر لانه لا يستقيم اذ ليس المعنى على ان دينكم لا يتجاوز عنكم الى غيركم ولا ان دينى لا يتجاوز عنى الى غيرى فانه فاسد لوجود التجاوز عنكم الى غيركم بل على اختصاصه به على معنى ان المختص بكم دينكم لا دينى والمختص بى دينى لا دينكم كما فى المثالين الاخيرين اذ المعنى فى الاول ان المختص بزيد القيام دون القعود وفى الثانى المختص بى التميمية دون القيسية لا ان غير زيد لا يكون قائما وغيرى لا يكون تميميا فاعرفه فانه الصحيح لا ما قيل انتهى فاراد بقوله انه لا يستقيم عدم استقامة قصر المسند اليه على المسند قصرا حقيقيا كما زعم صاحب القيل حيث قال ان حصول دينكم لكم لا لغيركم لا عدم استقامة القصر الاضافى فاندفع الوجه الاول للخبط واراد بقوله بل على اختصاصه به اختصاص المسند بالمسند اليه مطلقا سواء كان اختصاص المسند من سائر المسندات بالمسند اليه فيكون لقصر المسند على المسند اليه لعدم تجاوز المسند اليه عنه الى سائر المسندات او اختصاص المسند بالمسند اليه من بين سائر ما يسند اليها فيكون لقصر المسند اليه على المسند لعدم تجاوز المسند عنه فالاول كما فى لكم دينكم ولى دين اى الحصول لكم مختص بدينكم لا يتجاوز الى دينى والحصول لى مختص بدينى لا يتجاوز الى دينكم وهذا معنى قوله ان المختص بكم دينكم لا دينى اى ليس حاصلا لكم دينى فنفى الاختصاص بنفى الحصول كما يفيده تقديم الخبر لا الحصول مع الاشتراك كما قاله السيد فانه لا يقوله عاقل فضلا عن علامة فاندفع الوجه الثانى وانما لم يحمله على قصر المسند اليه على المسند قصرا اضافيا كما ذهب اليه الشارح رحمه الله تعالى لعدم موافقته لسياق الآية اعنى قوله تعالى (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) فانه نفى فيه كون النبى صلّى الله عليه وسلّم على دينهم وكونهم على دينه فالمناسب له كونهم مقصورين على دينهم وكونه عليه السّلام مقصورا على دينه لا قصر دينهم عليهم وقصر دينه عليه ولذا قال القاضى فى تفسيره لكم دينكم لا تتركونه ولى دين لا ارفضه والثانى

٣٠١

اعنى اختصاص المسند بالمسند اليه من بين سائر ما يسند اليها كما فى المثالين الاخيرين اعنى قائم زيد وتميمى انا فانه لقصر المسند اليه على المسند فيكون مآل المعنى ان المختص بزيد القيام دون القعود والتميمية مختصة بى دون القيية فخلاصة كلامه ان تقديم المسند على المسند اليه يكون تارة لقصر المسند على المسند اليه وتارة لقصر المسند اليه على المسند فاندفع الوجه الثالث للخبط واما عدم الخروج عن القانون فلان الشارح رحمه الله قال فى شرح الكشاف فى تفسير قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) ان قول الكشاف والمعنى ان احد الا ينفعه كسب غيره يشعر بان فى لها ما كسبت ولكم ما كسبتم قصر المسند على المسند اليه اى لها كسبها لا كسب غيرها ولكم كسبكم لا كسب غيركم وهذا كما قيل فى لكم دينكم اى لا دينى ولى دين اى لا دينكم وقال فيه ايضا فى تفسير قوله تعالى (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) اى لنا اعمالنا لا اعمالكم وبالعكس او لنا اعمالنا لا لكم وبالعكس انتهى وبما حررنا ظهر لك ان مراد العلامة من الاختصاص فى قوله ان المختص بكم دينكم لا دينى الاختصاص المستفاد من تقديم الخبر لا الاختصاص المدلول عليه باللام فيكون مؤدى كلامه قصر الاختصاص بلكم على دينكم على ما زعمه بعض الناظرين فقال حمل العلامة اللام على الاختصاص فصار معنى لكم دينكم المختص بكم دينكم ومعنى ولى دين المختص بى دينى وجعل تقديم المسند لقصره على المسند اليه (قوله ولم يقل لا فيه ريب) وجود المانع المعنوى من تقديم الخبر لا ينافى وجود المانع اللفظى وهو عدم التكرير وكذا كون الاصل تقديم الاسم على الخبر ولذا قال فى الكشاف ولو قدم لافادآه بكلمة لو الدلالة على فرض التقديم فتدبر فانه خفى على بعض الناظرين حتى قال قصد بلا ريب فيه القراءة الغير المشهورة من رفع الريب يجعل لا بمعنى ليس ثم اعترض عليه بان صاحب الكشاف بنى الامر على القراءة المشهورة (قوله والمعتبر الخ) اشارة الى دفع ما يتوهم من انه اذا كان القصر اضافيا فليكن بالنسبة الى كتب السحر والشعوذة وحاصل الدفع ان تخصيص هذا الكتاب من بين كتب الله تعالى يجعل النفس مبادرة الى سائر الكتب فانها المعتبرة فى مقابلة القرأن (قوله اجل من الدهر) اى الزمان فانه يتعلق بما فيه وهمته يتعلق بالدهر مع ما فيه وليس المعنى اجل من ان يسعه الدهر كما قيل فانه حينئذ يكون اجل مستعملا بدون احد الامور الثلثة ويحتاج الى تضمين معنى التباعد مع فوت المبالغة فى المدح (قوله فانه لو اخر الخ) بان يقال همم له لتوهم انه صفة له توهما قويا لاستدعاء النكرة فى مقام الابتداء التخصيص وصلاحية الظرف لذلك ويكون لا منتهى لكبارها خبر اله او صفة بعد صفة والخبر محذوف وكلاهما خلاف المقصود

٣٠٢

اذ المقصود اثبات الهمم الموصوفة له صلّى الله عليه وسلّم لا اثبات الصفة المذكورة لهممه او اثبات امر آخر للهمم الموصوفة فانه حينئذ يكون الكلام مسوفا لمدح هممه صلّى الله عليه وسلّم لا لمدحه صلّى الله عليه وسلّم ولا يصح ان يكون التقديم ههنا للحصر اذ ليس المقصود قصر الهمم الموصوفة عليه وان كان مستقيما بل اثباتها له كما يقتضيه السوق (قوله لجواز ان يكون قائم مبتدأ من القسم الاول منه) قال الشيخ ابن الحاجب فى شرح المنظومة ان المقدم اذا كان ظرفا تعين للخبرية بخلاف قائم رجل فانه لا يتعين للخبرية عند قولك قائم لجواز ان يقول القائل قائم فى الدار فيكون مبتدأ انتهى ولعله لانه فى معنى ذات موصوفة بالقيام فيكون النكرة مخصصة فى المعنى او لان التنوين للتمكن لا للتنكير بان يكون المراد منه الذات المعينة ولا يخفى ان ما ذكره الشيخ لا يحتاج الى اعتبار رجل بدلا حيث اعتبر احتماله للابتداء عند ذكره قبل ذكر رجل بخلاف فى الدار ومن القسم الثانى منه عند الاخفش والكوفيين فانهم لا يشترطون وقوعه بعد النفى او الاستفهام (قوله ان التخصيص الخ) هذا انما يرد لو كان عليه متعلقا بالحكم واما اذا كان متعلقا بتقديم الحكم ويكون المراد بالحكم المحكوم به فلانه يكون التخصيص بتقديم المحكوم به المشعر بان ما بعده ما يصلح ان يكون محكوما عليه فكانه حكم على شئ معلوم قبل ذكره اجمالا لصحة الحكم عليه (قوله فلان الاهمية الخ) هذا اذا اريد بالاهمية كثرة العناية به واما اذا اريد بها كونها نصب العين عند المتكلم فهى نكتة برأسها كما لا يخفى (قوله يفتر الخ) فى تاج البيهقى الافترار دندان برهنه كردن وفى الاساس افترت عن ثغر كالبرد فمعنى يفتر عن كذا يظهره والخبط السير فى الليل من غير هدى كما فى القاموس وفى الاساس وبات يخبط الظلماء وما ادرى اى خابط الليل هو وخابط الليل وخابط عشوة للجاهل فالخبط بمعنى الجهل يعنى لا يفهم من كلامه معناه حق الفهم فلذا تركه فلا يرد ما قيل ان خلل البيان لا يوجب ترك المقصود ولا يقتضى الا تبديله بالبيان المحمود واراد بالخبط عدم ظهور دلالته على مقصوده وبالاشكال الاشكالين المذكورين وبالاختلال ما اشار اليه بقوله بقى اعتراض صعب (قوله او ان يكون المراد الخ) اى اذا اريد بالجملة افادة التجدد جعل مسندها فعلا لانه الموضوع لافادته وقدم البتة على المسند اليه الذى هو فاعله فكما ان افادة التجدد تقتضى كون المسند المفرد فعلا على ما مر كذلك تقتضى كونه مقدما على المسند اليه وكيف لا وكونه فعلا يستلزم تقديمه على فاعله كذا فى شرح المفتاح الشربفى وفيه ان التقديم لا مدخل له فى افادة التجدد بل هو لازم لكونه

٣٠٣

فعلا كما اعترف به فلا يصح جعله مقتضى افادة التجدد ولعله هذا وجه ترك المصنف رحمه الله وقال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح هذا تكرير لما سبق من ان قصد التخصيص باحد الازمنة وافادة التجدد يقتضى كون المسند المفرد فعلا فاضاف افادة التجدد تارة الى جعل المسند فعلا وتارة الى تقديمه ولا يخفى ان مآله الى ان اضافة التجدد الى التقديم بطريق التوسع لكونه مقتضى الفعلية التى تقتضى افادة التجدد وفيه تعسف (قوله وهل هذا الا تناقض) منشأ التناقض ان المقرر عند القوم ان فى نحو انا عرفت اسنادين اسنادا فى الجملة الصغرى وهو اسناد الفعل الى الفاعل واسنادا فى الجملة الكبرى وهو اسناد الجملة الصغرى الى المبتدأ ففى بحث التقديم جعل الاسناد الى الضمير وهو الاسناد الى الفاعل متقدما على الاسناد بتوسط الضمير الى المبتدأ وهو اسناد الجملة اليه وفى بحث التقوى جعل الاسناد الى المبتدأ وهو اسناد الجملة اليه متقدما على الاسناد الى الضمير الذى هو الفاعل واما قوله صرفه ذلك الضمير آه فانما يدل على كون الاسناد الى الضمير مقتضيا للصرف وليس فيه دلالة على انه اسناد آخر فتدبر فاندفع ما قيل ان كلام السكاكى رحمه الله صريح فى الاسانيد الثلاثة فالصواب ان يقال انه يستلزم القول بالاسانيد الثلاثة ويترك لزوم التناقض (قوله وامتناع اسناد الفعل الخ) اشارة الى اندفاع ما يقال من ان الصالح لكونه خبرا عن المبتدأ هو الجملة المركبة من الفعل والفاعل لا الفعل وحده ولا شك ان صرف المبتدأ هذه الجملة متأخر عن اسناد الفعل الى الضمير وعما هو لازم له اعنى اسناد الفعل الى الجملة بتوسط عود الضمير كذا نقل عن الشارح رحمه الله (قوله ممنوع) الا ان يرى ان العرب القبح يفهم من زيد عرف ثبوت العرفان لزيد مع عدم شعوره بالضمير المستتر فان ذلك امر اعتبره النحويون حفظا لقاعدتهم ان الفاعل لا يتقدم على الفعل (قوله ولا شك ان ضمير الفاعل الخ) فيه بحث لان كون ضمير الفاعل لا يتقدم ولا يكون الا بعد الفعل لا يفيد كون الفعل صالحا للنسبة الى ما قبله قبل تحقق الفاعل فان المعنى المطابقى للفعل غير مسقتل بالمفهومية قبل ذكر الفاعل لان النسبة الى الفاعل المعين مأخوذة فى مفهومه واذا لم يكن مستقلا بالمفهومية قبل ذكر الفاعل تتوقف صلاحيته للنسبة الى ما قبله على ذكر الفاعل فتدبر (قوله وكلامه فى بحث تقوى الخ) ولم يتعرض ههنا لاسناد الفعل الى الضمير لانه لا دخل له فى افادة التقوى كما انه لم يتعرض للاسناد الى المبتدأ ابتداء فى بحث التقديم اذ لا دخل له فى الاحتراز بقوله فى الدرجة الاولى (قوله فالمدعى الخ) هذا من كلام الشيخ المجيب يدل عليه قوله هذا خلاصة ما اورده بعض مشايخنا فى شرح المفتاح وقوله

٣٠٤

لم يستلزم كلامه التناقض ولا يقتضى الاسانيد الثلاثة على الوجه المستبعد المستبدع كما زعم والمعنى فما يصح ان يدعى ههنا ويورد على السكاكى رحمه الله تعالى ان احد الامرين لازم (قوله ان كان عبارة الخ) بان يقال معناه صرف ذلك الضمير بسبب الاسناد اليه للمسند الى المبتدأ ثانيا من غير ان يقال بالاسناد اليه بذلك الصرف وهو الظاهر من العبارة كما مر (قوله وان كان غيره) بان يكون معناه صرفه ذلك الضمير الى المبتدأ واسنده اليه (قوله كانت هذه الامثلة الخ) يعنى ان المسند فى هذه الامثلة فعل ومقدم على ما يسند اليه مع انها ليست مفيدة للتجدد فاخرجها بقوله فى الدرجة الاولى لان المسند اليه فيها فى الدرجة الاولى هو المبتدأ ولم يتقدم المسند عليه بخلاف عرف زيد فان المسند اليه فى الدرجة الاولى هو الفاعل والمسند مقدم عليه واذا تحققت طريقة الخروج اندفع اعتراض السيد من منع الملازمة المستفادة من قوله لما كان اول الاسانيد الى قوله كانت خارجة بقوله فى الدرجة الاولى بانه اذا كان الاسناد الاول فى هذه الامثلة اسناد الفعل الى المبتدأ كان هذا الاسناد فى الدرجة الاولى فكيف يتصور خروج هذه الامثلة به ثم العجب انه قال بل يجب ان تكون داخلة فيه واردة نقضا على ما ذكره من القاعدة القائلة ان الفعل يقدم البتة على ما اسند اليه فى الدرجة الاولى لان القاعدة انه اذا اريد افادة التجدد يقدم المسند على ما يسند اليه فى الدرجة الاولى وفى هذه الامثلة لم يقصد افادة التجد فلذا لم يقدم المسند فيها (قوله لكن بقى ههنا اعتراض صعب الخ) يمكن ان يدفع بان معنى كلامه ان فى الدرجة الاولى احتراز عن دخول هذه الامثلة باعتبار الاسناد الى المبتدأ بناء على افادتها للثبوت بهذا الاسناد وعن خروجها باعتبار الاسناد الثالث لافادتها التجدد بهذا الاسناد اما الاول فلان المسند فيها وان وجب تقديمه على ما يسند اليه فى الجملة اعنى الفاعل لكن لا يجب تقديمه على ما يسند اليه فى الدرجة الاولى اعنى المبتدأ وانما لم يبين كونه فى الدرجة الاولى ههنا لان بيانه فى بحث التقوى اهم لانه بصدد اثباته وبعد ملاحظة كونه فى الدرجة الاولى خروجها ظاهر واما الثانى فلانها باعتبار هذا الاسناد مفيدة للتجدد ولا يقدم البتة على ما يسند اليه اذ لا يجوز تأخير المبتدأ فيها فلما قيد بقوله فى الدرجة الاولى دخلت لوجوب التقديم على ما يسند اليه فى الدرجة الاولى اعنى الفاعل ولاجل ان الاحتراز اعم من الاحتراز عن خروجها ودخولها لم يقيده بشئ منهما واما بيان ان الجملة الواحدة كيف تفيد الثبوت والتجدد معا فسيجئ بيانه فى جواب الاعتراض الاول فالتعليل المذكور تعليل لدخول الامثلة المذكورة باعتبار الاسناد الثالث وتعليل خروجها باعتبار

٣٠٥

الاسناد الاول متروك لظهوره بعد ملاحظة كونه فى الدرجة الاولى (قوله هذا خلاصة الخ) اى ما ذكر من الاشكالين والجوابين والاعتراض الصعب قال الشارح رحمه الله تعالى فى الحاشية المراد ببعض مشايخنا ناصر الدين الترمذى (قوله وحينئذ لا تناقض) لان المذكور فى بحث التقوى تقديم القسم الثانى على الضرب الثانى والمذكور فى بحث التقديم تقديم الضرب الاول على الضرب الثانى (قوله يتحقق ثلاثة اسانيد) لا يخفى ان فى جعله الاسناد قسمين وجعل اسناد الفعل الى الفاعل ضربين اشارة الى ان فى هذه الامثلة اسنادين اسنادا يقتضيه المبتدأ واسنادا يقتضيه الفاعل الا ان للاسناد الى الفاعل اعتبارين اعتبار انه الى الضمير واعتبار انه الى المرجع من حيث ان الضمير عبارة عنه فلا يكون تسليما للاسانيد الثلاثة (قوله فلابد من بيان جهة تقدمه الخ) جهة التقدم ظاهرة لان الجملة تحصل باعتبار الضمير فيها ولو مبهما والاسناد الى المبتدأ بواسطة الضمير انما يحصل بعد رجوعه الى المبتدأ المتأخر عن وقوعها خبرا ومنع صلاحية الجملة للخبرية قبل رجوعه الى المبتدأ بناء على انه لا بد فى الجملة الواقعة خبرا من عائد والضمير انما يصير عائدا بعد رجوعه الى المبتدأ مدفوع بان الواجب الربط حال الخبرية لاقبها فالاسناد الى الضمير نفسه مع قطع النظر عن المرجع متقدم على اسناد الجملة واسناد الجملة متقدم على الاسناد الحاصل الى المبتدأ بعد وقوعها خبرا واما ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى فى بيان جهة التقديم فسيجئ فعلى هذا لاخفأ فى صحة كلام ذلك الفاضل الا انه ما اوضحه حق الايضاح والله الملهم للصواب (قوله ولم يره ولا طيف خيال) عطف على الضمير المنصوب فى لم يره فى القاموس الطيف الخيال الطائف فى المنام او مجيئه فى النوم طاف الخيال يطيف طيفا ومطافا ويطوف طوفا وانما قيل لطائف الخيال طيف لان اصله طيف كميت وميت (قوله تلافيا لما كان عند المناظرة الخ) اى من الشيخ الشارح على الفاضل مفعول له لقوله تم بالغ او كتب وقوله وكتب تحته جملة معترضة ويؤيده انه لم يوجد فى اكثر النسخ ويجوز ان يكون مفعولا له لكتب والتلافى التدارك والتشفى طلب الشفاء والضمير فى غليه الفاضل (قوله لفظ المفتاح صريح) اى صرح بالاول فى الحالة المقتضية لكون الجملة فعلية وصرح بالثانى والثالث فى الحالة المقتضية لذكر المسند (قوله مما لا يخفى بطلانه) اذ لا مزية لقولنا زيد انطلق على قولنا انطلق زيد الا بالتقوى والحكم فى الصورتين انما هو بصدور الانطلاق فى الزمان الماضى وليس ههنا حكمان احدهما بالثبوت والآخر بالتجدد ولهذا جزم صاحب المفتاح بامثال هذه

٣٠٦

لافادة التجدد من غير تعرض للدوام والثبوت كذا نقل عن الشارح رحمه الله تعالى وفيه بحث لان زيد انطلق جملتان الجملة الكبرى باعتبار اسنادها تدل على ثبوت الانطلاق من غير دلالة على التقييد بالزمان لكونه اسناد الخبر الى المبتدأ والمبتدأ انما يستدعى ثبوت شئ له سواء كان له اقتران بالزمان او لا والجملة الصغرى باعتبار اسنادها تدل على ثبوت الانطلاق فى الزمان الماضى لكونه اسناد الفعل الى الفاعل ولا تنافى بين الثبوت بمعنى الاتصاف مطلقا والتجدد بمعنى التقييد بالزمان انما ينافيه الثبوت بمعنى الدوام فقوله وليس ههنا حكمان الخ ان اراد به انه ليس ههنا حكمان فى الواقع فمسلم ولا يضرنا وان اراد انه ليس ههنا حكمان من حيث الاستفادة من اللفظ فممنوع وعدم تعرض السكاكى رحمه الله لافادة الثبوت بناء على انه فى بيان الحالة المقتضية لكون الجملة فعلية والدلالة على الثبوت لكونها اسمية وبما ذكرنا ظهر عدم صحة التعليل الذى ذكره السيد فى شرح المفتاح من ان الضمير والمرجع شئ واحد فكيف يتصور ثبوت المسند وتجدده معا اذ لا تنافى بينهما فيجوز ان يكون الثبوت باعتبار اسناد والتجدد باعتبار اسناد آخر نعم لا يتصور اجتماعهما فى الواقع لوحدة الحكم فيه (قوله ظاهر فى ان المراد الخ) فيه انه لا دلالة لكلامه على الحصر وانه ان اراد حصر المراد مطلقا فممنوع كيف وعبارته فى بحث التقوى تدل على كون الاسناد الى المبتدأ فى الدرجة الاولى وان اراد حصر المراد ههنا اعنى فى بحث التقديم فمسلم ولا يضرنا (قوله ان حمل قوله الخ) هذا انما يرد لو اريد بالاسناد مصطلح النحاة واما اذا اريد به النسبة المعنوية فلا لان النسبة المعنوية انما هى لمجرد الفعل اعنى الحدث لا مع الفاعل والمراد بالتضائف المعنى المصطلح فان بين المبتدأ والخبر تضايفا مشهوريا (قوله انه ان اراد بالاستاد الخ) نختار الشق الاول ونقول انها وان كانت واحدة بحسب الواقع لكنها ثلثة بحسب الفهم من اللفظ فانها تضهم اولا من اسناد الخبر الى المبتدأ وثانيا من اسناد الفعل الى الضمير وثالثا من عود الضمير الى المبتدأ (قوله انه ان اراد الخ) نختار الشق الثانى والاقتصار على الثلاثة لانه اراد بالاسناد النسبة المعنوية ولا نسبة معنوية للمجوع الى المبتدأ وانما اصطلح النحاة على كون المجموع خبر الانهم يبحثون عن احوال اللفظ من حيث الاعراب والبناء والاعراب المخلى والبناء انما هو للمجموع (قوله لان هذا الاسناد مما يقتضيه الخ) يعنى ان المقتضى للاسناد وهو المبتدائية متحقق والمانع مرتفع فيجب ان يتحقق الاسناد اما الاول فظاهر واما الثانى فلانه بعد تحقق الخبر اعنى الجملة لا يتوقف الاسناد على شئ آخر حتى يكون انتفاؤه

٣٠٧

موجبا لعدم تحققه ولا شك فى تحقق الجملة اعنى الفعل مع اسناده الى الضمير العائد الى المبتدأ فيتحقق اسناد الجملة الى المبتدأ بخلاف الاعتبار الثانى اعنى اسناد الفعل الى المرجع فانه انما يتحقق بعد اعتبار التضمن والعود ونفس التضمن والعود وان كان مقدما على اسناد الجملة لكن اعتبارهما متأخر عنه لان التضمن وعدمه وصف لذات الخبر اعنى الجملة والوصف متأخر بالذات عن الموصوف فيكون اعتباره من حيث انه وصف له متأخرا عن ذاته واذا كان هذا الاعتبار متأخرا عن ذاته كان متأخرا عن اسناد الجملة ايضا لما مر انه بعد تحقق الجملة لا يتوقف على شئ آخر فهو مع ذات الجملة المتقدمة على هذا الاعتبار فهذا الاعتبار متأخر عن اسناد الجملة وهو المطلوب وفى كلامه اشارة الى السؤال والجواب اللذين ذكرهما فى شرح المفتاح بقوله فان قلت اسناد الخبر الذى هو الجملة الى المبتدأ متأخر عن اسناد الفعل الى الضمير وعما يقارنه فى الوجود ويغايره بحسب الاعتبار اعنى الاسناد الى المبتدأ بواسطة الضمير فما معنى قوله ثم اذا كان متضمنا للضمير بلفظ ثم قلت معناه تأخر هذا الاعتبار وملاحظة هذا المعنى عن اسناد الخبر الى المبتدأ سواء كان متضمنا للضمير او لم يكن فان ملاحظة تفصيل الشئ يكون بعد ملاحظته على الاطلاق انتهى ولا يخفى انه يستفاد منه ان تكرر الاسناد الموجب للتقوى موقوف على اعتبار التضمن والعود مع ان نحو زيد عرف مشتمل على تكرر الاسناد والموقوف على الملاحظة استفادته الا ان يراد اعتبار المتكلم فان المزايا والخصوصيات انما تراعى فى الكلام على حسب اعتبار المتكلم* قال قدس سره ليحصل مجموع صالح للخبرية* قيل ان اريد ان هذا المجموع بخصوصه صالح لهذا المبتدأ نفسه فلا نسلم ان اعتبار كون الضمير عائدا الى هذا المبتدأ متأخر عن اسناد هذا المجموع بخصوصه الى هذا المبتدأ لان هذا المجموع لا يصلح لكونه خبرا لهذا المبتدأ الا بعد اعتبار كون الضمير عائدا الى المبتدأ وهو ظاهر وان اريد ان ذلك صالح للخبرية مطلقا فهو مقدم على اسناد الفعل الى الضمير باعتباريه والجواب باختيار الشق الاول وصلاحيته للخبرية لهذا المبتدأ انما يتوقف على كونه متضمنا للضمير العائد لا على اعتبار التضمن والعود كما مر وقال السيد فى شرحه للمفتاح ان اسناد الجملة مقدم على اسناد الفعل الى الضمير باعتبار به لان المقتضى لهذا الاسناد هو المبتدأ المتقدم مع مطلق صلاحية ما يذكر بعده وملاحظة هذا المطلق متقدمة على اعتبار اشتماله على الضمير وعوده الى المبتدأ الا انه اشار الى تقدمه على الاعتبار الثانى من الاسناد الاول حيث قال ثم اذا كان متضمنا لضميره صرفه

٣٠٨

ذلك الضمير الى المبتدأ ثانيا وانما اقتصر ههنا على ذكر اعتباره الثانى لانه داخل فى سبب التقوى واما اعتباره الاول فهو وسيلة الى ما هو داخل فيه وهذا القول هو الصواب انتهى ولا يخفى ان القول بكفاية مطلق الصلاحية فى حصول اسناد الجملة الى ما قبله محل تأمل واعلم انه ظهر لك مما تقدم ان لعبارة المفتاح توجيهات اربعة احدها ما ذكره الشيخ الشارح ومبناه حمل الاسناد على النسبة المعنوية والقول بتعدد الاسانيد الثلثة بالاعتبار وثانيها ما ذكره بعض الفضلاء ومبناه حمل الاسناد على المصطلح والقول بالاسانيد المتغايرين بالذات وان لاسناد الفعل الى الضمير اعتبارين والاعتبار الاول متقدم على اسناد الجملة المتقدم على اعتبار الثانى وثالثها ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى وهو بعينه ما ذكره بعض الفضلاء والفرق بينهما ان الشارح رحمه الله تعالى اعتبر تأخر الاعتبار الثانى عن اسناد الجملة باعتبار الملاحظة وبعض الفضلاء باعتبار الذات على ما حررناه ورابعها ما اختاره السيد من تقدم اسناد الجملة على الاسناد الى الضمير باعتباريه ومبناه اعتبار مطلق الصلاحية للخبرية فى اسناد الجملة فكن الفيصل واخترايها شئت هذا نهاية الكلام فى هذا المقام والله الموفق لنيل المرام (قوله وهذا معنى الاحتراز الخ) يعنى الاحتراز عن الخروج لا عن الدخول كما زعمه الشيخ الشارح (قوله وانما قال كثير الخ) يعنى لو ترك لفظ كثير بان يقول ما ذكر فى هذا الباب الخ لتوهم جريان ما ذكر فى غير البابين وليس كذلك اذا البعض مختص بهما فلذا قال كثير فتدبر فانه غفل عنه بعض الناظرين وقال لو قال جميع ما ذكر الخ لطال الكلام بلا فائدة (قوله متعلقات الفعل) بفتح اللام نظر الى ان الحديث يتعلق بها كما فى الكافية المتعدى ما يتوقف فهمه على متعلق وبكسر اللام نظرا الى ان الفعل عامل فيها كما يقال الجار والمجرور متعلق بكذا (قوله اشارة اجمالية) لان لفظ الغير يشمل المتعلقات وغيرها فالاشارة الى خصوص المتعلقات اجمالية وان كانت الى مطلق الغير تفصيلية (قوله من ذكره معه) لفظا او تقديرا يدل عليه قوله لان المقدر كالمذكور (قوله لا ذكر الفعل الخ) وفى بعض النسخ بكلمة او موافقا لما فى المختصر وفى بعضها مع زيادة من والاول اوجه بدليل يعرف بالتأمل (قوله يعرف بالتأمل) لان كلمة مع تدخل على المتبوع يقال جاء فلان مع الامير ولا يقال جاء الامير مع فلان صرح به الشارح رحمه الله فى بحث الكناية والفعل اصل فى الذكر والفاعل والمفعول تابعان له فيذكران بعد ذكره كما ان مدلول كل منهما اصل ومدلول الفعل تابع له ولذا قال الفعل مع المفعول كالفعل مع الفاعل واما كلمة او فبالنظر الى انه قد يجئ

٣٠٩

مع لمجرد المصاحبة صرح به السيد فى حواشى شرح المفتاح فى بحث ترك المسند* قال قدس سره وذلك الخ* يرد على الوجه الاول ان اللائق حينئذ ان يقول المفعول مع الفعل كالفاعل مع الفعل وعلى الثانى ان كلا منهما كما انه قيد للفعل فى اللفظ فيكون تابعا له كذلك كل منهما متبوع للفعل فى المعنى فلا ترجيح وعلى الثالث انه يصح ان يقال فاذا لم يذكر الفعل مع كل منهما بان يكون النفى متوجها الى القيد (قوله اى تلبس الفعل بكل منهما) والمعنى ان الغرض من ذكر واحد منهما مع الفعل اى واحد كان منهما تلبس الفعل مع ذلك الواحد اى واحد كان لان الضمير المفرد اذا كان راجعا الى المتعدد باعتبار كل واحد يكون المراد منه اى واحد لا كل واحد على سبيل الشمول فلا اشتباء فى صحة هذه العبارة وان خفى على الاذكياء وقالوا انه يفيد ان الغرض من ذكر كل منهما افادة تلبس الفعل مع كل منهما واذا لا يصح وهذا كما اورد على تعريف الترتيب بوضع كل شئ فى مرتبته (قوله اى من غير اعتبار الخ) كذا فى الايضاح يعنى ان ذكر المفعول قد يكون لقصد عموم الفعل نحو فلان يؤذى كل احد وقد يكون لخصوصه نحو فلان يؤذى اباه وقد يكون لمجرد تعلقه بالمفعول من غير نظر الى عموم الفعل وخصوصه وان كان لازما نحو ضربت احدا فاذا لم يكن شئ منها مقصودا ينزل الفعل منزلة اللازم فاندفع ما قيل ان عدم اعتبار عموم الفعل وخصوصه لا مدخل له فى التنزيل فان مناطه عدم اعتبار تعلقه بالمفعول (قوله كان الغرض بيان جنس الخ) لما تقدم منقولا عن الشيخ من ان محط الفائدة هو القيد الاخير كيلا يلغو ذكره (قوله ويكون كلاما مع من اثبت الخ) كذا فى دلائل الاعجاز وذلك لان نحو هو يعطى اما للتخصيص او للتقوى فلا بد ان يكون المخاطب معتقدا لثبوت الفعل للغير اما بالشركة او بالقلب او بالتردد باعتبار القيد مع تسليم اصل الفعل او منكرا او مترددا فى ثبوت الفعل باعتبار القيد له وعلى التقادير يكون مثبتا للفعل المتعلق بغير ذلك القيد له لكون اصل الفعل مسلم الثبوت فاندفع ما قاله السيد من انه لو قيل يكون كلاما مع من اثبت له اعطاء ولا يدرى المعطى لكان اولى (قوله لا مع من نفى الخ) اما باعتقاده ثبوته لغيره على احد الانحاء الثلثة فيكون للتخصيص او لا فيكون للتقوى (قوله ذكر السكاكى) فى نسبته الى السكاكى رحمه الله اشعار بتفرده به على ما يشعر به عبارة الايضاح (قوله خطابيا) بفتح الخاء كما نقل عن بعض التلامذة للشارح رحمه الله ممن يوثق به منسوب الى الخطابة بالفتح مصدر خطب اى انشأ الخطبة سمى الظنى خطابيا لان الخطب معادن

٣١٠

الظنون (قوله كقوله صلّى الله عليه وسلّم الخ) فى تذكرة الموضوعات انه موضوع وان كان فى المصابيح (قوله ذهابا الخ) حال من الفاعل المحذوف للمصدر او مفعول له اى بتنزيل المتكلم ذاهبا او للذهاب وكذا قوله ايهاما اما حال او مفعول له بان يكون تعليلا للفعل المعلل (قوله واليه) اى الى الجعل المذكر اشار بقوله الخ لا انه جعل القول المذكور مقول السكاكى رحمه الله تعالى مع انه ليس مقوله الا قوله بالطريق المذكور ففيه اشارة الى انه جعل بالطريق المذكور مفسرا بهذا القول (قوله اى كون الغرض الخ) جعل المشار اليه كون الغرض دون نفس الثبوت والانتفاء اشارة الى ان مدلول التنزيل كونه غرضا كما يدل عليه قول المصنف رحمه الله تعالى فالغرض ان كان اثباته او نفيه مطلقا نزل منزلة اللازم (قوله معرف بلام الحقيقة) لا منكر لدلالته على الفردية وهى غير مقصودة (قوله لا يلزم من عدم كون الشئ الخ) اى لا يلزم من عدم كون الشئ معتبرا وداخلا فيما هو غرض من الكلام ومقصود منه ان لا يكون مفادا من الكلام ومقصودا لجواز ان يكون مقصودا مما هو مقصود من الكلام وان لم يكن داخلا فيه فيكون من مستتبعات التراكيب يقصد بطريق الاشارة من مقصود الكلام فالمقصود من الكلام الاثبات والنفى مطلقا ثم يقصد بتوسطه من الكلام التعميم ايهاما للمبالغة فانه اذا ذكر المفعول العام يحصل تعميم افراد الفعل لكن لاحتماله للتخصيص لا يحصل المبالغة بخلاف ما اذا نزل منزلة اللازم فان عمومه لافراد الفعل عقلى لا يقبل التخصيص وهذا كما قالت الحنفية من ان لا آكل لا يحتمل للتخصيص بطعام دون طعام بخلاف لا آكل اكلا وبما حررنا اندفع الركاكة التى ذكرها السيد فى الجواب كما لا يخفى واما ما ذكره بقوله والاظهر الخ فيرد عليه ان اللازم مما ذكره ان يكون منشأ القصد لمجرد الاثبات والنفى مغايرا لمنشأ القصد للعموم والاختلاف من حيث التعدد باعتبار المنشأ لا يدفع اجتماع المتنافيين انما الدافع له وجود الاختلاف بالاعتبار فى انفسهما ذكره السيد فى شرح المواقف فى بحث لا يجوز تعليل الواحد بالشخص بعلتين مستقلتين (قوله هو لا غير الخ) هو مبتدأ ويوجد خبره والجملة خبر ان (قوله لان ما ذكره من الحصرين الخ) نقل عنه اعلم ان المردود عقلا ونقلا هو اجتماع الحصرين فى مثل فلان يعطى على رغم العلامة اما الحصر الاول فقد حققناه على وجه يصح عند صاحب المفتاح ايضا واما الحصر الثانى بناء على التقديم فلا يصح شرحا لكلام المفتاح على ما عرفت فى موضعه انتهى اراد بقوله فى مثل فلان يعطى ما يكون المسند اليه المقدم على المسند الفعلى مظهرا معرفا وبقوله فقد حققناه ما ذكره

٣١١

بقوله نعم اذا حمل على التعميم الخ وقوله ايضا اضارة الى صحة الحصر المذكور عند الشيخين بناء على قولهما بافادة البناء على المظهر للتخصيص وعدم صحته شرحا لكلام المفتاح بناء على ما مر من ان تقديم المسند اليه اذا كان مظهرا معرفا يكون عند السكاكى رحمه الله تعالى للتقوى دون التخصيص (قوله وهو ان يجعل الخ) قيل ههنا اشكال وهو انه اذا جعل كناية عن المتعلق بمفعول مخصوص خرج عن ان يكون الغرض منه اثباته او نفيه مطلقا نعم لو لم يجعل كناية وجعل معنى تعريضيا لاستقام ولا يخفى انه فرق بين ان يكون غرضا من الكلام وبين ان يكون مقصودا بطريق الكناية (قوله نصب) اى ليس مجزوما بان يكون جزاء لشرط محذوف اذا الحذف لا يصار اليه الا عند الضرورة ولانه ليس المعنى على التعليق (قوله ثم جعلهما الخ) عطف على نزل وبادعاء متعلق به ودلالة تعليل له (قوله بل لا يبصراه) اذ لو ابصر غير محاسنه لتحقق رؤية مطلقة غير مستلزمة لرؤية محاسنه بناء على ان استلزام الرؤية المطلقة لرؤية محاسنه استلزام العام للخاص اعنى من حيث الصدق فلا يرد ما قيل (٦) لم لا يكون الرؤية المطلقة مستلزمة لرؤية محاسنه ومع ذلك تكون مستلزمة لرؤية غير آثاره لعدم المنافاة بين اللازمين (قوله وانما قلنا الخ) لما كان قوله والا عطفا على الشرطية التى وقعت جزاء لقوله فاذا لم يذكر المفعول به فقوله والا بتقدير انتفاء ما ذكر فى الشرطية المعطوف عليه اى وان لم يكن الغرض اثباته لفاعله او نفيه مطلقا وذلك اما بان يعتبر تعلقه بمفعول او يعتبر فى الفعل عموم او خصوص على ما يقتضيه ما نقل من تفسير الاطلاق من المصنف رحمه الله تعالى وحينئذ لا يترتب عليه قوله وجب التقدير لان وجوب التقدير ليس الا لقصد التعلق بالمفعول به اعتبر الشارح رحمه الله تعالى فى هذا الشرط محذوفا ليصح الترتب وهو قوله بل قصد تعلقه بمفعول غير مذكور (قوله كما اذا قلنا الخ) نشر على ترتيب اللف فان الاول مثال لخصوص الفعل من غير اعتبار تعلقه بالمفعول والثانى لعمومه كذلك (قوله فالفرق الخ) رد لما قيل ان التعميم فى افراد الفعل يستلزم التعميم فى المفعول فلا معنى لتجويز ارادة تعميم الفعل من غير اعتبار عموم المفعول (قوله وهما وان فرض تلازمهما الخ) فيه اشارة الى منع التلازم لامكان تعلق جميع افراد الفعل بمفعول واحد وخبر المبتدأ اما الجملة الشرطية والواو زائدة لتأكيد اللصوق واما قوله فلا تلازم بينهما فى الاعتبار والقصد والفاء زائدة فى خبر المبتدأ وقوله وان فرض الخ حال لا يطلب الجزاء اى وهما مفروضا تلازمهما لا تلازم بينهما فى القصد (قوله ونحوهما) اشارة الى

__________________

(٦) ان الرؤية المطلقة مستلزمة الى آخره نسخه

٣١٢

ان ذكر فعل المشية والارادة بناء على كثرة حذف المفعول فيهما لا للتخصيص بان يكون الكاف للتبيين للتمثيل (قوله اذا وقع شرطا) سواء كانت كلمة الشرط اسما نحو (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) او حرفا نحو (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) ولو شاء الله لهداكم (قوله اى تعلق فعل المشية الخ) لم يفسره بمطلق الفعل مع كون الحكم شاملا لغير فعل المشية والارادة رعاية لسوق الكلام فان المصنف رحمه الله بين حذف المفعول وغرابة التعلق فى فعل المشية واما عموم الحكم فقد استفيد من كاف التمثيل (قوله فلم بحذف) مفعول المشية اعنى بكاء التفكر بناء على ان التفكر مذكور فى اللفظ والفعلان متوجهان اليه والتقدير فى احدهما لرفع التنازع حفظا لقاعدتهم من عدم جواز توارد العاملين على معمول واحد كتوارد العلتين الحقيقيتين وكذا من قال بالتشريك لا يقدر فاندفع ما قيل انه ان اراد بالمفعول مفعول شئت فتعلق الفعل به ليس بغريب لانه مطلق البكاء وان اراد مفعول ابكى فهو متروك فكيف يصح قوله انه ترك حذف المفعول لغرابة تعلق الفعل به واما ما قيل من انه مبنى على اعمال الفعل الاول فيكون بكاء التفكر مذكورا لغرابة تعلق المشية به ففيه انه حينئذ يكون ذكر المفعول لعدم قرينة تدل عليه اذا لجزاء حينئذ بكيت من غير تقييده بالتفكر (قوله ومما نشأ من سوء التأمل الخ) لانه لم يتدبر عبارة المتن فان قول المصنف رحمه الله لان المراد بالاول البكاء الحقيقى لا يساعده ولا عبارة الايضاح التى نقلها الشارح رحمه الله تعالى من قوله لم يرد ان يقول لو شئت ان ابكى تفكرا الى قوله كذا فى دلائل الاعجاز ولا كلام الشيخ فى دلائل الاعجاز ولم يرد ان ابكى وبكيت تفكرا من باب التنازع لا من باب الحذف (قوله لا يقال الخ) فى الجواب عن جانب صاحب الضرام (قوله لان بكاء التفكر ليس سوى الاسف الخ) هذا مسلم لكن ادعاء ان الاسف والكمد بكاء حقيقى كما هو شان الاستعارة انما يحسن ترتبه على عدم بقاء مادة الدمع (قوله والقدرة الخ) فيه ان الفاء لا يقتضى الا ترتب مدخوله على ما قبله وسببيته (٦) له لا نوقفه عليه بحيث لا يوجد بدونه لجواز تعدد الاسباب لشئ واحد الا ان يقال المستحسن عند البلغاء الاختصاص ليكمل الترتيب والتفرع ولعله لهذا امر بالتأمل (قوله مجاز الخ) لان الله تعالى لا يأمر بالفحشاء وقيل امرنا بالطاعة ففقوا وحينئذ لا يكون مما نحن فيه (قوله عطف على قوله الخ) نص عليه لبعد العهد والا فلا احتمال سوى هذا العطف (قوله متعلق بقوله توهم الخ) لاخفأ فى ان اولية التوهم تستلزم اولية الدفع وبالعكس فيجوز تعلقه بكل منهما الا ان الشارح رحمه الله تعالى اختار تعلقه بالتوهم مع الاشارة الى جواز

__________________

(٦) ومسببيته له الخ نسخه

٣١٣

تعلقه بالدفع بقوله ويصور فى نفسه من اول الامر الخ لقرب المرجع ولكونه اصلا فى الاولية ولقول المصنف رحمه الله تعالى لربما توهم قبل ذكر الخ ولموافقة الايضاح (قوله لئلا يلتبس المميز الخ) لانه اذا فصل بين كم الخبرية ومميزها وجب نصبه حملا على الاستفهامية خلافا للفراء فانه يجره بتقدير من وخلافا ليونس فانه يجوز الاضافة مع الفصل كذا فى الرضى وتخصيص كم الخبرية مع ان الاستفهامية ايضا كذلك نحو (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) لانها فيما نحن فيه خبرية (قوله لكان المناسب) اى مقتضى الظاهر ذلك ووضع الظاهر موضع الضمير وان كان يحصل به الغرض المذكور لكن لا يجب الاطراد والانعكاس فى المقتضيات وقد مر مرارا (قوله عكس ذو الرمة) حيث ذكر مفعول الفعل الاول وحذف مفعول الثانى (قوله تعم الناس كافة) وذلك لان المراد بالدعوة شرع الاحكام وبيان الحلال والحرام بالامر والنهى ومناط هذه الدعوة العهد الذى جرى بينه تعالى وبين العباد الذى اشير اليه بقوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) الآية فهى تعم الموجودين والمعدومين والعقلاء وغيرهم وما قالوا من ان مناط التكليف العقل فالمراد به تنجيز التكليف فاتضح ان الآية تفيد الاستغراق الحقيقى التحقيقى (قوله ان القصد فى هذا المقام الى المفعول) اى القصد الى تعلق الايلام بكل احد للمبالغة فى كونه موذيا للخلق دون صدور كل فرد من افراد الايلام والى شمول الدعوة لكل احد لا عموم افراد الدعوة وان فرض التلازم بينهما* قال قدس سره بان لا يكون هناك قرينة الخ* هذا كلام ذكره الفاضل الكاشى فى شرحه للمفتاح وفيه ان المصنف رحمه الله قال سابقا ثم الحذف بعد قابلية المقام اعنى وجود القرينة وقال الشارح رحمه الله فى بحث حذف المسند اليه ان الحذف يفتقر الى قابلية المقام واشار اليه ههنا بقوله انما هو من قبيل ما يجب فيه تقدير المفعول بحسب القرائن وفى الرضى فى بحث الفاعل لا يحذف شئ من الاشياء الا لقيام قرينة داله عليه سواء كان الحذف جائزا او واجبا فلا يصح ان لا يكون هناك قرينة غير الحذف تدل على تعيين عام من العمومات وبما ذكرنا ظهر ضعف ما ذكره فى شرح المفتاح من انه اجيب بانه يجوز ان تدل القرينة على ان هناك محذوفا من غير دلالة على خصوص او عموم ويحمل على العموم حذرا عن الترجيح بلا مرجح فيصح اسناد اقتضاء الحذف قصد التعميم والاختصار لانه كما لا يجوز ان يكون الحذف قرينة على المحذوف كذلك لا يجوز ان تدل القرينة على ان هناك محذوفا اذا لحذف مشروط بوجود القرينة الدالة على المحذوف (قوله اى اذنى) دلالة فان النسبة الى الاذن مأخوذة فى الاصغاء فالقرينة قائمة

٣١٤

مع ذكر الفعل (قوله يكون الاعتماد على اللفظ من حيث الظاهر الخ) اشارة الى ما مر فى بحث حذف المسند اليه من تخييل العدول الى اقوى الدليلين يعنى ان الاعتماد عند الحذف على العقل وعند الذكر على اللفظ من حيث الظاهر وفى الحقيقة يحتاج اليهما فى كليهما (قوله لما له مزيد اختصاص) بناء على التسليم المذكور والا فلا دلالة للحذف على العموم فضلا عن الاختصاص (قوله مما قصد فيه التعميم الخ) قد عرفت فيما سبق بيان ان الاستغراق فيه حقيقى واندفاع البحث الذى اورد عليه (قوله على ان الدعاء) بمعنى التسمية فى تاج البيهقى الدعاء والدعاية كالشكاية والدعوى خواندن وقد جاء دعوته زيدا اى سميته والتسمية نام كردن ويعدى الى المفعول الثانى بنفسه وبالباء (قوله فله الاسماء الحسنى) ومن جملتها هذان الاسمان (قوله اذ لو كان الدعاء بمعنى النداء) ومعلوم انه لا يتعلق باللفظ بل بالمسمى فاندفع ما قيل انه يجوز ان يكون كلمة او للتخيير فى العبارة (قوله باعتبار الصفات) بتنزيل تعدد الصفات منزلة تعدد الذات (قوله لانها لاحد الشيئين) المتغايرين اى فى الاصل ولا يتصور الاحدية الا فى المتغايرين بالذات (قوله ولان التخيير) اى على تقدير كونها للتخيير (قوله لان ايا انما يكون لواحد من اثنين) كما فى الاية فان الاصل ايهما تدعونه حذف الضمير المضاف اليه وعوض منه التنوين وزيد ما لتأكيد الابهام (قوله ولما ورد) اى موسى عليه السّلام (ماءَ مَدْيَنَ) من ماءهم الذين يستقون منه وكان بئرا فيما روى ووروده مجيئه والوصول اليه (وَجَدَ عَلَيْهِ) وجد فوق شفيره ومستقاه (أُمَّةً) جماعة كثيرة العدد (مِنَ النَّاسِ) من اناس مختلفين ومن دونهم فى مكان اسفل من مكانهم والذود الطرد والدفع وانما كانتا تذودان لان على الماء من هو اقوى منهما فلا تتمكنان على السقى كذا فى الكشاف (قوله لتوهم ان الترحم الخ) بناء على ان محط الفائدة فى الكلام البليغ هو القيد الاخير وانما قيل توهم لفساده لان الدلالة عليه وهمية وذلك لان موسى عليه السّلام لم يدفع عنهما بالترحم الا مشقة الذود* قال قدس سره ان المفعول* اى المفعول الذى نزل الفعلان بالنسبة اليه منزلة اللازم هو الابل والغنم مثلا اى النوعين من المواشى بدون الاضافة يدل عليه قولهما واما ان المسقى والمذود ابل او غنم فخارج عن المقصود وكل منهما مقابل للآخر فى نفسه اى ليس احدهما صادقا على الآخر حتى لا يتوهم بذكر المفعول خلاف المقصود وهو ان الترحم عليهما من جهة ان مسقيهم ابل ومذودهما غنم ولذا قدر السكاكى رحمه الله مفعول يسقون مواشيهم ومفعول تذودان غنمهما اشارة الى ان منشأ الترحم

٣١٥

الاضافة دون المفعول فى نفسه وهاتان المقدمتان مع قوله فلو قدر فى الآية المفعول الخ كافيتان فى المقصود كما لا يخفى ولذا اكتفى عليهما فى شرح المفتاح وزاد قوله وجعلا ما يضاف اليه الخ لدفع شبهة ان قومهما اذ لو قيل او قدر يسقون ابلهم وتذودان غنمهما يدل على اعتبارهما المفعول مضافا يعنى جعلا ما يضاف اليه خارجا عن المفعول من حيث انه مفعول غير ملحوظ معه فالمفعول هو مطلق الابل والغنم وقوله بل هو باق على حاله عطف على قوله وجعلا للانتقال من جملة الى جملة اخرى اهم منها لان فيهما اثبات خروج ما يضاف اليه كما هو شان بل العاطفة للجملة ومع ظرف لباق يعنى فى عبارة الشيخين ما يضاف اليه باق على حاله من غير تغيير وتبديل فيه مع تعذر تقدير المفعول فلو كان معتبرا فى المفعول لوقع التغيير فيه بناء على ان محط الفائدة هو القيد الاخير كما وقع فى عبارة السكاكى رحمه الله تعالى حيث قال حتى لو كانتا تذودان غير غنمهما وكان الناس يسقون غير مواشيهم والدليل على ان ما يضاف اليه احدهما باق على حاله وقوع المفعولين اولا مضافين فى يسقون ابلهم وتذودان غنمهما ومن غير اضافة فى من جهة ان مذودهما غنم ومسقيهم ابل* قال قدس سره لكان الترحم باقيا على حاله* لان الترحم عليهما انما كان لعدم قدرتهما على السقى* قال قدس سره وكل واحد منهما يقابل الآخر* من حيث انه مضاف لا فى نفسه كما صرح به فى شرح المفتاح ويدل عليه قوله حتى لو كانتا تذودان غير غنمهما الخ* قال قدس سره فلو لم يقدر الخ* فيه بحث لان عدم التقدير ان قصد به التعميم اى يسقون مواشيهم او غير مواشيهم وتذودان غنمهما او غير غنمهما يلزم الفساد اما اذا قصد به مجرد السقى والذود من غير ملاحظة التعلق بالمفعول كما فى قوله تعالى (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فكلا لان كون طبيعة السقى والذود منشأ الترحم لا يقتضى ان يكون عند تعلقه بمفعول مخصوص كذلك حتى يلزم ان يكون سقى غير مواشيهم وذود غير غنمهما محلا للترحم ايضا فتدبر فان منشأ ما ذكره السكاكى رحمه الله تعالى عدم الفرق بين الاطلاق والعموم (قوله كقول عائشة رضى الله عنها) ويجوز ان يكون الحذف لتأكيد ستر العورة (قوله ولان الغرض الخ) فحينئذ يكون الحذف لتنزيله منزلة اللازم فى حق المنذر (قوله وتقديم مفعوله الخ) للتقديم ثلث صور تقديم الفاعل على الفعل وقد سبق ذكره فى باب المسند اليه وتقديم متعلقاته عليه وتقديم بعضها على بعض وبينهما فى هذا الباب (قوله لرد الخطأ فى الاشتراك) واما الخطأ فى التردد بان تساويا عنده فهو اما داخل فى الخطأ فى التعيين بان يراد منه اعم من ان يعتقد

٣١٦

العكس او تساويا عنده او فى الخطأ فى الاشتراك بان يراد منه اعم من اعتقاد الاشتراك او تجويزه كما سيجئ (قوله فكان على المصنف ان يذكره) لو حمل الخطأ فى التعيين على اعم من ان يعتقد العكس او الشركة او يتردد ويكون قوله كقولك مثالا لاحد اقسامه ثم الكلام من غير مؤنة المقايسة (قوله ليدخل فيه القصر بانواعه الثلثة) اى جنس القصر ملتبسا بانواعه الثلاثة فيدخل الحقيقى ايضا (قوله فان اعتبار رد الخطأ الخ) لان الخطأ فى الحكم انما يتصور اذا كان السامع عالما به قبل القاء الكلام وفى الانشاء انما يفهم من نفسه وما قيل من ان الخطأ انما يكون فى الحكم ولا حكم فى الانشاء لانه من قبيل التصورات فليس بشئ لان ذلك اصطلاح المنطقيين واما عند علماء العربية فالحكم هو النسبة التى يصح السكوت عليها ولذا قسموا الجملة الى الخبرية والانشائية (قوله لا يخلو من تكلف) بان يأول بزيد يستحق ان يقال فيه اكرم او يطلب له الاكرام والاستحقاق او الطلب مما يتعلق به علم السامع قبل التكلم بالانشاء (قوله فهو ابلغ اه) هناك صور اربع زيدا عرفت وزيدا عرفته وزيدا العرفت وزيدا فعرفته والثالث ابلغ من الاولين والرابع ابلغ من الثالث (قوله من التكرير) اى نكرير عرفت لبقائه ببقاء اثره لا انه مقدر فى الكلام حتى يرد انه يلزم اجتماع المفسر والمفسر على انك قد عرفت فى قوله تعالى (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) ان السكاكى رح يجوز اجتماعهما على ان الثانى تأكيد للاول ثم بعد حذف الاول صار الثانى مفسرا (قوله ليس القصراه) سيجئ تحقيقه فى باب القصر* قال قدس سره لا يلتبس عليك* لا يخفى عليك ان هذه مناسبة ذكرت لوضع التقديم فى مثل زيدا عرفته لافادة المبالغة فى الاختصاص لا اثبات بالدليل العقلى لافادته لها وقد ذكر الشارح رح هذه الشبهة فيما سيجئ ودفعها بهذا الطريق على ان فى ان زيدا لقائم اجتماع تأكيدين وليس الثانى مبنيا على الاول ومتفرعا عليه بان لا يذكر ما يفيد الثانى الا تابعا لما يفيد الاول ولا يذكر بالاستقلال كما فى ما والا ولا العاطفة ولكن واما انما والتقديم ففى معنى ما والا* قال قدس سره ففى نحو زيدا رهبته* اى اذا علمت ان ما ذكره الشارح رح غير تام ففى نحو زيدا رهبته افادة المبالغة فى الاختصاص اما باعتبار حمل المفسر على القصر بمعونة المقام او باعتبار افادته المبالغة فى الجزء الثبوتى وهذان الوجهان ذكرهما الشارح رح فى شرح الكشاف وهو طريق آخر لبيان افادته المبالغة لا يحتاج فيه الى اعتبار كون الحصر تأكيدا على تأكيد* قال قدس سره فان قيل لا يكون اه* هذا الاعتراض لا ورود له بعد بيان وجه المغايرة المصححة للعطف باعتبار الاختصاص العارض بتقديم المفعول فى الاول دون الثانى لان المغايرة العارضة لا تنافى

٣١٧

الاتحاد فى المفهوم انما الوارد عليه اعتراض التعقيب والجواب عنه انه باعتبار التفسير فان مرتبة المفسر بعد مرتبة المفسر ولذا اكتفى الشارح رحمه الله تعالى على هذا الاعتراض والجواب فى شرح المفتاح فى باب الايجاز والاطناب نعم يرد الاعتراض الذى ذكره السيد اذا اريد بالرهبة الثانية غير الاولى فيتغايران ذاتا وحينئذ يجاب بما اجاب به من ان الاتحاد النوعى بينهما كاف فى التفسير والتعقيب بينهما اما زمانى فالمقصود منه استمرار الرهبة واما رتبى فالمقصود منه الترقى من مرتبة الى مرتبة اقوى هكذا ينبغى ان ينقح هذا المقام* قال قدس سره الفائدة التكرير* هذه الفائدة انما تحصل اذا اريد بالرهبة الثانية غير الرهبة الاولى ذاتا كما يدل عليه قوله خصوه برهبة عقيبها رهبة اما اذا اريد بالثانية عين الرهبة الاولى ويعتبر الفرق باعتبار عروض التخصيص للاولى دون الثانية فلا* قال قدس سره كما فى المثال المذكور* هذا اذا اريد بذلك المثال الترغيب فى الطاعات واما اذا قصد به بيان طريق السلوك فهو للترقى فى افرادها* قال قدس سره وقيل الفاء الخ* لا وجه لتمريضه فانه قول صاحب الكشاف وعليه الثقاة كما صرح به الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح لاطراده فى جميع الموارد نحو (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) بخلاف العطف* قال قدس سره وقد صرح بعضهم الخ* وهو الشيخ الرضى وذلك التقدير ليكون ضابطة تقدم معمول ما بعد الفاء الجزائية مطردة وهو وقوعه بعد اما (قوله فهو على تقدير فاياى فاعبدوا فاعبدون) وفى المفتاح انه على تقدير فاياى اعبدوا فاعبدون فادخلت الفاء الجزائية الى المفسر ثم ان تقدير المفسر بالفاء واجب ههنا لكونه جوابا لشرط محذوف اعنى ان لم تخلصوا ليصح ترتبه على قوله ان ارضى واسعة ولذا اتفقا عليه بخلاف قوله تعالى واياى فارهبون فان الفاء المذكور عند السكاكى رحمه الله تعالى للعطف على المفسر المحذوف والعامل فى اياى محذوف ولا دلالة فيه على كونه جوابا لشرط محذوف بل الظاهر عدمه لكونه عطفا على قوله اذكروا واما صاحب الكشاف فلم يصرح بشئ من تقدير الفاء فى المفسر وعدمه فى قوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) وصرح به فى قوله تعالى (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) فعنده يحتمل ان يكون الفاء المذكورة عاطفة ويحتمل ان تكون جزائية وبهذا ظهر ان ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى فى شرح المفتاح فى بحث الايجاز والاطناب من انه ذكر صاحب الكشاف فى اياى فارهبون انها للعطف على المحذوف اى اياى ارهبوا فارهبون سهو ظاهر اللهم الا ان يكون ذلك فى الكشاف البسيط (قوله لان

٣١٨

المعنى الخ) وذلك لان وصف الارض بالسعة وترتب طلب الاخلاص فى العبادة عليه يوجب انصباب هذا المعنى الى الذهن (قوله مع افادة الاختصاص) فاختصر من فاخلصوا العبادة لى فاعبدون (قوله تكرير لها) ليكون المفسر على طبق المفسر (قوله او عاطفة) ومعناها استمرار العبادة او الترقى من مرتبة الى مرتبة اقوى (قوله ويظهر لك الخ) لانه يظهر منه ان الغرض من تقديم الملزوم القصدى واقامته مقام الملزوم الذكرى تحقيق الحكم وتثبيته وانه واقع البتة من غير تردد وانكار فيكون التقديم لتأكيد الحكم فلا يكون للتخصيص لامتناع الجمع بينهما فى القصد لاقتضاء الاول اعتناء المتكلم بنفس الحكم وتحقيقه والثانى الاعتناء بما قدم دون الحكم فانه مسلم الثبوت نعم يمكن الجمع بينهما بان يكون احدهما مقصودا والثانى تبعا له فى الافادة من غير ان يكون مقصودا كما مر فى بحث التقوى فسقط اعتراض السيد من ان التحقيق المذكور انما يظهر منه ان للتقديم فوائد غير التخصيص وذلك لا ينافى افادته التخصيص والتوجيه الذى ذكره بقوله ولعل الخ بعيد عن عبارة الشارح رحمه الله واما ترك الواو فى قوله لظهور الخ فلان التعليل المستفاد من التحقيق لمى وما ذكره بقوله لظهور الخ انى فقد اثبت عدم كون مثل هذا التقديم للتخصيص بالدليل اللمى والانى واما ما ذكره السيد فى شرحه للمفتاح من صاحب الكشاف جمع بينهما فى قوله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) حيث قال فى ايقاع اسم الله مبتدأ وبناء نزل عليه تأكيد لاسناد تنزيل احسن الحديث الى الله وانه من عنده وان مثله لا يجوز ان يصدر الا منه فليس بشئ لانه جعل تقديم المسند اليه على المسند الفعل للتقوى فقط وعدم جواز صدوره من غيره تعالى انما حصل من بناء المسند على لفظ الله الجامع لجميع جهات الكمال فكانه تعليق بالمشتق كيف والمستفاد من التقديم عدم وقوع الصدور من غيره دون عدم الجواز (قوله لانه لم يكن الخ) يعنى يجب فى الحصر سواء كان حقيقيا او غيره ان يكون اصل الحكم مسلم الثبوت عند السامع والمقصود من الكلام افادة الحصر وفيما نحن فيه ليس السامع عارفا باصل الحكم نعم انه لا يجب فى الحقيقى اعتقاد المخاطب القلب او الشركة او التردد وبعض الناظرين لم يفرق بين كون الحكم مسلم الثبوت وبين الاعتقاد بالقلب او الشركة او التردد فاعترض ان ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى لا ينفى كونه للحصر الحقيقى اذ البناء على حال السامع انما هو فى الاضافى (قوله والتخصيص لازم للتقديم غالبا) لزوم التخصيص للتقديم فى اكثر المواد لا يقتضى تحققه فى تقديم بعض المعمولات على بعض حتى يحتاج

٣١٩

الى ما قيل ان المراد من التقديم تقديم المفعول على الفعل لا مطلق التقديم لان تقديم بعض معمولاته على بعض ليس للتخصيص على ما سيظهر (قوله يعنى ان التخصيص الخ) يعنى ان الغالبية ليست بالنسبة الى الاوقات والاحوال حتى تنافى اللزوم بل بالنسبة الى المواد كما فى عبارة الكافية وشرطها ان تكون نكرة وصاحبها معرفة غالبا (قوله قال الله تعالى الخ) استشهد بامثلة كثيرة من القرأن كلها مما فيه التقديم لرعاية الفاصلة او لمجرد الاهتمام ولو ترك بعضها واورد فيه التقديم لاغراض اخر لكان احسن (قوله وقال خذوه الخ) اى يقول الله تعالى لخزنة يديه الى عنقه فى الغل (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) ادخلوه النار كذا فى الكواشى وفى تفسير القاضى ثم لا تصلوه الا الجحيم وهى النار العظمى لانه كان يتعظم على الناس (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) اى طويلة فاسلكوه فادخلوه فيها بان تلقوها على جسده وهو فيما بينها مرهق لا يقدر على حركة وتقديم السلسلة كتقديم الجحيم للدلالة على التخصيص والاهتمام بذكر انواع ما يعذب به وثم لتفاوت ما بينها فى الشدة ويجوز ان يكون على حقيقته بان يكون الغل بعد الاخذ متصلا والادخال فى الجحيم والسلك متراخيا وفاء فاسلكوه زائدة لتأكيد الحكم لامتناع اجتماع حرفى العطف (قوله مما لا يحسن وفيه الخ) فيه اشارة الى جواز اعتبار التخصيص فى بعض الامثلة كما مر لكنه غير حسن وفيه تأمل (قوله حتى ذكر الخ) ليت شعرى ما وجه عدم القول بالتخصيص فيه فان التنزيه عن الشرك واجب على كل مسلم فى كل حال وهو مضمون كلمة التوحيد وسورة (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) والقصر الحقيقى لا يجب فيه رد اعتقاد المخاطب (قوله ما ذكره الشيخ الخ) قال فى الايضاح قوله الله احمد على طريقة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) تقديما للاهم وما ينقل انه للحصر لا دليل عليه والتمسك فيه بمثل بل الله فاعبد ضعيف لانه قد جاء فاعبد الله وكتب فى حاشيته على قوله لا دليل عليه لان المعبودية من صفاته الخاصة فالحصر مستفاد من الحال لا من التقديم وحينئذ يسقط اعتراض الشارح رحمه الله تعالى لان الذوق وقول ائمة التفسير يدلان على ان معناه نخصك بالعبادة لا على انه مستفاد من التقديم ولك ان تحمل كلام ابن الاثير على هذا المعنى (قوله اى بعده) تعيين لمعنى وراء فانه من الاضداد بمعنى الخلف والقدام واصله الستر والبعدية بحسب الرتبة (قوله اهتماما بالمقدم) اى نوع اهتمام على ما ذكر فى المفتاح بشان المقدم فى ان يتعلق به الحكم مدحا كان او ذما او كراهة او استلذاذا او غير ذلك على حسب ما يقتضى تخصيصه بالمقدم كذا فى شرحه للمفتاح (قوله قال الشيخ الخ) تأييد لافادة التقديم للاهتمام بوجه من الوجوه

٣٢٠