حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

قيل ان انتم الا بشر لانكم تماثلوننا فى صفات البشر واما قولهم (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) فعلى تقدير التسليم اى ان سلمنا انكم رسل فأتونا بما نقترح منكم فان ما اتيتم به ليس بمبين لدعواكم (قوله اوفق) لانه على هذا التقدير لا دخل لقوله لا لتسليم انتفاء الرسالة فى جواب الشبهة اذ يكفى ان يقال انه من باب المجاراة والتقرير السابق موافق له باعتبار هذا القول ايضا فهو اوفق لموافقته له بتمام العبارة دون التقرير الثانى فانه موافق له باعتبار بعضها* قال قدس سره كان معناه الخ* اقول لم لا يجوز ان يكون معناه لا ينبغى منكم قطعكم بكونكم صادقين فى نفس الامر عند السامعين لانه لا يروج ذلك منكم عندهم قبل الاثبات وليس من شان العاقل ان يقول كلاما لا يروج عند السامع بل غاية امركم ان تكونوا مترددين بين كونكم صادقين فى نفس الامر وكاذبين لانه الرائج عند السامع كما هو ظاهر حال المدعى فان الرائج منه قبل الاثبات تردده بين صدقه وكذبه فى نفس الامر لا جزمه بالصدق وحينئذ لا غبار على صحة التشبيه ويكون الظرف اعنى عندنا متعلقا بلستم كما هو الظاهر نعم قوله لا يتجاوزونه الى حق كما يدعونه ينبو عنه بعض النبوة فانه صريح فى قصر القلب الا ان يراد الى احتمال حق ويرد هذا على التوجهين المذكورين اللذين ذكرهما السيد ايضا* قال قدس سره اذ لا طائل تحته* اذ نفس الدعوى لا تختلف بالنسبه الى شخص دون شخص انما يختلف صدقها وكذبها وصحتها وفسادها* قال قدس سره ما ذكره بعضهم الخ* حاصله ان القصر كما يكون بالنظر الى حال المخاطب من الشركة والتردد والقلب فى نفس الامر كذلك يكون بالنظر الى حاله فى اعتقاد المتكلم بان يعتقد المتكلم ان المخاطب معتقد للشركة او التردد او القلب وان لم يكن حاله فى نفس الامر ذلك بل اقول القصر من المتكلم انما يكون بحسب اعتقاده حال المخاطب الا انه قد يكون اعتقاده حال المخاطب مطابقا للواقع وقد لا يكون اذ المتكلم لا يورد الكلام الا على حسب اعتقاده* قال قدس سره بحسب المعنى* انما قال ذلك لان المصدر لا يعمل فيما قبله سيما اذا كان مضافا اليه* قال قدس سره مخالفا لظاهر عبارته* لاحتياجه الى تعلق الظرف اعنى عندنا بما بعده بحسب المعنى بخلاف التوجيه الاول فانه لا مخالفة فيه وصيغة التفضيل باعتبار فرض القرب فيما ذكره الشارح رحمه الله لكونه فاسدا عند السيد كما مر (قوله ان ترققه) اما بالقافين من الرقة ضد الغلظة فى الصحاح الرقيق ضد الغليظ والثخين يقال رق الشئ ارقه ورققه والتعدية بعلى بتضمين معنى الاشفاق كما اشار اليه الشارح رحمه الله وحينئذ يقرأ رقيقا ايضا

٣٤١

بالقافين والمراد رقيق القلب واما بالفاء والقاف من الرفق بمعنى اللطف وحسن الصنع يقال رفق به وعليه وبناء الافعال او التفعيل للجعل والتصبير فيقرأ رقيقا بالفاء والقاف (قوله والاولى) بناء على ما ذكرنا من ان انما يجئ لخبر من شانه ان لا يجهله المخاطب ولا ينكره حتى ان انكاره يزول بادنى تنبيه لانه لا يضر عليه ان يكون هذا المثال من تنزيل العالم بالاخوة منزلة الجاهل بها وانما قال والاولى لانه يجوز ان يكون على مقتضى الظاهر من غير تنزيل لان المقصود ترقيق المخاطب لا افادة الحكم فكونه معلوما له لا يضره القصر للمبالغة فى الترقيق لانه يفيد تأكيدا على تأكيد (قوله وتعريف الخبر) اى تعريف الخبر المفيد لقصر الافساد عليهم وتوسيط ضمير الفصل المؤكد لذلك لرد تعريضهم للمؤمنين بالافساد فانهم لما قصروا انفسهم على الاصلاح قصدوا به التعريض بان من يخالفنا شانه الا فساد وهم المؤمنون فرد عليهم بقصر الافساد عليهم ولا يخفى ان التعريف والتوسيط المذكورين يفيد ان رد المضمون الصريح لقولهم ايضا لان قصر جنس المفسدين عليهم لشدة فسادهم وعدم الاعتداد بفساد غيرهم ينافى انتظامهم فى جملة المصلحين من غير حاجة الى ان تعريف الخبر لحصر المسند اليه على المسند او لدعوى الاتحاد كما فى اولئك هم المفلحون والفصل لتوكيده (قوله ومزية انما على العطف) دون التقديم والنفى والاستثناء اما على التقديم فظاهر واما على النفى والاستثناء فلان حكم النفى موقوف على الاستثناء ولا يتم بدونه فيعقل حكمان معا وان كان فى اللفظ المنفى مقدما على الاستثناء (قوله اذ لا يذهب الخ) ولان القصر حكم اجمالى يتضمن الحكمين فالحصر من انما يستفاد من حاق العبارة وفى العطف لازم مفهومها (قوله واحسن مواقعها التعريض) لان افادة الحكم لايهم لكونه معلوما او من شانه العلم بخلاف الطرق الاخر فان الحكم فيها هم لكون المخاطب جاهلا به مصرا على انكاره (قوله تعريض بان الكفار الخ) ففيه تعريض بذم الكفار بانهم كالبهائم يترتب عليه تعريض النبى عليه السّلام بانه لكمال حرصه على ايمان قومه يتوقع التذكر من البهائم (قوله اذا استقريت) اى مواقع انما وجدت انما اقوى اوقات وجودها واشدها تعلقا بالقلب من اوقات رؤيتها وقت لا يراد بالكلام معناه فالجملة اعنى اقوى وخبره اذا كان الخ مفعول ثان لوجدت (قوله لا يراد بالكلام بعدها نفس معناه) اى لا يكون المقصود بالذات معناه بل ليتوسل به الى ما يلزمه بنوع لزوم (قوله سوى المفعول معه) فانه لا يجئ بعد الا فلا يقال لا تمش الا وزيدا ولعل ذلك لان ما بعد الا كأنه منفصل من حيث المعنى عما قبله لمخالفته له نفيا

٣٤٢

واثباتا فالاموذن من حيث المعنى بنوع من الانفصال وكذا الواو فاستهجن عمل الفعل مع حرفين موذنين بالفصل ولذا لا يقع من التوابع بعد الا عطف النسق فلا يقال ما قام زيد الا وعمرو كما يقع الصفة واما وقوع واو الحال بعدها فى نحو ما جاءنى زيد الا وغلامه راكب فلعدم ظهور عمل الفعل لفظا فيما بعد الواو بل هو مقدر كذا فى الرضى وبهذا ظهر الفرق بينه وبين لا تمش الا مع زيد كما لا يخفى* قال قدس سره لا بد ان يعتبر مع ذلك الخ* لا يخفى ان الفعل المسند الى الفاعل صفة للمفعول به باعتبار وقوعه عليه وان كان باعتبار الاسناد صفة للفاعل وكذا فى سائر المتعلقات فلا حاجة الى ارتكاب التمحل الذى ارتكبه السيد ويؤيد ما ذكرنا ما مر فى كلامه فى بيان انحصار القصر فى القسمين حيث اعتبر مطلق النسبة ولم يقيد بكونه على وجه القيام* قال قدس سره حتى يرجع صفة له* (٧) لابد من صرفه عن الظاهر اذا لضرب المسند الى زيد صفة له ولا يصير صفة لغيره وان اعتبر تعلقه به بان يقال حتى يرجع مبدأ صفة له وسيجئ تفصيله فى تعريف الدلالة* قال قدس سره ثم اشتهاء الشئ الخ* هذا مبنى على اختلافهم فى الارادة من انه عبارة عن الميل او صفة ترجح احد طرفى المقدور (قوله واعلم ان تقديمهما الخ) ذهب السكاكى والمصنف رحمهما الله تعالى الى جواز تقديمهما بحالهما بان يكون المقصود فى النسبة مقدما وان يكون ما قبل الا عاملا فيما بعد المستثنى وذهب اكثر النحاة ومنهم الشيخ ابن الحاجب الى عدم جوازه بناء على انه لا يجوز اعمال ما قبل الا فيما بعد المستثنى والحق ما ذكره السكاكى رحمه الله تعالى لانه واقع والتقدير تكلف (قوله وهذا) اى لزوم القصر فى الفاعل والمفعول (قوله مطلقا) سواء ذهب المستثنى على سبيل البدلية اولا (قوله فتقديمهما) اى اذا ثبت ان جعل الاستثناء متعددا يفيد خلاف المقصود (٨) فتقديمهما بحالهما انما يجوز على تقدير ان يجعل الاستثناء متعددا كيلا يلزم خلاف المقصود ويجعل المقصور فى النية مقدما لئلا يلزم قصر الصفة قبل تمامها ويجعل ما قبل الا عاملا فيما بعد المستثنى اذ لو لم يجعل عاملا لقدر لما بعد المستثنى عامل آخر فيصير ان كلامين مستقلين لا تقديم لشئ من الفاعل والمفعول على الاخر لكن عمل ما قبل الا فيما بعد المستثنى باطل عند اكثر النحاة فلا يصح تقديمهما بحالهما ايضا (قوله قالوا) اى اكثر النحاة جملة مستأنفة لتوجيه ما يترائى فيه عمل ما قبل الا فيما بعد المستثنى (قوله اى قامت النوائح) اى عليك (قوله واعتبار الضمير الخ) اشارة الى دفع ما يقال من انه يجوز ان يكون الفاعل مضمرا قبل الذكر كما قيل فى ضربنى واكرمت زيدا وكذا تعسف ان يقال ان الفاعل ضمير عائد الى مصدر الفعل (قوله

__________________

(٧) عنوان هذا القول وكذ عنوان القول السابق انما يوجد ان فى النسخ المكتوبة فى اطراف السيد الشريف

(٨) هذه الاقوال من نسخة الشارح الطويلة

٣٤٣

يصح هذا) اى جعله معمولا لمحذوف (قوله ما وقع ضرب الا من زيد) بتنزيل الفعل منزلة اللازم (قوله فى غير هذا المقام) اى فى غير ما يقصد فيه القصر ان (قوله اى السبب فى افادة النفى والاستثناء الى آخره) اى الفرغ انما نعرضوا فى بيان افادته القصر لان افادة التقديم لا يدركه الا صاحب الذوق وافادة طريق العطف وكذا النفى والاستثناء اذ كان المستثنى منه مذكورا بين وافادة انما لكونه بمعنى ما والا فما بقى الخفاء الا فى الاستثناء المفرغ لعدم ذكر المستثنى منه (قوله ففرغ الفعل الخ) فالمستثنى المفرغ بمعنى المفرغ عامله على التجوز او المفرغ له على الحذف والايصال (قوله لان الا للاخراج الخ) فالقرينة على المقدر كلمة الا وكذا على عمومه (قوله ولئلا يلزم الخ) يعنى لا قرينة على تقدير خاص دون خاص فلو لم يقدر العام يلزم التخصيص بلا مخصص (قوله ولذلك) اى لاستلزام الا عموم المستثنى منه (قوله بالرفع) واما على تقدير قراءة النصب فتأنيث الضمير لكونه للعقوبة او الاخذة المدلول عليها بما قبل الاية (قوله برفع مساكنهم) واما على قراءة النصب فترى مسند الى المخاطب (قوله للنظر الى ظاهر اللفظ الخ) فان ظاهر النظم ان الفعل مسند الى ما بعد الا وهو مؤنث واما فى الحقيقة فالمعمول مجموع المستثنى منه والمستثنى فالمستحق للاعراب هو المجموع الا انه اجرى على الجزء الاول منه لتقدمه فى الذكر ثم صار الجزء الثانى فضلة فنصب واذا حذف الجزء الاول اقيم الجزء الثانى مقامه واجرى اعرابه عليه كذا فى الرضى قال فى شرح المفتاح اى بالنظر الى ظاهر لفظ المستثنى اعنى صيحة ومساكنهم والضلوع حيث بعد فاعلا والفعل اليه مسندا والا فعند التحقيق الفعل للعام المقدر الذى يعم الكل ويصدق فى جميع الصور وهو شئ من الاشياء وتخصيص الجسم او الحيوان او الانسان او غير ذلك بحسب المقام وخصوص المستثنى انتهى وبما نقلنا اندفع ما قيل لا نسلم ان التأنيث فيما ذكر بالنظر الى ظاهر اللفظ لجواز ان يقدر المستثنى منه فى الكل مؤنثا كالعقوبة والمواضع والاعضاء لان تقدير المؤنث انما هو بملاحظة المستثنى منه واما بالنسبة الى كلمة الا المقتضى للمخرج عنه فليس المقدر الا معنى شئ من الاشياء وهو مذكر هذا ويرد على تفسيره اللفظ بلفظ المستثنى انه يلزم استدراك قيد الظاهر اذ ليس للفظ المستثنى حقيقة بخلاف ما اذا فسر بالنظم فان له حقيقة وهو الاسناد الى المستثنى منه (قوله وفيه اشكال الخ) يمكن الجواب بانه عبر عن تأنيث الفعل بتأنيث الضمير لان تأنيث الفعل انما يكون بتأنيث الفاعل (قوله والا فكيف يسند الخ) فيه انه انما لم يمكن اسناده بلا توسط الا واما بتوسطه فلا لانه انتقض النفى بالا (قوله فيمن قرأ بالياء) واما من قرأ بالتاء فالفاعل ضمير مستر فيه راجع الى

٣٤٤

الرسول (قوله ولم يجوز النصب) مع ان مقتضى القاعدة جواز النصب لكون المستثنى منه مذكورا يعنى انما لم يجوز النصب لان المستثنى منه فيه فى حكم غير المذكور لعدم جواز اظهاره وانصراف العامل نظرا الى الظاهر حيث اعرب باعراب المستثنى منه فعلى هذا التوجيه معنى قوله نظرا الى ظاهر اللفظ ان ظاهر اللفظ يدل على سقوط المستثنى منه وان كان فى التحقيق ثابتا (قوله فى جنسه) اى فى كونه جنسه لان المستثنى منه من جنس المستثنى لا امر مشارك له فى جنسه (قوله بل المراد الخ) وهو ان يكون مع ذلك مما ينساق اليه الفهم بملاحظة المستثنى (قوله واعلم انه قد يقع الخ) يعنى ان الاصل ان يقع بعد الا الاسم وقد يقع بعدها الجملة لكن بشرط ان يكون الاستثناء مفرغا وذلك لانه حينئذ يكون الا ملغاة عن العمل على قول وعن التوصل بها الى العمل على قول فلنكسر شدتها فيسهل دفعها عن اقتضائها الاسم والا كثر ان يليها الفعل المضارع لمشابهته الاسم كما تدل عليه الامثلة (قوله ما يقع الخ) وذلك اذا كان ما قبله ماضيا منفيا (قوله مجردا عن قد الخ) اى لفظا او تقديرا مع انه لا بد للماضى المثبت من قد وانما قال كثيرا لانه يجئ مع قد والواو نحو ما اتيته الا وقد اتانى ويجئ مع الواو فقط نحو ما اتيته الا واتانى كل منهما بالنظر الى اصله وهو الحالية ولا يجوز الاقتصار على قد لانه ان نظر الى مشابهته الجزاء فهو لا يتجرد عن الفاء ذا كان مع قد وان نظر الى حاليته فليس فيه الواو الذى هو الرابط المطرد فى هذا الحال لكونه غير مقترن مضمونه بمضمون عامله وكونه منفصلا عن عامله بالا فاستظهر ربطه بالواو الذى هو اصل فى الربط (قوله وذلك) اى وقوع الماضى بدون قد والواو حالا (قوله فاشبه الشرط والجزاء) لان هذا المعنى اى لزوم تعقيب مضمون ما بعد الا لما قبلها معنى الشرط والجزاء فى الاغلب وانما قلنا فى الاغلب لانه قد لا يكون تعقيب هناك نحو ان كان هناك نار كان هناك احتراق واذا كان مشابها للشرط والجزاء يعامل معاملة الشرط من التجرد عن قد والواو لعدم قصد المقارنة مع العامل بل التعقيب فلا حاجة الى ما يقرب الماضى الى الحال ولا الى ما يربط لان الجزاء مرتبط بالشرط بنفسه (قوله وهذا الحال) اى الحال الذى قصد به لزوم تعقيب ما بعد الا لما قبلها مما لا يقارن مضمونه مضمون عامله لان التعقيب ينافى المقارنة فوقوعه حالا على تأويل العزم ليحصل المقارنة (قوله والتقدير الخ) وبهذا التقدير يندفع اشكال مشهور من ان ظاهر الحديث يدل على انه لا يأس للشيطان من الاغواء قط اى ابدا الا فى زمان الاتيان من النساء والمقصود انه لا يأس له فى تلك الحالة اصلا لان منشأ ذلك

٣٤٥

الاشكال قصر اليأس على الزمان ونفى ان يكون يأس فى غيره فيكون المقصود بالاثبات والنفى النفى اليأس واما اذا كان الاستثناء من اعم الاحوال ونفى اليأس مقيدا بغير جهة النساء كان المعنى انه ما آيس من جهة غير جهة النساء كائنا على حال من الاحوال الا حال عزمه على الاتيان فيفيد ان يأسه من كل جهة سوى جهة النساء متحقق حال عزمه على الاتيان واما انه هل يتحقق له اليأس فى حال الاتيان فمفوض الى المقام وفيما نحن فيه الظاهر عدم اليأس لان اتيانه من هذه الجهة لازالة اليأس ولما قيل النساء حبائل الشيطان* قال قدس سره وقيل قائله صاحب كشف الكشاف* وما ذكره الشارح رحمه الله تعالى من جعله حالا مقدرة مطرد فى جميع الامثلة بخلاف ما ذكره صاحب الكشف فانه لا يجرى فى قولنا ما اتيته الا اتانى اذ لا يصح ان يقال ما اتيته حينا الا موصوفا بانه اتانى فيه* قال قدس سره صفة لظرف محذوف* وفى الكشف او لمصدر محذوف اى ما آيس يأسا الا موصوفا بانه اتاهم فيه من قبل النساء تركه السيد لان معنى اتيانه فيه اتيانه فى زمان ذلك اليأس فيعود الى تقدير الظرف (قوله وفى انما يؤخر المقصور عليه) اى يكون المقصور عليه فى انما هو الجزء الاخير والمراد بالجزء الاخير ما يكون فيه جزأ بالذات عمدة او فضلة لا ما ذكر فى آخره فقط فان الموصول المشتمل على قيود متعددة جزء واحد وكذا الموصوف مع صفته فالمقصور عليه فى قولك انما جاءنى من اكرمته يوم الجمعة امام الامير هو الفاعل اعنى الموصول مع صلته وفى قولك انما جاءنى رجل عالم هو الموصوف مع صفته وانما يؤخر المقصور عليه دون المقصور لان المقصور مقدم طبعا فقدم وضعا كذا فى شرح المفتاح الشريفى (قوله وهذا ليس كذلك) لان لذة مفعول له فلا يصح ان يقال ما لذة الا ذكرناها فاندفع ما قيل ان الحكم بان انما فى هذا التركيب ليس للقصر وفى انما جاءنى زيد لا عمرو للقصر تحكم (قوله لانشاء الخ) اعاد المظهر لان المراد منه لفظ الانشاء وليس فى بعض النسخ ففى ضمير قد يقال استخدام اى لفظ الانشاء يطلق على هذين المعنيين وليس له اطلاق ثالث (قوله كالاخبار) فانه يطلق على الكلام الخبرى وعلى القائه نص عليه فى التلويح (قوله واراد بها معانيها المصدرية) اعنى طلب الشئ على سبيل المحبة وطلب حصول الشئ فى الذهن وطلب الاقبال وطلب الفعل وطلب الترك لانها فى الاصل مصادر على ما فى تاج البيهقى التمنى آرزو خواستن والاستفهام مفهوم كردن خواستن والنداء خواندن والامر فرمودن والنهى باز زدن ثم اطلقت على ما يفيد تلك المعانى ولا اطلاق لها على الهيئا المخصوصة

٣٤٦

فى كلامهم وان ذهب السيد الى اطلاق التمنى على الهيئة المخصوصة وقسمة الالقاء بالمعنى المصدرى الى الطلب بالمعنى المصدرى وغيره صحيحة لان الا لقاء عين الطلب فى الخارج وان كان مغاير اله فى المفهوم مثلا القاء اضرب عين طلب الضرب من المخاطب اذ لا فعل من المتكلم سوى تلفظ اضرب وكذا انقسام الطلب الى الاقسام الخمسة لان كل واحد منها طلب مخصوص وليس المراد بمعانيها المصدرية القاء الكلام المشتمل على التمنى والقاء الكلام المشتمل على الاستفهام الى غير ذلك على ماوهم فانها ليست معانى لتلك الالفاظ اصلا وينافيه ما سيأتى فى كلام الشارح رحمه الله تعالى من تفسير كل واحد منها بالطلب المخصوص وجعله موضوعا لليت والهمزة والاستفهام وغير ذلك (قوله بقرينة قوله واللفظ الموضوع له كذا وكذا) فان اللام فيه صلة الوضع بدليل ذكر المعانى المجازية بعد بيان الموضوع له حيث قال وقد يتمنى بهل وبلو وقد يستعمل لعل للتمنى وكذا فى الاستفهام (قوله لظهور ان ليت موضوعة لافادة التمنى) اى لاجل افادته فيكون التمنى معنى حقيقيا له لان اللفظ انما وضع لافادة المعنى الحقيقى (قوله لا للكلام الى آخره) اى ليس موضوعا لافادته فلا يكون معناه الموضوع له فلا يمكن ان يراد بالانشاء الكلام الذى ليس لنسبته خارج لانه لا يمكن جعل التمنى من اقسامه وكذا الاستفهام والامر والنهى والقول بالاستخدام بان يراد بقوله منها التمنى الكلام المخصوص وبضمير له فى قوله واللفظ الموضوع له التمنى بالمعنى المصدرى وكذا فى جميع العبارات التى ستأتى فى الاستفهام والامر والنهى والنداء تكلف يرد عليه انه يلزم استدراك قسمة الانشاء الى الطلب وغيره وقسمة الطلب الى التمنى والاستفهام وغيرهما من الانواع الخمسة اذ لم يبين من احوالها بمعنى الكلام المخصوص شيئا بل احوالها باعتبار معانيها المصدرية من الالفاظ الموضوعة لها وبيان المستعمل فيها مجازا الى غير ذلك وانه لا حاجة الى لفظ صيغته فى قوله ومنها الامر والاظهر ان صيغته اذ يكفى حينئذ ان يقال والاظهر انه الخ وكذا فى قوله ومنها النداء وقد يستعمل صيغته فى غير معناه (قوله ولا يتوهم الخ) فيه دفع لما قيل من ان قسمة الكلام التام الى الخبر والانشاء فى اول الفن يقتضى ان يراد بالانشاء الكلام الانشاء كالخبر (قوله كافعال المقاربة) اى كالقاء افعال المقاربة وبما حررنا لك من تحقيق توجيه الشارح رحمه الله اندفع اعتراض السيد والشكوك التى تحير فيها الناظرون فان منشأ كلها حمل قوله معانيها المصدرية على الالقاءات يظهر لك بالتدبر الصادق فلا نفصله مخافة الملال* قال قدس سره الا ان يجعل اللام للغاية الخ*

٣٤٧

فيه ان وضع ليت لمعناه ليس غايته القاء الكلام المخصوص* قال قدس سره واما اذا جعل الخ* هذا الكلام حق لكنه لا يدفع الاشكال عن المتن لان التمنى بمعنى الهيئة النفسانية المخصوصة ليس قسما من الانشاء اذ لا اطلاق له الا على نفس الكلام الانشائى او القائه كما مر (قوله غير حاصل) اى فى اعتقاد المتكلم فيدخل فيه ما اذا طلب شيئا حاصلا وقت الطلب لعدم علم المتكلم بحصوله (قوله وقت الطلب) لم يقل وقته لئلا يتوهم كونه فاعل حاصل والضمير راجعا الى المطلوب (قوله والغرض الخ) يعنى ان هذه المقدمة تمهيد لبيان المعانى المتولدة منه* قال قدس سره قيل ينتقض الخ* وما قيل انه لا انتفاض وان لم يعتبر الحيثية اما بمجموع علمنى فلان الطلب نفس علم لا المجموع واما بمجرد علم فلان المطلوب به حصول امر مطلقا لا فى ذهن الطالب فوهم منشأه حمل الطلب على صيغته والمراد ههنا لمعنى المصدرى كما عرفت* قال قدس سره ان كان المطلوب الخ* يعنى ان قيد الحيثية مراد بناء على ما تقرر من اعتبار الحيثيات فى تعريفات الامور التى تختلف باعتبار وان لم تذكر فالمعنى ان كان المطلوب به اى الغرض منه لا مدلوله فان مدلول الاستفهام ايضا حصول امر فى الخارج وهو تفهيم المخاطب للمتكلم نص عليه السيد فى حواشى شرح الرسالة الشمسية حصول امر فى ذهن الطالب من حيث هو حصول امر فى ذهنه اى من حيث هو وجود ظلى مثالى له لا يترتب عليه الاثار والاحكام فهو الاستفهام مثلا ازيد قائم طلب لحصول نسبة القيام الى زيد فى ذهن المتكلم ووجودها فيه بوجود ظلى ليصير معلوما وان كان ذلك مستلزما لاتصاف الذهن بالعلم بتلك النسبة ووجوده فيه بوجود اصيلى كسائر الكيفيات النفسانية بخلاف علمنى فان الغرض منه حصول العلم واتصاف النفس به ووجوده فيه وجودا اصيليا وان كان مستلزما لحصول ما يتعلق به وجودا ظليا وهذا الفرق دقيق مبناه على ان وجود الشئ فى الذهن على نحوين اصلى يترتب عليه الاثار كما فى الاتصاف بالشجاعة وهو المطلوب فى علمنى ووجود ظلى لا يترتب عليه الآثار كما فى تصور اشجاعة وهو المطلوب فى الاستفهام وبما حررنا لك ظهر ان مثل اعلم ولا علم داخل فى الامر لان المطلوب به العلم بما يتعلق به فالمطلوب به وجود امر فى الخارج وان الحاجة الى الحيثية انما هو فى تعريف الاستفهام فان وجود الشئ فى الذهن على نحوين دون وجوده فى الخارج فتدبر فانه من المهمات (٤) * قال قدس سره وقد يجاب بان المطلوب الخ* فيه انا لا نسلم ان مطلوب القائل بعلمنى وجود التعليم من المخاطب بل مطلوبه حصول العلم فى ذاته الا انه يجعل التعليم وسيلة اليه* قال

__________________

(٤) من الملهمات نسخة

٣٤٨

قدس سره من حيث انه انتفاؤه وعدمه* لانه مدلول حرفى يدل عليه كلمة لا الناهية فيكون آلة لملاحظة غيره بخلاف اترك فان الانتفاء فيه مدلول الفعل فيكون ملحوظا فى نفسه* قال قدس سره وقد حقق ذلك الخ* وهو ان اللزوم قد يلاحظ من حيث انه نسبة بين اللازم والملزوم وآلة لتعرف حالهما فحينئذ لا يكون للزوم لزوم آخر وقيد يلاحظ من حيث انه مفهوم فى نفسه فيعرض له لزوم آخر وقس على ذلك الامكان والوجوب وسائر الامور الاعتبارية التى يلزمها التكرر (قوله انتفاء فعل الخ) اى المطلوب حصول انتفاء فعل عن الفاعل بان يتصف الفاعل بعدم ذلك الفعل ووجود ضد من اضداده وكذا المراد بحصول ثبوته ان يتصف الفاعل بثبوت ذلك الفعل وتحققه منه وانما زاد لفظ الحصول تبعا للسكاكى رحمه الله ولم يقل ان كان المطلوب انتفاء الفعل او ثبوته اشارة الى ان المطلوب فى الامر والنهى اتصاف الفاعل به فلا يرد انه لا معنى لحصول الانتفاء وحصول الثبوت (قوله فهو الامر) سواء كان بطريق الاستعلاء او لتضرع او التساوى وهذا وجه ضبط الانواع الخمسة وان كان غير مختار عند المصنف رحمه الله لشرطه فى الامر والنهى استعلاء (قوله وهو طلب حصول الشئ على سبيل المحبة) اى ان كان مبنى الطلب هى المحبة واظهارها من غير قصد الى وجوده ولذا يطلب المحال فلا يرد الاوامر الدالة على المعانى المحبوبة (قوله امكان المتمنى) اى امكانه الذاتى بل يجوز ان يكون ممتنعا كما فى ليت الشباب يعود فان الشباب عبارة عن زمان ازدياد القوى النامية كما مر فى بحث المجاز العقلى واعادة الزمان محل لاستلزامه ان يكون للزمان زمان فما قيل ان اراد الامكان الذتى ففى دلالة قوله ليت الشباب يعود على عدم اشتراطه بحث اذ لا امتناع فى عود الشباب ليس بشئ (قوله والا لصار ترجيا) اى انقلب التمى بالترجى لان الطمع ارتقاب المحبوب على ما سيجئ فما قيل فيه بحث لانه لا طلب فى الترجى وهم (قوله فكما يفرض الخ) بيان لعلاقة المجاز* قال قدس سره وقبل انها حكاية* للتمنى المستفاد من ودّ وافان ودادة الامر المستحيل كادهان الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم تمن فلو فى لو تدهن للتمنى على سبيل الحكاية كانه قيل ودوا ادهانك قائلين لو تدهن وقوله فيدهنون على تقدير المبتدأ اى فهم يدهنون حينئذ ولذا لم ينصب كذا فى الكشاف* قال قدس سره احتيج الى تنزيلهما الخ* ولا يجوز ان يراد مركبة كل منهما مع لا وما لان المعنى على التوزيع لا الحكم على كل واحد منهما (قوله حال كونهما الخ) فالمأخوذ الكلمات الاربع والمأخوذ منه هل ولو حال التركيب مع لا ولا فلا يتحد المأخوذ والمأخوذ منه على ما وهم والعجب انه قال انه

٣٤٩

حال مقدرة ولا حصول لهذه الكلمات فى حال التقدير (قوله ليس افادة التمنى) لانهما كانا يفيد ان التمنى قبل التركيب بل ليصير التمنى بالوضع التركيبى معنى حقيقا بالوضع الثانى فيتولد منه التنديم والتحضيض فان المجاز عن المجاز لا يجوز (قوله فى الماضى التنديم) اى تنديم المخاطب لان المتكلم انما يحبه لاجل شفقته عليه فلا يرد ان محبة المتكلم لا تقتضى ندامة المخاطب فكيف يتولد من طلب المحبة التنديم وكذا فى التحضيض (قوله وهذا) اى قوله لتضمينهما (قوله حاصل معناه) فان الزام معنى التمنى هو معنى التضمين* قال قدس سره وعلى هذا يظهر الفرق الخ* فان معنى التمنى فى هل ولو معنى مجازى وفى لعل من مستتبعات التراكيب فتدبر (قوله ومن هذا) اى من دخول الاشفاق فى الترجى لظهور ان العاقل لا يطلب ما يكرهه (قوله فان كانت تلك الصورة وقوع نسبة الخ) اى صورة وقوع نسبة يدل عليه قولهم اى ادراك وقوع النسبة الا انه نبه بحذف لفظ الصورة على اتحاد العلم بالمعلوم فمع قطع النظر عن القيام بالذهن معلوم وباعتبار القيام به علم (قوله بان بينهما نسبة اما بالايجاب او السلب) اى بالوقوع واللاوقوع فان الايجاب والسلب يطلق عليهما نص عليه فى شرح الشرح العضدى (قوله وهذا ظاهر الخ) اى استدعاء التقديم حصول التصديق بنفس الفعل ظاهر فى تقديم المنصوب لان تقديم ما حقه التأخير يفيد التخصيص الا اذا نبأ المقام عنه فحينئذ يحمل على انه لغير التخصيص كما مر واما تقديم المرفوع المظهر فلا يجئ للتخصيص اصلا عند السكاكى رحمه الله تعالى فلا يستدعى تقديمه حصول التصديق بنفس الفعل واما عند الشيخ عبد القاهر فقد يأتى للتخصيص وقد يأتى للتقوى والتعيين مفوض الى المقام فلا يقبح هل زيد عرفت اصلا (قوله فمثل هذا) اى الفعل الداخلة عليه الهمزة محتمل لطلب التصديق ومحتمل لطلب التصور وتعيين احد المعنيين بحسب القرائن اللفظية كاقتران ام الداخلة على عديله فقولك اضربت زيدا ام لا لطلب التصديق وقولك اضربت زيدا ام اكرمته لطلب التصور او المعنوية كما فى افرغت من الكتاب الذى كنت تكتبه (قوله لا يخلو عن تعسف) لانه اذ كان المسؤل هو التصديق لم يكن شئ من الجزئين مسؤلا عنه بخصوصه حتى يليها لا ان يقال ان المسؤل عنه هى النسبة وهى مدلول جزء الفعل فلا بد ان يلى الفعل الهمزة (قوله ومما يؤيد ذلك) اى كون المسؤل عنه يلى الهمزة* قال قدس سره اطلاق الشك الخ* تأييد لما ذكره سابقا من ان المطلوب فى الحقيقة فى صورة طلب التصور هو التصديق (قوله نحو هل قام زيد وهل عمرو قاعد) اورد المثالين دفعا لتوهم اختصاص

٣٥٠

هل بالفعلية لكونها فى الاصل بمعنى قد (قوله فبينهما) اى بين هل وام (قوله اى هل ضربت زيدا ضربت) فلا يكون هناك تقديم حتى يستدعى التصديق بحصول نفس الفعل (قوله لكنه يقبح) لقبح احتمال عدم التقديم لا لكونه خلاف الغالب (قوله سوى ان الغالب الخ) اذ كون التقديم لغير التخصيص ليس بقبيح فلم يكن قبحه الا لاجل كونه على خلاف الغالب فيلزم ان يكون كل تقديم لغير التخصيص قبيحا فذكر قوله وجه الحبيب التمنى على سبيل التمثيل (قوله من ان اعتبار التقديم الى آخره) يعنى ان هل والهمزة انما يدخلان على الجملة الخبرية فلا بد من صحتها قبل دخول هل ورجل عرف لا يصح بدون اعتبار التقديم والتأخير لعدم مصحح الابتدائية سواها واذا اعتبر التقديم والتأخير كان الكلام مفيد الحصول التصديق بنفس الفعل فلا يصح دخول هل عليه بخلاف الهمزة فانها لطلب التصور فلا ينافى التصديق الحاصل بنفس الفعل بسبب التقديم هذا اعتبار اهل المعانى الباحث عن الخواص والمزايا وما فى الرضى من انه يصح ارجل فى الدار وهل رجل فى الدار لوقوع النكرة فى حيز الاستفهام فكلام ظاهرى واعتبار النحاة الباحثين عن صحة الالفاظ ولا يلزم تطابق الاصطلاحين عند اختلاف الاغراض (قوله وهى تخصص المضارع بالاستقبال) وليس من الحروف المغيرة لمعنى الفعل لانها فى الاصل بمعنى قد وهى لا تغير فلا يرد ما قيل انه لو كان مخصصا بحسب الوضع لكان مخصصا للماضى بالاستقبال مع انه ليس كذلك قال الله تعالى (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) (قوله وهو اخوك) قبل المراد بالاخوة الصداقة لا الاخوة الحقيقية والا لكان الجملة الاسمية حالا مؤكدة فلم يجز دخول الواو عليها كما تقرر فى النحو انتهى وهو سهو فان الحال المؤكدة ما يكون مؤكدة لمضمون جملة وهى ما لا يكون الاسما غير حدث نص عليه فى الرضى (قوله بمعنى انه لا ينبغى) يعنى اراد به انكار توبيخ لا انكار تكذيب وسيجئ ان الانكار يكون لمعنيين (قوله لعدم المقارنة الخ) هذا مبنى على عدم الفرق بين الحال الذى هو قيد للعامل وبين الحال الذى هو الزمان المخصوص (قوله فهم منه الخ) لعل منشأ فهمه انه فهم من الجملة الحالية الواقعة فى قول النحاة الجملة التى وقعت الحال قيدا لها مع ان مرادهم الجملة التى ومعت حالا (قوله وهو ينادى الخ) لانه يدل على وجوب تجريد الجملة الحالية لا على تجريد الفعل المقيد بالحال (قوله لكون هل الخ) يعنى ان الباء داخلة على المقصور كما انها فى قوله وتخصيصها المضارع بالاستقبال داخلة على المقصور عليه فقد جمع العبارتان استعمالى التخصيص (قوله مزيد اختصاص) اى ارتباط اذ الاختصاص لا يقبل الزيادة

٣٥١

والنقصان وانما قال مزيد لان للاستفهام مطلقا اختصاصا بالفعل (قوله اما اقتضاء الثانى الخ) قيل فيه بحث لان كونها مخصصة للمضارع بالاستقبال لا يقتضى مزيد الاختصاص وانما يقتضيه لو كان المخصص مختصا بالمضارع والجواب ان المراد بمزيد الاختصاص زيادة الارتباط ولا شك انها لما كانت مخصصة للمضارع بالاستقبال كان لها مزيد ارتباط بالفعل من الاسم حيث تخصص الفعل بالاستقبال دون الاسم* قال قدس سره يطلب من علوم اخر* المراد بالعلوم الاخر ما ليس من جنس العربية وسائر العلوم النقلية بل من العلوم العقلية كالكلام والاقسام الحكمية من الالهية والطبيعية وليس بلازم ان يكون ذلك مطلبا او مسئلة من كل منها بل يكفى ان يكون مسئلة من احدها او يكون ما يفتقر اليه فى تحققه مبينا فيها كلها او بعضها مجتمعا او متفرقا كذا فى شرح المفتاح للشارح رحمه الله تعالى* قال قدس سره توجه النفى الى الوصف* اى الى اوصاف زيد* قال قدس سره بعد علمك* متعلق بقوله متى قلت وحين لا نزاع متعلق بقوله تناولهما النفى اى تناول النفى المنجم والشاعر لا الاوصاف الاخر حين لا نزاع بين المخاطب والمتكلم فيها وانما النزاع فى كونه شاعرا او منجما* قال قدس سره توجه اى النفى الى ثبوت الوصف للمدعى له* اى للذى ادعى ثبوت الوصف له ان عاما اى ان كان المدعى عاما وان كان خاصا توجه النفى اليه فى الحالتين كذلك اى كما ادعى للمدعى له يعنى يتناول النفى ثبوت الوصف للمدعى له كما ادعى اى ان ادعى عاما تناوله على عمومه وان ادعى خاصا تناوله على خصوصه* قال قدس سره ولاستدعائه* عطف على قوله ولكون هل* قال قدس سره ولما يحتمل ذلك* اى المضارع دون الماضى وانت تعلم فى موقع الحال او اعتراض بين قوله ولكون هل وما عطف عليه وبين قوله استلزام وذلك اشارة الى ما يفهم من قوله ولكون هل ولاستدعائه اى لكون هل متصفا بالصفتين المذكورتين استلزم ذلك الاتصاف مزيد اختصاص لهل دون الهمزة بالشئ الذى زمانيته اظهر (قوله فظاهر) فيه تعريض للسكاكى رحمه الله تعالى بانه تعرض لبيان ما هو ظاهر بما لا حاجة اليه وقصر فى بيان ما هو اخفى اعنى اقتضاء الثانى لذلك (قوله انما يتوجهان الى الصفات) اى الامور القائمة بالغير وانما لم يفسرها لاشتهارها بهذا المعنى وتقدم ذكره فى القصر حيث قال والمراد الصفة المعنوية اى المعنى القائم بالغير (قوله التى هى مدلولات الافعال) لان مدلولاتها الاحداث القائمة بالفاعل لان النسبة الى الفاعل بطريق القيام جزء مفهوم الفعل (قوله من حيث

٣٥٢

هى متعلق بالصفات) اى من حيث هى صفات والمعنى ان النفى والاثبات انما يتوجهان الى الامور القسائمة بالغير من حيث انها قائمة بالغير اى قيامها ولظهور هذا الحكم لم يتعرض لبيانه واذا كان تلك الامور القائمة بالغير مدلولات الافعال كان للنفى والاثبات مزيد اختصاص بالافعال بخلاف مدلولات الاسماء فانهما يتوجهان الى قيامها الذى هو خارج عنها وانما قيد بالحيثية لان الامور القائمة بالغير اذا لم تعتبر من حيث القيام بالغير بل من حيث ذواتها لا يتوجه النفى والاثبات اليها (قوله لا الى الذوات) اى الامور القائمة بنفسها اى ما لا تكون قائمة بالغير التى هى مدلولات الاسماء فان مدلولاتها سواء كانت مشتقة او غير مشتقة لا يعتبر فيها قيامها بالغير وان كان يعرض لها وانما قيد بالحيثية لان مفهوما واحدا قد يكون ذاتا بالنسبة الى صفة وصفة بالنسبة الى ذات كالحركة فانها ذات بالنسبة الى السرعة صفة بالنسبة الى ذى الحركة ولما كان فى هذا الحكم خفأ بناء على انه انما يدل على علة توجه النفى والاثبات الى مدلولاتها من حيث قيامها بالغير ولم لا يتوجهان اليها من حيث انها ذوات بينه بقوله لان الذوات ذوات اى ما نفرضه ذاتا موصوفة بالذاتية دائما فاثبات الذاتية لها لا فائدة فيه ونفيها عنها خلاف الواقع فكلام الشارح رحمه الله تعالى لا غبار عليه الا انه عرض فى كلام السكاكى رحمه الله تعالى بان اقتضاء الثانى لمزيد الارتباط ظاهر لا حاجة فى بيانه الى الاستدلال الذى ذكره وبان استدلاله لاقتضاء الثانى ذلك قاصر حيث اكتفى بقوله وقد نبهت فيما قبل على ان النفى والاثبات لا يتوجهان الى الذوات وانما يتوجهان الى الصفات لا بد فيه من ضم ان الصفات مدلولات الافعال والذوات مدلولات الاسماء وضم ما جعله دليلا على عدم احتمال الذوات الاستقبال وبما حررنا ظهر لك ان الشارح رحمه الله تعالى لم يعدل عن الطريقة المسلوكة فى ايضاح المواضع المتشابهة الا انه ما اوضح كل الايضاح* قال قدس سره فانها لا تنتفى الخ* يرد عليه ما سيورده على التوجيه الثانى من ان اللازم منه ان لا يمكن نفيها بمعنى جعلها منتفية واثباتها بمعنى جعلها ثابتة لا بمعنى الحكم بثبوتها فانه صادق والحكم بانتفائها فانه ممكن وان كان كاذبا* قال قدس سره فى الاعراض* وكذا فى المستحيلات والجواهر* قال قدس سره فلذا اختار بعضهم* وهو الفاضل الكاشى حيث قال يمكن ان يحمل مذهب المصنف رحمه الله تعالى على مذهب المعتزلة من انهم يقولون ان المنفى هو الممتنع وذوات الممكنات ثابتة فى حال الوجود والعدم ولا يمكن الحكم بنفيها ويمكن ان يحمل على ما يقول الحكماء من ان الماهيات غير مجعولة ولا يمكن نفى الماهيات من حيث انها

٣٥٣

ماهيات على معنى انه لا يمكن ان يقال الماهية ليست بماهية بل لا يمكن الاسلب الوجود والصفات الاخر عن الماهيات فيقال الماهيات ليست بموجودة او متحركة وحينئذ لا يمكن ان يراد بقولنا ما زيدان زيدا ليس بزيد بل يراد ان زيد ا ليس بموجود او كاتب او منجم او غير ذلك من الصفات الى آخر كلامه ولا يخفى انه لا يرد عليه ما ورده السيد لانه قال لا يمكن الحكم بنفيها ولا يمكن الحكم بنفيها عن نفسها فلا يراد بما زيد ان زيدا ليس بزيد لكونه خلاف الواقع بل يراد به ان زيدا ليس بموجود او متحرك او نحو ذلك ولا تعرض فى كلامه ولا فى كلام السكاكى رحمهما الله تعالى ههنا للحكم باثبات الذوات اذ لا حاجة فى تحقيق القصر اليه وان كان فى الواقع الحكم باثباتها ايضا غير ممكن لان الحكم بالاثبات والنفى يقتضى امرين ولا تغاير بين الذات ونفسه نعم يرد على بيانه انه لا يجرى فى قصر الممتنعات نحو ما شريك البارى الا ممتنع الا ان يقال لا يمكن تصور المستحيلات الا باعتبار التشبيه والمثال فيؤل الى قصر الممكنات فتدبر* قال قدس سره ولا يبعد ان يقال الخ* هذا الوجه مع اشتماله على التكلفات التى ارتكبها السيد بعيد لان المراد بالصفة فى تقسيم القصر الى قصر الموصوف على الصفة وبالعكس الصفة المعنوية كما مر فلا بد ان يراد ذلك المعنى فى تحقيق القصر ايضا ليتم التقريب* قال قدس سره يطلق على المستقل بالمفهومية* هذا المعنى هو من فروع ما يقوم بنفسه حيث اريد القيام فى الوجود الذهنى* قال قدس سره الذات ما يصح ان يعلم ويخبر عنه* هذا المعنى يصدق على ما لا يستقل بالمفهومية لانها يصح ان يعلم ويخبر عنها اذا لوحظت بالذات كما بينه قدس سره الا ان يراد من حيث انه يصح ان يعلم ويخبر عنها* قال قدس سره وحينئذ يطلق الخ* لا يخفى انه لا بد فى اثبات ذلك من شاهد ومجرد كون الصفة فى مقابلة الذات لا يقتضى ان يطلق الصفة بهذا المعنى لجواز ان لا يستعمل الصفة فى مقابلة الذات بهذا المعنى بل النسبة الا ان يقال انه نقل فى شرح حكمة العين فى بحث الحال عن افضل المحققين انهم يعنى القائلين بالحال يعنون بالذات ما يصح ان يعلم ويخبر عنه بالاستقلال وبالصفة ما لا يعلم الا بتبعية الغير* قال قدس سره لان الافعال تتضمن الخ* اى دون الاسماء فلا يرد ان الجمل الاسمية ايضا تتضمن نسبا حكمية على ان النسب فيها مدلولات الروابط (قوله على طلب الشكر الخ) اى طلب حصوله فى الخارج لانه المراد به دون حقيقة الاستفهام لامتناعها على علام الغيوب (قوله لان ابراز ما يتجدد) اى ما يتقيد وجوده بزمان الاستقبال فى معرض الامر الثابت اى غير المقيد بالزمان ادل على كمال العناية حيث

٣٥٤

يدل على طلب حصوله غير مقيد بزمان من الازمنة فتدبر فانه قد خفى على بعض الناظرين وهذا الكلام لطلب اصل الشكر كما يدل عليه قوله لطلب الشكر لا لطلب استمرار الشكر فلا يرد ما قيل ان الاستمرار التجددى المستفاد من هل انتم تشكرون امس بالمقام من الاستمرار الثبوتى المستفاد من فهل انتم شاكرون (قوله وقد اخذ الخ) توضيحه ما فى الشفاء ان مطلب هل على قسمين احدهما بسيط وهو مطلب هل الشئ موجود على الاطلاق او ليس بموجود على الاطلاق والآخر مركب وهو مطلب هل الشئ موجود كذا وليس بموجود كذا فيكون الموجود رابطة لا محمولا مثل هل الانسان موجود حيوانا وبهذا اندفع ما قيل ان هذا الكلام ظاهرى حال عن التحصيل اذ المعتبر فى كل قضية سوى الوجود الرابطى امران فلا يستحق ما محموله الوجود ان يكون بسيطة بالنسبة الى ما محموله غير الوجود* قال قدس سره قد يطلب الخ* فيه اشارة الى ان بيان الشارح رحمه الله لما الشارحة للاسم قاصر حيث اكتفى بالقسم الاول فقط ولعل اكتفائه ههنا وقد ذكر فى التلويح كلا قسميه لانه الذى يحتاج اليه فى شرح قول المصنف رحمه الله ويقع هل البسيطة بينهما فى الترتيب (قوله فيجاب بايراد لفظ اشهر) اى احق الجواب ذلك اذ مفهوم الاسم امر مجمل فاذا اجيب بمركب دخل فى الجواب تفصيل ليس من دواخل المسؤل عنه فاذا لم يوجد مفردا شهر عدل الى التركيب ولا يكون التفصيل المستفاد منه مقصودا والمراد بالاسم ههنا ما يقابل المسمى اذ شرحه الاسم لا يختص بالاسم المقابل للفعل والحرف (قوله اى حقيقته الخ) اى ليس المراد بالماهية ما يقع فى جواب ما هو فانه شامل لما يكون شرح الاسم بل الماهية الموجودة ووصف الحقيقة بالتى هو بها هو اشارة الى ان المراد بالحقيقة الماهية الثابته فى نفس الامر لا المتحققة فى الخارج على ما صرح به فى التلويح من ان تعريفات الماهيات الثابتة فى نفس الامر تعريفات حقيقية (قوله فيجاب بايراد ذاتياته) اى حق الجواب ذلك وربما اقيمت الرسوم مقامها توسعا واضطرارا كذا فى شرح الاشارات وحكمة الاشراق (قوله بين ما التى لشرح الاسم) اى يطلب به معنى الاسم على ما فى الشفاء وليس ما الشارحة مختصا بطلب الحد التام الاسمى على ما وهم وان كان الشايع ذلك (قوله لان من لا يعرف الخ) فى الشفاء واما ان طلب احد هل حركة او زمان او خلاء او اله موجود فيجب ان يكون فهم اولا ما يدل عليه هذه الاسامى انتهى ويفهم منه انه لا بد من معرفة مفهوم الاسم اجمالا قبل طلب الوجود* قال قدس سره ولم تعرف خصوصية ذلك المفهوم* اى لم تعرف خصوصية توجب تمييز ذلك المفهوم عندك من بين المفهومات

٣٥٥

فى الجملة بل احتمل عندك كل مفهوم ان يكون مدلول ذلك الاسم فلا يكون ذلك المفهوم متصورا لك الا باعتبار انه معنى ذلك الاسم فلا يمكنك السؤل عن وجوده اذ لو قلت هل معنى لفظ الحركة موجود كان سؤالا عن وجود معنى هذا اللفظ الواقع بعد هل اعنى لفظ معنى لفظ الحركة لان السؤال عن وجوده مفهوم ما يدخل عليه هل كقولنا هل الحركة موجودة اى مفهومها منطبق على موجود فالواجب حينئذ تقدم تصور معنى هذا اللفظ اجمالا وهو حاصل اذا كان لك علم بان لها معنى وهذا معنى قول الشارح رحمه الله فان من لا يعرف مفهوم هذا اللفظ اى مفهومه من حيث انه مدلول اللفظ استحال منه طلب وجوده وبما حررنا لك سقط الاعتراض المشهور من انه اذا عرف ان له معنى فقد تصوره باعتبار انه معنى اللفظ وان كان مبهما فلم لا يكفى هذا التصور فى طلب وجوده واما السؤال عن خصوصيته فانه متجه لانك تصورت الاسم بخصوصه وعلمت ان له معنى فتقول ما الحركة* قال قدس سره وبعد ان عرفت خصوصيته اجمالا فى ضمن ذلك اللفظ امكنك السؤال عن وجوده بان تجعل ذلك اللفظ مدخول هل* قال قدس سره لكن الانسب الخ* ليكون الاشتغال بمطلب هل بعد الفراغ عن مطلب ما الشارحة ولانه قد يكون لشرح المفهوم تفصيلا مدخل فى التصديق بوجوده* قال قدس سره اى ماهيته الموجودة* اى فى الاعيان هذا على ما ذهب اليه القوم واما عند الشارح رحمه الله تعالى فالمراد الموجودة فى نفس الامر* قال قدس سره بقدر الامكان* اى بقدر ما يمكن تصوره بالذاتيات كلها او بعضها او العرضيات (قوله والمعدوم اى فى نفس الامر) لاهوية له اذ لا يشير اليه العقل الا بعد اعتباره وفرضه هذا على طريقة الشارح رحمه الله تعالى واما عند القوم فمعناه لا وجود له فان الهوية يطلق بمعنى الوجود (قوله والفرق الخ) هذه عبارة الشفاء وما ذكره وجه انى لمغايرة الحد للمحدود وقوله بالجملة وبالتفصيل اشارة الى الوجه اللمى كما لا يخفى (قوله حتى ان ما يوضع الخ) مثلا تعريف المثلث المتساوى الاضلاع بما احاط به ثلثة خطوط متساوية حد اسمى وبعد علمك بوجوده بالشكل الاول من التحرير يصير حدا حقيقيا (قوله فانه يجاب عنه بزيد) فان العلم يفيد احضار ما وضع له بعينه وهو عارض له بمعنى انه خارج عن ماهيته او شبيه بالعارض القائم (قوله عن الجنس) اى الماهية الكلية سواء كانت متفقة الافراد او مختلفة الافراد اجمالا او تفصيلا فيشمل جميع اقسام المقول فى جواب ما هو نحو ما زيد وعمرو فيجاب بانسان وما الانسان والفرس فيجاب بحيوان وما الانسان فيجاب بحيوان ناطق

٣٥٦

فيطلب بما عند السكاكى رحمه الله شرح الاسم وشرح الماهية الموجودة الا انه مختص عنده بالامر الكلى وعند صاحب القيل شرح الاسم كليا كان او جزئيا (قوله اى اى اجناس الخ) لا يتوهمن من تفسيره مطلب ما بمطلب اى اتحادهما فان اى لطلب المميز وما لطلب الماهية الا انه لما كان طلب ماهية الشئ مستلزما لطلب تمييز تلك الماهية وتعيينها عما عداه من حيث اشتمالها على الخصوصية اقيم مطلب اى مقام مطلب ما ولذا يتحد جوابهما فيقال كتاب ونحوه لانه من حيث انه مشتمل على بيان الجنس اجمالا جواب ما ومن حيث اشتماله على الخصوصية المميزة عن الاجناس الاخر جواب اى كذا يستفاد من شرحه للمفتاح (قوله فقد سبق المفردون) اى لانفسهم بطاعة الله تعالى او عما سوى الله تعالى (قوله وما المفردون) او ما وصفهم الذى يعرف به انهم مفردون* قال قدس سره قلت بينهما الى آخره* حاصله ان المطلوب فى من فى الدار تعيين المسند اليه قصدا وتبعه حصول التصديق بخلاف ادبس فى الاناء ام خل فان المقصود منه هو التصديق (قوله واما ما ذكره السكاكى الخ) يعنى ان السكاكى رحمه الله تعالى ادعى ان قولة تعالى فمن ربكما للسؤال عن الجنس حيث قال ومنه قوله تعالى ولا نسلم انه للسؤال عن الجنس لم لا يجوز ان يكون للسؤال عن الوصف كما يدل عليه الجواب الا انه اورد المنع لقوته بصورة دعوى فساد الحمل على الجنس مبالغة فى قوة المنع فلا يرد انه يجوز ان يكون الجواب من الاسلوب الحكيم واشارة الى ان السؤال عن الجنس لا يليق بجنابه بل اللائق السؤال عن اوصافه الكاملة على ان ادعاء فساده باعتبار اجراء الجواب على مقتضى الظاهر فانه الاصل (قوله بقوله ربنا الذى الى آخره) اى اعطى كل نوع من الانواع صورته وشكله الذى يطابق كما له الممكن ويجوز ان يجعل خلقه مفعولا اول لاعطى يعنى اعطى خلقه كل شئ يحتاجون اليه ويرتفقون به قدم المفعول الثانى لانى المقصود ثم هدى ثم عرفه كيف يرتفق بما اعطى وكيف يتوصل به الى بقائه وكماله كذا فى شرحه وللمفتاح (قوله احد المتشاركين فى امر يعمهما) اعتبار بالاقل والمراد احد المتشاركين او المتشاركات فى امر هو مضمون ما اضيف اليه اى ووصفه بانه يعم المتشاركين لزيادة الايضاح والبيان والا فالامر الذى يشارك فيه اشيئان لا يكون لا يعمهما كذا فى شرحه للمفتاح وتبعه السيد وفيه بحث لان المتشاركين فى دار او مال لا يسأل باى عما يميزهما ما لم يجعلا تحت ما يعمهما ولو كان مفهوم المتشاركين فى هذا المثال (قوله الى مشار اليه) اى شئ يمكن التعبير عنه باسم الاشارة (قوله سل بنى اسرائيل الخ)

٣٥٧

اى سل هذا السؤال فيكون فى موقع المصدر او جواب هذا السؤال فيكون فى موقع لمفعول او قائلا هذا السؤال فيكون حالا (قوله اعشرين ام ثلثين) اشارة الى ان مميزكم الاستفهامية يكون منصوبا مفردا اعتبارا باوسط احوال العدد فان مميز ثلثة الى عشرة مجرور مجموع وعشرين الى تسعين منصوب مفرد وما بعد ذلك مجرور مفرد (قوله واقول سل بنى اسرائيل الخ) لعل مراده عدم الوجدان قطعا فانه يحتمل كم فى الآية ان تكون خبرية على ما فى الكشاف او عدم الوجدان فى صورة عدم الفصل بفعل متعدد (قوله ان يكون المأتى) بفتح التاء على صيغة المكان موضع الحرث وهو القبل دون الدبر وفيه رد على اليهود فانهم كانوا يحرمون اتيان المرأة وظهرها الى السماء كذا فى تفسير القاضى فى سورة الاحزاب (قوله لعراقتها) فى الاستفهام لانها موضوعة له وسائر الكلمات موضوعة لمعانيها تضمنت معنى الهمزة فى الاستعمال (قوله ولهذا يجوز الخ) اى لعراقة الهمزة فى الاستفهام دون غيرها يجوز وقوع سائر الكلمات الاستفهامية بعد ام التى اصلها ان تكون متضمنة للاستفهام مع انها حينئذ بمعنى بل فقط وبهذا يندفع المخالفة بين هذا القول وقوله وبهذا ينحل الخ فان هذا القول يقتضى ان يكون جواز وقوع سائر الكلمات بعد ام لعدم عراقتها وقوله وبهذا ينحل الخ يقتضى ان يكون جواز وقوعها بعد ام لحلوه عن معنى الاستفهام فلا يلزم اجتماع الاستفهامين وحينئذ يجوز وقوع الهمزة بعد ام ايضا اذ عراقتها فى الاستفهام لا ينافى كون ام بمعنى بل وقيل فى توجيهه ان عراقتها فى الاستفهام يقتضى كمالها فى التصدر فلا يجوز دخول ام التى بمعنى بل عليها كسائر حروف العطف من الواو والفاء وثم وفيه انه لا وجه حينئذ لتخصيص ام بالذكر وقيل ان كون عدم عراقة سائر الكلمات فى الاستفهام علة لجواز وقوعها بعد ام لا ينافى ان يكون العلة له تجريد ام عن الاستفهام وتقديم بهذا على ينحل ليس للحصر بل لمجرد الاهتمام ولا يخفى ركاكته (قوله رئمان انف) بكسر الراء وسكون الهمزة مصدر رئمت الناقة ولدها كسمع عطفت عليه يروى مرفوعا على انه بدل من ما ومجرورا على انه بدل من ضمير به والضمير فى به على التقديرين راجع الى ما على ان يكون الباء زائدة والضمير مفعول تعطى او راجع الى الولد وتعطى بمعنى تجود او منزل منزلة اللازم ومنصوبا على انه مفعول تعطى وكلمة ما مصدرية (قوله وبهذا ينحل) اى يكون ام بمعنى بل بدون الاستفهام (قوله اذ لا يستفهم عن الاستفهام) ودعوى التأكيد بعيد جدا اذ الانشاء لا يؤكد (قوله اكذبتم ام لم تكذبوا الخ) فى المعنى حذف المعطوف بدون عاطفه لم يسمع وايضا فيه حذف الشرط من غير دليل عليه

٣٥٨

وحذف الفاء الجزائية (قوله كثيرا ما تستعمل فى غير الاستفهام) ظاهر كلامه يدل على انها مجازات فى تلك المعانى كما يشير اليه قول الشارح رحمه الله تعالى وتحقيق كيفية هذا المجاز الخ لكن التحقيق انه قد يراد منها تلك المعانى بطريق المجاز وقد يراد بطريق الكناية وقد يراد بطريق انها مستتبعات الكلام وتفصيله فى حواشينا على تفسير القاضى لقوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) (قوله نحو مالى لا ارى الهدهد) عدم الرؤية قد يكون لحال فى جانب الرائى وقد يكون لحال فى جانب المرئى فقوله مالى لا ارى الهدهد ان كان استفهاما عن حال فى جانب الرائى يوجب عدم الرؤية فالاستفهام لا يمكن جملة على حقيقته اذ لا معنى للاستقهام عن حال نفسه فهو مجاز عن التعجب وان كان استفهاما عن حال فى جانب المرئى يوجب عدم الرؤية كالساتر فيجوز ان يكون الاستفهام على حقيقة فان قصد منه التعجب ويكون ارادة المعنى الحقيقى لمجرد التصوير والانتقال كان كناية وان قصد منه المعنى الحقيقى مع التعجب كان التعجب من مستتبعات الكلام وبما ذكرنا ظهر الجمع بين كون الاستفهام على حقيقته وكونه للتعجب وبين كلام الشارح رحمه الله فى المختصر من ان قول صاحب الكشاف نظر سليمان عليه السّلام الى مكان الهدهد فلم يبصره فقال مالى لا ارى الهدهد على معنى انه لا يراه وهو حاضر لساتره يستره او غير ذلك ثم لاح له انه غائب فاضرب عن ذلك واخذ يقول اهو غائب كانه يسأل عن صحة مالاح له لا يدل على ان الاستفهام على حقيقته وبين ما قاله السيد فى شرح المفتاح يظهر مما ذكره صاحب الكشاف انه حمل مالى على حقيقة الاستفهام فيكون المعنى اى امر ثبت لى وتلبس فى حال عدم رؤيتى الهدهد هناك ساتر ام مانع آخر لان مراد الشارح رحمه الله تعالى عدم الدلالة قطعا ومراد السيد ظهوره فى حقيقة الاستفهام واما ام فى قوله تعالى (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) فهى منقطعة كما تدل عليه عبارة الكشاف لان المتصلة شرطها وقوع الهمزة قبلها فما وقع فى شرحه للمفتاح قد يقال لا مانع من حمله على حقيقة الاستفهام بمعنى اى امر وقع لى وتلبس بى فى حال عدم رؤيتى الهدهد امانع وحائل ام هو غائب ليس على ما ينبغى* قال قدس سره ما يتضح به وجه المجاز* وبين قدس سره استلزام الاستفهام للمعنى المراد وذلك لا يكفى فى تعيين نوع المجاز فانه متحقق فى جميع انواعه* قال قدس سره الاستفهام عن عدد دعائه الخ* الاستفهام عدد الدعاء يستلزم الجهل استلزام المسبب للسبب وكذا استلزام الجهل للاستكثار واما استلزام الاستكثار للاستبطاء فهو استلزام السبب للمسبب

٣٥٩

فلا يدخل كم دعوتك فى استعمال المسبب فى السبب ولا فى العكس وكذا الحال فى متى نصر الله فان الاستبعاد سبب الاستبطاء وفى مالى لا ارى الهدهد فان الجهل بالسبب مع وقوع المسبب سبب التعجب* قال قدس سره الاستفهام عن الشئ يستلزم الخ* هذا من استعمال السبب فى المسبب وكذا فى الوعيد والتقرير كما لا يخفى (قوله الام) لم يتعرض السيد لبيان العلاقة ههنا ولعله ان طلب الفهم عن وقوع امر مرغوب يستلزم طلب وقوعه على ابلع وجه كانه وقع ذلك الامر والمتكلم يطلب فهمه (قوله وهو الذى قصده المصنف) حيث قال بايلاء المقرر به بحرف الجر (قوله بان كسر الاصنام قد كان) اى منك يرل عليه لفظ الاقرار وفيه اشارة الى ان ذكر الفاعل فى صورة انكار الفعل نحو اضربت ام لم تضرب انما هو (٧) لتعيين الفاعل لا ان الانكار متوجه اليه وليس المراد كسر الاصنام مطلقا كما وهم فاعترض بانه لو كان التقرير (٨) بالفعل لكان الجواب وقع الكسر اولم يقع (قوله بل على الاقرار بانه منه كان) كانه قيل أنت فعلت ام غيرك ولذا اجاب بقوله بل فعله كبيرهم (قوله يعنى اذا كان التقرير بالهمزة) اذا لتقرير لا يختص بالهمزة لكن اعتبار الايلاء بما يقرر به مختص بها كما فى حقيقة الاستفهام لانها تجئ للتقرير بالفعل والفاعل وغيره والفرق باعتبار الايلاء (قوله للتقرير بنفس الحكم) لانه لطلب التصديق فيدخل الجملة ولا اثر للايلاء باحد الجزئين فيه (قوله للتقرير بما يسأل بها عنه) اى بمدلولاتها من الزمان والمكان والحال فلا يتصور هنا ايلاء (قوله كذلك) حال من الانكار اى حال كون الانكار مثل التقرير فى حديث لايلاء (قوله لكن لا يجرى فيه هذا التفصيل) وهو انه يكون لانكار الفعل والفاعل والمفعول وغيرها بل لانكار التصديق فقط كهل او لانكار مدلولاتها كالاسماء الاستفهامية كما مر فى التقرير (قوله ما ذا يضرك لو فعلت كذا) فان معناه انكار كون شئ ما مضرا لك ويلزم منه انكار الضر وكذا من ذا فعل كذا انكار كون شخص ما فاعلا ويلزم منه انكار الفعل وكم تدعونى انكار مرات الدعوة ويلزم منه انكار الدعوة وكيف تؤذى اباك انكار حال يقع عليه الايذاء ويلزم منه انكار الايذاء (٦) ومن اين انكار لمكان الدراية ويلزم منه نفى الدراية (قوله فانه ذكر ما يكون منعا الخ) فان مضاجعة السلاح مانع لوقوع الفعل لا لفاعلية المخاطب بان يكون القتل متحققا لكن لست فاعله فما قيل انه يجوز ان يكون مضاجعة السلاح مانعا لتصور الفعل منه وان كان فى نفسه قادرا عليه وهم ناش عن قلة التدبر (قوله فان المنكر الخ) يعنى ان الظاهر ان المقصود فيه التخصيص ردا لقولهم (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) وانكار ان يكونوا هم المدبرين لامر

__________________

(٧) لتعيين الفاعل نسخة

(٨) بالفاعل نسخة

(٦) والبيت انكار لمكان الدراية نسخة

٣٦٠