حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

السيد الاولى ان يقول الى محسوس مشاهد وحمل المشاهد على المبصر والمحسوس على ما يتناوله الحس ليس بشئ (قوله الى محسوس غير مشاهد) اى مبصر غير حاضر كما فى نحو تلك الجنة (قوله اوالى ما يستحيل احساسه) اى ابصاره عادة نحو (ذلِكُمُ اللهُ) و (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) كذا فى الرضى وزاد الشارح رحمه الله تعالى ومشاهدته اى حضوره تنبيها على ان ما يستحيل ابصاره يستحيل حضوره والالجاز ان يكون بحضرتنا جبال لا نراها فما قيل ان الظاهر ايراد كلمة او او ترك لفظة مشاهدته ليس بشئ (قوله اكمل تمييز) وهو التمييز بالقلب والعين فانه لا تمييز اكمل منه ولا يحصل ذلك الا باسم الاشارة (قال قدس سره هذا جار فى الالفاظ كلها الخ) المقتضيات والدواعى التى تبين فى علم المعانى بعضها مدلولات وضعية للالفاظ كالتكلم والخطاب والغيية والاحضار بعينه وبعضها من مستتبعات التراكيب يدل عليها الالفاظ بدلالات عقلية ولو بتوسط الذوق السليم فاذا قصد البليغ افادة المعانى الوضعية اورد الالفاظ الدالة عليها بالوضع وجرد الكلام عن الكيفيات الزائدة وكان الدواعى اليها افادة معانيها الاصلية وحينئذ معنى زيادتها على اصل المراد ان اختياره هذا اللفظ بخصوصه على لفظ آخر شريك له فى افادة الحكم على ذات المسند اليه او المسند مثلا لاجل افادة ذلك المعنى المخصوص بعينه واذا قصد افادة الخصوصيات الزائدة على معانيها الوضعية بكيفيات مخصوصة فى الالفاظ كالتحقير والتعظيم والتنبيه على الغباوة وغير ذلك كان معنى زيادتها على اصل المراد ان اختياره هذا اللفظ بهذه الكيفية المخصوصة على تجريده عنها لافادة تلك الخصوصية فظهر ان ما ذكره الشارح رحمه الله لا يجرى فى الالفاظ كلها وان قوله وهو زائد على اصل المراد ليس مستدركا فتدبر فانه من النفائس وفى شرح المفتاح الشريفى انه ان جعل القرب والبعد والتوسط داخلة فى معانى اسماء الاشارة كان هذا بحثا لغويا وان جعلت خارجة عنها يقصدها البلغاء بحسب مناسبة الالفاظ فى القلة والكثرة والتوسط كان من علم المعانى انتهى ولا يخفى ان اعتبار الخروج امر خارج عما اتفق عليه ائمة اللغة (قال قدس سره اجراء للامور العقلية مجرى الخ) فيكون استعمال اسماء الاشارة فيها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيه الامور العقلية بالامور المحسوسة فى تفاوت المراتب (قال قدس سره ولك ان تقول الخ) وحينئذ يكون استعمالها فى رفعة المحل ودناءتها بطريق المجاز المرسل (قال قدس سره قال نجم الائمة) المقصود من هذه الحاشية تفصيل بعض ما اجمله الشارح رحمه الله فان (قوله ويجوز

١٦١

ان يشار الى قوله بخلاف المعنى الغائب المذكور) تفصيل لقول الشارح رحمه الله وقد يذكر المعنى الحاضر المتقدم ذكره حيث اشار بلفظ قد الى ان الاصل فيه الاشارة بلفظ القريب ولم يذكره صريحا (٧) ولا بعلته وقوله بخلاف المعنى الغائب المذكور الى قوله اذا كان عينا تفصيل لقول الشارح رحمه الله ولفظ ذلك صالح الى قوله وقد يذكر المعنى الحاضر والتعليل المذكور فيه بقوله لان المحكى عنه غائب قاصر لا بد ان يضم اليه انه لتقدم ذكره صار كالمشاهد (قال قدس سره الى المعنى الحاضر) اراد بالمعنى ما يقوم بغيره وبالحاضر ما يعده العرف حاضرا كالقسم المذكور فان حضوره ليس الا بلفظه وعدم انفصاله عما بعده وان كان مقتضيا فى نفسه (قال قدس سره بخلاف المعنى الخ) متعلق بقوله ويجوز ان يشار (قال قدس سره وهكذا الحال) اى كحال المعنى الغائب حال العين الغائب (قال قدس سره واسم الاشارة الخ) هذا الكلام لاثبات ما هو المفهوم مما تقدم من اشتراط تقدم الذكر فى جميع الاقسام الاربعة ليصح التعبير عنها باسم الاشارة (قوله وهو الذين يؤمنون) اى الذوات المعهودة بعنوان هذه الصلة فالصلة داخلة فى الصفات خارجة عن المشار اليه فلا ينافى ذكر الصلة ههنا عده الايمان من الاوصاف والناظرون لم يتنبوا لهذه اللفظية فقالوا ذكر الصلة ههنا استطرادى لقبح ذكر الموصول بدون الصلة والمراد هو الموصول فقط (قال قدس سره المناسب ان يقال وهو المتقون الخ) فيه بحث لان الذين يؤمنون الخ ان كان مفصولا عن المتقين فجملة اولئك على هدى فى محل الرفع على انه خبر له وجملة الذين يؤمنون مع خبره جواب سؤال كأنه قيل ما بال المتقين خصوا بالهدى وهل هم احقاء بذلك فاجيب بالذين يؤمنون الخ فلا بد ان يكون اولئك اشارة الى الذين يؤمنون الخ ليرتبط النظم ويصح الجواب وان كان موصولا به صفة له فجملة اولئك على هدى استيناف لا محل لها وهو نتيجة الاحكام والصفات المتقدمة او جواب سؤال كأنه قيل ما للموصوفين بهذه الصفات اختصوا بالهدى فالمناسب ان يكون المشار اليه الذين يؤمنون لقربه ولكونه مجرى عليه الصفات المذكورة بالذات واما المتقون فاتصافهم بالصفات المذكورة لاتحادهم بالذين يؤمنون (قال قدس سره كما صرح به الخ) فيه ان المصرح به الايمان لا الذين يؤمنون (قال قدس سره ان ظاهر المقام الخ) فيه ان تقدم الذكر لا يقتضى ايراد المضمر فانه لازم فى المعرف بلام العهد الخارجى وفى اسم الاشارة اذا كان المشار اليه عينا غائبا كما مر فانه يقتضى ان يكون ايراد اسم الاشارة من خلاف مقتضى

__________________

(٧) صريحا ولا اشارة لعلته نسخه

١٦٢

الظاهر وليس كذلك كما عرفت منقولا عن الرضى على ان هذه المقدمة لا يحتاج اليها فى اتمام المقصود اذ يكفى ان يقال اسم الاشارة لاستدعائه كمال التمييز وهو انما حصل بالصفات المتقدمة كان ايراده بمنزلة ذكر المشتق فيشعر بعلية تلك الاوصاف لما اجرى عليه (قوله اى الى حصة الخ) يعنى ان المراد بالمعهود الحصة المعهودة لانها الكاملة فى المعهودية ولوقوعه فى مقابلة نفس الحقيقة والا فالاشارة الى المعهود متحققة فى لام الجنس ايضا والحصة والفرد عندهم بمعنى واحد والفرق بينهما انما هو فى اصطلاح المنطق ولذا قال فى شرح المفتاح واما الى حصة معينة من الحقيقة فردا او فردين او اكثر وانما اختار لفظ الحصة لان المتبادر من الفرد الشخص الواحد والمعهود الخارجى قد يكون نوعا وقد يكون اكثر من واحد قال فى شرح المفتاح واما الحالة التى تقتضى تعريف المسند اليه باللام فهى متى اريد بالمسند اليه نفس الحقيقة او عموم الافراد وشمولها او حصة معينة منها (قوله واحدا كان الخ) كما اذا قيل لك جاءنى رجل او رجلان او رجال فتقول اكرم الرجل او الرجلين او الرجال كذا فى شرح المفتاح (قوله وذلك لتقدم الخ) وهذا التقدم شرط لصحة استعماله كما فى المضمر الغائب لا انه قرينة لارادة الحصة على ما وهم لانه يلزم ان يكون استعمال المعرف فيه مجازا مع ان كمال التعريف فيه والمراد بالكناية ما يقابل الصريح لا المعنى المصطلح (قوله رب انى وضعتها انثى) تأنيث الضمير مع كونه راجعا الى ما لانه دار بين المرجع والحال التى هى بمنزلة الخبر اعنى انثى فرعاية الخبر اولى (قوله لكن التحرير الخ) يعنى بضم الحال اعنى محررا صار مختصا بالذكر لا ان المراد من كلمة ما الذكر (قوله كما فى وصف المنادى الخ) هذا على تقدير ان يكون المنادى هو المعرف باللام كما اشار اليه الشيخ ابن الحاجب بقوله واذا نودى المعرف باللام قيل يا ايها الرجل فكون المنادى هو الرجل المعهود ولحضوره المستفاد من النداء لا يحتاج الى تقدم الذكر واما على ما ذهب اليه الشيخ الرضى من ان المنادى هو اىّ والوصف لازالة الابهام وبيان الماهية فالتعريف للجنس (قوله واسم الاشارة الخ) ليت شعرى ما معنى كون اللام فى هذا الرجل للعهد فانه ذكر الرضى فى بحث المنادى انه لا يوصف اسم الاشارة الا باسم الجنس المعرف باللام اما اسم الجنس فلانه هو الدال على الماهية من بين الاسماء والمحتاج اليه فى نعت اسماء الاشارة بيان ماهية المشار اليه واما التعريف باللام فلان تعيين الماهية حصل من لفظ الجنس وتعيين الفرد من افرادها قد علم من اسم اشارة فلم يبق الا التطابق المطلوب بين النعت والمنعوت واخصر التى التعريف هى اللام

١٦٣

اذ هى اقل من المضاف اليه (قوله الى نفس الحقيقة) اى مع الاشارة الى حضورها فى ذهن السامع (قوله ومفهوم المسمى) عطف تفسيرى للحقيقة للتنبيه على ان ليس المراد بالحقيقة ههنا المعنى المشهور اى الماهية الموجودة واضافة المفهوم الى المسمى بيانية لان المفهوم قد لا يكون مسمى بان لم يوضع له الاسم والمسمى قد لا يكون مفهوم الاسم بل ما صدق عليه وقد يجتمعا فهو من قبيل خاتم فضة (قوله من غير اعتبار لما صدق الخ) عدم اعتبار الشئ ليس اعتبارا لعدمه فلام الجنس متناول للام الطبيعة نحو الانسان نوع واللام الداخلة على المعرفات (قوله وقد يأتى) لم يقل وقد يقصد لان الوحدة المبهمة مستفادة من القرينة الخارجية ولم تقصد من المعرف باللام (قوله باعتبار عهديته الخ) اى الفرد المبهم باعتبار مطابقته للماهية المعلومة صار معهودا اى معلوما فلعهديته بهذا الاعتبار يسمى معهودا ذهنيا ومعنى المطابقة اشتمال الواحد عليها او صدق الماهية عليه (قوله للحقيقة المتحدة) اى الموصوفة بالوحدة فى الذهن فالوحدة خارجة عن الموضوع له وفائدة هذا القيد الاشارة الى صدق تعريف المعرفة على المعرف بلام الحقيقة اعنى ما وضع ليستعمل فى شئ بعينه فان الماهية الحاصلة فى الذهن امر واحد لا تعدد فيه فى الذهن انما يلحقها التعدد بحسب الوجود (قوله باعتبار ان الحقيقة الخ) لا باعتباره بخصوصه والا لكان مجازا من باب اطلاق المطلق على المقيد من حيث انه مقيد (قوله فجاء التعدد) المستلزم للابهام من حيث الوجود لا باعتبار الوضع بخلاف النكرة فان الابهام فيها باعتبار الوضع (قوله والفرق بينه الخ) لما علم مما تقدم ان المعروف بلام العهد الذهنى مستعمل فى فرد من الحقيقة والنكرة ايضا كذلك بين الفرق بينهما دفعا للاشتباه وتمهيد القوله وهذا فى المعنى كالنكرة بان الفردية فى النكرة مستفادة من نفس اللفظ وفى المعرف المذكور من القرينة الخارجية واما الفرق بينه وبين اسماء الاجناس التى لا دلالة فيها على الفردية فواضح وكذا الفرق بين اسماء الاجناس المعرفة بلام الجنس وغير المعرفة بها وهو الاشارة الى نفس الحقيقة فى الاولى دون الثانية معلوم مما مر فلذا لم يتعرض لهما (قوله المستعمل فى فرد) اى الذى اطلق على فرد لانه مستعمل فى الماهية المتحدة فى الذهن والفردية انما جاءت من خارج الا انه تسامح ههنا اعتماد على ما سيجئ (قوله ضمنا) اى تبعا بسبب اعتبار الوجود لا قصدا من لفظه بحسب الوضع (قوله بالنظر الى القرينة) قيد لذو اللام (قوله وان كان فى اللفظ يجرى الخ) فعلى تقدير عدم اجراء احكام المعرفة عليه فى اللفظ كما فى ولقد امر على اللئيم يسبنى كونه فى المعنى لنكرة اولى وليس المراد انه تعريف لفظى لما عرفت ان اللام فيه للاشارة الى نفس

١٦٤

الحقيقة وان الفردية جاءت من قرينة خارجية (قوله اضطرتهم الى الحكم بكونه معرفة) فالتعريف فيهما تقديرى دل على تقديره اجراء الاحكام المذكورة كالعدل فى عمرو ليس المراد ان الاحكام اللفظية اضطرتهم الى اعتبار التعريف اللفظى فيهما وليس فى معناهما تعريف اصلا فانه خلاف مذهب القوم وانما ذهب اليه الشيخ الرضى قياسا على التأنيث اللفظى والنسبة اللفظية (قوله حتى تكلفوا ما تكلفوا) حيث قالوا ان اللام فيه للاشارة الى نفس المفهوم والفردية انما جاءت من خارج وان العلم الجنسى موضوع للماهية المتحدة المعهودة فى الذهن بخلاف اسم الجنس (قوله لا توقيت فيه) هذا على تقدير ان لا يفسر الذين انعمت عليهم بقوم مخصوص* قال قدس سره يرد عليه الخ* فيه ان جواب الشارح رحمه الله تعالى مبنى على ما تقرر عندهم من ان المعرف بلام الجنس حقيقة فى الماهية من حيث هى واذا كان كذلك فلا شك ان استعماله فى الفرد لوجود الحقيقة فيه لا بخصوصه يكون حقيقة على ما بينه فى الفن الثانى من ان استعمال المطلق فى المقيد من حيث انه مما يصدق عليه لا باعتبار خصوصه حقيقة كاطلاق الانسان على زيد واما ان المعرف بلام الجنس كيف يكون حقيقة فى الماهية من حيث هى هى بعد ان يكون اسم الجنس موضوعا للفرد المنتشر فكلام آخر لا تعلق له بالجواب* قال قدس سره وفيه بعد* لا بعد فيه فانه قد اعترف فى الحاشية التى بعده بذلك فى المعرف بلام العهد وقد صرح الشيخ الرضى وغيره بوضع المركبات بالوضع النوعى سوى وضع اجزائه المادية* قال قدس سره لم يكن اختلاف فيما هو معنى التعريف اه* هذا انما يتم اذا لم تكن النسبة الى الحاضر الجزئى (٧) مأخوذة فى مفهوم كل منهما لكن الحق انها مأخوذة فيه لكون المعانى الحرفية نسبا جزئية غير مستقلة بالمفهومية* قال قدس سره ان معنى التعريف مطلقا* لاميا كان او غيره* قال قدس سره لان معرفة الجنس غير كافية الخ* يعنى ان المعتبر فى العهد الخارجى تعيين الحصة ومعرفة السامع لها بخصوصها وهى لا تحصل بمعرفة الجنس بخلاف العهد الذهنى والاستغراق فان المعتبر فيهما معرفة الجنس من حيث هو وكون الحكم بحسب الوجود فى كل الافراد او بعضها مستفاد من قرينة خارجة عن مدلول اللفظ* قال قدس سره ثم الظاهر الخ* لئلا يلزم كونه مجازا من باب اطلاق اسم الجزء اعنى اسم الجنس الموضوع للماهية على الكل وانما قال الظاهر لان القول بكونه مجازا وتقدم الذكر قرينة خلاف الظاهر لان كمال التعريف والتعيين فيه* قال قدس سره ولا حاجة الى ذلك* اى القول بوضع آخر فى الاقسام الثلاثة بل يكفى فيها وضع الاجزاء

__________________

(٧) الى الحاضر الجزئى الى آخره نسخه

١٦٥

وذلك لان اسم الجنس مستعمل فى الماهية من حيث هى واللام للاشارة الى حضورها فى ذهن المخاطب والفردية كلا او بعضا مستفادة من خارج هذا وفيما ذكره بحث اما اولا فلانه ان اراد ان الاسم الذى دخله لام العهد موضوع بوضع آخر للمعهود الخارجى فذلك فاسد لانه موضوع للجنس وبعد دخول اللام لم يوضع للفرد المعين وان اراد ان مجموع الاسم واللام موضوع بوضع آخر غير وضع الاجزاء للحصة المعينة كان اللام فيه بهذا الوضع للاشارة الى الحصة المعينة كما كان اللام قبل هذا الوضع للاشارة الى حضور الماهية من حيث هى فيكون الاختلاف فى مدلول اللام ففى المعرف بلام الجنس للاشارة الى حضور الماهية وفى المعرف بلام العهد للاشارة الى الحصة المعينة ولا يكون معنى اللام متحدا فيهما والاختلاف باعتبار معروض التعريف واما ثانيا فلان القول بالوضع العام فيه لا يكاد يصح لانه انما يكون فيما اذا كان الموضوع لفظا مخصوصا والموضوع له الجزئيات الملحوظة بوجه شامل لها وههنا لوحظ الموضوع بوجه كلى اعنى الاسم الذى دخله اللام ووضع باعتبار الهيئة التركيبية للحصة المعهودة بين المتكلم والمخاطب من مدلول ذلك الاسم الذى تقدم ذكره تحقيقا او تقديرا فهو موضوع بالوضع النوعى كسائر المركبات نعم اللام الداخلة عليه موضوعة بالوضع العام لكل واحد من جزئيات حضور الحصة المتقدمة ذكرا* قال قال قدس سره اذا جعل الخ* متعلق بقوله وضع آخر بخلاف ما اذا جعل موضوعا للفرد المنتشر فان الحال بعكس ما ذكر اذ لا حاجة حينئذ الى القول بوضع آخر للاسم المعرف فى المعهود الخارجى بل وضع الاجزاء كافية فان اللام يفيد تعيين ذلك الفرد ولابد من القول به فى المعرف الجنسى لئلا يلزم كونه مجازا من باب اطلاق اسم الكل على الجزء (قوله وهذا المعنى الخ) اورد الفرق بين المعرفة والنكرة مع انه بصدد الفرق بين المعرفتين اشارة الى جواب سؤاله مقدر وهو انه اما ان يكون الحضور الذهنى معتبرا فى اسماء الاجناس النكرة اولا يكون فعلى الاول لا يكون فرق بينها وبين المعرفات بلام الحقيقة وعلى الثانى يلزم ان يكون الخطاب بها خطابا بما لا يعلمه المخاطب فاشار الى دفعه بانا نختار الشق الثانى ولا نسلم لزوم ما ذكر لان عدم اعتبار الشئ ليس باعتبار لعدمه فليس عدم اعتبار الحضور فى اسماء الاجناس النكرة باعتبار لعدم الحضور فيها حتى يلزم ما ذكره وبعض الناظرين قرر الاعتراض هكذا وهو انه لما كان الحضور الذهنى غير معتبر فى اسماء الاجناس ومعتبرا فى المعرف بلام الحقيقة لم يجز ادخال لام الجنس عليها لانه جمع بين المتنافبين فاشار الى دفعه بان عدم اعتبار

١٦٦

الحضور ليس اعتبارا لعدمه والمنافاة انما هو بين اعتبار الحضور واعتبار عدمه لا غير ولا يخفى ان المناسب لهذا التقرير ان يترك الشارح رحمه الله تعالى قوله وهذا المعنى غير معتبر فى اسم الجنس النكرة لان المعترض معترف به وان يراد بالنكرة ما ليس فيه آلة التعريف لا ما فيه تنوين التنكير لانه بدخول اللام يسقط التنوين الدال على عدم الحضور فكيف يلزم اجتماع المتنافيين وان يقال ليس اعتبارا لعدمه على ما فى بعض النسخ دون ما فى اكثر النسخ من قوله ليس باعتبار عدمه (قوله وهو ان يراد كل فرد مما يتناوله الخ) الاظهر ما فى شرح المفتاح الشريفى ان الاستغراق العرفى ما يعد فى العرف شمولا واحاطة مع خروج بعض الافراد وغير العرفى المسمى بالحقيقى ما يكون شمولا لجميع الافراد بحسب نفس الامر فلا واسطة بينهما اصلا واما على ما ذكر الشارح رحمه الله تعالى فلا بد ان يقال ان ذكر اللغة بطريق التمثيل والمراد بحسب اللغة او الشرع او الاصطلاح اعم من ان يكون بحسب المعنى الحقيقى او المجازى (قوله بمعنى الحدوث) اى الدلالة على الزمان (قوله اتفاقا) فيه اشارة الى عدم الاعتداد بقول من قال ان اللام فيها ايضا موصول كما فى المغنى (قوله يأتى للاستغراق) فان الموصول كالمعرف باللام يجئ لمعان اربعة والاصل فيه العهد والجنس (قوله واستغراق المفرد الخ) الاستغراق لا تعدد فيه فى ذاته بل يتعدد بحسب الآلات والالفاظ المفيدة له فالقضية اما شخصية او كلية وهذا الحكم بحسب اصل الوضع والنظر الى المدلول المطابقى فلا ينافى تخلفه فى بعض الصور بمعونة المقام او بحسب استلزام الحكم على الكل الحكم على كل واحد او بالعكس فلا يرد ان قولنا لا يرفع هذا الحجر العظيم كل رجال او هذا الخبر يشبع كل رجال اشمل من قولنا لا يرفع هذا الحجر العظيم كل رجل وقولنا هذا الخبز يشبع كل رجل ولا ان قولنا جاءنى كل رجل ليس اشمل من قولنا جاءنى كل رجال يرشدك الى ما ذكرنا تعليل الشارح رحمه الله تعالى بقوله لانه يتناول الخ (قوله انما يتناول كل جماعة الخ) لان الاستغراق معناه شمول افراد مدلول اللفظ ومدلول صيغة الجمع الجماعة (قوله وانما اورد البيان الخ) لا يخفى ان عبارة المتن ليست نصا فى لا التى لنفى الخنس فيجوز ان يكون فى كلا الموضعين لا المشبهة بليس او الاولى لنفى الجنس والثانية المشبهة بليس وما وقع فى الايضاح والمفتاح من قوله بدليل انه لا يصدق لا رجل فى الدار فى نفى الجنس اذا كان فيها رجل او رجلان ويصدق لا رجال فى الدار فيجوز ان يكون معناه لا رجل فى الدار اذا استعمل فى نفى الجنس احترازا عما اذا استعمل فى نفى الوحدة فانه لا عموم له حينئذ كما صرح به السيد

١٦٧

ويؤيده انه قال فى نفى الجنس دون لنفى الجنس* قال قدس سره جاز فى غيره من الجموع* فيه بحث اما اولا فلانه ان اراد بالجموع الجموع المستغرقة سواء كانت بحرف التعريف او بالاضافة او بوقوعها فى سياق النفى فلا نسلم الملازمة لان البيان مختص بالواقع فى سياق النفى وان اراد الجموع الواقعة فى سياق النفى الظاهرة فى الاستغراق فالملازمة مسلمة لكن لا نسلم ايضاح ثبوت المدعى بذلك لان المدعى اعم من الواقع فى سياق النفى وغيره واما ثانيا فلان اللازم مما ذكره ان يكون الاستغراق المنصوص فى المفرد اشمل من الاستغراق المنصوص وغير المنصوص فى الجمع ولا يلزم ان يكون الاستغراق الظاهر فى المفر اشمل منه ولو اريد البيان بطريق الاولوية لوجب ان يقرأ لا رجال بلا التى لنفى الجنس ولا رجل بلا المشبهة بليس ليدل على اشملية الاستغراق الظاهر فى المفر من الاستغراق المنصوص فى الجمع فيلزم اشملية المنصوص فى المفرد من الظاهر فى الجمع بطريق الاولى والحق ان كلام الشارح رحمه الله تعالى غير محتاج الى هذه العناية فان مقصوده ان الاستغراق بلا التى لنفى الجنس واضح غاية الوضوح فالاستشهاد بها اولى لكونه نصا فى المقصود وان اتضاح ثبوت المدعى حاصل بهذا البيان اذ الظاهر عدم الفرق بين الاستغراق الحاصل بحرف النفى وغيره وبين الظاهر او المنصوص فى مفهوم الاستغراق انما الفرق بين ادوات الاستغراق وبين احتماله لغير الاستغراق وعدمه* قال قدس سره لا يوجب تخصيصا الخ* اما على مذهب الجمهور من ان الاستثناء اخراج عن الحكم دون المدلول فلان المستثنى منه على عمومه واما على مذهب من جعل المستثنى منه مستعملا فيما سوى المستثنى مجازا والاستثناء قرينة عليه فلان التخصيص فرع استعمال اللفظ فى المعنى العام ولا استعمال فيه ههنا واما على مذهب من قال ان مجموع المستثنى منه والمستثنى موضوع لما سواه بالوضع التركيبى كأنه وضع لفظ سبعة مثلا للعدد المخصوص وعشرة الا ثلاثة ايضا فلان المستثنى منه عنده بحسب هذا الوضع بمنزلة زاء زيد لا معنى له فضلا عن التخصيص هذا خلاصة التحقيق الذى اشار اليه ومن لم يتنبه قال هذا انما يتم على مختار الرضى من انه تخصيص فى الحكم لا فى مدلول المستثنى منه* قال قدس سره نفى واحد لا بعينه* اى نفى الواحد لا بشرط شئ من الاجتماع مع آخر وعدمه* قال قدس سره لا نصا* بخلاف لا رجل بلا الجنسية فانه نص فى الاستغراق لتضمنه من الاستغراقية ولا يستعمل بالوجه الثانى لمنافاته من الاستغراقية* قال قدس سره نفى الواحد من حيث هو واحد* اى بشرط عدم الاجتماع* قال قدس سره وليس هذا من العموم* اى الشمول

١٦٨

والاحاطة اذا لمعنى نفى الواحد من حيث الانفراد نعم له عموم على سبيل البدل اذ يجوز ان يكون ذلك الواحد المنفرد زيدا او عمرا او بكرا فمن قال فيه مناقشة فانه يفيد نفى فرد موصوف بالوحدة على الاطلاق سواء كان زيدا او عمرا او غير ذلك فيتحقق العموم لم يأت بشئ (قوله ولقائل ان يقول الخ) يعنى ان المدعى ان استغراق المفرد سواء كان بحرف التعريف او بغيره اشمل من استغراق الجمع والبيان الذى ذكره المصنف رحمه الله تعالى لا يجرى الا فى النكرة المنفية فلا يتم التقريب فهو منع لاستلزام الدليل المذكور للمدعى ويتم بقوله فلا نسلم ذلك فى المعرف باللام وقوله بل الجمع المحلى الخ اعراض عن المنع واثبات للمساواة بينهما استظهارا (قوله مثل المفرد) المحلى بلام الاستغراق فى كون كل منهما لشمول فرد فرد وان كان فرق بينهما من حيث انه لا يستثنى من المفرد المستغرق الا الواحد ويستثنى من الجمع الواحد والاثنان والجماعة فى الرضى فى بحث المعرفة لا يستثنى من المفرد الا المفرد وقوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) اى الا كل واحد منهم ولا يجوز ان يقال الرجل يرفع هذا الحجر الا الزيدين معا او الا ثلاثكم معا وكذا لا يستثنى من المثنى الا المثنى واما الجمع فيصح استثناء الواحد والمثنى والجمع منه نحو لقيت العلماء الا الزيدين او الا زيدا وذلك لان الجمع المحلى باللام فى مثل هذا الموضع يستعمل بمعنى كل منكر مضاف الى مفرد وغيره فمعنى لقيت العلماء الا الزيدين او الا زيدا اى كل عالم وكل عالمين وكل علماء انتهى والسر فى ذلك ان الجمع المستغرق مستعمل للجنس المطلق اى من غير اعتبار معنى الجمعية (قوله ولهذا صح الخ) اى بلا تأويل لما عرفت مما نقلناه من الرضى والصواب ترك لفظ القوم لان الكلام فى الجمع صيغة والقوم مفرد اللفظ مجموع المعنى لانه اسم لجماعة من الرجال خاصة فاستغراقه يكون بمعنى كل قوم فلا يصح استثناء زيد منه الا باعتبار ان مجئ القوم يستلزم مجئ الآحاد وقد نص فى التلويح ان استثناء زيد فى جاءنى القوم الا زيدا باعتبار ان مجئ المجموع يستلزم مجئ كل واحد (قوله مع امتناع قولك جاءنى الخ) اى من غير تأويل لعدم تحقق شرط الاستثناء المتصل وهو دخول المستثنى فى المستثنى منه لو الاستثناء لان زيدا ليس بجماعة واما التأويل بان يراد كل فرد من كل جماعة لان مجئ الجماعة يستلزم مجئ افرادها فيصح كما فى قولك له علىّ عشرة الا واحدا اى كل جزء من العشرة وفى قولك ضربت زيدا الا رأسه اى كل عضو منه* قال قدس سره يستلزم تكرارا الخ* وفى شرحه للمفتاح وحينئذ يشترط ان لا يتداخل الجماعات واجزاؤها حذرا عن التكرار وفيه انه حينئذ للجمع

١٦٩

المستغرق وضع آخر غير وضع الاجزاء واشتراط عدم التداخل امر زائد على ما يفيده وضع اجزائه وما قيل انه لا فساد فى هذا التكرار فانه لم يقع ذلك فى الخارج ولا يلزم ان يلاحظ المحكوم عليه على وجه التكرار فان المعنى ان كل فرد من المحكوم عليه مما ثبت له الحكم لكنه اذا لاحظ العقل الثلاثة مثلا على الوجوه المذكورة اعتبر الحكم عليها فى جميعها فالجواب ان المراد لزوم التكرار فى مدلول الجمع المستغرق مع قطع النظر عن الحكم عليه فى الخارج او فى الملاحظة العقلية ولا شك ان الواضع حكيم لا يعتبر التكرار فى مدلول اللفظ وكذا ما قيل ان مثل هذا واقع فى التنزيل نحو (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) و (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) و (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) لان المراد فى الايات المذكورة الجماعات الغير المتداخلة بقرينة الاحكام التى نسبت اليها فان ما لدى حزب غير ما لدى الّا خر وما القى فيها مرة غير ما القى مرة اخرى وكذا الامة الداخلة مرة غير الامة الداخلة اخرى* قال قدس سره كانه قد بطل الخ* انما قال كانه لان الجمعية انما بطلت فى جانب الكثرة واما فى جانب القلة فباقية حتى لا يجوز تخصيصه الى الواحد كما سيجئ* قال قدس سره كما فى قولك للرجال عندى درهم* لعله حمله على الاستغراق العرفى والا فالظاهر انه للعهد اذ لا صحة لقولنا مجموع رجال الدنيا له درهم* قال قدس سره والوحدة المطلقة* اى غير المقيدة بالاجتماع مع آخر وعدمه* قال قدس سره ظاهرا فى استغراقه* لعدم من الاستغراقية* قال قدس سره نفى الوحدة المقابلة للتعدد* اى الوحدة بشرط عدم الاجتماع مع آخر* قال قدس سره مطلقا* اى سواء كان مع الجمعية اولا* قال قدس سره فلا يكون حينئذ فرق الخ* الا باعتبار انه لا يصح الاستثناء من لا رجل الا الواحد بخلاف لا رجال فانه يصح استثناء الواحد والاثنين والجماعة على قياس ما عرفت فى المحلى باللام* قال قدس سره معنيين* نفى الجنس ونفى الوحدة المقابلة للتعدد* قال قدس سره ثلاثة معان* نفى الجنس ونفى الجمعية ونفى الوحدة العارضة للجماعة* قال قدس سره ايضا معنيين* نفى الجنس ونفى الجمعية ولا يحتمل نفى الوحدة العارضة للجماعة لمنافاته لاستغراق الجماعات المفادة بكلمة من المقدرة (قوله فان قيل الخ) استفسار محض لما ذكره فى الاستظهار بقوله بل الجمع المحلى باللام الخ اى كيف يصح ما ذكره الائمة والحال ان مقتضى القياس خلافه وليس هذا انباتا للمقدمه الممنوعة فان المنع وارد على استدلال المصنف رحمه الله وهذا اعادة للدليل المذكور فى الشرح الا ان يقال ان اعادة الدليل السابق اشارة الى ان المدعى ثابت بذلك الدليل وما ذكره

١٧٠

المصنف رحمه الله شاهد صدق على ذلك لوقوعه فى الاستعمال فعدم تماميته لا يضر لكنه بعيد عن عبارة الشرح (قوله فان زعموا الخ) اى فان زعموا ان دخول واحد مع اثنين لا يقتضى ثبوت الحكم لكل واحد منهما لجواز ثبوت الحكم للمجموع دون كل فرد (قوله بل هو اول المسئلة) لان النزاع انما هو فى ان ثبوت الحكم للجماعة يستلزم ثبوت الحكم لكل واحد منها (قوله فظهر الخ) اى اذا ثبت ان الجمع والمفرد متساويان فى العموم* قال قدس سره الظاهر من كلامه الخ* الظاهر من ايراد لفظ المجموع الاحتمال الاول ومن تفريعه على ان استغراق المفرد اشمل الاحتمال الثانى فكلا الاحتمالين متساويان وليس احدهما ظاهرا من الآخر (قوله لصحة الخ) متعلق بمحذوف اى ذالا يحصل بصيغة الجمع (قوله وذلك لانا لا نسلم الخ) قيل اذا كان مبنى كلام المفتاح ما ذكره الشارح رحمه الله كان باطلا واما اذا كان مبناه انه قد يقصد بالجمع المعرف باللام المجموع من حيث هو مجموع فلما كان وهن العظام يحتمل هذا المعنى قصد بتقليل اللفظ تكثير المعنى قطعا فلا بطلان اقول ارادة هذا المعنى بعيد عن كلامه غاية البعد لانه فرع هذا الكلام على ان استغراق المفرد اشمل من استغراق الجمع حيث قال ومن هذا يعرف لطف ما يحكيه الله تعالى عن زكريا (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) دون وهن العظام حيث توصل باختصار اللفظ الى الاطناب فى معناه (قوله وهذا المعنى غير مناسب للمقام) لان المقام مقام التضرع والابتهال فالمناسب له ان الوهن اصاب لما هو قوام البدن واشد ما تركب منه الجسد فكيف ما عداه لا ان الوهن اصاب كل العظام ولم يخرج منه واحد منها فانه وان كان المعنيان متلازمين لكن متفاوتان فى القصد فتدبر (قوله وتوهم بعضهم الخ) مبنى هذا التوهم حمل لفظ كلها فى قول الكشاف على معنى مجموعها فيكون معناه انه لو جمع لكان القصد الى ان مجموع العظام من حيث هو مجموع اصابه الوهن وان بعض عظامه مما لم يصبه الوهن ويرد عليه ان الجمع المعرف باللام على تقدير حمله على الكل من حيث هو كل انما يفيد ان الحكم للكل اعم من ان يكون باعتبار كل جزاء او باعتبار بعض الاجزاء فكيف يصح على هذا التقدير قوله لكان القصد الى ان بعض عظامه مما لم يصبه الوهن والجواب ان هذه الافادة مبنية على ما مر من ان القيد فى الكلام ناظر الى نفى ما يقابله والمقابل للكل من حيث هو كل نفى كل فرد فيفيد انه لم يصب كل عظم (قوله لا منافاة بينهما) وان كان بينهما فرق من حيث انه حمل السكاكى رحمه الله اللام فى العظم على الاستغراق وصاحب الكشاف على الجنس (قوله

١٧١

ليتناول كل محسن) بخلاف ما اذا قيل يحب المحسن فانه يحتمل الجنس اى ماهية المحسن ولوقى فرد فهو ليس صريحا فى التناول (قوله على معنى الخ) بناء على انه لعموم السلب لا لسلب العموم (قوله مما سمى بالعالم) اى مما اطلق عليه لفظ العالم لانه مشترك معنى لا لفظا (قوله لو افرد لتوهم الخ) يعنى لو افرد العالم وعرف بلام الاستغراق وان كان يشمل كل جنس الا انه لا يكون شموله قطعيا لان العالم يطلق على مجموع ما سوى الله تعالى وقد غلب استعماله بهذا المعنى فى هذا العالم المحسوس لالف النفس بالمحسوسات فيجوز ان يتوهم ان يكون المراد بقوله رب العالم رب هذا العالم المحسوس بان لا يكون اللام للاستغراق بل للعهد بخلاف العالمين فانه لا يمكن حمله على المجموع لان الجمعية صارفة عنه فلا بد ان يراد كل جنس ليفيد الشمول بطريق القطع وتفصيل هذا الكلام فى حواشينا على البيضاوى (قوله لانه اذا لم يكن الجمع الخ) كما يدل عليه قوله ان المفرد وان كان اشمل الخ فانه اذا كان العالم اشمل من العالمين كان اشمليته باعتبار انه يدخل فيه كل ما سمى بالعالم وهو الاجناس بخلاف العالمين فانه يجوز ان يخرج منه واحد واثنان (قوله فيتناولها الجمع) دون المفرد لانه يتناول الآحاد المتفقة فمعنى قوله ليشمل كل جنس مخالف لآخر فى الماهية (قوله بكلام صدر الخ) وهو ان استغراق المفرد اشمل من استغراق الجمع (قوله نعم الخ) اراد بالجمع المعرف بلام الجنس المستغرق لانه حقيقة ذلك لانه ليس للماهية من حيث هى هى ولا لبعض الافراد لعدم الاولوية فتعين الكل على ما بين فى الاصول وحاصل الفرق ان المفرد المستغرق صالح لان يراد به جميع الافراد وان يراد به بعضها الى الواحد بان يخصصه حتى يبقى تحته واحد واما الجمع فلا يجوز تخصيصه الى الواحد لانه ازالة العموم فلا بد من بقاء اصل المعنى وهو فى المفرد الجنس مع الوحدة وهو متحقق فى الواحد وفى الجمع الجنس مع الجمعية واقلها ثلاثة او اثنان على اختلاف الرأيين فلا يجوز تخصيصه الى الواحد والا لكان نسخا للجمع لا تخصيصا كذا ذكره الشارح رح فى التلويح وعليه اطبق ائمة الاصول والحاصل انه لا فرق بينهما فى جانب الكثرة لكن فرق بينهما فى جانب القلة واما قوله فنحو قولهم الخ فمعناه انه اذا تقرر ان الجمع المعرف بلام الجنس اذا كان على حقيقته لا يجوز ارادة الواحد منه لمنافاتها الجمعية فنحو قولهم فلان يركب الخيل مما عنى فيه بالجمع الواحد مثل قوله تعالى (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) وقوله لا يتزوج النساء حيث صرحوا بانه يحنث بتزوج واحدة مجاز عن الجنس وبطل عنه الجمعية على ما صرح به ائمة الاصول وقالوا انه لما لم يكن فى تلك الامثلة معهود ولم يكن للاستغراق فائدة

١٧٢

اذ لا يركب كل حيل ولا يمكن تزوج كل امرأة فمنعه يكون لغوا قلنا ان الجمع فيها للجنس لان فيه ابقاء الجمعية من وجه لان الجنس يدل على الكثرة ولو لم يحمل على الجنس وبقى الجمعية تبطل اللام بالكلية وابطال الجمعية من وجه اولى وبما ذكرنا ظهر ان ما قيل ان هذا بيان للفرق بين المفرد المحلى والجمع المعرف بلام الجنس لا المستغرق وذكره الشارح رحمه الله ههنا مع ان الكلام فى المفرد والجمع المستغرق بناء على ان لام الاستغراق ايضا اللام الجنس مخالف لسوق كلام الشارح رحمه باطل فى نفسه اما الاول فلان قوله نعم وقوله من وجه آخر حيث وصف الوجه بالآخرية شاهدا صدق على ان المقصود بيان الفرق بين ما نفى الفرق بينهما بوجه غير ما ذكره واما الثانى فلان الجمع المعرف بلام الجنس تبطل عنه الجمعية ويراد منه الواحد ولا يجوز ارادة الجمع منه لان الحمل على الجنس على تقدير امتناع الاستغراق على ما صرح به فى التوضيح حتى لو قال يتزوج النساء يحصل البر بتزوج واحدة (قوله ان افراد الاسم يدل الخ) الاسم المفرد لكونه فى مقابلة التثنية والجمع يدل بافراده على وحدة معناه بمعنى انه لا يكون آخر معه مثله واستغراقه وان كان مستفادا بالقرينة يدل على تعدده وان معه آخر مثله فبينهما تناف لتنافى مقتضاهما فلا يجتمعان وحاصل الجواب الثانى منع التنافى بينهما بناء على ان استغراق المفرد بمعنى الكل الافرادى اى كل فرد مع قطع النظر عن ان يكون معه آخر وكل فرد موصوف بالوحدة بمعنى عدم اعتبار اجتماع آخر معه لا الكل المجموعى اى كل فرد بشرط اجتماعه مع آخر فيكون منافيا للوحدة لاعتبار امر آخر مثله معه وهذا الجواب مبنى على ان مدلول المفرد الوحدة بمعنى عدم اعتبار امر آخر معه مثله لا اعتبار عدم امر آخر مثله معه وانما ذلك لعدم الدليل عليه وحاصل الجواب الاول انا سلمنا التنافى بينهما لكن لام الاستغراق المفيدة للتعدد انما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة كما ان علامة الجمع فى نحو مسلمين انما تلحقه بعد تجريده عنها وهذا الجواب مبنى على ان مدلول المفرد الوحدة بمعنى اعتبار عدم آخر معه وهو الظاهر لانه فى مقابلة المثنى والمجموع فكما يعتبر فيهما ان يكون آخر معه كذلك يعتبر فى المفرد ان لا يكون آخر معه ولذلك لا يستثنى من المفرد الاثنان والجماعة وبما ذكرنا ظهر لك ان ترتيب البحث تقديم الجواب الثانى على الاول وانما قدمه اشارة الى رجحانه* قال قدس سره اذا قيل الخ* لا يخفى ان منشأ الاعتراض افراد اسم الجنس ولا شك فى دلالته على الوحدة لكونه فى مقابلة التثنية والجمع وكون اسم الجنس وهو الاسم مع قطع النظر عن الافراد والتثنية والجمع موضوعا للماهية

١٧٣

او الفرد المنتشر لا دخل له فى هذا المقام ولعله قدس سره لم يفرق بين اسم الجنس والمفرد بناء على ان رجلا مثلا اسم جنس ومفرد لكن يفرق بينهما بان اسم الجنس يشمل المثنى والمجموع دون المفرد فباعتبار قيد الافراد مفرد ومع قطع النظر عنه اسم جنس* قال قدس سره حقيقة عرفية* اى بالاستعمال فلا ينافى ما تقدم من ان القول بان المجموع المركب موضوع بازاء الحقيقة وضعا آخر بعيد* قال قدس سره فى ضمن فرد منها الخ* فيه بحث لان الاحكام المستعملة جارية عليها بحسب التحقق فى ضمن فرد او افراد كلها او بعضها وخلاصة الجواب ان الوحدة وان لم تكن مدلولة له بحسب الوضع لكنها مدلولة له فى الاستعمال (قوله كما انه مجرد الخ) يشير الى ان ليس معنى التجريد عن الوحدة ان يكون التجريد قيدا معه فيكون مدلوله الجنس بشرط عدم الوحدة بل ان لا يعتبر معه كما لا يعتبر التعدد (قوله وانما امتنع الخ) لما كان مدلول الاسم المفرد بعد دخول اللام متعددا كالجمع كان القياس جواز وصفه بنعت الجمع لانه فى معنى الجمع فكما يجوز الرجال الطوال يجوز الرجل الطوال اشار الى دفعه بان امتناع وصفه اى مطردا وقد نص عليه الشارح رحمه الله فى شرحه للمفتاح للمحافظة على التشاكل اللفظى بين المنعوت والنعت اذا كان وصفا له بحال نفسه لكونهما متحدين بالذات وانما قلنا مطردا لانه جاء وصفه بالجمع فى اهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ونحو جاءنى القوم الطوال نظرا الى التعدد معنى* قال قدس سره اذ ليس فيه ملاحظة وحدة وفردية* الصواب ان يقول اذ ليس فيه ملاحظة وحدة مع اخرى* قال قدس سره فاذا لم يكن هناك امر آخر* فيه ان الوحدة مدلولة للمفرد كالاثنينية والجمعية لصيغة المثنى والمجموع والقول باستفادتها من عدم ما يدل على ازيد من الواحد تكلف وقد عرفت تحرير الجواب بما هو الحق فتدبر* قال قدس سره والا لكان كل رجل طوالا* فيه انه لو كان كذلك لامتنع وصف الجمع به ايضا لان الجمع المحلى باللام كالمفرد فى انه للاستغراق بمعنى كل فرد والجواب ان اعتبار الاستغراق فى الجمع بعد توصيفه بالجمع بخلاف المفرد* قال قدس سره فلم يرد به كل فرد الخ* لا يخفى ان الحكم فى قولنا اهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ليس باعتبار الحصة المعهودة خارجا ولا باعتبار الطبيعة لعدم اتصافها بالصفرة والبياض ولا باعتبار الحصة الغير المعينة فهو باعتبار تحققها فى كل فرد فالمعنى اهلك الناس كل فرد منهما غير مختص اهلاكه بفرد دون آخر* قال قدس سره فالاولى الخ* الصواب ذكره ههنا

١٧٤

لبيان فائدة قيد عند الجمهور ولكونه خلاف القياس لعدم اعتبار التعدد فى الموصوف واما ما ذكره فيما سبق فغير مناسب لكونه على وفق القياس انما المحتاج هناك بيان امتناع اطراد وقد عرفت ذلك (قوله اخصر طريق) اى باعتبار المفهوم الذى قصد المتكلم احضاره به كما فى البيت قصد احضاره باعتبار كونه مهويا له ليفيد زيادة التحسر فطرق الاحضار به الذى اهواه ومن اهواه وهو اى وهذا اخضرها وفى قوله وهذا احضر من الذى اهواه اشارة الى ما ذكرنا فلا حاجة الى ادعاء كونه اخصر من جميع طرق التعريف كما ذهب اليه بعض الناظرين (قوله مهوى) كمرمى بالاضافة الى ياء المتكلم فى اكثر النسخ وفى بعضها بحذفها والاكتفاء على الكثرة (قوله مع الركب الخ) الركب اسم جمع للراكب ويمانين جمع يمان اصله يمنى حذفت الياء المدغمة وغوض عنها الالف قبل النون على خلاف القياس فصار يمانى حذفت الياء لالتقاء الساكنين كذا قالوا والاظهر انه حذفت ياء النسبة وعوض عنها الالف على خلاف القياس لكثرة الاستعمال والتخفيف ومصعد من اصعد فى الارض مضى فالصلة محذوف بقرينة المقام ومبعد كمنجل بعيد الاسفار فهو بيان للمعنى المراد وذاهب فى الارض بيان لاصل المعنى وقرأته على وزن مكرم غلط لان ابعد لا يجئ لازما وفى قوله جنيب اشارة الى انه ذهب اكراها ولم يرض بمفارقتى اختيارا ويجوز ان يكون هواى بمعناه بان يكون ذهابه به باعتبار ذهاب مخله وهو القلب (قوله او لتضمنها الخ) الاول باعتبار المالكية والثانى باعتبار المملوكية والثالث باعتبار المصاحبة (قوله ومنه قوله تعالى لاتضار الخ) اى من التحريض لكن على الاستعطاف ولاتضار قرئ بالفتح على انه نهى وبالضم على انه نفى والمعنى على النهى والبناء يحتمل المعلوم والمجهول فان كان بمعنى تضربان يكون البناء معلوما والباء صلة له اى لا تضر الوالدة ولدها او للسببية والمفعول محذوف اى لا تضر الوالدة الوالد بسبب ولدها فكون الاضافة للتحريض على الاستعطاف ظاهر وان كان بمعناه معلوما كان او مجهولا والباء للسببية فلان مضارة كل منهما للاخر فى الخضانة والانقاق عائد الى ضرر الولد وهو محل الاستعطاف (قوله نحو ان رسولكم الخ) فان اضافة فرعون الرسول الى المخاطبين مع انكاره الرسالة والازدراء بحالهم يفيد الاستهزاء بموسى عليه السّلام (قوله او اعتبار الطيفا مجازيا) فى شرحه للمفتاح فى بيان لطائف قوله تعالى (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) ظاهر كلامه اى السكاكى انه يريد بالمجاز الاستعارة المبنية على تشبيه اتصال

١٧٥

الماء بالارض باتصال الملك بالمالك بناء على ان مدلول الاضافة فى مثل هذا هو الاختصاص الملكى فيكون الاستعارة تصريحية اصلية جارية فى التركيب الاضافى الموضوع للاختصاص الملكى فى مثل هذا وان اعتبر اللام وبنى الاتصال والاختصاص عليها فالاستعارة تبعية ومنهم من يجعل المجاز فى الاضافة بادنى الملابسة مجازا عقليا بناء على ان كون النسبة الى ما هو له والى غير ما هو له مما يتعلق بالعقل دون الوضع انتهى فذكر الوجهين واختار ههنا فى شرح المفتاح وفى حاشيته على هذا الكتاب كونها مجازا حكميا فلا اختلال فى كلامه فمن قال اختل كلام الشارح رحمه الله فى بيان كونه مجازا فمختل كلامه (قوله نحو كوكب الخرفاء) اضيف الكوكب اليها بسبب الملابسة البعيدة اللطفية (قوله لا طريق له الخ) اى لا يعلم المتكلم والمخاطب سوى اختصاصه بشئ بطريق التملك او ما فى حكمه فلا يمكن اخضاره ابتداء الا بالاضافة فاندفع اعتراض السيد بان النسبة الاضافية المعلومة مشيرة الى نسبة خبرية فيمكن التعبير بالموصول فانه بعد احضاره بالنسبة الاضافية وارجاعها الى الخبرية (قوله واما تنكيره الخ) اى ايراده مشتملا على التنوين (قوله فللافراد) اى جعل المسند اليه فردا بالقصد اليه فان التنكير يدل على الوحدة اما شخصا او نوعا (قوله غير ما يتعارفه الناس) يجعل الابهام وسيلة الى الجهالة وكذا الحال فيما عداها من التعظيم والتحقير وغير ذلك وفائدتها ان لا يأبى المخاطب عن قبوله وليعلم ان انه عسير الازالة لعدم معرفته له (قوله وبين الادراك) اى ادراك الايات الدالة على وحدانيته فان الحواس الات الادراك (قوله له حاجب الخ) الحجب يستعمل بعن قال الله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فالثانى على اصله وعدم الخاجب عن طلاب المعروف كناية عن ورودهم عليه وهو كناية عن حصول مقاصدهم فلا حاجة الى التقدير اى عن احسانه كما قيل والاول صلته محذوف وفى كل امر ظرف مستقر صفة لحاجب اى له حاجب عن الارتكاب فى كل امر يشينه وهو الشين وفيه اشارة الى ان المانع له هو كونه شينا لا امر آخر (قوله جاجب حقير الخ) وهذا اولى من القول بعموم النكره المنفية ليطابق الاول ولكون العام قابلا للتخصيص بخلاف هذا (قوله ورضوان من الله اكبر) اى رضوان قليل اكبر من كل نعيم فى الجنه لان ما سواه من ثمراته وهذا المعنى اولى مما قيل اى رضوان عظيم من الله اكبر من كل نعمة كائنه لهم لعدم حصول الرضوان العظيم الكبير لجميع المؤمنين والمؤمنات ولانه يتضمن الاشارة الى كمال كبريائه تعالى والوعد لا بطريق الجزم كما هو شان الملوك اشارة الى انه غنى عن العالمين (قوله اعتبار

١٧٦

الكمية) اى العدد كما هو مصطلح اهل العربية والمعدودات اشارة الى ما يعرض له العدد بالذات والموزونات الى ما يعرضه بالواسطة فيشمل الممسوحات والمكيلات والمشبهات بهما مما لا يعرضه لا بالذات ولا بالواسطة بل شبههما كالقلة والكثرة للرضوان فتدبر فانه قد اشكل على بعض الناظرين (قوله لعدم علم المتكلم الخ) اى عدم علم المتكلم فى نفسه او بالقياس الى المخاطب بجهة من جهات التعريف وفيه اشارة الى ان مجرد عدم الداعى الى التعريف كاف فى التنكير وما قيل ان انتفاء جميع جهات التعريف ممنوع لانه لا بد من العلم بمسماه والا لامتنع الخطاب فيصح تعريفه بلام العهد الذهنى ليس بشئ لانه لا بد من صلاحية المقام للتنكير والمقام الصالح له ان يكون الحكم على فرد من الجنس ثم يطلب الداعى الى تعريفه وتنكيره ولام العهد الذهنى انما هو لتعريف الجنس لا الفرد (قوله مانع كارادة الابهام) على السامع او تأتى الانكار لدى الحاجة او التحرز عن التطير بالاسم الذى يعيبه او عن ثقل فيه (قوله لم يقل يمينه) او ما يؤدى معناه اى المعرف بلام العهد لان فى كل منهما تصريحا بنسبة السأمة الى يمين الممدوح واما غيرهما من طرق التعريف فليس المقام صالحا له (قوله اى هبة) تفسير لقوله تعالى نفحة اى معنى نفحة على هذا التقدير هبة وهى تدل على التحقير لانها نسيم ضعيف على ما فى شرح الكاشى وكذا قوله اى فوحة وحاصل اعتراض المصنف رح ان المتكلم انما يطلب الداعى الى التنكير والتعريف بعد اعتبار اللفظ الدال على اصل المعنى ولفظ النفحة بدون التنكير يدل على التحقير باعتبار المادة والصورة فلا يكون التحقير داعيا اليه والقول بان التحقير داخل فى اصل المراد وزائد عليه مما لا يقبله الذوق نعم لو كان المفيد للتحقير الزائد امورا متعددة علم كونه شديدا كالتأكيد المستفاد من المؤكدات وبما حررنا اندفع جواب الشارح رحمه الله (قوله للفرق الظاهر الخ) لا نزاع فى تحقق الفرق بينهما باعتبار الابهام والتعيين انما النزاع فى افادة التنكير التحقير (قوله نطفة ابيه) تخصيص الاب وان كان مخلوقا من نطفتى الاب والام لكونه منسوبا اليه فى تفسير القاضى اى ماء هو جزء مادته او ماء مخصوص هو النطفة فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل اذ من الحيوانات ما يتولد لا من النطفة وقيل من ماء متعلق بدابة وليس صلة الخلق (قوله وبهذا ينحل الخ) فى الرضى وفى المفعول المطلق اذا كان للتأكيد ووقع بعد الاشكال كقوله تعالى (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) فحل الشارح رح انما هو لهذا المثال على تقدير كونه للنوع والاشكال انما هو فى المفعول المطلق الواقع بعد الا للتأكيد والقول بانه لا يقع المفعول المطلق بعد الا للتأكيد

١٧٧

اصلا باطل فان قوله وما اغتره الشيب الا اغترارا ليس القصد فيه الى نوع من الاغترار حقيرا وعظيم (قوله وحينئذ لا حاجة الخ) الحاجة باقية فى المفعول المطلق الواقع بعد الا للتأكيد (قوله فكانك قلت الخ) فى هذا التشبيه اشارة الى ان الشمول متحقق بناء على توهم استعمال لفظ الضرب لما هو اعم منه ولذا يؤكد فى ضربت ضربا لدفع توهم ارادة غير الضرب لان الشمول متوهم فاندفع ما قاله السيد فى حواشى الرضى من ان ما ذكره من الاحتمال مما لا شبهة فيه وانه يظهر به فائدة التأكيد واما الاستثناء فلا بد فيه من الشمول ولا يكفى فيه الاحتمال المحقق فضلا عن المتوهم* قال قدس سره لانه خلاف الواقع* اى ان اريد اختصاص نوع النطفة بالفرد باعتبار خصوصه اذ ليس كل نوع منحصرا فى فرد ومستبعد جدا ان اريد اختصاصه به باعتبار نوعه لانه خلاف المتبادر (قوله او يرتبط الخ) عطف على ارضها فيما قبله اعنى تراك امكنة اذا لم ارضها داخل تحت النفى وكلمة او لعمومه والمعنى انى تارك الامكنة اذا انتفى كلا الامرين الرضاء بها وارتباط الموت واذا تحقق احدهما لم يتحقق الترك وقيل بمعنى الى او الا وان مقدرة بعدها والجزم لضرورة الشعر او لا جزاء الوصل مجرى الوقف او لكون ان المصدرية المقدرة جازمة كما فى بعض اللغات واوله* او لم تكن ندرى نوار باننى* وصال عقد حبائل جزامها* وصل عقود الخبائل كناية عن رعاية العهود وجزمها عن عدم الرعاية* قال قدس سره ثانيا وبالعرض* فان الكشف والتبيين قائم بالنعت وذكره انما يتصف به باعتبار انه متعلق له كحركة راكب السفينة فلا وجه لاعتباره وترك الموصوف بالذات* قال قدس سره اظهر فى المراد الخ* لان النعت شايع فى التابع المخصوص ولان النعت المذكور سابقا فى عبارة الشارح رحمه الله بمعنى التابع ولان تغيير الاسلوب وذكر النعت بعد ذكر الوصف يشعر بان المراد به غير ما اريد بالوصف فاندفع ما قيل كما ان الوصف فى اللغة بمعنى ذكر التابع فكذا لفظ النعت بلا تفاوت وكلاهما مخصوصان فى عرف النحاة بالتابع فلا وجه لكون احدهما اظهر فى المراد من الآخر* قال قدس سره صار حدا الخ* اى تعريفا كما يشعر به آخر كلامه وما يجرى مجراه ما يكون مستلزما للتعريف كما فى الذهن يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمعا فانه تعريف للالمعى باعتبار لازمه وهو كونه مصيبا فى رأيه* قال قدس سره على رأى المعتزلة والحكماء* فان المراد به الممتد فى الجهات الثلث والجسم موصوف به بالفعل واما تعريفهم بالقابل للابعاد الثلاثة او ما يمكن فيه فرض الابعاض الثلثة فلارادتهم بالابعاد الخطوط المفروضة فيه او اطرافه الا ان ما صدق عليه الجسم

١٧٨

عند المعتزلة منحصر فى الجوهر وهو المحتاج الى الفراغ الذى يملاؤه وعند الحكماء فى التعليمى والطبيعى وكلاهما محتاجان الى المكان بل الشاغل بالذات هو الجسم التعليمى بدليل اختلاف المكان بالتخلخل والتكاثف مع بقاء الجسم الطبيعى بحاله وانما قال عند المعتزلة والحكماء لان الجسم عند الاشاعرة ما تركب من جوهرين فصاعدا كل ما ذكرنا ظاهر على من هو واقف على كلامهم* قال قدس سره لا يتصور الا فى مكان واما الجوهر الفرد عند المعتزلة فمحتاج الى التخيز كما ذكر فى محله* قال قدس سره وليس فيه دلالة الخ* اذ المصدر لا دلالة له على الوحدة والكثرة فضمير كونه راجع الى مطلق النعت المذكور فى ضمن الوصف فيجوز ان يكون كثيرا متعددا* قال قدس سره ومنهم من قال الخ* لا يخفى بعد كل منهما والثانى بعد من الاول لانه يلزم ان لا يكون للطويل والعريض مدخل فى الكشف وان يكون ذكرهما استطراديا* قال قدس سره لانها* قللت الاشتراك مطلقا حيث رفعت الاشتراك اللفظى ويبقى الاشتراك المعنوى فى افراد معنى واحد وبهذا ظهر كونه تمحلا* قال قدس سره ليس معناه الخ* فان استعمال المطلق فى المقيد بخصوصه مجاز* قال قدس سره فانما ينشأ من اللفظ* دون المعنى لانه جزئى لا اشتراك فيه الا ان اللفظ يجوز استعماله فى كل خصوصية سواء كان موضوعا له او للمعنى العام فلذا جاء الاحتمال* قال قدس سره بحسب وضع واحد* لكل خصوصية او لمعنى كلى بشرط استعماله فى الخصوصيات* قال قدس سره اموارا مخصوصية اراد بها المعانى الجزئية المندرجة تحت الامر المشترك سواء كانت جزئيات اضافية كما فى المشتقات او حقيقية كما فى اسماء الاشارة والمضمرات* قال قدس سره وعين اللفظ* اما بخصوصه كما فى المضمرات والمبهمات او باعتبار امر كلى كما فى المعرف باللام والمضاف اليه فان الواضع عين كل لفظ معرف بلام العهد وقد لاحظه بعنوان انه معرف باللام لكل حصة مما دخل عليه او لجنسه وكذا المشتقات مثلا وضع كل ما هو على وزن فاعل لكل ذات قام به مصدره وليس موضوعا لمفهوم ما قام به المصدر والا لجاز استعماله فى هذا المفهوم فالموضوع ملحوظ بامر عام وكذا الموضوع له فتأمل فان فيه غموضا قد زل فيه الاقدام* قال قدس سره فالمعتبر فى الوضع مفهوم عام* سواء كان آلة لملاحظة الموضوع له او موضوعا له* قال قدس سره وهذا معنى كونه عاما* اى ليس معناه ان له افرادا متعددة بل ان له تعلقا بامر عام وهذا كما يقال هذا الحكم عام بمعنى ان له تعلقا بالعام اعنى الموضوع* قال قدس سره ولا يجوز اطلاقها الخ* اى بطريق

١٧٩

الحقيقة لعدم كونه موضوعا له* قال قدس سره كان كل من الوضع الخ* كذا ذكره فى حاشية شرح الاصول وقال الابهرى انه اذا وضع لفظ واحد بازاء معنى واحد فهذا وضع خاص سواء كان ذلك المعنى كليا او جزئيا والوضع العام يكون اذا كان الامر العام آلة لملاحظة اومور مخصوصة ووضع اللفظ لكل واحد منها* قال قدس سره فغير معقول* فى حاشيته على شرح مختصر الاصول لان الجزئى ليس وجها من وجوه الكلى ليتوجه به العقل اليه فيتصوره اجمالا وانما الامر بالعكس قيل قد جوز قدس سره كون الاخص معرفا للاعم فلم لا يجوز ان يكون الجزئى مرآة لملاحظة الكلى وفيه ان الجزئى لكونه حاصلا من طريق الحواس كيف يكون آلة لملاحظة ما حصوله بطريق العقل والحق ما اختاره السيد لانه اذا كان الوضع عاما باعتبار عموم آلة الوضع فلان يكون عمومه باعتبار عموم الموضوع له اولى (قوله ان القصد منهما الى الجنس الخ) يعنى ان لفظ دابة وطائر حامل لمعنى الجنس والوحدة فوصف بما هو من خواص الجنس لبيان ان القصد الى الجنس فيفيد عموم كل فرد يصدق عليه الجنس دون الفرد اى وليس القصد الى الجنس مع الوحدة فيحتمل ان يراد الوحدة النوعية فيفيد عموم افراد نوع واحد بان يراد به دابة ترتع وطائر يصيد (قوله وبهذا الاعتبار) اى باعتبار ان هذا الوصف للجنس فيعم جميع افراده وليس له اختصاص بنوع افاد زيادة التعميم على التعميم الذى كان يحتمله بدون الوصف هذا ما اختاره الشارح رحمه الله تعالى فى شرح كلام المفتاح وتبع العلامة فى ذلك فيكون مأل كلامى صاحب المفتاح وصاحب الكشاف متحدا وقد صرح به فى شرح المفتاح حيث قال وصف الدابة والطائر بما هو من صفات الجنس والمدلول المطابقى للفظ لبيان ان القصد بهما الى الجنس فيفيد تأكيد امر الشمول والاحاطة ورفع توهم الخصوص وهذا ما قاله صاحب الكشاف ان معنى هذا الوصف زيادة التعميم والاحاطة كانه قيل ما من دابة قط فى جميع الارضين السبع وما من طائر فى جو السماء من جميع ما يطير بحناحية الا امم امثالكم* قال قدس سره تفيد العموم* ولو بطريق النصوص بواسطة من الاستغراقية فلا يحتمل عدم الاستغراق اصلا لكنه يحتمل التأويل بان يراد الاستغراق العرفى وبعد الوصف لا يحتمل وخلاصة التوجيه انه قبل الوصف كان نصافى الاستغراق وبعد الوصف صار مفسرا* قال قدس سره لان كل فرد الخ* يعنى ان التنكير اما للفردية او للنوعية وعلى التقديرين لا يصح الحكم بقوله امم لان الفرد ليس بجماعة والنوع ليس بجماعات

١٨٠