حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

لا يسع) واما لعدم الفرصة او للضجر والسآمة الحاصل للصياد من طلب الصيد (قوله من غير السامع من الحاضرين) الصواب من غير المخاطب من السامعين (قوله وكاتباع الاستعمال الخ) الفرق بين الاتباعين ان فى الاول يكون الكلام فى الاستعمالين واحدا سواء كان الاستعمال قياسا اولا وفى الثانى الكلام الثانى غير الاول ولا بد ان يكون قياسا (قوله وقد يكون الخ) اى قد يكون المحذوف من غير ضرورة الفاعل الاصطلاحى للفعل ليترتب عليه قوله وحينئذ يجب اسناداه فبالقيد الاول خرج نحو اضربن واضربن واضربوا القوم فان حذف الفاعل فيه لضرورة التقاء الساكنين باقامة الحركة مقامه وبالقيد الثانى خرج نحو انبت الربيع البقل وجاء ربك فان المحذون فيه الفاعل الحقيقى وبالقيد الاخير الفاعل المحذوف للمصدر (قوله وحينئذ يجب اسناد الفعل الى المفعول) الا نادرا نحو ما ضرب الا انا وبدالك اى رأى وانما يجب ذلك لان الفعل لا بدله من فاعل او ما يقوم مقامه ولا تتوهمن ان هذا من حذف الجملة بل تبديل جملة بجميلة اخرى لنكتة لان هذا ليس تبديلا للمسند بل تغيير هيئة ولذا سمى كل واحد منهما صيغة الماضى (قوله فلكونه الاصل) اى ما يبتنى عليه الشئ والقاعدة (قوله ولا مقتضى للعدول عنه) يعنى كونه اصلا لا يكفى نكتة للذكر لانه متحقق فى حال الحذف ايضا فلا بد من عدم المقتضى للعدول ليكون مرجحا للذكر على الحذف والمراد عدم المقتضى فى قصد المتكلم على ما مر فلا يرد ان الكلام فيما اذا قامت القرينة المعينة للمحذوف كما يدل عليه سابق كلامه ولا حقه فالاحتراز عن العبث وتخييل العدول متحقق فى جميع صور الذكر وقوله ولا مقتضى للعدول عنه منصوب وسقوط التنوين اما لكونه مضافا واللام زائدة كما قال سيبويه فى غلام لك واما تشبيها له بالمضاف كما قاله الشيخ ابن الحاجب (قوله او زيادة الايضاح) اى ايضاح المسند اليه وزيادة تثبيته فى ذهن السامع فنفس الايضاح والتقرير حاصل عند الحذف ايضا لوجود القرينة المعينة له وفى الذكر زيادتهما لان الدلالة اللفظية اجتمعت مع الدلالة العقلية (قوله ومنه واولئك هم المفلحون) اى من زيادة الايضاح والتقرير لكن لا لايضاح المسند اليه وتقريره ولذا اورد لفظة منه بل لايضاح غرض تعلق بتكرير المسند اليه وهو ان هؤلاء الموصوفين بشرف الايمان ممتازون بكل من الاثرتين وكل منهما يكفى فى تمييزهم فلايضاح هذا الغرض ذكر المسند اليه ولم يحذف بنصب القرينة على تقديره اذ مع الحذف لا يتضح التقرير كمال الاتضاح ولا يفصح عن الغرض كمال الافصاح وبهذا ظهر فساد قول من قال ليس الآية

١٤١

من قبيل اختيار الذكر على الحذف اذ لو ترك اولئك الثانى لم يكن مقدرا بل كان ما بعده معطوفا على مسند اولئك الاول لان الغرض انه لو ترك ونصب القرينة على تركه لم تحصل زيادة الايضاح واندفع ما قيل ان المتبادر من قوله ومنه ان النكتة فى ذكر المسند اليه فى الآية الايضاح له مع انها شئ آخر كما علم من قوله تنبيها الخ وذلك ظاهر كذا قيل لكن الظاهر من عبارة الكشاف ان النكتة المذكورة لتكرير اسم الاشارة عدم الاكتفاء على الاول وحاصلها انه لو لم يكرر لاحتمل ان يكون مجموع الاثرتين مميز الهم عما عداهم لاكل واحدة منهما وبالتكرير صار نصا فى ان كل واحدة مميزة لهم فالمراد بقوله زيادة الايضاح الايضاح الكامل والتقرير الا بلغ كما فى تعريف النص بما ازداد وضوحا على الظاهر (قوله كما ثبتت لهم الاثرة الخ) فى موقع المصدر لقوله ثابتة والفاء فى فهى زائدة كذا ذكره الشارح رحمه الله تعالى فى شرح الكشاف وفيه ان التشبيه ليس بمقصود فى المقام وان زيادة الفاء لم يجوزها سيبويه وعندى ان الكاف للقران فى الوجود وما كافة كما قام زيد قعد عمرو وصل كما دخل الوقت والفاء للسببية كما فى قوله زيد فاضل فاكرمه والجملة فى محل الخبر لان اى تنبيها على انهم بهذه الحالة وهى انه كما ثبتت لهم الاثرة بالهدى قارنه فى الوجود ثبوت الاثر لهم بالفلاح مسببة عنها وفى هذا كمال الترغيب لمن عداهم الى الايمان والاثرة بفتح الهمزة والثاء الاستبداد وبالفلاح متعلق بالاثرة المدلول عليها بالضمير والمثابة المرجع وفى تمييزهم متعلق بجعلت او بمثابة وضمير انفردت وكفت للاثرة وضمير الموصول محذوف اى كفت فيها اى فى تلك المثابة على حيالها اى انفرادها واصله حوال من الحلول بمعنى الطرف* قال قدس سره فكيف يكون الخ* قال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح كما ان الحضور عند السامع ومعرفته القصد اليه كناية عن وجود القرينة كذلك عموم النسبة وارادة التخصيص كناية عن عدم القرينة فاندفع البحث لانها عند السكاكى رحمه الله عبارة عن ذكر اللازم اى التابع وارادة الملزوم اى المتبوع بحيث يحصل الانتقال منه اليه فى الجملة ولا يجب استلزامه له ولا شك ان عموم النسبة وارادة التخصيص يتبع انتفاء القرينة مطلقا وينتقل منه اليه وان لم يستلزمه كطول النجاد وكثرة الرماد يتبع طول القامة والمضيافية فالمراد بقوله تفصيل لانتفاء القرينة انه لازم له فيه تفصيل لكونه مركبا من امرين وتحقيق له لان الكناية كدعوى الشى بالبينة وليس المراد انه تفصيل وبيان له حتى يرد ان انتفاء القرينتين المخصوصتين كيف يكون تفصيلا وبيانا لانتفاء القرينة مطلقا والعجب

١٤٢

من السيد قدس سره انه اعترف بكون استحضار السامع للمسند اليه وعرفانه قصدك اليه فى قوله اما الحالة التى تقتضى طى ذكر المسند اليه فهى اذا كان السامع مستحضرا له عارفا منك القصد اليه عند ذكر المسند اشارة الى وجود القرينة المجوزة للحذف ومنع ههنا كون العموم وارادة التخصيص كناية عن انتفاء القرينة حيث قال فى شرحه ومن زعم ان عموم نسبة الخبر بمعنى صلاحيته فى نفسه لمتعدد وارادة التخصيص كناية عن عدم القرينة مطلقا فقدسها لان انتفاء القرينتين المخصوصتين لا يستلزم انتفاءها مطلقا اذ لها افراد اخر كتقديم الذكر فى السؤال وغيره وبما حررنا لك اندفع ما اورد على جواب الشارح رحمه الله تعالى من انه اذا كان عموم النسبة وارادة التخصيص بيانا لانتفاء القرينة كان الذكر لانتفاء القرينة وذلك وظيفة النحو دون المعانى لانه ليس من المزايا والخواص الزائدة على اصل المعنى وذلك لانه اذا كان كناية عن انتفاء القرينة والكناية يجوز فيها ارادة المعنيين كان الذكر ههنا لعموم النسبة وارادة التخصيص مع انتفاء القرينة فلا يكون البحث عنها وظيفة النحو* قال قدس سره وقيل الخ* اى فى توجيه عبارة السكاكى بحيث لا يرد عليه اعتراض المصنف رحمه الله وقد اختاره فى شرحه فالتعبير بقيل ليس للاشارة الى ضعفه* قال قدس سره وعلى هذا يكون عموم النسبة الخ* فيتم جواب الشارح رحمه الله ولا يرد البحث المذكور عليه وان كان التمثيل بقوله نحو خالق كل شئ ظاهرا فى ان المراد عموم الخبر فى نفسه وقد اشار اليه الشارح رحمه الله فى شرحه حيث قال والمراد بعموم النسبة الى كل مسند اليه ان يصح فى تلك الحالة اسناده الى كل واحد مما يصح اتصافه به فى نفسه واسناده اليه حيث قيد بقوله فى تلك الحالة* قال قدس سره انها موضوعة الخ* قيل فيه انه يلزم ان يقع الالتفات الى الافراد المعنية الغير المتناهية ولا شك انه اذا سمع انا لم يلاحظ الافراد واحد والجواب انه موضوع لكل واحد بشرط الانفراد عن الاخر فلذا لا يقع الالتفات الا الى واحد* قال قدس سره اذ لم تستعمل فيما وضعت هى لها* فيه بحث لان المراد بقولنا انها موضوعة لمفهوم كلى ليستعمل فى جزئياته انها موضوعة للمفهوم الكلى من حيث تحققه فى جزئى من جزئياته لا لذلك المفهوم من حيث هو فيكون استعمالها فى كل جزئى حقيقة واستعمالها فى المفهوم الكلى من حيث هو مجازا وبهذا ظهر ان الاختلاف بين الرأيين لفظى لان من قال بالوضع العام اراد ان المفهوم الكلى آلة لملاحظة الجزئيات ووجه لمعلوميتها وقد تقرر فى موضعه ان العلم بالشى بالوجه فى الحقيقة علم بوجه الشئ بناء على اتحاد العلم

١٤٣

والمعلوم بالذات والفرق اعتبارى فانه من حيث حصوله فى الذهن علم ومن حيث اتحاده بذلك الشئ معلوم فالواضع اذا لاحظ الجزئيات باعتبار المفهوم الكلى فالمعلوم حال الوضع ليس الا ذلك الوجه لكن من حيث اتحاده بتلك الجزئيات فيكون الموضوع له ذلك من حيث اتحاده بتلك الجزئيات اذ لا علم له بتلك الجزئيات الا من هذا الوجه وهذا مراد من قال بالوضع للمفهوم الكلى بشرط الاستعمال فى الجزئيات فتدبر* قال قدس سره فان هذه الضمائر كلها نكرات الخ* لا يخفى عليك ان النكرة المختصة بوصف او حكم لا تخرج عن كونها نكرة وان قل شيوعها فان اعتبر المرجوع اليه يكون الضمير الراجع الى النكرة المختصة ايضا نكرة وان اعتبر حال الراجع يكون الضمير الراجع الى النكرة الصرفة ايضا معرفة فالفرق تحكم* قال قدس سره طويناه على غره* وغر الثوب كسره الاول يقال طويت الثوب على غره اى على كسره الاول وهو كناية عن عدم ارادة الكشف والاظهار* قال قدس سره وانما المقصود التنبيه الخ* لا يخفى عليك انه لم يظهر مما نقله المراد بالذات والخارج ما ذا ولذا كتب قدس سره فى حاشة الحاشية اراد بالذات المعنى المستقل بالمفهومية الذى يصلح ان يحكم عليه وبه وهو معنى الاسم فقط فان معنى الفعل لاشتماله على النسبة المخصوصة خرج عن تلك الصلاحية ثم لا يخفى ان المشار به الى خارج هو اللفظ الدال على الذات وانما نسب اليها مجازا انتهى وكتب فى نسخة اخرى (٧) وانه اريد بالخارج ما يقابل الذهن وليس بشئ لان المقابل للذهن اما الاعيان او نفس الامر ولا شبهة فى ان المعرفة لا يجب ان يكون المشار اليه بها امرا موجودا فى الاعيان او نفس الامر نحو شريك البارى والمعدوم المطلق فحذف هذه الحاشية اولى من اثباتها وتحقيق المقام على ما قاله المحققون ان حقيقة التعريف الاشارة الى ما يعرفه مخاطبك وان المعرفة ما يشاربها الى امر متعين اى معلوم عند السامع من حيث انه كذلك وان النكرة ما يشاربها الى امر متعين من حيث ذاته ولا يقصد ملاحظة تعينه وان كان متعينا معهودا فى نفسه فان بين مصاحبة التعيين وملاحظته فرقا بينا وتحقيق ذلك ان فهم المعانى من الالفاظ انما هو بعد العلم بالوضع فلا بد ان يكون المعانى متميزة متعينة عند السامع فاذا دل الاسم على معنى فان كان كونه متميزا معهودا عند السامع ملحوظا مع ذلك المعنى فهو معرفة وان لم يكن ملحوظا معه يكون نكرة ثم ذلك التعيين المشار اليه فى المعرفة ان كان مستفادا من جوهر اللفظ فهو علم اما جنسى ان كان المعهود جنسا واما شخصى ان كان حصة والا فلا بد من قرينة خارجية يستفاد منها ذلك

__________________

(٧) فى حاشية اخرى نسخه

١٤٤

فان كانت الاشارة الحسية فهى اسماء الاشارة وان كانت الخطاب اى توجيه الكلام الى الغير فهى المضمرات وان كانت نسبة فاما الخبرية فهى الموصولات واما الاضافية فهى المضاف الى احدها وان كانت حرف التعريف فاما حرف النداء فهو المنادى واما اللام فهو المعرف باللام ثم المعرف باللام ان اشير به الى حصة معينة من مفهوم مدخولها فهو المعرف بلام العهد وان اشير الى نفس مفهومه فهو الجنس واما القسمان الباقيان فهما فرعا الجنس اذا تقرر هذا فنقول ان ما سوى العلم لما كان تعينه مستفادا من خارج ففيها نوع عموم فلا يخلوا ما ان يقال انها موضوعة لمفهومات كلية بشرط استعمالها فى الجزئيات المتعينة عند السامع من خارج واليه ذهب المتقدمون والشارح رحمه الله تعالى واما ان يقال انها موضوعة لتلك الجزئيات لكن بملاحظة امر كلى آلة لوضعه فالوضع عام والموضوع له خاص واليه ذهب المتأخرون كالقاضى عضد الدين والسيد الشريف وان الوضع فى المعارف اعم من الافرادى كما فيما سوى المعرف باللام والنداء والتركيبى او المنزل منزلة الافرادى كما فى المعرف باللام فان لام التعريف حرف وضع لمفهوم كلى هو تعيين مدخوله بشرط الاستعمال فى الجزئيات او لتلك الجزئيات على اختلاف الرأيين واسم الجنس موضوع لمعناه اعنى الماهية او الفرد المنتشر على اختلاف الرأيين والمجموع موضوع بالوضع التركيبى او الوضع المنزل منزلة الافرادى لمعين عند السامع هو مفهوم مدخوله او حصة منه بشرط الاستعمال فى الجزئيات او لتلك الجزئيات من حيث هو معين عنده فالمعرف بلام الجنس مثلا من حيث انه معرف بلام الجنس موضوع للمفهوم الكلى وهو مفهوم مدخوله المعين عند السامع بشرط الاستعمال فى الجزئيات او لتلك الجزئيات اعنى هذا المفهوم وذلك المفهوم وكذا العهد وبما ذكرنا اندفع ما قيل ان كون الموضوع له الامر الكلى بشرط الاستعمال فى الجزئيات او لتلك الجزئيات الملحوظة بالمفهوم العام فى المعرف بلام الجنس مشكل وان الوضع فى المعارف اعم من الشخصى والنوعى سواء كان بنفسه كما فى المعرف باللام المستعمل فى معناه الحقيقى او مع القرينة كما فى المجازات المعرفة باللام نحو لقيت الاسد فى الحمام فانه موضوع مع القرينة بالوضع النوعى لمفهوم كلى اعنى الرجل الشجاع ليستعمل فى شئ معين عند السامع وبما حررنا لك انكشف لك ان تعريفى المعرفة بما وضع ليستعمل فى شئ بعينه وما وضع لشئ بعينه على اختلاف الرأيين لابد فيهما من اعتبار الحيثية اى من حيث هو بعينه ليخرج النكرات وان الشئ فى التعريف الاول اعم من ان يكون نفس الموضوع له كما فى العلم او فردا منه كما فى سائر

١٤٥

المعارف وان الضمير الراجع الى النكرة وعلم الجنس وسائر المعارف داخلة فى الحد وان قول الشيخ الرضى حقيقة التعريف جعل الذات بحيث يشاربها الى خارج اشارة وضعية معناه جعل الاسم بحيث يشار به الى امر خارج عما يثبت فى ذهن المخاطب من مدلول الاسم وهو كونه معلوما عنده اشارة يكون للوضع مدخل فيها فخرج بقوله الى خارج النكرات كلها وبقوله اشارة وضعية النكرة اذا اشير بها الى مفهوم معلوم للمخاطب من حيث انه كذلك فان ذلك يكون فيها بالقرينة لا بالوضع فالاشارة الى ما فى ذهن المخاطب بحسب الوضع ثابتة فى النكرة والمعرفة والى الخارج مختصة بالمعرفة ففيها اشارتان وضعيتان تشارك فى احديهما النكرة وتخالف بالاخرى وليس المراد بالخارج ما يرادف الاعيان فانه يلزم ان لا يكون المعرف بلام الجنس وكذا المعرف بالاضافة للجنس بل الموصول والمعرف بالاضافة اليه اذا كان مدلولهما ممتنع الوجود والضمير الراجع الى الماهية من حيث هى والراجع الى النكرة الموصوفة والمعرف بلام العهد الخارجى اذا كان المشار اليه الجنس او النكرة الموصوفة والعهد الذهنى وعلم الجنس معرفة حقيقه بل لفظا والشيخ المذكور وان قال فى بعضها فلا يقول فى جميعها وكذا الخارج عن الذهن سواء كان فى الاعيان او فى الذكر فانه وان ادخل المعرف بلام العهد والضمير الراجع الى النكرة والجنس فى التعريف وخروج المعرف بلام الجنس وعلم الجنس والعهد الذهنى لا يضر لانها غير داخلة فى المعرفة عنده لنكه لا يشمل الموصول الذى اريد به الممتنع نحو قولنا الذى هو شريك البارى ممتنع وكذا ليس معنى عبارته جعل الذات مشارابها بتوسط امر خارج وهو القرينة اشارة وضعية فانه لا يصح فى العلم هذا هو الكلام المجمل فى هذا المقام وللفضلاء تدقيقات وتحقيقات تركتها مع زيادات تسنح لى مخافة الاطناب (قوله لان الاصل) اى (٧) الراجح الحكم على شئ معين عند السامع بخلاف المسند فان المقصود ثبوت مفهومه لشئ والتعريف زائد عليه يحتاج الى داع (قوله فتعريفه الخ) جواب شرط محذوف اى اذا علمت معنى التعريف والمعرفة فتعريفه لكذا وفى بيان النكتة العامة للتعريف اشارة الى ان ارتفاع شان الكلام ان لا يغفل عن نكتته العامة بعمومه وعن نكتته الخاصة بخصوصه والمصنف رحمه الله اقتصر على بيان النكات المختصة باقسام التعريف فى هذا الكتاب مع التعرض للنكتة العامة له فى الايضاح اكتفاء باشارة الفاء العاطفة فى قوله فبالاضمار فانها للتفضيل فيقتضى تقدم المجمل كانه قيل اما تعريفه فلافادة المخاطب اتم فائدة فالاضمار لكذا وبالعلمية

__________________

(٧) لان الراجح الحكم نسخه

١٤٦

لكذا وليست جزئية بان يكون تقديره مهما يكن من شئ فتعريفه بالاضمار لكذا لان الفاصل بينها وبين اما القائم مقام الشرط المحذوف يجب ان يكون من اجزاء الجزاء ما هو ملزوم فى الزهن والتعريف ليس ملزوما لكونه بالاضمار لكذا فما قيل ان المصنف رح ترك النكتة العامة ظنا منه ان العام لا يتحقق الا فى ضمن الخاص فالنكتة الخصة تكفى لايراد العامة وان الاولى واما تعريفه بالاضمار فلان المقام الخ منشاؤه عدم التنبه لاختصار المص رح (قوله كان ابعد) بشرط ان لا يوجب البعد عن حد الوقوع (قوله تخصيصا) اراد به ما يقابل الشيوع الذى فى النكرة فيعم الاستغراق ايضا لئلا ير ان قولنا جاءنى كل عالم ابعد من جاءنى زيد مع عدم التخصيص فى الاول (قوله ازداد الحكم بعدا) بالنسبة الى الحكم على الشائع بالشائع فلا يرد ما قيل انه قد يكون المسند من اللوازم البينة للمسند اليه كقولنا الاثنان زوج اول فلا يكون مفيدا لبعد الحكم فالقاعدة المذكورة باعتبار الغالب (قوله كما ترى الخ) تنوير للقاعدة البديهية بالمثال (قوله لانه وضعى الخ) اى يفهم من نفس لفظ المعرفة بالوضع بخلاف التخصيص الحاصل للنكرة فانه يفهم من ملاحظة انحصار الوصف فيها واما من حيث المفهوم فالشيوع باق فلا يرد ان تخصيص النكرة بالوصف ايضا وضعى بالوضع النوعى كالمعرف باللام والمضاف (قوله ثم التعريف الخ) اشارة الى ما ذكرنا من ان الفاء لعطف المفصل على المجمل (قوله لان المقام للتكلم الخ) اى للتعبير عن المتكلم من حيث انه متكلم والمخاطب من حيث انه مخاطب والغائب من حيث انه غائب تقدم ذكره لفظا او تقديرا او حكما فلا يرد ان مقام التكلم متحقق فى قول الخلفاء امير المؤمنين يأمر بكذا مع عدم الاضمار وان الخطاب اعنى توجيه الكلام الى حاضر لا يقتضى التعبير بضمير الخطاب كما تقول فى حضرة جماعة كلاما لا تخاطب به واحدا منها وان الغيبة وهو كون الشئ غير متكلم ولا مخاطب لا يستدعى الاضمار فان الاسماء الظواهر كلها غيب (قوله واصل الخطاب) اى اللائق به والواجب فيه بحكم الوضع (قوله او اكثر) فالواجب بحكم الوضع ان يكون الخطاب بصيغة التثنية لاثنين معينين وبصيغة الجمع لجماعة معينة او للجمع على سبيل الشمول كما فى قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) وفى قوله عليه السّلام كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فان الشمول الاستغراقى من قبيل التعيين (قوله الى حاضر الخ) اى من حيث انه حاضر بان يكون فيه اشارة معينة الى حضوره لما عرفت (قوله وقد يترك الخ) قيل انه من اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر بل هو عند التحقيق من وضع

١٤٧

المضمر موضع المظهر فان قوله ولو ترى الظاهر فيه ولو يرى كل واحد فذكره ههنا يخل بقوله فيما بعد هذا كله مقتضى الظاهر والجواب انه ليس ههنا شىء داع الى ايراد الخطاب لمعين فاجرى الكلام على خلاف ذلك الداعى الظاهر وروعى مطابقة الداعى الغير الظاهر بل مجرد استعمال اللفظ فى غير ما وضع له لداع وهو تعميم الخطاب فهو مقتضى الظاهر ولو كفى هذا القدر فى كونه خلاف مقتضى الظاهر لزم ان يكون جميع المجازات اللغوية خلاف مقتضى الظاهر وكذا ليس وضع المضمر موضع المظهر مجرد صحته اقامته مقامه اذ كل مضمر يصلح لذلك بل ان يكون المقام مقام المظهر فاقيم المضمر مقامه وليس ههنا مقام المظهر بل مقام الخطاب (قوله وقد يترك) الظاهر ان يرجع الضمير الى الاصل الا ان الشارح رحمه الله تعالى راعى قرب المرجع (قوله اى الخطاب مع معين) قال الشارح رحمه الله تعالى فى شرح المفتاح فى شرح قوله وحق الخطاب ان يكون مع مخاطب معين حق العبارة ان يكون لمعين يقال خاطبه وهذا لخطاب له لا خاطب معه والخطاب معه انتهى وفيه ان الشاهد انما يدل على ان الخطاب متعد بنفسه وانه قد يستعمل باللام للتقوية ولا يستعمل بكلمة مع وما فى المفتاح انما هو متعلق بيكون لا بالخطاب واستعمال الكون بمع شايع يقال كنت مع زيد وفى التنزيل (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) وفى شرح المفتاح الشريفى لو قال لمخاطب معين لكان اظهر فان قولك حصل الخطاب له اسدّ فى المعنى من قولك حصل الخطاب معه لكن لا يظهر وجه كونه اسد لان الكون والحصول يتعلق به كل جار ولذا يقدر متعلق الظروف المستقرة كلها فمعنى عبارة الشرح على وفق ما فى المفتاح قد يترك الخطاب الكائن لمعين اى الصالح له مما لا الى غير المعين وانما جعل الشارح رحمه الله ضمير يترك راجعا الى الخطاب دون المعين لان الكلام فيه وضمير غيره راجعا الى المعين دون الخطاب لايهامه انه قد يترك الخطاب الى غير الخطاب كالغيبة والمقصود امالة الخطاب من المعين الى غير المعين فما قيل ان الانسب ان يقال قد يترك الخطاب الى غير الخطاب او يترك المعين فى الخطاب الى غير المعين تحقيقا للمقابلة بين المتروك والمأتى به ليس بشئ (قوله تفظيع) اى بيان فظاعة حالهم من فظع الامر بالضم اى اشتد شناعته (قوله حالهم الفظيعة) اى حالهم الشديدة الشناعة والمراد به ما طرأ عليهم فى وقت نكس الرؤس لاجل الحجالة والخوف من اهوال القيمة من رثاثة الهيئة واسوداد الوجه وغبرته وبسرته وصفرته وغير ذلك التى هى فى غاية الشناعة والجزاء محذوف اى لرأيت امرا فظيعا وما قيل ان المراد بحالهم الفظاعة ووصفها بالفظيعة من قبيل شعر شاعر

١٤٨

او الكلام على حذف المضاف او الحيثية مرادة مع كونه تكلفا لا يحتاج اليه غير صحيح فى نفسه اذ لا يتعلق بها الرؤية ولا يصح تقدير الجزاء حينئذ لرأيت امرا فظيعا ثم ان اعتبار صحة رؤية كل من يتأتى منه كافى فى كون حالهم فى غاية الظهور ولا يحتاج الى وقوع الرؤية فما قيل ان صدق الشرطية لا يقتضى وقوع مقدمها بل كلمة لو تدل على امتناع وقوعها فلا يدل على كون حالهم فى غاية الظهور فى غاية السقوط لا نحققها فى نفسها وكونها فى غاية الظهور لا ينافى امتناع رؤية المخاطب لها لكونها فظيعة هائلة (قوله على حذف المضاف) اما قبل ضمير بها او قبل مخاطب (قوله اكرم اليه) الظاهر اسقاط اليه (قوله او احسن) اورد بكلمة او نظرا الى كون كل واحد منهما شرط له جزاء على حدة وفى الايضاح بدون حرف العطف بطريق التعداد وفى بعض النسخ بالواو وهو ظاهر (قوله لفساد المعنى) لان الاخراج فى صورة الخطاب يفيد الخصوص والعموم انما هو لاخراجه عما يفيده صورته فتدبر فانه قد زل فيه الاقدام (قوله بايراده علما) اشارة الى ان العلمية مصدر المتعدى ومعناه جعله علما والجعل بالايراد (قوله وهو ما وضع لشئ مع جميع مشخصاته) المراد بالمشخصات امارات التشخص لا موجباته لان التشخص هو الوجود على النحو الخاص او حالة تتبعه اى تقارنه والاعراض والصفات كالشكل والكيف والكم امارات يعرف بها الشخص كما تقرر فى محله فتبدل المشخصات لا يوجب تبدل الشخص وانما لم يقل مع تشخصه لانه انما يتم على القول بكون التشخص زائدا على الماهية وجوديا بخلاف ما اذا كان نفس الذات او امرا عدميا فانه لا مقارنة فى الاول ويلزم انعدام الشخص فى الثانى ومن هذا التعريف يعلم طريق احضار الشخص بان يعلم باعتبار العوارض التى هى امارات لتشخصه فالعلم وان كان كليا لكن المعلوم به جزئى لعدم مطابقته لما سوى ذلك الجزئى فاندفع الشكوك التى عرضت للناظرين فى هذا المقام* قال قدس سره يخرج عن هذا التعريف الاعلام الجنسية* لانها موضوعة لنفس الماهية الحاصلة فى الذهن كالمعرف بلام الجنس الا ان التعريف فيها والاشارة الى معلوميتها مستفاد من جوهر اللفظ وفى المعرف من اللام والقول بان الماهية المتحدة فى الذهن شخص لعدم التعدد فيها وان لم يكن شخصا بمعنى امتناع فرض الاشتراك ولذا قال المنطقيون الطبيعية فى قوة الشخصية تكلف* قال قدس سره مع جميع المشخصات الذهنية* فان الماهية الحاصلة فى الذهن تعرض لها عوارض فى الذهن فان الصورة الانسانية الحاصلة فى ذهن زيد غير الحاصلة فى ذهن عمرو بالشخص والمراد بالمشخصات فى تعريف العلم مطلق المشخصات اى ما يكون مفيدا لتشخصه

١٤٩

فى الجملة سواء كان فى الخارج او فى الذهن لا الخارجية فقط ولا الذهنية فقط ولا جميع المشخصات الذهنية والخارجية* قال قدس سره لاستلزامه الخ* وذلك لان الماهية المأخوذة مع المشخصات الخارجية تباين الماهية المأخوذة مع المشخصات الذهنية لتباين المشخصات الذهنية والخارجية ولا يجوز اطلاق لفظ احد المتباينين على الآخر حقيقة وهو ظاهر ولا مجازا الا بعد اعتبار علاقة مصححة بينهما واطلاق الاعلام الجنسية على الفرد الخارجى يكون حقيقة باعتبار مطابقته للماهية ومجازا اذا اريد ذلك منها بخصوصه باستعمال المطلق فى المقيد لا باعتبار العلاقة بين المقيدين فتدبر فانه قد خفى على الناظرين* قال قدس سره بل بان علميتها تقديرية* هذا ما ذهب اليه الرضى من ان علميتها لفظية ولا فرق بين اسم الجنس وعلم الجنس فى المعنى حيث قال واذا كان لنا تأنيث لفظى كغرفة وبشرى ونسبة لفظية ككرسى فلا بأس ان يكون لنا تعريف لفظى اما باللام كما فى اشتر اللحم وان يأكله الذئب واما بالعلمية كما فى اسامة انتهى فليس لنا داع الى ايراد العلم الجنسى الا مجرد التوسعة فى اللغة فعلميته خارجة عن وظيفة علم المعانى فاندفع ما قيل فيه ان نظر الفن شامل للكات المتعلقة بالعلمية سواء كانت تحقيقية او تقديرية* قال قدس سره لضرورة الاحكام* من منع الصرف وترك ادخال اللام ومجئ الاحوال والوصف بالمعارف (قوله وقدمها) اى قدم العلمية على بقية تعاريف المعارف لان العلمية اعرف من البقية باعتبار ان موصوفها اعرف من موصوفاتها (قوله بعينه) حال من مفعول المصدر والمراد به نفس الشئ وذاته المعينة وفى تفسيره بقوله بشخصه اشارة الى انه ههنا بغير المعنى الذى مر فى تعريف المعرفة فانه بمعنى المعين مطلقا تعيينا جنسيا او شخصيا وهذا كما تقول اريد مخاطبا بعينه او لا بعينه كذا فى شرح المفتاح (قوله بحيث الخ) ولو باعتبار خاصة مساوية له لا بحيث يمتنع اشتراكه بين كثيرين فى الذهن وبهذا ظهر انه يمكن احضاره تعالى بعينه فى الذهن بان يحضر باعتبار كونه واجب الوجود خالق العالم (قوله عن احضاره ثانيا) اى المسند اليه بعينه فلا حاجة الى تقييد الضمير الغائب بالراجع الى العلم كما قيل (قوله بالضمير الغائب) فانه يمكن احضاره به ابتداء لاشتراطه بتقدم ذكر المرجع لفظا او تقديرا (قوله فانه يمكن احضاره الخ) اما فى الثلاثة الاول فظاهر واما فى الاخيرين فلان الشرط فيهما تقدم العلم به لا تقدم الذكر وانما قال يمكن لانه قد يكون الاحضار بها مرة ثانية بان ذكر اول مرة ما يعبر به عنه باحد المعارف الست المذكورة لكن تقدم ذكره

١٥٠

ليس بشرط فى شئ منها* قال قدس سره لتوقف كل منهما الخ* التوقف فى المضمر الغائب مسلم ولذا قال الشيخ ابن الحاجب فى تعريف المضمر ما وضع لمتكلم او مخاطب او غائب تقدم ذكره لفظا او معنى او حكما وفى المعرف بلام العهد ممنوع فان مدلوله الحصة من الحقيقة المعهودة بين المتكلم والمخاطب سواء تقدم ذكرها اولا ومنشاؤه عدم الفرق بين الحضور والاحضار* قال قدس سره كما اشير اليه فيما بعد* اى فى ضمن لا يقال لكنه غير مسلم عند الشارح رحمه الله ولذا خص الاحتراز بقوله ابتداء بالضمير الغائب* قال قدس سره اى بحسب وضعه* فمعنى ابتداء فى اول حاله* قال قدس سره واما بحسبهما فلا* فيه ان جميع المعانى المشتركة يحضر عند سماعه بعد العلم بالوضع وانما التردد والتوقف فى تعيين المراد* قال قدس سره اعم من ان يكون بقرينة اولا* لتدخل فيه المعارف التى سوى العلم وتخرج بقيد باسم مختص به (قوله لان الاسم المختص بشئ معين الخ) اى مشخص وانما اعتبره لان الكلام فى التعبير عن المسند اليه المعين كما اشار اليه بقوله لكن ليس شئ منها مختصا بمسند اليه معين لا لانه اعتبره مع قوله باسم مختص به حتى يرد ان الكلام فى كون القيد الاخير مغنيا عن الاولين فاعتبار التعين غير مناسب واما المختص بشئ مطلقا فليس العلم وحده فان المعرف بلام الجنس مختص بالجنس لا يطلق على غيره بحسب وضع واحد واطلاقه على الفرد الذهنى او جميع الافراد انما هو بالقرينة فما قيل المراد بالتعيين اعم من التعيين التعريفى او التنكرى ولو حذفه لكان اولى ليس بشئ قال قدس سره اذا انحصر فى شخص* اما ابتداء كالشمس او بالغلبة كالرحمن كان اسمه مختصا به فى الظاهر اذ لا يستعمل فى غير ذلك الشخص ولا يحضره بعينه فى الحقيقة من غير قرينة لكونه غير موضوع له وانما كان هذا الجواب تكلفا لان المراد بالاختصاص الاختصاص الوضعى كذا قيل وفيه ان الظاهر من الاختصاص اعم وكونه فى العلم بحسب الوضع لا يقتضى ارادته ولعل وجه التكلف انه لو كان غرض الشارح رحمه الله الاحتراز عنه بقوله بعينه لتعرض له فانه لخفائه احق بالتعرض (قوله موقوف على الخ) كما يدل عليه قوله بواسطة تقدم ذكره وقوله بواسطة العلم بالصلة (قوله يكون هذا بعينه الخ) اى فى المأل فان الاحضار بنفس اللفظ والاحضار بالاسم المختص مألهما واحد وما قيل ان الاحضار بنفس اللفظ متحقق بضمير المتكلم والمخاطب وليس بالاسم المختص فوهم لما عرفت من انهما يحتاجان الى قرينة التكلم والخطاب وكذا الاحضار بلفظ الرحمن بقرينة الغلبة (قوله وبعد اللتيا والتى) اللتيا بفتح اللام وجاء بضمها تصغير التى فى الرضى التزم حذف

١٥١

الصلة مع اللتيا معطوفا عليها التى اذا قصد بهما الدواهى ليفيد حذفها ان الداهية الصغيرة والكبيرة وصلت الى حد من العظم لا يمكن شرحه ولا يدخل فى حد البيان فلذلك تركنا على ابهامهما غير مبنية بصلة اى بعد ورود الداهية الصغيرة اعنى كون ابتداء بمعنى بنفسه ثم تفسيره بنفس اللفظ ثم تفسيره بمعنى عدم التوقف على شئ ثم تقييده ببعد العلم بالوضع ثم تخصيص الشئ بالقرائن المفيدة لاحضاره بعينه وبعد الداهية الكبيرة التى هى لزوم اتحاده بقوله باسم مختص وانما كانت كبيرة لانها معنوية والاولى لفظية او بالعكس بان يكون التصغير للتعظيم والاصل فيه ان رجلا تزوج امرأة قصيرة فقاسى منها الشدائد وكان يعبر عنها بالتصغير فتزوج امرأة طويلة فقاسى منها الشدائد ضعف ما قاسى من الصغيرة فطلقهما وقال بعد اللتيا والتى لا اتزوج ابدا (قوله فينبغى) جزاء شرط محذوف* قال قدس سره ليزول احد البعدين* اعنى الداهية الصغيرة وكذا يزول مطالبة وجه التخصيص وانما لم يتعرض له لظهوره واما الكبيرة فواردة لانه اذا خرج بهذا القيد سائر المعارف لم يكن لقوله باسم مختص به فائدة (قوله ان الوجه ما ذكرناه) لان فيه حمل الابتداء على المتبادر وعدم اغناء القيد الاول عن الثانى (قوله اصله الا له) تبع الكشاف فى ذلك لانه الاصل القريب وفى تفسيره القاضى اله بالتنكير تبعا للصحاح لانه لا نزاع فى كون الالف واللام حارجة عن اصله انما النزاع فى انه اله اولاه وقد فصلنا وجوه رجحان المنكر فى حواشى التفسير (قوله حذفت الهمزة) اما مع حركتها على خلاف القياس فيكون التزام الادغام قياسيا لان الساقط الغير القياسى بمنزلة العدم فاجتمع حرفان من جنس واحد اولهما ساكن واما بنقل حركتها الى اللام فيكون التزام الادغام غير قياسى لان المحذوف القياسى كالثابت فلا يكون المتحركان المتجانسان فى كلمة واحدة من كل وجه وان اعتبر التعويض ايضا نعم لو قيل بلزوم الادغام بعد العلمية كان قياسا لان الاعلام ولا تغير ففيه خلاف القياس ليكون الاسم مطابقا للمسمى (قوله وعوضت) اى اعتبرت عوضا منها ولذا يدخل عليه حرف النداء بدون التوصل باى ويبقى قطعيا (قوله ثم جعل الخ) اى لم يكن قبل التعويض والادغام علما للذت المخصوصة بل اسما للمفهوم الكلى اعنى المعبود بحق وقبل اللام اسما للمعبود مطلقا حقا كان او باطلا هذا ما اختياره الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف وقال السيد انه قبل الادغام كان من الاعلام الغالبة لذاته تعالى يطلق على غيره تعالى اطلاق النجم على غير الثريا وبعد الادغام من الاعلام

١٥٢

المختصة لا يطلق على غيره تعالى اصلا والتحقيق انه قبل الادغام وبعده من الاعلام الغالبة مختصة بذاته تعالى الا انه قبل الادغام غلبته تحقيقية لتحقق استعمال اله منكرا فى غيره تعالى وبعد الادغام غلبته تقديرية وقد فصلناه فى حواشى التفسير وفى توصيف الذات بالواجب الوجود الخالق لكل شئ اشارة الى طريق احضار الذات المعنية اعنى اللازم المساوى له فى نفس الامر وان كان كليا عند العقل (قوله كلمة توحيد) اى كلمة تفيد التوحيد وتدل عليه فما قال الا بهرى من ان الافادة بحسب الشرع دون اللغة ان اراد ان دلالتها على التوحيد بحسب وضع الشرع فليس بشئ للقطع بان الشرع لم ينقل هذه الكلمة عن المعنى اللغوى الى معنى آخر وان اراد ان افادتها لكون القائل موحدا بحسب الشرع فمسلم لكن فليس كلامنا فيه (قوله على اعتبار عهد) اى على اعتبار فرد معهود من لفظ الله (قوله فيلزم استثناء الشئ من نفسه) اما اذا كان لفظ الله اسماء للمعبود بالحق فظاهر لاتحاد المستثنى منه والمستثنى مفهوما وصدقا واما اذا كان اسما للواجب الوجود فلانه لا معنى للاستثناء من حيث المفهوم فالاستثناء من حيث الصدق والمعبود بالحق وواجب الوجود متحدان صدقا سواء اريد بهما ما هو معبود بالحق وواجب الوجود بالفعل او بالامكان واما ارادة المعبود بالحق بالامكان من المستثنى منه وواجب الوجود بالفعل من المستثنى فمما لا وجه له (قوله او موجود الخ) نقل عنه يشير الى ان الاستثناء بدل من اسم لا على المحل والخبر محذوف فان قلت هلا قدرت الامكان ونفى الامكان يستلزم نفى الوجود من غير عكس قلت لان هذا رد على خطأ المشركين فى اعتقاد تعدد الآلهة فى الوجود ولان القرينة وهى نفى الجنس قرينة الوجود دون الامكان ولان التوحيد هو بيان وجوده ونفى اله غيره لا بيان امكانه وعدم امكان غيره ولا يجوز ان يكون الاستثناء مفرغا واقعا موقع الخبر لان المعنى على نفى الوجود عن آلهة سوى الله لا على نفى مغايرة الله عن كل اله انتهى والمراد بالمحل المحل البعيدا عنى الابتدائية لا المحل القريب اعنى النصب والا لدخل البدل تحت النفى ولذا لم يجوز النصب فى المستثنى مع انه فى كلام غير موجب والمستثنى منه مذكور ويرد على قوله لا على نفى مغايرة الله عن كل اله ما ورد فى الثناء ولا اله غيرك فتدبر (قوله وفى التنزيل الخ) غير الاسلوب لان العلم مضاف اليه فى الظاهر ومسند اليه فى الحقيقة لان ذكر اليد كناية كما فى قوله تعالى (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) اى ما قدمت فقوله تعالى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) دعاء وقوله وتب الذى بعده خبر وقيل المراد هلاك

١٥٣

يديه لانه اخذ حجرا بيديه ليرمى به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحينئذ لا يكون العلم مسند اليه حقيقة ايضا فيكون نظيرا ويكون معنى ثبت هلك كله كذا افاده السيد قدس سره (قوله اى يدا جهنمى) انما قال بالتنكير تهويلا كانه قال اىّ جهنمى وقيل عدل عن اسمه عبد العزى استقباحا لاسمه وقيل لشهرته بكنيته وقيل كنى بذلك لتلهب وجنتيه واشراقهما فذكر كنيته تهكما به وبافتخاره بذلك فهذه وجوه ثلاثة اخرى كذا فى حواشى شرح المفتاح الشريفى (قوله انتسابه الى النار) كانتساب الاب الى الولد يدل على ملازمته لها وملازمته لها يستلزم كونه جهنميا لزوما عرفيا وان لم يستلزمه عقلا فان خزنة النار ملابسون لها وليسوا بجهنميين (قوله انتقال من الملزوم الخ) فان التلازم بينهما فى الجملة متحقق فى الخارج والذهن (قوله وهم يعتبرون الخ) فابو لهب باعتبار الوضع العلمى مستعمل فى الشخص المعين وينتقل منه باعتبار وضعه الاصلى الى ملابس اللهب لينتقل منه الى انه جهنمى فهو كناية عن الصفة بالواسطة قال فى شرح المفتاح لم يطلق الاسم الاعلى الشخص المسمى بابى لهب لكن لينتقل منه الى معنى يلازم اللهب لينتقل منه الى الجهنمى وكذا ابوجهل كناية عن الجاهل وابو الخير كناية عن الخير وقال السيد قدس سره ابو لهب معناه الاصلى ملابس اللهب ملابسة ملازمة لان لفظ الاب ههنا مستعمل فى معنى الملابس دون معناه الحقيقى فاطلق ابو لهب على الشخص المسمى به ولوحظ معه معناه الاصلى اعنى ملابس اللهب لينتقل منه الى ملزومه وهو كونه جهنميا انتهى فعنده كناية بلا واسطة لان ابا لهب معناه الاصلى ملابس اللهب ملحوظ مع معناه العلمى ولا كناية فى ابى جهل وابى الخير لكونه مستعملا فى معناه الحقيقى والحق مع الشارح رحمه الله تعالى لان ابا لهب مستعمل فى الشخص المعين والمتكلم بناء على اعتبارهم المعانى الاصلية فى الكنى ينتقل منه الى المعنى الاصلى ثم ينتقل منه الى الجهنمى ولا يلاحظ معه معناه الاصلى والا لكان لفظ ابى لهب فى قوله تعالى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) مجازا سواء لوحظ معه المعنى الاصلى بطريق الجزئية او التقييد لكونه غير موضوع للمجموع او المقيد وما قيل ان المعنى الحقيقى لا يكون مقصودا فى الكناية وان مناط الفائدة والصدق والكذب فيها هو المعنى الثانى وههنا قصد الذات المعين فليس بشئ لان الكناية لفظ اريد به لازم معناه مع جواز ارادته معه فيجوز ههنا ان يكون كلا المعنيين مرادا وفى المفتاح تصريح بان المراد فى الكناية هو المعنى الحقيقى ولازمه جميعا كما سيجئ وقد تكلفوا لدفعه بما لا ترضى بسماعه الاذن الكريمة بان المعنى الثانى هو الذات مع وصف

١٥٤

كونه جهنميا دون مجرد وصف كونه جهنميا وبان المكنى عنه فى نظر البليغ هو كونه ملابس اللهب لينتقل منه الى الجهنمى وهو ليس بمقصود بالذات ولله در الشارح رحمه الله حيث قال ان هذا من مزال الاقدام* قال قدس سره صار كونه جهنما مما يفهم من هذا الاسم* فيه بحث اما اولا فلان الكناية لا يشترط فيها ان يكون المعنى الذى اريد منها مفهوما من اللفظ بل ان يكون ذلك المعنى الثانى لازما للمعنى الاول لينتقل منه اليه للزومه له فاذا كان الشخص ملزوما لكونه جهنميا يجب ان يفهم من كل لفظ دل على ذلك الشخص لتحقق اللزوم نعم لو ادعى ان لزومه له انما هو فى ضمن هذا اللفظ دون غيره لتم لكنه مكابرة واما ثانيا فلانه يلزم ان يكون الكناية فى ابى لهب وامثاله موقوفة على اشتهار ذلك الشخص بذلك العلم وليس كذلك فانهم ينتقلون من الكنية الى ما يلزم مسماها باعتبار الوضع الاصلى من غير توقف على شهرته بها قال الشاعر* قصدت ابا المحاسن كى اراه* الشوق كاد يجذبنى اليه* فلما ان رأيت رأيت فردا* ولم ار من بنيه ابنا لديه (قوله والمقام الصالح الخ) ولا بد منه قال فى شرح المفتاح فى جميع هذه الاعتبارات لا بد من مصحح ومر حج لكنه قد يفصلهما لكثرة المرجحات كما فى الموصول واسم الاشارة وقد يجملهما كما فى المضمر والعلم وتبعه السيد قدس سره فى شرحه وكتب فى حواشيه فلا بد فى المضمر من صحة احضار المسند اليه بطريق الاضمار ومن ان يتصل بذلك احد الامور الثلاثة كون المسند اليه متكلما او مخاطبا او غائبا مذكورا او فى حكمه وقس على ذلك حال العلم ولما لم يكن فى هذا التفصيل مزيد فائدة اعرض عنه بخلاف التفصيل فى الموصول واسم الاشارة فان المصحح فيهما معنى معتد به والمرجح معنى آخر واما فى المضمر والعلم فكان المرجح هو المصحح انتهى ولا يخفى عليك تخالف الحاشية والشرح فعليك بالتأمل فى التطبيق (قوله الى مشار اليه) اى الى معين عند المخاطب يشار اليه باعتبار تعينه عنده واما الجملة الواقعة صفة فهى معلومة الانتساب الى شئ ما لا الى شئ معين عنده الا يرى انها لا تقع صفة الا للنكرة كذا فى الشرحين (قوله وتكون معرفة) على صيغة المجهول من التعريف اى محضرة بعينه فى ذهن السامع بعنوان الصلة (قوله تفصيل الباعث) المتناول للغاية التى يقصد حصولها بايراد الموصول كزيادة التقرير والايماء الى وجه بناء الخبر وللحامل الذى يتقدم وجوده كعدم العلم بغير الصلة والاستهجان قال الشارح رحمه الله فى شرحه للمفتاح ان كثيرا من الاغراض قد يحصل بغير المسند اليه الموصول مثل الشئ الذى حارت البرية فيه وراودته المرأة التى هو فى بيتها والله الذى سمك السماء

١٥٥

ونحو ذلك فقد نبهناك على انه ليس بوارد بناء على ان ليس المراد بالاقتضا ههنا الا مجرد الملايمة من غير اطراد ولا انعكاس (قوله لعدم علم المخاطب بالاحوال المختصة) هذه النكتة موجبة لايراده موصولا لانه اذا لم يكن معلوما للمخاطب بشئ من احواله المختصة به الا الصلة لا يمكن ايراده بشئ من طرق التعريف سوى الموصولية وايراده نكرة خروج عما نحن فيه لان كلامنا على تقدير كون المسند اليه معرفة وما قيل انه ينتقض بمثل قولنا مصاحبنا رجل عالم فلا بد من امر آخر مرجح فليس بشئ لان طريق الاضافة غير طريق الموصولية لان الاول احضار للمعهود بعنوان النسبة الاضافية المفيدة لاختصاص المضاف بالمضاف اليه والثانى احضار له بطريق النسبة الخبرية المفيدة لاتصاف الموصول به كما مر ذلك فى بيان اقسام المعرفة فتدبر فانه قد زل فيه الاقدام (قوله لقلة جدوى هذا الكلام) لان المفروض ان لا علم للمتكلم بشئ من الاحوال المختصة به سوى الصلة فلا يمكن الحكم عليه من المتكلم الا بالاحوال العامة والحكم بالاحوال العامة قليل الجدوى لان الاغلب العلم بها بخلاف ما اذا لم يكن للمخاطب علم بما سوى الصلة فان المتكلم يجوز ان يكون عالما بالاحوال المختصة به فيحكم بها عليه ويكون الكلام كثير الجدوى وما قيل ان فى قولنا الذين فى بلاد الشرق زهاد فائدة تامة فليس بشئ لان فيه العلم للمتكلم بحال تختص بهم سوى الصلة وهو الزهد (قوله او استهجان التصريح بالاسم) هذه نكته مرجحة لا يلزم فيها الاطراد والانعكاس فلا يرد ان مجرد استهجان التصريح بالاسم لا يفيد اختيار الموصولية لجواز ان يعتبر بطريق آخر لا استهجان فيه (قوله اى تقرير الغرض الخ) اختاره على تقرير المسند والمسند اليه اتبا عالما هو المفهوم من الايضاح حيث قال فانه مسوق لتنزيه يوسف عليه السّلام عن الفحشاء (قوله وكان المعنى خادعته) اى ارادت به المكروه من حيث لا يعلم وفيه اشارة الى ان المراودة مجاز عن المخادعة اذ لم يكن مجئ وذهاب منها اما بطريق الاستعارة التبعية او الاستعارة التمثيلية ومعنى عن نفسه لاجل نفسه يقال يخاصم فلان عن فلان (قوله وفعلت الخ) عطف تفسيرى وفيه اشارة الى انه لم يتحقق المخادعة حقيقة اذ لم يحصل لها ما ارادته من المواقعة (قوله عن الشئ) متعلق بالمخادع اى لاجل الشئ الذى لا يريد صاحبه ان يخرجه عن يده (قوله يحتال الخ) جملة مبينة لقوله فعلت فعل المخادع ولذا ترك العاطف اى يحتال المخادع على صاحبه ان يغلبه ويأخذ ذلك الشئ من صاحبه (قوله وهى) اى المخادعة عبارة عن التمحل اى الاحتيال لمجامعة يوسف زليخا (قوله لآخر الخ) لئلا يقع بين الحكاية وما يتعلق به من استهجان التصريح فاصل اجنبى (قوله فغشيهم من اليم ما غشيم) التعظيم

١٥٦

من حيث الكم لكثرة الماء المجتمع وتضمنه انواعا من العذاب ومن حيث الكيفية لسرعته فى الغشيان فان الماء المجتمع بالقسر اذا ارسل على طبعه كان فى غاية السرعة ولا حاطته بجميعهم بحيث لم يتخلص واحد منهم (قوله اثام كسحاب) واد فى جهنم والعقوبة ويكسر كذا فى القاموس (قوله اى تهلكوا الخ) الصرع الالقاء على الاض وهو اما كناية عن الهلاك او الاصابة عن الاصابة بالحوادث (قوله من التنبيه على خطأهم الخ) حيث رتب على تحقق الصلة ما هو مناف لها ليعلم منه انها منتقية (قوله كان فيه ايماء الخ) بقى الكلام فى كون الايماء ذريعة الى التنبيه على الخطأ وسيجئ بيانه (قوله او الايماء الى وجه بناء الخبر) هذا المطلب من المداحض فقول ما عندى فى بيانه انه قال السكاكى رحمه الله تعالى او ان تومى بذلك اى بالموصول الى وجه بناء الخبر الذى تبنيه عليه (٧) اى علة ثبوت الخبر الذى تثبته لذلك الموصول وفيه ايماء الى ان الايماء يحصل بعد ان يثبت الخبر له وان تلك العلية له بحسب اعتقاد المتكلم سواء كان حقيقة او ادعاء وهذا قريب من قول الاصوليين ان ترتب الحكم على الوصف الذى له صلوح العلية ايماء الى عليته له نحو (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (فنقول الذين آمنوا لهم درجات النعيم والذين كفروا لهم دركات الجحيم اى لاجل ايمانهم ولاجل كفرهم ثم يتفرع على هذا اعتبارات لطيفة) اى بعد حصول الايماء قد يكون هو المقصود منه كما فى المثالين المذكورين وكما فى قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) فان المقصود منه مجرد التعليل والوعيد على الاستكبار من غير ان يتوسل به الى معنى آخر وقد يتفرع عليه اعتبارات اخر يتوسل منه اليها وتكون هى المقصودة منه ربما جعل ذريعة الى التعريض بالتعظيم بيان لتلك الاعتبارات اى ربما يكون المقصود من الايماء التعريض بالتعظيم ولا يكون الايماء مقصودا بالذات (كقولك الذى يرافقك يستحق الاجلال والرفع والذى يفارقك يستحق الاذلال والصفع) فانه ليس المقصود من هذا الكلام مجرد الايماء الى كون مرافقة المخاطب سببا لاستحقاق الاجلال ومفارقته سببا لاستحقاق الاذلال بل التوسل الى تعظيمه حيث يستحق مرافقه لاجل مرافقته لذلك وكذا فى المفارقة ومنه اى مما جاء للايماء قولهم جاء بعد اللتيا والتى للتعظيم وسيأتيك فى فصل الايجاز معناه حيث قال وقول العرب بعد اللتيا والتى بترك صلة الموصول ايثار للايجاز تنبيها على ان المشار اليها باللتيا والتى وهى المحنة والشدائد بلغت شدتها وفظاعة

__________________

(٧) تثبته عليه نسخه

١٥٧

شانها مبلغا يبهت الواصف معها حتى لا يحير ببنت شفة او بالاهانة كما اذا قلبت الخبر فى الصورتين اى قلت الذى يرافقك يستحق الاذلال والصفع والذى يفارقك يستحق الاجلال والرفع وربما جعل ذريعة الى تعظيم شان الخبر كقوله ان الذى سمك السماء بنى لنا* بيتا دعائمه اعز واطول* فان فيه ايماء الى ان علة ثبوت الخبر اعنى بناء البيت باعتبار القيد الذى هو محط الفائدة اعنى كون دعائمه اعز واطول كون بانيه رافع السماء بناء على تشابه آثار موثر واحد والمقصود من هذا الايماء التوسل الى تعظيم البناء ورفعه لا مجرد الايماء الى التعليل (وربما جعل ذريعة الى تحقيق الخبر) اى جعله محققا ثابتا (كقوله ان التى ضربت بيتا مهاجرة* بكوفة الجند غالت ودها غول) اى زالت محبتها بعد ان ضربت لان المهاجرة توجب نسيان الاحبة فان المقصود من الايماء الى التعليل تثبيت زوال المحبة وتقريره ليتوسل بذلك الى التحسر والتأسف وليس المقصود مجرد الايماء (وربما جعل ذريعة الى التنبيه للمخاطب على خطأ كقوله ان الذين ترونهم اخوانكم* يشفى غليل صدورهم ان تصرعوا) فان المقصود من الايماء الى ادعاء كون ظن الاخوة علة لحصول شفاء الغليل التوسل الى ان ظن الاخوة باطل لترتب ما ينافيه عليه وهذا التعليل ادعائى كما فى قوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) جعل الفرار علة للملاقاة ادعاء ليترتب عليه بطلان اعتقاد ان الفرار ناج منه او على معنى آخر اى تنبيه المخاطب على معنى آخر (كقوله ان الذى الوحشة فى داره* تونسه الرحمة فى لحده) فان فيه ايماء الى ان الوحشة والفقر فى الدنيا سبب لا يناس الرحمة فى القبر وفى ذلك تسلية للفقير على فقره وان كان هذا القول تعزية للمصاب فيكون المعنى ان الذى مات وحصل الوحشة والبكاء فى داره تونسه رحمة الله تعالى فى لحده ان شاء الله تعالى فالمقصود من الايماء تسلية المصاب وحمله على الصبر بان موته سبب لحصول الرحمة فلا تجزعوا على موته فانه قد حصل له احسن مما كان فيه وانت بعد احاطتك بما ذكرنا حق الاحاطة يظهر لك ان هذا توجيه وجيه لا تكلف فيه ولا يرد عليه شئ من الاعتراضات واما توجيه الشارح رحمه الله فيرد عليه سوى ما اورده السيد انه ان اراد ان نفس الصلة تومى الى جنس الخبر المبنى فممنوع لظهور ان نفس الايمان لا يومى الى ان الخبر من جنس الثواب وكذا الكفر والاستكبار كيف والصلة فى قوله ان الذى يرافقك يستحق الاجلال والرفع لقصد التعظيم والذى يرافقك يستحق الا ذلال والصفع عند قصد الاهانة واحدة والخبر المبنى عليه فى احد القولين مناف للخبر

١٥٨

المبنى عليه فى القول الآخر ولا يكون الشئ الواحد موميا الى الجنسين المتنافيين وان اراد ان الصلة بمعونة المقام وسوق الكلام تومى الى جنس الخبر المبنى فمسلم لكن من اين يعلم ان ذلك الايماء حاصل بالصلة لم لا يجوز ان يكون حاصلا من السوق والمقام حتى لو بدل الموصول مع الصلة بلفظ آخر ولوحظ المقام والسهوق يحصل ذلك الايماء (قال قدس سره وليس بناؤه اجناسا مختلفة) اى فى نفسه وكونه اجناسا مختلفة بحسب اختلاف اجناس الخبر لا يدفع الاستدراك كما لا يخفى (قال قدس سره لعله جعل البناء) هذا التوجيه انما يتأتى فى عبارة المتن دون المفتاح لانه وقع فيه بناء الخبر المبنى عليه ولذا قال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح يعنى يفهم من المبتدأ الذى هو الموصول مع الصلة بالفكر والتأمل ان طريق بناء الخبر عليه طريق اثبات الثواب والجنان كما فى قولك الذين آمنوا او العقاب والنيران كما فى قولك الذين كفروا الخ فجعل البناء فيه بمعنى الاثبات واعتبر تعدد طرقه باعتبار تعدد طرق الخبر لكن هذا لا يدفع الاستدراك والاستغناء (قال قدس سره كما يشهد به كلام السكاكى فى تعريف المسند السببى) حيث قال هو ان يكون مفهوم المسند مع الحكم عليه بانه ثابت للشئ الذى بنى عليه ذلك المسند مطلوب التعليق بغير ما بنى عليه ذلك المسند تعليق اثبات لذلك الغير بنوع ما او تعليق نفى عنه بنوع ما او يكون المسند فعلا يستدعى الاسناد الى ما بعده بالاثبات او بالنفى فيطلب تعليق ذلك المسند على ما قبله بنوع اثبات او نفى لكون ما بعد ذلك المسند متعلقا بما قبله بسبب ما فالاول نحو زيد ابوه منطلق والثانى نحو زيد ضرب اخوه انتهى فجعل القسم الاول مقابلا للقسم الثانى وفيه تقديم المسند (قال قدس سره على تقدير صحته) اى لا نسلم ان الموصوف بالبناء هو الخبر المتأخر فان البناء عبارة عن الثبوت او الاثبات وهو لا يختص بالتأخر والتأخر فى تعريف السكاكى مستفاد من المقابلة (قال قدس سره والاستغناء) لان الخبر وان كان موصوفا بالتأخر لكن لا دخل له فى ايماء (قوله كالارصاد) والفرق بينهما ان الارصاد من المحسنات اللفظية وان هذا من النكات المعنوية كما يدل عليه تفسيرهما (قال قدس سره لا نزاع فى كون هذا الكلام مشتملا الخ) لا يخفى على المنصف ان الايماء فى هذا الموصول انما هو الى كون الخبر المذكور بعده مماله نوع مناسبة برفع السماء والا لما اختاره اما انه من جنس الرفعة والبناء فكلّا حتى لو قيل ان الذى رفع السماء فرش الارض كان كلاما بليغا (قال قدس سره الا ان ذلك الايماء لا مدخل له الخ) قيل ان قصد التعريض بالتعظيم من نفس الموصول فالايماء له مدخل فى ذلك لان الايماء الى جنس الخبر الذى بناؤه مشعر

١٥٩

بالتعظيم ايماء الى التعظيم وان قصد التعريض بالتعظيم من مجموع الكلام المشتمل على الموصول والصلة والخبر فالتعريض بالتعظيم حاصل من نفس الصلة من غير مدخلية الايماء قدم الموصول اواخر ومقصود الشارح رح هو الاول وفيه ان التعريض بالتعظيم اذا كان حاصلا من نفس الصلة بعد ملاحظة الخبر فما الحاجة الى اعتبار حصوله من الايماء مع خفائه واى فائدة فى ذلك (قال قدس سره وانما نشأ التعظيم من نفس الصلة) لكن بعد ملاحظة ثبوت الخير للموصول (قوله ففيه ايماء الى ان طريق الخ) فيه بحث لانه قال الله تعالى (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) فرتب على صلة واحدة امرين كل منهما داخل تحت جنس فلو فرض الايماء فيه بالمعنى الذى ذكره الشارح رحمه الله كان ايماء الى القدر المشترك بينهما اعنى كونهم مسخوطا عليهم مطلقا سواء كان بالهلاك فى الدنيا او بالخيبة والخسران فى الاخرة (قال قدس سره وسبب حامل وعلة باعثة الخ) فيه انه ليس المراد بالعلة الباعثة العلة الغائية وهو ظاهر اذ ليس المقصود من الاسناد الاستكبار بل انه لو استكبارهم لما اسند المتكلم الدخول اليهم وكذا الحال فى الامثلة الاخر فالحاصل ان ايراد الموصول للايماء الى انه لو لا اتصاف الموصول بالصلة لما اسند المتكلم الخبر اليه وفيه انا لا نسلم ان للموصول ايماء الى ذلك نعم انه متحقق فى الواقع ولو سلم فاى فائدة فى هذا الايماء فان كل مسند اليه معرفة او نكرة علة اسناد المتكلم الخبر اليه كونه على الوجه المخصوص من التعريف والتنكير (قال قدس سره ثم ان ذكر علة البناء الخ) لا يخفى ان كلامه ههنا وفى شرحه للمفتاح صريح فى ان ذكر الصلة قد يجعل ذريعة الى التعظيم والاهانة والكلام فى ان الايماء الى علة الاسناد قد يجعل ذريعة الى ذلك وهذا من البحث الذى اورده على الشارح رحمه الله تعالى (قال قدس سره فان لم يشترط الخ) دفع لما يقال ان التعريض بالتعظيم وغيره حاصل سواء قدم الموصول اواخر فلا وجه لتخصيصه بالبناء ووجه الدفع ظاهر (قوله بواسطة الاشارة اليه حسا) اى من حيث الحس او اشارة حس ومعنى الاشارة الحسية على ما فى الرضى الاشارة باليد او بجارحة اخرى (قوله الى مشاهد محسوس) اى حاضر من شهده اذا حضره قال القاضى فى تفسيره واصل التركيب يدل على الحضور (قوله محسوس) اى مبصر من احسسته اذا ابصرته على ما فى القاموس فالمعنى الى حاضر عند المتكلم يتمكن من الاشارة اليه مبصر وقد صرح به الرضى بعد ورقة بقوله فلا جرم لم يؤت بها اى باسماء الاشارة الا فيما يمكن مشاهدته وبصاره من الحاضر والمتوسط لا فى البعيد الغائب فما قاله

١٦٠