حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

اما ان تتحدا فى مفرد من مفرداتهما اولا وحينئذ اما ان يكون بين مفرديهما اتحاد فى وصف له نوع اختصاص بهما ذاتيا او عرضيا فهو التماثل اولا يكون وحينئذ اما ان يكون بينهما تقابل اولا وعلى الثانى اما ان يكون بينهما تقارن اولا وحينئذ لا جامع بينهما اصلا وعلى الاول اما هو تضاد او تضايف او سلب وايجاب او عدم وملكة والاخيران لا يصلحان للجامعية لان السلب والعدم وان كانا مستلزمين للايجاب والملكة لكن الايجاب والملكة لا يستلزمانهما فالجامع اما الاتحاد او التماثل او التضايف او التضاد او التقارن او شبه احدها لكن لا وجود لشبه الاتحاد وشبه التضايف وشبه التقارن فبقى سبعة ثلاثة منها عقلى الاتحاد والتماثل والتضايف وثلاثة منها وهمى شبه التماثل والتضاد وشبهه وواحد منها خيالى التقارن (قوله سابق على العطف) فيكون مصححا له (قوله لا انفكاك الخ) كصور القرطاس والمحبرة والقلم والسكين والمسطر فى خيال الكاتب دون القصاب (قوله وكم من صور لا تغيب الخ) كصورة محبوب زيد لا يظهر فى خيال عمرو ولا يزول عن خيال زيد (قوله لما لم يقف على ذلك) اى على ان ليس المراد بالجامع ما ذكر والمرتب على عدم الوقوف هو الجواب لابتنائه على ارادة المعنى المذكور وذكر الاعتراض توطئة لذكر الجواب فلا يرد ان مبنى الاعتراض حمل الجامع العقلى والوهمى والخيالى على ما يكون بين الامور المعقولة والموهومة والمحسوسة لاكون معناه ما يكون مدركا بالعقل وبالوهم وبالخيال فلا يصح ترتبه على عدم الوقوف على ذلك (قوله وجميع ما ذكرنا) من ان ليس المراد بالجامع العقلى ما يكون مدركا بالعقل وانه جعل بعضها على الاطلاق عقليا وبعضها وهميا وانه جعل الجامع الخيالى تقارن الصور فى الخيال يظهر بالتأمل فى كلام المفتاح اما الاول فلانه قال فى الحالة المقتضية للانقطاع بان لم يكن بينهما ما يجمعهما عند المفكرة جمعا من جهة العقل او الوهم او الخيال فانه جعل العقل والوهم والخيال جهة الجمع ومقتضيا له لا مدركا له واما الثانى فلانه قال الجامع العقلى ان يكون بينهما اتحاد فى تصور او تماثل هناك او تضايف والوهمى ان يكون بينهما شبه تماثل او تضاد او شبه تضاد والخيالى ان يكون بين تصوريهما تقارن فى الخيال ولم يقيد شيئا منها بقيد يخصه بواحد منها (قوله مشعر بان يكفى الخ) لان الكلام فى الجامع المصحح للعطف اذ ما لا يصحح العطف لا يتعلق غرضنا ببيانه (قوله قلت الى آخره) اى لا نسلم ان الكلام فى الجامع المصحح بل فى مطلق الجامع اذ كونه مصححا علم من سابق كلامه من عدم صحة نحو الشمس والف باذنجانة ومرارة الارنب محدثة ومن لا حق كلامه من عدم صحة نحو خاتمى ضيق

٤٠١

وخفى ضيق مع اتحاد المسند فى كلا المثالين لانه علم منهما ان الكافى فى صحة العطف وجود الجامع فى كلا الجزئين* قال قدس سره فلا يكون مصححا للعطف جامعا بينهما* هذا مناف لما تقدم من انه ان كان الغرض الاصلى هو القيد او المسند اليه فهو جامع يلتفت اليه فانه يدل على انه يجوز ان يقال خاتمى وخفى ضيق اذا كان المقصود تعداد الامور المشتركة فى الضيق وقد صرح بذلك سابقا ثم انه يقتضى ان لا يجوز خاتمى وخفى ضيق لعدم الجامع قبل ذكر المسند ويجوز خاتمى ضيق وخفى ضيق لاشتراكهما فى المسند قبل العطف (قوله سهو منه) بواسطة ورود السؤال المذكور حيث قال فى الايضاح واما ما يشعر به ظاهر كلام السكاكى رحمه الله تعالى فى موضع من كتابه انه يكفى ان يكون الجامع باعتبار المخبر عنه او الخبر او قيد من قيودهما فهو منقوض بنحو ما مر وبنحو هزم الامير الجند يوم الجمعة وخاط زيد ثوبى فيه ولعله سهو منه فانه صرح فى موضع آخر منه بامتناع عطف قول القائل خفى ضيق على قوله خاتمى ضيق مع اتحادهما فى الخبر (قوله غيره الى ما ترى الخ) ظنى ان تبديله الجملتين بالشيئين لتعميم الحكم فان الجامع كما يجب بين الجمل يجب بين عطف المفردات والمركبات الغير التامة ولذا حكم السكاكى رحمه الله تعالى بامتناع العطف فى نحو الشمس والف باذنجانة ومرارة الارنب وسورة الاخلاص ودين المجوس كلها محدثة لعدم الجامع بين المخبرعه وان اتحد المسند وتعريفه للتصور للاشارة الى التصور المعهود وهو الذى كانه جزء من الشيئين فاللام فيه بمنزلة الصفة التى فى قول السكاكى رحمه الله تعالى فى تصور مثل المخبر عنه او المخبر به او قيد من قيودهما الا ان القسم الاول من الجامع العقلى يكون مختصا بالجمل والمركبات والثانى والثالث بالمفردات وليس هذا التغيير لدفع الشبهة المذكورة فانه اشار بقوله ظاهر كلامه الى انه لو حمل كلامه على خلاف الظاهر بقرينة ما ذكره فى موضع آخر بان يكون المراد بيان الجامع مطلقا لا الجامع المصحح للعطف لم ترد الشبة واما ما قال الشارح رحمه الله تعالى من ان التغيير للاصلاح ففيه انه ان اراد بالشيئين ما يعم الجملتين فالشبهة باقية وان اراد المفردين فلا معنى لاتحادهما فى العلم فان اتحاد العلم وتعدده تابع لاتحاد المعلوم وتعدده وكذا لا معنى لتماثلهما فى العلم وتضايفهما فيه اذ التماثل والتضايف من اوصاف المعلوم لا العلم ولم يظهر لى الى الآن مقصود الشارح رحمه الله تعالى ولعل عند غير ما يظهره (قوله وكذا التقارن الخ) فيه انه مبنى على ان المراد بالتصور حصول الصورة لا الصورة الحاصلة وان التقارن بين

٤٠٢

الصورتين يستلزم التقارن بين حصوليهما ولايجاب بان التقارن فى الحصولين ليس فى الخيال لعدم كونهما من الصور لان المراد بالخيال الخزانة مطلقا ليشمل التقارن فى المعانى والصور وانما ينسب الى الخيال لان ابتداء التقارن فيه والتقارن فى المعانى فرع التقارن فى الصور كما حققه السيد قدس سره (قوله ليكون له وجه صحة) فيه انه ان اراد من حيث انهما مفهومان اى حاصلان فى الذهن لا يصح الحكم بالتضاد لان المفهوم من حيث انه مفهوم وهو الصورة الحاصلة ولا تضاد بين الصور وان اراد من حيث ذاتهما لا يصح الحكم بالتقارن فى الخيال لانه انما هو بين الصور وان اراد مطلقا فالتضاد بينهما من حيث الوجود العينى والتقارن من حيث الوجود الذهنى لكن يجرى هذا بعينه فيما اذا اريد بتصوريهما العلم بمعنى الصورة الحاصلة فان التضاد بينهما بالنظر الى الوجود العينى والتقارن باعتبار الوجود الذهنى (قوله اراد بالشيئين الجملتين) والتغيير للاختصار والتفتن (قوله وبالتصور المفرد الواقع الخ) باطلاق التصور على المتصور وحمل اللام على العهد (قوله لانه قد رد هذا الكلام على السكاكى رحمه الله تعالى) يعارضه انه ناقل لكلام السكاكى رحمه الله تعالى فكيف ينسب اليه ما ليس هو قائلا به (قوله مما لا يدل عليه الخ) يدل عليه انه نسب اليه فان طريقة المصنف رحمه الله تعالى انه اذا نقل كلام السكاكى رحمه الله على غره نسب اليه والافكل ما فى هذا الكتاب من السكاكى رحمه الله تعالى (قوله ويأباه قوله فى التصور الخ) فيه ان الاباء انما هو اذا اريد تعريف الجنس واما اذا اريد تعريف العهد كما يدل عليه قول القائل وبالتصور المفرد الواقع فى الجملة فلا كما لا يخفى* قال قدس سره اى اذا كان المقصود مجرد الخ* فقوله من غير تعرض الخ بيان للتجرد وذكر التجرد والثبوت على سبيل التمثيل والمعنى من غير قصد التعرض لقيد زائد على مجرد الاخبار ولا شك ان كون المقصود مجرد الاخبار من غير قصد امر زائد لا ينافى دلالته على التجدد او الثبوت او غيرهما فلا يرد ان قام زيد وقد عمر يدلان على التجدد والمضى وزيد قائم وعمرو قاعد على الثبوت المقابل للتجدد اعنى الحدوث فى زمان معين من الازمنة الثلاثة فكيف يصح التمثيل بهما لمجرد الاخبار وحينئذ لزمك ان تراعى تناسب الجملتين وان كان المقصود اعنى مجرد الاخبار يحصل بعدم رعاية التناسب ايضا هذا ولا يخفى ان اللائق لهذا التوجيه ان يقال من غير تعرض للتجدد والثبوت بدون قوله فى احديهما وفى الاخرى فالوجه ان يقال انه تقييده لتجريد الاخبار بان المراد منه ان لا يكون المقصود اختلافهما فى التجدد والثبوت مثلا وذلك بان يكون المقصود فيهما التجدد او الثبوت

٤٠٣

اولم يكن شئ منهما مقصودا فيهما او مقصودا فى احديهما دون الاخرى ففى جميع هذه الصور رعاية التناسب بينهما من محسنات العطف اما فى الصورتين الاخريين فظاهر لان المقصود يحصل بالاختلاف ايضا واما فى الصورتين الاوليين فلان وجوب اتفاقهما لتحصيل المقصود اعنى التجدد والثبوت لا ينافى ان يكون محسنا بالقياس الى العطف لتحقق مجوزاته فى صورة اختلافهما ايضا وهو عدم الاختلاف خبر او انشاء ووجود الجامع* قال قدس سره يمكن ان يدفع الخ* يمكن ان يقال ان كونه فى غاية السقوط بناء على انه صرح ببطلان مذهب الكوفيين بابلغ وجه وابطل حمل كلام السكاكى رحمه الله عليه فى بحث تقديم المسند اليه حيث قال فى بحث تقديم المسند اليه فى شرح قول السكاكى رحمه الله تعالى فلا يكون لقولنا زيد عرف غير احتمال الابتداء وهو احتمال التقديم اللهم الا بذلك الوجه البعيد وهو كون زيد مرفوعا على انه بدل من ضمير الفاعل كما علمت لا كون الفاعل جائز التقديم على الفعل كما هو مذهب الكوفيين على ما قيل فانه فاسد لا معنى له اصلا انتهى فلا ينبغى ان يحمل كلامه على ما ابطل حمل كلامه عليه وحينئذ لا يكون ما ذكره السيد رافعا لغاية السقوط (قوله بان يؤتى بالثانية فعلية صرفة) وان كانت مناسبة للاولى فى افادة التجدد بخلاف الاسمية الصرفة فانه لا مناسبة لها بالاولى لا معنى ولا صورة ولذا لم يتعرض لها (قوله واختلاف الاعرابين) اى فى المعطوف باختلاف الاعتبارين اى فى المعطوف عليه (قوله وبهذا يحصل المناسبة) اى مناسبة الاسمية والفعلية لانها على تقدير النصب وان كانت عطفا على الاسمية لكن باعتبار فعليتها نظرا الى الخبر كذا نقل عن الشارح رحمه الله تعالى* قال قدس سره مشتملة على جملة اسمية* وجملة فعلية اى على تأويل جملة اسمية بان يقال زيد قام فى معنى زيد قائم بالنظر الى المبتدأ وتأويل جملة فعلية بان يقال انه فى معنى قام زيد نظرا الى الخبر (قوله تذنيب) فى التاج التذنيب دانبال كردن والذنابة بالضم التابع كذا فى القاموس (قوله يؤتى بها لتقرير مضمون الجملة الاسمية) كذا فى شرح المفتاح العلامة اى حال فلا يرد المصدر المؤكد لمضمون الجملة نحو له على الف درهم اعترافا ولا الجملة المؤكدة للجملة نحو هو الحق لا شبهة فيه والاظهر ما فى الرضى اسم غير حدث يقرر مضمون الجملة لافادته انها لا تكون الا مفردا غير مصدر لكن فى التسهيل وقوع الجملة حالا مؤكدة نحو هو زيد لا شك فيه لكن الظاهر انها جملة مؤكدة وفى الرضى والمفصل والتسهيل والمسائل المتفرقة للشيخ ابن الحاجب لتقرير مضمون الخبر وتأكيده ولعل مرادهم الخبر من حيث

٤٠٤

انه خبر ثم مضمون الجملة اما تفاخر نحو انا خاتم جوادا او تعظيم نحو انت الرجل كاملا او تصاغر نحو انا عبد الله آكلا كما يأكل العبد او تصغير نحو هو المسكين مرحوما او تهديد نحو انا الحجاج سفاك الدماء او غير ذلك نحو زيد ابوك عطوفا وهذه ناقة الله لكم آية وفى الرضى واما للاستدلال على مضمونه نحو آكلا ومرحوما ومصدقا تركه الشارح رحمه الله تعالى لان فى الاستدلال نوع تأكيد للمدلول والجملة الاسمية لا بد ان يكون جزآه معرفتين جامدين نص عليه فى الرضى والتسهيل ولذا وجب حذف عامله ثم انها فى الاكثر من الصفات اللازمة لذى الحال وقد لا تكون نحو زيد على الفرس راكبا كما ان الاكثر فى غير المؤكدة عدم الثبوت وقد تكون ثابتة نحو شهد الله قائما بالقسط ولذا قال فى المفتاح والاصل فى النوع الاول ان يكون وصفا ثابتا وفى النوع الثانى ان يكون وصفا غير ثابت اى الكثير الراجح فيهما ذلك وغير المؤكدة ما لا يكون كذلك بان يكون مقررا او يكون مقررا لمضمون جملة فعلية او لمضمون جملة اسمية لا يكون جزآها جامدين نحو الله شاهد قائما بالقسط هذا واما ما قاله السيد فى شرح المفتاح من ان الحال المؤكدة ما تقرر مضمون اسم واقع فى الجملة السابقة سواه كانت الجملة اسمية او فعلية فان المؤكدة قد تأتى بعد الفعلية ايضا كقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) فان عربيا يؤكد مضمون الضمير الراجع الى القرآن الذى يفهم منه كونه عربيا وكذلك قائما بالقسط يؤكد مضمون لفظة الله اذ يفهم منها القيام بالقسط فمما لم نجده فى كلام القوم ولم يذهب اليه احد (قوله ومضمون الجملة مطلقا على رأى) ذهب اليه ابن مالك حيث قال فى التسهيل ويؤكد بها ما نصبها من فعل او اسم يشبهه وتخالفهما لفظ اكثر من توافقهما قال شارحه الحال ضربان مبينة وهى التى تدل على معنى لا يفهم مما قبلها ومؤكدة وهى التى تدل على معنى يفهم مما قبلها والحال المؤكدة ضربان مؤكدة لعاملها ومؤكدة لجزء مضمون جملة والاول ضربان ضرب يوافقه معنى لا لفظا وضرب يوافقه لفظا ومعنى وهو قليل فمن الاول (وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ومن الثانى قوله تعالى (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) و (سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ) انتهى والمراد الفعل من حيث انه منسوب الى الفاعل (قوله كثيرا ما يقع الخ) قال ابن مالك ومن ورود الحال على معنى غير المنتقلة قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) و (خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) وفى كلام العرب خلق الله الزرافة يداها اطول من رجليها ومن امثلة سيبويه هذا خاتمك حديدا وهذه جبتك خزا كذا نقل عن الشارح

٤٠٥

رحمه الله تعالى (قوله لشدة ارتباطها الخ) لكونها مؤكدة ولانها تكون مفردا (قوله لا بالتبعية) فان الاعراب بالتبعية يدل على تعلق التابع بالمتبوع ابتداء لا بالعامل (قوله على ان المعانى الطارية) من الفاعلية والمفعولية والاضافة (قوله بسبب تركيبها بالعامل) حقيقة او حكما كما فى العامل المعنوى (قوله كالخبر) اذا لم يكن معلوما للمخاطب ثبوته لذى الحال قبل السماع وكالوصف له عند العلم بثبوته لذى الحال للمخاطب قبل السماع (قوله فكخبر باب كان) واقعا بعد الا وهو كثير نحو ما كان احد الا وانت خير منه وليس احد الا وانت خير منه او لا كما فى قول الخماسى وقول على كرم الله وجهه قد كنت وما اهدر بالحرب (قوله فانها قد تصدر بالواو الخ) اليه ذهب صاحب الكشاف وابو البقاء وقالا ان الفصل بين الموصوف والصفة بالا والواو جائز وقال الجمهور بعدم جوازه حتى قال الاخفش انه لا يجوز ما مررت برجل الا قائم الا بتقدير الموصوف على انه بدل من الاول كما فى المغنى فى آخر الباب الثانى فما قاله الشارح رحمه الله تعالى فى شرح المفتاح ان التفريغ بالصفة جائز بالاتفاق سهو (قوله لتأكيد لصوق الصفة الخ) يعنى انها زائدة دخولها كخروجها ولذا جاء بدونها فى قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) وفائدتها تأكيد وصل الصفة بالموصوف كما سائر الحروف الزوائد وقد اثبت الواو الزائد الكوفيون كما فى المغنى وفى الكشاف فى تفسير قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) فان قلت كيف عزلت الواو عن الجملة بعد الا ولم تعزل عنها فى قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) قلت الاصل عزل الواو لان الجملة صفة لقرية واذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف (قوله كما فى سبعة وثامنهم كلبهم) فان الجملة صفة لسبعة كما فى قوله تعالى (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) والقول بانها واو الثمانية كما ذهب اليه ضعفاء النحاة والمفسرين او بانها عطف على سبعة بتقدير المبتدأ اى هم سبعة والواو من المحكى فالمجموع مقولهم او من الحكاية تصديق لقولهم اى نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم كما فى المغنى خروج عن السوق فى الكشاف هذه الواو هى التى آذنت بان الذين قالوا سبعة قالوه عن ثبات علم ولم يرجموا بالظن كما يرجم غيرهم قال ابن عباس رضى الله عنهما حين وقعت الواو انقطعت العدة اى لم يبق بعدها عدة عاد يلتفت اليها (قوله ونحو ذلك عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم) ونحو او كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها (قوله حال من قرية آه) يضعفه انه يقتضى تقييد الاهلاك

٤٠٦

بالحال وهو ليس بمقصود وان كان اهلاك واقعا فى تلك الحال وصاحب الكشاف راعى جزالة المعنى فجعلها صفة فانه من علماء البيان يرجح جانب المعنى على جانب اللفظ مع وقوعه صفة فى آية اخرى كما سبق وابطل ابن مالك كونها صفة بوجوه خمسة احدها ان قياس الصفة على الحال لا يضح لان بينهما فرقا لجواز تقديم الحال على صاحبها وتخالفهما فى الاعراب والتنكير والتعريف واغناء الواو عن الضمير الثانى انه مذهب لم يعرف لبصرى ولا كوفى فلا يلتفت اليه الثالث انه معلل بما لا يناسب لان الواو تدل على الجمع بين ما قبلها وما بعدها وذلك مستلزم لتغايرهما وهو ضد ما يراد من التأكيد الرابع ان الواو فصلت الاول من الثانى ولولاها لتلاصقا فكيف يقال اكدت لصوقها الخامس ان الواو لو صلحت لتأكيد لصوق الصفة لكان اولى المواضع بها موضعا لا يصلح للحال نحو ان رجلا رأيه سديد لسعيد فرأيه سديد جملة نعت بها ولا يجوز اقترانها بالواو لعدم صلاحيتها للحال بخلاف قوله (وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) لانها بعد منفى كذا فى شرح التسهيل للفاضل المصرى وكلها مندفعة اما الاول فلانهم قاسوا الحال على الصفة فى ان الاصل فيها عدم الواو واما الثانى فلانها زائدة وقد اثبتها الكوفيون فلا يكون قياسا فى اللغة واما الثالث فلانها لتأكيد اللصوق واللصوق يناسب الجمع لا لتأكيد مضمون الجملة واما الرابع فلان كونها بعد الا وكونها جملة يدل على انفصالها عما قبلها فلا يصح قوله ولولاها لتلاصقا واما الخامس فلوقوعها فيما لا احتمال للحالية اعنى قوله تعالى (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (قوله وحمله على الوصف الخ) هذا من جملة كلام السكاكى رحمه الله اعتذار من جانب الكشف بانه سهو والسهو معفو انما الموآخذة على الخطأ وليس بسهو لانه مصر على ذلك وصرح بذلك فى مواضع متعددة (قوله خولف ذلك الاصل) اى فى الجملة وهى ما اذا لم يكن مضارعا مثبتا (قوله لتثبت) اى الحال (قوله وكل من الضمير والواو الخ) اما الضمير فلكونه عبارة عن المرجع واما الواو فلكونه موضوعا لربط ما بعدها بما قبلها (قوله فى الحال المفردة والخبر والنعت) اى فى الحال المسند الى متعلق ذى الحال نحو ضربت زيدا قائما ابوه وكذا الخبر والنعت فلا يرد ان الضمير فيها لكونها صفة محتاجة الى الفاعل لا للربط واذا يرتبط كل واحد منها بموصوفها اذا كانت جامدة من غير ضمير (قوله ومعنى اصابته الخ) يعنى ان المراد بالاصل الكثير الراجح فى الاستعمال لا الاصل فى الوضع (قوله والحال الخ) معطوف على قوله وكل واحد منها صالح للربط مقدمة ثانية لاثبات مجئ الحال بالواو* قال قدس سره والحاصل

٤٠٧

انه الخ* لما كان مفاد ظاهر عبارة الشارح رحمه الله انه اراد ان يبين ان اى جملة يجوز وقوعه حالا واى جملة لا يجوز يعنى تبيين مواضع جوار الحال بالواو وغيرها وحينئذ يلزم ان يكون تقييد جملة بقوله خالية عن ضمير ما يجوز ان ينتصب عنه حال لغوا اذ كل جملة تصح ان تقع حالا بالواو سوى المضارع المثبت سواء كانت خالية عن الضمير او مشتملة عليه صرفها السيد عن ظاهرها بان المراد بيان موارد ذلك الحكم الكلى بان كل جملة خالية عن ضمير صاحبها يصح ان تقع حالا حال تلبسه بالواو الا المضارع المثبت الخالى عن الضمير فانه لا يصح وقوعه حال تلبسه بالواو واذا كان صحة وقوعها حالا مقيدة بحال كونها متلبسة بالواو فهم منه ان الواو واجب فيه فعلم منه ان كل جملة خالية عن الضمير يصلح لهذا الوصف الا المضارع المثبت (قوله او منكرا مخصوصا بالنعت او بالاضافة او بوقوعه بعد النفى او شبهه) اعنى النهى والاستفهام (قوله ولا نكرة محضة) اى لا يكون شئ من المسوغات معها كتقديم الحال عليه او اشتراكها مع المعرفة فى الحال او كون الحال جامدا غير صالح للوصفية نحو هذا خاتم حديدا وعندى راقو دخلا كذا فى شرح التسهيل (قوله ليدخل فيه الجملة الخالية الخ) وادخاله مطلوب ليعلم حكمها بالاستثناء عنه بطريق الاشارة انه يمتنع وقوعها حالا بالواو (قوله لا يصح ان تقع حالا) فى المغنى وذلك بالاجماع لكن فى البسيط جوز الفراء وقوع الامر ونحوه حالا (قوله دون الانشائية) لانها اما طلبية او ايقاعية بالاستقراء والمقصود من الاولى مجرد الطلب سواء وقع مضمونها اولا ومن الثانية الايقاع وهو مناف لقصد وقت الوقوع وهذا التعليل جار عند من يجوز وقوع الانشاء خبرا من غير تأويل وعند من لم يجوزه كذا فى الرضى ومعنى قوله مجرد الطلب اى نفس الطلب لا حصوله فى الخارج وان كان لازما له فلا يرد ان الطلب الذى هو مضمون الطلبية امر متيقن حصوله فلم لا يجوز وقوعه حالا بذلك الاعتبار وان كان المطلوب غير متيقن الحصول (قوله وزعموا الخ) انما قال زعموا اشارة الى ضعفه فانه صرح فى شرح التسهيل المصرى بجواز وقوع الشرطية حالا نحو افعل هذا ان جاء زيد فقيل يلزم الواو وقيل لا يلزم وهو قول ابن جنى (قوله لتصدرها الى آخره) يشكل بنحو انت طالق ان دخلت الدار ومنقوض بان المكسورة فان الجملة المصدرة بها تقع حالا والسر ان الحرف انما يقتضى التصدر على الجملة التى دخلتها (قوله واما الواو الداخلة الخ) يعنى ما ذكر من امتناع وقوع الشرطية حالا انما هو فيما عدا هذه الصورة واما هذه الصورة فمختلف فيها (قوله باللزوم لذلك الكلام

٤٠٨

السابق) لذلك فاعل اللزوم واللام فيه لتقوية العمل والمفعول محذوف اى لزوم ذلك الكلام السابق اياه فى شرح الكافية للعارف الجامى قيل لم يجئ فى القرأن من المصادر المعرفة باللام عاملا فى الفاعل والمفعول صريحا بل قد جاء عاملا بحرف الجر نحو (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) وحينئذ اندفع اعتراض السيد بان الصحيح بالاستلزام لذلك الكلام السابق واما التوجيهات التى ذكرها الناظرون فلا يخفى ركاكتها (قوله الى انها للحال) والجملة مع حرف الشرط فى موقع الحال بتأويل مفروضا المستفاد من الحرف فى الكشاف فى تفسير قوله تعالى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) انه فى موضع الحال من ضمير تبدل وتقديره مفروضا اعجابك حسنهن فتقديره فى بعض المواضع ولو كان الحال كذا بيان لحاصل المعنى ويؤيد ما قلنا فى الرضى ان الذى كالعوض من الجزاء عامل فى الشرط نصبا على انه حال كما عمل جواب متى عند بعضهم النصب فى متى على انه ظرف والظرف والحال متقاربان فلا يرد ان كونه حالا يقتضى ان يكون الواقع بعد الواو اعنى الفعل مع الحرف فى موقع الحال ولا يستقيم فلذا قدر صاحب الكشاف ولو كان الحال كذا دون والحال لو كان كذا ولا يخفى حاله (قوله انها للعطف الخ) فى الرضى يلزمه ان يأتى بالفاء فى الاختيار فيقول زيد وان كان غنيا فبخيل لما تقدم من ان الشرط لا يلغى بين المبتدأ والخبر اختيارا (قوله ونعنى بالجملة الخ) هذه عبارة الرضى والمراد بضمير المتكلم مع الغير جماعة النحاة احتراز عن الاعتراضية عند علماء المعانى فافهم يقولون ما يتوسط بين اجزاء الكلام او بين كلامين متصلين معنى واجزاء الكلام ما يكون مذكورا فيه اعم من ان يكون عمدة او فضلة والتعلق المعنوى بان يكون مذكورا بطريق المثل او الدعاء او المدح او الذم وان يكون بيانا لغرابته او دفعا لما يحتلج منه فى ذهن السامع الى غير ذلك والاستيناف لفظا ان لا يكون معمولا لما قبله وكونه على طريق الالتفات اى الميل عن الاسلوب السابق احتراز عن الشرط الواقع بين اجزاء الجزاء فانه ليس على طريق الالتفات من الاسلوب السابق بان يكون فيه نوع تغيير بالنسبة اليه (قوله فانت طلاق والطلاق اليه) هكذا فى الرضى وآخره* ثلثا ومن يحرق اعق واظلم* فيكون الجملة واقعة بين اجزاء الكلام ووقع فى المغنى بدل الية عزيمة والمعنى واحد وما قيل ان آخره* بها المرء ينجو من شبال الطوامث* فوهم لانه حينئذ لا يكون الجملة بين اجزاء الكلام (قوله وهذا معنى الصفة) فان يقوم بالغير باعتبار حصوله فيه هيئة وباعتبار قيامه به صفة (قوله فيمتنع الخ) تعليل نحوى لما وقع عليه الاستعمال ولا يتوهم انه قياس فى اللغة (قوله على التجدد) اى الحدوث فى الزمان (قوله

٤٠٩

على الحصول) اى حصوله فيما اثبت له (قوله لفظا) اى فى الحركات والسكنات (قوله معنى) لكونه مشتركا بين الحال والاستقبال (قوله ومثله قوله تعالى (لِمَ تُؤْذُونَنِي) الخ) فى التسهيل ان المضارع المثبت اذا كان مع قد يجب فيه الواو ولا يكتفى بالضمير (قوله شاذ) اى واقع على خلاف القياس النحوى فلا ينافى الفصاحة ولا الوقوع فى كلام الله تعالى كما مر فى تعريف الفصاحة (قوله ضرورة) اى دعا اليه الضرورة وهو ايضا شاذ (قوله فتعين كون الواو للحال) واحتمال ان يكون لا تتبعان بنون الخفيفة وكسرها لالتقاء الساكنين او بحذف النون الساكنة من الثقيلة او يكون نفيا بمعنى النهى معطوفا على فاستقيما لا يضر الاستشهاد لان بناءه على الظاهر والوجوه المذكورة خلاف الظاهر (قوله اى شئ ثبت لنا) فى تفسير القاضى استفهام انكار واستبعاد لانتفاء الايمان مع قيام الداعى وهو الطمع فى الانخراط مع الصالحين والدخول فى مداخلهم ولا نؤمن حال من الضمير والعامل ما فى اللام من معنى الفعل اى اى شئ حصل لنا غير مؤمنين انتهى فهو انكار لحصول شئ فى هذه الحالة مستلزم لانكارها على سبيل المبالغة اذ حصول شئ ما لازم فى هذه الحالة فاذا كان منكرا كان تلك الحالة منكرة واما ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى بقوله والمعنى الخ فلم يظهر لى وجه ايراده والفائدة فيه (قوله فى الجملة) اى فى الظاهر كما فى الرضى وان لم يكن بينهما تناقض حقيقى وقيل معناه فى بعض المواد وهو اذا كان عامل الحال مقترنا بزمان التكلم فانه لو صدر الحال بعلامة الاستقبال حينئذ لزم التناقض لان مقارنته بالعامل تقتضى كونه فى زمان الحال وتصديره بعلامة الاستقبال ينافيه فاشترط ان لا يصدر بعلامة الاستقبال مطلقا طردا للباب وعلى هذا يندفع ايضا ما اورد عليه من ان اطلاق الحال على الجملة المخصوصة وضع نحوى وعدم تصديرها بعلامة الاستقبال فى وضع اللغة فلا يصح ان يقال ان عدم تصدير اهل اللغة لاجل توهم التناقض الذى يتوهم بعد هذا عن وضع النحاة له لفظ الحال (قوله وهو ما) فانه يستعمل لنفى الحال (قوله وجعل الواو مزيدة) لانه خلاف الاصل لا يرتكب الا عند الضرورة مع خلوه عن النكتة الشريفة التى ذكرها السيد (قوله وقد بلغنى الكبر) بلوغ الكبر حال منتقلة وان كان الكبر بعد الحصول غير منتقل فلا يرد ان الكلام فى الحال المنتقلة وبلوغ الكبر ليس كذلك (قوله ولا يمسسنى بشر) الحال المنتقلة يجب ان لا تكون من الصفات اللازمة وعدم المس كذلك وان لم ينفك عنها (قوله شرط فى الماضى المثبت) اذا لم يكن تاليا لا لا او متلوابا ونحو (ما تأتيهم من آية الا كانوا به يستهزؤن)

٤١٠

وكقوله* كن للخليلى نصيرا جارا وعدلا* ولا تشنح عليه جاد او بخلا* كذا فى التسهيل (قوله او مقدرة) قال ابن مالك هذه دعوى لا بقوم عليها حجة لان الاصل عدم التقدير ولان وجود قد مع الفعل المشار اليه لا يزيده معنى على ما يفهم به اذا لم يوجد وحق المحذوف المقدر ثبوته ان يدل على معنى لا يفهم بدونه فان قلب قد يدل على التقريب قلنا دلالتها على التقريب مستغنى عنها بدلالة سباق الكلام على الحالية (قوله لوجب الخ) (٤) هكذا فى النسخ التى رأيناها والظاهر لجاز لانتفاء المقارنة وتحقق الدلالة على الحصول والعلة لوجوب الواو انتفاء مجموع المقارنة والحصول فاما ان يقال ان وجب بمعنى ثبت او يقال ان الوجوب بالنسبة الى انتفاء المقارنة وان كان بالنسبة الى الدلالة على الحصول جوازها (قوله للقطع بان المضارع) اى الذى هو الحال* قال قدس سره والصواب ان يقال ان الافعال الخ* هذا مجرد دعوى لا بد له من شاهد فان الافعال التى تقع شرطا او ظرفا لافعال اخر يفهم منها ماضويتهما وحاليتهما واستقباليتهما بالنظر الى زمان التكلم نحو لو جئتنى لاكرمتك وان جئتنى اكرمك واجاء زيد اكرمه وندم زيد ولما ينفعه ولم ينفعه نعم يمكن ان يراد منها تلك المعانى بالقياس الى زمان المقيد لا الى زمان التكلم اذ قامت قرينة* قال قدس سره فقد صرح النحاة الخ* حيث قالوا ينصب المضارع بتقدير ان بعد حتى اذا كان ما بعدها مستقبلا بالنظر الى ما قبلها نحو سرت حتى ادخلها فان الدخول مستقبل بالنظر الى السير سواء كان ماضيا بالنسبة الى زمان التكلم او حالا او مستقبلا او لا يكون شئ من ذلك بان سار ولم يدخل لمانع ولا يخفى عليك ان ما نقله لا ينفعه اذ لا كلام فى كون فعل مستقبلا بالقياس الى فعل آخر فان الفعل اذا كان غاية او مسببا لفعل آخر كان مستقبلا بالنظر اليه انما الكلام فى دلالة الفعل الذى هو قيد على كونه ماضيا او حالا او مستقبلا بالنظر الى ما قبله* قال قدس سره ويفهم منه المقارنة الخ* ان اراد فهم المقارنة من قد فممنوع لانها تدل على القرب دون المقارنة وان اراد انه يفهم ذلك بمعنونة المقام لكونه حالا فلا حاجة الى ايراد قد* قال قدس سره ظاهر هذا الكلام الخ* ما يشعر به كلامه هو الحق لانه ذكر فى الاصول ان الفعل المثبت لا عموم له والفعل المنفى له عموم والعام والخاص من اقسام اللفظ باعتبار الوضع وليس فى كلامهم التقييد بوقوع النفى فى مقابلة الاثبات واما كون المستفاد مما تقدم ان الاستغراق انما يستفاد من استمرار النفى فلا ينافى كونه مدلولا عليه بالوضع فان الوضع وقع على ما يقتضيه العقل كما فى النكرة المنفية* قال قدس سره كان النفى المورد عليه* بمنزلة الاثبات فى انه لا بد من تعقله

__________________

(٤) عنوان هذا القول وكذا عنوان القول الآتى انما يوجد ان فى بعض نسخة المطول

٤١١

فى نفسه حتى يمكن نفيه اذ لو تعقله من حيث انه بين الطرفين كان آلة لملاحظتهما فلا يمكن للعقل نفيه ولا اثباته كما يعقل الزوال والانفكاك فى نفسه فيورد النفى عليه (قوله والاصل فى الحوادث العدم) فيكون الانتفاء فى سبب الوجود اصلا ولا يحتاج العدم الى انتفاء طار على سبب الوجود (قوله ما فيه من ان المطلوب مقارنة الحال) بزمان العامل لا بزمان التكلم (قوله لكونها مستمرة) لكونها معدولة عن الفعلية اذ الاصل فى الحال المفردة ثم الفعليه التى هى قريب منه فلا يرد ان الاسمية لا تدل على اكثر من ثبوت المسند للمسند اليه كما مر (قوله لعدم دلالتها الخ) لما كان دعوى الاولوية مشتملة على جواز الترك ورجحان الدخول اعاد الدليل المذكور على جواز الترك وضم اليه دليل الرجحان وهو ظهور الاستيناف فسقط ما قيل ان الاولى ترك قوله لعدم دلالتها اذ قد علم ذلك سابقا (قوله حتى ذهب الخ) غاية لقوله دخولها اولى (قوله حتى تدخل الخ) بان تجعل قيدا من قيوده تابعا له (قوله فى الاثبات) تخصيص الاثبات بالذكر لانه الاصل والا فالحكم فى النفى ايضا كذلك نحو لم يجئ زيد وهو يتبسم او وهو متبسم (قوله فى ان لا يستأنف الخ) المراد بالاستيناف معناه اللغوى وهو ان لا يكون قيد الماقبله (قوله وجئت الخ) عطف تفسيرى لقوله اعدت ذكر زيد (قوله وجرى الخ) عطف على قوله كان بمنزلة اعادة اسمه صريحا فانه تشبيه آخر لقوله هو يسرع بعد تشبيهه يزيد يسرع (قوله ان لا يجئ الجملة الاسمية) سواء كان المبتدأ فيه ضمير ذى الحال او اسمه الصريح او اسم آخر غير ذى الحال كما علم من الامثلة السابقة (قوله والذى يلوح الخ) اعتراض على المصنف رحمه الله كما بينه لسيد (قوله بمنزلة قولك جاءنى زيد وهو متقلد الخ) الواو فى كلا المثالين عاطفة ليكون كل واحد منهما ابتداء اثبات (قوله وذكر الخ) هذا الذكر فى سورة الاعراف لا البقرة وهو حال من فاعل اهبطوا والخطاب لآدم وحواء وابليس (قوله لو اريد ذلك) اى كون هو فارس فى حكم المفرد (قوله يبين ذلك) اى كون جاءنى زيد وهو فارس خبيثا (قوله فكذا الخبر والنعت) يعنى ان الاصل فى الخبر والنعت ان يكون مفردا ومع ذلك اذا وقع الظرف خبرا او نعتا فالاكثر انه مقدر بجملة (قوله دون الخبر والنعت) كما يدل عليه قول الشيخ خصوصا وما قيل ان خصوصا احتراز عما اذ وقع صلة دون الخبر والنعت ليس بشئ لانه حينئذ يشعر بكون التقدير بالمفرد اصلا فيهما ايضا وهو خلاف الاكثر (قوله والحق) اى الحق فى هذا المقام (قوله وهذا اذا لم يكن الخ) اى كون ترك الواو اكثر فى جملة اسمية يكون الخبر فيها ظرفا

٤١٢

متقدما على المبتدأ اذا لم يكن صاحب الحال نكرة متقدمة بان يكون معرفة او نكرة متأخرة فانه لا التباس حينئذ للحال بالصفة عند ترك الواو واما اذا كان نكرة متقدمة سواء كانت موصوفة كما فى المثال الاول او غير موصوفة كما فى الثانى فانه يجب فيها الواو لرفع الالتباس بالصفة (قوله كما فى قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا) الخ) يعلم من كلامه ان الجملة فى قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) صفة وفى قوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) حال والفارق وجود الواو وعدمها واما عند صاحب الكشاف ففى كلتا الآيتين صفة والواو زائدة لتأكيد اللصوق كما مر (قوله اما الايجاز والاطناب) فى شرح المفتاح الشريفى لم يتعرض للمساواة مع انها نسبية ايضا لانه لا فضيلة لكلام الاوساط فما صدر عن البليغ مساويا له لا يكون فيه نكتة يعتد بها انتهى اى من حيث انه مساو لكلامهم وان كان من حيث اشتماله على المزايا معتدا بها لانه بهذا الاعتبار ايجاز بالقياس الى المتعارف او الى مقتضى المقام (قوله من الامور النسبية التى يكون الخ) فائدة التوصيف الاشارة الى انهما ليسا من الامور النسبية التى تتكرر النسبة فيها فان كلا منهما بالقياس الى المتعارف او الى ما هو مقتضى المقام وليس المتعارف وما هو مقتضى المقام مقيسا اليهما (قوله انما يكون) اى فى الخارج والذهن بالنسبة الى كلام آخر ازيد منه اما محقق او مقدر وكلمة من بعد ازيد وانقص واقل واكثر ليست تفضيلية بل هى صلة للفعل الذى يتضمنه صيغ التفضيل فهى بمعنى اصل الفعل* قال قدس سره وذلك لان النسبة الخ* لا يخفى ان ما ذكره السيد تحقيق لجواب الشارح رحمه الله فالاولى ذكره فى ذلك المقام والتحصيل عبارة عن التعيين وزوال الابهام* قال قدس سره اولى بذلك* لان الاساط لما كانوا اكثر من الطرفين كان كلامهم على مجرى متعارفهم فى تأدية المعانى مشهورا بين الناس فهو امر عرفى معروف الوجه معلوم الطريقى فناسب ان يجعل اصلا يقاس عليه غيره فلا يكون البناء عليه ردا الى الجهالة كذا فى شرحه للمفتاح (قوله من الاوساط) قيد بذلك لانه يحمد من البليغ لانه يورده لكونه مقتضى المقام بان يكون المخاطب من الاوساط (قوله يخرجها عن حكم النعيق) بان يكون مطابقا للغة والصرف والنحو مما يتوقف عليه تأدية اصل المعنى (قوله من عبارة المتعارف) المطابق للسياق من المتعارف ولا فائدة فى زيادة العبارة (قوله اى الى كون الخ) المذكور سابقا كونه اقل من عبارة المتعارف الا انه يلزمه كون المتعارف اكثر منه فهو كالمذكور سابقا وانما لم يحمله على ظاهره رعاية لما فى الايضاح والمفتاح حيث وقع

٤١٣

فيهما ثم الاختصار لكونه نسبيا يرجع فى بيان دعواء تارة الى ما سبق فانه لو فسر ما سبق بكونه اقل من عبارة المتعارف كان بيان دعوى الاختصار به اثباتا للشئ بنفسه والقرينة على ذلك (قوله واخرى الى كون المقام خليقا) بابسط منه حيث لم يقل كونه اقل مما يليق بالمقام (قوله وليس المراد الخ) اذ لا معنى لان يقال مرجع كون الكلام موجزا ان يكون المقام خليقا بابسط من المتعارف ولظهوره لم يتعرض له (قوله بحسب معتضى الظاهر) اى ظاهر المقام قيد بذلك اذ لو كان اقل مما يقتضيه ظاهر المقام وباطنه لم يكن بليغا لعدم مطابقته لمقتضى الحال لا ظاهرا ولا باطنا* قال قدس سره على مناسبة خفية الخ* اعتبر المناسبة الخفية التى تقتضى ذكر المبتدأ اذ لو لا ذلك لكان الكلام من متعارف الاوساط فلم يكن بليغا فلا يكون موجزا والمناسبة الخفية ان يكون المقصود تحريضهم على اخذ النعم لما رأى فيهم من الكسل وعلامة الامهال وكذا قوله هذا نعم فاغتنموه اذا كان المقصود زيادة الحث والتحريض* قال قدس سره فتأمل* فان الاول يوجد فى قد شخت والثانى يوجد فى هذا نعم ويجتمعان فى نعم فاغتنموه وهذه الصورة الرابعة لم يتعرض له الشارح رحمه الله لظهوره مما ذكره (قوله ثلث منها مقبولة) اى فى باب التعبير عن المقصود مع قطع النظر عن حال المتكلم من كونه بليغا او من الاوساط فلا يرد انه لو اريد المقبول مطلقا فالزائد والناقص غير مقبولين من الاوساط وان اريد من البليغ فليس المساوى والناقص الوافى مقبولين منه مطلقا بل اذا كان لداع (قوله تأدية الخ) زاد لفظ الاصل اشارة الى ان المعتبر فى المساواة والايجاز والاطناب المعنى الاول اعنى المعنى الذى قصد المتكلم افادته للمخاطب ولا يتغير بتغير العبارات واعتبار الخصوصيات فقولنا جاءنى انسان وجاءنى حيوان ناطق كلاهما من باب المساواة وان كان بينهما تفاوت من حيث الاجمال والتفصيل والقول بان احدهما ايجاز والآخر اطناب وهم (قوله ناقص عنه) اى عن مقدار اصل المراد اما باسقاط لفظ عنه او بالتعبير عن كله بلفظ ناقص عن ذلك المقدار فيشمل ايجاز القصر والحذف فقولنا حمداله وشكراله مساو لاصل المراد غير ناقص عنه لان تقدير الفعل انما هو لرعاية قاعدة نحوية وهو انه مفعول مطلق لا بد له من ناصب والعرب القح يفهم اصل المراد وهو حمده تعالى من غير تقدير وهو متعارف الاوساط ايضا فالقول بانه ايجاز عند المصنف رحمه الله تعالى ومساواة عند السكاكى رحمه الله تعالى فمخالفته مع السكاكى رحمه الله تعالى لا تسمع بدون سند قوى من القوم وهم (قوله غير واف بذلك) لان اعتبار الناعم فى الاول وفى ظلال العقل

٤١٤

فى الثانى لا دليل عليه (قوله فجعل مطلق العيش) اى من غير تقييد بالناعم والشاق حال كونه فى ظلال النوك كناية عن العيش الناعم بناء على ان العيش فى ظلال النوك لا يكون الا ناعما وكذا العيش الشاق المطلق من غير تقييد بكونه فى ظلال العقل او غيره كناية عن عيش العقلاء بناء على ان العيش الشاق لا يكون الا للعقلاء فيكون كلا القيدين مستفادا من الكلام بسبب ملاحظة ما اشتهر فى العرف فيكون وافيا بما هو اصل المراد وهو ان العيش الناعم فى ظلال النوك خير من العيش الشاق فى ظلال العقل مع اشتماله على لطيفة وهو ان العيش فى ظلال النوك لا يكون الا ناعما وان العيش الشاق لا يكون الا فى ظلال العقل هكذا ينبغى ان يفهم هذا الكلام ولا يلتفت الى ما سبق اليه الاوهام (قوله ولا يكون لفظ الزائد متعينا) مدار التعين وعدم التعين انه ان لم يتغير المعنى باسقاط ايهما كان فالزائد غير متعين وان تغير المعنى باسقاط احدهما دون الآخر فالزائد هو لآخر ولا يعتبر فى ذلك كون احدهما متقدما والآخر متأخرا فلا يتوهم ان مينا متعين للزيادة لان التكرار حصل به (قوله وهذا انما يصح الخ) لا يخفى ان هذا البيان لا يدل على كون الندى زائدا على اصل المراد فان مراد الشاعر نفى الفضل عن الامور الثلاثة وانما يدل على عدم صحة ذكر الندى وفساده لا على كونه مفسدا الا ان يقال ان مقصود الشاعر ان يهون الموت على الناس وانه مما يجب ان يرغب فيه اذ به يظهر الفضل للصفات التى هى كمال الانسان ولا شك ان الندى لا دخل لها فى ذلك المقصود فذكرها زائد على اصل المراد بل مفسد له اذ فضلها على عدم الموت (قوله لا يفهم من اطلاق الى آخره) فان لفظ الندى لا يكاد يستعمل فى بذل النفس وان استعمل فعلى وجه الاضافة اما مطلقا فلا يفيد الا بذل المال كذا فى الايضاح ويمكن ان يريد بذل النفس مطلقا من غير تقييد بكونه للخوف او للحياء او طلب رضاء المحبوب او الخلاص من المرض والفقر (قوله وهذا بعينه معنى الشجاعة) اشارة الى ان الشجاعة ههنا ليس عبارة عن الملكة المخصوصة بل اثرها اعنى الاقتحام فى المعارك وعدم التحرز عن الامور المهلكة فانه الذى يفهمه اهل اللغة والعرف ولذا قال سابقا هان عليه الاقتحام فى الحروب والمعارك (قوله يفتقر الى التأكيد) لدفع التجوز بالابصار والسماع عن العلم بلا شبهة وبالضرب عن الامر به (قوله فمعناه الخ) اى ليس التقييد فيه للتأكيد بل للتأسيس (قوله لانها الاصل الى آخره) فيه ان المقيس عليه على ما اختاره المصنف هو اصل المراد فالوجه انه قدمه لقلة مباحثه ولك ان تقول انها الاصل والمقيس عليه عند السكاكى رحمه الله تعالى وهذا القدر كاف للتقديم (قوله شبهه بالليل) لا بالصبح (قوله فصار)

٤١٥

اى الهارب واصلا الى اقصى الارض (قوله من غير ان يتوقف عليه الخ) فان معنى المستثنى منه مفهوم من الكلام وكذا مفهوم الجزاء من المصراع الاول (قوله اطنابا) اى ان كان الفائدة (قوله يكون تطويلا) ان لم يكن فيه فائدة اصلا والمراد بالتطويل المعنى اللغوى اى الزائد لا لفائدة وان كان متعينا (قوله بان مثل هذا الشرط) وهو ما يكون بان الوصلية لا يحتاج الى الجزاء لكونه حالا وقد مر تحقيقه (قوله لان المراد به الخ) زاد لفظ المراد اشارة الى ان مدلول قوله تعالى (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) ذلك فلفظه يسير ومعناه كثير ولو قيل لان الانسان اذا علم الخ كان المتبادر انه دليل على تضمن القصاص للحيوة فما قيل ان هذا دليل على دعوى ان فى القصاص حيوة ليس بشئ ولو كان هذا موجبا للايجاز لكان كل دعوى نظرية ايجازا (قوله لكان تطويلا بالمعنى اللغوى) اذ الفعل متعين للزيادة (قوله اى من قوله لكم فى القصاص الخ) الظاهر ان يقول اى من قوله القتل انفى للقتل بان يكون كلمة من صلة لقلة الا ان الشارح رحمه الله تعالى راعى مطابقة ما فى الايضاح فان من فيه ظرف مستقر وقع حالا من ضمير يناظره حيث قال ان عدة حروف ما يناظره منه وهو (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) عشرة وعدة حروفه اربعة عشر (قوله والنص على المطلوب) اى التصريح به فيكون ازجر عن القتل بغير حق لكونه ادعى الى القصاص كذا فى الايضاح (قوله الفن الثانى علم البيان) قد مر تحقيق التعريف اللامى وبيان المراد من المبتدأ والخبر وبيان صحة الحمل بما لا مزيد عليه (قوله من علم البلاغة) اى من علم له مزيد اختصاص بالبلاغة كما مر فى المقدمة (قوله ومحتاجا اليه الخ) لان الاحتراز عن التعقيد المعنوى مأخوذ فى مفهومها وهو لا يتيسر لغير العرب العرباء الا بهذا العلم قال الشارح رحمه الله تعالى فى آخر المتقدمة انه لم يبق لنا مما يرجع اليه البلاغة الا الاحتراز عن الخطأ فى التأدية وتمييز السالم عن التعقيد عن غيره ليحترز عن التعقيد المعنوى فست الحاجة الى علم يحترز به عن الخطأ وعلم يحترز به عن التعقيد المعنوى ليتم امر البلاغة فوضعوا لذلك علمى المعانى والبيان وسموهما علم البلاغة فما قيل انه يحتاج اليه فى نفس البلاغة فى الجملة لا انه لا تتم بلاغة الكلام بدون اعمال علم البيان اذ الكلام المركب من الدلالات المطابقية لا يحتاج فى تحصيل بلاغته الا الى علم المعانى اذ لا حاجة الى البيان للدلالة المطابقة كما ستعرف فليس بشئ لان المقصود احتياج بلاغة الكلام الى علم البيان لا الى اعماله ولا شك ان الاحتراز عن التعقيد المعنوى لا يمكن بدون علم البيان (قوله وهو علم) لا يخفى ان المراد من علم البيان فى قوله الفن الثانى علم البيان القواعد فاذا اريد بقوله علم يعرف به

٤١٦

الملكة او ادراك القواعد لا بد من القول بالاستخدام فى ضمير هو (قوله بطرق مختلفة) فان لكل معنى لوازم بعضها بلا واسطة وبعضها بواسطة فيمكن ايراده بعبارات مختلفة فى الوضوح (قوله اراد بالعلم الخ) العلم حقيقة هو الادراك وقد يطلق على متعلقه وهو المعلوم اما مجازا مشهورا او حقيقة اصطلاحية وعلى ما هو تابع له فى الحصول ووسيلة اليه فى البقاء وهو الملكة كذلك والشارح رحمه الله تعالى اختار حمله على المعنيين الاخيرين لعدم احتياجه الى تقدير متعلق وما قيل انهم لم يقصدوا تقدير المضاف اليه بل بيان حاصل المعنى فان لفظ العلم يطلق بمعنى التصديق بالقواعد بل على ادراكها فليس بشئ لان ذلك الاطلاق فى اسماء العلوم المدونة لا فى لفظ العلم قال السيد فى حواشى شرح المفتاح النحو يطلق على القواعد المخصوصة وعلى ادراكها وعلى الملكة التابعة لادراكها وكذا لفظ العلم يطلق على المعلوم وعلى ادراكه وعلى ملكة استحضاره ثم المراد الادراك الحاصل عن الدلائل او المسائل المعلومة عن الادلة او الملكة الحاصلة عن التصديقات بالمسائل المدللة لما تقرر ان علم المسائل بدون الدلائل يسمى تقليدا لا علما فلا يرد علم الواجب وعلم جبريل على التقديرين الاولين ولا علم ارباب السليقة على التقدير الثالث (قوله اى ادراكها) على ان يكون المبادى التصورية داخلة فى العلم او الاعتقاد بها على تقدير عدم دخولها* قال قدس سره ومع ذلك فقد ساعد القوم الخ* دفع لما يترا آى من انه اذا لم يكن مباحث المجاز المفرد تساعده فكيف حمله على ذلك بانه ساعد القوم على ذلك بالتوجيه الذى ذكره هناك* قال قدس سره ينبغى ان يتأخر الخ* قيل تأخير علم البيان من علم المعانى فى الاستعمال واجب قطعا لان علم البيان باحث عن كيفية افادة الخواص وهى انما تحصل بعد التطبيق على مقتضى الحال والجواب ان ذلك التعريف بعد اعتبار تأخره الاستحسانى والا فهو عبارة عن ايراد المعنى الواحد مطلقا بعبارات مختلفة الدلالة الا ترى ان اكثر المجازات والكنايات انما هو فى المعانى الاول* قال قدس سره فان هذه* اى رعاية المطابقة كالاصل فى المقصودية لان المقصود افادة المعانى التى روعى فيها المطابقة وتلك اى رعاية مراتب الدلالات فى الوضوح والخفأ فرع لها لانها اعتبرت لاجلها* قال قدس سره عن افادة التراكيب لخواصها* اى للمعانى المشتملة على الخواص الا ان المعانى الاول لما كانت ساقطة عن نظرهم قصروا الافادة على الخواص قال العلامة فى شرح قوله ايراد المعنى الواحد الخ وهو ما يقتضيه الحال بحسب المقامات كاقتضائها بالنسبة الى من ينكر كون زيد

٤١٧

مضيافا جملة مفيدة الانكار سواء كان افادتها اياه بدلالة واضحة او اوضح او خفية او اخفى نحو ان زيد المضياف او الكثير الرماد او المهزول الفصيل او لجبان الكلب وبما ذكرنا اندفع ما قيل ان الشائع فى اعتبار البلغاء المجازات والاستعارات والكنايات فى المعانى الاصلية للتراكيب البليغة وذلك مما يحث عنه فى البيان لان هذا الاعتبار مما يوجب البلاغة ومرجع البلاغة منحصر فى العلمين بل نقول لا يظهر جريان كثير من انواع التشبيه والكناية والاستعارة كالتمثيلية فى الخواص (قوله واراد الخ) قال العلامة وانما وجب تفسير المعنى الواحد بمعنى من المعانى التى يقتضيها الحال بحسب المقام لكون علم البيان اخص من علم المعانى لان هذا ذكر المعنى الذى يقتضيه الحال وذلك ايراد ذلك المعنى بطرق مختلفة ولو فسر بما هو اعم من المعنى الذى يقتضيه الحال لما بقى اخص لوجوده حينئذ بدون المعانى (قوله يقتدر بها الخ) صفة لملكة واصول على سبيل التنازع وهو بالنسبة الى ملكة تصريح بما علم ضمنا بقوله اراد بالعلم الملكة التى يقدر بها الخ (قوله على ايراد الخ) اى على معرفة ايراد بدليل قوله فلو عرف من ليس له هذه الملكة الخ وفيه اشارة الى ان معرفة الايراد المذكور لا يجب ان يكون بالفعل بل القدرة التامة على تلك المعرفة كافية بضم الصغرى السهلة الحصول الى القاعدة التى كانت حاصلة عنده وبما حررنا لك اندفع ما قيل ان الاولى ان يقول يعرف بدل يقتدر ليوافق المتن وان القدرة على الايراد المذكور ليست بلازمة لما مر ان كثيرا من مهرة هذا الفن لا يقدرون على تأليف كلام بليغ (قوله كل معنى الخ) يعنى ان اللام فى المعنى للاستغراق العرفى اذ لا عهد وامتناع الحقيقى وهو ظاهر والجنس للزوم كون من له ملكة الاقتدار على معرفة ايراد معنى واحد فى تراكيب مختلفة عالما بالبيان (قوله ان يورده بالفاظ مترادفة) اى يورد المعنى التركيبى فى تراكيب وجميع اجزائها الفاظ مترادفة (قوله لا يكون ذلك الخ) لان تلك التراكيب بعد العلم بوضع الفاظها لا يكون دلالتها مختلفة فى الوضوح والتفاوت الواقع بينها باعتبار الالف ببعض الالفاظ وكثرة دورها يوجب التفاوت فى تذكر الوضع وكذا اشتراك بعضها يوجب الاحتياج فيه الى دفع مزاحمة الغير فى تعيين المراد لا فى الفهم (قوله ومعنى اختلافها الخ) فيه اشارة الى ان ملكة ايراد المعنى الواحد فى تراكيب متساوية فى الوضوح ليس من علم البيان لانه لا يحصل به التفاوت فى مراتب البلاغة (قوله يخرج ملكة الاقتدار الخ) اى تخرج عن ان تكون داخلة فى علم البيان وجزأ منه والا فالملكة بالنسبة الى معنى واحد خارجة عن كونه

٤١٨

ما صدق عليه بعموم المعنى (قوله اولى من تعريفه الخ) لان المعرفة المذكورة ثمرة علم البيان فلا بد من القول بذكر المسبب وارادة السبب (قوله يلزم من العلم به) اى من حضوره فى الذهن والالتفات اليه حضور شئ اخر والا يلزم ان لا يبقى الدليل بعد ان يلزم من العلم به العلم بشئ آخر دليلا (قوله كدلالة الخطوط الخ) اشار بايراد المثالين الى انحصار الدلالة الغير اللفظية فى الوضعية والعقلية وبه صرح السيد فى حواشى المطالع وقال المحقق الدوانى ان الطبيعة منها ايضا متحققة كدلالة بعض الاوضاع العارضة لوجه المتألم وحاجبيه على شدة الا لم ودلالة حمرة الوجه على الخجالة والصفرة على الوجل وحركة النبض على المزاج المخصوص الى غير ذلك ولعله قدس سره اراد ان تحققها للفظ قطعى فان تلفظ اخ لا يصدر عن الوجع وكذا الاصوات الصادرة عن الحيوانات عند دعاء بعضها الى بعض لا تصدر عن الحالات العارضة لها بل انما تصدر عن طبيعتها بخلاف ما عدا اللفظ فانه يجوز ان يكون تلك العوارض منبعثة عن الطبيعة بواسطة الكيفيات النفسانية والمزاج المخصوص فيكون الدلالة طبيعية ويجوز ان تكون آثار النفس تلك الكيفيات النفسانية والمزاج فلا يكون للطبيعة مدخل فى تلك الدلالة فتكون عقلية وبهذا تبين الفرق بين العقلية والطبيعية فان العلاقة فى الاولى التأثير وفى الثانية الايجاب والتأثير اقوى من الايجاب واندفع ما قيل ان الدلالة الغير الوضعية محتاجة الى العلاقة والملازمة بين الدال والمدلول فلا وجه لاخراج الطبيعية من العقلية (قوله اما ان يكون بحسب مقتضى الطبع) الطبع والطبيعة والطباع بالكسر فى اللغة السجية التى جبل عليها الانسان كما فى القاموس وفى الاصطلاح تطلق على مبدأ الآثار المختصة بالشئ سواء كان بشعور اولا وعلى الحقيقة فاذا اريد به طبع اللافظ فالمراد به المعنى الاول فان صورته النوعية او نفسه تقتضى التلفظ به عند عروض المعنى واذا اريد به طبع اللفظ اى طبع مدلوله فالمراد به المعنى الثانى واذا اريد به طبع السامع فانه يتأدى اليه عند سماع اللفظ من غير احتياج الى الوضع فالمراد به مبدأ الادراك اى النفس الناطقة او العقل وقد ذكر الوجوه الثلاثة فى حواشى المطالع واقتصر الشارح رحمه الله على الوجه الاول لانه اظهر (قوله كدلالة الخ) بفتح الهمزة وتشديد الخاء المعجمة على ما فى حاشية شرح الشمسية وبضم الهمزة وتشديد الخاء المعجمة على ما فى حواشى المطالع واما اح اح بالحاء المهملة وفتح الهمزة او ضمها فلا ذى الصدر* قال قدس سره لا بدلالة اللفظ* اى فقط ان قلنا ان العلم بالمشاهدة يجامع العلم بدلالة

٤١٩

اللفظ اذ لا منافاة بين الطريقين حينئذ او اصلا ان قلنا بعدم مجامعة العلمين بناء على ان المعلوم بالضرورة لا يستفاد من الدليل فقوله فى حواشى الشمسية لتظهر دلالة اللفظ على الاول من الظهور بمعنى آشكار شدن وعلى الثانى بمعنى پيدا شدن* قال قدس سره ان الفهم صفة السامع* بناء على ان المتبادر هو المصدر المبنى للفاعل* قال قدس سره بان الدلالة الخ* يعنى ان الدلالة رابطة مخصوصة بين اللفظ والمعنى مترتبة على رابطة اخرى بينهما هى الوضع الا ان الاولى قائمة بمجموعها والثانية بالواضع* قال قدس سره اذا قيست الخ* فان النسبة بين المنتسبين يجوز انتسابها الى كل واحد منهما* قال قدس سره واذا قيست الى اللفظ كانت مبدأ وصف له* ليس فى عبارة المحقق كانت مبدأ وصف له فانه قال اذا نسبت الى اللفظ قيل انه دال على المعنى بمعنى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى العالم بالوضع عند اطلاقه واذا نسبت الى المعنى قيل انه مدلول لهذا اللفظ بمعنى كون المعنى منفهما عند اطلاقه وكلا المعنيين لازم لهذه الاضافة انتهى وانما اخذه السيد من قوله لازم لهذه الاضافة كما صرح به فى حواشى المطالع لكن كتب ذلك المحقق فى حواشيه على شرح المطالع على قوله واذا نسبت الخ الدلالة نسبة بعد الوضع بين اللفظ والمعنى ولا شك ان النسبة تكون منتسبة الى كل واحد من المنتسبين فهذه النسبة ان اضيفت الى المعنى يكون مدلولا وان اضيفت الى اللفظ يكون للفظ دالا وكلاهما لازم للدلالة فامكن ان يعرف بايهما كان انتهى وهذا هو الحق اذ لو كانتا مغايرتين لتلك النسبة بالذات لا يمكن التعريف بشئ منهما لعدم صحة الحمل ولا يمكن حمل عبارة السيد على هذا بان يراد كان مبدأ وصف مغاير بالاعتبار لتلك النسبة لانه قدس سره رده فى حواشى المطالع* قال قدس سره وكلا الوصفين لازم لتلك الاضافة* محمول عليه لكونهما فى الحقيقة تلك النسبة فيقال الرابطة المخصوصة بينهما هى كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى وكون المعنى بحيث ينفهم من اللفظ* قال قدس سره بان المفهومية الخ* يعنى لا نسلم انه تعريف بلازمها بالقياس الى المعنى فان اللازم كون المعنى بحيث ينفهم منه لا المفهومية فانها صفة للمعنى كما ان الفاهمية صفة للسامع والحاصل من جعل الفهم المصدر المبنى للمفعول المفهومية لا كونه بحيث ينفهم من اللفظ فلا يفيد التحقيق المذكور فى دفع الاشكال* قال قدس سره فالجواب هو ما ذكره* هذا انما يتم لو كانت المفهومية عين كون المعنى بحيث ينفهم من اللفظ اما اذا كانت غيره فلا* قال قدس سره وان كانت نسبة الخ* لا يخفى ان القائم باللفظ هو الدلالة المخصوصة اعنى الدلالة المقيسة الى

٤٢٠