حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

اللفظ لا الدلالة مطلقا* قال قدس سره كما يدل عليه اشتقاق الدال الخ* كما انه يشتق من الدلالة الدال بمعنى القيام كذلك منه يشتق المدلول بمعنى الوقوع وكما يسند الدلالة الى اللفظ بصيغة المعلوم يسند الى المعنى بصيغة المجهول هكذا يستفاد من كلام ذلك المحقق فى حواشيه على شرح المطالع حيث قال لا نسلم ان الفهم المذكور فى التعريف صفة السامع وانما يكون كذلك لو كان اضافة الفهم بطريق الاسناد فان الفهم من حيث الاسناد اى القيام صفة الفاهم ومن حيث التعلق اى الوقوع صفة المعنى كما ان الضرب من حيث الاسناد صفة الضار ومن حيث الوقوع صفة المضروب* قال قدس سره فهو ظاهر البطلان* لان صفة الشئ لا تصير صفة الآخر باعتبار تقييدها بقيد والجواب ان تعلقه باللفظ غيره من الوصف الحقيقى الذى كان للسامع او المعنى وجعله صفة اعتبارية للفظ لصيرورته بعد اعتبار التعلق وصفا بحال متعلقه وهو امر اعتبارى قال الشارح الجامى فى شرح قوله ويوصف بحال الموصوف وبحال متعلقه اى متعلق الموصوف يعنى بصفة اعتبارية تحصل له بسبب متعلقه نحو مررت برجل حسن غلامه اذ كون الرجل حسن الغلام معنى فيه وان كان اعتباريا* قال قدس سره نعم يفهم من تعلقة الخ* يأتى عن هذا التأويل جعلهم الوصف بحال المتعلق قسما من النعت فانه ما يدل على معنى فى متبوعه لا ما يدل على معنى هو ملزوم لما فى متبوعه (قوله صفة) فى كثير من النسخ صفة من الوصف والنسخة التى عليها خطه رحمه الله تعالى صيغة من الصوغ (قوله وهذا مثل قولهم الخ) اى على تقدير كون التعريف على ظاهره بان يكون العلم اضافة يرد عليه ان الحصول صفة الصورة والعلم صفة العالم فلا يجوز تعريفه به والجواب ان الحصول وان كان صفة الصورة لكن حصول الصورة فى العقل صفة العالم (قوله على تمام ما وضع له) ذكر لفظ التمام للاحتياط ولحسن مقابلة الجزء والا فيكفى على ما وضع له (قوله من جهة ان العقل الخ) اى من جهة هى منشأ لحكم العقل سواء تحقق الحكم بالفعل او لا (قوله وتخص الاولى الخ) نقل عنه اى تقيد الاولى بالمطابقة اى بالتقييد الاضافى لا الوصفى انتهى ويعلم منه ان لفظ تخص من الخصوص لا من الاختصاص فانه حينئذ معناه يختص الاولى بالمطابقة ولا يطلق هذا الاسم على غيرها (قوله واريد به الكل واعتبر الخ) انما اعتبر ارادة الكل واعتبر دلالته على الجزء بالتضمن ليظهر نفى كونها مطابقة وثبوت كونها تضمنا فانه حين عدم ارادة الكل وعدم اعتبار دلالته على الجزء بالتضمن يصدق على دلالته على الجزء انها تضمن ومطابقة معا بجهتين (قوله

٤٢١

فالجواب الخ) هذا الجواب يدل على انه يجوز ترك بعض القيود فى التقسيم المشعر بالتعريف اعتمادا على الوضوح والشهرة ولا يجوز فى التعريف بل لا بد فيه من المبالغة فى رعاية القيود وذكر فى المختصر ان قيد الحيثية مأخوذ فى تعريف الامور التى تختلف باعتبار الاضافات وكثيرا ما يترك هذا القيد اعتمادا على شهرته وانسياق الذهن اليه فلعل ما ذكره ههنا بالنظر الى مطلق القيد وما ذكره فى المختصر بالنظر الى خصوص قيد الحيثية فلا تخالف بينهما وخلاصة الجواب ان قيد الحيثية معتبر والترك فى اللفظ لكون المقصود بالذات التقسيم دون التعريف فما اورد عليه من انه حينئذ لا يحصل تعيين الدلالة المعتبرة عندهم فى التعريف ويحتل التقسيم لانه ضم القيود المتخالفة واذا لم تراع تلك القيود على ما ينبغى يختل وهم وكذا ما قيل ان اعتبار الحيثية فى تعريف الدلالات يبطل انحصار الدلالة الوضعية فى الثلاث لان دلالة اللفظ الموضوع للمتضايفين على احدهما بواسطة انه لازم الآخر ليس دلالة على الجزء من حيث انه جزء بل من حيث انه لازم جزء آخر فلا تكون تضمنا ولا التزاما لانه ليس خارجا عن الموضوع له لان المتضايفين يعقلان معا ولا يمكن ان يعقل احدهما بواسطة انه لازم للآخر على ان المقسم الدلالة الوضعية فلا بد من اثبات لفظ وضع للمنضايفين (قوله لما كانت وضعية كانت متعلقة) بارادة اللافظ اثبت هذه الملازمة بوجهين الاول ان الدلالة الوضعية انما هى بتذكر الوضع وبعد تذكر الوضع يصير المعنى مفهوما لتوقف التذكر عليه فلا معنى لفهمه من اللفظ الا فهمه من حيث انه مراد المتكلم وليس بشئ لان المراد من الفهم فى تعريف الدلالة مجرد الالتفات الى المعنى لا حصوله بعد ان لم يكن فلا معنى لقوله فلا معنى لفهمه من اللفظ الا فهمه من حيث انه مراد والثانى ما ذكره صاحب المحاكمات وهو ان الغرض من اللفظ تأدية ما فى الضمير وذلك يتوقف على ارادة اللافظ فما لم يرد المعنى من اللفظ لم يكن له دلالة عليه وفيه ان الغرض تأدية المعانى التركيبية فيتوقف على ارادتها لا على ارادة معانى الالفاظ المفردة (قوله لان قانون الوضع الخ) فيه انه لو كان قانون الوضع ما ذكره لما ذهب الشافعية الى جواز استعمال المشترك فى المعنيين ولما ذهب السكاكى رحمه الله الى ان مدلول المشترك ان لا يتجاوز المعنيين (قوله فاللفظ ابدا لا يدل الا على معنى واحد الخ) هذا الكلام نص على ان مطلق الدلالة مشروط عند هذا المجيب بالارادة* قال قدس سره منقولا عن الشفاء* عبارته تدل على اعتبار ارادة الدلالة فى الوضعية لا على اعتبار ارادة المدلول فانه قال فى بحث تعريف المفرد لبيان ان تعريفه بما لا بدل جزؤه على شئ

٤٢٢

كما وقع فى التعليم الاول وتعريفه بما لا يراد بجزئه جزء معناه فى المآل واحد ان اللفظ بنفسه لا يدل البتة ولو لا ذلك لكان لكل لفظ حق من المعنى لا يجاوزه بل انما يدل بارادة اللافظ فكما ان اللافظ يطلقه دالا على معنى كالعين على ينبوع الماء فيكون ذلك دلالة ثم يطلقه على معنى آخر كالعين على الدينار فيكون دلالته كذلك اذا اخلاه فى اطلاقه عن معنى بقى غير دال واذا كان كذلك فالمتكلم باللفظ المفرد لا يريد ان يدل بجزئه على جزء من معنى الكل ولا ايضا يريد بجزئه الدلالة على معنى آخر من شانه ان يدل عليه وقد انعقد الاصطلاح على ذلك فلا يكون جزؤه البتة دالا على شئ حين هو جزؤه بالفعل اللهم الا بالقوة حين يجد الاضافة المشار اليها وهى مقارنة ارادة القائل دلالته انتهى فالظاهر انه اشارة الى ما سيجئ من ان دلالة اللفظ لذاته باطلة فلا بد لها من مخصص والمخصص هو الواضع ومخصص وضعه لهذا دون ذلك ارادة الواضع فالمراد من اللافظ الواضع لانه اللافظ او لا وفيه اشارة الى ان الوضع يستفاد من ارادة الواضع دلالة اللفظ على المعنى باستعماله فيه من غير قرينة وليس ذلك منصوصا منه وهذا حق وما ذكره صاحب شرح الاشارات فاورد عليه صاحب المحاكمات ما ذكره الشارح (بقوله وفيه نظر الخ) قال قدس سره واطلق* اى العلامة الطوسى لكن آخر كلامه يدل على ان المراد الدلالة المطابقية كما لا يخفى على الناظر فيه* قال قدس سره لكن بعض المحققين* وهو صاحب المحاكمات* قال قدس سره فكان الناقل الخ* انت خبير بانه لو اعتبر الارادة فى الدلالات الثلاث لم تنحصر الدلالة الوضعية فى الثلاث لانه حين اطلاق اللفظ على الكل والملزوم يفهم الجزء واللازم وليس هذا الفهم شيئا من الدلالات الثلاث لعدم الارادة فالحق ان من اطلق الدلالة اراد منه اعتبار الارادة اعم من ان يكون اصالة او تبعا ومن قيدها بالمطابقية اراد منه اعتبارها اصالة فما آل القولين واحد والاختلاف فى العبارة وما فهمه الناقل المجيب توهم* قال قدس ان حمل كلامه على التقييد* قد عرفت ان عبارة المجيب نص فى الاحتمال الثانى فذكر هذا الاحتمال لتبكيته وبيان انه لا يمكن ان يجيب بتغيير العبارة السابقة* قال قدس سره لان تلك الدلالة آه* لا يخفى ان اللازم احد الامرين اما بطلان الاستلزام المذكور او انتقاض حدّى التضمن والالتزام فجعل احدهما لازما والآخر دليلا على اللزوم لا وجه له* قال قدس سره لاستلزامهما الدلالة المطابقية* فيه انه يجوز ان يكون استلزامهما للمطابقة باعتبار ان الدال باحدهما صالح لهذه الدلالة ايضا فى الجملة كما اشار اليه الشارح رحمه الله تعالى فى شرح الشمسية* قال قدس سره واعلم انه حرّف

٤٢٣

الخ* حاصله ان اشتراط الارادة فى الدلالة المطابقية نافع فى جواب الاعتراض باجتماع الدلالتين غير نافع فى دفع انتقاض حدود الدلالات والشارح رحمه الله تعالى حرف (٧) الكلام فجعل الكلام المذكور فى جواب اعتراض الاجتماع جوابا عن الانتقاض* قال قدس سره تتوقف على الارادة* فلا نسلم قوله بل يدل عليه دلالتين احديهما تضمن والاخرى مطابقة وكذا الحال فى اللازم واما قوله ولا نسلم ايضا انه اذا اطلق فتام لتحقق ارادة المعنى المطابقى (قوله لا سيما فى التضمن والالتزام) فان توقفهما على الارادة اظهر بطلانا لصيرورتهما عند تعلق الارادة بهما مطابقة وانما قال كثير لان بعضهم ذهب الى انهما فهم الجزء واللازم بعد فهم الكل وفهم الملزوم كما سيجئ بيانه (قوله فى ضمن الكل الخ) فان الكل يمتنع حصوله فى الذهن والخارج بدون حصول الجزء وكذا اللازم البين بالمعنى الاخص لا يمكن حصوله فى الذهن بدون حصول الملزوم فيه فهذان الحصولان الضمنيان هما التضمن والالتزام (قوله صارت الدلالة عليهما مطابقة) ان قلنا ان هذه الدلالة هى الدلالة التضمنية فمعناه صارت تلك الدلالة التى كانت ضمنية بعينها مطابقة لصيرورتها قصدية وعدم بقائها ضمنية وان قلنا ان هذه الدلالة الحاصلة عند الارادة دلالة اخرى لان المعنى التضمنى والالتزامى صار ملتفتا اليه مرة اخرى بعد تعلق الارادة فمعناه حصلت الدلالة عليهما مطابقة وبما حررنا لك ظهر ان الاعتراض الذى ذكره السيد بقوله واما قوله واذا قصد باللفظ الخ فباطل الى آخره مندفع لانه ان اراد بقوله والاول باق على حاله انه باق بعينه لم يتغير اصلا فباطل لصيرورته قصديا بعد ما كان ضمنيا وان اراد انه باق على حاله من حيث الذات فمسلم لكنه لا ينفع فى كونه دلالة تضمنية والتزامية لانتفاء كونه ضمنيا على انا لا نسلم بقاء اصل الفهم ايضا لانه حصل بعد تعلق الارادة فهم آخر غير الفهم الذى كان ضمنيا وكذا يرد على قوله والقرينة فى مثل هذا المجاز لا تعلق لها بالفهم انه ان اراد انه لا تعلق لها بالفهم قصدا فممنوع لان صفة القصد انما حصل لها بالقرينة وان اراد انه لا تعلق لها باصل الفهم فمسلم ولا ينفع لان الفهم القصدى هى المطابقة وبما ذكرنا ظهر ان القرينة فى المجاز لفهم المعنى المجازى اعنى فهم الجزء واللازم من حيث انه مراد فهى جزء المقتضى ولو لا القرينة فيه لم يفهم المعنى المقصود وفى المشترك لدفع المزاحمة فان المعنى المراد وغيره مفهوم منه لتحقق المقتضى وهو العلم بالوضع والقرينة لدفع المانع وهو ليس جزأ من المقتضى وسيجئ هذا الفرق فى بحث المجاز مفصلا فى كلام السيد* قال قدس سره وما ذكره الخ* بيان لبطلان اللازم

__________________

(٧) والشارح صرف الخ نسخة

٤٢٤

فى نفسه بعد ابطال الملازمة الستفادة من قوله واذا قصد باللفظ الجزء او اللازم صارت الدلالة عليهما مطابقة لا تضمنا او التزاما يعنى ان صيرورة الدلالة على الجزء او اللازم مطابقة لا تضمنا او التزاما باطلة فى نفسها مع قطع النظر عن لزومها للشرط لتوقفها على المقدمتين الممنوعتين تحقق المطابقة على المقدمة الاولى وانتفاء التضمن والالتزام على المقدمة الثانية* قال قدس سره موضوع بازاء المعنى المجازى* وضعا نوعيا فانه لا بد فى المجاز من اعتبار الواضع للعلاقة المصححة له بحسب نوعها ولا شك ان اعتبارها كذلك وضع نوعى له كذا فى حاشية المطالع* قال قدس سره فلان الوضع المعتبر* اى فى تعريف الحقيقة والمجاز تعيين اللفظ بنفسه اى لا بالقرينة فاللفظ المستعمل فيما وضع له بنفسه حقيقة والمستعمل فى غير ما وضع له مجاز لا تعيينه بازائه مطلقا سواء كان بنفسه او بالقرينة* قال قدس سره بل بقرينة شخصية* اى فى المجاز الشخصى كالاسد المستعمل فى الشجاع بقرينة فى الحمام او نوعية اى فى المجاز النوعى كما يقال لفظ الكل يستعمل فى الجزء بقرينة مانعة عن ارادة الكل والجواب منع بنائه على المقدمتين اما منع بناء كونها مطابقة على الوضع النوعى فلان من قال بكون هذه الدلالة مطابقة لم يفسرها بدلالة اللفظ على ما وضع له بل بدلالته على تمام المعنى اى ما عنى باللفظ وقصد به صرح به الشارح رحمه الله تعالى فى شرح الشرح حيث قال اذا استعمل اللفظ فى الجزء او اللازم مع قرينة مانعة عن ارادة المسمى لم يكن تضمنا او التزاما بل مطابقة لكونها دلالة على تمام المعنى اى ما عنى باللفظ وقصد به لكن ابتناء كونها مطابقة على اعتبار الوضع النوعى مصرح به فى شرح المطالع وشرح الرسالة الشمسية للشارح رحمه الله تعالى فالجواب ان القرينة الشخصية او النوعية انما هى شرط الاستعمال وليست بمعتبرة فى الوضع فان الوضع النوعى على ما فسره السيد فى حاشية المطالع لم يعتبر فيه وجود القرينة واما منع بناء نفى كونها تضمنا او التزاما على المقدمة الثانية فلانه مبنى عنده على عدم كون فهم الجزء او اللازم فى ضمن فهم الكل او الملزوم لا على انه اذا دل اللفظ عليه مطابقة لا يدل عليه تضمنا او التزاما فتدبر فانه قد خفى كلام الشارح رحمه الله والسيد قدس سره فى هذا المقام فخذما آتيتك وكن من الشاكرين (قوله وقد صرحوا الخ) الواو للحال وهو بيان لبطلان اللازم (قوله سلمنا جميع ذلك) اى سلمنا اشتراط الدلالة مطلقا بالارادة وان التضمن والالتزام ليس فهم الجزء واللازم فى ضمن الكل والملزوم وانه اذا قصد باللفظ الجزء واللازم لا تصير الدلالة عليهما مطابقة وامتناع اجتماع الدلالات مع مخالفته لما صرحوا به من

٤٢٥

الاستلزام لكنه لا يفيد فى دفع الانتقاض فاندفع ما قيل ان من جملة الاعتراضات السابقة امتناع اجتماع الدلالات فما ذكره بعد التسليم ينبغى ان يجتمع مع ما ذكره القوم من استلزام التضمن والالتزام للمطابقة فان المسلم ما هو الممنوع سابقا وليس الاستلزام المذكور ممنوعا سابقا بل دليل على بطلان امتناع الاجتماع (قوله لا يظهر الخ) اى نظرا الى نفس الاطلاق وتعريفات الدلالات الثلث فلا ينافى ظهور كونها مطابقة نظرا الى استلزامهما للمطابقة فاندفع اعتراض السيد على ان الاستلزام عنده باعتبار الصلاحية كما مر* قال قدس سره والظاهر ان مراد العلامة الخ* فيه ان عبارته صريحة فى انه يكفى فى الالتزام فهم الخارج من لفظ المسمى والانتقال منه اليه سواء كان بسبب اللزوم الذهنى او بغيره من القرائن كما فى الاستعارة التهكمية والتمليحية واليه ذهب الفاضل التسترى ومثله باطلاق المطمئن من الارض وارادة البراز نعم يمكن تأويل كلام العلامة بذلك بان يحمل اللزوم الذهنى على اللزوم البين وغيره على اللزوم فى الجملة بسبب القرائن لكنه خلاف الظاهر فلذا قال الشارح رحمه الله والاظهر وانما كان ما ذكره اظهر لانه لا بد له من اللزوم فى الذهن فى الجملة لينتقل من مسمى اللفظ اليه ولانه موافق للمشهور من ان اللزوم البين شرط فى الدلالة الالتزامية عند المنطقيين وليس بشرط عند اهل العربية والاصول (قوله مثل هذا اللزوم) اى هذا اللزوم وما يؤدى مؤداه (قوله لخرج كثير من معانى المجازات) وهى ما عدا الجزء واللازم البين بالمعنى الاخص* قال قدس سره اعلم ان من فسر الخ* اى التحقيق فى هذا الاختلاف انه فرع الاختلاف فى تفسير الدلالة فمن اخذ فى تفسيرها متى اطلق الدالة على الكلية اشترط اللزوم الذهنى بمعنى امتناع الانفكاك فى التعقل ومن اخذ فى تفسيرها اذا اطلق الدالة على الجزئية لم يشترط ذلك اللزوم بل اللزوم فى الجملة* قال قدس سره بل الدال عليها عنده المجموع* والمجاز هو اللفظ بدون القرينة لانه المستعمل فى غير ما وضع له لا المجموع* قال قدس سره ومن قرائنها الخالية او المقالية* التى بلغ بسببها المعانى الالتزامية بمرتبة امتناع الانفكاك عن المسمى* قال قدس سره هذا هو المناسب لقواعد الاصول والعربية* لانهم يبحثون عن المجازات والكنايات التى فيها الانتقال بابعد وجه* قال قدس سره والاول انسب لقواعد المعقول* فان قواعده كلية وانما قال انسب لان مباحث الالفاظ خارجة عن المقاصد ذكرت لتوقف الافادة والاستفادة عليها فلا بأس بمخالفتها للقواعد فى الجزئية والكلية (قوله مما يتأتى فيه الوضوح والخفأ) اى بالطريق الذى قرروه وهو ما سيجئ من انه يجوز ان يكون

٤٢٦

للشئ لوازم متعددة بعضها اقرب من بعض بواسطة قلة الوسائط فيكون اوضح لزوما له فاندفع ما قيل ان مراد الشارح رحمه الله بقوله بل لم يكن دلالة الالتزام دلالة الالتزام الذهنى بلا واسطة فلا يرد اعتراض الذى اورده السيد بقوله فيه بحث لان لازم الخ على ان عدم تأتى الوضوح والخفأ فى الالتزام الذى بلا واسطة لا يضرنا لان المقصود انه يتأتى الوضوح والخفأ فى الدلالة الالتزامية لا فى الدلالة الالتزامية التى بلا واسطة* قال قدس سره لان لازم لازم الشئ* المراد به اللازم البين بالمعنى الاخص لان الكلام فيه حيث فسره الشارح رحمه الله بقوله ان لا ينفك تعقل المدلول الالتزامى عن تعقل المسمى* قال قدس سره وان كان لازما له* اى على تقدير فرض كونه لازما للشئ وانما قال ذلك لان المستلزم لتصور اللازم الثانى انما هو تصور اللازم الاول مخطرا واللازم من تصور المسمى هو تصور اللازم الاول تبعا فلا يكون تبعا فلا يكون اللازم الثانى لازما للشئ وفى ان الوصلية اشارة الى انه لو لم يكن لازم لازم الشئ لازما للشئ بل للازمه كان دلالة لفظ الشئ على لازمه اظهر من دلالته على لازم لازمه بطريق الاولى* قال قدس سره يتفاوت الدلالات* فيه انه ان اراد تفاوتها بوجود الواسطة وعدمها فمسلم لكن لا ينفع وان اراد تفاوتها فى الوضوح والخفأ فلا نسلم ذلك لان التفاوت فى الوضوح والخفأ بالسرعة والبطؤ وههنا فهم المسمى وفهم اللازم الاول وفهم اللازم الثانى فى زمان واحد نعم يتم ذلك لو كانت تلك الافهام والملاحظات مترتبة فى الزمان* قال قدس سره وايضا ينتقض هذا الحكم الخ* وذلك لان كل واحد من الجزء وجزء الجزء لازمان لفهم الكل بالمعنى الاخص مع انكم قلتم انها يتأتى فيها الوضوح والخفاء* قال قدس سره وله فيها كلام* اى فى تصوير الوضوح والخفاء فيها وهو قوله قلنا الامر كذلك لكن القوم الخ (قوله لان السامع ان كان الى آخره) وكذا بوضع الهيئه التركيبية فلا يرد انه يجوز ان يكون عالما بوضع الالفاظ ويكون الوضوح والخفاء فى الكلام بواسطة التعقيد اللفظى الحاصل من تقديم بعض المعمولات على الاخر لان ذلك الخفأ والوضوح بسبب عدم علم السامع بوضع الهيئة التركيبية على ان المقصود انه لا يتأتى بالدلالة الوضيعة مع بقاء فصاحة الكلام (قوله لتوقف الفهم على العلم بالوضع) فان قيل الموقوف على العلم بالوضع الفهم بالفعل والدلالة كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى عند العلم بالوضع فلا يلزم من نفى الفهم نفى الدلالة قلت المراد بالدلالة فى قوله لم يكن دالا عليه لم يكن المعنى

٤٢٧

مفهوما بالفعل كما اشار اليه الشارح رحمه الله تعالى بقوله وان لم يكن عالما بوضعها لها لم يفهم من المرادفات ذلك المعنى (قوله وعلى التقديرين) اى السلب الكلى والسلب الجزئى بصدق رفع الايجاب الكلى فلذا قال لا يكون كل واحد دالا وقوله ويحتمل ان يكون اى يحتمل عدم كون كل واحد منها دالا ويحتمل ان يكون بعضها دالا فهو معطوف على قوله لا يكون كل واحد بعد التقييد بقوله وعلى التقديرين اى على القيد والمقيد لا على المقيد اذ لا احتمال على شئ من التقديرين لتعيين السلب الكلى والجزئى والمقصود منه اثبات قوله دون ان يقول لم يكن واحد منها اى قولنا لا يكون كل واحد دالا يحتمل ان يكون بعضها دالا بخلاف قولنا لم يكن واحد منها دالا والاولى تركه لتمام المقصود بدونه (قوله فليتأمل) لعل هذا اشارة الى انه انما يتم على مذهب من يقول ان المسند اليه المسور بكل اذا اخر يفيد سلب العموم واما على مذهب الشيخ عبد القاهر من انه اذا اخر عن اداة النفى وما فى معناها يفيد النفى عن الكل مع بقاء اصل الفعل فلا يصح وذلك ظاهر (قوله وقريب منه) اى الجواب الاول بحسب التغاير بالاطلاق والتقييد والثانى بحسب التغاير بالزمان وكل منهما يستلزم الآخر (قوله على الحس) اى الخيال (قوله فيمكن تأدية ذلك المعنى الخ) لا يخفى ان اللازم من حيث انه لازم لا دلالة له على الملزوم وان دلالة الالتزام هو الانتقال من الملزوم الى اللازم دون العكس فلابد من اعتبار كون تلك اللوازم ملزومات فى الذهن وحينئذ يكون داخلا فى قوله وكذا اذا كان لشئ ملزومات فالاولى الاقتصار عليه والجواب بان المراد بالملزوم واللازم ههنا المتبوع والتابع فمع كونه خروجا عن السابق واللاحق لكون المراد فيهما المعنى المتعارف لا فائدة لهذا التفصيل فى هذا المقام وانما يفيد فى الفرق بين الكناية والمجاز (قوله هو ان يكون الخ) فانه الذى يتأتى فيه الوضوح والخفأ دون ما هو عند الميزانيين كما مر (قوله فلانه يجوز الخ) انما اعتبر المعنى الواحد جزأ من شئ وجزء الجزء من شئ آخر ليتأتى ايراد المعنى الواحد بطرق مختلفة الدلالة فى الوضوح (قوله ينبغى ان يكون الامر بالعكس) نقل عنه يعنى قد لزم من كلامه ان دلالة الشئ على جزئه اوضح من دلالته على جزء جزئه لوجود الواسطة مثلا اذا كان دلالة الحيوان على الجسم اوضح من دلالة الانسان عليه لزم ان يكون دلالة الانسان على الحيوان اوضح من دلالته على الجسم لان المساوى للاوضح اوضح لكن الامر بالعكس انتهى فمعنى قوله بالعكس بعكس ما هو مفهوم منه ويجوز ان يحمل على ظاهره وهو ان يكون دلالة الشئ على ما هو

٤٢٨

جزء من جزئه اوضح من دلالته على ما هو جزء منه لان فهم الجزء سابق على فهم الكل فيكون فهم جزء الجزء سابقا على فهم الجزء لكونه كلا بالنسبة الى جزء الجزء سواء كانا مفهومين من لفظ واحد او من لفظين (قوله الامر كذلك) لما تقرر ان الجزء سابق على الكل فى الوجودين والالبطل الجزئية (قوله لكن القوم الى آخره) يعنى ان تعليلهم التبعية بما ذكر يدل على ان المراد التبعية فى الوجود فيكون التضمن فهم الجزء المتأخر عن فهم الكل فصح ما ذكرنا من ان دلالة لفظ الكل على الجزء اوضح من دلالته على جزء الجزء المتأخر عن فهم الجزء والتبعية بالمعنى المذكور نقله شارح المطالع عن القوم وقال هذا هو المسطور فى كتب القوم الا انه اعترض عليه بان الامر فى التبع بالعكس وقال فى بيان اشتراط اللزوم الذهنى ان فهم المعنى بتوسط الوضع اما بسبب وضعه له او بسبب انتقال الذهن من المعنى الموضوع له اليه واعترض عليه بانه منتقض بالتضمن اذ المدلول التضمنى لم يوضع له اللفظ ولا ينتقل الذهن من الموضوع له اليه بل الامر بالعكس فعلم من كلامه ان القوم مصرحون بالتبعية بالمعنى المذكور ومعللون لها بما ذكره فكلام الشارح رحمه الله تعالى تام على ما ذكره القوم* قال قدس سره قد صرحوا الخ* التصريح المذكور يجوز ان يكون باعتبار الصلاحية كما ذكره الشارح رحمه الله تعالى فى شرح الرسالة الشمسية* قال قدس سره على ان المقصود الاصلى الخ* هذا المعنى تأويل للتبعية وصرف عن الظاهر ارتكبه من قال ان التضمن فهم الجزء فى ضمن الكل اما مغاير الفهم الكل بالذات او بالاعتبار كما ذهب اليه الشيخ ابن الحاجب لا انه حكم به القوم وقال الشارح رحمه الله فى شرح الشرح لما اتفق القوم على ان التضمن تبع للمطابقة وهذا يقتضى الاثنينية بل التأخير عن المطابقة مع القطع بان فهم الجزء سابق اجاب الشيخ بانه توسع حيث ذكروا التبعية وارادوا ان فهم الجزء ليس بمقصود اصلى وانما يلزم بواسطة انه لا يتصور فهم الكل بدون فهم الجزء* قال قدس سره وردوا الخ هذا الرد ليس من القوم وانما اورده شارح المطالع على ما ذكره القوم وهو مدفوع بان فهم الجزء مقدم على فهم الكل بلا شبهة اما فهمه من اللفظ فلا نسلم تقدمه على فهم الكل اذ فهم الكل سواء كان من اللفظ او لا محتاج الى فهم الجزء بنفسه لا الى فهمه من اللفظ اذ لو فرض عدم وضع اللفظ للكل او فهمه بدون اللفظ كان فهم الجزء سابقا عليه بل فهم الجزء من اللفظ متأخر عن فهم الكل من اللفظ يحصل بعد تحليل الكل الى الاجزاء وبما ذكرنا اندفع اعتراض اخر وهو انه لو كان التضمن

٤٢٩

فهم الجزء القصدى المتأخر عن فهم الكل يلزم عدم انحصار الدلالة اللفظية الوضعية فى الثلث لان فهم الجزء فى ضمن فهم الكل ليس شيئا منها لانا لا نسلم ان اللفظ دال عليه بل هو لازم لفهم الكل وضع له اللفظ او لا فلا دلالة للفظ عليه وان اجتمعت معه* قال قدس سره لقواعد القوم* المذكورة من الاستلزام وتفسير التبعية وتقدم الجزء على الكل فى الوجودين* قال قدس سره كما فى الالفاظ* المركبة فانها موضوعة باعتبار تفاصيل اجزائها ودلالتها ليست الا دلالة اجزائها من الالفاظ المفردة والهيئة التركيبية على معانيها بالمطابقة* قال قدس سره فى المركبات* اى فى المعانى المركبة* قال قدس سره وهى متقدمة على فهم الكل* تقدمها على فهم الكل مطلقا مسلم اذ لا يمكن تصور الكل بدون تصور الاجزاء سواء كان تصور الكل بالكنه او بالوجه واما تقدمها على فهم الكل من اللفظ فممنوع وما ذكره فى حاشية المطالع من انه ما لم يفهم الجزء من اللفظ او لا يمتنع فهم الكل منه لان حقيقة الدلالة تذكر المعنى عند اطلاق اللفظ لما سبق من انها موقوفة على العلم بالوضع وانحفاظ المعنى فى النفس فاذا اطلق اللفظ فلا شك ان تذكر المعنى المركب يتوقف على تذكر الجزء اولا ولا نعنى به تذكر الجزء مفصلا مخطرا بل تذكره اجمالا فى ضمن الكل فالعلم بتقدمه على تذكر الكل ضرورى انتهى غير مثبت لتقدم تذكر الجزء من اللفظ بل تذكر الجزء مطلقا كما لا يخفى على المتأمل كيف وتذكره من اللفظ موقوف على تذكر وضعه للكل فيكون بعد فهم الكل وهو الفهم التفصيلى نعم ان فهم الكل من اللفظ غير فهم كل جزء منه اجمالا كما اختاره الشيخ ابن الحاجب اما تقدمه عليه بالذات فهو موقوف على اثبات تغايرهما بالذات واحتياج فهم الكل من اللفظ الى فهم الجزء منه ودونهما خرط القتاد* قال قدس سره وبالجملة الاختلاف فى المدلولات التضمنية الخ* ولا يمكن حمل كلام الشارح رحمه الله تعالى على هذا التوجيه بان يقال معنى قوله ان التضمن هو فهم الجزء وملاحظته بعد فهم الكل اى فهم الجزء المراد وانما ترك التصريح بقيد الارادة لما تقرر عندهم ان ما ليس بمراد ليس بمدلول لان ترتبه على ما قبله بالفاء فى قوله فكانهم بنوا الخ آب عنه كل الاباء (قوله فكانهم بنوا الخ) اتى بلفظ كان لعدم تصريحهم بذلك لكنه يفهم مما ذكر ويؤيد ذلك ما فى المفتاح من ان اللفظة متى كانت موضوعة لمفهوم امكن ان تدل عليه بحكم الوضع ومتى كان لمفهومها تعلق بمفهوم آخر امكن ان تدل عليه بوساطة ذلك التعلق بحكم العقل سواء كان ذلك المفهوم الاخر داخلا فى مفهومها الاصلى

٤٣٠

او خارجا عنه ولا يجب فى ذلك التعلق ان يكون مما يثبته العقل بل ان كان مما يثبته اعتقاد المخاطب اما لعرف او لغير عرف امكن للمتكلم ان يطمع من مخاطبه ذلك فى صحة ان ينتقل ذهنه من المفهوم الاصلى الى الاخر بوساطة ذلك التعلق ثم فسر الدلالة العقلية بالانتقال من معنى الى معنى آخر بسبب علاقة بينهما كلزوم احدهما للآخر بوجه من الوجوه انتهى ولا خفأ فى دلالة كلامه على ان فى الدلالة العقلية انتقالين والثانى متأخر عن الاول (قوله ان الجنس ما لم يخطر الخ) الجمل الثلث معطوف بعضها على بعض وليس الواو فى شئ منها للحال لان الجزء مترتب على مجموع الجمل الثلث اى اذا لم يكن الجنس مخطرا اى ملتفتا اليه قصدا او يكون النوع مخطرا ولم تراع النسبة بينهما بكون احدهما جزأ للآخر امكن فى هذه الحالة ان لا يخطر الجنس فى الذهن (قوله لا محالة يكون معنى تركيبيا الخ) لان المطابقة لمقتضى الحال لا تمكن فى المعنى الافرادى* قال قدس سره فحينئذ يتصور اختلاف الخ* فيه ان اللازم من اختلاف الشرط قوة وضعفا اختلاف المطابقة قوة وضعفا وهو غير الوضوح والخفأ فى الدلالة فانهما سرعة الانتقال من اللفظ الى المعنى وبطؤه والقوة والضعف رجحان عدم جواز تخلف العلم بالمدلول وعدم رجحانه الا يرى انهم قالوا ان الدلالة العقلية اقوى من الوضعية وهى اوضح منها* قال قدس سره وما تقدم الخ* جواب سؤال مقدر وهو ان هذا الاعتراض مندفع بما مر من ان المراد بالاختلاف فى وضوح الدلالة ان يكون ذلك بالنظر الى نفس الدلالة اى يكون الانتقال من اللفظ الى المعنى سريعا او بطيئا كما فى الدلالة العقلية فان الانتقال الى اللازم اسرع من الانتقال الى لازم اللازم والانتقال الى الجزء اسرع منه الى جزء الجزء وفيما نحن فيه ليس كذلك فان قوة العلم بالوضع وضعفه يوجب سرعة حضور المغنى وبطئه لا سرعة الانتقال من اللفظ اليه فاتصاف الدلالة بالوضوح والخفأ فيه باعتبار سرعة حضور المعنى وبطئه لا بالنظر الى نفسها فانها قبل العلم بالوضع غير حاصلة وبعده حاصلة البتة من غير تفاوت فى ذاتها كما فى صورة الف النفس وقرب العهد وكثرة الورود على الخيال ليس بالتفاوت بالوضوح والخفأ فى نفس الانتقال من اللفظ الى المعنى بل باعتبار سرعة حضور المعنى وعدمها من جهة سرعة تذكر الوضع وبطئه وحاصل الجواب ان تقييد الاختلاف بما ذكر انما يجدى نفعا فى نفع المناقشة المذكورة لو كان فى التعريف اشعار به وليس كذلك بقى شئ وهو انه على تقرير السيد يكون هذه المناقشة هو السؤال المذكور سابقا بقوله

٤٣١

فان قيل لا نسلم الخ والتغاير بينهما باعتبار السند وانما لم يقل فحينئذ يتصور اختلاف فى المطابقة وضوحا وخفأ بالنظر الى نفس الدلالة بحسب اختلاف شرطه قوة وضعفا حتى يكون مناقشة اخرى بعد تقييد الاختلاف بما ذكر لانه خلاف الواقع اذ لا اختلاف فى الصورة المذكورة بالنظر الى نفس الدلالة كما عرفت فتدبر فانه قد زل فيه الاقدام* قال قدس سره وربما يقال الخ* اى فى الجواب عن المناقشة بتغيير الدليل* قال قدس سره بحسب الاختلاف الخ* سواء كان الاختلاف المذكور ناشئا من تفاوت مراتب العلم بالوضع او من الف النفس او قرب العهد او كثرة الورود على الخيال او غير ذلك* قال قدس سره وذلك امر الخ* اى الاختلاف المذكور لا ينضبط عند المتكلم حتى يراعى فى الكلام مراتبه المختلفة بخلاف الدلالة العقلية فان الاختلاف فيها وضوحا وخفأ باعتبار اختلاف اللزوم فى كونه بينا وغير بين وبواسطة وبلا واسطة فانه امر مضبط للمتكلم فيمكن الاطلاع على مراتب علم المخاطب بذلك فيمكن ايراد المعنى الواحد بالدلالات العقلية مراعيا لمراتب الوضوح والخفأ* قال قدس سره يمكنه رعاية اختلاف الخ* لكن هذا الاختلاف فى المطابقة بالنظر الى المراد لا بالنظر الى الدلالة فان جميع المعانى متساوية فى دلالة اللفظ المشترك عليها بعد العلم بالوضع* قال قدس سره وايضا لو سلم الخ* اجاب عنه فى شرحه للمفتاح بان التراكيب التى يدل بها على معانيها الوضعية فقط بمنزلة الاصوات للحيوانات فلا اعتداد بالوضعية لا وحدها ولا مع غيرها* قال قدس سره واما ثانيا فلان الوضوح الخ* اى ما ذكرت سابقا من بيان الوضوح والخفأ فى الدلالة التضمنية مبنى على ان التضمن فهم الجزء مخطرا بالبال بعد فهم الكل وان التبعية معناها التبعية فى الوجود وليس كذلك فان التضمن فهم الجزء اجمالا فى ضمن الكل فالجزء وجزء الجزء متساوية فى ذلك لوجوب تصور جميع الاجزاء اجمالا لتصور الكل ومعنى التبعية التبعية فى الحصول من اللفظ اى المقصود الاصلى من وضع اللفظ هى الدلالة المطابقية والتضمنية حاصلة بتبعيتها* قال قدس سره ولا بد منه الخ* بهذه الزيادة صار هذا البحث مغايرا لما ذكره سابقا بقوله قلت تقييد المعنى بما ذكره مما لا يدل عليه اللفظ* قال قدس سره وذلك الخ* اى لا بد من الاشعار به لان الالفاظ الخ* قال قدس سره ليصح الكلام* اى ما قالوا من ان علم البيان شعبة من علم المعانى وانه باحث على وجه كلى عن كيفية افادة التراكيب بخواصها التى يبحث عنها فى علم المعانى (قوله ثم اللفظ الخ) كلمة ثم للانتقال من كلام الى كلام

٤٣٢

فان ما سبق كان فى تعريف العلم وما يتعلق به وهذا فى بيان ما يبحث عنه فيه وكذا كلمة ثم الثانى فانه لبيان التشبيه الذى هو ليس اصلا برأسه (قوله المراد به الخ) فيه اشارة الى انه لا بد فيهما من قرينة لتعيين المراد والفرق بينهما باعتبار القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له فى المجاز دون الكناية (قوله ثم ظاهر هذا الكلام الخ) لان الظاهر كون القسم اخص مطلقا من المقسم ولا يجوز كونه اعم منه (قوله لا يصح ظاهرا ويصح تأويلا) فانه لا بد فى جميع اقسامه من العلاقة المصححة للانتقال وهو المراد باللزوم ههنا وفى بيان انواع العلاقة ما هو قسم منه كما سيجئ (قوله ليس بعلة) اى تامة او فاعلية (قوله فذكر المشبه به) واريد المشبه فصار استعارة اى مصرحة كما هو مقتضى ظاهر العبارة وتخصيص الاستعارة المصرحة مع ابتناء الاستعارة بالكناية والتخييلية على التشبيه ايضا لكثرتها ولك ان تحمل كلامه على انه ذكر المشبه به صريحا او كناية واريد المشبه من حيث انه فرد من افراد المشبه به فيشتمل القسمين (قوله فانحصر المقصود الخ) لما كان ضمير انحصر راجعا الى علم البيان المحمول على الفن من الكتاب وكان الفن مشتملا على امور سوى تلك الثلثة من تعريف العلم وما يبحث عنه فيه وضبط ابوابه الى غير ذلك قال فانحصر المقصود من علم البيان فى التشبيه والمجاز والكناية وبما ذكرنا ظهر ضعف ما قيل انه لو اريد بالمقصود اعم من ان يكون اصالة او تبعا كالتشبيه لم يحتج الى التكلف فى كونه مقصودا* قال قدس سره وفيه من النكت الخ* كما ستطلع عليه فى مباحثه* قال قدس سره وله مراتب الخ* اى باعتبار ذكر اركانه وحذفها* قال قدس سره مع ان دلالته مطابقة* اى دلالته من حيث انه تشببه وانما قلنا ذلك لانه يجوز ان يكون تشبيه شئ باخر كناية عن معنى ثالث يستتبع التشبيه المذكور كذا افاده فى شرحه للمفتاح وحواشيه* قال قدس سره قال بعض الافاضل* وهو مولانا كمال الدين ابراهيم البحرانى تأييد لما ذكره من كون التشبيه اصلا برأسه وما هو لازم للمعنى الوضعى وان اللفظ فيه مستعمل فى المعنى الوضعى لينتقل منه الى لازمه المقصود بالذات بالاثبات والنفى لا ان المقصود الاصلى فيه هو المعانى الوضعية فقط على ما قيل وهذا هو المذكور فى شرحه للمفتاح فما قيل ان قوله والحق الخ بيان للحق على مختار الشارح رحمه الله وما نقله من الفائدة بيان لما اختاره فلا مخالفة بين كلاميه فى كتابيه وهم لان سوق كلامه قدس سره لبيان ان ما ذكره السكاكى رحمه الله من كون مباحث التشبيه مقدمة ليس بحق والحق انه اصل برأسه وتأييد لما ذكره بعض الافاضل* قال قدس سره كنسبة الكناية

٤٣٣

الخ* فى جواز ارادة المعنى الاصل فى كل منهما* قال قدس سره من الجهة الاخرى الخ* وهى كونه بمنزلة المفرد من المركب (قوله هذا بحث الخ) بيان للحاصل والتشبيه اما مبتدأ محذوف الخبر او عكسه او موقوف الاخر على سبيل التعداد والتشبيه مطلقا مبنى الاستعارة مطلقا وكون وجه الشبه اقوى شرط فى الاستعارة المصرحة فقط قال العلامة فى شرح المفتاح فى مبحث تعريف الاستعارة ان الاستعارة اما ان تعتمد على نفس التشبيه واما ان تعتمد على لوازمه اما الاول فبان يشترك شيئان فى وصف وفى احدهما اقوى من الاخر فيعطى الناقص اسم الزائد مبالغة فى تحقق ذلك الوصف له كما تقول فى الحمام اسد وانت تريد الشجاع واما الثانى فبان يشترك شيئان فى وصف وانما يثبت كما له فى المشبه به بواسطة شئ آخر فيثبت ذلك الشئ فى المستعار مبالغة فى اثبات الاشتراك كما تقول انشبت المنية اظفارها وانت تريد بالمنية السبع بادعاء السبعية لها وانكار ان تكون شيئا غير سبع فيثبت لها ما يختص المشبه به وهو الاظفار وبما ذكرنا ظهر لك ان ما قيل ان مبنى الاستعارة انما هو التشبيه الذى فيه وجه الشبه اقوى والمبحوث عنه اعم فاسد وما اجيب عنه من ان ذكر ما عدا التشبيه الذى فيه وجه الشبه اقوى متطفل وان ابتناء الاستعارة على التشبيه الاصطلاحى لا يقتضى ابتناءها على كل فرد منه مع كونه تكلفا بناء الفاسد على الفاسد (قوله ولما كان هو اخص الى آخره) لا وجه ابراز الضمير الا ان يقال انه تأكيد للمستتر ثم لا يخفى ان كون التشبيه الاصطلاحى من مقاصد علم البيان الباحث عن احوال اللفظ العربى من حيث وضوح الدلالة يقتضى ان يكون عبارة عن اشتراك شيئين فى المعنى الذى هو مدلول الكلام او الكلام الدال عليه كما يدل عليه (قوله وهو الاستعارة التى كان اصلها التشبيه الى آخره) والتشبيه اللغوى عبارة عن فعل المتكلم فبينهما مباينة لكن المصنف رحمه الله تعالى لما فسر التشبيه الاصطلاحى ايضا بفعل المتكلم حيث جعل جنسه التشبيه اللغوى كان اخص منه فمعنى كونه من مقاصد علم البيان ان البحث عما يتعلق به من الطرفين ووجه التشبيه واداته والغرض منه من مقاصده ومعنى قوله اصلها التشبيه انها فرعه يترتب عليه لا انها مسبوكة منه ولذا قال فذكر المشبه به واريد به المشبه دون فحذف المشبه واريد منه المشبه به وضمير فصار راجع الى الكلام دون التشبيه او الى التشبيه بمعنى الكلام الدال عليه على سبيل الاستخدام وانما فسره بفعل المتكلم لانه المعنى الحقيقى له عندهم كما يدل على ذلك ما سيجئ من قوله لانه كثير اما يطلق على الكلام الدال على المشاركة لانه بهذا المعنى كثير الاستعمال

٤٣٤

فى كلامهم ويشتقون منه المشبه لفاعله والمشبه والمشبه به للطرفين ويقولون وجه الشبه والغرض منه واداته ولا يصح شئ من ذلك اذا اريد به الكلام الدال ولعل السكاكى رحمه الله تعالى لاجل هذا جعله مقدمة الاستعارة دون المقصد الاصلى لعدم رجوعه الى موضوع العلم ولما كان فيه من النكت واللطائف ما يوجب للكلام حسنا وبلاغة لا تدرك غايته جعل البحث عما يتعلق به من المقاصد (قوله اشار اولا الخ) ليكون الفائدة اتم بالعلم بالمنقول عنه والمناسبة بينهما وليس مراده ان معرفته موقوفة على معرفة المطلق فلذا ذكر تفسير التشبيه اللغوى اولا حتى (٩) لا يحتاج الى اثبات ان المطلق ذاتى للخاص وان المقصود معرفة الخاص بالكنه (قوله او غير ذلك الخ) اى التشبيه الضمنى كما فى بعض صور التجريد وكما فى قوله* وان تفق الانام وانت منهم* فان المسك بعض دم الغزالى* كما سيجئ (قوله فاللام الخ) اشارة الى التشبيه المذكور سابقا بقوله ثم من المجاز ما يبتنى على التشبيه (قوله فليس على اطلاقه) بل مقيد بما اذا لم يكن فى المقام ما يدل على التغاير فالاصل ومقتضى الظاهر الاتحاد واذا دل القرينة على خلاف مقتضى الظاهر يكونان متغايرين واورد له امثلة كثيرة فى التلويح (قوله هو مصدر قولك الخ) اى من الدلالة التى هى صفة المتكلم لا من الدلالة التى هى صفة اللفظ فانه لا يصح حملها على التشبيه لكونه فعل المتكلم وليس المراد انه من الدلالة المتعدية دون اللازمة كما سبق الى الوهم لان الدلالة لم يجئ لازما فما هو صفة اللفظ ايضا متعد الا ان مفعوله محذوف لعدم الاحتياج اليه اى الدلالة اللفظ السامع (قوله ان يدل) اى المراد من الدلالة المعنى المصدرى لا الحاصل بالمصدر فانه لا يصح حمله على التشبيه واعلم ان التشبيه فى اللغة جعل الشئ شبيها بآخر والجعل المذكور ليس الا باعتبار التكلم بما يدل على المشاركة فلذا فسره بالدلالة وضمير يدل للمتكلم المدلول عليه بالتاء فى دلت (قوله على مشاركة) اى اشتراك كما وقع فى شرح العلامة فالمفاعلة بمعنى الفعل كسافرت وواعدت بمعنى سفرت ووعدت (قوله فى معنى) اى وصف احتراز عن المشاركة فى عين نحو شرك زيد عمرا فى الدار فانه لا يسمى تشبيها (قوله وظاهر الخ) انما قال ذلك لانه لو اريد بالكاف ونحوه اندفع النقض لكنه خلاف الظاهر ولم يقل ههنا فلا بد من زيادة الكاف ونحوه لان التفسير بالاعم شائع عند اهل العربية (قوله لنحو الخ) اى للدلالة على الاشتراك المستفاد منهما فان فيهما دلالة على شركة زيد وعمرو فى القتل وشركتهما فى المجئ وليس شئ منهما تشبيها وان قصد بهما معنى الاشتراك لان التشبيه ليس مجرد الاشتراك

__________________

(٩) حتى يحتاج آه نسخه

٤٣٥

فى وصف بل لا بد فيه من ادعائه مماثلة احد الامرين لآخر فى وصف ومساواته اياه فى القاموس شبهه مثله وفى التاج التشبيه مانند كردن ولذا نفاه الشاعر فى قوله* مانت مادحها يا من تشبهما* بالشمس والبدر لا بل انت هاجيها* من اين للشمس خال فوق وجنتها* الخ وبما حررنا اندفع اعتراض السيد بانه اذا قصد من نحو جاءنى زيد وعمرو وقاتل زيد عمرا الدلالة على المشاركة لم يضر اندراجه فى التشبيه* قال قدس سره يدل صريحا على ثبوت المجئ لكل واحد منهما* فيه ان الواو للجمع المطلق فيدل على ثبوت المجئ لهما لا على ثبوته لكل منهما مع قطع النظر عن الآخر* قال قدس سره بناء على ما ذكره من معنى الدلالة* فانه اعتبر فيه النسبة الى المتكلم ونسبة الفعل الاختيارى الى الفاعل المختار يدل على صدوره منه قصدا بخلاف الدلالة التى هى صفة اللفظ فما قيل انه يستفاد من كلامه اعتبار القصد فى الدلالة وهم* قال قدس سره فيكون تشبيها لغة* قد عرفت انه ليس عبارة عن مجرد الاشتراك بل لا بد من ادعاء المماثلة ايضا* قال قدس سره فان محصول الكلامين وان كان واحدا* فيه ان معنى تقاتل زيد وعمر وكون كل منهما فاعلا للقتل ومفعولا له ومعنى تشارك زيد وعمرو كون كل منهما فاعلا للشركة ومفعولا له وهذا المعنى يقتضى ان يكون شخص ثالث ايضا فاعلا ومفعولا لقتلهما حتى يكونان فاعلين للشركة* قال قدس سره واعلم ان الدلالة على المشاركة الخ* فيه ان مدلول الجوهر ثبوت الشركة لاحدهما متعلقة بالاخر ويلزمه ثبوت الشركة للاخر ضمنا وليس مدلوله ومدلول الهيئة ثبوت الشركة لكل منهما متعلقة بالاخر فلا يكون المفهوم من شارك زيد عمرا المشاركتين (قوله وانما قال الخ) اى اكتفى بذكرهما ولم يقل ولا على وجه الاستعارة التخييلية (قوله عند المصنف) لانها عنده اثبات لوازم المشبه به للمشبه بعد ادعاء كونه عينه فلا تشبيه الا فى الاستعارة بالكناية (قوله او فى حكم الخبر) فى افادة الاتحاد وتناسى التشبيه من الحال والمفعول الثانى من باب علمت والصفة والمضاف كلجين الماء وكونه مبينا له كقوله تعالى (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (قوله لو لا دلالة الحال او فحوى الكلام) اى لو لا القرينة الحالية او المقالية المعينة لارادة المنقول اليه فانه اذا انتفى القرينة المعينة انتفى اثره اعنى تعيين ارادة المنقول اليه وامتناع ارادة المنقول عنه فجاز ارادة كل منهما بالنظر الى انتفاء المانع اعنى وجود القرينة المعينة وان كان بالنظر الى وجود المقتضى اعنى كون المنقول عنه موضوعا له متعينا ارادته فاندفع

٤٣٦

انه اذا انتفى القرينة المعينة تعين ارادة المنقول عنه وامتنع ارادة المنقول اليه فلا يصح كونه صالحا لهما عند انتفاء القرينة وقال الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف ان صحة ارادة المنقول اليه تبتنى على دخول المشبه فى جنس المشبه به حتى كانه من افراده يصلح له كما يصلح لافراده الحقيقية واشتراط نفى القرينة انما هو لصحة ارادة المعنى الحقيقى يعنى ان قوله لو لا دلالة الخ متعلق بارادة المنقول عنه لا المنقول اليه وهو مع كونه بعيدا من حيث اللفظ يرد عليه ان نفى القرينة شرط لارادة المعنى الحقيقى لا لصحة ارادته فان صحة ارادته تبتنى على كونه موضوعا له وقد يجاب بان عدم القرينة يوجب عدم الارادة لا عدم احتمال الارادة وصلاحيتها اذ قد تقرر ان كل حقيقة يحتمل المجاز وان كان احتمالا مرجوحا غير ناش عن دليل وفيه ان المقصود ههنا صلاحية الكلام لارادتهما لا احتماله لهما عند العقل وهو معنى قولهم ان كل حقيقة يحتمل المجاز ولذا قالوا انه احتمال غير ناش عن دليل (قوله واطلاق الاركان الخ) مع خروجها عن التشبيه المصطلح الذى هو الدلالة (قوله ان التشبيه كثيرا الخ) ففى قوله اركانه استخدام (قوله ولان ذكر احد الطرفين واجب) اى فى الكلام الدال على المشاركة فلا يرد انه يقال نعم فى جواب هل زيد يشبه الاسد فقد حذف الطرفان (قوله والريق والخمر فى المذوقات) على زعم المولعين بشربها كذا فى شرح المفتاح الشريفى وفيه دفع لما يقال من ان طعم الخمر مكروه فليس لها لذة طعم وفيه انه انما يحتاج الى هذه العناية لو كان وجه الشبه بينهما الطعم وليس كذلك بل وجه الشبه كون كل منهما موجبا للنشاط والفرح وان كان الطرفان من المذوقات قال حسان فى نعت النبى صلّى الله عليه وسلّم* كان خبيئة من بيت رأس* يكون مزاجها عسل وماء* على انيابها او طعم غض* من التفاح هصره اجتناء (قوله ووجه الشبه الخ) تعرض لبيانه لكونه خفيا مع الاشارة الى ان المراد بالعلم المكة لا الادراك (قوله عما من شانه الحيوة) وهو الموافق لقوله تعالى (كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) ولما تقرر عند اهل السنة ان البنية ليس بشرط للحيوة فالجزء الذى لا يتجزى ايضا قابل للحيوة عندهم وكونه متعارفا فى زوال الحيوة لا يقتضى ان يكون ذلك معناه الحقيقى فانه قد يغلب استعمال الكلى فى فرد كالوجود فى الوجود الخارجى قال الشارح رحمه الله فى شرح المقاصد معنى من شانه من امره وصفته الحيوة بالفعل فمرجع التعريفين الى معنى واحد وحينئذ اطلاقه على ما لا حيوة فيه مجاز (قوله كيفية نفسانية) الظاهر ملكة تصدر عنها اى بسببها عن النفس الناطقة الافعال اى الاختيارية (قوله بسهولة) احتراز عن القدرة فان نسبتها الى الضدين على السواء

٤٣٧

وتفصيله فى الحكمة والكلام (قوله وقيل الخ) ما مر جواز تشبيه المحسوس بالمعقول مطلقا وعند هذا القائل عدم الجواز مطلقا الا ما جاء فى الشعر بحمله على تنزيل المعقول منزلة المحسوس (قوله واذا كان المحسوس اصلا للمعقول الخ) فكان المحسوس اى محسوس اوضح من المعقول اى معقول فتشبيه المحسوس بالمعقول يكون جعلا لما هو فرع فى الوضوح اصلا فى الوضوح والاصل فى الوضوح فرعا وهو غير جائز فاندفع ما قيل ان المشبه به يجب ان يكون اصلا فى وجه الشبه فقط فيمكن ان يكون المعقول اصلا من وجه فرعا من وجه ولا خلاف فيه لاختلاف جهتى الاصالة والفرعية (قوله فى وصف الشمس بالظهور) بخلاف ما لو حاول محاول المبالغة فى وصف الحجة بالظهور وقال الشمس كالحجة بان يكون التشبيه مقلوبا كان جيدا من القول (قوله مثل (٧) الخيالات) اى المركبات الخيالية لا الصور المدركة بالخيال فانها داخلة فى الحسيات والوهميات اى المعانى الجزئية المتعلقة بالمحسوسات المدركة بالوهم والوجدانيات اى ما ندركه بنفوسنا مثل الجوع والعطش والغم والفرح (قوله او مادته) اى اجزاؤه التى يتركب منها (قوله الخيالى) سمى بذلك لكونه مركبا من الصور المجتمعة فى الخيال (قوله كل واحد منها) مما يدرك بالحس فلو ادرك بعضها بالحس دون بعض لم يكن خياليا بل وهميا كانياب الاغوال فان الناب يدرك بالحس دون الغول (قوله من باب جرد قطيفة) والاصل شفيق محمر وصفه بالاحمرار مع كونه احمر للمبالغة فى احمراره ولانه قد يكون غير محمر (قوله اراد به شقائق النعمان) ورده الى المفرد المقيد لضرورة الشعر والا فالشقائق يطلق للواحد والجمع (قوله الذى لا يكون الخ) بل هو من مخترعات المتخيلة ويرتسم فيها من غير وجود له فى الخارج واما الوهمى بمعنى ما يكون مدركا بالوهم من المعانى الجزئية المتعلقة بالمحسوسات كصدافة زيد وعداوته فلا كلام فى كونه عقليا بهذا المعنى كذا فى شرحه للمفتاح (قوله لكونه غير منتزع منه) لعدم كونه حاصلا من اجتماع امور محسوسة بخلاف الخيالى فانه وان كان من مخترعات المتخيلة لكنه منتزع من الحس لكونه مجتمعا من امور كل واحد منها محسوس ولاجل هذه المناسبة ادخله فى الحسى دون الوهمى (قوله ولهذا قال الخ) اى لكون معناه ما ذكر لا المعنى المتعارف قال غير مدرك بها ولم يقل ما يكون مدركا بالوهم (قوله ولكنه بحيث لو ادرك الخ) يعنى لو وجد وادرك لم يكن ادراكه الا بالحواس لكونه من قبيل الصور لا المعانى لان الكلام فى صورة شبيهة بالمخلب والناب (قوله يتميز عن العقلى) اى العقلى الصرف (قوله

__________________

(٧) الخياليات نسخة

٤٣٨

والحال ان مضاجعى الخ) اشارة الى ان الجملة حال وان المضاجعة كناية عن الملازمة وان فى البيت قلبا لان المقصود الاصلى ايقتلنى والحال ان معى ما يمنعك عن قتلى دون ما يمنعك عن قتلى معى (قوله ومما يجب التنبيه له الخ) لما حمل الخيالى والوهمى على غير المتعارف بين وجه عدم الحمل على ذلك ووجه الحمل على غير المتعارف (قوله الصور المرتسمة فى الخيال) لانها داخلة فى الحسى ولا حاجة فى دخوله الى قيد او مادته (قوله ولا بالوهميات الخ) لدخولها فى العقلى المفسر بما ذكر كما عرفت من غير حاجة الى تفسيرها بقوله اى غير مدرك بها لكنه لو ادرك لكان مدركا بها (قوله لان الاعلام الخ) يعنى ان المثالين اللذين ذكرهما لا يصدق عليهما الخيالى والوهمى بالمعنيين المذكورين فما ذكره الشارح رحمه الله وجه انى لعدم ارادة المعنى المتعارف لهما وما ذكرنا وجه لمى والاولى التعرض لهما وفى الكلام لف ونشر على الترتيب (قوله ورؤس الشياطين) فى قوله تعالى (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) والتشبيه تخييلى على ما فى الكشاف لان رؤس الشياطين وان كانت متحققة فى الخارج محسوسة فى بعض الاوقات للانبياء والاولياء عليهم السّلام لكنها على الوجه الذى قصد التشبيه بها وهى كونها اقبح الاعضاء واخبثها لمن هو اقبح الموجودات (٦) واخسرها كما تقرر فى الاوهام ليست بموجودة فى الخارج (قوله كصداقة زيد وعداوة عمرو) فان لهما تحققا رابطيا (قوله بل النفس هى التى تستعملها) هكذا فى شرحه للمفتاح والظاهر بل النفس تستعملها اذ لا تظهر فائدة ايراد ضمير الفصل والموصول (قوله ما يدرك بالقوى الباطنة) يعنى انه ليس المراد بما يدرك بالوجدانيات مطلقا بل ما يدرك بالقوى الباطنة فان ما ندركه بنفوسنا داخل فى العقلى من غير حاجة الى تفسيرها بالمعنى المذكور واختلفوا فى ان تلك القوة هى الواهمة او قوة اخرى قال الامام الرازى كلا القولين محتمل فان كانت هى الواهمة فالفرق بينها وبين الوهميات بالمعنى المشهور ان الوجدانيات يكون ادراكها بحصول انفسها والوهميات يكون ادراكها بحصول صورها كذا حققه بعض الفضلاء فى حواشيه على شرح مختصر الاصول فتدبر فانه قد خفى على بعض الناظرين فاعترض له شكوك لعدم العلم بسريرة المقال (قوله ان اللذة ادراك ونيل) النيل الاصابة والوجدان والواو بمعنى مع اى ادراك يجامع نيل المدرك فالادراك جنس يشمل جميع الادراكات وقوله يجامع النيل يميزها عما لا يجامع النيل اعنى الادراك بالشبح فان الادراك الذى يكون بالشبح ليس بلذة بل بخيالها فلا يرد ما قيل ان هذا التعريف يقتضى ان لا يكون اللذة

__________________

(٦) واحبثها نسخة

٤٣٩

والا لم من قبيل الادراك لان المركب من الشئ وغيره لا يكون ذلك الشئ بل لا يكون اللذة ماهية واحدة وحدة حقيقية وعند المدرك متعلق بكمال وخير اى يكون كماليته وخيريته عند المدرك بان يكون معتقدا لكماليته وخيريته قيد بذلك لانه لو لم يعتقده لا يلتذ به ولو اعتقده ولا يكون كمالا وخيرا فى نفس الامر يلتذ به والكمال ما يخرج به الشئ من القوة الى الفعل وهو من حيث انه يقتضى براء من القوة لذلك الشئ يسمى كمالا وباعتبار كونه مؤثرا عنده خيرا وانما ذكرهما التعلق اللذة بهما واخر الخبر لانه يفيد تخصيصا للكمال وقيد بالحيثية لان الشئ قد يكون كمالا وخيرا من وجه دون وجه والالتذاذ بالوجه الذى هو كمال وخير (قوله وكل منهما حسى وعقلى) فان ذلك الكمال اما من المحسوسات او المعقولات وفى الشفاء اللذة ليست الا ادراك الملائم من جهة ما هو ملائم فالحسية احساس الملائم والعقلية تعقل الملائم (قوله فكاد راك القوة الغضبية الخ) اى ادراك النفس بتوسط القوة الغضبية التى شانها دفع المنافر وبتوسط القوة الشهوية التى شانها جذب الملائم ما هو خير عندها وهو الغلبة فى القوة الغضبية وجذب الملائم فى القوة الشهوية فى الاشارات كمال القوة الشهوية مثلا ان يتكيف العضو الذائق بكيفية الحلاوة وكذلك المشموم والملموس ونحوهما وكمال القوة الغضبية ان يتكيف النفس بكيفة غلبته فقوله كتكيف الذائقة بالحلو مثال لما هو خير عند القوة الشهوية وادراكها لذة حشية وكذا الحال فى البواقى (قوله والمتوهمة بصورة الخ) اى وكتكيف الواهمة بصورة شئ مرجو حصوله لقوة الاسباب الآخذة فى حصوله كوصال المحبوب فتكيف الواهمة بصورة الوصال الذى هو معنى جزئى متعلق بالمحسوس كمال للواهمة وادراكه لذة حسية وهمية (قوله فهذه مستندة الى الحس) اى حاصلة يتوسط الحس الظاهر او الباطن فى شرح الاشارات ما حاصله ان الكمالات التى يتعلق بها اللذة منها ما يتعلق بالقوة الشهوية اعنى الحواس الظاهرة والباطنة ومنها ما يتعلق بالقوة الغضبية ومنها ما يتعلق بالقوة العاقلة (قوله وهو ادراكاتها المجردات اليقينية) بالرفع صفة ادراكها اى ادراكاتها للمجردات اى الواجب تعالى والعقول المصادرة عنه الواقعة فى ترتيب الوجود على وجود يطابق الواقع من غير شبهة وخص المجردات وان كان ادراكاتها للمقولات مطلقا وادراكاتها للمكات الفاضلة كمالاتها لان اجل الكمالات ادراكاتها للمجردات على ما تقرر فى موضعة فما ذكر تصوير للذة العقلية فى اجل افرادها وليس المقصود الحصر كما وهم فهذا حل كلام الشارح رحمه الله تعالى وبما حررنا

٤٤٠