حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

بان الاهتمام يجرى مجرى الاصل ولا بد من بيان وجه الاهتمام وانما كان جاريا مجرى الاصل لان الاصل قاعدة كلية يستخرج منها احكام الجزئيات والاهتمام ليس كذلك لكنه مشارك له فى الاشتمال على الجزئيات (قوله وفيه نظر) اى فى قوله الاخير نظر لانا لا نسلم ان القول بان التقديم لرعاية الفاصلة او القافية خطأ على ما ذكرنا فيما سبق من الامثلة والآيات كذا نقل عنه ولا يخفى ان معنى قوله وغير مقيد فى آخر ان لا يكون مفيدا لفائدة اصلا فى كلام آخر بان يقال ان التقديم لمجرد التوسعة فى رعاية القوافى والاسجاع لا يتعلق بخصوصه فى كلام فائدة وفرق بين ان يقال التقديم للتوسعة وان يقال انه لرعاية القافية فتدبر (قوله فانه قدم فيه الفعل الخ) كلامه يدل على انه ايراد على قوله ويفيد التقديم وراء التخصيص اهتماما ويرد عليه ان كون كلام الله تعالى احق برعاية ما يجب رعايته مسلم لكن اذا ثبت ان الاختصاص مع الاهتمام واجب الرعاية فى اقرأ باسم ربك وهو ممنوع فالوجه ان يورد على قوله ولهذا يقدر المحذوف مؤخرا كما قرره فى شرح المفتاح حيث قال واذا كان الواجب تقدير الفعل مؤخرا فما بال قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) قدم الفعل فيه والحال ان كلام الله تعالى احق برعاية ما يجب رعايته (قوله لانها اول سورة نزلت) الى قوله تعالى ما لم يعلم على ما صرح به فى اول سورة المدثر رواية عن الزهرى وهو الاصح* (قال قدس سره يعنى من الامر باختصاص القراءة الخ) الصواب من باسم ربك لان الكلام فى تقديمه وتأخيره عن الفعل قال فى الكشاف فان قلت لم قدرت المحذوف متأخرا قلت لان الاهم من الفعل والمتعلق به هو المتعلق به ثم قال فان قلت فقد قال الله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) فقدم الفعل قلت هناك تقديم الفعل اوقع لانها اول سورة نزلت فكان الامر بالقراءة اهم انتهى ولا ضير فى ان تكون القراءة بمعونة المقام اهم من ذكر اسم الله الذى هو اهم فى نفسه* قال قدس سره وكما يمكن قطع النظر الخ* قطع النظر عن التعلق الاول موجه لان النسبة الى المفعول به بلا واسطة مأخوذة فى مفهوم الفعل المتعدى بخلاف المفعول به بالواسطة فان النسبة اليه ليست داخلة فى مفهومه فلا معنى لقطع النظر عن تعلقه اللهم الا ان يراد به عدم ذكره* قال قدس سره بل هو فيهما ظاهر مكشوف الخ* هذا ممنوع على توجيه الشارح رحمه الله تعالى لا بد له من بيان* قال قدس سره فقوله افعل القراءة الخ* التعبير عن عدم ذكر المتعلق بحرف الجر بنفس ايجاد الفعل بعيد غاية البعد* قال قدس سره يدل على ذلك الخ* هذه الدلالة انما تتم لو لم تكن الباء فيه زائدة كما فى اقرأ باسم ربك فهو استدلال بالشئ على نفسه* قال قدس سره استقام الكلام الخ*

٣٢١

لا استقامة له لان ما ذكره مع اشتماله على صرف العبارة عن ظاهرها فى مواضع يستلزم استدراك قوله ان يحمل اقرأ الى قوله غير معدى اذ يكفى ان يقال فالوجه عندى ان اقرأ الاول غير معدى الى مقروبة فان باسم ربك مفعول اقرأ الثانى* قال قدس سره من غير ابتناء الخ* كونه نادرا غير مسلم فانه سوى بين التوجيهين فى الكواشى وقال الباء دخلت لتدل على الملازمة والتكرير كاخذت الخطام واخذت بالخطام او دخلت لتدل على البداية باسمه تعالى ومحلها حال اى اقرأ متلبسا باسم ربك وفى الرضى فى بحث المتعدى وغير المتعدى وان كان تعديته بحرف الجر قليلا فهو متعد والحرف زائد كما فى يقرأن بالسور وهكذا فى مغنى اللبيب فى بحث زيادة الباء (قوله والاحسن الخ) لا يخفى ان هذا التوجيه سواء قيل بالتنزيل او بحذف المفعول يستلزم طلب القراءة بدون المقرو وذا محال فاما ان يقال بوقوع التكليف بالمحال كما هو مذهب الاشعرية او بتأخر البيان الى وقت الحاجة لكن الظاهر انه طلب للقراءة فى الحال بدليل جوابه صلّى الله تعالى عليه وسلم بقوله ما انا بقارئ ثلاث مرات فالوجه ما قاله صاحب المفتاح (قوله والباء للاستعانة الخ) وينعلق باقرأ الثانى اذ لو تعلق باقرأ الاول كان الايراد باقيا على حاله ويحتاج الى جواب الكشاف واعترض عليه السيد فى شرحه للمفتاح بان التخصيص موقوف على العلم باصل القراءة وليس كذلك لانها اول ما نزلت وايضا المخاطب هو النبى صلّى الله عليه وسلّم ولا يتصور منه تجويز القراءة بغير اسمه تعالى حتى يقصد بالتقديم احد وجوه القصر والجواب ما افاده الشارح رحمه الله بقوله ان المشركين كانوا يبدؤن الخ يعنى ان تقديم اسم الله تعالى للاهتمام والرد عليهم لا لرد اعتقاد المخاطب ثم قال معترضا على قول الشارح رحمه الله ولا يبعد الخ ان القول بجعل باسم الله متعلقا باقرأ الاول وباسم ربك متعلقا باقرأ الثانى يتضاعف فيه الفساد وقد عرفت اندفاعه (قوله ولا مقتضى للعدول الخ) ان كان اللام صلة لمقتضى فالفتحة فيه نصب وسقوط التنوين تشبيها له بالمضاف وان لم يكن صلة له فالفتحة فيه بنائية والجار متعلق بفعل محذوف يدل عليه لفظ المقتضى اشار الى الوجهين فى مغنى اللبيب (قوله فمراد المصنف الخ) لما تقرر ان العام اذا قوبل بالخاص يراد به ما عدا الخاص واما الاحتراز عن الاخلال ببيان المعنى او بالتناسب فليس داخلا عند المصنف رحمه الله فى الاهمية كما سيجئ فى الاعتراض الثانى على ما اورده السكاكى رحمه الله (قوله فسبب تقديمه الخ) ولو لم يكن التوهم لكان المناسب تقديم الوصف الثالث لان كتمان الايمان يقتضى تحققه فهو اشرف من كونه من آل

٣٢٢

فرعون (قوله احدهما ان يكون الخ) اى احدهما تقديم يكون اصلا فى الكلام الذى فيه التقديم (قوله كتقديم المبتدأ المعرف) وما فى حكمه من النكرة المخصصة واحترز به عن المبتدأ المنكر فان الاصل فيه تقديم الخبر نحو فى الدار رجل وكذا فى ذى الحال المنكر فان الاصل فيه تقديم الحال كذا افاده الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح وفيه ان التقديم ههنا لعارض التنكير والجواب ان التقديم فى الكلام الذى قدم فيه اصل وان لم يكن فى مطلق المبتدأ وذى الحال اصلا (قوله وثانيهما ان يكون الخ) اى ثانى قسمى التقديم تقديم يكون العناية به اما لكونه الخ (قوله وتقديم المفعول الثانى الخ) اى تقديم المفعول بواسطة على المفعول به بلا واسطة بان كان جعلوا متعديا الى مفعول واحد ويكون لله ظرفا لغوا له لا خبرا عن شركاء اى اثبتوا لله شركاء والجن بدل او عطف بيان او مفعول اعنى المقدر فالثانوية والاولية بحسب المرتبة كذا فى شرحه للمفتاح واختاره السيد ايضا وهو مبنى على انه لو كان جعلوا متعديا الى مفعولين يكون تقديم لله على شركاء من القسم الاول اعنى ما اصله التقديم من قبيل فى الدار رجل وفيه بحث لانه بعد الفسخ عن الابتدائية والخبرية لم يبق تقديم الخبر على المبتدأ بل تقديم المفعول الثانى على الاول فلا يكون فى هذا الكلام ما اصله التقديم فالاولى ان يحمل كلامه ههنا على الظاهر بل على المعنى الاعم (قوله على انهما مفعولا جعلوا) احتراز عما ذهب اليه صاحب الكشاف من ان شركاء والجن مفعولا جعلوا ولله متعلق بشركاء قدم عليه للاهتمام فانه حينئذ يكون من تقديم المعمول على العامل (قوله بتقديم الحال) بناء على ان الاصل فى متعلق الجار والمجرور ان يكون نكرة (قوله على الوصف) مع ان حق التابع ان يذكر بعد المتبوع ثم يؤتى بالحال والوصف للملاء هو الموصول بصلته وتمامه بتمام ما يدخل فى الصلة من الجمل الثلث المتعاطفة التى ثالثتها (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) اى نعمناهم بكثرة الاموال والاولاد وما هو من ملاذ الدنيا (قوله من صلة الدنيا) اى من جملة ما يقع صلة الدنيا وان لم يقع ههنا وقد يقال ان المراد ان المجرور بعض الصلة التى هى الجار والمجرور كذا فى شرحه المفتاح (قوله وليست اسما) لكونه صفة للحيوة بخلاف ما اذا قيل حيوة الدنيا بالاضافة فانها حينئذ اسم لهذا العالم المحسوس (قوله والدنو يتعدى بمن) فيكون من قومه متعلقا باصل الفعل لا بالمعنى التفضيلى فلا يرد انه لا يجوز استعمال افعل التفضيل باللام وبمن معا فكيف يتوهم كونه صلة الدنيا (قوله احق بالتقديم) لكونه اكبر سنا واعظم قدرا (قوله الا باعتبار تعلقه بالآخر) اى بخصوصه كما فيما نحن فيه بخلاف ما اذا كان باعتبار

٣٢٣

تعلقه لا بخصوصه فانه يصح التعليل كما ذكر صاحب الكشاف فى قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) على ان شركاء والجن مفعولا جعلوا من ان فائدة التقديم استعظام ان يتخذ لله شريك كائنا من كان ملكا او جنيا او انسيا او غير ذلك وبهذا يسقط ما قيل فى الجواب ان تعلق الانكار باحدهما باعتبار الآخر لا ينافى ملاحظة احد المتعلقين اصلا ومهما لان ذلك انما يتصور اذا لم يكن خصوصية كل واحد منهما ملحوظة فى التعلق (قوله والجواب الخ) منشأ الاعتراض انه حمل المصنف رحمه الله تعالى قول السكاكى رحمه الله تعالى لكونه فى نفسه اى مع قطع النظر عن العوارض نصب عينك على كونه نصب عينك فى ذلك الكلام ومبنى الجواب حمله على كونه نصب العين فى حد ذاته وان لم يكن فى ذلك الكلام (قوله اوجب لما تقدم الخ) وكون ما تقدم نصب العين لاجل الاحتراز المذكور لا يقتضى عدم حصوله بوجه آخر فلا يرد ما قيل ان الاحتراز المذكور كما يحصل بالتقديم يحصل بالتأخير فلا يكون ما تقدم نصب العين للاحتراز المذكور (قوله دنت من قوم نوح) فيه بحث اما اولا فلان ضمير من قومه راجع الى رسولا منهم المذكور فى اول القصة والمراد منه هود عليه السّلام على ما فى الكشاف واما ثانيا فلانه يجوز ان يكون المراد دنت اهلها على الاسناد المجازى او حذف المضاف فى دنت والدنو من حيث الزمان او ان يكون المراد دنت حيوته من قوم نوح على التجوزا وحذف المضاف من قومه والدنو من حيث المشابهة كما قاله الشارح رحمه الله تعالى وكلاهما كثير شايع فى الكلام المجيد لا بعد فيه فالصواب ان يقال انه لا معنى لقولنا دنت من قومه اى من قوم هود عليه السّلام لان دعوته بقوله (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) انما كانت لقومه فلا بد ان يكون الجواب من الملاء الذين من قومه لا من الملاء الذين دنوا من قومه اللهم الا ان يقال ان ضمير قومه ليس راجعا الى هود بل الى نوح المذكور فيما قيل هذه القصة وهو بعيد غاية البعد (قوله تخصيص الشئ بالشئ اما ان يكون الخ) اى جعل الشئ خاصا بشئ ومنحصرا فيه يكون بحسب الحقيقة وفى حد ذاته من غير ملاحظة شئ دون شئ سواء كان الاختصاص ايضا كذلك اولم يكن كذلك فيعم القصر الحقيقى التحقيقى والادعائى (قوله بهذا المعنى) اى بكونه فى نفسه او بالقياس الى شئ معين (قوله لا ينافى الخ) كما ان كون ابوة آدم فى نفسه لا بالقياس الى معين من اولاده لا ينافى كون الابوة من الاضافات* قال قدس سره فهو معنى مجازى الخ* فيه ان كون التخصيص فى غير الحقيقى ناقصا لا يقتضى ان يكون معنى مجازيا والا لزم ان يكون المشكك فى افراده بالزيادة

٣٢٤

والنقصان حقيقة فى الكامل مجازا فى الناقص وتبادر بعض الافراد من اللفظ بواسطة كما له لا يقتضى ان يكون حقيقيا والناقص مجازيا كما ان تبادر الوجود الخارجى من لفظ الوجود لا يقتضى كونه حقيقيا والوجود الذهنى مجازيا صرح به السيد فى تصانيفه ولو سلم فاللازم ان يكون القصر الغير الحقيقى معنى مجازيا للتخصيص بحسب اللغة دون الاصطلاح فان المعنى الاصطلاحى اعنى تخصيص شئ بشئ بطريق معهود سواء كان بالنسبة الى كل ما عداه او بعضه يعمهما ويقسم اليهما وكون التسمية بالنظر الى المعنى اللغوى والتقسيم للمعنى الاصطلاحى ركيك جدا على ان اطلاق الاضافى على غير الحقيقى واقع فى عباراتهم دون المجازى (قوله لقلة جدواه) لان جدوى التقسيم تحصيل الاقسام لتبيين احكامها وليس فى هذا الفن للقصر الحقيقى احكام سوى انه لا يكون لرد اعتقاد المخاطب وانه يكون تحقيقيا وادعائيا بخلاف القصر الغير الحقيقى فان المذكور كلها احكامه فليس جدوى الحقيقى الا هذا او دفع توهم انحصار القصر فى غير الحقيقى وذلك قليل الجدوى فيكون التصريح بالتقسيم ايضا قليل الجدوى فالضمير فى جدواه اما للتصريح بالتقسيم او للقصر الحقيقى والمأل واحد (قوله دون ثان الخ) ويسمى قصر افراد فادرج قصر التعيين فى الافراد ولا مشاحة فى الاصطلاح الا ان فى قصر التعيين ازالة الشركة الاحتمالية وفى قصر الافراد ازالة الشركة الاجتماعية كذا فى شرح المفتاح الشربفى (قوله مكان آخر) ويسمى قصر قلب (قوله وهذا التفسير شامل للحقيقى وغيره) ولا ينافى هذا الشمول قوله عند السامع لان معناه افادة السامع ذلك لا رد اعتقاده (قوله لا غير) اى لا غير زيد اولا غير شاعر (قوله على الوصف المسلم) اى فى اعتقاد المتكلم ثبوته فى نفسه والمراد بالوصف ما يقوم بالغير (قوله الى ثبوته للمدعى له) اى للشئ الذى ادعى المتكلم ثبوته له وحاصله ان النفى لا يتوجه الى نفس الوصف اذ لا معنى له فاما ان يتوجه الى ثبوته فى نفسه او الى ثبوته لغيره والاول منتف لان المفروض انه مسلم الثبوت فى نفسه فتعين الثانى (قوله ان عاما) اى ان كان ثبوته للمدعى له عاما توجه النفى اليه عاما وان كان خاصا فخاص (قوله فيتناول اه) عطف على توجه لذلك اشارة الى المدعى له وفى بعض النسخ كذلك اى ان عاما فعام وان خاصا فخاص ولا بد حينئذ من تقدير له* قال قدس سره انما يتصور الخ* اذا لقصر فى الحقيقة صفة للنسبة والمراد من النسبة اعم من النسبة الاسنادية اعنى ثبوت شئ لشئ والتعلقية اعنى تعلق شئ بشئ على نحو من انحاء التعلق ففى ما ضرب زيد الا عمر اقصر لوقوع ضرب زيد اعنى المضروبية

٣٢٥

على عمرو وما قيل انه من قصر الفاعل على المفعول فمن التجوز والمراد قصر نسبة ضاربية زيد من حيث الوقوع على عمرو فيكون من قصر الصفة على الموصوف والمراد المنسوب والمنسوب اليه فى المعنى لا فى اللفظ فلا يرد انه صرح صاحب المفتاح بان قولنا ليس شاعر غير المذكورا والا المذكور من قصر الصفة على الموصوف مع المقصور منسوب اليه (قوله والمراد المعنوية) اى الدال عليها ليكون من احوال اللفظ العربى الذى هو موضوع علم المعانى (قوله التى هى معنى قائم بالغير) الظاهر ان يقول ما يفوم بالغير كما هو المشهور لكنه اورد لفظ المعنى اشارة الى ان قولهم الصفة المعنوية معناه الصفة التى هى المعنى فالنسبة لفظية كما فى الكرسى وقوله قائم بالغير صفة كاشفة لمعنى وليس المعنى ههنا مقابل اللفظ فان الالفاظ ايضا صفات معنوية (قوله الذى هو تابع الخ) تبع الشيخ الرضى فى ذلك فانه زيف تعريف الشيخ بتابع يدل على معنى فى متبوعه مطلقا بان قيد مطلقا مستدرك لانه لاخراج الحال وهى غير داخل فى تابع وبانه يصدق على البدل والمعطوف بالحرف وعطف البيان والتأكيد فى مثل قولك اعجبنى زيد علمه واعجبنى زيد وعلمه وجاء زيد صديقك وجاء القوم كلهم فان كل واحد منها دال على معنى فى متبوعه ثم قال ونقول فى حده تابع دال على ذات ومعنى فيها غير الشمول فيدخل فيها التابع فى نحو هذا الرجل ومررت برجل اى رجل وبرجل تميمى وبرجل حسن وجهه وبرجل حمار وغير ذلك ويخرج البدل فى نحو اعجبنى زيد علمه انتهى وتحقيقه ان المراد بالذات ما يقوم بنفسه وبالمعنى ما يقوم بغيره كما هو الشائع فى اطلاقاتهم ولا يرد الحركة الشديدة والسريعة والبطيئة فانها ذات بالنسبة الى ما يقوم بها وان كانت قائمة بالغير بالنسبة الى موصوفها وبالدلالة مطلق الدلالة سواء كانت بالوضع الافرادى او بالوضع التركيبى فيدخل فيه ما يكون مشتقا نحو رجل ضارب وما يكون جامدا نحو هذا الرجل وبرجل اى رجل وغيرهما فى ايضاح المفصل ان الرجل فى قولنا جاءنى هذا الرجل لم يجئ الا بعد ما تقدم لفظ يدل على الذات ثم يخيل ابهام فى الحقيقة التى يتميز بها الذات فلم يأت الرجل ههنا الا لتبيين المعنى الذى تتميز به الذات فهو لفظ يدل على ذات فى هذا الموضع باعتبار معنى هو المقصود والذى يظهر لك انهم يقولون مررت بثلاثة رجال وهو عندهم اسم غير صفة بلا خلاف ويقولون مررت برجال ثلاثة وثلاثة صفة بلا خلاف فانظر الى اللفظ الواحد كيف جاء صفة وغير صفة فجاء غير صفة لما قصد به الذات وجاء صفة لما عرفت الذات ولم يقصد به الاقصد المعنى انتهى ويخرج البدل فى اعجبنى

٣٢٦

زيد علمه لانه وان دل على ذات ومعنى لكن لا يدل على معنى فيها وان كان كان فى الواقع فيها وكذلك المعطوف بالحرف وعطف البيان فى الامثلة السابقة وخرج التأكيد بلفظ كل بقوله غير الشمول ولا يرد انه يخرج عنه نحو قولنا جاء القوم الشامل لزيد لان الشمول لزيد شمول مقيد غير الشمول الذى فى القوم فانه مطلق فافهم فانه قد تحير فى حله الناظرون واما التزييف الذى ذكره الشارح الرضى رحمه الله فدفعه الشيخ فى امالى الكافية بما حاصله ان مطلقا لدفع توهم دخول الحال اما بالغفلة عن قيد التابع او حمله على المعنى اللغوى فهو قيد احتياطى لا احترازى وان المراد بالدلالة على معنى فى متبوعه الدلالة بالهيئة التركيبية والدلالة فى الامثلة السابقة بخصوص المادة ولذا لا يدل فى سائر صور البدل والمعطوف بالحرف وعطف البيان وان التأكيد بكلهم انما يدل بالذات على شمول الحكم لانه لدفع توهم التجوز فيلزم منه شمول المتبوع والمراد بقولنا تابع يدل تابع ذكر ليدل وبهذا ايضا يندفع النقض بالامثلة السابقة* قال قدس سره احترز به عن حسنه الخ* قد عرفت انه دال على ذات بهيئته التركيبية لانه لا يذكر الا بعد المتبوع وانه خارج بقوله فيها* قال قدس سره لقائل ان يقول الخ* قد عرفت صدق التفسير المذكور عليه بلا مرية* قال قدس سره بتأويل معروف* فى اللباب واسم الجنس الجارى على المبهم وصف له على الا عرف لان ما تقدم دال على الذات فتعين دلالته على المعنى وهو تعيين حقيقة الذات ولذا لا يوصف الا بها وقوله على الاعرف احتراز عما ذهب اليه البعض من انه بدل او عطف بيان (قوله لتصادقهما الخ) فان لفظ العلم يصدق عليه انه يدل على ذات ومعنى فى متبوعه كما عرفت ويصدق عليه انه قائم بالغير باعتبار نفسه لقيامه بالمتكلم وباعتبار مدلوله لقيامه بالعالم (قوله على ذات) اى مبهمة من غير اعتبار تعينها بوجه فخرج اسماء الاشارة والمكان والزمان والآلة (قوله هو المقصود) اى يكون الاصلى ذلك المعنى من حيث انتسابه الى شئ فالذات انما يقصد لاجل اعتبار نسبة المعنى اليه فخرج اسماء الاجناس فان لفظ رجل مثلا وان دل على ذات باعتبار معنى الرجولية لكن ليس ذلك المعنى هو المقصود بالذات بل كلاهما مقصود ان معا* قال قدس سره واما النسبة بين معنبى المعنوية الخ* اى بين نفس المعنى الاول ومدلول المعنى الثانى كما يدل عليه بيانه وانما قال الظاهر لانه يمكن ان يقال ان بينهما عموما من وجه اما افتراقهما فظاهر واما اجتماعهما ففى نحو لفظ العارض فانه يصدق عليه انه يدل على ذات باعتبار معنى هو المقصود اعنى العروض ويصدق انه قائم بالغير

٣٢٧

لان العارض لا يكون قائما بنفسه لكن فيه خفأ لان معنى عارض اعنى ذات ماله العروض ليس معنى قائما بالغير نعم انه يقتضى اتصافه بالعروض كونه قائما بالغير فتدبر* قال قدس سره الى زيادة تكلف* اى تكلف زائد وهو تأويل الفعل الواقع فى صورة القصر بالمشتق نحو ما ضرب زيد الا عمرا وانما قال ذلك لان فى اعتبار المعنى الاول ايضا تكلفا وهو اعطاء الدال حكم المدلول لان القصر من احوال المسند والمسند اليه (قوله اذا اريد الخ) فان كان هذه الارادة للمبالغة وعدم الاعتدار بغيرها كان القصر حقيقيا ادعائيا وان كانت بحسب الحقيقة كان حقيقيا تحقيقيا كاذبا (قوله وهو لا يكاد يوجد) اى القصر الحقيقى التحقيقى لا يوجد فى نفس الامر (قوله لتعذر الاحاطة الخ) كناية عن كثرتها واذا كان للشئ صفات كثيرة لا يمكن قصره على صفة واحدة فى نفس الامر واما ما ذكره الشارح رحمه الله تعالى ففيه بحث اما اولا فلان قوله اذ ما من متصور الخ اعادة لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من غير فائدة اذ يكفى ان يقال فكيف يصح منه قصره الخ واما ثانيا فلان المتعذر انما هو الاحاطة تفصيلا لا اجمالا وعدم كفايته فى صحة القصر محل بحث كما قالوا فى التعريف بالخارج انه يكفى فى اختصاصه بالمعرف علم ما سواه اجمالا (قوله الا ان يراد الصفات الوجودية) فحينئذ لا يلزم ارتفاع النقيضين لا انه يصح القصر الحقيقى حينئذ فلا يرد ما قيل انه بعد ارادة الوجودية لا يصح القصر فى نحو ما زيد الا كاتب لانه يلزم خلوه عن الالوان والاكوان (قوله نحو ما فى الدار الا لزيد) اذا لمقدر احد لا شئ حتى يكون القصر غير حقيقى لان المستثنى منه يقدر من جنس المستثنى كما سيجئ وما قيل فليقدر فى نحو ما هذا الثوب الاسود ملونا فيكون القصر الحقيقى من قصر الموصوف على الصفة موجودا فوهم لان مفاده قصر الملون على اسود فهو من قصر الصفة على الموصوف ولو كان هذا من قصر الموصوف على الصفة لكان ما احد فى الدار الا زيد منه ايضا (قوله لعدم الاعتداد بغير المذكور) وذلك اما لذم غير المذكور او لمدح المذكور* قال قدس سره ورجوعه الى الحقيقى مطلقا الخ* فيه ان كلمة قد المفيدة لتقليل قصد المبالغة تأبى عن رجوعه الى الحقيقى مطلقا لانه يشعر بان القصر الحقيقى مطلقا استعماله لا على سبيل المبالغة كثير فيكون قصر الموصوف على الصفة على الحقيقة كثيرا وهو ينافى قوله وهو لا يكاد يوجد مع ان قوله اذا اريد انه لا يتصف بغيرها لا يخلو عن الاشارة الى مجيئه على سبيل المبالغه وللتنبيه على هذا قال الشارح رحمه الله ويمكن ان يعتبر هذا فى قصر الخ وفى لفظه اشارة الى عدم مجيئه فى كلام من يعتد به (قوله والفرق الخ) اى الفرق بينهما فى موارد الاستعمال

٣٢٨

دقيق فليتأمل فى مفهوميهما حتى لا يلتبس احدهما بالاخر فى الموارد وقد بين السيد مفهوميهما بما لا مزيد عليه وبذلك يرتفع الاشتباه بينهما فى الموارد فمن قال فسر السيد دعوى الشارح رحمه الله تعالى دقة الفرق بدقة الفرق بين مفهومى الادعائى والاضافى وهذا غير خفى فقد خفى عليه مقصود السيد (قوله متجاوزا) اى ذلك الامر او المخصص وفيه اشارة الى ان نصب دون على الحالية وقيل ان نصبه على الظرفية وان لم يبق ظرفا كما هو شان الظروف اللازم الظرفية وفيه ان كونه لازم الظرفية ممنوع فى الرضى ان دون بمعنى قدام نادرة التصرف وبمعنى اسفل متصرفة يقال انت دون زيد وهذا شئ دون اى خسيس وبمعنى غير لا يتصرف نحو اءتخذ من دونه آلهة (قوله ادنى مكان) اى اقرب مكان لكن الظمع انحطاط يسير فان دون نقيض فوق على ما فى الصحاح فهو ظرف مكان مثل عند الا انه ينبئ عن دنو اكثر وانحطاط قليل ونبه باختيار ادنى على ان بين دون وادنى اشتقاقا كبيرا لتناسبهما فى المعنى مع الاختلاف فى ترتيب الحروف (قوله فى الاحوال والرتب الخ) تشبيها لها بالمراتب الحسية وشاع استعماله فى ذلك اكثر من استعماله فى الاصل فلذا اتسع فى ذلك واستعمل فى كل تجاوز حد والا يلزم المجاز على المجاز (قوله فى كل تجاوز الخ) وان لم يكن تفاوت وانحطاط وهو بهذا المعنى قريب من غير كما الرضى فى بحث المفعول فيه (قوله وكذا الكلام الخ) من انه ان اريد مكان صفة واحدة اخرى او مكان امر واحد آخر يخرج ما اذا اعتقد المخاطب اكثر من صفتين او امرين وان اريد اعم دخل القصر الحقيقى لانه يصدق عليه (٩) تخصيص صفة مكان سائر الصفات ومكان امر دون سائر الامور (قوله فان قلت تخصيص الخ) ان قرر السؤال كما قرره السيد اتجه الجواب الذى ذكره الشارح رحمه الله تعالى والبحث الذى ذكره السيد لكن يرد عليه انه يقتضى ان لا يوجد القصر الحقيقى والسائل بنى سؤاله بدخوله فى غير الحقيقى على وجوده كما تقرر سابقا من ان القصر نوعان ولذا قال السيد الاولى ان يورد هذا السؤال ابتداء شبهة على القصر الحقيقى ويمكن تقريره بحيث لا يتجه جواب الشارح رحمه الله تعالى ولا بحث المحشى بان يقال نختار ان المراد باخرى اعم من الوحد والاثنين والجمع ولا يدخل فيه القصر الحقيقى لانه تخصيص امر بصفة اى اثبات صفة له ونفى سائر الصفات لا تخصيص امر بصفة دون سائر الصفات فان هذا القيد يقتضى اعتقاد المخاطب اتصافه بجميع الصفات لان قولنا دون اخرى معناه متجاوزا عن صفة اخرى اعتقدها المخاطب والاللغا ذكره لان نفى صفة اخرى مطلقا قد فهم من لفظ التخصيص فيكون معنى دون سائر الصفات

__________________

(٩) تخصيص امر بصفة مكان سائر الصفات او صفة بامر مكان سائر الامور نسخة

٣٢٩

دون سائر الصفات التى اعتقدها المخاطب وهذا مما لا يقع وعلى هذا قوله لان القصر يقتضى الخ تعليل لاقتضائه الاتصاف بجميع الصفات دون البعض لا لاقتضائه اعتقاد المخاطب فانه معلل بان معنى دون اخرى ذلك ولظهوره لم يتعرض له كما قرره الشارح رحمه الله يقوله متجاوزا عن صفة اخرى وبما ذكرنا ظهر ان ما ذكره سابقا من ان هذا التفسير شامل للحقيقى وغيره محل بحث فتذكر واما ما قيل من ان معنى دون اخرى ذلك بناء على ان معنى مكان اخرى ذلك كما قرره فى النظر الذى سيأتى فليس شئ لان ما قرره فيما سيجئ انما هو فى القصر الغير الحقيقى (قوله ويمكن ان يجاب الخ) يعنى ان هذا ليس تفسيرا للقصر الغير الحقيقى ليتميز عن القصر الحقيقى اذ قد علم ذلك من قوله وهو نوعان انما المقصود تفريع بيان الاقسام الثلاثة عليه فلا بأس بكونه اعم منه قيل هذا الجواب لا يتم من جانب المصنف رحمه الله لانه لو كان معتقدا لعموم التعريف لما قال قد اهمل السكاكى رحمه الله القصر الحقيقى (قوله متجاوزا عن القعود) الذى تساوى بالقيام عند المخاطب من غير ترجيح (قوله مراد المصنف آه) اى مراد المصنف رحمه الله من قوله مكان آخر مفهوم احدى الصفتين من حيث الصدق فى ضمن واحد معين كما فى صورة قصر القلب او فى واحد مبهم كما فى قصر التعين فلا يرد ما قيل انه لا يمكن ارادة مفهوم احدى الصفتين من حيث هو لانه لا يعتقد المخاطب ولا المتكلم ينفيه ولا ما يصدق عليه لان ما صدق احدى الصفتين الشاعرية والمنجمية مثلا وليس شئ منهما صادقا على الاخرى فلا يصح قوله فى الجواب فهى صادقة على الصفة المذكورة (قوله ما زيد الا قائم) على فرض كونه لقصر الافراد بناء على عدم اشتراط عدم التنافى فيه او فرض عدم التنافى بين القيام والقعود والتمثيل المذكور فى كلام الخلخالى نقله الشارح رحمه الله تعالى غره والامرهين (قوله قلت بعد ارتكا لله الخ) حاصله انه لما كان فى قصر التعيين تساوى الصفتين بحيث يجوز كل واحدة متهما بدل الاخرى ففيه تخصيص امر بصفة دون اخرى نظرا الى تساويهما عند المخاطب وتخصيص امر بصفة مكان اخرى نظرا الى تجويز المخاطب كل واحد منهما بدل الاخر فادخاله فى احدهما دون الآخر تحكم (قوله انه يفتقر الى هذه التكلفات) بخلاف كلام صاحب المفتاح فانه حمل مكان اخرى على مكان اخرى ثابتة عند المخاطب كما هو المتبادر فلا يكون قصر التعيين داخلا فيه (قوله عدم تنافى الوصفين) اى لا يكون مفهم احدهما عين نفى الاخر كالمفحمية والشاعرية ولا ملزوما له لزوما بينا يحصل فى الذهن بحصوله كالقعود والقيام اذ لو كان كذلك لم يتصور اعتقاد المخاطب اجتماعهما لان امتناع اجتماع النفى والاثبات بديهى

٣٣٠

اجلى البديهيات كما تقرر فى محله فلا يتحقق قصر الافراد لابتنائه على اعتقاد الشركة ومن هذا تبين تخصيص هذا الشرط بقصر الموصوف على الصفة اذ لا يتصور التنافى فى الموصوفات فلا حاجة الى الاشتراط فلا يرد ان صحة اعتقاد المخاطب للاجتماع لا يتوقف على عدم التنافى لجواز ان يعتقد خلاف الواقع والاعتقاد المطابق للواقع ليس بلازم فى القصر (قوله ليكون اثباتها الخ) اى ليكون اثبات المتكلم احدى الصفتين مشعرا بانتفاء غيرها وهى الصفة التى تنافيه فيكون القصر قصر قلب بيقين بخلاف ما اذا لم يكن احدهما نفيا للاخر فان المخاطب يجوز اجتماعهما فى بادى الرأى فيحتمل ان يكون قصر افراد ويحتاج فى كونه قصر قلب الى امر خارج يعرف به ان المخاطب يعتقد العكس فاندفع نظر الشارح رحمه الله تعالى اما الاول فلان اثباتها بطريق القصر انما يدل على انتفاء الغير المعين ولا يفهم منه انه قلب لاعتقاد المخاطب الا اذا كان احدهما نفيا للاخر كما فى زيد قائم لا قاعد حتى لو قيل زيد قائم لا شاعر يجوز ان يكون لنفى الاجتماع واما الثانى فلان قولنا ما زيد الا شاعر انما يكون قصر قلب اذا علم ان المخاطب يعتقد انه كاتب لا شاعر من خارج وفى نفسه يحتمل الافراد والقلب فتدبر فانه من المواهب (قوله بل يأباه لفظ الايضاح) يعنى قوله ليكون اثباتها مشعرا بانتفاء غيرها فان الظاهر المنساق الى الفهم ان يترتب عليه فيتحقق قصر القلب ولو فهم كونه شرط الحسن بان يترتب على التعليل المذكور فيحسن قصر القلب للاشعار المذكور فلا دليل على كونه شرط الحسن (قوله اعنى ثبوت ما نفاه المتكلم الخ) وهو نفس التنافى فى الاعتقاد فيكون الاشتراط المذكور ضايعا بخلاف اعتقاد الشركة فانه ليس نفس عدم التنافى فى الاعتقاد بل يترتب عليه فلا يكون اشتراط عدم التنافى فى الاعتقاد فى قصر الافراد ضايعا بل تصريحا بما علم ضمنا (قوله واما عدم الخ) متعلق بقوله ولقد احسن فى عدم اشتراط هذا الشرط (قوله فكل مادة تصلح مثالا الخ) يعنى ان العموم بحسب التحقق باعتبار الصلاحية لا بحسب الصدق والتحقق بالفعل (قوله من غير عكس الخ) اى ربما يصلح للتعيين ما لا يصلح له للافراد وهو القلب وربما يصلح له ما لا يصلح للقلب اعنى الافراد فالحاصل ان عموم التعيين بحسب التحقق انما هو بالنسبة الى كل واحد منهما على التعيين لا بالنسبة الى كلا القصرين معا ولا بالنسبة الى احدهما لا على التعيين (قوله وما اشبه ذلك) كتعريف المسند اليه (قوله فكانهم جعلوا) يعنى ان الاقتصار على

٣٣١

ذكر الاربعة اما لان القصر الاصطلاحى ما يكون بهذه الطرق الاربعة وان كان بالمعنى اللغوى شاملا لما يكون بضمير الفصل وتعريف المسند وبنحو لفظ الخصوص (قوله ويمكن ان يجعل الخ) يعنى ان القصر بضمير الفصل وتعريف المسند ايضا داخل فى القصر الاصطلاحى بان يكون عبارة عن التخصيص باحد الطرق السنة ولم يذكرهما ههنا لاختصاصهما بالمسند اليه والمسند وتقدم ذكرهما وعلى الوجهين التخصيص الحاصل بصريح اللفظ ليس داخلا فى القصر الاصطلاحى (قوله بل شاعر) بالرفع فى الرضى واذا عطف عليه اى على خبر ما سواء كان منصوبا او مجرورا بالباء بموجب وذلك اذا عطف عليه ببل ولكن فالرفع واجب ولك لزوال علة العمل وهى النفى وقد ذكرنا وجه الرفع فى باب الاستثناء فلا نعيده وقال عبد القاهر هو خبر مبتدأ محذوف اى ما زيد بقائم لكن هو قاعد انتهى ووجه الرفع الحمل على المحل وان كان ما مغير المعنى الجملة ولا يبقى المحل مع العامل المغير لكن اعتبر ههنا للضرورة اذ لا وجه لصحته سواه ولكون ما ضعيف العمل فتدبر فانه قد خبط فيه بعض الناظرين (قوله وفيه اشعار الخ) حيث اقتصر عليهما فى محل بيان طريق العطف ثم بل ليس للقصر على مذهب الجمهور لان المتبوع عندهم فى حكم المسكوت عنه انما هو عند من يقول انه لنفى الحكم عن المتبوع واثباته للتابع وقد مر فى بحث العطف (قوله وقد اشرنا الخ) قد صرح فى بحث العطف بانه يقال ما جاءنى زيد لكن عمرو لمن اعتقد ان زيدا جاءك دون عمر وكذا فى الايضاح والمفتاح واورد هناك ان مذهب النحاة انه يقال لمن اعتقد ان المجئ منتف عنهما جميعا لا لمن اعتقد ان زيدا جاءك دون عمرو فكلام المفتاح انه لقصر القلب وكلام النحاة انه لقصر الافراد (قوله معتقدا للعكس) مثلا كما فى قصر القلب او مجوزا له كما فى قصر التعيين ثم اعلم ان الكلام الذى يشتمل على القصر فيه حكم واحد متضمن للاثبات القصدى والنفى التبعى والغرض منه رد اعتقاد المخاطب الشركة او العكس او التردد وليس المقصود منه افادة حكمين فما قيل ان ههنا بحثا شريفا وهو ان فى قصر الافراد احد الحكمين معلوم للمخاطب فلا فائه فى القائدة اذ ليس الغرض ههنا افادة لازم الحكم والاخر ينكره المخاطب وقد القى اليه من غير تأكيد وفى قصر القلب القاء كلا الحكمين الى المنكر من غير تأكيد وهم على ان كون القصر تأكيد اعلى تأكيد يقلع هذا الوهم (قوله لبطلان عمل ما يتقديم الخبر) اى على تقدير ان يكون ما بمعنى ليس واما اذا كان التركيب من القسم الثانى من المبتدأ فرفع احد الاسمين لكونه مبتدأ والثانى لونه فاعلا سادا مسد الخبر وما توهم انه حينئذ

٣٣٢

لا يصح عملها فى المعطوف لعدم بقاء اعتماد الصفة على حرف النفى فليس بشئ لان عملها فى المعطوف ليس بتقدير الصفة بل الصفة المعتمدة على حرف النفى عاملة فى المعطوف عليه اصالة وفى المعطوف تبعا (قوله وقد اجمع النحاة الخ) اى اكثرهم فان البعض لا يقولون ببطلان العمل مع التقديم كما فى الرضى (قوله اما لان اصله العمل الخ) يعنى ان اصل ما العمل وحين العمل يمتنع التقديم لضعفها فى العمل فكذا حالها عند عدم العمل وهذا عند الحجازيين واما لقصد موافقتها للغة العاملة وهذا عند الكوفيين فان عدهم ما غير عاملة الا انه لا يجوز تقديم الخبر عليها لتصير هذه اللغة موافقة للغة العاملة اعنى الحجازية (قوله ومنها النفى الخ) فى شرح المفتاح الشريفى اى النفى بادواته كليس وماوان وغيرها من كلمات النفى والاستثناء بالا او احدى اخواتها واما الاستثناء من الاثبات كقولك جاء القوم الا زيدا فلم يعده من طرق القصر فتأمل وكتب فى حواشيه لعل السر فى ذلك هو ان المستثنى اذا كان جزئيا للمستثنى منه كما فى المفرغ من المنفى نحو ما جاءنى الا زيد وكما فى الذى يؤل اليه المفرغ المذكور اذا صرح فيه بالمقدر كما فى نحو ما جاءنى احد الا زيد حسن ان يعتبر فيه اعتقاد المخاطب للشركة او العكس او تردده فى ذلك الجزئى وما يقابله من الجزئيات الاخر واما اذا كان المستثنى جزأ من المستثنى منه كما فى قولك جاءنى القوم الا زيدا وما جاءنى القوم الا زيد وقوله قرأت الا يوم كذا فلا يحسن فيه ذلك الاعتبار كما يشهد به الذوق السليم وخلاصته ان النفى والاستثناء فى الفرغ وما فى حكمه طريق القصر كما يدل عليه بيان السكاكى رحمه الله تعالى لافادته القصر لان المستثنى فيه جزئى المستثنى منه والجزئيات تكون متخالفة فى الاحكام فيتصور فيه الاعتبارات الثلاثة من الشركة والعكس والتردد بخلاف ما اذا كان المستثنى جزأ من المستثنى منه كما فى الصور الثلث التى ذكرها فان الاجزاء قلما تخالفت فى الاحكام فلا يتصور الاعتبارات الثلثة فيه والتحقيق ان القصر مختص بالنفى والاستثناء المفرغ وما فى حكمه مما يكون المستثنى جزئيا للمستثنى منه لانه حينئذ يكون المقصود به الاثبات الذى يستفاد من المستثنى وانما ذكر النفى تأكيدا لاثباته فيكون حكما واحدا متضمنا للاثبات القصدى والنفى التبعى بخلاف ما سواهما فان الحكم فى المستثنى منه مقصود اصالة وكذا الحكم على خلافه فى المستثنى سواء قلنا انه ثابت بالعارة كما هو مذهب الشافعى او بالاشارة كما هو مذهب الحنفية فكلا الحكمين من الاثبات والنفى مقصودان بالافادة ثابتان بنفس اللفظ فان الثابت بالاشارة ايضا ثابت بالنظم فاذا كان الحكمان مقصودين من الكلام لا يكون مقيدا للقصر لانه حكم واحد وهو تخصيص شئ بشئ يتضمن

٣٣٣

الاثبات القصدى والنفى التبعى قال الشارح رحمه الله تعالى فى التلويح فى بحث الاستثناء ان مثل ما جاءنى الا زيد وما زيد الا قائم مسوق لاثبات مجئ زيد وقيامه بابلغ وجه واوكده حتى قالوا انه تأكيد على تأكيد واما ما قيل ان الاستثناء من الايجاب لتصحيح الحكم الايجابى فهو بمنزلة تقييد طرف الحكم فكما ان جاءنى الرجال العلماء ليس قصرا كذلك جاءنى الرجال الا الجهال ليس قصرا بخلاف الاستثناء من النفى نحو ما جاءنى الا زيد فان المقصود منه قصر الحكم على زيد لا تحصيل الحكم والا لقيل جاءنى زيد ففيه انه مخالف لما تقرر من اهل العربية ان الاستثناء من النفى اثبات وبالعكس وان ما ذكره لا يجرى فى نحو ما جاءنى القوم الا زيد فان الاستثناء فيه ايضا لتصحيح الحكم المنفى (قوله وفى هذا الكلام الخ) اى فى ايراد لفظ التضمن ونسبته الى معنى ما ولذلك قال ههنا وفى هذا الكلام وفيما سيأتى واشار بلفظ التضمن اذ لو قيل لكونه بمعنى ما او لتضمنه ما لم يحصل الاشارة المذكورة ففيما قاله السيد يعنى ان فى ذكر التضمن اشارة الى ذلك تقصير فلا تكن من القاصرين (قوله بل لم يبق للكلام معنى اصلا) وان قدر الخبر والعائد اى ان الذى حرمه الله تعالى الميتة ثابت على ان يكون الميتة بدلا من الضمير المنصوب او مفعول اعنى لان المقصود بيان حرمة الميتة لا حصوله وثبوته (قوله ان نحو المنطلق زيد الخ) سواء كان اللام موصولا او حرف تعريف وانما ذكر زيد المنطلق وان لم يكن مقصودا بالاستشهاد لان الميتة معرف بلام الجنس فيفيد قصر الميتة على المحرم ايضا كما فى زيد المنطلق (قوله الا على تأويل انما حرم الله شيئا هو الميتة) فيه ان هذا التأويل يقتضى ان لا يكون الجزء الاول الذى هو مناط الحكم مذكورا فى الجملة التى دخل عليها انما لان الميتة حينئذ خبر مبتدأ محذوف وهو خلاف الاستعمال (قوله اما فى قصر الموصوف الخ) يعلم من ان التفصيل الذى ذكره ان المراد بما الحكم بمعنى المحكوم به او النسبة الحكمية اى للدلالة على ثبوت المحكوم به او ثبوت النسبة ووقوعها ولا يخفى انه لا يجرى فيما اذا كان الجزء الاخير فى جملة انما غير المسند والمسند اليه نحو انما زيد قائم فى الدار وانما يقوم زيد فى الدار لانها ليست لاثبات الحكم المذكور بعدها ونفى الحكم الذى سواه بل لاثبات قيد الحكم المذكور ونفى قيد سواه فلا بد من تعميم الاثبات والنفى اى اثبات الحكم ونفيه بنفسه او باعتبار قيده ومع ذلك يرد عليه ان قولهم على هذا المعنى انما يدل على ان انما يفيد القصر لا على تضمنه معنى ما والا فلا بد من ضم عدم القول بالفصل اى لا قائل بانها تفيد القصر وليست بمعنى ما والا بخلاف التوجيه الذى نقله بقوله وقد يقال فانه دليل

٣٣٤

على تضمنه ما والا ويجرى فى جميع صورها بلا مؤنة ويكون نسبة الذكر الى ما بعده بلا تجوز الا انه يحتاج الى حمل ما يذكر بعده على الجزء الاخير كما يحتاج توجيه الشارح رحمه الله تعالى الى حمل نفى ما سواه على المخصوص (قوله لصحة الانفصال الخ) فى شرح المفتاح الشريفى فان قلت اذا اريد حصر الفعل فى الفاعل المضمر بطريق انما فهل يجب انفصاله او لا قلت ان ذكر بعد الفعل شئ من متعلقاته وجب انفصاله وتأخيره دفعا للالتباس وان لم يذكر احتمل الوجوب طرد اللباب وعدم الوجوب بان يجوز الانفصال نظرا الى المعنى والاتصال نظرا الى اللفظ اذ لا فاصل لفظيا فقوله لصحة انفصال الضمير معه اراد به ما يعم الوجوب وغيره (قوله ووجوه التعذر محصورة) وهى التقديم على العامل وحذفه وكونه معنويا او حرفا والضمير مرفوع والفصل بينهما لغرض وكون المسند الى الضمير صفة جارية على غير من هى له (قوله وفى الاساس الخ) فعلى هذا الذمار اعم من العهد (قوله اذا حمى الخ) الحماية نكاه داشتن ومن حماه بيان لما والحمى كالى ويمد ما حمى من شئ وحريم الرجل ما يحميه ويقاتل عنه كذا فى القاموس (قوله فصل الضمير واخره) بناء على ان المقصور عليه فى انما هو الجزء الاخير من الجملة التى بعدها (قوله ولا يجوز ان يقال الخ) اى لا يجوز ان يقال ان انفصال الضمير لضرورة الشعر لا لارادة الحصر (قوله دليل على ان الغرض الخ) لما عرفت ان المسند اليه والمسند اذا كانا معرفتين فايهما كان المخاطب بزعمك كالطالب لان يحكم عليه بالآخر يجب ان يقدم اللفظ الدال عليه ويجعل مبتدأ والآخر خبرا ففى انا الذائد يكون المطلوب الحكم على المتكلم بالذود وفى قوله المدافع انا يكون المطلوب الحكم على المدافع بانه المتكلم ولا يخفى عدم حسنه (قوله ولو سلم) هذا الوجه نظرا الى المعنى وظاهر لفظ يقوم لان الياء علامة الغيبة وما ذكره او لا نظرا الى انفصال الضمير وكونه فاعلا مجازا كما هو الحكم فى الاستثناء المفرغ (قوله باعمال الصفة الواقعة الخ) اذ الاعتماد على شئ سوى النفى وما قيل انه كيف عمل الصفة ولم تعتمد على النفى حين العمل فى ابواك لانتقاض النفى بمعنى الا فتوهم لان عمل الصفة لاجل المشابهة بالفعل لا للنفى ولذا عمل فى ما قائم الا ابواك (قوله فلا يلزم اطرادها) فان المناسبة مرجحة للوضع وليست مصححة له وكذا لا يلزم انعكاسها ان فرض انتفاء تلك المناسبة فى بعض الصور (قوله اى تقديم ما حقه التأخير) سواء بقى بعد التقديم على حاله نحو زيدا ضربت او لا كما فى انا كفيت مهمك كذا فى شرحه للمفتاح وهذا عند السكاكى والمصنف رحمه الله واما عند الشيخين فتقديم المسند اليه على المسند الفعلى يفيد

٣٣٥

القصر نحو الله يبسط الرزق وقد سبق تفصيله (قوله انا كفيت مهمك الخ) اذا قدر ان اصله كفيت انا مهمك واما اذا لم يقدر فهو يفيد التقوى وكذا فى ما انا تميمى اذا قدر ان اصله ما تميمى انا فى شرح المفتاح الشريفى فى بحث تقديم المسند اليه فان قلت شرط التخصيص عند السكاكى رحمه الله ان يكون المقدم بحيث اذا اخر كان فاعلا معنويا وذلك لا يتصور فى ما انت علينا بعزيز قلنا الصفة بعد النفى تستقل مع فاعلها كلاما فجاز ان يقال ما عزيز انت على ان يكون انت تأكيدا للمستتر ثم بقدم وتدخل الباء على عزيز بعد تقديم انت وجعله مبتدأ فما قيل ان ههنا اشكالا وهو انه كيف يحكم بان حق المسند اليه فى انا كفيت مهمك التأخير دون انا تميمى كلام منشأه قلة التدبر فان السكاكى رحمه الله لا يقول بالقصر فى انا كفيت مهمك مطلقا بل اذ قدر ان اصله كفيت انا مهمك (قوله حكما مشوبا بصواب وخطأ) اى حكم واحد صواب من وجه وخطأ من وجه فان فى قصر الافراد حكما واحدا صواب فى بعض خطأ فى بعض وفى قصر القلب العكس صواب باعتبار اطلاق لازم له خطأ باعتبار تعينه وفى قصر التعيين صواب باعتبار اطلاق لازم له وخطأ باعتبار تجويز كل منهما على التساوى وليس المراد ان هناك حكمين احدهما صواب والاخر خطأ حتى يرد ما اورده السيد من ان التجويز ان كان بمعنى الشك والتردد فهو ليس بحكم فكيف يوصف بالخطأ فان ذلك انما يلزم لو اراد الشارح رحمه الله ان التجويز خطأ بل اراد ان الحكم الذى اعتقده المخاطب باعتبار الاطلاق صواب وذلك الحكم باعتبار التردد والتجويز خطأ فتدبر وعبارة شرحه للمفتاح صريح فيما ذكرنا (قوله بالفحوى) فى القاموس فحوى الكلام معناه ومذهبه فى شرحه للمفتاح دلالة التقديم على التخصيص بوساطة مدلول الكلام ومفهومه الخطابى وحكم الذوق اى القوة المدركة لخواص التراكيب والطائف اعتبارات البلغاء بافادته التخصيص من غير وضع لذلك وجزم عقل بذلك حتى ان لم يكن له هذا مع كمال قوته الادراكية والتسابق الى المعانى العقلية ربما يناقش فى ذلك ولهذا قال ابن الحاجب ان التقديم فى الله احد للاهتمال وما يقال انه للحصر لا دليل عليه* قال قدس سره هذه الثلاثة الخ* دفع لما يتوهم من انه اذا كان دلالتها بالوضع لم يكن البحث عنها من وظيفة هذا العلم لانه باحث عن الخصوصيات والمزايا الزائدة على المعانى الوضعية (قوله لمعان تفيد القصر) اى يجزم العقل عند ملاحظة معانيها بذلك (قوله بعض النحاة) اى الشيخ الرضى (قوله لا التى لنفى الجنس) فمعنى زيد شاعر لا غير لا غير زيد شاعرا فيعود الى النفى والاستثناء كذا فى شرحه للمفتاح فما فى كلام بعض الناظرين

٣٣٦

من ان نحو لا غير طريق آخر للقصر على هذا القول وهم (قوله على المثبت فقط) فلا يترك الا فى مثل ما زيدا ضربت وما انا قمت فانه فى التحقيق لقصر الفعل على غير المذكور لا لقصر نفى الفعل على المذكور فالمثبت المقصور عليه غير مذكور كذا فى شرحه للمفتاح (قوله دون المنفى) وان كان النص على النفى متحققا فى الاول (قوله لان الحكم مختص بلا دون بل) اى الحكم بعدم المجامعة للثانى مختص بلا بالنقل من الائمة لا يتجاوز ذلك الحكم الى بل فانه ثبت انه يجئ بعد النفى للاثبات او النفى لاختلافهم فى معنى ما جاءنى زيد بل عمرو وتجئ بعد الاثبات للاثبات فى نحو جاءنى زيد بل عمرو ولم يثبت انه لا يكون للنفى بعد الاثبات فيجوز ان يكون فى مثل قولنا ما زيد الا قائم بل قاعد للنفى فلم يثبت الحكم بعدم المجامعة فاندفع ما قيل ان عدم مجامعة بل للثانى ظاهر لامتناع ما زيد الا قائم بل قاعد لانه مبنى على ان يكون للاثبات (قوله لان تنفى بها او لا) بقرينة قوله لا لان تعيد بها النفى فلا يرد ما قيل ان وضعها لان تنفى بها ما اوجبته للمتبوع لا يقتضى الا ان يكون بعد الايجاب للمتبوع ولا يقتضى ان لا يتكرر النفى ففى ما جاءنى الا زيد لا عمرو يتحقق نفى ما اثبته للمتبوع الا انه تكرير بقوله لا عمرو (قوله ما اوجبته للمتبوع) من كونه محكوما عليه او محكوما به او متعلقا من متعلقات الحكم فيشمل قصر الصفة على الموصوف والموصوف على الصفة بلا مرية فما قيل ان فى اجرائه فى قصر الموصوف على الصفة تكلفا وهم (قوله وكانه يجوز الخ) مبنى التجويز المذكور ارجاع ضمير غيرها الى جنس لا العطفة (قوله وكان الاحسن الخ) الا انه ترك المصنف رحمه الله تعالى لان المتبادر من غير لا كلمات النفى لكون كلمة لا كلمة النفى (قوله فهو مرتفع الخ) مبنى الارتفاع ارجاع الضمير الى العاطفة المعينة لا الى الجنس كما فى قولك دأب الرجل الكريم ان لا يؤذى غيره اى غير نفسه لا غير جنس الرجل الكريم (قوله واحد بهذا الخ) فى شرحه للكشاف لفظ احد قد يكون بمعنى الواحد من العدد وقد يكون اسما لمن يصح ان يخاطب مذكرا كان او مؤنثا واحدا او اكثر وهو لا يقع فى الاثبات الا مع كل وقد سبق ذلك فى بحث ما انا رأيت احدا (قوله لا من جهة ان المنفى الخ) فلا يرد انه لا يصلح نظيرا لما سبق لان المنفى بلا ليس منفيا قبلها بخلاف ما سبق (قوله فى نفسه) قيد بذلك لانه لا بد من اختصاص الوصف بحسب المقام ليصح القصر (قوله لعدم الفائدة الخ) يعنى ان الوصف اذا كان مختصا بالنظر الى نفسه يتنبه المخاطب للاختصاص بادنى تنبيه على ذلك فيكفى كلمة انما فلا فائدة فى جمع لا معه والقصد الى زياده التخصيص انما يناسب الحكم الذى يحتمل

٣٣٧

عدم الاختصاص فيصرّ المخاطب على انكاره (قوله نحو انما يستجيب الذين الخ) نزل النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم لشدة حرصه على ايمان الكفار منزلة من يعتقد الاستجابة ممن لا يسمع (قوله ويعقل فيه) اشارة الى ان المراد بالسماع فى الآية ما يكون مقرونا بالعقل (قوله اضعف من انما) لان دلالة التقديم خفية لكونه بالفحوى لا يفهمها الا صاحب الذوق لكن بعد التحقيق قوية لكونها عقلية فلذلك ينسب الحصر الى التقديم اذا اجتمع مع انما نحو انما تميمى انا وهكذا حال كل دلالة عقلية خفية مع دلالة وضيعة فلا تدافع بين قول الشارح رحمه الله تعالى نعم ان التقديم اقوى وبين قوله دلالة التقديم اضعف على ما فى شرح المفتاح (قوله لان الكلام الى آخره) وما يجاب به من ان الشيخ عمم بعد ما خصص الكلام او لا بلا العاطفة ولذا وضع المظهر موضع المضمر حيث قال ثم ان النفى ولم يقل انه فليس بشئ لان مجئ النفى ليس مختصا بما سوى النفى والاستثناء قال الله تعالى (ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) فما فائدة قوله فيما يجئ فيه النفى حينئذ (قوله وفيه اشكال) قيل الاشكال فيه لانه يجوز ان يكون انما غالبا فيما ينزل منزلة المجهول دون النفى والاستثناء فيكون النفى والاستثناء غالبا فى المنكر وربما يستعمل فى معلوم منزل منزلة المجهول كما انه ربما يستعمل انما فى مجهول منزل منزلة المعلوم ومأل تنزيل المجهول منزلة المعلوم فيها تنزيل المجهول الحقيقى منزلة المجهول الادعائى كما ان مأل تنزيل المعلوم منزلة المجهول فى النفى والاستثناء تنزيل المجهول الادعائى منزلة المجهول الحقيقى ولا يخفى لطافة هذين التنزيلين ودقتهما انتهى وفيه ان اعتبار التنزيل فى اكثر موارد انما بعيد غاية البعد مع ان هذا مما لم يصرح به احد من ائمة الفن فالاجتراء عليه قبيح على انا لا نسلم ان مأل تنزيل المجهول منزلة المعلوم بمنزلة تنزيل المجهول الحقيقى منزلة المجهول الادعائى كيف ويلزم ان يكون شئ واحد معلوما ادعائيا ومجهولا ادعائيا (قوله اى مقصور على الرسالة الخ) قال فى شرح الكشاف صرح به صاحب المفتاح بانه قصر افراد اخراجا للكلام لا على مقتضى الظاهر تنزيلا لاستعظامهم هلاكه منزلة استبعادهم اياه وانكارهم حتى كأنهم اعتقدوا فيه وصفين الرسالة والتبرئ عن الهلاك فقصر على الرسالة نفيا لتبرئه عنه وفيه بعد من جهة عدم اعتبار الوصف اعنى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) حتى كأنه لم يجعله وصفا بل ابتداء كلام لبيان انه ليس متبريا عن الهلاك كسائر الرسل اذ على اعتبار الوصف لا يكون القصر الا قصر قلب لانهم لما انقلبوا على اعقابهم فكأنهم اعتقدوا انه رسول لا كسائر الرسل فى انه يخلو كما خلو ويجب التمسك بدينه بعده كما يجب التمسك بدينهم بعدهم فرد

٣٣٨

عليهم بانه ليس الا رسول كسائر الرسل يخلو كما خلوا ويجب التمسك بدينه كما يجب التمسك بدينهم وهذا صريح كلام المصنف رح انتهى وفيه بحث اما اولا فلان قوله تعالى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ليس نصا فى كونه وصفا حتى يكون فى توجيه المفتاح بعد من جهة عدم اعتبار الوصف لجواز كونه جملة مستأنفة معللة كما ذكره بل الاظهر فى الجمل الاستقلال واما ثانيا فلان الظاهر عدم اعتبار الوصف لما سيجئ ان المقصور عليه يجب ان يلى حرف الاستثناء واذا اعتبر الوصف يكون المقصور عليه هو الوصف واما ثالثا فلان عدم اعتبار الوصف انما يكون بعيدا اذا كان الوصف للتقييد فانه حينئذ يكون محط الفائدة هو القيد واما اذا كان للتعليل فلا استبعاد ولذا لم يعتبر والوصف فى القصر فى قوله تعالى (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) ومن هذا ظهر عدم صحة قوله اذ على اعتبار الوصف لا يكون الا قصر قلب فانه على اعتبار الوصف للتعليل يكون قصر اقراد واما رابعا فلان انقلابهم كان للرعب لاستعظامهم هلاكه على ما فى الكشاف انهم لما اجتمعو على الرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم سألهم عن سبب الانقلاب فقالوا رعبت قلوبنا يا رسول الله لما سمعنا الخبر السوء فلا يكون الانقلاب سببا لاعتقادهم انه رسول الله لا كسائر الرسل فى الخلوا والتمسك بدينه كيف وانه ارتداد ولم يرتد احد من الصحابة رضى الله عندهم فى وقعة احد على ما فى الكشاف وان اراد انهم بسبب الانقلاب نزلوا منزلة من اعتقد ذلك كما يدل عليه لفظ كان ففيه ان الانقلاب المذكور ليس من امارات ذلك الاعتقاد وان تنزيل الصحابة رضى الله عنهم منزلة من له ذلك الاعتقاد اجتراء على الصحابة رضى الله عنهم والحق ان عبارة الكشاف لا تعرض فيها للقصر اصلا وانما هى مجرد بيان معنى الاية وان اتفق شراحه على انها مشعرة بقصر القلب باعتبار الوصف بل قال الشارح رحمه الله تعالى انه صريح كلامه* قال قدس سره فالمنشأ فى تنزيل المخاطب* قيل هذا الفرق وهم لان المنشأ فى التنزيل مطلقا مخالفة علم المتكلم لما عليه المخاطب الا انه فى السابق يطابق الواقع وههنا غير مطابق وفيه ان مخالفة علم المتكلم لما عليه المخاطب منشأ القصر مطلقا سواء كان مبنيا على الحقيقة او على التنزيل واما منشأ التنزيل فقد يكون حال المخاطب فقط وقد يكون مع حال المتكلم ثم العجب انه قال ذلك القائل بعد هذا الكلام وهناك بحث شريف وهو ان ما جعلوه تنزيلا يحتمل مقتضى الظاهر ويكون الكلام من قبيل الكناية فيكون (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) كناية عن ان انتم الا غير رسل لاستلزام البشرية نفى الرسالة فذكر البشرية واريد نفى الرسالة ففى الكلام

٣٣٩

قصر قلب من غير تنزيل وفيه ان القصر لا بد ان يشتمل على حكمين وليس هناك الا حكم واحد اثبات الرسالة عند المخاطب ونفيها عند المتكلم فلا يكون فى قوله ان انتم الا غير رسل قصر اذ لا معنى يصح حقيقيا وليس هناك وصف يكون القصر صحيحا بالنسبة اليه (قوله مع اصرار المخاطبين اه) فاصرار الرسل عليهم السّلام على دعوى الرسالة بمنزلة الاصرار على انكار البشرية عند الكفار فلذلك جعلوهم منكرى البشرية وخاطبوهم بما خاطبوهم (قوله من باب مجازاة الخصم) اى الجرى معه فى الطريق ومثاله ان تريد ازلاق صاحبك فتماشيه فى الطريق المستقيم حتى اذا وصلت الى مزلقة ازلقته واللام فى ليعثر متعلق بالمجازاة وحيث يراد ظرف ليعثر (قوله ولكن ذلك لا يمنع الخ) كما يدل عليه ما بعده من قوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (قوله وهذا يصلح) اى كونه من باب المجازاة يصلح جوابا لاصل الحكم اذ ليس المقصود منه افاده نفس الحكم ولا لازمه (قوله بطريق القصر فليكون على وفق كلام الخصم الخ) فانه اقوى فى المجاراة ولم يقصد بذلك تسليم القصر بقرينة قوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فاندفع ما قيل انه يلزم ان يكون النفى والاستثناء لغوا اذ ليس المراد الا مجرد اثبات البشرية واما ما قيل الوجه ان يقال ان الكفار اعتقدوا ان الرسول يكون ملكا لا بشرا فنزلوا هم فى دعوى الرسالة منزلة من يدعى الملكية وينكر البشرية (قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) فقول الرسل (إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ليس فيه تسليم انتفاء الرسالة بل تسليم انتفاء الملكية فيكون من باب المجاراة والزامهم بقوله (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) او يقال ان القصر باعتبار الوصف اعنى مثلنا فقول الكفار (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) معناه انكم لا تتجاوزون البشرية الى امتياز يستحقون به النبوة فاجاب الرسل بتسليم القصر المذكور ومنعوا ان يكون النبوة بالاستحقاق والامتياز بل هى منة من الله تعالى ويؤيد هذا التوجيه قوله تعالى (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) فانه يدل على انهم لا ينكرون رسالة البشر فيرد على التوجيه الاول ان المقاولة الواقعة بين الرسل والكفار فى سورة يس من قوله تعالى (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) الى قوله (وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) يدل على ان الرسل كانوا يدعون الرسالة والكفار ينفونها باثبات البشرية وعلى التوجيه الثانى ان دعوى الكفار المماثلة انما هو فى البشرية ولوازمها لا فى جميع الصفات فالقصر على المنلية قصر على البشرية فالمقصور عليه البشرية والدعوى الرسالة وذكر الوصف لتعليل البشرية كأنه

٣٤٠