حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

وما قيل ان النوع يشتمل على اصناف وكل صنف امة اذ الامة كل جماعة فى كل زمان فيدفعه توصيف امم بامثالكم اذ المراد بكم افراد نوع الانسان فالمناسب تشبيه النوع بالنوع فى كونهما محفوظة الاحوال لا تشبيه الصنف بالنوع او تشبيه جماعة فى وقت بالنوع* قال قدس سره انها محمولة الخ* ظاهره يفيد ان هذه النكرة مراد منها المجموع ولا خفأ انه مخالف للسابق اعنى قوله ما من دابة قط فى جميع الارضين الخ واللاحق اعنى قوله قلت الخ فانه يدل على ان الحكم المذكور باعتبار اللازم كما فى قوله تعالى (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فلا بد من العناية بان يقال مراده ان النكرة المذكورة من حيث الاخبار عنها محمولة على المجموع لانه مراد منها* قال قدس سره ان القصد من لفظ دابة الخ* يعنى ان لفظ دابة وطائر حامل للجنس والوحدة فلبيان ان القصد من كل منهما الى الجنس من حيث هو دون الوحدة والكثرة وصف بصفة لازمة للجنس من حيث هو اى بلا شرط شئ منهما والاستغراق المستفاد من كلمة من بالنظر الى الجنسين كما اشار اليه بقوله كانه قيل ما من جنس من هذين وهذا كما يقال ما من رجل من هذين الرجلين الا كذا وحينئذ لا اشكال فى صحة الحكم لاشتمال كل من الجنسين على انواع كثيرة كل واحد منها امة كالانسان ويما حررنا لك اندفع ما قيل ان الظاهر من زيادة كلمة من الاحاطة بالافراد نصا فكيف يمكن الحمل على الجنس من حيث هو فلا بد من تأويل عبارة المفتاح الى ما هو مراد الكشاف* قال قدس سره لان الجنس مفهوم واحد* لان المراد الجنس من حيث هو اى بلا شرط كما عرفت فما قيل ان كون الجنس مفهوما واحدا انما ينافى زيادة التعميم والاحاطة اذا اعتبر من حيث هو ولا يخفى ان المراد ههنا الجنس من حيث الوجود فى ضمن جميع الافراد كيف ولو كان المراد هو الجنس من حيث هو لم يصح الحكم بكونه امما كلام من قلة التدبر وعدم الفرق بين الجنس من حيث هو اى لا بشرط شئ وبينه بشرط لا فان عدم صحة الحكم على الثانى دون الاول* قال قدس سره والشارح رحمه الله توهم الخ* كلام المفتاح يحتمل المعنيين كما عرفت وما اختاره السيد ذكره الفاضل الكاشى وما اختاره الشارح رحمه الله ذكره العلامة فالقول باتحاد الكلامين توهم بقى الكلام فى الترجيح ولعل ما اختاره الشارح رحمه الله اولى نظرا الى انه يفيد شمول علمه تعالى وقدرته لكل فرد فرد صريحا وما ذكر السيد اولى نظرا الى عدم لزوم الاشكال فى صحة الحمل وفى قوله وبهذا الاعتبار رمز الى ان له اعتبارا آخر لا يفيد زيادة التعميم والاحاطة وهو الوجه الذى ذكره السيد واليه يشير كلامه فى التلويح حيث اورد فى بحث التخصيص

١٨١

بالصفة كلام الكشاف اولا ثم ذكر كلام المفتاح ثم رد على التوضيح فانه يشعر بانه لا يقول باتحاد الكلامين بالقطع (قوله صحة وقوع المفرد موقعها) سواء كان مسبوكا منها كما فى مررت برجل قام ابوه اى قائم ابوه اولا نحو مررت برجل ابوه زيد اى كائن ابوه زيدا كما فى الرضى (قوله والمفرد الذى يسبك من الجملة نكرة) والمناسب ان يعتبر فيها حال ما يسبك منها (قوله باعتبار الحكم) اى المحكوم به لانه يسبك منها لا بمعنى الوقوع واللاوقوع اذ لا يسبك منها نعم ان له دخلا فى السبك (قوله ليعرف المخاطب الخ) لان الاصل فى الوصف التمييز وان كان يقصد به معنى آخر مع كون التمييز حاصلا (قوله ليست كذلك) اى ليست معلومة الثبوت قبل ذكرها لان الانشاء اعلام عن النسبة القائمة بنفس المتكلم من حيث انها قائمة بها (قوله بتقدير القول) فمعنى زيدا ضربه زيد مقول فى حقه اضربه اى انه يستحق ان يقال فى حقه ذلك (قوله مراده ان الصلة الخ) وانما لم يقل انه صلة بتقدير القول لان جعل الجواب صلة يفيد ثبوت الابطاء منهم وتقدير القول يفيد ثبوت استحقاق قول الجملة القسمية والاول ابلغ فى مذمتهم ولان تقدير القول انما يصار اليه اذا لم يصح كون المذكور جوابا* قال قدس سره بانها مدنية* والجواب ان كون السورة مدنية لا ينافى كون بعض آياته مكية فان كونها مكية او مدنية باعتبار الاكثر وكذا كون تلك السورة مدنية اتفاقا فان معناه انه لم يقل انها مكية* قال قدس سره وقد سبق منه ايضا الخ* والجواب ان معناه المصدر بيا ايها الناس خطاب للمشركين لاهل مكة وان المصدر بيا ايها الذين آمنوا خطاب لاهل المدينة لا انها نازلة بمكة او بالمدينة (قوله دون الصفة) فان قوله فعرفوا منها نارا موصوفة الخ يدل على انهم لم يكونوا عالمين بها قبل الآية ويعلم منه ان العلم بالصفة قبل الذكر ليس بشرط كما ذهب اليه شرذمة (قوله قلنا يمكن الخ) يعنى لا نسلم دلالة كلامه على ذلك لان اللازم مما ذكره ان المشركين عرفوا منها نارا موصوفة ولم يعرفوها قبل الاية لا ان المخاطبين بها لم يعرفوها قبلها واللازم فى الصفة علم المخاطب بها قبل ذكرها دون السامع والمخاطبون بها اعنى المؤمنين قد عرفوها بسماع من النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم وخلاصة الجواب ان المخاطب بكل واحدة من الآيتين عالم باتصاف النار بالصفة والصلة الا انها جاءت فى آية البقرة معرفة لتقدم ذكرها فى آية سورة التحريم موصوفة بهذه الصفة فكان المقام مقام التعريف العهدى بخلاف آية سورة التحريم فانه لم يتقدمها ذكر النار الموصوفة لا صريحا ولا كناية فكان المقام مقام التنكير وهذا كما يقال جاءنى رجل فاضل فقال الرجل الفاضل فانه اورد رجل او لا نكرة لعدم

١٨٢

سبق الذكر وان كان معلوما اتصافه بالفضيلة واورد ثانيا معرفة لتقدم الذكر والحاصل ان تقدم الذكر صريحا او كناية شرط فى تعريف العهد وهو متحقق فى آية البقرة دون آية التحريم ويؤيد ما قلنا انه ذكر صاحب الكشاف فى بيان كون الصلة المذكورة قصة معلومة للمخاطب ثلثة وجوه سماعهم من اهل الكتاب او من النبى عليه السّلام او سماعهم من آية التحريم واكتفى فى الجواب عن سؤال تعريف النار وتنكيرها بعلمهم بها من آية سورة التحريم فقط ليتحقق شرط التعريف العهدى من تقدم الذكر وبما حررنا اندفع اعتراض السيد بقوله وقد يقال الخ كما لا يخفى وما قيل ان ما ذكره توجيه لتعريف النار فى آية البقرة واما وجه تنكيرها فى آية التحريم فغير مذكور فى كلامه فينادى على فساده عبارة الكشاف حيث قال فان قلت فلم جاءت النار الموصوفة بهذه الجملة منكرة فى سورة التحريم وههنا معرفة فانه صريح فى السؤال عن الامرين فلو كان الجواب المذكور جوابا عن التعريف فقط كان ناقصا (قوله اى تقرير المسند اليه اى تحقيق مفهومه) فالكلام بعد تقدير لفظ المسند اليه على حذف المضاف او الاستخدام او اقامة الدال مقام المدلول وعطف مدلوله لافادة انه ليس المراد تقرير معناه الحقيقى كما سبق الى الفهم من لفظ المفهوم بل ما يدل عليه وان كان معنى مجازيا كما فى رمى الاسد نفسه (قوله اعنى جعله الخ) يعنى ليس المراد بتحقيقه تحقيقه فى نفسه وازالة الخفاء عنه بل تحقيقه بالقياس الى ازالة احتمال الغير (قوله عن سماع لفظ المسند اليه) لشاغل شغل سمعه (قوله او حمله الخ) اى غفلة السامع عن حمل لفظ المسند اليه على معناه لشاغل شغل فهمه* قال قدس سره فربما كان مقصودا* بنفسه مع قطع النظر عن حال السامع بان يكون الاهتمام بشان المسند اليه كما تقول فى مكان يستغرب فيه وجود الاسد رأيت الاسد الاسد (قوله وذكر العلامة فى شرحه الخ) فى المفتاح واما الحالة التى تقتضى تأكيده فهى اذا كان المراد ان لا يظن بك السامع فى حكمك ذلك تجوزا او سهوا او نسيانا كقولك عرفت انا وعرفت انت وعرف زيد زيدا ونفسه او عينه وربما كان القصد مجرد التقرير كما يطلعك عليه فصل اعتبار التقديم والتأخير مع الفعل انتهى اقول هذه العبارة صريحة فى ان مراده تقرير الحكم حيث اعتبر دفع ظن التجوز والسهو والنسيان فيه فقال فى حكمك ومراده من الحكم الاسناد والاثبات لا الثبوت لان التأكيد انما يدفع التجوز والسهو والنسيان فيه ولذا اضاف الى كاف الخطاب فالتأكيد ربما كان القصد منه مجرد تقرير الحكم بمعنى الاسناد يعنى ان المسند اليه

١٨٣

فى قصد المتكلم عين المذكور لا غيره وهذا لا ينافى ما صرحوا به من ان التأكيد لا يكون لتقرير الحكم بمعنى الثبوت وتقويته فان المقيد له تكرير الاسناد لا تكرير المسند اليه فاندفع الاعتراض بالمخالفة قال الفاضل الكاشى ان المتكلم اذا قال جاء زيد فقد حكم على زيد بالمجئ فاذا اكده وقال مرة ثانية زيد فكانه حكم على زيد مرة ثانية بالمجئ فتقرير الحكم بسبب تكريره وقال الشارح الرضى فى تفسير التأكيد تابع يقرر امر المتبوع التكرير لفظا او معنى يقرر ما يتعلق بالمتبوع من اتصافه بكونه منسوبا اليه الفعل والفاظ الشمول لتقرير ما يتعلق بالمتبوع من اتصافه بكون ما نسب اليه عاما لاجزائه شاملا وفى المفتاح فى بحث التقوى ان انت فى نحو لا تكذب انت هنا لتأكيد المحكوم عليه بنفى الكذب عنه بانه هو لا غيره لا لتأكيد الحكم فتدبر وفى قوله فتدبر اشارة الى الفرق بين كونه تأكيدا للحكم عليه بنفى الكذب اللازم لكونه تأكيدا للمحكوم عليه بنفى الكذب وبين كونه تأكيدا لنفى الكذب وقد اورد الشارح رحمه الله هذا الفرق فى بحث التقوى ثم انه لما كان فى كون المقصود مجرد التقرير من غير ان يجعل وسيلة الى امر آخر خفأ احاله الى ما اورده فى الفصل المذكور من انك اذا اردت التأكيد فى انا كفيت مهمك قلت انا كفيت مهمك لا غيرى او وحدى وفى موضع آخر بعده اذا قصدت التأكيد والتقرير فى زيدا عرفت قلت زيدا عرفت لا غيره فان لا غيرى ووحدى ههنا لمجرد التقرير من غير ان يكون وسيلة الى شئ آخر ولما كان الحوالة ظاهرة لم يتعرض لبيانها العلامة هذا ما عندى فى حل كلام المفتاح والعلامة فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين (قوله فان قيل) اى فى رفع مخالفة ما ذكره العلامة لما صرحوا به (قوله انه لم يرد التأكيد الخ) اى السكاكى رحمه الله لم يرد بالتأكيد فى قوله واما الحالة تقتضى تأكيده التأكيد الاصطلاحى وهو التابع المخصوص كيف وقد ذكر فيه كل رجل عارف وكل انسان حيوان ليكون معنى قوله وربما كان القصد مجرد التقرير انه ربما كان القصد من التأكيد الاصطلاحى التقرير فيكون تفسيره بتقرير الحكم مخالفا لما صرحوا به من ان التأكيد الاصطلاحى لا يكون لتقرير الحكم بل اراد مجرد التكرير اى تكرير المسند اليه بحسب المعنى ليشمل التأكيد المعنوى ايضا سواء كان تأكيدا اصطلاحيا او لا فيكون معناه ربما كان القصد من تكرير المسند اليه مجرد تقرير الحكم ولا شك ان تكرير المسند اليه فى نحو انا عرفت وانت عرفت مفيد لتقرير الحكم وتقويته عندهم فاندفع المخالفة (قوله لا نسلم الخ) ان قلت ان تقديم المسند اليه انما يفيد تقرير الحكم وتقويته اذا كان بوجه يستلزم تكرر الاسناد فتكريره ايضا يفيده اذا كان مستلزما

١٨٤

لتكرره فما الفرق فى كون احدهما مفيد اله دون الآخر قلت ايراد المسند اليه مقدما مع عدم توقف اصل المعنى عليه انما هو لاجل افادة التقوى بتكرر الاسناد بخلاف تكريره فانه ليس لاجل افادته وان كان يجامعه فى بعض الصور (قوله على ان السكاكى الخ) يعنى لا يصح الحوالة على هذا التوجيه لان افادة انا عرفت للتقوى وتحقيقه لم يورده السكاكى رحمه الله فى الفصل المذكور بل فيما قبله اعنى بحث تقديم المسند ففى قول الشارح رحمه الله تعالى فى آخر بحث تأخير المسند اليه تسامح باقامة اللازم مقام الملزوم (قوله ولو سلم الخ) اى لا نسلم انه اراد بالتأكيد مجرد التكرير وانه يفيد تقرير الحكم ولو سلم انه اراد ذلك فليكن معنى قوله وربما كان القصد الخ انه ربما كان القصد من تكرير المسند اليه مجرد تقرير المحكوم عليه فانه اذا كان التأكيد الصناعى مفيد التقرير المحكوم عليه يصدق ان تكريره ربما كان مفيدا لتقرير المحكوم عليه ولكن قوله كما يطلعك اشارة الى ما ذكره فى ذلك البحث من ان لا تكذب انت يفيد تقرير المحكوم عليه فلا يصح جزم العلامة بان المراد تقرير الحكم غاية الامر انه يصح ارادته وهذا التحرير موافق لما نقل عن الشارح رحمه الله اى لا نسلم ان المراد التأكيد الغير الصناعى وانه يفيد تقرير الحكم ولعبارة الشارح رحمه الله لتعليق التسليم بالمنع المذكور فى الجواب والاشارة الى البعيد* قال قدس سره يتضمن الحكم بان الحوالة الخ* فيه بحث اما او لا فلان الموجه انما تصدى لدفع مخالفة ما ذكر العلامة لما صرحوا به واما الحوالة فهو ساكت عنه كالعلامة واما ثانيا فلانا لا نسلم انه يتضمن الحكم بان الحوالة ليست على ظاهرها لجواز ان يحمل الحوالة على ما بينته او على ما ذكره الشارح رحمه الله بقوله والاظهر الخ واما ثالثا فلان القائل المذكور موجه لكلام العلامة ويكفى لتوجيهه ان لا يكون فى كلام السكاكى رحمه الله ما ينافيه ولا يتوقف على ارادته ذلك فالمناسب منع كون الحوالة محمولة على خلاف الظاهر لا منع ارادته ذلك واما رابعا فلان الموجه ادعى ان مراده بالتأكيد مجرد التكرير ولم يقم دليلا عليه فلم ترك منع هذه الارادة مع انها مذكورة صريحا واما خامسا فلان حاصل العلاوة عدم صحة الحوالة على التوجيه المذكور فاللائق بعده ان يقال ولو سلم صحتها بناء على التوسع فليكن الخ لا منع الارادة (قوله ولو سلم) اى لو سلم ان المراد بالتأكيد مجرد التكرير وانه يفيد تقرير الحكم وان الحوالة ليست على ظاهرها (قوله فكان ينبغى ان يتعرض الخ) بان يقول وربما كان القصد مجرد التقرير والتخصيص (قوله لانه الذى يعتبرآه) فانه قال ان تقديم ما لو اخر كان فاعلا اى تأكيدا معنى يفيد التخصيص

١٨٥

نحو انا عرفت اذا اعتبر انه كان فى الاصل عرفت انا (قوله والاظهر) اى فى بيان الحوالة سواء حمل التقرير على تقرير الحكم او تقرير المحكوم عليه وانما كان اظهر لكون الحوالة جارية على ظاهرها والكاف حينئذ فى كما يطلعك للتشبيه وعلى التوجيهين السابقين بمعنى على لكن لا يخفى على الفطن انه لا فائدة فى هذه الحوالة (قوله ولهذا غير اسلوب الخ) حيث قال ومنه كل رجل عارف (قوله الى حمل كلام المصنف رحمه الله) اى فى الايضاح وهو قوله كما سيأتى على ذلك اى على ما حمل عليه كلام المفتاح لانه غير تابع له فى امثال هذه المقامات بل فيما هو صحيح جيد عنده (قوله وبهذا) اى بما ذكرنا من انه لا حاجة الخ (قوله معنى كلامه) اى كلام المصنف رحمه الله تعالى (قوله غلط فاحش) اما الاول فلما عرفت ان تقرير الحكم مستفاد من التقديم لا من التأكيد واما الثانى فلان انا ليس للتقرير بل للتخصيص واما وحدى ولا غيرى فليس تأكيدا للمحكوم عليه بل للتخصيص (قوله لئلا يتوهم ان اسناد القطع الى الامير مجاز الخ) اما فى الظرف بان ذكر الامير واراد بعض غلمانه او فى النسبة بان اسند فعل ذلك البعض اليه وكلاهما يدفع بالتأكيد اللفظى والمعنوى لما عرفت من كلام الرضى ان التأكيد اللفظى والمعنوى يقرر امر المتنوع فى كونه منسوبا اليه فكانه تكرير النسبة ايضا واما المجاز بان ذكر القطع واريد الامر به فلا يدفع بتأكيد المسند اليه بل بتأكيد المسند (قوله ولا يدفع هذا التوهم) اى توهم وقوع مفرد آخر موقعه سهوا واما وقوع المثنى والمجموع فى موقعه سهوا فيندفع بهذا التأكيد فلا تدافع بينه وبين ما سيجئ من قوله بل الاولى انه لدفع توهم ان يكون الجائى واحدا منهما والاسناد اليهما انما وقع سهوا (قوله على انهم فى حكم شخص واحد) فلا تفاوت فى ان ينسب الفعل الى بعضهم او الى كلهم وما قيل الاظهر ان يقال بناء على ان البعض بمنزلة المجموع فانما يناسب المجاز اللغوى* قال قدس سره ولا يلزم من ذلك احاطة النسبة* قد عرفت اندفاعه مما نقلناه عن الرضى من ان الفاظ الشمول تقرر اتصاف المتبوع بكون ما نسب اليه عاما لاجزائه شاملا بخلاف كل القوم فعلوا فانه يفيد الاحاطة والشمول فى آحاد القوم لا فى النسبة* قال قدس سره اما فى الهيئة التركيبية* ان قلنا ان الهيئة التركيبية للفعل مع الفاعل موضوعة للنسبة بطريق القيام استعمل فى النسبة بطريق الوقوع فيه واما فى لفظ الفعل ان قلنا ان النسبة الى الفاعل التى هى جزء مدلول الفعل هى النسبة بطريق القيام شبه بها النسبة بطريق الوقوع فيه واستعمل صيغة الفعل فيها

١٨٦

والترديد بسبب انهم لم يصرحوا بالاستعارة فى الهيئة التركيبية او فى صيغة الفعل باعتبار النسبة بل حصروا الاستعارة فى الاصلية وهى فى اسماء الاجناس وما يجرى مجراها وفى التبعية وهى فى الحروف والمشتقات باعتبار معانيها المصدرية واما الاستعارة فى الهيئة التركيبية او فى الافعال باعتبار مدلولاتها التى هى النسب او الزمان كما فى الماضى المستعمل بمعنى المستقبل فلم يصرحوا بذلك* قال قدس سره لا يدفع هذا التجوز* قد عرفت انه يدفعه لما نقلت عن الرضى* قال قدس سره هذا انما يصح اذا اريد الخ* ليس مقصود الشارح رحمه الله تعالى البحث على المصنف رحمه الله تعالى بانه لا حاجة الى ذكر عدم الشمول لاغناء عدم التجوز عنه حتى يرد عليه ما ذكره السيد بانه انما يتم اذا اريد بالتجوز الاعم الشامل للغوى والعقلى واما اذا اريد به التجوز العقلى على ما يدل عليه عبارة المفتاح فلا بد من ذكره بل مقصوده انه يمكن الاكتفاء بذكر التجوز بان يراد المعنى الاعم وليس ذكر عدم الشمول فى بيان دواعى التأكيد لازما فالبحث بمعنى التفتيش لا بمعنى الاعتراض (قوله واما بيانه بالمعنى المصدرى) اى كشفه وايضاحه والمراد كشفه بعطف البيان بقرينة المقام فقول الشارح رحمه الله تعالى اى تعقيب المسند اليه بيان لحاصل المعنى* قال قدس سره مغايرين لاؤلئك* انما اعتبر المغايرة بينهما ليحصل باجتماعهما الايضاح فانهما لا يصدقان الاعلى ذات واحدة بخلاف ما اذا كان واحدا من الثلاثين المسميين بزيد مشاركا له فى الكنية المشتركة بين عشرين فانه لا يحصل الايضاح من تلك المشاركة* قال قدس سره اوضح* لقلة الاشتراك فيها (قوله لا تحصر فى الايضاح) وان كان لازما له ولذا عرفوه بانه تابع غير صفة يوضح متبوعه فاقتصار المصنف رحمه الله تعالى عليه لانه الغالب (قوله للمدح) اذ فيه اشعار باعتبار الوضع التركيبى الى كونه محرما فيه القتال والتعرض لمن التجأ اليه وان كان مستعملا ههنها فى معناه العلمى ولذا جعل المجموع عطف بيان فما قيل انه يجوز ان يكون البيت الحرام نعتا موطئا للكعبة كما جعل قوله تعالى (قُرْآناً عَرَبِيًّا) حالا موطئة من ضمير انزلناه ليس بشئ واما البدل فلانه فى حكم تكرير العامل وليس المقصود تكرير نسبة الجعل اليه ولا النسبة الى الثانى مقصودا اصليا (قوله لا للايضاح) لان الكعبة اسم مختص ببيت الله تعالى لا يشاركه فيه شئ (قوله وفائدته الخ) فى الكشاف قوم هود عطف بيان لعاد فان قلت ما الفائدة فى هذا البيان والبيان حاصل بدونه قلت الفائدة فيه ان يوسموا بهذه الدعوة وسما ويجعل فيهم امرا محققا لا شبة فيه بوجه من الوجوه ولان عادا عادان الاولى القديمة التى هى

١٨٧

قوم هود والقصة فيهم والاخرى ارم انتهى فالجواب الاول مبنى على ان عادا اسم مختص بقوم هود كما ذكره السيد وهو القول الراجح ومعنى قوله تعالى (عاداً الْأُولى) على هذا القول عاد القدماء اى المتقدمون فى الهلاك بعد هلاك قوم نوح والجواب الثانى مبنى على ان عادا عادان فعطف البيان للايضاح ورفع الابهام المحقق وكان الحق تقديم الجواب الثانى لانه منع لقوله والبيان حاصل بدونه والاول تسليم له لكن آخره اشارة الى رجحان الجواب الاول لبنائه على القول الراجح وما ذكره صاحب الكشف من انه ينبغى ان لا يحمل قوله ولان عادا الخ على وجه مستقل لان السياق غير ملتبس حتى يجعل البيان لازالة اللبس بل هو متمم للوجه السابق وانه فى مثل هذا المقام ينزل ابعد الاحتمالات البعيدة كالكائن المحقق ويزال تأكيدا وتقريرا لافادة معنى الوسم ففيه ان عطف البيان موضح ورافع للابهام المحقق بالنظر الى نفس المتبوع لا بالنظر الى السابق والقرينة الا يرى ان عمر فى قوله اقسم بالله ابو حفص عمر ازال الابهام المحقق فى ابو حفص للاشتراك فيه لا بالنظر الى سياق القصة والمقام وانا لا نسلم ان السياق غير ملتبس لان كون السياق فى شان قوم هود لا يقتضى ان يكون الدعاء بقوله تعالى (أَلا بُعْداً لِعادٍ) مختصا بهم لجواز ان يكون شاملا لهم ولغيرهم ثم ما ذكره من ان عادا الاخرى ارم موافق لما ذكره فى سورة النجم مخالف لما ذكره فى سورة الفجر من ان عقب عاد بن عوض بن ارم بن سام بن نوح قيل لهم عاد كما يقال لبنى هاشم هاشم ثم قيل للاولين منهم عاد الاولى وارم تسمية لهم باسم جدهم ولمن بعدهم عاد الاخيرة وكانهما قولان نقل كلا فى موضع والا وفق للنقل الذى ذكره فى سورة الفجر كذا فى الكشف وفى الكواشى ان عادا الاولى قوم هود وعادا الاخيرة قوم ثمود والله اعلم* قال قدس سره وشبهه بقولك الخ* وجه التشبيه ان المنظور اليه فى الصراط المستقيم هو الوصف وفى صراط الذين الذات فيكون من اجراء الموصوف على الصفة فى الحقيقة* قال قدس سره فيه اشعار الخ* وذلك لان التفسير بيان المعنى المبهم بلفظ اظهر فى الدلالة عليه فاذا جعل الموصوف بيانا وايضاحا للصفة فلا بد ان يكون اتصافه بتلك الصفة معلوما كيلا يلزم تفسير المبهم بالمبهم* قال قدس سره فاشار الشارح رحمه الله الخ* ما ذكره الشارح رحمه الله يفيد ان كونه عطف بيان احسن اذا قصد الايضاح والاشعار المذكوران وما ذكره صاحب الكشاف يفيد ان كونه بدلا احسن اذا قصد تكرير النسبة والايضاح معا فالبدل مختار بالنسبة الى مجموع النكتتين واذا قصد الثانية فقط فالاحسن عطف البيان لانه اعرق فى التفسير وقيل يختار البدل على كل حال لان اصل

١٨٨

الصفة ان تجرى على موصوفها ويفاد بها معنى فيه فاذا عبر عن الذات بها فالاولى ان يجعل الذات المذكورة مقصودة بالنسبة* قال قدس سره تأكيد النسبة* بل تأكيد المنسوب والمنسوب اليه كما لا يخفى* قال قدس سره على ابلغ وجه وآكده* اى على وجه هو ابلغ وآكد من ان يوصف صراطهم بالاستقامة اما اولا فلتثنية ذكره ليتمكن المشهود فى ذهن السامع واما ثانيا فللتفصيل بعد الاجمال واما ثالثا فلتكرير العامل* قال قدس سره بل اذا كان واردا فى مقام الخ* لا يخفى ان التقييد المذكور لا يستفاد من عبارة الكشاف واعتباره فى المشبه به ليوافق المشبه قلب المقصود من التشبيه اعنى ايضاح المشبه فالاولى ان قوله كما تقول هل ادلك متعلق بقوله والاشعار بان الطريق المستقيم بيانه وتفسيره صراط المسلمين فقط وليس متعلقا بمجموع قوله فائدته التأكيد لما فيه من التثنية والتكرير والاشعار الخ فحينئذ يكون زيد عطف بيان للاكرم الافضل وشبه البدل به لكونه اعرق فى التفسير فيكون كلام الكشاف موافقا لما ذكره الشارح رحمه الله (قوله وكذا كل صفة) المشار اليه المشبه به الحكم المذكور بان الطير عطف بيان والمشبه الحكم المستفاد من قوله كل صفة اجرى عليها الموصوف (قوله فالاحسن ان الموصوف الخ) ادخل الفاء على الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط اى مثل الحكم المذكور هذا الحكم فقوله كذا خبر مجموع قوله كل صفة الخ بتأويل هذا الحكم فتدبر فانه اشكل على الناظرين وتكلفوا فى حله (قوله لا للتأكيد) وان افاده (قوله مثل امس الدابر) فانه لغرض التأكيد (قوله اى يحققه ويقرره) فهو يحقق الغرض من المتبوع ولا يؤكد امر المتبوع فى النسبة او الشمول (قوله بتكرير لفط المتبوع) اما بنفسه او بما يوافقه معنى على ما فى التسهيل نحو اجل جير وانزل نزال وضربت انت (قوله على ما توهمه القوم) من ان كلام المفتاح يشير الى انه عطف بيان وكلام الايضاح انه صفة وكلام الكشاف الى انه تأكيد (قوله على ما نقل الخ) فان ما نقل عنه وان كان فى بيان ان التعريفات النحوية حدود وان ما اعتبره فيها ذاتيات الا انه يستلزم ما ذكره العلامة فاندفع ما ذكره الشارح رحمه الله فى الحاشية المنوطة على قوله على ما نقل عن ابن الحاجب فيه ايماء الى ان فى النقل خللا وانا اذكر عبارة ابن الحاجب فى شرحه للوافية الخ كما يظهر بالتأمل فى العبارة المنقولة لمن له مسكة (قوله واقول ان اريد الخ) نختار الشق الثانى ونقول مراد العلامة من قوله ذكر ليدل على معنى فى متبوله ان يكون المقصود من ذكره الدلالة على حصول المعنى فى المتبوع ليتوسل بذلك الى التخصيص

١٨٩

او التوضيح او المدح او الذم او غير ذلك وذكر اثنين وواحد ليس للذلالة على حصول الاثنينية والوحدة فى موصوفيهما بل لتعيين المقصود من جزئيهما فلا يكونان صفة (قوله كما ان الدابر الخ) ذكر الدابر ليدل على حصول الدبور فى الامس ثم يتوسل بذلك الى التأكيد وكذا فى الوصف الكاشف بخلاف ما نحن فيه فتدبر فانه غامض (قوله لا نسلم ان البدل يجب الخ) فى الرضى لما لم يكن البدل معنى فى المتبوع حتى يحتاج الى المتبوع كما احتاج الوصف ولم يفهم معناه من المتبوع كما فهم ذلك فى التأكيد جاز اعتباره مستقلا لفظا اى صالحا لان يقوم مقام المتبوع انتهى ولا يخفى ان صحة اقامته بهذا المعنى لا يقتضى ان يتم معنى الكلام بدونه حتى يرد ما اورده الشارح رحمه الله تعالى (قوله ان لله وشركاء الخ) ويجوز ان يكون مفعولاه شركاء والجن ولله متعلقا بشركاء (قوله وان كان الخ) اى فيطلقان عليه وان كان مفهوما هما متغايرين كما هو صريح فى الرضى فلا اشكال فى كلمة الوصل (قوله لان ما صدق عليه اثنين الخ) وان كان مفهومه بعضا من مفهوم آلهين (قوله دالا عليه اجمالا ومتقاضيا له) اى من حيث نسبة الفعل اليه كما فصله السيد ناقلا عن المبرد لا من حيث ذاته فان ذات زيد لا تتقاضى الثوب (قوله بدل الغلط) اى البدل لاجل الغلط او لتدارك الغلط او بدل المغلوط اعنى المبدل منه (قوله وهو من اضافة الخ) الزيادة تجئ مصدرا وبمعنى الحاصل بالمصدر وعلى الاول الاضافة لامية اما الى الفاعل او الى المفعول لان الزيادة تجئ لازمة ومتعدية ولذا اختار لفظ المعمول وعلى الثانى بيانية* قال قدس سره بقوله نصر الله* يقال نصر الغيث الارض بالصاد المهملة والتخفيف اذا غاثها كذا فى الاقليد* قال قدس سره بما يحتمل غيره* بان يكون الاول بدل الكل اما بان يكون اعظما كناية عن طلحة او بحذف المضاف من طلحة الطلحات اى اعظم والثانى ان قصد الملابسة بين القمر وفلكه فهو بدل اشتمال والا فهو بدل غلط* قال قدس سره ابلغ فى المعنى الخ* لانه جعل التشبيه الاول غلطا وقصد التشبيه الثانى ابتداء* قالى قدس سره ولو ذكر* اى المتصل مثالا مما وقع فى كلامهم كما ذكر شارح التسهيل قول على رضى الله عنه ان الرجل ليصلى الصلوة وما كتب له نصفها ثلثها الى عشرها وانما قال اولى لان قوله وهذا معتمد الشعراء كثيرا بمنزلة ذكر المثال له* قال قدس سره تدلك على ذلك عبارته* حيث قال سابقا وهو فى حكم تكرير العامل ولا حقا لانك شئت ذكره مجملا اولا ومفصلا ثانيا (قوله فلان المتبوع فيه) اى من حيث نسب اليه الفعل كما فصله السيد (قوله كما مر)

١٩٠

اى قوله والاشعار بان الصراط المستقيم بيانه الخ* قال قدس سره كانه قيل اعجبنى شئ من زيد* فيه اشارة الى رد من زعم انه تجوز فى النسبة فيتحقق ان ما هو له قد يبدل من الفاعل المجازى فيجتمع فى كلامه اسناد مجازى بالنسبة الى المبدل منه واسناد حقيقى بالنسبة الى البدل فانه وهم اذ فى الاسناد المجازى لا يكون النفس متشوقة الى الفاعل الحقيقى ولا يذكر بعده اصلا والافات المقصود من الاسناد المجازى (قوله من غير دلالة الخ) انما تعرض لعدم الدلالة على تفصيل الفعل مع ان تفصيل الفاعل لا ينافى تفصيل الفعل لان كلمة او فى بيان دواعى العطف انما هو باعتبار اختلاف حروف العطف فى افادتها فيكون كل منها مختصا بما يفيده تحقيقا لمعنى كلمة او (قوله للجمع المطلق) مرادهم بالجمع ان لا يكون لاحد الشيئين كما كانت او واما وبالمطلق ان لا يدل على حصوله لهما فى زمان واحد او فى زمانين واشار الشارح رحمه الله تعالى الى ذلك بقوله اى لثبوت الحكم الخ (قوله واحترز بقوله مع اختصار الخ) فى شرحه للمفتاح قد نبهت فيما مضى انه لو لم يقيد فى الصورتين لكان مستقيما الا انه مع التقييد اقوم وابعد من الاشتباه انتهى واشار بقوله قد نبهت الى ما ذكره سابقا فى قوله واما الحالة المقتضية لطى المسند اليه ان المناسبة هى المعتبرة فى هذا الباب وليس بلازم ان لا يحصل ذلك الغرض الا بهذه الخصوصية (قوله بعده بيوم او سنة) لم يرد بهما تعيين المدة بل المهلة فكانه قال بعده بمهلة وفى شرحه للمفتاح بعده متعاقبا او متراخيا فلا يرد ما قيل ان المقصود بهذا التركيب ليس من مقاصد العطف حتى يكون الاختصار داعيا الى اختيار العطف عليه كيف وشئ من الفاء وثم حتى لا يفيد التعقيب بيوم او سنة فلافادة التعقيب بلا مهلة مقام المقتضى الفاء ولافادة التعقيب بيوم مقام يقتضى هذا التركيب وليس ترجيح العطف عليه للاختصار (قوله مما ينقضى شيئا فشيئا الخ) كلمة الى ليست متعلقة بينقضى حتى يصير المعنى من الاشياء التى تنقضى شيئا فشيئا الى ان يبلغ ما بعد حتى فيكون سمجا بل متعلقة بالانتهاء اما حال عما قبلها او خبر بعد خبر لان اى منتهيا ما قبلها او منته الى ان يبلغ ما بعدها ففى حتى دلالة على امرين احدهما ان ما قبلها مما ينقضى شيئا فشيئا فيكون متبوعها ذا اجزاء يكون الحكم متعلقا بها تدريجا بخلاف ثم فيجوز جاءنى زيد ثم عمرو ولا يجوز حتى عمرو والثانى ان يبلغ ما بعدها فيكون مدخولها داخلا فى الحكم السابق وبهذا تمتاز عن حتى الجارة فان فيها اختلافا فجزم الزمخشرى بالدخول مطلقا اى سواء كان جزأ لما قبلها او ملاقيا لاخر جزء منه وذهب ابن مالك الى عدم الدخول مطلقا وقال الشيخ عبد القاهر

١٩١

بالدخول اذا كان ما بعدها جزأ وبعدمه اذا كان ملاقيا لآخر جزء منه وما ذكره من الدلالة على الامرين فى حتى العاطفة للمفرد واما فى حتى العاطفة للجملة على الجملة وتسمى الابتدائية فانها تدل على تعظيم ما بعدها او تحقيره (قوله والتحقيق الخ) اى تحقيق الانقضاء التدريجى فى حتى انه يعتبر بحسب العقل دون الخارج وكذا المهلة (قوله ترتيب اجزاء الخ) فيه اشارة الى ما بعد حتى العاطفة يكون جزأ لما قبلها اما حقيقة كما فى قدم الحجاج حتى المشاة او كجزء منه بالاختلاط نحو ضربنى السادات حتى غلمانهم او جزأ لما يلزم ما قبلها نحو اعجبنى الجارية حتى حديثها بخلاف الجارة فانه يجوز ان يكون جزأ لما قبلها وان يكون آخر جزء منه (قوله على كلام فيه تقييد الخ) فيه دلالة على ان يكون النفى منسحبا على التقييد ولا يكون التقييد متعلقا بالنفى وهذا هو الاصل وقد يراد نفى المقيد فقط او القيد والمقيد معا بواسطة القرينة (قوله من غير تفصيل للمسند) لعدم تعدد المجئ فضلا عن ان يكون متعددا بحسب الوقوع فى الازمنة (قوله ليس من عطف المسند اليه) حتى يكون الفاء فيه لتفصيل المسند بل من عطف الجمل التى هى صلات الالف واللام بعضها على بعض وانما اعيد اللام لشدة الامتزاج مع الصلة ولذا اجرى اعرابها على الصلة (قوله ولو سلم الخ) لا يخفى ان الآكل بمعنى الذى يأكل فان لم يعتبر التغاير الاعتبارى بين الموصولات يكون من عطف الصلات بعضها على بعض وان اعتبر يكون من عطف الموصول على الموصول (قوله عن الخطأ فى الحكم الخ) اراد بالحكم المحكوم به كما يدل عليه قوله لنفى الحكم عن التابع بعد ايجابه للمتبوع والخطأ فى المحكوم به من حيث نسبته الى المحكوم عليه فالحكم بمعنى الحكوم به موصوف بالخطأ والصواب فى النسبة الحكم بمعنى الايقاع نفسه خطأ او صواب فمن قال ان الصواب ان يفسر الخطأ والصواب بمعنى الاعتقاد الغير المطابق والاعتقاد المطابق لكونهما قسمين له لا بالخطأ فى الحكم لانه يشعر بان الخطأ والصواب صفتان للحكم لم يتدبر حق التدبر (قوله تحقيقه) اى بيان حقيقته وطرقه واقسامه (قوله لمن اعتقد الخ) المراد بالاعتقاد ما يتناول الظن الضعيف بل الوهم ايضا على ما قاله السيد (قوله او انهما جاءك جميعا) يعنى لا تجئ لقصر القلب والافراد ولكن القصر القلب فقط واما قصر التعيين فلا يجئ له شئ من حروف العطف (قوله لكونه مثل لا الخ) وليس لكن معنى زائد على الرد الى الصواب فكل من لا ولكن مثال للرد من غير تفاوت فلذا اكتفى ههنا على مثال واحد بخلاف الفاء وثم وحتى فانها وان كانت مشتركة فى التفصيل لكن يعتبر

١٩٢

فى كل منها خصوصية ليست فى الآخر فلذا ذكر ههنا كلها (قوله والمذكور الخ) خلافا لابن مالك فانه قال فى التسهيل ان كلمة بل فى ما قام زيد بل عمر ومقررة لحكم ما قبلها ويجعل ضده لما بعدها وقال شارحه ان هذا هو الصحيح ثم قال ان لكن بعد نهى او نفى كبل فالمصنف والسكاكى رحمهما الله تعالى موافقان لابن مالك فى كونه لقصر القلب وانما لم يذكره فى طريق العطف فى بحث القصر لاختصاصه بقصر القلب والبحث معقود لبيان طرق القصر الجارية فى جميع اقسامه وفى جميع المعمولات ولذا لم يورد فيه تعريف الخبر وضمير الفصل (قوله فى ما جاءنى زيد لكن عمرو) خص مثال النفى لان الخلاف فيه واما فى الاثبات فهى للاستدراك بالاتفاق (قوله وهو دفع توهم الخ) فهو لتتميم الكلام السابق واصلاحه مع قطع النظر عن حال السامع وان كان دافعا لتوهمه على تقدير تحققه فليس لكن للقصر اصلا فانه مبنى على حال المخاطب (قوله شبيها بالاستثناء) فى كونه اخراجا لما بعد لكن عما قبلها توهما وان لم يكن استثناء حقيقة لعدم شمول ما قبلها (قوله فى انه انما يقال الخ) اى على تقدير استعماله فى القصر انما يقال لمن اعتقد الشركة فى عدم المجئ قبل القاء الكلام المشتمل عليه لا لقصر القلب على ما قاله المصنف والسكاكى رحمهما الله تعالى* قال قدس سره وعلى هذا لا يبعد الخ* هذا بعيد بل فاسد اما اولا فلان القصر مبناه رد اعتقاد المخاطب وهذا الكلام ابتدائى وايراد لكن لاصلاحه وتتميمه لا لرد اعتقاد المخاطب واما ثانيا فلان القصر مشتمل على حكمين الاثبات والنفى والمتكلم بعد توهم المخاطب اشتراكهما فى انتفاء المجئ عنهما لم يتلفظ الا بالاثبات (٣) نعم يكون لمجموع الكلام قصر اذا فرض ان المخاطب قبل التكلم كان معتقد الانتفاء المجئ عنهما* قال قدس سره وهو منقوض الخ* خلاصته ان استعمال لكن فى قصر الافراد فى الاثبات كما يستلزم استدراك الجز الثانى من الجملة كذلك استعمال لا فى قصر الافراد فى الاثبات يستلزم استدراك الجزء الاول بلا فرق فلو تم التوجيه المذكور يلزم ان لا يستعمل لا فى قصر الافراد فالقول بانه فرق بين المادتين لانه يصح الاكتفاء بقولك ما جاءنى زيد فيكون لكن عمرو لغوا ولا يصح الاكتفاء بلا عمرو حتى يكون جاءنى زيد لغوا لا ينفع فى دفع النقض كما لا يخفى (قوله نحو جاءنى الخ) فكلمة بل للصرف سواء كان بعد الاثبات او بعد النفى واختار فى باب القصر انه اذا كان بعد النفى يفيد القصر تبعا للسكاكى رحمه الله تعالى بناء على ما ذهب اليه ابن مالك وهو ما ذكره بقوله وقيل يفيد انتفاء الحكم عن المتبوع قطعا* قال

__________________

(٣) نعم يكون مجموع الكلام قصرا اذا فرض الى آخره نسخه

١٩٣

قدس سره سوى انه حكم الخ* فان الاخبار عن مجئ زيد اذا كان غلطا اى غير مطابق للواقع عند المتكلم كان انتفاؤه مقطوعا به عنده* قال قدس سره ومعناه* اى ليس معنى الغلط انه غير مطابق للواقع بل ان تلفظه وقع غلطا اما لسبق اللسان او النسيان وهذا لا ينافى كونه للصرف وكون المتبوع فى حكم المسكوت عنه وفيه تعريض للشارح رحمه الله تعالى بان قوله وفى كلام ابن الحاجب الخ ناش عن سوء الفهم وحمل كلامه على ما توهمه عبارته ولا يخفى ان كلام الشارح رحمه الله تعالى فيما سيأتى من قوله كبدل الغلط حيث شبهه ببدل الغلط صريح فى انه حمل لفظ الغلط فى كلامه على ما هو المتبادر منه لا على عدم كونه مطابقا للواقع فلعل الشارح رحمه الله تعالى اطلع فى كلامه على ما نقله وعدم وجدان السيد ذلك فى كتبه لا يدل على عدمه وقد قيل انه صرح ابن الحاجب بذلك فى اماليه* قال قدس سره لا الى ما بعد بل* والا لكان كلمة بل لغوا* قال قدس سره افادت تأكيد النفى السابق* اذ لا يمكن ارجاعه الى ما بعد بل لافادته نفى الحكم عنهما ولا الى ما قبله لاستلزام نفى النفى الثبوت فيلزم ثبوت الحكم لهما وليس كلمة بل مستعملا للنفى عنهما معا او للاثبات لهما معا* قال قدس سره كلكن بعده* ولكن مقرر لحكم ما قبلها ويجعل ضده لما بعدها عنده كما مر* قال قدس سره يحتمل اثبات المجئ لعمرو* بان يكون معنى بل عمرو بل جاء عمرو ويحتمل نفى المجئ عن عمرو بان يكون معناه بل ما جاء عمرو على قياس الاثبات فان فيه صرف المثبت الى التابع وههنا صرف المنفى اليه* قال قدس سره هذا مبنى الخ* اى الترديد المذكور بين كون المتبوع فى حكم المسكوت عنه او متحقق الثبوت مبنى على ما توهمه الشارح رحمه الله تعالى من كلام ابن الحاجب والا فالمبرد جعل المتبوع فى حكم المسكوت عنه فانه صرح بان الغلط فى اسم المعطوف عليه كما نص عليه فى الرضى دون الحكم المنفى* قال قدس سره وجعل الاول فى حكم المسكوك عنه* وبهذا الاعتبار كان صرفا له بخلاف قول من يقول ان المجئ منتف عن المتبوع ثابت للتابع فان فيه ابطالا للاول واثباتا للثانى فلا صرف (قوله بان بل فى المثبت مطلقا) اى عند الكل فانهم متفقون على انه فى المثبت لصرف الحكم عن المتبوع الى التابع سواء جعل المتبوع فى حكم المسكوت عنه او متحقق النفى كما نقله الشارح رحمه الله تعالى عن ابن الحاجب وكذا عند المبرد فانه لصرف النفى عن المتبوع الى التابع سواء كان المتبوع فى حكم المسكوت عنه او متحقق الثبوت فيكون التلفظ باسم المتبوع على كلا التقديرين من باب الغلط والمقصود نسبة الحكم الى التابع بخلاف المنفى على مذهب الجمهور فانه لنفى الحكم

١٩٤

عن المتبوع واثباته للتابع فانه حينئذ يكون للانتقال من حكم الى حكم اهم منه فلا يكون شئ منهما غلطا فتدبر فانه مما غلط فيه بعض الناظرين (قوله بما ذكره بعض المحققين) صرح به الشيخ الرضى فى شرحه (قوله او الشك الخ) او موضوعة لاحد الامرين والداعى المتقدم على ايراده شك المتكلم والغاية المترتبة تشكيك السامع وقد يكون الداعى مجرد ابهام الحكم مع قطع النظر عن حال المتكلم والسامع (قوله او للتخيير او للاباحة) هذا اذا وقع بعد الامر ولذا قد ينسبون الاباحة والتخيير الى الامر وقد ينسبون الى كلمة او وانما ترك المصنف رحمه الله ذلك لان كلامه فى الخبر (قوله لا طائل تحته الخ) اذ لا يختلف المعنى فى الاعتبارين (قوله اى تعقيب الخ) بيان لحاصل المعنى وعبارة المتن على حذف المضاف اى ايراد الفصل (قوله ولانه فى المعنى عبارة عنه) عند من يجعل له محلا من الاعراب سواء كان مبتدأ او تأكيدا او بدلا وهذا القدر كاف فى ترجيح كونه من احوال المسند اليه (قوله لانه لتخصيص المسند اليه الخ) يمكن ان يوجه بان مراده ان قصر المسند على المسند اليه اذا عبر عنه بعبارة شايعة غربية يقال لتخصيص المسند اليه بالمسند فيكون اعتبار المسند اليه فيما عبر به عن معناه اولا وبلا واسطة واعتبار المسند ثانيا وبواسطة الباء فيكون له تعلق زائد بالمسند اليه على المسند فلذا جعل من احواله فلا يرد ما اورده الشارح رحمه الله ولعله لذلك قال اولى (قوله يخص المسند) والخاص هو المقصور (قوله نعم ولكن الخ) قال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح والكشاف الاول الاستعمال العامى والثانى هو الشايع العربى (قوله وجعلته من بين الاشخاص الخ) عبارته صريحة فى ان التخصيص بمعناه اى جعل الشئ مختصا لكن الباء ليست صلة له حتى يصير الاول مختصا والثانى مختصا به بل هو باء السببية او الآلة فيكون مدخول الباء مختصا ليصير سببا او آلة لتخصيص الشئ الاول وخلاصة كلام السيد ان هذا المعنى مستفاد من جعل التخصيص مجازا عن التمييز لكونه لازما له او من تضمين معنى الامتياز فيه وفى كلا التوجيهين تكلف اما الاول فلان المجاز يحتاج الى القرينة وادعاء انه مجاز مشهور حتى صار حقيقة عرفية غير محتاجة الى القرينة مما لا دليل عليه والتضمين محتاج الى قرينة لفظية على اعتبار المضمن كما صرح به الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف وبما ذكرنا ظهر ان ما ذكره الناظرون من ان عبارة الشارح رحمه الله ليست صريحة فى افادة ما قصده فلو قال متميزا بان يثبت له المسند لكان اظهر خروج عن مذاق الشارح رحمه الله (قوله من زعم الخ) اطلاق الزعم بناء

١٩٥

على انه لم يجئ فى الاستعمال ضمير الفصل لقصر المسند اليه على المسند لا على انه اخطأ فى اخذه من عبارة الكشاف وان كان فى نفسه حقا كما قاله بعض الناظرين (قوله حيث قال الخ) افاد فى الكشاف ان التعريف فى المفلحون اما للعهد بان يكون المراد حصة معينة مما يصدق عليه مفهوم المفلحون اعنى الذين بلغك انهم مفلحون فى الآخرة وحينئذ اما ان يلاحظ اتحاد المتقين بتلك الجماعة فلا يكون ضمير الفصل للقصر بل للتأكيد والفرق وهو الظاهر اذ لم يعهد تعريف المسند بلام العهد للقصر واما ان يلاحظ تغايرهما من حيث لمفهوم فيجوز ان يكون ضمير الفصل للقصر اما لقطع شركة الغير معهم فى المسند اليهم او لدفع اعتقاد القلب او التردد على ما جوزه السيد فى حواشى شرح المفتاح واما للجنس اى للاشارة الى معنى المفلحين الحاضر فى ذهن كل احد وحينئذ يكون الحكم باتحاد المتقين بطبيعة المفلحون من حيث هى لكن صحة هذا الحكم مشروطة بتحصيل مفهوم المفلحين ممتازا عن كل ما عداه لا بوجه اعم والعلم اليقينى بحقيقتهم وتصويرهم بالصورة التى تليق يتلك الحقيقة حتى يعترف المتأمل بذلك الحكم ولا ينكره لانه حكم باتحاد المفهوم مع الحيثية وحينئذ لا قصر فى الكلام لانه فرع التغاير ولا تغاير بينهما فقوله ان حصلت شرط جوابه فهم هم والجملة الشرطية صلة الذين وصفة المفلحين عبارة عن مفهومه لكونه وصف للذوات وتحققوا عطف على حصلت من تحققت الشئ تيقنته وما هم جملة استفهامية للسؤال عن الحقيقة واقعة موقع المفعول الثانى لتحققوا وتصوروا من تصورت الشئ جعلت له صورة لا بمعنى الادراك والحقيقة صفة لصورتهم والضمير الاول من فهم هم للمتقين والثانى للمفلحون وفى عدم ايراد الضمير للموصول اشارة الى ان الموصول مقحم للتنبيه على ان هذا مجرد وهم وتقدير للمبالغة فى وصف المتقين على ما وقع فى كلام الشيخ عبد القاهر من انه ليس شئ باغلب على هذا الضرب الموهوم من الذى وفى ترتيب الجزاء على الشرط المشتمل على الامور الثلثة تنبيه على ان انكار هذا الحكم منشاؤه انتفاء احد الامور الثلثة وهذا معنى قول الشيخ عبد القاهر هذا معنى دقيق يكون المتأمل عنده يعترف وينكر وبما ذكرنا ظهر ان هذا المعنى من فروع الجنس لانه معنى الجنس لكنه مشروط باعتبار امور زائدة عليه كالاستغراق والعهد الذهنى وكونه معلوم الاتصاف بالمسند وقوله لا يعدون الخ اى المتقون حقيقة المفلحون اى متحدون بتلك الحقيقة تأكيد للحكم بهم هم هذا ما عندى فى حل هذه العبارة الجزيلة التى لم يتعرض لحلها شارحوا الكشاف والناظرون فى هذا الكتاب* قال قدس سره بعد ما فصل فائدة الفصل*

١٩٦

حيث قال وهم فصل وفائدته الدلالة على ان الوارد بعده خبر لا صفة والتوكيد وايجاب ان فائدة المسند ثابتة للمسند اليه دون غيره قال الشارح رحمه الله تعالى اى توكيد الحكم لما فيه من زيادة الربط حتى قال الحكيم ابو نصر الفارابى ان معنى قولنا زيد هو العادل زيد است كه عادل است وما قيل انه لتأكيد المسند اليه لانه بمنزلة زيد نفسه العادل ليس بشئ* قال قدس سره يوهم ان هناك الخ* فيه ان التعرض لنفى الحقيقة يدفع ذلك اذ القصر يقتضى التغاير كيف والقصر اما فى قصر الموصوف على الصفه او عكسه وهو ليس شيئا منهما والمقصود انه متحد به وقد اكده بقوله وهل تعرف حقيقته فزيد هو هو بعينه فعبارة الشيخ اظهر فى افادة الاتحاد من عبارة الكشاف* قال قدس سره كما اوهم ذلك عبارة الكشاف* لفظ لا يعدون وان اوهم القصر لكن لفظ تلك الحقيقة يدفعه* قال قدس سره وتحقيق المقام* اى فى نفسه وليس فيه دفع البحث السابق اذ خلاصته ان كلام الشيخ لا مزية له فى افادة ما قصده الشارح رحمه الله تعالى على كلام الكشاف فنقله لا فائدة فيه وبهذا التحقيق لا يندفع ذلك كما لا يخفى* قال قدس سره فظهر ان هذا المعنى الخ* ظهر مما سبق كونه معنى التعريف الجنسى اما فرعيته فكلا وقد ذكرنا فيما سبق وجه الفرعية* قال قدس سره فان قلت قول الشيخ الخ* ابطال لكون مراد الشيخ الاتحاد بانه مناف لكلامه كما ان الاعتراض اللاحق ابطال لكونه معنى تعريف الجنس (قوله نحو زيد هو افضل الخ) ترك مثال المعرف باللام لما فيه من احتمال ان يكون القصر فيه مستفادا من لام الجنس (قوله ان هو للتخصيص) بمعنى ان الله يقبل التوبة لا غيره وهذا على تقدير ان لا يكون تقديم لفظ الله على المسند الفعلى للتخصيص فانه سيجئ ان تقديم المسند اليه على المسند الفعلى اذا لم يل حرف النفى قد يأتى للتخصيص وقد يأتى للتقوى (قوله والتأكيد) اى لتأكيد الحكم يدل عليه عطف قوله وان الله من شانه قبول التوبة فانه عطف تفسيرى للتأكيد (قوله وقد يكون لمجرد التوكيد) اى لتأكيد الحكم من غير افادة التخصيص المسند بالمسند اليه فيكون الفصل مستعملا فى جزء معناه فان كان الحكم بطريق قصر المسند على المسند اليه افاد تأكيده وان كان بطريق قصر المسند اليه على المسند افاد تأكيده وهذا معنى قوله فى شرح المفتاح ان الاظهر انه فى الخبر المعرف باللام انما يفيد تأكيد التخصيص اذا التخصيص حاصل بدونه سواء كان قصر المسند على المسند اليه مثل زيد هو القائم والله هو الرزاق او بالعكس مثل الكرم هو التقوى اى لاكرم الا التقوى انتهى لا انه مستعمل لتأكيد التخصيص فضمير الفصل لا يستعمل

١٩٧

الا لتخصيص المسند بالمسند اليه او لتأكيد الحكم على الوجه الذى افاده الكلام ولا يستعمل لقصر المسند اليه على المسند اصلا وما ذكره السيد فى شرح المفتاح من انه لا يستعمل لتأكيد قصر المسند اليه على المسند ايضا فليس بشئ لانه يستعمل لتأكيد الحكم فالحكم اذ كان بقصر المسند اليه على المسند لا بد ان يفيد تأكيده والا لخلا الفصل عن الفائدة المعنوية (قوله نحو الكرم هو التقوى) فان قصر الكرم على التقوى افاده تعريف الكرم باللام ولا معنى لقصر التقوى على الكرم فضمير الفصل لتأكيد الحكم المشتمل على قصر المسند اليه على المسند وكذا فى المثال الثانى (قوله قال ابو الطيب الخ) استشهاد على مجئ الفصل لتأكيد الحكم بقصر المسند اليه على المسند اذ لا مجال لقصر المسند على المسند اليه فاستعمل ضمير الفصل فى كلام هو لقصر المسند اليه على المسند دون العكس فيفيد تأكيده* قال قدس سره الضرب الاول الخ* يعنى ان التقديم من صفات اللفظ وتقسيمه الى المعنوى واللفظى باعتبار تحقق معنى التقديم وهو نقل الشئ من مكانه الى ما قبله فى الاول دون الثانى كتقسيم الاضافة التى هى من صفات اللفظ اليهما باعتبار تحقق معنى الاضافة وهو الاختصاص فى المعنوية دون اللفظية وقيل سمى الاول معنويا لكونه مفيد التغير المعنى بالاختصاص غالبا بخلاف الثانى فانه لا يفيد ذلك عند السكاكى رحمه الله تعالى اصلا وان افاده فى الجملة عند غيره فيسمى تقديما لفظيا فالاول اشبه بالاضافة المعنوية المفيدة للتعريف او التخصيص والثانى باللفظية المفيدة لمجرد التخفيف اللفظى والاول اظهر* قال قدس سره فلا نسلم انه لا بد من تحقق المحكوم عليه الخ* والجواب ان المراد منه الوجوب الاستحسانى بقرينة ان الاصل بمعنى الراجح والاولى دون الواجب* قال قدس سره فلا نزاع فيه اذا كان الخ* لامتناع قيام الموجود بالمعدوم بخلاف ما اذا كان كلاهما عدميا وهو ظاهر واذا كان المحكوم به عدميا وكان الاتصاف ذهنيا فانه لا يجب تحققه فى الخارج فضلا عن التقديم وان كان الاتصاف خارجيا فالواجب تحققه فى الخارج قبل الاتصاف به لا قبله واما كون المحكوم به موجودا خارجيا والمحكوم عليه عدميا فغير ممكن* قال قدس سره الا ان ترتيب الالفاظ الخ* فالوالجب ان يكون وضع الالفاظ على وفق ترتيب المعانى فى العقل والجواب ان المستحسن ان يكون تعقل المعانى على ترتيبها فى الخارج وبذلك يحصل المقصود وهو كون الراجح والاولى تقديم المسند اليه (قوله اهم) اى من ذكر المسند وان كانا جميعا مهمين لكونهما ركنى الكلام واهم افعل التفضيل من همه الامر هما احزنه ويؤيده عطف يعنيك على يهمك فى عبارة

١٩٨

شرح المفتاح الشربفى او من هم السقم جسمه اذا به واذهب لحمه فهو كناية عن كمال العناية ولا يجوز ان يكون من هممت الشئ اردته لابتناء صيغة التفضيل للمفعول او القول بالاسناد المجازى اى اهم صاحبه (قوله يجرى مجرى الاصل) معناه ان جميع الدواعى التى تذكر للتقديم كلها راجعة اليه رجوع الفروع الى اصله المستنبطة منه لا انها محتاجة فى كونها مقتضية للتقديم الى ارجاعها اليه فى شرح المفتاح الشربفى ان جعلها حالات مقتضية للتقديم بلا واسطة الاهمية اولى من جعلها من اعتبارات الاهمية بناء على ان تقديمه لما كان مفيدا لهذه المعانى كان ذكره اهم من ذكر المسند ولعل المصنف رحمه الله ادرجها فى تلك الاعتبارات روما للضبط (قوله اذا لم يكن معه ما يقتضى العدول الخ) فانه عند تحققه يترك تقديم المسند اليه لانه اولى ويترك الاولى عند تحقق المقتضى لخلافه فتدبر فانه قد غلط فيه وقيل ان اللازم من وجود المقتضى للعدول التعارض بينه وبين ما يقتضى التقديم (قوله حصول الشئ) اى المترقب لئلا ينافى ما يقال ان حصول نعمة غير مترقبة الذّو هو كرزق لا يحتسب (قوله بعضهم بقبول بالمعاد) وهو الهادى كما يدل عليه قوله بان امر الآله حيث جعل الحشر من امر الاله وقوله بعده واللبيب اللبيب من ليس بغتر بكون مصيره للفساد اى فساد المزاج وعدم المعاد (قوله واما لتعجيل المسرة او المساءة للتفأل او التطير) اى لكونه صالحا للتفأل او التطير على ما فى الايضاح فلفظ المسند اليه لكونه صالحا للتفأل او التطير يفيد المسرة او المساءة وتقديمه لا لافادتهما بل لتعجيلهما واشار بزيادة لفظ التعجيل الى ان ما وقع فى المفتاح وهو اما لان اسم المسند اليه يصلح للتفأل فتقدمه الى السامع لتسره او تسوءه معناه تسره او تسوءه ابتداء واماما فى شرح المفتاح من انه اذا كان الاسم يصلح للتفأل وتقصد التفأل فتقدم الاسم الى السامع بتقديمه على المسند ليتفأل به فتحصل له مسرة او مساءة وذلك لان التفأل والتطير انما يكونان بمستهل الكلام لا بما يذكر فى اثنائه فبطل ما قيل ان التفأل حاصل قدم الاسم او اخر فالمقتضى لتقديمه تعجيل المسرة او المساء بتعجيل التفأل ففيه بحث اما اولا فلانا لا نسلم ان التفأل والتطير انما يكونان بمستهل الكلام ففى الاساس الفال ان يسمع الكلمة الطيبة فيتيمن بها وفى القاموس الفال ضد الطيرة كان يسمع مريض يا سالم او طالب يا واجد وفى الطيبى شرح المشكوة روى انس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انه قال لا عدوى ولا طيرة ويعجبنى الفال قالوا وما الفال قال كلمة طيبة واما ثانيا فلانه ان اراد بالكلام فى قوله مستهل الكلام الجملة على ما هو

١٩٩

مصطلح النحو فلا نسلم ان التفأل والتطير انما يكونان بمستهل الجملة فانه نقل انه لما انشد القبعثرى يوم المهر جان عند الداعى لا تقل بشرى ولكن بشريان غرة الداعى ويوم المهرجان قال الداعى لا بشرى لك يا قبعثرى فتطير بنفى البشرى مع انه ليس فى مستهل الجملة وان اراد به الحديث والقصة فقولنا فى دارك سعد او سفاح يفيد التفأل والتطير اذا وقع فى مستهل القصة سواء قدم المسند اليه اواخر ثم التعجب ان السيد كتب فى حاشية الشرح ان التفأل قد يكون باللفظ المسموع فى مستهل الكلام كلفظ سعد او سعيد مثلا وهذا هو الذى يقتضى تقديم المسند اليه اذا كان صالحا له وقد يكون بمضمون الكلام كما فى قولك سعد فى دارك فانه قد يتفأل بكون سعد فى داره وهذا التفأل حاصل سواء قدم المسند اليه اواخر فلا يقتضى تقديمه على المسند وكان صاحب الايضاح اشتبه عليه الفرق بين التفألين فتبصر انت ولا تغفل انتهى (٧) والحال ان عبارة الايضاح صريحة فى التفأل باللفظ المسموع حيث قال لكونه اى المسند اليه صالحا للتفأل او التطير ثم انه اذا اعتبر فى التفأل كونه بمستهل الكلام فكيف يحصل بقولك سعد فى دارك ما لم يعتبر بعده كلام آخر وان اعتبر بعده كلام آخر فكذلك التفأل الحاصل باللفظ المسموع يحصل به وان لم يكن مقدما على المسند لوقوعه فى مستهل ما بعده (مثل اظهار تعظيمه) اى التعظيم الحاصل بلفظ المسند اليه بجوهر لفظه نحو ابو الفضل او بالاضافة نحو ابن السلطان او بالصفة نحو رجل فاضل فالتعظيم حاصل بلفظ المسند اليه لكونه صالحا له واظهاره يحصل بتقديمه لانه يدل على انه سبق الكلام له ففيه اظهار للتعظيم المستفاد منه وهذا كما قال الاصوليون ان فى النص زيادة وضوح بالقياس الى الظاهر لسوق الكلام له وكذا الحال فى التحقير اذا كان لفظه مشتملا على التحقير كان التقديم لاظهاره ولذا زاد لفظ الاظهار ولم يقل لتعظيمه او تحقيره فلا حاجة الى ما قال السيد فى شرح المفتاح ان انباء التقديم عن التعظيم والتقدم فى الشرف على المتأخر متعارف الا ان المتأخر ههنا هو الخبر وبيان شرف المبتدا عليه مما لا يلتفت اليه فكأنه اراد ان الافتتاح به لما كان على سنن تلك الطريقة انباء عن تعظيمه فى الجملة فانه مع كونه تكلفا انما يتم فى الانباء عن التعظيم دون التحقير فلا بد من القول بان المراد انباؤه عن التحقير ابتداء اذا كان لفظ المسند اليه صالحا له بجوهره او بالاضافة او بالوصف (قوله او لان كونه متصفا الخ) هذه العبارة لا دلالة لها على الاستمرار ولذا قال السيد فى شرحه يريد ان اتصافه بمضمون الخبر على الاستمرار بحيث يعد من المتصفين المتسمين به يكون هو المطلوب من الكلام لا مجرد الاخبار

__________________

(٧) والحاصل آه نسخة

٢٠٠