حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

١

(سيالكوتى على المطول)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

(قوله افتتح كتابه الخ) اى كتابه المقدر فى الذهن ان كانت الخطبة ابتدائية او المحقق ان كانت الحاقية والافتتاح التصدير ومعنى افتتاح الكتاب بالحمد بعد التيمن بالتسمية اى بعد الافتتاح بها ذكر الحمد عقيب التسمية بلافصل مقدما على ما سواهما وهذا الكلام لا دلالة له على جزئية شئ منهما ولا على عدمها على ما وهم وزاد لفظ التيمن اشارة الى ان الافتتاح بالتسمية للتيمن والتبرك سواء قلنا ان الباء للملابسة كما هو مختار صاحب الكشاف والشارح رح او للاستعانة كما هو مختار القاضى او صلة للفعل المقدر كما ذهب اليه البعض فان الملابسة والاستعانة انما هو ببركاتها والافتتاح بها لاجل البركة الا ان فى الاستعانة زيادة وهو الاشارة الى ان المشروع فيه لا يتم بدونها والاستعانة ليست حقيقية حتى توهم عدم كون ذكره تعالى مقصودا بالذات وكذا الحال فى قوله بحمد الله وفى حديثى الابتداء وليس فى كلام الشارح رح اشارة الى خصوصية شئ من الاحتمالات نعم فى نسبة الافتتاح اليهما مع البعدية اشارة الى انه لا منافاة بينهما لان المراد التصدير على ما سوى التسمية والحمد فلا تعارض بين الحديثين ان جعل الباء صلة لم يبدأ واما على تقدير جعله للملابسة او الاستعانة فلا توهم للتعارض فانه يمكن

٢

تلبس الابتداء والاستعانة فيه بطريق التيمن بامور كثيرة اذ التيمن بامور كثيرة ليس مختصا بحال التلفظ بل باق الى آخر الكاب (قوله اداء) جعله علة للافتتاح نظرا الى كونه نصب عين المصنف رح حيث قال على ما انعم والاففى الافتتاح المذكور اقتداء باسلوب الكتاب المجيد وامتثال لحديثى الابتداء وعمل بما شاع بين العلماء (قوله لحق شئ مما يجب عليه من شكر نعمائه الخ) ان كان ما موصوفة او موصولة للعهد او الجنس فكلمة من فى مما يجب بيانية والثانية مبينة لما يجب ان اريد بالشكر مطلقه وتبعيضية ان اريد به الشكر الكامل وهو مجموع الاعتقاد والذكر وعمل الجوارح وان كان للاستغراق فمن الاولى تبعيضية والثانية مبينة لشئ لا لما يجب اذ لا ابهام فيه ولانه لا يصح بيان العام بالخاص وانما كان فى الافتتاح المذكور اداء لحق شئ من شكر النعمة التى تأليف هذا المختصر اثر من آثارها لانه فى حالة افتتاح الكتاب تكون النعمة التى اثرها هذا التأليف حاضرة فى ذهن المصنف رح وحق شكر كل نعمة ان يؤدى حال حضورها فى الذهن ولا يؤخر عنه فاتضح العلية واندفع الشكوك التى او رد عليها الناظرون من غير حاجة الى كلمات ذكروها وظهر فائدة توصيف النعمة بالتى تأليف هذا المختصر اثر من اثارها (قوله الثناء باللسان) ذكر اللسان للتنصيص بالمورد لانه قد يطلق اثناء بمعنى يشمل غير فعل اللسان والجميل صفة للفعل المحذوف ويتبادر منه الاختيارى كما صرح به الشارح رح فى شرح الكشاف ويدل عليه استعمال الكتاب المجيد وحمده تعالى على صفاته الذاتية بتنزيلها منزلة الاختيارية او على ان المراد بالفعل الاختيارى المنسوب الى الفاعل المختار سواء كان مختارا فيه اولا (قوله سواء تعلق بالفضائل الخ) تصريح بمتعلقه والا فالتعريف تصوير لماهية المحدود لا بيان لعمومه وسواء اسم بمعنى الاستواء مرفوع على الخبرية للفعل المذكور بعده لانه مجرد عن النسبة والزمان فحكمه حكم المصدر والهمزة مقدرة لان ام المتصلة لا تستعمل بدونها وربما جردتا عن الاستفهام واريد مجرد التسوية ولذا صارت الجملة خبرية فكأنه قيل تعلقه بالفضائل وتعلقه بالفواضل سواء اى سيان وما قاله الرضى والذى يظهر لى ان سواء فى مثله خبر مبتدأ محذوف تقديره الامر ان سواء ثم بين الامرين بقوله اقمت ام قعدت كما فى قوله تعالى (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) اى الامران سواء والجملة جزاء للجملة التى بعدها لتضمنها معنى الشرط وافادة همزة الاستفهام معنى ان لاشتراكهما فى الدلالة على عدم الجزم والتقدير ان تعلق بالفضائل والفواضل فالامران سيان فتكلف كما لا يخفى والفواضل المزايا المتعدية

٣

بمعنى ان النسبة الى الغير مأخوذة فى مفهومها كالانعام والفضائل المزايا الغير المتعدية كالعلم والقدرة (قوله ومحبة الخ) اشارة الى ان مجرد اعتقاد الاتصاف بصفة الكمال ليس شكرا ما لم ينضم اليه المحبة وميل القلب الى تعظيمه كاعتقاد الكفار الذين كانوا يعاندون النبى صلّى الله عليه وسلّم وانما تركوا فى المشهور التصريح بها لانهم ارادوا من الاعتقاد التصديق والاذعان وهو يستلزم المحبة (قوله وخدمة) لان العمل بطريق الاعانة او الترحم او الاجرة لا يكون شكرا (قوله فمورد) فرع على التعريفين بيان موردهما ومتعلقهما ثم فرع عليه النسبة بينهما فلا استدراك نعم انه يكفى احدهما (قوله بالعلم والشجاعة) اى بسبب العلم والشجاعة (٣) (قوله والله اسم) لا صفة على ما ذهب اليه البعض من انه فى الاصل صفة صار علما بالغلبة وتفصيله فى التفسير (قوله للذات) اورد المعرف باللام اشارة الى انه اسم للذات المعينة بالشخص فيكون علما ثم ذكر من صفاته ما هو مختص به لفظ او معنى اشارة (٩) الى طريق انحصاره لاشتهاره بهذين الوصفين فى ضمن ذلك الاسم كحاتم بالجود (قوله ولذا لم يقل) اى لكونه اسما للذات المعينة من غير اعتبار صفة معه لم يقل للرزق او الخالق او غيرهما من الاسماء الدالة على الصفة حتى اتصف بجميع صفات الكمال (قوله مما يوهم الاختصاص) لان اللام للاستحقاق فاذا قيل الحمد لله يفيد استحقاق الذات له واذا علق بصفة افاد استحقاق الذات الموصوفة بتلك الصفة له والاختصاص افاده تعريف الحمد وانما قال يوهم لكون استحقاق جنس الحمد بوصف دون وصف حكما باطلا فى نفسه لا لان تعليق الحكم بالوصف يدل على العلية لا على الاختصاص لانه مستفاد من تعريف المسند اليه (قوله بل انما تعرض) اضراب عن قوله لم يقل (قوله تنبيها على تحقق الاستحقاقين) فالذاتى مستفاد من اللام والوصفى من قوله على ما انعم حيث جعله محمودا عليه صريحا والاستحقاق الذاتى ما لا يلاحظ معه خصوصية صفة حتى الجميع لا ما يكون الذات البحث مستحقا له فان استحقاق الحمد ليس الاعلى الجميل سمى ذاتيا لملاحظة الذات فيه من غير اعتبار خصوصية صفة او لدلالة اسم الذات عليه او لانه لما لم يكن مستندا الى صفة من الصفات المخصوصة كان مستندا الى الذات (قوله لاقتضاء المقام الخ) يعنى ان كلا الجزئين من جملة الحمد الله مهم فى مقام الحمد لكن الاهتمام زائد بلفظ الحمد لكونه بصدد صدور مدلوله فى ضمن فردما فهو نصب العين فلا يردان الحمد مجموع قول القائل الحمد لله ولا اختصاص له بكلمة الحمد فان جزئى الجملة متساويا النسبة اليها (قوله وان كان ذكر الله اهم

__________________

(٣) او من حيث العلم والسجاعة نسخه

(٩) الى طريق احصاره والى اشتهاره الخ نسخه

٤

فى نفسه) فهو يقتضى تقديم لفظ الله لكن المقتضى العارض بحسب المقام اقوى عند المتكلم (قوله على ان الخ) بنائية اى كون تقديم الحمد لمزيد الاهتمام مبنى على ان فى الحمد لله اختصاصا كما فى لله الحمد اما اذا لم يكن فيه اختصاص فالتقديم لا يكون لمزيد الاهتمام بل لعدم قصد الاختصاص والقول بان على بمعنى المصاحبة كمع نحو قوله تعالى (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) خروج عن الظاهر من غير ضرورة ويأبى عنه لفظ ايضا (قوله وانه به حقيق) اى الحمد لذاته تعالى لا لغيره حقيق كما يقتضيه السابق او انه تعالى بالحمد حقيق كما يقتضيه اللاحق وهو قوله لم يكن احدا حق منه (قوله وبهذا يظهر) اى بما ذكر من ان (٢) صاحب الكشاف قائل بالاختصاص فى الحمد لله يظهر الخ (٧) اعلم ان حل هذا الكلام الذى هو من مداحض الافهام موقوف على تحقيق عبارة الكشاف حيث قال واصله النصب الذى هو قراءة بعضهم باضمار فعله على انه من المصادر التى ينصبها العرب بافعال مضمرة فى معنى الاخبار كقولهم شكرا وكفرا وعجبا ينزلونها منزلة افعالها ويسدون بها مسدها ولذلك لا يستعملونها معها ويجعلون استعمالها كالشريعة المنسوخة والعدول الى الرفع للدلالة على دوام المعنى واستمراره الى قوله والمعنى نحمد الله حمدا ولذلك قيل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) لانه بيان لحمدهم له كانه قيل كيف تحمدونه فقيل اياك نعبد فان قلت ما معنى التعريف فيه قلت هو نحو التعريف فى ارسلها العراك وهو تعريف الجنس ومعناه الاشارة الى ما يعرفه كل احد من ان الحمد ما هو والعراك ما هو من بين اجناس الافعال والاستغراق الذى توهمه كثير من الناس وهم منهم انتهى فقيل فى توجيهه انه لما كان معناه نحمد الله حمدا كان اخبارا عن ثبوت حمد غير معين من المتكلم له تعالى على ان المصدر للعدد لا للتأكيد فاتجه للسامع ان يقول كيف تحمدونه اى بينوا كيفية حمدكم فانها غير معلومة فبين بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) اى نقول هذه الكلمات ونحمده بهذا الحمد فاورد عليه السؤال بانه اذا كان المعنى ما ذكرت فما معنى التعريف فيه فان المناسب للابهام ثم البيان التنكير واجاب بان تعريفه مثل تعريف العراك يعنى تعريف الجنس من حيث وجوده فى فرد غير معين ولذا بين بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وهذا موافق لظاهر عبارته وقيل انه لما كان معناه نحمد الله حمدا كان المصدر للتأكيد فيكون دالا على حقيقة الحمد من غير دلالة على الفردية والسؤال المقدر عن كيفية صدور تلك الحقيقة وحاصل الجواب بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) انا نحمده حمدا مقارنا للعبادة التى هى فعل الجوارح والاستعانة التى هى فعل القلب ولا نقتصر على مجرد

__________________

(٢) اى الكشاف فى تفسير الفاتحة فى قوله تعالى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) م

(٧) (قوله بل على ان الحمد ا ه) نسخه

٥

القول اللسانى ثم اورد عليه السؤال بانه يكفى لافادة هذا المعنى المصدر المنكر فما فائدة التعريف فيه واجاب بانه تعريف الجنس للاشارة الى الماهية المعلومة للمخاطب من حيث هى كما فى العراك الا انه فيه للجنس باعتبار وجودها فى فرد ما بخلافه ههنا وتعريف الماهية مشترك بينهما وعلى هذين التوجيهين يكون اختياره للجنس ومنعه للاستغراق لرعاية مذهبه والاختصاص على الاول اختصاص الفرد وعلى الثانى اختصاص الجنس باعتبار الكمال ولا يخفى حينئذ سقوط اعتراض الشارح رحمه الله بان الاختصاصين متلازمان وكل منهما مخالف لمذهبه ظاهرا موافق له تأويلا فلا يكون رعاية المذهب موجبا لاختيار الجنس دون الاستغراق ولا يرد ما اورده السيد قدس سره على الثانى من انه كما يجوز الحمل على الجنس باعتبار الكمال على مذهبه يجوز الحمل على الاستغراق باعتبار تنزيل محامد غيره منزلة العدم لان فيه تطويل المسافة والالتجاء الى معونة المقام من غير حاجة وقيل حاصل الجواب عن كيفية صدور تلك الحقيقة بتخصيص العبادة المشتملة على الحمد وغيره لان انضمام غيره معه نوع بيان لكيفيته اى حال حمدنا انا نجمعه بسائر عبادات الجوارح والاستعانة فى المهمات ونخص مجموعهما بك وتقرير السؤال والجواب المذكورين بقوله فان قلت وقلت بحاله وحينئذ لا يصح ان يكون اختياره الجنس لرعاية مذهبه لان الاختصاصين متلازمان بل لان الحمد مصدر سادمسد الفعل والفعل لا يدل الاعلى الحقيقة فكذا ما هو ينوب منابه وان كان معرفة ليصح بيانه بقوله اياك نعبد واياك نستعين والحمل على الاستغراق وهم لانه يبطل النيابة عن الفعل المحذوف اذ يصير الكلام مسوقا لبيان العموم فلا يصح البيان وعلى هذا سقط اعتراض الشارح رحمه الله بقوله وفيه نظر لان النائب الخ وقال الشارح رحمه الله ان اختياره الجنس والمنع عن الاستغراق كما يدل عليه تقرير السؤال المذكور بقوله فان قلت ما معنى التعريف فى شرح الكشاف وكلمة بل الاضرابية ههنا فانه اضراب عن المبنى عليه والمبنى بحاله وقوله فالاولى اى الاولى فى بيان تلك الدعوى لوجهين احدهما انه المتبادر الى الفهم اى من نفس اللفظ وقوله الكثير الشائع فى الاستعمال صفة للمتبادر احتراز عن المتبادر عن نفس اللفظ الذى لا يكون استعماله كثيرا كالمجاز المتعارف كما فى قولنا لا يأكل من هذه النحلة فان المتبادر من نفس اللفظ الشجرة المخصوصة لكن استعماله فى اليمين بهذا المعنى نادر ولذا يصح لونوى حقيقة كلامه (قوله لا سيما فى المصادر) فانها موضوعة للحدث من غير دلالة على الوحدة والكثرة فتبادر الجنس منها من نفس اللفظ اقوى

٦

ولا سيما عند خفاء القرائن المرجحة للاستغراق كما فيما نحن فيه فان الاختصاصين متلازمان بل اختصاص الجنس اولى لانه يدل على اختصاص كل واحد من المحامد واختصاص جميعها والاستغراق يدل على احدهما بخلاف ما اذا كانت القرائن المرجحة للاستغراق ظاهرة فان المتبادر من نفس اللفظ وان كان هو الجنس لكن يكون المتبادر بالقياس الى القرائن الاستغراق وبما حررنا اندفع نظر السيد الشريف قدس سره اما الاول فلان تبادر الاستغراق فى المقامات الخطابية لا ينافى تبادر الجنس عن نفس اللفظ واما الثانى فللتلازم بين الاختصاصين فلا نار ولا علم فضلا عن نار على علم وثانيهما وهو المنقول عن صاحب الكشاف فى حواشيه ان اللام لا تدل الاعلى التعريف والاسم لا يدل الاعلى مسماه فان كان مسماه الماهية من حيث هى كما فى المطلق افاد تعيين الماهية وان كان مسماه الماهية من حيث الوحدة كما فى اسم الجنس افاد تعيين الواحد فاذا لا يكون ثمه اى فى الحمد لله استغراق نظرا الى نفس اللفظ والحمل على الاستغراق وهم لانه ترك للحقيقة من غير قرينة مانعة عنها وبما ذكرنا اندفع بحث السيد الشريف قدس سره بالترديد كما لا يخفى وكذا ما قيل لو تم هذا الوجه لدل على عدم افادة اللام للعهد الخارجى وقد ظهر لك مما ذكرنا ان ما يفهم من اختيار صاحب الكشاف الحمل على الجنس والمنع عن الاستغراق مستفاد من جعل قوله اياك نعبد واياك نستعين بيانا لحمدهم فاندفع اعتراض السيد الشريف بقوله فنقول منعه للاستغراق اما ان يفهم الخ وقال السيد قدس سره فى حواشى الكشاف ان قوله فان قلت الخ ليس سؤالا على ما تقدم بل هو تفسير للام التعريف وبيان لما وضع له بعد الفراغ عن بيان معنى الحمد واعرابه واورده بطريق السؤال والجواب اهتماما بشانه وكان الواجب ان يقول ما معنى اللام الا انه قال ما معنى التعريف اشارة الى ان اللام للتعريف اتفاقا فبين انه قال موضوع للجنس والقول بانه موضوع للاستغراق وهم فانه انما يستفاد بمعونة القرائن والدليل المنقول فى حواشيه ناهض عليه بلا مؤنة لكن يرد عليه انه بعد ما بين ما وضع له اللام لم لم يبين ما هو المراد منه ههنا مع ان وظيفة المفسر هذا فاما ان يقال ان الحقيقة تتعين للارادة ما لم يصرف عنها صارف (٩) فلم لم يحمل كلامه اولا على ان مقصوده بيان المراد من اللام واما ان يقال لم يبين المراد اشارة الى تجويز ارادة الجنس من حيث وجوده فى ضمن كل الافراد ففيه انه على تقدير الاستغراق كيف يصح ان يكون قوله اياك نعبد واياك نستعين بيانا لحمدهم وان الاستغراق انما يراد بعد الجنس كما صرحوا بان الحكم ان لم يكن على الماهية من حيث هى بل من حيث الوجود ولم يكن قرينة البعضية وكان المقام خطابيا يحمل على الاستغراق لئلا

__________________

(٩) فلذا لم يحمل نسخه

٧

يلزم الترجيح بلا مرجح بقى ههنا بحث شريف وهو ان قوله على ان صاحب الكشاف الخ انما يتجه لو كان المراد بقوله بعد الدلالة على اختصاص الحمد به اختصاص ثبوت نفس الحمد اما لو كان المراد اختصاص ثبوت استحقاق الحمد بان يجعل قوله وانه به حقيق تفسير الاختصاص الحمد به او يكون المراد اختصاص اثبات الحمد به كما يدل عليه بيانه بقوله اياك نعبد واياك نستعين فلا لان اختصاص استحقاق الحمد به تعالى لا ينافى فى ثبوته لآخر لا بطريق الاستحقاق كما فى قولنا الجل للفرس وكذا اختصاص اثباته به لا ينافى ثبوته لآخر كما فى العبادة هذا ما افاده ذهنى الكليل بعد مطالعة الكشاف وما يتعلق به فعليك بالتدبر اللائق فان فيه فوائد جمة تعطيك الاقتدار على دفع ما عرض المناظرين فى هذا المقام (قوله ليس كما توهمه) الجار والمجرور فى موضع المصدر اى ليس مبنيا بناء مثل ما توهمه كثير من الناس او فى موقع الحال من ضمير مبنيا اى ليس مبنيا حال كونه مماثلا لما توهمه كثير من الناس على ما قاله صاحب المغنى فى قوله تعالى (كما بدأنا اول خلق نعيده) والقول بانه خبر ليس ومبنيا بدل منه او خبر بعد خبر تكلف (قوله بل على الخ) اى بل هو مبنى على هذا ولا يقدر منصوبا على انه خبر ليس لانه يلزم ان يكون داخلا تحت قوله وبهذا يظهر فيلزم ان يكون هذا ايضا ظاهرا بما ذكر (قوله على ما انعم) كلمة على متعلقة بقوله الحمد لله باعتبار الاثبات لان القيد المذكور بعد الجملة قد يكون قيدا للمسند كما فى ضربت زيدا بالسوط وقد يكون قيدا لثبوته كما فى ضربت زيدا قائما وقد يكون لاثباته كما فيما نحن فيه فكأنه قيل اثبت هذا الحمد اعنى الحمد لله على مقابلة الانعام فلا يرد ان ثبوت جنس الحمد على وجه الاختصاص كيف يصح بمقابلة الانعام وما قيل انه تعليل لانشاء الحمد وكلمة على تعليلية كما فى قوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) ففيه انه صرف عن الظاهر المتبادر من غير ضرورة (قوله اى انعم به الخ) هذا على تقدير جواز حذف العائد المجرور مع الجار واما على تقدير امتناعه كما صرح به الامام المرزوقى فلا يصح قوله مع تعذره آه فيه انه يجوز ان يكون التقدير وعلم به من البيان ما لم نعلم ويكون ما علم به عبارة عما يتوقف عليه التعليم من الشعور وغيره فالاولى ان يقال مع تكلفه فى المعطوف عليه (قوله ان التقدير آه) تعريف التقدير يفيد ان الزاعم قائل بانحصار التقدير على ما ذكره فلذا قال تعسف ولو كان مراده جواز ذلك التقدير فلا تعسف (قوله بدل من الضميراه) بناء على جواز حذف المبدل منه وقد صرح بامتناعه فى غير صورة الاستثناء ابن الحاجب (قوله فقد تعسف) اى سلك الطريق الغير المستقيم حيث ترك الايسر وهو جعل ما مصدرية وسلك الاعسر (قوله امكن) من مكن الشئ مكانه

٨

اى اخذ مكانه (قوله ولم يتعرض للمنعم به) اى صريحا والا فعموم الانعام المستفاد من اضافة المصدر الى الفاعل مستلزم لعموم المنعم به ضمنا استلزاما عقليا لا يقبل التخصيص (قوله لقصور العبارة الخ) اعادة اللام تشعر باستقلال كل واحد بالعلية وبيانه ان التعرض للمنعم به بذكر البعض او بذكر الكل تفصيلا او اجمالا وعلى التقادير الثلاثة العباره قاصرة اما لعدم افادة الاحاطة كما فى ذكر البعض والتفصيل او لافادة الاحاطة الناقصة كما فى الاجمال وكذا توهم الاختصاص بشئ وهو المذكور دون شئ وهو المتروك متحقق على التقادير الثلاثة وكذا ذهاب نفس السامع كل مذهب ممكن انما يتحقق اذا لم يذكر شئ منها (قوله ثم انه) كلمة ثم للتراخى فى الرتبة كما فى قوله ان من ساد ثم ساد ابوه اشارة الى ترقى المصنف رح فى مراتب البلاغة (قوله صرح ببعض النعم) من حيث انه نعمة وهو تعليم البيان حيث عطفه على الانعام المحمود عليه (قوله الى اصول ما يحتاج اليه الخ) وهو الغداء واللباس والمسكن وغيرها من المنكح ودفع الموذيات وقيد الاصول احتراز عن الامور الجزئية التى يحتاج اليها فى بقاء النوع احيانا وليس علم الشرائع والشارع والمعجزة داخلة فى اصول ما يحتاج اليه فان الاحتياج اليها لانتظام امر الاجتماع على ما ينبغى وعدم اختلاله يدل على ما قلنا ذكر قوله فانعم الله بعد ذكرها وتفريعه عليها وعطف قوله ثم ان هذا الاجتماع على قوله ثم انه صرح الخ وعدم ادخاله تحته (قوله يتعاونون الخ) عطف بيان لقوله يحتاج او جملة مستأنفة وجعله حالا ركيك (٣) من جهة المعنى (قوله وفى الكتابة مشقة) لانه يحتاج الى الآلات والحركات الغير الضرورية بخلاف البيان فانه متعلق بالتنفس الضرورى غير محتاج الى آلة مع ان فى الكتابة ضرورا وهو بقاؤها بعد تحصيل الاعلام ثم ان فهم المعانى من الاشارة والكتابة على تقدير فرض وضعهما لها كفهمنا اياها من الالفاظ بتكرر اطلاقها عليها مع القرائن (قوله وهو المنطق الفصيح الخ) اى النطق الظاهرى الذى لا يلتبس بعضه ببعض كما فى الحان الطيور المظهر عما فى الضمير بدلالات وضعية اما من الله او من اهل اللغة على ما حقق فى موضعه (قوله ثم ان هذا الاجتماع الخ) بيان لوجه عقلى لتعرض الصلوة على النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم وتخصيص الصفات الثلاثة المذكورة من نعوته (قوله معاملة) بان يأخذ واحد منهم ما يحتاج اليه من آخر ويعطيه ما عنده فاضلا عن حاجته عوض ما اخذ منه (قوله وعدل يتفق الجميع عليه) اى استواء فى المعاملة يتفق الكل على انه عدل وليس بخروج عن الاستواء (قوله والعدل) ابتداء كلام كأنه قيل فلا بد من العدل والعدل الى آخره وليس عطفا

__________________

(٣) وجه ركاكة المعنى ان الانسان محتاج فى تعيشه الى اجتماعه مع بنى نوعه للتعاون واذا حصل التعاون لا يبقى الاحتياج لانه حصل فاذا جعل حالا من ضمير محتاج يكون المعنى الانسان محتاج الى اجتماعه مع بنى جنسه مع ان ذلك والاحتياج حال التعاون هذا ما سنخ لخاطر الفقير والعلم عند الملك القدير فيكون المعنى ركيكا (لمحرره قبريسى)

٩

على المعاملة على ماوهم (قوله رعاية لبراعة الى آخره) المفعول له سبب حامل (٩) على الفعل وهو قد يكون غاية مترتبة معلولا له فى الخارج وقد يكون علة باعثة فالاول من الاول والثانى من الثانى فان الرعاية مترتبة على عطف الخاص على العام باشتماله على لفظ البيان والتنبيه باعث على العطف المذكور وليس معلولا له فى الخارج انما المعلول له التنبه فاندفع ما قيل ان الرعاية انما تحصل بايراد لفظ البيان ولا مدخل للعطف المذكور فيه (قوله ما لم نعلم) اى فى الزمان السابق على التعليم بوجه من الوجوه يدل عليه نفى العلم المطلق وذلك بخلق علم ضرورى فى ابناء آدم عليه السّلام بجميع الاسماء والمسميات من كل لغة (قوله ولفظ اوتى الخ) يعنى ان فى لفظ الايتاء تنبيها على انه ليس من عند نفسه ومعلوم انه لا يصح لهذا الفعل غيره تعالى فيكون منه تعالى فالظاهر ان يقدم قوله لا من عند نفسه على قوله من عند ربه الا انه قدمه للتأدب ولكونه اثباتا (قوله وترك الخ) دفع لما يترا أى من ان اللائقى للتنبيه المذكور التصريح بالفاعل بان فى عدم التصريح به نكتة اخرى وهى الاشارة الى ان هذا الفعل لا يصح لغيره (قوله اشارة الى المعجزة) باشتماله على القرآن الذى هو معجزة لا ان كل فصل الخطاب معجزة لعدم اعجاز ما سوى القرآن ولا ان المراد منه القرآن لعدم (٧) صحة المعنى (قوله الذى يتبينه من يخطب به) اى يفهمه وايتاء الكلام البين لا يقتضى ان يكون كل كلام يؤتى به كذلك حتى ترد المتشابهات على رأى من وقف على الا الله (قوله بين الحق والباطل الخ) الحق والباطل فى الاعتقادات والصواب والخطأ فى الاعمال (قوله اصله اهل) ابدلت الهاء همزة فتوالت همزتان ابدلت الثانية الفا (قوله خص استعماله الخ) يعنى انه فرق بينهما فى الاستعمال فيقال اهل الحجام ولا يقال آله (قوله فى الاشراف) فى القاموس الشرف محركة العلو والمكان العالى والمجد او لا يكون الا بالاباء او علو الحسب انتهى فقوله ومن له خطر دفع لتوهم تخصيص الاشراف بشرف الاباء او بعلو الحسب وبيان انه مختص بالعقلاء وفى الكشف ينافى تصغيره اختصاصه بالاشراف فتدبر (٦) (قوله جمع طاهر) فى القاموس الطهر بالضم نقيض النجاسة كالطهارة طهر كنصرو كرم فهو ظاهر وطهر وطهير والجمع اطهار وطهارى وطهرون فلا ينافى ما فى شرح الكشاف من انه جمع طهر كنمر وانمار ولا حاجة الى ما قيل انه جمع لطاهر من حيث المعنى فانه يخالفه التأييد (٧) بصاحب واصحاب (قوله وصحابته) بفتح الصاد وكسرها يستعمل فى الرفقاء والمراد اصحاب الرسول عليه السّلام وهم الذين طالت صحبتهم مع النبى عليه السّلام مسلمين وقيل بشرط الرواية وقيل هم

__________________

(٩) للتحصيل بقرينة ان ما بعده علة ذهنية وما قبله علة خارجية م

(٧) لانه يلزم ان يؤتى القرآن غير نبينا ايضا وهو فاسد م

(٦) فكأنه يريد ان بعد الاختصاص لم يصغر لمنافاته فانه بحسب الوضع للتحقير اطول يقال اجناها ابناها اى الذين جندا على هذه الدار بالهدم هم الذين بنوها م

(٧) لان التأييد انما هو بجهة لفظه لا بجهة معناه على ما لا يخفى (لمحرره قبريسى) وعددهم حين وفاته ١١٤٠٠٠

١٠

مسلمون رأوا النبى صلّى الله عليه وسلّم (قوله جمع خير) بالتشديد قيد بالتشديد لما فى القاموس من ان المخففة فى الجمال والمبسم والمشددة فى الدين والصلاح وما ذكرناه اولى مما قيل انه احتراز عن خير افعل التفضيل فانه لا يثنى ولا يجمع لكونه فى التقدير افعل من فان المذكور فى النسخة المصححة جمع الخير معرفا باللام (قوله اصله) اى غالبا اذ لا يطرد فى نحو اما قريشا فانا افضلها فان التقدير مهما ذكرت قريشا (قوله مهما يكن من شئ) فى القاموس مهما بسيطة لا مركبة من مه وما ولا من ماما خلافا لزاعيهما ولها ثلاثة معان الاول ما لا يعقل غير الزمان مع تضمن معنى الشرط كقوله تعالى (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) الثانى الزمان والشرط فيكون ظرفا لفعل الشرط كقوله* وانك مهما تعط بطنك سؤله* وفرجك نا لا منتهى الذم اجمعا* الثالث الاستفهام كقوله (٩) مهمالى الليلة مهماليه* اودى بنعلى وسرباليه* ويكن تامة فاعله ضمير راجع الى مهما ومن شئ بيان لمهمى (٦) لتأكيد العموم ولادخال الزمان ايضا وان كان مهما (٧) للزمان والشرط ففاعله من شئ ومن زائدة لان الشرط فى حكم غير الموجب (قوله فوقعت كلمة اما) اى فى نحو هذا التركيب وهو ما يكون الفاصل بين اما والفاء معمول الشرط بخلاف (٢) ما اذا كان جزء من الجزاء فان اما فيه واقعة موقع مهما فقط والفاصل فى موقع الشرط كما سيجئ فى بحث متعلقات الفعل وانما وقعت اما للاختصار مع كون الششرط من الافعال العامة (٩) التى يدل عليها الفاء الجزائية وفك المبتدأ (قوله موقع اسم) اشارة الى انه ليس مغيرا من مهما بقلب الهاء موضع الميم والهاء همزة وادغام الميم فى الميم (قوله وتضمنت معناهما) كتضمن نعم جملة الجواب (قوله غالبا) اى فى الشرط واما فى اما فلازم دائما وقيل فيه ايضا غالبا (قوله لصوق الاسم اللازم للمبتدأ) لصوق شئ لشئ اعم من ان يكون باعتبار مفهومه كلصوق الاسم للمبتدأ او باعتبار تحققه كلصوقه لا ما فان الملاصق له فرد من الاسم فلا غبار على هذا فى العبارة سواء جعل لفظ اللازم صفة للاسم او للصوق ولا حاجة الى ما تمحلوا به ثم ان لصوق الاسم لا ما اكثرى لقوله تعالى (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) الاية وقال الشارح رحمه الله التقدير فاما المتوفى ان كان الخ ولا يخفى ان التقدير مستغنى عنه ولا دليل عليه الا اطراد الحكم (قوله قضاء) علة لما فهم من قوله لزمتها الفاء ولزمها لصوق الاسم اى فعل ذلك قضاء فان اللزوم انما هو بجعل الجاعل (قوله لحق ما كان) اى الشرط والمبتدأ وحقهما الفاء والاسمية (قوله وابقاء له) اى لما كان بقدر الامكان وهو ابقاؤه

__________________

(٩) مهما مبتدأ ولى خبره والليلة ظرف الظرف ومهما ليه جملة مؤكدة للاولى اودى هلك والباء فى بنعلى زائدة وهو فاعله اى هلك نعلى وسربالى م

(٦) فعلى هذا يكون مهما ما لا يعقل غير الزمان فيكون مهما مبتدأ خبره اما الشرط واما الجزاء او المجموع فافهم م

(٧) فعلى هذا يكون مهما ظرفا لغوا لفعل الشرط م

(٢) وهو مذهب سيبويه والاول مذهب المبرد

(٩) من الافعال التامة التى يدل عليها الفاء الجزائية وفاء المبتدأ نسخه

١١

باعتبار ابقاء لازمه (قوله ظرف) اى فيما اذا وقع بعده جملتان فانه يجئ بمعنى لم نحو ندم زيد ولما ينفعه وبمعنى الا نحو ان كل نفس لما عليها حافظ (قوله بمعنى اذا) اليه ذهب ابن مالك وفى المغنى انه احسن مما قيل انه بمعنى حين فانه حينئذ يكون ظرفا محضا ولا يكون لازم الاضافة الى الجملة (قوله يليه فعل ماض الخ) وجزاؤه فعل ماض غالبا بدون الفاء وبالفاء قليلا وقد يكون جملة اسمية باذا او الفاء كما فى قوله تعالى (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) وقيل الجواب محذوف اى انقسموا قسمين او مضارعا مأولا بالماضى وجميع الاستعمالات واقع فى التنزيل (قوله فتوهم منه بعضهم) وهو ابن خروف جعله توهما لتبادر معنى الظرفية منه وقال فى التحفة القول بانها حرف هو مذهب سيبويه قال بعضهم وهو الصحيح لانه لو كان ظرفا مضافا الى الجملة التى تليه كان عامله الجزاء مع انه قد يكون مصدرا باذا المفاجأة وما النافية نحو قوله تعالى (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ)(٧) وقوله تعالى (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ) وما بعدهما لا يعمل فيما قبلهما وايضا قد يقع الفصل بين لما وشرطه بكلمة ان نحو* فلما ان جاء البشير مع انه لا يجوز الفصل (٢) بين المضاف والمضاف اليه وايضا لو كان ظرفا لما صح قولنا لما اسلم دخل الجنة لعدم اتحاد الزمان اللهم الا ان يدعى المبالغة (قوله علم البلاغة) بالمعنى الاضافى اى العلم الذى له مزيد اختصاص بالبلاغة بان دون لاجلها وتقدير لفظ العلم فى قوله وتوابعها للدلالة على انه مجرور معطوف على البلاغة دون العلم كما يتوهم من كون المضاف مقصودا بالذات لا ان لفظ العلم فى الكلام مقدر وحمله على المعنى العلمى تكلف لانه يلزم حينئذ تقدير لفظ العلم فى قوله وتوابعها لئلا يلزم العطف على جزء العلم وارجاع ضميرها الى البلاغة باعتبار المعنى الاصلى وعدم صحة افراد ضمير به وفيه الا بتكلف على ان كون علم البلاغة علما لهذين العلمين مما لم يثبت وقول الشارح رحمه الله فيما سيأتى وسموهما علم البلاغة بمعنى الاطلاق لا الوضع (قوله قدرا) تمييز (٢) من نسبة الاجل الى الضمير الذى هو عبارة عن طائفة من العلوم مزال عن الفاعل اى من طائفة علوم اجل قدرها من العلوم وكذا قوله سرا اى من طائفة علوم ادق سرها من العلوم ولا يلزم عمل اسم التفضيل فى الظاهر فان التقدير اعتبار لا استعمال على ما وهم الفاضل الاسفرانى والسر ما يكتم اولب الشئ (قوله لانه لم يجعله الخ) حتى يرد انه ليس اجل من علم الكلام والفقه والتفسير والحديث (قوله بل جعل طائفة الخ) ويكون بعض تلك الطائفة اجل من بعضها فلا يلزم تفضيله على العلوم المذكورة وعلوم تبته لانه من تلك الطائفة (قوله

__________________

(٧) يهربون مسرعين راكضين دوابهم او مشبهين بهم منه فرط اسراعهم (قاضى)

(٢) ويرد عليه بقوله تعالى (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) م

(٢) ويجب ان يكون التمييز فاعلا اما لنفس الفعل المذكور نحو طاب زيد نفسا واما المتعديه نحو امتلأ الاناء ماء فان الماء لا يصلح فاعلا للامتلاء بل لمتعديه وهو الملأ لانه مال واما للازمه نحو وفجرنا الارض عيونا فان الارض متفجرة لا منفجرة كليات

١٢

مع ان هذا الخ) ليس المراد انه ادعاء امر مخالف للواقع فان العالم لا يفرح بشئ باطل بل المراد انه لكمال عنايته وفرحه بذلك العلم يدعى ظاهرا اجليته بالنسبة الى كل العلوم ترغيبا لطالبيه والمراد اجليته بالنسبة الى البعض كالوعيدات الواقعة من الشارع مطلقا والمراد التقييد (قوله فيكون من ادق العلوم سرا) لان دقائق العلوم العربية واسرارها متفاوتة فبعضها ادق من بعض ولا يلزم ان يكون جميع مسائله ادق وهذا معنى ما نقل عنه رح ومعلوم ان دقائق العربية ادق اى بعضها من بعض لا ان جميع دقائقها ادق ولو ادعاء على ماوهم (قوله لان المراد الخ) اى بطريق الكناية فان كشف الاستار عن الشئ يستلزم معرفته (قوله لكونه) متعلق بالمعرفة او بالاعجاز وتقييد المعرفة بذلك القيد اشارة الى ان معرفة الاعجاز بطريق اللم مختص بهذا العلم فلا يرد انها تحصل بالكلام ايضا فلا يصح الحصر لان تلك المعرفة بطريق الان (قوله لاشتماله على الدقائق الخ) والدقائق والاسرار المتعلقة باللفظ العربى انما تعرف بهذا العلم كما مر ولذا اخر وحه الاجلية عن وجه الادقية (قوله لكون معلومه من اجل المعلومات) المعلوم يطلق على المسائل وقد يطلق على الموضوع (٧) كما فى شرح المواقف ومحمولات مسائل هذا العلم الدقائق والاسرار التى تندرج فيها الدقائق والاسرار التى فى القرآن وموضوعه اللفظ العربى من حيث مطابقته لمقتضى الحال المندرج فيه القرآن فيكون معلومه من اجل المعلومات (٩) فاندفع تحير الناظرين فى كون معلومه اجل ومنشاؤه حمل المعلوم على ان القرآن معجز (قوله مدرك الاعجاز) اى ما به يدرك لان المدرك حقيقة هو النفس الناطقة (قوله هو الذوق ليس الا) اى الا الذوق فقد حصر ما به يدرك الاعجاز فى الذوق وهو كيفية للنفس بها تدرك الخواص والمزايا التى فى الكلام البليغ والمصنف حصر ادراك الاعجاز باعتبار المعنى الكنائى فى هذا العلم (قوله ونفس وجه الاعجاز) اى نفس مرتبة البلاغة التى توجب الاعجاز لقوله (٤) وجه الاعجاز امر من جنس البلاغة او نفس الاعجاز على ان يكون الوجه تخييلا فقد نفى امكان كشف القناع عنه والمصنف اثبت كشف القناع عنه بهذا العلم باعتبار المعنى المكنى به فالتدافع بين الكلامين متحقق بوجهين (قولنا قلنا معنى كلامه) اى مجموع كلامه المذكور سابقا فقوله مدرك الاعجاز الخ معناه انه يدرك بالذوق وقوله لا يمكن كشف القناع معناه لا يمكن وصفه وبيانه كالملاحة واستقامة الوزن وسائر الوجدانيات تدرك ولا يمكن بيانها بخصوصها (قوله وقد صرح بذلك) حيث قال شان الاعجاز عجيب يدرك ولا يمكن وصفه (قوله بل على انه انما يدرك بهذا

__________________

(٧) وقد يطلق على محمولات المسائل نسخه

(٩) ثم ان المص قدم فى اللف بيان اجلية هذه العلوم على بيان ادقيتها لكونه ادخل فى مدحها واخر فى النشر دليل هذه المقدمة اعنى قوله وبه يكشف عن دليل المقدمة الاخرى اعنى قوله اذبه يعرف لكون معرفة دقائق العربية واسرارها وسيلة الى الكشف متقدمة عليه فى الوجود (حسن چلبى)

(٤) اللام متعلق بالتفسير اى فسرنا هكذا لقوله آ ه م

١٣

العلم) لان نسبة الكشف الى العلم تدل على حصول العلم به لا على انه يمكن وصفه وبهذا اندفع التدافع بين اثبات الكشف وعدم امكانه بحمل الكشف على الادراك فى الاثبات وعلى الوصف والبيان فى النفى وحمل وجه الاعجاز على مرتبة من البلاغة توجب الاعجاز وافراده نظرا الى نوع الاعجاز وجمعه نظرا الى افراده او على نفس الاعجاز وجعل الوجه تخييلا وهو المطابق لعبارة المفتاح وفرق السيد فى شرحه بين وجه الاعجاز ونفس وجه الاعجاز فقال يمكن كشف القناع عن وجوه البلاغة اى الخواص والمزايا ولا يمكن عن الاعجاز نفسه وفيه حمل الوجه فى قوله ونفس وجه الاعجاز على التخييل وفى قوله ولا اكشف للقناع عن وجه الاعجاز على الامور المؤدية اليه (قوله ولو بالذوق المكتسب منه) اشارة الى دفع التدافع بين الحصرين فالسكاكى حصر الادراك بلا واسطة على الذوق والمصنف رحمه الله تعالى حصر الادراك (٤) بالواسطة على هذا العلم وقد صرح به السكاكى ايضا حيث قال طريق اكتساب الذوق طول خدمة هذين العلمين وكلمة لو الوصلية الدالة على ان نقيض الشرط اولى بالجزاء بالنظر الى الحصر المستفاد من كلمة انما لا بالنسبة الى دفع التدافع حتى يرد انه اذا لم يكن الادراك بالذوق المكتسب لا يندفع التدافع فضلا عن كونه اولى على هذا التقدير (قوله وليس الحصر حقيقيا) بيان لفائدة اعتبار الحصر بالنسبة الى العلوم ولا مدخل له فى دفع التدافع (قوله وقد اشير الى هذا) اى الى انه انما يدرك بهذا العلم انما قال اشير لان المصرح به ان وجه الاعجاز اى مرتبة البلاغة التى بها الاعجاز امر من جنس البلاغة اى نوع منه لا طريق الى معرفته الاطول خدمة هذين العلمين لكنه يلزم منه ان يكون تلك الخدمة موجبة لمعرفة الاعجاز ايضا وكذا فى قوله لا علم بسد علم الاصول الخ (قوله لا طريق اليه الخ) ظرف مستقر وقع خبرا اى لا طريق موصل اليه والاطول مرفوع على البدلية من محل اسم لا او من خبره او ظرف لغو متعلق بالنفى ولا يجوز كونه لغوا متعلقا بالمنفى لانه يجب النصب والتنوين حينئذ الا ان يقال ان الحركة اعرابية وسقوط التنوين للتخفيف كما ذهب اليه السيرا فى فى لا رجل او للتشبيه بالمضاف كما ذهب اليه ابن مالك ويجوز ان يكون لا المشبهة بليس فيكون لا طريق مرفوعا واليه لغوا والاطول خبرا (قوله بعد علم الاصول) ليس هذا القيد صريحا فى المفتاح الا انه مذكور مقدما فى المعطوف عليه بقوله ولا اكشف فالظاهر ان يكون قيدا فى المعطوف لما سيجئ فى بحث الفصل والوصل من ان القيد اذا كان مقدما فى المعطوف عليه فالظاهر تقييد المعطوف به كقولنا يوم الجمعة سرت وضربت زيدا نعم انه ليس بقطعى لكنه السابق الى الفهم فى الخطابيات

__________________

(٤) الاول بين الحصرين والثانى بين اثبات الكشف وعدم امكانه م

١٤

والسيد الشريف فى شرح المفتاح جعله قيدا للمعطوف عليه فقط وهو ظرف مستقر خبر لا او متعلق بالنفى المستفاد من لا لا بالمنفى لما عرفت اى لا علم كائن بعد حصول علم الاصول اى الكلام واللغة والصرف والنحو اكشف من هذين العلمين والبعدية زمانية فانه لا بد فى كشف القناع عن وجه الاعجاز من فهم اصل المعنى ولا بد فى حمل الآيات المشعرة بالجهة والجسمية والمكان على المعنى المجازى او الكنائى من العلم بامتناعها على ذاته تعالى فانه لو لا امتناع الاستواء على الله تعالى لما حملنا قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) على انه كناية عن مالكية الملك من غير تصور استواء وجلوس فاندفع توهم كون علم الاصول اكشف منهما لانه انما يلزم لو كان الظرف متعلقا باكشف ثم ان نفى الا كشفية عما سوى هذين العلمين كناية عن ثبوت الكشف الكامل لهما فلا يقتضى مشاركة علم آخر لهما فى اصل الفعل انما يلزم ذلك لو كان المقصود المعنى الحقيقى فلا يرد ان ثبوت الكشف لغيرهما كما هو مقتضى التفصيل ينافى الحصر المستفاد من قوله وجه الاعجاز امر من جنس البلاغة الخ (قوله نعم لا يمكن) تصديق (٦) لما قبله وتقرير لما بعده (٤) ودفع للسؤال الناشى مما قبله وهو ان هذين العلمين اذا كانا موجبين لكمال الكشف كانا موجبين لكمال معرفة الاعجاز وكنه حقيقته وحاصل الدفع انهما لا يوجبان ادراك الكنه لامتناع الاحاطة بهما لا لنقصانهما فى الا كشفية قيل يستفاد من هذا الكلام وجه اخر لدفع التدافع وهو ان الكشف بهما حاصل على تقدير الاحاطة ولا يمكن الكشف بهما لامتناع الاحاطة وليس بقوى لان توصيف العلم بوصف يحصل له على تقدير حصول امر ممتنع لا يدل على شرفه ولا يوجب الترغيب فيه ولو قيل ان الكشف عن وجه الاعجاز حاصل بهما فى الجملة وممتنع على سبيل الكنه لم يبعد (قوله وتشبيه وجوه الاعجاز) اى مراتب البلاغة الموجبة للاعجاز (قوله ايهام) وهو ان يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد (قوله اسما للكلام الخ) اى هذا الكلام والمعين المعلوم بهذا الوصف وليس المراد تعريف القرآن ليدخل فيه منسوخ التلاوة والقراآت الشاذة (قوله تأليف كلماته) اى ما يتكلم به مفردا كان او جملة (قوله مرتبة المعانى) اى الثوانى اشارة الى علم المعانى (قوله متناسقة الدلالات فى الوضوح والخفأ) اشارة الى علم البيان (قوله على حسب ما يقتضيه العقل فى ذلك المقام) متعلق بهما على التنازع (قوله فلهذا) اى فلكون نظم القرآن عبارة عما ذكر او لان الاعجاز ليس بنفس الالفاظ (قوله فيه استعارة لطيفة) بان شبه التأليف المذكور بادخال اللؤلؤ فى السلك ثم استعير لفظ النظم له او شبه القرآن بعقد الدرر

__________________

(٦) وهو كون العلمين اكشف للقناع عن وجوه الاعجاز فى نظم القرآن م

(٤) وهو عدم دخول كنه حقيقة الاعجاز الا تحت علمه الشامل م اى فسرنا الظرف بالحقيقى ليتم التقريب ولو لم يفسر بالحقيقى لزم ابقاؤه على عموم الحقيق وشبهه من الجار والمجرور فلو ابقى عليه لا يثبت قوله لوقوعه فيه وعدم انفكاكه عنه هذا العموم فيحتاج الى اعتبار وصفى الظرفية والمظزوفية

١٥

واثبت له النظم ولاحتماله للوجهين وصفه باللطافة ويجوز ان يكون قوله واشارة الخ بيانا للطافة وان يكون صفة مادحة (قولة بيان لما) وفيه اشارة الى ان القسم الثالث كأنه الكتاب كله لكونه عمدة فيه (قوله تمييز من اعظم) اى من نسبة اعظم الى ضمير الفاعل لا الى ما صنف مزال عن الفاعل اى اعظم نفعه وقدمر مثله (قوله وضع كل شئ الخ) العموم المستفاد من كل يعتبر بعد ارجاع ضمير مرتبته الى شئ لئلا يرد الاعتراض المشهور (قوله احسن) فترتيب الكتب المشهورة حسن وترتيب القسم الثالث احسن (قوله هذا المقال) اى كونه احسن ترتيبا (قوله تراها) اى بالنسبة الى ترتيب القسم الثالث وفى كأن للتشبيه اشارة الى حسن ترتيب تلك الكتب فلا يرد ما قيل انها لو كانت كعقد انفصم لا يكون فيها حسن ترتيب فلا يكون مصدقا للمقال المذكور (قوله تهذيب الكلام) اى عن الزوائد وكونه اتم بالنسبة اليها لا ينافى اشتماله على الحشو والتطويل فى نفسه (قوله كتقدم جزء من الشئ الخ) اى مجموع الموصول والصلة كشئ واحد لا يصير احدهما جزأ من الكلام بدون الاخر فبينهما ترتيب لازم وهو ان تكون الصلة بعده بلا فصل فلا يجوز تقديم شئ من معمولاتها عليه واما تقديم بعض معمولاتها على بعض ففيه تفصيل مذكور فى النحو (قوله ظرفا) زمانا او مكانا وشبهه الجار والمجرور (قوله فلما بلغ معه السعى) فان المقصود ان اسمعيل عليه السّلام لما بلغ الى السن الذى قدر فيه على السعى مع ابراهيم عليه السّلام فى قضاء حوائجه امرناه بالذبح وهذا المعنى انما يحصل بتعلق معه بالسعى وكذا فى قوله* لا يأخذكم تهما رأفة* نفى الرافة المقيدة (قوله حكم ما اول به) اى لا يشاركه فى جميع الاحكام لجواز ان يكون بعض احكامه مختصة بصريح لفظه (قوله مع ان الظرف) اى الحقيقى ليتم التقريب وشبه الشئ محمول عليه (قوله يكفيه رايحة الخ) ولذا يعمل الاسم الجامد فيه باعتبار لمح المعنى المصدرى فلا حاجة الى التأويل (قوله وهو الزائد المستعنى عنه) اى اللفظ الزائد فى الكلام المستغنى عنه فى اداء اصل المراد سواء كان متعينا اولا كما فى قوله كذبا ومينا والتطويل مصدر بمعنى المفعول والمراد به الكلام الزائد على اصل المراد بلا فائدة فانه اذا كان لفائدة يكون اطنابا وهو قد يكون لاشتماله على الحشو وقد لا يكون وحملهما على ذلك لموافقة قوله قابلا للاختصار والتجريد فان الاختصار ايراد الكلام المطابق لاصل المراد بعبارة قليلة والتجزيد تخليته عن الزائد (قوله وسيجئ الفرق بينهما) اى الفرق المعتدبه اى الصطلاحى وهو ان الحشو الزائد المعين والتطويل الزائد الغير المعين (قوله وهو كون الكلام الخ) سواء كان لخلل فى اللفظ او فى الانتقال (قوله الفت مختصرا)

١٦

لم يقل اختصرته لما فيه سوى الاختصار من التجريد والايضاح (قوله حكم كلى) اى على كلى فان كلية الحكم كون المحكوم عليه كليا والضمير فى ينطبق وجزئياته راجع الى الكلى ومعنى انطباقه صدقه عليه وهو احتراز عن القضية الطبيعية واللام فى قوله ليستفاد لام العاقبة وذكر هذا القيد لكونه مأخوذا فى مفهوم القاعدة وما قيل من ان المراد قضية كلية تشتمل على احكام جزئيات موضوعها اطلاقا لاسم الجزء الاخير على الكل وحذف المضافين او ان الكلام محمول على الاستخدام بان يراد بلفظ الحكم معناه الحقيقى وبضميرى منطبق وجزئياته المعنى المجازى اعنى المحكوم عليه او ان اطلاق الكلى والجزئى على حكم الاصل والفزع باعتبار التشبيه بالمعنى الكلى والجزئى من حيث الاشتمال والاندراج فتكلفات لا تليق بمقام التعريف وان ذهب اليه الجم الغفير (قوله يجب توكيده) اى لابد ان يكون مؤكدا (قوله بان يقال الخ) متعلق بينطبق يعنى ان معنى انطباقه عليها انه يمكن ان يصير كبرى لصغرى سهلة الحصول (قوله لا ما يستغنى عنه) الحصر مستفاد من المقام حيث وصف القسم الثالث باشتماله على الحشو وفيه اشارة الى ان الحشو فى القسم الثالث بتكثير الامثلة والشواهد التى لا يحتاج اليها (قوله فهى اخص من الامثلة) اى كل ما يصلح شاهدا يصلح مثالا من غير عكس كلى اذ لا يلزم للجزئى ان يكون مذكورا بعد الحكم الكلى فضلا عن كونه مثالا او شاهدا فكونه مذكورا للايضاح او للاثبات عارض مفارق لا يمكن اعتباره فى حقيقتهما ولو اعتبر ذلك فربما يتباينان وربما يتصادقان فبينهما على هذا التقدير تباين جزئى وهذا حاصل ما نقل عن الشارح رحمه الله فتدبر فانه قد خفى على الناظرين (قوله من الا لو) كالنصر او العلوّ على ما فى القاموس (قوله وهو التقصير) من قصر فى الشئ توانى (٩) على ما فى شمس العلوم لا من قصر عن الشئ بمعنى انتهى او عجز على ما وهم لقوله فى تحقيقه (قوله وقد استعمل الا لو متعديا الخ) فى الكشاف فى تفسير قوله تعالى (لا يَأْلُونَكُمْ)(٦) خَبالاً يقال الا فى الامر يألو اذا قصر فيه ثم استعمل متعديا الى مفعولين فى قولهم لا آلوك نصحا ولاآلوك جهدا على التضمين والمعنى لا امنعك جهدا ولا انقصكه والشارح رحمه الله حمل عبارة المتن على الاستعمال المشهور رعاية لجزالة المعنى اى لم امنعك جهدا ولا انقصكه فى تحقيقه والقول بانه لازم بمعنى التقصير وجهدا تمييز اى من جهة الجهد او منصوب بنزع الخافض اى فى الجهد او حال اى مجتهدا فباطل اذا لابهام فى نسبة التقصير الى الفاعل ولا يصح جعله فاعلا الاعلى اعتبار الاسناد المجازى

__________________

(٩) قوله توانى يقال توانى فى حاجته اذا قصر اى عرض له التكاسل والفتور فى حاجته قوله بمعنى انتهى اى كف يده وامتنع عن فعله مع كونه مقتدرا عليه وقوله او عجر اى كف يده لعدم قدرته عليه (عاصم)

(٦) اى لا يقصرون لكم فى الفساد (بيضاوى)

١٧

والنصب بنزع الخافض كوقوع المصدر حالا ليس بقياسى الا فيما يكون المصدر نوعا من العامل نحو اتانى سرعة وبطؤا نص عليه الرضى فى بحث المفعول به والحال واما جعله بمعنى الترك متعديا الى مفعول واحد على ما فى القاموس ما الوت الشئ اى ما تركته وعلى هذا حمل السيد الشريف فى خطبة المواقف وان كان صحيحا ففيه ان المستفاد منه انه لم بترك الجهد فى تحقيقه بل جهد فيه والمقصود انه بذل كل الجهد فى تحقيقه (قوله فى تحقيقه) متعلق بلم آل لا بجهدا لعدم جزالة المعنى (قوله لما تضمنه الخ) لا للنفى لان المفعول له ما فعل لاجله الفعل وعدم المبالغة ليس بفعل ولا للمبالغة لما سيجئ واما قوله فى اختصار لفظه فهو متعلق بلم ابالغ كما هو الشائع فى التقييدات ولذا لم يتعرض له الشارح رح (قوله ولو لم يؤل الخ) الظاهر (١) ولو لم يؤل لم ابالغ بتركت المبالغة الا انه قصد الاشارة الى عموم الحكم وانه لابد فى كل قيد تعلق بالمنفى من حيث النفى من التأويل بالمثبت لان النفى المستفاد منه مدلول حرفىّ غير مستقل بالمفهومية لا يمكن للعقل تقييده ما لم يلاحظه قصدا وحينئذ يصير مدلولا اسميا او فعليا مؤلا بالمثبت (قوله لكان المعنى الخ) اى لو لم يؤل المنفى بالمثبت لكان متعلقا بمدخول النفى اعنى ابالغ لامتناع تعلقه بالنفى لما عرفت من الوجهين (٢) فيكون النفى داخلا على كلام فيه تقييد وكل كلام شانه كذلك يكون النفى فيه متوجها الى القيد مع بقاء الفعل لما ذكره الشيخ فيكون المعنى ان المبالغة فى الاختصار لم تكن الخ وليس المقصود ذلك بل نفى المبالغة فى الاختصار هذا خلاصة كلام الشارح رح وفيه دفع لشكوك الناظرين فى هذا المقام لمن له فطانة (قوله لم تكن للتقريب والتسهيل) فيه اشارة الى ان كليهما مفعول له للم ابالغ لعدم الفرق بينهما الا بان التقريب اعتبر بالقياس الى التعاطى والتسهيل بالنسبة الى الفهم وليسا متعلقين برتبته ولم ابالغ على ترتيب اللف والتشر (قوله ان من حكم الفى) اى مقتضاه الاصلى عند البلغاء فلا يرد انه قد يجئ النفى الداخل على كلام فيه تقييد لنفى القيد والمقيد معا نحو* على لا حب (٣) لا يهتدى بمناره فانه استعمال على خلاف الاصل ولدفع هذا قال الشيخ وهذا مما لا شك فيه (قوله نفيا للاجتماع) لفظ اجمعون تأكيد لمعنى الكل الا ان فيه معنى الاجتماع بحسب اصل الموضع فكان نفيا للاجتماع بهذا الاعتبار ولذا قالت الحنفية ان الملائكة سجدوا لادم (٤) مجتمعين لقوله تعالى (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) على ما فى الپزدوى وغيره (قوله وتلويحا) التلويح كناية تكون الوسائط فيه كثيرة من لوح اذا اشار من بعد (قوله على ما ذكرنا) بقوله لا ما يستغنى

__________________

(٤) دفع لما قيل فى العبارة ادنى مساهلة اذا الفعل المنفى ابالغ وهو ليس بمأول بما ذكر بل المأول المجموع كما صرح به فى شرح المفتاح م

(٢) وهما كون المفعول له ما فعل لاجله الفعل وعدم المبالغة ليس بفعل وكون النفى مدلول الحرف غير مستقل بالمفهومية الخ

(٣) او له وانى زعيم ان رجعت مملكا يسير ترى منه الفرانق ازدرا على اللاحب لا يهتدى لمناره اذا سافه العود الديافى جرجرا الفرانق البريد اى الذى يوصل خبر الخوف وازدرا اى مائلا واللاحب الطريق الواسع والمنار العلامة وساف اى شد والديافى الا بل المنسوب الى الدياف والدياف قرية ينسب اليها كرام الا بل (عنه) وجرجراى صوت وكقوله تعالى (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) اى لا شفاعة ولا طاعة ولا يرد ايضا انه قد يتوجه الى المقيد من غير اعتبار لنفى القيد واثباته كقوله تعالى (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) يعنى ان عدم الاصرار متحقق البتة مع قطع النظر عن الاتصاف بالعلم وعدمه لان عدم الاصرار موجب الاجر سواء كانوا عالمين اولا ولا يوجد توجه النفى الى المقيد مع ثبوت القيد وان وجد عكسه فى الوضع لا فى الاستعمال م

(٧) الظاهر ان النسخة اجمعين على الحالية من القوم بمعنى مجتمعين اذ لو كان مرفوعا لكان تأكيدا له فلا يدل على الاجتماع فى زمان الفعل كما سيصرح به فى بحث تأكيد المسند اليه ولو اريد بالاجتماع الاجتماع فى الفعل دون زمانه لم يظهر ايضا فائدة رجوع النفى الى القيد اذ المعنى المأخوذ من القيد حاصل من نفس المقيد ح والا لكان اجمعون تأسيسا لا تأكيدا فلا تفاوت ح فى المؤدى سواء رجع النفى الى القيد ام الى المقيد فتدبر (حسن چلبى)

١٨

عنه ليكون حشوا (قوله وتعريضا) التعريض كناية مسوقة لموصوف غير مذكور من عرض اذا امال الكلام الى جانب (قوله ولقد اعجب) اى اتى بامر عجيب يحتمل الوجهين المدح والذم (قوله لا يعرف الخ) يعنى ان تقديم المسند اليه على المسند الفعلى اذا لم يل حرف النفى قد يأتى للتخصيص وقد يأتى للتقوى على ما سيجئ وههنا لا يعرف لشئ منهما وجه حسن اذ لا حسن فى قصر السؤال عليه بل الشركة فى السؤال احسن ليكون اقرب الى الاجابة لاجتماع القلوب وابعد على النحجر فى الدعاء ولا فى تأكيد اسناد السؤال اليه اذ لا انكار ولا تردد فيه للسامع قلت التأكيد ههنا لاظهار الرغبة فى المسؤل كما فى قوله تعالى (إِنَّا مَعَكُمْ)(٢) ولاستيفاء السؤال ولذا علله بقوله انه ولى ذلك الانتفاع به مثل الانتفاع باصله لا لرد الانكار والتردد قال صاحب الكشاف فى تفسير قوله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) فى ايقاع اسم الله مبتدأ وبناء نزل عليه تأكيد لاسناده الى الله وانه من عنده (قوله فكانه الخ) يعنى قصد ان يجعل الجملة حالا لتفيد مقارنة السؤال لجميع ما تقدم من التأليف والترتيب والاضافة والتسمية ولا يحصل هذا المعنى صريحا الا بايراد الجملة الاسمية مع الواو اذ لو اورد الفعلية بدون الواو كانت ظاهرة فى الاستيناف (٧) ولو اورد مع الواو كانت ظاهرة فى العطف (٢) لكن هذا لا يدفع الاعتراض المذكور من ان التقديم ليس الا لاحد الامرين ولا حسن لشئ منهما ههنا الا ان يقال انه من تتمة الاعتراض بيان لمنشأ اختياره الجملة الاسمية (قوله حال من ان ينفع به) لكونه مفعولا ثانيا لا سأل وليس من فضله من معمولاته حتى يمتنع تقديمه عليه (قوله انه ولى ذلك) علة لقوله اسأل يعنى انه متولى ذلك النفع فله ان يتصرف فيه كيف يشاء (قوله كان الانسب الخ) ليكون الجملتان علتين للحكمين المستفادين من الله اسأل وانما قال الانسب لان ذلك انما هو على تقدير عطفه على انه ولى ذلك كما هو الظاهر ويجوز ان يكون معطوفا على انا اسأل او جملة مستأنفة لمجرد الثناء (قوله عطف) لانه الاصل فى الواو ولعدم صحة الانشائية للحال وتقييد السؤال بها والاعتراض لكونه فى آخر الكلام وعدم تضمنه نكتة جزيلة (قوله اما على جملة الخ) انما انحصر فى هذين لان المذكور ثلاث جمل لا يصح العطف على الاولى منها لعدم الجامع ولكونها حالا ولا على الثانية لانها معللة وهذه الجملة لا تصلح للتعليل فتعين الثالثة فاما على تمامها او على جزئها (قوله فيكون من عطف الجملة الخ) وهو مختلف فيه فمنهم من جوز عطف الفعلية على الاسمية وبالعكس ومنهم من منع ذلك وكذا

__________________

(٢) ولاستبعاده السؤال نسخه

(٧) فحينئذ لا يحصل الغرض المذكور صريحا م

(٢) فلا يحصل الغرض المذكور ايضا صريحا م

١٩

عطف الانشاء على الاخبار منعه البيانيون وجمهور النحاة وجوزه الصغار كما فصله فى مغنى اللبيب فلا بد فى جوازه عند الجمهور من تأويل احدى الجملتين فاما ان يقال المعطوف عليه ايضا انشاء معنى لان المقصود انشاء المدح بانه كاف والواو اعتراضية او يقال المعطوف مؤل بهو مقول فى حقه نعم الوكيل فتكون خبرية متعلق خبرها انشاء (قوله ثم عطف الجملة) مبتدأ خبره الجملة الشرطية والواو زائدة لزيادة الربط كما فى لا بد وان يكون والجزاء محذوف تدل عليه الجملة الاستدراكية اى عطف الجملة على المفرد ههنا وان صح باعتبار كذا لا يصح مطلقا لكونه فى الحقيقة من عطف الانشاء على الاخبار فلا بد من التأويل والقول بجوازه فيمله محل من الاعراب بدون التأويل عند الجمهور ممنوع لا بد له من شاهد وهذا معنى ما نقل عنه ان هذا تحقيق لوجه العطف وتبيين لطريق التركيب لا اعتراض انتهى ويؤيده انه لم يحكم ببطلان العطف فى شئ من الاحتمالين وانه اختار هذه العبارة فى خطبة شرح العقائد النسفية وغيره (قوله باعتبار تضمن الخ) اشارة الى عدم جواز هذا العطف بدون اعتبار التضمن نص عليه فى الرضى والتسهيل حيث قالا يجوز عطف الجملة على المفرد بشرط ان يتجانسا بالتأويل (قوله على رأى) وهو ان يكون جعل معطوفا على فالق وهو احتراز عن قول من جعله حالا بتقدير قد او معطوفا على جملة فالق بتقدير هو بناء على عدم تجويزه عطف الجملة على المفرد وبما حررنا اندفع الاعتراضات الموردة ههنا بالكلية فتدبر ثم ان تقدير مقول فى حقه ليس بصحيح لانه يستلزم ان لا يكون افعال المدح والذم مستعملة فى معناها الحقيقى اعنى انشاء المدح والذم العام فى شئ من المواضع لانه على هذا التقدير اخبار عن وقوع هذا القول فى حقه ولان مقولية القول المذكور فيه انما تكون بطريق الحمل والاخبار عنه بنعم الوكيل فلا بد من تقدير مقول فى حقه مرة اخرى ويلزم التقدير مرات غير متناهية (قال السيد قدس سره فجوابه ان ذلك جائز الخ) لم يوجد التصريح بالجواز فى الكتب المتداولة بل فى شرح التسهيل لابن مالك فى بحث المفعول معه خلاف ذلك حيث قال لا يعطف جملة خبرية على استفهامية مع استقلال كل منهما فلان لا يجوز ذلك مع عدم الاستقلال اولى (قال السيد قدس سره نص عليه العلامة الخ) عبارة الكشاف فان قلت على م عطف قوله تعالى (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ) قلت على قوله (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) على حكاية كلام نوح بعد قال بعد الواو النائبة عنه ومعناه قال رب انهم عصونى وقال لا تزد الظالمين الا ضلالا اى قال هذين القولين وهما فى محل النصب لانهما مفعولا قال كقولك قال زيد نودى للصلوة وصل

٢٠