مصابيح الظلام - ج ٤

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٤

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-4-3
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٣٣

٧٦ ـ مفتاح

[طهارة ما لا تحلّه الحياة من الميّت]

لا يلحق بالميتة ما لا تحلّه الحياة منها ، بل هو طاهر بلا خلاف ، لعدم صدق الموت عليه ، وللصحاح.

منها : «لا بأس بالصلاة في ما كان من صوف الميتة ، إنّ الصوف ليس فيه روح» (١).

ومنها : «اللبن ، واللبأ (٢) ، والبيضة ، والشعر ، والصوف ، والقرن ، والناب ، والحافر ، وكلّ شي‌ء ينفصل من الشاة والدابّة فهو ذكي ، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله (٣) وصلّ فيه» (٤).

ومنها : عن الإنفحة تخرج من الجدي الميّت قال : «لا بأس به» قلت :

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٥١٣ الحديث ٤٣٢٥.

(٢) اللّبأ ـ بكسر أوّله ـ : اللبن عند الولادة ، منه رحمه‌الله ، لاحظ! لسان العرب : ١ / ١٥٠.

(٣) المراد بالناب مطلق السن ، وبالحافر ما يشمل الظلف ، وبالذكي الطاهر ، وقوله عليه‌السلام : «فاغسله» لعلّ المراد به غسل موضع الاتّصال بالميّتة فلو جزّ الشعر أو نشر القرن أو كسر السن أو برى الحافر ، لم يجب غسله ، وإن كان ظاهر الحديث العموم «منه عليه‌السلام».

(٤) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٨ مع اختلاف يسير.

٤٦١

اللبن تكون في ضرع الشاة وقد ماتت ، قال : «لا بأس به» ، قلت : فالصوف والشعر وعظام الفيل ، والبيضة تخرج من الدجاجة. فقال : «كلّ هذا لا بأس به» (١).

وقيّدوا البيض بما إذا اكتسى القشر الأعلى (٢) ، للخبر (٣) ، وخالف جماعة من المتأخّرين في اللبن ، لملاقاته الميتة بالرطوبة (٤) ، وللخبر : «ذلك الحرام محضا» (٥) والأوّل اجتهاد في مقابلة النصّ ، على أنّه قد مرّ ما فيه ، والثاني ضعيف سندا ودلالة بل رواية ـ وهو وهب بن وهب ـ من أكذب البريّة كما قاله الفضل بن شاذان (٦) ، مع أنّ الشيخ نقل على طهارته الإجماع (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٢ الحديث ٣٠٢٩٥.

(٢) المختصر النافع : ٢٤٥ ، البيان : ٩٠ ، اللمعة الدمشقيّة : ٢١٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨١ الحديث ٣٠٢٩١.

(٤) شرائع الإسلام : ٣ / ٢٢٣ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٢٤٣ المسألة ٣٣٦ ، جامع المقاصد : ١ / ١٦٧ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٣٠٥ و ٣٠٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٣ الحديث ٣٠٢٩٦.

(٦) لاحظ! رجال الكشّي : ٢ / ٥٩٧ الرقم ٥٥٨.

(٧) الخلاف : ١ / ٥١٩ و ٥٢٠ المسألة ٢٦٢.

٤٦٢

قوله : (لا يلحق). إلى آخره.

لا خلاف في طهارة ما ذكره ، وادّعى ابن زهرة الإجماع على طهارة الإنفحة (١) ، وهو الظاهر من «المنتهى» على ما في «الذخيرة» (٢) ، وما ذكره من عدم صدق الموت عليه فهو ظاهر.

وكذا العلّة المنصوصة في صحيحة الحلبي السابقة (٣) ، وكونها شاملة للجميع.

وكذا صحيحة حريز السابقة (٤) ، المتضمّنة لطهارة اللبن واللّبأ ، وغيرهما ممّا ذكره المصنّف.

وكذا صحيحة زرارة عن الصادق عليه‌السلام : عن الإنفحة تخرج من الجدي (٥). إلى ما ذكره المصنّف رحمه‌الله.

وبالجملة ، الأخبار دالّة على الطهارة بعد الإجماع ، وأصالة طهارة الأشياء والعموم الدالّ عليها ، واستصحاب طهارة الأشياء والعموم الدالّ عليها ، واستصحاب طهارة الملاقي لها والعمومات المقتضية لاستعماله وأكله وشربه وغير ذلك. والأخبار على الطهارة غير منحصرة في ما ذكره المصنّف رحمه‌الله ، بل كثيرة.

قوله : (وقيّدوا). إلى آخره.

الأصحاب اتّفقوا على التقييد ، القدماء قيّدوا بما اكتسى الجلد الغليظ على

__________________

(١) غنية النزوع : ٤٠١.

(٢) منتهى المطلب : ٣ / ٢٠٧ ، ذخيرة المعاد : ١٤٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٥١٣ الحديث ٤٣٢٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٢٤ / ٢٠٨ الحديث ٣٠٢٨٨.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢١٦ الحديث ١٠٠٦ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٦ الحديث ٣٢٤ ، الاستبصار : ٤ / ٨٩ الحديث ٣٣٩ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٢ الحديث ٣٠٢٩٥.

٤٦٣

وفق الخبر ، وهي رواية غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه‌السلام : في بيضة خرجت من است دجاجة ميتة ، قال : «إن [كانت] اكتست الجلد الغليظ فلا بأس» (١).

وجماعة من الفقهاء عبّروا بالقشر الأعلى ، منهم المحقّق والشهيد (٢) وجماعة الجلد الصلب ، مثل العلّامة وبعض آخر (٣).

فيظهر من المجموع اتّفاق الكلّ على المقصود ، وإن كان بعبارات مختلفة ، بل نسبوا الخلاف في ذلك إلى بعض العامّة ، لا مطلقا ، بل إذا اكتسى الجلد الرقيق ، محتجّا بأنّ الغاشية الرقيقة تحول بينه وبين النجاسة (٤).

فظهر اتّفاق المسلمين على انفعاله بملاقاته الميتة. والشيعة وجمهور العامّة على عدم حيلولة الجلد الرقيق بينه وبين النجاسة ، بل يتأثّر بها.

والنص المذكور لو كان ضعيفا ، فهو منجبر بما عرفت من اتّفاق الفقهاء من المتأخّرين والمتقدّمين ، والموافقة للقاعدة الثابتة من الإجماع والأخبار ، من تعدّي نجاسة الميتة ، كما عرفت ، بل غير خفي أنّه من ضروريّات (٥) الدين.

ومن العجائب أنّه نقل في «المدارك» عن ابن إدريس أنّه قال : إذا لاقى جسد الميّت إناء وجب غسله ، ولو لاقى ذلك الإناء مائعا لم ينجس ، لأنّه لم يلاق جسد الميّت ، وحمله على ذلك قياس ، والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل (٦).

ثمّ قال : مقتضى كلامه أنّ ما لاقى جسد الميّت لا يحكم بنجاسة ، وإنّما يجب

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٦ الحديث ٣٢٢ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨١ الحديث ٣٠٢٩١.

(٢) المختصر النافع : ٢٤٥ ، اللمعة الدمشقيّة : ٢١٩.

(٣) منتهى المطلب : ٣ / ٢٠٧ ، الروضة البهيّة : ٧ / ٣٠٣.

(٤) المغني لابن قدامة : ١ / ٥٧ و ٥٨ ، لاحظ! منتهى المطلب : ٣ / ٢٠٨ و ٢٠٩.

(٥) في (ف) و (ز ١) و (ط) : بديهيّات.

(٦) السرائر : ١ / ١٦٣.

٤٦٤

غسله تعبّدا (١).

مع أنّه صرّح في سرائره : بأنّ اللبن الذي يخرج من ضرع الميتة نجس ، بغير خلاف عند المحصّلين من أصحابنا ، لأنّه مائع لامس الميّت ، وردّ الأخبار الدالّة على الطهارة بأنّها شاذّة مخالفة لأصل المذهب (٢).

مع أنّ المشهور طهارة ذلك اللبن على ما ستعرف ، وسيجي‌ء في الإنفحة أيضا منه ما ستعرف.

فمع جميع هذا كيف يجوز نسبة عدم النجاسة إليه؟ فما نسبه إليه لو كانت النسبة صحيحا ، لكان قائلا بعدم كون المتنجّس منجّسا في صورة خاصّة ، كما أنّ الشيخ قال في غسالة النجاسة (٣) ، فتأمّل جدّا!

وبالجملة ، لا تأمّل في وجوب هذا القيد لما عرفت ، مضافا إلى أنّ المتبادر من البيض ليس إلّا ما اكتسى الأعلى بلا شبهة ، مع أنّ في صحيحة حريز المتقدّمة (٤). ربّما كان إشعار بذلك ، فتأمّل!

وممّا ذكر ظهر أنّه يجب غسل هذا البيض إن ساور ظاهر القشر المح في الباطن ، وإلّا فلا يجب ، لأنّ ما في الباطن لا يلزم أن يساور الظاهر.

ثمّ اعلم! أنّ المعروف من الأصحاب عدم الفرق بين بيض مأكول اللحم وغيره ، إلّا أنّ العلّامة في «المنتهى» و «النهاية» حكم بنجاسة بيض ما لا يؤكل لحمه ، مثل بيض الجلّال (٥) ، ولم يظهر وجه أصلا.

__________________

(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٢٧١.

(٢) السرائر : ٣ / ١١٢.

(٣) الخلاف : ١ / ١٧٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٨.

(٥) منتهى المطلب : ٣ / ٢٠٩ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢٧٠.

٤٦٥

قوله : (وخالف). إلى آخره.

أقول : الشيخ وكثير من المتقدّمين ـ مثل الصدوق وغيره ـ ذهبوا إلى طهارة اللبن الخارج من ضرع الميتة (١).

بل ونقل في «الخلاف» ـ على ما حكي عنه ـ الإجماع على ذلك (٢) ، وكذا ابن زهرة نقل الإجماع أيضا على ما حكي عنه (٣).

لكن ابن إدريس قال في سرائره ما نقلناه آنفا ، حتّى أنّه نسب إلى الشيخ أنّه في نهايته روى الرواية الشاذّة (٤) ، ووافقه الفاضلان (٥) ، وجماعة من الأصحاب (٦).

حجّة الأوّلين صحيحة زرارة ، وصحيحة حريز السابقتان (٧).

وموثّقة الحسين بن زرارة قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام وأبي يسأله عن السنّ من الميتة ، والإنفحة من الميتة ، واللبن من الميتة ، والبيض من الميتة ، قال : «كلّ هذا ذكيّ» (٨).

وقال في «الفقيه» : قال الصادق عليه‌السلام : «عشرة أشياء من الميتة ذكيّة : القرن ، والحافر ، والعظم ، والسنّ ، والإنفحة ، واللبن ، والشعر ، والصوف ، والريش ،

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨٥ ، الهداية : ٣٠٩ و ٣١٠ ، المقنعة : ٥٨٣.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٢ / ٢٧٤ ، لاحظ! الخلاف : ١ / ٥١٩ و ٥٢٠ المسألة ٢٦٢.

(٣) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ١٤٨ ، لاحظ! غنية النزوع : ٤٠١.

(٤) السرائر : ٣ / ١١٢ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨٤.

(٥) شرائع الإسلام : ٣ / ٢٢٣ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٦٤ المسألة ١٩.

(٦) جامع المقاصد : ١ / ١٦٧ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٣٠٥ و ٣٠٦.

(٧) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٨ ، ١٨٢ الحديث ٣٠٢٩٥ ، راجع! الصفحة : ٤٤٣ و ٤٦٣ من هذا الكتاب.

(٨) الكافي : ٦ / ٢٥٨ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٥ الحديث ٣٢٠ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٩.

٤٦٦

والبيض» (١).

وحجّة الآخرين ما ذكره ابن إدريس من أنّه مائع لاقى نجس العين ، وكلّ ما هو كذلك فهو نجس (٢) ، ولذا لو لاقى هذا اللبن جزء من الميتة من الخارج يكون نجسا عند الأوّلين أيضا ، فإنّهم يقولون بانفعال كلّ مائع نجس العين ، ويقولون بأنّ الميتة تنجّس الماء القليل ، بل والبئر والكثير أيضا إذا غيّر أحد أوصافه ، ويقولون بانفعال اللبن من ملاقاة أيّ نجاسة تكون.

ولو لا ما ورد من (٣) الأحاديث المذكورة ، لكان حال هذا اللبن الخارج من ضرع الميتة حال اللبن الذي وقع فيه فأرة أو ميتة ، أو مات فيه فأرة مثلا ، بلا تأمّل منهم ولا تزلزل أصلا ، وعدم التأمّل والتزلزل لا بدّ أن يكون ناشئا من دليل شرعي.

والدليل الشرعي هو الموجود في كلّ مائع وكلّ رطب لاقى نجاسة من النجاسات ، وإن كانت متنجّسة من نجاسة خارجة ، فضلا عن ملاقاة نفس نجس العين ، وحكمهم بذلك على سبيل الجزم واليقين بلا تأمّل.

بل لو تأمّل أحد الآن في انفعال اللبن بموت فأرة فيه يعدّ خارجا من المذهب.

كما لو تأمّل في انفعال مائع آخر غير اللبن ، وإن كان هو السمن الذي جزء اللبن وخارج عنه.

فإذا كان الحكم بهذه المثابة ، فكيف يعارضه ويقاومه أخبار آحاد ، مع أنّها لا تفيد سوى الظن؟ فكيف يكون حجّة مقاوما لما هو قطعي؟

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢١٩ الحديث ١٠١١ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٢ الحديث ٣٠٢٩٤.

(٢) السرائر : ٣ / ١١٢.

(٣) في (ف) و (ز ١) و (ط) زيادة : الآيات و.

٤٦٧

ألا ترى أنّ الآن لو شرب أحد لبنا وقع فيه بول الآدمي أو عذرته ، لم يكن عند المتشرّعة فرق بين هذا اللبن والذي ماتت فيه الفأرة ، أو السمن الذي ماتت فيه؟

واعتمادهم على نجاسة هذا اللبن الذي وقع فيه بول الآدمي أو الكلب أو الخنزير أو عذرتها إن كان على الحديث ، فمن المعلوم عدم تحقّق حديث يدلّ على ذلك. وإن كان من الإجماع فاعتمادهم عليه في هذا وفي اللبن الذي ماتت فيه فأرة ، أو وقع فيه قطعة من الكلب أو الخنزير ، أو غير ذلك على حدّ سواء ، من غير أن يكون في موضع موضع إجماع على حدة على حدة ، مع عدم حصر المواضع الخاصّة.

وإن لم يكن إجماع ، فكلّ ذلك حلال طاهر ، للأصل والعمومات. وتجويز الحليّة (١) فيه ما فيه.

وحجّتهم الاخرى رواية وهب بن وهب «ذلك الحرام محضا» (٢) ، وهي وإن كانت ضعيفة ، إلّا أنّها منجبرة بالقاعدة الثابتة في كلّ مائع ورطب بملاقاة كلّ نجس أو متنجس ، بالتقريب الذي ذكر ، وأنّها مسلمة عند الأوّلين في الجميع ، سوى مورد النص ، وهو اللبن الخارج من ضرع الحيوان المأكول اللحم الميتة ، من دون ملاقاة ميتة خارجة أو غيرها من نجس العين.

وكم من رواية ضعيفة تكون حجّة باعتبار الجوابر ، وكم من صحيحة لا تكون حجّة من جهة المانع ، وما ذكره المصنّف من أنّه اجتهاد في مقابل النص ، وإن

__________________

(١) في (د ٢) : الكليّة.

(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٦ الحديث ٣١٥ ، الاستبصار : ٤ / ٨٩ الحديث ٣٤٠ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٣ الحديث ٣٠٢٩٦.

٤٦٨

أراد من الاجتهاد الاستناد إلى غير دليل شرعي ، فهو حرام في نفسه ، باطل مطلقا في مقابل النص يكون أم لا.

وإن أراد الاستناد إلى دليل شرعي وقاعدة شرعيّة ، ففيه ، أنّه أيّ ضرر في ذلك ، إذ كثير من الأخبار ترك العمل بها من جهة المخالفة للقاعدة الشرعيّة ، ومسلّم ذلك عند الكلّ ، وعند المصنّف أيضا.

وبالجملة ، القاعدة إذا كانت شرعية ، فلا بدّ في مقام طرحها بالنص من كون النص أقوى منها ، كما هو الحال في العام والخاص المتنافي الظاهر ، إذ على تقدير المقابلة لا وجه لترجيح أحدهما على الآخر من غير مرجّح شرعي.

وإذا كانت القاعدة أقوى ، يتعيّن العمل بها وطرح الخاص أو تأويله بما يرجع إليها ، كما هو القاعدة في جميع أبواب الفقه.

وممّا يرجّح القول بالنجاسة ويضعّف القول بالطهارة ، ما ورد عنهم عليهم‌السلام : أنّه إذا ورد عليكم حديث منّا فاعرضوه على سائر أحكامنا ، فإن وجدتموه يشبهها فخذوه ، وإلّا فلا (١).

وما ورد من العرض على السنّة والأخذ بما وافقها وترك ما خالفها (٢).

وما ورد عنهم عليهم‌السلام : إذا جاءكم حديث ، فإن كان عليه شاهد من قول الله أو قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخذوه ، وإلّا فالذي جاءكم به أولى به (٣) ، وأمثال هذه الأخبار.

ويؤيّده ـ بل ويدلّ عليه ـ مرسلة يونس كالصحيحة ، لأنّ يونس ممّن

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٢١ الحديث ٣٣٣٧٣.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤ ، ١١٤ و ١١٥ الحديث ٣٣٣٥٤ ، ١٢٠ الحديث ٣٣٣٧١.

(٣) الكافي : ١ / ٦٩ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١١٠ الحديث ٣٣٣٤٤.

٤٦٩

أجمعت العصابة ، وابن مرار الراوي عنه ثقة أو كالثقة ، لقبول القمّيين جميع رواياته عن يونس (١).

ومفهوم المرسلة أنّهم عليهم‌السلام قالوا : «خمسة أشياء ذكية ممّا فيه منافع الخلق : الإنفحة ، والبيضة ، والصوف ، والشعر ، والوبر» (٢) الحديث. ومفهوم العدد حجّة.

وربّما يؤيّده أيضا رواية الفتح بن يزيد عن أبي الحسن عليه‌السلام رواه في «الكافي» أنّه كتب إليه يسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكّي فكتب عليه‌السلام : «لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب ، وكلّ ما كان من السخال والصوف إن جزّ والشعر والوبر والإنفحة ، والقرن ، ولا يتعدّى إلى غيرها إن شاء الله» (٣) ، فتأمّل فيه!

ويؤيّده أيضا الصحاح الواردة في نجاسة السمن والزيت ونحوهما بموت الفأرة فيه (٤) ، مع أنّ السمن موجود في اللبن يقينا.

ويؤيّده أيضا ما مرّ من وجوب غسل البيضة واشتراط اكتسائها بالقشر الأعلى ، وما ورد في صحيحة حريز السابقة من الأمر بغسل ما انفصل من الميتة ، والصلاة فيه بعده (٥).

مع أنّ هذه الصحيحة حسنة بـ ـ إبراهيم بن هاشم ـ ومع ذلك ليس فيها تصريح بطهارة اللبن واللّبأ المأخوذين من الميتة ، لاحتمال أن يكون الضمير في قوله عليه‌السلام : «وإن أخذته منه بعد أن يموت» راجعا إلى الشعر وما بعدهما ، بقرينة

__________________

(١) لاحظ! تنقيح المقال : ١ / ١٤٤ و ١٤٥ ، بهجة الآمال في شرح زبدة المقال : ٢ / ٣٣٩.

(٢) الكافي : ٦ / ٢٥٧ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٥ الحديث ٣١٩ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٧٩ الحديث ٣٠٢٨٧ مع اختلاف يسير.

(٣) الكافي : ٦ / ٢٥٨ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨١ الحديث ٣٠٢٩٢.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٩٤ الباب ٤٣ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٥) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨١ الحديث ٣٠٢٨٨ ، راجع! الصفحة : ٤٤٣ من هذا الكتاب.

٤٧٠

قوله عليه‌السلام : «فاغسله وصلّ فيه».

وأمّا صحيحة زرارة ، ففيها : أنّ الجلد من الميتة ذكيّ (١) أيضا ، كالأنفحة واللبن في نسخة «التهذيب» و «الاستبصار» ، وإن لم يكن في نسخة الفقيه ، فتأمّل!

مع أنّ في صحيحة الحسين بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام : عن جلدة شاة ميتة يدبغ فيصبّ فيه اللبن أو الماء فأشرب منه وأتوضّأ؟ قال : «نعم» ، وقال : «يدبغ وينتفع به ولا يصلّى فيه» (٢).

قال الحسين : سأله أبي عن الإنفحة تكون في بطن العناق (٣). إلى آخر الحديث ، ومن هذا يظهر وهن آخر أيضا ، فتأمّل!

وأمّا موثّقة الحسين ـ فمع عدم توثيق أحد إيّاه ـ ففي آخرها : فقلت له : فشعر الخنزير يعمل حبلا يستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضّأ؟ قال : «لا بأس به» (٤).

والحسين قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام وأبي يسأله. إلى آخره ، كما عرفت.

مع أنّ القائل بطهارة هذا اللبن من القدماء ، وهم قائلون بانفعال البئر ، أو المنع من استعماله قبل النزح.

مع أنّ أباه روى عن الصادق عليه‌السلام في الصحيح : قال : سألته عن الحبل يكون

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢١٦ الحديث ١٠٠٦ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٦ الحديث ٣٢٤ ، الاستبصار : ٤ / ٨٩ الحديث ٣٣٩ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٢ الحديث ٣٠٢٩٥.

(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣٢ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٣ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٥.

(٣) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣٢ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٣ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٣ الحديث ٣٠٢٩٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٩.

٤٧١

من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر ويتوضّأ من ذلك ، قال : «لا بأس» (١) ، فتأمّل جدّا!

ويحتمل أن يكون الجلد الملاقي للّبن داخل الضرع خاليا عن الروح ، فحينئذ يرتفع الإشكال بالمرّة ، فتأمّل!

ثمّ اعلم! أنّ المصنف لم يتعرّض لما قاله الشيخ في «النهاية» من أنّه لا بدّ أن يكون أخذ الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة بعنوان الجزّ خاصة (٢).

وعلّل بأنّ اصولها المتّصلة باللحم من جملة أجزائه ، وإنّما يستكمل استحالتها إلى أحد المذكورات بعد تجاوزها عنه (٣).

وردّ بالمنع ، فإنّ المفروض صدق اسم أحدها على المجموع من المتّصل والمتجاوز عنه ، فكيف يجامع كون شي‌ء منها جزءا من اللحم؟ وبأنّ الأخبار مطلقة في الأخذ (٤).

ورواية الفتح ضعيفة ، مع أنّ الأمر بالغسل في صحيحة حريز قرينة على إرادة القلع بخصوصه ، إذ لا يجب الغسل مع الجزّ.

ولم يتعرّض أيضا لذكر الإنفحة هنا ، وأنّها ما هي.

قال الجوهري : هي كرش الحمل والجدي ما لم يأكل (٥).

وفي «القاموس» : أنّها شي‌ء يستخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر ،

__________________

(١) الكافي : ٦ / ٢٥٨ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٥ الحديث ٣٢٠ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٩ نقل بالمضمون.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨٥.

(٣) لاحظ! ذخيرة المعاد : ١٤٨.

(٤) مشارق الشموس : ٣١٨.

(٥) الصحاح : ١ / ٤١٣.

٤٧٢

فيعصر في صوفة فتغلظ كالجبن (١).

وابن إدريس فسّرها على ما ذكرها الجوهري (٢). والعلّامة على ما في «القاموس» (٣).

ولعلّ الكرش لا يكون له روح ، كما هو الظاهر من الأخبار والقاعدة وكلام الأخيار ، لاتّفاقهم على طهارته ، بل ادّعي الإجماع ، كما عرفت.

لكن على هذا لا بدّ من غسل ظاهر الكرش إن احتيج إلى طهارته ، لعدم انفعال ما فيه من اللبن من ملاقاة الميتة أو ملاقاة ملاقيها ، وإن لم يتعرّض الفقيه ، فكعدم تعرّضه لغسل البيض والصوف ونحوه إذا قلع ، مع أنّه ربّما لا يتوقّف اللبن الذي فيه على طهارته.

نعم ، يتعسّر خروجه طاهرا بغير طهارته ، ولذا قال في «الذكرى» : الأولى تطهير ظاهرها من الميتة للملاقاة (٤).

وفيه دلالة واضحة على طهارة ذاته ، وهو الظاهر من كلام الفقهاء ، لاطلاقهم الحكم بطهارته من دون استشكل من واحد منهم ، واتّفاقهم على تعدّي نجاسة الميتة ، فتأمّل جدّا!

واعلم! أيضا أنّ في مبحث الميتة خلافين آخرين لم يتعرّض لهما :

الأوّل : نسب إلى الشيخ أنّه قال : إذا مات في الماء القليل ما لا يؤكل لحمه ممّا يعيش في الماء ، لا ينجس الماء به (٥).

__________________

(١) القاموس المحيط : ١ / ٢٦٢.

(٢) السرائر : ٣ / ١١٢.

(٣) قواعد الأحكام : ١ / ٧ ، لاحظ! جواهر الكلام : ٥ / ٣٢٦.

(٤) ذكرى الشيعة : ١ / ١١٨.

(٥) نسبه إليه في المعتبر : ١ / ١٠٢ ، لاحظ! الخلاف : ١ / ١٨٩ المسألة ١٤٦.

٤٧٣

وظاهر أنّه وإن كان ممّا له نفس سائلة إلّا أنّه ممّا لا يتعيّش إلّا في الماء مثل التمساح.

واحتجّ على ذلك بأصالة طهارة الأشياء ، وبما ورد عنهم عليهم‌السلام أنّهم قالوا : «إذا مات فيما فيه حياته لا ينجّسه» (١).

واعترض المحقّق عليه بأنّه حيوان له نفس سائلة ، فكان موته منجّسا (٢).

وهذا يتوقّف على عموم لغويّ يشمل الحيوانات المائيّة أيضا ، وهذا يحتاج إلى الثبوت ، ومع ذلك عموم قولهم عليهم‌السلام : «إذا مات» يعارضه لو كان ثابتا ، وهو أقوى ، للأصل وندرة وجود ما له نفس من الحيوان المائي بحيث يحتاج إلى معرفة حكمه من جهة الابتلاء به.

نعم ، لو كانت الإجماعات المنقولة تشمل ما دلّ على النجاسة ، فلعلّه يتقوّى.

وفيه أيضا تأمّل ، لكن ستعرف ما يدلّ على النجاسة بحيث يشمل المقام.

والثاني : أيضا نسب إلى الشيخ القول بأنّ الوزغ والعقرب ينجّسان الماء بموتهما فيه (٣).

مع أنّ العلّامة والمحقّق نقلا إجماع علمائنا على أنّ ما لا نفس له سائلة من الحيوانات لا ينجس بالموت ولا يؤثّر في نجاسة ملاقيه (٤) ، مضافا إلى أصالة طهارة الأشياء والعمومات.

وخصوص موثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ قال : وسئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والسمن

__________________

(١) الخلاف : ١ / ١٨٩ المسألة ١٤٦.

(٢) المعتبر : ١ / ١٠٢.

(٣) نسبه إليه في المعتبر : ١ / ١٠٣ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ٥٤.

(٤) منتهى المطلب : ١ / ١٦٥ و ١٦٦ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٥٩ المسألة ١٩ ، المعتبر : ١ / ١٠١.

٤٧٤

والزيت وشبهه؟ قال : «كلّ ما ليس له دم فلا بأس به» (١).

ومرفوعة محمّد بن يحيى عن الصادق عليه‌السلام : «لا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة» (٢).

ورواية حفص بن غياث عنه عليه‌السلام مثلها (٣).

وهذه الرواية تدلّ بظاهرها على أنّ كلّ ما له نفس سائلة يفسد الماء ، فتشمل الحيوانات المائية أيضا ، كما لا يخفى.

وقال الصدوق رحمه‌الله في أماليه : من دين الإماميّة أنّ الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر ، ولا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة (٤) ، انتهى.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٣٠ الحديث ٦٦٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٦ الحديث ٦٦ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤١٨٣.

(٢) الكافي : ٣ / ٥ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٣١ الحديث ٦٦٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٤ الحديث ٤١٨٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٣١ الحديث ٦٦٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٦ الحديث ٦٧ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٤ الحديث ٤١٨٤.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٤.

٤٧٥
٤٧٦

٧٧ ـ مفتاح

[عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ]

المشهور عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ ، لعموم النهي عن الانتفاع بها (١) ، وفي الصحيح : الميتة ينتفع بشي‌ء منها؟ قال : «لا» (٢) خلافا للإسكافي (٣) ، وله الأخبار المستفيضة (٤). وهو أظهر ، لأنّ عدم جواز الانتفاع لا يستلزم النجاسة.

على أنّه ورد في جواز الانتفاع بها أيضا في غير الصلاة أخبار كثيرة (٥) وأيضا فإنّ المطلق يحمل على المقيّد.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٨٩ الحديث ٤٢٥٩ ، ٢٤ / ١٨١ الحديث ٣٠٢٩٢ ، ١٨٥ الحديث ٣٠٣٠٢ ـ ٣٠٣٠٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٥٠٢ الحديث ٤٢٩١ مع اختلاف يسير.

(٣) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٤٦٣ ، مختلف الشيعة : ١ / ٥٠١ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٢٣٢ المسألة ٣٢٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤١٨٢ ، ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٥ و ٣٠٣٠٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤١٨٢ ، ٤٨٩ الحديث ٤٢٥٨ ، ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٥ و ٣٠٣٠٦.

٤٧٧
٤٧٨

قوله : (المشهور). إلى آخره.

اتّفق جمهور علمائنا على عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ ، وادّعى في «الخلاف» الإجماع (١) ، وكذا الشهيد في «الذكرى» (٢). بل ربّما كان من ضروريات المذهب كحرمة القياس ، وإن خالف فيهما ابن الجنيد على ما نقل عنه (٣).

حجّة المشهور وجوه :

الأوّل : الاستصحاب.

الثاني : توقّف البراءة اليقينيّة في العبادات التوقيفيّة على التنزّه منها.

الثالث : العمومات الدالّة على نجاسة الميتة وما فيه روح ممّا له نفس سائلة وخرج روحه من دون تذكية (٤).

الرابع : العمومات الدالّة على عدم الانتفاع من الميتة مطلقا ، مثل صحيحة عليّ بن المغيرة ، قال للصادق عليه‌السلام : جعلت فداك ، الميتة ينتفع بشي‌ء منها؟ قال : «لا» قلت : بلغنا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بشاة ميّتة ، فقال : «ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها؟» فقال : «تلك شاة لسودة بنت زمعة وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتّى ماتت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها ، أي تذكّى» (٥).

__________________

(١) الخلاف : ١ / ٦٢ المسألة ٩.

(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٣.

(٣) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ٥٠١.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦١ الباب ٣٤ من أبواب النجاسات.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٩٨ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٤ الحديث ٧٩٩ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥٠٢

٤٧٩

وفي هذه الرواية دلالة واضحة من وجوه : عموم منع الانتفاع ، وتخصيص الانتفاع بخصوص التذكية ، وعدم الأمر بالانتفاع بعد الموت بالدباغ ، وإظهار فوت الانتفاع من جهة عدم التذكية.

وصحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد ، عنه عليه‌السلام : في الميتة ، قال : «لا تصلّ في شي‌ء منها ولا شسع» (١) ، وغير ذلك من الأخبار.

بل صحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ فقال «لا ، ولو دبّغ سبعين مرّة» (٢).

وفي بعض الأخبار : أنّ علي بن الحسين عليه‌السلام كان ينزع الفر والعراقية حال الصلاة ، وكان يسئل عن ذلك فيجيب بأنّ أهل العراق يستحلّون لباس جلود الميتة ، ويزعمون أنّ دباغ جلد الميتة ذكاته (٣).

وفي رواية اخرى المنع عن بيع الجلود على أنّها ذكية بعد إخبار صاحبها على أنّها ذكية ، معللا للمنع بأنّ أهل العراق يستحلّون الميتة ، ثمّ لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلّا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤). إلى غير ذلك من الأخبار المعتبرة.

مع أنّها سند أصحابنا في فتاواهم ، فانجبرت بذلك قطعا لو كانت ضعيفة.

مع أنّها صحيحة أو معتبرة ، مع صراحة الدلالة ، والمخالفة لمذهب العامّة

__________________

الحديث ٤٢٩١ مع اختلاف يسير.

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٣ الحديث ٧٩٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٣ الحديث ٥٣٤١ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٦٠ الحديث ٧٥٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٣ الحديث ٧٩٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥٠١ الحديث ٤٢٩٠ مع اختلاف يسير.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٩٧ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٣ الحديث ٧٩٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٤٦٢ الحديث ٥٧٣٠ مع اختلاف يسير.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٩٨ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٤ الحديث ٧٩٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥٠٣ الحديث ٤٢٩٣ نقل بالمعنى.

٤٨٠