مصابيح الظلام - ج ٤

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٤

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-4-3
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٣٣

وينبغي التنبيه لأمور.

الأوّل : ظاهر جماعة وجوب التيمم ، وإن أمكن الغسل وساوى زمانه زمان التيمم أو قصر عنه.

وصرّح المحقّق الشيخ علي وصاحب «المدارك» بذلك (١) ، وخالف جماعة في ذلك ، ومنهم الشهيدان (٢).

واحتمل في «الذكرى» تقديم الغسل مطلقا عند الإمكان ، من دون التقييد بالمساواة في الزمان أو القصور (٣).

والظاهر أنّ وجوب التيمم أو الغسل إنّما هو فيما إذا لم يزد زمان مكث التيمم أو الغسل من زمان المرور ، فإن زاد أو ساوى ففي الحكم بوجوبهما إشكال ، بل الأظهر وجوب المبادرة إلى الخروج وإن تساوى الزمان لأشدّية حرمة اللبث من حرمة المرور.

بل ربّما كان النائم عند الباب إذا كان يطفر ويخرج لا يكون زمان الطفر حصّة من ألف حصّة من زمان الطهارتين.

والظاهر عدم دخول ذلك في ظاهر الخبرين ، بل وفي الإجماعين المنقولين أيضا ، مع أنّ المرور في المسجدين حرام عليهما ، فالمكث بطريق أولى ، إلّا أن يكون لأجل عدم تحقّق المرور الحرام ، فمقتضى العمومات حرمة الكون أعم من كونه بعنوان اللبث أو المرور ، خرج منها ما لا بدّ منه ، وهو المرور للخروج ، لكن إذا أمكن أن يكون بالطهارة حرم ذلك أيضا.

__________________

(١) جامع المقاصد : ١ / ٧٨ ، مدارك الأحكام : ١ / ٢١.

(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧ ، روض الجنان : ١٩.

(٣) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧.

٢٠١

ولو لم يمكن الغسل ولا التيمم لم يكن حراما ، لعدم التكليف بما لا يطاق. وإن أمكن كلّ واحدة من الطهارتين يكون مقتضى القاعدة الثابتة من الأخبار تقديم الغسل ، لكون التيمم طهارة بعد العجز عن المائية ، كما هو المستفاد من الأخبار والفتاوى ، فإذا أمن المسجد وآلاته من التنجيس بالغسل أمكن الغسل.

لكن بملاحظة كون الكون في المسجدين حراما عليهما مطلقا ، إلّا ما لا بدّ منه وهو الخروج ، إذا لم يتمكّن من واحد من الطهارتين ، أو يتمكّن بحيث لا يحصل مكث أصلا ، مثل أن يكون حال الخروج متمكّنا من التيمم من دون مكث ، فيجب الطهارة حينئذ للخروج.

ولا يتأتّى الغسل كذلك ، إلّا على فرض بعيد غاية العبد ، وهو الغسل حال نزول المطر ، وعدم التمكّن من التيمم من جهة الماء.

أمّا إذا تمكّن من التيمم أيضا يكون ذلك واجبا عليه ، لسرعة حصول الطهارة منه وبطئها من الغسل ، فيلزم زيادة الكون الحرام.

وأمّا إذا ساوى زمانهما ، أو قصر زمان الغسل على الفرض البعيد غاية البعد تعيّن الغسل ، لما عرفت.

وكذلك الحال لو استلزم كلّ واحد من التيمم والغسل مكثا ، لكن يكون مكثهما قليلا بالنسبة إلى قدر زمان الكون للخروج من غير طهارة ، فحينئذ يتعيّن استثناء زمان الطهارة عن الكون الحرام ، لأنّه يوجب ترك الحرام ، وللإجماعين المنقولين ، والخبرين المذكورين ، إذ ظواهرها يشمل ما لو اقتضى التيمم مكثا.

لكن لا يظهر منها الشمول لصورة يكون مكث التيمم أزيد من قدر الكون للخروج ، إذ ظواهرها عكس ذلك ، فهو كون مقدار زمان الخروج أزيد من زمان المكث للتيمّم.

٢٠٢

مع أنّ التيمم ربّما يتحقّق حال الخروج ، فلا يوجب مكثا أصلا ، وإن أوجب مكثا فزمانه ربّما لا يصل عشر دقيقة ، بل عشر معشار دقيقة ، إذا وقع بغاية السرعة.

ومن أجل هذا قدّم على الغسل في الخبرين والإجماعين المنقولين ، لأنّ فرض مساواة زمان الغسل لزمانه في غاية البعد ونهاية شدّة الندرة.

والأخبار محمولة على الأفراد الشائعة ، ومأخذ حكم الأفراد النادرة الأصل والقاعدة والعمومات اللغوية وأمثالها ممّا يظهر عمومه بحيث يشمل الجميع ، من العلّة ، ومن القرينة والإجماع والضرورة.

وممّا ذكر ظهر أنّ القول بتقديم التيمم مطلقا ليس بشي‌ء ، كالقول بتقديم الغسل مطلقا مع إمكانه.

على أنّ مورد الخبرين المحتلم الملازم للنجاسة ، ولا يمكن إزالتها في المسجد غالبا لتنجّس المسجد أو آلة منه. والمنع عنها مطلقا ولو في الجاري والكرّ يحتاج إلى دليل ، والأصل عدم المنع ، ويجي‌ء التحقيق في ذلك في موضعه.

وممّا ذكرنا ظهر أيضا أنّه ربّما يجب التيمم أوّلا ثمّ الغسل بعده ، إذا تمكّن منهما كذلك.

الثاني : صرّح بعض الأصحاب بعدم الفرق فيما ذكر بين المحتلم في المسجد والمجامع في المسجد مع حليلته أو الأجنبيّة ، حلالا أو حراما ، والداخل فيه جنبا عمدا أو نسيانا ، أو صدر منه الاحتلام من عمد أو خطأ أو غفلة أو مرض.

وعلّل باشتراك الجميع في العلّة ، وهي حرمة قطع شي‌ء من المسجدين جنبا مع إمكان الطهارة ، وعدم تعقّل فرق (١).

__________________

(١) منهم الشهيد في ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام : ١ / ١٧٠.

٢٠٣

وتنظّر فيه في «المدارك» : بأنّ عدم التعقّل لا يقتضي العدم واقعا ، لبطلان القياس ، وعدم تحقّق مفهوم الموافقة والعلّة المنصوصة ، وبطلان حجّية غيرهما (١).

أقول : مقتضى الأخبار والفتاوى حرمة الكون فيهما للجنب والحائض مطلقا ، كما سيجي‌ء في موضعه ، بل مسلّم ذلك عنده ، كما صرّح به في المقام ، ومقتضى ذلك وجوب الغسل للمرور ، ومع التعذّر فالتيمم. وليس هذا من القياس في شي‌ء ، بل عمل بالأدلّة الشرعيّة ، مع أنّ من قال بوجوب التيمم قال في الكلّ ، ومن أنكر فكذلك ، ولا قائل بالفصل.

وأيضا بعد ملاحظة العمومات المانعة عن الدخول ، وخصوص الخبرين الدالّين على التيمم للخروج ، يترجّح في النظر كون التيمم ليس لخصوص الاحتلام ، ويعضده فتاوى الفقهاء المانعين عن القياس.

وممّا يشعر بذلك ذكر قوله عليه‌السلام : «فأصابته جنابة» بعد قوله عليه‌السلام : «فاحتلم» ثمّ التفريع بقوله عليه‌السلام : «فليتيمم». إلى آخره ، هذا ظاهر في كون المنشأ والمناط هو الجنابة من حيث هي هي من دون خصوصيّة للاحتلام ، وإلّا كان اللازم عليه ترك هذا التفريع ، وتفريع وجوب التيمم على نفس الاحتلام ، وهذا واضح على المتأمّل.

وممّا يؤيّده أيضا إلحاق الحائض في المرفوعة ، والظاهر اتّحاد الروايتين.

ويمكن أن يكون من باب تنقيح المناط ، إذ أكثر الأحكام الفقهيّة العامة تثبت من الأخبار الخاصة بواسطته وإن لم يصرّح به.

الثالث : عرفت أنّ في المرفوعة المذكورة أنّ الحائض كالمحتلم إذا أصابها الحيض في المسجدين (٢). وأنكر في «المعتبر» ذلك ، لقطع الرواية ، ولأنّه لا سبيل

__________________

(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٢.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٠٠ و ٢٠١ من هذا الكتاب.

٢٠٤

لها إلى الطهارة بخلاف الجنب ، ثمّ حكم بالاستحباب (١). ولعلّه للتسامح في أدلّة السنن.

فاندفع عنه ما اعترض عليه في «الذكرى» من أنّه اجتهاد في مقابل النصّ (٢) ، وعارضه به من اعترافه بالاستحباب.

وقيل : الحائض كالجنب (٣) ، فإن كان مراده ما ذكر فقد ظهر حاله ، وإن كان مراده بعد ما خرجت من الحيض ، فهذا فرع كونها حائضا حقيقة إلى أن تغتسل ، ومرّ فساده. وإن كان المراد بحسب اللغة لا الحقيقة الشرعيّة.

وإن كان المراد الشرعيّة ـ ويقال (٤) بثبوتها في المقام ـ فالوجه حرمة الكون عليها في المسجدين كالجنب ، كما هو المشهور بين الأصحاب.

وعلى القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة مطلقا أو في المقام ، نقول : المنع السابق على الخروج من الحيض مستصحب حتّى يثبت الجواز ، ولم يثبت إلّا بعد الغسل.

فالمشهور قويّ على أيّ تقدير ، فالغسل عليها واجب ، لأجل الكون في المسجدين ، سواء كان بعنوان الدخول أو الخروج أو المكث ، وسواء كان دخولها في المسجدين نسيانا أو خطأ أو جهلا بالمسألة ، أو بكونه المسجد المعهود ، أو عمدا وعصيانا ، أو جبرا أو اضطرارا.

فعلى أيّ حال يكون الواجب عليها الخروج بغاية السرعة ، لحرمة الكون في المسجدين عليها كالجنب ، فيكون حالها حال الجنب في كلّ ما ذكرناه ، من أنّ

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٢٢٢ و ٢٢٣.

(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧.

(٣) تحرير الأحكام : ١ / ١٥ ، ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٦ ، جامع المقاصد : ١ / ٧٩.

(٤) في (ف) و (ز ١) و (ط) : نقول.

٢٠٥

الغسل إن كان مقدورا يجب وإلّا فالتيمم ، وأيّ منهما يكون أقصر زمانا يكون مقدما ، مع الأمن من تلويث المسجد وآلاته.

وبالجملة ، حالها حاله على ما اقتضاه الدليل وقد عرفته.

والنفساء كالحائض في جميع ما ذكر ، لما مرّ في مبحث النفاس.

وأمّا الاستحاضة ، فقد مرّ الكلام في أنّ غسلها واجب لدخول المساجد أم لا.

وعلى تقدير الوجوب ، فهل حال المسجدين حال سائر المساجد بالنسبة إليها ، أم يحرم المرور أيضا فيهما؟

وعلى تقدير التحريم يجب الغسل والتيمم مع العجز عنه لتلويث المسجد أو غيره ، لما عرفت من عموم المنزلة والبدليّة في التيمم. لكن الظاهر عدم ثبوت وجوب الغسل لدخولها ، وأظهر منه عدم ثبوت الفرق بين المساجد.

الرابع : لو صادف التيمم المذكور فقد الماء ، فهل يكون مبيحا للصلاة واللبث في المسجد ، فلا يكون الخروج بعده واجبا ، وتكون الصلاة فيه جائزة؟ أم الصلاة خاصة فتكون خارجة من المسجد؟ أم لا يكون مبيحا أصلا؟

وفي «المدارك» اختار الإباحة لهما إن لم يكن المتيمم متمكّنا من استعمال الماء حالة التيمم (١).

وهذا بناء على ما اختاره من أنّ التيمم للصلاة مشروط بعدم التمكّن من استعمال الماء مطلقا. وأمّا التيمم للخروج ، فغير مشروط ، ولذا اختار وجوب التيمم وإن تمكّن من استعمال الماء.

وفيه ، أنّه على ما اختاره غير متمكّن من استعمال الماء مطلقا ، لأنّ فرضه

__________________

(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٢.

٢٠٦

التيمم مطلقا ، فيكون استعمال الماء خلاف الشرع وباطلا ، لأنّ المراد من التمكّن ما هو بحسب الشرع. وعلى القول بأنّه متمكّن من استعمال الماء شرعا يكون الواجب عليه الغسل خاصّة ، فتيممه باطل حينئذ ، إلّا أن نقول : الأمر بالشي‌ء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، كما هو رأيه ، فحينئذ كونه مأمورا بالتيمم للخروج لا يقتضي النهي عن ضدّه ، وهو الغسل للصلاة.

لكن الإشكال لعلّه لم يرتفع بالمرّة من جهة أنّ قصد القربة شرط ، والغسل الذي يوجب الكون الحرام ويقتضيه كيف يتأتّى قصد القربة به؟ ، لأنّ الكون في المسجد حرام مطلقا إلّا ما أخرجه الدليل ، وهو ما يكون حال التيمم خاصّة عنده.

إلّا أن نقول : بأنّ ما اختاره إنّما هو في صورة لا يوجب الغسل زيادة كون على نفس المرور ، وأنّ الأمر بالتيمم في هذه الصورة مجرّد تعبّد ، ولهذا تأمّل في اتّحاد حكم المحتلم مع الجنب بغير احتلام ، لكن عرفت أنّ تأمّله ليس بشي‌ء ، فتأمّل جدّا!

وإن أراد من التمكّن من الغسل حين التيمم التمكّن بعد التيمم والخروج ، ففيه ، أنّه مع كونه بعيدا من عبارته ، معلوم أنّ من شرط التيمم للصلاة عدم التمكّن من استعمال الماء حين التيمم لا بعده بالبديهة.

الخامس : هذا الحكم مقصور في المسجدين ، أمّا سائر المساجد ، فلمّا لم يكن المرور فيها حراما ، لم يتوقّف على الطهارة.

وفي «الذكرى» حكم باستحباب التيمم للخروج منها ، لما فيه من القرب من الطهارة ، وعدم زيادة الكون فيها له ، على الكون له في المسجدين (١) ، وفيه ما لا يخفى.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧.

٢٠٧

أمّا اللبث فيها ، فحرام كما مرّ ، ولا يرفع الحرمة إلّا الطهارة ، إلّا أن يكون مجبورا أو مضطرّا إليه ، فليتيمم ثمّ ليلبث ، لأنّه يبيح كلّ ما يبيحه المائية ، كما عرفت من عموم البدليّة.

وهذا وإن اقتضى الجواز مع عدم الاضطرار أيضا ، إلّا أنّ التيمم طهارة اضطراريّة ، فتأمّل ، وربّما يجي‌ء التحقيق في ذلك.

السادس : المشهور أنّ التيمم بدلا من الغسل لا بدّ فيه من ضربتين ، كما سيجي‌ء.

لكن بعض من قال بإجزاء المرّة في مطلق التيمم ، حكم باستحباب المرّتين (١).

والظاهر أنّه للخروج من الخلاف ، أو الجمع بين الأخبار. لكن يشكل ذلك هنا ، لاستلزامه زيادة المكث غالبا.

قوله : (وقد يجب). إلى آخره.

هذا إذا كان التيمم راجحا ، ورجحانه يتحقّق بشرائطه بعد ثبوت نفس شرعيّته ، إذ لم يثبت بعد أنّ التيمم من حيث هو هو راجح شرعا ، بل الراجح منه ما أمر الشارع به وطلبه.

قوله : (ولا لنفسه على الأصحّ).

المشهور ذلك ، بل ادّعى بعضهم الإجماع على ذلك (٢) ، بل عرفت الإجماع

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٢٣٤ ، ذخيرة المعاد : ١٠٥.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٠٨

على كون الوضوء أيضا واجبا لغيره لا لنفسه (١) ، فبدله يكون كذلك البتة.

وما ذكره المصنّف إنّما هو إشارة إلى ما حكى في «الذكرى» من وجود قول بوجوب الطهارات أجمع بحصول أسبابها وجوبا موسّعا ، لا يتضيّق إلّا بظن الوفاة ، أو تضيّق وقته المشروط بها (٢).

وقد عرفت فساد هذا القول في مبحث الوضوء والغسل أيضا (٣) ، بل عرفت استحالته والتدافع فيه ، فلاحظ!

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٦٠ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

(٢) ذكرى الشيعة : ١ / ١٩٦.

(٣) راجع! الصفحة : ٦٠ ـ ٦٨ (المجلّد الثالث) والصفحة : ٣٦ و ٣٧ من هذا الكتاب.

٢٠٩
٢١٠

٦٥ ـ مفتاح

[أسباب فقد التمكّن]

أسباب فقد التمكّن من المائيّة إمّا فقد الماء بقدر ما يكفيه ، أو فقد الوصلة إليه ، أو الخوف من استعماله من تلف ، أو مرض ، أو عطش ، أو قرح ، أو جرح ، أو بطء برء ، أو نحو ذلك ، كما يستفاد بعد الآية من الصحاح المستفيضة (١).

وقول الشيخين بعدم جوازه للمجنب المتعمّد وإن خاف التلف (٢) شاذّ ، ومستندهما إمّا متروك الظاهر ، أو ضعيف السند.

ويجب الطلب إذا لم يتيقّن عدمه ووسعه الوقت ، للإجماع ، وظاهر الآية (٣) والحسن (٤).

وتحديده بغلوة سهم في الحزنة ، وسهمين في السهلة ـ كما هو المشهور ـ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٢ و ٣٤٣ الباب ٢ و ٣ ، ٣٤٦ الباب ٥ ، ٣٨٦ و ٣٨٨ الباب ٢٤ و ٢٥ من أبواب التيمّم.

(٢) المقنعة : ٦٠ ، الخلاف : ١ / ١٥٦ المسألة : ١٠٨.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤١ الحديث ٣٨١٤.

٢١١

ليس بشي‌ء ، لضعف مستنده ، فالرجوع إلى العرف أولى.

وفي الثلج إذا بلّ رأسه وجسده أفضل ، فإن لم يقدر على استعماله فالتيمم ، كذا في المعتبرة (١).

ولو لم يضرّ الشراء بحاله وجب ، وإن زاد عن ثمن المثل ، لأنّه واجد وللصحيح (٢) ، وربّما يقيّد بعدم الإجحاف (٣) ، للحرج المنفي ، وهو جيّد.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٧ الحديث ٣٨٥٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٩ الحديث ٣٩٤٨.

(٣) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٧٠ ، المعتبر : ١ / ٣٧٠ ، جامع المقاصد : ١ / ٤٧٤ و ٤٧٥ ، مدارك الأحكام : ٢ / ١٨٩.

٢١٢

قوله : (أسباب فقد التمكّن). إلى آخره.

قال المحقّق رحمه‌الله : مسوّغات التيمم ثلاثة : عدم الماء ، وعدم الوصلة إليه ، والخوف من استعماله (١). ومرجع الكلّ إلى أمر واحد ، وهو العجز عن استعمال الماء.

وفي «المنتهى» جعل الأسباب ثمانية وعدّها ، وجعل منها ضيق الوقت عن استعمال الماء (٢).

وفي «المدارك» قال : الكلّ داخل في الثلاثة التي ذكرها المحقّق سوى ضيق الوقت ، إلّا أنّه صرّح في «المعتبر» (٣) بأنّه غير مسوّغ للتيمم (٤).

أقول : لا خفاء في دخول ذلك أيضا ، وسيجي‌ء التحقيق في ذلك.

قوله : (فقد الماء). إلى آخره.

أجمع علماؤنا على وجوب التيمم لفقد الماء سفرا كان أو حضرا ، لقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) الآية (٥) ، وللأخبار العامّة (٦).

وقال بعض العامّة باشتراط السفر (٧) ، لقوله تعالى (أَوْ عَلى سَفَرٍ) (٨).

__________________

(١) شرائع الإسلام : ١ / ٤٦ ، المعتبر : ١ / ٣٦٣ ، المختصر النافع : ١٦.

(٢) منتهى المطلب : ٣ / ٣٨.

(٣) المعتبر : ١ / ٣٦٣.

(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ١٧٧.

(٥) النساء (٤) : ٤٣ ، المائدة (٥) : ٦.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٦ الباب ١٤ من أبواب التيمم.

(٧) المغني لابن قدامة : ١ / ١٤٨.

(٨) المائدة (٥) : ٦.

٢١٣

وفيه ، أنّ فقد الماء في الحضر نادر جدّا ، فذكر السفر يخرج مخرج الغالب ، فلا يكون مفهومه حجّة ، كما حقّق في محلّه.

ولا فرق بين عدم الماء أصلا ، ووجود ما لا يكفيه لطهارته ، كما صرّح به الفاضلان (١).

وأسنده في «المنتهى» و «التذكرة» إلى علمائنا (٢) ، لأنّ ذلك مقتضى الظاهر من الأدلّة. فإنّ الظاهر من قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) متفرّعا على قوله تعالى (فَاغْسِلُوا). إلى آخره. عدم وجدان ماء يكفي لغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين ، وكذا الحال في سائر الأدلّة.

وعن العلّامة في «النهاية» : أنّ المحدث لو وجد ما لا يكفيه ، لم يجب عليه استعماله بل يتيمم ، واحتمل في الجنب مساواته للمحدث ، ووجوب صرف الماء إلى بعض أعضائه ، لجواز وجود ما يكمل به الطهارة ، قال : والموالاة ساقطة هنا بخلاف المحدث (٣).

وجزم في «التذكرة» بعدم وجوب استعماله ، وأسنده إلى الأصحاب. وهو الصواب ، لأنّ الظاهر من الأدلّة أنّ مع عدم تمكّن الغسل ينتقل الفرض إلى التيمم ، ومعلوم أنّ الغسل اسم للمجموع.

ويؤيّده ورود أخبار دالّة على أنّ الجنب المتمكّن من الوضوء خاصّة يتيمم ولا يتوضّأ (٤) ، ويظهر منها عدم وجوب الغسل أيضا ، سيّما وعلّل في بعضها بأنّ الله

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٣٦٨ ، شرائع الإسلام : ١ / ٤٧ ، تحرير الأحكام : ١ / ٢١ ، نهاية الأحكام : ١ / ١٨٦.

(٢) منتهى المطلب : ٣ / ١٨ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٦٩.

(٣) نهاية الإحكام : ١ / ١٨٦.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ الباب ٢٤ من أبواب التيمم.

٢١٤

تعالى جعل عليه نصف الوضوء (١).

ولو أمكنه المزج بالمضاف ـ بحيث لا يخرجه عن الماء المطلق ويفي لطهارته بأقلّ ما يتحقّق به الجريان ـ وجب من باب المقدّمة ، لتمكّنه من الطهارة بالماء. والشيخ رحمه‌الله لم يوجب عليه ذلك (٢).

وأمّا لو مزج كذلك ، فيوجب عليه المائية ، ويحرم عليه الترابية ، ولعلّه لصدق أنّه غير واجد للماء قبل المزج ، وبعد المزج يصدق أنّه واجد للماء.

وفيه ، أنّ المراد من قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) (٣) وأمثاله : لم يتمكّنوا ، لأنّ الوضوء والغسل من مقدّمات (٤) الواجب المطلق قطعا ، كما اقتضاه الأدلّة ، وهو إجماعي أيضا.

واشتراط عدم الوجدان خارج مخرج الغالب ، فلا عبرة به.

فعلى هذا لو تمكّن من إحداث الماء بجعل الهواء ماء أو بحفر البئر ، أو بإذابة الثلج أو الجمد أو أمثال ذلك وجب قطعا ، وكذا لو وهبه إيّاه واهب وجب القبول ، لتمكّنه.

وما قيل من أنّه لا يجب تحمّل المنّة وفيها منّة عادة (٥) ، ليس بشي‌ء ، إذ ربّما يخلو عنها ، وعلى فرضها ليس التحمّل حراما ، فيصير واجبا من باب المقدّمة.

أمّا لو وهبه عوضا عن شي‌ء فسيجي‌ء حكمه.

ومثل وجدان ما لا يكفيه ما لو تضرّر بغسل بعض أعضائه ، أو لم يتمكّن

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥٧ الحديث ٢١٣ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ الحديث ٣٩٤٠.

(٢) المبسوط : ١ / ٩.

(٣) النساء (٤) : ٤٣ ، المائدة (٥) : ٦.

(٤) في (ف) و (ز ١) و (ط) : باب المقدّمة.

(٥) روض الجنان : ١١٨.

٢١٥

من غسله ، لنجاسته مع عدم القدرة على طهارته ، لعين ما ذكر.

وكذلك الحال في الوضوء ، لاشتراك العلّة والدليل ، خرج الجبيرة بالنص (١) والإجماع ، ومرّ التحقيق في مبحثها (٢) ، وأنّها منحصرة في الانكسار والقروح والجروح ، وسيجي‌ء تمام التحقيق.

ولا يخفى أنّ فقد الماء إنّما هو بعد الطلب على حسب ما سيجي‌ء.

قوله : (أو فقد الوصلة إليه). إلى آخره.

بأن ليس عنده ما يشتريه ، ولا يعطونه بغير الشراء والثمن الحال ، أو يرضون نسيئة ، لكن لا يتمكّن من قيمته نسيئة أيضا ، فلا شكّ في أنّه غير متمكّن من استعماله شرعا ، أو يكون عنده لكن يضرّ بحاله ، والأصحاب بحسب الظاهر متّفقون على ذلك ، ولعلّه لعموم لا ضرر ولا ضرار (٣) ، ونفي العسر والحرج (٤).

مع أنّ الضرر بالحال ربّما يصل إلى حدّ تهلكته ، أو تهلكة أحد من عياله ، ولا شكّ في حرمة إلقاء النفس إليها ، أيّ نفس محترمة تكون ، وربّما يصل حدّ السؤال ، بل السؤال بالكفّ ، سواء سأل أو لم يسأل. وهو أيضا مثل السابق ، لأنّه تعالى لا يرضى أن يذلّ المؤمن نفسه ، حيث قال (وَلِلّهِ الْعِزَّةُ) الآية (٥) ، وورد النصّ بذلك ، ويظهر من أخبار آخر (٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٤٦٣ الباب ٣٩ من أبواب الوضوء.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٣٢ ـ ٤٣٥ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

(٣) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٤٢٧ الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات.

(٤) البقرة (٢) : ١٨٥. الحج (٢٢) : ٧٨ ، المائدة (٦) : ٦.

(٥) المنافقون (٦٣) : ٨.

(٦) وسائل الشيعة : ١٦ / ١٥٦ الباب ١٢ ، ١٥٨ الباب ١٣ من أبواب الأمر والنهي.

٢١٦

والظاهر أنّ ذلك ليس مختصّا بالحال المقابل للاستقبال ، بل يعم الاستقبال أيضا ، لكن سيجي‌ء تمام التحقيق.

واحتجّ له في «المعتبر» بأنّ من خشي من لصّ أخذ ما يجحف به لم يجب عليه تحصيل الماء وتعريض المال للتلف (١) ، فيكون الأمر هنا أيضا كذلك.

وبرواية يعقوب بن سالم عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك؟ قال : «لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض [له] لصّ أو سبع» (٢).

أقول : الخوف من اللصّ موجب للتيمم ، كما ستعرف ، وإن لم يخف من ذهاب مال كالخوف من السبع ، وإلّا فسيجي‌ء أنّه يجب الشراء بثمن غال غاية الغلو.

أقول : ومن جملة عدم الوصلة ، عدم الآلة في تحصيله ، مثل الدلو والرشاء ، وهذا أيضا ظاهر حيث لا يتمكّن إلّا منها.

وأمّا إذا تمكّن من شدّ الثياب بعضها ببعض ـ بجعلها موضع الرشاء ، أو موضع الدلو أيضا ، بأن يعصرها ويتطهّر بالخارج بالعصر ـ وجب لتمكّنه ، إلّا أن تكون ثياب بدنه فيتضرّر بابتلالها ورطوبتها ، أو يخاف من حدوث المرض من جهته.

وأمّا إذا لم يكن أمثال ما ذكر ، لكن يتضرّر بنقص القيمة ، بأن يشقّها حتّى يصل إلى الماء ، أو تنقص القيمة بمجرّد الفعل فلا مانع ، بل يجب ، لتمكّنه ، إلّا أن يكون الضرر مجحفا بحاله ، كما سنذكر.

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٣٧٠.

(٢) الكافي : ٣ / ٦٥ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ١ / ١٨٤ الحديث ٥٢٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٢ الحديث ٣٨١٧.

٢١٧

ومن جملة عدم الوصلة فقد ما يسخن به الماء إذا توقّف على تسخينه ، وأمثال ذلك.

قوله : (من تلف).

أقول : بأيّ نحو يكون التلف ، مثل أن يخاف السبع أو اللص ، فإنّه لا يؤمن من أن يضرّ به بما يقتله أو يجرحه ، أو يسلب فيموت من الحرّ أو البرد ، أو يذهب به في برّ مهلك ، أو غير ذلك من أسباب التهلكة ، كما هو الغالب في اللصوص ، بل الخوف موجود وإن لم يكن غالبا.

ولعلّه لهذا اتّفق كلام الأصحاب على كون خوفهم موجبا للتيمم مطلقا ، سواء كان الخوف على النفس أو البضع أو المال ، وفرض عدم الخوف إلّا من المال بالنحو الذي يؤمن معه من النفس أو البضع ومن ضرر الحرّ أو البرد المهلكين أو ما أشبه ذلك ، بعيد جدّا.

ومع ذلك يؤخذ منه بمهانة وذلّة ، فلا يتعرض أحد على الفقهاء ، بأنّ ضياع المال في جنب الطهارة بالماء غير مرعيّ عندكم ، ولذا تأمرون بشراء الماء بأضعاف مضاعفة من القيمة وتوجبون ذلك ، وفي اللص تقولون : وإن كان الخوف من خصوص المال. مع أنّ النص أيضا ورد بالفرق ، وهو رواية يعقوب المتقدّمة (١).

قوله : (أو مرض).

أي : أيّ مرض كان ، شديدا كان أو غير شديد ، عامّا لجميع البدن أو مختصّا بموضع ، ويتحقّق الخوف من حدوث المرض أو زيادته ، أو بطء برئه أو عسر علاجه ، أو يشقّ معه التحمّل ، فتأمّل!

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٦٥ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٢ الحديث ٣٨١٧.

٢١٨

ويدلّ على ذلك كلّه قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) (١) أي : وإن كنتم مرضى مرضا تخافون معه من استعمال الماء ، أو يشقّ عليكم معه استعماله.

والحاصل ، أنّه مطلق يشمل جميع ما هو خوف من استعماله ، حتّى أنّ بعض العامة يقول بإطلاقه من دون تقييد بالخوف من استعماله (٢). لكنّه بعيد ، لانصراف الذهن إلى ما ذكرنا.

فإذا كان مع خوف زيادة المرض أو بطء برئه وأمثالهما يجب العدول إلى التيمم ، فبالخوف من حدوث نفس المرض بطريق أولى ، مضافا إلى قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٣) ، وقوله (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٤) وقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٥) ، وقوله عليه‌السلام : «لا ضرر ولا ضرار» (٦) ، وغير ذلك ، مثل صحيحة ابن مسلم : أنّه سأل الباقر عليه‌السلام عن الجنب يكون به القروح؟ قال : «لا بأس بأن لا يغتسل ، يتيمّم» (٧).

وصحيحة ابن أبي نصر عن الرضا عليه‌السلام : في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف على نفسه من البرد؟ قال : «لا يغتسل ويتيمّم» (٨). إلى غير

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) لاحظ! شرح فتح القدير : ١ / ١٢٤.

(٣) الحجّ (٢٢) : ٧٨.

(٤) البقرة (٢) : ١٨٥.

(٥) البقرة (٢) : ١٩٥.

(٦) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٤٢٧ الباب ١٢ من كتاب إحياء الموات.

(٧) تهذيب الأحكام : ١ / ١٨٤ الحديث ٥٣٠ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٧ الحديث ٣٨٢٨ مع اختلاف يسير.

(٨) تهذيب الأحكام : ١ / ١٩٦ الحديث ٥٦٦ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٧ الحديث ٣٨٣٠ مع اختلاف يسير.

٢١٩

ذلك من الأخبار (١).

وقيّد الفاضلان المرض بالشديد ، لانتفاء الضرر مع اليسر ، كوجع الرأس والضرس (٢).

وفيه ، أنّه ربّما ينتفي الضرر في الشديد أيضا ، كما أنّه ربّما يكون في اليسير أيضا ، فإذا كانت العبرة بالضرر ، فلا بدّ من التقييد بالمضرّ ، إلّا أن يكون مرادهما من «اليسير» الذي لا يضرّه استعمال الماء ، ولذا جعلا وجع الرأس والضرس من اليسير ، مع كونهما من أشدّ الأمراض وجعا.

وممّا ذكر ظهر أنّه لا وجه لاستشكال الشهيد في التقييد باليسير للعسر والحرج ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ضرر» (٣) ، إذ مع عدم الضرر كيف يتحقّق ما ذكره؟ إلّا أن يجعل الضرر أشدّ من العسر والحرج ، بأن يقول : الضيق والعسر ينافيان السهولة وعدم الحرج ، وعدم السهولة ربّما لا يسمّى ضررا ، وكذا الحرج ، مثلا الغسل في الماء البارد الشديد البرودة ربّما لا يضرّ شخصا ، إلّا أنّه يشقّ عليه ، وربّما كان مشقّته عظيمة ، وليس فيه ضرر أصلا ، بل وربّما كان فيه نفع. كما أنّ الحال في العطش أيضا كذلك ، أي غالبا لا يكون فيه ضرر ، بل وربّما يكون فيه نفع ، إلّا أنّه شاقّ لا يتحمّله ، كما هو الحال في المستسقى.

فعلى هذا يكون ما ذكره الشهيد رحمه‌الله أصوب ، إلّا أن يكون مراد الفاضلين من الضرر ما يشمل المشقّة المذكورة أيضا ، فيعود النزاع لفظيّا.

لكن الظاهر أنّه ليس كذلك ، وأنّ ما ذكر اختلاف في الرأي.

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٦ الباب ٥ من أبواب التيمم.

(٢) المعتبر : ١ / ٣٦٥ ، شرائع الإسلام : ١ / ٤٧ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٦٠ المسألة ٢٨٩.

(٣) ذكرى الشيعة : ١ / ١٨٦.

٢٢٠