مصابيح الظلام - ج ٤

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٤

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-4-3
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٣٣

جميعا ، والموافقة للمشتهر بين الأصحاب ، بل المجمع عليه الذي لا ريب فيه ، كما ورد في المعتبر المسلّم عند الكلّ.

احتجّ ابن الجنيد ـ على ما نقل عنه (١) ـ بصحيحة الحسين بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام في جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللبن والماء فأشرب منه وأتوضّأ؟ قال : «نعم» ، وقال : «يدبغ فينتفع به ولا يصلّى فيه» (٢).

ويؤيّده مرسلة «الفقيه» السابقة في صدر مبحث الميتة (٣).

والجواب عنهما بعدم صحّة السند ، لعدم توثيق الحسين وإرسال الاخرى ، والموافقة لمذهب العامّة ، والمخالفة للمشتهر بين الأصحاب ، بل والطريقة الخاصة المعروفة منهم بلا شبهة ، والمخالفة للأخبار الكثيرة غاية الكثرة ، بل ربّما كانت متواترة ، كما لا يخفى على المتتبع المتأمّل ، وكذا المخالفة للاستصحاب المعلوم ، والقاعدة الصحيحة المعروفة.

وبالجملة ، ما نحن فيه مثل القياس وغسل الرجل في الوضوء وأمثالهما ممّا هو الآن شعار الشيعة وضروري مذهبهم ، بحيث لا يختلجه شائبة ريبة ، فلا حاجة إلى تطويل الكلام أزيد ممّا ذكرناه.

وعلى القول بالنجاسة ـ كما هو الحق بلا مرية ـ هل يجوز الانتفاع به في اليابس؟ الفاضلان والشهيدان على المنع ، لعموم المنع عن الانتفاع بالميتة (٤) ، بل

__________________

(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ٥٠١ و ٥٠٢.

(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣٢ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٣ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٩ الحديث ١٥ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤١٨٢ ، راجع! الصفحة : ٤٤٤ من هذا الكتاب.

(٤) المعتبر : ١ / ٤٦٥ و ٤٦٦ ، منتهى المطلب : ٣ / ٣٥٨ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٥ ، روض الجنان : ١٧٢.

٤٨١

لعلّه ليس محلّ خلاف ، وإن وقع في «الذخيرة» نوع تردّد منه فيه (١) وليس بمكانه بلا تأمّل.

وابن الجنيد شرط في مطهريّة الدباغة أن تكون الدباغة بشي‌ء طاهر لا بمثل خبرء الكلاب (٢).

وربّما كان سنده ما ورد في بعض الأخبار من المنع عن الصلاة في الدارش (٣) ، معلّلا بأنّها تدبغ بخرء الكلاب (٤) ، وظاهرها أنّ المذكى إذا دبغ به لا يصلّى فيه ، ولعلّه محمول على الكراهة ، فتأمّل جدّا!

قوله : (أخبار كثيرة).

أقول : هي ما ذكرنا من الروايتين (٥) ، ورواية القاسم الصيقل أنّه كتب إلى الرجل عليه‌السلام : جعلنا الله فداك إنّا قوم نعمل السيوف ، وليست لنا معيشة ، ونحن مضطرّون إليها ، وعلاجنا من جلود الميتة من البغال والحمير الأهليّة ، لا يجوز في أعمالنا غيرها ، فيحلّ لنا عملها وشراؤها وبيعها؟. إلى أن قال : فكتب : «اجعل ثوبا للصلاة» (٦).

ثمّ كتب إلى الجواد عليه‌السلام : كنت كتبت إلى أبيك بكذا فصعب عليّ ذلك ، فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة ، فكتب عليه‌السلام إليّ : «كلّ أعمال البرّ بالصبر

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ١٧٦.

(٢) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٤٦٦ ، منتهى المطلب : ٣ / ٣٦٤.

(٣) الدارش : جلد أسود كأنّه فارسي الأصل (القاموس المحيط : ٢ / ٢٨٤).

(٤) الكافي : ٣ / ٤٠٣ الحديث ٢٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٧٣ الحديث ١٥٥٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٥١٦ الحديث ٤٣٣٤.

(٥) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤١٨٢ ، ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٥.

(٦) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٧٦ الحديث ١١٠٠ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧٣ الحديث ٢٢٢٨١.

٤٨٢

يرحمك الله ، فإن كان ما تعمل ذكيّة فلا بأس» (١).

وموثّقة سماعة قال : سألته عليه‌السلام عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت ، فرخّص به وقال : «إن لم تمسّه فهو أفضل» (٢).

ولا يخفى أنّ الاولى ضعيفة والثانية موثّقة ، مطابقتان لمذهب العامّة ، ومخالفتان للأصول ، كما عرفت ، فكيف تعارضان الصحّاح المطابقة لمذهب الشيعة ، المخالفة لمذاهب العامّة ، الموافقة للأصول.

ومع ذلك غير خفيّ على المتأمّل أنّ جلود الحمر الأهليّة والبغال في الألسن مشهورة كونها ميتة على سبيل المظنّة ، بناء على ندرة وجدان ذبحهما عند الموت ، وعدم ذبحهما حال الصحّة ، وعدم الاطّلاع عليه حال المشارفة للموت.

ينادي بذلك قوله : «لا يجوز في أعمالنا غيرها» ، للعلم العادي بعدم مدخليّة الموت في ذلك ، وأنّ الذي لا يجوز في غيره عادة هو الكيمخت ، لأنه الذي يجعل للسيوف عادة.

ينادي بذلك ما في الموثّقة من تفسير جلد الميّت بالكيمخت ، وقوله : صعب ذلك عليّ فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة. إذ يظهر منه جواز الذكيّ أيضا في إعماله ، بل وأولويّته ، وأنّ الذكيّ منه جلود الحمر منحصرة (٣) عنده في الوحشيّة ، مع العلم بأنّه لا مدخليّة للموت في الجواز في الإعمال.

وبالجملة ، لا تأمّل في أنّ المراد لا يجوز في أعمالنا غير جلود الحمير والبغال ،

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٠٧ الحديث ١٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥٨ الحديث ١٤٨٣ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٨٩ الحديث ٤٢٥٨.

(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣٣ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٤ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٦.

(٣) في (د ١) وبعض النسخ : منحصر.

٤٨٣

وهي التي يعبّر عنها بالكيمخت ، وأنّه مظنون الموت لا يذكّى ظاهرا.

وينادي بذلك أيضا أنّ سماعة راوي الرواية المذكورة روى هو بعينه رواية اخرى هكذا : سألته عن أكل الجبن وتقليد السيف وفيه الكيمخت والغراء (١)؟ فقال : «لا بأس بما لم يعلم أنّه ميتة» (٢).

ولا يبعد اتّحاد روايته (٣) ووقوع التفاوت من النقل بالمعنى ، بل هو الظاهر ، وإلّا لكان ينقل الروايتين لكلّ من روى عنه ، كما هو المتعارف من الرواة ، بل هو اللازم عليهم.

مع أنّه يحتمل أن يكون العامّة لمّا اعتقدوا بالطهارة من الدباغة لزمهم أحكامهم والمداينة بدينهم ، لما ورد في أخبار متعدّدة هذا المضمون فتأمّل ، سيّما مع ملاحظة ما قاله الراوي من أنّا مضطرّون إلى ذلك ولا يجوز في أعمالنا إلّا ذلك.

فمثل هذه الأخبار من جهة الضعف في الدلالة أيضا لا تقاوم الصحاح الواضحة الدلالة ، سيّما مع ما عرفت من المرجّحات الكثيرة القويّة غاية القوّة ، بل واحد منها يكفي للترجيح ، فضلا عن المجموع.

مع أنّ الميتة لو كانت طاهرة بالدباغة لما أمر المعصوم عليه‌السلام بتطهير الثوب الملاقي لها للصلاة ، إلى حدّ لزم الحرج على الراوي ، ولم يكن يقول : «فإن كان ما تعمل ذكية فلا بأس» ، ولما قال : «إن لم تمسّه فهو أفضل».

وما قال من أنّ المطلق يحمل على المقيّد ، إنّما هو بعد التقاوم من كون دلالة

__________________

(١) الغراء : الذي يلصق به الشي‌ء يكون من السمك. إذا فتحت الغين قصرت ، وإن كسرت مددت. (لسان العرب : ١٥ / ١٢١).

(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣١ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٢ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٥ الحديث ٣٠٣٠٣.

(٣) في (د ١) : روايتيه.

٤٨٤

المقيّد أقوى ، كما حقّق في محلّه ، وإلّا فلا وجه ، لأنّ كلّ واحد منها حجّة شرعيّة ، فترجيح أحدهما على الآخر ـ بأن يجعل مقيّدا له ـ يتوقّف على المرجّح ، ومجرّد كون التقييد عملا بهما لا يكون مرجّحا ، لأنّ العمل بهما غير منحصر فيه.

مع أنّك عرفت أنّ الصحاح في غاية القوّة من الدلالة وعموم المنع عن الانتفاع.

بل وأقوى من المقيّد الذي عرفته بمراتب ، فضلا عن المرجّحات الاخر التي عرفت.

بل المقيّد لو كان صحيحا لم يقاوم الصحاح لوجوه شتّى ، فكيف إذا لم يكن صحيحا؟

مع أنّ المصنّف لا يعمل بغير الصحيح ، وإن لم يكن معارضا للصحيح ، فكيف إذا عارض الصحاح المستجمعة لفنون المرجّحات؟ كما أنّ غير الصحيح مستجمع لفنون من الموهنات ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وما قال من أنّ عدم جواز الانتفاع لا يستلزم النجاسة. فيه : أنّها كانت نجسة قبل الدباغ ، وهي مستصحبة حتّى يحصل اليقين بالطهارة.

وأيضا حال الدباغة أيضا ميتة جزما ، فيشملها ما دلّ على نجاستها ، فيكون المدبوغ ميتة مسلّمة عندك أيضا.

وكذا كلّ ميتة نجسة ، كما هو مقتضى الأخبار الدالّة على نجاستها [من] دون التقييد بعدم الدباغة ، بل وغاية شمول بعضها للمدبوغ ، كما عرفت.

وكيف كان ، كان على المصنّف إثبات مطهريّة الدباغ لما هو نجس لو لم يدبغ ، لأنّ الاستصحاب عنده حجّة ، وكذا الإطلاقات.

وصرّح (١) بأنّ كلّ شي‌ء حكم بنجاسته شرعا فلا بدّ لطهارته من دليل

__________________

(١) في (د ١) زيادة : به.

٤٨٥

شرعي ، ومداره على ذلك ، فكيف هنا يحكم بالطهارة بمجرّد عدم دلالة المنع من مطلق الانتفاع على النجاسة؟ مضافا إلى أنّها لو كانت طاهرة بالدباغ لما كان للمنع عن جميع الانتفاعات وجه ، لأنّ المانع عن جميع الانتفاعات ليس إلّا النجاسة بالإجماع ، بل بالضرورة ، مضافا إلى عدم قائل بالفصل ، فإنّ ابن الجنيد يجوّز جميع الانتفاعات سوى الصلاة فيها (١) ، فالصّحاح المعتبرة تردّ مذهبه.

على أنّا نقول : الطهارة الشرعيّة لا معنى لها سوى عدم المنع من الصلاة والأكل والشرب ونحوهما بالنسبة إليه وإلى ملاقيه ، وإلى ملاقي ملاقيه وهكذا ، كما أنّ النجاسة الشرعيّة معناها المنع كذلك ، فتأمّل!

__________________

(١) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٤ و ١٣٥.

٤٨٦

٧٨ ـ مفتاح

[موارد وقوع تذكية الحيوان]

الحيوان منه ما يقع عليه الذكاة إجماعا ، بمعنى أنّ مذكّاه طاهر بخلاف ميتته ، وهو ما يؤكل لحمه ، ومنه ما لا يقع عليه إجماعا ، بمعنى أنّ مذكّاه نجس كميتته ، وهو الآدمي ونجس العين ، ومنه ما في وقوعها عليه خلاف ، وهو ما عدا ذلك كالمسوخ عند من لم ينجّسها ، والحشرات والسباع للمجوّزين ، ومنهم السيّد في المسوخ (١).

والأكثر بل الكلّ في السباع (٢) ، للأصل ، وأنّ المقتضي لوقوعها على المأكول وهو الانتفاع ، مقتض لوقوعها على هذه ، لإمكانه من جلودها.

وفي الموثّق : عن تحريم لحوم السباع وجلودها ، فقال : «أمّا اللحوم فدعها ، وأمّا الجلود فاركبوا عليها ولا تصلّوا فيها» (٣).

وفيه : عن جلود السباع ينتفع بها؟ فقال : «إذا رميت وسمّيت فانتفع بجلده» (٤).

__________________

(١) الناصريّات : ٩٩ المسألة ١٨ ، لاحظ! شرائع الإسلام : ٣ / ٢١٠.

(٢) السرائر : ٣ / ١١٤ ، شرائع الإسلام : ٣ / ٢١٠ ، الروضة البهيّة : ٧ / ٢٣٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٣ الحديث ٥٣٦٧ و ٥٣٦٨ نقل بالمعنى.

(٤) وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٥ الحديث ٣٠٣٠٢.

٤٨٧

وللمانعين ـ ومنهم المحقّق في المسوخ (١) ، والشهيد الثاني في الكلّ (٢) ـ أنّ الذكاة حكم شرعيّ يترتّب عليه طهارة ما حكم بكونه ميتة ، فيتوقّف على دليل صالح مخرج عن حكم نجاسة الميتة ، وهو مفقود ، لإضمار الخبرين (٣) ووقف راويهما (٤).

وفيه ، أنّ الإضمار والوقف غير مضرّين ، كما بيّن في محلّه ، مع أنّ أصالة إباحة الأشياء وخلقها لانتفاع الإنسان يكفي دليلا على ذلك.

والمتيقّن من أدلّة نجاسة الميّت ما يموت حتف أنفه دون ما ذكّي ، لعدم إطلاق الميتة عليه عرفا ، بل الظاهر أنّها في مقابلة المذكّاة (٥).

ولا يتوقّف طهارتها على القول بها على الدباغة ، لعموم الموثّقين ، ويؤيّده الخبر الدالّ على جواز الصلاة في جلد السنجاب الغير المدبوغ (٦) ، ولأنّ الدباغة غير مطهّرة عند الأكثر ، ولأنّ الحيوان طاهر في الأصل ، والذكاة أخرجته من الميتة ، خلافا للمفيد والطوسي (٧) والسيّد (٨) ، للخبر (٩) وهو ضعيف.

__________________

(١) شرائع الإسلام : ٣ / ٢١٠.

(٢) مسالك الإفهام : ١١ / ٥١٦ و ٥٢٠.

(٣) مرّ آنفا.

(٤) رجال الطوسي : ٣٥١ الرقم ٤ ، رجال ابن داود : ٢٤٩ الرقم ٢٢٧.

(٥) كما يدلّ عليه بعض النصوص. «منه رحمه‌الله». انظر! وسائل الشيعة : ٣ / ٤٣٥ الحديث ٥٣٤٤ ، ٣٥٢ الحديث ٥٣٦٥ ، لاحظ! جواهر الكلام : ٣٦ / ١٩٥ و ١٩٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٨ الحديث ٥٣٥٤.

(٧) نقل عن المفيد في غاية المرام : ٤ / ٣٤ ، المبسوط : ١ / ١٥.

(٨) نقل عنه في المعتبر : ١ / ٤٦٦.

(٩) وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧٢ الحديث ٢٢٢٧٨.

٤٨٨

قوله : (بمعنى). إلى آخره.

هذا المعنى إنّما هو بالنسبة إلى ما فيه نفس سائلة ممّا يؤكل لحمه ، وأمّا ما ليس له نفس سائلة ممّا يؤكل لحمه فمذكّاه حلال الأكل والشرب ، لا أنّه طاهر ، لأنّ ميتته طاهرة أيضا ، إلّا أنّها حرام الأكل والشرب ، فدهنه ولبنه ونحوهما يجوز شربه.

لكن تذكية هذا بالخروج من الماء حيّا أو الإخراج منه ، كذلك ، في السمك ، والأخذ حيّا في الجراد ، كما سيجي‌ء في كتاب الصيد والذباحة مفصّلا ، والإجماعان المذكوران لا شبهة فيهما.

قوله : (كالمسوخ). إلى آخره.

السيّد وجماعة على قبول المسوخ للتذكية (١) ، والفاضلان على عدم القبول (٢) ، لما سنذكر عن الشهيد الثاني من أنّ الذكاة حكم شرعي ذو أحكام شرعية وشرائط كثيرة ، فيتوقّف على دليل شرعي (٣) ، إذ الأصل عدم الشروط والأحكام الشرعيّة ، حتّى يثبت بدليل. والأصل بقاء الحكم السابق حتّى يثبت خلافه ، والتذكية شرط في الطهارة إجماعا ، ولذا ما لم يثبت شرعا تذكيته لم يجز أكله ولا الصلاة فيه.

ومن هذا يحكمون بنجاسة الجلود التي تؤخذ من الكافر ، وكذا اللحوم ، كما سيجي‌ء في كتاب الصيد والذبائح.

__________________

(١) الناصريات : ٩٩ ، السرائر : ٣ / ١١٤ ، إيضاح الفوائد : ٤ / ١٣٠ ، الدروس الشرعية : ٢ / ٤١٠.

(٢) شرائع الإسلام : ٣ / ٢١٠ ، نقل عن العلّامة في ذخيرة المعاد : ١٧٥.

(٣) مسالك الأفهام : ١١ / ٥١٧ مع اختلاف يسير.

٤٨٩

وممّا ذكر ظهر أنّ أصالة وقوع التذكية التي يتمسّك بها السيّد ومشاركوه لا أصل لها.

وكذا ما ذكروه من أنّ المقتضي لوقوعها على المأكول. إلى آخره ليس بشي‌ء ، إذ ليس هو إلّا القياس المنهيّ عنه.

والموثّقان وهما موثّقة زرعة عن سماعة عن الصادق عليه‌السلام في الأوّل ، وقال : سألته من دون ذكر المسؤول عنه في الثاني مختصّان بالسباع ، كما ذكر متنهما (١) ، لكن متن الموثّق الأوّل هكذا :

«أمّا لحوم السباع من الطير والدوابّ فإنّا نكرهه ، وأمّا الجلود». إلى آخره ، وهو في الواقع أيضا كذلك.

نعم ، في موثّقة ابن بكير ـ كالصحيحة ـ أنّ الصادق عليه‌السلام قال لزرارة : «إنّ ما يؤكل لحمه فالصلاة في كلّ شي‌ء منه جائز ، إذا علمت أنّه ذكيّ قد ذكاه الذبح ، وإن كان ممّا قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كلّ شي‌ء منه فاسد ، ذكّاه الذبح أم لم يذكّه» (٢).

لكن المستفاد منها جريان التذكية في بعض ما حرم أكله لا كلّه ، بقرينة قوله : «أم لم يذكّه» ، فلعلّ المراد السباع التي ظهر تذكيتها من الموثّقين.

نعم ، في صحيحة محمّد بن عبد الجبّار أنّه كتب إلى أبي محمّد عليه‌السلام سأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير أو تكّة من وبر الأرانب؟ فكتب عليه‌السلام : «لا تحلّ الصلاة في «الحرير» المحض ، وإن كان الوبر ذكيّا

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٣ الحديث ٥٣٦٧ ، ٢٤ / ١٨٥ الحديث ٣٠٣٠٢ ، راجع! الصفحة : ٤٨٧ من هذا الكتاب.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٩٧ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٩ الحديث ٨١٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٨٣ الحديث ١٤٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٥ الحديث ٥٣٤٤ مع اختلاف يسير.

٤٩٠

حلّت الصلاة فيه إن شاء الله» (١).

لكن الظاهر أنّ المراد بالذكي كونه ممّا يؤكل لحمه ، لأنّ الوبر ممّا ليس له روح ، فلا يتوقّف على التذكية.

نظير ذلك ما رواه الكليني في «الكافي» عن علي بن أبي حمزة عن الصادق والكاظم عليه‌السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها ، فقال : «لا تصلّ فيها إلّا في ما كان منه ذكيّا» ، قال : قلت : أو ليس الذكي ما ذكيّ بالحديد؟ فقال : «بلى إذا كان ممّا يؤكل لحمه» ، قلت : وما يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قال : «لا بأس بالسنجاب فإنّه دابّة لا تأكل اللحم ، وليس هو ممّا نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ نهى عن كلّ ذي ناب ومخلب» (٢).

وظاهر هذه الرواية عدم تذكية السباع شرعا ، لكن الظاهر أنّ التذكية المذكورة فيها ليست بالمعنى المعروف ، بل بمعنى حلّية الصلاة فيه ، كما سيجي‌ء في بحث لباس المصلّي ، لكنّها ضعيف السند ، ومع ذلك في دلالتها ما سيجي‌ء في بحث لباس المصلّي.

ويظهر من غير واحد من الأخبار صحّة التذكية في الثعالب (٣).

وفي «التذكرة» ادّعى الإجماع على قبول التذكية في السباع (٤) ، ويظهر أيضا من «المنتهى» و «المعتبر» و «الذكرى» (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٠٧ الحديث ٨١٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٧٧ الحديث ٥٤٤٢.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٩٧ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٨ الحديث ٥٣٥٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٢ الحديث ٥٣٦٥ ، ٣٥٧ الحديث ٥٣٨٠ و ٥٣٨١.

(٤) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٢٣٦ المسألة ٣٢٩.

(٥) منتهى المطلب : ٣ / ٣٦٠ ، المعتبر : ١ / ٤٦٦ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٥.

٤٩١

قوله : (لإضمار الخبرين).

لا يخفى أنّ الموثّق الأوّل في «الفقيه» ، هكذا : سأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه‌السلام. إلى أن قال : «أمّا أكل لحمها فإنّا نكرهه ، وأمّا الجلود» (١). إلى آخر ما ذكره المصنّف.

وقوله : (إنّ الإضمار والوقف غير مضرّين) ، ربّما يخالف طريقته من عدّه الموثّق غير حجّة ، بل ربّما يعبّر عنه بالضعيف على ما أظن ، وكذا ربّما يطعن بالإضمار ، إلّا أن يكون مراده عدم الضرر في الحديث الذي وافق الأصل ، كما هو طريقة صاحب «المدارك».

ومراده من الأصل ما ذكره من أصالة إباحة الأشياء وخلقها لمنافع الناس.

لكن ما ذكره موقوف على عدم المنع من إيذاء الحيوانات بالقتل والشقّ وأمثالهما ، ومع ذلك لا تكون التذكية شرطا للإباحة والحلّية بحسب الشرع ، وكون المتبادر من الميتة ما يموت حتف أنفه ، كما ذكره.

مع أنّه لو لم يتحقّق مجموع شرائط التذكية شرعا يكون ميتة يقينا وإجماعا.

فإذا كان بالإخلال بشرط واحد منها يصير ميتة البتة ، فلا جرم تكون التذكية بشرائطها الشرعيّة شرطا لتحقّق الإباحة التي ادّعاها ، فيتوقّف على ثبوت وقوع التذكية شرعا.

فكيف يتمسّك لوقوعها بالأصل؟ إلّا أن يقول : في كلّ موضع وقع إخلال بشرط من شرائط التذكية وقع الإجماع على كونه ميتة ، ولو لا الإجماع لما كان ميتة البتّة ، وإن كان قدّ نصفين بغير آلة التذكية ، مستدبرا لقبلة ، غير ذاكر اسم الله تعالى. إلى غير ذلك.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٦٩ الحديث ٨٠١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٥٣ الحديث ٥٣٦٨.

٤٩٢

لكن لا بدّ فيه من تأمّل ، إذ على هذا لا تكون التذكية شرطا ، بل ولا الموت أيضا مانعا ، وسيجي‌ء تمام التحقيق في موضعه.

والأولى التمسّك بالموثّقة كالصحيحة ، بل هي أولى من أكثر الصحاح بالحجيّة لإجماع العصابة ، ولكونها مستند الشيعة في المسألة الضروريّة بينهم ، وللموافقة للأخبار الصحاح والمعتبرة ، وغير ذلك ما سيجي‌ء في موضعه ، مع عدم القائل بالفصل ، مع أنّ الموثّقين حجّة ، كما حقّق في محلّه.

ويرد على المصنّف أيضا أنّ الميّت والميتة في اللغة والعرف العام وغيرهما في مقابل الحيّ بلا شبهة ، يعني ما زال حياته وخرج روحه ، كما دلّ عليه العلّة المنصوصة في صحيحة الحلبي ، وتنقيح المناط الذي ذكر ، وغير ذلك ممّا مرّ ، واعترف به المصنّف في ما لا تحلّه الحياة ، حيث علّل طهارته بعدم صدق الموت ، والتذكية أمر شرعي يتوقّف ثبوته من الشرع.

وفي اصطلاح المتشرّعة تكون الميتة في مقابل المذكّى شرعا إذا كانت من شأنها أن تذكّى ، فإذا أطلقوا لفظ «الميتة» ينصرف إلى الأفراد الشائعة عندهم ، وهي التي لم يقع عليها التذكية ، وإن وقع من سطح فمات ، أو أكل ما قتله أو غير ذلك ، بل وإن قتله إنسان أو غيره ، بنحو ممّا ذكر.

فإنّ قوله : «إذا غلب الماء على ريح الجيفة». إلى آخره. يدعون تبادر غير المذكّى ، لا ما مات حتف أنفه ، ولم يمت من أكل ما يقتله وأمثاله ممّا يكون عدمه شرطا في التذكية شرعا.

لا يقال : في «صحاح اللغة» و «القاموس» : أنّ الميتة ما لم تقع عليها الذكاة ، وأنّ التذكية الذبح (١).

__________________

(١) الصحاح : ١ / ٢٦٧ ، القاموس المحيط : ١ / ١٦٤.

٤٩٣

لأنّا نقول : ذكر ذلك بعد ذكر المعنى اللغوي ، وعادتهما ذكر المصطلح عليه بين المتشرّعة أيضا ، ولذا قالا : التذكية الذبح.

سلّمنا ، لكن الميتة التي حكم بنجاستها من قال بوقوع التذكية على غير مأكول اللحم أيضا ، هي الميتة الشرعيّة في مقابل المذكّى بالتذكية الشرعيّة ، بحيث لو اختلّ واحد من الشرائط الشرعيّة يحكم بالنجاسة بالموت ، من أجل كونها ميتة ، ويعدّها من أقسام الميتات ، لا أنّها مذكّاة نجسة وقسم آخر.

فالعبرة عنده أيضا بالميتة الشرعيّة والمذكّاة الشرعيّة ، كما هو الحال في الكفر والإسلام.

قوله : (ولا يتوقّف).

المشهور أنّه لا يتوقّف طهارة ما ذكر ممّا يقبل التذكية وجواز استعماله في الصلاة وغيرها على الدباغة ، خلافا للشيخ والسيّد ، حيث نسب إليهما القول بتوقّف الاستعمال في ما لا يؤكل لحمه في غير الصلاة على الدباغة ، محتجّا بأنّ الإجماع واقع على جواز الاستعمال حينئذ ، بخلاف ما قبل الدباغ (١).

واعترض عليه في «المدارك» : بأنّ كلّ ما دلّ على جواز الاستعمال شامل للأمرين (٢).

والمراد ممّا دلّ هو الموثّقان اللذان ذكرهما المصنّف رحمه‌الله ، والموثّقة التي ذكرناها (٣) ، وأصالة الإباحة لو دلّت.

__________________

(١) نسب إليهما في مدارك الأحكام : ٢ / ٣٨٨ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ١٥ ، الخلاف : ١ / ٦٤ و ٦٥ المسألة ١١ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨٦ ، الانتصار : ١٢ و ١٣.

(٢) مدارك الأحكام : ٣ / ١٦٣.

(٣) أي موثقة ابن بكير ، راجع! الصفحة : ٤٩٠ من هذا الكتاب.

٤٩٤

والشيخ مفلح علّل للمشهور بأنّه ذكيّ ، وإلّا لكان ميتة ، فلا يطهر بالدباغ (١).

والظاهر أنّهما لا يقولان بأنّ طهارته بالدباغ ، بل يقولان بأنّ استعماله يتوقّف على الدباغ ، والذي نسب إليهما أنّ استعماله في غير الصلاة يتوقّف على الدباغة ، وأمّا في الصلاة ، فلا يجوز استعماله فيها أصلا ، كما سيجي‌ء. والمصنّف نسب إليهما وإلى المفيد القول بتوقّف الطهارة على الدباغة (٢) ، وأنّه يجوز الصلاة في السنجاب غير المدبوغ.

وفيه ما فيه ، مضافا إلى أنّ ما دلّ على جواز الصلاة في السنجاب ضعيف جدّا ، ومتضمّن لحصر المنهي عنه في السباع ، وفيه ما فيه.

والرواية هي رواية علي بن أبي حمزة التي ذكرناها للقول بانحصار التذكية في مأكول اللحم (٣) ، وفيه أيضا ما فيه.

والمحقّق حكم بالكراهة قبل الدباغ تفصّيا من الخلاف (٤) ، وفيه أيضا ما فيه.

__________________

(١) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام : ١ / ١٣١.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٨٨ من هذا الكتاب.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٨ الحديث ٥٣٥٤ ، راجع! الصفحة : ٤٩١ من هذا الكتاب.

(٤) المعتبر : ١ / ٤٦٦.

٤٩٥
٤٩٦

٧٩ ـ مفتاح

[نجاسة الكلب والخنزير والكافر]

الكلب والخنزير غير المائيين ، والكافر غير اليهودي والنصراني والمجوسي ، نجسة عينا ولعابا بالإجماع.

والصحاح في الأوّل مستفيضة (١) ، وبالثاني واردة (٢) ، وفي القرآن (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (٣) وللثالث (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (٤) ، و (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٥).

والأكثر على نجاسة الفرق الثلاث (٦) أيضا لإشراكهم ، وفيهم ورد

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٤ الباب ١٢ من أبواب النجاسات.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٧ الباب ١٣ من أبواب النجاسات.

(٣) الأنعام (٦) : ١٤٥.

(٤) التوبة (٩) : ٢٨.

(٥) الأنعام : (٦) : ١٢٥.

(٦) وهم الغلاة والخوارج والنواصب.

٤٩٧

(فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) (١) وللصحاح (٢) ، خلافا للقديمين (٣) ، لقوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) (٤) ، وهو شامل لما باشروه ، وللصحاح المستفيضة (٥) ، وعدم صراحة الآيتين.

وخصّ الأوّل في النصوص بالحبوب (٦) ، وحمل الثاني على التقيّة (٧) ، لكن حمل الصحاح الأوّل على الكراهة (٨) أولى ، لدلالة الحسان عليها (٩) ، بل المستفاد من أكثر النصوص أنّ الأمر باجتنابهم إنّما هو لشربهم الخمر ومزاولتهم لحم الخنزير.

وفي الصحيح : عن مؤاكلة المجوسي؟ فقال : «إذا توضّأ فلا بأس» (١٠). والمراد غسل اليد (١١).

وفي هذه الأخبار دلالة على أنّ معنى نجاستهم خبثهم الباطني ، لا وجوب غسل الملاقي ، كما مرّت الإشارة إليه ، وفي كثير منها جواز استرضاع اليهوديّة

__________________

(١) النمل (٢٧) : ٦٣.

(٢) انظر! وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٩ الباب ١٤ من أبواب النجاسات.

(٣) نقل عنهما في مدارك الأحكام : ٢ / ٢٩٥.

(٤) المائدة (٥) : ٥.

(٥) انظر! وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٧ الباب ٥٤ ، ٥١٧ و ٥١٨ الباب ٧٢ و ٧٣ من أبواب النجاسات ، ٢٤ / ٢٠٨ ـ ٢١٢ الباب ٥٣ و ٥٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ١٦٩ و ١٧٠.

(٦) انظر! وسائل الشيعة : ٢٤ / ٢٠٣ الباب ٥١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٧) ذخيرة المعاد : ١٥٢.

(٨) في بعض النسخ : الكراهيّة.

(٩) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٠ الحديث ٤٢٦٠ ، ٢٤ / ٢١٠ الحديث ٣٠٣٦٦ ، لاحظ! مدارك الأحكام : ٢ / ٢٩٨.

(١٠) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٩٧ الحديث ٤٢٧٧.

(١١) في بعض النسخ : اليدين.

٤٩٨

والنصرانيّة (١).

وحكم الشيخ بنجاسة المجبّرة (٢) ، والسيّد بنجاسة المخالفين (٣) ، أمّا الخارج والناصب والمجسّم والغالي فالظاهر عدم الخلاف في نجاستهم ، وإن أقرّوا بالشهادتين.

وخالف السيّد في ما لا تحلّه الحياة من الحيوانات الثلاثة ، نظرا إلى أنّه ليس من جملتها ، ولأنّه كالمأخوذ من الميتة (٤). وهما ممنوعان ، والروايات (٥) مطلقة ، بل الغالب تعلّق الإصابة بالشعر ونحوه ، بل فيها ما يدلّ على نجاسة شعر الخنزير (٦).

وأمّا ما يدلّ على جواز الاستسقاء به (٧) فذلك لعدم انفعال الماء بمجرّد الملاقاة ، أو لكون الاستسقاء لغير الطهارة والشرب.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٢١ / ٤٦٤ الباب ٧٦ من أبواب أحكام الأولاد.

(٢) المبسوط : ١ / ١٤.

(٣) الانتصار : ٨٢ ، لاحظ! إيضاح الفوائد : ١ / ٢٧ ، روض الجنان : ١٦٣.

(٤) الناصريّات : ١٠٠ المسألة ١٩.

(٥) انظر! وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٣ الحديث ٤٠٢٠ ، ٤١٤ الحديث ٤٠٢٥ ـ ٤٠٢٨ ، ٤١٧ الحديث ٤٠٣٦ و ٤٠٣٨ ، ٤٤١ الحديث ٤١٠٨ ـ ٤١١٣.

(٦) انظر! وسائل الشيعة : ١٧ / ٢٢٧ الباب ٥٨ من أبواب ما يكتسب به ، ٢٤ / ٢٣٧ الباب ٦٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة.

(٧) وسائل الشيعة : ١ / ١٧٠ الحديث ٤٢٣ و ٤٢٤ ، ٢٤ / ١٨٠ الحديث ٣٠٢٨٩.

٤٩٩
٥٠٠