المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

وقال ( ـ ح ـ ) : الدية على المزكين. وقال ( ـ ش ـ ) : الدية على الحاكم ، ولابن الجنيد (١) فيه قولان ، أحدهما : على عاقلته. والثاني : على بيت المال.

مسألة ـ ٧٦ ـ : إذا شهد أجنبيان أنه أعتق سالما في حال مرضه وهو الثلث وشهد وارثان أنه أعتق غانما في هذه الحال وهو الثلث ، ولم يعلم (٢) السابق منهما أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه أعتق ورق الأخر ، لإجماع الفرقة على أن كل أمر مشكل مجهول ففيه القرعة ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر أنه يعتق من كل واحد نصفه.

مسألة ـ ٧٧ ـ : إذا شهد شاهدان على طلاق امرأة بعد الدخول بها ، حكم الحاكم بذلك ثمَّ رجعا عن الشهادة ، لم يلزمهما شي‌ء من المهر ، لأنه لا دليل عليه وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : عليهما مهر مثلها ، وبه قال عبيد الله بن الحسن العنبري.

مسألة ـ ٧٨ ـ : إذا شهدا عليه بالطلاق قبل الدخول بها يفرق (٣) الحاكم بينهما ثمَّ رجعا ، غرما نصف المهر (٤) ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو اختيار المزني الا أنه يقول نصف مهر مثلها ، وعندنا نصف المهر المسمى. والقول الأخر : أنهما يضمنان كمال مهر مثلها ، وهو أصح القولين عندهم.

ويدل على ما قلناه أن الأصل (٥) براءة الذمة ، وما ألزمناهما من نصف المهر

__________________

(١) د ، م : على الحاكم وان يجب فيه.

(٢) م : في هذه الحال ولم يعلم.

(٣) د ، م ففرق.

(٤) م : غرما المهر.

(٥) م : ودليلنا ان الأصل.

٥٦١

مجمع عليه ، وليس على ما زاد على ذلك دليل.

مسألة ـ ٧٩ ـ : إذا شهدا بدين أو عتق وحكم بذلك عليه ثمَّ رجعا ، كان عليهما الضمان ، لإجماع الفرقة على أن شاهدي الزور يضمنان ما يتلف بشهادتهما.

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) (١) على طريقين ، قال أبو العباس وشيوخ أصحابه : المسألة على قولين مثل مسألة الغصب ، وهي أنه لو كان في يده عبد فأعتقه أو رهنه (٢) وأقبضه ، ثمَّ ذكر أنه كان لزيد فهل عليه قيمته فيه قولان كذلك ها هنا.

ومنهم من قال : لا غرم عليهما قولا واحدا.

قال أبو حامد : والمذهب أنها على قولين ، كما قال أبو العباس أحدهما لا ضمان عليه وهو الضعيف ، والأخر عليهما الضمان وهو الأصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٨٠ ـ : إذا شهد رجل وعشر نسوة بمال على أحد (٣) وحكم بقولهم ثمَّ رجع الكل عن الشهادة ، كان على الرجل سدس المال والباقي على النسوة لأن المال انما ثبت بشهادة الجميع ، فيضمن الجميع من غرامته والرجل سدس البينة ، لأن كل امرأتين في مقابلة رجل فيجب أن لا يلزمه أكثر من ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : على الرجل النصف وعليهن النصف ، لان الرجل نصف البينة.

__________________

(١) د ، م : واختلف فيه أصحاب ( ـ ش ـ ).

(٢) د ، م : أو وهبه.

(٣) د ، م : على رجل.

٥٦٢

كتاب الدعاوي والبينات

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعى نفسان درهما بينهما (١) أو ثوبا ، ويدهما عليه ولا بينة لواحد منهما ، كان العين بينهما نصفين ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، الا أنه قال : يحلف كل واحد منهما لصاحبه.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعيا ملكا مطلقا ويد أحدهما عليه ، كانت بينته أولى.

وكذلك ان أضافاه إلى سببه ، وان ادعى صاحب اليد الملك مطلقا والخارج اضافة الى سببه ، كانت بينة الخارج أولى.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا تنازعا عينا ويد (٢) أحدهما عليها وأقام كل واحد منهما بينة سمعنا بينة كل واحد منهما وقضينا لصاحب اليد ، سواء تنازعا ملكا مطلقا أو ما يتكرر فالمطلق كل ملك إذا (٣) لم يذكر أحدهما سببه وما يتكرر ، كآنية الذهب والفضة والصفر والحديد يقول كل واحد منهما صيغ في ملكي ، وهذا يمكن أن يصاغ في ملك كل واحد منهما.

__________________

(١) د ، م : نفسان دارا هما فيها.

(٢) د ، م : إذا تنازعا عينا بد.

(٣) د : كل إذا.

٥٦٣

وكذلك ما يمكن نسجه مرتين كالصوف ، وما لا يتكرر سببه كثوب (١) قطن وإبريسم ، فإنه لا يمكن أن ينسج مرتين. وكذلك النتاج لا يمكن أن تولد الدابة مرتين ، وكل واحد منهما يقول ملكي نتج في ملكي ، وبه قال شريح ، والنخعي ، والحكم ، و ( ـ ك ـ ) ، وهل يحلف مع البينة؟ لل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : ان كان المتداعي (٢) به ملكا مطلقا ، أو ما يتكرر سببه لم تسمع بينة المدعى عليه وهو صاحب اليد ، وان كان ملكا لا يتكرر سببه سمعنا بينة الداخل ، وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا ، وهو المذكور في النهاية وكتب الفقه.

وقال ( ـ د ـ ) : لا تسمع بينة صاحب اليد بحال في أي مكان كان ، وروى أصحابنا ذلك أيضا ، وتحقيق الخلاف فيه مع ( ـ ح ـ ) (٣) هل تسمع بينة الداخل أم لا؟ فعند ( ـ ش ـ ) وعند ( ـ ح ـ ) لا تسمع ، والفقهاء يقولون : بينة الداخل أولى ، وهذه عبارة فاسدة ، لأنه إذا كان الخلاف في سماعها سقط أن يقال أولى.

وهذه المسألة ملقبة ببينة الداخل والخارج ، فان الداخل من كانت يده على الملك والخارج من لا يدله عليه.

يدل على مذهبنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، والخبر المشهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : البينة على المدعى عليه (٤).

ويدل على الأول ما رواه جابر أن رجلين اختصما الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في

__________________

(١) د ، م : فثوب.

(٢) د ، م : التداعي.

(٣) د ، م : وتحقيق الخلاف مع ( ـ ح ـ ).

(٤) د : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ، م : دليلنا قوله عليه‌السلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه.

٥٦٤

دابة أو بعير وأقام كل واحد منهما البينة أنها له نتجها ، فقضى (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للذي (٢) هي في يده (٣).

وروى غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام اختصم اليه رجلان في دابة ، وكلاهما أقام البينة أنه نتجها (٤) ، فقضى بها للذي (٥) هي في يده ، وقال : لو لم تكن في يده جعلتها (٦) بينهما نصفين.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا شهدت البينة للداخل مضافا ، قبلناها بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ) وحكمنا فيها (٧) ، وان كانت بالملك المطلق فانا لا نقبلها ، بدلالة أخبار أصحابنا ولأنه يجوز أن تكون انما شهدت بالملك لأجل اليد واليد قد زالت ببينة المدعي.

وللشافعي فيه قولان ، قال في القديم بمثل قولنا ، وقال (٨) في الجديد : مسموعة.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تنازعا عينا لا يد لواحد منهما عليها ، فأقام أحدهما شاهدين والأخر أربعة شهود ، فالظاهر من مذهب أصحابنا أنه (٩) يرجح بكثرة الشهود ويحلف ويحكم له بالحق وهكذا لو تساويا في العدد وتفاضلا في العدالة

__________________

(١) د ، م : فقضى بها.

(٢) د : الذي.

(٣) م : في يديه.

(٤) د : أقام البينة أنتجها م : أقام البينة أنه أنتجها.

(٥) د : الذي.

(٦) د ، م : لو لم يكن في يده جعلتهما.

(٧) د ، م : بها.

(٨) م : فيه قولان أحدهما ما قلناه وهو قوله القديم وقال.

(٩) م : فالظاهر من مذهبنا انه.

٥٦٥

رجح بالعدالة وهو إذا كان أحدهما (١) أقوى عدالة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) وأومأ إليه ( ـ « ش » ـ ) في القديم ، والذي اعتمدوه أنه لا يرجح بشي‌ء منها ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال ( ـ ع ـ ) : أقسط المشهود به على عدد الشهود ، وأجعل لصاحب الشاهدين الثلث ، ولصاحب الأربعة الثلاثين. وقد روى ذلك أصحابنا.

يدل على مذهبنا إجماع (٢) الفرقة وأخبارهم ، فإنهم رووا عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن عليا صلوات الله عليه أتاه قوم يختصمون في بغلة ، فقامت لهؤلاء بينة أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا ولم يهبوا وقامت لهؤلاء بينة بمثل ذلك ، فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم.

فأما الرواية الأخرى ، فرواها السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام أنه قضى في رجلين ادعيا بغلة ، فأقام أحدهما شاهدين (٣) والأخر خمسة فقال : لصاحب الخمسة خمسة أسهم ، ولصاحب الشاهدين سهمان. فالمعتمد الأولى (٤) لأن هذه الأخيرة من طريق العامة ، ولأنها تحمل على وجه الصلح (٥) والوساطة بينهم (٦).

مسألة ـ ٥ ـ : إذا كان مع أحدهما شاهدان ، ومع الأخر شاهد وامرأتان ، تقابلتا بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ) (٧) ، فأما ان كان مع أحدهما شاهدان ومع الأخر

__________________

(١) د ، م : إحداهما.

(٢) د ، م : دليلنا إجماع.

(٣) م : شاهد.

(٤) د ، م : والمعتمد الأول.

(٥) د : أو بحملها على وجه الصلح.

(٦) م : أو تحملها على وجه الصلح والواسطة بينهم.

(٧) م : بيننا و ( ـ ش ـ ).

٥٦٦

شاهد واحد ، فقال (١) : أحلف مع شاهدي (٢) فإنهما لا يتقابلان.

ولل ( ـ ش ـ ) في كل واحد منهما قولان.

يدل على ما قلناه أن الشاهدين (٣) لا تلحقهما تهمة ، لأنه يحلف لنفسه والشاهد يشهد لغيره.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا شهدا بما يدعيه ، فقال المشهود عليه : أحلفوه لي مع شاهديه لم يحلف (٤) ، لقوله عليه‌السلام : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وبه قال الزهري ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال شريح ، والنخعي ، والشعبي ، وابن أبي ليلى : يستحلف (٥) مع البينة.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا ادعى على امرأة أنها زوجته ، أو قال : تزوجت بها لم يلزم الكشف حتى يقول تزوجت بها بولي وشاهدي عدل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : وهو ظاهر المذهب أنه لا بد له من الكشف (٦). والثالث : ينظر فان ادعى عقد النكاح ، فقال : تزوجت بها كان الكشف شرطا ، وان كانت الدعوى الزوجية لم يفتقر الى الكشف.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا ادعى على المرأة الزوجية فأنكرت (٧) ، فان لم تكن معه بينة كان عليها اليمين ، لقوله عليه‌السلام : البينة على المدعي واليمين على من أنكر ولم

__________________

(١) د ، م : وقال.

(٢) د ، م : مع شاهد أو كان مع أحدهما شاهد وامرأتان ومع الأخر شاهد واحد وقال احلف مع شاهدي فإنهما.

(٣) م : دليلنا ان الشاهدين.

(٤) د ، م : لم يحلفه.

(٥) د ، م : يستحلفه.

(٦) د ، م : لا بد من الكشف.

(٧) د ، م : كان عليه البينة.

٥٦٧

يفصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يمين عليها.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا ادعى بيعا أو صلحا أو إجارة أو نحو ذلك من العقود التي هي سوى النكاح لا يلزمه الكشف أيضا ، بدلالة ما قلناه (١) في النكاح. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا تعارضت البينات (٢) على وجه لا ترجيح لاحداها (٣) على الأخرى أقرع بينها (٤) ، فمن خرج اسمه حلف وأعطي الحق ، هذا هو المعول عليه عند أصحابنا ، وقد روي أنه يقسم بينهما نصفين.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه أربعة أقوال ، أحدها : يسقطان ، وهل يحلف أم لا؟ فيه قولان ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والثاني : يقرع بينهما كما قلناه ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وابن الزبير.

والثالث : يوقف أبدا. والرابع : يقسم بينهما نصفين ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ر ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

ويدل على مذهبنا إجماع الفرقة (٥) على أن كل أمر مشكل مجهول ففيه القرعة وروى سعيد بن المسيب أن رجلين اختصما الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمر وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة ، فأسهم النبي عليه‌السلام بينهما ، وقال : اللهم أنت تقضى بينهما. وهذا نص وقد روي أنه قسم بينهما نصفين.

وروى أبو موسى الأشعري قال : تداعى رجلان بعيرا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) م : بدلالة ما تقدم.

(٢) م : إذا تعارضت البينتان.

(٣) د ، م لإحداهما.

(٤) د ، م بينهما.

(٥) م : دليلنا إجماع الفرقة.

٥٦٨

وبعث كل واحد منهما بشاهدين (١) ، فقسمه النبي عليه‌السلام بينهما بنصفين.

وتأول أصحاب ( ـ ش ـ ) هذا الخبر ، وقالوا : هذه قضية في عين ، ويحتمل أن يكون انما فعل ذلك لأنه كانت يدهما على المتنازع فيه ، وقد روي في هذا الخبر ولا بينة مع واحد منهما وعلى هذا لا معارضة فيه.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا ادعى دارا في يد رجل ، فقال : هذه الدار التي في يديك لي وفي (٢) ملكي ، فأنكر المدعى عليه فأقام المدعي البينة أنها كانت في يده أمس أو منذ سنة ، لم تسمع هذه البينة ، لان المدعي يدعي الملك في الحال والبينة تشهد أنها له (٣) بالأمس ، فقد شهدت له بغير ما يدعيه فلا تقبل.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو نقل المزني ، والربيع. والأخر : أنها تسمع ، وهو نقل البويطي.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا ادعى دارا في يدي رجل ، فقال : هذه الدار كانت لأبي وقد ورثتها أنا وأخي الغائب منه ، وأقام بذلك البينة من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة أنهما وارثاه ولا نعرف له وارثا سواهما ، نزعت ممن هي في يده وسلم (٤) الى الحاضر نصفها والباقي في يدي أمين حتى يحضر (٥) الغائب ، لأن هذه الدعوى للميت والبينة تشهد بالحق له.

بدلالة أنه إذا حكم بالدار يقضى بها (٦) منه ديونه وينفذ وصاياه ، فاذا ثبت أن الدار للميت كانت ميراثا بين ولديه ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

__________________

(١) د : شاهدين.

(٢) د ، م وملكي.

(٣) د : انها كانت له.

(٤) د ، م : ويسلم.

(٥) د ، م : حتى يعود.

(٦) د ، م : يقضى منها.

٥٦٩

وقال ( ـ ح ـ ) : يؤخذ من المدعى عليه نصيب الحاضر ، ويبقى (١) الباقي في يد من هو في يده (٢) حتى يحضر الغائب.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا تنازعا عينا من الأعيان عبدا أو دارا أو دابة ، فادعى أحدهما أنها (٣) له منذ سنتين ، والأخر ادعى أنها له منذ شهر ، وأقام كل واحد منهما بما يدعيه البينة ، أو ادعى أحدهما أنها له منذ سنتين ، وقال الأخر هي الان ملكي ، وأقام كل واحد منهما على ما يدعيه (٤) بينة الباب واحد والعين المتنازع فيها (٥) في يد ثالث ، كانت البينة بالمتقدم أولى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، واختاره المزني ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ) ، وله قول آخر أنهما سواء.

يدل على مذهبنا أن (٦) البينة إذا شهدت بالملك في الحال مضافا الى مدة سابقة حكم بأنه للمشهود له منذ ذلك الوقت ، بدليل أن ما كان من نتاج أو ثمرة بسبب حادث في المدة ، كان للمشهود له بالملك ، فاذا ثبت هذا فقد شهدت به إحداهما منذ سنتين ، والأخر منذ شهر فتعارضتا فيما تساوتا فيه وهو مدة شهر وسقطتا وبقي ما قبل الشهر ملك ببينة لا منازع له فيه ، فحكمنا له قبل الشهر ، فلا يزال عنه بعد ثبوته الا بدليل.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تنازعا دابة ، فقال أحدهما : ملكي وأطلق وأقام بها بينة وقال الأخر : ملكي نتجتها (٧) وأقام بذلك بينة ، فبينة النتاج أولى. وهكذا كل

__________________

(١) د ، م : وبقي.

(٢) د ، م : في يدي من هي في يديه.

(٣) م : ان له.

(٤) د ، م : بما يدعيه.

(٥) م : والعين المنازع فيها.

(٦) م : دليلنا ان البينة.

(٧) م : نتجها.

٥٧٠

ملك تنازعاه ، فادعاه أحدهما مطلقا وادعاه الأخر مضافا الى سببه ، مثل أن قال هذه الدار لي ، وقال الأخر : اشتريتها ، أو قال : هذا الثوب لي ، وقال الأخر نتج (١) في ملكي ، أو هذا العبد لي ، وقال الأخر بل غنمته أو ورثته الكل واحد إذا لم يكن العين المدعاة في يد أحدهما.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه (٢). والأخر : هما سواء.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تنازعا دارا وهي في يد أحدهما ، وأقام أحدهما البينة بقديم الملك ، والأخر بحديثه وكانت الدار في يد من شهدت له بقديم الملك فهي له بلا خلاف ، لان معه ترجيحين بينة قديمة ويدا ، وان كان في يد حديث (٣) الملك ، فصاحب اليد أولى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) نص عليه ، فقضى ببينة الداخل ها هنا ، لأنه يقول : لا أقبل بينة الداخل إذا لم يفد الا ما يفيد يده ، وهذه أفادت أكثر مما يفيد يده وهو إثبات الملك له منذ شهر واليد لا يفيد ذلك.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : البينة بينة الخارج. وقال ( ـ ش ـ ) : هي لصاحب اليد مثل ما قلناه.

ويدل على المسألة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وخبر جابر (٤) عن النبي عليه‌السلام وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله المقدم ذكرهما.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا قال لفلان علي ألف قضيتها فقد اعترف بألف وادعى قضاها فلا يقبل منه الا ببينة ، لأنه لا دليل على وجوب قبول قوله في القضاء.

__________________

(١) د ، م : نسج في ملكي.

(٢) م : في يد أحدهما وبه قال ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه.

(٣) د : في يد حدث.

(٤) م دليلنا ما روى جابر.

٥٧١

ولل ( ـ ش ـ ) في قبول ذلك قولان ، أحدهما وهو الصحيح ما قلناه (١). والثاني : يقبل قوله كما يقبل لو قال له علي ألف إلا تسعين.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا غصب رجل من رجل دجاجة ، فباضت بيضتين ، فاحتضنتهما هي أم غيرها بنفسها أو بفعل الغاصب ، فخرج منهما فروجان ، فالكل للمغصوب منه ، لأن الأصل بقاء الملك المغصوب منه (٢) ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان باضت عنده بيضتين ، فاحتضنت الدجاجة واحدة منهما ولم يتعرض الغاصب لها ، كان للمغصوب منه ما تخرج منها ، ولو أخذ هو الأخرى فوضعها هو تحتها أو تحت غيرها ثمَّ خرج منها فروج ، كان الفروج للغاصب وعليه قيمته.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا كان في يد رجلين كبير بالغ مجهول النسب ، فادعياه مملوكا ، فان اعترف لهما فهو مملوك لهما بلا خلاف ، وان اعترف لأحدهما بأنه مملوك كان له دون الأخر ، لأن الأصل الحرية ، وانما صار مملوكا باعترافه (٣) ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا اعترف أنه مملوك لأحدهما كان مملوكا لهما ، لأنه ثبت (٤) أنه مملوك باعترافه ويدهما عليه فكان بينهما.

مسألة ـ ١٩ ـ : رجل ادعى دارا في يد رجل ، فأنكر فأقام المدعي البينة أنها ملكه منذ سنة ، فجاء آخر فادعى أنه اشتراها من المدعي منذ خمس سنين ، حكمنا بزوال يد المدعى عليه ببينة المدعي بلا خلاف ، ثمَّ ينظر في بينة المدعي الثاني وهو المشتري من المدعي الأول ، فإن شهدت بأنه اشتراها من الأول وهي

__________________

(١) م : في القضاء وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ) والثاني.

(٢) م : بقاء الملك منه.

(٣) م وان اعترف لأحدهما باعترافه.

(٤) م يثبت.

٥٧٢

ملكه ، أو كان متصرفا فيها تصرف الملاك ، فإنه يحكم بها للمشتري بلا خلاف ، وهو المدعي الثاني.

وان شهدت بينة المشتري بالشراء فقط ولم يشهد بملكه ولا بيده ، حكمنا بها للمشتري ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لان بينة المدعي أسقطت يد (١) المدعى عليه ، وأثبتها ملكا للمدعي منذ سنة ، ولم ينف أن يكون قبل السنة ملكا للمدعي فإذا أقامت البينة أن هذا المدعي باعها قبل هذه السنة بأربع سنين ، فالظاهر أنها ملكه وقت البيع حتى يعلم غيره ، فهو كالبينة المطلقة ، وبينة المدعي لو كانت مطلقة فإنها تقضى بها للمشتري بلا خلاف ، فكذلك ها هنا.

وقال ( ـ ح ـ ) : أقرها في يد المدعي ، ولا أقضي بها للمشتري ، لأن البينة إذا لم تشهد بغير البيع المطلق لم يدل على أنه باع ملكه ، ولا أنها كانت في يده حين باع ، لأنه قد بيع ملكه وملك غيره.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا ادعى زيد شاة في يد عمرو فأنكر عمرو ، فأقام زيد البينة أنها ملكه ، وأقام عمرو البينة أن حاكما من الحكام حكم له بها على زيد وسلمها اليه ، ولا يعلم على أي وجه حكم الأول بها لعمرو ، فإنه لا ينقض حكم الحاكم الأول ، لأن الظاهر أنه حكم له به على الصحة حتى يعلم غيره ، ولا ينقض الحكم بأمر محتمل.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، وهو اختيار أبي حامد. والثاني (٢) : ينقض حكمه ، لأنه محتمل ، وبه قال ( ـ م ـ ).

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا ادعى زيد عبدا في يد عمرو ، فأنكر فأقام زيد البينة به وقضى الحاكم له به ، ثمَّ قدم خالد فأقام البينة أن العبد له ، فقد حصل لزيد بينة

__________________

(١) م : يدي.

(٢) د : مثل ما قلناه والثاني.

٥٧٣

فيما سلف وبينة لخالد في الحال ، فهما يتعارضان ، ولا يحتاج زيد إلى إعادة البينة وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والقول الأخر أنهما لا يتعارضان الا بأن يعيد البينة فإذا أعادها تعارضتا.

يدل على المسألة أن ها هنا بينتين : إحداهما لزيد ، والأخرى لعمرو ، وبينة زيد معها زيادة ، لأنها يثبت الملك له فيما مضى أيضا.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا ادعى زيد عبدا في يد رجل ، فأنكر المدعى عليه ، فأقام زيد البينة أن هذا العبد كان في يديه بالأمس ، أو كان ملكا له بالأمس ، حكمنا بهذه البينة ، لأنا قد بينا أن البينة بقديم الملك أولى من البينة بحديث الملك.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه طريقان ، أحدهما : لا يقضى به قولا واحدا ، نقل ذلك المزني ، والربيع ، وبه قال أبو إسحاق. والأخر : أنه على قولين ، أحدهما : يقضى له بها ، وهو الذي نقله البويطي ، واختاره أبو العباس. والثاني : لا يقضى بها.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترك اثنان في وطئ امرأة في طهر واحد ، على وجه يصح أن يلحق به النسب وأتت بولد لمدة يمكن أن يكون من كل واحد منهما أقرعنا بينهما ، فمن خرجت قرعته ألحقناه به ، وبه قال علي عليه‌السلام.

وقال ( ـ ش ـ ) : نريه القافة فمن ألحقته به ألحقناه به ، فان لم يكن قافة ، أو اشتبه الأمر عليها ، أو نفته عنهما ، ترك حتى يبلغ ، فينتسب الى من شاء منهما ممن يميل طبعه اليه ، وبه قال أنس بن مالك ، وهي إحدى الروايتين عن عمر ، وبه قال عطاء ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ألحقه بهما معا ، ولا أريه القافة ، حكى الطحاوي في المختصر بل قال : إذا اشترك اثنان في وطئ أمة وتداعياه ، فقال كل واحد منهما هذا ابني ألحقته بهما معا فألحقه باثنين ولا ألحقه بثلاثة.

وقال ( ـ ف ـ ) : ألحقه بثلاثة وأكثر واختار الطحاوي طريقة ( ـ « ف » ـ ) هذا قول

٥٧٤

المتقدمين منهم.

وقال المتأخرون منهم الكرخي والرازي : يجوز أن يلحق الولد بمائة أب على قول ( ـ ح ـ ) ، والمناظرة على هذا يقع. قال ( ـ ح ـ ) : فان (١) كان لرجل أمتان فحدث ولد فقالت كل واحدة منهما : هو ابني من سيدي ألحقته بهما ، فجعلته ابنا لكل واحدة منهما ، وللأب أيضا.

قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا نلحق بأمتين ، لأنا نقطع أن كل واحدة منهما ما ولدته ، وأن الوالدة إحداهما. وألحق ( ـ ح ـ ) الولد الواحد بآباء عدة وأمهات عدة.

يدل على أن القيافة لا حكم لها في الشرع ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي أن العجلان قذف زوجته بشريك بن السحماء وكانت حاملا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أتت به على نعت كذا وكذا فلا أراه الا وقد كذب عليها وان أتت به على نعت كذا فهو لشريك بن السحماء ، فأتت به على النعت المكروه (٢) فقال عليه‌السلام : لو لا الايمان لكان لي ولها شأن ، فالنبي عليه‌السلام عرف الشبه ولم يعلق الحكم به ، لأنه لم يقم الحد على الزاني ، فلما لم يفعل هذا ثبت أن الشبه لا يتعلق به حكم.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا كان وطئ بأحدهما (٣) في نكاح صحيح والأخر في نكاح فاسد ، فعند ( ـ ك ـ ) صحيح النكاح أولى ، وحكي ذلك عن ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا فرق بين ذلك وبين ما تقدم.

والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا فرق بينهما في أنه يجب أن يقرع بينهما.

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ الرجل أمته ، ثمَّ باعها قبل أن يستبرأها

__________________

(١) م : على هذا يقع فان كان.

(٢) م : على نعت المكروه.

(٣) د ، م : وطئ أحدهما.

٥٧٥

فوطئها المشتري قبل أن يستبرأها ، ثمَّ أتت بولد لمدة يمكن أن يكون منهما ، فإنه لاحق بالأخير.

وقال ( ـ ك ـ ) : يلحق بالأول ، لأن نكاحه صحيح ، ونكاح الثاني فاسد ، وحكي ذلك عن ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : نريه (١) القافة مثل ما تقدم.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا وطئ اثنان على ما صورناه وكانا بمسلمين (٢) ، أو أحدهما مسلما والأخر كافرا ، أو حرين ، أو كان أحدهما (٣) حرا والأخر عبدا ، أو أجنبين أو أحدهما أبا والأخر ابنا ، لا يختلف الحكم فيه في أنه يقرع بينهما ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في ذلك المعنى ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال بالقافة أو الانتساب ، فأما الابن والأب فلا يتقدر فيهما الا وطئ شبهة أو عقد شبهة.

وقال ( ـ ح ـ ) : الحر أولى من العبد ، والمسلم أولى من الكافر.

مسألة ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اختلف الزوجان في متاع البيت ، فقال كل واحد منهما : كله لي ، ولم يكن مع أحدهما بينة ، نظرت فما يصلح للرجال ، فالقول فيه قول الرجل مع يمينه. وما يصلح للنساء ، فالقول فيه قول المرأة مع يمينها.

وما يصلح لهما ، فهو بينهما. وقد روي أيضا أن القول في جميع ذلك قول المرأة مع يمينها ، والأحوط الأول.

وقال ( ـ ش ـ ) : يد كل واحد منهما على نصفه ، فحلف كل واحد منهما لصاحبه ويكون بينهما نصفين ، سواء كانت يدهما من حيث المشاهدة ، أو من حيث الحكم ، وسواء كان مما يصلح للرجال دون النساء ، أو للنساء دون الرجال ، أو يصلح لهما ، وسواء كان الدار لها أو له أو لغيرهما ، وسواء كانت الزوجية قائمة بينهما ، أو بعد زوال

__________________

(١) م : وقال نريه.

(٢) م : مسلمين.

(٣) م : أو أحدهما.

٥٧٦

الزوجية ، وسواء (١) كان التنازع بينهما ، أو بين ورثتهما ، أو بين أحدهما وورثة الأخر ، وبه قال عثمان البتي ، وزفر.

وقال ( ـ ر ـ ) ، وابن أبي ليلى : ان كان المتاع مما يصلح للرجال دون النساء ، فالقول قول الرجل ، وان كان مما يصلح للنساء دون الرجال ، فالقول قول المرأة.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان كان يدهما عليه مشاهدة فهو بينهما ، كما لو تنازعا عمامة يدهما عليها ، أو خلخالا يدهما عليه فهو بينهما ، وان كان يدهما عليه حكما فان كان يصلح للرجال دون النساء ، فالقول قول الرجل ، وان كان يصلح للنساء دون الرجال ، فالقول قول المرأة ، وان كان يصلح لكل واحد منهما (٢) ، فالقول قول الرجل.

فخالف ( ـ ش ـ ) في ثلاثة فصول : إذا كان مما يصلح للرجال ، وإذا كان مما يصلح للنساء ، وإذا كان مما يصلح لكل واحد منهما (٣).

قال ( ـ ح ـ ) : وان كان الاختلاف بين أحدهما وورثة الأخر ، فالقول قول الباقي منهما. وقال ( ـ ف ـ ) : القول قول المرأة فيما جرى العرف والعادة أنه قدر جهاز مثلها وهذا متعارف بين الناس ، وهو مثل ما حكيناه في بعض روايات أصحابنا.

مسألة ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان لرجل على رجل حق ، فوجد من له الحق مالا لمن عليه الحق ، فإن كان من عليه الحق باذلا ، فليس له أخذه منه بلا خلاف ، وان كان مانعا فلا يخلو : اما أن يجحد الحق ظاهرا وباطنا ، أو يعترف باطنا ويجحد

__________________

(١) م : سواء كانت الدار له أو لها أو لغيرهما وسواء كانت الزوجية بينهما قائمة أو لا وسواء.

(٢) م : فالقول قولها وان كان يصلح لهما.

(٣) م : وإذا كان ما يصلح لهما.

٥٧٧

ظاهرا ، أو يعترف به ظاهرا وباطنا ، ثمَّ (١) يمنعه لقوته ، فإنه لا يمكنه استيفاء الحق منه ، فاذا كان بهذه الصفة كان له أن يأخذ من ماله بقدر حقه من غير زيادة ، سواء كان من جنس ماله ، أو من غير جنسه ، إلا إذا كان وديعة عنده ، فإنه لا يجوز أخذه منها ، وسواء كان له بحقه بينة يقدر على إثباتها عند الحاكم أو لم يكن ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه لم يستثن الوديعة ، إذا لم يكن له حجة ، فان كان له حجة يثبت عند الحاكم فعلى قولين.

وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له ذلك إلا في الدراهم والدنانير التي هي الأثمان ، فأما غيرهما فلا يجوز.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (٢) أن هندا امرأة أبي سفيان جاءت إلى النبي عليه‌السلام فقالت : يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني وولدي إلا ما آخذ منه سرا ، فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.

فأمرها النبي عليه‌السلام بالأخذ عند امتناع أبي سفيان منه ، والظاهر أنها تأخذ من غير جنس حقها ، فإن أبا سفيان لم يكن يمنعها الخبز والأدم ، وانما كان يمنعها الكسوة.

وأما اختصاص الوديعة بترك الأخذ منه ، فلما رواه أصحابنا ، ولقوله عليه‌السلام : أد الأمانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك.

__________________

(١) م : ظاهرا أو باطنا أو يعترف به ظاهرا أو باطنا ثمَّ.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٥٧٨

كتاب العتق

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق شركا له من عبد ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يكون موسرا ، أو معسرا. فان كان موسرا ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يقصد به مضارة شريكه ، أو لا يقصد بل يقصد به وجه الله تعالى ، فان قصد المضارة ألزم قيمته ، فإذا أداه انعتق عليه ، ولشريكه أن يعتق عليه نصيبه ، ولا يأخذ القيمة فإن فعل كان عتقه ماضيا ، وان لم يقصد المضارة مضى عتقه في نصيبه.

ويستحب له أن يشتري نصيب شريكه وليس بواجب عليه ، فان لم يفعل استسعى العبد فيما بقي ، وان كان معسرا فان قصد المضارة كان العتق باطلا ، وان قصد به وجه الله تعالى مضى العتق في نصيبه ، وكان شريكه بالخيار بين أن يعتق (١) نصيبه الأخر ، أو استسعى العبد في قيمته.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أعتق وكان موسرا ، فشريكه بالخيار بين ثلاثة أشياء : بين أن يعتق نصيبه ، وبين أن يستسعي العبد في قيمة نصيبه منه ، حتى إذا أدى قيمة نصيبه عتق ، وبين أن يقومه على المعتق ، فاذا صار الى المعتق ، كان له أن يستسعيه فيما بقي فيه من الرق ، فإذا أدى قدر قيمة ذلك عتق.

__________________

(١) م : بين العتق.

٥٧٩

وان كان معسرا ، كان شريكه بالخيار بين أن يعتق نصيبه منه ، وبين أن يستسعي العبد في قدر نصيبه ، فإذا أدى ذلك عتق ، وليس له أن يعتقه على شريكه ، لأنه معسر ، فوافقنا في المعسر وفي بعض أحكام الموسر.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يعتق نصيب شريكه في الحال ، موسرا كان أو معسرا ، فان كان معسرا فلشريكه أن يستسعي العبد وهو حر لقيمة نفسه منه ، وان كان موسرا كان له قيمة نصيبه على المعتق ، وهذا مثل مذهبنا سواء.

وقال ( ـ ع ـ ) : ان كان معسرا عتق نصيبه ، وكان نصيب الشريك على الرق ، ولشريكه أن يستسعيه قيمة ما بقي ليؤدي ويعتق. وان كان موسرا لم يعتق نصيب شريكه الا بدفعه القيمة اليه.

وقال عثمان البتي : عتق نصيبه منه واستقر الرق في نصيب شريكه ، موسرا كان أو معسرا ، ولا يقوم عليه شي‌ء كما لو باع.

وقال ربيعة : لا يعتق (١) نصيب شريكه بعتقه ، فإن أعتق نصيب نفسه لم يعتق فأيهما أعتق لم ينفذ عتقه في نصيب نفسه ، وان كان عتقه قد صادف ملكه ، فإن أراد العتق اتفقا عليه وأعتقاه معا.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان معسرا عتق نصيب نفسه واستقر الرق في نصيب شريكه ، فان اختار شريكه أن يعتق نصيب نفسه منه فعل ، والا أقره في ملكه. وان كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه قولا واحدا.

ومتى يعتق نصيب شريكه؟ فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : وهو الصحيح عندهم أنه عتق كله باللفظ ، وكان القيمة في ذمته ، وعليه تسليمها الى شريكه ، وبه قال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال في القديم : يعتق نصيب شريكه باللفظ ودفع القيمة ، فإن دفع القيمة

__________________

(١) م : وقال ربيعة يعتق.

٥٨٠