المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

يقسم في المقاتلة ، وما لم يحوه المعسكر لا يتعرض له.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز لأهل العدل أن يستمتعوا بدواب أهل البغي ، ولا بسلاحهم ولا يركبوها للقتال ، ولا يرمون بنشابهم حال القتال ، ولا في غير حال القتال ، ومتى حصل من ذلك شي‌ء كان محفوظا لأربابه ، فإذا انقضت الحرب رد عليهم.

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز الاستمتاع بدوابهم وسلاحهم والحرب قائمة ، فإذا انقضت كان ذلك ردا عليهم.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا امتنع أهل البغي بدارهم وأتوا ما يوجب الحد ، فمتى ظهرنا عليهم أقيم ذلك عليهم ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : انه لا يقام عليهم الحدود ولا يستوفي منهم الحقوق ، بناء على أصله في دار الحرب.

يدل على المسألة قوله تعالى ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ) (١) ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ) (٢) ولم يفصد.

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٨.

(٢) سورة النور : ٢.

٣٨١

كتاب المرتد

مسألة ـ ١ ـ : المرأة إذا ارتدت لا تقتل ، بل تحبس وتجبر على الإسلام حتى ترجع أو تموت في الحبس ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه وقالوا : ان لحقت بدار الحرب فسبيت استرقت ، ورووا عن علي عليه‌السلام انها تسترق ، وبه قال قتادة.

وقال ( ـ ش ـ ) : تقتل المرتدة ان لم ترجع كما يقتل الرجل ، وبه قال الحسن البصري ، والزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث بن سعد ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٢ ـ : الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ، فاذا تاب وقال : تركت الزندقة ، روى أصحابنا أنه لا تقبل توبته ، لأنه دين مكتوم ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وقال ( ـ ش ـ ) : تقبل توبته ، وعن ( ـ ح ـ ) روايتان مثل قول ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٣ ـ : المرتد على ضربين ، أحدهما : يكون ولد على فطرة الإسلام بين مسلمين ، فمتى ارتد وجب قتله ولا تقبل توبته. والأخر : كان كافرا فأسلم ثمَّ ارتد ، فهذا يستتاب ، فان تاب والا وجب قتله ، وبه قال عطاء.

وقال الحسن البصري : المرتد تقتل بغير استتابة. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وعامة الفقهاء : انه يستتاب ، سواء كان مسلما في الأصل أو كافرا ، فمتى لم يتب وجب قتله.

٣٨٢

مسألة ـ ٤ ـ : من اتفقنا على استتابته متى تاب سقط عنه القتل ، وبه قال جميع الفقهاء. وحكى ( ـ « ش » ـ ) عن قوم أنه لا تقبل توبته ويجب قتله.

مسألة ـ ٥ ـ : الاستتابة واجبة فيمن شرطه الاستتابة ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).

والثاني : مستحبة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٦ ـ : الموضع الذي قلنا انه يستتاب ، لم يحده أصحابنا بقدر ، والاولى أن لا يكون مقدرا ، لأنه لا دلالة عليه ، وروي عن علي عليه‌السلام أن رجلا تنصر فدعاه وعرض عليه الرجوع الى الإسلام فلم يرجع فقتله ولم يؤخره.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أنه يستتاب ثلاثا ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وهو ظاهر (١) مذهب ( ـ ح ـ ). والأخر : يستتاب في الحال والا قتل ، وهو أصحهما. ورووا عن علي عليه‌السلام أنه يستتاب شهرا. وقال الزهري : يستتاب ما دمنا نرجوا رجوعه.

مسألة ـ ٧ ـ : المرتد ان كان عن فطرة الإسلام ، زال ملكه عن ماله وتصرفه باطل ، لإجماع الفرقة على وجوب قتله وقسمة ماله بين الورثة. وان كان عن إسلام قبله ، كان كافرا لا يزول ملكه وتصرفه صحيح ، لأنه لا دلالة على زوال ملكه (٢).

واختلف أصحاب ( ـ « ش » ـ ) على طريقين ، منهم من قال في ملكه وتصرفه ثلاثة أقوال ، أحدهما : يزول ملكه وتصرفه صحيح (٣). والثاني : يزول ملكه وتصرفه باطل. والثالث : ملكه مراعى وكذلك تصرفه ، فان عاد تبينا أن ملكه لم يزل وأن تصرفه وقع صحيحا ، وان مات أو قتل تبينا أن ملكه زال عنه بالردة وأن تصرفه باطل. ومن أصحابه من قال : في تصرفه ثلاثة أقوال ، وفي ملكه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا مات المرتد وخلف مالا وله ورثة مسلمون ورثوه ، سواء

__________________

(١) م : وظاهر.

(٢) م : لا دلالة على ذلك.

(٣) م : صحيح لأنه لا دلالة عليه.

٣٨٣

كان المال اكتسبه حال الردة أو حال إسلامه (١) ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يرث المسلمون ماله الذي اكتسبه حال حقن دمه وهو حال إسلامه ، وما اكتسب حال اباحة دمه فهو في‌ء. وقال ( ـ ش ـ ) : الكل في‌ء ولا يرثه المسلم.

مسألة ـ ٩ ـ : من ترك الصلاة معتقدا أنها غير واجبة ، كان كافرا وجب قتله بلا خلاف. وان تركها كسلا وتوانيا ، ومع ذلك يعتقد تحريم تركها ، فإنه يكون فاسقا ويؤدب على ذلك ولا يجب عليه القتل ، لأنه دلالة على ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : يحبس حتى (٢) يصلي. وقال ( ـ ش ـ ) : يجب عليه القتل بعد أن يستتاب كما يستتاب المرتد ، فان لم يفعل وجب قتله. وقال ( ـ د ـ ) : يكفر بذلك.

مسألة ـ ١٠ ـ : المرتد الذي يستتاب إذا لحق بدار الحرب ، لم يجر ذلك مجرى موته ، ولا يتصرف في ماله ، ولا ينعتق مدبره ، ولا تحل الديون التي عليه ، لأنه حي ، فلا يصح أن يجعل في حكم الأموات بغير دلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجري ذلك مجرى (٣) موته تحل ديونه ، وينعتق مدبره ، ويقسم ماله بين ورثته.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا رزق المرتد أولادا بعد الارتداد ، كان حكمهم حكم الكفار يجوز استرقاقهم ، سواء ولدوا في دار الإسلام ، أو في دار الحرب ، بدلالة عموم كل ظاهر يدل على جواز استرقاق أولاد الكفار ، وهو أحد قولي ( ـ « ش » ـ ) والثاني : لا يجوز ، لان الولد يلحق بأبيه وقد ثبت (٤) أن أباه لا يسترق.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كانوا في دار الإسلام لا يسترقون ، وان كانوا في دار الحرب يسترقون.

__________________

(١) م : حال الإسلام.

(٢) م : يحبس على ذلك.

(٣) م : يجرى مجرى.

(٤) د : سبق.

٣٨٤

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا نقض الذمي أو المعاهد الذمة والعهد ولحق بدار الحرب وخلف أموالا وذرية ، فعندنا الأمانة في ذريته وماله باق بلا خلاف ، فان مات ورثه ورثته من أهل الحرب ومن أهل الذمة في دار الإسلام.

وقال ( ـ ش ـ ) : ميراثه لورثته في دار الحرب دون ورثته من الذمة في بلد الإسلام ، لأنه لا توارث بين الذمي والحربي.

٣٨٥

كتاب الحدود

مسألة ـ ١ ـ : يجب على الثيب الرجم ، وبه قال جميع الفقهاء ، وحكي عن الخوارج أنهم قالوا : لا رجم في شرعنا ، لأنه ليس في ظاهر القرآن ولا في السنة المتواترة.

وفي المسألة إجماع الفرقة ، بل إجماع الصحابة (١) ، فقد روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. وروى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجم يهوديين.

وروي عن عمر أنه قال : لو لا أنني أخشى أن يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف الشيخ والشيخة ، فارجموهما البتة نكالا من الله.

مسألة ـ ٢ ـ : المحصن إذا كان شيخا أو شيخة ، فعليهما الجلد ثمَّ الرجم.

وان كانا شابين فعليهما الرجم بلا جلد ، بدلالة قوله تعالى ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) (٢) ولم يفصل وروي أن عليا عليه‌السلام جلد سراجة يوم

__________________

(١) م : إجماع جماعة الصحابة.

(٢) سورة النور : ٢.

٣٨٦

الخميس ورجمها يوم الجمعة ، فقيل له تحدها حدين ، فقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله.

وقال داود وأهل الظاهر : عليهما الجلد ثمَّ الرجم ولم يفصلوا ، وبه قال جماعة من أصحابنا. وقال جميع الفقهاء : ليس عليه الا الرجم دون الجلد.

مسألة ـ ٣ ـ : البكر عبارة عن (١) غير المحصن ، فاذا زنا البكر جلد مائة وغرب عاما ، كل واحد منهما حد ، هذا إذا كان ذكرا ، وان كان أنثى لم يكن عليها تغريب ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : هما سواء في الجلد والتغريب ، واليه ذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى و ( ـ د ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : الحد هو الجلد فقط ، والتغريب ليس بحد ، وانما هو تعزير باجتهاد الامام وليس بمقدر ، فان رأى الحبس فعل ، وان رأى التغريب الى بلد آخر فعل من غير تقدير ، وسواء كان ذكرا أو أنثى.

وفي المسألة إجماع الفرقة ، وروى ابن (٢) عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جلد وغرب وأن أبا بكر جلد وغرب وأن عمر جلد وغرب. وروي عن علي عليه‌السلام وعثمان أنهما فعلا ذلك. وروي عن ابن مسعود فغرب أبو بكر الى فدك ، وعمر الى الشام ، وعثمان الى مصر ، وعلي عليه‌السلام الى الروم ، ولا مخالف لهم.

مسألة ـ ٤ ـ : لا نفي على العبد ، ولا على الأمة ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ). ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٥ ـ : الإحصان لا يثبت عندنا الا بأن يكون للرجل فرج يغدو اليه ويروح متمكنا من وطئه سواء كانت زوجته حرة أو أمة أو ملك يمين ، ومتى لم يكن متمكنا منه لم يكن محصنا : اما بأن يكون مسافرا عنها ، أو محبوسا ، أو محالا بينها

__________________

(١) م : من.

(٢) م : أو أنثى دليلنا ما رواه.

٣٨٧

وبينه ، وكذلك الحكم فيها سواء.

وقال جميع الفقهاء : متى عقد على امرأة ودخل بها وكانت حرة ثبت الإحصان وان فارقها بموت أو طلاق ولم يراعوا التمكن من وطئها.

وأما الأمة ، فعند ( ـ « ش » ـ ) إذا أصاب أمة بنكاح صحيح أو أصاب العبد حرة ، ثبت الإحصان للحرة دون المملوك ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يثبت الإحصان لأحدهما وهكذا الصغير إذا أصاب كبيرة بنكاح صحيح أو الكبير الصغيرة ، ثبت الإحصان للكبير عند ( ـ « ش » ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يثبت الإحصان لأحدهما ، وهو قول ( ـ « ش » ـ ) في القديم.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا مكنت العاقلة المجنون من نفسها فوطئها من نفسها ، فعليهما جميعا الحد. وان وطئ عاقل مجنونة ، وجب على العاقل الحد ، ولا يجب على المجنونة.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزم العاقل الحد ، دون من ليس بعاقل. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجب على العاقلة الحد إذا وطأها المجنون ، وان وطئ عاقل مجنونة لزمه الحد.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا كان الزانيان كاملين ، بأن يكونا حرين بالغين عاقلين ، فقد أحصنا إذا حصل فيهما الشرائط ، فإن كان أحدهما كاملا والأخر ناقصا ، فان كان النقص بالرق ، فالكامل قد أحصن دون الناقص. وان كان بالصغر لا يثبت فيهما الإحصان ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان النقص رقا ، لم يثبت الإحصان لأحدهما ، وان كان صغرا أحصن الكامل. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان النقص فالكامل قد أحصن دون الناقص ، فلا خلاف على المذهب ، وان كان النقص بالصغر ففيه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ : من وجب عليه الرجم ، يؤمر بالاغتسال والتكفن ثمَّ يرجم ويدفن بعد أن يصلى عليه ، ولا يغسل بعد موته. وقال جميع الفقهاء : انه يغسل

٣٨٨

بعد موته.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا ثبت الزنا بالبينة ، لم يجب على الشهود حضور موضع الرجم ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمهم ذلك.

وقد روى أصحابنا أنه إذا ثبت الزنا بالبينة ، فأول من يرجمه الشهود ثمَّ الناس ، وإذا ثبت بالإقرار فأول من يرجمه الامام ، فعلى هذه الرواية يجب على الشهود الحضور كما قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا حضر الامام والشهود موضع الرجم ، فان كان الحد ثبت (١) بالإقرار ، وجب على الإمام البداية ، وان كان بالبينة بدأ الشهود ، ثمَّ الامام ثمَّ الناس ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب على واحد منهم البدأة بالرجم.

مسألة ـ ١١ ـ : لا يجب الحد بالزنا إلا بإقرار أربع مرات في أربعة مجالس فأما في دفعة واحدة فلا يثبت به الحد ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أقر دفعة واحدة لزمه الحد ، بكرا كان أو ثيبا ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ابن أبي ليلى : لا يثبت الا بأن يعترف أربع مرات ، سواء كان في مجلس واحد ، أو أربعة مجالس.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أقر بحد ثمَّ رجع عنه ، سقط عنه الحد ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال الحسن البصري : لا يسقط ، وبه قال سعيد بن جبير ، وداود ، وهو احدى الروايتين عن ( ـ ك ـ ).

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (٢) أن ما عزا أقر عند النبي عليه‌السلام بالزنا فأعرض عنه مرتين أو ثلاثا ، ثمَّ قال : لعلك قبلت لعلك

__________________

(١) م : قد ثبت.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٣٨٩

لمست ، فعرض عليه له بالرجوع حين أعرض عنه ، وصرح له بذلك بقوله لعلك لمست لعلك قبلت ، فلو لا أن ذلك تقبل منه ما كان فيه فائدة.

مسألة ـ ١٣ ـ : المريض المأيوس منه إذا زنا وهو بكر أخذ عرجون فيه مائة شمراخ ، أو مائة عود يضم بعضه الى بعضه ، ويضرب به ضربة واحدة ، على وجه لا يؤدى الى تلفه.

وقال ( ـ ح ـ ) : يضرب مجتمعا ومفترقا ضربا مؤلما. وقال ( ـ ك ـ ) : يضرب بالسياط مجتمعا ضربا مؤلما. وقال ( ـ ش ـ ) : يضرب مائة بأطراف الثياب والنعال ضربا لا يؤلم ألما شديدا.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا شهد عليه أربعة شهود بالزنا فكذبهم ، أقيم عليهم (١) الحد بلا خلاف ، وان صدقهم أقيم عليه الحد ، بدلالة عموم الأخبار التي جاءت في وجوب اقامة الحد إذا قامت عليه البينة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يقام عليه الحد ، لأنه سقط حكم الشهادة مع الاعتراف ، وباعتراف دفعة واحدة لا يقام عليه (٢) الحد.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا وجد الرجل على فراشه امرأة ، فظنها زوجته فوطئها لم يكن عليه الحد ، لقوله عليه‌السلام « ادرؤوا الحدود بالشبهات » وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الحد ، وقد روى ذلك أيضا أصحابنا.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أقر الأخرس بالزنا بإشارة معقولة ، وكذلك إذا أقر بقتل العمد لزمه القود ، بدلالة عموم الاخبار في وجوب الحد على المقر ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلزمه الحد ولا القود.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا لاط الرجل فأوقب ، وجب عليه القتل ، والامام مخير

__________________

(١) م : عليه.

(٢) م : عليها.

٣٩٠

بين أن يقتله بالسيف أو يرمي عليه حائطا ، أو يرمى به من موضع عال. وان كان فعله دون الإيقاب ، فإن كان محصنا وجب عليه الرجم ، وان كان بكرا وجب عليه جلد مائة.

وقال ( ـ ش ـ ) في أحد القولين : حكمه حكم الزاني يجلد ان كان بكرا ، ويرجم ان كان ثيبا ، وبه قال الحسن البصري ، والزهري ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). والقول الأخر : أنه يقتل بكل حال كما قلناه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، ( ـ ق ـ ) الا أنهم لم يفصلوا.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجب به الحد ، وانما يجب به التعزير.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما (١) رواه ابن عباس عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا أتى بهيمة ، كان عليه التعزير بما دون الحد ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : مثل الزنا. والثالث : مثل اللواط.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا أتى بهيمة ، فإن كانت مأكولة اللحم ، ذبحت وأحرقت (٢) لحمها ولا يوكل ، وان كانت لغير الواطئ غرم قيمتها. وان كانت غير مأكولة ، حملت الى بلد آخر وبيعت ولا يذبح.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت مأكولة ، وجب ذبحها وهل يؤكل لحمها؟ فيه قولان.

وان كانت غير مأكولة ، فهل يذبح؟ فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠ ـ : لا يثبت الشهادة باللواط إلا بأربعة رجال ، ويثبت إتيان البهيمة بشاهدين. وقال ( ـ ش ـ ) : ان قلنا انه كالزنا لم يقبل إلا شهادة أربعة ، وكذلك ان قال انه أغلظ.

__________________

(١) م : دليلنا ما رواه.

(٢) م : أحرق.

٣٩١

واما إتيان البهائم ، فإن قلنا انه كاللواط أو كالزنا ، لم يثبت إلا بأربعة ذكور (١) ، وان قلنا فيه تعزير ، فالمنصوص انه لا يثبت إلا بأربعة. وقال ابن خيران : يثبت بشهادة شاهدين. وقال ( ـ ح ـ ) : جميع ذلك يثبت بشاهدين.

مسألة ـ ٢١ ـ : روى أصحابنا في الرجل إذا وجد مع امرأة أجنبية يقبلها ويعانقها في فراش واحد ، أن عليها مائة جلدة. ورووا أيضا أن عليهما أقل من الحد. وقال جميع الفقهاء : عليهما التعزير.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا وجدت امرأة حبلى ولا زوج لها ، وأنكرت أن يكون من زنا ، فلا حد عليها ، لأنه يحتمل أن يكون من وطئ بشبهة ، أو اكراه. ومع الشبهة فلا حد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : عليها الحد.

مسألة ـ ٢٣ ـ : يستحب أن يحضر عند اقامة الحد على الزاني (٢) طائفة من المؤمنين بلا خلاف ، وأقل ذلك عشرة ، وبه قال الحسن البصري ، وطريقة الاحتياط يقتضيه. وقال ابن عباس : أقله واحدة (٣). وقال عكرمة : اثنان. وقال الزهري : ثلاثة رجال ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٢٤ ـ : يفرق حد الزاني (٤) على البدن كله الا الوجه والفرج ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : الا الفرج والوجه والرأس.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا اشترى ذات محرم ، كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة من نسب أو رضاع ، فوطئها مع العلم بالتحريم ، كان عليه القتل.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : عليه الحد ، وهو الصحيح عندهم. والثاني :

__________________

(١) بأربعة شهود ذكور.

(٢) م : الزناة.

(٣) م : واحد.

(٤) م : الزناة.

٣٩٢

لا حد عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا شهد أربعة شهود على رجل بالزنا بامرأة ، فشهد اثنان أنه أكرهها ، والاخران أنها طاوعته ، فعند ( ـ ش ـ ) لا يجب عليه الحد ، لأن الشهادة لم تكمل بفعل واحد ، بل هي على فعلين ، لان الزنا طوعا غير الزنا كرها.

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الحد ، وهو الصحيح الذي نذهب إليه ، لأنهم شهدوا عليه بالزنا ، وكونها مكرهة أو طائعة لا يغير حكم كونه زانيا ، وانما يؤثر في حكمها.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا استأجر امرأة للوطئ فوطئها لزمه الحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا حد عليه.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا عقد النكاح على ذات محرم له ، كأمه وبنته وأخته وخالته وعمته من نسب أو رضاع ، أو امرأة أبيه أو ابنه ، أو تزوج بخامسة ، أو بامرأة لها زوج ، ووطئها أو وطئ امرأة بعد أن بانت (١) باللعان أو بالطلاق الثلاث مع العلم بالتحريم ، فعليه الحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ولم يفصل.

وقال ( ـ ح ـ ) : لأحد في شي‌ء من هذا ، حتى قال : لو استأجر امرأة ليزني بها فزنا بها فلا حد عليه ، وان استأجرها للخدمة فوطئها فعليه الحد.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا تكاملت شهود الزنا أربعة ، شهدوا به ثمَّ ماتوا أو غابوا ، جاز للحاكم أن يحكم بشهادتهم ، ويقيم الحد على المشهود عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : متى ماتوا أو غابوا ، لم يجز له أن يحكم بشهادتهم.

يدل على المسألة قوله تعالى ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ) (٢) ولم يشرط حضور الشهود. واما إذا اعتبرنا في الزاني إذا كان مشهودا عليه أن يبدأ

__________________

(١) م : بانت منه.

(٢) سورة النور : ٢.

٣٩٣

برجمه الشهود ، كان القول قول ( ـ ح ـ ) ، وان قلنا ان ذلك مستحب ، فالقول الذي (١) ذكرناه صحيح مستمر.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا تكامل شهود الزنا أربعة ، ثبت الحكم بشهادتهم ، سواء شهدوا في مجلس واحد أو في مجالس ، وشهادتهم متفرقين (٢) أحوط. ويدل عليه كل ظاهر ورد انه إذا شهد أربعة شهود وجب الحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان شهدوا في مجلس واحد ، ثبت الحد بشهادتهم. وان كانوا في مجالس ، فهم قذفة يحدون ، والمجلس عنده مجلس الحاكم ، فان جلس بكرة ولم يقم إلى العشي فهو مجلس واحد ، فان شهدوا اثنان فيه بكرة وآخران عشية ثبت الحد ، ولو جلس لحظة ثمَّ انصرف لحظة وعاد فهما مجلسان.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا حضر أربعة ليشهدوا بالزنا ، فشهد واحد منهم أو ثلاثة ، ولم يشهد الرابع لم يثبت على المشهود عليه الزنا ، لأن الشهادة لم تتكامل بلا خلاف ، ومن لم يشهد لا حد (٣) عليه بلا خلاف ، ومن شهد فعليه حد القذف ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه. والثاني انه لا يجب الحد.

وفي المسألة إجماع الفرقة ، وإجماع الصحابة أيضا ، روي ذلك عن علي عليه‌السلام وعمر ولا مخالف لهما. أما علي عليه‌السلام فروي أن أربعة أتوه ليشهدوا على رجل بالزنا ، فصرح ثلاثة وقال الرابع رأيتهما تحت ثوب ، فان كان ذاك زنا فهو ذاك.

وأما عمر ، فروي أنه استخلف المغيرة بن شعبة على البصرة ، وكان نازلا في أسفل الدار ونافع وأبو بكرة وشبل بن معبد وزياد في علوها ، فهبت ريح ففتحت باب البيت ورفعت الستر ، فرأوا المغيرة بين رجلي امرأة ، فلما أصبحوا تقدم

__________________

(١) م : فالقول قول الذي.

(٢) م : مفترقين.

(٣) م : لا شي‌ء.

٣٩٤

المغيرة ليصلي ، فقال له أبو بكرة : تنح عن مصلانا ، فبلغ ذلك عمر ، فكتب يأمرهم أن يرفعوا اليه ، وكتب الى المغيرة قد تحدث عنك بما ان كان صدقا ، فلو كنت مت قبله كان خيرا لك ، فأشخصوا إلى المدينة فشهد نافع وأبو بكرة وشبل بن معبد فقال عمر : أؤدي المغيرة الأربعة ، فجاء زياد ليشهد ، فقال : هذا رجل لا يشهد الا بحق ان شاء الله ، فقال : أما الزنا فلا أشهد ، ولكن رأيت أمرا قبيحا ، فقال عمر : الله أكبر وجلد الثلاثة ، فلما جلد أبو بكرة ، قال : أشهد أن المغيرة زنا ، فهم عمر بجلده (١) ، فقال له علي عليه‌السلام : ان جلدته فارجم صاحبك ، يعني ارجم المغيرة.

وقد تأول هذا القول تأويلين أصحهما أن معناه ان كانت هذه شهادة غير الاولى ، فقد كملت الشهادة أربعة فارجم صاحبك ، يعني إنما أعاد ما شهد به فلا تجلده بإعادته. والثاني : أن معناه أن جلده لا يجوز ، كما أن رجم المغيرة لا يجوز ، فان جلدته وجلده لا يجوز فارجم صاحبك وانما كان الأول أصح ، لأن الساجي نقل القصة ، فقال قال علي عليه‌السلام : ان جعلت شهادته بمنزلة شهادة رجلين فارجم صاحبك.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا ، فردت شهادة واحد منهم فان ردت بأمر ظاهر جلي ، فإنه يجب على الأربعة حد القاذف ، وان ردت بأمر خفي لا يقف عليه الا آحادهم ، فإنه يقام على المردود شهادته الحد ، ولا يقام الحد على الثلاثة ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دليل على أنه يجب عليهم الحد.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ردت شهادته بأمر ظاهر ، فهل يجب على الأربعة حد؟ فيه قولان.

وان ردت بأمر خفي ، فالمردود الشهادة والثلاثة لا حد عليهم.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا شهد أربعة ثمَّ رجع واحد منهم ، فلا حد على المشهود

__________________

(١) م : بجلدته.

٣٩٥

عليه بلا خلاف ، وعلى الراجع (١) الحد بلا خلاف ، ولا حد على الثلاثة ، لأنه لا دليل عليه. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان. وقال ( ـ ح ـ ) : عليهم الحد.

مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا شهد أربعة فرجم المشهود عليه ، ثمَّ رجع واحد أو الأربعة وقال الراجع : عمدت قتله ، كان عليه الحد والقود ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : لا قود عليه.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا استكره امرأة على الزنا ، فلا حد عليها بلا خلاف ، وعليه الحد ولا مهر لها ، لأنه لا دليل عليه ، ولما روي أن النبي عليه‌السلام نهى عن مهر البغي ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لها مهر.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا زنا العبد أو الأمة ، فعلى كل واحد منهما نصف ما على الحر خمسون جلدة ، تزوجا أو لم يتزوجا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ابن عباس : ان كانا تزوجا ، فعلى كل واحد منهما نصف الحد ، وان لم يكونا تزوجا فلا شي‌ء عليهما.

وقال داود : يجلد العبد مائة ، والأمة ان كانت تزوجت فعليها نصف الحد خمسون ، وان لم تكن تزوجت ففيه روايتان ، أحدهما : يجلد مائة. والأخرى : لا تجلد أصلا.

وانما اختلفت الرواية عنه ها هنا ، لان قوله تعالى ( فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ ) (٢) يعني : إذا تزوجن ، والمراد بقوله « أحصن » أسلمن. واما « أحصن » معناه تزوجن ، ولا يدل على أنه إذا لم يتزوجن فلا شي‌ء لهن ، لأنا لا نقول بدليل الخطاب.

مسألة ـ ٣٧ ـ : للسيد أن يقيم الحد على ما ملكت يمينه بغير اذن الامام ،

__________________

(١) م : الرابع.

(٢) م : سورة النساء : ٢٥.

٣٩٦

وبه قال ابن مسعود ، وابن عمر ، وأبو برزة ، وفاطمة ، وعائشة ، وحفصة ، وفي التابعين الحسن البصري ، وعلقمة ، والأسود ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : ليس له ذلك واقامة الحد إلى الأئمة فقط. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان عبدا أقام عليه السيد الحد ، وان كانت أمة ليس لها زوج فمثل ذلك ، وان كان لها زوج لم يقم عليها ، لأنه لا دلالة عليها.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (١) عن علي عليه‌السلام ان النبي عليه‌السلام قال : أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم. وروى أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب ، فان زنت فليجلدها فان زنت فليبعها ولو بضفير ، والضفير الحبل. وروى أن فاطمة جلدت أمة لها ، وجلد ابن عمر أمة له زنت ونفاها الى فدك ، وأبو برزة جلدت وليدة له زنت وسرقت أمة لعائشة فقطعها ، وقتلت حفصة مهيرة لها سحرتها.

مسألة ـ ٣٨ ـ : للسيد أن يقيم الحد على مملوكه في شرب الخمر ، وله أن يقطعه في السرقة ويقتله بالردة. ووافقنا ( ـ « ش » ـ ) في شرب الخمر ، وفي القطع بالسرقة قولان ، وفي القتل بالردة وجهان.

مسألة ـ ٣٩ ـ : يقيم السيد الحد على مملوكه باعترافه وبالبينة وبعلمه ، ووافقنا ( ـ « ش » ـ ) في الاعتراف ، وفي البينة قولان ، وكذلك في العلم.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا كان السيد فاسقا أو مكاتبا أو امرأة ، كان له اقامة الحد على مملوكه ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أن للسيد اقامة الحد على مملوكه.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٤١ ـ : إذا وجد الرجل قتيلا في دار رجل ، فقال صاحب الدار :

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

٣٩٧

وجدته يزني بامرأتي ، فإن كان معه بينة لم يجب عليه القود ، وان لم يكن معه بينة ، فالقول قول ولي الدم ، لقوله عليه‌السلام « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ».

وكذلك ان قال صاحب الدار : قتلته دفعا عن نفسي ، لأنه دخل لصا ليسرق متاعي فإن كان معه بينة ، والا فالقول قول ولي الدم ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان معروفا باللصوصية ، فالقول قول القاتل ، لان الظاهر معه.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا شهد اثنان أنه زنا بالبصرة واثنان أنه زنا بالكوفة ، فلا حد للمشهود عليه بلا خلاف وعلى الشهود الحد ، لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) (١) الاية وهذا لم يأت بأربعة شهداء ، وهو أحد قولي ( ـ « ش » ـ ). والأخر : أنهم لا يحدون ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا شهد أربعة على رجل أنه زنا بها في هذا البيت وأضاف كل واحد منهم شهادته إلى زاوية منه مخالفة للأخرى ، فإنه لا حد للمشهود (٢) عليه ويحدون ، وكذلك ان شهد اثنان على زاوية ، واخرى على زاوية أخرى ، لم يختلف الحكم فيه ، لما قلناه في المسألة المتقدمة (٣) لهذه.

وقال ( ـ ح ـ ) : انه لا حد على المشهود عليه ، لكن أجلده مائة ان كان بكرا ، وأرجمه ان كان ثيبا استحسانا ، ووافقنا ( ـ « ش » ـ ) في سقوط حد الزنا ، وقال في الحد عليهم قولان.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا شهد أربعة بالزنا قبل شهادتهم ، سواء تقادم الزنا أو لم

__________________

(١) سورة النور : ٤.

(٢) م : على المشهود.

(٣) م : لم يختلف الحكم كما مر.

٣٩٨

يتقادم ، بدلالة الآية ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ) (١) الى آخره ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان شهدوا بزنا قديم لم يقبل شهادتهم. وقال ( ـ ف ـ ) : جهدنا لـ ( ـ « ح » ـ ) أن يوقت في التقادم شيئا فأبى ، وحكى الحسن بن زياد و ( ـ « م » ـ ) عن ( ـ « ح » ـ ) أنهم إذا شهدوا بعد سنة لم يجز. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : إذا شهدوا بعد شهر من حين المعاينة لم يجز ، وفي الجملة إذا لم يقيموها عقيب تحملها لم تقبل.

مسألة ـ ٤٥ ـ : ليس من شرط إحصان الرجم الإسلام ، بل شرطه الحرية والبلوغ وكمال العقل والوطي في نكاح صحيح ، فاذا وجدت هذه الشروط ، فقد أحصن إحصان رجم ، وهكذا إذا وطئ المسلم امرأته الكافرة فقد أحصنها ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) (٢) : ان كانا كافرين لم يحصن أحدهما الأخر ، لان أنكحة المشركين فاسدة عنده ، وان كان مسلما وهي كافرة فقد أحصنا جميعا ، لان هذا النكاح صحيح.

وقال ( ـ ح ـ ) : الإسلام شرط في إحصان الرجم ، فان كانا كافرين لم يحصنا ، وان كان مسلما ووطئ زوجته الكافرة لم يحصنا معا ، ولم يجب عليهما بالزنا الرجم.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا قذف العبد محصنا ، وجب عليه الحد ثمانون جلدة ، مثل حد الحر سواء ، وبه قال الزهري. وقال جميع الفقهاء : حده أربعون جلدة.

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا قذف جماعة واحدا بعد آخر كل واحد بكلام مفرد ، فعليه لكل واحد منهم الحد ، وهو مذهب ( ـ « ش » ـ ) وان قذفهم بكلمة واحدة ، فقال : زنيتم ، أو أنتم زناة ، روى أصحابنا أنهم ان جاؤوا به مجتمعين كان لجميعهم حد واحد ، وان جاؤوا به مفترقين كان عليه لكل واحد منهم حد.

__________________

(١) سورة النور : ٢.

(٢) د : وقال ( ـ ح ـ ).

٣٩٩

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : عليه حد واحد لجميعهم. والأخر : عليه لكل واحد حد كامل ولم يفصل. وقال ( ـ ح ـ ) : عليه لجماعتهم (١) حد واحد ، سواء قذفهم بكلمة واحدة ، أو أفرد كل واحد منهم بكلمة القذف.

مسألة ـ ٤٨ ـ : إذا قال : زنيت بفلانة أو قال لها : زنا بك فلان وجب عليه حدان. وقال ( ـ ح ـ ) : عليه حد واحد ، وهو قول ( ـ « ش » ـ ) (٢) في القديم. وقال في الجديد : فيه قولان.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا قال لرجل : يا ابن الزانيين ، وجب عليه حدان لأبويه ، فإن كانا حيين استوفيا ، وان كانا ميتين استوفاه ورثتهما. وقال ( ـ ح ـ ) : عليه حد واحد ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٥٠ ـ : حد القذف مورث يرثه كل من يرث المال من ذوي الأنساب دون الأسباب على الاجتماع والانفراد.

وقال ( ـ ح ـ ) : حد القذف لا يورث. وقال ( ـ « ش » ـ ) : هو موروث وفيمن يرثه ثلاثة أوجه أحدها : ما قلناه. والثاني : يرثه العصبات من الرجال فقط. والثالث : وهو المذهب أنه يرثه كل من يرث المال من النساء والرجال من ذوي الأنساب والأسباب.

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا قذف رجلا ، ثمَّ اختلفا فقال المقذوف : أنا حر فعليك الحد ، وقال القاذف : أنت عبد فعلي التعزير ، كان القول قول القاذف ، لأن الأصل براءة ذمة القاذف. وقال ( ـ « ش » ـ ) في كتبه مثل ما قلناه في القاذف. وقال في الجنايات : القول قول المجني عليه.

مسألة ـ ٥٢ ـ : من لم تكمل فيه الحرية ، فمتى قذفه قاذف ، جلد بحساب الحرية وعزر بحساب الرق. وقال جميع الفقهاء : عليه التعزير.

__________________

(١) م : لجميعهم.

(٢) م : وبه قال ( ـ « ش » ـ ).

٤٠٠