المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

وقال ( ـ ح ـ ) : يتداخل حقوقهم من القصاص ، وليس لواحد منهم أن ينفرد بقتله بل يقتل بجماعتهم ، فان قتلوه فقد استوفوا حقوقهم ، وان بادر واحد منهم فقتله فقد استوفى حقه ويسقط حق الباقين الى بدل.

وقال عثمان البتي : يقتل بجماعتهم ، فاذا قتل سقط من الديات واحدة وكان ما بقي من الديات في تركته ، يأخذها أولياء القتلى بالحصص.

مسألة ـ ٤٨ ـ : إذا قطع يد رجل وقتل آخر ، قطعناه باليد وقتلناه بالآخر وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يقتل ولا يقطع ، لان القصد إتلاف نفسه.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا قطع رجل يد رجل ، فقطع المجني عليه يد الجاني ، ثمَّ اندمل المجني عليه وسرى القطع الى نفس الجاني ، كان هدرا ، وبه قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : على المجني عليه الضمان ، فيكون عليه كمال دية يد الجاني.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (١) عن علي عليه‌السلام ، وعمر أنهما قالا : من مات من حد أو قصاص ، فلا دية له الحق قتله ، ولا مخالف لهما في الصحابة.

مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا قتل رجل رجلا ، وجب القود عليه ، فهلك القاتل قبل أن يستفاد منه ، سقط القصاص إلى الدية ، بدلالة قوله عليه‌السلام « لا يطل دم امرء مسلم » وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط القصاص لا إلى دية (٢).

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا قتل اثنان رجلا ، وكان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الأخر ، لم يخل من أحد الأمرين : اما أن يكون القود لم يجب على أحدهما لمعنى فيه أو في فعله ، فان كان لمعنى فيه مثل أن يشارك أجنبيا في قتل ولده ، أو نصرانيا

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

(٢) في الخلاف : بدل.

٣٢١

في قتل نصراني ، أو عبدا في قتل عبد ، فعلى شريكه القود دونه. وان كان القود لم يجب عليه لمعنى في فعله ، مثل أن يكون عمدا محضا ، شارك من قتله خطأ أو عمدا لخطأ ، فلا قود على واحد منهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : على العامد القود ، سواء سقط عن شريكه بمعنى فيه أو في فعله ، وبه قال الحسن البصري والنخعي. وقال ( ـ ح ـ ) : لا قود عليه سواء سقط القود عن شريكه بمعنى فيه أو في فعله.

دليلنا على ( ـ « ك » ـ ) ما روي عن النبي عليه‌السلام انه قال : الا أن في قتيل الخطأ العمد قتيل (١) السوط والعصا مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها فأوجب في عمد الخطأ الدية وهذا عمد الخطأ ، لأنها روح خرجت عن عمد وخطأ ، وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم.

ودليلنا على ( ـ « ح » ـ ) قوله تعالى ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (٢) وهذا قد قتل ظلما ، فوجب أن يكون لوليه سلطان. وأيضا قوله عليه‌السلام : ثمَّ أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وأنا والله عاقلته ، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وان أحبوا أخذوا الدية ولم يفصل.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا قتله رجل عمدا ، ووجب القود على قاتله ، وله ابنان أو أكثر من ذلك ، كان لهم قتله قودا مجتمعين بلا خلاف ، وعندنا ان لكل واحد من الأولياء قتله منفردا ومجتمعا ، ولا يقف ذلك على اذن الباقين ، فان بادر أحدهم بقتله ، فلا يخلوا الباقون من أحد أمرين : اما أن يعفوا عن نصيبهم أو لا يعفوا ، فان لم يعفوا ضمن هذا القاتل نصيبهم من الدية وان عفوا ضمن بمقدار ما عفوا لأولياء المقتول المقاد منه من الدية ، ولا يجب عليه القود بحال ، سواء علم بقدرهم أو لم

__________________

(١) م : قتل.

(٢) سورة الإسراء : ٣٣.

٣٢٢

يعلم ، أو حكم الحاكم بسقوط القود أو لم يحكم ، لان حكم الحاكم بسقوط القود إذا عفا بعضهم باطل ، وهو احدى الروايات عن ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء : إذا عفا أحدهم سقط القود ، فاذا (١) بادر أحدهم فقتله ، فان كان قبل عفو الباقين ، فهل عليه القود أم لا؟ فيه قولان. وان قتله بعد عفوه قبل حكم الحاكم ، فان كان قبل علمه بالعفو فهل عليه القود أم لا؟ فيه قولان ، الصحيح (٢) أن عليه القود.

وان قتله بعد العلم بالعفو فمبنية على ما قبلها ان قلنا عليه القود قبل العلم ، فهاهنا أولى. وان قلنا لا قود ، فهاهنا على قولين. وان قتله بعد حكم الحاكم ، فعليه القود قولا واحدا ، علم بحكمه أو لم يعلم. وان عفوا معا عنه ، ثمَّ عاد أحدهما فقتله فعلى من قتله القود ، فهذه ثلاث مسائل على قول واحد.

مسألة ـ ٥٣ ـ : إذا قطع يد رجل من الكوع ، ثمَّ قطع آخر تلك اليد من المرفق قبل اندمال الأول ، ثمَّ سرى الى نفسه فمات ، فهما قاتلان وعليهما القود ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

ويدل على ذلك ان القتل حدث عن القطعين ، فليس بأن يضاف الى الثاني بأولى من أن يضاف إلى الأول. وقال ( ـ ح ـ ) : الأول قاطع. والثاني هو القاتل يقطع الأول ولا يقتل ويقتل الثاني (٣).

مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا قطع رجل يد غيره من الكوع ، ثمَّ جاء آخر فقطع ذراعه من المرفق ، ثمَّ أراد القصاص من قاطع الذراع ، نظر فيه فان كان له ذراع بلا كف قطع به بلا خلاف. وان أراد ديته ، كان له نصف الدية إلا قدر حكومة ذراع

__________________

(١) م : فان.

(٢) م : الأصح.

(٣) م : ويقتل الثاني به.

٣٢٣

لا كف له. وان كان القاطع كاملا وليس له ذراع لا كف عليها ، وأراد قطعه من المرفق كان له ذلك ، وكان عليه أن يرد دية اليد من الكوع عليه.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : له قطع ذلك ولم يذكر رد شي‌ء. والثاني : ليس له (١) ان يقطع من المرفق بحال.

مسألة ـ ٥٥ ـ : إذا قتل غيره. بما يجب فيه القود من السيف والحرق والخنق ومنع الطعام والشراب وغير ذلك مما ذكرناه ، فإنه لا يستفاد منه الا بالحديد ، ولا يفعل به كما فعل ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ولقوله (٢) عليه‌السلام « لا قود إلا بحديدة » وهذا خبر معناه النهي.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقتل بمثل ما قتل. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يستقاد منه الا فيما قتل بمثقل الحديد أو النار ، ولا يستفاد منه الا بالحديد مثل ما قلناه (٣).

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا جرحه فسرى الى نفسه ومات ووجب القصاص في النفس فلا قصاص في الجرح ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كان مما لو انفرد كان فيه القصاص ، كان وليه بالخيار بين أن يقتص في الجرح (٤) وبين أن يقتل فحسب ، وان كان مما لو انفرد واندمل لا قصاص فيه ، مثل الهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة ، وقطع اليدين من بعض (٥) الذراع والرجل من بعض الساق ، فاذا صارت نفسا ، فهل لوليه أن يقتص فيها ثمَّ يقتل أم لا؟ فيه قولان.

مسألة ـ ٥٧ ـ : الجراح عشرة ، فالحارصة فيها بعير وهي الدامية عندنا ،

__________________

(١) د : والثاني له.

(٢) م : كما فعل لقوله عليه‌السلام.

(٣) م : مثل قولنا.

(٤) م : بالجرح.

(٥) م : في بعض.

٣٢٤

والباضعة فيها بعيران ، والمتلاحمة فيها ثلاثة أبعر ، والسمحاق فيه أربعة أبعر ، وفي جميعها يثبت القصاص عندنا.

وقال جميع الفقهاء : لا قصاص في شي‌ء من هذه ، ولا فيها شي‌ء مقدر ، بل فيها الحكومة. وقال المزني : في الدامية القصاص. وقال أبو حامد الاسفرائني : المتلاحمة يمكن فيها القصاص.

مسألة ـ ٥٨ ـ : الموضحة فيها نصف العشر خمس من الإبل بلا خلاف ، وفيها القصاص أيضا بلا خلاف ، والهاشمة فيها عشر من الإبل ، والمنقلة فيها خمسة عشرة (١) ، والمأمومة والدامغة فيها ثلث الدية بلا خلاف أيضا ، وما فوق الموضحة لا قصاص فيها بلا خلاف ، ولا يجوز عندنا أن يوضح ويأخذ فاضل ما بينهما. وقال الفقهاء له : أن يوضح ويأخذ ما بين الشجتين.

مسألة ـ ٥٩ ـ : إذا قطع يمين غيره ، قطعت يمينه بلا خلاف ، فان لم يكن له يمين قطعت يساره عندنا ، فان لم يكن له يسار قطعت رجله اليمنى ، فان لم يكن قطعت اليسرى ، وبه قال شريك.

وقال جميع الفقهاء : ان لم يكن له يمين سقط القصاص.

مسألة ـ ٦٠ ـ : إذا قطع يدا كاملة الأصابع ويده ناقصة إصبع (٢) ، فالمجني عليه بالخيار بين العفو على مال وله دية اليد خمسون من الإبل ، وبين أن يقتص فيأخذ يدا ناقصة إصبع قصاصا ويأخذ دية الإصبع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : المجني عليه بالخيار بين أن يأخذ دية يد كاملة ويعفو ، وبين أن يقتص فيأخذ يدا ناقصة إصبع ، ولا يأخذ دية الإصبع المفقودة.

مسألة ـ ٦١ ـ : إذا قطع يدا شلاء ويده صحيحة ، فلا قود عليه ، وبه قال جميع

__________________

(١) م : خمس عشرة.

(٢) م : الأصابع.

٣٢٥

الفقهاء. وقال داود : له أخذ الصحيحة بالشلاء.

مسألة ـ ٦٢ ـ : إذا ثبت أنه لا قصاص فيها ، ففيها ثلث دية [ يد ] الصحيحة وقال باقي الفقهاء : فيها الحكومة.

مسألة ـ ٦٣ ـ : إذا قطع إصبع رجل ، فسرت الى كفه ، فذهب (١) ثمَّ اندملت فعليه القصاص في الإصبع والكف ، بدلالة قوله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (٢) وهذا قد اعتدى في الإصبع والكف ، وقوله تعالى ( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) (٣).

وقال ( ـ ش ـ ) : عليه القصاص في الإصبع دون الكف. وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : لا قصاص عليه أصلا.

مسألة ـ ٦٤ ـ : إذا أوضح رأسه ، فذهب ضوء عينه ، كان عليه القصاص في الموضحة وضوء العين معا ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة ، وهو (٤) أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر أنه لا قصاص في الضوء مثل الكف.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قصاص في الموضحة ولا في الضوء كقوله في الإصبع والكف.

وقال (٥) ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا يسقط القصاص في الموضحة بالسراية إلى الضوء.

مسألة ـ ٦٥ ـ : إذا قطع يد رجل ، كان للمجني عليه أن يقتص من الجاني في الحال والدم جار ، ولكنا نستحب له أن يصبر لينظر ما يكون منها من اندمال

__________________

(١) م : فذهب كقه.

(٢) سورة البقرة : ١٩٤.

(٣) سورة المائدة : ٤٥.

(٤) م : بدلالة ما تقدم وهو.

(٥) م : ولا قصاص فيهما وقال أبو يوسف.

٣٢٦

أو سراية ، بدلالة ما قلناه في المسألة الأولى سواء ، وبه (١) قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز له أن يأخذ القصاص حتى يعلم ما يكون منها من اندمال أو سراية إلى النفس ، فان اندمل القطع وجب القصاص. وان سرى الى النفس سقط القصاص منه وأخذ القصاص في النفس وان سرى الى المرفق واندمل سقط القصاص عنده في الجناية والسراية معا.

مسألة ـ ٦٦ ـ : إذا قطع يدي غيره ورجليه وأذنيه ، لم يكن له أن يأخذ ديتها كلها في الحال ، بل يأخذ دية النفس في الحال وينتظر حتى يندمل ، فان اندملت كان له دياتها كلها كاملة ، وان سرت الى النفس كان له دية واحدة ، وأما القصاص فله أن يقتص في الحال على ما مضى.

ووافقنا أصحاب ( ـ « ش » ـ ) في القصاص ، واختلفوا في الدية على قولين : أحدهما أن له أن يأخذ دياتها كلها في الحال وان بلغت ديات النفس. والأخر : ليس له أن يأخذ شيئا من دياتها في الحال قبل الاندمال ، لأن الدية إنما يستقر حال الاندمال.

ويدل على صحة ما قلناه أنه (٢) مجمع على استحقاقه ذلك ، لأنه لا يخلو أن يندمل أن يسري الى النفس ، فان اندملت (٣) كان له ما أخذ وزيادة يطالب بها ، وان سرت الى النفس فله دية النفس وقد أخذها.

مسألة ـ ٦٧ ـ : شعر الرأس واللحية والحاجبين واهداب العينين متى أعدم إنبات شي‌ء منها ، ففيها الدية كاملة (٤). وفي شعر الحاجبين خمسمائة. وفي أهداب

__________________

(١) م : بدلالة ما تقدم وبه.

(٢) م : دليلنا أنه.

(٣) م : فان اندمل.

(٤) د : ففيها دية كاملة و ( ـ م ـ ) : ففيها الدية وفي شعر الرأس واللحية الدية كاملة.

٣٢٧

العينين الدية ، وما عدا هذه الأربعة فيها حكومة في جميع الجسد ، وبه قال علي عليه‌السلام.

وروي أن أبا بكر قضى في شعر الرأس بعشر من الإبل. وقضى زيد فيه بثلث الدية. وقال ( ـ ح ـ ) في الأربعة الدية ولم يفصل ، وفي الباقي حكومة (١). وقال ( ـ ش ـ ) : ليس في شي‌ء من الشعر دية ، وفي جميعه حكومة.

مسألة ـ ٦٨ ـ : إذا جرح غيره ، ثمَّ ان المجروح قطع من موضع الجرح لحما ، فان كان ميتا فلا بأس به ، والقود على الجاني بلا خلاف. وان قطع لحما حيا ، ثمَّ سرى الى نفسه ، كان على الجاني القود ، وعلى أولياء المقتول أن يردوا نصف الدية على أولياء الجاني. وكذلك لو شارك السبع في قتل غيره أو جرحه غيره وجرح نفسه فمات.

ويدل على ذلك عموم (٢) الأخبار التي وردت في أنه إذا اشترك جماعة في قتل واحد ، كان على جميعهم القود ، وعلى كل واحد منهم بالشرط الذي ذكرناه من رد الفضل ، ولم يفصلوا بين أن يكون الجماعة غير المجني عليه أو هو من جملتهم.

واختلف أصحاب ( ـ « ش » ـ ) فيمن قطع لحما حيا : أحدهما أن على الجاني القود. والأخر : لا قود عليه وعليه نصف الدية ، وفي شريك السبع والجارح نفسه بعد جراحه غيره أيضا قولان : أحدهما يجب عليه القود ، والأخر لا قود عليه ويلزمه نصف الدية.

مسألة ـ ٦٩ ـ : في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الإصبع الأصلية ، سواء قطعت مع الإصبع الأصلية ، أو قطعت مفردة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ليس فيها شي‌ء مقدر ، بل فيها حكومة. فإن أحدثت شيئا حين

__________________

(١) م : الحكومة.

(٢) م : دليلنا عموم.

٣٢٨

الاندمال ، لزمه ما بين كونه عبدا لا شين فيه ، وبين كونه عبدا به شين ، فينظركم ذلك من القيمة ، فيلزمه بمقدار ذلك من دية الحر.

مسألة ـ ٧٠ ـ : اليد الشلاء والإصبع الشلاء فيها ثلث دية اليد الصحيحة أو الإصبع الصحيحة ، وقال ( ـ ش ـ ) : فيها حكومة ولا مقدر فيها.

مسألة ـ ٧١ ـ : إذا قطع أذن غيره قطعت اذنه ، فان أخذ الجاني أذنه فألصقها فالتصقت ، كان للمجني عليه أن يطالب بقطعها وإبانتها.

وقال ( ـ ش ـ ) : ليس له ذلك ، لكن يجب على الحاكم أن يجبره على قطعها ، لأنه حامل نجاسة لأنها بالبيتوتة صارت ميتة ، ولا يصح صلاته ما دامت هي معه.

مسألة ـ ٧٢ ـ : يقطع ذكر الفحل بذكر الخصي الذي سلت (١) بيضتاه وبقي ذكره ، لعموم قوله تعالى ( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) (٢) وعموم الأخبار الواردة في ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا قود عليه فيه ، لأنه لا منفعة فيه.

مسألة ـ ٧٣ ـ : في ذكر العنين ثلث الدية. وقال جميع الفقهاء : فيه الحكومة.

مسألة ـ ٧٤ ـ : في الخصيتين الدية بلا خلاف ، وفي كل واحدة منهما نصف الدية عند جميع الفقهاء ، وروى أصحابنا أن في اليسرى منهما ثلثي الدية.

مسألة ـ ٧٥ ـ : إذا قطع طرف غيره ، ثمَّ اختلفا فقال الجاني : كان الطرف أشل ، فلا قود علي ولا دية كاملة. وقال المجني عليه : كان صحيحا ، فلي القود أو الدية كاملة. فإن كان الطرف ظاهرا مثل اليدين والرجلين والعينين والأنف وما أشبهها ، فالقول قول الجاني مع يمينه ، أو يقيم المجني عليه البينة. وان كان الطرف باطنا ، فالقول قول المجني عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) نصا.

وقال ( ـ ح ـ ) : القول قول الجاني ، وهو قوي.

__________________

(١) م : شلت.

(٢) سورة المائدة : ٤٥.

٣٢٩

ويدل على صحة ما اخترناه قوله عليه‌السلام « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه » والأعضاء الظاهرة لا يتعذر على المجني عليه إقامة البينة عليها ، فلأجل ذلك لزمت (١) البينة ، وليس كذلك الباطنة ، لأنه يتعذر عليه إقامة البينة عليها ، فالقول قوله في ذلك.

وينصر قول ( ـ « ح » ـ ) أن المجني عليه هو المدعي ، فلأجل ذلك لزمته البينة ، أو يمين الجاني.

مسألة ـ ٧٦ ـ : إذا قلع سن مثغر ، كان له قلع سنة ، فإذا قلعه ثمَّ عاد سن الجاني كان للمجني عليه أن يقلعه ثانيا أبدا.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : لا شي‌ء له. والثالث : ليس له قلعها وله الدية.

مسألة ـ ٧٧ ـ : إذا قلع سن مثغر فأخذ ديتها ثمَّ نبت السن ، لم يجب عليه رد الدية ، لأنه لا دلالة (٢) على ذلك. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٧٨ ـ : السن الزائدة فيها ثلث دية السن الأصلي. وقال جميع الفقهاء : فيها الحكومة ، ولا يبلغ الحكومة دية سن الأصلي.

مسألة ـ ٧٩ ـ : إذا وجب لإنسان قصاص في نفس أو طرف ، فلا ينبغي أن يقتص بنفسه ، فان ذلك من فروض الأئمة ، أو من يأمره به الامام بلا خلاف ، فان استوفاه بنفسه لا شي‌ء عليه ، لأن الأصل براءة الذمة.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : أن عليه التعزير. والأخر : لا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ٨٠ ـ : أجرة من يقيم الحدود ويقتص للناس من بيت المال وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك من خمس الخمس الذي كان للنبي عليه‌السلام ، فان كان هناك ما هو أهم منه

__________________

(١) م : لزمته.

(٢) د : لا دلالة له على.

٣٣٠

من سد الثغور وتقوية المقاتلة كان على المقتص منه الأجرة. وقال ( ـ ح ـ ) : على المقتص المستوفى دون المستوفى منه.

مسألة ـ ٨١ ـ : إذا قطع يد عبد ، ففيه نصف قيمته ، يستوفيها منه سيده ويمسك العبد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : على الجاني نصف قيمته ، ويكون السيد بالخيار بين أن يمسكه ويستوفي نصف قيمته ، وبين أن يسلم العبد إلى الجاني ويطالب بكمال قيمته.

مسألة ـ ٨٢ ـ : فإن قطع يدي عبد ، فعليه كمال قيمته ويتسلم العبد. وقال ( ـ ش ـ ) : عليه كمال القيمة ولسيده إمساك عبده والمطالبة بالقيمة. وقال ( ـ ح ـ ) : السيد بالخيار بين أن يمسك عبده ولا شي‌ء له ، وبين أن يسلم العبد ويأخذ كمال القيمة. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : هو بالخيار بين أن يسلم العبد ويطالب بكل قيمته ، وبين أن يمسكه ويطالب بما ينقص لا بكل قيمته.

مسألة ـ ٨٣ ـ : إذا قطع إصبع غيره ، فقال المجني عليه : فقد عفوت (١) عن عقلها وقودها ثمَّ اندملت ، صح العفو عن العقل والقود معا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال المزني : لا يصح العفو عن دية الإصبع ، لأنه عفو عما لم يجب ، بدليل أن المجني عليه لو أراد المطالبة بدية الإصبع لم يكن له ، ولأنه عفا عن مجهول لأنه لا يدري هل يندمل أو يسري الى النفس.

مسألة ـ ٨٤ ـ : إذا قطع إصبع غيره ، فعفا عنها المجني عليه ، ثمَّ سرى الى نفسه ، كان لولي المقتول القود ، ويجب عليه أن يرد على الجاني دية الإصبع التي عفا عنها المجني عليه ، وان أخذ الدية أخذ دية النفس لا دية (٢) الإصبع.

__________________

(١) م : قد عفوت.

(٢) م : دون دية.

٣٣١

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا عفا عن الإصبع سقط القصاص في النفس ، لان القصاص لا يتبعض.

مسألة ـ ٨٥ ـ : إذا قطع إصبع غيره ، صح من المجني عليه أن يعفو عنها وعما يحدث عنها في الدية ، فإذا فعل ذلك ثمَّ سرى الى النفس كان عفوه ماضيا من الثلث ، لأنه بمنزلة الوصية ، فان لم يخرج من الثلث كان له مقدار ما يخرج منه ، بدلالة عموم قوله تعالى ( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ ) (١).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يخلوا : اما أن يقول ذلك بلفظ الوصية ، أو العفو ، أو الإبراء ، فإن قال بلفظ الوصية ، فهل تصح الوصية للقاتل؟ فيه قولان ، فاذا قال : لا يصح كانت الدية كلها للورثة ، وإذا قال : يصح كانت الدية له ان خرجت من الثلث والا مقدار ما يخرج منه ، وان قال بلفظ الإبراء والعفو ، فهل العفو والإبراء من المريض وصية أم لا؟ على قولين فاذا قال : وصية ، فهو كالوصية وقد مضى ، وإذا قال : هو إسقاط وليس بوصية ، فعلى هذا يصح الإبراء عما وجب وهو دية الإصبع ، ولم يصح مما عداه ، لأنه إبراء عما لم يجب ولا يصح ذلك.

مسألة ـ ٨٦ ـ : كل جرح لو اندمل وجب فيه القصاص ، فاذا سرى الى النفس وجب فيه القصاص ، مثل أن قطع يده ، أو رجله ، أو قلع عينه ، أو أوضحه فله القطع والجرح والقتل ، بدلالة قوله تعالى ( وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) (٢) وقوله ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (٣) وقوله ( فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ) (٤) وعليه إجماع الفرقة وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) سورة المائدة : ٤٥.

(٢) سورة المائدة : ٤٥.

(٣) سورة البقرة : ١٩٤.

(٤) سورة النحل : ١٢٦.

٣٣٢

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : له القود في النفس ، وليس له القود في الجرح.

مسألة ـ ٨٧ ـ : إذا قطع يد رجل ثمَّ قتله ، كان لولي الدم أن يقطع يده ثمَّ يقتله ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة (١) ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ليس له القصاص في الطرف ، كما لو سرى الى النفس.

مسألة ـ ٨٨ ـ : إذا قطع يده ثمَّ قتله ، فولي الدم بالخيار بين أن يقتل ولا يقطع ، وبين أن يقطع ويقتل ، وبين أن يقطع ويعفو عن القتل ، فاذا فعل ذلك لم يجب عليه دية اليد التي قطعها ، لأنه لا دلالة على وجوب ذلك عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا عفا بعد قطع اليد ، فعليه دية اليد التي قطعها.

مسألة ـ ٨٩ ـ : إذا حلق لحية غيره ، فان نبتت كان عليه ثلث الدية ، وان لم تنبت كان عليه الدية. وقال جميع الفقهاء : ان نبتت فلا شي‌ء عليه ، وان لم تنبت فقد مضى الخلاف فيه.

مسألة ـ ٩٠ ـ : في الشفتين الدية كاملة بلا خلاف ، وفي السفلى منهما ستمائة دينار ، وفي العليا أربعمائة. وقال جميع الفقهاء : هما سواء.

مسألة ـ ٩١ ـ : في إبهام اليد أو الرجل ثلث دية الرجل في أظهر الروايات وقال جميع الفقهاء : الأصابع كلها سواء ، وروى ذلك أصحابنا (٢).

مسألة ـ ٩٢ ـ : في العين العوراء الدية كاملة ، إذا كانت خلقة أو ذهبت بأمر (٣) من الله ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٩٣ ـ : في العين القائمة إذا خسفت ثلث ديتها صحيحة ، وبه قال زيد بن ثابت. وقال جميع الفقهاء : فيها الحكومة.

__________________

(١) م : بدلالة ما تقدم.

(٢) م : أيضا أصحابنا.

(٣) د : أو بأمر.

٣٣٣

كتاب الديات

مسألة ـ ١ ـ : روى أصحابنا أن قوله تعالى ( وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ) (١) فيه كناية عن المؤمن المتقدم ذكره في الكنايتين بقتل الخطأ ، وفي قوله ( فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (٢) وليس بكناية عن المعاهد ، لأنه لم يجز له ذكر.

وقال ( ـ ش ـ ) : انه كناية عن الذمي إذا قتل في دار الإسلام.

مسألة ـ ٢ ـ : القتل على ثلاثة أضرب : عمد محض ، وخطأ محض ، وخطأ شبيه العمد ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : القتل ضربان : عمد محض ، وخطأ محض ، وما سميناه شبيه العمد جعله عمدا محضا ، وأوجب (٣) فيه القود.

مسألة ـ ٣ ـ : الدية المغلظة هي ما تجب عن العمد المحض ، وهي مائة من مسان الإبل. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يجب عن العمد المحض وشبيه العمد أثلاثا ، ثلاثون (٤)

__________________

(١) سورة النساء : ٩٢.

(٢) سورة النساء : ٩٢.

(٣) م : جعله عمدا وأوجب.

(٤) م : وعن شبيه العمد أثلاث ثلاثون.

٣٣٤

حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة في بطونها أولادها ، وبه قال عمر ، وزيد ورووه عن علي عليه‌السلام ، وبه قال ( ـ ك ـ ) في قتل الوالد ولده. فاما العمد المحض في قتل الأجنبي ، فإنما يجب عنده القود فقط ، والمال بحسب ما يصطلحان عليه بمنزلة ثمن المبيع.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : المغلظة أرباع ، خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة.

مسألة ـ ٤ ـ : دية العمد المحض حالة في مال القاتل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هي مؤجله في ثلاث سنين. وروى أصحابنا أنها تستأدى في سنة.

مسألة ـ ٥ ـ : دية العمد شبيه الخطإ مغلظة أثلاثا ، ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة ، وأربع وثلاثون خلفة ، كلها طروقة الفحل. وقد روي ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون وأربعون خلفة ، وهي خاصة في مال القاتل تستأدى في سنتين.

وقال ( ـ ش ـ ) : أثلاث مثل دية العمد سواء ، والتأجيل مثل دية الخطأ ، في ثلاث سنين وهي تلزم العاقلة. وقال ( ـ ح ـ ) : هي أرباع على ما مضى عنه في العمد المحض.

وقال ( ـ ك ـ ) : شبيه العمد يوجب القود دون الدية. وقال ابن شبرمة : دية شبيه العمد حالة في مال القاتل.

يدل على صحة مذهبنا ـ بعد إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (١) عبد الله بن عمر ، وعمرو بن حازم ، وعبادة بن الصامت أن النبي عليه‌السلام قال : الا أن دية الخطأ شبيه العمد ، ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة وروى عبد الله بن عمر أن النبي عليه‌السلام قال الا أن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها.

__________________

(١) م : دليلنا ما رواه.

٣٣٥

مسألة ـ ٦ ـ : دية الخطأ تغلظ في الشهر الحرام وفي الحرم. وقال ( ـ ش ـ ) : تغلظ في ثلاثة مواضع : في الحرم ، والشهر الحرام ، وإذا قتل ذا رحم محرم ، مثل الأبوين والاخوة والأخوات وأولادهم ، وبه قال في الصحابة عمر ، وعثمان ، وابن عباس ، وفي التابعين سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاوس والزهري.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا تغلظ في موضع من المواضع ، وبه قال النخعي ، والشعبي ورووه عن ابن مسعود.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا ثبت أنها تغلظ في هذه المواضع ، فالتغليظ بأن يلزم دية وثلث من أي أجناس الديات كان. وقال من وافقنا في التغليظ أنها لا تغلظ إلا في أسنان الإبل ، فإذا (١) بلغ الأسنان التي تجب في العمد وشبه الخطأ وغيرها يؤخذ بقيمتها.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا قتل أو قطع في غير الحرم ، ثمَّ لجأ إلى الحرم ، لم يقتل ولم يقطع ، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد.

وقال ( ـ ش ـ ) : يستفاد منه في الطرف والنفس معا في الحرم. وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : يستقاد منه في الطرف ، فاما في النفس فلا يستقاد منه حتى يخرج (٢) ، ويضيق عليه ويهجر ولا يبايع ولا يشارى.

مسألة ـ ٩ ـ : دية قتل الخطأ أرباع : عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ذكر ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وبه قال عثمان ، وزيد بن ثابت.

وروي أيضا في أخبارنا خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض ، وبه قال علي عليه‌السلام والحسن

__________________

(١) م : فان.

(٢) م : يستفاد منه في الطرف دون النفس حتى يخرج.

٣٣٦

البصري ، والشعبي.

وقال ( ـ ش ـ ) : هي أخماس ، عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة من جميع أسنان الزكاة ، وبه قال ابن مسعود ، والزهري ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث ، و ( ـ ر ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : هي أخماس أيضا فخالف في فصل ، فقال مكان بني لبون بني مخاض ، وبه قال النخعي ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، ورووه أيضا عن ابن مسعود.

مسألة ـ ١٠ ـ : للدية ستة أصول على أهل الإبل مائة من الإبل ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم ، وعلى أهل البقر مائتا بقرة ، وعلى أهل الحلل مائتا حلة ، وعلى أهل الغنم ألف شاة ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، الا أنهم قالوا في الشاة : انها ألفان.

وقال ( ـ ح ـ ) : الدية لها ثلاثة أصول ، مائة من الإبل ، أو ألف دينار ، أو عشرة ألف درهم ، ولا يجعل الإعواز شرطا ، بل يكون بالخيار في تسليم أي الثلاثة شاء.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : الإبل مائة ، فان أعوز (١) ، انتقل إلى أصلين : ألف دينار ، أو اثنى عشر ألف درهم ، كل واحد منهما أصل ، فتكون الدية ثلاثة أصول ، الا أن للإبل مزية ، فإنها متى وجدت لم يعدل عنها ، وبه قال أبو بكر وعمر ، وأنس بن مالك ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ).

وقال في الجديد : ان أعوز الإبل انتقل إلى قيمة الإبل حين القبض ألف دينار ، أو اثنى عشر ألف درهم ، فالدية الإبل ، والقيمة بدل عنها لا عن النفس.

مسألة ـ ١١ ـ : الموضحة هي التي توضح عظم الرأس حتى يظهر ، أو يقرع بالمرود إذا كان هناك دم لا يعلم الإيضاح حتى يقرع العظم المرود ، وفيها

__________________

(١) م : أعوزت.

٣٣٧

خمس من الإبل ، سواء كانت في الرأس ، أو الوجه ، أو على الأنف ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال سعيد بن المسيب : ان كانت على الرأس مثل ما قلناه ، وان كانت على الوجه ففيها عشر من الإبل ، لان الشين بها أكثر.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت على الأنف ففيها حكومة ، وليس فيها شي‌ء مقدر ، وان كانت على الرأس فمثل ما قلناه.

مسألة ـ ١٢ ـ : الموضحة في البدن مثل الساعد أو الساق أو الفخذ أو غير ذلك من المواضع التي إذا جرحت أوضحت عن العظم فيها نصف عشر دية (١) ذلك العظم. وقال ( ـ ش ـ ) : لا مقدر فيه بل فيه الحكومة.

مسألة ـ ١٢ ـ : الموضحة في البدن مثل الساعد أو الساق أو الفخذ أو غير ذلك من المواضع التي إذا جرحت أوضحت عن العظم فيها نصف عشر دية (١) ذلك العظم. وقال ( ـ ش ـ ) : لا مقدر فيه بل فيه الحكومة.

مسألة ـ ١٣ ـ : في الهاشمة عشر من الإبل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا أعرف الهاشمة وأعرف الموضحة ، ففي الموضحة خمس من الإبل ، وفيما زاد من هشم العظم حكومة.

مسألة ـ ١٤ ـ : قد ذكرنا في كتاب الجنايات أن ما دون الموضحة من الشجاج فيها القصاص ، خلافا لجميع الفقهاء ، وفيها أنها مقدر خلافا لهم أيضا ، فإنهم قالوا فيها الحكومة.

وقال أبو إسحاق : فيها الحكومة إذا لم يمكن معرفتها وكميتها من الموضحة فإن أمكن مقدارها من الموضحة بأن يكون بجنبها موضحة اعتبر بها ، فان كان نصفها أو ثلثها أو خمسها ، ففيها حساب ذلك من دية الموضحة.

مسألة ـ ١٥ ـ : في الجائفة ثلث الدية بلا خلاف ، فان جرحه فأجافه وخرج من ظهره فهما جائفتان ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : انها جائفة واحدة. وروي عن أبي بكر في رجل رمى رجلا بسهم فأنفذه ، فقضى فيه بثلثي الدية ، ولا مخالف له

__________________

(١) م : الدية.

٣٣٨

في الصحابة.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا جرحه في وجنته (١) ، فشق الجلد واللحم وكسر العظم ووصل الى جوف الفم ، فلل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن ذلك جائفة فيها ثلث الدية والثاني : أنها هاشمة ولا نص لأصحابنا في هذه المسألة.

والذي يقتضيه مذهبنا أن يحكم بدية الهاشمة ، لأنه لا خلاف فيه ، وما زاد عليه يحتاج الى دليل. وأما الجائفة فإنها تسمى بها إذا كانت في الجوف ، ألا ترى أن ما يصل الى جوف الدماغ يسمى مأمومة ، فلا يسمى جائفة.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا قطع أذنيه ففيها الدية ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : فيها حكومة ، لأن فيهما جمالا بلا منفعة.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا جنى على أذنيه جناية فشلتا ، ففيهما ثلث ديتهما. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن في شللهما الدية مثل اليدين إذا جنى عليهما فشلتا.

والثاني : فيهما حكومة.

مسألة ـ ١٩ ـ : في شحمة الاذن ثلث الدية ، وكذلك في خرمها. وقال ( ـ ش ـ ) : فيها بحساب ما نقص من الاذن.

مسألة ـ ٢٠ ـ : في العقل الدية كاملة بلا خلاف ، فان جنى جناية ذهب منها عقله ، لم يدخل أرش الجناية في دية العقل ، سواء كان مقدرا أو حكومة ، وسواء كان أرش الجناية أقل أو أكثر أو مثلها (٢).

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، قال في الجديد : مثل ما قلناه. وقال في القديم : ان كان أرش الجناية دون دية العقل دخل في دية العقل. وان كان أرش الجناية أكثر من

__________________

(١) في الخلاف : وجهه.

(٢) م : أقل من دية العقل أو أكثر أو مثلها.

٣٣٩

دية العقل ، دخلت دية العقل فيه ، مثل (١) أن يقطع يديه ورجليه فيذهب عقله ، فإنه يدخل الأقل منهما في الأكثر ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا جنى عليه جناية ، فادعى أنه ذهب بصره ولا يبصر بعينه (٢) شيئا ، فهذا لا يمكن إقامة البينة عليه. وروى أيضا أصحابنا (٣) أنه يستقبل به عين الشمس ، فان غمضهما علم أنه كاذب ، وان بقيتا مفتوحتين زمانا علم انه صادق ويستظهر عليه بالايمان.

وقال ( ـ ش ـ ) : نريه رجلين عدلين ان كانت الجناية عمدا وان كانت خطأ فرجلا وامرأتين ، فإن قالا : صدق ، أوجبنا الدية أو القصاص إذا قالا لا يرجى عوده ، فان قالا كذب سقط قوله ، فان لم يشهدا بذلك لم يلزمه أكثر من دية الجناية.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا جنى على غيره جناية فادعى نقصان الضوء في إحدى العينين ، قيس الى العين الأخرى باعتبار مدى ما يبصر بها من أربع جوانب بلا خلاف فان ادعى النقصان فيهما ، قيس عندنا عيناه الى عين من هو من أبناء سنه ، فما نقص عن ذلك حكم له به مع يمينه.

وقال الفقهاء : القول قول المجني عليه مع يمينه بلا اعتبار ذلك.

مسألة ـ ٢٣ ـ : في الأجفان الأربعة الدية كاملة ، وفي كل جفنتين من عين واحدة خمسمائة دينار ، في الأسفل ثلث ديتها ، وفي العليا ثلثي ديتها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : في كل واحدة منهما نصف ديتها. وقال ( ـ ك ـ ) : فيها حكومة.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا جنى على أهداب العينين ، فأعدم إنباتها ففيه الدية كاملة وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : فيها حكومة.

__________________

(١) م : دون دية العقل دخل فيها وان كان أكثر دخلت دية العقل فيها مثل.

(٢) م : بعينيه.

(٣) م ود : وروى أصحابنا.

٣٤٠