المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : ان ذلك مباح.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يصح الخلع إلا في طهر لم يقربها فيه بجماع إذا كان دخل بها ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٣ ـ : الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخلع بمجرده لا يقع ، ولا بد معه من التلفظ بالطلاق ، وفي أصحابنا من قال : لا يحتاج الى ذلك بل نفس الخلع كاف ، الا انهم لم يبينوا أنه طلاق أو فسخ.

والذي يقتضيه مذهب من لم يراع من أصحابنا التلفظ بالطلاق أن يقول : انه فسخ (١) وليس بطلاق ، لأنه لا دليل على كونه طلاقا ، ويدل عليه قوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (٢) ثمَّ ذكر الفدية بعد هذا ، ثمَّ ذكر الطلقة الثالثة ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٣) فذكر الطلاق ثلاثا ، وذكر الفدية في أثنائها ، فلو كان طلاقا لكان الطلاق أربعا ، وذلك باطل بالإجماع.

وأقول : ان من قال من أصحابنا ان نفس الخلع كاف ، ولا يحتاج الى طلاق ففيما رووه من الاخبار ما يدل على أن الخلع تطليقة ، وقد ورد هذا اللفظ بعينه ، وورد أيضا أن الخلع يكون تطليقة بغير طلاق تتبعها فكانت بائنا بذلك وكان خاطبا من الخطاب ، فلا معنى للقول بأن الخلع على هذا القول فسخ.

وللش فيه قولان ، أحدهما : ان الخلع طلاق ، ذكره في الإملاء وأحكام القرآن ، وبه قال عثمان ، ورووه عن علي عليه‌السلام ، وعبد الله بن مسعود ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه. وقال في القديم : الخلع فسخ ، وهو اختيار الاسفرائني ،

__________________

(١) م : أن يقول له فسخ.

(٢) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٠.

١٨١

وبه قال ابن عباس ، وصاحباه عكرمة وطاوس ، وفي الفقهاء ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ ج ـ ) : الخلع جائز بين الزوجين ولا يفتقر الى حاكم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، ( ـ ر ـ ). وقال الحسن البصري ، وابن سيرين : لا يصح الا بحاكم.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ ج ـ ) : البذل في الخلع غير مقدر ان شاء اختلعا (١) بقدر المهر أو بأكثر أو بأقل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ). وذهب الزهري ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) إلى أنه جائز بقدر المهر الذي تزوجها عليه ، ولا يجوز بأكثر منه.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ ج ـ ) : الخلع إذا وقع صحيحا سقطت الرجعة ، ولا يملك الزوج الرجعة والبذل أبدا ، سواء كان الخلع بلفظ الفسخ أو بلفظ الطلاق ، وبه قال في التابعين الحسن ، والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).

وقال سعيد بن المسيب ، والزهري : الزوج بالخيار بين أن يملك العوض ولا رجعة ، وبين أن يرد العوض وله الرجعة ما دامت في العدة ، وأما بعد انقضائها فلا يمكن أن يثبت له رجعة.

وقال أبو ثور : ان كان بلفظ الخلع فلا رجعة ، وان كان بلفظ الطلاق ملك العوض وله الرجعة. قال أبو حامد : لم يعرف هذا التفصيل أصحابه ، وانما نقلته من كتابه ، وقد خالف الإجماع في هذا القول.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا وقع الخلع على فاسد (٢) ، مثل الخمر والخنزير وما أشبه

__________________

(١) د ، م : ان شاء اختلعا.

(٢) م : على بذل فاسد ، د : على بدل فاسد.

١٨٢

ذلك مما لا يصح تملكه لم يصح خلعه ، لأنه لا دليل على صحته ، والأصل بقاء العقد.

وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، فقالوا : يصح الخلع. ثمَّ اختلفوا ، فقال ( ـ ح ـ ) : يكون تطليقة رجعية. وقال ( ـ ش ـ ) : الخلع صحيح والبذل فاسد (١) ويجب له مهر مثلها.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا طلقها طلقة على دينار بشرط أن له الرجعة لم يصح الطلاق ، لأنه لا دليل على صحته ، والأصل بقاء العقد. وقال المزني فيما (٢) نقله عن ( ـ ش ـ ) : الخلع باطل ، ويثبت له الرجعة ، ويسقط البدل ، لأنه (٣) جمع بين أمرين متنافيين ثبوت الرجعة مع ملك العوض.

قال المزني : وعندي الخلع صحيح والشرط فاسد ، وعليها مهر المثل ويسقط الرجعة. ونقل الربيع هذه المسألة عن ( ـ ش ـ ) مثل ما نقلها المزني ، قال : الرجعة ثابتة والدينار مردود ، ثمَّ قال : وفيها قول آخر ان الخلع صحيح ، ويسقط الشرط ، وينقطع الرجعة ، ويجب له عليها مهر مثلها.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا اختلعت نفسها من زوجها بألف على أنها متى طلبتها استردتها ويحل له الرجعة (٤) ، صح الخلع وثبت الشرط. وقال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) : الخلع صحيح وكان عليها مهر المثل ، وله قول آخر أن الخلع يبطل ويثبت الرجعة.

مسألة ـ ١٠ ـ : المختلعة لا يلحقها الطلاق ، ومعناه أن الرجل إذا خالع زوجته

__________________

(١) د : الخلع والبذل فاسد.

(٢) م : وقال المروي قيما.

(٣) د : ويسقط البذل لأنه.

(٤) م : وكل له الرجعة.

١٨٣

خلعا صحيحا ، ملك به العوض وسقطت به الرجعة ثمَّ طلقها ثمَّ يلحقها طلاقه ، (١) سواء كان بصريح اللفظ أو بالكناية ، في العدة كان أو بعد انقضائها ، بالقرب من الخلع أو بعد التراخي عنه ، وبه قال ابن عباس ، وابن الزبير ، وعروة ، وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وذهب الزهري ، والنخعي ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) إلى أنه يلحقها طلاقه قبل انقضاء العدة ، ولا يلحقها بعد ذلك. وانفرد ( ـ ح ـ ) بأن قال : يلحقها الطلاق بصريح اللفظ ولا يلحقها بالكناية مع النية (٢).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان أتبع الخلع بالطلاق ، فتقول له خالعني بألف ، فقال : خالعتك أنت طالق لحقها. وقال الحسن البصري : ان طلقها في مجلس الخلع لحقها.

ويدل على المسألة أنا قد بينا (٣) أن الخلع يحتاج الى التلفظ بالطلاق ، فاذا تلفظ به لم يمكنه أن يطلقها ثانيا الا بعد المراجعة ، على ما نبينه في كتاب الطلاق ، وهذه لا يمكن مراجعتها ومن قال من أصحابنا : ان الخلع لا يحتاج الى لفظ الطلاق ، فلا يمكنه أيضا أن يقول بإيقاع (٤) الطلاق ، لأنها قد بانت بنفس الخلع ولا يمكن مراجعتها.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها ان دخلت الدار ، أو ان كلمت أمك ، فأنت طالق ثلاثا ، فعندنا أن هذا باطل ، لأنه تعليق الطلاق بشرط.

وقال جميع الفقهاء : ان هذه يمين صحيحة ، فإذا أرادت أن تكلم أمها ولا يقع الطلاق ، فالحيلة أن يخالعها فتبين بالخلع ثمَّ تكلم أمها وهي بائن ، فينحل

__________________

(١) م : لم يلحقها طلاقه.

(٢) م : بصريح اللفظ لا غير مع النية.

(٣) م : دليلنا انا قد بينا.

(٤) د : أن يفعل بإيقاع.

١٨٤

اليمين ثمَّ يتزوج بها من بعدها ، ثمَّ (١) تكلم أمها فلا يقع الطلاق ، هذا قول ( ـ ش ـ ) ان اليمين ينحل بوجود الصفة وهي بائن منه.

وقال ( ـ ك ـ ) ، وأحمد بن حنبل : لا ينحل اليمين بوجود الصفة ، وهي بائن فمتى تزوجها بعد هذا ثمَّ وجدت الصفة وقع الطلاق ، وبه قال الإصطخري.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لزوجته أنت طالق كل سنة تطليقة ، ثمَّ بانت منه في السنة الاولى ، ثمَّ تزوج بها فجاءت السنة الثانية ، وهي زوجته بنكاح جديد غير الأول ، مثل أن بانت بواحد ثمَّ تزوج بها ، أو بالثلاث فنكحت زوجا غيره ، ثمَّ بانت منه فتزوجها ثانيا.

فهل يعود حكم اليمين في النكاح الثاني (٢) إذا لم يوجد الصفة وهي بائن؟

للش فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : لا يعود بحال ، وبه قال المزني. والثاني : يعود بكل حال. والثالث : ان كان الطلاق ثلاثا لم يعد ، وان كان دونها عادت الصفة ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وهذا ساقط عنا ، فان عندنا لا يقع (٣) بالشرط وبالصفة.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ ج ـ ) : لا ينعقد الطلاق قبل النكاح ولا يتعلق به حكم ، سواء عقده في عموم النساء أو خصوصهن أو أعيانهن ، وسواء كان الصفة مطلقة أو مضافة الى ملك ، فالعموم أن يقول : كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، والخصوص كل امرأة أتزوج بها من القبيلة الفلانية ، فهي طالق. والأعيان ان أتزوج فلانة (٤) أو بهذه ، فهي طالق. والصفة المطلقة أن يقول لأجنبية : ان دخلت الدار ، فأنت طالق. والصفة المقيدة أن يقول لأجنبية : ان دخلت الدار وأنت زوجتي ، فأنت

__________________

(١) م : من بعد هذا ثمَّ.

(٢) م : فهل يعود حكم النكاح الثاني.

(٣) د ، م : فان عندنا الطلاق لا يقع.

(٤) د ، م : بفلانة.

١٨٥

طالق ، وهذا هو الحكم في العتق على هذا الترتيب حرفا بحرف ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وابن عباس ، وعائشة ، وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : ينعقد الطلاق قبل النكاح في عموم النساء وخصوصهن ، وفي أعيانهن ، واليه ذهب الشعبي ، والنخعي. وأما الصفة ، فعند ( ـ ح ـ ) ينعقد في الصفة المقيدة ، ولا ينعقد في الصفة المطلقة ، وهكذا مذهبه في العتق على تفصيل الطلاق.

وقال ( ـ ك ـ ) ، وربيعة ، و ( ـ ع ـ ) : ان عقده في عموم النساء لم ينعقد ، وان عقد في خصوصهن أو اعيانهن انعقدت ، قالوا : لأنه إذا عقده في عمومهن لم يكن له سبيل الى نكاح ، فيبقى مبتلى لا زوج له فلم ينعقد ، وليس كذلك الخصوص والأعيان ، لأن له سبيلا الى غيرهن.

مسألة ـ ١٤ ـ : الخلع لا يقع عندنا على الصحيح من المذهب الا أن يتلفظ بالطلاق ، ولا يقع بشي‌ء من غير هذا اللفظ.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقع بصريح ألفاظ الطلاق وبكناياته ، فالتصريح عنده ثلاثة ألفاظ : طلقتك ، وسرحتك ، وفارقتك. والكنايات : فاديتك ، أو خالعتك ، أو ابتك ، أو باريتك ، أو بتتك ، أو برئت منك ، أو حرمتك ، ونحو ذلك ، فكل يقع به الخلع الا انه لا يراعى في الألفاظ الصريحة النية ، فيقع الخلع بالتلفظ به ، ويعتبر النية في الكنايات بينهما جميعا ، فان لم ينويا لم يقع الخلع ، وكذلك ان نوى أحدهما دون صاحبه لم يكن شيئا.

ويدل على صحة ما اعتبرناه أنه مجمع على وقوع الخلع به ، ولا دليل على وقوعه بغيره.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا اختلفا على ألف ، ولم يردا بالألف جنسا من الأجناس لم يصح الخلع والعقد باق على ما كان ، لأنه لا دليل على انعقاد هذا الخلع.

١٨٦

وقال ( ـ ش ـ ) : الخلع صحيح والعوض باطل ، ويجب مهر المثل وانقطعت الصفة.

مسألة ـ ١٦ ـ : متى اختلفا في النقد (١) ، واتفقا في القدر والجنس ، أو اختلفا في تعيين النقد « في نفس الجنس خ ل » أو إطلاق اللفظ ، واختلفا (٢) في الإرادة بلفظ القدر من الجنس والنقد ، فعلى الرجل البينة ، فإذا عدمها كان عليها اليمين بدلالة قوله عليه‌السلام « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه » وها هنا المدعي هو الزوج.

وقال (٣) ( ـ ش ـ ) في جميع ذلك : يتحالفان ويجب مهر المثل.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا قال : خالعتك على ألف في ذمتك ، وقالت : على ألف في ذمة زيد ، فالقول قولها مع يمينها أنه لا يتعلق بذمتها ، لان الزوج هو المدعي (٤) بألف في ذمتها وهي المنكرة ، فأما إقرارها بأنه في ذمة زيد فلا يلتفت اليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه وجهان ، أحدهما : يتحالفان ويجب مهر المثل. والثاني : وهو المذهب أنهما لا يتحالفان ويجب مهر المثل.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يقع الخلع بشرط ولا بصفة. وقال جميع الفقهاء : انه يقع.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها ان أعطيتني ألفا فأنت طالق ، وإذا أعطيتني أو متى أعطيتني ، أو متى ما أعطيتني ، أو أي حين أو غير ذلك من ألفاظ الزمان فإنه لا ينعقد الخلع ، لإجماع الفرقة على أن الطلاق بشرط لا يقع ولم يفصلوا ، وهذه كلها

__________________

(١) م : في التقدير.

(٢) م : أو اختلفا في الإرادة.

(٣) م : واليمين على المدعى عليه وقال ( ـ ش ـ ).

(٤) م : مع يمينها لان الزوج هو المدعى.

١٨٧

شروط.

وعند جميع الفقهاء أنه ينعقد ، فان كان اللفظ « ان » أو « إذا » اقتضى العطية على الفور ، والا بطل العقد ، وان كان لفظ زمان ، فأي وقت أعطته وقع الطلاق.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها : ان أعطيتني عبدا فأنت طالق ، لم يقع الخلع لأنه طلاق بشرط فلا يصح. وقال ( ـ ح ـ ) : متى أعطته العبد وقع الطلاق أي عبد كان ويملكه الزوج. وقال ( ـ ش ـ ) : متى أعطته العبد وقع الطلاق ولا يملكه الزوج (١) ، لأنه مجهول وعليها مهر مثلها.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا قال خالعتك على ما في هذه الجرة من الخل فبان خمرا كان له مثل ذلك من الخل وكان الخلع صحيحا ، لان البدل وقع موصوفا (٢) معينا وله مثل ، فيجب مثله إذا خالف الوصف ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد و ( ـ ح ـ ) : الخلع صحيح والبدل فاسد (٣) ، ويجب عليها مهر المثل.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قالت له طلقني ثلاثا بألف ، فإن طلقها ثلاثا فعليها ألف ، وان طلقها واحدة أو ثنتين فعليها بالحصة من الالف بلا خلاف بينهم ، وان قالت طلقني (٤) ثلاثا على ألف ، فالحكم فيه مثل ذلك عند أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) إذا طلقها ثلاثا فله ألف ، وان طلقها أقل من الثلاث وقع الطلاق ولم يجب عليها شي‌ء.

والمسألتان على أصلنا لإجماع الفرقة على أن الطلاق لا يصح ، ولا يصح أن يوقع أكثر من واحدة ، فإن أوقع واحدة أو تلفظ بالثلاث فوقعت واحدة ، والظاهر

__________________

(١) م : وقال ( ـ ح ـ ) متى أعطته العبد وقع الطلاق ولا يملكه الزوج.

(٢) د : لان البذل وقع موصوفا.

(٣) م : والبدل باطل.

(٤) م : فان قالت طلقني.

١٨٨

أنه يستحق ثلث الألف ، لأنها بدلت الثلث عن الالف ، فيكون حصة كل واحدة ثلث ذلك.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا قال خالعتك على حمل هذه الجارية وطلقها على ذلك ، لم يصح الخلع ولا يقع الطلاق ، لان هذا عوض مجهول ، ولا دليل على صحة الخلع به ، ولا على وقوع الطلاق ، والأصل براءة الذمة وثبات العقد.

وعند ( ـ ش ـ ) يصح الخلع والطلاق ، ويجب مهر المثل وسقط المسمى. وقال ( ـ ح ـ ) : ان لم يخرج الولد سليما (١) فله مهر المثل وان خرج سليما فهو (٢) له.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان الخلع بلفظ المبارأة أو بلفظ الخلع ، فعند ( ـ ش ـ ) أنه يملك عليها البدل ، فان كان قبل الدخول (٣) فلها نصف الصداق ، وان كان قبل القبض فعليه نصفه ، وان كان بعد القبض ردت النصف ، وان كان بعد الدخول فقد استقر المسمى ، وان كان قبل القبض فعليه الإقباض ، وبه قال ( ـ م ـ ).

وعند ( ـ ح ـ ) أن عليه المسمى في الخلع ، ويبرئ كل واحد منهما من حقوق الزوجية من الأموال ، فإن كان قبل الدخول وكان قبل القبض برئ الزوج من المهر ، وان كان بعد القبض لم يزد عليه شي‌ء (٤) ، وان كان بعد الدخول وقبل القبض برئ ولا يجب عليه إقباض شي‌ء بحال ، وأما ما عدا هذا من الديون ، فهل يبرأ كل واحد منهما؟ فيه روايتان ، روى محمد عنه أنه يبرئ والمشهور أنه لا يبرأ.

ولا فرق بين أن يقع منهما بعوض (٥) أو بغير عوض ، قالوا : فان كان بغير عوض ولم ينو الطلاق لم يبرئ كل واحد منهما عن شي‌ء بحال. وقال ( ـ ف ـ ) بقول ( ـ ح ـ )

__________________

(١) م : وقال ( ـ ح ـ ) ان لم يخرج الولد صحيحا.

(٢) م : وان خرج سليما فله.

(٣) م : فاذا كان قبل الدخول.

(٤) م ، ود : لم يرد عليه شي‌ء.

(٥) م : ولا فرق بين ان يقع بينهما بعوض.

١٨٩

إذا كان بلفظ المبارأة ، وبقول ( ـ ش ـ ) إذا كان بلفظ الخلع.

والذي نقوله على مذهبنا ان الطلاق إذا كان بلفظ الخلع يجب عليه ما يستقر عقد الخلع من العوض ، قليلا كان أو كثيرا ، وإذا كان بلفظ المبارأة استقر العوض إذا كان دون المهر ، فان كان مثل المهر أو أكثر منه فلا يصح ، وعلى هذا إجماع الفرقة.

ولم يفصل أحد من الفقهاء بين اللفظين واستحقاق الصداق على ما مضى وان كان بعد الدخول فكل المسمى وان كان قبله فنصفه ويقاص ذلك من الذي يقع عليه عقد الخلع والمبارأة.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا اختلعها أجنبي من زوجها بغير اذنها بعوض لم يصح ، بدلالة قوله تعالى ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (١) فأضاف الفداء إليها ، على أن فداء غيرها لا يجوز. وأيضا فلا دلالة في الشرع على جواز ذلك ، وبه قال أبو ثور. وقال جميع الفقهاء : يصح ذلك.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا اختلفت المختلعان في جنس العوض ، أو قدره ، أو تأجيله وتعجيله ، أو في عدد الطلاق ، فالقول قول المرأة في القدر الذي وقع به الخلع ، وعلى الزوج البينة لأنه مدع زيادة تجحدها المرأة ، فعليه البينة وعليها اليمين (٢) ، والقول قول الزوج في عدد الطلاق ، لأنه لا يصح أن يخلعها على أكثر من طلقة واحدة.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان. وقال ( ـ ح ـ ) : القول قولها في جميع ذلك وعليه البينة.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا خالعت المرأة في مرضها بأكثر من مهر مثلها ، كان الكل

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٢) م : تجحدها المرأة فعليها اليمين.

١٩٠

من صلب مالها ، لعموم الآية ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (١) وقال ( ـ ش ـ ) : مهر المثل من صلب مالها والفاضل من الثلث. وقال ( ـ ح ـ ) : الكل من الثلث.

مسألة ـ ٢٨ ـ ( ـ ج ـ ) : ليس للولي أن يطلق عمن له عليه ولاية لا بعوض ولا بغير عوض ، بدلالة إجماع الفرقة ، وقوله (٢) عليه‌السلام « الطلاق لمن أخذ بالساق » وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأكثر الفقهاء. وقال الحسن ، وعطاء : يصح بعوض وبغير عوض.

وقال ( ـ ك ـ ) ، والزهري : يصح بعوض ولا يصح بغير عوض ، لان الخلع كالبيع والطلاق كالهبة ، ويصح البيع منه دون الهبة.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٢) ولا بغير عوض لقوله عليه‌السلام.

١٩١

كتاب الطلاق

مسألة ـ ١ ـ : الطلقة الثالثة هي المذكورة بعد قوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) (١) إلى أخره ، وفي قوله تعالى ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٢) دون قوله ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (٣) لأنه ليس فيه تصريح بالطلاق ، ونحن لا نقول بالكنايات ، وقوله ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ) صريح في الطلاق ، فوجب حمله عليه.

وأيضا فمتى حمل قوله ( أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) على التطليقة الثالثة ، كان قوله ( فَإِنْ طَلَّقَها ) بعد ذلك تكرارا بلا فائدة ، والى هذا ذهب جماعة من التابعين ، وحكي عن ( ـ ش ـ ).

وقال ابن عباس : التطليقة الثالثة في قوله تعالى ( أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) وهو الذي اختاره ( ـ ش ـ ) وأصحابه. وأما قوله ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ) فالمراد (٤) به الرجعة

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٢) سورة البقرة : ٢٣٠.

(٣) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٤) م : المراد به.

١٩٢

بلا خلاف ، ومعنى التسريح بالإحسان هو تركها حتى تنقضي عدتها.

مسألة ـ ٢ ـ : الطلاق المحرم هو أن يطلق مدخولا بها غير غائب عنها غيبة مخصوصة في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه ، فإنه لا يقع عندنا والعقد ثابت بحاله ، وبه قال ابن عليه.

وقال جميع الفقهاء : انه يقع وان كان محظورا.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا طلقها ثلاثا بلفظ واحد ، كان مبدعا ووقعت واحدة عند تكامل شروطه عند أكثر أصحابنا ، وفيهم من قال : لا يقع شي‌ء أصلا ، وبه قال علي عليه‌السلام وأهل الظاهر ، وحكى الطحاوي عن محمد بن إسحاق انه قال : يقع واحدة كما قلناه. وروي ان ابن عباس وطاووسا كانا يذهبان الى ما يقوله الإمامية.

وقال ( ـ ش ـ ) المستحب أن يطلقها طلقة ليكون خاطبا من الخطاب قبل الدخول ، ومراجعا لها بعد الدخول ، فان طلقها ثنتين أو ثلاثا في طهر لم يجامعها فيه دفعة أو متفرقة ، كان ذلك واقعا مباحا غير محظور ، وبه قال في الصحابة عبد الرحمن بن عوف ، ورووه عن الحسن بن علي عليهما‌السلام ، وهو مذهب ابن سيرين ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبي ثور.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : إذا طلقها ثنتين أو ثلاثا مع طهر لم يجامعها واحد (١) دفعة أو متفرقة ، فعل محرما وعصى وأثم ، الا أن ذلك واقع ، ورووا ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس.

ويدل (٢) على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ قوله

__________________

(١) د ، وم : أو ثلاثا في طهر واحد.

(٢) م : دليلنا قوله.

١٩٣

( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ) (١) فأمر بإحصاء العدة ، وثبت أنه أراد في كل قرء طلقة ، وقوله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) يعني دفعتين ثمَّ قال ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ومن جمع بين الثلاث ، فإنه لم يطلق دفعتين ولا الثالثة.

فإن قالوا : إذا ذكر العدد عقيب الاسم لا يقتضي التفريق ، وانما يقتضي ذلك إذا ذكر عقيب الفعل ، مثال الأول إذا قال : له علي (٢) مائة درهم مرتان ، ومثال الثاني أدخل الدار مرتين أو ضربت مرتين ، والعدد في الآية عقيب الاسم لا الفعل.

فجوابه : ان معنى قوله ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) طلقوا مرتين ، لأنه لو كان خبرا لكان كذبا ، فالعدة (٣) مذكور عقيب الفعل لا الاسم ، وروى ابن عمر قال : طلقت زوجتي وهي حائض ، فقال لي (٤) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما هكذا أمرك ربك إنما السنة أن تستقبل بها الطهر ، فتطلقها في كل قرء طلقة. فثبت ان ذلك بدعة.

وروى ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر الثلاث واحدة ، فقال عمر : ان الناس قد استعملوا أمرا كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم هذا لفظ الحديث. وفي بعض الروايات ، فألزمهم عمر الثلاث.

وروى عكرمة عن ابن عباس قال : طلق ركابة بن عبد ربه امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا ، فسأله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف طلقتها؟ قال : طلقتها ثلاثا ، قال : في مجلس واحد؟ قال : نعم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انما ذلك

__________________

(١) سورة الطلاق : ١.

(٢) إذا قال على.

(٣) م : فالعدد.

(٤) م : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٩٤

واحدة ، فراجعها إن شئت ، قال : فراجعها وهذا نص.

مسألة ـ ٤ ـ : قد بينا أنه إذا طلقها في حال الحيض فإنه لا يقع منه شي‌ء ، واحدا كان أو ثلاثا وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : ان كان طلقها واحدا أو اثنين يستحب له مراجعتها وليس بواجب عليه ذلك وقال ( ـ ك ـ ) يجب عليه مراجعتها لحديث ابن عمر وهو انه طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يراجعها.

مسألة ـ ٥ ـ : كل طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان وان تكاملت سائر شروطه ، فإنه لا يقع. وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، ولم يعتبر (١) أحد منهم الشهادة.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (٢) عقيب قوله ( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) وظاهر الأمر يقتضي الوجوب.

فان قالوا : ان ذلك يرجع الى المراجعة.

قلنا : ذلك لا يصح ، لان الفراق أقرب إليه في قوله ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (٣) وأيضا فلا خلاف أن الإشهاد ليس بشرط في صحة المراجعة ، فحمله على الطلاق أولى.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ ج ـ ) : طلاق الحامل المستبين حملها يقع على كل حال بلا خلاف ، سواء كانت حائضا أو طاهرا ، لا يختلف أصحابنا في ذلك على خلاف بينهم في أن الحامل هل تحيض أم لا ، ولا بدعة في طلاق الحامل عندنا ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، وعليه عامة أصحابه. والقول الأخر أن في طلاقها سنة وبدعة.

__________________

(١) د : فلم يعتبر.

(٢) سورة الطلاق : ٢.

(٣) سورة الطلاق : ٢.

١٩٥

صيغة الطلاق

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لحائض : أنت طالق طلاق السنة لم يقع طلاقه ، لان طلاق الحائض لا يقع عندنا في الحال ، والطلاق بشرط أيضا غير واقع عندنا.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقع الطلاق في الحال ، فاذا طهرت وقع قبل الغسل وبعده سواء وقال ( ـ ح ـ ) : ان انقطع لأكثر الحيض فكما قال ( ـ ش ـ ) ، وان كان لأقل من ذلك لم تطلق حتى تغتسل (١).

مسألة ـ ٨ ـ : إذا قال لها في طهر لم يجامعها فيه : أنت طالق للبدعة (٢) وقع الطلاق في الحال ، وقوله « للبدعة » يكون لغوا لأنه كذب ، الا أن ينوي بها أنها طالق إذا حاضت ، فإنه لا يقع أصلا ، لأنه علقه بشرط ، ولأنه طلاق محرم فعلى الوجهين معا لا يقع.

وقال جميع الفقهاء : لا يقع طلاقه في (٣) الحال ، فان حاضت بعدها أو نفست وقع الطلاق ، لان ذلك زمان البدعة.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا قال لها في طهر ما قربها فيه : أنت طالق ثلاثا للسنة ، وقعت واحدة (٤) وبطل حكم ما زاد عليه ، لما قدمنا (٥) من أن التلفظ بالطلاق الثلاث بدعة ، فإنه لا يقع من ذلك إلا واحدة.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقع الثلاث في الحال. وقال ( ـ ح ـ ) : يقع في كل قرء واحدة.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا قال : أنت طالق أكمل طلاق ، أو أكثر طلاق ، أو أتم طلاق ، وقعت واحدة وكانت رجعية ، لأن عندنا ليست تطليقة بائنة ، إلا إذا كان

__________________

(١) م : حتى تغسل.

(٢) م : البدعة.

(٣) م : لا يقع في الحال.

(٤) م : واحدة لا غير.

(٥) م : قدمناه.

١٩٦

بعوض ، وهذه ليست بعوض ، فيجب أن يكون رجعية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) في أتم مثل ما قلناه ، وفي أكمل وأكثر أنها يقع بائنا.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا قال : أنت طالق أقصر طلاق ، أو أطول طلاق ، أو أعرض طلاق ، وقعت واحدة رجعية ، كما قدمناه (١) في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يقع بائنة.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها : أنت طالق إذا قدم فلان (٢) ، فإنه لا يقع أصلا طلاقه ، وكذلك ان علقه بشرط من الشروط (٣) أو صفة من الصفات المستقبلة فإنه لا يقع أصلا لا في الحال ولا في المستقبل حين حصول الشرط (٤) أو الصفة.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها : أنت طالق ولم ينو البينونة لم يقع الطلاق ومتى قال : أردت غير الظاهر قبل منه في الحكم وفيما بينه وبين الله ما لم تخرج من العدة ، فإن خرجت من العدة ، فلم يقبل (٥) منه ذلك في الحكم. وقال جميع الفقهاء انه لا يقبل منه ذلك في الحكم.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قال لها : أنت طالق طلاق الحرج ، فإنه لا يقع به فرقة ، لان الحرج هو الإثم ، والطلاق المسنون لا يكون فيه اثم ، فيكون طلاق البدعة ولا يقع عندنا.

وحكى ابن المنذر عن علي عليه‌السلام أنه قال : يقع ثلاث تطليقات. وقال أصحاب

__________________

(١) م : لما تقدم وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) : لما قدمناه.

(٢) م : قدم فلان فلانة.

(٣) م : من الشرائط.

(٤) م : ولا في المستقبل وقال جميع الفقهاء أنه يقع إذا حصل الشرط أو الصفة ، و ( ـ د ـ ): قال جميع الفقهاء انه يقع إذا حين يحصل الشرط أو الصفة.

(٥) م : لم يقبل منه.

١٩٧

( ـ ش ـ ) : ليس لنا فيه (١) نص ، والذي يجي‌ء على المذهب أنه عبارة عن طلاق البدعة لان الحرج عبارة عن الإثم.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا سألته بعض نسائه أن يطلقها ، فقال : نسائي طوالق ولم ينو أصلا ، فإنه لا تطلق واحدة منهن ، وان نوى بعضهن فعلى ما نوى ، لإجماع الفرقة على أن الطلاق يحتاج إلى نية.

وقال ( ـ ش ـ ) : يطلق كل امرأة له نوى أو لم ينو. وقال ( ـ ك ـ ) : تطلق جمعهن (٢) الا التي سألته ، لأنه عدل عن المواجهة إلى الكناية ، فعلم انه قصد غيرها.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : صريح الطلاق لفظ واحد ، وهو أن يقول : أنت طالق أو هي طالق ، أو فلانة طالق مع مقارنة النية ، فإن تجرد عن النية لم يقع به شي‌ء والكنايات لا يقع بها شي‌ء قارنها نية أو لم (٣) يقارنها.

وقال الفقهاء : الصريح ما يقع به الطلاق من غير نية ، والكنايات ما يحتاج إلى نية ، فالصريح في قول ( ـ ش ـ ) الجديد ثلاثة ألفاظ : الطلاق ، والفراق ، والسراح.

وعند ( ـ ك ـ ) صريح الطلاق كثير الطلاق ، والفراق ، والسراح ، وخلية ، وبرية ، وبتة ، وبتلة ، وبائنة وغير ذلك مما يذكره (٤). وعند ( ـ ح ـ ) صريح الطلاق لفظ الطلاق كما قلناه غير أنه لم يراع النية.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قال حين الغضب : فارقتك أو سرحتك كان صريحا ، واما غير هذه اللفظة فكلها كنايات. وكان ( ـ ش ـ ) يومئ الى قول ( ـ ح ـ ) في القديم وينصره ، وهو قول غير معروف.

__________________

(١) م : فيها.

(٢) م : جميعهن.

(٣) م : قارنها نية أولا.

(٤) د : مما يذكرونا.

١٩٨

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا قال لها : أنت مطلقة ، لم يكن ذلك صريحا في الطلاق وان قصد بذلك انها متطلقة الان ، وان لم ينو لم يكن شيئا ، لما قلناه في المسألة (١) المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو صريح في الطلاق. وقال ( ـ ح ـ ) : هو كناية لأنه اخبار.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال (٢) : أنت طالق ثمَّ قال : أردت أن أقول أنت طاهر ، أو أنت فاضلة ، أو قال طلقتك ، ثمَّ قال : أردت أن أقول أمسكتك فسبق لساني فقلت : طلقتك ، قبل منه في الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى.

وقال جميع الفقهاء : لا يقبل منه في الحكم الظاهر ، ويقبل منه فيما بينه وبين الله تعالى.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : كنايات الطلاق لا يقع بها شي‌ء من الطلاق ، سواء كانت ظاهرة أو خفية ، نوى بها الفرقة أو لم ينو ، وعلى كل حال لا واحدة ولا ما زاد عليها.

وقال ( ـ ش ـ ) : الكنايات على ضربين : ظاهرة ، وباطنة. فالظاهرة : خلية ، وبرية وبتة ، وبتلة (٣) ، وبائن ، وحرام. والخفية كثيرة ، منها اعتدى واستبرى (٤) وتقنعي واذهبي واغربي والحقي بأهلك وحبلك على غاربك ، فجميعها يحتاج إلى نية يقارن التلفظ بها ويقع به ما نوى ، سواء نوى واحدة أو اثنتين أو ثلاث ، فان نوى واحدة أو ثنتين كانا رجعيين ، وسواء كان ذلك في المدخول بها أو غير المدخول (٥) ، وسواء كان في حال الرضا أو الغضب.

__________________

(١) م : في ما تقدم.

(٢) م : لو قال.

(٣) م : خلية وبرية وبتلة وبائنة.

(٤) م : واستبرى رحمك.

(٥) م : في المدخول بها أولا ، و ( ـ د ـ ) : في المدخول بها أو غير المدخول بها.

١٩٩

وقال ( ـ ك ـ ) : الكنايات الظاهرة صريح (١) في الثلاث فان ذكر انه نوى دونها قبل منه في غير المدخول بها ولم يقبل في المدخول بها (٢). وأما (٣) الخفية كقوله اعتدى واستبري رحمك ، فهو صريح في واحدة (٤) رجعية ، فإن نوى أكثر من ذلك وقع ما نوى.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا تخلو الكنايات من أحد أمرين : اما ان يكون معها قرينة أو لا قرينة معها ، فان لم يكن معها قرينة لم يقع بها طلاق بحال ، وان كان معها قرينة ، فالقرينة على أربعة أضرب : عوض أو نية ، أو ذكر طلاق ، أو غضب ، فان كانت القرينة عوضا كان صريحا في الطلاق وان كانت (٥) نية وقع الطلاق بها كلها (٦) ، وان كانت القرينة ذكر الطلاق أو غضب دون النية لم يقع الطلاق بشي‌ء منها ، الا في ثماني كنايات : خلية ، وبرية ، وبتة ، وبائن ، وحرام ، واعتدي ، واختاري ، وأمرك بيدك ، فان الطلاق بشاهد الحال يقع بكل واحدة من هذه ، فان قال لم أرد طلاقها ، فهل يقبل منه أم لا؟ نظرت.

فان كانت القرينة ذكر الطلاق ، قبل منه فيما بينه وبين الله ، ولم يقبل منه في الحكم. وان كانت القرينة حال الغضب ، قبل منه فيما بينه وبين الله تعالى ، ولم يقبل منه في الحكم في ثلاث كنايات : اعتدي ، واختاري ، وأمرك بيدك وأما الخمس البواقي ، فيقبل منه فيما بينه وبين الله تعالى في الحكم معا. هذا ما لم يختلفوا فيه

__________________

(١) د : الكنايات صريح.

(٢) م : وفي المدخول بها لا يقبل.

(٣) د : في غير المدخول بها واما الخفية.

(٤) م : صريح واحدة رجعية.

(٥) م : وكانت.

(٦) د : وقع الطلاق كلها.

٢٠٠