المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

دار الإسلام ، أو يدخل الحربي إلينا لتجارة وزوجته في دار الحرب ، فقد اختلفت الدار بينهما فعلا لا حكما فهما على النكاح بلا خلاف.

واما اختلافهما حكما لا فعلا ، فهو أن يسلم أحد الزوجين في دار الحرب ، فقد اختلف حكمهما في السبي والاسترقاق ، ولم يختلف بهما الدار فعلا ، فهما على النكاح ، ولا يقع الفسخ في الحال ، ويقف على مضي ثلاث حيض ، أو ثلاثة أشهر على ما ذكرناه في المسألة الأولى.

يدل (١) على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ أن النبي (١) عليه‌السلام لما فتح مكة خرج إليه أبو سفيان ، فلقي العباس فحمله إلى النبي عليه‌السلام فأسلم ، ودخل النبي مكة ومضى خالد بن الوليد وأبو هريرة إلى هند وقرءا عليها القرآن فلم تسلم ، ثمَّ أسلمت فيما بعد ، فردها النبي عليه‌السلام الى أبي سفيان بالعقد الأول ، فلم يقع الفسخ بينهما ، وكان قد اختلف الدار بينهما فعلا وحكما ، لأن مكة كانت دار حرب وأسلم هو بمر الظهران ، وهي دار الإسلام لأن النبي عليه‌السلام كان نزلها وملكها واستولى عليها.

وأسلمت زوجتا صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل ، وخرجت زوجة عكرمة أم حكيم بنت الحرب خلفه الى الساحل ، فردته وأخذت له الأمان.

وكانت زوجة صفوان فاختة بنت الوليد بن المغيرة أخذت الأمان لزوجها ، وكان خرج الى الطائف ، فرجع واستعار النبي عليه‌السلام منه أذرعا (٢) ، وخرج مع النبي إلى هوازن ، ورجع معه إلى مكة ، ثمَّ أسلم وأسلم عكرمة ، فردت عليهما امرأتاهما بعد أن اختلفت الدار بهما فعلا وحكما ، فإن مكة دار إسلام والطائف يومئذ دار حرب ، وكذلك الساحل ، فعلم بذلك أن الاختلاف في الدار لا اعتبار به.

__________________

(١) م : دليلنا ان النبي عليه‌السلام.

(٢) م : عليه‌السلام ـ أذرعا.

١٤١

وروي عن ابن عباس أن النبي عليه‌السلام رد بنته زينب على زوجها (١) أبي العاص بالعقد الأول.

مسألة ـ ١٠٦ ـ : إذا جمع بين العقد على الام والبنت في حال الشرك بلفظ واحد ثمَّ أسلم ، كان له إمساك أيتهما شاء ويفارق الأخرى ، لأنه إنما يحكم بصحة نكاح من ينضم اختياره الى عقدها ، ألا ترى أنه لو عقد على عشر دفعة واحدة وأسلم (٢) اختار أربعا منهن ، ويحكم بصحة نكاح الأربع ، وببطلان نكاح البواقي (٣) ، بدلالة أنه لا يجب عليه نصف المهر ان كان قبل الدخول.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو الأقوى عندهم. والأخر : أنه يمسك البنت ويخلي الام ، وهو اختيار المزني.

مسألة ـ ١٠٧ ـ : إذا أسلم وعنده أربع زوجات إماء ، وهو واجد للطول ولا يخاف العنت ، جاز له أن يختار ثنتين منهن ، لان اختياره استدامة العقد ليس باستئناف عقد ، بدلالة أنه لو أسلم وعنده خمس زوجات فأحرم ثمَّ أسلمن ، كان له أن يختار أربعا وهو محرم ، ولو كان الاختيار كالابتداء لما جاز للمحرم الاختيار كما لم يجز الابتداء.

وقال ( ـ ش ـ ) : ليس له أن يختار واحدة منهن. وقال أبو ثور : له أن يختار واحدة منهن إذا لم يكن واجدا للطول وخاف العنت.

مسألة ـ ١٠٨ ـ : إذا أعتقت الأمة تحت عبد ، كان لها الخيار وهو على الفور ، لأنه لا دلالة على ثبوت الاختيار على التراخي.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، وإذا قال على التراخي ، فكم مدة التراخي؟ فيه ثلاثة

__________________

(١) م : رد ابنته في حال الشرك زينب على زوجها.

(٢) م : لو عقد على عشر دفعة وأسلم.

(٣) م : وتبطل نكاح البواقي.

١٤٢

أقوال ، أحدها : ثلاثة أيام. الثاني : حتى يمكن من الوطي أو تصريح بالرضا الثالث : أن يكون منها ما يدل (١) على الرضا.

مسألة ـ ١٠٩ ـ ( ـ ج ـ ) : المرتد عن الإسلام على ضربين : أحدهما مرتد عن فطرة الإسلام ، فهذا يجب قتله وتبين امرأته في الحال ، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها. والأخر من كان أسلم عن كفر ، ثمَّ ارتد وقد دخل بزوجته ، فان الفسخ يقف على انقضاء العدة ، فإن رجع في العدة إلى الإسلام فهما على النكاح ، وان لم يرجع حتى ينقضي العدة وقع الفسخ بالارتداد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه لم يفرق.

وقال ( ـ ح ـ ) : يقع الفسخ في الحال ، ولا يقف على انقضاء العدة ولم يفرق أيضا.

مسألة ـ ١١٠ ـ ( ـ ج ـ ) : أنكحة المشركين صحيحة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه و ( ـ ش ـ ) وغيرهم.

وقال ( ـ ك ـ ) : أنكحتهم فاسدة ، وكذلك طلاقهم غير واقع ، فلو طلق المسلم زوجته الكتابية ، ثمَّ تزوجت (٢) بمشرك ودخل بها ، لم تحل لزوجها المسلم.

مسألة ـ ١١١ ـ : إذا تزوج الكتابي بمجوسية أو وثنية ، ثمَّ ترافعوا إلينا قبل أن يسلموا ، أقررناهم على نكاحهم ، بدلالة عموم الأخبار التي وردت بإقرارهم على أنكحتهم وعقودهم ، وبه قال جميع أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال الإصطخري : لا نقرهم.

مسألة ـ ١١٢ ـ : كل فرقة كان من اختلاف جهة الدين كان فسخا لا طلاقا ، سواء أسلم الزوج أولا أو الزوجة ، لأنه لا دلالة على كونه (٣) طلاقا ، وما قلناه مجمع عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) م : أن يكون ما يدل.

(٢) م : الكتابية تزوجت.

(٣) د : لا دلالة له على كونه.

١٤٣

وقال ( ـ ح ـ ) : ان أسلم الزوج فكما قلناه ، وان أسلمت الزوجة أولا عرض الإسلام عليه ، فان فعل والا كان طلاقا.

مسألة ـ ١١٣ ـ : كل من خالف الإسلام ، فلا يحل مناكحته ولا أكل ذبيحته سواء كان كتابيا أو غير كتابي على ما تقدم القول فيه ، والمولود بينهما حكمه حكمهما ، بدلالة ما قدمناه من أنه لا يجوز العقد على من خالف الإسلام.

وقال الفقهاء بأجمعهم : ان كانا كتابيين يجوز ذلك ، وان كان الام كتابية والأب غير كتابي ، فعند ( ـ ش ـ ) لا يحل ذبيحته قولا واحدا ، وان كان الأب كتابيا والام غير كتابية ، ففيه قولان ، وحكم النكاح حكم الذبيحة سواء. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك على كل حال.

مسألة ـ ١١٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا تحاكم الذميان إلينا ، كنا مخيرين بين الحكم بما يقتضيه شرع الإسلام ، وبين ردهم الى ملتهم (١) ، بدلالة قوله تعالى ( فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) (٢) وهذا نص ، وعليه إجماع الفرقة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يجب عليه أن يحكم بينهما ، وهو اختيار المزني.

مسألة ـ ١١٥ ـ ( ـ ج ـ ) : يكره إتيان النساء في أدبارهن ، وليس ذلك بمحظور ونقل المزني كلاما ذكره في القديم في إتيان النساء في أدبارهن ، فقال قال بعض أصحابنا : حلال. وقال بعضهم : حرام ، ثمَّ قال وآخر ما قال ( ـ ش ـ ) ولا أرخص فيه بل أنهى.

وقال الربيع : نص على تحريمه في ستة كتب. وقال ابن عبد الحكم (٣) قال

__________________

(١) م : الى أهل ملتهم.

(٢) سورة المائدة : ٤٣.

(٣) د : عبد الحكيم.

١٤٤

( ـ ش ـ ) : ليس في هذا الباب حديث يثبت والقياس أنه يجوز. قال الربيع : كذب والله الذي لا إله الا هو ، وقد نص ( ـ ش ـ ) على تحريمه في ستة كتب ، وحكموا تحريمه عن علي عليه‌السلام ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وعن الحسن ، ومجاهد ، وطاوس ، وعكرمة ، وقتادة ، وبه قال ، ( ـ ر ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وذهب زيد بن أسلم إلى أنه مباح.

وعن ابن عمر روايتان ، إحداهما : أنه مباح ، وحكى الطحاوي عن حجاج ابن أرطاة اباحة ذلك. وعن ( ـ ك ـ ) روايتان روى أهل المغرب عنه اباحة ذلك ، وقالوا : نص عليه في كتاب السر وأصحابه بالعراق يأبون ذلك ، ويقولون لا يحل عنده ، ولا نعرف لمالك كتاب السر.

وروى نافع قال قال لي ابن عمر : أمسك علي هذا المصحف ، فقرأ عبد الله حتى بلغ ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (١) فقال : يا نافع تدري فيمن نزلت هذه الآية ، قال قلت : لا ، قال : في رجل من الأنصار أصاب امرأة في دبرها فوجد في نفسه من ذلك ، فسأل النبي عليه‌السلام (٢) ، فأنزل الله تعالى ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) (٣).

مسألة ـ ١١٦ ـ : نكاح الشغار باطل عندنا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، غير أن ( ـ ك ـ ) أفسده من حيث فساد المهر ، و ( ـ ش ـ ) أفسده من حيث أنه ملك البضع كل واحد من شخصين ، وذهب الزهري ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه الى أن نكاح الشغار صحيح (٤) ، وانما فسد فيه المهر فلا يفسد النكاح بفساده.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٣.

(٢) د : قال النبي عليه‌السلام.

(٣) سورة البقرة : ٢٢٣.

(٤) م : إلى انه صحيح.

١٤٥

مسألة ـ ١١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : نكاح المتعة مباح ، وصورته : أن يعقد عليها مدة معلومة بمهر معلوم ، فان لم يذكر المدة كان النكاح دائما ، فإن ذكر الأجل ولم يذكر المهر بطل العقد ، وان ذكر مدة مجهولة لم يصح على الصحيح من المذهب.

وبه قال علي عليه‌السلام على ما رواه أصحابنا ، وروي ذلك عن ابن مسعود ، وجابر ابن عبد الله ، وسلمة بن الأكوع ، وأبي سعيد الخدري ، وابن عباس ، والمغيرة ابن سعيد ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعطاء ، وحكى الفقهاء تحريمه عن علي عليه‌السلام ، وعمر ، وابن مسعود ، وابن الزبير ، وابن عمر ، وقالوا : ان ابن عباس رجع عن القول بإباحتها (١).

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٢) تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (٣) وهذا مما طاب له منهن ، وقوله تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٤) وفي قراءة ابن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ، ولفظة الاستمتاع لا تفيد عند الإطلاق إلا نكاح المتعة ولا خلاف أنها كانت مباحة فمن ادعى نسخها فعليه الدليل.

وما روي من الاخبار في تحريمها فأخبار آحاد ، وفيها مع ذلك اضطراب ، لان فيها أنه حرمها يوم خيبر في رواية ابن الحنفية عن أبيه.

وروى الربيع بن سبرة عن أبيه قال : كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة عام الفتح ، فأذن في متعة النساء ، فخرجت أنا وابن عمي وعلينا بردان لنفعل ذلك ، فلقيتني امرأة فأعجبها حسني فتزوجت بها وكان الشرط عشرين ليلة ، فأقمت عندها

__________________

(١) م : عن القول باجتهاد.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة النساء : ٣.

(٤) سورة النساء : ٢٨.

١٤٦

ليلة فخرجت فأتيت النبي عليه‌السلام وهو بين الركن والمقام ، فقال : كنت أذنت لكم في متعة (١) النساء وقد حرمها الله الى يوم القيامة ، فمن كان عنده شي‌ء من ذلك فليخل سبيلها ، ولا يأخذ مما آتاها شيئا.

وفي هذا ما ترى من الاضطراب ، فإنه كان بين الوقتين قريب من ثلاث سنين فان قالوا حرمها يوم خيبر وأعاد تحليها بمكة ، فإن هذا (٢) ساقط بالإجماع ، لأن أحدا لا يقول ان النبي عليه‌السلام أباحها دفعتين وحرمها دفعتين ، ودخل بينهما (٣) نسخ دفعتين.

وأيضا فقد قال عمر بن الخطاب : متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وابن عباس كان يفتي بها ويناظر فيها ، ومناظرته مع ابن الزبير فيها مشهورة ، ونظم فيه الشعراء القول فقال بعضهم :

أقول للشيخ لما طال مجلسه

يا شيخ هل لك في فتوى ابن عباس

هل لك في قينة بيضاء بهكنة

تكون مثواك حتى يصدر الناس

وقوله بذلك مجمع عليه ورجوعه عن ذلك لا دليل عليه.

مسألة ـ ١١٨ ـ : إذا تزوج امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا ، بشرط أنه متى أحلها للأول طلقها ، كان التزويج صحيحا والشرط باطلا ، لأنه لا دليل على فساده بمقارنة الشرط.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : وهو الأظهر ما قلناه. وقال في القديم والإملاء :

__________________

(١) م : اذنتكم في متعة.

(٢) د : فإنه هذا.

(٣) م : بينهما فسخ.

١٤٧

النكاح باطل ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ١١٩ ـ : إذا نكحها (١) معتقدا أنه يطلقها إذا أباحها ، فلا نكاح بينهما ان اعتقد هو أو الزوجة ذلك ، أو هما والولي. وان تواصوا بذلك قبل العقد على هذا ، ثمَّ تعاقدا من غير شرط ، كان مكروها ولا يبطل العقد به ، لما قلناه في المسألة الأولى سواء (٢).

وروي أنه حدث مثل (٣) ذلك في أيام عمر ، فأوصت المرأة الرجل بأن لا يفارقها فأقرها عمر على النكاح وأوجع الدلالة بالضرب ، فدل ذلك على صحة العقد وعلى كراهته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : النكاح باطل ، وحكى أبو إسحاق عن ( ـ ح ـ ) أنه يستحب ذلك ، لأنه يدخل السرور على الأول.

مسألة ـ ١٢٠ ـ : إذا نكحها (٤) نكاحا فاسدا ودخل بها ، لم تحل للأول كقوله تعالى ( فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٥) ومعلوم أنه أراد به تزويجا صحيحا.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، قاله في الجديد ، لأنه لا يثبت به الإحصان. وقال في القديم : يبيحها لأنه نكاح يثبت به النسب ويدرأ به الحد ويجب بالوطئ المهر.

مسألة ـ ١٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : يفسخ عندنا النكاح بالعيب ، المرأة تفسخه بالجب والعنة والجنون ، والرجل يفسخه بستة أشياء : الجنون ، والجذام ، والبرص ،

__________________

(١) م : إذا أنكحها.

(٢) م : لما قلناه فيما تقدم سواء.

(٣) م : في مثل ذلك.

(٤) م : إذا أنكحها.

(٥) سورة البقرة : ٢٣٠.

١٤٨

والرتق ، والقرن والإفضاء ، وفي أصحابنا من ألحق به العمى وكونها محدودة ، ولا يحتاج في الفسخ الى الطلاق.

وقال ( ـ ش ـ ) : يفسخ النكاح من سبعة (١) ، اثنان يختص الرجال الجب والعنة ، واثنان يختص النساء القرن والرتق ، وثلاثة يشتركان فيه الجنون والجذام والبرص وبه قال عمر ، وابن عباس (٢) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : النكاح لا يفسخ بالعيب أصلا ، لكن ان كان الرجل مجبوبا أو عنينا (٣) ثبت لها الخيار خيار الفرقة ، فيفرق بينهما ويكون طلاقا لا فسخا.

ورووا عن علي عليه‌السلام أنه قال : إذا وجد الرجل بالمرأة الجذام والبرص ، فان شاء أمسك وان شاء طلق. وعن ابن مسعود أنه قال : الحرة لا ترد بالعيب.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (٤) زيد بن كعب عن أبيه عن النبي عليه‌السلام أنه تزوج امرأة (٥) من غفار ، فلما خلا بها رأى في كشحها بياضا ، فقال لها : ضمي عليك ثيابك والحقي بأهلك ، وفي بعضها فردها وقال : دلستم علي. فالراوي نقل الحكم وهو الرد ، ونقل السبب وهو وجود البرص بكشحها ، فوجب أن يتعلق الحكم بهذا السبب متى وجد.

مسألة ـ ١٢٢ ـ : إذا كان الرجل مسلولا لكنه يقدر على الجماع ولا ينزل أو كان خنثى ، حكم له بالرجل لم يرد بالعيب ، وان كانت المرأة خنثى حكم لها بالمرأة فمثل ذلك ، لأنه لا دلالة على ثبوت الخيار لهما ، والعقد قد ثبت بالإجماع.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

__________________

(١) م : النكاح بسعة.

(٢) م : قال عمرو ابن عمرو ابن عباس.

(٣) م : ان كان الرجل عنينا.

(٤) م : دليلنا ما رواه.

(٥) د : أن تزوج امرأة.

١٤٩

مسألة ـ ١٢٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا دخل بها ثمَّ وجد بها عيبا ، فلها المهر ويرجع على من دلسها وغرم. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يستقر عليه ولا يرجع على أحد ، وروي ذلك في بعض الاخبار عن النبي عليه‌السلام.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى (١) سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها ، وذلك لزوجها غرم على وليها ، ولم يخالفه أحد من الصحابة.

مسألة ـ ١٢٤ ـ : إذا حدث (٢) بالرجل جب أو جنون أو جذام أو برص لم يكن في حال العقد ، فإنه لا يرد بذلك الا الجنون الذي لا يعقل معه أوقات الصلوات فإنه يرد به ، لان العقد قد صح ، ولا دلالة على ثبوت الرد. وقال ( ـ ش ـ ) : يرد به قولا واحدا.

مسألة ـ ١٢٥ ـ : إذا حدث بالمرأة أحد العيوب التي ترد بها ، ولم يكن في وقت العقد ، فإنه يثبت به الفسخ (٣) ، بدلالة عموم الأخبار التي وردت في أن له الرد بهذه العيوب ولم يفصلوا ، وخبر الغفارية يدل على ذلك أيضا. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما في القديم قال : لا خيار (٤) له ، وقال في الجديد : له الخيار وهو أصحهما.

مسألة ـ ١٢٦ ـ : إذا دخل بها مع العلم بالعيب ، فلا خيار له بعد ذلك بلا خلاف ، فان حدث بها بعد عيب آخر فلا خيار له ، لأنه لا دلالة عليه.

__________________

(١) م : دليلنا ما روى سعيد بن.

(٢) د : إذا وجدت.

(٣) د : فإنه ثبت به الفسخ.

(٤) د : في القديم وقال لا خيار له.

١٥٠

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الحادث في مكان آخر ، فإنه يثبت به الخيار. وان كان الحادث زيادة في المكان الذي كان فيه ، فلا خيار له.

مسألة ـ ١٢٧ ـ : إذا تزوجها على أنها مسلمة فبانت كتابية ، كان العقد باطلا لان العقد على الكتابية عندنا لا يصح ، فكيف إذا انضاف اليه الغرور. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٢٨ ـ : إذا عقد على أنها كتابية فكانت مسلمة ، كان العقد باطلا ، ويكون صحيحا عند من أجاز نكاح الكتابيات من أصحابنا. ويدل على بطلانه أنه عقد على من يعتقد أنه لا ينعقد نكاحها ، فيجب أن يكون باطلا.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أنه باطل. والثاني : أنه صحيح فاذا قال صحيح هل له الخيار؟ قال : ليس له الخيار (١).

مسألة ـ ١٢٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا عقد الحر على امرأة على أنها حرة (٢) فبانت أمة ، كان العقد باطلا ، وكذلك القول في الزوج إذا كان حرا. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٣٠ ـ : بيع الأمة المزوجة طلاقها ، وبه قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وأنس بن مالك ، وأبي بن كعب ، وذهب عمر ، وابن عمر ، وعبد الرحمن ابن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، والفقهاء أجمع الى أن النكاح بحاله ، ويقوم المشتري مقام البائع في ملك رقبتها ، ولا يكون بيعها طلاقها.

مسألة ـ ١٣١ ـ : إذا أعتقت الأمة تحت حر ، فالظاهر من روايات أصحابنا أن لها الخيار. ويدل على ذلك أيضا ما روى إبراهيم عن الأسود عن عائشة قال :

__________________

(١) د : الخيار ، وقال ليس الخيار.

(٢) م : على امرأة أنها حرة.

١٥١

خير رسول الله (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله بريرة وكان زوجها حرا ، وقد روى مثل ذلك أصحابنا ، وبه قال النخعي ، والشعبي ، وطاوس. وقال طاوس : لها الخيار ولو أعتقت تحت قرشي وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

وروي في بعض أخبارنا أنه ليس لها الخيار ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وربيعة ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وقال به في الصحابة ابن عمر ، وابن عباس وعائشة ، وصفية.

ويدل عليه الرواية الأخرى التي رواها أصحابنا أن زوج بريرة كان عبدا ، قال الشيخ : والذي يقوى عندي أنه لا خيار لها ، لان العقد قد ثبت ووجوب الخيار لها يحتاج الى دليل ، وروي عن عائشة أن زوج بريرة كان عبدا وأنها قالت : لو كان حرا لم يخيرها.

مسألة ـ ١٣٢ ـ ( ـ ج ـ ) : العنة عيب يثبت للمرأة به الخيار ويضرب له المدة سنة ، فان جامع فيها والا فرق بينهما ، وبه قال جميع الفقهاء.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا أعلم خلافا فيه عن مفتي يفتيه في أنه ان جامع والا فرق بينهما.

وقال الحكم : لا يضرب له مدة ولا يفسخ به النكاح ، وبه قال أهل الظاهر.

مسألة ـ ١٣٣ ـ ( ـ ج ـ ) : فسخ العنين ليس بطلاق ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) : وهو طلاق.

مسألة ـ ١٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها انه عنين ، فتزوجته على ذلك فكان كما قال ، لم يكن لها بعد ذلك خيار. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٣٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان له أربع نسوة فعن عن واحدة ولم يعن عن الثلاث ، لم يكن لها الخيار ولا يضرب لها الأجل.

وقال ( ـ ش ـ ) : لها حكم نفسها ويضرب لها المدة ويثبت لها الخيار.

__________________

(١) د : عن عائشة خير رسول الله.

١٥٢

مسألة ـ ١٣٦ ـ : إذا رضيت به بعد انقضاء المدة ، أو في خلال المدة ، لم يكن لها بعد ذلك خيار ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في سقوط خيارها إذا رضيت بالعنة.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر وهو الأظهر عندهم أنه لا يسقط خيارها.

مسألة ـ ١٣٧ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا اختلفا في الإصابة فقال أصبتها وأنكرت ذلك ، فان كانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه عند ( ـ ح ـ )

وأصحابه و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).

وقال ( ـ ع ـ ) : يخلى بينهما ويكون بالقرب منهما امرأتان من وراء الحجاب ، فاذا قضى وطره بادرتا إليها ، فإن كان الماء في فرجها فقد جامعها ، والا فإنه لم يجامعها.

وقال ( ـ ك ـ ) : هكذا الا انه قال يقتصر على امرأة واحدة. وقد روى أصحابنا أنها تؤمر بأن تحشو قبلها خلوقا ، فاذا وطئها وكان على ذكره أثر الخلوق علم أنه أصابها ، وان لم يكن علم أنه لم يصبها ، وهذا هو المعمول عليه.

مسألة ـ ١٣٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا تزوج برجل ، فبان أنه خصي أو مسلول أو موجوء كان لها الخيار ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر لا خيار لها ، لأنه متمكن من الإيلاج وانما لا ينزل وذلك لا يوجب الفسخ.

مسألة ـ ١٣٩ ـ ( ـ ج ـ ) : الخنثى يعتبر بالمبال ، فمن أيهما خرج أولا حكم به فان خرج منهما ، فمن أيهما انقطع أخيرا حكم به ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الى ها هنا ، فان انقطعا معا ، فعندنا يرجع الى القرعة.

وروي عد الأضلاع والمعول على القرعة ، وعنده هل يراعى قلة البول وكثرته فيه قولان ، فان تساويا في ذلك رجع إليه فإلى أيهما مال طبعه حكم

١٥٣

به ، وهو المعول عليه عندهم ، ورووا عنه الرجوع الى عد الأضلاع وهو ضعيف.

مسألة ـ ١٤٠ ـ ( ـ ج ـ ) : العزل عن الحرة لا يجوز الا برضاها ، ومتى عزل بغير رضاها أثم ، وكان عليه عشر دية الجنين عشرة دنانير.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان (١) ، أحدهما : أنه محظور ، مثل ما قلناه غير أنه لا يوجب الدية والمذهب أن ذلك مستحب ، وليس ذلك بمحظور (٢).

مسألة ـ ١٤١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا تزوج الحر بأمة ، فرزق منها ولدا كان حرا. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الرجل عربيا ، فالولد على قولين أحدهما يكون حرا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، والأخر يكون رقا. وان كان غير عربي فهو رق (٣) قولا واحدا.

مسألة ـ ١٤٢ ـ : إذا غاب الرجل عن امرأته ، فقدم رجل فذكر لها أنه طلقها طلاقا بانت منه ، وذكر لها أنه وكله في استيناف النكاح عليها ، وأن يصدقها ألفا يضمنها لها ففعلت ذلك وعقد النكاح وضمن الرسول الصداق ، ثمَّ قدم الزوج فأنكر الطلاق وأنكر الوكيل ، فالقول قوله والنكاح الأول بحاله ، ولم ينعقد الثاني ولا يلزم الوكيل ضمان ما ضمنه لها ، لأنه انما يلزم الصداق بالعقد ، فاذا لم يكن عقد فلا صداق ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) على ما حكاه الساجي عنه.

وقال في الإملاء : على الوكيل نصف المسمى وقال ( ـ ك ـ ) ، وزفر : يلزمه ضمان ذلك.

__________________

(١) م : ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

(٢) م : وليس بمحظور.

(٣) م : ان لم يكن عربيا فهو رق.

١٥٤

كتاب الصداق

مسألة ـ ١ ـ : إذا عقد على مهر فاسد ، مثل الخمر والخنزير والميتة وما أشبهها ، فسد المهر ولم يفسد النكاح ، ووجب لها مهر المثل ، بدلالة أن ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد ، فذكر المهر الفاسد لا يكون أكثر من ترك ذكره أصلا ، فينبغي أن لا يؤثر في فساد العقد ، كما لو عقد بغير مهر ، فلا خلاف أنه يصح النكاح ، ولأنهما عقدان يصح أن ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه ، ففساد أحدهما لا يدل على فساد الأخر.

وهذا قول جميع الفقهاء ، الا ( ـ ك ـ ) فإنه قال في إحدى الروايتين عنه مثل ما قلناه ، وفي الأخرى قال : يفسد النكاح ، وبه قال قوم من أصحابنا.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : الصداق ما تراضيا عليه مما يصح أن يكون ثمنا لمبيع أو أجرة لمكترى ، قليلا كان أو كثيرا ، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن عباس ، وفي التابعين سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وفي الفقهاء ربيعة ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : مقدر بأقل ما يجب فيه القطع ، وهو ثلاثة دراهم.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : مقدر بعشرة دراهم ، فان عقد النكاح بأقل من عشرة

١٥٥

صحت التسمية وكملت عشرة ، فيكون كأنه عقد بعشرة ، وهذه التسمية يمنع وجوب مهر المثل.

وقال زفر : يسقط المسمى ويجب مهر المثل ، وهو القياس على قولهم.

وقال ابن شبرمة : أقله خمسة دراهم. وقال النخعي أقله أربعون درهما. وقال سعيد ابن جبير : أقله خمسون درهما.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز أن يكون منافع الحر مهرا ، مثل تعليم القرآن أو شعر أو مباح أو بناء أو خياطة ثوب ، وغير ذلك مما له اجرة.

وقال أصحابنا : الإجارة من جملة ذلك مستثناة ، فقالوا : لا يجوز ذلك ، لأنه كان يختص بذلك موسى عليه‌السلام ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ولم يستثن الإجارة بل أجازها.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : لا يجوز أن يكون منافع الحر صداقا بحال ، سواء (١) كان المنفعة فعلا أو غيره ، لان عندهم لا يجوز المهر الا أن يكون مالا أو ما يوجب تسليم المال ، مثل سكنى دار أو خدمة عبد سنة ، فأما ما لا يكون مثل ذلك فلا يجوز.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى (٢) سهل بن سعد الساعدي أن امرأة أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا رسول الله اني قد وهبت نفسي لك ، فقامت قياما طويلا ، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك فيها حاجة ، فقال رسول الله : هل عندك من شي‌ء تصدقها إياه ، فقال : ما عندي إلا إزاري هذا ، فقال النبي عليه‌السلام : ان أعطيتها إياه جلست لا إزار (٣) لك فالتمس شيئا ، فقال : ما أجد شيئا ، فقال : التمس ولو خاتما من حديد ، فالتمس فلم يجد شيئا ، فقال له رسول الله : هل معك من القرآن شي‌ء ، فقال : نعم سورة كذا وسورة كذا

__________________

(١) م : لا يجوز ذلك بحال سواء.

(٢) م : دليلنا ما روى.

(٣) د : ان أعطيتها جلست لا إزار.

١٥٦

سماهما ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : زوجتكها بما معك من القرآن.

ولا يمكن أن يكون عليه‌السلام جعل القرآن الذي معه صداقا ، فثبت أنه جعل الصداق تعليمها إياه.

وروى عطاء عن أبي هريرة أن النبي عليه‌السلام قال للرجل : ما تحفظ من القرآن؟

قال : سورة البقرة والتي تليها ، فقال : قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا أصدقها تعليم سورة ، فلقنها فلم يتحفظ لها شي‌ء ، أو حفظتها من غيره فالحكم واحد ، وكذلك ان أصدقها عبدا فهلك قبل القبض فالكل واحد كان لها بدل الصداق ، وهو اجرة مثل تعليم السورة وقيمة العبد ، لان الواجب لها بالعقد هو شي‌ء بعينه ، فيجب أن يكون لها أجرته وقيمته (١) عند التعذر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم.

وقال في الجديد : يسقط المسمى ويجب لها مهر المثل.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا أصدقها تعليم سورة ، ثمَّ طلقها قبل الدخول بها وقبل تعليمها ، جاز له تلقينها النصف الذي استقر عليه ، لان الواجب في ذمته ذلك ، ولا يؤدي ذلك الى الافتتان ، فإنه لا يلقنها الا من وراء حجاب ، وكلام النساء من وراء حجاب ليس بمحظور بلا خلاف.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : ليس له ذلك ، لأنه لا يؤمن من الافتتان بها.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا أصدقها صداقا ملكته بالعقد كله ، وكان من ضمانه ان تلف قبل القبض ومن ضمانها بعد القبض ، فان دخل بها استقر ، وان طلقها قبل الدخول رجع بنصف العين دون ما نمى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) م : أو قيمته.

١٥٧

وقال ( ـ ك ـ ) : انما ملك بالعقد نصفه ، فيكون الصداق بينهما نصفين ، فاذا قبضه (١) كان لها نصفه بالملك ، والأخر أمانة في يدها لزوجها ، فان هلك من غير تفريط هلك بينهما ، فان طلقها قبل الدخول بها كان له أخذ النصف ، لأنه ملك لم يزل عنه.

ويدل على ما ذهبنا اليه قوله (٢) تعالى ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ) (٣) فأضاف الصدقة إليهن (٤) والظاهر أنه لهن ، ولم يفرق بين قبل الدخول وبعده.

وأيضا فإنه أمر بايتائهن ذلك كله ، فثبت أن الكل لهن.

ويدل عليه أيضا إجماع الفرقة ، فإنهم رووا بلا خلاف بينهم أنه إذا أصدقها غنما ، ثمَّ طلقها قبل أن يدخل بها ، فان كان أصدقها وهي حامل عنده ، فله نصفها ونصف ما ولدت. وان أصدقها حائلا ، ثمَّ حملت عندها ، لم يكن له من أولادها شي‌ء. وهذا يدل على أنها ملكته بالعقد دون الدخول.

مسألة ـ ٧ ـ : ليس للمرأة التصرف في الصداق قبل القبض ، لما روي عن النبي عليه‌السلام أنه نهى عن بيع ما لم يقبض ، ورواه أصحابنا أيضا ولم يفصل ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال بعضهم : لها ذلك.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا أصدقها شيئا بعينه ، كالثوب والعبد والبهيمة ، فتلف قبل القبض ، سقط حقها من عين الصداق والنكاح بحاله بلا خلاف ، ويجب لها مثله ان كان له مثل ، فان لم يكن (٥) له مثل فقيمته ، لان كل عين يجب تسليمها الى مالكها إذا هلكت ولم يسقط سبب الاستحقاق وجب الرجوع الى بدلها ، كالقرض

__________________

(١) م : فاذا أقبضته.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة النساء : ٤.

(٤) د : فأضاف الصدقة اليمين.

(٥) م : وان لم يكن.

١٥٨

والغصب.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، واختار المزني قوله الجديد أن لها مهر مثلها ، وعليه أكثر أصحابه.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أصدقها عبدا مجهولا أو دارا مجهولة ، روى أصحابنا أن لها دارا وسطا من الدور ، وكذلك عبدا وسطا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل المسمى ويجب لها مهر المثل.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا قال أصدقتها هذا الخل فبان خمرا ، كان لها قيمتها عند مستحليها ، لان العقد انعقد على معين.

وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل المسمى ولها مهر المثل.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا عقد في السر بمهر ذكراه ، وعقدا في العلانية بخلافه ، فالمهر هو الأول. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو الأشهر.

وقال المزني : مهر العلانية أولى.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا تزوج أربع نسوة بعقد واحد ممن له الولاية عليهن بألف ، فالنكاح صحيح ، لأنه لا مانع منه والأصل جوازه وكذلك عند ( ـ ش ـ ). وقال المزني : العقد باطل ، والمهر عندنا صحيح لمثل ذلك ، وعند ( ـ ش ـ ) على قولين.

وهكذا لو خالعهن دفعة واحدة بعقد واحد بألف ، صح الخلع بلا خلاف والبدل عنه على قولين ، وان كان له أربعة أعبد ، فكاتبهن بألف إلى نجمين ، صح عندنا وعنده في صحة الكتابة قولان ، فالقولان في الكتابة في أصل العقد ، وفي النكاح والخلع في البدل دون العقد. ويدل على الجميع أن الأصل جوازه وصحته والمنع يحتاج الى دليل.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا زوج الرجل ابنه الصغير (١) على مهر معلوم ، فان

__________________

(١) م : إذا زوج ابنه الصغير.

١٥٩

كان الولد موسرا تعلق المهر بذمة الولد (١) ، ولزمه في مال بلا خلاف (٢) ، وان كان معسرا تعلق بذمته ويكون الأب ضامنا.

ولل ( ـ ش ـ ) في ضمان الأب قولان ، قال في القديم مثل ما قلناه ، وفي الجديد قال : لا يتعلق بذمة الوالد شي‌ء بإطلاق العقد.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا تزوج المولى عليه لسفه أو صغر بغير اذن وليه ، كان النكاح باطلا بلا خلاف ، فان دخل بها لم يلزمه المهر ، لأنه لا دليل عليه ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). وقال في القديم : يلزمه مهر المثل.

مسألة ـ ١٥ ـ : المفوضة إذا طلقها زوجها قبل الفرض وقبل الدخول بها فلا مهر لها ، لكن يجب لها المتعة ، بدلالة قوله تعالى ( ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ ) (٣) وهذا أمر يقتضي الوجوب وقوله تعالى ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) (٤) وعليه إجماع الصحابة ، وروي ذلك عن علي عليه‌السلام ، وعمر ، ولا مخالف لهما ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا مهر لها ولا نفقة ، ويستحب أن يمتعها استحبابا ، وبه قال الليث وابن أبي ليلى.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : المتعة على الموسر خادم ، وعلى المتوسط ثوب أو مقنعة ، وعلى الفقير خاتم وما أشبهه.

وقال ( ـ ش ـ ) : المستحب من ذلك خادم ، فان لم يقدر فمقنعة ، فان لم يقدر

__________________

(١) م : بذمته الولد.

(٢) م ود : في ماله بلا خلاف.

(٣) سورة الأحزاب : ٤٨.

(٤) سورة الأحزاب : ٢٣٧.

١٦٠