المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

ويسقطون الاخوة (١).

مسألة ـ ١٠٥ ـ ( ـ ج ـ ) : الجد والجدة من قبل الأب (٢) بمنزلة الأخ ، والأخت من قبلها يقاسمون الاخوة والأخوات من قبل الأب والام أو الأب ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ١٠٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان مع الجد للأب اخوة من الأب والام أو من الأب ، فإنهم يرثون معه ويقاسمونه ، واختلف الفقهاء في ذلك على مذهبين : أحدهما أنهم لا يسقطون مع الجد ويرثون حكوا ذلك عن علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وأهل الحجاز ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل الشام ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

والمذهب الأخر أن الاخوة للأب والام أو للأب لا يرثون مع الجد ويسقطون ، رووا ذلك عن أبي بكر ، وعشرة من الصحابة ، مثل أبي بن كعب ، وعائشة ، وأبي الدرداء وغيرهم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وعثمان البتي ، وداود ، والمزني من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، ومحمد بن جرير الطبري ، وإسحاق بن راهويه.

مسألة ـ ١٠٧ ـ ( ـ ج ـ ) : ابن الأخ يقوم مقام الأخ في مقاسمة الجد إذا عدم الأخ ، وخالف الفقهاء (٣) في ذلك.

مسألة ـ ١٠٨ ـ ( ـ ج ـ ) : الجد يقاسم الاخوة ويكون كواحد منهم بالغا ما بلغ وبه قال ( ـ ش ـ ) يدفع الى الجد ما هو خير له من المقاسمة ، أو ثلث جميع المال ، وبه قال في الصحابة زيد بن ثابت ، وابن مسعود.

ورووا عن علي عليه‌السلام ثلاث روايات : أحدها أنه يدفع الى الجد السدس.

__________________

(١) م ود : ويسقطون. مسألة.

(٢) م : الجد والجدة من قبل الام.

(٣) م : وخالف جميع الفقهاء.

٤١

أو المقاسمة ، فإن كانت المقاسمة خيرا له من السدس فالمقاسمة والا فالسدس.

والثانية : للجد المقاسمة أو السبع. والثالثة : المقاسمة أو الثمن. وروي عنه أنه قال في سبعة اخوة وجد هو كأحدهم ، وهذه الرواية مثل ما روينا عنه عليه‌السلام ، وذهب أبو موسى الأشعري ، وعمران بن الحصين الى أن للجد المقاسمة أو نصف السدس.

مسألة ـ ١٠٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان اخوة من أب وأم واخوة من أب وجد ، قاسم الجد من كان من قبل الأب والام ، وكان زيد يقاسم الجد بهما ، فما حصل لولد الأب رده على ولد الأب والام ، الا أن يكون أختا لأب وأم ، فيرد عليها من ولد الأب تمام النصف ، وان بقي شي‌ء كان بين ولد الأب ، وروي عن عمر نحو ذا وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وكثير من أهل العراق.

مسألة ـ ١١٠ ـ ( ـ ج ـ ) : الأخوات مع الجد يقاسمن معه ، وبه قال زيد بن ثابت و ( ـ ش ـ ) ، ورووا عن ابن مسعود أن الأخوات لا يقاسمن ، انما يفرض لهن إذا كانت واحدة فلها النصف ، وان كانتا اثنتين فلهما الثلثان.

مسألة ـ ١١١ ـ ( ـ ج ـ ) : بنت وأخت وجد : للبنت النصف بالفرض ، والباقي بالرحم ، ويسقط الباقون.

وقال ( ـ ش ـ ) : للبنت النصف بالفرض ، والباقي بين الأخت والجد ، وبه قال زيد ابن ثابت. وعلى مذهب أبي بكر وابن عباس للبنت النصف والباقي للجد ، وعلى مذهب ابن مسعود للبنت النصف وللجد السدس والباقي للأخت.

مسألة ـ ١١٢ ـ ( ـ ج ـ ) : زوج وأم وجد : للزوج النصف بلا خلاف ، وللام الثلث بالفرض بلا خلاف ، والباقي رد عليهما.

وقال ( ـ ش ـ ) : الباقي للجد ، وبه قال زيد بن ثابت. وعن عمر روايتان إحداهما

٤٢

للزوج النصف ، وللام ثلث ما يبقى (١). والثانية للزوج النصف ، وللام سدس جميع (٢) المال ، وهكذا في زوجة وأم وجد.

وعن ابن مسعود ثلاث روايات ، روايتان مثل روايتي عمر ، والثالثة للزوج النصف والباقي بين الام والجد بينهما نصفين. وهذه المسألة يقال لها مربعة ابن مسعود.

مسألة ـ ١١٣ ـ : أخت وأم وجد : للام الثلث بالفرض بلا خلاف ، والباقي عندنا رد عليها ، ويسقط الباقون.

واختلف الصحابة فيه على سبعة مذاهب : فذهب أبو بكر ، وابن عباس الى أن للام الثلث والباقي للجد. وعن عمر روايتان إحداهما للأم ثلث ما يبقى.

والثانية لها سدس جميع المال ، ولا يختلف ها هنا ثلث ما يبقى وسدس جميع المال الا أن يكون في المسألة أختان وأم.

وعن ابن مسعود ثلاث روايات ، روايتان مثل قول (٣) عمر ، والثالثة للأخت النصف والباقي بين الام والجد نصفين ، ومذهب عثمان أن المال بينهم أثلاثا ، ومذهب زيد للام ثلث جميع المال والباقي بين الأخت والجد للذكر مثل حظ الأنثيين ، وحكوا عن علي عليه‌السلام أنه قال : للام ثلث جميع المال والباقي للجد ويسقط الأخت.

وهذه المسألة يقال لها مربعة ابن مسعود ، وهي الثانية من المربعة ، ويقال لها مثلثة عثمان ، ويقال لها الخرقاء لأنه تخرقت فيها أقاويل الصحابة.

مسألة ـ ١١٤ ـ الاكدرية : زوج وأم وأخت وجد : عندنا للزوج النصف ،

__________________

(١) م : وللام الثلث ما يبقى.

(٢) م : الثانية للزوج وللام السدس جميع المال.

(٣) د : روايات مثل قول عمر.

٤٣

وللام الثلث بالفرض ، والباقي رد عليها.

واختلف الصحابة على حسب مذاهبهم فيها ، فذهب أبو بكر ومن تابعة الى أن للزوج النصف ، وللام الثلث ، وللجد السدس ، ويسقط الأخت. وذهب عمر وابن مسعود الى أن للزوج النصف ، وللأخت النصف ، وللام السدس ، وللجد السدس ، تصير المسألة من ثمانية ، لأنهما لا يفضلان الام على الجد.

ورووا عن علي عليه‌السلام أن للزوج النصف ، وللام الثلث ، وللأخت النصف ، وللجد السدس ، لأنه يفضل الام على الجد ، فتكون المسألة من تسعة. وذهب زيد الى أن للزوج النصف ، وللام الثلث ، وللجد السدس ، وللأخت النصف أيضا يضاف الى سدس الجد ، فتكون المسألة بينهما (١) للذكر مثل حظ الأنثيين.

روى سفيان قال ، قلت للأعمش : لم سميت هذه المسألة الاكدرية ، قال : سأل عبد الملك بن مروان رجلا من الفرضين (٢) يقال له أكدر ، فأجاب على مذهب زيد بن ثابت.

وقيل : ان امرأة ماتت وخلف (٣) هؤلاء ، وكان اسمها أكدرة ، فسميت المسألة أكدرية.

وقيل : انما سمي أكدرية ، لأنها كدرت المذهب على زيد بن ثابت ، لأنه ناقض أصله في هذه المسألة في موضعين : أحدهما أنه فرض للأخت ، والأخت مع الجد لا يفرض لها ، وأعال المسألة مع الجد والجد عصبة ، ومن مذهبه أن لا يعال بعصبة.

مسألة ـ ١١٥ ـ ( ـ ج ـ ) : أخ لأب وأم وأخ لأب وجد ، المال بين الأخ للأب

__________________

(١) م : فيكون بينهما.

(٢) م : من الفرضيين.

(٣) م : ماتت وخلفت.

٤٤

والام والجد بنصفين (١) ، ويسقط أخ من جهة الأب. وذهب أبو بكر الى أن المال للجد ويسقطان معا ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وذهب عمر وابن مسعود الى أن المال بين الأخ للأب والام وبين الجد نصفين مثل ما قلناه ، ويسقط الأخ للأب.

وذهب زيد بن ثابت الى أن المال بينهم أثلاثا ، للجد الثلث ثمَّ يعاد الثلث الذي للأخ للأب إلى الأخ للأب والام ، فيكون للأخ للأب والام الثلثان.

مسألة ـ ١١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : أخت لأب وأم وأخ لأب وجد : المال بين الجد والأخت من الأب والام ، ويسقط الأخ من الأب.

واختلف الصحابة (٢) فيها ، فذهب أبو بكر ومن تابعة الى أن المال للجد.

وذهب عمر وابن مسعود الى أن المال بين الأخت للأب والام وبين الجد نصفين ورووا عن علي عليه‌السلام أن للأخت للأب والام النصف والباقي بين الأخ والجد نصفين.

وذهب زيد بن ثابت الى أن للجد خمسين ، لأن المسألة من خمسة ، للجد سهمان ، وللأخت للأب والام سهم ، وللأخ من الأب سهمان ، ثمَّ يأخذ الأخت من الأخ للأب تمام النصف ، فيصير له سهمان (٣) ونصف ويبقى نصف سهم للأخ للأب ، فيضرب اثنان في خمسة ، فيكون عشرة للجد أربعة ، وللأخت خمسة ، ويبقى سهم للأخ للأب. وهذه تسمى عشارية (٤) زيد بن ثابت ، ويقال لها مختصرة زيد.

مسألة ـ ١١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : امرأة وأم وأخ وجد : للمرأة الربع ، وللام الثلث

__________________

(١) م : والجد نصفين.

(٢) م : اختلف الصحابة.

(٣) م : فيصير لها سهمان.

(٤) م : هذه تسمى عشارية.

٤٥

بالفرض ، والباقي رد عليها. وروي عن ابن مسعود أنه قال : للمرأة الربع ، وللام السدس ، والباقي بين الجد والأخ. وروي عنه أنه جعلها من أربعة : للمرأة سهم ، وللجد سهم ، وللام سهم ، وللأخ سهم ، وهي مربعة عبد الله.

مسألة ـ ١١٨ ـ المشركة : زوج وأم وأخوان لأب وأم وأخوان لأم : عندنا للزوج النصف ، والباقي للأم الثلث بالفرض والباقي بالرد.

وقال ( ـ ش ـ ) : للزوج النصف ، وللام السدس ، وللأخوين (١) للأم الثلث ، ويشركهم بنو الأب والام ، ولا يسقطون وصاروا بني أم معا ، وبه قال في الصحابة عمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، وزيد ، وفي التابعين شريح ، وسعد (٢) ، والزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، والنخعي ، و ( ـ ر ـ ) ، وأهل المدينة ، والبصرة.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : للزوج النصف ، وللام السدس ، وللأخوين من الام السدس (٣) ، وسقط الاخوان للأب والام ، ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام ، وابن عباس وأبي بن كعب ، والشعبي ، وبه قال في الفقهاء ابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ).

مسألة ـ ١١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا ارتد المسلم ومات على كفره أو قتل ، فميراثه لورثته المسلمين دون الكفار ، قريبا كان المسلم أو بعيدا ، كما لو كان مسلما ، سواء اكتسبه في حال إسلامه أو حال ردته ، فان لم يكن له وارث مسلم كان لبيت المال ولا يرثه كافر على حال ، وبه قال عبد الله بن مسعود.

وروي عن علي عليه‌السلام أنه قتل مستودد العجلي حين ارتد وقسم ماله بين ورثته وبه قال ابن المسيب ، والحسن ، وعطاء ، والشعبي ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وذهب ( ـ ش ـ ) إلى أنه ينقل ماله الى بيت المال فيئا ، سواء اكتسبه حال إسلامه

__________________

(١) د : للأخوين.

(٢) م : وسعيد وزهري.

(٣) م : وللأخوين للأم السدس.

٤٦

أو حال ارتداده ، وبه قال من الصحابة ابن عباس ، ومن التابعين جماعة ، ومن الفقهاء ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ). وذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) الى أن ماله الذي اكتسبه في حال حقن دمه يرث عنه المسلم ، والذي اكتسبه في حال اباحة دمه ينقل الى بيت المال.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا ارتد زال ملكه ، لكن لا يقسم بين ورثته رجاء أن يرجع ، وان لحق بدار الحرب ، فإنه يرث عنه كما لو مات فينعتق عليه رقيقه وأمهات أولاده ويقسم ماله على الورثة ، فإن عاد فإن الذي عتق لا يعود والعتق نافذ. واما المال فان كان عينا يرد ، وما أتلف فإنه لا يرجع عليه ولا ضمان على ورثته.

وقال قتادة ، وعمر بن عبد العزيز : مال المرتد يكون لأهل ملته الذين انتقل إليهم.

مسألة ـ ١٢٠ ـ ( ـ ج ـ ) : المطلقة تطليقة بائنة في حال المرض يرث ما بينها وبين سنة إذا لم يصح من ذلك المرض ما لم تتزوج ، فان تزوجت فلا ميراث لها ، والرجل يرثها ما دامت في العدة الرجعية ، فأما البائنة (١) فلا يرثها على حال.

ولل ( ـ ش ـ ) في المطلقة البائنة قولان : أحدهما أنها لا ترث (٢) ، وهو القياس عندهم.

والثاني : ترث ولم يفصلوا التفصيل الذي ذكرناه. وقال ابن أبي ليلى ، وعطاء ، والحسن : هي ترثه ما لم تتزوج ولم يقيدوا بسنة.

وكان ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ر ـ ) ، يورثونها ما دامت في العدة الا أن يكون الطلاق من جهتها ، فإنها لا ترثه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). وروي عن علي (٣) وعثمان أنها ترثه ، سواء تزوجت أو لم تتزوج ، وبه قال ( ـ ك ـ ). واتفقوا أن المرأة إذا ماتت لم يرثها

__________________

(١) م : فاما في البائنة.

(٢) د : لا يرث.

(٣) م : وروى عن عمر وعلى عليه‌السلام.

٤٧

الزوج ، واتفق الجميع على أن الطلاق الرجعي لا يقطع التوارث بين الزوجين.

مسألة ـ ١٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا مات ولد الملاعنة وخلف أما وأخوين لها ، فللأم الثلث بالتسمية والباقي رد عليها (١) ويسقط الاخوان.

وقال ( ـ ش ـ ) : للام السدس ، وللأخوين الثلث ، والباقي لمولى الأم ، فان لم يكن فلبيت المال ، وبه قال زيد بن ثابت.

وقال ( ـ ح ـ ) : لها السدس ، ولهما الثلث والباقي يرد عليهم. وقال عبد الله بن مسعود : المال كله للأم لأنها عصبة.

مسألة ـ ١٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : ميراث ولد الملاعنة لأمه إذا كانت حية ، فان لم تكن حية فلمن يتقرب اليه بها من الاخوة والأخوات والخؤولة والخالات والجد والجدة ، ويقدم الأولى فالأولى ، والأقرب فالأقرب ، كما نقوله في الولد الصحيح ، وروي ذلك عن علي عليه‌السلام ، واليه ذهب أهل العراق.

وروي عن علي عليه‌السلام أنه قال : يجعل عصبة ولد الملاعنة عصبة أمه إذا لم يكن وارث ذو سهم من ذوي الأرحام ، فإن كان له وارث ذو سهم من ذوي أرحامه جعل فاضل المال ردا عليه.

وكان ابن مسعود يجعل عصبته عصبة أمه ، فان لم يكن فعصبته عصبة أمه ، وعن ابن عباس ، وابن عمر نحوه ، واليه ذهب الحسن ، وابن سيرين ، وعطاء ، والنخعي.

وكان زيد يجعل الباقي من فرض ذوي السهام لمولى أمه ، فان لم يكن فلبيت المال ، واليه ذهب عروة ، وابن المسيب ، والزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والخلاف في ولد الزنا كالخلاف في ولد الملاعنة الا أن ( ـ ك ـ ) كان يقول : يورث توأم الملاعنة من أخيه ميراث الأخ لأب وأم ، ويورث توأم الزانية ميراث أخ لأم ، وورثه عامة

__________________

(١) م : يرد عليها.

٤٨

الفقهاء ميراث أخ لأم.

مسألة ـ ١٢٣ ـ : الظاهر من مذهب أصحابنا أن ولد الزنا لا يرث أمه ولا ترثه أمه ولا أحد من جهتها ، وقد ذهب قوم من أصحابنا أن ميراثه مثل ميراث ولد الملاعنة ، وسواء كان ولدا واحدا أو ولدين ، وأن أحدهما لا يرث الأخر الا على القول الثاني.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان واحدا ، فحكمه حكم ولد الملاعنة. وان كانا ولدي زنا توأمين ، فان مات أحدهما ، فإنه يرثه الأخر بالأمومة لا بالأبوة على أحد الوجهين ، وهكذا قال الفقهاء ، وبه يقول من أصحابنا من أجراه مجرى ولد الملاعنة. والوجه الثاني أنه يرث بالأبوة والأمومة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ١٢٤ ـ « ـ ج ـ » : إذا مات إنسان وخلف خنثى مشكل له ما للرجال وما للنساء اعتبر بالمبال ، فان خرج من أحدهما أولا ورث عليه ، وان خرج منهما اعتبر بالانقطاع فورث على ما ينقطع آخرا ، فان اتفقا فروى أصحابنا أنه يعد أضلاعه ، فإن تساويا ورث ميراث النساء ، وان نقص أحدهما ورث ميراث الرجال ، والمعمول عليه أنه يرجع الى القرعة فيعتمد عليها.

وقال ( ـ ش ـ ) : ننزله نحن بأسوء حالتيه ، فنعطيه نصف المال ، لأنه اليقين والباقي يكون موقوفا حتى تبين حاله ، فإن بان أنه ذكر أعطيناه ميراث الذكور ، وان بان أنه أنثى (١) فقد أخذ حقه ويعطى الباقي العصبة ، وبه قال زيد بن ثابت.

وقال ( ـ ح ـ ) : نعطيه النصف يقينا ، والباقي ندفع الى عصبته. وذهب قوم من أهل الحجاز والبصرة إلى أنه يدفع اليه نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى ، فيعطى ثلاثة أرباع المال ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وجماعة من أهل الكوفة.

مسألة ـ ١٢٥ ـ « ـ ج ـ » : رجل مات وخلف أولادا مسلمين ومشركين ، فان

__________________

(١) م : وان بان بأنه أنثى.

٤٩

المسلمين يرثون عنه دون المشركين بلا خلاف ، فإن أسلم المشركون بعد موته قبل القسمة قاسموه المال (١) ، وان أسلموا بعد قسمة المال فلا ميراث (٢) لهم ، وبه قال عمر ، وعثمان. وقال جميع الفقهاء : أنه لا ميراث لهم بحال إذا أسلموا بعد موته ، سواء قسم أو لم يقسم.

مسألة ـ ١٢٦ ـ « ـ ج ـ » : مسلم مات وله أولاد مسلمون بعضهم معه حضور وبعضهم مأسورون ، فان الميراث للحاضرين والمأسورين ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال شريح : المأسورون أولى. وقال النخعي : لا يرث المأسور.

مسألة ـ ١٢٧ ـ : اختلف أصحابنا في ميراث المجوس على ثلاثة أقوال.

أحدها : أنهم لا يورثون الا بسبب ونسب يسوغ في شرع الإسلام.

والأخر : أنهم يورثون بالنسب على كل حال وبالسبب الذي يجوز في الشرع ، وما لا يجوز فلا يورثون به.

والثالث : أنهم يورثون بالأمرين جميعا ، سواء كان جائزا في الشرع أو لم يكن ، وهذا هو المختار في النهاية وتهذيب الاحكام ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعبد الله بن مسعود ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه والنخعي ، وقتادة ، فإنهم قالوا كلهم : المجوس (٣) يورثون بجميع قراباتهم التي يدلون بها ما لم يسقط بعضها بعضا ، وهذا هو الذي ذهبنا اليه.

فاما إذا تزوج (٤) واحد منهم بمن يحرم عليه في شرع الإسلام ، مثل أن يتزوج بأمه ، أو بنته ، أو عمته ، أو خالته ، أو بنت أخيه ، أو بنت أخته ، فإنه لا يثبت بينهما

__________________

(١) م : قاسموا المال.

(٢) م : بعد القسمة فلا ميراث.

(٣) م : فإنهم قالوا المجوس.

(٤) م : واما إذا تزوج.

٥٠

الميراث بالزوجية بلا خلاف عند الفقهاء ، لأن الزوجية لم تثبت.

قال ( ـ د ـ ) : والصحيح عندي أنه يثبت بينهما الميراث بالزوجية ، وروي ذلك عن علي عليه‌السلام ، ذكره ابن اللبان الفرضي (١) في الموجز.

وقال ( ـ ش ـ ) : كل قرابة إذا انفرد كل واحد منهما ترثه بجهة واحدة ، فإذا اجتمعا لم يرث بهما يعني جهتين.

مثال ذلك : مجوسي تزوج ببنته فماتت هي ، فإن الأب يرث بالأبوة ولا يرث بالزوجية (٢) ، وهكذا ان مات الأب فإنها ترث بالبنوة لا بالزوجية ، قالوا : وهذا لا خلاف فيه ، لأن الزوجية ما ثبتت. وان كان المجوسي تزوج بالأخت (٣) ، فجاءت ببنت ومات المجوسي ، فإن هذه البنت هي بنت وبنت أخت وأمها أخت وأم لهذه ان ماتت البنت ، فإن الأم ترث بالأمومة ، لان الأمومة أقوى من الاخوة ، لأنها تسقط والام لا تسقط ، وان ماتت الأم فهي ترث بالبنوة لا بالاخوة بمثل ذلك ، وبه قال في الصحابة زيد بن ثابت ، وفي التابعين الحسن البصري ، والزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل المدينة.

مسألة ـ ١٢٨ ـ : ماتت مجوسية وخلفت بنتا هي أخت لأب : للبنت النصف بالتسمية ، والباقي رد عليها. وقال ( ـ ح ـ ) : الباقي لها أيضا بالتعصيب ، لأن الأخت تعصب البنت. وقال أبو العباس : فيه قولان ، أحدهما مثل قول ( ـ ح ـ ) ، والثاني الباقي للعصبة ، لان من يدلي بسببين لا يرث بفرضين.

مسألة ـ ١٢٩ ـ : ماتت مجوسية وخلفت أما هي أخت لأب : للأم الثلث ، والباقي رد عليها. وقال الفقهاء : الباقي للعصبة.

__________________

(١) م : ابن الكنان الفرضي.

(٢) م : يرث بالأبوة دون الزوجية.

(٣) م : يزوج بالأخت.

٥١

مسألة ـ ١٣٠ ـ : مات مجوسي وخلف أما هي أخت لأب وأختا لأب وأم : للأم الثلث بالفرض ، والباقي رد عليها. وقال ( ـ ش ـ ) : للام الثلث وللأخت للأب والام النصف ، والباقي للعصبة. وقال ( ـ ح ـ ) : للأخت للأب والام النصف للام السدس ولها سدس آخر ، لأنها أخت لأب ، فيتصورها أختين يحجب لهما الأم إلى السدس.

مسألة ـ ١٣١ ـ : ماتت مجوسية وخلفت أما هي أخت (١) لأبيها وأخا لأب وأم : للأم الثلث ، والباقي رد عليها. وقال ( ـ ح ـ ) : للام السدس والباقي للأخ. وقال ( ـ ش ـ ) : للام الثلث والباقي للأخ.

مسألة ـ ١٣٢ ـ ( ـ ج ـ ) : المولود إذا علم أنه حي وقت ولادته بصياح ، أو حركة ، أو اختلاج ، أو عطاس ، فإنه يرث ، وبه قال الحسن ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، وأهل العراق ، الا أن من قول ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، والحسن بن صالح بن حي أن المولود إذا خرج أكثره من الرحم وعلم حياته ، ثمَّ خرج جميعه وهو ميت فإنه يرث ويورث منه.

وكان ( ـ ك ـ ) وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، والنخعي لا يورثون المولود حتى يسمع صوته.

مسألة ـ ١٣٣ ـ : إذا مات وخلف ورثة وامرأة حاملا ، فإنه يوقف ميراث ابنين ، لأن العادة جرت بأن أكثره ما تلده المرأة (٢) اثنان ، وما زاد على ذلك فشاذ خارج عن العادة ، وبه قال محمد بن الحسن ، ويقسم الباقي ويؤخذ به ضمنا.

وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يقسم ميراثه حتى تضع الا أن يكون الحمل يدخل نقصا على بعض الورثة ، فيدفع الى ذلك الوارث حقه معدلا ويوقف الباقي.

__________________

(١) م : وخلف اما هي أخت.

(٢) م : بأن أكثر ما تلده المرأة.

٥٢

وكان ( ـ ف ـ ) يقسم الميراث ، ويوقف نصيب واحد ويأخذ من الورثة ضمنا.

وهذا أيضا جيد يجوز لنا أن نعتمده (١). وكان شريك يوقف نصيب أربعة ، وهو قياس ( ـ ش ـ ). وروى ابن المبارك عن ( ـ ح ـ ) نحوه. وروى اللؤلؤي عن ( ـ ح ـ ) أنه يوقف المال كله حتى يضع الحمل (٢).

مسألة ـ ١٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : دية الجنين إذا تمَّ خلقه مائة دينار ، وإذا لم يتم فغرة عبد أو أمة. وعند الفقهاء غرة عبد أو أمة على كل حال ، الا أن هذه الدية يرثها سائر المناسبين وغير المناسبين ، وبه قال جميع الفقهاء إلا ربيعة فإنه قال : ان هذا العبد لامه ، لأنه قتل ولم ينفصل عنها ، فكأنه أتلف عضوا منها.

مسألة ـ ١٣٥ ـ ( ـ ج ـ ) : يرث الدية جميع الورثة ، سواء كانوا مناسبين أو غير مناسبين من الزوج والزوجة ، وبه قال جميع الفقهاء ، وروي عن علي عليه‌السلام روايتان ، إحداهما وهي الصحيح ما قلناه ، والثانية ان الدية للعصبة ولا يرث من لا يعقل عنه العقل ، مثل الأخت والزوج والزوجة.

مسألة ـ ١٣٦ ـ ( ـ ج ـ ) : يقضى من الدية الدين والوصايا ، وبه قال عامة الفقهاء ، إلا أبا ثور فإنه لا يقضى منها الدين ولا الوصية.

مسألة ـ ١٣٧ ـ ( ـ ج ـ ) : يخص الابن الأكبر من التركة بثياب جلد الميت وسيفه ومصحفه دون باقي الورثة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ١٣٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا خلفت المرأة زوجا ولا وارث لها سواه ، فالنصف له بالفرض ، والباقي يعطي إياه ، وفي الزوجة الربع لها بلا خلاف والباقي

__________________

(١) د : ان يعتمده.

(٢) م : حتى تضع الحمل.

٥٣

لأصحابنا فيه روايتان إحداهما مثل الزوج يرد عليها ، والأخرى الباقي لبيت (١) المال.

مسألة ـ ١٣٩ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يرث المرأة من الرباع الدور والأرضين شيئا ، بل يقوم الطوب والخشب ويعطى حقها منه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : لها الميراث من جميع ذلك.

مسألة ـ ١٤٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا تزوج رجل في حال مرضه ودخل بها ثمَّ مات ورثته ، وان لم يدخل بها لم ترثه.

وقال ( ـ ح ـ ) ، وأهل العراق والبصرة ، و ( ـ ش ـ ) : انها ترثه ولم يفصلوا. وقال ( ـ ك ـ ) وأهل المدينة (٢) : لا ترثه ولم يفصلوا.

مسألة ـ ١٤١ ـ ( ـ ج ـ ) : المكاتب على ضربين : مشروط عليه ومطلق ، فالمشروط عليه بمنزلة القن ما بقي عليه درهم فإنه لا يرث ولا يورث ، والمطلق يرث ويورث بمقدار ما تحرر منه ، وبه قال علي عليه‌السلام.

وروي عن عمر ، وزيد ، وعائشة ، وابن عمر أنهم جعلوا المكاتب عبدا ما بقي عليه درهم ولم يفصلوا ، واليه ذهب الزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وروي عن ابن عباس أنه قال : إذا كتبت الصحيفة فهو حر ، وعن ابن مسعود إذا أدى ثلثا أو ربعا فهو حر. وعن عمر نحوه.

مسألة ـ ١٤٢ ـ ( ـ ج ـ ) : المعتق بعضه بمنزلة المكاتب المطلق إذا أدى بعض مكاتبته ، يرث ويورث بحساب حريته ويمنع بحسب رقه ، وبه قال علي عليه‌السلام ، واليه ذهب ابن أبي ليلى ، وعطاء ، وطاوس ، وعثمان البتي.

__________________

(١) د ، م : الباقي لبيت المال وخالف جميع الفقهاء في ذلك المسئلتين معا وقالوا : الباقي لبيت المال.

(٢) د وم : وقال ( ـ ك ـ ) فأهل المدينة.

٥٤

وكان الزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ولا يورثون منه ويجعلون ماله للمستمسك برقه ، و ( ـ ح ـ ) يجعل ماله كمال المكاتب يؤدي عنه مكاتبته وان بقي شي‌ء كان لورثته ولا يورثه ما لم يكمل فيه الحرية.

وروي عن ( ـ ش ـ ) أنه قال : يورث عنه بقدر ما فيه من الحرية ولا يرث (١). وكان ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وزفر يجعلون المعتق بعضه بمنزلة الحر في جميع أحكامه.

مسألة ـ ١٤٣ ـ ( ـ ج ـ ) : الأسير إذا علم حياته فإنه يورث ، وإذا لم يعلم أحي هو أم ميت ، فهو بمنزلة المفقود ، وبه قال عامة الفقهاء.

وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال : لا يورث الأسير. وعن إبراهيم قال : لا يورث الأسير. وعن إبراهيم أيضا قال : يمنعه من الميراث.

مسألة ـ ١٤٤ ـ : لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته ، أو يمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة ، وان مات من يرثه المفقود دفع الى كل وارث أقل ما يصيبه ، ووقف الباقي حتى يعلم حاله ، لان الاعتبار بما يجري به العادة (٢) ، فالاحتياط أن يعمل على ذلك ، وما لم يجريه العادة فلا طريق اليه ، والتحديد بمدة بعينها لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وروي عن ( ـ ك ـ ) نحوه.

وقال بعض أصحاب ( ـ ك ـ ) يضرب للمفقود بمدة سبعين سنة مع سنة يوم فقد ، فان علمت حياته (٣) والا قسم ماله ، وقال بعض أصحابه : يضرب له بمدة تسعين.

وقال محمد : إذا بلغ ما لا يعيش مثله في سنة (٤) جعلناه ميتا وورثنا منه كل وارث حي ، وان مات أحد من ورثته قبل ذلك لم نورثه ولا أورث المفقود من ذلك ،

__________________

(١) م ، م : ولا يورث.

(٢) م : بما جرى به العادة.

(٣) م : فان علم حياته.

(٤) م : مثله في مثل سنة.

٥٥

ولم يحده بمدة ، وهذا مثل ما قلناه وقاله ( ـ ش ـ ).

وقال الحسن بن زياد : إذا مضى على المفقود من السن ما يكون مع سنه يوم فقد مائة وعشرون سنة ، قسم ماله بين الاحياء من ورثته ، وبه قال ( ـ ف ـ ).

مسألة ـ ١٤٥ ـ ( ـ ج ـ ) : الفاضل من فرض ذوي السهام يرد عليهم بقدر سهامهم الا على الزوج والزوجة ، أو يكون من ذوي الفروض من له سببان والأخر له سبب واحد ، فيرد على من له سببان ، وروي عن علي عليه‌السلام مثل ذلك ، واليه ذهب أهل العراق ، الا أنهم لم يستثنوا.

وكان ابن مسعود يرد على كل ذي سهم سهمه بقدر سهمه ، الا على ستة : الزوج ، والزوجة ، والجد مع ذي سهم من ذوي الأرحام ، وبنات الابن مع البنت والأخوات للأب مع الأخت للأب والام (١) ، وولد الام مع الام.

ورووا عن علي عليه‌السلام وابن عباس انهما لم يردا على الجدة مع ذي سهم من ذوي الأرحام ، فاذا انفردت ردوا عليها. وكان زيد يجعل الباقي لبيت المال ، واليه ذهب ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأهل المدينة.

مسألة ـ ١٤٦ ـ : انفرد ابن عباس بثلاث مسائل : بطلان العول ، وبه نقول. ولم يجعل الأخوات مع البنات عصبة ، كما نقول. ولم يحجب الام بدون الثلاثة من الاخوة ، ونحن نحجبها باثنين.

وانفرد ابن مسعود بخمس مسائل : كان يحجب الزوج والزوجة والام بالكفار والعبيد والقاتلين ، وقد ذكرنا الخلاف فيه ، وروي عنه أنه أسقط الأخوات ولد الام بالولد المشرك والمملوك ، وروي عنه أنه لم يسقطه ، وروي أن الجدة أسقط بالأم المشركة والمملوكة ، وروي عنه أنه لم يسقطها ، واليه ذهب أبو ثور.

وكان علي عليه‌السلام ، وزيد ، وفقهاء الأمصار لا يحجبون الا بالحر المسلم غير

__________________

(١) م : والأخوات للأب والام.

٥٦

القاتل ، وإذا استكمل الأخوات للأم والأب الثلاثين جعل الباقي للإخوة للأب دون أخواتهم ، واليه ذهب الأسود ، وعلقمة ، والنخعي ، وأبو ثور.

وكان باقي الصحابة ، وفقهاء الأمصار يجعلون الباقي بين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، وعندنا أن الباقي يرد على الأختين للأب والام ، لأنهما تجمعان سببين.

وكان يقول في بنت وبنات ابن وبني ابن : النصف للبنت ، ولبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس ، والباقي لبني

الابن. وكذلك في أخت لأب وأم واخوة وأخوات لأب ، يجعل للأخت للأب والام النصف وللأخوات للأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس ، ويجعل الباقي للإخوة للأب ، وكذلك مع البنت أو الأخت للأب والام دونه ، وبه قال أبو ثور.

وكان في سائر الصحابة (١) وفقهاء الأمصار يجعلون الباقي بين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، وعندنا الباقي يرد على البنت ، وقد مضى الخلاف فيه.

__________________

(١) م : وكان سائر الصحابة.

٥٧

كتاب الوصايا

مسألة ـ ١ ـ ( ـ ج ـ ) : تصح الوصية للوارث مثل الابن والأبوين وغيرهم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : لا وصية لوارث.

يدل على (١) مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٢) فان ادعوا أن هذه الآية منسوخة بقوله عليه‌السلام « لا وصية لوارث » قلنا : هذا خبر واحد ، ولا يجوز نسخ القرآن بأخبار الاحاد بلا خلاف.

مسألة ـ ٢ ـ : الأقارب الذين يرثون لكن معهم من يحجبهم مثل الأخت مع الأب أو مع الولد ، يستحب أن يوصي لهم وليس بواجب ، لأنه لا دليل عليه والاستحباب لا خلاف فيه ، وبه قال جميع الفقهاء ، وعامة الصحابة. وذهب الزهري والضحاك ، وداود بن علي ، وابن جرير الطبري ان الوصية واجبة لهؤلاء.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا كان رجل له ابن ، فأوصى لأجنبي بمثل نصيب ابنه ،

__________________

(١) م : دليلنا قوله تعالى.

(٢) سورة البقرة : ١٧٥.

٥٨

كان ذلك وصية بنصف المال ، لان ذلك مجمع عليه ، ولا دلالة على أكثر منه (١) وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يكون وصية بجميع المال.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا قال أوصيت له بنصيب ابني ، كانت الوصية باطلة ، لأن قوله نصيب ابني كأنه يقول : ما يستحق ابني ، وما يستحقه ابنه لا يجوز أن يستحقه غيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح ويكون له كل المال.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا قال أوصيت له ضعف نصيب أحد ولدي ، فإن عندنا يكون له مثلا نصيب أقل ورثته ، لان الضعف مثلا الشي‌ء ، وبه قال جميع الفقهاء.

وقال أبو عبيد : الضعف هو مثل الشي‌ء ، واستدل بقوله تعالى ( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ ) (٢) قال : وأجمع العلماء أنهن إذا أتين بفاحشة (٣) فعليهن حدان ، فلو كان الضعف مثليه لكان عليهن ثلاثة حدود فثبت ان الضعف هو المثل.

وأجيب عن ذلك بأن الظاهر يقتضي ثلاثة حدود ، وبه قال أبو عبيد لكن تركنا ذلك بدليل ، وهو قوله تعالى ( وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلّا مِثْلَها ) (٤) وروي أن عمر أضعف الصدقة على نصارى بنى تغلب ، ومعلوم أنه كان أخذ زكاتين (٥) من كل أربعين شاة شاتين.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا قال لفلان ضعفا نصيب أحد ورثتي ، يكون له ثلاثة أمثالها

__________________

(١) د : ولا دلالة على تركه منه.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٠.

(٣) م : إذ أتين بفاحشة.

(٤) سورة الانعام : ١٦١.

(٥) م ، ود : كان يأخذ زكاتين.

٥٩

وبه قال عامة الفقهاء إلا أبا ثور ، فإنه قال : له أربعة أمثالها.

يدل على ما قلناه ان ذلك مجمع عليه ، ولا دليل على ما زاد عليه ، قال الشيخ : ويقوى في نفسي مذهب أبي ثور ، لأنا قد دللنا على أن ضعف الشي‌ء مثلاه.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لفلان جزء من مالي ، كان له واحد من سبعة وروي جزء من عشرة. وقال ( ـ ش ـ ) : ليس فيه شي‌ء مقدر ، والأمر فيه الى الورثة.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال أعطوه كثيرا من مالي ، فإنه يستحق ثمانين على ما رواه أصحابنا في حد الكثير. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ما قاله في المسألة الأولى سواء.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لفلان سهم من مالي ، كان له سدس ماله. وقال ( ـ ش ـ ) مثل قوله في المسألتين. وقال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) : انه يدفع إليه أقل نصيب أحد الورثة إذا كان مثل الثلث أو دونه ، فان كان نصيب أحد الورثة أكثر من الثلث فإنه يعطى الثلث.

وعن ( ـ ح ـ ) روايتان ، إحداهما : أنه يعطى أقل الأمرين نصيب أحد الورثة إذا كان أنقص نصيبا أو السدس. والثانية : يعطى أقل نصيب أحد الورثة إذا كان أكثر من السدس ، ولا ينقص من السدس.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لواحد بنصف ماله ، ولاخر بثلث ماله ، ولاخر بربع ماله ، ولم يجزه الورثة وفي الأول الثلث من التركة وسقط ما زاد عليه ويسقط الباقون ، فإن نسي باسمه (١) استعمل القرعة وفي ما ذكر له ، فان فضل كان لمن يليه في القرعة.

وقال ( ـ ش ـ ) : هذه يعول (٢) من اثنى عشر إلى ثلاثة عشر لصاحب النصف ستة

__________________

(١) م : فإن نسي بدأ باسمه.

(٢) م : تعول.

٦٠