المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب الجزية

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أخذ الجزية من عبدة الأوثان ، سواء كانوا من العرب أو من العجم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يؤخذ من العجم ولا يؤخذ من العرب (١). وقال ( ـ ك ـ ) : يؤخذ من جميع الكفار الا من مشركي قريش.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أخذ الجزية من أهل الكتاب وان كانوا من العرب بدلالة الآية ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال ( ـ ف ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المجوس كان لهم كتاب ، ثمَّ رفع عنهم ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ) ، وله قول آخر وهو أنه لم يكن لهم كتاب ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصابئة لا يؤخذ منهم الجزية ولا يقرون على دينهم ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال باقي الفقهاء : تؤخذ منهم الجزية.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصغار المذكور في آية الجزية هو التزام الجزية على ما يحكم به الامام من غير أن تكون مقدرة والتزام أحكام الإسلام عليهم ، بدلالة

__________________

(١) م : يؤخذ من العجم دون العرب.

٤٤١

إجماع الفرقة على أن الصغار هو أن لا يقدر الجزية ، فيوطن نفسه عليها ، بل تكون بحسب ما يراه الامام مما يكون منه صاغرا.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو التزام أحكامنا عليهم ، ومن الناس من قال : هو وجوب جري أحكامنا عليهم. ومنهم من قال : الصغار أن تؤخذ منه الجزية قائما والمسلم جالس.

مسألة ـ ٦ ـ : المجنون المطبق لا خلاف أنه لا جزية عليه ، فان كان ممن يجن أحيانا ويفيق أحيانا حكم بالأغلبية (١) ، بدلالة قوله ( حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ) (٢) ولم يستثن ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يسقط حكم المجنون ولا يلفق أيامه. وقال أكثر أصحابه : يلفق أيامه ، فإذا بلغت الأيام حولا وجبت الجزية.

مسألة ـ ٧ ـ : الشيوخ الهرمى وأصحاب الصوامع والرهبان يؤخذ منهم الجزية ، بدلالة الآية وعمومها. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ : يجوز لأهل الذمة أن يلبسوا العمائم والرداء ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ) : ليس لهم ذلك.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا صالحنا المشركين على أن تكون (٣) لهم الأرض بجزية التزموها وضربوها على أراضيهم ، فيجوز للمسلم أن يشتريها ويصح الشراء ، وتصير أرضا عشرية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : الشراء باطل.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا دخل حربي إلينا بأمان ، فقال له الإمام : أخرج الى دار الحرب ، فإن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميا ، فأقام سنة ، ثمَّ قال : قد أقمت

__________________

(١) م : بالأغلب.

(٢) سورة التوبة : ٢٩.

(٣) م ود : يكون.

٤٤٢

لحاجة قبل منه ، ولم يكن له أخذ الجزية منه بل يرده إلى مأمنه ، لأن عقد الذمة لا يكون إلا بإيجاب وقبول ولم يوجد ها هنا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أقام سنة صار ذميا.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا هادن الامام قوما ، فدخل إلينا منهم قوم فسرقوا ، وجب عليهم القطع بدلالة آية السرقة وعمومها. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا زنا المهادن أو شرب الخمر ظاهرا ، أقيم عليه الحد ، بدلالة عموم الآية. وقال جميع الفقهاء : لا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أهل الذمة إذا فعلوا ما يوجب الحد مما يحرم في شرعهم مثل الزنا واللواط والسرقة والقتل والقطع ، أقيم عليهم الحد بلا خلاف ، لأنهم عقدوا الذمة بشرط أن تجري عليهم أحكامنا ، وان فعلوا ما يستحلونه مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونكاح المحارم ، فلا يجوز أن يتعرض لهم ما لم يظهروه بلا خلاف ، فإن أظهروه وأعلنوه كان للإمام أن يقيم عليهم الحدود.

وقال الفقهاء : يعزرهم على ذلك ولا يقيم عليهم الحدود التامة.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس للجزية حد محدود ، بل ذلك موكول الى اختيار الإمام ، يأخذ منهم بحسب ما يراه أصلح مما تحتمله أحوالهم قدر ما يكونون به صاغرين ، وبه قال ( ـ ر ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا بذل الكافر دينارا في الجزية قبل منه ، سواء كان موسرا أو معسرا أو متوسطا.

وقال ( ـ ك ـ ) : أقل الجزية أربعة دنانير على أهل الذهب ، وثمانية وأربعون درهما على أهل الورق جزية ، المقل اثنا عشر درهما ، والمتوسط أربعة وعشرون ، والغني ثمانية وأربعون.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من لا كسب له ولا مال ، لا تجب عليه جزية ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

٤٤٣

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا وجبت الجزية على الذمي بحؤول الحول ، ثمَّ مات أو أسلم فعند ( ـ ش ـ ) لا يسقط. وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط.

وقال أصحابنا : ان أسلم سقطت الجزية ولم يذكروا الموت. والذي يقتضيه المذهب أنه لا تسقط الجزية بالموت ، لأن الحق واجب عليه ، فيؤخذ من تركته ولا دليل على سقوطه.

ويدل على سقوطها بالإسلام قوله تعالى ( حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) (١) فشرط في الإعطاء الصغار ، وذلك لا يمكن مع الإسلام ، وقوله عليه‌السلام « الإسلام يجب ما قبله » وقوله عليه‌السلام « لا جزية على مسلم ».

__________________

(١) سورة التوبة : ٢٩.

٤٤٤

كتاب الصيد والذبائح

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الصيد الا بالكلب ، ولا يجوز بشي‌ء من جوارح الطير ، كالصقر والبازي والباشق والعقاب ، ولا بشي‌ء من سباع البهائم ، كالفهد والنمر الا الكلب خاصة ، وبه قال ابن عمر ، ومجاهد.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وربيعة : يجوز بجميع ذلك الصيد إذا أمكن تعليمه متى تعلم.

وقال الحسن البصري ، والنخعي ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : يجوز بكل ذلك الا بالكلب الأسود البهيم ، فإنه لا يجوز الاصطياد به ، لقوله عليه‌السلام : لو لا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها ، فاقتلوا الأسود البهيم.

مسألة ـ ٢ ـ : الكلب انما يكون معلما بثلاث شرائط : أحدها إذا أرسله استرسل وثانيها : إذا زجره انزجر. وثالثها : أن لا يأكل ما يمسكه ويتكرر ذلك منه. وانما قلنا بذلك ، لان المرجع في ذلك الى العرف ، وما اعتبرناه مجمع على أنه يصير به معلما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا فعل ذلك دفعتين كان معلما.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أنه لا يجوز الصيد بغير الكلب المعلم ، فان صيد

٤٤٥

بغيره وأدرك ذكاته ، حل أكله إذا ذكي ، وان قتله الجارح لا يحل أكله ، معلما كان أو غير معلم ، وما يصطاده الكلب المعلم وقتله قبل أن تدرك ذكاته ولم يأكل منه شيئا يجوز أكله ، وان أكل وكان معتادا لذلك لم يحل أكله ، وان كان ذلك نادرا جاز أكله.

وقال ( ـ ش ـ ) : كل جارحة معلمة إذا أخذت وقتلت بعد الإرسال ، فان لم تأكل منه شيئا فهو مباح ، من الطير كان أو من السبع.

وان أخذت وقتلت ، فان كان سبعا ففيه قولان ، قال في القديم : يحل ، وهو مذهب ( ـ ك ـ ). وقال في الجديد : لا يحل ، وبه قال ابن عباس ، والحسن البصري ، والنخعي ، والشعبي ، و ( ـ د ـ ). وما قتله قبل هذا ولم يأكل منه شيئا ، فهو مباح قولا واحدا.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : لا يحل هذا الذي أكل منه ، وكلما اصطاده وقتله فيما سلف وان لم يأكل آكل منه.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : جوارح الطير كلها لا يجوز أكل ما تصطاده إلا إذا أدركت ذكاته ، فما قتله لا يجوز أكله.

وقال ( ـ ش ـ ) : حكم سباع الطير حكم سباع البهائم إن أكلت مما قلت ، وهل يحل أكل ما أكلت منه؟ فيه قولان. وقال المزني : لم يجز قولا واحدا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٥ ـ : إذا شرب الكلب المعلم من دم الصيد ولم يأكل من لحمه لم يحرم ، لقوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (١) وقد ثبت أن المراد به ترك الأكل منه ، وبه قال جميع الفقهاء ، إلا النخعي فإنه قال : شرب الدم كالأكل سواء.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التسمية واجبة عند إرسال السهم ، أو إرسال الكلب ،

__________________

(١) سورة المائدة : ٦.

٤٤٦

وعند الذبيحة ، فمتى لم يسم مع الذكر لم يحل أكله ، وان نسيها (١) لم يكن به بأس ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال الشعبي ، وداود ، وأبو ثور : التسمية شرط فمن تركها عامدا أو ساهيا لم يحل أكله. وقال ( ـ ش ـ ) : التسمية مستحبة ، فان لم يفعل لم يكن به بأس.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا أرسل مسلم كلبه المعلم ومجوسي كلبه ، فأدركه كلب المجوسي ، فرده الى كلب المسلم فقتله كلب المسلم وحده ، حل أكله بدلالة قوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحل أكله ، لأنهما تعاونا على قتله.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا عض الكلب الصيد ، لم ينجس به ولا يجب غسله ، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك ، ولم يؤمر فيها بغسل الموضع.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينجس الموضع ، وهل يجب غسله؟ فيه وجهان.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا عقر الكلب المعلم الصيد عقرا ، لم يصيره في حكم المذبوح ، وغاب الكلب والصيد عن عينه ثمَّ وجده ميتا ، لم يحل أكله ، لأنه لا دليل في الشرع على ذلك ، وروى سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم أنه قال : قلت يا رسول الله انا أهل صيد وان أحدنا يرمي الصيد ، فيغيب عنه الليلة والثلاث ، فيجده ميتا وفيه سهمه ، فقال : إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكله. فأباحه بشرط أن يعلم أن سهمه قتله.

وروي أن رجلا أتى عبد الله بن عباس ، فقال له : اني أرمي فأصمي وأنمى ، فقال له : كل ما أصميت ودع ما أنميت. يعني : كل ما قتل وأنت تراه ، ولا تأكل ما غاب عنك خبره.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه طريقان ، أحدهما : يحل أكله قولا واحدا. والأخر : أن

__________________

(١) د : يسمها.

٤٤٧

المسألة على قولين. وقال ( ـ ح ـ ) : ان تشاغل به فتبعه فوجده ميتا حل ، وان وجده بعد يوم لم يحل أكله.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا أدركه وفيه حياة مستقرة ، لكنه في زمان لا يتسع لذبحه ، أو كان ممتنعا فجعل يعد وخلفه فوقف له وقد بقي من حياته زمان لا يتسع لذبحه لا يحل أكله ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يحل أكله.

والذي يدل على المسألة أن ما ذكرناه مجمع على جواز أكله ، وهو إذا أدركه فذبحه. وأما إذا لم يذبحه ، فليس على اباحته دليل. وأيضا فقد روى أصحابنا أن أقل ما تلحق معه الذكاة أن يجده وذنبه يتحرك أو رجله تركض ، وهذا أكثر من ذلك ، فان قلنا بجواز أكله كان قويا.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا أرسل كلبه المعلم وسمى عند إرساله على صيد بعينه فقتل غيره حل ، لقوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) ولم يفصل (١). ولما روى عدي بن حاتم وأبو ثعلبة الخشني أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه ، فكل ما أمسك عليك ولم يفرق ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يحل أكله لأنه أمسك غير الذي أرسله عليه ، فهو كما لو استرسل بنفسه.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أرسل كلبه المعلم في جهة (٢) ، فعدل عن سمته إلى جهة غيرها وقتل ، حل أكله ، بدلالة الآية والخبر. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا رمى سهما أو حربة ولم يقصد شيئا ، فوقع في صيد فقتله ، أو رمى شخصا فوقع في صيد فقتله ، أو قطع شيئا ظنه غير شاة فكانت شاة ،

__________________

(١) د : بإسقاط « لم يفصل ».

(٢) ح : إلى جهة.

٤٤٨

كل هذا لا يحل أكله ، لأنا قد دللنا على وجوب التسمية ، وهي ها هنا مفقودة.

ولو كانت موجودة لاحتاجت الى قصد قتل الصيد أو المذبوح ، وذلك مفقود ها هنا.

ولل ( ـ ش ـ ) في رمي السهم والسلاح وجهان ، وفي رمي الشخص وذبح شاة وجه واحد ، وهو أنه يجوز أكله.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استرسل الكلب من قبل نفسه من غير إرسال صاحبه فقتل الصيد ، لم يحل أكله ، وبه قال جميع الفقهاء إلا الأصم ، فإنه قال : لا بأس بأكله.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا استرسل الكلب بنفسه نحو الصيد ، ثمَّ رآه صاحبه نحو الصيد ، فأضراه وأغراه فازداد عدوه وحقق قصده وصار عدوه أسرع من الأول ، لم يحل أكله ، بدلالة الخبر أن النبي عليه‌السلام اعتبر الإرسال والتسمية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يحل أكله.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى سهما وسمي ، فوقع على الأرض ، ثمَّ وثب فأصاب الصيد فقتله ، حل أكله ، بدلالة إجماع الفرقة على جواز أكل ما يقتله السهم مع التسمية ولم يفصلوا. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قطع الصيد بنصفين حل أكل الكل بلا خلاف ، فان كان الذي مع الرأس أكثر حل الذي مع الرأس دون الباقي ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وقال ( ـ ش ـ ) : يحل أكل الجميع.

يدل عليه طريقة الاحتياط ، وما روى ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : ما أبين من حي فهو ميت. وهذا الأقل أبين فيجب كونه ميتا. وقد روى ذلك أصحابنا لا يختلفون فيه ، فهو إجماع منهم عليه.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اصطاد المسلم بكلب علمه مجوسي ، حل أكل ما قتله ، وبه قال الفقهاء. وقال الحسن ، و ( ـ ر ـ ) : لا يحل.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا كان المرسل كتابيا ، لم يحل أكل ما قتله ، لقيام الدلالة

٤٤٩

على أن ذبائح أهل الكتاب لا يجوز أكلها ، ومن قال بذلك قال حكم المرسل مثله. وقال جميع الفقهاء : يجوز ذلك.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا كان المرسل مجوسيا أو وثنيا لم يجز بلا خلاف ، وان كان أحد أبويه مجوسيا أو وثنيا والأخر كتابيا ، لم يجز أيضا عندنا.

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز على كل حال. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الأب مجوسيا ، لم يحل قولا واحدا. وان كانت الأم مجوسية ، فعلى قولين.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل حيوان مقدور على ذكاته إذا لم يقدر على ذلك ، بأن يصير مثل الصيد والتردي في البئر ، فلا يقدر على موضع ذكاته ، كان عقره ذكاته في أي موضع وقع فيه ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، وفي التابعين عطاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، وفي الفقهاء ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ذكاته في الحلق واللبة ، فإن قتله في غيرهما لم يحل أكله ، وبه قال سعيد بن المسيب ، وربيعة ، والليث.

مسألة ـ ٢٢ ـ : لا تحل التذكية بالسن ولا بالظفر ، سواء كان متصلا أو منفصلا بلا خلاف ، فان خالف وذبح به لم يحل أكله ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ان كان السن والظفر متصلين فكما قلناه ، وان كانا منفصلين حل أكله.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب اليهود والنصارى عند المحققين (١) من أصحابنا. وقال شذاذ منهم لا يعتنى بقولهم : انه يجوز أكله وبه قال جميع الفقهاء.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الذكاة في اللبة إلا في الإبل خاصة ، فأما البقر والغنم فلا يجوز ذبحها إلا في الحلق ، فان ذبح الإبل أو نحر البقر والغنم لم يحل

__________________

(١) د ، ف : المحصلين ، وسقط العبارة من ، م.

٤٥٠

أكله.

وقال جميع الفقهاء : ان التذكية في الحلق واللبة على حد واحد ، ولم يفصلوا.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا رمى طائرا فجرحه ، فسقط على الأرض فوجده ميتا ، حل أكله سواء مات قبل أن يسقط أو بعد أن يسقط ، بدلالة ظواهر الأخبار الواردة في أن ما قتله السهم لا بأس بأكله ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وروى عدي بن حاتم قال سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصيد ، فقال : إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله فقتل فكل ، وان وقع في الماء فلا تأكل ، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك.

وقال ( ـ ك ـ ) : إذا مات بعد سقوطه لا يحل أكله ، لأن السقوط أعان على موته كما لو وقع في الماء.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا قتل الكلب المعلم الصيد بالعقر ، حل أكله بلا خلاف ، وعند الفقهاء مثل ذلك في سائر جوارح الطير والسباع ، وان قتل من غير عقر مثل ان صدمه فقتله ، أو غمه حتى مات ، فلا يحل أكله ، بدلالة قوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) فأباح لنا ما أمسكه الجارح ، والجارح هو الذي يجرح ويعقر ، وهذا لم يجرح.

وروى نافع بن خديج أن النبي عليه‌السلام قال : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما أنهر دمه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، وهو رواية ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وزفر عن ( ـ ح ـ ).

والقول الأخر : يحل أكله ، وهو رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي عن ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا رمى شخصا بظنه حجرا أو شجرا ، فبان صيدا قد قتله أو عقر آدميا أو صيدا لا يؤكل ، كالكلب والخنزير والدب وغيرها ، لا يحل أكله ، لأنا قد بينا وجوب التسمية ، وهذا لم يسم ولم يقصد الذباحة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يحل أكله. وقال ( ـ م ـ ) : ان اعتقد شجرا أو آدميا فبان صيدا لم

٤٥١

يؤكل ، وان اعتقده كلبا أو خنزيرا فبان صيدا حل أكله ، لأنه من جنس الصيد.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا ملك صيدا فأفلت منه ، لم يزل ملكه عنه ، طائرا كان أم غير طائر ، لحق بالبراري (١) أم لم يلحق ، لأنه لا دليل على زوال ملكه عنه ، وقد ثبت أنه ملكه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان يطير في البلد وحوله فهو ملكه ، وان لحق بالبراري وعاد إلى أصل التوحش زال ملكه.

مسألة ـ ٢٩ ـ : الطحال والقضيب والخصيتان والرحم والمثانة والغدد والعلباء والحدق والخرزة تكون في الدماغ والنخاع والفرج محرم عندنا وتكره الكليتان.

وقال جميع الفقهاء : ان جميع ذلك مباح.

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يؤكل من حيوان الماء الا السمك ، ولا يؤكل من أنواع السمك الا ما كان له قشر ، فأما غيره مثل المارماهي والزمير وغيره ، وغير السمك من الحيوان ، مثل الخنزير والكلب والسلحفاة والضفادع والفأر والإنسان فإنه قد قيل ما من شي‌ء الا ومثله في الماء ، فان جميع ذلك لا يحل أكله بحال.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يؤكل غير السمك ولم يفصل ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : جميع ذلك يؤكل. قال الربيع : سئل ( ـ ش ـ ) عن خنزير الماء ، فقال : يؤكل ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث ، وابن أبي ليلى. وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال : يعتبر بدواب البر ، فإن أكل من دوابه ، فكذلك من دواب البحر ، وما لم يؤكل البري منه فكذلك البحري.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السمك إذا مات بالماء لا يحل أكله ، وكذلك ما نضب عنه الماء ، أو انحسر عن الماء وحصل في ماء بارد أو حار فمات فيه ، لم يحل أكله.

__________________

(١) ح : طائرا يلحق بالبراري.

٤٥٢

وقال ( ـ ش ـ ) : يحل جميع ذلك من جميع حيوان الماء.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا مات حتف أنفه لم يؤكل ، وان مات بسبب مثل أن حسر الماء عنه ، أو ضرب بشي‌ء أكل ، إلا ما يموت بحرارة الماء أو برودته ، ففيه عنه روايتان.

مسألة ـ ٣٢ ـ : السمك (١) يحل أكله إذا مات حتف أنفه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) : لا يحل حتى يقطع رأسه.

مسألة ـ ٣٣ ـ : ابتلاع السمك الصغار قبل أن يموت لا يحل ، لأنه لا دليل عليه وانما أبيح لنا إذا كان ميتا ، لقوله عليه‌السلام أحلت لنا ميتتان ودمان ، فالميتتان : السمك ، والجراد.

مسألة ـ ٣٤ ـ : يجوز أكل الهازبي وان لم يلق ما في جوفه من الرجيع ، لإجماع الفرقة على أن ذرق (٢) وروث ما يؤكل لحمه طاهر. وقال أبو حامد الاسفرائني : لا يحل أكله إلا بعد تنقيته.

مسألة ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : دم السمك طاهر. ولل ( ـ ش ـ ) (٣) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني : أنه نجس.

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط السمك.

(٢) د : ذرق الدجاج.

(٣) م : وبه قال ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه.

٤٥٣

كتاب الضحايا والعقيقة

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأضحية سنة مؤكدة وليست بواجبة ، وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر ، وابن عباس ، وأبو مسعود البدري ، وبلال ، وابن عمر ، وفي التابعين عطاء ، وعلقمة ، والأسود ، واليه ذهب ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) (١). وذهب قوم إلى أنها واجبة بأصل الشرع ، وهم ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث بن سعد ، و ( ـ ح ـ ).

ول ( ـ ح ـ ) تفصيل قال : ان كان معه نصاب يجب عليه ، وان (٢) لم يكن معه نصاب لم يجب عليه ، وتجب على المقيم دون المسافر ، وان فات وقتها لا تجب اعادتها.

مسألة ـ ٢ ـ : لا يكره لمن يريد التضحية يوم العيد أو شراء أضحية وان لم تكن حاصلة أن يحلق شعر رأسه ويقص (٣) أظافره (٤) في أول العشر الى يوم

__________________

(١) بإسقاط ، م.

(٢) م : والا فلا.

(٣) د : أو يقص.

(٤) ح ، ود : أظفاره.

٤٥٤

النحر ، ولا يحرم ذلك عليه الا أن يكون محرما ، لأنه لا دلالة على كون ذلك محرما أو مكروها ، والأصل الإباحة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يكره له ذلك ولا يحرم. وقال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : يحرم عليه ذلك حتى يضحى وروى عن عائشة أنها قالت : كنت أقلد (١) قلائد هدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمَّ يقلدها بيده ، فلم يحرم عليه شي‌ء أحل الله له حتى نحر الهدي. وهذا نص.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الثني (٢) من كل شي‌ء في الأضحية من الإبل والبقر والغنم والجذع من الضأن ، وبه قال عامة أهل العلم. وقال ابن عمر والزهري لا يجزئ إلا الثني. وقال عطاء : يجوز الجذع من كل شي‌ء. وأما الجذع من الماعز فلا يجزئ بلا خلاف.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أفضل الأضاحي الثني من الإبل ، ثمَّ البقر ثمَّ الجذع من الضأن ، ثمَّ الثني من المعز ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : أفضلها الجذع من الضأن.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره من الأضاحي الجلحاء ، وهي التي لم يخلق (٣) بها قرن ، والعضباء وهي التي قد كسر ظاهر القرن وباطنه ، سواء دمي قرنها أو لم يدم ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال النخعي : لا يجزئ الجلحاء. وقال ( ـ ك ـ ) : العضباء ان رمى (٤) قرنها لم تجز (٥) ، وان لم يدم أجزأت.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يدخل وقت ذبح الأضحية من طلوع الشمس (٦) من يوم النحر ، وبه قال عطاء.

__________________

(١) م : كنت اقبل ، وفي الخلاف : أفتل.

(٢) ح : المثنى.

(٣) م : بإسقاط ( لم يخلق ) ود : لم تخلق.

(٤) د ، م : دمي.

(٥) د : لم يجز.

(٦) د ، م : بطلوع الشمس.

٤٥٥

واختلف الفقهاء في المسألة على أربعة مذاهب ، فقال ( ـ ش ـ ) : يدخل بدخول الوقت ، والوقت إذا دخل وقت صلاة الأضحى ، وهو إذا ارتفعت الشمس قليلا يوم الأضحى ومضى بعد هذا زمان قدر ما يمكن صلاة العيد والخطبتين ، سواء صلى الإمام أو لم يصل.

واختلف أصحابه في صفة الصلاة على وجهين ، فمنهم من قال : الاعتبار بصلاة النبي عليه‌السلام ، وكان يقرأ في الأولى الحمد وسورة ق ، وفي الثانية الحمد واقتربت الساعة ويخطب بعدهما (١) خطبتين كاملتين. ومنهم من قال : الاعتبار بركعتين أقل ما يجزئ وخطبتين خفيفتين (٢).

وقال ( ـ ح ـ ) : يدخل وقتها بالفعل ، وهو أن يفعل الإمام الصلاة ويخطب ، فاذا فرغ من ذلك دخل وقت الذبح ، وان تأخرت صلاته لم يذبح حتى يصلي هذا في حق أهل المصر ، فأما أهل السواد فوقت الذبح في حقهم طلوع الفجر من يوم النحر ، لأنه لا عيد على أهل السواد.

وقال ( ـ ك ـ ) : يدخل (٣) بوجود الفعل أيضا والفعل (٤) صلاة الامام والخطبتان (٥) وذبح الإمام أيضا ، فإن تقدم على هذا لم يجز. قال : وأما أهل السواد ، فوقت كل موضع معتبر بأقرب البلدان اليه ، فاذا أقيمت الصلاة والذبح في ذلك البلد دخل وقت النحر. وقال عطاء : وقته طلوع الشمس من يوم النحر.

مسألة ـ ٧ ـ : الذكاة لا تقع مجزية الا بقطع أربعة أشياء : الحلقوم وهو

__________________

(١) د ، م : بعدها.

(٢) د ، م : بإضافة بعدهما.

(٣) د ، م : يدخل وقته.

(٤) م : وهو.

(٥) د ، م : والخطبتين.

٤٥٦

مجرى النفس ، والمري‌ء وهو تحت الحلقوم وهو مجرى الطعام والشراب ، والودجين وهما العرقان المحيطان (١) بالحلقوم ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وطريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه ، لان ما اعتبرناه مجمع على (٢) وقوع الذكاة به.

وروى أبو أمامة أن النبي عليه‌السلام قال : ما فرى الأوداج فكلوا ما لم يكن قرض ناب أو جز ظفر ، فاعتبر فري الأوداج بغير قطعها.

وقال ( ـ ح ـ ) : قطع أكثر الأربعة شرط في الاجزاء ، قالوا : وظاهر مذهبه الأكثر من كل واحدة منها. وقال ( ـ ف ـ ) : أكثر الأربعة عددا ، فكأنه يقطع ثلاثة من الأربعة بعد أن يكون الحلقوم والمري‌ء من الثلاثة. وقال ( ـ ش ـ ) : الاجزاء يقع (٣) بقطع الحلقوم والمري‌ء وحدهما وقطع الأربعة من الكمال.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السنة في الإبل النحر ، وفي البقر والغنم الذبح بلا خلاف فان ذبح الكل أو نحر الكل لم يجز عندنا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز كل ذلك. وقال ( ـ ك ـ ) : النحر يجوز في الكل والذبح لا يجوز في الإبل خاصة ، فإن ذبح الإبل لم يحل أكله كما قلناه (٤).

مسألة ـ ٩ ـ : قد قدمنا أن ذبائح أهل الكتاب لا يجوز أكلها وكذلك الأضحية ، وخالفنا جميع الفقهاء في الذبائح من غير كراهية.

وقال ( ـ ش ـ ) : أكره ذلك في الأضحية من يجزيه (٥). وقال ( ـ ك ـ ) : يحل أكله ولا يجزئ في الأضحية.

__________________

(١) م ، د : وهما عرقان محيطان.

(٢) م : على ذلك.

(٣) م : يقطع.

(٤) م ، د : فيما قلناه.

(٥) م ، د : لكن يجزيه.

٤٥٧

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا قلنا ان ذبائح أهل الكتاب ومن خالف الإسلام لا تجوز ، فقد دخل في جملتهم نصارى تغلب (١) وهم تنزخ وبهراء وبنو وائل ووافقنا على نصارى تغلب ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ح ـ ) تحل ذبائحهم.

مسألة ـ ١١ ـ : لا يجوز أكل ذبيحة تذبح الى غير القبلة عمدا مع الإمكان وخالفنا (٢) جميع الفقهاء في ذلك وقالوا انه مستحب غير واجب وروي عن ابن عمر أنه قال أكره ذبيحة تذبح لغير القبلة ويدل على المسألة أن ما اعتبرناه مجمع على جواز التذكية به وليس على ما قالوا دليل.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الذبيحة (٣) ، وأن يقول : اللهم تقبل مني ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يكره الصلاة على النبي على الذبيحة. وقال ( ـ ح ـ ) : يكره الصلاة على النبي وأن يقول اللهم تقبل مني.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ قوله (٤) تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) وذلك لعمومه (٥) وروى (٦) أهل التفسير في قوله تعالى ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) أي لا أذكر الا وتذكر معي.

وروى عبد الرحمن بن عوف ، قال : سجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوقفت أنظر (٧)

__________________

(١) م ، د : في جملتهم ذبائح نصارى تغلب.

(٢) م ، د : وخالف.

(٣) م ، د : على الذبيحة.

(٤) م : دليلنا قوله تعالى.

(٥) م ، د : وذلك على عمومه.

(٦) م ، د : وقد روى.

(٧) م ، د : ننظر.

٤٥٨

فأطال ثمَّ رفع رأسه ، فقال عبد الرحمن (١) له : لقد خشيت أن يكون الله عزوجل قبض (٢) روحك في سجودك ، فقال : يا عبد الرحمن لقيني جبرئيل فأخبرني عن الله تعالى أنه (٣) قال : من صلى عليك صليت عليه فسجدت شكرا لله ، وفي بعضها من صلى عليك مرة صليت عليه عشرا (٤) ، فسجدت لله شكرا. فثبت أن الصلاة على النبي مستحبة على كل حال وفي كل وقت.

وروى جابر قال : ذبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين ، فلما وجههما قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين ، ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين الى قوله : وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك من (٥) محمد وأمته ، بسم الله والله أكبر ، ثمَّ ذبح.

وروت عائشة أن النبي عليه‌السلام أمر بكبش أقرن ، يطأ في سواد ، وينظر في سواد ، ويبرك في سواد ، فأتي به فضحى به ، ثمَّ أخذ الكبش فأضجعه (٦) وقال : بسم الله (٧) اللهم صل على محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثمَّ ضحى وهذا نص.

مسألة ـ ١٣ ـ : يكره إبانة الرأس من الجسد ، وقطع النخاع قبل أن تبرد الذبيحة ، فإن خالف وأبان لم يحرم أكله ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال سعيد

__________________

(١) د : عبد الرحمن بن عوف.

(٢) م ، د : قد قبض.

(٣) د : لم يذكر انه.

(٤) د ، م : عليه بها عشرا.

(٥) م ، د : عن محمد ( ص ).

(٦) م ، د : فأضجعه وذبحه.

(٧) م : بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ود : بسم الله وبالله اللهم تقبل من محمد وآل محمد.

٤٥٩

ابن المسيب : يحرم أكله (١).

ويدل على المسألة أن الأصل الإباحة ، وما روي عن علي عليه‌السلام أنه سئل عن بعير ضربت عنقه بالسيف ، فقال (٢) : يؤكل ولا مخالف له.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قطعت رقبة الذبيحة من قفاها فلحقت قبل قطع الحلقوم والمري‌ء وفيها حياة مستقرة ، وعلامتها أن تتحرك حركة قوية حل أكلها إذا ذبحت ، وان لم يكن فيها حركة قوية لم يحل أكلها لأنها ميتة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) : لا يحل أكلها على حال ، ورووا عن علي عليه‌السلام (٣) أن قطع ذلك عمدا لم يحل أكلها ، وان كان سهوا حل أكلها.

يدل على المسألة قوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ) (٤) وقوله عليه‌السلام : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا. وروى أصحابنا أيضا أن أدنى ما يلحق معه الذكاة أن تجده يركض برجله ، أو يحرك ذنبه. وهذا أكثر من ذلك.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا اشترى شاة تجزئ في الأضحية بنية أنها أضحية ، ملكها بالشراء وصارت أضحية ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما (٥) الأعمال بالنيات. وهذا نوى كونها أضحية ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ملكها (٦) ولا تكون أضحية.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أوجب على نفسه أضحية بالقول أو بالنية ، زال ملكه عنها وانقطع تصرفه فيها ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وأبو ثور ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا يزول ملكه عنها ، ولا ينقطع تصرفه فيها ، وتكون على

__________________

(١) م ، د : أكلها.

(٢) د : بحذف ( فقال ).

(٣) م : انه قال.

(٤) سورة الانعام : ١١٨.

(٥) م ، د : بحذف ( انما ).

(٦) م ، د : يملكها.

٤٦٠