المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

ضغثا فيه مائة شمراخ ، أو شد مائة سوط ، فضربه بها دفعة واحدة ، وعلم أنها كلها وقعت على جسده ، بر في يمينه ولم يحنث ، سواء آلمه أو لم يؤلمه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وهو ظاهر مذهب ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يعتد به الا بواحدة ، كما لو حلف ليضربنه مائة مرة أو مائة ضربة لم يبر ، كذلك ها هنا إذا قال : مائة أو مائة سوط ، ولا يعتد الا بما لم يؤلم.

مسألة ـ ٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ضربه بضغث فيه مائة ، ولم يعلم أن الجميع وصل الى بدنه ، بل (١) غلب على ظنه ذلك ، بر في يمينه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، والمزني : لا يبر حتى يقطع على أن المائة وصلت الى بدنه.

مسألة ـ ٩٠ ـ : إذا حلف لا وهبت له ، قال ( ـ ش ـ ) : هذه عبارة عن كل عين يملكه إياها متبرعا بها (٢) بغير عوض ، فان وهب له أو أهدى أو نحلة أو أعمره أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث ، وقد سمى رسول الله العمري هبة ، فقال : العمري هبة لمن وهبت له.

وبه قال ( ـ ح ـ ) في كل ذلك ، وخالفه في صدقة التطوع ، فقال : لا يحنث بها ، لأنها ليست بصدقة بل هي غير الهبة والهدية ، وهذا هو الصحيح الذي نختاره ، لان ذلك مجمع على وقوع الحنث به فأما صدقة التطوع ، فليس على وقوع الحنث به دليل.

ويدل أيضا على أن الصدقة غير الهبة والهدية أنه لا خلاف أن الصدقة كانت محرمة على النبي عليه‌السلام ، وأنه كان يقبل الهدية ، فلو كانا شيئا واحدا لما امتنع من أحدهما دون الأخر.

مسألة ـ ٩١ ـ : إذا حلف لا ركب دابة العبد ، وللعبد دابة قد جعلها سيده

__________________

(١) د : الى بدنه فغلب.

(٢) م : متبرعا بغير عوض.

٥٠١

في رسمه فركبها لم يحنث ، لان العبد لا يملك شيئا أصلا ، وهذه الإضافة يقتضي الملك ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث لأنها تضاف إليه.

مسألة ـ ٩٢ ـ : إذا قال ان دخلت الدار فمالي صدقة ، أو فعلي صوم شعبان ، أو قال : ان لم أدخل الدار ، أو لم أكلم فلانا فمالي صدقة ، أو فعلي صوم سنة ، فإذا وجد شرطه لم يكن ذلك نذرا ، وهو بالخيار بين الوفاء به وأن لا يفي به ، وليس بواجب عليه. وان قال بلفظ لله علي ذلك ، كان نذرا يجب الوفاء به.

وقال جميع الفقهاء : ان ذلك نذر في اللجاج والغضب ، وما الذي يجب عليه؟

اختلفوا فيه على ستة مذاهب ، فقال ( ـ ش ـ ) : هو بالخيار بين الوفاء بنذره ، وبين أن يكفر كفارة يمين.

وقال بعض أصحابه : الواجب عليه كفارة يمين ، الا أنه إذا أراد أن يفعل الأكمل (١) تصدق بماله ، هذا إذا علقه بعبادة غير الحج ، فأما ان علقه بحج ، فعلى قولين ، أحدهما : مثل العبادات. والثاني يلزمه الحج لا غير ، وبه قال في الصحابة عمر وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعائشة ، وزينب ، وأم سلمة ، وفي التابعين عطاء ، والحسن البصري ، و ( ـ د ، وق ـ ) ، وأبو ثور ، وأبو عبيد.

وقال النخعي ، والحكم ، وحماد : لا يلزمه به شي‌ء لا الوفاء ولا الكفارة مثل قولنا. وقال ربيعة : يلزمه قدر زكاة ما فيه الزكاة ، فإن كان له مال يجب فيه الزكاة أخرج قدر زكاته. وقال ( ـ ك ـ ) : عليه أن يتصدق بثلث ماله.

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يتصدق بماله الذي يجب فيه الزكاة ، حتى لو كان جميع (٢) ماله ما يجب فيه الزكاة ، فعليه أن يتصدق بماله. وقال عثمان البتي : عليه الوفاء به ، فيتصدق بجميع ماله ، فأضيفهم قول البتي ، ويليه ( ـ ح ـ ) ، ثمَّ ( ـ ك ـ ) ، ثمَّ ربيعة ، ثمَّ

__________________

(١) د : أن يفعل الأكل.

(٢) د : لو كان جمع.

٥٠٢

( ـ ش ـ ) ، ثمَّ النخعي.

مسألة ـ ٩٣ ـ : إذا حلف لا أستخدم عبدا ، فخدمه عبد من قبل نفسه لم يحنث سواء كان عبده أو عبد غيره ، لان الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان عبد نفسه حنث ، وان كان عبد غيره لا يحنث ، لأنه إذا كان عبد نفسه كان إقراره على ذلك وتمكينه منه استخداما.

مسألة ـ ٩٤ ـ : إذا حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل عنبا أو رطبا أو رمانا حنث لأن أهل اللغة يسمون ذلك فاكهة ، وبه قال ( ـ ف ، وم ، وش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث وليس عطف هذه الأشياء على الفاكهة في القرآن بدليل على أنها ليست بفاكهة ، كما أن عطف صلاة الوسطى على الصلوات لا يدل على أن لفظ الصلوات لا يشملها ، ومثله قوله تعالى ( وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ ) (١).

مسألة ـ ٩٥ ـ : إذا حلف لا أشم الورد ، فشم دهن الورد ، لم يحنث بلا خلاف وان حلف لا يشم بنفسجا ، فشم دهنه لم يحنث عندنا ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) (٢) : يحنث ، لأنه يقال لدهنه بنفسج.

مسألة ـ ٩٦ ـ : إذا حلف لا يضرب زوجته ، فعضها أو خنقها أو نتف شعرها لم يحنث ، لان هذه الافعال لا تسمى في اللغة ضربا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث بكل هذا ، لأنه ضرب وزيادة.

مسألة ـ ٩٧ ـ : إذا حلف لا يأكل إداما ، فأكل الخبز بالملح ، حنث بلا خلاف وان أكل لحما مشويا ، أو مطبوخا ، أو أكل الجبن حنث ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : سيد الإدام اللحم.

__________________

(١) سورة البقرة : ٩٢.

(٢) د : وقال يحنث.

٥٠٣

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث. وقال ( ـ ف ـ ) : الإدام ما يصطبغ به.

مسألة ـ ٩٨ ـ : إذا حلف لا يدخل بيتا ، فدخل صفة في دار لم يحنث ، لأن الصفة (١) لا تسمى بيتا في اللغة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث.

مسألة ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حلف لا أصلي ثمَّ صلى ، لم يحنث عندنا أصلا وان فرغ منها ، لإجماع الفرقة على أن من حلف لا يفعل شيئا ، وكان فعله أولى فليفعله ولا شي‌ء عليه.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث حتى يسجد. وقال أبو العباس بن سريج : لا يحنث حتى يكبر ويقرأ ويركع. وقال أبو حامد الاسفرائني : الذي يجي‌ء على المذهب أنه (٢) إذا أحرم بها حنث ، قرأ أو لم يقرأ.

مسألة ـ ١٠٠ ـ : إذا قال لعبده : ان لم أحج السنة فأنت حر ، فمضى وقت الحج ثمَّ اختلفا ، فقال السيد : قد حججت ، وقال العبد : ما حججت ، فأقام العبد البينة أن (٣) مولاه نحر يوم الأضحى بالكوفة ، قال ابن سريج : يعتق العبد. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يعتق.

وهذا على أصلنا لا يلزم أصلا ، لأن العتق بشرط عندنا لا يصح.

مسألة ـ ١٠١ ـ : إذا حلف لا يكلم فقرأ القرآن لم يحنث ، سواء كان في الصلاة أو في غير الصلاة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قرأ في الصلاة لم يحنث ، وان قرأ في غيرها حنث.

مسألة ـ ١٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال ان شفا الله مريضي فلله علي أن أمضي أو أمشي إلى بيت الحرام وشفى ، فقد وجب عليه الوفاء به ، وكان نذرا صحيحا ، ولا يجوز

__________________

(١) م : لأنها لا تسمى.

(٢) لم يذكر كلمة « انه » في ( ـ م ـ ).

(٣) د : لان مولاه.

٥٠٤

أن يمضي إلا حاجا أو معتمرا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) في المشي مثل ما قلناه ، وقال في الذهاب والمضي لا ينعقد نذره.

مسألة ـ ١٠٣ ـ : إذا نذر المشي وجب عليه ذلك ، ولا يجوز له أن يركب فان ركب وجب عليه إعادة المشي ، فإن عجز لزمه دم.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه الدم ولا اعادة عليه ، وأما الذهاب والمضي فهو بالخيار بلا خلاف.

مسألة ـ ١٠٤ ـ : إذا حلف لا تسرى فمتى تسرى حنث ، والتسري ما هو الاولى أن نقول انه عبارة عن الوطي والتخدير ، لان الجارية ضربان سرية وخادمة فاذا خدرها ووطئ فقد تسرى وترك الاستخدام ، وبه قال ( ـ ح ، وم ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الثاني : انه عبارة عن الوطي فحسب. والثالث : أنه عبارة عن الانزال مع الوطي ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وهو المذهب عندهم.

مسألة ـ ١٠٥ ـ : إذا كان له عبدان ، فقال : إذا جاء غد فأحدكما حر ، ثمَّ باع أحدهما قبل مجي‌ء الغد وجاء غد لم يعتق الأخر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لأن الأصل بقاء الرق وعتقه يحتاج الى دليل ، ولان ذلك عتق بشرط ، وذلك باطل عندنا. وقال ( ـ م ـ ) : يعتق.

مسألة ـ ١٠٦ ـ : إذا جاء غد وهما في ملكه لم يعتق أحدهما ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة لهذه (١). وقال ( ـ ش ـ ) : يعتق أحدهما لا بعينه ، ويقال له عين فمتى عين عتق ورق الأخر.

__________________

(١) م : لم يعتق أحدهما لما تقدم.

٥٠٥

كتاب النذور (١)

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال ابتداء : لله علي أن أصوم ، أو أتصدق ، أو أحج ، ولم يجعل جزاء لغيره ، لزمه الوفاء به ، وكان نذرا صحيحا ، وهو الظاهر من مذهب ( ـ ش ـ ) ، وبه قال أهل العراق.

وقال أبو بكر الصيرفي ، وأبو إسحاق المروزي : لا يلزمه الوفاء به ، ولا يتعلق به حكم. قال الصيرفي قال أبو عمرو غلام ثعلب قال ثعلب : النذر عند العرب وعد بشرط.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) وقوله ( أَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ ) وقوله ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) ( وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً ) وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه.

وأما قول تغلب ان النذر عند العرب وعد بشرط ، فجوابه أنه وعد بشرط ، ووعد بغير شرط ، كقول جميل بن معمر :

فليت رجالا فيك قد نذروا دمي

وهموا بقتلي باينين لقوتي

وكقول عنترة العبسي :

__________________

(١) د : كتاب النذر.

٥٠٦

والناذرين إذا لم ألقهما (١) دمي فسقط قول تغلب.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ، وجب عليه الوفاء به بلا خلاف ، فان خالفه وركب ، فان كان مع القدرة على المشي وجب عليه الإعادة يمشي ما ركب ، وان ركب مع العجز لم يلزمه شي‌ء ، وان نذر أن يحج راكبا وجب عليه الوفاء به ، فان خالف ومشى لم يلزمه شي‌ء ، لأن الأصل براءة الذمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ركب وقد نذر المشي مع القدرة فعليه دم ولا اعادة ، وان ركب مع العجز فعلى قولين ، وان نذر الركوب فمشى لزمه دم.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولم يقل الحرام ، فان كان نيته بيت الله الحرام لزمه الوفاء به ، وان لم ينو شيئا لم يلزمه شي‌ء ، لقوله عليه‌السلام : الاعمال بالنيات.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان نوى فمثل ما قلناه ، وان أطلق من غير نية ففيه وجهان.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لا لحج ولا لعمرة لا يلزمه ، لأن الأصل براءة الذمة. وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يمشي إلى مسجد النبي عليه‌السلام ، أو المسجد الأقصى ، أو بعض مشاهد الأئمة وجب عليه الوفاء به.

ولل ( ـ ش ـ ) في مسجد النبي عليه‌السلام والمسجد الأقصى قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والأخر : لا يلزمه شي‌ء ، وما عداهما لا يلزمه شي‌ء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أصح القولين عندهم.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا نذر أن يأتي بقعة من الحرم ، كأبي قبيس والأبطح والمروة ،

__________________

(١) في الخلاف : إذا لقيتهما.

٥٠٧

لم ينعقد نذره ، لأن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب النذر بذلك يحتاج الى دليل (١) وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد نذره.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن ينحر بدنة ، أو يذبح بقرة ولم يعين المكان ، لزمه « لم يلزمه ـ خ » أن ينحر بمكة وان عين المكان الذي ينحر فيه مثل الكوفة والبصرة ، لزمه الوفاء به وتفرقة اللحم في الموضع الذي نذره. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لله علي أن أهدى ، أو قال : أهدي هديا ، لزمه ما يجزئ في الأضحية الثني من الإبل والبقر والغنم والجذع من الضأن ، وكذلك إذا قال أهدي الهدى بألف ولام.

ووافقنا « ش » فيه إذا كان بالألف واللام ، فأما إذا نكر فله فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يلزمه ما يقع عليه الاسم من تمرة وبيضة.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذرت المرأة أن تصوم أياما بأعيانها فحاضت فيها ، أفطرت وكان عليها القضاء ، سواء شرطت التتابع أو لم تشرط ، ولن (٢) تقطع ذلك تتابعها.

ولل ( ـ ش ـ ) في وجوب القضاء قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا قضاء عليها ، لأنها أيام لو عينت له تصوم وهي حائض لما انعقد صومها ، سواء شرط التتابع أو لم يشرط.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر الرجل أو المرأة صيام أيام بأعيانها ، ثمَّ مرض فيها فأفطر ، قضى ما أفطر ولا يجب عليه الاستئناف ، سواء شرط فيها التتابع أو لم يشرط.

__________________

(١) م : إلى دلالة.

(٢) م : وان تقطع.

٥٠٨

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أطلق ولم يشرط التتابع ، فهل عليه أن يقضي ما تركه في مرضه؟

فيه وجهان. وان كان شرط التتابع ، فهل يقطع التتابع فيه؟ قولان ، وهل عليه أن يقضي ما أفطر؟ فيه وجهان.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم أياما بأعيانها متتابعة ، فأفطرها في سفر انقطع تتابعها وعليه الاستئناف ، لأن الذمة مرتهنة بصيام هذه الأيام ، ولا دليل على براءة الذمة إذا أفطر في السفر ثمَّ قضى ما أفطر.

و ( ـ ش ـ ) يبنى ذلك على القولين ، فان قال : المرض يقطع التتابع فالسفر أولى.

وان قال المرض لا يقطع ، ففي السفر قولان.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم يوم الفطر لا ينعقد نذره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ينعقد نذره يصوم يوم غير الفطر ، ولا يحل له أن يصومه من نذره فان صامه عن نذره صح وأجزأ عن نذره.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا لم يلزمه الصوم أصلا ، لأنه ما وجد شرطه بلا خلاف ، وان قدم في بعض نهار ، فلا نص لأصحابنا فيه.

والذي يقتضيه المذهب أنه لا ينعقد نذره ، ولا يلزمه صومه ، ولا صوم بدله ، لأنه نذر لا يمكنه الوفاء به ، لان الصوم لا يصح في بعض اليوم.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : ينعقد نذره وعليه صوم يوم آخر.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قال لله علي أن أصوم كل خميس فوافق ذلك شهر رمضان فصامه ، أجزأه عن رمضان ولم يقع عن النذر ، سواء نوى به صوم رمضان أو صوم النذر ، ولم يقع عن النذر بحال.

٥٠٩

وقال ( ـ ش ـ ) : ان نوى صوم رمضان أجزأه عنه ، وان نوى صوم النذر لم يجز عن واحد منهما.

دليلنا على أنه يجزيه عن رمضان أنه زمان (١) لا يمكن أن يقع فيه غير رمضان فلا يحتاج إلى نية التعيين ، وإيجاب صوم يوم بدله يحتاج الى دليل.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم يوما بعينه ، فأفطر من غير عذر ، وجب عليه قضاؤه ، وعليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا من الكفارة وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا نذر في معصية أن يصوم يوما بعينه ، كان نذره باطلا ولا يلزمه قضاء ولا كفارة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه.

وقال الربيع فيها قول آخر أن عليه كفارة يمين بكل نذر معصية.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا نذر أن يصوم ولم يذكر مقداره ، لزمه صوم يوم بلا خلاف ، لأنه أقل ما يقع عليه الاسم ، وان نذر أن يصلي يلزمه ركعتان وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني أنه يلزمه ركعة واحدة ، لأنها أقل صلاة في الشرع ، وهو الوتر يدل على ما قلناه طريقة الاحتياط (٢).

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا نذر أن يعتق رقبة مطلقة ، أجزأه أي رقبة أعتقها ، مؤمنة كانت أو كافرة ، سليمة كانت أو معيبة ، لأن ظاهر اسم الرقبة يتناوله ، والأفضل أن يكون مؤمنة سليمة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال أيمان البيعة يلزمني ، أو حلف بايمان البيعة لا دخلت الدار ، لا يلزمه شي‌ء ولا يكون يمينا ، سواء عنى بذلك حقيقة البيعة التي كانت على عهد رسول الله في المصافحة ، أو بعده الى أيام الحجاج ، أو ما حدث

__________________

(١) د : انه رمضان.

(٢) م : دليلنا طريقة الاحتياط.

٥١٠

من أيام الحجاج من اليمين بالطلاق والعتق وغير ذلك ، صرح بذلك أو نواه وان لم يصرح به وعلى كل حال.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم ينو بذلك شيئا كان لاغيا ، وان نوى ايمان الحجاج ونطق فقال : أيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتقها انعقدت يمينه ، لأنه حلف بالطلاق وان لم ينطق بذلك ونوى الطلاق والعتق ، انعقدت يمينه أيضا ، لأنها كناية عن الطلاق والعتق.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا نذر ذبح آدمي ، كان نذرا باطلا لا يتعلق به حكم وكان كلامه لغوا ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولقوله عليه‌السلام : لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم. وهذا معصية ولا يملكه أيضا ابن آدم ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان نذر ذبح ولده ، فعليه شاة. وروي ذلك عن ابن عباس ، وروى عنه أيضا أنه قال : من نذر أن يذبح (١) ولده فعليه دية.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان نذر ذبح غير ولده من أقارب آبائه وأجداده وأمهاته فلا شي‌ء عليه. وقال ( ـ م ـ ) : ان نذر ذبح ولده أو غلامه فعليه شاة ، لأن تصرفه فيهما سواء ، وان نذر ذبح غيرهما فلا شي‌ء عليه. وقال سعيد بن المسيب : عليه كفارة يمين ، لأنه نذر في معصية وقال : وهكذا كل نذر في معصية.

مسألة (٢) ـ ٢١ ـ : من نذر أن يصلي صلاة الاستسقاء في المسجد ، أو يخطب على المنبر ، انعقد نذره ووجب عليه الوفاء بلا خلاف ، ومتى صلى في غير المسجد أو خطب على غير المنبر لم تبرء ذمته. وقال ( ـ ش ـ ) : أجزأ ذلك.

دليلنا : قد ثبت أن ذمته اشتغلت به ، وإذا خالف ما ذكر ، فلا دليل على براءة ذمته.

__________________

(١) م : من نذر بذبح.

(٢) لم تذكر هذه المسألة في الخلاف في هذا الكتاب.

٥١١

كتاب آداب القضاء (١)

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يولي القضاء الا من كان عالما بجميع ما ولي فيه ، ولا يجوز أن يشذ منه شي‌ء من ذلك ، ولا يجوز أيضا أن يفتي إلا بما هو عالم به ، ولا يجوز أن يقلد غيره ، فيحكم به أو يفتي.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينبغي أن يكون من أهل الاجتهاد لا عاميا ، ولا يجب أن يكون عالما بجميع ما وليه ، وقال في المقلد مثل ما قلناه.

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يكون جاهلا بجميع ما وليه إذا كان ثقة ويستفتي الفقهاء ويحكم به ووافقنا في المفتي أنه لا يجوز أن يفتي.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى (٢) عن النبي عليه‌السلام أنه قال : القضاة ثلاثة ، واحد في الجنة ، واثنان في النار ، فالذي في الجنة رجل عرف الحق فاجتهد فعدل ، ورجل عرف فحكم فجار فذاك في النار ، ورجل قضى بين الناس على جهل ، فذاك في النار ، ومن قضى بالفتيا فقد قضى على جهل.

__________________

(١) د : كتاب القضاء.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٥١٢

وروى ( ـ « ش » ـ ) في حديث رفعه الى ابن عمر ، قال : ورجل قضى بغير علم فذاك في النار.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا كان هناك جماعة يصلحون للقضاء على حد واحد ، فعين الامام واحدا منهم وولاه ، لم يكن له الامتناع من قبوله ، لأن مخالفة أمر الإمام عندنا معصية يستحق فاعلها الذم والعقاب. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣ ـ : لا يكره الجلوس في المساجد للقضاء بين الناس ، لأن الأصل جوازه ، ولأن النبي عليه‌السلام كان يقضي في المسجد ، وكذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقضي بالكوفة في الجامع ، ولو كان مكروها لما فعلا ذلك ، وبه قال الشعبي و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

قال عمر بن عبد العزيز : انه يكره ذلك أن يقصد (١). وروي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب كتب الى القضاة أن لا تقضوا في المساجد. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك مكروه ، وعن ( ـ ح ـ ) (٢) روايتان.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره اقامة الحدود في المساجد ، وبه قال جميع الفقهاء ، وحكي عن ( ـ « ح » ـ ) جوازه ، وقال : يفرش نطع تحته ، فان كان منه قدر ما يكون (٣) عليه.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرط القاضي أن يكون عدلا ولا يكون فاسقا.

وقال الأصم. يجوز أن يكون فاسقا.

مسألة ـ ٦ ـ : لا يجوز أن تكون المرأة قاضية في شي‌ء من الاحكام ، لأنه لا

__________________

(١) د : أن يقصد.

(٢) د : وعند ( ـ ح ـ ).

(٣) م : قدر يكون.

٥١٣

دليل على جوازه ، ولما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : لا يفلح قوم وليتهم امرأة.

وقال عليه‌السلام : أخروهن من حيث أخرهن الله.

وقال عليه‌السلام : من نابه شي‌ء في صلاته فليسبح ، فان التسبيح للرجال والتصفيح للنساء ، فمنعها (١) عليه‌السلام من النطق لئلا يسمع كلامها مخافة الافتتان بها ، فهي (٢) بأن تمنع القضاء الذي يشتمل على الكلام وغيره أولى وهذا مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن تكون قاضية فيما يجوز أن تكون شاهدة فيه ، وهو جميع الاحكام الا الحدود والقصاص. وقال ابن جرير : يصح أن تكون قاضية في كل ما يصح أن يكون الرجل قاضيا فيه ، لأنهما من أهل الاجتهاد.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قضى القاضي بحكم فأخطأ فيه ، ثمَّ بان أنه أخطأ ، أو بان أن حاكما كان قبله أخطأ فيما حكم به ، وجب نقضه ولا يجوز الإقرار عليه بحال.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أخطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد ، بأن خالف النص من الكتاب أو سنة أو إجماعا أو دليلا لا يحتمل الا معنى واحدا وهو القياس الجلي ، فإنه ينقض حكمه. وان أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، لم ينقض حكمه.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : ان خالف نص كتاب أو سنة ، لم ينقض حكمه. وان خالف الإجماع ، نقض حكمه ، ثمَّ ناقض كل واحد منهم أصله.

فقال ( ـ ك ـ ) : ان حكم بالشفعة للجار نقض حكمه ، وهذه مسألة خلاف. وقال ( ـ م ـ ) : ان حكم بالشاهد واليمين نقض (٣) حكمه. وقال ( ـ ح ـ ) : ان حكم بالقرعة بين العبد أو بجواز بيع ما ترك التسمية على ذبحه عامدا ، نقض حكمه.

__________________

(١) د : تمنعها.

(٢) د : فمتى.

(٣) م : نقضه.

٥١٤

مسألة ـ ٨ ـ : إذا عزل حاكم فادعى عليه إنسان أنه حكم عليه بشهادة فاسقين ، وأخذ منه مالا ودفعه الى من ادعاه ، سئل عن ذلك ، فان اعترف به لزمه الضمان بلا خلاف ، وان أنكره كان القول قول المعزول مع يمينه ، ولم يكن عليه بينة على صفة الشهود ، (١) لان الظاهر من الحاكم أنه أمين كالمودع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه إقامة البينة على ذلك ، لأنه قد اعترف بالحكم ، ونقل المال عنه الى غيره ، وهو مدعي ما (٢) يزول ضمانه فلا يقبل منه.

مسألة ـ ٩ ـ : الترجمة لا تثبت إلا بشهادة شاهدين لأنها شهادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : لا يفتقرا الى عدد ، بل يقبل فيه واحد ، لأنه خبر بدليل أنه لا يفتقر الى لفظ الشهادة.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما ولا يعرف منهما فسق ، حكم بشهادتهما ولا يقف على البحث الا أن يجرح المحكوم عليه فيهما بأن يقول : هما فاسقان ، فحينئذ يجب عليه البحث.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان شهادتهما في الأموال والنكاح والطلاق والنسب فكما قلناه ، وان كانت في القصاص أو الحد لا يحكم حتى يبحث عن عدالتهما.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز له أن يحكم حتى يبحث عن عدالتهما ، فاذا عرفهما عدلين حكم ، والا توقف في جميع الأشياء ، ولم يخصوا به شيئا دون شي‌ء.

ويدل على المسألة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا فنحن (٣) نعلم أنه ما كان

__________________

(١) م : ولان.

(٢) م : ما يزيل.

(٣) م : دليلنا أن نعلم.

٥١٥

البحث في أيام النبي عليه‌السلام ولا في أيام الصحابة والتابعين ، وانما هو شي‌ء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ، فلو كان شرطا لما أجمع أهل الأعصار على تركه.

مسألة ـ ١١ ـ : الجرح والتعديل لا يقبل الا من اثنين يشهد ان بذلك ، فاذا شهدا بذلك عمل عليه ، لان ذلك حكم من الاحكام ، ولا يثبت الاحكام الا بشهادة شاهدين ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : يجوز أن يقتصر على واحد لأنه اخبار.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا شهد اثنان بالجرح وشهد آخران بالتعديل ، وجب على الحاكم أن يتوقف ، لأنه إذا تقابل الشهادات ولا ترجيح وجب التوقف.

وقال ( ـ ش ـ ) : يعمل على الجرح دون التعديل. وقال ( ـ ح ـ ) : يقبل الأمرين ، فقاس الجرح على التزكية.

مسألة ـ ١٣ ـ : لا يقبل الجرح الا مفسرا ، ويقبل التزكية من غير تفسير ، لان الناس يختلفون فيما هو جرح وما ليس بجرح ، وربما اعتقدوا (١) فيما ليس بجرح أنه جرح ، فوجب (٢) أن يفسر ليعمل الحاكم بما يقتضي الشرع فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يقبل الأمرين مطلقا ، فقاس الجرح على التزكية.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شارب النبيذ يفسق عندنا ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يفسق.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا حضر الغرباء في بلد عند حاكم ، فشهد عنده اثنان ، فان عرفا بعدالة حكم ، وان عرفا بفسق وقف ، وان لم يعرف عدالة ولا فسقا بحث عنهما وسواء كان لهما السيماء الحسنة والمنظر الجميل ، أو ظاهرهما الصدق ، بدلالة

__________________

(١) م : اعتقد.

(٢) م : فيجب.

٥١٦

قوله تعالى ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) (١) وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان لهما المنظر الحسن ، توسم فيهما العدالة وحكم بشهادتهما.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا حضر خصمان عند القاضي ، فادعى أحدهما على الأخر مالا ، فأقر له بذلك ، فقال المقر له للقاضي : اكتب لي بذلك (٢) محضرا والقاضي لا يعرفهما ، فقد ذكر بعض أصحابنا أنه لا يجوز له أن (٣) يكتب ، لأنه يجوز أن يكونا استعارا نسبا باطلا وتواطيا على ذلك ، وبه قال ابن جرير الطبري.

وقال جميع الفقهاء : انه يكتب ويحليهما بحلاهما الثابتة. والذي عندي أنه لا يمتنع ما قاله الفقهاء ، فان الضبط بالحلية يمنع من استعارة النسب ، فإنه لا يكاد يتفق ذلك.

وما قاله (٤) بعض أصحابنا محمول على أنه لا يجوز له أن يكتب ويقتصر على ذكر نسبهما ، فان ذلك يمكن استعارته ، وليس في ذلك نص عن أئمتنا عليهم‌السلام فنرجع اليه.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا ارتفع اليه خصمان ، فذكر المدعي أن حجته في ديوان الحكم ، فأخرجها الحاكم من ديوان الحكم مختومة بختمه مكتوبة بخطه ، فان ذكر أنه حكم بذلك حكم له ، وان لم يذكر ذلك لم يحكم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) : يعمل عليه ويحكم به وان لم يذكره ، لأنه إذا كان

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٨٢.

(٢) م : اكتب بذلك.

(٣) م : لا يجوز أن يكتب.

(٤) م : وما قال.

٥١٧

بخطه مختومة (١) بختمه فلا يكون إلا حكمه.

يدل على المسألة قوله تعالى ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) فاذا لم يذكره لم يعلمه ، ولان الحكم أعلى من الشهادة ، بدلالة أن الحاكم يلزم والشاهد يشهد وقد ثبت أن الشاهد لو وجد شهادته تحت ختمه مكتوبة بخطه لم يشهد بها ما لم يذكر.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا ادعى مدع حقا على غيره ، فأنكر المدعى عليه ، فقال المدعى للحاكم : أنت حكمت به لي عليه ، فان ذكر الحاكم أمضاه بلا خلاف ، وان لم يذكره فقامت البينة عنده أنه قد حكم به ، لم يقبل الشهادة على فعل نفسه ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) (٣).

وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يسمع الشهادة على فعل نفسه ويمضيه.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا شهد شاهدان على الحاكم بأنه حكم بما ادعاه المدعي وأنفذه ، وعلم الحاكم أنهما شهدا بالزور ، نقض ذلك الحكم وأبطل ، فان مات بعد ذلك ، أو عزل فشهدا بإنفاذه عند حاكم آخر ، لم يكن له أن يمضيه عند ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : بل يقبله (٤) ويعمل عليه. وهذا يقوى عندي ، لأن الشرع قد قرر قبول شهادة الشاهدين إذا كان ظاهرهما العدالة وعلم الحاكم بأنهما شهدا بالزور لا يوجب على الحاكم الأخر رد شهادتهما فيجب عليه أن يقبلهما ، ويمضي شهادتهما.

وقاس ( ـ « ش » ـ ) ذلك على شهادة الأصل والفرع ، فإنه متى أنكر الأصل شهادة

__________________

(١) م : مختوما.

(٢) سورة الإسراء : ٣٨.

(٣) د : قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) و ( ـ ش ـ ).

(٤) د : وقال ( ـ ك ـ ) يقبله.

٥١٨

الفرع يسقط شهادة الفرع ، والحاكم كالأصل وهؤلاء كالفرع ، فيجب أن يسقطا.

وعندنا أن شهادة الفرع لا يسقط ، بل يقبل شهادة أعدلهما ، وفي أصحابنا من قال بل يقبل شهادة الفرع دون الأصل ، لأن الأصل منكر.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الحكم بكتاب قاض الى قاض ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وأجازوه إذا ثبت أنه كتابه.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أجاز كتاب قاض الى قاض إذا قامت به بينة ، فإنهم اختلفوا في كيفية تحمل الشهادة ، فقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يصح الا بعد أن يقرأ الحاكم على الشهود ، ويشهدهما على نفسه بما فيه ، ولا يصح أن يدرجه ثمَّ يقول لهما : اشهدا علي بما فيها (١) ، ولا يصح هذا التحمل ولا يعمل به.

وقال ( ـ ف ـ ) : إذا ختم بختمه وعنوانه (٢) ، جاز أن يتحملا الشهادة عليه مدرجا فيشهدهما (٣) على أنه كتابه إلى فلان ، فاذا وصل الكتاب شهدا عنده أنه كتاب فلان اليه ، فيقرأه ويعمل بما فيه.

وهذا الفرع ساقط عنا ، فانا لا نجيز كتاب قاض الى قاض على وجه (٤).

مسألة ـ ٢٢ ـ : وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كتب قاض الى قاض كتابا وأشهد على نفسه بذلك ، ثمَّ تغيرت حالة الكاتب (٥) فان كان تغير حاله بموت أو بعزل (٦) ، لم يقدح ذلك في كتابه ، سواء تغير أولا ان وصل كتابه وقبله (٧) وعمل به وحكم فلا يقدح

__________________

(١) د ، م : بما فيه.

(٢) د ، م : وعنونه.

(٣) د : فيشهدها.

(٤) م : وهذا الفرع ساقط عنا لما مر.

(٥) د : حال الكاتب ، م : حال الكتابة.

(٦) م : أو عزل.

(٧) د ، م : سواء تغير ذلك قبل خروج الكتاب من يده أو بعده وان تغيرت حاله بفسق فان كان فسقه بعد ان وصل كتابه وقبل.

٥١٩

فيه. وان وصل (١) قبل أن يحكم به ، لم يقبله ولا يحل له.

وقال ( ـ ح ـ ) إذا تغير (٢) حاله سقط حكم كتابه إلى المكتوب اليه وقال ( ـ ف ـ ) : ان تغير (٣) حاله قبل خروجه من يده سقط ، وان كان بعد خروجه من يده لم يسقط حكم كتابه.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا تغيرت حال المكتوب اليه بموت أو بفسق (٤) أو عزل وقام غيره مقامه ، فوصل الكتاب الى من قام مقامه.

قال ( ـ ش ـ ) : يقبله ويعمل عليه ، وبه قال الحسن البصري. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يعمل فيه (٥) غير الذي كتب إليه.

مسألة ـ ٢٤ ـ : الحاكم إذا كتب وأشهد على كتابه ، فهو أصل عند ( ـ ش ـ ) ، والذي يحمل الشهادة على كتابه فرع له. وقال ( ـ ح ـ ) : الحاكم فرع ، والأصل من شهد عنده.

مسألة ـ ٢٥ ـ : أجرة القاسم (٦) على قدر الأنصباء دون الرؤوس ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) قالاه استحسانا واليه ذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : هي على عدد الرؤوس ، وهذا يؤدى الى الإضرار ، لأنه ربما تكون (٧)

__________________

(١) م : وان كان وصل.

(٢) د : إذا تغيرت وفي ( ـ م ـ ) ان تغيرت.

(٣) د ، م : ان تغيرت.

(٤) م : أو فسق.

(٥) د ، م : به.

(٦) م : اجرة القسم.

(٧) د ، م : يكون.

٥٢٠