المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

الجد أولى. والأخر الأخت أولى.

مسألة ـ ٥٠ ـ : العم وابن العم والعصبة (١) يقومون مقام الأب في باب الحضانة بدلالة الآية ، ولما روى عمارة الجرمي (٢) قال : خيرني علي بن أبي طالب عليه‌السلام بين أمي وعمي ، وقال لأخ هو أصغر مني : وهذا لو بلغ مبلغ هذا الخيرية ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : لا حضانة لأحد من الذكور غير الأب والجد.

مسألة ـ ٥١ ـ : لا حضانة لأحد من العصبة مع الأم ، بدلالة الآية ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ). والثاني : أنهم يقومون مقام الأب يكون الولد مع أمه حتى يبلغ ، ثمَّ يخير فان كان ذكرا خيرناه بينهما وبين العم (٣) وابن العم ومن كان من العصبات وان كان أنثى خيرناها بينهما (٤) وبين كل عصبة محرم لها ، كالأخ وابن الأخ والعم فأما ابن العم فلا.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا اجتمع مع العصبة ذكر من ذوي الأرحام ، كالأخ للأم والخال والجد أبي الأم ، كان الأقرب أولى ، بدلالة الآية.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا حضانة لهم بوجه ، لأنه لا حضانة فيه ولا قرابة له يرث بها.

مسألة ـ ٥٣ ـ : إذا لم يكن عصبة وهناك خال وأخ لأم وأبو أم ، كان لهما الحضانة ، بدلالة الآية. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : لاحظ لهم فيها ، ويعود النظر فيه الى الحاكم كالأجانب سواء ، لأنه لا حضانة ولا وارث (٥). وقال أبو إسحاق : لهم الحضانة ، لأن الحضانة سقطت بوجود العصبة ، وإذا لم يكن عصبة فلهم الرحم

__________________

(١) م : العم وابن العم وابن عم الأب والعصبة.

(٢) م : الحرمي.

(٣) م : خيرناه بينها وبين العم.

(٤) م : خيرناها بينها.

(٥) م : ولا ارث.

٣٠١

فوجب أن يكون لهم الحضانة.

مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا مرض المملوك مرضا يرجى زواله ، فعليه نفقته بلا خلاف فاما إذا زمن أو أقعد أو عمي ، فعندنا أنه يصير حرا ، ولا يلزم مولاه نفقته ، لأنه ليس بعبده. وقال جميع الفقهاء : يلزمه نفقته ولم يزل ملكه ، وهو كالصغير سواء.

مسألة ـ ٥٥ ـ : لا يجب بالعقد الا المهر. وأما النفقة ، فإنها يجب يوما بيوم في مقابلة التمكين من الاستمتاع ، وهو الظاهر من قول ( ـ ح ـ ) ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في الجديد وقال في القديم : يجب بالعقد مع المهر ، ويجب تسليمها يوما بيوم في مقابلة التمكين من الاستمتاع.

يدل على المسألة أنه (١) لا خلاف أنه إذا مكنت الزوجة (٢) نفسها لا يجب عليه الا تسليم نفقة ذلك اليوم لا غير ، فلو كان يجب أكثر من نفقة يومها لوجب عليه تسليم ذلك إليها مع التمكين.

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا ثبت ما قلناه من أنه يجب نفقة يوم بيوم ، فان استوفت نفقة هذا اليوم فلا كلام ، وان لم يستوف استقر (٣) في ذمته ، وعلى هذا أبدا إذا كانت ممكنة من الاستمتاع ، بدلالة الإجماع على وجوب النفقة في ذلك اليوم ، ولا دليل على سقوطها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : كلما مضى يوم قبل أن يستوفي نفقتها ، سقط بمضي النهار كنفقة الأقارب ، الا أن يفرض القاضي عليه فرضا ، فيستقر عليه بمضي الزمان نفقة ما مضى.

مسألة ـ ٥٧ ـ : إذا تزوج رجل أمة فأحبلها ثمَّ ملكها ، كان الولد حرا على

__________________

(١) م : دليلنا أنه.

(٢) م : أمكنت الزوجة.

(٣) م : استقرت.

٣٠٢

كل حال ، وكانت هي أم ولده ، بدلالة إجماع الفرقة على أن الولد لاحق بالحرية في أي الطرفين كان ، والاشتقاق يقتضي كونها أم ولده.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا ملكها ، فان كانت حاملا ملكها وعتق حملها بالملك ولا تصير أم ولده ، وان ملكها بعد الوضع لم تصر أم ولد ، سواء ملكها وحدها أو مع ولدها.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا علقت منه ثبت لها حرمة الحرية بذلك العلوق ، فمتى ملكها صارت أم ولده يعتق بموته ، سواء ملكها قبل الوضع أو بعدها.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان ملكها حاملا صارت أم ولده ، لان حملها يعتق وهو كبعض منها وان ملكها بعد الوضع فمثل قول ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٥٨ ـ : إذا أسلف زوجته نفقة شهر ثمَّ مات أو طلقها بائنا ، فلها نفقة يومها وعليها رد ما زاد على اليوم ، لما بيناه أن البائن بالطلاق لا نفقة لها ، واما بالموت فلا خلاف أنه تسقط نفقتها.

٣٠٣

كتاب الجنايات

مسألة ـ ١ ـ : يقتل الحر بالحرة إذا رد أولياؤها فاضل الدية ، وهو خمسة ألف درهم ، وبه قال عطاء ، الا أنه قال : ستة آلاف ، وروي ذلك عن الحسن البصري ، رواه عن علي عليه‌السلام.

وقال جميع الفقهاء : انه يقتل بها ولا يرد أولياءها شيئا.

مسألة ـ ٢ ـ : لا يقتل مسلم بكافر ، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعثمان ، وزيد بن ثابت ، وفي التابعين الحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) وأبو عبيد وأبو ثور.

وقال ( ـ ح ـ ) : يقتل بالذمي ولا يقتل بالمستأمن والحربي ، واليه ذهب الشعبي والنخعي.

ويدل على صحة مذهبنا ـ بعد إجماع الطائفة ـ ما روى (١) قتادة عن الحسن عن قيس بن عناد (٢) قال : انطلقت أنا والأشتر الى علي عليه‌السلام فقلنا له : هل عهد إليك (٣)

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

(٢) م : عباد.

(٣) م : فقلنا له هل عهدت إليك. و ( ـ د ـ ) : فقلنا له عهد إليك.

٣٠٤

رسول الله شيئا لم يعهده الى الناس عامة ، قال : لا الا ما في كتابي هذا ، فاخرج كتابا من قراب سيفه ، فاذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا قتل كافر كافرا ، ثمَّ أسلم القاتل لم يقتل به ، لعموم قوله عليه‌السلام « لا يقتل مسلم بكافر » وبه قال ( ـ ع ـ ). وقال جميع الفقهاء : يقتل به.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا قتل الحر عبدا لا يقتل به ، سواء كان عبده أو عبد غيره ، فان كان عبد نفسه عزر وعليه الكفارة ، وان كان عبد غيره عزر وغرم قيمته ، وهو إجماع الصحابة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يقتل بعبد غيره ، ولا يقتل بعبد نفسه (١). وقال النخعي : يقتل به ، سواء كان عبده أو عبد غيره.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا جنى العبد ، تعلق أرش الجناية برقبته. ان أراد (٢) السيد أن يفديه ، كان بالخيار بين أن يسلمه برمته (٣) ، أو بفدية بمقدار أرش جنايته.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يفديه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته.

والثاني : هو بالخيار بين أن يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ ، أو يسلمه مثل ما قلناه.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا قتل عشرة من العبيد عبدا ، كان لسيده قتلهم إذا رد على مواليهم (٤) ما يفضل عن قيمة عبده. وقال ( ـ ش ـ ) : له قتلهم ولا يجب عليه رد شي‌ء.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا اختار قتل خمسة وعفا عن خمسة ، كان عليه أن يرد على

__________________

(١) م : يقتل بعبد غيره دون عبد نفسه.

(٢) م : فإن أراد.

(٣) م : أن يسلمه بذمته.

(٤) م : على مولاهم.

٣٠٥

موالي الخمسة الذين قتلهم ما يفضل عن نصف قيمة عبده ، وليس له على الذين (١) عفا عنهم شي‌ء.

وقال ( ـ ش ـ ) : له أن يقتل الخمسة ، وليس عليه لمواليهم شي‌ء ، وله على موالي الذين عفا عنهم نصف الدية ، يلزم كل واحد عشر القيمة.

مسألة ـ ٨ ـ : دية العبد قيمته ما لم يتجاوز دية الحر ، فان تجاوزت لم يجب أكثر من دية الحر. وكذلك القول في أن دية الأمة قيمتها ما لم يتجاوز دية الحرة ، فإن تجاوزت لم يجب أكثر من دية الحرة ، وبه (٢) قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، الا أنه قال : الا عشرة دراهم في الموضعين.

وقال ( ـ ش ـ ) : ديته قيمته بالغا ما بلغ ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٩ ـ : لا يقتل الوالد بولده على حال ، وبه قال عمر ، وفي الفقهاء ربيعة ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان قتله خذفا بالسيف فلا قود ، وان قتله ذبحا أو شق بطنه فعليه القود ، وبه قال عثمان البتي.

مسألة ـ ١٠ ـ : الأم إذا قتلت ولدها قتلت به ، وكذلك أمهاتها وأمهات الأب. وأما الأجداد فيجرون مجرى الأب لا يقادون به ، لتناول اسم الأب لهم.

وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء : لا يقاد الام ولا واحد من الأجداد والجدات في الطرفين بالولد.

مسألة ـ ١١ ـ : لا ترث الزوجة من القصاص شيئا ، وانما يرث القصاص الأولياء فان قبلوا الدية كان لها نصيبها منها. وقال ( ـ ش ـ ) : لها نصيبها من القصاص.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا كان أولياء المقتول جماعة فعفا أحدهم ، لم يسقط حق الباقين من القصاص ، وكان لهم ذلك إذا ردوا على أولياء المقاد منه مقدار ما عفى عنه.

__________________

(١) م : ليس على الذين.

(٢) م : فان تجاوز لم تجب أكثر من ذلك وبه قال.

٣٠٦

وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء : إذا عفا بعض الأولياء عن القود ، سقط (١) القصاص ووجب للباقين الدية على قدر حقهم.

مسألة ـ ١٣ ـ : الأطراف كالانفس ، فكل نفسين جرى القصاص بينهما في الأنفس ، جرى بينهما في الأطراف ، سواء اتفقا في الدية أو اختلفا فيها ، كالحرين والحرتين والحر والحرة والعبدين والأمتين والعبد والأمة ، والكافرين والكافرتين والكافر والكافرة ، ويقطع أيضا الناقص بالكامل ، ولا يقطع الكامل بالناقص.

وكل شخصين لا يجري القصاص بينهما في الأنفس ، فكذلك في الأطراف مثل الحر والعبد والمسلم والكافر طردا وعكسا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، الا أن عندنا إذا اقتصت المرأة من الرجل في الأطراف ردت فاضل الدية ، كما قلناه في النفس.

وقال ( ـ ح ـ ) : الاعتبار في الأطراف بالتساوي في الديات ، فان اتفقا في الدية جرى القصاص بينهما (٢) في الأطراف ، كالحرين والمسلمين والكافرين والكافر والمسلم فإن الدية عنده واحدة والحرتين الكافرتين والمسلمتين والكافرة والمسلمة ، فإن اختلفا في الدية سقط القصاص بينهما في الأطراف ، كالرجل بالمرأة والمرأة بالرجل.

وكذلك لا يقطع العبد بالحر عنده ، لأن قيمة العبد لا يدرى كم هي؟ ولا يتفقان أبدا في الدية والقيمة عنده ، ولا يقطع عبد بعبد ، لان القيمتين لا تتفقان فيهما (٣) حقيقة.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قتل جماعة واحدا ، قتلوا به أجمعين بشرطين : أحدهما

__________________

(١) م : وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء سقط.

(٢) م : كما قلناه في النفس بينهما.

(٣) م ود : فيها.

٣٠٧

أن يكون كل واحد منهم مكافئا له ، أعني (١) : لو انفرد كل واحد منهم بقتله قتل ، وهو أن يكون فيهم مسلم شارك الكفار في قتل كافر ولا والد شارك غيره في قتل ولده. والثاني : أن يكون جناية كل واحد منهم لو انفرد بها كان منها التلف ، فاذا حصل هذا في الجناة والجناية (٢) قتلوا كلهم به.

وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وابن عباس ، وفي التابعين سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء. وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، الا أن عندنا أنهم لا يقتلون بواحد ، إلا إذا رد أولياؤه ما زاد على دية صاحبهم.

ومتى أراد أولياء المقتول قتل واحد منهم ، كان له ذلك ورد الباقون على أولياء المقاد منه ما يزيد على حصة صاحبهم ، ولم يعتبر أحد ممن وافقنا في هذه المسألة ذلك.

وقال محمد بن الحسن : القياس أن لا يقتل جماعة بواحد ، ولا يقطع أيد بيد لكن تركنا القياس في القتل للأثر ، وتركنا الأمر في القطع على القياس.

وذهبت طائفة الى أن الجماعة لا يقتل بالواحد ، لكن (٣) ولي المقتول يقتل منهم واحدا ، ويسقط من الدية بحسبه ، ويأخذ من الباقين الباقي من الدية على عدد الجناة ، وهذا قول (٤) عبد الله بن زبير ، ومعاذ بن جبل ، وابن سيرين ، والزهري.

وذهبت طائفة الى أن الجماعة لا تقتل بالواحد ولا واحد منهم ، لكن يسقط

__________________

(١) م : يعنى.

(٢) م : في الجناة وفي الجناية.

(٣) م : ولكن.

(٤) م : وهو قول.

٣٠٨

القود وتجب الدية بالحصة على عدد الجناة ، ذهب إليه ربيعة بن أبي عبد (١) الرحمن ، وداود ، وأهل الظاهر.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ثبت أنه يقتل الجماعة بواحد ، فأولياء المقتول مخيرون بين العفو عنهم وبين أن يقتلوا الجميع إذا ردوا فاضل الدية ، وبين أن يقتلوا واحدا ويرد الباقون بحصتهم من الدية على أولياء المقاد منه.

وقال ( ـ ش ـ ) : أولياءه مخيرون بين العفو عنهم ، ويأخذون من كل واحد بمقدار ما يصيبه من الدية ، وبين أن يقتلوا واحدا منهم ويعفوا عن الباقين ، ويأخذوا منهم بمقدار ما يصيبهم من الدية.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا قطع واحد منهم يد (٢) إنسان ، وآخر رجله ، وأوضحه الثالث ، فسرى الى نفسه فهم قتلة ، فإن أراد ولي الدم قتلهم قتلهم ، وليس له أن يقتص منهم ثمَّ يقتلهم.

وقال ( ـ ش ـ ) : له أن يقطع قاطع اليد ثمَّ يقتله ، ويقطع رجل القاطع ثمَّ يقتله ، وكذلك يوضح الذي أوضحه ثمَّ يقتله.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا اشترك جماعة في جرح يوجب القود على الواحد ، كقلع العين وقطع اليد ونحو ذلك ، فعليهم القصاص ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا أقطع الجماعة بالواحد.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا ضربه بمثقل يقصد به القتل (٣) غالبا ، كالدبوس واللت والخشبة الثقيلة والحجر الثقيل ، فقتله فعليه القود. وكذلك ان قتله بكل ما يقصد به القتل ، مثل أن حرقه ، أو غرقه ، أو غمه حتى تلف ، أو هدم عليه بيتا ، أو طينه عليه

__________________

(١) م : ربيعة بن عبد الرحمن.

(٢) م : إذا قطع واحد يد.

(٣) م : يقصد به القتل قاصدا غالبا.

٣٠٩

بغير طعام حتى مات ، أو والى عليه بالخنق فقتله ، ففي كل هذا القود (١).

وان ضربه بعصا خفيفة فقتله ، نظرت فان كان نضو الخلق ضعيف القوة والبطش يموت مثله منها فهو عمد محض ، وان كان قوي الخلقة والبطش لم يكن عمدا محضا وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : متى قتله بمثقل وبجميع ما ذكرناه فلا قود ، واليه ذهب الشعبي ، والنخعي ، والحسن البصري. وفصل ( ـ « ح » ـ ) فقال : لا قود إلا إذا قتله بمثقل حديد أو بمحدد ، أو بالنار ، ففيه القود.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا أخذ صغيرا ، فحبسه ظلما ، فوقع عليه حائط ، أو قتله سبع ، أو لسعته حية أو عقرب ، كان عليه ضمانه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا ضمان عليه.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا طرحه في النار على وجه لا يمكنه الخروج منها فمات ، كان عليهم القود بلا خلاف. وان طرحه بحيث يمكنه الخروج ، فلم يخرج فمات لم يكن عليه قود (٢) بلا خلاف ، وهل فيه الدية؟ قال ( ـ ش ـ ) : فيه قولان ، أحدهما : فيه الدية ، لأنه الجاني بإلقائه والثاني : لا دية له ، لأنه الذي أعان على نفسه ، وانما عليه ضمان ما جنته النار بإلقائه ، وهو الصحيح الذي نذهب اليه.

ويدل على ذلك أن الأصل براءة الذمة ، ولا دليل على وجوب الدية في ذلك.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا ألقاه في لجة البحر فهلك ، وجب عليه القود ، سواء كان يحسن السباحة أو لم يحسنها ، بلا (٣) خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ). وان ألقاه بقرب الساحل

__________________

(١) م : نفى كل القود.

(٢) م : لم يكن قود.

(٣) م : يحسن السباحة أولا.

٣١٠

وكان مكفوفا ، فمثل ذلك. وان كان يحسن السباحة وكان مخلا وعلم من حاله أنه يمكنه الخروج ، فلم يفعل حتى هلك فلا قود ، وفي الدية طريقان ، وفي أصحابه من قال فيه قولان مثل مسألة النار. ومنهم من قال : لا ضمان هاهنا قولا واحدا ، وهو الصحيح الذي يذهب اليه ، لما قلناه في المسألة المتقدمة (١).

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا ألقاه في لجة البحر ، فقبل وصوله الى الماء ابتلعته سمكة فلل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : عليه القود ، لأنه أهلكه بنفس الإلقاء ، وهو الصحيح الذي نذهب اليه. والثاني : لا قود عليه.

مسألة ـ ٢٣ ـ : يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس ، ودية الطرف تدخل في دية النفس ، مثل أن يقطع يده ثمَّ يقتله ، أو يقلع عينه ثمَّ يقتله ، فليس عليه الا القود أو دية النفس ولا يجمع بينهما.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس ، ويدخل دية الطرف في دية النفس كما قلناه. وقال الإصطخري : لا يدخل دية الطرف في دية النفس أيضا. وقال ( ـ ح ـ ) : يدخلان جميعا في النفس والقصاص وفي الدية.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا قطع مسلم يد مسلم ، فارتد المقطوع ، ثمَّ عاد إلى الإسلام قبل أن يسري الى نفسه ، ثمَّ مات ، كان عليه القود ، لعموم قوله تعالى ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (٢) ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٥ ـ : في هذه المسألة إذا ثبت في الردة مدة يكون فيها سراية ، فلا قود عليه بلا خلاف بينهم ، ثمَّ إذا أسلم فهل يجب كمال الدية أم لا؟ لل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يجب كمال الدية. والثاني : يجب نصف الدية ، فان لم يمكث فالدية كاملة على العاقلة ، وان مكث فعلى قولين.

__________________

(١) م : يذهب اليه لما تقدم.

(٢) سورة المائدة : ٤٥.

٣١١

والذي يقوى عندي أنه يجب عليه القود ، وان قبلت الدية فالدية كاملة ، لما قلناه في المسألة المتقدمة (١) ، لأن الإسلام وجد في الطرفين حال الإصابة وحال استقرار الدية ، فوجب أن يكون الدية كاملة.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا قطع مسلم يد مسلم ، فارتد ولحق بدار الحرب ، أو قتل في حال الردة ، أو مات لا قصاص عليه في اليد ، لأنا قد بينا أن قصاص الطرف داخل في النفس ، وإذا كان لو مات لم يجب عليه قصاص النفس ، فكذلك قصاص الطرف ، لأنه داخل فيه. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : عليه القصاص.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا جنى جان على عبد غيره في حال الرق يقطع يده وأعتق فجنى عليه آخران حال الحرية قطع أحدهما يده والأخر رجله ثمَّ مات ، فإنه يجب على الجاني حال الرق ثلث قيمة العبد وقت جنايته ما لم يتجاوز ثلث دية الحر.

وانما قلنا ذلك ، لأنه إنما جنى عليه وهو ملك للسيد ، فلما أعتق جنى عليه الاخران في غير ملكه ، ولو جنى عليه جان في ملكه وآخران في غير ملكه ثمَّ مات عبدا ، مثل أن باعه السيد بعد جناية الأول ، فجنى الاخران عليه في ملك المشتري ثمَّ مات ، كان عليهم قيمته على كل واحد ثلثها ، وهكذا لو جنى عليه الأول ، ثمَّ ارتد ، ثمَّ جنى عليه آخران وهو مرتد ثمَّ مات ، كان على الجاني قبل الردة ثلث قيمته ، فقد ثبت أن على الجاني حال الرق ثلث قيمته إذا مات بعد العتق.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : له أقل الأمرين من أرش الجناية ، أو ثلث الدية والأخر للسيد أقل الأمرين من ثلث القيمة ، أو ثلث الدية.

مسألة ـ ٢٨ ـ : الإمام عندنا لا يأمر بقتل من لا يجب قتله ، لأنه معصوم لكن يجوز ذلك في الأمير ، فمتى أمر غيره بقتل من لا يجب قتله وعلم المأمور ذلك

__________________

(١) م : لما قلناه فيما تقدم.

٣١٢

فقتله من غير إكراه ، فإن القود على القاتل بلا خلاف.

وان لم يعلم أن قتله واجب الا أنه اعتقد أن الامام لا يأمر بقتل من لا يجب قتله فقتله ، فعند ( ـ « ش » ـ ) لا قود على القاتل والقود على الامام.

والذي يقتضيه مذهبنا أن هذا المأمور ان كان له طريق يعلم به أن قتله محرم فأقدم من غير توصل إليه ، فإن عليه القود ، لأنه متمكن من العلم بذلك. وان لم يكن من أهل ذلك ، فلا شي‌ء عليه وعلى الأمير القود.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا أكره الأمير غيره على قتل من لا يجب قتله ، فقال له : ان قتله والا قتلتك ، لم يحل له قتله بلا خلاف ، فان خالف وقتل فان القود على المباشر دون الملجئ ، وبه قال زفر ، وفرض الفقهاء ذلك في الامام والمتغلب مثل الخوارج ، والخلاف في الامام والأمر واحد.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يجب عليهما القود ، كأنهما باشرا قتله معا ، وبه قال زفر. وان عفا الأولياء فعلى كل واحد منهما نصف الدية والكفارة. والقول الثاني : يجب على الملجئ وحده القود ، وعلى الملجأ نصف الدية ، فان عفى عن الامام فعليه نصف الدية ، وعلى كل واحد منهما الكفارة ، فلا يختلف مذهبه في أن الدية عليهما نصفين ، وعلى كل واحد منهما الكفارة ، وأن على الامام القود وهل على الملجأ القود؟ على قولين.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : القود على المكره وحده ، ولا ضمان على المكره في قود ولا دية ولا كفارة. وقال ( ـ ف ـ ) : لا قود على الامام ولا على المكره. اما المكره فلأنه ملجأ ، واما الامام فلانه ما باشر القتل.

ويدل على ما ذهبنا اليه قوله (١) تعالى

__________________

(١) م : دليلنا قوله تعالى.

٣١٣

( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (١) وهذا مقتول ظلما ، وفيه إجماع الصحابة. روي أن رجلين شهدا عند علي عليه‌السلام على رجل بالسرقة فقطعه ، فأتياه بآخر وقالا : هذا الذي سرق وأخطأنا في الأول فرد شهادتهما على الثاني ، وقال : لو علمت إنكما تعمدتما لقطعتكما.

والمعول في المسألة إجماع (٢) الفرقة.

مسألة ـ ٣٠ ـ : اختلفت روايات أصحابنا في أن السيد إذا أمر غلامه بقتل غيره ، فقتله على من يجب القود؟ فرووا في بعضها أن على الأمر القود ، وفي بعضها أن على العبد القود ولم يفصلوا.

والوجه في ذلك أنه إذا كان العبد مميزا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية ، فإن القود على العبد. وان كان صغيرا أو كبيرا ، لا يميز ويعتقد أن جميع ما يأمره سيده به واجب عليه ، كان القود على السيد ، قال : والأقوى في نفسي أنه ان كان العبد عالما بأنه لا يستحق القتل أو متمكنا من العلم به ، فعليه القود. وان كان صغيرا أو موؤفا ، فإنه يسقط القود ويجب فيه الدية.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان العبد صغيرا لا يعقل ويعتقد أن كل ما يأمره سيده فعليه فعله ، أو كان كبيرا أعجميا جاهلا يعتقد طاعة مولاه واجبة وحتما في كل ما يأمره به ولا يعلم أنه لا طاعة في معصية الله ، فعلى السيد القود ، لان العبد منصرف عن رأيه ، فكان كالالة بمنزلة السكين والسيف.

وان كان هذا العبد بهذه الصفة مملوكا لغيره ، ويعتقد ان أمر هذا الأمر طاعة في كل ما يأمره به ، فالحكم فيه كالحكم في عبد نفسه.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا جعل السم في طعام نفسه وقربه الى الغير ولم يعلمه أنه مسموم فأكله ، فعليه القود لأنه كالقاتل له بتعريضه لا كل الطعام.

__________________

(١) سورة الإسراء : ٣٣.

(٢) م : في المسألة على إجماع.

٣١٤

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : لا قود عليه بل عليه الدية.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا جعل السم في طعام غيره وجعله في بيت مالكه ، فدخل المالك بيته فوجد طعامه فأكل ، فعلى الجاعل القود ، لما قلناه في المسألة المتقدمة ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا قتل مرتد نصرانيا له ذمة ببذل الجزية أو العهد ، فان رجع الى الإسلام لم يقد به ، لعموم قوله عليه‌السلام « لا يقتل مسلم بكافر » وان لم يرجع قيد به ، بدلالة قوله تعالى ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (١) « و الْحُرُّ بِالْحُرِّ » (٢).

مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا قتل نصراني مرتدا ، وجب عليه القود ، لعموم قوله تعالى ( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) ولا نص فيه لل ( ـ ش ـ ) ، ولأصحابه فيه ثلاثة أوجه ، قال أبو إسحاق : لا قود ولا دية. ومنهم من قال : عليه القود ، فان عفى فعليه الدية. وقال أبو الطيب بن سلمة : عليه القود ، فان عفى فلا دية له.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا زنا وهو محصن ، فقد وجب قتله وصار مباح الدم وعلى الامام قتله. فان قتله أحد من المسلمين ، فلا قود عليه.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما وهو المذهب ما قلناه ، وفي أصحابه من قال عليه القود وليس بمذهب.

يدل على المسألة إجماع (٣) الصحابة ، روى سعيد بن المسيب أن رجلا من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلا من أهل الشام فقتله (٤) أو قتلها ، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه ، فكتب معاوية الى أبي موسى

__________________

(١) سورة المائدة : ٤٥.

(٢) سورة البقرة : ١٧٨.

(٣) م : بإجماع.

(٤) م ود : رجلا فقتله.

٣١٥

الأشعري يسأل له عن ذلك علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال له علي عليه‌السلام : ان هذا ليس بأرضنا عزمت عليك لتخبرني ، فقال أبو موسى : كتب الي في ذلك معاوية ، فقال علي عليه‌السلام : أنا أبو الحسن ، وفي بعضها القرم ان لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته.

وروي عن عمر ان رجلا قتل إنسانا وجده مع امرأة أخيه فأهدر عمر دمه.

ولم يخالفهما أحد من الصحابة.

مسألة ـ ٣٦ ـ : روى أصحابنا أن من أمسك إنسانا حتى جاء آخر فقتله ، ان على القاتل القود ، وعلى الممسك أن يحبس أبدا حتى يموت ، وبه قال ربيعة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان أمسكه متلاعبا مازحا فلا شي‌ء عليه. وان كان أمسكه للقتل أو ليضربه ولم يعلم انه يقتله ، فقد عصى وأثم وعليه التعزير ، ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام ، واليه ذهب أهل العراق ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان متلاعبا لا شي‌ء عليه ، وان كان للقتل فعليهما القود معا ، كما لو اشتركا في قتله.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) عن النبي عليه‌السلام أنه قال يقتل القاتل ويصبر الصابر. وقال أبو عبيد : معناه يحبس الحابس.

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا كان لهم ردء ينظر لهم (٢) ، فإنه يسمل عينه ولا يجب عليه القتل. وقال ( ـ ح ـ ) : يجب على الردء القتل (٣) دون الممسك. وقال ( ـ ك ـ ) : يجب على الممسك دون الردء على ما حكيناه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب القود الا على المباشر

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

(٢) م : إذا كان معهم. و ( ـ د ـ ) : إذا كان ردء ينظر لهم.

(٣) م : يجب عليه القتل.

٣١٦

دون الممسك والردء (١).

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا جنى على عين غيره فنخسها وقلع حدقته كان للمجني عليه أن يقتص منه ، لكنه لا يتولى بنفسه ، لأنه أعمى لا يدري كيف يستوفي حقه ، وربما فعل ذلك أكثر مما يجب بلا خلاف وله أن يوكل ، فاذا وكل كان للوكيل أن يقتص منه بأي شي‌ء يمكن ذلك ، سواء كان ذلك بإصبعه أو حديدة.

وان أذهب (٢) ضوءها ولم يجن على العين شيئا (٣) ، فإنه يبل قطن ويترك على الاشعار ويقرب مرآة محمية إلى عينه ، فان الناظرة تذوب.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن له أن يقتص بإصبعه. والثاني : ليس له أن يقتص إلا بحديدة (٤) ، فأما إذا ذهب ضوءها ، فله أن يفعل به مثل ما فعل ، فإن أذهب والا فإن أمكن إذهاب الضوء بدواء استعمل ، فان لم يمكن قرب إليها حديدة محمية حتى يذهب بضوئها (٥) ، فان لم يذهب وخيف أن يذهب الحدقة ترك وأخذت الدية دية العين ، لئلا يأخذ أكثر من حقه (٦).

مسألة ـ ٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا ان عمد الصبي والمجنون وخطأهما سواء ، فعلى هذا يسقط القود عنهما ، والدية مخففة على العاقلة.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : أن الدية في قتلهما دية العمد المحض معجلة حالة في ماله ، وقال في المجنون : إذا شرب شيئا أو أكل جن منه ، فكان كالسكران ، والسكران كالصاحي.

__________________

(١) م : وقال ( ـ ك ـ ) : عكسه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب القود الا على المباشر دونهما.

(٢) م : وان ذهب.

(٣) م : على العين شي‌ء.

(٤) م : ليس له ذلك إلا بحديدة.

(٥) م : حتى يذهب بضوئه.

(٦) م : لئلا يأخذ من حقه.

٣١٧

مسألة ـ ٤٠ ـ : القتل العمد يوجب القود فقط ، فان اختار الولي ـ القصاص فعل ، وان اختار العفو فعل وسقط (١) حقه من القصاص ، ولا يثبت له الدية على القاتل بغير رضاه ، وانما يثبت المال على القاتل إذا اصطلحوا على مال ، قليلا كان أو كثيرا. فاما ثبوت الدية بغير رضاه فلا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن موجب القتل أصلان القود أو الدية وهو اختيار أبي حامد والقول الثاني موجبة القود فقط والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فان قتل فلا كلام وان عفا على مال سقط القود ويثبت الدية بدلا عن القود ، فتكون الدية على هذا بدلا عن بدل. وعلى القولين معا يثبت الدية بالعفو ، سواء رضي الجاني ذلك أو سخط ، وبه قال في التابعين سعيد بن المسيب ، والحسن البصري وعطاء ، وفي الفقهاء ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٤١ ـ : الدية يرثها الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وكذلك الوالدان ، ولا يرث الاخوة والأخوات من قبل الام منها شيئا ، ولا الأخوات من الأب ، وانما يرثها بعد الوالدين والأولاد الاخوة من الأب والام ، أو الأب أو العمومة ، فان لم يكن واحد منهم وكان هناك مولى كانت الدية له ، فان لم يكن مولى ، فميراثه للإمام ، والزوج والزوجة فإنه يرثان من الدية وكل من يرث الدية يرث القصاص ، الا الزوج والزوجة فإنه ليس لهما من القصاص شي‌ء على حال (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : الدية يرثها جميع ورثته ، فكل من ورث تركته من المال ورث الدية الذكور والإناث ، وكل من يرث الدية يرث القصاص ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.

__________________

(١) م : ويسقط.

(٢) م : الا الزوج والزوجة على حال.

٣١٨

وقال ( ـ ك ـ ) : يرثه العصبات من الرجال دون النساء. وقال ابن أبي ليلى : يرثها ذوو الأنساب من الرجال والنساء ، ولا يرثها ذو سبب لأن الزوجية تزول بالوفاة وهذا يورث للتشفي ، ولا تشفي بعد زوال الزوجية.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا كان أولياء المقتول جماعة لا يولى على مثلهم ، جاز لواحد منهم أن يستوفي القصاص وان لم يحضر شركاؤه ، بشرط أن يضمن لمن لم يحضر نصيبه من الدية. وقال جميع الفقهاء : ليس له ذلك حتى يستأذنه ان كان حاضرا أو يقدم ان كان غائبا.

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا كان بعض الأولياء رشيدا لا يولى عليه ، وبعضهم يولى عليه لصغر أو جنون كان للكبير أن يستوفي القصاص في حق نفسه لا في حق المولى عليه ، بشرط أن يضمن له نصيبه من الدية ، وان كان الولي واحدا مولى عليه بجنون وله أب أو جد ، لم يكن لأحد أن يستوفي له حتى يبلغ ، سواء كان القصاص في الطرف أو في النفس ، أو يموت فيقوم وارثه مقامه.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كانوا جماعة بعضهم مولى عليه لم يكن للكبير العاقل أن يستوفي حقه ولا حق الصغير ، بل يصبر حتى يبلغ الطفل ويفيق المجنون ، أو يموت فيقوم وارثه مقامه ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وعمر بن عبد العزيز. وان كان الوارث واحدا مولى عليه ، لم يكن لأبيه ولا لجده أن يستوفي له ، بل يصبر حتى يبلغ مثل ما قلناه ، سواء كان القصاص في الطرف أو النفس.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بعضهم كبارا وبعضهم صغارا ، فللكبير أن يستوفي القصاص في الطرف أو النفس حقه وحق الصغير ، حتى قال : ان قتل الزوج وله أطفال كان للزوجة أن يستوفي حقها وحق الأطفال ، وان قتلت ولها أطفال كان لزوجها أن يستوفي حقه وحق الأطفال.

قال ( ـ ف ـ ) : قلت لـ ( ـ ح ـ ) كيف يستوفيه بعضهم وهو بينهم؟ قال : لان الحسن بن

٣١٩

علي عليهما‌السلام قتل عبد الرحمن بن ملجم وهو بعضهم والحق لجماعتهم ، فقلت : له ذلك فان له الولاية بالإمامة. وان كان الوارث واحدا طفلا كان لوليه أن يستوفيه له طرفا كان أو نفسا. وان كان الولي الوصي ، كان له ذلك في الطرف. والقياس أن له ذلك في النفس ، لكنا منعناه استحسانا.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا وجب القصاص لاثنين ، فعفا أحدهما عن القصاص سقط حقه ولم يسقط حق أخيه إذا رد على أولياء المعفو عنه نصف الدية.

وقال ( ـ ش ـ ) : يسقط حقهما ، لان القصاص لا يتبعض ، وكان لأخيه نصف الدية.

مسألة ـ ٤٥ ـ : يجوز التوكيل في استيفاء القصاص بلا خلاف ، ويجوز للوكيل استيفاءه بمشهد منه بلا خلاف. فأما في حال غيبة الموكل ، فالذي يقتضيه مذهبنا أنه يجوز أيضا ، لأنه لا مانع من ذلك.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ثلاث طرق ، أحدها : يجوز قولا واحدا. ومنهم من قال لا يجوز قولا واحدا. ومنهم من قال : على قولين ، أحدهما : يجوز وهو الصحيح عندهم ، والأخر : لا يجوز وهو قول ( ـ ح ـ ) (١).

مسألة ـ ٤٦ ـ : يجوز التوكيل باستيفاء القصاص بغيبة منه ، لما قلناه في المسألة المتقدمة. ولل ( ـ ش ـ ) (٢) فيه قولان ، أحدهما : الوكالة باطل إذا قال لا يستوفيه الا بمشهد منه. والثاني : صحيح إذا قال يستوفيه بغيبة منه.

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا قتل واحد مثلا عشرة أنفس ، ثبت لكل واحد من أولياء المقتولين القود عليه ، لا يتعلق حقه بحق غيره ، فان قتل بالأول سقط حق الباقين وان بادر واحد منهم فقتله سقط حق كل واحد من الباقين ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال يسقط حق الباقين الى بدل وهو كمال الدية في ماله خاصة.

__________________

(١) م : وبه قال ( ـ ح ـ ).

(٢) م : بغيبة منه كما مر ولل ( ـ ش ـ ).

٣٢٠