المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

الى شريكه عتق نصيب شريكه ، وان لم يدفع إليه القيمة لم يعتق ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال البويطي وحرملة : يكون نصيب شريكه مراعا ، فان دفع (١) القيمة إليه تبينا أنه عتق بنفس العتق ، وان لم يدفع تبينا أن العتق لم يتعلق بنصيب شريكه ، وعلى الأحوال كلها متى أعتق شريكه نصيبه لم ينفذ عتقه فيه ، لأنه قد استحق في حق شريكه المعتق.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى (٢) أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : من أعتق شركا له في عبد ، فعليه خلاصه ان كان له مال وان لم يكن له مال قوم العبد قيمة عدل ، واستسعى العبد في قيمته غير مشقوق عليه.

وروى نافع عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : من أعتق شركا من عبد ، وكان له مال يبلغ ثمنه فهو عتيق.

وروى ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : إذا كان العبد بين رجلين وأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال ، فقد عتق كله. وهذان الخبران على أنه إذا أعتق نصيبه وكان له فإنه ينعتق (٣) في الحال ، غير أن مذهبنا ما قلناه انه إذا أدى ما عليه انعتق.

ويؤيد ذلك ما رواه سالم عن أبيه عن النبي عليه‌السلام قال : إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، فان كان موسرا يقوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط ثمَّ يعتق ، وهذا نص.

والوجه في الخبرين أن قوله انه عتيق وعتق كله معناه سينعتق ، لان العرب

__________________

(١) د : فان وقع.

(٢) م : دليلنا ما روى.

(٣) م : يدلان على انه إذا أعتق نصيبه وكان له مال فإنه ينعتق.

٥٨١

يعبر عن الشي‌ء بما يؤول إليه ، كما قال تعالى ( إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً ) (١).

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق عبيده عند موته ولا مال له غيرهم ، استخرج ثلثهم بالقرعة وأعتقوا واسترق الباقون ، وان دبر عبده عند موته ولا مال له غيره انعتق ثلثه بعد موته واستسعى فيما بقي للورثة.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : يستسعى في جميع ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) في العتق مثل ما قلناه ، وقالا في المدبر : ينعتق ثلثه ويستقر الرق فيما بقي للورثة.

يدل في المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ رواية عمران بن حصين (٢) أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي عليه‌السلام ، فقال قولا سديدا ، ثمَّ دعاهم فجزاهم ثلاثة أجزاء ، فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق عبده عند موته وله مال غيره ، كان عتقه من الثلث على بعض الروايات ، وهو الأقوى عندي ، وبه قال جميع الفقهاء. وفي بعض الروايات أنه من صلب المال ، وبه قال مسروق.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ خبر عمران بن حصين الذي قدمناه وما روى (٣) جابر بن عبد الله أن النبي عليه‌السلام قال : ان الله تعالى أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم ، فمن قال : ينفذ عتقه في كل ماله فقد أعطاه كل ماله.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الذين ينعتقون على من يملكهم العمودان الوالدان الإباء وان علوا ، والأمهات وان علون ، والمولودون البنون وأولادهم وان نزلوا

__________________

(١) سورة يوسف : ٣٦.

(٢) م : دليلنا ما رواه عمران بن حصين.

(٣) م : دليلنا الخبر الذي تقدم ذكره وما روى.

٥٨٢

والبنات وأولادهن وان نزلن ، وكل من يحرم العقد (١) عليهن من المحارم الأخت وبنتها وان نزلت وبنت الأخ وان نزلت والعمة والخالة.

وقال ( ـ ح ـ ) : يتعلق ذلك بكل ذي رحم محرم بالنسب ، فزاد على ما اعتبرناه الأخوال والأعمام والاخوة.

وقال ( ـ ك ـ ) : يتعلق ذلك بالعمودين والاخوة والأخوات.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتعلق ذلك بالعمودين فقط على ما فسرناه ولا يتعدى منهما الى غيرهما.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل من ذكرنا أنه ينعتق إذا ملك من جهة النسب ، فإنه ينعتق إذا كان من الرضاع. وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عمي (٢) العبد ، أو أقعد ، أو نكل به صاحبه ، انعتق عليه. وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ورث شقصا من أمه أو أبيه ، قوم عليه ما بقي إذا كان موسرا.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقوم عليه ، لأنه بغير اختياره.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا أسلم الرجل على يد غيره ، فلا ولاء له عليه ، وأيهما مات لم يرثه الأخر بذلك ، لأنه لا دلالة على ذلك في الشرع ، والأصل عدم الولاء ، وبه قال جميع الأمة ، إلا إسحاق فإنه قال : يثبت له عليه الولاء ويرثه به (٣).

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تعاقد رجلان ، فقال كل واحد منهما لصاحبه : عاقدتك على أن تنصرني وأنصرك ، وتدفع عني وأدفع عنك ، وتعقل عني وأعقل عنك ،

__________________

(١) م : يحرم عليه العقد.

(٢) م : إذا أعمى.

(٣) م : ويرث به.

٥٨٣

وترثني وأرثك ، كان ذلك صحيحا ويتوارثان إذا لم يكن لهما ذو رحم ولا ذو سبب وبه قال النخعي ، وقال : إذا وقع العقد بينهما لزم ولا سبيل الى فسخه ، يتوارثان به كما يتوارثان بالنسب.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا كانا أو أحدهما معروف النسب لم ينعقد الموالاة بينهما ، وان كانا مجهولي النسب انعقدت الموالاة بينهما ، وكان العقد جائزا ، لكل واحد منهما فسخه ما لم يعقل أحدهما عن صاحبه ، فاذا عقل لزمت ولا سبيل الى فسخها بوجه ويتوارثان به وهذا مذهبنا ، وبهذا التفصيل نقول.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا حكم لهذا القول بوجه من الوجوه ، وبه قال الحسن البصري والشعبي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

مسألة ـ ١٠ ـ : من التقط لقيطا ، لم يثبت له عليه الولاء بالالتقاط ، لأنه لا دليل عليه (١) ، ولقوله عليه‌السلام : الولاء لمن أعتق. وبه قال جماعة الفقهاء. وروي عن عمر ابن الخطاب أنه قال : عليه الولاء.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق مسلم عبدا كافرا ، أعتق (٢) وتثبت له عليه الولاء بلا خلاف ، ويرثه عندنا إذا لم يكن له وارث ، وبه قال سفيان الثوري.

وقال جميع الفقهاء : لا يرثه ان مات كافرا ، فإن أسلم ومات ورثه.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أعتق كافر مسلما ، ثبت له عليه الولاء ، لقوله عليه‌السلام : الولاء لمن أعتق ولم يفصل ، الا أنه لا يرثه ما دام كافرا ، فإن أسلم ورثه ، وبه قال جميع الأمة.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يثبت له عليه الولاء.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق عبده سائبة ، وهو يقول : أنت حر سائبة

__________________

(١) م : بذلك لأنه لا دليل على ذلك.

(٢) د ، م : عتق.

٥٨٤

لا ولاء لي عليك ، كان صحيحا ويكون ولاءه للمسلمين.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يسقط قوله سائبة وكان الولاء له.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العتق لا يقع الا بقوله أنت حر مع القصد الى ذلك والنية ، ولا يقع العتق بشي‌ء من الكنايات ، كقوله أنت سائبة ، أو لا سبيل (١) لي عليك ، نوى بذلك العتق أو لم ينو.

وقال الفقهاء : إذا قال أنت حر وقع العتق وان لم ينو ، وان قال أنت سائبة أو لا سبيل لي عليك ، وكل ما كان صريحا في الطلاق ، فهو كناية عن العتق (٢) ان نوى العتق ، وان لم ينو لم يقع العتق.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق المكاتب بالأداء ، أو اشترى العبد نفسه من مولاه ، عتق ولم يثبت للمولى عليه ولاء الا بأن يشرط ذلك عليه.

وقال جميع الفقهاء : يثبت له عليه الولاء وان لم يشرط.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أعتق عن غيره عبدا بإذنه ، وقع العتق عن الاذن دون المعتق ، سواء كان بعوض أو بغير عوض ، لان المعتق في الحقيقة هو الإذن ، فإنه لو لم يأمره بذلك لم يعتقه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بجعل فكما قلنا ، وان كان بغير جعل كان العتق عن الذي باشر العتق دون الاذن.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا أعتق عن غيره بغير اذنه ، وقع العتق عن المعتق دون المعتق عنه ، لقوله عليه‌السلام : الولاء لمن أعتق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يكون عن المعتق عنه ، ويكون ولاءه للمسلمين.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقع العتق بشرط ولا بصفة ولا بيمين ، وخالف جميع

__________________

(١) م : ولا سبيل.

(٢) م : في العتق.

٥٨٥

الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال : كل عبد أملكه فهو حر ، أو قال : ان ملكت هذا فهو حر ثمَّ ملك لم يعتق ، وكذلك ان قال : كل عبد تلد أمتي فهو حر ثمَّ حملت فلا ينعتق.

ووافقنا ( ـ ش ـ ) في الأول ، وقال في الثاني قولان ، أو على وجهين. وقال ( ـ ح ـ ) : ينعتق إذا ملك.

٥٨٦

كتاب المكاتب

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا دعا العبد سيده الى مكاتبته ، استحب له أن يجيبه الى ذلك وليس بواجب عليه ، سواء دعاه الى ذلك بقيمته أو أقل أو أكثر ، وبه قال في التابعين الحسن البصري ، والشعبي ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه إذا دعاه إليها بقيمته أو أكثر ، وجب على سيده الإجابة ، وان كان بأقل من ذلك لم يجب عليه ، وبه قال عطاء ، وعمرو ابن دينار.

مسألة ـ ٢ ـ : لا تصح مكاتبة الصبي حتى يبلغ ، لأنه لا دليل على صحة ذلك وبه (١) قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان عاقلا مميزا صح ، وان لم يكن كذلك لم يصح (٢).

مسألة ـ ٣ ـ : قوله تعالى ( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) (٣) المراد بالخير

__________________

(١) م : على صحته.

(٢) م : صح والا فلا.

(٣) سورة النور : ٣٣.

٥٨٧

الامانة والاكتساب ، لان اسم الخير يقع على المال ، بدلالة قوله تعالى ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (١) وقوله ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً ) (٢) أي : ان ترك مالا وعلى الثواب كقوله تعالى ( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) (٣) أي : ثواب وعلى العمل الصالح كقوله تعالى ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) (٤) يعني : عملا صالحا. فاذا احتمل الجميع ، وجب أن يحمل على ذلك كله الا ما خصه الدليل وهذا مذهب ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) وعمرو بن دينار.

وقال ابن عباس وصاحباه مجاهد وعطاء : هو الثقة والامانة فقط. وقال الحسن البصري ، و ( ـ ر ـ ) : الخير الاكتساب فقط ، وقد روى ذلك أصحابنا أيضا.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا عدم العبد الأمرين الثقة والكسب ، كانت كتابته مباحة غير مستحبة ، وإذا وجد الأمران كانت مستحبة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). ومن أصحابه من قال : ان كان أمينا وان لم يكن مكتسبا استحب كتابته.

وقال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : إذا عدم فيه الأمران كره مكاتبته.

مسألة ـ ٥ ـ : تصح الكتابة حالة ومؤجلة ، وليس الأجل شرطا في صحتها لقوله تعالى ( فَكاتِبُوهُمْ ) (٥) ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : من شرط صحتها الأجل ، فمتى لم يذكر الأجل كانت باطلة.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا كانت الكتابة مؤجلة ، صحت بأجل واحد وبأجلين ، وبأن يقول : كاتبتك الى عشر سنين يؤدي ذلك في هذه المدة كل ذلك جائز ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : كل ذلك باطل.

__________________

(١) سورة العاديات : ٨.

(٢) سورة البقرة : ١٧٦.

(٣) سورة الأنبياء : ٣٧.

(٤) سورة الزلزلة : ٧.

(٥) سورة النور : ٣٣.

٥٨٨

مسألة ـ ٧ ـ : إذا كاتبه على مال معلوم وآجال معلومة ، وقال : إذا أديت هذا المال فأنت حر ونوى بذلك العتق انعتق ، وان عدما (١) أو أحدهما لم ينعتق وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : هو صريح فيه لا يفتقر إلى نية ولا قول.

دليلنا : أن ما اعتبرناه مجمع (٢) على وقوع العتق عنده ، وما قاله ليس له دليل.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا كاتب ثلاثة أعبد له في صفقة واحدة على نجمين إلى أجلين ، وقال : إذا أديتم ذلك فأنتم أحرار ، فقبلوا ذلك صحت هذه الكتابة ، لقوله تعالى ( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) (٣) ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

ولل ( ـ ش ـ ) فيها قولان ، أحدهما : ما قلناه وهو المذهب. والثاني : فاسدة.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا ثبت أن الكتابة صحيحة ، فإن كل واحد منهم مكاتب بحصة قيمته من المسمى ، كأنه كاتبه بذلك مفردا من غيره لا يتعلق به حكم غيره ، فإن أدى ما عليه من مال الكتابة عتق ، سواء أدى صاحباه وعتقا أو عجزا أو رقا ، وبه قال عطاء ، وعمرو بن دينار ، و ( ـ ش ـ ) على قوله ان الكتابة صحيحة ، وهو المذهب عندهم.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : العقد صحيح ولزم مال الكتابة كلهم ، وكل واحد منهم كفيل وضامن عن صاحبه ما لزمه ، فهم كالمكاتب واحد ، فإن أدى واحد ما يخصه في حقه لم ينعتق حتى يقع الأداء فيما بقي ، فإن أداه هو عنهما عتق وعتقا ، وكان له الرجوع عليهما بما أداه عنهما ، وان أديا معه عتق الكل.

__________________

(١) م : وان كان عدما.

(٢) م : دليلنا ان هذا الذي اعتبرناه مجمع.

(٣) سورة النور : ٣٣.

٥٨٩

وانفرد ( ـ ك ـ ) بقوله ان ألقى واحد منهم يده ، يعني جلس عن العمل والاكتساب أجبره الاخران على العمل ، وان كان عاجزا عن الكسب فاكتسبا وأديا ما على الكل عتقوا.

قال ( ـ ك ـ ) : فإن أعتق السيد واحدا منهم ، نظرت فان كان مكتسبا لم ينفذ عتقه فيه ، لأنه يضر برفيقه ، وان لم يكن مكتسبا نفذ عتقه فيه ، لأنه أنفع لصاحبه.

ودليلنا في المسألة أن (١) ما يخص كل واحد منهم من قيمته مجمع عليه ، وإلزامه مال غيره يحتاج الى دليل ، والأصل براءة الذمة.

مسألة ـ ١٠ ـ : قد بينا أنه إذا كاتب الثلاثة مطلقا ، فلا يكون كل واحد منهم كفيلا عن صاحبه ، فأما ان وقع بشرط أن كل واحد منهم كفيل لصاحبه وضامن عنه ، فالشرط صحيح لقوله عليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : الشرط باطل.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا كاتب عبده كتابة فاسدة ، كانت الكتابة باطلة ، سواء عاش المكاتب أو مات ، لأنه لا دليل على صحة هذه الكتابة (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : تكون جائزة من قبل المكاتب ما دام حيا ، فان مات انفسخت الكتابة. وبه قال ( ـ ح ـ ) : الكتابة لازمة ، ولا تبطل بموت السيد.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا كان نفسان لكل واحد منهما حق على صاحبه ، فان كان الحقان من جنسين مختلفين من الأثمان أو غير الأثمان مما لا مثل له ، فإنه لا يقع القصاص بينهما بلا خلاف من غير تراض ، وان كان الحقان من جنس واحد من الأثمان ، أو مما له مثل من غيرها ، فإنه يقع القصاص بينهما من غير تراض

__________________

(١) م : دليلنا أن ما.

(٢) م : لا دليل على صحتها.

٥٩٠

منهما.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه أربعة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : أنه متى (١) رضي أحدهما بذلك بريا معا. والثالث : لا يقع القصاص الا بتراضيهما معا. والرابع : لا يقع القصاص بينهما وان تراضيا لنهي النبي عليه‌السلام عن الدين بالدين.

دليلنا في المسألة أنه (٢) لا فائدة فيه ، وما لا فائدة فيه يكون عبثا ، وانما قلنا لا فائدة فيه ، لأنه يقبض منه ماله ثمَّ يرد بعينه ، ولا غرض في مثل ذلك.

وأيضا : فلا خلاف أنه لو كان له دين على والده ، فمات والده والدين في ذمته برئ الوالد منه ، لان الدين يتعلق بتركته وتركته لولده ، فلا معنى في بيع التركة في حقه والحق كله له. وأما الخبر فإنما تناول بيع الدين بالدين ، وهذا خارج عن ذلك.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا كاتب السيد عبده والعبد مجنون ، كانت الكتابة فاسدة ، فإن أدى مال الكتابة لم ينعتق به ، لأن الأصل عدم الكتابة وبقاء الرق ، وإثبات الكتابة يحتاج إلى دلالة ، وقوله عليه‌السلام : رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق. يتناول هذا الموضع. ولل ( ـ ش ـ ) في صحة الكتابة قولان.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا ثبت في عبد أن نصفه مكاتب ونصفه قن ، كان للعبد يوم وللسيد يوم ، متى طلب أحدهما المهاياة في ذلك أجبر الأخر عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجبر على ذلك يكون كسبه بينهما يوما فيوما.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا كاتب عبده ثمَّ مات وخلف ابنين ، ثمَّ أبرأ أحد الابنين المكاتب عن نصفه أو أعتقه ، صح ذلك ولا يلزم الباقي ، ولا يقوم عليه نصيب أخيه لأنه لا دلالة عليه ، والأصل براءة الذمة ، فإذا فعل ذلك انعتق نصيبه.

__________________

(١) م : والثاني متى.

(٢) م : دليلنا انه.

٥٩١

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يصح الإبراء ولا العتق من أحدهما. وقال ( ـ ش ـ ) : يصحان معا وينعتق النصف على ما قلناه ، وهل يقوم عليه الباقي؟ فيه قولان.

مسألة ـ ١٦ ـ : المكاتبة على ضربين : مشروطة ، ومطلقة. فالمشروطة أن يقول : كاتبتك على كذا وكذا ، فمتى أديت مال الكتابة فأنت حر (١) ، وان عجزت عن الأداء فأنت رد في الرق ، فهذا الضرب متى أدى بعض مال الكتابة لا ينعتق (٢) منه شي‌ء الى أن يؤدي جميع ما عليه ، ولو بقي درهم فإذا وفاه انعتق ، وان عجز دون الوفاء ، فهو رد في الرق.

والمطلقة أن يقول : كاتبتك على كذا ، فإذا أديت جميعه فأنت حر ، ولم يقل فان عجزت فأنت رد في الرق ، فاذا كان كذلك فمتى أدى منها شيئا انعتق بحساب ما يؤديه ، ويبقى رقا بمقدار ما يبقى عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أدى جميع ما عليه عتق ، وان أدى البعض لم يعتق منه شي‌ء ، حتى يؤدي جميع ما عليه ولم يفصل ، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن عمر ، وزيد ابن ثابت ، وعائشة ، وأم سلمة ، وفي التابعين سعيد بن المسيب ، والحسن البصري والزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

وقال ابن مسعود : ان أدى قدر قيمته عتق ويؤد الباقي بعد العتق ، ويتصور الخلاف معه إذا كاتبه بأكثر من قيمته.

وعن علي عليه‌السلام روايتان ، إحداهما : إذا أدى نصف ما عليه عتق كله وطولب بالباقي بعد عتقه. والثانية : يعتق منه بقدر ما أدى بالحصة ، وهذا هو الذي يرويه أصحابنا عنه عليه‌السلام.

وقال شريح : ان أدى ثلث ما عليه عتق كله ، ويؤدي الباقي بعد ذلك.

__________________

(١) م : فمتى أديتها فأنت حر.

(٢) م : بعضها لا ينعتق.

٥٩٢

مسألة ـ ١٧ ـ : الكتابة لازمة من جهة السيد ، جائزة من جهة العبد. ومعناه : أن له الامتناع من أداء ما عليه وتعجيزه ، فاذا امتنع منه كان سيده بالخيار بين البقاء على العقد وبين الفسخ ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : ألزم (١) من الطرفين معا ، فان كان له مال ، فعند ( ـ ك ـ ) يجبر على الكسب ، وعند ( ـ ح ـ ) لا يجبر عليه.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات المكاتب المشروط عليه وخلف تركة ، فان كان فيها وفاء لما عليه وفى منه ما عليه ، وكان الباقي لورثته ، وان لم يكن فيها وفاء كان ما خلفه لمولاه ، لان ذلك عجز عن الأداء ، وان كان له أولاد من مملوكة له كان حكمهم حكمه ، فإن وفى ما عليه انعتقوا ، وان عجز عن ذلك كانوا مماليك لسيد أبيهم ، وان كانت الكتابة مطلقة ورث ورثته بحساب ما أدى ، وكان للسيد منها بحساب ما بقي.

وقال ( ـ ش ـ ) إذا مات المكاتب ، بطلت المكاتبة وكان ما خلفه لسيده ، سواء خلف وفاء أو لم يخلف.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا ينفسخ بوفاته ، ثمَّ قال ( ـ ح ـ ) : وان لم يخلف وفاء لم ينفسخ ما لم يحكم الحاكم بفسخه ، وان خلف وفاء عتق إذا وجد الأداء بآخر جزء من أجزاء حياته ، ويؤدى عنه بعد وفاته وان فضل فضل كان لوارثه المناسب ، وان لم يكن مناسب كان لسيده بالولاء.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان خلف ولدا حرا مثل قول ( ـ ش ـ ) ، وان خلف ولدا مملوكا ولد له حال كتابته من أمته أجبر على الأداء ان كان له تركة ، وان لم يكن له تركة أجبر على الاكتساب ليؤدي ويعتق أبوه ويعتق هو بعتق أبيه.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كاتبه على مال بعينه يؤديه إليه في نجوم معلومة ،

__________________

(١) م : لازم.

٥٩٣

فجاء بالمال في نجم واحد ، لم يلزم المكاتب أخذه ، وكان بالخيار بين أخذه في الحال ، وبين أخذه في النجوم المتقررة بينهما.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يأخذه ولم يبرئه أخذه الحاكم وأعتق العبد ، ثمَّ ساق المال إليه في النجوم المتقررة بينهما.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى المكاتب جارية ، صح شراؤه بلا خلاف وله وطئها إذا أذن سيده في وطئها ، فأما بغير اذنه فلا يجوز. ولل ( ـ ش ـ ) مع الاذن قولان.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كاتب عبده وكان السيد يجب عليه الزكاة ، وجب عليه أن يعطيه شيئا من زكاته يحتسب له به من ماله عليه ، وان لم يكن قد وجب عليه الزكاة استحب له ذلك.

وقال ( ـ ش ـ ) : الإيتاء واجب عليه ولم يفصل. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : هو مستحب غير واجب.

دليلنا في المسألة قوله (١) تعالى في آية الصدقات ( وَفِي الرِّقابِ ) (٢) وهم المكاتبون وهذا منهم ، فأما إذا لم يجب عليه الزكاة فلا دلالة على وجوبها عليه ، والأصل براءة الذمة.

وأما قوله تعالى ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) (٣) فمحمول على الاستحباب لقوله عليه‌السلام المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. ولو كان الإيتاء واجبا لعتق إذا بقي عليه درهم من مكاتبته ، لأنه يستحق على سيده هذا القدر ، فلما لم يعتق دل ذلك على أنه غير واجب ، ويجوز أن يكون قوله تعالى ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ )

__________________

(١) م : دليلنا قوله تعالى.

(٢) سورة التوبة : ٦٠.

(٣) سورة النور : ٣٣.

٥٩٤

متوجها الى غير سيد المكاتب من يجب عليه الزكاة ، ألا ترى أنه قال : من مال الله الذي آتاكم تنبيها على ما يجب فيه الزكاة وعليه إجماع الفرقة.

مسألة ـ ٢٢ ـ : لولي المولى عليه من يتيم وغيره أن يكاتب عبد المولى عليه إذا كان في ذلك حظ المولى عليه ، لأنه لا خلاف أن له بيع مال المولى عليه ، وهذا بيع الا أنه من نفسه.

وقال ( ـ ح ـ ) : له ذلك ولم يقيد وقال ( ـ ش ـ ) : ليس له ذلك ، سواء كان الولي أبا ، أو جدا ، أو وصيا ، أو حاكما ، أو ولي الحاكم.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا اختلف السيد والمكاتب اما في مال الكتابة ، أو في المدة أو في النجوم ، كان القول قول السيد مع يمينه ، لان المدعي هو المكاتب يدعي على سيده أجلا ، أو قدرا من الثمن ، أو نجوما مخصوصة ، فعليه البينة ، والا فالقول قول السيد.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان وينفسخ الكتابة إذا كان الحلف قبل العتق ، وان كان بعد العتق تحالفا ، وكان على المكاتب قيمة نفسه ، لان رده في العتق لا يمكن كما يقول في خلاف المتبايعين إذا تلف المبيع انهما يتحالفان ، ويلزم المشتري قيمة السلعة.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا كان له مكاتبان كاتبهما بعقد واحد ، فأدى أحدهما ألفا ، ثمَّ أشكل عليه عين المؤدى منهما ، أقرع بينهما ، فمن خرجت قرعته حكم له به وعتق وبقي الأخر مكاتبا ، فان مات أقرع الورثة بينهما ، لإجماع الفرقة على أن كل مشكل ففيه القرعة ، وهذا من ذاك.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز أن يقرع بينهما ما دام حيا ، بل يلزم التذكر أبدا ، فان مات فهل يقرع؟ فيه قولان.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا أدى أحدهما مال الكتابة ، وأشكل الأمر عليه ، وادعيا

٥٩٥

جميعا عليه العلم بذلك ، فالقول قوله مع يمينه ، فاذا حلف أقرع على المكاتبين (١) فمن خرجت له قرعة الأداء حكم له بالحرية ورق الأخر ، ويلزمه ما يخصه من مال الكتابة الى ما قلناه في المسألة المقدمة لهذه (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا حلف لهما كانا معا على الكتابة ، يؤدى كل واحد منهما (٣) ألفا ، كما لو كان له على رجلين ألفان على كل واحد ألف ، فقبض من أحدهما وأشكل عين الدافع وادعيا علمه بعين الدافع (٤) ، فإنه يحلف واستحق الألفين.

وهذا الأصل الذي رده اليه ( ـ ش ـ ) نقول فيه مثل الذي قلناه في الفرع ، وكيف يجوز أن يستحق الألفين؟ وهو يقطع على أن أحدهما حرام عليه ولا يعرف عينه فكيف يحل له التصرف فيهما أو في واحد منهما؟ الا على ما قلناه.

مسألة ـ ٢٦ ـ : يجوز أن يكاتب عبده على العروض من الثياب والحيوان بلا خلاف ، ويجوز عندنا أن يكاتبه على ثوب واحد إلى أجل واحد ، لقوله تعالى ( فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) (٥) ولم يفصل.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز الا بثوبين ، أو عوضين إلى أجلين.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا كان عبد بين شريكين ، فكاتب أحدهما على نصيبه بإذن شريكه صح (٦) ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).

ويدل على المسألة عموم الآية ، والاخبار الواردة في ذلك. ولل ( ـ ش ـ ) في ذلك قولان.

__________________

(١) م أقرع بينهما.

(٢) م من مال الكتابة لما تقدم.

(٣) م كل منهما.

(٤) د ، م ادعيا عليه تعين الدافع.

(٥) سورة النور : ٣٣.

(٦) م : بإذن شريكه يصح.

٥٩٦

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا كاتب على نفسه بغير اذن شريكه ، صح أيضا لما قلناه في المسألة المتقدمة (١) ، وبه قال الحكم ، وابن أبي ليلى ، ومال إليه أبو العباس ابن شريح.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : الكتابة فاسدة.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا كان عبد بين شريكين ، لأحدهما ثلثاه والأخر ثلثه ، فكاتب صاحب الثلاثين على مائتين ، وصاحب الثلث على مائتين صح الكتابتان ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة (٢) ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تصح حتى يتساويا في الثمن على حسب الملك ، فان تفاضلا في البدل بطلت الكتابة.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا كاتب اثنان عبدا ، صحت الكتابة ولم يجز له أن يخص أحدهما بمال الكتابة بلا خلاف إذا كان بغير اذنه ، فان أذن أحد الشريكين له أن يعطي الأخر نصيبه كان اذنه صحيحا ، ومتى أعطاه وقبضه كان القبض صحيحا ، لأنه لا مانع منه. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ولد المكاتبة من زوج أو زنا لل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : عبد قن. والثاني : موقوف منعتق إذا عتقت (٣) ، ومسترق إذا استرقت.

والذي وردت به أخبارنا أن أولادها كهيئتها ، سواء كانت مشروطا عليها أو كانت مطلقة ، فإذا (٤) أدت ما عليها عتقوا كهيئتها ، الا أن يكونوا من زوج حر فيكونون أحرارا.

__________________

(١) م : صح أيضا لما تقدم.

(٢) م بدلالة ما تقدم.

(٣) م إذا أعتقت.

(٤) م مشروطا عليها أو لم يكن.

٥٩٧

مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للرجل وطئ أمته التي كاتبها ، سواء كانت مشروطا (١) عليها أو لم يكن بلا خلاف ، فان خالف ووطئها فان كانت مشروطا عليها فلا حد عليه ، لان هناك شبهة. وان كانت مطلقة وأدت من مكاتبتها شيئا ، كان عليه الحد بمقدار ما تحرر منها ويدرأ عنه بمقدار ما بقي.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا حد عليه بحال. وقال الحسن البصري : عليه الحد ، لأنه حرام ، فوجب أن يحد كالزنا الصريح.

مسألة ـ ٣٣ ـ : يجوز بيع المال الذي على المكاتب ، فإن أدى المكاتب مال الكتابة انعتق على سيده ، وان عجز رجع رقا على سيده ، وكان للمشتري الدرك بما اشتراه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) الا أنه قال : إذا عجز رجع رقا للمشتري.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيع ذلك.

يدل على المسألة قوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٢) ولأن الأصل جوازه ولا مانع منه.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أراد بيع رقبة المكاتب ، لم يجز ذلك الا بعد العجز عن أداء ما عليه إذا كان مشروطا عليه ، وان كان مطلقا وقد أدى من مكاتبته شيئا ، فلا طريق الى بيع رقبته بحال.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في الجديد : لا يجوز بيع رقبته بحال. وقال في القديم : يجوز وهو قول عطاء ، والنخعي ، و ( ـ د ـ ).

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا زوج الرجل بنته من مكاتبه فمات فورثته بنته ، انفسخ عقد النكاح بينهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينفسخ ، لان عنده لا يورث المكاتب ، فيكون النكاح بحاله.

__________________

(١) د : سواء كاتب مشروطا.

(٢) سورة البقرة : ٢٧٦.

٥٩٨

والدليل على أنه يورث هو أنه لا خلاف أن الرجل إذا مات وله مكاتب لم يجز للمكاتب أن يتزوج بنته ، ولو لا أن ملكه قد انتقل الى ورثته والبنت من جملتهم لما امتنع تزويجه بها ، كما لم يمتنع ذلك في حال حياته إذا لم يكن لها فيه ملك بوجه ، فعلمنا أنه قد حدث (١) ها هنا علة امتنع التزويج لأجلها ، وهي أنه قد صار ملكا لها.

__________________

(١) م : انه حدث.

٥٩٩

كتاب المدبر (١)

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لعبده إذا مت فأنت حر أو محرر أو عتيق أو معتق كان صريحا ، غير أنه لا بد فيه من النية ، كما نقوله في صريح الطلاق والعتاق ، فان تجرد عن النية لم يكن له حكم ، بدلالة إجماع الفرقة ، ولأن الأصل بقاء الرق ولا دليل على صحة التدبير مع عدم النية ، ولا خلاف في صحته مع حصول النية.

وقال جميع الفقهاء : لا يحتاج ذلك الى نية لأنه صريح.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال أنت مدبر أو مكاتب ، لا ينعقد به كتابة ولا تدبير وان نوى ذلك ، بل لا بد أن يقول في التدبير فاذا مت فأنت حر ، وفي الكتابة إذا أديت إلى مالي فأنت حر ، فمتى لم يقل ذلك لم يكن شيئا ، بدلالة ما قلناه في المسألة الأولى سواء.

وقال ( ـ ش ـ ) في الكتابة ان ذلك كناية ، فمتى نوى بها الكتابة صحت ، ومتى لم ينو لم يصح ، وقال في التدبير : انه صريح.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التدبير بشرط لا يقع ، وكذلك العتق ، بدلالة ما قلناه

__________________

(١) د : كتاب التدبير.

٦٠٠