المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

مع شاهد المدعى ، لأنه لا دلالة على ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يحكم عليه بالنكول.

مسألة ـ ٢٤ ـ : لا يثبت الوقف بشهادة واحدة مع يمين المدعي ، لان الوقف ليس بمال للموقوف عليه ، بل له الانتفاع به فقط ، والاخبار الواردة في القضاء بالشاهد مع اليمين مختصة بالأموال.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان بناء على الوقف الى من ينتقل فاذا قيل (١) : ينتقل الى الله تعالى ، فلا يثبت الا بشاهدين ، وإذا قيل : ينتقل (٢) الى الموقوف عليه ، يثبت بشاهد واحد ويمين.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا كان معه شاهد وأراد أن يحلف المدعى عليه ، فنكل عن اليمين ، فإنه (٣) يرد على المدعي ، فان حلف حكم بها ، وان لم يحلف انصرف لعموم الأخبار الواردة في أن المدعى عليه إذا رد اليمين فعلى المدعي اليمين.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يرد على المدعي ، بل يحبس المدعى عليه حتى يحلف أو يعترف.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا مات إنسان وخلف دينا له على غيره وعليه دين ولهم شاهد واحد ، وامتنعوا من أن يحلفوا مع الشاهد ، لم يجز للغريم أن يحلف.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه وهو الأصح. والثاني : أن له أن يحلف لأنه إذا ثبت صار اليه ، فكان له أن يحلف كالوارث (٤).

__________________

(١) د : فاذا قال.

(٢) د ، م : وإذا قال ينتقل.

(٣) د ، م : فإنها.

(٤) م : لم يجز للغريم ان يحلف كالوارث.

٥٤١

ودليلنا في المسألة أنه (١) لو ثبت هذا الحق كان بثبوته للميت يرثه ورثته عنه ، بدليل أنه لو كانت التركة عبدا وأهل شوال ، كانت فطرته على ورثته ، وكان لهم أن يقضوا دينه من عين التركة ومن غيرها ، وانما يتعلق حق الغرماء بالتركة كما يتعلق حق المرتهن بالرهن ، فاذا كان ثبوته لغيرهم ، لم يجز له أن يحلف يمينا يثبت بها حق الغير ، فإن الإنسان لا يثبت بيمينه ما لا لغيره وأيضا قوله تعالى : ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٢) وقوله ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣) وهذا غير علم.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا مات وخلف تركة وعليه دين ، فان كان الدين محيطا بالتركة ، لم تنتقل التركة إلى وارثه ، وكانت مبقاة على حكم الميت ، فاذا (٤) انقضى الدين من غيرها ملكها الوارث الان ، فان كان الدين محيطا ببعض التركة لم ينتقل بقدر ما أحاط الدين به منها الى ورثته وانتقل إليهم ما عداه ، وبه قال الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان الدين محيطا بالتركة لم ينتقل إلى الورثة كما قلناه ، وان لم يكن محيطا بها انتقلت إلى الورثة.

وقال ( ـ ش ـ ) وأصحابه الا الإصطخري : التركة كلها تنتقل إلى الورثة ، سواء كانت وفق الدين أو أكثر ، والدين باق في ذمة الميت ، وتعلق حكم الغير بها كالرهن ، وله أن يقضي الدين من عين التركة ومن غيرها.

__________________

(١) د : دليلنا في المسئلة هو انه.

(٢) سورة الأعراف : ٣٣.

(٣) سورة الإسراء : ٣٦.

(٤) د ، م : فإن.

٥٤٢

يدل على مذهبنا قوله تعالى في آية الميراث ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (١) وأيضا فلو انتقلت التركة إلى الوارث لوجب إذا كان في التركة من يعتق على (٢) وارثه أن يعتق عليه ، مثل أن ورث الرجل أباه أو ابنه.

وبيانه (٣) : كان له أخ مملوك وابن المملوك حر ، فمات الرجل وخلف أخاه مملوكا ، فورثه ابن المملوك ، فإنه لا يعتق عليه إذا كان على الميت دين بلا خلاف ، فدل على ان التركة ما انتقلت اليه ، وكذلك إذا كان أبوه (٤) أو ابنه مملوكا وابن عمه ، فمات السيد فورثه عن ابن عمه ، كان يجب أن ينعتق ويبطل حق الغرماء ، وقد أجمع (٥) على خلافه.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا ادعى رجل جارية وولدها ، فإنها أم ولده وولدها منه استولدها منه في ملكه وأقام شاهدا واحدا وحلف ، حكم له بالجارية وسلمت اليه ، وكانت أم ولده باعترافه ، بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ) ، الا انه يقول : انعتق (٦) بوفاته ، فأما الولد فإنه لا يحكم له به أصلا ويبقى في يد من هو في يده على ما كان ، لان القضاء بالشاهد واليمين خاص بالأموال (٧) ، وها هنا انما يدعي النسب والحرية.

وللشافعي فيه قولان ، أحدهما وهو الأصح ما قلناه. والثاني : يحكم له بالولد ويلحق به.

__________________

(١) سورة النساء : ١٢.

(٢) د : من يعتق وارثه.

(٣) د ، م : أو ابنه بيانه.

(٤) د : إذا كان أبواه.

(٥) د ، م : وقد أجمعنا.

(٦) د ، م : ينعتق.

(٧) د ، م : في الأموال.

٥٤٣

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا كان في يد رجل عبد ، وادعى آخر عليه ان هذا غصبه على نفسه ، فإنه كان عبدي وأنا أعتقته (١) وأقام شاهدا واحدا ، لم يقبل ذلك ولا يحكم به ، لما قلناه في المسألة المتقدمة (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : أقضي له به وأحكم بالعتق فيه.

مسألة ـ ٣٠ ـ : الايمان تغلظ عندنا بالمكان والزمان وهو مشروع ، بدلالة إجماع الفرقة وروايتهم أنه لا يحلف عند قبر النبي عليه‌السلام أحد على أقل ما يجب (٣) فيه القطع ، ولقوله تعالى ( تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ ) (٤) قال أهل التفسير يعني بعد صلاة العصر.

وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : رجل بايع امامه فان أعطاه وفى له وان لم يعطه خانه ، ورجل حلف بعد العصر يمينا فاجرة (٥) ليقتطع بها مال امرء مسلم الحديث ، وهذا مذهب ( ـ ش ـ ) أيضا.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يغلظ بالمكان بحال وهو بدعة.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تغلظ اليمين بأقل ما يجب (٦) فيه القطع ، ولا يراعى النصاب الذي تجب فيه الزكاة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يغلظ بأقل مما تجب فيه الزكاة ، وأنه إذا كان يمينا (٧) في مال ،

__________________

(١) د : وأنا أعتقه.

(٢) م : ولا يحكم به لما تقدم.

(٣) د ، م مما يجب.

(٤) سورة المائدة : ١٠٦.

(٥) م : يمينا فاجرا.

(٦) د ، م : بأقل مما يجب.

(٧) د ، م : مما تجب فيه الزكاة إذا كانت يمينا.

٥٤٤

أو ما المقصود منه المال ، وان كانت اليمين (١) في غير ذلك غلظت (٢) في كل حال وقال ابن جرير : تغلظ (٣) في القليل والكثير.

مسألة ـ ٣٢ ـ : التغليظ بالمكان والزمان والألفاظ استحباب دون أن يكون ذلك شرطا في صحة الايمان ، لأنه لا دلالة على كونه شرطا ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في الألفاظ وفي المكان والزمان قولان.

مسألة ـ ٣٣ ـ : الحالف إذا حلف على فعل نفسه ، حلف على القطع والثبات نفيا كان أو إثباتا. وان كان على فعل غيره ، فان كان على الإثبات كان على القطع وان كان على العلم (٤) ، لأنه لا يمكن إحاطة العلم بنفي (٥) فعل الغير ، فقد يمكن أن يفعل وهو لا يعلم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال الشعبي ، والنخعي كلها على العلم (٦) ، وقال ابن أبي ليلى : كلها على البت وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه حلف رجلا ، فقال : قل والله ماله عليك حق ، فلما كان على فعل نفسه استحلفه على البت.

مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا ادعى رجل على رجل حقا ولا بينة له ، فعرض اليمين على المدعى عليه ، فلم يحلف ونكل ردت اليمين على المدعي فيحلف ويحكم له ، ولا يجوز الحكم على المدعى عليه بنكوله ، وبه قال النخعي ، والشعبي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) د ، م : وان كانت يمينا.

(٢) د ، م : غلظ.

(٣) د ، م : يغلظ.

(٤) د : وان كان فعل غيره فان كانت على الإثبات كانت على القطع وان كانت على النفي كانت على نفى العلم.

(٥) م : ينفى.

(٦) م : على العلم لأنه لا يمكن إحاطة العلم.

٥٤٥

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : لا يرد اليمين على المدعي بحال ، فان كانت الدعوى في مال (١) كرر الحاكم اليمين على المدعى عليه ثلاثا ، فان حلف والا قضى عليه بالحق لنكوله (٢) وان كانت في قصاص فقال ( ـ ح ـ ) يحبس المدعى عليه أبدا حتى يقر بالحق أو يحلف على نفيه.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : تكرر (٣) عليه اليمين ثلاثا ويقضى عليه بالدية ، فأما إذا كانت الدعوى في طلاق أو نكاح ، فان اليمين لا تثبت (٤) عنده في هذه الأشياء في جنبه (٥) المدعى عليه ، فلا يتصور فيها نكول.

والخلاف مع ( ـ « ح » ـ ) في فصلين أحدهما في الحكم بالنكول ، والثاني : في رد اليمين. وقال ابن أبي ليلى : المدعى عليه في جميع هذه المواضع يحبس حتى يحلف أو يقر.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى (٦) ( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ) (٧) فأثبت الله تعالى يمينا مردودة بعد يمين ، والمراد به أن ترد أيمان بعد وجوب أيمان ، وقوله عليه‌السلام المطلوب أولى باليمين من الطالب ، ولفظة أولى حقيقتها الاشتراك وتفضيل البعض على البعض فاقتضى الخبر أن الطالب والمطلوب يشتركان (٨)

__________________

(١) د ، م : فان كانت الدعوى في حال.

(٢) د ، م : بنكوله.

(٣) د ، م : يكرر.

(٤) د : لا يثبت.

(٥) م : في جنبة.

(٦) م : دليلنا قوله تعالى.

(٧) سورة المائدة : ١٠٧.

(٨) م : مشتركان.

٥٤٦

في اليمين لكن للمطلوب مزية (١) بالتقديم.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا نكل المدعى عليه ، ردت اليمين على المدعي في سائر الحقوق ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في ذلك ، وبه قال النخعي ، والشعبي ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : انما يرد اليمين فيما يحكم فيه بشاهد وامرأتين ، دون غيره من النكاح والطلاق ونحوه.

مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حلف المدعى عليه ثمَّ أقام المدعي بينة بالحق ، لم يحكم له بها ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ، ولقوله عليه‌السلام : من حلف فليصدق ومن حلف له فليرض ، ومن لم يفعل فليس من الله في شي‌ء ، وبه قال داود ، وابن أبي ليلى. وقال باقي الفقهاء : انه يحكم بها.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعى على رجل حقا ، وقال : ليس لي بينته وكل بينة لي فهي كاذبة ، فحلف المدعى عليه ثمَّ (٢) أقام البينة ، قال ( ـ م ـ ) : لا يحكم له بذلك لأنه جرح بينته.

وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : يحكم له بها ، لأنه يجوز أن يكون نسي بيته ، فكذب على اعتقاده.

وهذا الفرع ساقط عنا (٣) ، لأن أصل المسألة عندنا باطل.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعى رجل على امرأة ، نكاحا أو طلاقا أو المرأة على زوجها طلاقا أو العبد على سيده عتقا ولا بينة مع المدعي ، فعلى المدعى عليه

__________________

(١) د ، م : لكن المطلوب مزية عليه بالتقديم.

(٢) م : فأقام البينة.

(٣) د ، م : سقط عنا.

٥٤٧

اليمين (١) ، فان حلف والا ردت اليمين على المدعي ، فإذا حلف حكم له به ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ح ـ ) لا يلزم اليمين في هذه الدعاوي بحال وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا كان مع المدعي شاهد واحد لزم المدعى عليه اليمين فان لم يكن معه شاهد لم يلزم المدعى عليه اليمين.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا كان بين رجلين عداوة ظاهرة ، مثل أن يقذف أحدهما صاحبه ، أو قذف الرجل امرأة ، فإنه لا يقبل شهادته (٢) على صاحبه ، لما رواه طلحة ابن عبد الله قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا ينادي لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين والعدو منهم.

وقال علي عليه‌السلام : لا تقبل شهادة الخائن ولا الخائنة ولا الزاني ولا الزانية ولا ذي عمر على أخيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : تقبل ولا تأثير للعداوة في رد الشهادة بحال.

مسألة ـ ٤١ ـ : تقبل شهادة الوالد لولده والولد لوالده ، وتقبل شهادة الوالد على ولده ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والمزني ، وأبو ثور. وقال باقي الفقهاء : لا تقبل.

مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شهادة الولد على والده لا تقبل بحال.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان تعلقت بالمال أو ما يجري مجرى المال ، كالدين والنكاح والطلاق قبلت ، وان شهد عليه بما يتعلق بالبدن كالقصاص وحد الفرية ، ففيه وجهان : أحدهما ، لا تقبل. والأخر : وهو الأصح تقبل (٣).

__________________

(١) د ، م : مع المدعى لزم المدعى عليه اليمين.

(٢) د : شهادة.

(٣) د ، م : انه يقبل.

٥٤٨

مسألة ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق رجل عبدا ، ثمَّ شهد المعتق لمولاه قبلت شهادته وبه قال جميع الفقهاء ، وحكي عن شريح أنه قال : لا تقبل.

مسألة ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقبل شهادة الأخ لأخيه ، وبه قال جميع الفقهاء.

وقال ( ـ ع ـ ) : لا تقبل. وقال ( ـ ك ـ ) : ان شهد له في غير النسب قبلت ، وان شهد له في النسب وان كانا (١) أخوين من أم ، فادعى أحدهما أخا من أب وشهد له أخوه لم (٢) تقبل.

مسألة ـ ٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقبل شهادة الصديق لصديقه ، وان كان بينهما مهاداة وملاطفة ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : إذا كان بينهما ملاطفة ومهاداة لم تقبل شهادته.

مسألة ـ ٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال أهل العراق : لا تقبل. وقال النخعي ، وابن أبي ليلى : تقبل شهادة الزوج لزوجته ، ولا تقبل شهادة الزوجة لزوجها.

مسألة ـ ٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز قبول شهادة من لا يعتقد الإمامة ولا منهم ، الا من كان عدلا يعتقد التوحيد والعدل ونفي القبائح والتشبيه على الله سبحانه (٣) ، ومن خالف في شي‌ء من ذلك كان فاسقا لا تقبل شهادته.

وقال ( ـ ش ـ ) : أهل الآراء على ثلاثة أضرب ، فمنهم من نخطئه ولا نفسقه ، كالمخالف في الفروع ، فلا ترد شهادته إذا كان عدلا ، ومنهم من نفسقه ولا نكفره كالخوارج والروافض ، فلا تقبل شهادتهم (٤) ، ومنهم من نكفره وهم القدرية الذين قالوا

__________________

(١) د : فان كان.

(٢) د ، م : وشهد له آخر لم تقبل.

(٣) د ، م : عن الله عزوجل.

(٤) د ، م : والروافض نفسهم ولا نكفرهم لا تقبل شهادتهم.

٥٤٩

بخلق القرآن ونفي الرؤية واضافة المشيئة إلى نفسه وقالوا : انا نفعل الخير والشر معا ، فهؤلاء كفار لا تقبل شهادتهم وحكمهم حكم الكفار ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وشريك ، واحمد بن حنبل.

وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ) : لا أرد شهادة أحد من هؤلاء ، والفسق الذي ترد به الشهادة ما لم يكن على وجه التدين ، كالفسق بالزنا والسرقة وشرب الخمر ، فأما ما كان على وجه التدين واعتقده مذهبا ودينا يدين الله به لم أرد بذلك شهادته كأهل الذمة ، فسقوا على وجه التدين ، وكذلك أهل البغي فسقوا عنده ، فوجب أن لا ترد شهادتهم.

مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اللعب بالشطرنج حرام على أي وجه كان ويفسق فاعله به ولا تقبل شهادته.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : مكروه ، الا أن ( ـ « ح » ـ ) قال : هو ملحق بالحرام ، وقالا جميعا ترد شهادته.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو مكروه غير محظور ، ولا ترد شهادة اللاعب به الا ان كان (١) فيه قمارا وترك وقت الصلاة (٢) حتى يخرج وقتها متعمدا ، أو يتكرر ذلك منه دفعات وان لم يتعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها (٣). وقال سعيد بن المسيب ، وسعيد ابن جبير هو مباح.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (٤) عن علي عليه‌السلام أنه مر بقوم يلعبون الشطرنج (٥) فقال ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون

__________________

(١) م : ولا يرد شهادته الا ما كان فيه.

(٢) د ، م : وترك الصلاة.

(٣) د ، م : حتى يذهب وقتها.

(٤) م : دليلنا ما روى.

(٥) د ، م : يلعبون بالشطرنج.

٥٥٠

فشبهها بالأصنام (١) المعبودة.

وروي عنه عليه‌السلام أنه قال : اللاعب بالشطرنج من أكذب الناس يقول (٢) مات كذا وما مات يعني قولهم شاه مات. وروى الحسن البصري عن رجال من أصحاب النبي عليه‌السلام أنه نهى عن اللعب بالشطرنج.

مسألة ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرب نبيذا حتى سكر ، لم تقبل شهادته وكان فاسقا بلا خلاف ، وان شرب قليلا لا يسكر فعندنا لا تقبل شهادته ويحد ويحكم بفسقه ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : أحده ولا أفسقه ولا أرد شهادته. وقال ( ـ ح ـ ) : لا أحده ولا أرد شهادته إذا شرب مطبوخا ، فان شرب نقيعا فهو حرام لكنه لا يفسق بشربه.

مسألة ـ ٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اللاعب بالنرد يفسق وترد شهادته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) على ما نص عليه أبو إسحاق في الشرح : انه مكروه وليس بمحظور لا يفسق فاعله ولا ترد شهادته ، وهو أشد كراهة من الشطرنج. وقال قوم من أصحابه انه حرام ترد شهادة من لعب به (٣).

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه أبو موسى (٤) قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. وروى سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي عليه‌السلام قال : من لعب بالنرد شير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه.

مسألة ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الغناء محرم يفسق فاعله وترد شهادته.

__________________

(١) د : عاكفون بالأصنام.

(٢) م : من أكذب يقول.

(٣) د : يرد شهادته إذا لعب به.

(٤) م : دليلنا ما رواه أبو موسى.

٥٥١

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : هو مكروه ، وحكي عن ( ـ ك ـ ) أنه مباح. والأول هو الأظهر لأنه سئل عن الغناء ، فقال : هو فعل الفساق عندنا. وقال ( ـ ف ـ ) : قلت لـ ( ـ ح ـ ) (١) في شهادة المغني والمغنية والنائح والنائحة ، فقال : لا أقبل شهادتهم.

وقال سعيد بن إبراهيم الزهري : مباح غير مكروه ، وبه قال عبد الله بن الحسن العنبري. قال أبو حامد الاسفرائني : ولا أعرف أحدا من المسلمين حرم ذلك ولم يعرف مذهبنا.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) (٢) قال محمد بن الحنفية : قول الزور هو الغناء (٣) ، وقوله تعالى ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً ) (٤) قال ابن مسعود : لهو الحديث الغناء.

وقال ابن عباس : هو الغناء وشراء المغنيات.

وما رواه (٥) أبو أمامة الباهلي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع المغنيات وشرائهن والتجارة فيهن وأكل أثمانهن وثمنهن حرام. وروى ابن مسعود أن النبي عليه‌السلام قال : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.

مسألة ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الغناء محرم ، سواء كان بصوت المغني (٦) أو بالقضيب أو بالأوتار ، مثل العيدان والطنابير والنايات والمزامير والمعارف وغير ذلك ،

__________________

(١) د : قلت بح.

(٢) سورة الأنبياء : ٣١.

(٣) م : دليلنا قوله تعالى.

(٤) سورة لقمان : ٥.

(٥) د ، م : وأيضا ما رواه.

(٦) د ، م : كان صوت المغني.

٥٥٢

فأما الضرب (١) بالدف في الأعراس والختان فإنه مكروه.

وقال ( ـ ش ـ ) : صوت المغني والقضيب مكروه وليس بمحظور ، وصوت الأوتار محرم كله ، والضرب بالدف مباح في الختان (٢) والأعراس.

مسألة ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إنشاد الشعر مكروه. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا لم يكن كذبا ولا هجرا ولا تشبيبا بالنساء كان مباحا.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (٣) أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : لان يمتلئ قلب الرجل قيحا حتى يبر به خير له من أن يمتلئ شعرا ، وقوله تعالى ( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) (٤).

مسألة ـ ٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شهادة ولد الزنا لا تقبل وان كان عدلا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، الا أنه قال : لا تقبل بالزنا. وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء : تقبل.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) أنه قال : ولد الزنا شر الثلاثة. يعني شر من الزاني والزانية.

مسألة ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أقيم عليه حد في معصية من قذف أو زنا أو شرب خمر أو لواط أو غير ذلك ، ثمَّ تاب وصار عدلا ، قبلت شهادته ، وبه قال أكثر الفقهاء ، الا ما خالف فيه ( ـ ح ـ ) في القاذف وقد مضى ذكره.

__________________

(١) د ، م : وأما الضرب.

(٢) د : بالدف في الختان.

(٣) م : دليلنا ما رواه.

(٤) سورة الشعراء : ٢٢٤.

(٥) م : دليلنا ما روى عنه عليه‌السلام.

٥٥٣

وقال ( ـ ك ـ ) : كل من حد في معصية ، فلا أقبل (١) شهادته بها.

مسألة ـ ٥٦ ـ : البدوي والبلدي والقروي ، تقبل شهادة بعضهم على بعض ، بدلالة عموم الآية ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ) (٢) وعموم الاخبار.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا أقبل شهادة البدوي على الحضري إلا في الجراح.

مسألة ـ ٥٧ ـ : إذا شهد صبي أو عبد أو كافر عند الحاكم بشي‌ء فرد شهادتهم ، ثمَّ بلغ الصبي وأعتق العبد وأسلم الكافر فأدوها (٣) قبلت ، وكذلك ان شهد بالغ مسلم حر بشهادة ، فبحث عن حاله فبان فاسقا ثمَّ عدل فأقامها بعينها (٤) قبلت منه ، وحكم بها ، بدلالة كل ظاهر ورد بقبول شهادة العدل (٥) وعمومه ، وبه قال داود وأبو ثور والمزني.

وقال ( ـ ك ـ ) : أرد الكل. وقال أهل العراق و ( ـ ش ـ ) : أقبل الكل الا الفاسق الحر البالغ ، فإنه إذا ردت شهادته بفسقه ثمَّ أعادها وهو عدل لا تقبل شهادته.

مسألة ـ ٥٨ ـ : شهادة المختبئ مقبولة ، وهو إذا كان على رجل دين يعترف به سرا ويجحده جهرا ، فخباله صاحب الدين شاهدين (٦) يريانه ولا يراهما ، ثمَّ جاراه الحديث فاعترف به وسمعاه (٧) وشهدا به صحت الشهادة ، بدلالة ما قلناه في

__________________

(١) د ، م : لا أقبل.

(٢) سورة البقرة : ٢٨٢.

(٣) د ، م : فأعادها.

(٤) د : بعضها.

(٥) د ، م : شهادة العدول.

(٦) م : شاهدين عدلين.

(٧) م : فاسمعاه.

٥٥٤

المسألة المتقدمة لهذه ، (١) ولقوله تعالى ( إِلّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢) وهذا قد علمه ، وبه قال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال شريح : انها (٣) غير مقبولة ، وبه قال الشعبي. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان المشهود (٤) عليه جلدا قبلت شهادته ، وان كان مغفلا يخدع مثله لم أقبلها عليه.

مسألة ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات رجل وخلف تركة (٥) وابنين ، فادعى أجنبي دينا على الميت فان اعترف الابنان استوفى من حقهما ، وان اعترف به أحدهما وكان (٦) عدلا فهو شاهد للمدعي ، فإن كان معه شاهد آخر يشهد له بالحق استوفى الدين من حقهما.

وان لم يكن معه شاهد آخر ، فان حلف مع شاهده ثبت الدين أيضا واستوفاه من حقهما (٧) ، وان لم يحلف أو لم يكن المعترف عدلا ، كان له نصف الدين في حصة المقر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يأخذ من نصيب المقر جميع الدين ، وبه قال أبو عبيد بن خربوذ وأبو جعفر الأسترآبادي من أصحاب ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٦٠ ـ : يثبت القصاص بالشهادة على الشهادة ، بدلالة عموم الاخبار في جواز الشهادة على الشهادة ، وبه قال. ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يثبت.

مسألة ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حقوق الله تعالى ، مثل حد الزنا وشرب الخمر وما أشبهها

__________________

(١) م : بدلالة ما قلناه في ما تقدم.

(٢) سورة الزخرف : ٨٦.

(٣) د ، م : وذهب شريح إلى أنها.

(٤) م : ان المشهور.

(٥) م : إذا مات وخلف تركه.

(٦) د ، م : فان كان عدلا.

(٧) م : استوفى من حقهما.

٥٥٥

لا تثبت بالشهادة على الشهادة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه.

والثاني (١) ، وهو الأقيس أنها تثبت ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٦٢ ـ : يجوز أن تقبل شهادة الفرع مع تمكن حضور شاهد الأصل لأن أصحابنا قد رووا أنه إذا اجتمع شهادة الأصل وشهادة الفرع واختلفا ، فإنه تقبل شهادة أعدلهما ، حتى أن في أصحابنا من قال : انه يقبل شهادة الفرع ويسقط شهادة الأصل (٢) ، لأن الأصل يصير مدعى عليه والفرع بينة المدعي للشهادة على الأصل.

وقال جميع الفقهاء : لا يجوز ذلك الا مع تعذره : اما بالموت ، أو المرض المانع من الحضور ، أو الغيبة.

واختلفوا في حد الغيبة ، فقال ( ـ ح ـ ) : ما يقصر فيه الصلاة وهو ثلاثة أيام. وقال ( ـ ف ـ ) : هو ما لا يمكنه أن يحضر ويقيم الشهادة ويعود فيثبت. وقال ( ـ ش ـ ) : الاعتبار بالمشقة ، فإن كان عليه مشقة بالحضور (٣) حكم بشهادة الفرع ، وان لم تكن مشقة لم يحكم ، والمشقة قريبة مما قاله ( ـ ف ـ ).

مسألة ـ ٦٣ ـ : لا تقبل شهادة النساء على الشهادة ، إلا في الديون والاملاك والعقود ، لإجماع الفرقة على أن الشهادة على الشهادة لا تقبل إلا في ذلك ، فاذا كان هذا حكم الرجل فالمرأة أولى بذلك. فأما الحدود ، فلا يجوز أن تقبل شهادة على شهادة فيها.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تقبل شهادة النساء على شهادة بحال في جميع الأشياء. وقال ( ـ ح ـ ) :

__________________

(١) د ، م : والقول الثاني.

(٢) م : شهادة الفرع دون الأصل.

(٣) د ، م : في الحضور.

٥٥٦

ان كان الحق مما يثبت بشهادة النساء ، أو لهن مدخل فيه تثبت شهادتهن (١) ، وان كان مما لا مدخل لهن فيه لم تقبل.

مسألة ـ ٦٤ ـ : إذا عدل شاهدا الفرع (٢) شاهدي الأصل ولم يسمياه ، لم يقبل ذلك ، لأنه يمكن أن يعدلا من هو عندهما عدل وليس كذلك ، وبه قال جميع الفقهاء وقال ( ـ ح ـ ) : يحكم بذلك (٣).

مسألة ـ ٦٥ ـ : إذا سميا شاهدا الأصل ولم يعدلاه ، سمعها الحاكم وبحث عن عدالة الأصل ، فإن وجده عدلا حكم به والا توقف ، لأنه يجوز أن يكونا لم يعلما عدالة الأصل فلم يشهدا بذلك ، فعلى الحاكم البحث عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا تسمع هذه الشهادة أصلا ، لأنهما لم يتركا تزكية الأصل إلا لريبة.

مسألة ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يثبت بشهادة اثنين في الأصل إذا شهد شاهدان على شهادة الأخر ، ثبت (٤) بلا خلاف شهادة الأصل ، وان شهد شاهد على شهادة أحدهما وشهد (٥) آخر على شهادة الأخر لم تثبت بهذه الشهادة ما شهدا به ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وشريح ، والنخعي ، والشعبي ، وربيعة ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

وقال ابن شبرمة ، وابن أبي ليلى : انها تثبت بذلك ويحكم الحاكم به ، وبه قال عثمان البتي ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٦٧ ـ : إذا شهد شاهدان على شهادة رجل ثمَّ شهدا على شهادة الأخر

__________________

(١) د ، م : فيه قبلت.

(٢) د ، م : إذا عدل شاهد الفرع.

(٣) د ، م : وقال ابن جرير يحكم بذلك.

(٤) د ، م : على شهادة أحدهما وشاهدان على شهادة الأخر تثبت.

(٥) م : وشاهد.

٥٥٧

فإنه ثبت الأول بلا خلاف وتثبت عندنا شهادة الثاني أيضا بدلالة الأخبار الواردة في أن شهادة الأصل لا تثبت الا بشاهدين وقد ثبت شاهدان هنا في كل واحد منهما وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وربيعة ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ، وهو الصحيح عندهم.

والقول الثاني : انه لا يثبت حتى يشهد آخران على شهادة الأخر ، وبه قال المزني.

مسألة ـ ٦٨ ـ : تثبت بالشهادة على الشهادة شهادة الأصل ، ولا يقومون مقام الأصل في إثبات الحق.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

ويدل على ما قلنا (١) أن شاهد الفرع لو كان يقوم مقام الأصل في إثبات الحق لما جازت الشهادات (٢) ، لأن الحق لو كان إثبات فعل كالقتل والإتلاف لم تثبت شهادة الفرع (٣) ، لأنه يفتقر الى مشاهدة والفرع لم يشاهد الفعل ، وان كان الحق عقدا افتقر الى سماع ومشاهدة والفرع لم يسمع ولم يشاهد (٤).

مسألة ـ ٦٩ ـ : إذا شاهد اثنان بأنه سرق ثوبا قيمته ثمن دينار ، وشهد آخر أنه سرق ذلك الثوب وقيمته ربع دينار يثبت عليه ربع دينار ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، لأنه تعارض (٥) بين الشهادتين ، فينبغي أن تثبت البينتان معا ، وجرى ذلك مجرى

__________________

(١) م : على ما قلناه.

(٢) م : لما جازت الشهادة على الشهادة.

(٣) د ، م : بشهادة الفرع.

(٤) د ، م : ولا شاهد.

(٥) م : لأنه لا تعارض.

٥٥٨

راويين ، لخبر روى أحدهما زيادة ، فالأخذ بالزائد أولى من الأخذ بالناقص (١).

وقال ( ـ ش ـ ) : يثبت الثمن دينار ، لأنهما شهدا على أن قيمته ثمن دينار ، وأن ما زاد عليه ليس بقيمة له ، فثبت الثمن بشهادة الأربعة وما زاد تعارضت البينتان فيه.

مسألة ـ ٧٠ ـ : إذا شهد عدلان عند الحاكم بحق ، ثمَّ فسقا قبل أن يحكم بشهادتهما حكم بشهادتهما ولم يرده ، وبه قال أبو ثور والمزني. وقال باقي الفقهاء : لا يحكم بشهادتهما.

ويدل على ما قلناه أن (٢) العدالة انما تعتبر وقت الشهادة لا وقت الحكم.

مسألة ـ ٧١ ـ : إذا شهد شاهدان بحق وعرف عدالتهما ، ثمَّ رجعا عن الشهادة قبل الحكم بها. لم يحكم بها وقال أبو ثور : يحكم بالشهادة (٣).

مسألة ـ ٧٢ ـ : إذا شهد شاهدان بحق وعرف عدالتهما وحكم الحاكم ثمَّ رجعا عن الشهادة لم ينقض حكمه ، وبه قال جميع الفقهاء ، لأن الذي حكم به مقطوع به في الشرع ورجوع الشهود يحتمل الصدق والكذب ، فلا ينقض به ما قطع (٤) به عليه.

مسألة ـ ٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شهد شاهدان على رجل بما يوجب قتله أو قطعه فرجعا وقالا عمدنا (٥) أن يقتل أو يقطع فعليهم القود ، وبه قال ابن شبرمة ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وربيعة : لا قود.

__________________

(١) م : فالأخذ بالزائد أولى وقال.

(٢) م : دليلنا أن العدالة.

(٣) م : يحكم بها.

(٤) د ، م : قد قطع به.

(٥) د ، م : ثمَّ رجعا وقالا عمدنا كذبا وقصدنا أن يقتل.

٥٥٩

وفي المسألة إجماع الفرقة (١) ، بل إجماع الصحابة ، فقد روي أن شاهدين شهدا عند أبي بكر على رجل بالسرقة فقطعه ، فقالا : أخطأنا عليه والسارق غيره ، فقال : لو علمت إنكما تعمدتما لقطعتكما.

وروى الشعبي قال : شهد شاهدان عند علي عليه‌السلام على رجل (٢) بالسرقة فقطعه ثمَّ أتياه بآخر ، فقالا : هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول ، فقال : لو علمت إنكما تعمدتما لقطعتكما ، فهاتان قضيتان (٣) مشهورتان ، ولا يعرف لهما منكر فثبت أنهم أجمعوا عليه.

مسألة ـ ٧٤ ـ : إذا شهد شاهدان ظاهرهما العدالة فحكم بشهادتهما ، ثمَّ تبين أنهما كانا فاسقين قبل الحكم نقض حكمه ، لقوله تعالى ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ) (٤) فأمر تعالى بالتثبت والتوقف ، فاذا علمه فاسقا وجب رد شهادته ونقض الحكم به.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ينقضه قاله أبو العباس والمزني. والأخر : لا ينقضه وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال أبو إسحاق : ينقضه قولا واحدا.

مسألة ـ ٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حكم بشهادة نفسين في قتل وقتل المشهود عليه ثمَّ بان أن الشهود كانوا فساقا قبل الحكم بالقتل ، سقط القود وكانت (٥) دية المقتول المشهود عليه على بيت المال ، لإجماع الفرقة على روايتهم بأن ما أخطأت القضاة فيه من الاحكام فعلى بيت المال.

__________________

(١) م : وفيها إجماع الفرقة.

(٢) د : عند على عليه‌السلام رجل.

(٣) د ، م : فهاتان القضيتان.

(٤) سورة الحجرات : ٦.

(٥) د : سقط القود وكان ، ( ـ م ـ ) : سقط وكان.

٥٦٠