المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

يخمس.

مسألة ـ ١٠ ـ : السلب يأخذه القاتل بالشرط من أصل الغنيمة لا من الخمس ، لما قلناه (١) في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، غير أنه قال : هو للقاتل من غير شرط.

وقال ( ـ ك ـ ) : يكون له من خمس الخمس سهم النبي عليه‌السلام.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا شرط له الامام السلب إذا قتله ، فإنه متى قتله استحق سلبه على أي حال قتله ، بدلالة عموم قوله عليه‌السلام « من قتل كافرا فله سلبه ».

وقال داود وأبو ثور : السلب للقاتل من غير مراعاة شرط.

وقال ( ـ ش ـ ) وبقية الفقهاء : السلب لا يستحقه الا بشروط ثلاثة ، أحدها : أن يقتله مقبلا مقاتلا والحرب قائمة ، ولا يقتله منهزما وقد انقضت الحرب. والثاني : أن (٢) لا يقتله وهو مثخن بالجراح. والثالث : لا يكون ممن يرمى سهما من صف المسلمين الى صف المشركين فيقتله.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أخذ أسيرا ، كان الامام مخيرا من قتله والمن عليه أو استرقاقه أو مفاداته ، فاذا فعل ذلك كان سلبه وثمنه ان استرقه وفداؤه إن فاداه من جملة الغنيمة لا يكون للذي أسره ، لأنه لا دليل عليه.

وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : يكون لاسره.

مسألة ـ ١٣ ـ : يجوز للإمام أن ينفل بلا خلاف ، وانما ينفل اما من الذي يخصه من الفي‌ء ، واما من جملة الغنيمة ، لأن النبي عليه‌السلام كان ينفل من الغنيمة.

وفي حديث ابن عمر أن سهامهم بلغ اثنى عشر بعيرا فنفله (٣) النبي عليه‌السلام

__________________

(١) م : كما قلناه في المتقدم.

(٢) د : والثاني لا يقتله.

(٣) م : فنفلهم النبي.

٨١

بعيرا بعيرا ، ولو كان من سهمه (١) عليه‌السلام لما بلغ ذلك ، لان سهمه خمس الخمس (٢) عندهم فدل على أنه كان من أصل الغنيمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينفل من خمس الخمس سهم النبي عليه‌السلام.

مسألة ـ ١٤ ـ : يجوز للإمام ان يقول قبل لقاء العدو من أخذ شيئا من الغنيمة بعد الخمس فهو له ، لقيام الدلالة على عصمته ، ولأن أفعاله حجة كأفعال النبي عليه‌السلام ، وروي أن النبي عليه‌السلام قال يوم بدر : من أخذ شيئا فهو له ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، والقول الأخر أنه لا يجوز.

مسألة ـ ١٥ ـ : مال الغنيمة لا يخلو من ثلاثة أحوال : ما يمكن نقله وتحويله الى بلاد الإسلام ، مثل الثياب والدراهم والدنانير والأثاث والعروض. أو يكون أجساما ، مثل النساء والولدان. أو يكون مما لا يمكن نقله ، كالأرضين والعقار والبساتين.

فما يمكن نقله يقسم بين الغانمين بالسوية ، ولا يفضل راجل على راجل ، ولا فارس على فارس ، وانما يفضل الفارس على الراجل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، غير أنه قال : لا يدفع الغنيمة الى من لا يحضر الوقعة ، وعندنا يجوز ذلك ، وهو أن يعطي من يلحق بهم مددا لهم وان لم يحضروا الوقعة ، ويسهم عندنا للصبيان ، ومن يولد في تلك الحال وسيجي‌ء الخلاف فيه.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز أن يعطي لغير الغانمين ، لكن يجوز أن يفضل بعض الغانمين على بعض.

وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز أن يفضل بعضهم على بعض ، ويجوز أن يعطي منها لغير الغانمين.

__________________

(١) د : سهم النبي.

(٢) د : لان خمس الخمس.

٨٢

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا دخل قوم دار الحرب ، أو قاتلوا (١) بغير اذن الامام فغنموا ، كان ذلك للإمام خاصة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وعلى هذه المسألة إجماع الفرقة.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : الأسير على ضربين : أسير يوسر قبل أن تضع الحرب أوزارها ، فالإمام مخير فيه بين شيئين : اما أن يقتله ، أو يقطع يديه ورجليه ويتركه حتى ينزف ، وأسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها ، فهو مخير فيه بين ثلاثة أشياء : المن ، والاسترقاق ، والمفاداة.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو مخير بين أربعة أشياء : بين القتل والمفاداة والمن والاسترقاق ولم يفصل.

وقال ( ـ ح ـ ) : هو مخير بين القتل والاسترقاق والمفاداة على الرجال دون المال ، وأجمع أهل العراق أن المفاداة على الأموال لا يجوز.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٢) تعالى ( حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) (٣) وروى الزهري عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في أسارى بدر : لو كان مطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء السبي لأطلقتهم. فدل على جواز المن.

وروي أن أبا عزة الجمحي وقع في الأسر يوم بدر ، فقال : يا محمد اني ذو عيلة فامنن علي فمن عليه على أن لا يعود الى القتال ، فمر إلى مكة فقال : اني سخرت بمحمد وعاد الى القتال يوم احد ، فدعا رسول الله أن لا يفلت فوقع في

__________________

(١) د : قوم دار الحرب بغير اذن.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة محمد « ص » ٤ ـ ٥.

٨٣

الأسر ، فقال : اني ذو عيلة فامنن علي ، فقال النبي (١) عليه‌السلام : أمن عليك حتى ترجع إلى مكة ، فتقول في نادى (٢) قريش اني سخرت بمحمد مرتين ، لا يلسع المؤمن من جحر مرتين ، فقتله بيده.

ويدل على جواز المفاداة بالرجال ما رواه عمران بن حصين أن النبي عليه‌السلام فادى رجلا برجلين.

ويدل على جواز المفاداة بالمال ما فعله النبي عليه‌السلام يوم بدر ، فإنه فادى جماعة من كفار قريش والقصة مشهورة. وقيل : انه فادى كل رجل بأربعمائة وقال ابن عباس : بأربعة آلاف.

وروي أن أبا العاص زوج زينب بنت رسول الله كان ممن وقع في الأسر وكانت هي بمكة ، فأنفذت مالا لتفكه من الأسر ، وكانت فيه قلادة كانت لخديجة دخلت بها زينب على أبي العاص ، فلما رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عرفها فرق لها رقة شديدة ، فقال : لو خليتم أسيرها ورددتم مالها ، قالوا : نعم ففعلوا ذلك.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ ج ـ ) : ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين ، فعندنا فيه الخمس لأهله والباقي لجميع المسلمين من حضر القتال ومن لم يحضر ، فيصرف ارتفاعه الى مصالحهم.

وعند ( ـ ش ـ ) أن حكمه حكم ما ينقل ويحول خمس لأهل الخمس والباقي في المقاتلة (٣) ، وبه قال الزبير. وذهب عمر ومعاذ الى أن الامام مخير فيه بين شيئين أن يقسمه على الغانمين ، أو يقفه على المسلمين (٤) ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، وعبد الله بن المبارك.

__________________

(١) م : فقال رسول الله.

(٢) م : إلى مكة في نادى.

(٣) م : والباقي للمقاتلة.

(٤) م : أو يقفه على المسلمين أو يقر أهلها عليها.

٨٤

وقال ( ـ ح ـ ) : الامام مخير فيه بين ثلاثة أشياء : بين القسمة على الغانمين ، أو يقفه على المسلمين ، أو يقر أهلها عليها ويضرب عليهم الجزية باسم الخراج ، وان شاء أقر أهلها الذين كانوا فيها ، وان شاء أخرج أولئك وأتى بقوم آخرين من المشركين وأقرهم فيها وضرب عليهم الجزية باسم الخراج.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان ذلك يصير وقفا على المسلمين بنفس الاستغنام والأخذ من غير إيقاف الإمام ، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (١) أن النبي عليه‌السلام فتح هوازن ولم يقسم أرضها بين الغانمين ، فلو كانت للغانمين لقسمها (٢) فيهم ، وروي أن عمر استشار عليا في أرض السواد ، فقال له علي عليه‌السلام : دعها عدة للمسلمين. وروي أن عمر (٣) فتح قرى بالشام ، فقال له بلال : اقسمها بيننا ، وأبى عمر ذلك ، وقال : اللهم اكفني شر بلال وذويه.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : سواد العراق ما بين الموصل وعبادان طولا ، وما بين حلوان والقادسية عرضا ، فتحت عنوة فهي للمسلمين قاطبة على ما قدمنا القول فيه ، بدلالة ما تقدم في المسألة الأولى سواء.

وقال ( ـ ش ـ ) : كانت غنيمة للغانمين فقسمها عمر بين الغانمين ، ثمَّ اشتراها منهم ووقفها على المسلمين ثمَّ آجرها منهم ، وهذا الخراج هو أجرة.

وقال ( ـ د ـ ) ، وابن المبارك : وقفها على المسلمين.

وقال ( ـ ح ـ ) : أقرها في أيدي أهلها المشركين وضرب عليهم الجزية باسم الخراج فهذا الخراج هو تلك الجزية ، وعنده لا يسقط ذلك بالإسلام. وقال ( ـ ك ـ ) : صارت

__________________

(١) م : دليلنا ما روى أن النبي.

(٢) م : للغانمين يقسمها فيهم.

(٣) م : وروى عمر.

٨٥

وقفا بنفس الاستغنام.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ ج ـ ) : الصبيان يسهم لهم مع الرجال ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، وكذلك من يولد قبل القسمة. وأما النساء والعبيد والكفار ، فلا سهم لهم ، وان شاء الامام أن يرضخ (١) لهم فعل ، وعند ( ـ ش ـ ) يرضخ لهؤلاء الأربعة ولا سهم لهم.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : النساء لا سهم لهن ، وانما يرضخ (٢) لهن ، وبه قال جميع الفقهاء ، إلا الأوزاعي فإنه قال : يسهم للنساء.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : الكفار لا سهم لهم مع المسلمين ، سواء قاتلوا بإذن الإمام أو بغير اذن الامام ، وان قاتلوا (٣) بإذنه رضخ لهم الامام ان شاء.

وقال ( ـ ع ـ ) : يسهم مع المسلمين من يرضخ (٤) له من الكفار والنساء ، والعبيد انما يرضخ لهم من أصل الغنيمة قبل أن يخمس ، لان معونة هؤلاء عائدة على أصل الغنيمة ، فيجب أن لا يختص برضخهم قوم دون قوم.

وللش فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني من أربعة أخماس المقاتلة.

والثالث : من خمس الخمس سهم النبي عليه‌السلام.

مسألة ـ ٢٣ ـ : للراجل سهم ، وللفارس سهمان سهم له وسهم لفرسه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وفي أصحابنا من قال : للفارس ثلاثة أسهم : سهم له ، وسهمان لفرسه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وفي التابعين عمر بن عبد العزيز والحسن البصري ، وابن سيرين ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، وأهل المدينة ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل الشام والليث بن سعد ، وأهل مصر ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

__________________

(١) د : يوضح.

(٢) د : يوضح.

(٣) م : بغير اذنه وان قاتلوا.

(٤) م : مسألة من يرضح.

٨٦

يدل على الأول ـ مضافا الى رواية أصحابنا ـ ما روي عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام أعطى الفارس سهمين : سهما له ، وسهما لفرسه. وروى المقداد قال : أعطاني رسول الله سهمين سهما لي وسهما لفرسي.

ويدل على الثاني ـ مضافا الى ما رواه أصحابنا ـ ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام أسهم الرجل وفرسه ثلاثة أسهم ، سهما له ، وسهمين لفرسه.

وروي الزهري عن مالك بن أوس البصري عن عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبد الله والزبير بن العوام أن النبي عليه‌السلام أسهم يوم خيبر لكل فرس سهمين.

وروى عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : ان النبي عليه‌السلام أعطاني أربعة أسهم سهما لي ، وسهمين لفرسي ، وسهما لأمي ، وكانت من ذوي القربى.

مسألة ـ ٢٤ ـ : يسهم للفرس سهم أى فرس كان (١) ، بدلالة عموم الأخبار التي جاء في ذلك (٢) ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يسهم له سهمان على اختلاف أنواعه.

وقال ( ـ ع ـ ) : ان كان عربيا فله سهمان ، وان كان عجميا فلا يسهم له (٣) ، وان كان هجينا أو مقرفا فله سهم واحد. وقال ( ـ د ـ ) : يسهم للعربي سهمان ، ولما عداه سهم واحد. وعن ( ـ ف ـ ) روايتان : إحداهما مثل قول ( ـ د ـ ) ، والأخرى مثل قول ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان مع الرجل أفراس أسهم لفرسين منها ، ولا يسهم (٤) لما زاد عليهما ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا سهم الا لفرس واحد.

__________________

(١) م : للفرس اى فرس كان.

(٢) م : عموم الاخبار في ذلك.

(٣) م : فلا سهم له.

(٤) م : لفرسين ولا يسهم.

٨٧

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا قاتل على فرس مغصوب لم يسهم لفرسه ، بدلالة الاخبار أن للفارس سهما (١) ولفرسه سهما أو سهمين ، وهذا الفرس ليس له.

وقال ( ـ ش ـ ) : يسهم لفرسه ، ومن يستحق سهمه فيه قولان ، أحدهما : الفارس.

والأخر : المغصوب منه.

مسألة ـ ٢٧ ـ : لا ينبغي للإمام أن يترك فرسا حطما وهو المنكسر ، أو قحما وهو الهرم ، أو ضعيفا ، أو ضرعا وهو الذي لا يمكن القتال عليه لصغره ، أو أعجف وهو المهزول ، أو رازحا وهو الذي لا حراك (٢) به ، أن يدخل دار الحرب للقتال عليه ، فان أدخل وقوتل عليه أو لم يقاتل فإنه يسهم له ، بدلالة عموم الاخبار. وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا دخل دار الحرب راجلا ، ثمَّ وجد فرسا ، فكان عند تقضي الحرب فارسا أسهم له ، وان دخلها فارسا وعند تقضي الحرب كان راجلا بأن باعه أو وهبه أو آجره لم يسهم له ، بدلالة قوله تعالى ( وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (٣) والإرهاب بالفرس يكون حال القتال لا حال الدخول ، ولان الاستحقاق يكون بتقضي القتال ، بدلالة أن من مات (٤) قبل ذلك لم يسهم له بلا خلاف (٥) ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان دخل الدار فارسا أسهم له ، وان خرجت الدابة من يده على أي وجه كان وكان عند تقضي الحرب راجلا وان دخلها راجلا لم يسهم له ، وان

__________________

(١) م : بدلالة الأخبار للفارس سهما.

(٢) د ، لا جراك.

(٣) سورة الأنفال : ٦٢.

(٤) م : انه من مات.

(٥) م : لم يسهم بلا خلاف.

٨٨

كان عند تقضي الحرب فارسا ، وبه قال ( ـ م ـ ) الا انه قال : إذا باعه قبل تقضي القتال لم يسهم له ، لأنه باعه باختياره.

مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا دخل الصحيح دار الحرب مجاهدا ثمَّ مرض فإنه يسهم له ، وهو نص ( ـ ش ـ ). وقال قوم من أصحابه : ان كان مرضا يخرجه من كونه مجاهدا ، مثل الاغماء وغيره لم يسهم له.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا استأجر رجل أجيرا ودخلا معا دار الحرب للجهاد ، أسهم للأجير ويستحق مع ذلك الأجرة ، لأن الغنيمة إنما تستحق بالحضور والأجرة تستحق بالعمل ، وهذا قد حضر وعمل.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قاتل أسهم له ، وان لم يقاتل لم يسهم له. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) (١) : ان كان الإجارة (٢) في الذمة يسهم له ، وان كانت معينة ففيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : لا يسهم له كالعبد. والثالث : يخير بين فسخ الإجارة والجهاد ويسهم له ولا يستحق الأجرة ، وبين المقام على الإجارة ولا يسهم له (٣).

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أفلت ( انفلت خ ل ) أسير من يد المشركين ، فلحق المسلمين بعد تقضي (٤) القتال واحازة المال قبل القسمة ، فإنه يسهم له. وعند ( ـ ش ـ ) لا يسهم له.

مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا لحق بهم بعد تقضي الحرب وقبل حيازة المال عندنا يسهم له ، وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يسهم له.

__________________

(١) م : أسهم له والا فلا وقال أصحاب ( ـ ش ـ ).

(٢) م : ان كانت الإجارة.

(٣) م : ولا سهم له.

(٤) م : تقضى.

٨٩

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قاتل أسهم (١) له ، وان لم يقاتل لم يسهم له.

مسألة ـ ٣٣ ـ : تجار العسكر مثل الخباز والطباخ والبيطار وأمثالهم ممن حضر لا للجهاد لا يسهم له ، لأن الغنيمة لا تستحق الا بالجهاد أو بنية الجهاد ، وهؤلاء (٢) ما جاهدوا ولا حضروا بنية الجهاد.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قاتل أسهم له ، وان لم يقاتل لا يسهم (٣) له ، وكذا نقول نحن وللش فيه قولان ، أحدهما : لا يسهم لهم ولم يفصل. والثاني : يسهم لهم ، لأن الغنيمة يستحق بالحضور ، وهذا أيضا قوي إذا اعتبرنا الحضور في استحقاق السهام لا غير على ما تقدم.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا لحق الغانمين مدد قبل قسمة الغنائم ، شاركوهم وأسهم لهم. وقال ( ـ ش ـ ) : فيه المسائل الثلاث التي تقدمت في الأسير ، والقول فيه مثل القول فيها (٤) سواء.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا لحق الغانمين المدد بعد تقضي القتال وحيازة المال تشركونهم في الغنيمة إلا في ثلاث مواضع : أحدها أن يلحقوا بهم بعد القسمة في دار الحرب لان عنده لا يجوز القسمة في دار الحرب. والثاني إذا لحقوا بعد أن باع الإمام الغنيمة ، الثالثة أن يلحقوا بعد رجوع الغانمين الى دار الإسلام ، ففي هذه المواضع وافقوا أصحاب ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٣٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أخرج الإمام جيشا إلى جهة من الجهات وأمر عليها أميرا ، فرأى الأمير المصلحة في أن يقدم سرية [ إلى العدو ففعل فغنمت السرية ، شاركها الجيش في تلك الغنيمة ، وكذلك إذا غنم الجيش ، فان السرية ]

__________________

(١) م : أسهم له والا فلا.

(٢) م : أو بنية هؤلاء.

(٣) م : أسهم له والا فلا.

(٤) م : كالقول فيها.

٩٠

تشاركها ، وبه قال جميع الفقهاء (١). وقال الحسن البصري : لا يشارك الجيش السرية ولا السرية الجيش.

يدل على ما قلناه ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روى (٢) عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليه‌السلام قال : المؤمنون يتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير أقصاهم على أدناهم ، وهم يد على من سواهم ، ويرد على أقاعدهم سراياهم لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده. فموضع الدلالة قوله « يرد على أقاعدهم سراياهم ».

مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ ج ـ ) : عندنا أن الخمس يقسم ستة أقسام : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذي القربى ، فهذه الثلاثة كانت للنبي عليه‌السلام ، وبعده لمن يقوم مقامه من الأئمة. وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل من آل محمد لا يشركهم فيه غيرهم.

واختلف الفقهاء في ذلك ، فذهب ( ـ ش ـ ) الى أن خمس الغنيمة يقسم على خمسة أسهم : سهم لرسول الله ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل. فأما سهم رسول الله ، فيصرف في مصالح المسلمين. وأما سهم ذوي القربى ، فإنه يصرف إلى ذوي القربى على ما كان يصرف إليهم على عهد رسول الله.

وذهب أبو العالية الرياحي الى أن الخمس من الغنيمة والفي‌ء مقسوم على ستة : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذي القربى ، وسهم لليتامى وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل.

وذهب ( ـ ك ـ ) الى أن الخمس من الغنيمة أربعة أخماس : الفي‌ء مفوض الى اجتهاد

__________________

(١) م : أن يقدم سرية يشاركها وبه قال جميع الفقهاء.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٩١

الامام يصرف ذلك الى من رأى أن يصرف اليه.

وذهب ( ـ ح ـ ) الى أن خمس الغنيمة (١) وأربعة أخماس الفي‌ء يقسم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل. هذا الذي روى عنه حسن ابن زياد ، وروى ابن سماعة عنه أنه قال : ان ذلك كان مقسوما على عهد رسول الله على ما ذكره ( ـ ش ـ ) على خمسة الا أنه لما مات سقط سهمه وسهم ذي القربى الذين كانوا على عهده وبقي الأصناف الثلاثة فصرف إليهم (٢).

ثمَّ اختلف أصحابه في سهم ذي القربى ، فمنهم من قال : ما كانوا يستحقون شيئا وانما كان رسول الله يتصدق عليهم لقرابتهم.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ ج ـ ) : سهم ذي القربى ثابت لم يسقط بموت النبي عليه‌السلام وهو لمن قام مقامه. وقال ( ـ ش ـ ) : سهم ذي القربى ثابت وهو خمس الخمس يصرف إلى أقاربه الغني منهم والفقير ويستحقونه بالقرابة.

وقال ( ـ ح ـ ) : سقط سهم ذوي القربى بموت النبي ، الا أن يعطيهم الإمام شيئا لحق الفقر والمسكنة ، ولا يعطى الأغنياء منهم شيئا.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٣) تعالى ( وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى ) (٤) الاية وفي هذه الآية أدلة ، أحدها : أنه أضاف الخمس الى المذكورين وشرك بينهم بواو الجمع ، فيقتضي أن يكون بينهم بالسوية. والثاني أنه أضافه إليهم بلام التمليك ، وشرك بينهم بواو التشريك ، فعندنا وعند ( ـ ش ـ ) هذه الإضافة إضافة ملك ، وعند ( ـ ح ـ ) هي اضافة محل الى هم أهل لذلك ، فمن قال : الأغنياء

__________________

(١) م : الى خمس الغنيمة.

(٢) م : فيصرف إليهم.

(٣) م : دليلنا قوله تعالى.

(٤) سورة الأنفال : ٤٢.

٩٢

لا يعطون فقد خرج عن مقتضى القولين. والثالث : أن الله تعالى جعل لهم السهم بحق القرابة ، فالظاهر أن هذا السهم لهم.

وعند ( ـ ح ـ ) لا يستحقونه بالقرابة ، ويدل عليه ما روى جبير بن مطعم قال : لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب ، وترك بني نوفل وبني عبد شمس ، فانطلقت أنا وعثمان حتى أتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلنا : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لموضعك الذي وضعه الله فيهم ، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا وبني المطلب لا نفترق (١) في جاهلية ولا إسلام ، وانما نحن وهم شي‌ء واحد وشبك بين أصابعه.

وفي هذا الخبر أدلة ، أحدها : أنه قال وضع سهم ذي القربى ، فأثبت لهم سهما. والأخر : أنه جعل ذلك لأدنى أقربائه بني هاشم وبني المطلب بالقرابة والثالث : أنه لم ينكر على جبير وعثمان حين (٢) طلبوا ذلك بالقرابة. والرابع : أنه لم يعط بني عبد شمس ، ولا بني نوفل ، ولو كان الاستحقاق بالفقر لما خص فريقا دون فريق.

وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي عليه‌السلام قال : دخلت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة على رسول الله ، فقلت : يا رسول الله ان رأيت أن توليني حقنا في الخمس في كتاب الله في حياتك (٣) حتى لا ينازعنا (٤) فيه أحد بعدك ، ففعل ففعلت ، فلما مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولانيه أبو بكر فقسمته ، فلما كان آخر سنة من سني عمر أتاه مال كثير ، فعزل حقنا فدعاني عمر ، فقلت : ان بني هاشم في غنى

__________________

(١) د : لا يفترق م لا نفرق.

(٢) م : حيث.

(٣) م ود : في كتاب الله فاقسمه في حياتك.

(٤) د : حتى لا تنازعنا.

٩٣

من ذلك وان بالمسلمين خلة ، فإن رأيت أن تصرفه إليهم ففعل عمر ذلك ، فقال العباس : لقد أحرمتنا حقنا انه لا يرجع إلينا أبدا ، قال علي عليه‌السلام : وكان العباس داهيا.

وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيت عليا عليه‌السلام عند أحجار الزيت ، فقلت له : بأبي أنت وأمي ما فعل أبو بكر وعمر بحقكم من الخمس أهل البيت؟ فقال : أما أبو بكر فما كان في زمانه أخماس وما كان معه أوفاناه ، وأما عمر فكان يعطينا حتى أتاه مال فارس والسوس أو الأهواز الشك من ( ـ ش ـ ) ، فقال لي : ان بالمسلمين خلة ، فلو تركت حقكم من الخمس لا صرفه في خلة المسلمين ، وإذا أتاني مال قضيته لكم ، فقال العباس : لا تطمعه في حقنا (١) ، فقلت : ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين وسد خلة المسلمين ، فمات عمر قبل أن يأتيه مال فيعطينا.

وروى يزيد بن هارون ، قال : كتب نجدة (٢) الحروري الى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن هو؟ فقال : هو لقرابة رسول الله أراد عمر أن يعطينا عوضا عنه ، فأبيناه لأنا رأيناه دون حقنا.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ ج ـ ) : عندنا أن سهم ذي القربى للإمام ، وعند ( ـ ش ـ ) لجميع ذوي القربى يستوي فيه القريب والبعيد ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير الا انه للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن ذلك مستحق بالإرث الذي يجري مجرى التعصيب. وقال المزني وأبو ثور : الذكر والأنثى فيه سواء ، لان ذلك مستحق بالقرابة.

مسألة ـ ٣٩ ـ : عند ( ـ ش ـ ) يجب في سهم ذي القربى أن يفرق فيمن هو في شرق الأرض وغربها ، ولا يخص به أهل بلد دون بلد.

__________________

(١) د : لا تطعه في حقنا.

(٢) د : قال كتبت نجدة.

٩٤

وقال أبو إسحاق : ان ذلك يشق يخص به البلد الذي يؤخذ الغنيمة فيه وما يقرب منه ، فإذا أخذت الغنيمة مثلا بالروم فرق فيمن كان بالشام من ذوي القربى.

وهذا الفرع يسقط عنا ، غير أنا نقول في سهم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل منهم ما قاله أبو إسحاق من انه يفرق (١) في أهل البلد الذي يؤخذ (٢) الغنيمة فيه ، أو ما قرب لئلا يشق.

مسألة ـ ٤٠ ـ ( ـ ج ـ ) : الأسهم الثلاثة التي هي لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من الخمس ، يختص بها من كان من آل الرسول دون غيرهم.

وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا أيضا انها للفقراء (٣) من المسلمين وأيتامهم وأبناء سبيلهم ، دون من كان من آل رسول الله خصوصا.

مسألة ـ ٤١ ـ : ما يؤخذ من الجزية والصلح والأعشار من المشركين فللمقاتلة المجاهدين. وللش فيه قولان ، أحدهما : أن جميعه لمصالح المسلمين. والثاني : للمقاتلة.

يدل على ما قلناه إجماع الفرقة (٤) على أن الجزية للمجاهدين لا يشركهم غيرهم فيها ، وإذا ثبت ذلك ثبت في الكل ، لان الصلح عندنا أيضا جزية ، وأما الأعشار فإنها يصرف في مصالح المسلمين ، لأنه لا دليل على تخصيص شي‌ء منه دون شي‌ء.

__________________

(١) م : من أن يفرق.

(٢) م : في أهل البلد التي يؤخذ.

(٣) م : وقالوا انها للفقراء.

(٤) م : دليلنا إجماع الفرقة.

٩٥

مسألة ـ ٤٢ ـ : المرابطة للجهاد (١) والمطوعة لهم سهم من الصدقة والغنيمة معا ، لعموم قوله تعالى ( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) (٢) للمقاتلة والمرابطين.

وقال ( ـ ش ـ ) : المطوعة لهم سهم في الصدقات ، وليس لهم من الفي‌ء شي‌ء ، والفي‌ء للمرابطين خاصة.

مسألة ـ ٤٣ ـ : لا يفضل الناس في العطايا لشرف ، أو سابقة ، أو زهد ، أو علم ، وبه قال علي عليه‌السلام فإنه سوى بين الناس وأسقط العبد ، وبه قال أبو بكر ، فإنه سوى بين الناس وكان يعطي العبيد وكان عمر يفضل الناس على شرفهم وهجرتهم وكان يسقط العبيد.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا مات المجاهد أو قتل وخلف ورثة وامرأة ، فإنه ينفق عليهم الى أن يبلغوا من المصالح ، لان هذا من المصالح ، فان المجاهد متى علم أنه ان قتل أو مات أنفق على ورثته كان أنشط للجهاد ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : أنه لا يعطون شيئا ، لأنهم أتباع لغيرهم ، فاذا مات سقطوا.

__________________

(١) م : المرابطون للجهاد.

(٢) سورة التوبة : ٦٠.

٩٦

كتاب قسمة الصدقات

مسألة ـ ١ ـ : الكفار عندنا مخاطبون بالعبادات الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ).

وقال شذاذ منهم ، واختاره الاسفرائني : انهم ليسوا مخاطبين بالعبادات ، الا بعد أن يسلموا ، وبه قال أهل العراق. وهذه المسألة موضعها أصول الفقه ، والأدلة عليها مذكورة هناك.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يجوز أن يعطي شي‌ء من الزكاة الا المسلمين العارفين بالحق ، ولا يعطى الكفار لا زكاة الأموال ولا زكاة الفطرة ولا الكفارات.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يدفع شي‌ء منها الى أهل الذمة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور. وقال ابن شبرمة : يجوز أن يدفع إليهم الزكوات. وقال ( ـ ح ـ ) : لا تدفع إليهم زكاة الأموال (١) ، ويجوز أن تدفع إليهم زكاة الفطرة والكفارات.

مسألة ـ ٣ ـ : الظاهر من مذهب أصحابنا أن زكاة (٢) الأموال لا تعطى إلا العدول من أهل الولاية ، دون الفساق منهم ، وطريقة الاحتياط تقتضيه ، وخالف

__________________

(١) م : زكاة المال.

(٢) م : من مذهبنا أن زكاة.

٩٧

جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : إذا أعطى الفاسق برأت الذمة ، وبه قال قوم من أصحابنا.

مسألة ـ ٤ ـ « ج » : الأموال الباطنة لا خلاف أنه لا يجب دفع زكاتها الى الامام ، وصاحب المال بالخيار بين أن يعطيه الامام وبين أن يؤديه بنفسه ، فأما الظاهرة فعندنا يجوز أن يخرجها بنفسه ، فإذا أخرجها بنفسه فقد سقط عنه فرضها ، ولم يجب عليه الإعادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد ، وهو قول الحسن البصري ، وسعيد ابن جبير.

غير أن عندنا متى طلب الامام ذلك وجب دفعه اليه ، وان لم يدفعه وفرقه لم يجزه بدلالة قوله تعالى ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) فأمره بالأخذ وأمره على الوجوب ، فوجب أن يلزم الدفع. وقال في القديم : يجب دفعها عليه الى الامام ، فإن تولاه بنفسه كان عليه الإعادة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٥ ـ : إذا أخذ الإمام صدقة الأموال ، يستحب له أن يدعو لصاحبها وليس بواجب عليه ، لأنه لا دليل عليه (٢) ، وقوله تعالى ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) (٣) محمول على الاستحباب ، وبه قال جميع الفقهاء الا داود ، فإنه قال : ذلك واجب عليه.

مسألة ـ ٦ ـ : صدقة الفطرة يصرف الى أهل صدقة الأموال من الأصناف الثمانية ، بدلالة عموم قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (٤) الاية وبه قال جميع الفقهاء إلا الإصطخري ، فإنه قال : يخص بها الفقير.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ ج ـ ) : الأصناف الثمانية محل الزكاة ، ولا يلزم تفرقة الزكاة على

__________________

(١) سورة التوبة : ١٠٣.

(٢) م : لأنه لا دلالة عليه.

(٣) سورة التوبة : ١٠٣.

(٤) سورة التوبة : ٦٠.

٩٨

كل فريق منهم بالسوية ، بل لو وضع في واحد من الأصناف كان جائزا ، وكذا لو أعطى جميع زكاته ( مال الزكاة خ ) لواحد من هذه الأصناف كان جائزا ، وبه قال الحسن البصري ، والشعبي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

الا أن ( ـ ك ـ ) يقول : يخص بها أمسهم حاجة ، و ( ـ ح ـ ) يقول : يجوز أن يدفع الى أي صنف شاء. وقال ( ـ ش ـ ) : يجب تفرقتها على من يؤخذ منهم ، ولا يخص صنف منهم دون آخر ، ويسوى بين الأصناف ولا يفضل بعضهم على بعض ، وأقل ما يعطى كل صنف منهم ثلاثة فصاعدا يسوى بينهم ، فان أعطى اثنين ضمن نصيب الثالث.

وكم يضمن؟ فيه وجهان ، أحدهما : الثلث. والأخر جزء واحد قدر الاجزاء ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وعكرمة. وقال النخعي : ان كانت الصدقة كثيرة ، وجب صرفها (١) إلى الأصناف الثمانية كلهم ، وان كانت قليلة جاز دفعها الى صنف واحد.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يجوز نقل الزكاة من بلد الى بلد مع وجود المستحق لها في البلد ، فان نقلها والحال ما ذكرناه ، كان ضامنا ان هلك ، وان لم يهلك أجزأه ، وان لم يجد في البلد مستحقا لم يكن عليه ضمان.

وللش قولان (٢) ، أحدهما : أنه متى نقل الى بلد آخر أجزأه ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه. والثاني : لا يجزيه وعليه الإعادة ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وسعيد بن جبير ، والنخعي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).

مسألة ـ ٩ ـ : إذا أعطى الصدقة الغارمين والمكاتبين ، فلا اعتراض عليهم فيما يفعلون به ، لأنه أعطاهم ما يستحقونه ، ولا دليل على جواز الاسترجاع منهم.

__________________

(١) م : الصدقة وجب صرفها.

(٢) م : للش فيه قولان.

٩٩

وقال ( ـ ش ـ ) : ان صرفوه في قضاء الدين والكتابة والا استرجعت.

مسألة ـ ١٠ ـ : الفقير أسوء حالا من المسكين ، لان الفقير هو الذي لا شي‌ء معه ، أو معه شي‌ء يسير لا يعتد به ، والمسكين الذي له شي‌ء فوق ذلك ، غير أنه لا يكفيه لحاجته ومئونته ، بدلالة قوله تعالى ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ ) (١) فسماهم مساكين مع أنهم قد ملكوا سفينة ، ولان العرب إنما يبدأ بالأهم ، وقد بدأ الله تعالى في الآية بالفقراء (٢) ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) وجماعة من أهل اللغة.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : المسكين أسوء حالا من الفقير ، فالمسكين عنده على صفة الفقير عندنا (٣) ، والفقير على صفة المسكين ، وبهذا قال الفراء وجماعة من أهل اللغة.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ ج ـ ) : الاستغناء بالكسب يقوم مقام الاستغناء بالمال في حرمان الصدقة ، فإن كان يكتسب ما يحتاج اليه لنفقته ونفقة عياله حرمت عليه الصدقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه الصدقة لا تحرم على المكتسب ، وانما تحرم على من تملك نصابا من المال الذي يجب فيه الزكاة وقدر النصاب (٤) من المال الذي لا يجب فيه الزكاة. وقال ( ـ م ـ ) : أكره دفع الصدقة إلى المكتسب الا أنه يجزي ، وبه قال قوم من أصحابنا.

دليلنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (٥) عن النبي عليه‌السلام انه

__________________

(١) سورة الكهف : ٧٨.

(٢) م : بالفقر.

(٣) د : على صفة الفقر عندنا.

(٤) م : أو قدر النصاب.

(٥) م : دليلنا ما روى عن النبي.

١٠٠