المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

القرية بين اثنين لأحدهما عشر العشر سهم من مائة والباقي للآخر ويحتاج إلى أجرة عشرة دنانير على قسمتها ، فيلزم من له الأقل نصف العشرة ، وربما لا يساوي سهمه ذلك فيذهب جميع ملكه.

مسألة ـ ٢٦ ـ : كل قسمة فيها (١) ضرر على الكل في مثل الدور والعقارات والدكاكين الضيقة ، لم يجبر الممتنع على القسمة ، لقوله عليه‌السلام « لا ضرر ولا ضرار » (٢) وهذا عام ، والضرر هو أن لا يمكنه الانتفاع بما تفرد به ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال أبو حامد الاسفرائني : الضرر أن لا يكون (٣) بذلك وبنقصان القيمة إذا قسم ، فاذا كان لو قسم نقص من قيمته لم يجبر على القسمة. وقال ( ـ ك ـ ) : يجبر على ذلك. قال الشيخ رضي‌الله‌عنه : ولي في هذا نظر (٤).

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا كانت القسمة يستضر بها بعضهم دون بعض ، مثل أن كانت الدار بين اثنين لواحد العشر وللآخر الباقي ، واستضر بها صاحب القليل دون الكثير ، لم يخل الطالب من أحد أمرين : اما أن يكون المنتفع به ، أو المستضر ، فان كان هو المنتفع به (٥) لم يجبر المستضر على القسمة ، لأن في ذلك ضررا عليه وان كان الطالب المستضر (٦) اجبر الممتنع ، لأنه لا ضرر عليه ، بدلالة الخبر.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الطالب هو المنتفع به ، أجبرنا (٧) الممتنع عليها ، وبه قال أهل العراق ، وان كان الطالب يستضر بها ، فهل يجبر عليها الممتنع أم لا؟ فيه وجهان

__________________

(١) م : كل قسمة كان فيها.

(٢) د ، م : لا إضرار.

(٣) د ، م : الضرر يكون بذلك.

(٤) د ، م : قال الشيخ ولي في هذا نظر.

(٥) م : فان كان الأول لم يجبر.

(٦) د ، م : ان كان الطالب مستضرا.

(٧) د : اجبر الممتنع.

٥٢١

قال (١) ابن أبي ليلى : يباع (٢) لهما ويعطى كل واحد منهما بحصته من الثاني (٣) وقال أبو ثور : لا يقسم كالجوهر.

مسألة ـ ٢٨ ـ : متى كان لهما ملك اقرحة ، كل قراح مفرد عن صاحبه ، لكل واحد منهما طريق منفرد (٤) ، وطلب أحدهما قسمة كل قراح مفرد على حدته ، وقال الأخر : بل بعضها في بعض كالقراح الواحد ، قسمنا كل قراح على حدته ، ولم نقسم بعضها في بعض ، سواء كان الجنس واحدا. مثل أن كان الكل نخلا أو كان الكل كرما ، أو أجناسا الباب واحد ، وسواء تجاورت الأقرحة أو تفرقت ، وكذلك الدور والمنازل ، لأن الأصل أن له في كل شي‌ء من الملك نصيبا ، وإجباره على أن يأخذ من غير ملكه عوضا عنه يحتاج الى دليل ، وهذا مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان كان الجنس واحدا ، قسم بعضه في بعض ، وان كان أجناسا فكقولنا.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان متجاورة قسم بعضها في بعض كالقراح الواحد ، وان كانت منفردة فكقولنا.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا كان يد رجلين على ملك ، فقالا للحاكم : اقسم بيننا ، أو قامت بينة أنه ملكهما ، قسم بينهما بلا خلاف. وان لم تكن بينة غير اليد ولا منازع هناك ، قسمه بينهما أيضا عندنا ، لان ظاهر اليد عندنا تدل على الملك ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وسواء كان ذلك مما ينقل ويحول أو لا ينقل ويحول (٥) ، وسواء (٦)

__________________

(١) د ، م : وقال.

(٢) د : يباح.

(٣) د ، م : من الثمن.

(٤) د : مفرد.

(٥) د : ولا يحول.

(٦) م : أولا وسواء.

٥٢٢

قالا : ملكنا إرثا ، أو بغير ارث.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه وهو الأصح. والثاني : لا يقسم بينهما.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان مما ينقل ويحول قسمه بينهما ، وان كان مما لا ينقل (١) ، فان قالا ملكنا إرثا لم يقسم ، وان قالا بغير ارث قسم بينهما.

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للحاكم أن يأخذ الأجرة على الحكم من الخصمين ، أو من أحدهما (٢) ، سواء كان له رزق من بيت المال أو لم يكن.

وقال ( ـ « ش » ـ ) : ان كان له رزق من بيت المال لم يجز ، وان لم يكن له رزق من بيت المال ، جاز له أخذ الأجرة على ذلك.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حضر اثنان عند الحاكم معا في حالة واحدة (٣) ، وادعيا معا في حالة واحدة كل واحد على صاحبه من غير أن يسبق أحدهما بها ، ففي رواية أصحابنا أنه يقدم من هو على يمين صاحبه.

واختلف الناس في ذلك ، فقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : يقرع بينهما ، وقالوا : لا نص فيها عن ( ـ ش ـ ). ومنهم من قال : يقدم الحاكم من شاء منهما. ومنهم من قال : يصرفهما حتى يصطلحا. ومنهم من قال : يستخلف كل واحد منهما لصاحبه.

يدل على المسألة إجماع الفرقة وأخبارهم ولو قلنا بالقرعة أيضا كان قويا ، لأنه مذهبنا في كل أمر مجهول.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا استعدى رجل عند الحاكم على رجل ، وكان المستعدى عليه حاضرا أعدى عليه وأحضره ، سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وفي

__________________

(١) م وان كان مما ينقل.

(٢) م من الخصمين ولا من أحدهما.

(٣) م في حالة وادعيا.

٥٢٣

بعضها على من أنكر ، ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأهل العراق.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان لم يعلم معاملة بينهما لم يحضره ، لما روي عن علي عليه‌السلام أنه قال : لا يعدى الحاكم على خصم ، الا أن يعلم بينهما معاملة ، وهذه الرواية غير ثابتة عنه ولا مقطوع بها.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا ادعى رجل على غيره شيئا ، وكان المستعدى عليه غائبا في ولاية الحاكم في موضع ليس فيه خليفة ، ولا فيه من يصلح أن يجعل الحكم (١) اليه فيه ، فإنه يحضره قريبا كان أو بعيدا ، لان الحاكم منصوب لاستيفاء الحقوق وحفظها وترك تضييعها ، فلو قلنا لا يحضره لبطلت (٢) الحقوق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) : ان كان في مسافة ليلة أحضره والا تركه. وقال قوم : ان كان على مسافة لا يقصر فيها الصلاة أحضره ، والا لم يحضره.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعى مدع حقا على كامل العقل حاضر غير غائب وأقام بذلك شاهدين عدلين ، حكم له به ولا يجب عليه اليمين ، وبه قال (٣) ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ابن أبي ليلى : لا يحكم له بالبينة حتى يستحلفه فيها ، كالصبي والمجنون والميت والغائب.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا ادعى على غيره حقا ، فأنكر المدعى عليه ، فقال المدعى : لي بينة غير أنها غائبة ، لم يكن له ملازمة المدعى عليه ، ولا مطالبته بكفيل الى أن يحضر البينة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : له المطالبة بذلك وملازمته.

__________________

(١) د : يجعل الحاكم.

(٢) د ، م : لبطل.

(٣) م : وقال.

٥٢٤

ويدل على المسألة إجماع الفرقة ، وما روى عن سماك (١) عن علقمة بن وائل ابن حجر عن أبيه أن رجلا من كندة ورجلا من حضر موت أتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الحضرمي : هذا غلبني على أرض ورثتها من (٢) أبى وقال الكندي : أرضي أزرعها لا حق له فيها وهي في يدي (٣) ، فقال النبي عليه‌السلام للحضرمي : ألك بينة؟ قال : لا ، قال : لك يمينه ، قال : انه فاجر لا يبالي على ما حلف انه لا يتورع من (٤) شي‌ء ، فقال النبي عليه‌السلام (٥) : ليس لك منه الا ذاك.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا ادعى على غيره دعوى ، فسكت المدعى عليه ، أو قال : لا أقر ولا أنكر ، فإن الإمام يحبسه حتى يجيبه بإقرار أو إنكار (٦) ، ولا يجعله ناكلا فان رد اليمين في هذا الموضع وجعله ناكلا يحتاج الى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يقول له الحاكم ثلاثا اما أجبت عن الدعوى ، أو جعلتك ناكلا ورددت اليمين (٧) على صاحبك.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القضاء على الغائب في الجملة جائز وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، والليث بن سعد ، وابن شبرمة ، قال ابن شبرمة : احكم عليه ولو كان خلف حائط ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : لا يجوز (٨) القضاء على الغائب حتى يتعلق الحكم

__________________

(١) م : دليلنا ما روى سماك.

(٢) د ، م : عن أبي.

(٣) أرضي في يدي ازرعها لا حق له فيها.

(٤) د ، م عن شي‌ء.

(٥) م قال له النبي عليه‌السلام.

(٦) م أو بإنكار.

(٧) د ، م : اما أجيبت عن الدعوى والا جعلناك ناكل ورددنا اليمين.

(٨) م : ذلك لا يجوز.

٥٢٥

بخصم حاضر شريك أو وكيل له ، والحاكم يقول عندهم (١) : حكمت عليه بعد أن ادعى على خصم ساغت (٢) له الدعوى عليه.

والحقيقة (٣) أن القضاء على الغائب جائز بلا خلاف ، ولكن هل يصح مطلقا بغير (٤) أن ينعلق بخصم (٥) حاضر أم لا (٦)؟ عندنا يجوز مطلقا ، وعندهم (٧) لا يجوز حتى قال ( ـ ح ـ ) : ولو (٨) ادعى على عشرة تسعة غيب وواحد حاضر وأقام (٩) البينة ، قضى على الحاضر وعلى غيره من الغائبين.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما (١٠) روى أبو موسى قال : كان إذا حضر عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خصمان فتواعدا بموعد ، فوافى أحدهما ولم يواف الأخر قضى للذي وفى على الذي لم يف.

وروي أن عمر صعد المنبر فقال : ألا ان أسيفع جهينة رضى من دينه وأمانته أن يقال له سابق (١١) الحاج ، أو سائق الحاج فأدان معرضا فأصبح وقد دين به ،

__________________

(١) د ، م : والحاكم عندهم يقول.

(٢) د ، م : ساغ.

(٣) د ، م : وتحقيقه.

(٤) د ، م : من غير.

(٥) د ، م : بحكم حاضر.

(٦) م ، أولا.

(٧) م : يجوز وعندهم.

(٨) م : قال ( ـ ح ـ ) : لو ادعى.

(٩) م : وقام البينة.

(١٠) م : دليلنا ما روى.

(١١) د ، م : أن يقال سابق الحاج.

٥٢٦

فمن كان له عليه دين (١) فليأت غدا فليقسم ماله بالحصص.

مسألة ـ ٣٨ ـ : شاهدا الزور يعزران ويشهران بلا خلاف ، وكيفية الشهرة أن ينادي عليه في قبيلة ، أو سوقه ، أو مسجده ، أو ما أشبه ذلك ، بأن هذا شاهد زور فاعرفوه ، ولا يحلق رأسه ولا يركب ولا يطاف به ، لأنه لا دلالة على ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال شريح : يركب وينادي هو على نفسه هذا جزاء من شهد بالزور. وفي الناس من قال : يحلق نصف رأسه ، فاذا فرغ من شهرته حلق النصف الأخر ان شاء. وقال عمر بن الخطاب : يجلد أربعين سوطا ويسخم وجهه ويركب ويطاف به ويطال حبسه.

مسألة ـ ٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تراضى نفسان برجل من الرعية يحكم بينهما وسألاه الحكم (٢) بينهما ، كان جائزا بلا خلاف ، فاذا حكم بينهما لزم الحكم وليس لهما بعد ذلك خيار.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أنه يلزم بنفس الحكم كما قلناه. والثاني : أنه يقف بعد إنفاذ حكمه على تراضيهما ، فاذا تراضيا بعد الحكم لزم.

يدل على مذهبنا إجماع الفرقة (٣) وأخبارهم في أنه إذا كان بين أحدكم وبين غيره حكومة ، فلينظر الى من روى أحاديثنا وعلم أحكامنا فليتحاكم اليه ، وأن الواحد منا إذا دعا خصمه الى ذلك وامتنع عليه (٤) كان مأثوما. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) م : فمن كان له دين.

(٢) د : وسأله الحاكم.

(٣) م : دليلنا إجماع الفرقة.

(٤) م : وامتنع منه.

٥٢٧

أنه قال : من تحاكم (١) بين اثنين تراضيا ، فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله.

مسألة ـ ٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الاحكام من الأموال والحدود والقصاص وغير ذلك ، وسواء كان من حقوق الله تعالى ، أو من حقوق الادميين (٢) ، ولا فرق بين أن يعلم (٣) بذلك بعد التولية في موضع ولايته ، أو قبل التولية (٤) ، أو بعدها في غير موضع ولايته الباب واحد.

ولل ( ـ ش ـ ) في حقوق الادميين قولان ، أحدهما ما قلناه ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، واختاره المزني ، وعليه نص في الأم والرسالة واختاره. وقال الربيع : مذهب ( ـ ش ـ ) أن للقاضي أن يقضي بعلمه دائما وانما (٥) توقف فيه لفساد القضاء.

والقول الثاني : لا يقضي بعلمه بحال ، وبه قال في التابعين شريح ، والشعبي وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) (٦) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وحكى (٧) عن شريح أنه ترافع اليه خصمان فادعى أحدهما على صاحبه حقا فأنكره (٨) ، فقال شريح للمدعي ألك بينة؟ قال : نعم أنت شاهدي ، فقال : ائت الأمير حتى أحضر (٩) فأشهد لك يعني لا أقضى لك بعلمي.

فأما حقوق الله تعالى ، فإنها تبنى على القولين ، فاذا قيل (١٠) لا يقضى بعلمه في

__________________

(١) د ، م : من حكم.

(٢) د ، م : أو حقوق الادميين.

(٣) م ، من ان يعلم.

(٤) م : أو قبلها.

(٥) د ، م : بعلمه وانما.

(٦) د ، م وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ).

(٧) د ، م ود وق حكى عن شريح.

(٨) د ، م فأنكر.

(٩) د ، لم تذكر كلمة « احضر ».

(١٠) د ، م فاذا قال.

٥٢٨

حقوق الادميين ، فبأن لا يقضى به (١) في حقوق الله أولى. وإذا قيل (٢) يقضى بعلمه في حقوق الادميين ، ففي حقوق الله (٣) قولان.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان علم (٤) بذلك بعد التولية في موضع ولايته حكم ، وان علم قبل التولية أو بعدها في غير موضع ولايته لم يقض به ، هذا في حقوق الادميين فأما حقوق الله فلا يقضى عندهم بعلمه بحال.

مسألة ـ ٤١ ـ : إذا قال الحاكم لحاكم آخر : قد حكمت بكذا ، أو قضيت (٥) كذا ، أو نفذت كذا قبل عزله ، لا يقبل منه ذلك ، الا أن تقوم بينة يشهدان على حكمه وبما حكم به ولا يحكم بقوله ، لأنه لا دلالة على وجوب قبول قوله ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، ومحمد بن الحسن.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يقبل قوله فيما قاله (٦) وأخبر به.

مسألة ـ ٤٢ ـ : يصح أن يحكم الحاكم لوالديه وان علوا ، ولولده وولد ولده وان سفلا (٧) ، لأنه لا مانع من ذلك ، وبه قال أبو ثور. وقال باقي الفقهاء : لا يصح الحكم لهم.

__________________

(١) م : لم تذكر كلمة « به ».

(٢) د : فاذا قال.

(٣) م : وإذا قال يقضى في حقوقهم ففي حقوق الله.

(٤) م : لم تذكر كلمة « علم ».

(٥) د ، م أو أمضيت.

(٦) د ، م فيما قال.

(٧) د ، م : وان عليا ولولده وولد ولده وان سفلوا.

٥٢٩

كتاب الشهادات

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الشهادة ليست شرطا في انعقاد شي‌ء من العقود أصلا ، وبه قال جميع الفقهاء ، إلا في النكاح فان ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) قالا : من شرط انعقاده الشهادة وقال داود وأهل الظاهر : الشهادة على البيع واجبة وبه قال سعيد بن المسيب.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (١) عن النبي عليه‌السلام ابتاع فرسا من أعرابي ، فاستتبعه ليقبضه (٢) الثمن ، فلما رآه المشركون صفقوا وطلبوا (٣) بأكثر ، فصاح الأعرابي أبيعه (٤) إن كنت تريد أن تبتاعه ، فقال النبي عليه‌السلام : قد ابتعته ، فقال : لا من يشهد لك ، فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد ، فقال النبي عليه‌السلام : بم (٥) تشهد ولم تحضر ، فقال : بتصديقك وفي بعضها : أنصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك على أخبار الأرض ، فلو كانت الشهادة واجبة

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

(٢) د : ليقضيه الثمن.

(٣) م : وطلبوه.

(٤) د ، م ابتعه.

(٥) د ، م لم تشهد.

٥٣٠

ما تركها (١) رسول الله على البيع.

وقوله تعالى ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٢) محمول على الاستحباب.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حقوق الله تعالى كلها لا تثبت بشهادة النساء إلا الشهادة بالزنا ، فإنه روى أصحابنا أنه يجب الرجم بشهادة رجلين وأربع نسوة وثلاثة رجال وامرأتين ، ويجب الحد بشهادة رجل واحد وست نساء به (٣). وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : لا يثبت شي‌ء منها بشهادة نساء لا على الانفراد ولا على الجمع.

مسألة ـ ٣ ـ : يثبت الإقرار بالزنا بشهادة رجلين مثل سائر الإقرارات.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يثبت إلا بأربعة شهود ، كما أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهود.

مسألة ـ ٤ ـ : لا يثبت النكاح والخلع والطلاق والرجعة والقذف والقتل الموجب للقود والوكالة والوصية في الغير (٤) والوديعة (٥) عنده والعتق والنسب والكتابة ، ويجوز ذلك فيما (٦) لم يكن مالا ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال إلا بشهادة رجلين ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : انه لا ينعقد النكاح إلا بشهادة رجلين ، وقد بينا أنه (٧) لا يقع الطلاق

__________________

(١) د ، م ما تركه.

(٢) سورة البقرة : ٢٨٢.

(٣) د ، م : لم يذكر كلمة « به ».

(٤) د : اليه.

(٥) م : والوصية والوديعة.

(٦) د ، م : ونحو ذلك مما.

(٧) د ، م : وقلنا.

٥٣١

إلا بشهادة رجلين ، ولا مدخل للنساء في الأشياء التي ذكرناها ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، والنخعي.

وقال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : يثبت كل هذا (١) بشاهد وامرأتين إلا القصاص فإنه لا خلاف فيه.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا قال لعبده : ان قتلت فأنت حر ، ثمَّ هلك واختلف العبد والوارث ، فقال العبد : هلك بالقتل ، وقال الوارث : مات حتف أنفه ، أقام كل واحد منهما شاهدين على ما ادعاه.

ولل ( ـ ش ـ ) (٢) فيه قولان ، أحدهما : قد تعارضت البينتان وسقطتا (٣). والثاني : بينة العبد أولى ، لأنها أثبت زيادة فينعتق العبد. وهذا ساقط عنا ، لأنه عتق بصفة ، والعتق بصفة لا يصح (٤) عندنا.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يحكم بالشاهد واليمين في الأموال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) على ما سنذكر الخلاف فيه ، ويحكم عندنا بشهادة امرأتين مع يمين المدعى.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وغيرهما : لا يحكم بهما.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا ادعى عند الحاكم على رجل حقا فأنكر ، فأقام المدعي شاهدين بما يدعيه ، فحكم الحاكم له بشهادتهما ، كان حكمه تبعا لشهادتهما ، فان كانا صادقين كان حكمه صحيحا في الظاهر والباطن ، وان كانا كاذبين كان حكمه صحيحا في الظاهر باطلا في الباطن ، سواء كان في عقد ، أو رفع عقد ، أو فسخ عقد ، أو كان مالا ، أو غير ذلك ، وبه قال شريح ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) د ، م : كل هذه.

(٢) د : وقال ( ـ ش ـ ).

(٣) د : قد تعارضا وسقطتا.

(٤) م : وهو لا يصح.

٥٣٢

وقال ( ـ ح ـ ) : ان حكم بعقد ، أو رفع عقد (١) ، أو فسخه ، وقع حكمه صحيحا في الظاهر والباطن معا ، وأصحابه يعبرون عنه بأن كل عقد صح أن يبتدياه أو يفسخاه صح حكم الحاكم فيه ظاهرا وباطنا ، فمن ذلك أنه ان ادعى (٢) هذه (٣) زوجتي فأنكرت فأقام شاهدين فشهدا عنده بذلك ، حكم بحاله وحلت له في الباطن ، فان كان لها زوج بانت منه بذلك وحرمت عليه وحلت للمحكوم له بها.

وأما رفع العقد بالطلاق إذا ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا ، وأقامت شاهدين فحكم بذلك ، بانت منه ظاهرا وباطنا ، وحلت لكل واحد من الشاهدين أن يتزوج بها ، وان كانا يعلمان أنهما شهدا بالزور.

ويدل على المسألة ما روت أم سلمة أن النبي عليه‌السلام قال : إنما أنا بشر وأنكم تختصمون الي ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشي‌ء من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقبل شهادة النساء على الانفراد في الولادة والعيوب تحت الثياب ، كالرتق والقرن والبرص بلا خلاف ، وتقبل شهادتهن عندنا في الاستهلال ولا تقبل في الرضاع أصلا.

وقال ( ـ ش ـ ) : تقبل شهادتهن في الرضاع والاستهلال.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا تقبل شهادتهن على الانفراد فيهما ، بل تقبل شاهد وامرأتان.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل موضع تقبل فيه شهادة النساء على الانفراد ، لا يثبت الحكم فيه الا بشهادة أربع منهن ، فان كانت شهادتهن في الاستهلال ، أو في الوصية

__________________

(١) د ، م أو رفعه.

(٢) د ، م : فمن ذلك إذا ادعى.

(٣) د : ان هذه.

٥٣٣

لبعض الناس ، قبل شهادة امرأة في ربع الوصية وربع ميراث المستهل ، وشهادة امرأتين في نصف الوصية ونصف ميراث المستهل ، وشهادة ثلاث منهن في ثلاثة أرباع الوصية وثلاثة أرباع الميراث ، وشهادة أربع في جميع الوصية وجميع الميراث.

وقد روى أصحابنا أيضا أن شهادة القابلة وحدها تقبل في الولادة ، وروي ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تقبل في جميع ذلك أقل من شهادة أربع منهن ، ولا يثبت به حكم على حال ، وبه قال عطاء. وقال عثمان البتي : يثبت بثلاث نسوة.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : يثبت بعدد اثنتين منهن. وقال الحسن البصري ، و ( ـ د ـ ) : يثبت الرضاع بالمرضعة وحدها ، وبه قال ابن عباس.

وقال ( ـ ح ـ ) : تثبت ولادة الزوجات بامرأة واحدة القابلة وغيرها ، ولا تثبت بها ولادة المطلقات.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القاذف إذا تاب وصلح ، قبلت توبته وزال فسقه بلا خلاف ، وتقبل شهادته عندنا فيما بعد ذلك ، وبه قال عمر بن الخطاب ، روي عنه أنه كان جلد (١) أبا بكرة حين شهد على المغيرة بالزنا ، ثمَّ قال له : تب تقبل شهادتك. وروي عن ابن عباس أنه قال : إذا تاب القاذف قبلت شهادته ، وبه قال في التابعين عطاء ، وطاوس ، والشعبي.

قال الشعبي : يقبل الله توبته ولا نقبل نحن شهادته ، وبه قال في الفقهاء الزهري وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وعثمان البتي ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : تسقط شهادته ولا تقبل أبدا ، وبه قال شريح ، والحسن البصري ، والنخعي ، و ( ـ ر ـ ).

فالكلام مع ( ـ ح ـ ) في فصلين : فعندنا وعند ( ـ ش ـ ) ترد شهادته بمجرد القذف ، وعنده

__________________

(١) د ، م انه جلد.

٥٣٤

لا ترد بمجرد القذف حتى يجاد ، فاذا جلد (١) ردت بالجلد لا بالقذف والثاني : عندنا أنه تقبل (٢) شهادته إذا تاب وعنده لا تقبل ولو تاب ألف مرة.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٣) تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ) (٤) فذكر القذف وعلق وجوب الجلد ورد الشهادة به ، فثبت أنهما يتعلقان به.

ويدل على أن شهادتهم لا تسقط أبدا قوله تعالى في سياق الآية ( وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٥) والخطاب إذا اشتمل على جمل ثمَّ تعقبها استثناء رجع الاستثناء الى جميعها إذا كان كل واحدة منها إذا انفردت رجع الاستثناء إليها ، كقوله امرأتي طالق ، وعبدي حر ، وأمتي حرة ان شاء الله ، فإنه رجع الاستثناء الى الكل ، فكذلك في الآية.

مسألة ـ ١١ ـ : من شرط التوبة من (٦) القذف أن يكذب نفسه حتى يصح قبول شهادته فيما بعد بلا خلاف بيننا وبين أصحاب ( ـ ش ـ ) ، الا أنهم اختلفوا فقال أبو إسحاق وهو الصحيح (٧) عندهم : أن يقول القذف باطل ولا أعود الى ما قلت.

وقال الإصطخري : التوبة اكذابه نفسه ، وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا ، لأنه لا خلاف بين الفرقة أن من شرط ذلك أن يكذب نفسه ، وحقيقة إلا كذاب أن يقول

__________________

(١) د : فاذا جلدت.

(٢) د : الثاني ان عندنا تقبل.

(٣) م : دليلنا قوله تعالى.

(٤) سورة النور : ٤.

(٥) سورة النور : ٤ ـ ٥.

(٦) م : في القذف.

(٧) م : وهو الأصح.

٥٣٥

كذبت فيما قلت ، كيف وهم قد رووا أيضا يحتاج أن يكذب نفسه في الملاء الذين قذف بينهم وفي موضعه فثبت ما قلناه.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أكذب نفسه وتاب ، لا تقبل شهادته حتى يظهر منه العمل الصالح ، لقوله تعالى ( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا ) (١) وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، الا أنه اعتبر ذلك ستة أشهر أو سنة ، ونحن لا نعتبر (٢) في ذلك مدة ، لأنه لا دليل عليها. والقول الأخر : أنه يكفي مجرد الإكذاب.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان في يده شي‌ء يتصرف فيه بلا دافع ومنازع بسائر أنواع التصرف ، جاز أن يشهد له بالملك ، طالت المدة أو قصرت ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : جاز له أن يشهد له باليد قولا واحدا ، فأما الملك فينظر فيه ، فان طالت مدته فعلى وجهين ، وان قصرت المدة مثل الشهر والشهرين ، فلا يجوز قولا واحدا.

مسألة ـ ١٤ ـ : تجوز الشهادة على الوقف والولاء والعتق والنكاح بالاستفاضة كالملك الطلق والنسب ، لأنه لا خلاف أنه تجوز لنا الشهادة على أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يثبت ذلك إلا بالاستفاضة.

وأما الوقف ، فمبني على التأبيد ، فلو لم تجز الشهادة فيه بالاستفاضة لأدى إلى بطلان الوقف ، فان شهود الأصل لا يبقون ، والشهادة على الشهادة غير جائزة عندنا الا دفعة واحدة.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان. قال الإصطخري مثل ما قلناه ، وقال غيره : لا يثبت شي‌ء من ذلك بالاستفاضة ولا يشهد عليها بملك.

__________________

(١) سورة النور : ٥.

(٢) م : أو سنة ولا نعتبر.

٥٣٦

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تقبل شهادة الأعمى فيما يفتقر (١) إلى المشاهدة بلا خلاف ، وذلك مثل السرقة والغصب والقتل والقطع والرضاع والولادة (٢) والسلم والإجارة والهبة والنكاح ونحو ذلك ، والشهادة على الإقرار لا يصح بشهادة الاعمى عليه ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وفي التابعين الحسن ، وسعيد بن جبير ، والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وعثمان البتي ، و ( ـ ش ـ ) ، وسوار القاضي.

وذهبت طائفة الى أن شهادته على العقود تصح ، وبه قال ابن عباس (٣) ، وشريح ، وعطاء ، والزهري ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد ، وابن أبي ليلى.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح أن يكون الاعمى شاهدا في الجملة في الأداء دون التحمل ، وفي التحمل والأداء فيما لا يحتاج إلى المشاهدة ، مثل النسب والموت والملك الطلق ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا يصح منه التحمل ولا الأداء ، فجعلا العمى كالجنون حتى قالا : لو شهد بصيران عند الحاكم فسمع شهادتهما ، ثمَّ عميا أو خرسا قبل الحكم بها لم يحكم كما لو فسقا.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح من الأخرس تحمل الشهادة بلا خلاف ، وعندنا يصح منه الأداء ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وابن شريح.

وقال ( ـ ح ـ ) ، وباقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يصح منه الأداء.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العبد إذا كان مسلما بالغا عدلا ، قبلت شهادته على كل

__________________

(١) د ، م : فيما يفتقر في العلم به.

(٢) د ، م : والولادة والزنا واللواط وشرب الخمر وما يفتقر الى سماع ومشاهدة من العقود كلها كالبيوع والصرف والسلم.

(٣) د ، م : تصح قاله ابن عباس.

٥٣٧

أحد ، الا على مولاه خاصة فإنه لا تقبل عليه ، ورووا (١) عن علي عليه‌السلام أنه قال : تقبل شهادة بعضهم على بعض ، ولا تقبل شهادتهم على الأحرار.

وقال أنس بن مالك : أقبلها مطلقا كالحر ، وبه قال عثمان البتي ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، قال البتي : رب عبد خير من مولاه. وقال الشعبي ، والنخعي : أقبلها في القليل دون الكثير.

وقال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا تقبل شهادة العبد على حال (٢) ، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وفي التابعين شريح ، والحسن وعطاء ، ومجاهد.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح ما لم يتفرقوا إذا اجتمعوا على أمر مباح كالرمي وغيره ، وبه قال ابن الزبير ، و ( ـ ف ـ ).

وقال (٣) ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا تقبل بحال ، لا في الجراح ولا غيرها ، وبه قال ابن عباس ، وشريح ، والحسن ، وعطاء ، والشعبي.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شهادة أهل الذمة لا تقبل على المسلمين بلا خلاف ، الا أن أصحابنا أجازوا شهادة أهل الذمة في الوصية خاصة ، إذا كان بحيث لا يحضره مسلم بحال.

وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : لا تقبل بحال.

ويدل عليه ـ بعد إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٤) تعالى

__________________

(١) م : على مولاه ورووا.

(٢) د : على كل حال.

(٣) م : وبه قال ابن الزبير ومالك وقال ( ـ ح ـ ).

(٤) م : دليلنا قوله تعالى.

٥٣٨

( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) (١) يعني من أهل الذمة ، فإن ادعوا فيه النسخ طولبوا بالدلالة عليه ولم يجدوها.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قال قوم لا تجوز شهادة (٢) أهل الذمة بعضهم على بعض ، سواء اتفقت مللهم أو اختلفت ، ذهب (٣) اليه قضاة البصرة الحسن ، وسوار ، وعثمان البتي ، وفي الفقهاء حماد ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه. وذهب الشعبي والزهري وقتادة إلى أنه ان كان الملة واحدة قبلت ، وان اختلفت مللهم لم تقبل (٤) كاليهود والنصارى (٥) ، وهو الذي ذهب إليه أصحابنا ورووه.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يقضى بالشاهد الواحد ويمين المدعى بالأموال (٦) ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأبي بن كعب ، وفي التابعين الفقهاء السبعة ، وعمر بن عبد العزيز ، وشريح ، والحسن البصري ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وربيعة بن عبد الرحمن ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ).

وذهب قوم إلى أنه لا يقضى بالشاهد الواحد مع اليمين ، قاله (٧) ( ـ ح ـ ) وأصحابه والزهري ، والنخعي ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن شبرمة ، و ( ـ ر ـ ).

قال ( ـ م ـ ) : ان قضى باليمين مع الشاهد نقضت حكمه.

__________________

(١) سورة المائدة : ١٠٥.

(٢) د ، م : لا يجوز قبول شهادة.

(٣) د ، م : ذهب اليه ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ع ـ ) وابن أبي ليلى و ( ـ د ـ ). وقال قوم تقبل شهادة بعضهم على بعض سواء اتفقت مللهم أو اختلفت ذهب.

(٤) م : قبلت والا فلا.

(٥) د ، م : كاليهود على النصارى.

(٦) د ، م : في الأموال.

(٧) م : إلى انه لا يجوز ذلك قاله.

٥٣٩

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (١) عمرو ابن دينار عن ابن عباس أن النبي عليه‌السلام قضى باليمين مع الشاهد. وروى عبد العزيز ابن محمد الدراوردي عن ربيعة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي عليه‌السلام قضى باليمين مع الشاهد ، وفي غيره قضى بيمين وشاهد.

وقيل : ان سهل بن أبي صالح نسي هذا الحديث ، فذكره ربيعة أنه سمعه منه فكان يقول : حدثني ربيعة عني عن أبي هريرة.

وروى جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام عن جابر أن النبي عليه‌السلام قال : أتاني جبرئيل فأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد. وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليهم‌السلام أن النبي عليه‌السلام قضى بالشاهد الواحد مع اليمين ممن (٢) له الحق.

قال جعفر بن محمد : رأيت الحكم بن عتيبة يسأل عن أبي وقد وضع يده على جدران القبر ليقوم ، قال : أقضي النبي عليه‌السلام باليمين مع الشاهد؟ قال : نعم وقضى بها علي بين أظهركم.

وقد روى هذا الخبر عن النبي عليه‌السلام ثمانية ، وهم (٣) : علي عليه‌السلام ، وابن عباس وأبو هريرة ، وجابر ، وزيد بن ثابت ، وسعد بن عبادة ، ومسروق ، وعبد الله بن عمر ، وخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث في الصحيح من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس ، وعلى المسألة إجماع الصحابة.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا كان مع المدعي شاهد واحد ، واختار يمين المدعى عليه كان له ، فان حلف المدعى عليه أسقط دعواه ، وان نكل لم يحكم عليه بالنكول

__________________

(١) م : دليلنا ما رواه.

(٢) د ، م : من له الحق.

(٣) د : ثمانية يرووهم.

٥٤٠