المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

الزنا الى بدنه الذي هو جملته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال في القديم : لا يكون قذفا.

مسألة ـ ٥٦ ـ : كنايات القذف ، مثل قوله يا حلال بن الحلال ، أو ما أمي زانية ولست (١) بزان ، لا يكون قذفا بظاهرها ، الا أن ينوي بذلك القذف ، لأنه لا دليل عليه ، ولما روي أن رجلا أتى النبي عليه‌السلام فقال : يا رسول الله ان امرأتي لا تكف يد لامس ، فقال : طلقها ، فقال : إني أحبها ، فقال : أمسكها. فلم يجعله (٢) النبي عليه‌السلام قاذفا ، مع انه عرض بزوجته ونسبها الى الفجور ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان ذلك حال الرضا لم يكن قذفا ، وان كان حال الغضب كان قذفا.

مسألة ـ ٥٧ ـ : إذا شهد الزوج ابتداء من غير أن يتقدم منه قذف (٢) مع ثلاثة على المرأة بالزنا ، قبلت شهادتهم ووجب على المرأة الحد ، وهو الظاهر من أحاديث أصحابنا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقد روي أيضا أن الثلاثة يحدون حد القذف ويلاعن الزوج.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تقبل شهادة الزوج والثلاثة هل يكونون قذفة؟ وهل يحدون؟

فيه قولان ، وأما الزوج فعند أبي إسحاق يكون قاذفا وعليه الحد ، وذكر أنه قول ( ـ ش ـ ). وقال ابن أبي هريرة : حكمه حكم الشهود.

مسألة ـ ٥٨ ـ : إذا انتفى من نسب حمل بزوجته ، جاز له أن يلاعن في الحال قبل الوضع ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني وهو الأصح عندهم أنه لا يلاعن الا

__________________

(١) م : أو لست بزان.

(٢) م : فلم يجعل.

(٣) م : من غير أن يتقدم القذف.

٢٦١

بعد الوضع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٥٩ ـ : إذا قذف زوجته ، ثمَّ ادعى أنها أقرت بالزنا ، وأقام شاهدين على إقرارها ، لم يثبت إقرارها إلا بأربعة شهود ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر أنه يثبت بشهادة شاهدين. يدل على صحة ما اعتبرناه أنه (١) مجمع على ثبوت الإقرار وما ذكروه (٢) لا دليل عليه.

مسألة ـ ٦٠ ـ : إذا قذف امرأة وادعى أنها كانت أمة أو مشركة حال القذف وأنكرت ذلك ، فالقول قوله مع يمينه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر : أن القول قولها ، ولو قلنا بذلك كان قويا ، لأن الأصل أن الدار دار الإسلام.

مسألة ـ ٦١ ـ : إذا قذف امرأة وطالبت الحد ، فقال : لي بينة غائبة أمهلوني حتى تحضر ، فإنه لا يمهل فيه ويقام عليه الحد ، لأنه لا دلالة على وجوب التأجيل وقال ( ـ ش ـ ) : يؤجل يوما أو يومين. وقال أصحابه : يؤجل ثلاثة أيام.

مسألة ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يثبت حد القذف بشهادة على شهادة ولا بكتاب قاض الى قاض ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وعند ( ـ ش ـ ) يثبت بهما.

مسألة ـ ٦٣ ـ : التوكيل في استيفاء حدود الادميين مع حضور من له الحد يجوز بلا خلاف ، فاما مع غيبته فإنه يجوز أيضا عندنا ، لأن الأصل جوازه.

ولأصحاب ( ـ « ش » ـ ) ثلاثة طرق ، منهم من يقول (٣) : المسألة على قولين ، ومنهم من قال : يجوز التوكيل قولا واحدا ، ومنهم من قال : لا يجوز قولا واحدا.

مسألة ـ ٦٤ ـ : إذا ولد له ولد وهنئ به ، فقال المهني : بارك الله لك في

__________________

(١) م : دليلنا أنه مجمع.

(٢) م : وما ذكر.

(٣) م : من قال المسألة.

٢٦٢

مولودك (١) جعله الله خلفا منك ، فقال : آمين ، أو أجاب الله دعاك ، فإنه يكون ذلك إقرارا يبطل به النفي.

وان قال في الجواب : بارك الله عليك ، أو أحسن الله جزاك ، لم يبطل النفي عند ( ـ ش ـ ) ، وهو يقوى عندي ، لأنه يحتمل للرضا بالولد ، ومحتمل للمكافأة بالدعاء من غير رضا بالولد ، ويخالف الأول ، لأن الدعاء هناك كان بالولد واجابته كذلك دلالة على الرضا بالولد. وقال ( ـ ح ـ ) : يبطل النفي فيهما (٢).

مسألة ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الظاهر في روايات أصحابنا أن الأمة لا تصير فراشا بالوطئ ، ولا يلحق به الولد إلزاما ، بل الأمر اليه ان شاء أقر به ، وان شاء لم يقر.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا وطأها ، ثمَّ جائت بعد ذلك بولد لوقت ، يمكن أن يكون منه بأن يمضي عليه ستة أشهر فصاعدا لزمه الولد ، لأنها تصير فراشا بالوطئ.

لكن متى ما ملك الرجل أمة ووطأها سنين ثمَّ جائت بولد ، فإنه يكون مملوكا لا يثبت نسبه منه الا بعد أن يقر بالولد ، فيقول : هذا الولد مني ، فحينئذ يصير ولده باعترافه ، فاذا اعترف بالولد ولحقه نسبه صارت فراشا له ، فإذا أتت بعد ذلك بولد لحقه.

مسألة ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا خلاف بين المحصلين أنه لا يثبت اللعان بين الرجل وأمته ، ولا ينفي ولدها باللعان ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وحكى ( ـ د ـ ) عن ( ـ ش ـ ) أنه رأى نفي ولد الأمة باللعان ، ودفع أصحابه هذه الحكاية.

مسألة ـ ٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يثبت اللعان بين الزوجين قبل الدخول ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

__________________

(١) م : في مولدك.

(٢) م : يبطل النفي بها.

٢٦٣

مسألة ـ ٦٨ ـ : يعتبر في باب لحوق الأولاد إمكان الوطي ، ولا يكفي التمكين فقط وقدرته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : المعتبر قدرته وتمكينه من الوطي ، وإمكان الوطي ، وعلى هذا حكى ( ـ ش ـ ) عنه ثلاث مسائل في القديم :

أحدها : إذا نكح رجل امرأته بحضرة القاضي وطلقها في الحال ثلاثا ، ثمَّ أتت بولد من حين العقد بستة أشهر ، فإن الولد يلحقه ولا يمكنه نفيه باللعان.

والثانية : لو تزوج مشرقي بمغربية ، ثمَّ أتت بولد من حين العقد لستة أشهر ، فإنه يلحقه ، وان كان العلم حاصلا أنه لا يمكن وطئها بعد العقد بحال.

الثالثة : إذا تزوج رجل بامرأة (١) ثمَّ غاب عنها وانقطع خبره ، فقيل (٢) لامرأته : انه مات فاعتدت وانقضت عدتها ، وتزوجت برجل فأولدها أولادا ، ثمَّ عاد الزوج الأول ، قال : هؤلاء الأولاد كلهم للأول ولا شي‌ء للثاني.

يدل على مذهبنا انا ننفي عنه الولد بوجود اللعان من جهته وان جوزنا أن يكون منه ، فمع حصول العلم بأن الولد ليس منه أولى أن تنفيه عنه.

__________________

(١) م : امرأة.

(٢) م : قيل.

٢٦٤

كتاب العدد

مسألة ـ ١ ـ : الأظهر من روايات أصحابنا أن التي لم تحض ومثلها لا تحيض والايسة من المحيض ومثلها لا تحيض ، لا عدة عليهما من طلاق ، وان كانت مدخولا بها ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا : تجب عليها العدة بالشهور ، وبه قال قوم من أصحابنا.

ويدل على الأول قوله تعالى ( وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ ) (١) فشرط الارتياب في إيجاب العدة ثلاثة أشهر ، والريبة لا يكون الا فيمن تحيض مثلها.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأقراء هي الأطهار ، وبه قال عبد الله بن عمر ، وزيد بن ثابت ، وعائشة ، والفقهاء السبعة (٢) ، وفي التابعين الزهري ، وربيعة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور ، وغيرهم وقال قوم : هي الحيض ، ورووه عن علي عليه‌السلام ، وعن عمر وابن مسعود ، وابن عباس ، وبه قال أهل البصرة الحسن البصري ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل الكوفة ( ـ ر ـ ) وابن الشبرمة ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ق ـ ) ، وحكي عن ( ـ د ـ ) أنه قال : الأظهر عندي قول

__________________

(١) سورة الطلاق : ٤.

(٢) د : الفقهاء الشيعة.

٢٦٥

زيد بن ثابت أنها الاطهار.

وروي أنه قال : لا أحسن أن أفتي في هذه المسألة بشي‌ء مع اختلاف الصحابة فيها.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) أن النبي عليه‌السلام قال لفاطمة بنت أبي حبيش صلي أيام أقرائك يعني أيام طهرك والقرء في اللغة لفظة مشتركة بين الطهر والحيض ، وفي الناس من قال : هو عبارة عن جميع الدم بين الحيضتين مأخوذة من قرأت الماء في الحوض إذا جمعته.

ومنهم من قال : هو اسم لاقبال ما كان إقباله معتادا ، وادبار ما كان إدباره معتادا يقال : أقرأ النجم إذا طلع ، لان طلوعه معتاد ، وأقرأ النجم إذا غاب ، لان غيبوبته معتادة ، يسمى كل واحد من الحيض والطهر قرءا ، لان غيبتهما معتادة وإذا كان اللفظ في ذلك مشتركا رجعنا في البيان الى الشرع.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة ، فقد انقضت عدتها.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا تنقضي حتى يمضي الدم يوما وليلة.

مسألة ـ ٤ ـ : أقل ما يمكن أن ينقضي به عدد ذوات الأقراء ستة وعشرون يوما ولحظتان ، لما دللنا عليه من أن (٢) الأقراء هي الأطهار ، وأن أقل الحيض ثلاثة أيام وأقل الطهر عشرة أيام ، فإذا ثبت ذلك فاذا طلقها قبل حيضها بلحظة ، ثمَّ حاضت ثلاثة أيام ، ثمَّ طهرت عشرة أيام ، ثمَّ حاضت ثلاثة أيام ، ثمَّ طهرت عشرة أيام ، ثمَّ رأت الدم لحظة ، فقد مضى ثلاثة أقراء.

وقال ( ـ ش ـ ) : أقل ما يمكن ذلك اثنان وثلاثون يوما ولحظتان. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) :

__________________

(١) م : دليلنا ما روى.

(٢) م : لما دللنا من أن.

٢٦٦

أقل ذلك تسعة وثلاثون يوما ، لأن أقل الحيض ثلاثة أيام ، وأقل الطهر خمسة عشر يوما عندهما والأقراء الحيض.

وقال ( ـ ح ـ ) : أقله ستون يوما ولحظة ، لأنه يعتبر أكثر الحيض وأقل الطهر ، وأكثر الحيض عنده عشرة أيام ، وأقل الطهر خمسة عشر يوما.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الذي عليه أصحابنا ورواياتهم تنطق به أن المطلقة إذا مرت بها ثلاثة أشهر بيض لا ترى فيها الدم ، فقد انقضت عدتها بالشهور ، فإن رأت الدم قبل ذلك ثمَّ ارتفع دمها صبرت تسعة أشهر ، ثمَّ تستأنف العدة ثلاثة أشهر ، وان رأت الدم الثاني قبل ذلك صبرت تمام السنة ، ثمَّ تعتد بعده بثلاثة أشهر.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ارتفع حيضها لعارض من مرض أو رضاع ، لا يعتد بالشهور ، بل تعتد بالأقراء وان طالت ، وقالوا : هذا إجماع وان ارتفع حيضها لغير عارض ففي قوله القديم تتربص الى أن تعلم براءة رحمها ، ثمَّ تعتد عدة الايسات وروي ذلك عن عمر ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال في الجديد : تصبر أبدا حتى تيأس من الحيض (١) ثمَّ تعتد بالشهور ، وهو الصحيح عندهم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وروي ذلك عن ابن مسعود.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا تزوج (٢) صبي صغير امرأة فمات عنها ، لزمها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، سواء كانت حاملا أو حائلا ، وسواء ظهر بها الحمل بعد وفاة الزوج ، أو كان موجودا حال وفاته ، وبه قال مالك بن أنس ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان ظهر الحمل بعد الوفاة أعتدت بالشهور ، وان كان موجودا حال الوفاة أعتدت عنه بوضعه.

__________________

(١) م : من المحيض.

(٢) م : إذا زوج.

٢٦٧

يدل على مذهبنا أن (١) عدة المتوفى عنها زوجها عندنا أبعد الأجلين إذا كانت حاملا من الشهور بوضع الحمل (٢) ، فان وضعت قبل الأشهر الأربعة لم تنقض عدتها ، فهذا الفرع يسقط عنا ، لأنه خلاف من اعتبر في انقضاء عدتها الوضع.

مسألة ـ ٧ ـ : المعتدة بالشهور سقط إذا طلقت في أول الشهر أعتدت بالأهلة بلا خلاف ، وان طلقت في وسط الشهر سقط اعتبار الهلال في هذا الشهر واحتسب بالعدة ، فيعتبر قدر ما بقي من الشهر ، وتعتبر بعده هلالين ، ثمَّ يتمم من الشهر الرابع ثلاثين وتلفق الساعات والانصاف ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : تلفق الأيام التامة ، ولا تلفق الانصاف والساعات. وقال ( ـ ح ـ ) : تقضي ما فاتها من الشهر ، فيحصل الخلاف بيننا وبينه إذا كان الشهر ناقصا ومضى عشرون يوما عندنا أنه يحسب ما بقي وهي تسعة وتضم إليه أحد وعشرون ، وعنده تقضي ما مضى وهو عشرون يوما (٣).

وقال أبو محمد ابن بنت ( ـ ش ـ ) : إذا مضى بعض الشهر سقط اعتبار الأهلة في الشهور كلها ، وتحتسب جميع العدة بالعدد تسعون يوما.

يدل على المسألة قوله (٤) تعالى ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ ) (٥) وهذا يدل على بطلان قول من اعتبر العدد في الجميع. وأما من اعتبر الهلال في الأول ، فقوله قوي لظاهر الآية ، لكن اعتبرنا في الشهر الأول العدد لطريقة الاحتياط.

__________________

(١) م : دليلنا أن.

(٢) م : أو وضع الحمل.

(٣) م : ومضى عشرون يوما.

(٤) م : دليلنا قوله تعالى.

(٥) سورة البقرة : ١٨٩.

٢٦٨

عدة الحامل بتوأمين

مسألة ـ ٨ ـ : إذا طلقها وهي حامل ، فولدت توأمين بينهما أقل من ستة أشهر ، فإن عدتها لا تنقضي حتى تضع الثاني منهما ، بدلالة قوله تعالى ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (١) وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، ( ـ ش ـ ) ، وعامة العلماء.

وقال عكرمة : تنقضي عدتها بوضع الأول ، وقد روى أصحابنا أنها تبين بوضع الأول ، غير أنها لا تحل للأزواج حتى تضع الثاني. والمعتمد الأول.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا طلقها وأعتدت ، ثمَّ أتت بولد لأكثر (٢) من ستة أشهر من وقت انقضاء العدة لم يلحق به ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وابن سريج. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : إذا أتت به لأقل من أربع سنين وأكثر من ستة أشهر من وقت الطلاق لحق به.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا خلا بها ولم يدخل بها لم تجب عليها العدة ، ولا تجب لها المهر على أكثر روايات أصحابنا ان كان هناك ما يعتبر به عدم الوطي بان تكون المرأة بكرا فتوجد بحالها (٣) ، وان كانت ثيبا حكم في الظاهر بالإصابة ولا يحل لها جميع الصداق الا بالوطئ.

وقال ( ـ ح ـ ) : الخلوة كالاصابة على كل حال. وقال ( ـ ك ـ ) : الخلوة التامة يرجح بها قول من يدعي الإصابة من الزوجين ، وهي ما تكون في بيت الرجل ، وغير التامة لا يحكم بها ، وهي ما كانت في بيت المرأة.

ولل ( ـ ش ـ ) في ذلك قولان ، قال في القديم : للخلوة تأثير واختلف أصحابه في معناه ، فقال بعضهم : أراد بذلك أنها بمنزلة الإصابة ، مثل قول ( ـ ح ـ ). وقال بعضهم أراد بذلك ما قال ( ـ « ك » ـ ) من أنه يرجح بها قول من يدعي الإصابة ، ولا يستقر بها

__________________

(١) سورة الطلاق : ٤.

(٢) م : لا أكثر.

(٣) في الخلاف : كهي.

٢٦٩

المهر ، وهو المذهب عندهم.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات عنها وهو غائب عنها وبلغها الخبر ، فعليها العدة من يوم يبلغها ، وبه قال علي عليه‌السلام. وذهب قوم الى أن عدتها من يوم مات سواء بلغها بخبر واحد أو متواتر ، وبه قال ابن عمر ، وابن عباس ، وابن مسعود وعطاء ، والزهري ، والثوري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وغيرهم.

وقال عمر بن عبد العزيز : ان ثبت ذلك بالبينة ، فالعدة من حين الموت.

وان ثبت بالخبر والسماع ، فمن حين الخبر.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأمة إذا طلقت ولم تكن حاملا فعدتها قرءان ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال داود : عدتها ثلاثة أقراء.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت الأمة من ذوات الشهور ، فعدتها خمسة وأربعون يوما.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : أن عدتها شهران في مقابلة حيضتين. والثالث وهو الصحيح عندهم أن عدتها ثلاثة أشهر.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأمة إذا طلقت ثمَّ أعتقت وهي في عدتها ، فان كان الطلاق رجعيا أكملت عدة الحرة ، وان كان بائنا أكملت عدة الأمة ، و ( ـ ش ـ ) قال في القديم : ان كان بائنا أكملت عدة الأمة ، وان كان رجعيا فعلى قولين. وقال في الجديد ان كان رجعيا أكملت عدة حرة ، وان كان بائنا فعلى قولين.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأمة إذا كانت تحت عبد ، فطلقها طلقة ثمَّ أعتقت ، ثبت له عليها رجعة بلا خلاف ولها اختيار الفسخ ، فان اختارت الفسخ بطل حق الرجعة بلا خلاف ، وعندنا أنها تتم عدة الحرة ثلاثة أقراء ، وبه قال أبو إسحاق من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، ومنهم من قال : فيه قولان أحدهما : تستأنف عدة الحرة. والأخر : انها تبني ، وعلى كم تبني؟ فيه قولان ، أحدهما : على عدة الأمة. والأخر : على عدة الحرة.

٢٧٠

طلاق غير المدخول بها والمدخول بها

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا تزوج امرأة ثمَّ خالعها ثمَّ تزوجها ، ثمَّ طلقها قبل الدخول بها ، فلا عدة عليها ، ولها في الحال أن يتزوج ، بدلالة قوله تعالى ( ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ) (١) وبه قال داود. وقال جميع الفقهاء : عليها العدة.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا طلقها طلقة واحدة رجعية ، ثمَّ راجعها ، ثمَّ طلقها بعد الدخول بها ، فعليها استئناف العدة بلا خلاف ، وان طلقها ثانيا قبل الدخول بها ، فعليها أيضا استئناف العدة ، لأن العدة الأولى قد ارتفعت بالرجعة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يكن دخل بها فعلى قولين ، قال في القديم : يبني ، وهو قول ( ـ ك ـ ). وقال في الجديد : تستأنف ، وهو قول ( ـ ح ـ ). فأما إذا خالعها ثمَّ طلقها فإنها يبني على العدة الأولى قولا واحدا ، وهو قول ( ـ م ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) أنها تستأنف العدة.

وقال داود : لا تجب عليها عدة لا مستأنفة ولا مبنية. وعندنا أنه إذا خالعها فقد انقطعت عصمتها ، فلا يمكنه أن يطلقها ثانيا الا بعد العقد ، فلا يتقدر ذلك على مذهبنا.

ويدل على المسألة الأولى إجماع الفرقة ، وقوله (٢) تعالى ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٣) ولم يفصل.

مسألة ـ ١٨ ـ : عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حائلا أربعة أشهر وعشرة أيام بلا خلاف ، والاعتبار بالأيام لا بالليالي عندنا ، فاذا غربت الشمس من اليوم العاشر انقضت العدة ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا ( ـ ع ـ ) فإنه قال : تنقضي العدة بطلوع الفجر من اليوم العاشر.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٤٩.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة البقرة : ٢٢٨.

٢٧١

ويدل على ما قلنا أن ما اعتبرناه (١) مجمع على انقضاء عدتها به ، وما ذكره ليس عليه دليل. وأيضا فإن الليالي إذا أطلقت فإنما يراد بها ليالي بأيامها ، فوجب حمل الكلام على ذلك.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا أبعد الأجلين من وضع الحمل أو الأربعة الأشهر وعشرا ، وبه قال علي عليه‌السلام وابن عباس. وقال جميع الفقهاء : عدتها وضع الحمل.

يدل على المسألة إجماع الفرقة وقوله (٢) تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (٣) ولم يفصل ، فاذا وضعت قبل ذلك وجب عليها تمام ذلك بحكم الآية ، فاذا ثبت ذلك ثبتت المسألة الأخرى لأنها مجمع عليها ، وهو أنه إذا مضى بها الأشهر الأربعة وعشرة الأيام يجب عليها أن تنتظر وضع الحمل.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها على حال ، سواء كانت حاملا أو حائلا بلا خلاف ، الا أن أصحابنا رووا أنها إذا كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ولدها الذي في جوفها ، ولم يذكر ذلك أحد من الفقهاء ، وروي عن بعض الصحابة أن لها النفقة ولم يفصل.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرا ، حاضت فيها أو لم تحض. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت عادتها أن تحيض في كل خمسة عشر شهرا دفعة ، فإنها تعتد بالشهور ولا تراعى الحيض. وان كان عادتها أن تحيض في كل

__________________

(١) م : دليلنا أن ما اعتبرناه.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٤.

٢٧٢

شهر مرة وفي (١) كل شهرين مرة واحتبس حيضها ، لم تنقض عدتها بشهور حتى يستبين أمرها.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المطلقة البائنة لا نفقة لها ولا سكنى ، الا أن يكون حاملا وبه قال عبد الله بن عباس ، وجابر ، وأحمد بن حنبل.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تستحق النفقة وتستحق السكنى ، وبه قال ابن عمر ، وابن مسعود ، وبه قال الفقهاء السبعة (٢) وفقهاء الأمصار بأسرهم ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث.

وقال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : لها النفقة والسكنى معا.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الفاحشة التي تحل إخراج المطلقة من بيت زوجها أن تشتم أهل الزوج وتؤذيهم وتبذو عليهم ، وبه قال ابن عباس ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ابن مسعود : الفاحشة أن تزني فتخرج فتحد ثمَّ ترد الى موضعها ، وبه قال الحسن.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ أن (٣) النبي عليه‌السلام أخرج فاطمة بنت قيس لما بذت على ست أحمائها وشتمتهم.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المتوفى عنها زوجها لا تستحق النفقة بلا خلاف ، وعندنا لا تستحق السكنى أيضا ، ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام ، وابن عباس ، وعائشة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه.

والقول الثاني : انها تستحق السكنى ، روي ذلك عن عمر ، وعثمان ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وأم سلمة ، وهو قول ( ـ ك ـ ) ، وعامة أهل العلم ، وهو أصح القولين عندهم.

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرمت المرأة بالحج ، ثمَّ طلقها زوجها ، ووجب

__________________

(١) م : أو في.

(٢) م : ابن مسعود والفقهاء السبعة.

(٣) م : دليلنا أن النبي.

٢٧٣

عليها العدة (١) ، فإن كان الوقت ضيقا بحيث يخاف فوت الحج ان أقامت ، فإنها تخرج وتقضي حجها ، ثمَّ تعود فتقضي باقي العدة ، بعد أن بقي عليها شي‌ء. وان كان الوقت واسعا ، أو كانت محرمة بعمرة ، فإنها تقيم وتقضي عدتها ، ثمَّ تحج وتعتمر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : عليها أن تقيم وتعتد ، ولا يجوز لها الخروج.

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المتوفى عنها زوجها عليها الحداد في جميع العدة ، وبه قال جميع الفقهاء إلا الشعبي ، والحسن البصري فإنهما قالا : لا يلزمها الحداد في جميع العدة ، وانما يلزمها في بعضها.

يدل على المسألة ـ بعد إجماع الفرقة ـ قول (٢) النبي عليه‌السلام لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربعة أشهر وعشرا.

مسألة ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المطلقة البائن : اما بخلع ، أو بطلاق ثلاث ، أو فسخ لا تجب عليها الاحداد.

ولل ( ـ ش ـ ) قولان ، أحدهما : يجب عليها الاحداد ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو قول سعيد ابن المسيب ، وظاهر قوله الجديد أنه لا يجب عليها الاحداد ويستحب ذلك ، وبه قال عطاء ، و ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٢٨ ـ : المتوفى عنها زوجها إذا كانت صغيرة تكون عليها الحداد بلا خلاف ، وينبغي لوليها أن يجنبها ما يجب على الكبيرة اجتنابه في الاحداد ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا احداد عليها.

__________________

(١) د : ووجب العدة.

(٢) م : دليلنا قول.

٢٧٤

ويدل على المسألة عموم (١) الخبر في وجوب الاحداد على الزوجات ، وطريقة الاحتياط ، وروي أن امرأة أتت إلى النبي عليه‌السلام ، فقال : يا رسول الله ان ابنتي توفي زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال : لا. ولم تسألها هل هي كبيرة أم صغيرة؟

مسألة ـ ٢٩ ـ : الذمية إذا كانت تحت مسلم فمات عنها ، وجب عليها عدة الوفاة بلا خلاف ، ويلزمها الحداد ، بدلالة عموم الاخبار ، مثل قول النبي عليه‌السلام : المتوفى عنها لا تختضب ولا تكتحل. وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا حداد عليها.

مسألة ـ ٣٠ ـ : الكافرة إذا كانت تحت كافر فمات عنها ، وجب عليها العدة والحداد ، بدلالة عموم الاخبار ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا عدة عليها ولا حداد.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل موضع تجتمع على المرأة عدتان ، فإنهما لا يتداخلان (٢) بل تأتي بكل واحدة منهما على الكمال ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وعمر وعمر بن عبد العزيز ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه : أنهما يتداخلان ، وتعتد عدة واحدة منهما معا.

مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نكحت المعتدة ووطأها الناكح ، وهما جاهلان بتحريم الوطي ، أو كان الواطئ جاهلا والمرأة عالمة ، فلا حد على الواطئ ، ويلحقه النسب ، وتحرم عليه على التأبيد ، وروي ذلك عن عمر ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم مثله. وقال في الجديد : تحل له بعد انقضاء العدة ، وبه قال أهل العراق ، ورووه عن علي عليه‌السلام. وهكذا حكم وطئ كل شبهة تتعلق بفساد النسب ، كالرجل يطأ زوجة غيره بشبهة أو أمته.

مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المفقود الذي لا يعلم خبره ، ولا يعرف أحي هو أم ميت؟

تصبر أربع سنين ، ثمَّ ترفع خبرها الى الامام ، لينفذ من يتعرف خبر زوجها في

__________________

(١) م : دليلنا عموم.

(٢) م : عدتان لا يتداخلان.

٢٧٥

الافاق ، فان عرف له خبر لم يكن لها طريق الى التزويج ، فان لم يعرف له خبر أمر وليه أن ينفق عليها ، فإن أنفق فلا طريق لها الى التزويج. وان لم يكن له ولي أمرها أن تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ، فاذا أعتدت ذلك حلت للأزواج.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : تصبر أربع سنين ، ثمَّ ترفع أمرها إلى الحاكم حتى يفرق بينهما ، ثمَّ تعتد عدة المتوفى عنها زوجها وتحل للأزواج ، روي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وابن عباس ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وظاهر كلام ( ـ « ش » ـ ) يدل على أن مدة التربص يكون من حين الفقد والغيبة وأصحابه يقولون : ان ذلك يكون من وقت ما يرفع أمرها الى الامام ويضرب (١) لها المدة.

وقال في الجديد انها تكون على الزوجية أبدا ، لا تحل للأزواج الى أن تتيقن وفاته ، وهو أصح القولين عندهم ، وروي ذلك عن علي عليه‌السلام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأهل الكوفة بأسرهم ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، و ( ـ ر ـ ) ، وغيرهم.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : امرأة المفقود إذا أعتدت وتزوجت ثمَّ جاء الأول ، فإنه لا سبيل له عليها وان لم تكن قد تزوجت بعد. وان كانت خرجت من العدة ، فهو أولى بها وهي زوجته ، وبه قال قوم من أصحاب ( ـ ش ـ ) إذا نصروا قوله في القديم.

والذي عليه عامة أصحابه (٢) أنها بانقضاء العدة تملك نفسها لا سبيل للزوج عليها ، وان كانت تزوجت فالثاني أولى بها وهي زوجته ، هذا على قوله ان حكم الحاكم ينفذ في الظاهر ، فإنها (٣) يرد على الأول على كل حال.

مسألة ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المدبرة إذا مات عنها سيدها أعتدت أربعة أشهر وعشرا

__________________

(١) م : الى الحاكم ويضرب.

(٢) د : والذي عليه أصحابه.

(٣) م ، د : في الظاهر والباطن فاما على قوله ان حكم الحاكم ينفذ في الظاهر.

٢٧٦

فإن أعتقها في حال حياته ثمَّ مات عنها ، أعتدت بثلاثة أقراء ، وبه قال عمرو بن العاص.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : ان المدبر لا عدة عليها بموت سيدها ولا استبراء ، فأما أم الولد فإنها تعتد بثلاثة أقراء ، سواء مات عنها سيدها أو أعتقها في حال حياته ، ولا يجب عليها عدة الوفاة.

وقال ( ـ ش ـ ) : المدبرة وأم الولد والمعتقة في حال الحياة إذا مات عنها سيدها استبرأت بقرء واحد.

مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأمة المشتراة والمسبية تعتدان بقرءين وهما طهران وروي حيضة بين طهرين ، ومعناهما (١) واحد أو متقارب.

وقال ( ـ ش ـ ) : تستبرءان بقرء واحد ، وهل هو طهر أو حيض؟ فيه قولان.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت الأمة المسبية والمشتراة من ذوات الشهور استبرأت بخمسة وأربعين يوما.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما تستبرئ بطهر واحد. والثاني وهو الأظهر عندهم تستبرئ بثلاثة أقراء.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أم الولد إذا زوجها سيدها من غيره ثمَّ مات زوجها وجب عليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ، سواء مات سيدها في أثناء ذلك العدة أو لم تمت.

وقال ( ـ ش ـ ) : عدتها شهران وخمس ليال فان مات سيدها في أثناء عدتها ، فهل يكمل عدة الحرة؟ فيه قولان.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا ملك أمة بابتياع ، فان كان وطأها البائع ، فلا يحل للمشتري وطيها إلا بعد الاستبراء إجماعا. وهكذا إذا أراد المشتري تزويجها ، لم

__________________

(١) د : أو معناهما.

٢٧٧

يجز له ذلك الا بعد الاستبراء. وكذلك ان أراد أن يعتقها ، ثمَّ يتزوجها قبل الاستبراء ، لم يكن له ذلك. وكذلك ان استبرأها ووطأها ، ثمَّ أراد أن يتزوجها قبل الاستبراء لم يجز ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يتزوجها قبل الاستبراء ، ويجوز أن يعتقها ويتزوجها.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا اشترى أمة ممن لم يطأها : اما من امرأة أو صبي لا تجامع مثله ، أو عنين ، أو رجل وطأها ثمَّ استبرأها ، روى أصحابنا جواز وطئها قبل الاستبراء ورووا أنه لا يجوز الا بعد الاستبراء ، وهو الأحوط ، وبه قال ( ـ ش ـ ) : فاما تزويجها فإنه يجوز إجماعا.

مسألة ـ ٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ملك أمة بابتياع ، أو هبة ، أو إرث ، أو استغنام ، لم يجز له وطيها (١) إلا بعد الاستبراء ، صغيرة كانت أو كبيرة ، بكرا كانت أو ثيبة ، إلا إذا كانت في سن من لا تحيض مثلها من صغر أو كبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) : الا انه لم يستثن ما استثنيناه ، وحكي عن ( ـ ح ـ ) قريب منه.

وذهب ( ـ « ك » ـ ) إلى أنه ان كانت ممن يوطأ مثلها وجب ذلك ، وان كانت ممن لم يوطأ مثلها فلا استبراء. وذهب (٢) الليث إلى أنه ان كانت لا يحمل مثلها فلا استبراء ، والا فيجب استبراءها ، وهذا (٣) مثل ما قلناه. وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه ان كانت ثيبا وجب الاستبراء ، وان كانت بكرا فلا يجب الاستبراء (٤).

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا باع جارية من غيره ، ثمَّ استقال المشتري فأقاله ، فإن كان قد قبضها إياه وجب عليه الاستبراء ، وان لم يكن قبضها لم يجب عليه ذلك ،

__________________

(١) م : لم يجز وطئها.

(٢) م : وجب ذلك والا فلا وذهب.

(٣) م : والا فيجب وهذا.

(٤) م : وجب الاستبراء والا فلا.

٢٧٨

لأن الأصل (١) براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، الا انه قال : ذلك استحسانا ، والقياس يقتضي أن عليه الاستبراء على كل حال.

وقال ( ـ ش ـ ) : عليه الاستبراء على كل حال ، قبض أو لم يقبض.

مسألة ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ملكها جاز له التلذذ بمباشرتها ووطئها فيما دون الفرج ، سواء كانت مشتراة أو مسبية.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت مشتراة لا يجوز شي‌ء من ذلك على كل حال ، لأنه لا يأمن أن يكون حاملا فيكون أم ولد ، وان كانت مسبية ففيه وجهان ، أحدهما : وهو المذهب أنه يجوز.

مسألة ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى أمة حاملا ، كره له وطئها قبل أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا مضى ذلك لم يكره وطئها في الفرج.

وقال ( ـ ش ـ ) وغيره : لا يجوز له وطئها حتى تضع.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا عجزت المكاتبة عن أداء ثمنها وفسخ السيد العقد ، عادت الى ملكه وحل له وطئها بغير استبراء. وكذلك إذا ارتد السيد أو الأمة ، فإنها تحرم عليه ، فاذا عاد إلى الإسلام حلت له ولا استبراء. وأما إذا زوجها من غيره وطلقها الزوج قبل الدخول بها ، حلت له بلا استبراء. وان طلقها بعد الدخول ، لم يحل له الا بعد الاستبراء بالعدة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، الا انه قال في المزوجة تحل بلا استبراء.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا تحل في هذه المواضع كلها الا بعد الاستبراء.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا طلقت الأمة المزوجة بعد الدخول بها ، لزمها عدة الزوجية وأغنى ذلك عن استبراء ثان ، لأن الأصل براءة الذمة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا اشترى أمة مجوسية واستبرأها وأسلمت ، اعتد بذلك الاستبراء وقال ( ـ ش ـ ) : عليه الاستبراء ثانيا.

__________________

(١) م : وجب عليه الاستبراء والا فلا لأن الأصل.

٢٧٩

مسألة ـ ٤٨ ـ : العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى أمة ، صح شراءه بلا خلاف ، فان اشتريت الجارية في يد العبد جاز للمولى وطئها ، سواء كان على العبد دين أو لم يكن إذا قضى دين الغرماء ، لقوله تعالى ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (١) وهذه منهن.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان على العبد دين ، لم يجز له وطئها وان قضى حق الغرماء ولا بد من استبراء ثان.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا باع جارية ، فظهر بها حمل ، فادعى البائع أنه منه ولم يكن أقر بوطئها عند البيع ولم يصدقه المشتري ، فلا خلاف أن إقراره لا يقبل في ما يؤدي الى فساد البيع ، وهل يقبل إقراره في إلحاق هذا النسب؟ عندنا أنه يقبل ، لما ثبت من جواز إقرار العاقل على نفسه إذا لم يؤد الى ضرر على غيره (٢) وليس هنا ضرر على الغير ، فوجب قبوله. ولل ( ـ ش ـ ) في ذلك قولان (٣).

مسألة ـ ٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أقل الحمل ستة أشهر بلا خلاف ، وأكثره عندنا تسعة أشهر ، وروي في بعض الاخبار ستة.

وقال ( ـ ش ـ ) : أكثره أربع سنين. وقال الزهري ، وربيعة ، والليث بن سعد : أكثره سبع سنين. وعن ( ـ ك ـ ) روايات ، المشهور منها ثلاث ، إحداها : مثل قول ( ـ ش ـ ).

والثانية : خمس سنين. والثالثة : سبع سنين.

وقال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، والمزني : أكثره سنتان.

__________________

(١) سورة النساء : ٣.

(٢) م : إذا لم يكن يؤد الى ضرر غيره.

(٣) م : ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

٢٨٠