المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

قال في الصدقة : لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب. وفي أحاديث أصحابنا : لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا طلب من ظاهره القوة والفقر ولا يعلم أنه قادر على التكسب ، أعطى من الزكاة بلا يمين ، لما قلناه في المسألة (١) الأولى سواء. وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : يطالب بالبينة على ذلك.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يجوز لأحد من ذوي القربى ان يكون عاملا في الصدقات ، لأن الزكاة محرمة عليهم ، ولما روي أن الفضل بن العباس والمطلب بن ربيعة سألا النبي عليه‌السلام أن يوليهما العمالة ، فقال لهما : إنما الصدقة أوساخ الناس ، وانها لا تحل لمحمد وآل محمد.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ ج ـ ) : تحل الصدقة لآل محمد عند فوت خمسهم ، أو الحيلولة بينهم وبين ما يستحقونه من الخمس ، وبه قال الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال الباقون من أصحابه : انها لا تحل لهم ، لأنها انما حرمت عليهم تشريفا لهم وتعظيما ، وذلك حاصل مع منعهم الخمس.

مسألة ـ ١٥ ـ : موالي آل محمد لا يحرم عليهم الصدقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأكثر أصحابه. ومنهم من قال : يحرم عليهم ، لقوله عليه‌السلام : موالي القوم منهم.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : سهم المؤلفة كان على عهد رسول الله ، وهم قوم من المشركين كان يتألفهم النبي عليه‌السلام ليقاتلوا معه ، وسقط ذلك بعد النبي ، ولا نعرف مؤلفة الإسلام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : المؤلفة على ضربين : مؤلفة الشرك ، ومؤلفة الإسلام. ومؤلفة الشرك على ضربين ، ومؤلفة الإسلام على أربعة أضرب ، وهل يسقطون أم لا؟ على قولين.

__________________

(١) م : في ما تقدم.

١٠١

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : سهم الرقاب يدخل فيه المكاتبون والعبيد إذا كانوا في شدة يشترون من مال الصدقة ويعتقون وقال ( ـ ش ـ ) : الرقاب هم المكاتبون ، وبه قال الليث ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

وقال قوم : ان الرقاب هم العبيد فحسب ، يشترون ويعتقون من سهم الصدقات ذهب اليه ابن عباس ، والحسن ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا أعطى المكاتب شيئا ليصرفه في مال كتابته فلم يصرف (١) فيه ، أو تطوع إنسان عنه بمال الكتابة ، أو أسقط عنه مولاه ماله ، فإنه لا يسترجع منه ما أعطى ، وكذلك القول في الغارم وابن السبيل ، وفي سبيل الله لا يسترجع منهم ما فضل من نفقتهم إذا ضيقوه على نفوسهم ، أو لم ينفقوه فيما لأجله استحقوه لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يسترجع منهم كلهم إلا الغازي ، فإنه يأخذ أجرة عمله ، فلا يسترجع منه ما فضل (٢) من نفقته ، فان بدا له من الغزو استرجع منه بلا خلاف.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : الغارم الذي عليه الدين وأنفقه في طاعة أو مباح لا يعطى من الصدقة مع الغني. وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أنفقه في معصية ثمَّ تاب منها ، لا يجب أن يقضي عنه من سهم الصدقة. وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : سبيل الله يدخل فيه الغزاة في الجهاد والحاج وقضاء الديون عن الأموات وبناء القناطر وجميع المصالح.

__________________

(١) م : فلم يصرفه.

(٢) م : ما يفضل.

١٠٢

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : انه يختص المجاهدين. وقال ( ـ د ـ ) : سبيل الله الحج (١) فيصرف ثمن الصدقة في الحج.

دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ قوله (٢) تعالى ( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) (٣) فإنه يدخل فيه جميع ذلك ، لان المصالح من سبيل الله.

مسألة ـ ٢٢ ـ : ابن السبيل هو المجتاز دون المنشئ لسفره من بلده ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يدخلان جميعا فيه.

دليلنا : أن ما اعتبرناه مجمع على دخوله فيه ، ولا دليل على ما قالوه.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ ج ـ ) : خمسة أصناف من أهل الصدقات لا يعطون الا مع الفقر بلا خلاف ، وهم الفقراء ، والمساكين ، والرقاب ، والغارم في مصلحة نفسه ، وابن السبيل المنشئ لسفره.

وأما العامل ، فإنه يعطى مع الغنى والفقر (٤) بلا خلاف ، وعندنا أنه يأخذه صدقة دون الأجرة لأنه لا خلاف أن الرسول (٥) لا يجوز ان يتولوها ، ولو كان أجرة لجاز لهم ان يتولوها كسائر الإجارات ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وعند ( ـ ح ـ ) يأخذه أجرة والمؤلفة سقط سهمهم عندنا وعند ( ـ ح ـ ) ، والغارم لمصلحة ذات البين (٦) والغازي لا يعطي إلا مع الحاجة عند ( ـ ح ـ ) ، وعند ( ـ ش ـ ) يعطى مع الغنى وهو الصحيح ، وابن السبيل المجتاز مع الغنى في بلده بلا خلاف (٧).

__________________

(١) م : سبيل الله هو الحج.

(٢) م : دليلنا قوله تعالى.

(٣) سورة التوبة : ٦٠.

(٤) ح : مع الغنى والفقراء.

(٥) م : أن آل الرسول.

(٦) د : بمصلحة ذات البين.

(٧) م : ابن السبيل المجتاز في بلده مع الغنى يعطى بلا خلاف.

١٠٣

مسألة ـ ٢٤ ـ : حد الغنى الذي يحرم الزكاة عليه أن يكون له كسب يعود اليه بقدر كفايته لنفقته ونفقة من يلزم النفقة عليه ، أو له عقار يعود عليه ذلك القدر ، أو مال يكتسب به ذلك القدر.

وفي أصحابنا من أحله لصاحب السبعمائة ، وحرمه على صاحب الخمسين بالشرط الذي قلناه ، وذلك على حسب حاله ، بدلالة الأخبار المأثورة عن أئمتنا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان كان في بعض معايشه يحتاج أن يكون معه ألف دينار أو ألفا دينار متى نقص عنه لم يكفه لاكتساب نفقته ، جاز له أخذ الصدقة.

وقال قوم : من ملك خمسين درهما حرمت عليه الصدقة ، وهو قول ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وذهب ( ـ ح ـ ) الى أن حد الغنى الذي يحرم به الصدقة أن يملك نصابا يجب فيه (١) اما مائتي درهم ، أو عشرين دينارا ، أو غير ذلك من الأجناس التي يجب فيها الزكاة.

فإن كان ذلك من الأموال التي لا زكاة فيها ، كالعبيد والثياب والعقارات ، فان كان محتاجا الى ذلك لم يحرم عليه الصدقة. وان لم يكن محتاجا نظر فيما يفضل عن صاحبه ، فان كان يبلغ قدر نصاب حرمت عليه ، وان لم يفضل حلت له. وذهب قوم من أصحابنا الى أن من ملك النصاب حرمت عليه الزكاة.

مسألة ـ ٢٥ ـ : يجوز للزوجة أن يعطي زكاتها لزوجها إذا كان فقيرا من سهم الفقراء ، بدلالة عموم الآية ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (٢) وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ ج ـ ) : النبي عليه‌السلام كان يحرم عليه الصدقة المفروضة ، ولا يحرم

__________________

(١) م : يجب فيه الصدقة ( ـ و ـ ) ( ـ د ـ ) ، يجب اما مأتي درهم.

(٢) سورة التوبة : ٦٠.

١٠٤

عليه الصدقة المتطوع بها ، وكذلك حكم آله وهم عبد المطلب (١) ، لان هاشما لم يعقب الا منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، أعني : صدقة المتطوع (٢) الا أنه أضاف إلى بني هاشم المطلب ، وله في صدقة المتطوع وجهان في النبي خاصة دون آله.

مسألة ـ ٢٧ ـ ( ـ ج ـ ) : صدقة بني هاشم بعضهم على بعض غير محرمة وان كانت فرضا. وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وسووا بينهم وبين غيرهم.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا دفع صاحب المال الصدقة الى من ظاهره الفقر ، ثمَّ بان أنه كان غنيا في الباطن ، فلا ضمان عليه ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا دفعها الى من ظاهره الإسلام ، ثمَّ بان أنه كان كافرا ، أو الى من ظاهره الحرية ، فبان أنه كان عبدا ، أو دفعها الى من ظاهره أنه ليس من آل النبي ، ثمَّ بان أنه كان من آله ، لم يكن عليه ضمان ، سواء كان المعطي الإمام أو رب المال ، لما قلناه (٣) في المسألة الاولى ، ولان البواطن لا طريق إليها ، وإذا دفعها الى من ظاهره كذلك ، فقد امتثل المأمور به ، وإيجاب الضمان عليه بعد ذلك يحتاج إلى دلالة.

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الضمان في جميع ذلك. وللش فيه قولان.

مسألة ـ ٣٠ ـ : لا يتعين أهل السهمان بالاستحقاق من أهل الصدقة ، حتى لو مات أحدهم انتقل الى ورثته ، لان قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (٤) الاية لم يعين قوما منهم دون قوم.

__________________

(١) م : وهم ولد عبد المطلب.

(٢) م : أعني في صدقة التطوع.

(٣) م : كما قلناه في ما تقدم.

(٤) سورة التوبة : ٦٠.

١٠٥

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان البلد صغيرا أو قرية ، فإنهم يتعينون وقت الوجوب ، حتى لو مات (١) واحد منهم بعد الوجوب وقبل التفرقة ، انتقل نصيبه الى ورثته ، وان غاب الواحد منهم لم يسقط حقه بغيبته ، وان دخل ذلك الموضع أحد من أهل السهمان لم يشارك من كان فيه.

وإذا كان البلد كبيرا مثل بغداد وغيرها ، فهم لا يتعينون (٢) باستحقاق الصدقات الى وقت القسمة ، فان مات واحد منهم بعد الوجوب وقبل القسمة فلا شي‌ء لورثته ، فان غاب سقط سهمه ، وان دخل الموضع قوم من أهل السهمان قبل القسمة شاركوه.

__________________

(١) م : فإنهم يتعينون حتى لو مات.

(٢) د : وغيرها ولا يتعينون.

١٠٦

كتاب النكاح

مسألة ـ ١ ـ : كل امرأة تزوجها النبي عليه‌السلام ومات عنهن ، لا يحل لأحد أن يتزوجها بلا خلاف ، دخل بها أو لم يدخل ، وعندنا أن حكم من فارقها النبي عليه‌السلام في حياته حكم من مات عنها في أنه لا يحل لأحد أن يتزوجها ، بدلالة قوله تعالى ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) (١) وهو عام ، وقوله ( وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (٢) وذلك عام.

وللش فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : انها تحل لكل واحد دخل (٣) بها أو لم يدخل. والثالث : ان لم يدخل بها تحل.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : النكاح مستحب غير واجب للرجال والنساء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وكافة العلماء.

وقال داود : النكاح واجب ، فمن قدر على طول حرة وجب أن ينكح حرة ومن لم يقدر وجب عليه أن ينكح أمة ، وكذلك المرأة تجب عليها أن تتزوج.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٦.

(٢) سورة الأحزاب : ٥٣.

(٣) م : لكل أحد دخل.

١٠٧

دليلنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) عنه عليه‌السلام أنه قال : خير الناس بعد المائتين الخفيف الجاذ ، فقيل وما الخفيف الجاذ؟ فقال : الذي لا أهل له ولا ولد. وروي أن امرأة أتت النبي عليه‌السلام وسألته عن حق الزوج على المرأة فبين لها ذلك ، فقالت : والله لا تزوجت أبدا. ولو كان النكاح واجبا لأنكر عليها ذلك.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز النظر الى امرأة أجنبية يريد أن يتزوجها إذا نظر الى ما ليس بعورة فقط ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، الا أن عندنا وعند ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) أن ما ليس بعورة الوجه والكفان فحسب.

وعن ( ـ ح ـ ) روايتان ، إحداهما : ما قلناه. والثانية : والقدمان أيضا. وقال داود : ينظر الى كل شي‌ء من بدنها وان تعرت.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (٢) جابر بن عبد الله أن النبي عليه‌السلام قال : إذا أراد أحدكم أن يتزوج امرأة فلينظر الى وجهها وكفيها وروى أبو الدرداء عن النبي عليه‌السلام قال : إذا طرح الله في قلب امرء خطبة امرأة ، فلا بأس أن يتأمل محاسن وجهها.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ ج ـ ) : يكره للرجل أن ينظر الى فرج امرأته وليس بمحظور وللش فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : أنه محرم.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (٣) عن النبي عليه‌السلام أنه قال : النظر الى فروج النساء يورث الطرش ، وقيل : العمى ، فدل على أنه

__________________

(١) م : دليلنا ما روى عليه‌السلام.

(٢) م : دليلنا ما رواه جابر بن عبد الله أن النبي عليه‌السلام قال إذا طرح الله في قلب امرء.

(٣) م : دليلنا ما روى عن النبي.

١٠٨

مكروه.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا ملكت المرأة فحلا أو خصيا أو مجبوبا ، لا يكون محرما لها ، ولا يجوز له أن يخلو بها ويسافر معها.

وللش فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر يصير محرما ، لقوله تعالى ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) (١) وروى أصحابنا أن المراد بالاية الإماء دون العبيد الذكران.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا بلغت الحرة رشيدة ، ملكت العقد على نفسها ، وزالت ولاية الأب عنها والجد ، إلا إذا كانت بكرا ، فان الظاهر من رواية أصحابنا (٢) أنه لا يجوز لها ذلك.

وفي أصحابنا من قال : البكر أيضا يزول ولايتهما عنها ، فأما غير الأب والجد فلا ولاية لأحد منهم عليها ، سواء كانت بكرا أو ثيبا ، والأمر إليها تزوجت كيف شاءت بنفسها ، أو توكلت في ذلك (٣) بلا خلاف بين أصحابنا ، غير أن الأفضل لها أن يرد أمرها إلى أخيها ، أو ابن أخيها ، أو عمها ، أو ابن عمها ، وليس ذلك شرطا في صحة العقد.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت كل عقد الا النكاح ، فإنها متى أرادت أن تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي ، وهو شرط لا ينعقد النكاح الا به بكل حال ، سواء كانت كبيرة أو صغيرة ، عاقلة أو مجنونة ، بكرا أو ثيبا ، لا يجوز لها أن تتزوج بنفسها.

فان كان لها ولي مناسب ، مثل الأب ، أو الجد ، أو الأخ ، أو ابن الأخ ، أو العم ، أو ابن العم ، فهو أولى. وان لم يكن فمولاها المعتق ، فان لم يكن

__________________

(١) سورة النور : ٣١.

(٢) م : من روايات أصحابنا.

(٣) م : بنفسها أو توكل في ذلك.

١٠٩

فالحاكم. ويملك الولي أن يزوجها بنفسه ، وأن يوكل من يزوجها من الرجال فان أذن لها أن تعقد على نفسها لم يجز. وكذلك لا يجوز للمرأة أن تزوج غيرها بإذن وليها.

وعلى الجملة لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح ولا وكالة ، وبه قال عمر وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعائشة ، ورووه عن علي عليه‌السلام ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وفي الفقهاء ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا بلغت المرأة رشيدة ، فقد زالت ولاية الولي عنها ، كما زالت عن مالها لا يفتقر نكاحها الى اذنه ، بل لها أن تتزوج وتعقد على نفسها ، فاذا تزوجت نظرت ، فان وضعت نفسها في كفو لزم وليس للولي سبيل إليها ، وان وضعت نفسها في غير كفو ، كان للولي أن يفسخ.

فخالف ( ـ ش ـ ) في فصلين : أحدهما أن الولي ليس بشرط عنده في النكاح ، ولا يفتقر الى اذنه. والثاني : أن للمرأة أن تباشر عقد النكاح بنفسها عنده.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : النكاح يفتقر إلى اذن الولي ، لكنه ليس بشرط فيه بحيث لا ينعقد الا به ، بل ان تزوجت بنفسها صح ، فان وضعت نفسها في غير كفو يثبت (١) للولي الاعتراض والفسخ ، وان وضعت في كفو وجب عليه أن يجيزه ، فان فعل والا إجازة الحاكم.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت عزيبة ونسيبة ، فنكاحها يفتقر إلى الولي ولا ينعقد الا به وان كانت معتقة ذميمة لم يفتقر اليه. وقال داود : ان كانت بكرا ، فنكاحها لا ينعقد إلا بولي. وان كانت ثيبا ، لم يفتقر إلى الولي. وقال أبو ثور : لا يجوز النكاح الا

__________________

(١) م ، ود : ثبت.

١١٠

بولي ، لكن إذا أذن لها الولي فعقدت على نفسها جاز ، فخالف ( ـ ش ـ ) في هذا.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ قوله (١) تعالى ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٢) وقوله ( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ ) (٣) فأضاف النكاح إليهن وروى ابن عباس عن النبي عليه‌السلام أنه قال : الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها واذنها صماتها. وهذا عام ، والأيم التي لا زوج لها. وعنه عليه‌السلام قال ليس للولي مع الثيب أمر. وهذا نص. وإجماع الفرقة منعقد في حيز الثيب ، وفي البكر فيمن عدا الأب والجد لا يختلفون فيه.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ ج ـ ) : بينا (٤) ان النكاح بغير ولي جائز صحيح ، وليس على الزوج إذا وطئها شي‌ء.

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيمن وطئها هل يجب عليه الحد أم لا؟ قال أكثرهم : لأحد عليه ، سواء كان عالما بذلك أو لم يكن ، وسواء كان حنيفا أو شافعيا. وقال أبو بكر الصيرفي : ان كان عالما معتقدا تحريمه وجب عليه الحد.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا نكح بغير ولي ثمَّ طلقها فطلاقه واقع. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقع طلاقه ، وان كان (٥) ثلاثا حل له نكاحها قبل الزوج الأخر. وقال أبو إسحاق : يقع الطلاق احتياطا. وقال ( ـ د ـ ) : الطلاق يقع في النكاح الفاسد.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا أوصى الى غيره بأن تزوج ابنته الصغيرة ، صحت الوصية وكان له تزويجها ويكون صحيحا ، سواء عين الزوج أو لم يعين ، لأنه لا مانع منه ، وان كانت كبيرة لم يصح الوصية.

__________________

(١) م : دليلنا قوله تعالى.

(٢) سورة البقرة : ٢٣٠.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٢.

(٤) م : قد بينا.

(٥) م : لا يقع وان كان.

١١١

وقال ( ـ ش ـ ) : الولاية في النكاح لا يستفاد بالوصية ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه وقال ( ـ ك ـ ) : إذا كانت البنت كبيرة صحت الوصية (١) ، عين الزوج أو لم يعين. وان كانت صغيرة ، صح إذا عين الزوج ، وإذا لم يعين لم يصح.

مسألة ـ ١٠ ـ : البكر إذا كانت كبيرة ، فالظاهر في روايات أصحابنا أن للأب أو الجد أن يجبرها على النكاح ، ويستحب له أن يستأذنها واذنها صماتها ، فان لم تفعل فلا حاجة به إليها ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال قوم من أصحابنا : ليس لوليها إجبارها على النكاح كالثيب الكبيرة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، فاعتبر ( ـ ح ـ ) الصغر والكبر ، وفرق بينهما.

واعتبر ( ـ ش ـ ) الثيبوبة (٢) والبكارة.

مسألة ـ ١١ ـ : النكاح لا يقف على الإجازة ، مثل أن يزوج رجل امرأة من غير أمر وليها لرجل ولم يأذن له في ذلك ، فإنه لا يقف العقد على اجازة الزوج وكذلك لو زوج رجل بنت غيره وهي بالغ من رجل فقبل الرجل ، لم يقف العقد على اجازة الولي ولا إجازتها. وكذلك لو زوج الرجل بنته (٣) الثيب الكبيرة أو أخته الكبيرة الرشيدة ، لم يقف على إجازتها (٤). وكذلك إذا تزوج العبد بغير اذن سيده بالأمة بغير اذن سيدها ، كل هذا باطل لا يقف على إجازة أحد.

وكذلك لو اشترى لغيره بغير أمره ، لم يقف على اجازته وكان باطلا (٥)

__________________

(١) م : ان كانت كبيرة تصح الوصية.

(٢) م ود : الثيبوبة.

(٣) م : لو زوج بنته.

(٤) د : لا يقف على إجازتها.

(٥) د : باطل.

١١٢

بدلالة أن العقود الشرعية يحتاج إلى أدلة شرعية ، ولا دليل على أن هذه العقود واقف (١) على الإجازة ، فوجب القضاء بفسادها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وزاد ( ـ ش ـ ) تزويج البالغة الرشيدة نفسها من غير ولي ، والبيع بغير اذن صاحبه وعندنا أن تزويج البالغة الرشيدة نفسها صحيح ، والبيع يقف على اجازة مالكه.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان أجازه عن قرب صح ، وان اجازه عن بعد بطل.

وقال (٢) ( ـ ح ـ ) : تقف جميع ذلك على اجازة الزوج والزوجة والولي ، وكذلك البيع الا أنه يقول في النكاح يقف في الطرفين على اجازة الزوج والزوجة ، وفي البيع يقف على إجازة البائع دون المشتري ، ووافقنا في تزويج البالغة الرشيدة نفسها.

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ها هنا يقف ذلك على اجازة الولي ، فإن امتنع وكانت وضعت نفسها في كفو أجازه السلطان ، ووافقنا في مسألة ، وهو أن الشراء لا يقف على إجازة المشتري له ويلزم المشتري.

وقد روى أصحابنا أن تزويج العبد خاصة تقف على اجازة مولاه وله فسخه ورووا أنهم عليهم‌السلام قالوا : انما عصى مولاه ولم يعص الله. والروايات بذلك مذكورة في تهذيب الأحكام.

مسألة ـ ١٢ ـ : يصح أن يكون الفاسق وليا للمرأة في التزويج ، سواء كان له الإجبار ، مثل الأب أو الجد في حق البكر ، أو لم يكن له الإجبار ، كالأب والجد في حق البنت الكبيرة وسائر العصبات في حق كل واحد.

بدلالة قوله تعالى ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ) (٣) الاية ولم يفصل ، ولأنه قد

__________________

(١) م : واقفة.

(٢) م : صح والا فلا وقال ( ـ ح ـ ).

(٣) سورة النور : ٣٢.

١١٣

ثبت له الولاية ، فمن ادعى زوالها بالفسق فعليه الدلالة ، وهذا مذهب ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح في الفاسق أن يكون وليا ، سواء كان له الإجبار أو لم يكن وهو الصحيح عندهم. وقال أبو إسحاق : ان كان وليا له الإجبار زالت ولايته بالفسق وان لم يكن له الإجبار لم يزل ولايته ، لأنه بمنزلة الوكيل.

وأما خبر ابن عباس لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل ، فمحمول على الاستحباب دون رفع الاجزاء ، على أن المشهور من هذا الخبر موقوف (١) على ابن عباس ، ولم يسنده إلى النبي عليه‌السلام ، وما كان كذلك لا يجب العمل به ، وقوله « مرشد » يقتضي أن يكون مرشدا لغيره ، فمن أين لهم أنه لا بد أن يكون رشيدا في نفسه؟

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يفتقر النكاح في صحته إلى الشهود وبه قال في الصحابة الحسين بن علي ، وابن الزبير ، وابن عمر ، واليه ذهب عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون ، وبه قال أهل الظاهر.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح الا بشاهدين عدلين ، ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام ، وعمر ، وابن عباس ، وبه قال الحسن البصري ، والنخعي ، ومن الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : من شرطه ترك التواصي بالكتمان ، فان تواصوا بالكتمان بطل وان حضره الشهود ، وان لم يتواصوا بالكتمان صح وان لم يحضره الشهود.

وقال ( ـ ح ـ ) : من شرطه الشهادة ، وليس من شرطها العدالة ولا الذكورة ، فقال : يجوز بشاهدين عدلين وفاسقين وأعميين ومحدودين في قذف ، وبشاهد وامرأتين.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي أن جحش بن رباب (٢)

__________________

(١) د : من هذا الخبر انه موقوف.

(٢) م : جحش بن زياد.

١١٤

من بني أسد خطب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميمة بنت عبد المطلب ، فزوجه إياها ولم يشهد.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا زوج الذمي بنته الكافرة من مسلم ، انعقد العقد على قول من يقول من أصحابنا بجواز العقد عليهن ، وان حضر شاهدان كافران ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا ينعقد العقد بكافرين.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ ج ـ ) : الثيب إذا كانت صغيرة قد ذهبت بكارتها : اما بالزوج أو بغيره قبل البلوغ ، جاز لأبيها العقد عليها ، ولجدها مثل ذلك قبل البلوغ ، وحكمها حكم البكر الصغيرة ، بدلالة إجماع الفرقة ورواياتهم أن الصغيرة ليس لها مع أبيها أمر ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : ليس لأحد إجبارها على النكاح ، وينتظر بها البلوغ ثمَّ يزوج بإذنها.

مسألة ـ ١٦ ـ : من ذهب عذرتها بالزنا ، لا تزوج إلا بإذنها إذا كانت بالغا ، ويحتاج في أذنها الى نطقها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ويدل عليه أن ما اعتبرناه مجمع على جواز التزويج به. وقال ( ـ ح ـ ) : اذنها صماتها.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : الذي له الإجبار على النكاح الأب والجد مع وجود الأب وان علا ، وليس للجد مع عدم الأب ولاية.

وقال ( ـ ش ـ ) : لهما الإجبار ولم يعتبر حياة الأب ، وبه قال ( ـ ر ـ ). وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ) : الأب هو الذي يجبر فقط دون الجد. وقال ( ـ ك ـ ) : الأب يجبر الصغيرة دون الكبيرة.

وقال ( ـ ح ـ ) : كل عصبة يرث ، فله الإجبار الأب والجد وان علا والاخوة وأبناؤهم والأعمام وأبناؤهم ، فاذا أجبرها على النكاح نظرت ، فان كان الأب والجد فلا خيار لها بلا خلاف بينهم ، وان كان غيرهما ، فعند ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) لها الخيار بعد البلوغ ان شاءت

١١٥

أقامت وان شاءت فسخت ، وعند ( ـ ف ـ ) لا خيار لها كالأب والجد.

وأما من قرب من غير تعصيب ، كالاخوة من الام والجد أبي الأم والأخوال والخالات والعمات والأمهات ، فعنه روايتان : إحداهما لهم الإجبار كالأعمام ، والثاني : لا يجبرون أصلا.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يجوز للعبد أن يتزوج بغير اذن مولاه ، فان تزوج كان مولاه بالخيار بين اجازته وبين فسخه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : العقد باطل. وقال ( ـ ك ـ ) : العقد صحيح وللسيد أن يفسخه.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ ج ـ ) : للسيد إجبار العبد على النكاح ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم ، وقال في الجديد : ليس له إجباره على ذلك ، وبه قال أكثر العلماء.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا طلب العبد التزويج (١) لا يجبر المولى على تزويجه ، لأنه لا دلالة عليه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). وقال في الجديد : يجبر عليه.

مسألة ـ ٢١ ـ : للسيد أن يجبر أم ولده على التزويج من غير رضاها ، لأنها مملوكة عندنا.

وللش فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : له انكاحها (٢) برضاها كالمعتقة والثالث : ليس له ذلك وان رضيت كالأجنبية.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لأمته أعتقتك على أن أتزوج بك وعتقك صداقك ، أو استدعت هي ذلك ، فقالت له : أعتقني على أن أتزوج بك وصداقي عتقي ، ففعل فإنه يقع العتق ويثبت التزويج (٣) ، وبه قال ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يقع العتق وهي بالخيار بين أن تزوج به أو تدع. وقال ( ـ ع ـ ) : يجب

__________________

(١) م : إذا طلب التزويج.

(٢) م : له نكاحها.

(٣) م : وثبت التزويج.

١١٦

عليها أن تتزوج به ، لأنه عتق بشرط ، فوجب أن يلزمها الشرط ، كما لو قال : أعتقتك على أن تخيطي لي هذا الثوب لزمها خياطته. وروي أن النبي عليه‌السلام أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وكانت زوجته.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا اجتمع الأب والجد ، كان الجد أولى. وقال جميع الفقهاء : الأب أولى.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا اجتمع أخ الأب وأم مع أخ الأب ، كان الأخ للأب والام مقدما في الاستئذان عندنا ، وان لم يكن له ولاية ، بدلالة الإجماع على أنه أولى من الأخ للأب.

وقال ( ـ ح ـ ) : الولاية له دون الأخر ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). وقال في القديم : هما سواء ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ ج ـ ) : الابن لا يزوج أمه بالبنوة ، فان وكلته جاز ، بدلالة ما قدمناه من أنه لا ولاية لأحد غير الأب والجد الا بأن توكله.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يزوجها بالبنوة ، ويجوز أن يزوجها بالتعصيب بأن يكون ابن ابن عمها أو مولى نعمتها.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : له تزويج امه.

ثمَّ اختلفوا ، فقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : الابن أولى من الأب ، وكذلك ابن الابن وان سفل. وان لم يكن هناك ابن ابن ، فالأب أولى. وقال ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) : الأب أولى ثمَّ الجد وان علا ، فان لم يبق هناك جد فالابن أولى. وقال ( ـ ح ـ ) : أبوها وابنها في درجة سواء كأخويها.

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ ج ـ ) : كلالة الأم ومن يرث بالرحم لا ولاية لهم في تزويج المرأة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وعن ( ـ ح ـ ) روايتان.

١١٧

مسألة ـ ٢٧ ـ ( ـ ج ـ ) : الكفاءة (١) معتبرة في النكاح ، وهي عندنا شيئان : الايمان ، وإمكان القيام بالنفقة.

وقال ( ـ ش ـ ) : شرائط الكفاءة ستة : النسب ، والحرية ، والدين ، والصناعة ، والسلامة من العيوب ، واليسار. ولم يعتبر ( ـ ح ـ ) وأصحابه الحرية ، ولا السلامة من العيوب.

ثمَّ اختلفا (٢) ، فقال ( ـ ف ـ ) : الشرائط أربعة ، فحذف الحرية والسلامة من العيوب ، وهي إحدى الروايتين عن ( ـ ح ـ ). والرواية الأخرى أن الشرائط ثلاثة ، فحذف الصناعة أيضا.

وقال ( ـ م ـ ) : الشرائط ثلاثة ، فأثبت الصناعة وحذف الدين ، وقال : إذا كان الأمين يشرب الخمر يكون كفوا للعفيفة ، قال : بلى لنقصان يشرب (٣) ويسكر ويخرج الى بر أو يعدو الصبيان خلفه ، فهذا ليس بكفو لا لنقصان دينه لكن لسقوط (٤) مروته.

مسألة ـ ٢٨ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز للعجمي أن يتزوج بعربية وبقرشية هاشمية إذا كان من أهل الدين وعنده اليسار.

وقال ( ـ ش ـ ) : العجم ليسوا بأكفاء للعرب ، والعرب ليسوا بأكفاء للقريش ، وقريش ليسوا بأكفاء لبني هاشم. وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : قريش كلها أكفاء ، وليس العرب أكفاء لقريش ، فالخلاف بينهم في بني هاشم.

مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز للعبد أن يتزوج بحرة.

__________________

(١) م ود : الاكفاة.

(٢) م : ثمَّ اختلفوا.

(٣) م : قال بلى ان كان تشرب.

(٤) م : لا لنقصان لكن لسقوط.

١١٨

وقال ( ـ ش ـ ) : ليس للعبد أن يتزوج بحرة ، وليس بكفو لها. ومتى زوجت بعبد ، كان لها الفسخ ولأوليائها الفسخ. وقال ( ـ ح ـ ) : ليس لهم فسخه.

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز للفاسق أن يتزوج بالعفيفة (١) ولا يفسد العقد وان كان تركه أفضل ، وبه قال ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : الفاسق ليس بكفو للعفيفة.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ ج ـ ) : لا مانع من تزويج أرباب الصنائع الدنية من الحياكة والحجامة والحراسة والقيم والحمامي بأهل المروات كالتجارة والنيابة ونحو ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) في إحدى الروايتين عنه. وقال ( ـ ش ـ ) : الصناعة معتبرة.

مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ ج ـ ) : اليسار المراعى ما يمكنه معه القيام بمئونة المرأة وكفايتها.

وقال ( ـ ح ـ ) : الفقير ليس بكفو للغنية ، وكذا قال أصحابه ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ) والمراعى ما يكون معدودا به في أهل اليسار دون اليسار العظيم ، ولا يراعى أن يكون أيسر منها ، ويجوز أن يكون دونها. والوجه الثاني : هو كفو لها ، لان الفقر ليس بعيب في الرجال ، فعلى هذا إذا بان معسرا لم يكن لها الخيار.

مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا رضي الولاة والمزوجة بمن ليس بكفو ، فوقع العقد على من دونها في النسب والحرية والدين والصناعة والسلامة من العيوب واليسار ، كان العقد صحيحا ، وبه قال جميع الفقهاء.

وقال عبد الملك بن الماجشون من أصحاب ( ـ ك ـ ) : الكفاءة شرط في صحة العقد فمتى لم يكن كفوا لها فالعقد باطل ، وان كان برضاها ورضا الولاة.

ويدل على المسألة إجماع الفرقة ، بل إجماع الأمة فإن خلافه لا يعتد به. وروي أن فاطمة بنت قيس أتت النبي عليه‌السلام ، فقالت : يا رسول الله ان معاوية وأبا جهم

__________________

(١) د : أن يتزوج للعقيقة.

١١٩

خطباني ، فقال عليه‌السلام أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه انكحي أسامة بن زيد ، فهذه فاطمة قرشية خطبها قرشيان ، فعدل بهما الى ابن مولاه ، قالت فاطمة : فنكحته وما رأيت إلا خيرا.

وروي عن ابن عباس أن بريرة أعتقت تحت عبد فاختارت الفسخ ، فقالت لها النبي عليه‌السلام : لو راجعته فإنه أبو ولدك ، فقالت : أتأمرني يا رسول الله؟ قال : لا إنما أنا شافع ، فقالت : لا حاجة لي فيه فأذن عليه‌السلام لها وهي حرة أن تنكح عبدا.

وروي أن سلمان الفارسي (١) خطب الى عمر فأجابه الى ذلك ، وكره عبد الله ابن عمر ، فقال له عمرو بن العاص : أنا أكفيكه فلقي عمرو بن العاص سلمان الفارسي ، فقال : ليهنئك (٢) يا سلمان قال : وما هو؟ قال : تواضع لك أمير المؤمنين فقال سلمان : لمثلي يقال (٣) هذا والله لا نكحتها أبدا.

وروى أبو هريرة أن أبا هند حجم رسول الله في اليافوخ ، فقال عليه‌السلام : يا بني بياضة انكحوا أبا هند وانكحوا اليه. وقال : ان كان في شي‌ء مما يداوي به خير فالحجامة.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : ليس للأولياء اعتراض على المنكوحة في قدر المهر فمتى رضيت بكفو لزمهم أن يزوجوها منه بما رضيت من المهر ، سواء كانت مهر مثلها أو أقل ، فإن منعوها واعترضوا على قدر مهرها ولت أمرها من شاءت.

وعند ( ـ ش ـ ) يكون قد عضلوها ويكون السلطان وليها ، وبه قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : للأولياء أن يعترضوا عليها في قدر المهر ، فمتى نكحت بأقل من

__________________

(١) م : وروى سلمان الفارسي.

(٢) م ود : فقال ليهنك.

(٣) د : بمثلي يقال.

١٢٠