المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

مسألة ـ ٥٣ ـ : التعريض بالقذف ليس بقذف ، مثل أن يقول : لست بزاني ولا أمي زانية ، وكقوله يا حلال بن الحلال ونحو هذا كله ليس بقذف ، وبه قال ( ـ ح ، ) و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : هو قذف حال الغضب ، وليس بقذف حال الرضاء.

مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا جلد الزاني الحر أربع مرات ، قتل في الخامسة وكذلك في القذف يقتل في الخامسة والعبد يقتل في الثامنة ، وقد روي أن الحر يقتل في الرابعة. وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : عليه الجلد بالغا ما بلغ.

٤٠١

كتاب السرقة

مسألة ـ ١ ـ : النصاب الذي يقطع به ربع دينار فصاعدا ، أو ما قيمته ربع دينار ، سواء كانت دراهم أو غيرها من المتاع ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال داود وأهل الظاهر : يقطع بقليل الشي‌ء وكثيره ، ولا حد لأقله ، وبه قالت الخوارج. وقال الحسن البصري : القطع في نصف دينار فصاعدا. وقال عثمان البتي : القطع في درهم واحد فصاعدا.

وقال ( ـ ك ـ ) : النصاب الذي يقطع فيه أصلان ، الذهب والفضة ، فنصاب الذهب ربع دينار ، ونصاب الفضة ثلاثة دراهم ، فأيهما سرق قطع من غير تقويم ، وان سرق غيرهما قوم بالدراهم ، فان بلغ ثلاثة دراهم قطع.

وقال النخعي : القطع في خمسة دراهم فصاعدا. وقال ( ـ ح ـ ) : القطع في عشرة دراهم فصاعدا ، فان سرق من غيرها قوم بها.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا سرق ربع دينار من هذه الدنانير المنقوشة ، وجب القطع بلا خلاف بيننا وبين ( ـ « ش » ـ ) وان كان تبرا من ذهب المعادن الذي يحتاج الى سبك وعلاج فلا قطع ، وان كان ذهبا خالصا غير مضروب فإنه يقطع عندنا ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أن القطع في ربع دينار ، وعنده فيه وجهان.

٤٠٢

مسألة ـ ٣ ـ : إذا سرق ما قيمته ربع دينار وجب القطع ، سواء كان مما هو محرز بنفسه ، كالثياب والاثمار والحبوب اليابسة وغيرها ، أو غير محرز بنفسه وهو ما إذا ترك فسد ، كالفواكه الرطبة والثمار والخضراوات والبطيخ. أو اللحم الطري لما قلناه في المسألة المتقدمة (١) لهذه.

ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الثمر المعلق ، فقال : من سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الحريز وبلغ ثمن المجني ربع دينار ففيه (٢) القطع. فاما قوله عليه‌السلام « لا قطع في ثمر ولا كثر » فمحمول على أنه إذا لم يكن في حرز ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : انما يجب القطع فيما كان محرزا بنفسه ، فاما الأشياء الرطبة والبطيخ فلا قطع فيه بحال.

مسألة ـ ٤ ـ : كل جنس يتمول في العادة ففيه القطع ، سواء كان أصله الإباحة أو غير الإباحة ، فما لم يكن على الإباحة فهو كالثياب والأثاث والحبوب ، وما أصله الإباحة من ذلك الصيود على اختلافها إذا كانت مباحة ، وكذلك الجوارح المعلمة ، وكذلك الخشب كله الحطب وغيره ، والساج وغيره واحد ، وكذلك الطين وكل ما يعمل منه من الخزف والأواني والزجاج وجميع ما يعمل منه ، والحجر وجميع ما يعمل منه من القدور وغيرها ، وكذلك كل ما يخرج من المعادن كالقير والنفط والموميا أو الملح ، وجميع الجواهر من اليواقيت وغيرها ، وكذلك الذهب والفضة ، كل هذا فيه القطع ، بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : فيما لم يكن أصله الإباحة مثل قولنا ، وما كان أصله الإباحة في دار الإسلام فلا قطع فيه بحال ، فقال : لا قطع في الصيود كلها ، والجوارح بأسرها

__________________

(١) م : كما مر ذكره.

(٢) م : المجن ففيه.

٤٠٣

المعلمة وغير المعلمة ، والخشب جميعه لا قطع فيه الا ما يعمل منه آنية كالجفان والقصاع والأبواب ، فيكون في معموله القطع الا الساج فان فيه القطع في معموله وغير معموله ، لأنه (١) ليس من دار الإسلام.

وعنه في الزجاج روايتان ، وكلما يعمل من الطين من الخزف والفخار والقدور وغيرها من الأواني لا قطع فيه ، وهكذا كل ما كان من المعادن كالملح والكحل والزرنيخ والقير والنفط والموميا كله لا قطع فيه الا الذهب والفضة والياقوت والفيروزج ، فان فيه القطع ، قال : لان جميع ذلك على الإباحة في دار الإسلام فلا يجب فيه القطع كالماء.

مسألة ـ ٥ ـ : لا قطع الا على من سرق من حرز ، فيحتاج الى شرطين : السرقة ، والحرز ، فان سرق من غير حرز فلا قطع ، وان انتهب من حرز فلا قطع ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال داود : لا اعتبار بالحرز ، فمتى سرق من أي موضع كان فعليه القطع ، وقال ( ـ د ـ ) : إذا سرق فعليه القطع وكذلك المنتهب والمختلس والخائن في وديعة أو عارية وهو ان يجحد ذلك فعليه القطع.

يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة واخبارهم ـ ما روي (٢) عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن حريسة الجبل ، فقال : ليس في الماشية قطع الا ان يؤويها المراح ، ولا في الثمر قطع الا أن يؤويه الحريز ، وروى جابر ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ليس على المنتهب ولا المختلس ولا على الخائن قطع.

مسألة ـ ٦ ـ : كل موضع كان حرز الشي‌ء من الأشياء ، فهو حرز لجميع

__________________

(١) م : فيه القطع وان لم يكن معمولا لأنه.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٤٠٤

الأشياء ، بدلالة ظاهر الآية ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يختلف ذلك باختلاف الأشياء ، فحرز البقل وما أشبه ذلك من دكاكين البقالين تحت الشريجة المقفلة ، وحرز الذهب والفضة والثياب وغيرها المواضع الحريزة من البيوت والدور إذا كانت عليها أقفال وثيقة ، فمن ترك الذهب أو الفضة في دكان البقلي فقد ضيع ماله ، لان ذلك ليس بحرز مثله.

مسألة ـ ٧ ـ : الإبل إذا كانت مقطرة وكان سائقا لها فهي في حرز بلا خلاف وان كان قائدا لها لا يكون في حرز الا التي زمامها بيده ، لأنه لا دليل على كونه حرزا وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يكون في حرز بشرطين : أحدهما ، أن يكون بحيث يكون لو (١) التفت إليها شاهدها كلها ، والأخر أن يكثر الالتفات إليها.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا نقب ثلاثة ودخلوا وأخرجوا بأجمعهم متاعا ، فبلغ نصيب كل واحد نصابا ، قطعناهم بلا خلاف ، وان كان أقل من نصاب ، فلا قطع سواء كانت السرقة ثقيلة أو خفيفة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ « ش » ـ ) : ان كانت السرقة ثقيلة فبلغت قيمته نصابا قطعناهم كلهم ، وان كانت خفيفة ففيه روايتان ، وروى أصحابنا أنه إذا بلغت السرقة نصابا وأخرجوه بأجمعهم وجب عليهم القطع ولم يفصلوا ، والأول أحوط بدلالة إجماع الفرقة على أن ما قلناه يجب قطعه.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا نقب ثلاثة وأخرج كل واحد منهم شيئا ، قوم فان بلغ قيمته نصابا وجب قطعه ، وان نقص لم يقطع لما قلناه في المسألة المتقدمة لهذه وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : أجمع ما أخرجه جميعهم وأقومه ، ثمَّ أفض على الجميع ، فان

__________________

(١) م : بحيث لو.

٤٠٥

أصاب كل واحد نصابا قطعته ، وان نقص لم أقطعه.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا نقب ثلاثة وكوروا المتاع ، وأخرج واحد منهم دون الباقين ، فالقطع على من أخرج المتاع (١) دون من لم يخرج ، لان ذلك مجمع عليه ، ولا دلالة على وجوب القطع في غيره (٢) ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : أفض السرقة على الجماعة ، فإن بلغت حصة كل واحد منهم نصابا قطعت الكل ، وان نقصت عن نصاب القطع لم أقطع واحدا منهم.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا نقبا معا ، فأخذ أحدهما نصابا وأخرجه بيده الى رفيقه ، وأخذه رفيقه ولم يخرج هو من الحرز ، أو رمى به من داخل فأخذه رفيقه من خارج ، أو أخرج يده الى خارج الحرز والسرقة فيها ثمَّ رده الى الحرز ، فالقطع في هذه المسائل الثلاث على الداخل دون الخارج ، بدلالة عموم الآية (٣) وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع على واحد منهما.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا نقبا معا ودخل أحدهما ، فقرب المتاع الى باب النقب من داخل ، فأدخل الخارج يده فأخرجه من جوف الحرز ، فعليه القطع دون الداخل ، بدلالة عموم الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع على واحد منهما.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا نقب وحده ودخل فأخرج ثمن دينار ثمَّ عاد من ليلته أو من الليلة الثانية ، فأخرج ثمن دينار فكمل النصاب ، فلا قطع عليه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال أبو إسحاق المروزي ، ولو قلنا يجب عليه القطع لعموم قوله عليه‌السلام « من سرق ربع دينار فعليه القطع » كان قويا ، وبه قال أبو العباس ابن سريج.

__________________

(١) م : من اخرج دون.

(٢) م : لغيره.

(٣) م : عموم الاخبار.

٤٠٦

وقال ابن خيران : ان عاد بعد أن اشتهر في الناس هتك الحرز فلا قطع ، وان عاد قبل ان يشتهر هتكه فعليه القطع.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا نقب ودخل الحرز فذبح شاة ، فعليه ما بين قيمتها حية ومذبوحة ، فإن أخرجها بعد الذبح ، فان كانت قيمتها نصابا فعليه القطع ، وان كان أقل من نصاب (١) فلا قطع عليه ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا قطع عليه بناء على أصلهما في الأشياء الرطبة.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا نقب بيتا ودخل الحرز وأخذ ثوبا فشقه ، فعليه ما نقص بالخرق ، فإن أخرجه فإن بلغت قيمته نصابا فعليه القطع ، والا فلا قطع عليه ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا شقه بحيث صار كالمستهلك ، فالمالك بالخيار بين أخذه وأرش النقص ، وبين تركه عليه وأخذ كمال القيمة ، بناء على أصله في الغاصب إذا فعل بالثوب هكذا ، فان اختار أخذ قيمة الكل فلا قطع ، لأنه إذا أخذ القيمة فقد ملكه قبل إخراجه من الحرز ، فان اختار أخذ الثوب والأرش وكانت قيمة الثوب نصابا فعليه القطع.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا سرق ما قيمته نصاب ، فلم يقطع حتى نقصت قيمته لنقصان السوق ، فصارت القيمة أقل من نصاب فعليه القطع ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا سرق عينا يجب فيه القطع ، فلم يقطع حتى ملك السرقة بهبة أو شراء ، لم يسقط القطع عنه ، بدلالة الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ م ـ ) : متى ملكها سقط القطع. ويدل على المسألة ما رواه صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية قيل له : من لم يهاجر هلك ، فقدم صفوان المدينة ونام في المسجد

__________________

(١) م : فعليه القطع والا فلا.

٤٠٧

وتوسد رداه ، فجاء سارق فأخذ رداءه من تحت رأسه ، فجاء به صفوان إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر به رسول الله أن يقطع يده ، فقال صفوان : لم أرد (١) هذا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهلا قبل أن تأتيني به.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا سرق عبدا صغيرا لا يعقل أنه لا ينبغي أن يقبل الا من سيده ، وجب عليه القطع ، بدلالة الخبر والآية ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) : لا قطع عليه كالكبير.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا سرق حرا صغيرا ، فلا قطع عليه ، لإجماع الفرقة على أن السرقة انما يجب القطع فيها إذا بلغت القيمة ربع دينار والحر لا قيمة له بحال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : عليه القطع ، وقد روى ذلك أصحابنا ، غير أنهم قالوا : إذا سرقه وباعه فعليه القطع.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا سرق دفاتر أو مصاحف أو كتب الأدب أو الفقه أو الإشعار أو غير ذلك ، وجب فيه القطع إذا بلغ قيمته النصاب ، بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع في شي‌ء من ذلك.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا سرق ما فيه القطع مع ما لا قطع فيه ، وجب القطع (٢) إذا كان قدر نصاب ، مثل أن سرق إبريق ذهب فيه ماء ، أو قدرا ثمينة فيها طبيخ ، أو مصحفا عليه حلي وفضة وجلده ورقه يساوي نصابا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع في جميع ذلك.

مسألة ـ ٢٢ ـ : من سرق من ستارة الكعبة ما قيمته ربع دينار ، وجب قطعه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه.

__________________

(١) م : انى لم أرد.

(٢) م : قطعه.

٤٠٨

وروى أصحابنا أن القائم إذا قام قطع أيدي بني شيبة ، وعلق أيديهم على البيت ، ونادى مناديه هؤلاء سراق الله ، لا يختلفون في ذلك.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا استعار بيتا ، وجعل متاعه فيه ، ثمَّ ان المعير نقب البيت وسرق المتاع ، وجب قطعه ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال بعض أصحابه : لا قطع عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا اكترى دارا وجعل متاعه فيها ، فنقب المكري وسرق المتاع ، فعليه القطع ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا قطع ، لان القطع بهتك حرز وأخذ نصاب ، ثمَّ ثبت أنه لو كان في النصاب شبهة ، فلا قطع كذلك إذا كان في الحرز.

مسألة ـ ٢٥ ـ : أن نقب المراح ودخل ، فحلب من الغنم ما قيمته نصاب وأخرجه ، وجب قطعه ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه ، بناء على أصله في الأشياء الرطبة.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا سرق الضيف من بيت مقفل أو مغلق وجب قطعه ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا سرق العبد ، كان عليه القطع مثل الحر ، بدلالة الآية والخبر ، وعليه إجماع الصحابة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه ان كان آبقا ، بناء على أصله في القضاء على الغائب ، قال : إذا كان آبقا كان قطعه قضاء على سيده في ملكه والسيد غائب فلا قطع.

مسألة ـ ٢٨ ـ : روى أصحابنا أن السارق إذا سرق عام المجاعة ، فلا قطع عليه ولم يفصلوا.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الطعام موجودا مقدورا عليه ولكن بالثمن الغالي فعليه القطع ، وان كان القوت متعذرا لا يقدر عليه فسرق طعاما ، فلا قطع عليه.

٤٠٩

مسألة ـ ٢٩ ـ : النباش يقطع إذا أخرج الكفن من القبر الى وجه الأرض ، وبه قال ابن الزبير ، وعائشة ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا يقطع النباش ، لان القبر ليس بحرز ، والكفن ليس بملك لأحد.

وأجيب عن ذلك بأن القبر عندنا حرز مثله ، وفي الكفن وجوه : أحدها : أنه على حكم ملك المبيت ، ولا يمتنع أن يكون ملكا له في حياته وفي حكم ملكه بعد وفاته ، ألا ترى أن الدين في ذمته في حياته ، وفي حكم الثابت في ذمته بعد وفاته.

والثاني : أنه ملك للوارث والميت أحق به ، ولهذا قلنا لو أن سبعا أكل الميت كان كفنه لوارثه.

والثالث : أنه ليس بملك لأحد ، ولا يمتنع أن لا يكون ملكا لأحد ، ويتعلق به القطع ، كستارة الكعبة وبواري المسجد. فاذا قيل ملكا للوارث ، أو حكم الملك للميت ، فالمطالب به الوارث. وإذا قلنا لا مالك له ، فالمطالب به هو الحاكم يقطع النباش.

والمعتمد في المسألة إجماع الفرقة ، فإنهم لا يختلفون في ذلك. وقالت عائشة : سارق موتانا كسارق أحيانا.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا سرق نصابا من حرز ، وجب قطع يده اليمنى ، فان عاد ثانيا قطعت رجله اليسرى ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا عطاء فإنه قال : يقطع يده اليسرى.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا سرق السارق بعد قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ،

٤١٠

خلد الحبس فلا قطع عليه ، فان سرق في الحبس من الحرز ، وجب عليه القتل (١).

وقال ( ـ ش ـ ) : يقطع يده اليسرى في الثالثة ، ورجله اليمنى في الرابعة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ د ـ ) : لا يقطع في الثالثة ، مثل ما قلناه ، غير أنهم لم يقولوا بخلد السجن.

ويدل على صحة مذهبنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روي (٢) عن علي عليه‌السلام أنه أتي بسارق مقطوع اليد والرجل ، فقال : اني لأستحيي من الله أن لا أترك له ما يأكل به ويستنجي به. وروي في قراءة ابن مسعود : السارق والسارقة فاقطعوا إيمانهما.

مسألة ـ ٣٢ ـ : موضع القطع في اليد من أصول الأصابع دون الكف ، ويترك له الإبهام ، وفي الرجل من عند معقد الشراك من عند الناتي على ظهر القدم ، ويترك له ما يمشي عليه ، وهو المشهور عن علي عليه‌السلام ، وجماعة السلف.

وقال جميع الفقهاء ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : القطع في اليدين من الكوع ، وهو المفصل الذي بين الكف والذراع ، وكذلك يقطع الرجل من المفصل الذي بين الساق والقدم.

وقالت الخوارج : يقطع من المنكب ، لان اسم اليد يقع عليه.

مسألة ـ ٣٣ ـ : قد قدمنا أن السارق إذا سرق رابعا يقتل. وقال الفقهاء : يعذر بعد الرابعة ولا قطع. وقال عثمان بن عفان ، وعبد الله بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز : يقتل بعد الخامسة.

مسألة ـ ٣٤ ـ : الذمي إذا شرب الخمر متظاهرا به ، وجب عليه الحد ، وان

__________________

(١) م : وجب قتله.

(٢) م : دليلنا ما روى.

٤١١

استتر به لم يجب (١) عليه.

والمستأمن إذا دخل بلد الإسلام فتظاهر بشرب الخمر ، وجب عليه الحد ، وان زنا بمشركة وجب عليه الجلد ان كان بكرا ، والرجم ان كان محصنا ، وان زنا بمسلمة وجب عليه القتل ، محصنا كان أو غير محصن (٢) ، وان سرق من حرز نصابا وجب عليه القتل.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا حد عليه في شرب الخمر ، ولا في الزنا بمشركة ، وفي السرقة قولان.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا سرق شيئا موقوفا ، مثل دفتر أو ثوب أو ما أشبههما ، وكان نصابا من حرز وجب القطع ، بدلالة الآية والخبر.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان مبنيان على انتقال الوقف ، فان قال : ينتقل الى الله تعالى ففيه وجهان ، أحدهما : يقطع كما يقطع في ستارة الكعبة. والثاني : لا يقطع كالصيود والأحطاب.

وان قال : الوقف ينتقل الى ملك الموقوف عليه ، ففي القطع وجهان ، أحدهما : يقطع ، لأنه سرق ما هو ملك. والثاني : لا يقطع لأنه ملك ناقص.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا سرق دفعة بعد أخرى وطولب دفعة واحدة بالقطع ، لم يجب الا قطع يده فحسب بلا خلاف ، فان سبق بعضهم فطالب بالقطع فقطع ، ثمَّ طالب الأخر روى أصحابنا أنه يقطع للآخر أيضا.

وقال جميع الفقهاء : لا يقطع للآخر ، لأنه إذا قطع بالسرقة فلا يقطع دفعة أخرى قبل أن يسرق ، وهو أقوى غير أن الرواية بما قلناه يدل عليها الآية والخبر وإجماع الفرقة.

__________________

(١) د : فلا يجب.

(٢) م : محصنا أو لم يكن.

٤١٢

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا كانت يمينه ناقصة الأصابع ، ولم يبق إلا واحدة ، قطعت بلا خلاف. وان لم يكن فيها إصبع (١) ، قطع الكف. وان كانت شلاء ، روى أصحابنا أنها يقطع ولم يفصلوا.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو الأظهر ، وفي أصحابه من قال : لا يقطع ، لأنه لا منفعة فيها ولا جمال. وان كانت شلاء رجع الى أهل المعرفة بالطب فان قالوا : إذا قطعت اندملت قطعت ، وان قالوا : يبقى أفواه العروق مفتوحة (٢) لم يقطع.

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا سرق ويساره مفقودة أو ناقصة ، قطعنا يمينه ، بدلالة الظواهر كلها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كانت يساره مفقودة ، أو ناقصة نقصانا ذهب به معظم المنفعة كنقصان إبهامه أو إصبعين ، لم يقطع يمينه. وان كانت ناقصة إصبع واحد قطعنا يمينه ، وهكذا قوله إذا كانت رجله اليمنى لا يطيق المشي عليها ، لم يقطع رجله اليسرى.

مسألة ـ ٣٩ ـ : كل عين قطع السارق بها مرة ، فإذا سرقها مرة أخرى يقطع بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا قطع السارق بالعين مرة ، لم يقطع بسرقتها من اخرى ، فلو سرقها بعد ذلك فلا قطع (٣) ، سواء سرقها من الأول أو من غيره ، الا في مسألة واحدة قال : إذا كانت العين غزلا فقطع بها ، ثمَّ نسج ثوبا ثمَّ سرق الثوب ، قطعناه.

مسألة ـ ٤٠ ـ : لا يثبت الحكم بالسرقة ووجوب القطع بالإقرار مرة واحدة

__________________

(١) م : أصابع.

(٢) م : مفتحة.

(٣) م : فلا يقطع.

٤١٣

ويحتاج أن يقر مرتين حتى يحكم عليه بالقطع ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وزفر ، و ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : انه يثبت بإقرار مرة واحدة ويغرم ويقطع (١).

مسألة ـ ٤١ ـ : إذا ثبت القطع بإقراره ، ثمَّ رجع عنه سقط عنه (٢) ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا ابن أبي ليلى فإنه قال : لا يسقط برجوعه.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا قامت عليه البينة بأنه سرق نصابا من حرز لغائب ، وليس للغائب وكيل بذلك ، لم يقطع حتى يحضر الغائب. وكذلك إذا قامت البينة عليه ، بأنه زنا بأمة غائب لم يقم عليه الحد حتى يحضر. وان أقر بالسرقة والزنا أقيم عليه الحد فيهما.

وانما قلنا انه لا يقطع ولا يحد في السرقة والزنا ، لأنه يجوز أن يكون الغائب أباح له العين المسروقة ، أو ملكها إياه وغير ذلك ، أو أباح له وطئ الأمة ، أو متعة بها ، وإذا احتمل ذلك لم يقطع ولم تحد (٣) للشبهة.

وأما مع الإقرار ، فإنه يقام عليه الحدان معا ، ولا يوقف الى حضور الغائب بدلالة الآية ( فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (٤) ( فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ) (٥).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يقطع في السرقة ويحد في الزنا.

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا سرق عينا يقطع في مثلها قطعناه ، فان كانت العين قائمة ردها بلا خلاف. وان كانت تالفة ، غرم قيمتها ، وبه قال الحسن البصري ، والنخعي

__________________

(١) م : انه يثبت ويغرم ويقطع.

(٢) م : عنه القطع.

(٣) م : لا تحد.

(٤) سورة المائدة : ٣٨.

(٥) سورة النور : ٢.

٤١٤

والزهري ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، سواء كان السارق غنيا أو فقيرا.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا أجمع بين الغرم والقطع ، فاذا طالبه المسروق بالسرقة ورفعه الى السلطان ، فان غرم له ما سرق سقط القطع ، وان سكت حتى قطعه الامام سقط الغرم عنه ، وكان صبره وسكوته حتى قطع رضا منه بالقطع عن الغرم.

وقال ( ـ ك ـ ) : يغرم ان كان مؤسرا ، ولا يغرم ان كان معسرا.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا سرق العبد من مال مولاه ، فلا قطع عليه ، وبه قال الفقهاء وحكي عن داود أن (١) عليه القطع.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا سرق أحد الزوجين من الأخر من غير حرز ، فلا قطع عليه بلا خلاف. وان سرقة من حرز ، كان عليه القطع ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : أنه لا قطع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وهكذا الخلاف في عبد كل واحد إذا سرق من مال مولى آخر ، فكل عبد بمنزلة سيده سواء ، فالخلاف واحد.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا سرق الرجل من مال ولده لا يقطع بلا خلاف ، الا داود فإنه قال : يقطع وان سرق الولد من مال والديه أو واحد منهما أو جده أو جدته من جهة أحدهما ، أو أجداده وجداته من جهته (٢) ، أو من جهة واحد منهما نصابا من حرز كان عليه القطع ، وبه قال جميع الفقهاء.

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا سرق الام من مال ولدها ، وجب عليها القطع ، بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال داود. وقال جميع الفقهاء : لا قطع عليها.

مسألة ـ ٤٨ ـ : من (٣) خرج من عمود الوالدين والولد من ذوي الأرحام إذا

__________________

(١) م : انه قال.

(٢) م : جهتهما.

(٣) م : إذا.

٤١٥

سرق من الأخر ، فهو كالأجنبي يجب عليه القطع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : كل شخصين بينهما رحم محرم بالنسب ، فالقطع ساقط بينهم ، كما سقط بين الوالد وولده ، مثل الاخوة والأخوات ، والأعمام والعمات ، والأخوال والخالات.

مسألة ـ ٤٩ ـ : روى أصحابنا أنه إذا سرق الرجل من بيت المال ، أو مما له فيه سهم أكثر مما يصيبه (١) بمقدار النصاب ، كان عليه القطع. وكذلك إذا سرق من الغنيمة.

وقال جميع الفقهاء : لا قطع عليه.

مسألة ـ ٥٠ ـ : من سرق شيئا من الملاهي من العيدان والطنابير وغيرهما وعليه حلي قيمته نصاب ربع دينار ، وجب (٢) عليه القطع ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه ، بناء على أصله أنه إذا سرق ما فيه القطع مع ما ليس فيه القطع لا يقطع.

مسألة ـ ٥١ ـ : من سرق من جيب غيره ، وكان باطنا بأن يكون فوقه قميص آخر ، أو من كمه وكان كذلك ، عليه القطع. وان سرقة من الكم الأعلى أو الجيب الأعلى ، فلا قطع عليه ، سواء شده في الكم من داخل أو خارج.

وقال جميع الفقهاء : عليه القطع ، ولم يعتبروا قميصا فوق قميص ، الا أن ( ـ « ح » ـ ) قال : إذا شده من داخل كمه وتركه من خارج ، فلا قطع عليه. وان شده من خارج وتركه من داخل ، فعليه القطع. و ( ـ « ش » ـ ) لم يفصل.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا ترك الجمال والأحمال في مكان ، وانصرف لحاجة

__________________

(١) م : مما نصيبه.

(٢) م : نصاب وجب.

٤١٦

كانت في غير حرز هي وكل ما معها من متاع وغيره ، فلا قطع فيها ولا شي‌ء منها لان المرجع في الحرز في العادة ، وما ذكرناه لا يعده أحد حرزا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان أخذ اللص الزاملة بما فيها ، فلا قطع عليه ، لأنه أخذ الحرز بما فيها ، وان شق الزاملة وأخذ المتاع من جوفها ، فعليه القطع.

مسألة ـ ٥٣ ـ : من سرق باب دار فقلعه وأخذه ، أو هدم من حائطه آجرا وبلغ قيمتها نصابا ، كان عليه القطع ، بدلالة الآية والخبر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا قطع عليه ، لأنه ما سرق وانما هدم.

مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا أقر العبد على نفسه بالسرقة ، لا يقبل إقراره. وقال جميع الفقهاء : يقبل ويقطع.

مسألة ـ ٥٥ ـ : إذا قصده رجل ، فقتله دفعا عن نفسه ، فلا ضمان عليه ، سواء قتله بالسيف أو بالمثقل ، ليلا كان أو نهارا ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بالسيف فكما قلناه ، وان كان بالمثقل وكان ليلا فمثل ذلك وان كان نهارا كان عليه الضمان.

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا سرق الغانم من أربعة أخماس الغنيمة ما يزيد على نصيبه نصابا ، وجب قطعه.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : لا قطع عليه ، لان له في كل جزء نصيبا.

٤١٧

كتاب قطاع الطريق

مسألة ـ ١ ـ : المحارب الذي ذكره الله تعالى في الآية هم قطاع الطريق ، الذين يشهرون السلاح ويخفون السبل ، وبه قال ابن عباس ، وجماعة الفقهاء.

وقال قوم : هم (١) أهل الذمة إذا أنقضوا العهد ولحقوا بدار الحرب وحاربوا المسلمين. وقال ابن عمر : هم المرتدون ، لأنها نزلت في العرينين.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق ، كان حكمه متى ظفر به الامام التعزير ، وتعزيره أن ينفيه عن البلد. وان قتل ولم يأخذ المال قتل ولا يجوز العفو عنه. وان قتل وأخذ المال ، قتل وصلب.

وان أخذ المال ولم يقتل ، قطعت يده ورجله من خلاف ، وينفى من الأرض متى ارتكب شيئا من هذا ، ويتبعهم أينما حلوا من كان في طلبهم ، فاذا قدر يقيم عليهم هذه الحدود ، وبه قال في الصحابة عبد الله بن عباس ، وفي الفقهاء حماد والليث بن سعد ، ومحمد بن الحسن ، و ( ـ ش ـ ).

وخالف ( ـ « ح » ـ ) في فصلين ، قال : إذا قتل وأخذ المال قطع وقتل ، وعندنا

__________________

(١) م : منهم.

٤١٨

يصلب. وقال : ان النفي هو الحبس ، وعندنا النفي ما ذكرناه.

وقال ( ـ ك ـ ) : الاية مرتبة على صفة قاطع الطريق ، وهو إذا شهر (١) السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق ، كانت عقوبته مرتبة على صفته ، فان كان من أهل الرأي والتدبير قتله ، وان كان من أهل القتال دون التدبير قطعه من خلاف ، وان لم يكن واحدا منهما لا تدبير ولا بطش نفاه من الأرض ، ونفيه أن يخرجه الى بلد آخر فيحبسه فيه.

وذهب قوم الى أن أحكامهم على التخيير ، فيمن شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق ، كان الامام مخيرا بين أربعة أشياء : القتل ، والصلب ، والقطع والنفي من الأرض ، ذهب اليه ابن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، ومجاهد فخرج من هذا مذهبان : التخيير عند التابعين ، والترتيب عند الفقهاء.

مسألة ـ ٣ ـ : قد بينا أن نفيه عن الأرض أن يخرج عن بلده ، ولا يترك أن يستقر في بلد حتى يتوب ، فان قصد بلد الشرك منع من دخوله وقوتلوا على منعه.

وقال ( ـ ح ـ ) : نفيه أن يحبس في بلده. وقال أبو العباس بن سريج : يحبس في غير بلده.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا قتل المحارب ، انحتم القتل عليه ولم يجز العفو عنه لأحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وحكي عن ( ـ « ح » ـ ) أنه قال : ان قتل وأخذ المال انحتم قتله ، وان قتل ولم يأخذ المال ، فالولي مخير بين القصاص والعفو.

مسألة ـ ٥ ـ : الصلب لا يكون الا بعد أن يقتل ، ثمَّ يصلب وينزل بعد ثلاثة أيام ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) م : إذا أشهر.

٤١٩

وقال ابن أبي هريرة : لا ينزل بعد ثلاثة أيام ، بل يترك حتى يسيل صديدا.

وقال قوم من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يصلب حيا ويترك حتى يموت. وعن ( ـ ف ـ ) روايتان ، إحداهما : مثل قولنا. والثانية : أن يصلب حيا وينعج بطنه بالرمح حتى يموت.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا قتل المحارب ولدا أو عبدا أو ذميا ، فإنه يقتل ، وهو أحد قولي ( ـ « ش » ـ ) يدل عليه عموم قوله تعالى ( أَنْ يُقَتَّلُوا ) (١) والثاني : أنه لا يقتل وهذا قوي أيضا ، لقوله عليه‌السلام : لا يقتل والد بولده ولا يقتل مؤمن بكافر.

مسألة ـ ٧ ـ : قد قلنا ان المحارب إذا أخذ المال ، قطع ولا يجب قطعه حتى يأخذ نصابا يجب فيه القطع في السرقة ، لقوله عليه‌السلام : القطع في ربع دينار.

وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ).

والأخر : أنه يقطع في قليل المال وكثيره ، وهذا قوي ، لعموم الأخبار الواردة في أنه إذا أخذ المال وجب قطعه.

مسألة ـ ٨ ـ : حكم قطاع الطريق في البلد والبادية سواء ، مثل أن يحاصروا قرية فيفتحوها ويقتلوا أهلها ، ويفعلوا مثل هذا في بلد صغير ، أو في طرف من أطراف البلد ، أو كان بهم كثرة فأحاطوا ببلد كبير واستولوا عليه الحكم فيهم واحد.

وهكذا القول في دغار البلد إذا استولوا على أهله وأخذوا أموالهم على صفة لا غوث لهم الباب واحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : قطاع الطريق من كان من البلد على مسافة ثلاثة أميال ، فإن كان دون ذلك فليسوا قطاع الطريق.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : إذا كانوا في البلد أو بالقرب منه ، مثل ما بين الحيرة والكوفة

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

٤٢٠