كتاب الرضاع
مسألة ـ ١ ـ : إذا حصل رضاع المحرم ، لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه ، ولا لأحد من أولاده من غير المرضعة ومنها ، لأن اخوته وأخواته صاروا بمنزلة أولاده. وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تنتشر حرمة الرضاع إلى الأم المرضعة والفحل صاحب اللبن ، فيصير الفحل أب المرضع ، وأبوه جده ، وأمه جدته ، وأخته عمته ، وأخوه عمه ، وكل ولد له فهم اخوة لهذا المرضع ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ، ش ـ ) و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وذهب قوم الى أن لبن الفحل لا ينتشر الحرمة ، ولا يكون من الرضاع أب ولا عم ولا عمة ولا جد أبو أب ولا أخ لأب ، ولهذا الفحل أن يتزوج التي أرضعتها زوجته ، وهو ابن عمر ، وابن الزبير ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، ومن الفقهاء ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك ، وحماد بن أبي سليمان أستاذ ( ـ « ح » ـ ) ، والأصم ، وابن عليه وهو أستاذ الأصم ، وأهل الظاهر وهم داود وشيعته.
يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) عن علي عليهالسلام أنه قال : يا رسول الله هل لك في ابنة عمك بنت حمزة ، فإنها أجمل فتاة في قريش ، فقال عليهالسلام : أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة ، فإن الله تعالى حرم من الرضاعة ما حرم من النسب. ومعلوم ان بنت الأب وبنت الأخ تحرمان من النسب (٢) ، فثبت أنهما تحرمان من الرضاع ، لعموم الخبر.
وروي عن عائشة أنها قالت : دخل علي أفلح أخو أبي القعيس فاستترت منه فقال : أتسترين مني وأنا عمك قلت : من أين؟ قال أرضعتك امرأة أخي قلت : إنما أرضعتني امرأة ولم يرضعني الرجل ، فدخل علي رسول الله فحدثته ، فقال : انه عمك فليلج عليك. وهذا نص في المسألة ، فإنه أثبت الحكم والاسم معا.
مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أصحابنا من قال : ان الذي يحرم من الرضاع خمس عشر رضعات متواليات ، لم يفصل بينهن برضاع امرأة أخرى ، ومنهم من قال : خمس عشرة رضعة ، وهو الأقوى ، أو رضاع يوم وليلة ، أو ما أنبت اللحم وشد العظم إذا لم يتخللهن رضاع امرأة أخرى ، وحد الرضعة ما يروى به الصبي دون المصة.
وقال ( ـ ش ـ ) : لا يحرم الا خمس رضعات مفترقات ، فان كان دونها لم يحرم ، وبه قال ابن الزبير ، وعائشة ، وسعيد بن جبير ، وطاوس ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
وقال أهل الظاهر : قدرها ثلاث رضعات فما فوقها ، وبه قال زيد بن ثابت ، وأبو ثور. وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : أن الرضعة الواحدة ، أو المصة الواحدة ولو كان قطرة ينشر الحرمة ، وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث ، و ( ـ د ـ ).
__________________
(١) م : دليلنا ما روى.
(٢) م : ومعلوم أن الأب والعم يحرمان من النسب.
ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) عن النبي عليهالسلام أنه قال : الرضاعة من المجاعة. يعني : ما سد الجوع. وقال عليهالسلام : الرضاع ما أنبت اللحم وشد العظم.
مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الرضاع انما ينشر الحرمة إذا كان الولد صغيرا ، فاما ان كان كبيرا ، فلو ارتضع ألف مرة لم ينشر الحرمة ، وبه قال عمر ، وابن عمر وابن عباس ، وابن مسعود ، وهو قول الفقهاء أجمع (٢) ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وغيرهم وقال عائشة : رضاع الكبير يحرم ، كما يحرم رضاع الصغير ، وبه قال أهل الظاهر.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القدر المعتبر في الرضاع المحرم ينبغي أن يكون واقعا كله في مدة الحولين ، فان وقع بعضه في هذه الحولين ، وبعضه خارجا عنها لم يحرم.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان وقع أربع رضعات في الحولين والخامسة بعدهما لم ينشر الحرمة ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وعن ( ـ ك ـ ) روايات المشهور منها حولان وشهر.
وقال ( ـ ح ـ ) : المدة حولان ونصف ثلاثون شهرا. وقال زفر : ثلاثة أحوال سنة وثلاثون شهرا.
مسألة ـ ٦ ـ : لا فرق بين أن يكون المرتضع مفتقرا الى اللبن أو مستغنيا عنه فإنه متى حصل القدر الذي يحرم من الرضاع نشر (٣) الحرمة ، بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان مفتقرا نشرها ، وان كان مستغنيا لم ينشرها (٤).
__________________
(١) م : ودليلنا ما روى.
(٢) م : وهو قول أجمع.
(٣) م : يحرم نشر الحرمة.
(٤) م : مفتقرا نشرها والا فلا.
مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اعتبرنا عدد الرضعات ، فالرضعة ما يشربه الصبي حتى يروي ولا يعتبر المصة ، ويراعى أن لا يكون بين الرضعة والرضعة الأخرى رضاع امرأة أخرى ، فإن فصل بينهما برضاع امرأة أخرى بطل حكم الاولى.
وقال ( ـ ش ـ ) : المعتبر في الرضعة العادة ، فما يسمى في العرف رضعة اعتبر ، وما لم يسم لم يعتبر ولم يعتبر المصات أيضا ، ولم يعتبر الا يدخل بينهما رضاع أجنبية ، بل قال : لا فرق بين أن يدخل بينهما ذلك أو لا يدخل.
مسألة ـ ٨ ـ : إذا أوجر اللبن في حلقه ، وهو أن يصب في حلقه صبا ووصل الى جوفه لم يحرم ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال عطاء ، وداود. وقال باقي الفقهاء : انه ينشر الحرمة.
مسألة ـ ٩ ـ : إذا سعط باللبن حتى يصل الى جوفه لم ينشر الحرمة ، لما قلناه فيما تقدم ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، وداود. وقال باقي الفقهاء : انه ينشر الحرمة.
مسألة ـ ١٠ ـ : إذا حقن المولود باللبن لا ينشر الحرمة ، لما قلناه فيما تقدم ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو قول ( ـ ح ـ ) (١). والأخر أنه ينشر الحرمة ، وبه قال ( ـ م ـ ) ، واختاره المزني.
مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شيب اللبن بغيره ثمَّ سقي المولود لم ينشر الحرمة غالبا كان اللبن أو مغلوبا ، وسواء شيب بجامد كالدقيق والسويق والأرز ونحوه أو بمائع كالماء والخل واللبن ، مستهلكا كان أو غير مستهلك بدلالة قوله تعالى ( وَأُمَّهاتُكُمُ اللّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ) (٢) وهذه ما أرضعت.
وقال ( ـ ش ـ ) : ينشر الحرمة وان كان مستهلكا في الماء ، وانما ينشر الحرمة إذا تحقق وصوله الى جوفه ، مثل أن حلبت في قدح وصب عليه الماء واستهلك فيه
__________________
(١) م : وبه قال ( ـ ح ـ ).
(٢) سورة النساء : ٢٣.
فشرب كل الماء نشر الحرمة ، لأنا قد تحققنا وصوله الى جوفه ، وان لم يتحقق ذلك لم ينشر الحرمة ، مثل أن وقعت قطرة في حب من الماء ، فإنه إذا شرب بعض الماء لم ينشر الحرمة ، لأنا لا نتحقق وصوله الى جوفه الا بشرب الماء ، وهكذا حققه أبو العباس.
وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان مشوبا بجامد ، كالسويق والدقيق والأرز والدواء لم ينشر الحرمة ، غالبا كان اللبن أو مغلوبا. وان كان مشوبا بمائع ، كالماء والخمر والخل والدم ، نشر الحرمة ان كان غالبا ، ولم ينشرها مغلوبا (١).
وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان كان غالبا نشرها ، وان كان مغلوبا مستهلكا لم ينشرها ، والجامد والمائع سواء. قال (٢) : فان شيب لبن امرأة بلبن امرأة أخرى وشربه مولود فعند ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) هو ابن التي غلب لبنها دون الأخرى. وقال ( ـ م ـ ) : هو ابنهما معا.
مسألة ـ ١٢ ـ : إذا جمد اللبن أو اغلى لم ينشر الحرمة ، لما قلناه في المسألة الاولى (٣) ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ينشرها.
مسألة ـ ١٣ ـ : إذا ارتضع مولود من لبن بهيمة شاة أو بقرة أو غيرهما ، لم يتعلق به تحريم بحال ، وبه قال جميع الفقهاء. وروي عن بعض السلف أنه يتعلق به التحريم ، وربما حكي ذلك عن ( ـ ك ـ ).
مسألة ـ ١٤ ـ : لبن الميتة لا ينشر الحرمة ، ولو ارتضع أكثر الرضعات حال الحياة وتمامها بعد الموت ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) (٤) : لبنها بعد وفاتها كما هو في حال حياتها.
__________________
(١) م : كان مغلوبا لم ينشرها.
(٢) م : قالوا.
(٣) م : لما قلناه في ما تقدم.
(٤) م : وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) ينشر الحرمة.
ان كانت له زوجة مرتضعة
مسألة ـ ١٥ ـ : ان كانت له زوجة مرتضعة ، فأرضعتها (١) من يحرم عليه بنتها انفسخ النكاح بلا خلاف ، ولا يلزمه شيء من المهر إذا لم يكن بامرأة ، لأنه لا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه نصف المهر قياسا على المطلقة.
مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أرضعتها من تحرم عليه بنتها ، مثل أمه أو جدته أو ابنته أو أخته أو امرأة أخيه بلبن أخيه ، فانفسخ النكاح لم يكن للزوج على المرضعة شيء قصدت المرضعة فسخ العقد أو لم تقصد ، لما قلناه في المسألة الأولى المتقدمة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمها الضمان ، قصدت فسخ النكاح أو لم يقصد. وقال ( ـ ح ـ ) : ان قصدت فسخ النكاح ، فعليها الضمان. وان لم تقصد فلا ضمان عليها ، والضمان (٢) عند ( ـ ش ـ ) نصف مهر المثل ، وعند ( ـ ح ـ ) نصف المسمى.
مسألة ـ ١٧ ـ : إذا كانت له زوجة كبيرة لها لبن من غيره ، وله ثلاث زوجات صغار لهن دون الحولين ، فأرضعت منهن واحدة بعد واحدة ، فإذا أرضعت الاولى الرضاع المحرم انفسخ نكاحها ونكاح الكبيرة ، فإذا أرضعت الثانية فإن كان دخل بالكبيرة انفسخ نكاح الثانية ، وان لم يكن دخل بها فنكاحها بحاله ، لأنها بنت من لم يدخل بها ، فإذا أرضعت بعد ذلك الثالثة صارت الثالثة أخت الثانية من رضاع وانفسخ نكاحها ونكاح الثانية ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم ، وهو اختيار المزني.
وقال في الأم : ينفسخ الثالثة وحدها ، لان النكاح الثانية كان صحيحا بحاله
__________________
(١) د : فارتضعتها.
(٢) م : فسخ العقد أو لم تقصد وقال ( ـ ح ـ ) ان قصدت فسخ النكاح فعليها الضمان والا فلا.
وانما تمَّ الجمع بينهما وبين الثانية بفعل الثالثة ، فوجب أن ينفسخ نكاحها.
يدل على المسألة قوله عليهالسلام « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » وهذه أخته من أمه من جهة الرضاع.
مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تقبل شهادة النساء عندنا في الرضاع على وجه.
وقال ( ـ ح ـ ) ، وابن أبي ليلى : لا تقبل شهادتهن منفردا إلا في الولادة ، وروي ذلك عن ابن عمر.
وقال ( ـ ش ـ ) : شهادتهن على الانفراد تقبل في أربعة مواضع : الولادة ، والاستهلال والرضاع ، والعيوب تحت الثياب ، وبه قال ابن عباس ، والزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).
مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد قلنا ان شهادة النساء لا تقبل في الرضاع على وجه الانفراد ولا مع الرجال ، وانما تقبل منفردات في الوصية والولادة والاستهلال والعيوب وتحتاج إلى شهادة أربعة منهن ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الموضع الذي تقبل شهادتهن منفردات.
وقال ( ـ ك ـ ) : تقبل شهادة اثنتين. وقال الزهري ، و ( ـ ع ـ ) : تثبت بشهادة امرأة واحدة. وقال ( ـ ح ـ ) : كلما يثبت بشهادة النساء على الانفراد يثبت بواحدة.
مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا قال الرجل بمن هو أكبر سنا منه ، أو مثله في السن : هو ابني من الرضاع ، أو قالت المرأة ذلك ، سقط قولهما ولم يقبل إقرارهما بذلك لأنا نعلم كذبه في ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يسقط ، لأنه يقول لو قال لمن هو أكبر سنا منه هذا ابني وكان عبدا عتق (١) عليه بالنسب.
__________________
(١) م : أعتق.
كتاب النفقات
مسألة ـ ١ ـ : يجوز ان يتزوج أربعا بلا خلاف والاستحباب أن لا يزيد على ما يعلم أنه يقوم بها. وقال جميع الفقهاء : يستحب الاقتصار على واحدة. وقال داود : المستحب أن لا يقتصر على واحدة ، لأن النبي عليهالسلام قبض عن تسعة.
مسألة ـ ٢ ـ : من وجب إخدامها من الزوجات ، فلا يجب عليه أكثر من خادم واحد ، لان ذلك مجمع عليه ، وما زاد على واحد ليس عليه دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان كانت من أهل الحشم والخدم ، ومثلها لا يقتصر على خادم واحد فعلى الزوج أن يخدمها من العدد بقدر حالها ومالها.
مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : نفقة الزوجات مقدرة وهي مد قدره رطلان وربع. وقال ( ـ ش ـ ) : نفقاتهن على ثلاثة أقسام : ان كان الزوج موسرا فمدان ، وان كان متوسطا فمد ونصف ، وان كان معسرا فمد واحد ، والاعتبار بالزوج ، والمد عنده رطل وثلث.
وقال ( ـ ك ـ ) : نفقة الزوجة غير مقدرة بل عليه لها الكفاية ، والاعتبار بها لا به.
وقال ( ـ ح ـ ) : نفقتها غير مقدرة والاعتبار بقدر كفايتها كنفقة الأقارب ، والاعتبار بها لا به قال : ان كان موسرا ، فمن سبعة إلى ثمانية في الشهر. وان كان معسرا فمن أربعة
إلى خمسة ، قال أصحابه : هذا كان يقوله والنقد جيد والسعر رخيص ، فاما اليوم فإنها بقدر الكفاية.
مسألة ـ ٤ ـ : إذا كان الزوج كبيرا والزوجة صغيرة لا يجامع مثلها فلا نفقة لها ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دليل على وجوب نفقتها عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) الصحيح عندهم ، والقول الأخر أن لها النفقة.
مسألة ـ ٥ ـ : إذا كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيرا ، فلا نفقة لها وان بذلت التمكين ، لما قلناه في المسألة الاولى (١) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأصح عندهم أن لها النفقة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة ـ ٦ ـ : إذا كانا صغيرين ، فلا نفقة لها. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٧ ـ : إذا أحرمت بغير اذنه ، فان كان في حجة الإسلام لم يسقط نفقتها وان كان تطوعا سقط نفقتها. وقال ( ـ ش ـ ) : سقطت نفقتها قولا واحدا ، لأن طاعة الزوج مقدمة ، فإنها على الفور والحج على التراخي.
ويدل على المسألة إجماع الفرقة على أنه لا طاعة للزوج عليها في حجة الإسلام ، فلا يسقط نفقتها لأجل ذلك ، ولان نفقتها واجب (٢) بالزوجية ، فاسقاطها يحتاج الى دليل.
مسألة ـ ٨ ـ : إذا أحرمت بإذنه وحدها ، لم يسقط نفقتها ، لما قلناه فيما تقدم.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٩ ـ : إذا اعتكفت بإذنه وحدها ، لم يسقط نفقتها ، لما قلناه فيما تقدم.
ولل ( ـ ش ـ ) (٣) فيه قولان.
__________________
(١) م : لما قلناه في ما تقدم.
(٢) م : واجب عليه بالزوجية.
(٣) م : نفقتها ولل ( ـ ش ـ ).
مسألة ـ ١٠ ـ : إذا صامت تطوعا ، فان طالبها بالإفطار فامتنعت ، كانت ناشزا وسقطت نفقتها. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.
مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نشزت المرأة سقطت نفقتها ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال الحكم : لا تسقط نفقتها بالنشوز ، لأنها وجبت بالملك وبالنشوز لا يزيل الملك (١).
مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اختلفا الزوجان بعد أن سلمت نفسها إليه في قبض المهر أو النفقة ، فالذي رواه أصحابنا أن القول قول الزوج وعليها البينة ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : القول قول المرأة مع يمينها (٢).
مسألة ـ ١٣ ـ : إذا ارتدت الزوجة ، سقطت النفقة ووقف النكاح على انقضاء العدة ، فإن عادت في زمان العدة وجبت نفقتها في المستأنف ، ولا يجب لها شيء لما فات (٣) في الزمان الذي كانت كافرة مرتدة ، بدلالة أن الإجماع منعقد على سقوط نفقتها زمان ردتها ، وعودها يحتاج الى دليل.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان (٤) ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أن لها نفقة ما كانت مرتدة فيه.
مسألة ـ ١٤ ـ : إذا كانا وثنيين أو مجوسيين فسلم إليها نفقة شهر مثلا ثمَّ أسلم الزوج ، وقف النكاح على انقضاء العدة ، فإن أسلمت كانت زوجته ، وان لم تسلم حتى تخرج من العدة ، بانت منه وكان له مطالبتها بالنفقة التي دفعها إليها وكذلك لو أسلمت في آخر العدة ، كان له استرجاع النفقة ما بين زمان إسلامه
__________________
(١) م : بالملك.
(٢) م : القول قولها مع يمينها.
(٣) م : في المستأنف دون ما فات.
(٤) م : أن الإجماع اليه ولل ( ـ ش ـ ) قولان.
وإسلامها.
بدلالة أن النفقة في مقابلة الاستمتاع بها ، وهي إذا كانت وثنية وهو مسلم لم يمكنه الاستمتاع بها ، فجرت مجرى الناشز فلا نفقة لها.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أن ليس له الاسترجاع منها (١).
مسألة ـ ١٥ ـ : إذا أعسر الرجل ، فلم يقدر على النفقة على زوجته ، لم تملك الزوجة الفسخ ، وعليها أن تصبر الى أن يتيسر (٢) ، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك وقوله ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (٣) ولم يفصل ، وقوله تعالى ( إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٤) فندب الفقراء الى النكاح ، واليه ذهب الزهري وعطاء ، وأهل الكوفة ، وابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : هي مخيرة بين أن تصبر حتى إذا أيسر استوفت ما اجتمع لها ، وبين أن تختار الفسخ ينفسخ الحاكم بينهما ، وهكذا إذا أعسر بالصداق قبل الدخول ، فالاعسار عيب فلها الفسخ ، وبه قال سعيد بن المسيب (٥) ، وعطاء ، وحماد وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المطلقة البائن أو المختلعة لا سكنى لها ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال باقي الفقهاء : لها السكنى.
مسألة ـ ١٧ ـ : لا نفقة للبائن ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لها النفقة ، وبه قال عمر ، وابن مسعود ، واليه ذهب ( ـ د ـ ).
__________________
(١) م : أحدهما له الاسترجاع والأخر لا.
(٢) م : الى ميسورة وفي الخلاف : أن يوسر.
(٣) سورة البقرة : ٢٨٠.
(٤) سورة النور : ٣٢.
(٥) م : سعيد بن جبير.
ويدل على المسألة ـ بعد إجماع الطائفة ـ قوله تعالى (١) ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٢) فشرط الحمل عند ذكر النفقة.
وروى ( ـ « ك » ـ ) عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة عن أبي عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا وهو غائب بالشام ، فأرسل إليها وكيله شعيرا (٣) فسخطته فقال : والله مالك علينا من شيء ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكرت ذلك له فقال : ليست لك نفقة ، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ، ثمَّ قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي (٤) عند ابن أم مكتوم ، فإنه ضرير تضعين ثيابك حيث شئت.
مسألة ـ ١٨ ـ : البائن إذا كانت حاملا ، كان لها النفقة بلا خلاف ، وينبغي أن تعطي نفقتها يوما بيوم ، لان طريقة (٥) الاحتياط تقتضي ذلك. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وهو الأصح عندهم. والأخر : أنها لا تعطى حتى تضع فاذا وضعت أعطيت (٦) لما مضى.
مسألة ـ ١٩ ـ : يجب على الوالد نفقة الولد ان كان معسرا ، فان لم يكن أو كان وهو معسر فعلى جده ، فان (٧) لم يكن أو كان وهو معسر فعلى أبي الجد ، وعلى هذا يكون أبدا ، بدلالة الظواهر الواردة في وجوب النفقة على الولد ، فان ولد
__________________
(١) م : دليلنا قوله تعالى.
(٢) سورة الطلاق : ٦.
(٣) في الخلاف : كيل شعير.
(٤) م : يغشاها اعتدى.
(٥) م : لطريقة.
(٦) م : اعطى.
(٧) د : وان.
الولد يسمى ولدا والجد يسمى أبا ، فإن الله تعالى يقول ( يا بَنِي آدَمَ ) وقال ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ) (١) و ( اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ) (٢) فسماهم أبا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) (٣) : النفقة على أبيه ، فان لم يكن أو كان وهو معسر لم يجب على جده لان النسب قد بعد.
مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا لم يكن أب ولا جد ، أو كانا وكانا معسرين ، فنفقته على أمه بدلالة عموم الأخبار الواردة في وجوب النفقة على الولد ، ويدخل في ذلك الإباء والأمهات وانما قدمنا الإباء بدليل الإجماع ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجب على الأم الإنفاق ، لقوله ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٤) فالخطاب منصرف إلى الإباء. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : عليها أن تنفق لكن تتحملها عن الأب ، فإذا أيسر بها رجعت عليه بما أنفقت.
مسألة ـ ٢١ ـ : إذا اجتمع جد أبو أب وان علا وأم ، كانت النفقة على الجد دون الأم ، لأنا قد بينا أن الجد يتناوله اسم الأب ، والأب أولى بالنفقة على ولده من الام بلا خلاف ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : النفقة بينهما ، على الام الثلث ، وعلى الجد الثلثان بحسب الميراث.
مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا اجتمع أم أم وأم أب ، أو أبو أم وأم أب ، فهما سواء لأنهما تساويا في الدرجة والنفقة تكون بالقرابة ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ). والأخر أن أم
__________________
(١) سورة الحج : ٧٨.
(٢) سورة يوسف : ٣٨.
(٣) م : و ( ـ ك ـ ) يقول النفقة.
(٤) سورة الطلاق : ٦.
الأب أولى ، لأنها تدلى بعصبة.
مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تجب النفقة على الأب والجد معا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا تجب النفقة على الجد ، كما لا تجب على الجد النفقة عليه.
مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب عليه أن ينفق على امه وأمهاتها وان علون ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجب عليه أن ينفق وعلى أمه.
ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (١) أن رجلا قال يا رسول الله من أبر؟ قال : أمك ، قال : ثمَّ من؟ قال : أمك ، قال : ثمَّ من؟ قال : أمك ، قال : ثمَّ من؟ قال : أباك فجعل الأب في الرابعة.
مسألة ـ ٢٥ ـ : الوالد إذا كان كامل الاحكام ، مثل أن يكون عاقلا وكامل الخلقة بان لا يكون زمنا ، الا أنه فقير محتاج ، وجب على ولده أن ينفق عليه. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يجب عليه.
مسألة ـ ٢٦ ـ : الولد إذا كان كامل الاحكام والخلقة وكان معسرا ، وجب على والده أن ينفق عليه. ولل ( ـ ش ـ ) فيه طريقان ، منهم من قال : على قولين كالأب.
ومنهم من قال : ليس عليه أن ينفق عليه قولا واحدا ، لأن حرمة الأب أقوى.
مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا كان أبواه معسرين ، وليس يفضل عن كفايته إلا نفقة أحدهما ، كان بينهما بالسوية ، لأنهما تساويا في القرابة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه أحدها : ما قلناه. والثاني : أن الأب أولى. والثالث : أن الأم أولى.
مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا كان له ابن مراهق كامل الخلقة ناقص الاحكام ، وأب كامل الاحكام ناقص الخلقة ، ومعه ما يفضل عن نفقة (٢) أحدهما ، قسم بينهما بالسوية لتساويهما في السبب الموجب للنفقة عليهما.
__________________
(١) م : دليلنا ما روى.
(٢) م : ما يفضل لنفقة.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : الابن أولى ، لأن نفقته ثبت بالنص ، ونفقة الأب بالاجتهاد. والثاني : الأب أولى.
مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا كان له أب وأبو أب معسرين ، أو ابن وابن ابن معسرين (١) ومعه ما يكفي لنفقة أحدهما ، أنفق على الأب دون الجد ، وعلى الابن دون ابن الابن لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٢) وذلك عام في كل شيء.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أنه بينهما.
مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا كان معسرا وله أب وابن موسران ، كانت نفقته عليهما بالسوية ، لثبوت جهة النفقة عليهما ، بإجماع الفرقة ، وعدم الترجيح ، وهو أحد وجهي ( ـ « ش » ـ ). والثاني : نفقته على أبيه ، لأنه إنفاق على ولد ، وذلك ثابت بالنص.
مسألة ـ ٣١ ـ : إذا اختلف الناس في وجوب نفقة الغير على الغير بحق النسب على أربعة مذاهب فأضعفهم قولا ( ـ « ك » ـ ) لأنه قال : يقف (٣) على الولد والوالد ينفق كل واحد منهما على صاحبه ولا يتجاوزه.
ويليه ( ـ « ش » ـ ) فإنه قال : يقف على الوالدين والمولودين ولا يتجاوز ، فعلى كل أب وان علا وكل أم وان علت ، وكذلك كل جد من قبلها وجدة ، أو من قبل الأب وعلى المولودين كانوا من ولد البنين أو البنات وان سفلوا ، فالنفقة يقف على هذين العمودين ولا يتجاوز.
ويليه مذهب ( ـ « ح » ـ ) فإنه قال : يتجاوز عمود الوالدين والمولودين ، ويدور على كل ذي رحم محرم بالنسب ، فيجب على الأخ لأخيه وأولادهم والأعمام
__________________
(١) م : وكانا معسرين.
(٢) سورة الأنفال : ٧٥ والأحزاب : ٦.
(٣) د : لأنه يقف.
والعمات والأخوال والخالات دون أولادهم ، لأنه (١) ليس بذي رحم محرم بالنسب.
والرابع هو مذهب عمر بن الخطاب ، وهو أعم الناس قولا ، فإنه قال : يجب على من عرف بقرابته.
والذي يقتضيه مذهبنا ما قاله ( ـ « ش » ـ ) لعموم أخبارنا الواردة في أن النفقة تجب على الوالدين والولد ، وذلك متناول لهذين العمودين وان كان قد روي في بعضها أن كل من يثبت (٢) بينهما موارثة تجب نفقته ، وذلك محمول على الاستحباب ويمكن نصرة هذه الرواية بقوله تعالى ( وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ ) (٣) فأوجب على الوارث مثل ما أوجب على الوالد.
ويدل على الأول ما رواه أبو هريرة أن رجلا أتى النبي عليهالسلام فقال : يا رسول الله عندي دينار ، فقال : أنفقه على نفسك ، قال : عندي آخر ، قال : أنفقه على ولدك قال : عندي آخر ، قال : أنفقه على أهلك ، قال : عندي آخر قال : أنفقه على خادمك ، قال : عندي آخر ، قال : أنت أعلم. وفي بعضها : أنفقه في سبيل الله وذلك أيسر.
مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا وجبت النفقة على الرجل : اما نفقة يوم بيوم ، أو ما زاد عليه للزوجة أو غيرها من ذوي الأنساب ، أو عليه دين وامتنع من قضائه ، ألزمه الحاكم أعطاه ، فان لم يفعل حبسه ، فان لم يفعل ووجد له من جنس (٤) ما عليه أعطاه إياه ، وان كان من غير جنسه باع عليه وأنفق على من تجب عليه نفقته ، لإجماع الفرقة على أن من عليه حق وامتنع منه ، فإنه يباع عليه ملكه ، وذلك عام في الحقوق
__________________
(١) م : لأنهم.
(٢) د : كل ثبت.
(٣) سورة البقرة : ٢٣٣.
(٤) م : وجد عنده من جنس.
اللازمة والديون ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان وجد له من جنس ما عليه أعطاه ، والا حبسه حتى يتولى هذا البيع ولا يبيع عليه الا الدراهم والدنانير ، فإنه يبيع كل واحد منهما بالآخر ويوفي ما عليه وأجاز في نفقة الزوجة له إذا كان (١) زوجها غائبا وحضرت عند الحاكم تطالب بنفقتها وحضر أجنبي ، فاعترف بان للغائب ملكا وهذه زوجته ، فإنه يأمره الحاكم ببيعه والنفقة عليها ، ولم يجز في غير ذلك.
مسألة ـ ٣٣ ـ : ليس للرجل أن يجبر زوجته على إرضاع ولدها منه ، شريفة كانت أو مشروفة ، موسرة كانت أو معسرة ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : له إجبارها إذا كانت معسرة دنية ، وليس له ذلك إذا كانت شريفة موسرة ، وقال أبو ثور : له إجبارها عليه بكل حال ، لقوله تعالى ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ ) (٢) وهذا خبر معناه (٣) الأمر.
مسألة ـ ٣٤ ـ : البائن إذا كان لها ولد يرضع ووجد الزوج من يرضعه تطوعا وقالت الأم : أريد أجرة (٤) المثل ، كان له أن ينتقل الولد عنها ، لقوله تعالى ( وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى ) (٥) وبه قال ( ـ ح ـ ) وقوم من أصحاب ( ـ ش ـ ).
ومنهم من قال : المسألة على قولين ، أحدهما : ما قلناه والثاني : ليس له نقله عنها ، ويلزمه أجرة المثل ، وهو اختيار أبي حامد.
__________________
(١) م : الزوجة إذا كان.
(٢) سورة البقرة : ٢٣٣.
(٣) م : معناها.
(٤) د : أريد به.
(٥) سورة الطلاق : ٦.
مسألة ـ ٣٥ ـ : البنت إذا كانت بالغة رشيدة ، يكره لها أن يفارق أمها حتى تتزوج ، ولا يجب ذلك عليها ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجب عليها أن لا يفارق أمها حتى تتزوج ويدخل بها.
مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بانت المرأة من الرجل ولها ولد منه ، فان كان طفلا لا يميز ، فهي أحق به بلا خلاف. وان كان طفلا يميز ، وهو إذا بلغ سبع سنين أو ثمان (١) سنين فما فوقها الى حد البلوغ ، فان كان ذكرا ، فالأب أحق به ، وان كان أنثى ، فالأم أحق بها (٢) ما لم يتزوج ، فان تزوجت فالأب أحق بها ، ووافقنا ( ـ ح ـ ) في الجارية. وقال في الغلام : الأم أحق به حتى يبلغ حدا يأكل ويشرب ويلبس بنفسه ، فيكون أبوه أحق به.
وقال ( ـ ش ـ ) : مخير بين أبويه ، فإذا اختار أحدهما سلم اليه ، وبه قال علي عليهالسلام فيما رووه ، وعمر ، وأبو هريرة. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان جارية فأمها أحق بها حتى يبلغ وتتزوج ويدخل بها الزوج ، وان كان غلاما فأمه أحق به حتى يبلغ.
مسألة ـ ٣٧ ـ : الموضع الذي قلنا الأب (٣) أحق بالولد أو الأم أحق به ، لا يختلف الحال بين أن يكون مقيما أو مسافرا ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في ذلك.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت المسافة يقصر فيها الصلاة ، فالأب أحق بكل حال.
وان لم يقصر ، فهو كالإقامة. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان المنتقل الأب ، فالأم أحق به.
وان كانت الأم منتقلة ، فان انتقلت من قرية إلى بلد فهي أحق به ، وان انتقلت من بلد إلى قرية فالأب أحق به ، لأن في السواد يسقط تعليمه وتخريجه.
__________________
(١) م : ثمانية.
(٢) م : أحق به.
(٣) م : قلنا ان الأب.
مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تزوجت الام سقط حقها من حضانة الولد ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال الحسن البصري : لا يسقط حقها بالنكاح.
ويدل على المسألة ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روي (١) أن امرأة قالت : يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حذاء (٢) ، وان أباه طلقني وأراد ان ينزعه عني ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت أحق به ما لم تنكحي.
مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا طلقها زوجها ، عاد حقها من الحضانة ، لأن النبي عليهالسلام علق ذلك بالتزويج ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : لا يعود ، لان النكاح أبطل حقها.
إذا طلقها الزوج طلقة رجعية ، لم يعد حقها ، وان طلقها بائنا عاد ، بدلالة أن الرجعية تكون في حكم الزوجة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، والمزني. وقال ( ـ ش ـ ) : يعود على كل حال.
مسألة ـ ٤٠ ـ : الأخت للأب أولى بالحضانة من الأخت للأم ، بدلالة أنها أولى بالميراث ، لان لها النصف ولهذه السدس ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : الأخت للأم (٣) أولى ، وبه قال المزني ، وابن سريج (٤).
مسألة ـ ٤١ ـ : الجدات أولى بالولد من الأخوات ، بدلالة ما ثبت (٥) أن الأم أولى ، واسم الام يقع على الجدة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
__________________
(١) م : يدل على ذلك ما روى.
(٢) في الخلاف : حواء.
(٣) م : بالأم.
(٤) م : ابن شريح.
(٥) م : ما يثبت.
مسألة ـ ٤٢ ـ : أم الأب أولى بالولد من الخالة ، بدلالة ما (١) قلناه فيما تقدم.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٤٣ ـ : لاب الام وأم الأب حضانة (٢). بدلالة أن اسم الأب والام يتناولهما. وقال ( ـ ش ـ ) : لا حضانة لهما ، وهما (٣) بمنزلة الأجنبي.
مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا لم يكن أم ، وهناك أم أم ، أو جدة أم أم ، وهناك أب ، فالأب أولى ، بدلالة آية « أولي الأرحام » وقال ( ـ ش ـ ) : أم الأم وجداتها أولى من الأب وان علون.
مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا كان مع الأب أخت من أم (٤) أو خالة ، أسقطهما لما قلناه في المسألة المتقدمة ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان (٥).
مسألة ـ ٤٦ ـ : العمة والخالة إذا اجتمعتا ، تساويتا وأقرع بينهما ، لتساويهما في القرابة. وقال ( ـ ش ـ ) : الخالة أولى.
مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا اجتمع جد وخالة وأخت لأم (٦) ، فالجد أولى ، لما قلناه فيما تقدم. ولل ( ـ ش ـ ) وجهان.
مسألة ـ ٤٨ ـ : أم أب وجد متساويان لما قلناه فيما تقدم. وقال ( ـ ش ـ ) : الجد يسقط بها.
مسألة ـ ٤٩ ـ : أخت لأب وجد (٧) متساويان. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما :
__________________
(١) م : من الخالة لما قلناه.
(٢) م : لاب الام وأم أب الأم حضانة.
(٣) م : وهم.
(٤) م : أخت من الام.
(٥) م : لما قلناه فيما تقدم ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.
(٦) م : وأخت الأم.
(٧) م : أخت الأب وجدة.