المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

فأما اليمين بالطلاق والعتاق والصدقة وغير ذلك ، فلا يكون إيلاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم.

وقال (١) في الجديد : يكون موليا لجميع ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينعقد الإيلاء إلا بالنية إذا كان بألفاظ مخصوصة ، وهي أن يقول : لا أنيكك ، ولا أدخل ذكري في فرجك ، لا أغيب ذكري في فرجك.

وقال ( ـ ش ـ ) : هذه ألفاظ صريحة في الإيلاء ، ولا يحتاج معها إلى النية ، فمتى لم ينوبها الإيلاء حكم عليه بها ، وان لم ينعقد فيما بينه وبين الله ، وزاد في البكر لا افتضك ، وهذا لا يجوز عندنا ، لأن الإيلاء لا يكون الا بعد الدخول بها.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال : والله لا جامعتك ، لا أصبتك ، لا وطأتك ، وقصد به الإيلاء كان إيلاء ، وان لم يقصد ذلك لم يكن موليا ، وهي حقيقة في العرف في الكناية عن الجماع.

وقال ( ـ ش ـ ) : هذه صريح في الحكم ، لكنه يدين فيما بينه وبين الله ، وثبت انها بالعرف عبارة عن النيك مثل ما قلناه ، فإذا أطلق وجب حملها على ذلك مثل الصريحة.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال : والله لا باشرتك ، لا لامستك ، لا باضعتك وقصد بها الإيلاء والعبارة عن الوطي كان موليا ، وان لم يقصد لم يكن بها موليا.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : صريح في الإيلاء. وقال في الجديد : كناية عن ذلك ، فان نوى الإيلاء كان موليا ، وان لم ينو لم يكن موليا ، وان (٢) أطلق

__________________

(١) م : قال ( ـ ش ـ ) في القديم وفي الجديد.

(٢) م : فان نوى الإيلاء.

٢٢١

فعلى قولين.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا قال : والله لا جمع رأسي ورأسك شي‌ء أو مخدة ، والله لاسوئنك ، والله لأطيلن غيبتي عنك ، كل (١) هذا لا ينعقد به الإيلاء ، لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : هذه كنايات (٢) الإيلاء.

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا امتنع بعد الأربعة أشهر من الفئة والطلاق وماطل ودافع ، لا يجوز أن يطلق عليه ، لكنه يضيق عليه ويحبس ، ويلزم الطلاق أو الفئة ، وليس للسلطان (٣) أن يطلق عليه ، لإجماع الفرقة ، ولقوله عليه‌السلام « الطلاق لمن أخذ بالساق ».

ولل ( ـ ش ـ ) قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أن له أن يطلق عليه ، وهو قوله الجديد ، وعند ( ـ ح ـ ) يقع الطلاق بانقضاء المدة.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا طلق المولى طلقة كانت رجعية ، لأن الأصل في الطلقة الرجعية (٤) أن تكون رجعية ، ولا دليل على كونها بائنة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) إذا كان في المدخول بها. وقال أبو ثور : يكون بائنة على كل حال.

مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال ان (٥) أصبتك فأنت علي حرام ، لم يكن موليا ولا يتعلق به حكم ، لإجماع الفرقة على أن الإيلاء لا يقع الا باسم من أسماء الله.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان قلنا انه كناية ولم ينو لم يتعلق به حكم ، وان قلنا صريح في

__________________

(١) م : وكل هذا.

(٢) م : هذه كناية.

(٣) م : ليس السلطان.

(٤) م : لأن الأصل فيها أن يكون رجعية و ( ـ د ـ ) ، لأن الأصل في الطلقة أن تكون رجعية.

(٥) م ، د : إذا قال أصبتك.

٢٢٢

إيجاب الكفارة أو قلنا كناية فنوى تحريم عينها ، كان موليا على القول الجديد ، ولا يكون موليا على القول القديم ، لأنه يمين بغير الله.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا قال : ان أصبتك فلله علي أن أعتق عبدي ، لا يكون موليا لما قلناه في المسألة الاولى. ولل ( ـ ش ـ ) (١) قولان.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الإيلاء لا يقع بشرط ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة (٢) ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الإيلاء في الرضا والغضب سواء إذا قصد به الإيلاء بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وان لم يعتبر النية.

وقال ( ـ ك ـ ) : إذا آلى في حال الغضب كان موليا ، وان آلى في حال الرضا لم يكن موليا (٣).

مسألة ـ ١٤ ـ : مدة التربص أربعة أشهر ، سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، أو الزوجة حرة أو أمة ، بدلالة عموم الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : الاعتبار بالرجل ، فان كان عبدا فالمدة شهران ، وان كان حرا فأربعة أشهر. وقال ( ـ ح ـ ) : الاعتبار بالمرأة فإن كانت حرة فأربعة أشهر ، وان كانت أمة فشهران.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا (٤) اختلفا في انقضاء المدة أو ابتداء اليمين ، كان القول قوله مع يمينه عند ( ـ ش ـ ) ، وهذا لا يصح على مذهبنا ، لأنا نعتبر المدة من عند الترافع الى الحاكم لا من وقت اليمين.

__________________

(١) م : لل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

(٢) م : في ( ـ د ـ ) وخالف جميع الفقهاء في ذلك مسألة ( ـ ج ـ ) لا حكم للإيلاء قبل الدخول وخالف جميع الفقهاء في ذلك. مسألة ( ـ ج ـ ) الإيلاء في الرضا والغضب سواء.

(٣) م : لم يكن موليا دون الرضا.

(٤) م : ان اختلفا.

٢٢٣

مسألة ـ ١٦ ـ : الإيلاء يقع بالرجعية (١) بلا خلاف ، ويحتسب من مدتها زمان العدة (٢) ، وبه قال ( ـ ح ـ ). ويدل على المسألة ما بيناه في كتاب الرجعة من أن الرجعية لا تحرم الوطي. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يحتسب عليه زمان العدة.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا آلى (٣) منها ثمَّ وطأها ، كان عليه الكفارة ، سواء كان الواطئ (٤) في المدة أو بعده. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا كفارة عليه.

مسألة ـ ١٨ ـ : يصح الإيلاء من الذمي كما يصح من المسلم ، بدلالة عموم الاية ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : لا يصح الإيلاء من الذمي (٥).

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا آلى لمصلحة ولده خوفا من الحمل ، فيضر ذلك بولده المرتضع ، فلا حكم له ولا يتعلق به حنث ولا يوقف أصلا ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

__________________

(١) م : الإيلاء لا يقع بالرجعية.

(٢) د : ويحتسب من مدتها زمان وبه قال ( ـ ح ـ ).

(٣) د : إذا اتى منها.

(٤) م : سواء كان الوطي في المدة أو بعده.

(٥) م : لا يصح الإيلاء منه.

٢٢٤

كتاب الظهار

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ظهار العبد المسلم صحيح ، وبه قال جميع الفقهاء وحكي عن بعضهم ولم يسموه أنه قال لا يصح.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يصح من الكافر الظهار ولا التكفير ، لأن الكفارة تحتاج إلى نية القربة ، ولا يصح ذلك من الكافر ، وإذا لم يصح منه الكفارة لم يصح منه الكفارة لم يصح منه الظهار ، لأن أحدا لا يفرق بينهما (١) ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يصح منه الظهار (٢) والكفارة بالعتق والإطعام ، فاما الصوم فلا يصح منه.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقع الظهار قبل الدخول بالمرأة ، وخالف (٣) جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر من امرأته ، ثمَّ طلقها طلقة رجعية ، حكم بصحة ظهاره وسقطت عنه الكفارة ، فإن راجعها عادت الزوجية ووجبت الكفارة.

__________________

(١) م : لا يفرق عنهما.

(٢) م : وقال ( ـ ش ـ ) يصح الظهار.

(٣) م : لا يقع الظهار قبل الدخول وخالف.

٢٢٥

ولل ( ـ ش ـ ) قولان ، إذا قال : الرجعة عود فاذا راجعها ثمَّ طلق لزمته الكفارة وإذا قال : لا يكون عودا فاذا طلقها عقيب الرجعة ، لم يلزمه الكفارة حتى يمضي بعد الرجعة زمان يمكن فيه الطلاق (١).

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر منها ثمَّ أبانها ، فإن طلقها تطليقة بائنة ، أو طلقها وخرجت من عدتها ، ثمَّ عقد عليها عقدا آخر (٢) فإنه لا يعود حكم الظهار.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أبانها بدون الثلاث ثمَّ تزوجها ، يعود على قوله القديم قولا واحدا ، وعلى الجديد فيه قولان ، وان ابانها بالثلاث ثمَّ تزوجها ، ففيه قولان على قوله القديم ، وعلى الجديد فيه قول واحد.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ظهار السكران غير واقع ، وروي ذلك عن عثمان ، وابن عباس ، وبه قال الليث ، والمزني ، وداود. وقال كافة الفقهاء : انه يصح ورووا ذلك عن علي عليه‌السلام وعمر.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر وعاد فلزمته الكفارة ، يحرم عليه وطئها حتى يكفر ، فان ترك العود والتكفير أجل ثلاثة (٣) أشهر ، ثمَّ يطالب بالتكفير أو الطلاق مثل المولى بعد (٤) أربعة أشهر.

وقال ( ـ ح ـ ) (٥) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يلزمه شي‌ء من ذلك ، ولا يصير موليا ، وبه (٦) قال ( ـ ر ـ ).

مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الظهار يقع بالأمة (٧) المملوكة والمدبرة وأم الولد ،

__________________

(١) م : زمان يمكنه الطلاق.

(٢) م : ثمَّ عقد عليها آخر.

(٣) د : أجل بثلاثة.

(٤) م : مثل المولى تعدد.

(٥) م ، د : وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ).

(٦) م : لا يصير موليا بعد أربعة أشهر وبه.

(٧) م : الظهار بالأمة.

٢٢٦

مثل ما يقع بالزوجية سواء ، وبه قال علي عليه‌السلام و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) : لا يقع الظهار الا بالزوجات.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال أنت علي كيد أمي أو رجلها وقصد به الظهار كان مظاهرا ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر لا يكون مظاهرا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، قال : إذا علق بالرأس والفرج وجزء من الاجزاء المشاعة يكون مظاهرا ، وإذا علق باليد والرجل لم يكن مظاهرا.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا قال لها : أنت علي كظهر بنتي ، أو بنت ابني ، أو بنت بنتي ، أو أختي ، أو بنتها ، أو عمتي ، أو خالتي ، فإن أخبار أصحابنا قد اختلفت في ذلك ، فالأظهر الأشهر الأكثر أن يكون مظاهرا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد.

ويدل عليه قوله تعالى ( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) (١) وذلك موجودا في غير الأمهات والرواية الأخرى أنه لا يكون مظاهرا إلا إذا شبهها بامه وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) في القديم ، ويدل عليه قوله تعالى ( ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللّائِي وَلَدْنَهُمْ ) (٢) فأنكر عليهم تشبيه المرأة بالأم ، فوجب تعليق الحكم بذلك دون غيره.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يصح الظهار قبل التزويج ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) : يصح.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا قال لها : متى تزوجتك فأنت طالق ، وأنت علي كظهر أمي ، أو متى (٣) تزوجتك فأنت علي كظهر أمي وأنت طالق ، لم ينعقد بذلك طلاق ولا ظهار ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

__________________

(١) سورة المجادلة : ٢.

(٢) سورة المجادلة : ٢.

(٣) د : ومتى.

٢٢٧

وقال ( ـ ح ـ ) : يقع الطلاق ولا يقع الظهار. وقال ( ـ ك ـ ) : يقعان معا.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال : أنت علي كظهر أمي ولم ينو الظهار لم يقع الظهار ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقال (١) : هو صريح في الظهار لا يعتبر فيه النية (٢).

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال : أنت علي كظهر أمي ونوى به الطلاق (٣) لم يقع به الطلاق ولا الظهار ، ونص ( ـ ش ـ ) في أكثر كتبه أنه يكون طلاقا ، ونقل المزني في بعض النسخ أنه يكون ظهارا.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الظهار لا يقع إلا إذا كانت المرأة طاهرة طهرا لم يقربها فيه بجماع ويحضر شاهدان مثل الطلاق ، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا قال : أنت علي حرام كظهر أمي ، لم يكن ظهارا ولا طلاقا نوى ذلك أو لم ينو ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه خمس مسائل ، أحدها : أن ينوي الطلاق. والثانية : ينوي الظهار. والثالثة : يطلق ولا ينوي شيئا. والرابعة : ينوي الطلاق والظهار معا. والخامسة : ينوي تحريم عينها. فقال في هذه المسائل : إذا أطلق كان ظهارا ، وان نوى غير الظهار قبل منه نوى الظهار أو غيره ، وعلى قول بعض أصحابه يلزمه الظهار ، ولا يقبل نيته في الطلاق ولا غيره.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا كانت له زوجتان ، فقال لإحداهما : أنت علي كظهر

__________________

(١) م : قالوا.

(٢) م : لا يعتبر فيه.

(٣) م : نوى به الطلاق.

٢٢٨

أمي ، ثمَّ قال للآخر : ان شركتك (١) معها ، فإنه لا يقع بالثانية حكم ، نوى الظهار أو لم ينو (٢) ، لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ذلك كناية ، فإن نوى الظهار كان ظهارا ، وان لم ينو لم يكن شيئا.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر من أربع نسوة لم يخل : اما أن يظاهر بكلمة واحدة ، أو يظاهر من كل واحدة بكلمة منفردة ، فإن ظاهر من كل (٣) واحدة بكلمة منفردة ، لزمه لكل واحدة كفارة بلا خلاف ، وان ظاهر منهن كلهن بكلمة (٤) واحدة ، بأن يقول : أنتن علي كظهر أمي ، لزمه عن كل واحدة كفارة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أصح قوليه. وقال في القديم : يجب عليه كفارة واحدة.

مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لزوجته : أنت علي كظهر أمي ، أنت علي كظهر أمي ، أنت علي كظهر أمي ، ونوى (٥) بكل واحدة من الألفاظ ظهارا مستأنفا لزمته عن كل مرة كفارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد ، وقال في القديم : عليه كفارة واحدة.

مسألة ـ ٢٠ ـ : الظهار على ضربين : أحدهما أن يكون مطلقا ، فإنه يجب به الكفارة متى أراد الوطي. والأخر : أن يكون مشروطا ، فلا يجب الكفارة إلا بعد حصول شرطه ، فاذا كان مطلقا لزمته الكفارة قبل الوطي ، فان وطئ قبل أن يكفر لزمته كفارتان ، وكلما وطئ لزمته كفارة أخرى. وان كان مشروطا وحصل شرطه لزمته كفارة ، فإن وطئ قبل أن يكفر لزمته كفارتان.

__________________

(١) م : قال للآخر أشركتك.

(٢) م : نوى أو لم ينو.

(٣) د : فان ظاهر عن كل.

(٤) م : ان ظاهر منهن بكلمة.

(٥) م : أنت على كظهر أمي أربع مرات ونوى.

٢٢٩

وفي أصحابنا من قال : انه إذا كان بشرط ، لا يقع مثل الطلاق. واختلف الناس في السبب الذي يجب به كفارة الظهار على ثلاثة مذاهب ، فذهب مجاهد ، و ( ـ ر ـ ) إلى أنها يجب بتعيين التلفظ بالظهار ، ولا يعتبر فيها أمر آخر ، وذهبت طائفة إلى أنها يجب بظهار وعود.

ثمَّ اختلفوا في العود ما هو؟ على أربعة مذاهب ، فذهب ( ـ ش ـ ) الى أن العود أن يمسكها زوجته بعد الظهار مع قدرته على الطلاق ، فاذا وجد ذلك صار عائدا ولزمته الكفارة ، وذهب (١) ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) الى أن العود هو العزم (٢) على الوطي.

وذهب الزهري ، والحسن ، وطاوس الى أن العود هو الوطي وذهب داود وأهل الظاهر الى أن العود هو تكرار لفظ الظهار واعادته ، وذهب ( ـ ح ـ ) وأصحابه الى أن الكفارة في الظهار لا يستقر في الذمة بحال ، وانما يراد لاستباحة الوطي فقال للمظاهر عند ارادة الوطي : إن أردت أن يحل لك الوطي فكفر ، وان لم ترد استباحة الوطي فلا تكفر ، كما يقال لمن أراد أن يصلي صلاة تطوع : إن أردت أن تستبيح الصلاة فتطهر ، وان لم ترد استباحتها لم يلزمك الطهارة.

وقال الطحاوي : مذهب ( ـ ح ـ ) أن الكفارة في الظهار يراد لاستباحة الوطي ولا يستقر وجوبها في الذمة ، فإن وطئ المظاهر قبل التكفير ، فقد وطئ وطيا محرما ولا يلزمه التكفير ، بل يقال له عند ارادة الوطي الثاني ، والثالث : ان أردت أن يحل لك الوطي فكفر وعلى هذا أبدا.

فأما الخلاف الذي بين أصحابنا في وقوع الظهار بشرط ، فالمرجع فيه الى الاخبار الواردة فيه ، والوجه الجمع بينها وأن لا يطرح شي‌ء منها ، ويقوى ما

__________________

(١) م : ولزمته وذهب.

(٢) م : ان العود العزم.

٢٣٠

اخترناه قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) (١) الاية ، ولم يفرق ، وطريقة الاحتياط أيضا يقتضيه.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر من امرأته وأمسكها زوجة ولم يطأها ، ثمَّ طلقها (٢) ومات عنها أو ماتت ، لم يلزمه الكفارة. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه الكفارة.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا ثبت الظهار وحرم الوطي حرم الوطي فيما دون الفرج ، وكذلك القبلة والتلذذ ، لقوله تعالى ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ) (٣) فأوجب الكفارة قبل التماس ، واسم المسيس يقع على الوطي وما دونه ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : لا يحرم غير الوطي في الفرج.

مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر وأمسك ووجب عليه الكفارة ، فمن حين الظهار الى أن يطأ زمان أداء الكفارة ، فإن وطئ قبل التكفير لزمته كفارتان : إحداهما نصا ، والأخرى عقوبة بالوطئ ، وبه قال مجاهد.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا وطئ قبل الكفارة ، فقد فات زمان الأداء ، ولا يلزمه بهذا الوطي كفارة ، ولا يسقط عنه كفارة الظهار التي كانت عليه ، ومن الناس من قال : انه يسقط عنه الكفارة التي كانت عليه.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المكفر بالصوم إذا وطئ زوجته التي ظاهر منها في حال الصوم عامدا نهارا كان أو ليلا ، بطل صومه وعليه استئناف الكفارتين ، فان كان وطئه ناسيا مضى في صومه ولم يلزمه شي‌ء.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان وطئ بالليل لم يؤثر ذلك الوطي في الصوم ولا في التتابع ، عامدا كان أو ناسيا. وان وطئ بالنهار ، فان كان ذاكرا لصومه متعمدا للوطئ ،

__________________

(١) سورة المجادلة : ٣.

(٢) م : ثمَّ طلق.

(٣) سورة المجادلة : ٣.

٢٣١

فسد صومه وانقطع تتابعه وعليه استئناف الشهرين. وان وطئ ناسيا لم يؤثر ذلك في الصوم ولا في التتابع ، فيمضي في صومه الشهرين (١) ويبنى عليه.

وذهب ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) إلى أنه إذا وطئ في أثناء الشهرين عامدا أو ناسيا بالليل أو بالنهار ، فان التتابع ينقطع ويلزمه الاستئناف ، فان كان الوطي بالليل لم يؤثر في الصوم ، لكنه يقطع التتابع. وان كان بالنهار عامدا ، أفسد الصوم وانقطع التتابع وان كان بالنهار ناسيا ، فعلى قول ( ـ ح ـ ) لا يفسد الصوم وينقطع التتابع ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) يفسد الصوم وينقطع التتابع ، لان عنده أن الوطي ناسيا يفسد الصوم.

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ غير زوجته في خلال الصوم ليلا ، لم يقطع التتابع ولا الصوم. وان وطئ نهارا ناسيا ، فمثل ذلك. وان وطئ عامدا نهارا قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا ، قطع التتابع. وان كان بعد أن صام من الثاني شيئا ، كان مخطئا ولم يقطع التتابع عندنا بل يبني عليه ، وعند جميع الفقهاء يقطع التتابع ويجب الاستئناف.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا ظاهر من زوجته مدة ، مثل أن يقول : أنت علي كظهر أمي يوما أو شهرا أو سنة ، لم يكن ذلك ظهارا ، لأنه لا دليل عليه.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يكون مظاهرا ، وهو قول ( ـ ح ـ ) ، واختيار المزني والثاني : لا يكون مظاهرا ، وهو قول ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد ، وابن أبي ليلى.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا وجب عليه الكفارة يعتق رقبة في كفارة ظهار ، أو قتل أو جماع ، أو يمين ، أو يكون نذر عتق رقبة مطلقة ، فإنه يجزئ في جميع ذلك أن لا يكون مؤمنة إلا في القتل خاصة (٢) ، لأن الله تعالى أطلق الرقبة في جميع الكفارات ، وانما قيدها بالأيمان في القتل خاصة ، وبه قال عطاء ، والنخعي ، و ( ـ ر ـ )

__________________

(١) م : فيمضي في صوم الشهرين.

(٢) م : في القتل الخاصة.

٢٣٢

و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه الا أنهم أجازوا أن تكون كافرة ، وعندنا أن ذلك مكروه وان أجزء.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز في جميع ذلك إلا المؤمنة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٢٨ ـ : الموضع الذي يعتبر فيه الايمان في الرقبة ، فإنه يجزئ إذا كان محكوما بايمانه وان كان صغيرا ، لأنه يطلق عليه اسم الرقبة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، فان قال (١) وان كان ابن يومه أجزأ.

وقال ( ـ ك ـ ) : أحب أن لا يعتق عن الكفارة إلا بالغا. وقال ( ـ د ـ ) : يعجبني أن لا يعتق الا من بلغ حدا يتكلم عن نفسه ويعبر عن الإسلام ويفعل أفعال المسلمين ، لأن الإيمان قول وعمل ، وفي الناس من قال : لا يجزئ الصغير عن الكفارة.

مسألة ـ ٢٩ ـ : عتق المكاتب لا يجزئ في الكفارة ، سواء كان أدى (٢) من مكاتبته شيئا أو لم يؤد ، لأنه لا دلالة على ذلك ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : ان استأدى شيئا من نجومه لم يجز إعتاقه ، وان لم يستأد شيئا منها أجزأه.

مسألة ـ ٣٠ ـ : عتق أم الولد جائز في الكفارات ، لأنه قد ثبت عندنا جواز بيعها ، فاذا جاز بيعها جاز عتقها. وخالف جميع الفقهاء في ذلك الذين لم يجيزوا بيع أمهات الأولاد.

مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عتق المدبر جائز في الكفارة (٣) ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أعتق عبدا مرهونا وكان موسرا أجزأه ، وان كان

__________________

(١) م : فإنه قال.

(٢) م : سواء أدى.

(٣) م : في الكفارات.

٢٣٣

معسرا لا يجزيه ، لإجماع الفرقة على جواز تصرف الراهن في الرهن ، وذلك عام في كل شي‌ء ، وانما قلنا لا يجزئ عتق المعسر لأنه يؤدي الى إبطال حق الغير.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، الصحيح في الموسر أنه يجزئ ، وفي المعسر أنه لا يجزئ مثل ما قلناه.

مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان له عبد قد جنى جناية ، فإنه لا يجزئ إعتاقه في الكفارة ، وان كان خطا جاز ذلك.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاث طرق ، أحدها : ان كان جاني عمد نفذ العتق فيه قولا واحدا وان كان خطا فعلى قولين ، ومنهم من عكس ذلك. وقال أبو إسحاق : لا فرق بين العمد والخطأ ، ففيهما قولان.

مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا كان له عبد غائب يعرف خبره وحياته ، فإن إعتاقه في الكفارة جائز بلا خلاف ، وان لم يعرف خبره ولا حياته لا يجزئ (١) ، لأنه لا يبرئ ذمته بيقين. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا اشترى من يعتق عليه من آبائه وأمهاته وأولاده ، فان لم ينو عتقهم عن الكفارة عتقوا بحكم القرابة. وان نوى أن يقع عنهم عن الكفارة لم يقع عنها وينعتقون بحكم القرابة (٢) وبقيت الكفارة عليه ، لان العتق لا يصح قبل الملك عندنا ، ولا يؤثر النية إلا في الملك ، وهذا لا يصح ها هنا ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يقع عتقهم عن الكفارة ويجزيه.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا وجب عليه عتق رقبة ، فأعتق عنه رجل آخر عبدا بإذنه

__________________

(١) م : وحياته لا يجزيه.

(٢) م : بحكم الكفارة.

٢٣٤

وقع العبد عن المعتق عنه ، ولا يكون ولاؤه له بل يكون سائبة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، الا أنه قال : ولاؤه له ، وسواء أعتق (١) عنه تطوعا أو عن واجب بجعل وغير جعل ، فإن أعتق بجعل فهو كالبيع ، وان أعتق بغير جعل فهو كالهبة.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان أعتق بجعل جاز ، وان أعتق بغير جعل لم يجز.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز ذلك بحال.

يدل على المسألة أنه إذا أعتق عنه بإذنه فالعتق يقع عنه ، لأنه قصد كذلك ونوى ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الاعمال بالنيات. والنية وقعت عن الغير ، فوجب أن يقع العتق عنه.

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا أعتق عنه بغير اذنه ، فان العتق يقع عن المعتق دون المعتق عنه ، أعتقه عن واجب أو عن تطوع ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان أعتقه عن تطوع وقع العتق عنه كقولنا ، وان أعتقه عن واجب عليه وقع ذلك عن المعتق عنه وأجزأه. ويدل على المسألة قوله عليه‌السلام « الولاء لمن أعتق ».

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا ملك الرجل نصف عبدين وباقيهما مملوك لغيره أو باقيهما حر ، فأعتقهما عن كفارته لم تجزه ، بدلالة طريقة الاحتياط ، لأنه لم يعتق رقبة ، والذمة مشغولة بوجوب تحرير رقبة.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والأخر : يجزيه. والثالث : ان كان باقية مملوكا لم يجزه ، وان كان باقية حرا (٢) أجزأه.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا كانت ثلاث كفارة (٣) من جنس واحد فأعتق عنها ، أو صام

__________________

(١) م : وسواء عتق.

(٢) م : وان كان حرا.

(٣) م : ثلاث كفارات.

٢٣٥

بنية التكفير دون التعيين ، أجزأه بلا خلاف. وان كانت من أجناس مختلفة ، مثل كفارة الظهار ، وكفارة القتل ، فلا بد فيها من نية التعيين عن كل كفارة ، فان لم يعين لم يجزه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يجزيه وان لم ينو التعيين.

يدل على المسألة قوله عليه‌السلام « الاعمال بالنيات » وطريقة الاحتياط يقتضيه أيضا لأنه لا خلاف أنه إذا عين النية يجزيه.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا كان عليه كفارة (١) عتق رقبة ، فشك هل هي عليه من كفارة ظهار أو قتل أو جماع أو يمين أو عن نذر ، فأعتق بنية ما يجب عليه مجملا أجزأه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الذي وجب عليه عن كفارة أيها كانت أجزأه ، وان كان عن نذر لا يجزيه ، لأنه يحتاج إلى نية التعيين.

يدل على المسألة قوله تعالى ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) (٢) ولم يشرط نية التعيين ، وأيضا فإن نية التعيين قد يكون مجملة ويكون مفصلة ، وهذا قد أتى بنية التعيين مجملة.

مسألة ـ ٤١ ـ : نية الإعتاق يجب أن يقارن حال الإعتاق ، ولا يجوز بتقدمها ، بدلالة طريقة الاحتياط. ولل ( ـ ش ـ ) فيه طريقان (٣) ، أحدهما : ما قلناه كالصلاة. والثاني : أنه يجوز تقدمها.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا وجبت عليه كفارة بعتق أو إطعام أو صوم فارتد ، لم يصح منه الكفارة بالعتق ولا بالإطعام ولا بالصوم ، لأنه يحتاج في ذلك الى نية القربة ، ولا تصح من المرتد.

__________________

(١) م : إذا كان كفارة.

(٢) سورة المجادلة : ٣.

(٣) م : ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

٢٣٦

ووافق ( ـ ش ـ ) في الصوم ، وله في العتق والإطعام ثلاثة أقوال ، مبنية على حكم ملكه وتصرفه ، أحدها : أن ملكه وتصرفه صحيحان الى أن يقتل أو يموت ، فعلى هذا يصح منه الإعتاق والإطعام ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). والثاني : أنه باطل ، فلا يجزيه العتق ولا الإطعام. والثالث : أنه مراعا ، فان عاد إلى الإسلام حكم باجزائه ، وان لم يعد حكمنا بأنه لم يجزه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في الرقاب ما يجزئ وما لا يجزئ (١) ، وبه قال جميع الفقهاء الا داود ، فإنه قال : الجميع يجزئ.

مسألة ـ ٤٤ ـ : الأعمى لا تجزئ بلا خلاف بين الفقهاء ، والأعور يجزئ بلا خلاف ، والمقطوع اليدين أو الرجلين أو يد واحد ورجل واحد من خلاف فعند ( ـ ش ـ ) لا يجزئ ، وعند ( ـ ح ـ ) يجزئ ، وبه نقول لقوله تعالى ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) ولم يفصل (٢).

مسألة ـ ٤٥ ـ : ولد الزنا يجزئ في الكفارة ، لقوله تعالى ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) ولم يفصل ، وبه قال جميع الفقهاء ، إلا الزهري ، و ( ـ ع ـ ) فإنهما قالا : لا يجزئ.

مسألة ـ ٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجد رقبة وهو محتاج إليها لخدمته أو وجد ثمنها وهو محتاج اليه لنفقته وكسوته وسكناه ، لا يلزمه الرقبة ، ويجوز له الصوم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) : يلزمه العتق في الموضعين معا. وقال ( ـ ح ـ ) : إذا كان واجدا للرقبة وهو محتاج إليها لزمه إعتاقها ، ولا يجوز له الصوم ، وإذا وجد الثمن وهو محتاج لا يلزمه الإعتاق ويجوز له الصوم.

__________________

(١) د ، م : وفيها ما لا يجزى.

(٢) د : لم تذكر كلمة ( ولم يفصل ).

٢٣٧

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا انتقل عن العجز (١) الى الصوم ، فالواجب أن يصوم شهرين متتابعين بلا خلاف ، فإن أفطر في خلال ذلك بغير عذر في الشهر الأول ، أو قبل أن يصوم من الثاني شيئا ، وجب استئنافه بلا خلاف. وان كان إفطاره بعد أن صام من الثاني ولو يوما واحدا ، جاز له البناء ولا يلزمه الاستئناف.

وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : وجب (٢) عليه الاستئناف.

مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أفطر في خلال الشهرين لمرض يوجب ذلك ، لم ينقطع التتابع وجاز البناء ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر : أنه ينقطع ويوجب الاستئناف.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا سافر في الشهر الأول فأفطر ، قطع التتابع ووجب عليه الاستئناف ، لقوله تعالى ( فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) (٣) والسفر باختياره بخلاف المرض.

و ( ـ « ش » ـ ) بناه على قوليه في المرض ان قال هناك : يقطع التتابع فهو ها هنا أولى ، وان قال : لا يقطع ففي هذا قولان.

مسألة ـ ٥٠ ـ : الحامل والمرضع إذا أفطرتا في الشهر الأول ، فحكمهما حكم المريض بلا خلاف ، وان أفطرتا خوفا على ولديهما لم يقطع التتابع عندنا وجاز البناء ، لان ذلك عذر موجب الإفطار عندنا كالمرض والحيض ، وقال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) : انه عذر كالمرض ، وقال بعضهم : ان التتابع ينقطع قولا واحدا.

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا أدخل الطعام والشراب في حلقه (٤) بالإكراه ، لم يفطر

__________________

(١) م : إذا انتقل عند العجز.

(٢) م : وقالوا يجب.

(٣) م : إذا دخل الطعام أو الشراب حلقه.

٢٣٨

بلا خلاف. وان ضرب حتى أكل أو شرب ، فعندنا لا يفطر ولا ينقطع التتابع. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القاتل متعمدا في أشهر الحرم ، وجب عليه الكفارة بصوم شهرين من أشهر الحرم ، وان دخل فيهما الأضحى وأيام التشريق.

وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : ذلك لا يجوز.

مسألة ـ ٥٣ ـ : إذا ابتدأ بصوم أيام التشريق في الكفارة صح صومه ، وكذلك يجوز التنفل به في الأمصار (١) ، فأما بمنى فلا يجوز على حال.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أنه يجوز في الكفارة دون التطوع. والثاني : أنه لا يجوز.

ويدل (٢) على المسألة قوله تعالى ( فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) ولم يعين وانما أخرجنا الفطر والأضحى وغيرهما (٣) بدليل الإجماع.

مسألة ـ ٥٤ ـ : لا يلزمه أن ينوي التتابع في الصوم ، بل يكفيه نية الصوم فحسب لأنه لا دلالة على ذلك.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : يحتاج أن ينوي ذلك كل ليلة. والثالث : يحتاج أن ينوي ذلك أول ليلة.

مسألة ـ ٥٥ ـ : إذا صام شعبان ورمضان عن الشهرين المتتابعين ، لم يجز عنهما بلا خلاف ، وصوم شهر رمضان صحيح لا يجب عليه القضاء عندنا ، لان تعيين النية ليس بواجب في صوم شهر رمضان ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يجب عليه قضاء رمضان ، لأنه ما عين النية.

__________________

(١) م : التنفل في الأمصار.

(٢) م ، د : لا يجوز على حال ويدل.

(٣) م : وانما أخرجنا العيدين وغيرهما.

٢٣٩

مسألة ـ ٥٦ ـ : الاعتبار في وجوب الكفارات المرتبة حال الأداء دون حال الوجوب ، فمن قدر حال الأداء على الإعتاق لم يجزه الصوم ، وان كان غير واجد لها (١) حين الوجوب ، بدلالة قوله تعالى ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) وهذا واجد للرقبة عند الشروع في الصوم.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : أن الاعتبار بحال الوجوب دون حال الأداء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والثالث : أن الاعتبار بأغلظ الحالين من حين الوجوب الى حين الأداء.

مسألة ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عدم المكفر الرقبة ، فدخل في الصوم ، ثمَّ قدر على الرقبة ، فإنه لا يلزمه الإعتاق ، ويستحب له ذلك. وهكذا المتمتع إذا عدم الهدي فصام ، ثمَّ قدر على الهدي. والمتيمم إذا دخل في الصلاة ثمَّ وجد الماء ، لا يلزمه الانتقال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) إلى أنه يلزمه الرجوع الى الأصل في هذه المواضع كلها ، الا أنه قال في المتمتع : ان وجوده في صوم السبع لم ينتقل ، لان عنده البدل صوم الثلاث دون الأصل. وقال المزني : يلزمه الانتقال الى الأصل في المواضع كلها.

مسألة ـ ٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ظاهر فأعتق قبل العود لم يجز. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز.

مسألة ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب أن يدفع الى ستين مسكينا ، ولا يجوز أن يدفع حق مسكين الى مسكين لا في يوم واحد ولا في يومين ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان أعطى مسكينا واحدا كل يوم حق مسكين في ستين يوم حق ستين مسكينا أجزأه ، وان أعطى في يوم واحد حق مسكينين لواحد لم يجزه ، وعندنا يجوز ، وهذا مع عدم المسكين.

ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ قوله تعالى

__________________

(١) م : واجب لها.

٢٤٠