المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ٢

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦
الجزء ١ الجزء ٢

بوجه (١).

وألحق المتأخرون منهم بالخمس سادسة ، فقالوا : بتلة هذا تفصيلهم في الثماني وما عداها فالحكم فيه واحد ، وهو ما ذكرنا (٢) ان كان هناك نية ، والا فلا طلاق هذا الكلام في وقوع الطلاق.

واما الكلام في حكمه ، وهل يقع بائنا؟ وما يقع من العدد ، فإنهم قالوا : الكنايات على ثلاثة أضرب :

أحدها : ما ألحق بالصريح ، ومعناه انها كقوله أنت طالق يقع بها عندهم واحدة رجعية ، ولا يقع أكثر من ذلك ، وان نوى زيادة (٣) عليها وهي ثلاثة ألفاظ : اعتدي ، واستبري رحمك ، وأنت واحدة.

والثاني : ما يقع بها واحدة بائنة ، ولا يقع بها سواها وان نوى الزيادة ، وهي كناية واحدة اختاري ونوى الطلاق فاختارته ونوى.

والثالث : ما يقع بها واحدة بائنة ، ويقع (٤) ثلاث تطليقات ، ولا يقع بها طلقتان على حرة ، سواء كان زوجها حرا أو عبدا ، لان الطلاق عندهم بالنساء ولا يقع عندهم بالكناية مع النية طلقتان دفعة واحدة على حرة ، فإن كان قدر ما يملكه (٥) منها طلقتان فنواهما وقعتا وهي الأمة ، حرا كان زوجها أو عبدا.

فالكلام معهم في خمسة فصول : الأول ـ في الثماني هل يقع الطلاق بهن بغير قرينة أم لا؟ والثاني : في الملحقة بالصريح اعتدي واستبري رحمك وأنت واحدة

__________________

(١) م : ما لم يختلفوا بوجه.

(٢) م : ما ذكرناه.

(٣) د : زيادة ما عليها.

(٤) د : ويقول.

(٥) م : ما يملك.

٢٠١

هل يقع بهن ثلاث أم لا؟ والثالث : اختياري هل يقع بها طلقة رجعية أم لا؟ الرابع : فيما عدا هذه هل يقع بهن طلقة رجعية أم لا؟ الخامس : هل يقع بما عدا هذه الكنايات الأربع طلقتان على حرة؟.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا قال : أنت الطلاق لم يكن صريحا في الطلاق ولا كناية لأنه لا دلالة عليه في الشرع.

وللش فيه وجهان ، أحدهما : أنه صريح ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والأخر أنه كناية.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها : أنت حرة ، أو قال : أعتقتك ونوى الطلاق لم يكن طلاقا ، وقال جميع الفقهاء : انه يكون طلاقا مع النية.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : ما هو صريح في الطلاق ليس بكناية في الإعتاق ، ولا يقع به العتق ، وانما يقع العتق بان يقول : أنت حر أو أعتقتك ، لأنه لا دلالة على وقوع العتق بلفظ آخر.

وقال ( ـ ش ـ ) : كل ما كان صريحا في الطلاق ، أو كناية فيه ، فهو كناية في الإعتاق. وقال ( ـ ح ـ ) : ليس شي‌ء من ذلك بكناية في الإعتاق الا كلمتان : لا ملك لي عليك ، ولا سلطان لي عليك ، هاتان كنايتان في الطلاق والعتق معا.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا قال لزوجته : أنا منك طالق لم يكن ذلك شيئا ، لأنه لا دلالة على كونه صريحا في الطلاق ولا كناية فيه (١) ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يكون ذلك كناية ، فإن نوى به البينونة وقع ما نوى.

مسألة ـ ٢٤ ـ : وان قال : أنا منك معتد ، لم يكن ذلك شيئا بما قلناه (٢) في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : هو كناية.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا قال : أنا منك بائن أو حرام ، لم يكن شيئا ، لما قلناه في

__________________

(١) م : ولا كناية.

(٢) م : لما قلناه.

٢٠٢

المسألة الاولى. وقال (١) ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : هما كناية.

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال لها : أنت طالق ، لم يصح أن ينوي بها أكثر من طلقة واحدة ، وان نوى أكثر من ذلك لم يقع إلا واحدة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم ينو شيئا كان تطليقة رجعية ، وان نوى كان بحسب ما نوى ، وكذلك كل الكنايات (٢) يقع بها ما نوى ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : صريح الطلاق لا يقع به أكثر من واحدة ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : وكذلك قوله (٣) « اعتدى » و « استبرى رحمك » و « أنت واحدة » و « اختاري » لا يقع بهن إلا واحدة.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا قال : أنت طلاق : أو أنت الطلاق ، أو أنت طلاق الطلاق (٤) ، لا يقع به شي‌ء ، لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يقع بجميع ذلك ما نوى (٥) ، واحدة كانت (٦) أو ثنتين أو ثلاثا.

مسألة ـ ٢٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كتب بطلاق زوجته ولم يقصد الطلاق لا يقع بلا خلاف ، وان قصد به الطلاق ، فعندنا لا يقع به شي‌ء ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر أنه يقع على كل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا خير زوجته فاختارته ، لم يقع بذلك فرقة. وقال

__________________

(١) م : لم يكن شيئا وقال.

(٢) م : وكذلك الكنايات.

(٣) م : وكذلك اعتدى.

(٤) م : إذا قال أنت طلاق أو أنت الطلاق الطلاق.

(٥) د : بجميع ما نوى.

(٦) م : كان.

٢٠٣

الحسن البصري : يقع به طلاقه طلقة واحدة رجعية (١).

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا خيرها فاختارت نفسها لم يقع الطلاق ، نويا أو لم ينويا أو نوى أحدهما. وقال (٢) قوم من أصحابنا : إذا نويا وقع الطلاق.

ثمَّ اختلفوا ، فمنهم من قال : يقع واحدة رجعية ، ومنهم من قال : بائنة وانعقد الإجماع للفرقة على خلاف أقوالهم فلا يعتد بخلافهم.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو كناية من الطرفين ، يفتقر إلى نية الزوجين معا.

وقال ( ـ ك ـ ) : ما يقع (٣) به الطلاق الثلاث من غير نية ، لأن عنده أن هذه اللفظة صريحة في الطلاق الثلاث ، كما يقول في الكنايات الظاهرة ، ومتى نويا الطلاق ولم ينويا عددا وقعت طلقة رجعية عند ( ـ ش ـ ) ، وبائنة عند ( ـ « ح » ـ ).

وان نويا عددا ، فان اتفقت نيتاهما على عدد وقع ما اتفقا عليه ، واحدا كان أو ثنتين (٤) أو ثلاثا عند ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) ان نويا طلقتان (٥) لم يقع إلا واحدة ، كما يقول في الكنايات الظاهرة ، وان اختلفت بينهما في العدد وقع الأقل ، لأنه متيقن فيه وما زاد عليه مختلف فيه.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا خيرها ثمَّ رجع عن ذلك قبل أن تختار نفسها ، صح رجوعه عند ( ـ ش ـ ) ، ولا يصح عند ( ـ ح ـ ) ، وهذا يسقط عنا لان التخيير عندنا غير صحيح.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا قال لها : طلقي نفسك ثلاثا ، فطلقت واحدة يقع عند ( ـ ش ـ ) ، ولا يقع عند ( ـ ح ـ ) ، وهو مذهبنا وان اختلفنا (٦) في العلة.

__________________

(١) م : طلاقه واحدة رجعية.

(٢) م : فقال.

(٣) م : يقع.

(٤) م : اثنين.

(٥) م ود : طلقتين.

(٦) د : وان اختلفنا.

٢٠٤

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا قال لها : طلقي نفسك واحدة فطلقها ثلاثا ، وقعت عند ( ـ « ش » ـ ) واحدة ، وعند ( ـ « ك » ـ ) لا يقع ، وهو مذهبنا وان اختلفنا (١) في العلة.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لزوجته الحرة أو الأمة أو أمته : أنت علي حرام ، لم يتعلق به طلاق ولا عتاق ولا ظهار ولا يمين ولا وجوب كفارة ، نوى أو لم ينو.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان نوى طلاقا في الزوجة كان طلاقا رجعيا إذا لم ينو عددا ، وان نوى عددا كان على ما نواه ، وان نوى ظهارا كان ظهارا ، وان نوى تحريم عينها (٢) لم يحرم ، ويلزمه كفارة يمين ولا يكون يمينا ، وان أطلق ففيه قولان المذهب أنه يجب به كفارة ، ويكون صريحا في إيجاب الكفارة.

والثاني : أنه لا يجب به شي‌ء ، فيكون كناية وان قال ذلك لأمته لا يكون فيها طلاق ولا ظهار ، لكنه ان نوى عتقها عتقت ، وان نوى تحريم عينها لم يحرم ، ويلزمه كفارة يمين ، وان أطلق به قولين (٣) كالحرة سواء.

واختلفت الصحابة ومن بعدهم في حكم هذه اللفظة مطلقة ، فروي عن أبي بكر وعائشة أنه قال : يكون يمينا يجب به كفارة يمين ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وروي عن عمر أنه قال : يقع به طلقة رجعية ، وبه قال الزهري ، وروي عن عثمان أنه قال : يكون ظهارا ، وبه قال ( ـ « د » ـ ) وروي عن علي أنه قال : يقع به ثلاث تطليقات ، وهو قول (٤) أبي هريرة ، وزيد بن ثابت ، وعن ابن مسعود أنه قال : يجب كفارة يمين وليس بيمين ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) واحدى الروايتين عن ابن عباس.

__________________

(١) د : وان اختلفتا.

(٢) د : يمينها.

(٣) م ود : ان أطلق فعلى قولين.

(٤) م : قولي.

٢٠٥

واما التابعون ، فروي عن أبي سلمة ومسروق أنهما قالا : لا يلزم بها شي‌ء كما قلناه ، وعن حماد أنه قال : يقع بها طلقة بائنة. وقال ( ـ ح ـ ) : ان خاطب بها الزوجة ونوى ظهارا كان ظهارا ، وان نوى طلاقا كان طلاقا ، وان نوى عددا فان نوى واحدة وقعت واحدة بائنة ، وان نوى اثنتين وقعت واحدة بائنة ، وان نوى الثلاث وقع الثلاث ، كما يقول في الكنايات الظاهرة.

وان أطلق كان مؤليا ، فإن وطئها قبل انقضاء الأربعة أشهر حنث ولزمته كفارة ، وان لم يطأ حتى انقضت المدة بانت بطلقة ، كما يقوله في المؤلي عليها ، وأما إذا قال ذلك للأمة ، فإنه يكون بمنزلة أن يحلف (١) أنه لا يصيبها ، فإن أصابها حنث ولزمته الكفارة ، وان لم يصبها فلا شي‌ء عليه.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا قال : كل ما أملك علي حرام لم يتعلق به حكم ، سواء كان له زوجات وإماء وأموال أو لم يكن له شي‌ء من ذلك ، نوى أو لم ينو كالمسألة المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يكن له زوجات ولا إماء وله مال فمثل ما قلناه ، وان كانت له زوجة واحدة فعلى ما مضى ، وان كانت له زوجات فعلى قولين ، أحدهما : يتعلق به كفارة واحدة ، والثاني : يتعلق بكل واحد كفارة.

وقال ( ـ ح ـ ) : ذلك بمنزلة قوله والله لا انتفعت بشي‌ء من مالي فمتى انتفع بشي‌ء من ماله حنث ولزمته الكفارة ، بناء على أصله ان ذلك يمين.

مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لها كلي واشربي ونوى به الطلاق لم يقع به الطلاق ، وبه قال (٢) أبو إسحاق المروزي ، وقال أبو حامد : المذهب أنه يقع به الطلاق ، لان معناه اشربي غصص الفرقة وطعمها.

__________________

(١) م : ان يخلف.

(٢) لم : لم يقع وبه قال.

٢٠٦

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا قال لغير المدخول بها : أنت طالق أنت طالق أنت طالق ، بانت بالاولة ولم يلحقها الثانية والثالثة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال قوم : تبين بالثالث.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من قال : ان الطلاق بشرط يقع أجمعوا على أن الشرط إذا كان جائزا حصوله ، وان لا يحصل فإنه لا يقع الطلاق حتى يحصل الشرط ، وذلك مثل قوله ان دخلت الدار وان كلمت زيدا وان كان شرطا يجب حصوله ، مثل قوله إذا جاء رأس الشهر وإذا طلعت الشمس ، وإذا دخلت السنة الفلانية ، فقال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) : لا يقع الطلاق قبل حصول شرطه. وقال ( ـ ك ـ ) : يقع الطلاق في الحال وهذا يسقط عنا ، لان الطلاق بشرط غير واقع عندنا.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا قال : أنت طالق في شهر رمضان ، فإنها تطلق عند ( ـ ش ـ ) عند أول جزء من الليلة الاولى (١) وقال أبو ثور تطلق عند انقضاء آخر جزء منها وإذا قال : إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق فرآه بنفسه طلقت بلا خلاف بينهم وإذا رآه غيره وأخبره به لم تطلق عند ( ـ ح ـ ) وان طلقت عند ( ـ « ش » ـ ). واختلفوا فيمن قال ان لم تدخلي الدار ، وإذا لم تدخلي فأنت طالق هل هما على الفور أم على التراخي؟

فقال ( ـ ش ـ ) : فيهما قولان ، أحدهما على الفور ، والثاني على التراخي ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وفي أصحابه من فرق ، فقال : ان لم على التراخي وإذا لم على الفور ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، وهذه كلها ساقطة عنا لفساد تعليق الطلاق بشرط عندنا.

مسألة ـ ٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : طلاق المكروه وعتقه وسائر العقود التي يكره عليها لا يقع ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : طلاق المكره وعتاقه واقع ، وكذلك كل عقد يلحقه

__________________

(١) م : من ليلته الاولى.

٢٠٧

فسخ ، فأما ما لا يلحقه فسخ مثل البيع والصلح والإجارة ، فإنه إذا أكره عليه ينعقد عقدا موقوفا ، فإن أجاز بها والا بطلت (١).

مسألة ـ ٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : طلاق السكران غير واقع عندنا ، وللش فيه قولان أحدهما وهو الأظهر أنه يقع ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، والقول الأخر لا يقع (٢) ، وبه قال ربيعة ، والليث بن سعد ، والمزني ، وداود ، وأبو ثور ، والطحاوي من أصحاب ( ـ ح ـ ) ، والكرخي.

مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا زال عقله بشرب البنج والأشياء المرقدة لا يقع طلاقه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان شربه للتداوي فزال عقله ، لا يقع طلاقه وان شربه للعب وغير الحاجة وقع طلاقه.

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا قال له رجل : ألك زوجة؟ فقال : لا ، لم يكن ذلك طلاقا لأنه لو صرح بأن ليست له زوجة لكان قوله كذبا ولم يكن طلاقا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يكون طلقة.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا قال : أنت طالق واحدة لا يقع لم يقع بها شي‌ء ، وكذلك إذا قال : أنت طالق لا لم يقع شي‌ء ، لأن الطلاق يحتاج إلى نية عندنا ، فاذا قصد بها أن لا يقع يجب أن لا يقع به شي‌ء لفقد النية. وقال ( ـ ش ـ ) : يقع بها طلقة.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا قال لها : رأسك أو وجهك طالق ، لم يقع به طلاق ، لأنه لا دلالة عليه ، وقال جميع الفقهاء : يقع به الطلاق.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا قال : يدك أو رجلك أو شعرك أو إذنك طالق ، لا يقع به شي‌ء من الطلاق ، لما قلنا فيما تقدم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) ، وزفر : يقع الطلاق.

__________________

(١) م : فإن أجاز والا بطلت ـ د : فإن أجازها والا بطلت.

(٢) م : والقول الأخر انه لا يقع.

٢٠٨

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا قال : أنت طالق نصف تطليقة ، لم يقع شي‌ء أصلا ، لما قلناه في المسألة الاولى (١) ، وبه قال داود. وقال جميع الفقهاء : يقع طلقة.

مسألة ـ ٤٨ ـ : الاستثناء بمشية الله يدخل في الطلاق والعتاق ، سواء كانا مباشرين أو معلقين بصفة ، وفي اليمين بهما وفي الإقرار وفي اليمين بالله فيوقف الكلام ، ومتى خالفه لم يلزمه (٢) حكم ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) ، وطاوس والحكم.

وقال ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد : لا يدخل في غير اليمين بالله ، وهو ما ينحل بالكفارة وهو اليمين بالله فقط ، وبه قال الزهري.

وقال ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى : يدخل فيما كان يمينا بالطلاق أو بالله (٣) ، فأما إذا كان طلاقا متجردا أو معلقا بصفة ، فلا يدخله الاستثناء.

وقال أحمد بن حنبل : يدخل في الطلاق دون العتاق ، وفرق بينهما بأن قال : ان الله تعالى لا يشاء الطلاق ويشاء العتق (٤) ، لقوله عليه‌السلام « ان أبغض (٥) الأشياء الى الله الطلاق ».

دليلنا أن الأصل براءة الذمة وثبوت العقد ، وإذا عقب كلامه بلفظ إنشاء الله في هذه المواضع ، فلا دليل على زوال العقد ، ولا على تعلق حكم بذمته. وروى ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حلف على يمين ، وقال في أثرها ان شاء الله ، لم يحنث فيما حلف عليه.

مسألة ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المريض إذا طلقها طلقة لا يملك رجعتها ، فان ماتت

__________________

(١) م : كما قلناه في ما تقدم.

(٢) د : يلزمه.

(٣) م : وهو اليمين بالله.

(٤) م : ولا يشاء العتق.

(٥) د : لقوله عليه‌السلام أبغض الأشياء.

٢٠٩

لا يرثها بلا خلاف ، وان مات هو من ذلك المرض ورثته ما بينها وبين سنة ما لم تتزوج ، فان تزوجت بعد انقضاء عدتها لم ترثه ، وان زاد على السنة يوم واحد لم ترثه.

وللش فيه قولان ، الأصح عندهم أنها لا ترثه ، والقول الثاني ترثه كما (١) قلناه ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعثمان ، وفي الفقهاء ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، والليث بن سعد ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ د ـ ).

ولهم في ذلك تفصيل ، فح لا يورثها بعد خروجها من العدة ، وكذلك ( ـ ع ـ ) ، والليث بن سعد ، و ( ـ ر ـ ) ، وأحد الأقوال الثلاثة للش على قوله الثاني أنها ترثه ، والقول الثاني للش على هذا القول أنها ترثه ما لم تتزوج ، وبه قال ابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ) ولم يقيدوه بسنة.

والقول الثالث للش على هذا القول أنها ترثه أبدا ولو تزوجت ما تزوجت ، وبه قال ربيعة ، وقال ربيعة : لو تزوجت عشرة أزواج ورثتها ، فعلى هذا يجي‌ء أن ترث في يوم واحد ميراث خلق من الأزواج ، وهو أن يتزوجها فيطلقها في مرضه ، ثمَّ يتزوجها آخر فيطلقها كذلك فتتزوج (٢) ، فيقضى أن يموتوا كلهم دفعة واحدة فتأخذ إرثها من الجماعة.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي (٣) أن عبد الرحمن بن عوف طلق زوجته تماضر بنت أسبغ الكلبية في مرضه وأبت طلاقها ، فترافعوا الى عثمان فورثها منه. وروى أن عثمان طلق بعض نسائه وهو

__________________

(١) د : والقول الثاني كما قلناه.

(٢) م : فيتزوج.

(٣) م : دليلنا ما روى.

٢١٠

محصور فورثها منه علي. وروى عن عمر أنه قال : المبتوتة ترث.

مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا سألته أن يطلقها في مرضه فطلقها ، لم يقع ذلك منه الميراث بدلالة أن عموم الأخبار الواردة في ذلك ، وبه قال ابن أبي هريرة من أصحاب ( ـ ش ـ ) على قوله انها ترث. وقال الباقون من أصحابه ، و ( ـ ح ـ ) : لا ترثه.

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا قال : أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر ، فان قدم قبل مضي الشهر لم يقع الطلاق ، وان قدم مع انقضاء الشهر فمثل ذلك ، وان قدم بعد شهر ولحظة من حين عقد الصفة ، فعند ( ـ ش ـ ) يقع الطلاق عقيب عقد الصفة ، وهو الزمان الذي هو عقيب عقد الصفة وقبل أول الشهر ، وبه قال زفر.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : أي وقت قدم وقع الطلاق بقدومه حين قدومه.

وهذا الفرع ساقط عنا ، لأنا نقول ان الطلاق بشرط (١) غير واقع.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا شك هل طلق أم لا؟ لا يلزمه الطلاق لا وجوبا ولا استحبابا لا واحدة ولا ثلاثة (٢) ، لأن الأصل بقاء الزوجية ، ولم يدل دليل على وقوع الطلاق لمكان الشك.

وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب له أن يلزم نفسه واحدة ويراجعها ليزول الشك ، وان كان ممن إذا أوقع الطلاق أوقع ثلاثا فيقتضي التبرع ، والفقه أن يطلقها ثلاثا لتحل لغيره ظاهرا وباطنا.

مسألة ـ ٥٣ ـ : إذا علم أنه طلق وشك هل طلق واحدة أو ثنتين؟ بنى على واحدة. وان شك بين الثنتين والثلاث ، بنى على الثنتين ، لأن الأصل بقاء العقد وما زاد على المتحقق لا دلالة على وقوعه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

__________________

(١) م : بالشرط.

(٢) م : ولا ثلاثا.

٢١١

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : عليه الأخذ بالأكثر ، لان الحظر والإباحة إذا اجتمعا غلبنا حكم الحظر.

مسألة ـ ٥٤ ـ : الظاهر من روايات أصحابنا والأكثر أن الزوج الثاني إذا دخل بها ، يهدم ما دون الثلاث من الطلقة والطلقتين ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، وفي الصحابة ابن عمر ، وابن عباس.

وقد روى أصحابنا في بعض الروايات أنه لا يهدم الا الثلاث ، فاذا كان دون ذلك فلا يهدمه (١) ، فمتى تزوجها الزوج الأول كانت معه على ما بقي من الطلاق ، وبه قال في الصحابة على ما حكوه علي عليه‌السلام ، وعمر ، وأبو هريرة ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ م ـ ) ، وزفر. قال ( ـ ش ـ ) : رجع محمد بن الحسن في هذه المسألة إلى قولنا.

وينصر القول الأول مضافا الى الاخبار الواردة في ذلك قوله تعالى ( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (٢) فأخبر أن من طلق تطليقتين (٣) كان له (٤) إمساكها بعدهما الا ما قام عليه الدليل.

وينصر الرواية الأخرى قوله ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٥) فأخبر من طلق طلقة بعد تطليقتين (٦) لم تحل له الا بعد زوج ، ولم فرق بين أن يكون هذه الثالثة بعد طلقتين وزوج أو بعد طلقتين (٧) بلا

__________________

(١) د : فلا يهدم هدمة.

(٢) سورة البقرة : ٢٢٩.

(٣) د : تطليقين.

(٤) : كان إمساكها.

(٥) سورة البقرة : ٢٣٠.

(٦) د : تطليقين.

(٧) م : بعد تطليقتين وزوج أو بعدهما.

٢١٢

زوج.

مسألة ـ ٥٥ ـ : الحيل في الأحكام جائزة ، وبه قال الفقهاء كلهم ، وفي الناس من منع الحيل بكل حال. ويدل على جواز ذلك (١) قوله تعالى في قصة إبراهيم ( قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا ) الى قوله ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) (٢) وانما قال ذلك على تأويل صحيح ، يعني : ان كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم فاذا لم ينطقوا فاعلموا أنه ما فعله تنبيها على أن من لا ينطق ولا يعقل (٣) لا يستحق العبادة وخرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه.

وقال في قصة أيوب عليه‌السلام ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ ) (٤) فجعل الله لأيوب مخرجا مما كان حلف عليه.

وروى سويد بن حنظلة ، قال : خرجنا ومعنا وائل بن حجر نريد النبي عليه‌السلام فأخذه أعداء له ، فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت بالله أنه أخي ، فخلى عنه العدو ، فذكر ذلك للنبي عليه‌السلام ، فقال : صدقت « المسلم أخ المسلم ». فالنبي عليه‌السلام أجاز فعل سويد ، وبين له صواب قوله فيما احتال به ، ليكون صادقا في يمينه.

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا ثبت جواز الحيلة ، فإنما يجوز من الحيلة ما كان مباحا يتوصل به الى مباح ، فأما المحظور يتوصل به الى المباح فلا يجوز ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأجاز أصحاب ( ـ ح ـ ) الحيلة المحظورة ليصل بها الى المباح.

قال أبو بكر الصيرفي نظرت في كتاب الحيل لأهل العراق ، فوجدته على ثلاثة أنحاء ، أحدها : ما لا يحل فعله ، مثل ما روى ابن المبارك عن ( ـ « ح » ـ ) أن امرأة

__________________

(١) م : على ذلك.

(٢) سورة الأنبياء : ٥٩ ـ ٦٣.

(٣) م : لا يفعل.

(٤) سورة ص : ٤٤.

٢١٣

شكت اليه زوجها فآثرت (١) فراقه ، فقال لها : ارتدي فيزول النكاح. والثاني : ما يحل على أصولهم. والثالث : ما يجوز على قول من أجاز الحيلة.

والدليل على أن مثل المحظور لا يجوز أن الله تعالى عاقب من احتال حيلة محظورة عقوبة شديدة حتى مسخ من فعله قردة وخنازير ، فقال ( وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ ) (٢) القصة ، كان الله تعالى حرم عليهم صيد السمك يوم السبت ، فاحتالوا على السمك فوضعوا الشباك يوم الجمعة ، فدخل السمك يوم السبت وأخذوا يوم الأحد ، فقال تعالى ( فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) (٣) وقال النبي عليه‌السلام : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها.

فلما نظر محمد بن الحسن الى هذا قال : ينبغي أن لا يتوصل الى المباح بالمعاصي ، ثمَّ نقض هذا ، فقال : لو أن رجلا حضر عند الحاكم ، فادعى أن فلانة زوجتي ولم يعلم أنه كاذب وشهد له بذلك شاهدان زورا وهما يعلمان ذلك ، فحكم الحاكم له بها ، حلت له ظاهرا وباطنا ، ولو أن رجلا تزوج بامرأة جميلة فرغب فيها أجنبي قبل دخول زوجها (٤) فأتى هذا الأجنبي الحاكم ، فادعاها زوجته وأن زوجها طلقها قبل الدخول بها وتزوجت بها وشهد له بذلك شاهدان زور ، فحكم الحاكم بذلك ، نفذ حكمه وحرمت على الأول ظاهرا وباطنا ، وحلت للمحتال ظاهرا وباطنا ، هذا مذهبهم لا يختلفون فيه.

__________________

(١) م : وآثرت ، د : وأثرت.

(٢) سورة الأعراف : ١٦٣.

(٣) سورة الأعراف : ١٦٦.

(٤) م : زوجها بها.

٢١٤

( كتاب الرجعة )

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الرجعة اعتبار الطلاق (١) بالزوجة ان كانت حرة فطلاقها ثلاث ، سواء كانت تحت حر أو عبد. وان كانت أمة ، فطلاقها ثنتان ، سواء كانت تحت حر أو عبد ، وبه قال علي عليه‌السلام في الصحابة ، وفي الفقهاء ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ر ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : الاعتبار بالزوج ، وان كان حرا فثلاث تطليقات ، وان كان عبدا فطلقتان (٢) ، سواء كان تحته حرة أو أمة ، وبه قال ابن عمر (٣) وابن عباس و ( ـ ك ، ).

مسألة ـ ٢ ـ : أقل ما يمكن أن تنقضي به عدة الحرة ستة وعشرون يوما ولحظتان ، وعدة الأمة ثلاثة عشر يوما ولحظتان ، لأنا قد ذكرنا في كتاب الحيض أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأقل الطهر عشرة أيام ، فإذا ثبت ذلك يصح ما قدرناه بأن يطلقها في آخر جزء من طهرها ، ثمَّ ترى الدم بعد لحظة ، فيحصل لها قرء واحد ، فترى بعد ذلك الدم ثلاثة أيام ، ثمَّ الطهر عشرة أيام ، ثمَّ الدم ثلاثة أيام ، ثمَّ الطهر عشرة أيام ، ثمَّ ترى الدم لحظة وقد انقضت عدتها.

__________________

(١) م : مسألة ( ـ « ج » ـ ) اعتبار الطلاق.

(٢) م : ان كان عبدا فثنتان.

(٣) م : قال عمر.

٢١٥

وعند ( ـ ش ـ ) أقل ذلك في الحرة اثنان وثلاثون يوما ، وفي الأمة أحد عشر يوما ولحظتان.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المطلقة الرجعية لا يحرم وطئها ولا تقبيلها ، بل هي باقية على الإباحة ، ومتى وطأها أو قبلها بشهوة (١) ، كان ذلك رجعة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى.

وقال ( ـ ش ـ ) : هي محرمة كالمبتوتة ، ولا يحل له وطئها والاستمتاع بها ، الا بعد أن يراجعها وتحتاج في الرجعة عنده أن يقول : راجعتك مع القدرة ، ومع العجز كالخرس فالإشارة والإيماء كالنكاح سواء.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان وطأها ونوى الرجعة كان رجعة ، وان لم ينو الرجعة لم يكن رجعة وبه قال عطاء ، وأبو ثور.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب الاشهاد على الرجعة ، وليس ذلك بواجب ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : الاشهاد واجب.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا راجعها قبل أن تخرج من عدتها ولم تعلم الزوجة بذلك ، فاعتدت وتزوجت ، ثمَّ جاء الزوج الأول وأقام البينة بأنه كان راجعها في العدة ، فإنه يبطل النكاح الثاني ويرد إلى الأول ، سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل ، وبه قال علي عليه‌السلام وأهل العراق ، و ( ـ ش ـ ).

وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : ان لم يكن الثاني دخل بها ، فالأول أحق بها ، وان كان دخل بها فهو أحق بها ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا طلقها ثلاثا على الوجه الذي يقع الطلاق على الخلاف

__________________

(١) م : قبلها بشهوته.

٢١٦

فيه ، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويطأها (١) ، فالوطي من الثاني شرط التحلل (٢) للأول ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وابن عمر ، وجابر ، وعائشة ، وجميع الفقهاء الا سعيد بن المسيب فإنه لم يعتبر الوطي وانما اعتبر النكاح.

يدل على ما ذهبنا اليه ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روته (٣) عائشة ، قالت : أتت زوجة رفاعة بن مالك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : طلقني رفاعة وبت طلاقي وتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير وأن ما معه مثل هدبة (٤) الثوب ، فقال النبي عليه‌السلام : تريدين أن تراجعي رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا نكحت نكاحا فاسدا ، ودخل بها الزوج الثاني لا يحل به للأول ، لقوله تعالى ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ولفظة النكاح انما تطلق على الصحيح دون الفاسد. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا تزوجت بمراهق قرب من البلوغ وينتشر عليه ويعرف لذة الجماع ودخل بها ، فإنها تحل للأول ، لقوله ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ولم يفصل ، ولقوله عليه‌السلام « حتى يذوق عسيلتها » وهذا قد ذاق ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا تحل للأول.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا وطأها الزوج الثاني في حال يحرم وطئها فيها ، بأن يكون محرما أو هي محرمة ، أو كان صائما ، أو هي صائمة ، أو كانت حائضا أو نفساء ، فإنها لا تحل للأول ، لأنه لا دليل على أن هذا الوطي (٥) محلل ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

__________________

(١) م ود : غيره يطأها.

(٢) م : لتحل.

(٣) م : دليلنا ما روته.

(٤) د : هدية.

(٥) م : هذا محلل.

٢١٧

وقال ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء : انها تحل للأول ، وهو قوي.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا كانت عنده زوجة ذمية ، فطلقها ثلاثا وتزوجت بذمي بنكاح صحيح ووطأها ، فإنها تحل للأول عند من أجاز من أصحابنا العقد عليهن ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأهل العراق ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يبيحها للأول ، بناء على أصله أن أنكحة أهل الذمة فاسدة.

يدل على المسألة قوله تعالى ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (١) ولم يفرق. وأيضا فإن أنكحة أهل الكفر صحيحة عندنا ، يدل عليه قوله تعالى ( وَامْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ ) (٢) فأضاف المرأة الى أبي لهب ، وهذه الإضافة تقتضي الزوجية حقيقة وروي أن النبي عليه‌السلام رجم يهوديين زنيا ، فلو لا انها كانت موطوءة بنكاح صحيحة لما رجمهما.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا قال لامرأته : أنت طالق ظنا أنها أجنبية ، أو نسي ان له (٣) امرأة ، فقال : كل امرأة لي طالق ، لا يلزمه الطلاق ، بدلالة ما قدمناه من أن الطلاق يحتاج إلى النية. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا راجعها بلفظ النكاح ، مثل أن يقول تزوجتك أو يقول : نكحتك وقصد المراجعة ، كانت رجعة صحيحة (٤) ، بدلالة أن الرجعة عندنا لا يفتقر الى القول ، ويكفي فيها إنكار الطلاق أو الوطي أو التقبيل. وهذا أقوى من ذلك.

ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان ، المذهب عندهم أنه لا يصح.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٣٠.

(٢) سورة المسد : ٤.

(٣) م : ظنا منه أنها أجنبية أو نسي له امرأة.

(٤) د : كانت صحيحة.

٢١٨

( كتاب الإيلاء )

مسألة ـ ١ ـ : الإيلاء الشرعي أن يحلف أن لا يطأ زوجته أكثر من أربعة أشهر ، فإن حلف على أربعة لم يكن موليا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وحكي عن ابن عباس أنه قال : الإيلاء أن يحلف أن لا يطأها على التأبيد ، فإن أطلق فقد أبد ، وان قال على التأبيد ، فقد أكد.

وقال ( ـ ر ـ ) ، ( ـ ح ـ ) : إذا حلف أن لا يطأها أربعة أشهر كان موليا ، وان حلف أقل من ذلك لم يكن موليا. وقال الحسن البصري ، وابن أبي ليلى : يكون موليا ، ولو حلف أنه لا يطأها يوما.

مسألة ـ ٢ ـ : حكم الإيلاء الشرعي أن له التربص أربعة أشهر ، فإذا انقضت توجهت عليه المطالبة بالفئة أو الطلاق ، فمحل الفئة بعد انقضاء المدة وهو محل الطلاق ، وأما قبل انقضائها فليس بمحل للفئة والمدة حق له ، وان فاء فيها فقد عجل الحق لها قبل محله عليه ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعثمان ، وابن عمر ، وعائشة ، وفي التابعين عطاء ، ومجاهد ، وسليمان بن يسار ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وأبو ثور.

ويدل عليه قوله تعالى ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ

٢١٩

فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) وفي هذه الآية أدلة أربعة : أحدها : أن الله تعالى أضاف المدة إلى المولى بلام الملك ، فاذا كانت حقا له لم يصح أن يكون الأجل المضروب له محلا لحق غيره فيه.

الثاني : جعل له التربص وأخبر أن له الفئة بعدها بقوله ( فَإِنْ فاؤُ ) والفاء للتعقيب.

والثالث : أنه قال فان فاؤوا أي جامعوا ، فأضاف الفئة الى المولى ، وأضاف الطلاق إليه أيضا ، فثبت أن الطلاق يقع بفعله ، كما يقع الفئة بفعله.

والرابع : أن الله تعالى وصف نفسه بالغفران إذا هو فاء ، لأنه في صورة من يفتقر الى غفران من حيث أنه حنث وهتك حرمة الاسم ، وان لم يكن مأثوما بالفئة. وقال ( فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) بعد قوله ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) فثبت أن هناك ما يسمع وهو التلفظ بالطلاق ، فمن قال يقع بانقضاء المدة ، فليس هناك ما يسمع (٢).

وذهب ( ـ ح ـ ) وأصحابه إلى أنه يتربص أربعة أشهر ، فإذا انقضت وقع بانقضائها طلقة واحدة بائنة ، ووقعت الفئة في المدة ، فإن فاء فيها فقد وفاها حقها في وقته ، وان ترك الجماع وقعت الطلقة (٣) بانقضاء المدة ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وروي ذلك عن ابن مسعود. وذهب الزهري ، وسعيد بن جبير إلى أنه يقع الطلاق بانقضاء المدة ، ولكن لا يكون طلقة بائنة.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يكون الإيلاء الا بأن يحلف بالله ، أو باسم من أسمائه ،

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٢) د : مما يسمع.

(٣) د : وقعت الطلاق.

٢٢٠