المهذّب - ج ١

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب - ج ١

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

فإن استووا فأكبرهم سنا ، فاذا استووا فأصبحهم وجها ويكره لمن يؤم بالناس ان يصلى في محراب داخل في الحائط ، وإذا قامت الصلاة وكانت مما يصلى بإمام لم تجز صلاة النوافل في هذا الحال ، ولا يجوز للإمام أن يصلى بالناس جالسا الا ان يكونوا عراة فإنهم إذا كانوا كذلك صلوا جلوسا وتقدمهم الامام بركبتيه ، ولا يجوز ان يكون موضع وقوف الإمام أعلى من موضع المأمومين بما يعلم تفاوته ، ويجوز ان يكون موضع المأمومين أعلى من موضع الامام.

وإذا حضر لصلاة الجماعة اثنان بغير زيادة عليهما فليقف أحدهما عن يمين الأخر ويصليان ، ومتى أم من يصح تقدمه بغيره في صلاة جهرة وقرء ، فلا يقرء المأموم بل تسمع قراءته فان كان لا يسمع قراءته كان مخيرا بين القراءة وتركها ، وان كانت صلاة أخفاه فيستحب للمأموم أن يقرء فاتحة الكتاب وحدها. ويجوز ان يسبح الله تعالى ويحمده.

وإذا أم من لا يجوز الاقتداء به فعلى من خلفه ممن يأتم به القراءة على كل حال جهر الامام بالقراءة أو لم يجهر ، وإذا رأى إنسان رجلين يصليان ونوى الائتمام بواحد منهما غير معين لم تصح صلاته ، وإذا رأى اثنين يصليان ، أحدهما مأموم والأخر امام فنوى الائتمام بالمأموم لم تصح صلاته وإذا صلى رجلان فذكر كل منهما انه امام صحت صلاتهما ، وان ذكر كل واحد منهما أنه مأموم لم تصح صلاتهما ، وكذلك ان شكا ولم يعرف كل واحد منهما أنه مأموم لم تصح صلاتهما أيضا ولا يؤم الأمي بقارئ ، والأمي هو الذي لا يحسن قراءة الحمد ، والأمي يجوز أن يأتم بالأمي ومن صلى خلف من لا يأتم به فعليه أن يقرأ لنفسه ، وأقل ما يجزى الإنسان قراءة الحمد وحدها.

ومن صلى خلف من لا يقتدى به وكان عليه تقية ولم يتمكن من قراءة أكثر منها كان جائزا ويجزيه أيضا ان كان عليه تقية ان يكون قراءته مثل حديث النفس ولا يجوز له ترك القراءة على حال ، وإذا سبق الإمام الذي لا يقتدى به الى الفراغ

٨١

من السورة فالأفضل ان يبقى منها آية فإذا وصل الامام إليها تممها هو بذلك معه ، فاذا فرغ منها قبله فينبغي له ان يسبح الله تعالى ويحمده الى حين فراغه من القراءة

ومن أدرك تكبيرة الركوع فقد أدرك تلك الركعة ، وان لم يدركها فقد فاتته وإذا سمع تكبيرة الركوع قبل وصوله الى الصف فليركع ويمشى وهو كذلك حتى يصل الى الصف ويتم ركوعه ، وإذا رفع الإمام رأسه من الركوع فليسجد ، فاذا نهض إلى الثانية فيلحق بالصف ، فاذا خاف الإنسان من فوت الركوع أجزأه ان يكبر تكبيرة واحدة للافتتاح والركوع ، وان كان لا يخاف من ذلك كبر تكبيرتين واحدة للافتتاح والأخرى للركوع ومن فاته مع الإمام ركعة أو ركعتان جعل ما يدركه معه أول صلاته ، فاذا سلم الامام قام هو ويتمم ما فاته.

وينبغي للإمام ان يسمع من خلفه الشهادتين ، وإذا اقتدى إنسان بغيره في صلاته لم يجز له ان يرفع رأسه قبل رفع رأسه من ركوع ولا سجود ، فان فعل ذلك ناسيا عاد الى الركوع أو السجود حتى يرفع رأسه مع الامام ، وان تعمد ذلك لم يرجع الى الركوع ولا السجود ، بل يقف حتى يلحقه الامام ، وان كان الامام لا يقتدى به وفعل ذلك معه ، فلا يرجع اليه ، متعمدا كان في ما فعله أو ناسيا ، فان عاد اليه كان قد زاد في صلاته ، وذلك لا يجوز.

ومن لحق الامام وقد رفع رأسه من الركوع سجد معه ولم يعتد بتلك السجدة. ويجوز له ان يقف حتى يقوم الإمام إلى الثانية ومن لحقه وهو في التشهد جلس معه حتى يسلم ، فاذا سلم قام هو واستأنف الصلاة. والامام إذا علم بدخول قوم الى المسجد وهو في الركوع ، أطال فيه حتى يلحقوا به في ذلك.

وإذا سلم الإمام فينبغي ان يسلم تسليمة واحدة تجاه القبلة ، ويشير بمؤخر عينه اليمنى بها الى جهة يمينه. ولا يزول من موضع صلاته حتى يتم من فاته شي‌ء من الصلاة خلفه (١) ، ما فاته منها ومن لم يكن صلى الظهر ثم دخل مع الإمام في صلاته

__________________

(١) في النسخ التي بأيدينا زيادة « واو » هنا.

٨٢

العصر لم يجز أن يصليها عصرا ولا أن يقتدى به ، فان نوى انها له ظهر كان جائزا.

ومن كان اماما ثم أحدث في الصلاة حدثا ينقض الطهارة أو يقطعها ، فينبغي ان يقدم غيره ليتم الصلاة بالناس ، ويستحب ان يكون هذا الذي يقدم ممن قد شهد الإقامة للصلاة ، فان لم يكن كذلك جاز تقديمه على كل حال ، وان كان ممن قد فاته من الصلاة ركعة أو ركعتان كان أيضا جائزا غير أنه إذا صلى بهم تمام صلاتهم أومأ بالتسليم لهم إيماء ، أو قدم من يسلم بهم ثم يقوم هو فيتمم الباقي له من الصلاة

والامام إذا مات فجأة أزيل من القبلة وقدم من يتمم الصلاة بالناس.

وإذا دخل إنسان في صلاة نافلة ثم أقيمت الصلاة كان له قطعها ، والدخول في الجماعة ، وإذا كان في فريضة كان له قطعها إذا كان الإمام إمام الأصل وإذا لم يكن الإمام إمام الأصل وكان ممن يقتدى به تمم صلاته التي هو فيها ركعتين على التخفيف ويعدهما نافلة ، وان كان ممن لا يقتدى به بنى على ما هو فيه ، ودخل معه في الصلاة ، فاذا فرغ من صلاته سلم ثم قام مع الامام وصلى ما بقي له معه واعتده أيضا من النافلة وإذا اتفق قيام الإمام في حال تشهده اقتصر فيه على الشهادتين وسلم قائماً.

وإذا كان الامام مخالفا في الاعتقاد وقرأ سورة سجدة ولم يسجد فينبغي ان تومئ أنت بالسجود إيماء ومن اضطر الى التسليم قبل ان يسلم الامام جاز له الخروج

ومن صلى بقوم الى غير القبلة ومن خلفه عالم بذلك كان على الجميع إعادة الصلاة فان لم يكن الذين خلفه عالمين بذلك لم يكن عليهم اعادة وكانت الإعادة على الامام وحده.

« باب ستر العورة »

سترها في الصلاة على ضربين ، أحدهما عورة الرجال والأخر عورة النساء فأما عورة الرجال فهي من السرة إلى الركبتين وأقل ما يجزى في ستر العورة مئزر وما أشبهه

٨٣

مما إذا استتربه واسبل (١) به ستر الركبتين ، فقد ذكر أن الواجب ستر القبل والدبر وما عدا ذلك مستحب ، وما ذكرناه هو الأحوط ، فاما عورة النساء فهي جميع أبدانهن إلا رءوس المماليك ومن لم تبلغ من الحرائر : فإن هؤلاء يجوز لهن كشف رءوسهن في الصلاة والأفضل لهن سترها ، وأقل ما يجزى البالغ من الحرائر درع يسترها الى قدميها وخمار ، والمماليك ومن ليس ببالغ درع يستر الى القدمين ، والأفضل التجمل باللباس للصلاة مع القدرة على ذلك والتمكن منه والأفضل للرجال إذا أراد الصلاة ان يرتدي ويلبس العمامة محنكا في صيف كان أو في شتاء.

« باب القبلة »

القبلة هي الكعبة ، والعلم بها واجب مع التمكن للتوجه إليها في فرائض الصلاة وسننها ، واحتضار الموتى من الناس ، وغسلهم ، والصلاة عليهم ، ودفنهم والذبائح.

فكل من شاهد الكعبة وجب عليه التوجه إليها ، فان لم يشاهدها وشاهد المسجد الحرام وجب عليه التوجه الى المسجد الحرام وان لم يشاهد الكعبة ولا المسجد الحرام وجب عليه التوجه الى الحرم سواء كان مشاهدا له أو لم يكن كذلك ، وما قدمناه في معرفة زوال الشمس به ، يعرف به جهة القبلة ، لأن الشمس إذا زالت مالت (٢) من بين عيني الإنسان حتى تصير على حاجبه الأيمن كان متوجها إليها ، وإذا كان في الليل كان متوجها إليها بأن يجعل الجدي على منكبه الأيمن ، وان كان عند طلوع الفجر جعله على يده اليسرى.

__________________

(١) في بعض النسخ « اسئل ».

(٢) مراده « رحمه‌الله » انه إذا زالت الشمس ووقعت بين عيني الإنسان انحرف الإنسان في تلك الساعة إلى اليسار حتى جعلت الشمس على حاجبه الأيمن فحينئذ كان مواجها إلى القبلة ، وهذا منطبق على من كان في الشام والضمير في « إليها » في الموردين إلى القبلة

٨٤

وإذا تقدمت له المعرفة بجهة القبلة امكنه أيضا ان يعرف زوال الشمس بان يتوجه إليها فيرى الشمس على حاجبه الأيمن. (١)

ويمكن ان يعرف ذلك بان يجعل الإنسان منكبه الأيمن بإزاء المغرب والأيسر بإزاء المشرق ثم ينظر الشمس ، فاذا رآها قد زالت وصارت (٢) على حاجبه الأيمن كان متوجها الى القبلة ، فإن كان عارفا بالجهة التي تنتهي الشمس إليها في الصيف ثم ترجع (٣). وعارفا بالجهة التي إذا رجعت انتهت ثم عادت ، وكذلك في جهتي انتهائها في المغرب ورجوعها ، ثم تحرى (٤) جهة الوسط بان يجعل منكبه بإزاء الوسط من الجهتين المذكورتين في المغرب ومنكبه الأيسر بإزاء الوسط من الجهتين المذكورتين في المشرق. ثم توجه إلى جهة الجنوب ، فإنه إذا وقف كذلك ووجد الشمس قد زالت وصارت على حاجبه الأيمن عرف بذلك الزوال وكان متوجها الى القبلة.

وإذا أطبقت السماء بالغيم ، وحضر وقت الصلاة ، ولم يتمكن المكلف من المعرفة بجهتها ولأغلب في ظنه ذلك ، صلى إلى أربع جهات ، الصلاة بعينها اربع صلوات ، فان لم يتمكن من ذلك لخوف أو غيره من الضرورات ، صلى الى أى جهة أراد والمحبوس إذا كان لا يتمكن من المعرفة بجهة القبلة ، كان حكمه ما قدمناه ومن كان على سطح الكعبة فعليه ان ينزل ويتوجه إليها فان لم يتمكن من ذلك لضرورة استلقى على ظهره ونظر الى السماء وصلى إليها ، وقد ذكر أنه إذا فعل ذلك كان متوجها الى البيت المعمور (٥).

__________________

(١) هذا أيضا منطبق على من كان في الشام.

(٢) يعنى ينحرف الإنسان إلى اليسار حتى تصير الشمس على حاجبه الأيمن.

(٣) المراد هي النقطة العليا في القوس الصعودي لمشارق الشمس في أول الصيف ـ وكذا ما بعده في القوس النزولى ـ في أول الشتاء ـ

(٤) كذا في النسخ والظاهر ان الصحيح « تحرى » بمعنى اختار والمراد بوسطهما المغرب والمشرق الاعتداليين.

(٥) الوسائل ج ٣ ، الباب ١٩ من أبواب القبلة ، الحديث ٢.

٨٥

وإذا اجتمع قوم غير عارفين بجهة القبلة بشي‌ء من الوجوه التي ذكرناها وأرادوا أن يصلوا جماعة جاز لهم ذلك بأن يقتدوا بواحد منهم إذا كانت أحوالهم متساوية في التباس القبلة عليهم. فان غلب في ظن بعضهم جهة القبلة وتساوى ظن الباقين كان ذلك أيضا جائزا لهم بان يقتدوا به ، لان فرضهم الصلاة الى الجهات الأربع مع التمكن والى واحدة منها مع الضرورة ، وهذه الجهة واحدة من ذلك

فان اختلف ظنونهم وادي كل واحد منهم اجتهاده إلى القبلة في خلاف الجهة التي ظن الأخر انها بها ، لم يجز ان يقتدى واحد منهم بالآخر. وإذا وجب على قوم منهم الصلاة الى أربع جهات جاز لهم الصلاة جماعة ، ويقتدى كل واحد منهم بصاحبه في الجهات الأربع.

ومن دخل الى غير بلده من البلدان أو المواضع جاز له ان يصلى الى قبلة ذلك البلد أو الموضع الذي دخل إليه ، فإن علم أو غلب على ظنه ان تلك القبلة غير صحيحة لم تجز له الصلاة إليها وكان عليه ان يجتهد في طلب القبلة ـ بأحد الوجوه التي ذكرناها ـ ثم يتوجه إليها.

ومن لا يحسن الاعتبار في طلب جهة القبلة بشي‌ء مما ذكرناه ، وأخبره عدل بأن القبلة في جهة معينة جاز له الرجوع في ذلك الى قوله.

« الصلاة على الراحلة وما يلحق بها »

والمسافر إذا كان ماشيا لم يجز له أن يصلى الا وهو مستقبل القبلة ، فإن كان على راحلة لم يجز له مع الاختيار ان يصلى الا كذلك (١) ، فان كان مضطرا أو غير متمكن من النزول عنها جاز ان يصلى عليها بعد ان يستقبل القبلة ويجوز صلاة النوافل في السفر على الراحلة وان كان المسافر مختارا بعد ان يستقبل القبلة ، فان لم يمكنه ذلك استقبلها بتكبيرة الإحرام ثم يصلى كيف ما توجهت به راحلته ، وكذلك الماشي إذا لم يتمكن من استقبالها في جميع صلاته.

__________________

(١) اى كالماشي ، وفرضها استقبال القبلة واقفا.

٨٦

ومن كان في سفينة وهو متمكن من ان يدور إلى القبلة ـ إذا دارت هي في خلاف جهتها ـ فعل ذلك ، فان لم يتمكن من ذلك صلى الى صدر السفينة بعد ان يستقبلها بتكبيرة الإحرام.

ومن كان في حرب شديد ومسائفة وخوف من ذلك لا يتمكن معه من استقبال القبلة سقط عنه فرض الاستقبال لها وكانت صلاته على ما سنذكره في باب صلاة الخوف ان شاء الله تعالى.

ومن كان عالما بدليل القبلة ثم التبس عليه ذلك لم يجز له ان يقلد غيره في الرجوع الى واحدة من الجهات الأربع التي كلف الصلاة إليها مع الالتباس ، فان كان به ضرورة صلى الى اى جهة أراد ، فإن قلد غيره في حال الضرورة دون الاختيار كان جائزا إذا كانت الجهة التي يقلد فيها غير (١) فمخير في الصلاة إليها أو الى غيرها.

ولا يجوز للمكلف قبول قول غير العدل في شي‌ء من الجهات مسلما كان أو كافرا.

ومن صلى إلى جهة من الجهات ثم بان له انه قد صلى الى غير القبلة ، وكان الوقت باقيا كان عليه إعادة الصلاة. فإن كان قد اقتدى به في هذه الصلاة أعمى أو قبل قوله فيها ولم يقتد به كان عليه أيضا الإعادة ، وان كان الوقت قد انقضى لم يكن عليه إعادة الا ان يكون قد صلى مستدبر القبلة ، فحينئذ تكون عليه الإعادة.

والضرير (٢) إذا دخل في صلاة إلى جهة بقول واحد من الناس ثم ذكر له آخر ان القبلة في غير تلك الجهة كان عليه ان يأخذ بقول أعدلهما عنده ، فان تساويا في العدالة مضى في صلاته.

__________________

(١) الظاهر سقوط الضمير ، المضاف اليه.

(٢) الضرير : ذاهب البصر

٨٧

وإذا دخل الأعمى في صلاة إلى جهة بقول بصير ثم أبصر ورأى علامات القبلة وأماراتها صحيحة بنى على صلاته ، فان افتقر ـ حين أبصر ـ إلى تأمل كثير وطلب الأمارات ومراعاة لذلك كان عليه استئناف الصلاة ، وهو الأحوط من قول من قال : بأنه يمضي في ذلك. ومن توجه في الصلاة الى جهة وهو بصير ثم عمى عليه كان عليه المضي فيها ، فان انحرف عنها انحرافا لا يمكنه معه الرجوع إليها كان عليه استئنافها من لفظها (١) ويعمل على قول من يسدده إلى جهة القبلة.

« باب الأذان والإقامة وأحكامهما »

الأذان والإقامة على ضربين : واجب ومندوب ، فالواجب هو ما يتعلق منهما بصلاة الجماعة على الرجال ، واما المندوب فهو ما يتعلق منهما بغير صلاة الجماعة على ما ذكرناه.

وفصولهما على ضربين أحدهما فصول الأذان والأخر فصول الإقامة ، فأما فصول الأذان فثمانية عشر فصلا ، وهي الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، اشهد ان لا إله إلا الله ، اشهد ان لا إله إلا الله ، اشهد ان محمدا رسول الله ، اشهد ان محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله.

واما فصول الإقامة فهي سبعة عشر فصلا وهي مثنى من أولها ، فإذا قلت حي على خير العمل قلت : قد قامت الصلاة مرتين ، فاذا قلت بعد ذلك الله أكبر قلت : لا إله إلا الله مرة واحدة.

واعلم ان الأذان والإقامة مشدد فيهما على وجه التأكيد على من صلى شيئا

__________________

(١) : الظاهر ان المراد استئناف الصلاة من رأس.

٨٨

من الصلوات الخمس منفردا ، والإقامة في ذلك أشد تأكيدا من الأذان ، ومن صلى جماعة بغير أذان ولا اقامة كانت صلاته صحيحة غير ان فضل الجماعة ليس بحاصل له وهما أيضا مؤكدتان فيما يجهر فيه المصلى بالقراءة إذا كان منفردا وما يتعلق به صلاتا المغرب والفجر من ذلك آكد من غيرهما على المنفرد.

ولا يجوز الأذان والإقامة للنوافل والأفضل لمن صلى قضاء لشي‌ء من الصلوات الخمس ان يؤذن كذلك ويقيم ـ حسب ما كان فعله ـ في الصلاة التي يقضى عنها وإذا دخل المصلى في صلاة بغير أذان ولا إقامة فالأفضل له الرجوع ، ويؤذن ويقيم ثم يدخل في الصلاة ، فإن كان قد ركع لم يجز له ذلك ، ومضى في صلاته.

والتثويب والترجيع عندنا ليسا بمسنونين في الصلاة ، والترجيع هو التكرار للتكبير والشهادتين في أول الأذان ، والتثويب هو قول : الصلاة خير من النوم.

والترتيب واجب في الأذان والإقامة ، وهو ان يبتدأ بالتكبير ، ثم شهادة ان لا إله إلا الله ، ثم شهادة ان محمدا رسول الله ، ثم حي على الصلاة ، ثم حي على الفلاح ، ثم حي على خير العمل ، ثم التكبير ، ثم التهليل على ما ذكرناه ، وان كان في الإقامة أتى بعد « حي على خير العمل » بذكر الإقامة ، وبعد ذلك بالتكبير ثم التهليل ومتى اذن أو أقام بغير ترتيب كان عليه اعادة ذلك وان اذن واقام قبل دخول الوقت أعادهما أيضا.

ويجب على المصلى ـ جماعة ـ استقبال القبلة في حالهما ، وان يكون قائماً إلا لضرورة تمنعه من ذلك.

وينبغي للمصلي أن يرتل ألفاظ الأذان ويحدر (١) الإقامة ، ويقف على فصولهما ، ولا يعرب شيئا من ذلك ويجوز للنساء أن يؤذن ويقمن من غير ان يسمعن الرجال أصواتهن. ويجوز تقديم الأذان قبل دخول الوقت في صلاة الغداة فإذا دخل الوقت لم يكن بد من إعادته ، وينبغي رفع الصوت في الأذان ولا ينتهي في

__________________

(١) أي يسرع

٨٩

ذلك الى حد يبطله ، ويجوز الكلام في حال الأذان ويكره في الإقامة ، وان تكلم بها استحبت له الإعادة وكذلك يستحب له الإعادة إذا عرض له الإغماء أو النوم ثم أفاق أو استيقظ ومن اتى ببعض الأذان ثم ارتد وعاد إلى الإسلام فعليه استئنافه ، ومتى تمم الأذان ثم ارتد بعد ذلك جاز لغيره ان يأتي بالإقامة.

ومن جمع بين صلاتين جاز له ان يؤذن ويقيم للأولى ثم يقيم للثانية ويجوز ان يصلى ما شاء من الصلوات الخمس بالإقامة دون الأذان وان لم يجمع بين اثنين منها. ولا يجوز الأذان والإقامة إلا لصلوات الخمس فاما غير ذلك من سائر الصلوات على اختلافها فلا يجوز الإتيان بهما في ذلك.

وليس على النساء أذان ولا إقامة ، فان اذن وأقمن كان أفضل ولا يسمعن الرجال أصواتهن كما قدمناه.

ويستحب لمن اذن أو أقام أن يقول في نفسه عند حي على خير العمل : آل محمد خير البرية مرتين ، ويقول في نفسه إذا فرغ من (١) قوله حي على الصلاة لا حول ولا قوة إلا بالله ، وكذلك يقول عند قوله حي على الفلاح ، وإذا قال : قد قامت الصلاة قال اللهم أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها عملا ، وإذا فرغ من قوله قد قامت الصلاة قال : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة الدائمة (٢) أعط محمدا سؤله يوم القيامة ويلغه الدرجة والوسيلة من الجنة وتقبل شفاعته في أمته.

ومن اذن واقام فينبغي ان يفرق بينهما بجلسة يمس فيها بيده الأرض أو بسجدة أو خطوة ، الا ان يكون ذلك لصلاة المغرب ، فإنه لا يفرق بينهما بسجدة ويستحب لمن سمع الأذان والإقامة ان يقول في نفسه كما يسمع منه.

وينبغي (٣) ان يكون المؤذن مأمونا عارفا بالأوقات ، ولا يجوز أخذه الأجرة

__________________

(١) في بعض النسخ زيادة « صلاة » والمراد لفظ الصلاة الواقعة في « حي على الصلاة »

(٢) في بعض النسخ « القائمة » بدل « الدائمة ».

(٣) في بعض النسخ « يستحب » بدل « ينبغي »

٩٠

على ذلك الا ان يكون من بيت المال ، وإذا تشاح الناس على الأذان أقرع بينهم لما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة لو علمت أمتي ما فيها لضرب عليها بالسهام : الأذان ، والغدو إلى الجمعة ، والصف الأول (١).

وإذا دخل قوم الى المسجد وقد صلى الناس جماعة وأرادوا أن يصلوا جماعة لم يكن عليهم أذان ولا اقامة ، هذا إذا لم يكن الناس قد انصرفوا من صلاة الجماعة وان كانوا قد انصرفوا أذنوا وأقاموا وإذا صلى إنسان خلف من لا يقتدى به ، اذن واقام فإن صلى خلف من يأتم به لم يكن عليه أذان ولا اقامة. ومن أحدث في حال الأذان كان عليه اعادة الوضوء والبناء على ما تقدم ، وان كان ذلك منه حال الإقامة أعاد الوضوء واستأنفها. ويكره ان يؤذن الإنسان وهو راكب أو ماش مع الاختيار ، ويجوز ان يؤذن وهو على غير طهارة ، ولا يقيم الا وهو على طهارة.

كيفية الصلاة على ضربين : أحدهما كيفية صلاة اليوم والليلة والأخر كيفية ما عدا ذلك من الصلوات وكيفية صلاة اليوم والليلة على ضربين : أحدهما كيفية صلاة المختار والأخر كيفية صلاة المضطر.

إذا كان المكلف بالصلاة مختارا ودخل الوقت ، فينبغي ان يتطهر للصلاة ان كان محدثا ، ثم يتوجه إلى القبلة وهو قائم مع تمكنه من ذلك ، ويؤذن فاذا فرغ من ذلك سجد ، وقال في سجوده. لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاضعا خاشعا فصل على محمد وآل محمد ، وارحمني وتب على انك أنت التواب الرحيم ، ويرفع رأسه ويقيم الصلاة فإن فرق هاهنا بين الأذان والإقامة بخطوة أو جلسة كان جائزا الا ان يكون صلاة المغرب فلا يفرق كما قدمناه في باب الأذان فإذا استوى

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة ج ٤ ، الباب ٢ من أبواب الأذان والإقامة ، ص ٦٢٨ الحديث ١٤.

٩١

قائماً فرق بين قدميه بمقدار شبر أو أربع أصابع ، فإن كان المصلي امرأة جمعت بين قدميها ، ولا يلتفت المصلى ، يمينا ولا شمالا ، ويكون على خشوع وخضوع وتذلل لله سبحانه ، ثم يفتتح الصلاة بسبع تكبيرات ، ويعقد النية كذلك في حال الابتداء بالدخول فيها ويبتدئ بالتكبيرة الاولى فيقول : الله أكبر ، ويرفع يديه مع التكبير باسطا كفيه مفرجا بين إبهاميه ومسبحتيه حيال شحمتي أذنيه ولا يتجاوز بذلك أطراف أصابعه. ثم يرسلهما ـ إذا كبر ـ على فخذيه ثم يرفعهما ، ويكبر ثانية وثالثة كذلك فاذا فرغ من الثالثة دعا فقال « اللهم أنت الملك الحق المبين ، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم يكبر تكبيرتين يكمل بهما خمس تكبيرات ، ويفعل فيهما كما فعل في التكبير المتقدم ، ثم يقول : بعد الخامسة : « لبيك وسعديك ، والخير كله في يديك والمهدى من هديت ، عبدك وابن عبديك ، لا ملجأ ولا منجا ولا ملتجأ منك إلا إليك سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت الحرام » وإذا فرغ من ذلك كبر تكبيرتين يكمل بهما سبع تكبيرات ثم يرسل يديه الى فخذيه بعد السابعة وان كان امرأة وضعت أطراف أصابع يدها اليمنى على ثديها الأيمن ، واليسرى على الأيسر وقال : « ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً ) مسلما على ملة إبراهيم ودين محمد (ص) ومنهاج على بن ابى طالب ( وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ) وانا من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ).

ويقرء الحمد وسورة ويفتحها بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فاذا فرغ من قراءة الحمد ، فلا يقول آمين كما يفعله العامة ويجعل نظره في حال قيامه الى موضع سجوده ولا يضع يمينه على شماله ويخافت بقراءة السورتين في الظهر والعصر الا ببسم الله الرحمن الرحيم ، فإنه يجهر بها في كل صلاة ، ويجهر بالقراءة في صلاة العشائين والغداة ، فاذا فرغ من قراءة السورة الثانية رفع يديه بالتكبير للركوع فاذا كبر

٩٢

ركع ووضع باطن كفيه على عيني ركبتيه مفرجات الأصابع وسوى ظهره ومد عنقه وغمض عينيه ، فان لم يغمضها جعل نظره الى ما بين قدميه وان كان امرأة لم تنحن (١) كثيرا ووضعت يديها على ثدييها.

ويسبح ويقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا أو خمسا أو سبعا وما زاد على المرة الواحدة فهو أفضل ، فاذا فرغ من التسبيح استوى قائماً ، وقال سمع الله لمن حمده ، الحمد لله رب العالمين أهل الجود والكبرياء والعظمة ، ثم يرفع يديه بالتكبيرة فاذا فرغ أرسل نفسه للسجود وتلقى الأرض بيديه قبل ركبتيه وبسطهما على الأرض ، وجعل أطراف أصابعه مما يلي وجهه جهة القبلة وان كان امرأة جلست قبل السجود. ويسجد معلقا على أعضاء مخصوصة من جسده وهي : جبهته وطرف انفه وكفاه وركبتاه وإبهاما رجليه ، ولا يضع بعض جسده على بعض ولا يلصق بطنه بفخذيه ولا فخذيه بساقية ، ويجعل نظره الى طرف أنفه ـ فإن كان امرأة سجدت لاطئة بالأرض وضمت ذراعيها الى عضديها وعضديها الى جنبيها وفخذيها الى بطنها.

ثم بقول : « اللهم لك سجدت ولك خشعت وبك آمنت وعليك توكلت ، ولك أسلمت ، وأنت ربي ، سجد لك وجهي ، وقلبي ، وسمعي ، وبصري ، وجميع جوارحي ، سجد وجهي للذي خلقه وصورة وشق سمعه وبصره »

ويسبح فيقول « سبحان ربي الأعلى وبحمده » مرة واحدة أو ثلاثا وما زاد على ذلك كان أفضل ، فإذا أكمل التسبيح رفع رأسه ثم استوى جالسا.

وقال : الله أكبر ، وليكن جلوسه على فخذه الأيسر ، ويضع ظاهر قدمه الأيمن على باطن الأيسر ويجعل نظره الى حجره ، وان كانت امرأة جلست على اليتيها رافعة ساقيها وضمت فخذيها ، وجعلت باطن قدميها على الأرض.

وقال في جلوسه ، « اللهم اغفر لي وارحمني وادفع عنى وأجرني إني لما

__________________

(١) في النسخ « لم تنحى » ولعله تصحيف والصحيح ما أثبتناه.

٩٣

أنزلت الى من خير فقير ، ثم يكبر تكبيرة للسجدة الثانية ، ويرفع يديه جميعا ، ويسجد ويفعل في سجوده كما فعل في السجدة الاولى ويرفع رأسه بالتكبير ويجلس كما جلس أولا فإذا استقر كل عضو منه قام إلى الركعة الثانية بغير تكبير ، بل يقول بحول الله وقوته أقوم واقعد.

وان كانت امرأة لم ترفع عجيزتها أو لا بل تنسل انسلالا ، فاذا استوى قائماً افتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم وقرأ الحمد ، وسورة يفتتحها أيضا بـ « ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) » فاذا فرغ من قراءة السورة الثانية رفع يديه بالتكبير وبسطهما ، وجعل باطنهما الى السماء وظاهرهما فيما يلي الأرض.

ويقنت فيقول : « لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلى العظيم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل محمد وعافني واغفر لي واعف عنى وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار » ثم يدعو بما أراد من حوائج الدنيا والآخرة

فاذا فرغ من القنوت ركع وسجد وفعل في ركوعه وسجوده مثل ما فعل فيما تقدم ، فاذا فرغ من ذلك جلس للتشهد كما جلس بين السجدتين ويضع كفيه على فخذيه ، ويكون أطراف أصابعهما دون عيني ركبتيه ويجعل نظره الى حجره ويتشهد ويقول : بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلها لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته.

ثم تسلم ان كانت الصلاة ثنائية ، وان كانت ثلاثة ، أو رباعية لم يسلم ونهض بغير تكبير ، بل يقول بحول الله وقوته أقوم واقعد ، ويتم ما بقي عليه من الركعات ويفعل فيها كما فعل في الركعتين الأولتين إلا القراءة ، فإنه لا يقرأ في ثالثة ولا رابعة بسورتين بل يقتصر على الحمد وحدها ، أو يسبح ثلاث تسبيحات ، يقول في كل واحدة منها :

٩٤

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإذا فعل ذلك جلس للتشهد الأخير وقال : بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلها لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الرائحات الناعمات الغاديات (١) المباركات لله ما طاب وطهر وزكى ، وخلص ونمى ، وما خبث فلغير الله. اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، واشهد ان الجنة حق والنار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها ، وان الله يبعث من في القبور ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت على إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على جميع أنبياء الله وملائكته ورسله السلام على الأئمة الهادين المهديين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

فاذا تمم جميع ما ذكرناه ، وكان إماما أو مصليا على جهة الانفراد أو غير مقتد بإمام (٢) سلم تسليمة واحدة فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأومأ بها الى تجاه القبلة ، وانحرف بمؤخر عينه اليمنى إلى جهة يمينه ، وان كان مأموما وعلى يساره سلم تسليمة أخرى إلى جهة يساره.

فاذا سلم كما ذكرناه عقب قبل قيامه من مجلس صلاته فقال : الله أكبر ثلاث مرات ويرفع يديه مع كل تكبيرة منها إلى شحمتي أذنيه ، ثم يقول بعد التكبير : ( لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون ، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (٣) ، لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده ،

__________________

(١) الغاديات من الغدو ، والرائحات من راح يروح اى جاء وذهب في الرواح اى العشي.

(٢) لعل المراد من كان في جماعة ولكن لا يقتدى ، كمن حضر جماعة من لا يقتدى به

(٣) في بعض النسخ « المشركون » بدل « الكافرون »

٩٥

ونصر عبده ، وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، ويميت ويحيى ، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير ، اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدى من تشاء الى صراط مستقيم ).

ثم يسبح تسبيحة الزهراء مولاتنا فاطمة الزهراء عليها أفضل السلام ، وهو اربع وثلاثون تكبيرة ، وثلاث وثلاثون تحميدة وثلاث وثلاثون تسبيحة ، يبتدئ في ذلك بالتكبير ، ثم التحميد ، ثم التسبيح ، ويقول! « اللهم أنت السلام ومنك السلام ولك السلام وإليك السلام ، وإليك يرجع السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، السلام على رسول الله ، السلام على نبي الله ، السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين ، السلام على الأئمة الطاهر الهادين المهديين ، السلام على جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وعزرائيل ملك الموت وحملة العرش السلام على رضوان خازن الجنان السلام على مالك خازن النار ، السلام على آدم ومحمد ومن بينهما من الأنبياء والأوصياء والشهداء والصلحاء ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ويسلم على الأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا ويقول بعد ذلك :

« اللهم انى أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك وأسألك عافيتك في أموري كلها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة » ، ثم يقرء اثنتي عشرة مرة قل هو الله أحد ويقول بعد ذلك :

« اللهم انى أسألك باسمك المكنون المخزون ، الطاهر الطهر المبارك ، وأسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم ان تصلى على محمد وآل محمد ، يا واهب العطايا ، ويا مطلق الأسارى ، ويا فاك الرقاب من النار ، أسألك ان تصلى على محمد وآل محمد ، وان تعتق رقبتي من النار وتخرجني من الدنيا أمنا ، وتدخلني الجنة سالما ، وان تجعل دعائي أوله فلاحا ، وأوسطه نجاحا وآخره صلاحا انك أنت علام الغيوب ، ثم يسجد سجدتي الشكر ، ويكون لاطئا بالأرض ويقول : فيها شكرا شكرا مائة مرة ، ويجوز ان يقول عفوا عفوا ، فان لم يتمكن من ذلك قال :

٩٦

شكرا شكرا ثلاث مرات ، فاذا لم يتمكن من التعقيب بما ذكرناه اقتصر على تسبيح السيدة فاطمة عليها‌السلام وان عقب بما ذكرناه في صلاة الفرائض والنوافل حاز بذلك فضلا عظيما.

« باب تفصيل الأحكام المقارنة للصلاة »

الأحكام المقارنة للصلاة على ضربين : أحدهما واجب والأخر ندب ، فاما الواجب فهو : النية وتكبيرة الإحرام ، ومقارنة النية لأول الصلاة ، واستمرار حكمها الى حين الفراغ منها ، والقيام مع التمكن منه ، أو ما قام مقامه مع العجز عنه ، والتوجه إلى القبلة والتلفظ : بـ « الله أكبر » وقراءة الحمد وسورة في الركعتين في حال التمكن والحمد وحدها فيما زاد من الصلاة على الركعتين الأولتين ، أو عشرة تسبيحات مخيرا في ذلك ، والإشارة باليد والاعتقاد بالقلب للتكبير والقراءة إذا كان المصلي أخرس ، وتعلم سورة كاملة ممن لا يحسن من القراءة شيئا ، والقراءة باللسان العربي ، والركوع والطمأنينة والتسبيح فيه والانتصاب فيه ، والسجود الأول والتسبيح فيه ، ورفع الرأس منه والطمأنينة في السجود الأول وفي الانتصاب منه والسجود الثاني والتسبيح فيه ورفع الرأس منه والطمأنينة في السجود الثاني والإخفات فيما يخافت فيه ، والجهر فيما يجهر به ، والجهر بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فيما يجهر أو يخافت ، والتشهد الأول والثاني في كل رباعية وثلاثية : والتشهد الواحد في كل ثنائية ، والصلاة على النبي وآله في كل تشهد ، والسجود على سبعة أعضاء وهي الجبهة وباطن الكفين ، والركبتان وإبهاما الرجلين.

ولا يتكتف ولا يلتفت الى خلفه ، ولا يقرء من السور الطوال ما يفوت وقت الصلاة معه ولا يقول : آمين ولا يفعل فعلا كثيرا من غير أفعال الصلاة ولا يتأوه بحرفين ولا يتكلم بما ليس من الصلاة ، ولا يحدث بما ينقض الطهارة ، ولا يقهقه

٩٧

ولا يبكي على مصاب أحد من الخلق ، ولا يصلى في شي‌ء مما لا يجوز الصلاة فيه. ولا في موضع ويجوز السجود عليه ، ولا يتم الصلاة إذا كان مسافرا أو في حكم المسافر ولا يقصرها إذا كان حاضرا أو في حكم الحاضر ، ولا يصلى وبجانبه امرأة تصلى وان كان المصلي امرأة ، فلا تصلى وبجانبها رجل يصلى. ولا يقرأ سورة في ركعة ثالثة ، ولا رابعة.

واما الندب : فهو افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات ، منها تكبيرة الإحرام والدعاء بين هذه التكبيرات وان يأتي بالسبع تكبيرات في سبع مواضع : وهي الركعة الاولى من كل فريضة والاولى من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من صلاة المغرب وأول ركعة من صلاة الليل ، وأول ركعة من صلاة الوتيرة وفي ركعة الوتر والأول من ركعتي الإحرام ولفظ التوجه (١) وتكبير الركوع والسجود ورفع اليدين مع كل تكبيرة ، وقول « سمع الله لمن حمده » عند رفع الرأس من الركوع وما زاد من تسبيح الركوع والسجود على تسبيحة واحدة ، والدعاء في الركوع والسجود والإرغام بالأنف في السجود ، والجلسة بين الركعات الا جلسة التشهد ، والنظر في حال القيام الى موضع السجود وفي حال الركوع الى بين القدمين وفي حال السجود الى طرف الأنف ، وفي حال الجلوس الى الحجر ، وإسبال اليدين على الفخذين محاذية لعيني الركبتين في حال القيام ، ووضعهما في حال الركوع على عيني الركبتين ، وفي حال السجود بحذاء الأذنين ، وفي الجلوس على الفخذين ، وتلقى الأرض باليدين عند الانحطاط للسجود قبل الركبتين ، والاتكاء عليهما عند القيام ، ورفعهما الى حد شحمتي الأذنين (٢) مع مد العنق في الركوع ، ورد الرجل اليمنى الى الخلف عند الجلوس ، والقنوت بعد القراءة وقبل الركوع في الثانية ، وإعادته إذا ترك ، وزيادة التحميد والدعاء على الشهادتين ، والصلاة على

__________________

(١) اى دعاء « وجهت »

(٢) أي في التكبير

٩٨

النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتورك في حال التشهد على الورك الأيسر مع الضم الفخذين ، ووضع ظاهر قدم اليمنى على باطن اليسرى.

وان يتحنك ويرتدي برداء : والتسليم ان كان إماما أو منفردا أو غير مقتد (١) بغيره إلى جهة القبلة ، ويومئ إيماء إلى يمينه بمؤخر عينه ، فان كان مأموما وعلى يساره غيره سلم عن يساره أيضا ، والتعقيب عند الفراغ من الفرائض والنوافل.

ولا يصلى ويداه داخل ثيابه ، ولا يفرق أصابعه ولا يتمطى ولا يتثأب (٢) ولا يتنخع ، ولا ينفخ موضع سجوده ، ولا يدافع الأخبثين ، ولا يصلى فيما ذكرنا ان الصلاة مكروهة فيه ، ولا على ما ذكرنا أنها مكروهة عليه ، ولا يصلى ومعه حديد مثل سكين أو سيف وما أشبه ذلك أو شي‌ء فيه صورة ، ولا يصلى وفي قبلته قرطاس مكتوب. ولا تماثيل ولا نار ولا سلاح مشهور ، ولا يصلى في موضع حائط قبلته ينز (٣) من بالوعة مع التمكن من ذلك ، ولا يقعي (٤) بين السجدتين ولا يقرء في مصحف ، ولا يصل بين السورتين اللتين (٥) يقرأهما في الصلاة بل يفصل بينهما بسكتة.

« باب صلاة الجمعة »

روى عن رسول الله (ص) قال : أربعة يستأنفون العمل : المريض إذا برء والمشرك إذا أسلم ، والمنصرف من الجمعة إيمانا واحتسابا ، والحاج (٦).

__________________

(١) الظاهر منه : من حضر جماعة من لا يقتدى به ، في قبال المنفرد.

(٢) التثاؤب : فترة تعتري الشخص فيفتح عندها فاه واسعا ، والتمطي : مد اليدين.

(٣) النز : ما يتحلب من الأرض من الماء

(٤) من الإقعاء

(٥) المراد سورة الفاتحة وما يقرأ بعده من سورة

(٦) جامع أحاديث الشيعة ، ج ٦ ، الباب ١ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ١٩ ص ٤٨.

٩٩

وعن الباقر عليه‌السلام انه قال : ان الأعمال تضاعف بيوم الجمعة فأكثروا من الصلاة والصدقة (١) وعن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : أكثروا من الصلاة على يوم الجمعة فإنه يوم تضاعف فيه الأعمال (٢).

واعلم ان فرض الجمعة لا يصح كونه فريضة (٣) إلا بشروط متى اجتمعت صح كونه فريضة جمعة ووجبت لذلك (٤) ومتى لم تجتمع لم تصح ولم يجب كونه كذلك بل يجب كون هذه الصلاة ظهرا ويصليها المصلى بنية كونها ظهرا.

والشروط التي ذكرناها هي : ان يكون المكلف كذلك حرا ، بالغا ، كامل العقل ، سليما من المرض والعرج والعمى والشيخوخة التي لا يمكنه الحركة معها ، وان لا يكون مسافرا ولا في حكم المسافر ، وان يكون بينه وبين موضع الجمعة فرسخان فما دونهما ، ويحضر الامام العادل أو من نصبه أو (٥) من جرى مجراه ويجتمع من الناس سبعة نفر : أحدهم الامام ويتمكن من الخطبتين ويكون بين الجمعتين ثلاثة أميال ، فهذه الشروط إذا اجتمعت وجب كون هذه الصلاة فريضة جمعة ، ومتى لم يجتمع سقط كونها فريضة جمعة وصليت ظهرا كما قدمناه.

فان اجتمع من الناس خمسة نفر أحدهم الامام ، وحصل باقي هذه الشروط كانت صلاتها ندبا واستحبابا.

ويسقط فرضها مع حصول الشروط المذكورة عن تسعة نفر وهم الشيخ الكبير والطفل الصغير ، والعبد ، والمرأة ، والأعمى ، والمسافر ، والأعرج ، والمريض

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة ، ج ٦ ، الباب ٣٥ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ٢٧ ، ص ١٦٤.

(٢) جامع أحاديث الشيعة ، ج ٦ ، الباب ٣٨ من أبواب الجمعة ، الحديث ١١ ، ص ١٨٦.

(٣) في بعض النسخ زيادة « جمعة ».

(٤) في بعض النسخ « كذلك » بدل « لذلك ».

(٥) في بعض النسخ « واو » بدل « أو »

١٠٠