المهذّب - ج ١

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب - ج ١

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

فان فعل ذلك وعطب منها شي‌ء كان على ضمانه ، وان كان بأمر صاحبها لم يكن عليه ضمان.

وإذا نه (١) من الغنم رأس ، وخاف الراعي إن تبعه ليرده ضاع الباقي ، كان عليه البينة بذلك ، فان لم يكن له بينة ، كان عليه الضمان.

فإن استأجر من يجي‌ء بالواحد الذي نه من الغنم ، لم يلزم صاحبها من ذلك شي‌ء به ، وكان الراعي بذلك متطوعا.

« الاستيجار للرضاع »

وإذا استأجر إنسان ظئرا لترضع له طفلا سنتين بأجر معلوم كان جائزا ويكون طعامها وكسوتها على نفسها ، وان شرطت طعامها وكسوتها ودراهم عند فطام الصبي كان جائزا ، وإذا استأجرها بما ذكرناه لم يجز لها ان تؤاجر نفسها لرضاع صبي غير هذا ، ولا تسقى من لبنها الا له ، أو لولدها.

وإذا شرط المستأجر عليها ان ترضع الصبي في منزله لزمها ذلك ، وان شرط رضاعه في منزلها جاز ذلك ، ولا يجوز لها ان ترضعه من غير لبنها على حال الا ان ينقص لبنها فتدفعه بأمر أهله إلى خادمها ، أو تستأجر له ظئرا أخرى فيكون ذلك جائزا.

وإذا وقع الصبي فمات ، أو ضاع من يدها ، أو سرق شي‌ء من حلية أو ثيابه بغير تفريط منها ، لم تضمنه ، وان كان بتفريط منها ، كان عليها الضمان.

وإذا شرط عليها رضاع الطفل فقط لم يلزمها غيره ، وان شرط عليها مع ذلك تمريخه (٢) وغسل ثيابه وما جرى مجرى ذلك ، كان عليها القيام بذلك ، ولا يجوز لأهل الطفل إخراج الظئر قبل الأجل إلا لعذر مثل ان يكون الطفل لا يقبل لبنها ، أو تحمل فيخافوا عليه من ذلك أو تكون فاجرة أو سارقة أو ما أشبه ذلك وما لا يجوز لها أيضا ان تخرج من عندهم الا لعذر ، مثل ان يكون زوجها لم يرض بالإجارة ، أو يكون أهل

__________________

(١) اى نفر وذهب

(٢) اى تدهينه

٤٨١

الطفل يعتمدون أذيتها (١) أو ما أشبه ذلك.

وإذ كان العبد تاجرا ، جاز ان يستأجر ظئرا لصبي له وكذلك الأمة التاجرة يجوز لها ان تؤاجر نفسها ظئرا ، وكذلك المكاتب يجوز ان يستأجر ظئرا لصبي له.

وإذا استأجر إنسان لرضاع ولده ظئرين فماتت واحدة بقيت الأخرى على الرضاع بحصتها.

فإن استأجر ظئرا واحدة لرضاع طفلين ومات أحدهما جاز ان ينقص من الأجرة بحساب ذلك.

وإذا استأجر الرجل امرئته لترضع ولده منها لم يصح ذلك ولم يكن لها اجرة عليه وكذلك لو استأجر خادمها. فان كان له ولد من غيرها جاز له ان يستأجرها على رضاعه وتستحق عليه الأجر بذلك. وإذا استأجر مطلقته البائنة في ذلك كان جائزا ولها الأجرة عليه ، وكذلك ان استأجر خادمها ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون هذا الولد ولد هذا المستأجر من هذه المطلقة أو يكون من غيرها.

وإذا استأجر ظئرا وكانت تسقى الطفل وتغذوه بلبن الغنم ، وأهله لا يعلمون ذلك لم تستحق عليهم أجرة ، فإن قالت قد أرضعته كان القول قولها مع يمينها ، فإن أقام أهل الصبي بينة بأنها تغذوه بلبن الغنم حكم لهم ببينتهم ولم يكن لها عليهم اجرة.

وإذا استأجر إنسان ثوبا ليلبسه يوما كاملا من أوله الى آخره بأجرة معينة كان جائزا فإذا استأجره على هذا الوجه لم يجز له ان يدفعه الى غيره ليلبسه فان فعل ذلك كان ضامنا لما ينقص منه ، فان لما ينقص منه شيئا كان الأجر مستحقا. فإن استأجره للبس يوم كامل ولم يعين الذي يلبسه جاز ان يلبسه المستأجر أو غيره فان لبسه هو أو غيره ثم هلك لم يكن عليه ضمان. فان اختصما قبل ان يلبسه أحد فسدت الإجارة وكذلك الحكم في سائر الثياب.

وإذا استأجر قميصا ليلبسه يوما كاملا فلم يلبسه ذلك اليوم كانت الأجرة مستحقة

__________________

(١) اى يقصدون أذيتها.

٤٨٢

عليه ولم يجز له ان يلبسه يوما بدل ذلك اليوم فان لم يلبسه واتزر به فخرق كان ضامنا له ، وان لم يخرق وجبت الأجرة عليه كاملا.

وإذا استأجر خيمة يستظل بها ، جاز له ان يدخلها غيره ، فان اتخذها مطبخا وصارت سوداء من الدخان ، كان عليه الضمان.

وإذا استأجر إنسان دابة معينة ليركبها الى موضع معين بأجر مسمى كان جائزا ، وإذا استأجرها كذلك لم يجز ان يحمل عليها سواه ، فان فعل ذلك وعطبت كان عليه ضمانها ، وإذا استأجر دابة ليتلقى عليها إنسانا ، أو ليشيعه لم يصح ذلك ، فان عين موضعا ينتهى اليه كان جائزا.

وإذا استأجر سفينة معينة ، أو دابة معلومة إلى مكان معين ، فعطبت في بعض الطريق ، انفسخت الإجارة فيما بقي من الطريق وكان عليه الأجر. بما قطعه من طريقه وإذا

استأجر على الإبلاغ ولم يذكر سفينة بعينها ولا دابة بعينها ، كان على المكاري البلاغ به وله الأجر على كماله.

وإذا استأجر دابة ليطحن عليها ، أو يعمل عملا ، أو يسافر سفرا ، ولم يبين مقدار ما يطحنه عليها ، أو يسير عليها كل يوم كان جائزا ، وله ان يستعمل الدابة فيما استأجرها بقدر ما يستعمل فيه مثلها ، فان تعدى في ذلك كان عليه ضمانها وكذلك الحكم في السفينة إذا استأجرها على ذلك الوجه. وإذا استأجر شيئا من ذلك فاتفق هو والمكاري على ان يحمل عليها خمرا ، أو خنزيرا ، أو غير ذلك من المحرمات كان ذلك باطلا ، فإن استأجرها لذلك ولم يعلم المكاري به كان له الأجرة والإثم على المستأجر ، فإن كان المتواجران ذميين جاز ذلك بينهما.

وإذا استأجر دابة إلى مكان عينه ، ثم تجاوزه فهلكت الدابة ، كان ضامنا لها ولا اجرة عليه فيما زاد بعد المكان الذي عينه ، فان تجاوز بالدابة المكان الذي حده وسلمت كان صاحبها مخيرا بين ان يأخذ منه اجرة المثل ، وبين ان يضمنه قيمة ما نقص وإذا استأجر دابة يوما واحدا ثم أمسكها عنده أياما كان صاحبها مخيرا بين ان يأخذ قيمة ما نقصت ، وبين ان يأخذ أجرة المثل فيما زاد على اليوم.

٤٨٣

وإذا اختلف المتوجران في المسافة فادعى المستأجر موضعا بعيدا وادعى صاحب الدابة أقرب منه وهما يتفقان على مبلغ الأجرة كانت البينة على المستأجر لأنه يدعي الأكثر وعلى المؤجر اليمين.

وكذلك ان اتفقا على الموضع واختلفا في الطريق فإن البينة على المدعى بما يدعيه من زيادة المسافة من الطريق واليمين على المنكر لذلك. فان تساوى الطريقان واختلفا في العقد على أيهما كان وأراد كل واحد منهما القصد الى المكان الذي ذكره فان كان ذلك منهما قبل أن يركب أو كان ركب شيئا يسيرا ، تحالفا وتفاسخا ان لم يكن لهما بينة ومن نكل منهما عن اليمين لزمته دعوى الأخر.

فإن كان قد ركب ونقد المكاري الأجر كان القول قول المكاري مع يمينه والمكترى مدع.

وإذا استأجر إلى خراسان أو العراق أو الشام أو ما جرى مجرى ذلك وأراد المكاري إنزال المكتري في أول عمل ذلك البلد (١) ، وأراد المكترى الوصول الى آخره ، ولم يسميا مكانا معينا وقت عقد الإجارة كان على المكاري أن يوصله إلى أشهر المواضع المعروفة من تلك البلاد والمدينة التي هي أم تلك الكورة ، المقصود إليها والمشهور ذكرها واسمها فيها.

فاذا وصل المكاري إلى مكان فادعى انه قد زاد على الموضع الذي كان هو والمكترى اتفقا عليه ، فطلب بذلك فضل الأجر ما بين الموضعين ، كان القول قول المكترى مع يمينه ، وعلى المكاري البينة بما يدعيه من ذلك الفضل والزيادة.

وإذا استأجر دابة على حمل معين فحمل عليها حملا أخف منه وعطبت لم يلزمه ضمانها.

ولا يجوز الإجارة على الأعيان المحمولة الا بأن يشاهدها المكاري أو يوصف

__________________

(١) اعمال الكورة أو البلد : نواحيها وقرأها المتعلقة بها.

٤٨٤

له أو برأها (١) لان ضرب (٢) المحمولات مختلف على الدابة وان كان وزنها متفقا مثل القطن والحديد والرصاص والصوف والنحاس.

فاذا هرب المكاري واحتاج المكترى إلى النفقة على الدابة فينبغي ان يرفع خبره بذلك الى الحاكم في ذلك الموضع أو القافلة ، وينفق بعد أعلامه ذلك.

وان دفع النفقة الى بعض الثقات وأنفق على الدابة كان جائزا.

وإذا أراد الإنفاق عليها بنفسه وأنفق كان القول في ذلك قوله مع يمينه إذا أتى بما يشتبه (٣) ، ويرجع به على المكاري ، وكذلك القول في أجرته على القيام بذلك إذا طلبها.

وإذا مات البعير أو الدابة فاستأجر المكترى لذلك ـ مكان الذي مات ـ غيره كانت هذه الإجارة لازمة للمكاري الأول فيما بقي من المسافة التي اشترطا البلوغ إليها وقت العقد. فان اشترى دابة أو بعيرا لم يلزم المكاري ذلك وكان عليه أجر الحمل من موضع الشرى الى المكان الذي اتفقا على البلوغ اليه.

ويجوز للاثنين أن يستأجرا ما يتعاقبان عليه فاذا اتفقا فيما بينهما على كيفية التعاقب من ليل أو نهار أو ما أشبه ذلك كان جائزا.

فإذا استأجر دابة ليركبها الى موضع معلوم فتجاوزه بها ورجع ، فعطبت في رجوعه كان عليه ضمانها ، فان لم يتجاوز بها الموضع الذي عينه الا انه ضربها ، أو فعل بها ما لم تجربة عادة الناس في حثهم الدواب على المشي من ضرب أو كبح (٤) لجام كان ضامنا لها.

وإذا استأجر دابة إلى مكان على أن يركبها بسرج فحمل عليها عوضا من

__________________

(١) في بعض النسخ « يريها » بدل « برأها ».

(٢) في بعض النسخ « ضرر المحمولات » بدل « ضرب المحمولات ».

(٣) اى بما يحتمله ، وفي بعض النسخ « بما نسبه » اى بما ناسبه.

(٤) كبح الدابة باللجام : جذبها اليه باللجام ، وضرب فاها به لتقف ولا تجري.

٤٨٥

السرج اكافا (١) كان عليه ضمانها ، فان كان حمارا فنزع عنه سرجه أو أسرجه بسرج فرس أو برذون لا يسرج بمثله الحمر كان ضامنا له. فان أسرجه بسرج أخف من سرجه لم يلزمه ضمان.

وإذا استأجر دابة بدينار وآجرها بقفيز حنطة وعشرين درهما كان جائزا.

وإذا استأجرها إلى مكان معين فآجرها لمثل ذلك كان أيضا جائزا.

وإذا حدثت حادثة في البحر واحتاج الملاح معها الى طرح بعض المتاع في البحر أو الى فعل ما يتلف به بعض ذلك ، كان عليه ضمان ذلك الا أن يأمره صاحب المتاع بطرحه في البحر فلا يلزمه شي‌ء.

وإذا استأجر دابة فقال له صاحبها استأجر على غلاما يتبعك ويتبع الدابة واجره على وأدفع اليه نفقة ينفقها على الدابة ففعل المستأجر ذلك وسرقت النفقة من الغلام أقام المستأجر البينة بأنه استأجر الغلام ودفع النفقة اليه أو أقر الغلام بقبضها منه كانت لازمة للمكاري. وكذلك الحكم لو لم يسرق ولم يضع (٢).

وإذا استأجر إنسان دابة إلى بلد معين بدراهم مسماة فرده عليه المكاري عند البلوغ الى ذلك البلد بعض تلك الدراهم وذكر انها زيوف أو ستوق (٣) كان القول قول صاحب الدابة مع يمينه في ذلك.

وإذا استأجر دابة إلى موضع معين ، وأراد صاحب الدابة ان يحمل على الدابة رحل إنسان آخر بأجرة ، كان للمستأجر منعه من ذلك ، فان حمله عليها ، ووصل الى الموضع المعين ، لم يكن للمستأجر ان يمنعه شيئا من الأجر ، لأجل (٤) ما حمله عليها لغيره.

__________________

(١) الاكاف : البردعة ، والبردعة : كساء يلقى على ظهر الدابة.

(٢) من « ضاع » بمعنى تلف.

(٣) درهم ستوق كتنور : مغشوش بصفر أو نحاس ، والزيوف من الزيف اى الردي‌ء

(٤) في بعض النسخ : « لأجر » بدل « لأجل ».

٤٨٦

وإذا استأجر دابة ، ومات صاحب الدابة في الطريق ، ثم استأجر المستأجر إنسانا يقوم على الدابة كان بذلك متطوعا ولا شي‌ء له من ذلك ، على المستحق للدابة.

وإذا اختلف المتكاريان في مبلغ الأجر ، كان القول في ذلك قول المستأجر مع يمينه ، فان كان لأحدهما بينة على ما يدعيه حكم له بها.

وإذا استأجر دابة معينة إلى بلد معين فوجدها عثورا (١) أو جموحا (٢) أو لا يبصر بالليل ، كان له الخيار منها ويدفع الى صاحبها من الأجر بحساب ما قطعه من الطريق في سفره. وان كانت الدابة غير معينة ، كان على صاحبها إيصاله إلى البلد المعين على دابة غيرها.

وإذا استأجر دابة إلى قرية ، فسمى قرية أخرى باسمها وبينهما مسافة ما ، ولم يبين (٣) الى أى القريتين يقصد ، فركب الدابة إلى أحدهما ، كان عليه اجرة مثل ذلك.

وإذا استأجر دابة إلى موضع معين على انه ان بلغه في يومين ، كان لصاحب الدابة اجرة عشرة دراهم ، وان زاد على ذلك كان له خمسة ، كان له أجر مثلها فان قال له ان زدت على اليومين ، لم يكن لك أجر ، لم يجز ذلك وكان له أجر مثلها لا يجاوز به عشرة دراهم.

وإذا استأجر دابة من بلد الى بلد آخر بدينار أو درهم كان عليه نقد البلد الذي استأجر منه.

وإذا استأجر دابة إلى موضع معين على انه إذا بلغه كان عليه رضا المكاري فلما بلغه ، قال المكاري رضاي عشرون درهما ، كان له أجر مثلها ، الا ان يكون أكثر من عشرين درهما ، فلا يزاد على ذلك ، فإن استأجر الدابة بمثل ما استأجر أصحابه

__________________

(١) العثور : اى كثير السقوط.

(٢) جمع الفرس براكبه : استعصى حتى غلبه.

(٣) في نسخة « أو لم يبين » بدل « ولم يبين ».

٤٨٧

أو بمثل ما يستأجر الناس ، كان عليه أجر مثلها.

وإذا استأجر دابة معينة إلى بلد ، فمرض أو خاف في طريقه من لصوص أو ما أشبه ذلك ، أو تغيرت الدابة أو لحقها ما لا يستطيع معه أن يركبها ، أو لا تحمل ، انفسخت الإجارة.

وإذا استأجر إنسان حانوتا في سوق يبيع فيها ويشترى فلحقه فيها دين أو أفلس فقام من السوق ، انتقضت الإجارة. وإذا استأجر دابة وعرض لصاحبها أمر لا يستطيع معه النهوض معها ، لم يكن له نقض الإجارة وعليه ان يبعث معها من يتبعها ويقوم عليها. وان عطبت الدابة انتقضت الإجارة ان كانت معينة ، فان لم تكن معينة ، كان على الموجر ان يحمله على دابة غيرها.

وإذا استأجر إنسان شيئا من الإبل إلى مكة ، ومات في بعض الطريق ، كان عليه من الأجر بحساب ما سار ، وتنفسخ الإجارة عنه فيما بقي ، فان مات صاحب الإبل في بعض الطريق ، كان للمستأجر ركوبها. على ، حاله (١) والمسير بها الى ان يصل مكة ولا ضمان عليه ، وعليه الأجر إليها.

وإذا استأجر إنسان أرضا ، فلحقها أمر لا يقدر معه على زرعها ، أو غلب الماء عليها ، كان ذلك عذرا في نقض الإجارة. وكذلك لو افتقر الزراع حتى لا يقدر على الزرع ، أو مرض مرضا لا يتمكن معه من ذلك وكان المستأجر هو الذي يعمل بنفسه ، فان كان لا يعمل بنفسه وله اجراء يعملون ، أو يكون هو قادرا على استئجار

__________________

(١) يأتي من المصنف ان الموت يبطل الإجارة سواء فيه موت المستأجر أو المؤجر فما ذكر هنا مبني اما على ما حكاه فيما يأتي عن أكثر الأصحاب من ان الذي يفسخها موت المستأجر لا المؤجر أو على ان هذا ليس لبقاء الإجارة بل لاضطرار المستأجر واعانة الميت بإيصال ماله إلى اهله ونحو ذلك من وجوه الحسبة فعليه يكون عدم ضمانه لكونه محسنا ، قال الله تعالى ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) ، فعليه يكون المراد بالأجر أجرة المثل ، ويحتمل ان يكون المراد بصاحب الإبل هو المصاحب له لا مالكه فلا يحتاج الى هذا التوجيه والله العالم.

٤٨٨

اجراء يعملون عنه ، فإن الإجارة لا تنتقض ، بل هي بحالها.

وإذا كان ليتيم ارض ، فآجرها وصيه قبل بلوغه ، ثم بلغ اليتيم قبل انقضاء مدة الإجارة لم يكن له فسخها.

وإذا استأجر عبدا ليخدمه ، أو ليعمل له عملا ، فمرض ، كان للمستأجر فسخ الإجارة ، ولو أراد سيد العبد فسخها لم يكن له ذلك ، فان لم يفسخها واحد منهما حتى عوفي العبد ، كانت الإجارة باقية على حالها ، ويطرح من الأجر بحساب ما بطل فيه بالمرض وكذلك القول فيه لو أبق.

وإذا كان المستأجر اثنين ومات أحدهما ، انفسخت الإجارة في حصته ، وكذلك ان كان الموجر اثنين ، فمات منهما واحد أو ارتد ولحق بدار الحرب انفسخت الإجارة فان لم يختصما (١) حتى عاد المرتد إلى الإسلام ، كانت الإجارة لازمة بحالها ان كان قد بقي من مدتها شي‌ء.

وإذا دفع إنسان إلى قصار ثوبا ، أو متاعا ليقصره (٢) بأجرة ، فجعل عليه النورة ، فاحترق ، أو دقة أو عصره ، أو شمسه فزاد عليه ، (٣) فتخرق أو تمزق (٤) شي‌ء من ذلك ، كان عليه ضمانه ، لان ذلك من جناية يده ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون متعمدا لها ، أو غير متعمد ، إذا كان بأجر كما قدمناه (٥).

فان ادعى القصار انه عمل بغير أجر وقال صاحب الثوب أو المتاع بل عمل بأجر ، كان القول ، قول صاحب الثوب أو المتاع مع يمينه وعلى القصار البينة. فإن

__________________

(١) لعل المراد لم يختصم المستأجر والموجر الحي ولم يفسخا الإجارة ، وذلك لان للمستأجر فسخ الإجارة لتبعض المال.

(٢) قصر الثوب وتقصيره غسله وتبييضه والقصار من حرفته ذلك.

(٣) أي أفرط عليه في الدق و.

(٤) اى تشقق

(٥) اى كما فرضنا

٤٨٩

سرق المتاع ، أو هلك بغير تفريط منه ، لم يلزمه شي‌ء بعد ان يحلف في ذلك ، وكذلك القول في سائر أصحاب الأعمال.

وإذا كان عند القصار ثوب وديعة ، فوطأه (١) فتخرق وكان مما يوطئ ، كان عليه ضمانه ان لم يكن صاحبه امره ببسطه (٢) ، وكذلك غير القصار.

وإذا دفع إنسان ثوبا الى صباغ ليصبغه اصفر ، فصبغه أحمر أو غير ذلك ، واختلفا كان القول ، قول صاحب الثوب مع يمينه. فان نقص بالصبغ شيئا ، كان له مطالبته بقيمة ما نقص ، ان شاء ذلك ، وان شاء أخذ الثوب من غير المطالبة له بذلك.

وإذا أخذ الملاح أجر السفينة وغرقت بشي‌ء ليس من فعله ولا جناية يده ، لم يكن عليه شي‌ء ، فان كان بتفريط من قبله (٣) كان ضامنا لما يهلك فيها.

والختان والبيطار (٤) والحجام (٥) إذا فعلوا بإنسان شيئا من غير أمر وليه وأخذ البراءة كان عليهم الضمان ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون المجني عليه حرا أو عبدا ، وإذا حمل أجير القصار الثياب فعثر أو سقط فيخرق منها شي‌ء ، كان على القصار ضمان ذلك.

وإذا أمر إنسان حجاما بقلع سن له فقلعها واختلفا فقال : صاحب السن ليست هذه هي التي أمرتك بقلعها ، وقال الحجام : بل هي التي أمرتني بقلعها كان القول ، قول صاحب السن وعلى الحجام الضمان.

وإذا استوجر إنسان على عمل شي‌ء فأفسده كان عليه ضمانه.

__________________

(١) في بعض النسخ « فبسطه » وفي بعضها « فرطبه ».

(٢) لعل الأنسب « بوطئه » بقرينة ما تقدم ، والمراد واضح

(٣) في بعض النسخ « وان كان الغرق بشي‌ء من فعله أو جناية يده كان ضامنا لما هلك فيها ».

(٤) البيطار معالج الدواب ومسمر نعالها لكن لعل المراد هنا الجراح فإنه يبطر موضع الجرح اى يشقه.

(٥) في بعض النسخ « الجراح » بدل « الحجام ».

٤٩٠

وإذا دفع إنسان إلى حائك غزلا ، وامره بأن ينسجه طول ثماني أذرع في أربع ، فنسجه أكثر من ذلك أو أقل ، كان صاحبه مخيرا بين أخذه ودفع الأجر اليه ، الا في وجه النقصان فإنه يعطيه الأجر بحساب ذلك ، ولا يتجاوز به ما سمى له ، وبين ان يضمنه مثل غزله ، ويدفع الثوب إليه ، فإن شرط عليه ان ينسجه صفيقا (١) فنسجه رقيقا ، أو رقيقا فنسجه صفيقا ، كان له مثل اجره ، ولا يتجاوز به ما سمى له.

فإن أمر بأن يزيد في الغزل رطلا واختلفا فقال النساج قد زدته ، وقال : صاحب الغزل لم تزده ، كان على النساج البينة ، فان لم تكن له بينة كان القول قول صاحب الغزل مع يمينه ، فإن أقام النساج البينة كان له أخذ مثل غزله (٢) من صاحب الغزل.

وإذا دفع إنسان إلى طحان حنطة ، وشرط عليه ان يعطى من الدقيق زيادة معينة على كيل الحنطة لم يجز ذلك ، وانما له الأجر وعليه أداء الامانة.

وإذا دفع إنسان إلى غيره سمسما ، وقال له قشره وربه بالبنفسج ، ولك أجر درهم ، كان ذلك فاسدا ، لأنه لا يعرف ما شرط من البنفسج ، فان قال على ان تربيه بمد من بنفسج ، كان جائزا ، وان كان البنفسج الذي يدخل في مثل ذلك السمسم معروفا عند التجار. كان جائزا ، وكذلك الحكم في جميع الادهان.

والاستئجار جائز في أواني الخشب والزجاج والحديد وكذلك السكاكين (٣) والقسي (٤) والجعاب والنبل ونصول السيف والدرق (٥) والرماح وأوعية الأدم والجرب (٦) وحمائل السيوف وما أشبه ذلك ، فان ضرب لذلك (٧) أجلا كان

__________________

(١) ثوب صفيق : كثيف نسجه بخلاف السخيف

(٢) اى مقدار الرطل الذي أمره صاحب الغزل بان يزيد في غزله

(٣) السكاكين جمع السكين وهو آلة يذبح بها

(٤) القسي جمع القوس : آلة يرمى بها ، والجعاب اى النشاب وهي السهام التركية والنبل هي السهام العربية كما في أقرب الموارد.

(٥) الدرق بالتحريك : الترس

(٦) الجراب جمعه الجرب : وعاء من جلد الشاة ، وأيضا قراب السيف اى غمده

(٧) اى لأداء مال الإجارة.

٤٩١

جائزا وان قدم الثمن كان سلفا.

وإذا دفع إنسان إلى إسكاف (١) خفا ينعله فانعله بنعل لا ينعل الخفاف بمثله كان صاحب الخف مخيرا بين ان يضمنه قيمة خفه بغير نعله ، وبين أخذه وان يدفع إليه أجر مثله وقيمة النعل ، لا يجاوز به ما سماه.

وان كان النعل مما ينعل الخفاف بمثله كان جائزا وان لم يكن جيدا في الغاية. فإن شرطه عليه ان يكون النعل جيدا ، فانعله بغير جيد ، كان مخيرا بين ان يضمنه قيمة الخف ، وبين أخذه وان يعطيه أجر مثله.

وإذا قال صاحب الخف لهذا العامل عملته لي بغير شي‌ء ، وقال العامل عملته بدرهم ، ولم يكن لأحدهما بينة ، كان على صاحب الخف اليمين بأنه ما شارطه على درهم ، ويغرم قيمة النعل (٢).

وإذا عمل الخف على ما وصف له صاحبه ، واختلفا في الأجرة. وأقاما البينة ، كان البينة بينة العامل دون المستعمل.

وإذا دفع إنسان ، إلى صباغ ثوبا ليصبغه احمر ، فصبغه كذلك واختلفا ، فقال صاحب الثوب ، صبغته بنصف درهم ، وقال الصباغ بل صبغته بدرهم ، فان كان الثوب قد زاد بالصبغ وكانت الزيادة درهما أو أكثر ، كان للصباغ درهم ـ بعد يمينه على انه ما صبغه بنصف درهم ـ ، وان كان الزيادة أقل من نصف درهم دفع اليد نصف درهم ، فان كان الصبغ نقص الثوب ولم يزد فيه شيئا ، كان للصباغ قيمة صبغه.

وإذا دفع إنسان إلى صباغ ثوبا على ان يصبغه بنصف رطل عصفر (٣) فصبغه برطل ، وصاحب الثوب مقر له بذلك ، كان مخيرا ان شاء ضمنه قيمة الثوب ، وان

__________________

(١) الإسكاف : كل صانع بحديدة.

(٢) في بعض النسخ « يقوم » بدل « يغرم »

(٣) « العصفر » هو صبغ اصفر اللون

٤٩٢

شاء أخذه ودفع إليه قيمة زيادة العصفر في الثوب مع الأجر.

فإن اختلفا ، فقال صاحب الثوب ما صبغته الا بنصف رطل عصفر ، وكان مثل ذلك الصبغ يكون بنصف رطل عصفر ، كان القول ، قوله مع يمينه الا ان يقوم للآخر بينة ، وان كان مثل ذلك الصبغ لا يكون بنصف رطل عصفر ، كان القول قول الصباغ مع يمينه.

وإذا شارط إنسان قصارا على أن يقصر له خمسة أثواب بدرهم ، ولم يشاهد الثياب ولا عرفها كان فاسدا : وكذلك إذا شارطه في الغسل لها على هذا الوجه ، لان الثياب تتفاضل وتختلف : وكذلك ما جرى هذا المجرى.

فان شاهد القصار ، أو الغسال الثياب ، أو سمى صاحبها له جنسها ووصفها كان ذلك جائزا.

وإذا رد القصار على صاحب الثوب غير ثوبه عمدا أو خطأ وقطعه وخاطه وحضر صاحبه كان مخيرا بين أن يضمن القصار قيمة ثوبه ، ويرجع القصار بتلك القيمة على القاطع للثوب ، وبين أن يضمن القاطع ويرجع القاطع بثوبه على القصار وهكذا يجرى الأمر في كل صانع.

وإذا دفع إنسان إلى خياط ثوبا على أن يخيطه قميصا بدرهم ، فخاطه قباءا ، فكان لصاحب الثوب أن يضمنه قيمته ، فإن أراد أخذ القباء وان يدفع إليه أجر مثله كان له ذلك ، ولا يتجاوز ما سمى له.

فان اختلفا فقال صاحب الثوب أمرتك بأن تقطعه قميصا ، وقال الخياط بل أمرتني بأن أقطعه قباءا ، فان كان لأحدهما بينة حكم له بها والا كان القول قول صاحب الثوب مع يمينه لان الثوب له ، والخياط مدع للإذن في قطعه قباءا فعليه البينة

وإذا سلم إنسان إلى خياط ثوبا ، وأمره بأن يقطعه قباءا وقال له بطنه من عندك واحشه ولك من الأجر كذا وكذا كان باطلا (١) ، وكان البطانة والحشو للخياط

__________________

(١) لجهالة البطانة والحشو قدرا ووصفا كما يظهر من المسألة التالية.

٤٩٣

وله اجرة مثله.

فان قال بطنه بثوب فلاني وسط واحشه برطل قطن وسط وخطه (١) فلك من الأجر كذا وكذا ، كان ذلك صحيحا وإذا سلم اليه ثوبا وقطنا وبطانة وأمره بأن يقطعه جبة ويحشوها ويندف القطن عليها ، وسمى له اجرا معينا كان جائزا.

وإذا شرط إنسان على خياط خياطة خمسة أثواب أو عشرة بخمسة دراهم أو عشرة دراهم ، ولا يذكر قدرها ولا جنسها لم يصح ذلك ، فان وصفها فقال هي مروية (٢) ومقدارها مقدار هذا الشي‌ء أو مقدار كذا عن شي‌ء معروفا كان صحيحا.

وإذا استأجر إنسان بناءا ليبنى داره وشرط أن يكون الآجر والجص من عند البناء كان فاسدا وكذلك كل ما جرى هذا المجرى ، فان عمله على هذا الوجه كان العمل للمستأجر وكان للعامل أجر مثله مع قيمة ما زاد في ذلك.

وإذا استأجر إنسان غيره ليحمل له شيئا على ظهره ، أو في سفينة ، أو على دابة بدراهم وسار ، كان كل ما سار شيئا من طريقه استحق من الأجر بقسط ذلك فان عجل له الأجر كان جائزا ، فإن باعه بالأجر متاعا ودفعه اليه كان جائزا ، فان لم يوفه العمل كان له الرجوع عليه بالدراهم دون المتاع ، لأنه باعه ذلك بشي‌ء عليه ، فان باعه بالدراهم دينارا ، ودفعه اليه قبل ان يحمل له ذلك ثم حمله ووفاه ما شرطه كان جائزا (٣).

فان مات قبل أن يوفيه العمل ، وقد حمله بعض الطريق رد عليه من الدراهم بمقدار ما بقي من العمل ، فان كان هذا المستأجر ، استأجر على البلاغ الى مكان معين لم يجب له من الأجر حتى يبلغ المكان فاذا بلغه استحق الأجر تاما.

__________________

(١) من الخياطة.

(٢) اى منسوبة إلى مرو.

(٣) كان مراده عدم الفرق فيما ذكر من الصحة والرد بين ان يبيعه بالدراهم متاعا أو دينارا.

٤٩٤

إذا استأجر إنسان طاحون ماء مع البيت الذي هي فيه وآلتها بأجر معين كان جائزا ، فإن انقطع عنها الماء فلم يعمل ، وضع عنه من الأجر بحساب ما تعطلت وله أيضا نقض الإجارة ، فان لم ينقضها حتى عاد الماء الى ما كان عليه ، كانت الإجارة لازمة له فيما بقي من المدة.

فإن استأجرها يوما واحدا وانقطع عنها الماء في ذلك اليوم (١) ، لم يكن له نقضها ، بل يرفع عنه من الأجر بحساب ذلك. فان اختلفا في ذلك كان القول ، قول المستأجر مع يمينه ، فان قال الموجر لم ينقطع الماء وكان الماء منقطعا يوم اختصما ، كان القول قول المستأجر مع يمينه وان كان جاريا كان القول قول الموجر مع يمينه.

وإذا استأجر من غيره مكانا على نهر ، ليبنى عليه بيتا ، ويعمل فيه طاحونا ويكون البناء والحجارة والحديد والخشب من عند هذا المستأجر كان جائزا ، فإن انقطع ماء النهر وبطلت الرحى ، فلم يعمل ، كانت الإجارة لازمة للمستأجر ولم يكن له على المؤجر شي‌ء.

وإذا استأجر إنسان رحى بآلتها ومتاعها وقل الماء الى أن أضر ذلك بالطحن وهو يطحن على ذلك نظرت في الضرر ، فان كان ضررا فاحشا كان له ترك الإجارة وان كان غير فاحش كانت الإجارة لازمة له.

وإذا خشي صاحب الرحى من انقطاع الماء ففسخ الإجارة ، وآجر البيت والحجر والآلات ، كان جائزا.

فإن انقطع الماء كان للمستأجر ترك الإجارة. وجرى هذا مجرى طحان استأجر رحى يطحن عليها بدابته فنفقت (٢) الدابة ولم يكن معه ما يبتاع به دابة أخرى في ان له ترك الإجارة.

__________________

(١) كأن المراد ما إذا انقطع الماء في بعض ذلك اليوم.

(٢) اى هلكت.

٤٩٥

وإذا استأجر إنسان رحى للماء بآلتها ، فانكسر أحد الحجرين أو الدوارة ، كان له فسخ الإجارة. فإن عمل (١) صاحب الرحى ما انكسر من ذلك أو فسد قبل الفسخ ، لم يكن له بعد ذلك ، الفسخ. ولكن يرفع عنه من الأجر بحساب ذلك ، فان اختلفا في مبلغ العطلة (٢) ، كان القول قول المستأجر ، الا ان يذكر الموجر ذلك

وإذا استأجر إنسان جملين من بلد معين إلى مكة يحمل على أحدهما محملا (٣) يكون فيه اثنان ، وما يحتاجان اليه من الرحل وغيره ، وشاهد الجمال هذا والرحل الذي يحتاجان اليه ، والأخر يكون زاملة يحمل عليه الدقيق ، وما يحتاج إليه أيضا ، من قوت (٤) وأدم وما أشبه ذلك ، كان جائزا.

ولهذين الرجلين ان يحملا على الجملين مثل ما يحمل الناس في هذا الطريق فان اشترطا في ذلك وزنا معلوما في الذهاب والعودة ، كان أحوط.

وإذا استأجر من غيره محملا وزاملة وشرط عليه حملا معلوما على الزاملة ، فما أكل من ذلك الحمل ، أو نقص من الوزن أو الكيل ، كان له ان يتم ذلك في كل منزل ذاهبا وعائدا ، فإن خرج بهما يقودهما ولم يحمل عليهما شيئا ماضيا وراجعا ، كان عليه الأجر تاما ولا يلزم الجمال نقص شي‌ء من الأجر لذلك ، فان مات المستأجر بعد ان قضى المناسك ، وعاد إلى مكة ، كان عليه من الأجر بحساب ذلك ، وهكذا ان كان مسيره في البدأة على مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو في الرجعة ، حوسب بقدر ما قطع من الطريق وبقي بمقامه (٥) معه في أيام المناسك ، وكذلك أيضا لو مات في بعض الطريق ماضيا أو عائدا.

__________________

(١) اى أصلح ما انكسر أو فسد.

(٢) العطلة كظلمة : البقاء بلا عمل.

(٣) محمل كمجلس شقان على البعير يحمل فيهما العديلان والزاملة التي يحمل عليها من الإبل وغيرها كذا في القاموس وغيره.

(٤) في بعض النسخ « ثوب » بدل « قوت ».

(٥) اى بمقدار مقام الجمال معه أيام المناسك.

٤٩٦

وإذا استأجر جمل كنيسة (١) فأراد ان يحمل أكبر من ذلك ، لم يجز له ، وان أراد ان يجعل أصغر منها كان جائزا.

وان استأجر جمل محمل وأراد ان يبدله بمحمل غيره ولم يكن فيه ضرر ، كان جائزا وان كان فيه ضرر ، لم يجز له ذلك.

وإذا استأجر من جمال محملا من بلد معين إلى مكة ، وشرط عليه سيرا معينا في كل يوم ، كان جائزا ان لم يعقه عائق ، فان لم يشترط له فالمراحل المعلومة أو سار بسير الرفقة. ان كان مع رفقة ، أو بسير السلطان ان كان معه سلطان يسير بالناس ، فان لم يكن معه رفقة ، ولا سلطان وأراد المستأجر مجاوزة (٢) المراحل ، وأراد الجمال التقصير ، أو أراد التقصير وأراد الجمال مجاوزتها ، لم يكن لهما ذلك ، الا ان يتراضيا عليه.

وإذا استأجر جماعة مشاة بعيرا وشرطوا على الجمال ان يحمل من أعيا (٣) منهم ، أو مرض كان فاسدا ، فان شرطوا عليه لكل واحد منهم عقبة (٤) كان صحيحا.

وإذا استأجر لغلامه عقبة وأراد الجمال من الغلام ان يركب النهار ويمشى الليل ، أو يركب الليل ويمشى النهار لم يكن له ذلك ، وكذلك لو أراد المستأجر ذلك لم يجز ، وانما له من العقب ما يتعارفه الناس لا توالى المشي فيستضر ولا الركوب فيضر بالبعير ، فان تشارطا على ان يكون الركوب ليلا دون النهار وفي النهار دون الليل كان ذلك

__________________

(١) الكنيسة شبه هودج : يغرز في المحمل أو في الرجل قضبان ويلقى عليه ثوب يستظل به الراكب ويستتر به. وفي أكثر النسخ زيادة « أوقية » وفي بعض النسخ « حمل كيسة » بدل « جمل كنيسة ».

(٢) في جميع النسخ « مجاورة » بالراء المهملة هنا وفيما بعده والظاهر انها تصحيف والصحيح ما أثبتناه.

(٣) اى أتعب.

(٤) العقبة بضم العين : النوبة.

٤٩٧

على ما استقر الشرط عليه.

وإذا استأجر إنسان خبازا ليخبز له في بيته خبزا معلوما فخبزه ، ثم سرق بعد ذلك كان للخباز ، الأجر كاملا ، وان سرق قبل فراغه منه كان له من الأجر بقدر ما عمل منه ، وان خبزه في بيت الخباز لم يكن له من الأجر شي‌ء ولا يلزم ضمان ما سرق ، وإذا احترق الخبز في التنور قبل إخراجه منه كان الخباز ضامنا له. لأنه من عمله وتفريطه فان ضمنه قيمته مخبوزا كان له الأجر كاملا ، وان ضمنه الدقيق لم يكن له أجر.

وإذا عمل الصانع ـ من صباغ أو خياط أو ما جرى مجراهما من الصناع ـ في بيت المستأجر لهم كانوا ضامنين لما جنته أيديهم كما يضمنون ذلك إذا عملوا في بيوتهم.

وإذا استأجر إنسان خياطا ليخيط له في بيته قميصا فخاط بعضه وسرق القميص ، كان للخياط من الأجر بقدر ما خاط منه ، وان استأجره ليخيط له ذلك في بيت الأجير فسرق لم يكن للخياط من الأجر شي‌ء.

وإذا استأجر إنسانا يحمل له شيئا على ظهره أو يعمل له عملا في بيته أو غير بيته وهو أو وكيله حاضر لماله حافظ له فهلك من غير جناية من الصانع أو الأجير لم يكن على الصانع ضمانه وان جنى عليه غيره كان الضمان على الجاني.

وإذا استأجر إنسان طباخا يطبخ له طعاما في وليمة فأفسده كان عليه ضمانه فان تلف بجناية غيره لم يلزمه ضمانه.

وإذا جنى إنسان على ما في يد الصانع كان صاحبه مخيرا بين ان يضمنه الصانع ويرجع الصانع على الجاني وبين ان يضمنه الجاني وللصانع الرجوع على الجاني (١) ، كما ذكرناه ، وليس للجاني الرجوع على الصانع.

وإذا استأجر إنسان الف درهم كل شهر بدرهم يعمل بها ، كان ذلك فاسدا

__________________

(١) يعني في اجرة عمله بمقدار ما عمل.

٤٩٨

وليس له أجر على ذلك (١) ، وعليه ضمان الدراهم.

فإن استأجرها ليزن (٢) بها يوما الى الليل بأجر مسمى كان مكروها. وإذا استأجر حنطة مسماة يعتبر (٣) بها المكاييل يوما الى الليل ، كان ضامنا لذلك ، لأنه عمل يعمله في غير العين المستأجرة.

وإذا استأجر إنسان إنسانا ليقتل رجلا لم يجز له ذلك ولا أجر له ، وكذلك كل اجارة في ظلم أو تعد.

وإذا استأجر إنسان كحالا يكحل عينه شهرا بدراهم مسماة كان جائزا وكذلك المعالجة في جميع الأدواء.

وإذا استأجر فحلا ينزيه لم يجز ، وقد ذكر انه مكروه والاحتياط يقتضي ما ذكرناه.

وإذا استأجر دابة معينة على انه ان بلغه موضع كذا ، كان له عشرة دراهم ، وان لم يبلغه ولم يكن له شي‌ء كان فاسدا وعليه اجرة المثل.

وإذا استأجر دابة إلى بلد معلوم ، على انه ، ان رزقه الله تعالى من زيد شيئا ، دفع اليه من ذلك كذا ، كان فاسدا وله أجر مثلها.

وإذا دفع إنسان إلى عصار سمسما أو الى طحان حنطة وشرط في ذلك كيلا

__________________

(١) لكونه من الربا.

(٢) من الوزن واما الكراهة فلتشبهه بالربا ويحتمل ان تكون العبارة « ليتزين بها ) كما صرح في المبسوط في هذه المسئلة بلفظ الزينة فعليه يمكن وجه الكراهة ما ورد ان زكاة الحلي إعارته.

(٣) لعل معناه : إذا استأجر حنطة وزنها معلوم ، ليختبر بها المكاييل والموازين حتى يعلم انها صحيحة أم فاسدة ، فالإجارة باطلة فعليه ضمان الحنطة لأنه تصرف فيها والحال انها ليست عينا مستأجرة واما البطلان فلعل وجهه عدم ترقب هذه المنفعة وعدم تعارفها من الحنطة والله العالم ، وفي بعض النسخ « يعير » بدل « يعتبر » والله العالم.

٤٩٩

معينا يؤديه اليه على أجر يجعله له لم يجز ذلك وكان للعصار والطحان مثل أجر عملهما ولصاحب السمسم والحنطة ما أخرجا.

وإذا استأجر إنسان رجلا ليحفر له بئرا ، ولم يصفها له ، ولا عين كم يكون عمقها ذراعا ، ولا دورها ، لم يجز ذلك. فان قال عشرة أذرع عمقا ، وكذا وكذا ذراعا دورها بأجر مسمى كان صحيحا.

فان حفر منه ثلاث اذرع فخرج عليه جبلا داهية (١) أشد عملا ، فأراد تركه لم يكن له ذلك ، إذا كان يطيق عمله. فان شرط عليه كل ذراع في طين ، أو سهل ، بأجرة معينة ، وكل ذراع في جبل ، بأجرة معينة ، وكل ذراع في الماء بأجرة معينة ، وسمى طولها ودورها ، كان جائزا على ما اشترطاه. وإذا استأجره ليحفر له نهرا في جبل عين له طوله عشرة أذرع في عرض عينه ، فحفير منه شيئا ثم ظهر عليه جبل أصم ، فإن كان يطيق حفره كان حفره لازما له ، وان كان مثله لا يطاق كان له ترك الإجارة ويكون له من الأجر بحساب ما حفر منه.

وإذا استأجر إنسانا ليحفر له قبراً فحفره ثم دفن إنسان آخر قبل ان يأتي المستأجر بميتة لم يكن على المستأجر أجر ، فإن حفر المستأجر وخلي الأجير بينه وبين القبر ثم انهار (٢) بعد ذلك أو دفن فيه إنسان أخر ، كان للأجير عليه الأجر تاما

وإذا أمر إنسان حفارا بان يحفر له قبراً وكان هذا المستأجر في ناحية من نواحي البلد الذي هو فيه ولم يبين له المكان وحفر له في الناحية التي جرت عادة أهل تلك القبيلة بدفن موتاهم فيها من تلك المدينة كان له الأجر على الذي استأجره ، وان حفر في غير تلك الناحية لم يكن له أجر ، الا ان يدفنوا ميتهم في حفرته ، فان فعلوا ذلك كان له الأجر.

وإذا استأجره على ان يحفر له قبراً ولم يسم له لحدا ولا شقا كان الاعتبار في ذلك

__________________

(١) كأنه «ره» يريد بالجبل الحجر العظيم ، والداهية اى الشديدة.

(٢) الأنهار : الاسالة والصب بكثرة ، « لسان العرب ».

٥٠٠