المهذّب - ج ١

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب - ج ١

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأغنني بحلالك عن حرامك ، وأوسع على من رزقك وأعذني من الفقر ، رب انى اسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت فهذه يداي جزاء بما كسبتا ، وهذه رقبتي خاضعة لما أتيت ، وها انا ذا بين يديك ، فخذ لنفسك رغاها من نفسي ، لك العتبي لا أعود فإن عدت فعد على بالمغفرة.

العفو تقولها ثلاث مأة مرة وما استطعت. ثم تقول اللهم حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني بعدها فكاك رقبتي من النار ، واستغفر الله بجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي في امرى وأتوب إليه ـ يقولها سبعين مرة ـ ثم يقول : الحمد لله حق حمده وصلواته على صفوته من خلقه محمد وأهل بيته ».

فإذا أتيت على ذلك فاركع فاذا رفعت رأسك من الركوع استويت قائماً فقل « يا الهى هذا مقام من ، حسناته نعمة منك وشكره قليل وعمله ضعيف وذنبه عظيم وليس لذلك الا عفوك ورحمتك.

اللهم وقد قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلواتك عليه ، ( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) طال هجوعي وقل قيامي وهذا السحر وأنا أستغفرك لكل ذنب أذنبته استغفار من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا » ، ثم يخر ساجدا ويسجد السجدتين ويتشهد ويسلم ، ومن فعل ذلك وسلم فليقل « سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الملك القدوس » يكررها ثلاثا.

ويصلى ركعتي الغداة يفتتح الاولى منها بالتكبير ويقرء الحمد وقل يا ايها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وسورة الإخلاص ، فإذا سلم فيها حمد الله واثنى عليه وصلى على محمد وآله صلوات الله عليهم وسئل الله تعالى من فضله.

ويستحب ان يستغفر الله تعالى عقيب صلاة الفجر ـ سبعين مرة ـ يقول : « استغفر الله الذي لا إله الا هو الحي القيوم الرحمن الرحيم وأتوب اليه » ، ويصلى على محمد وآله ـ مأة مرة ـ ، يقول :

١٤١

اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام (١) عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » فان طال ذلك عليه فليقل « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الطاهرين » يكررها مأة مرة وان طال عليه أيضا لفظ الاستغفار فليقل « استغفر الله وأتوب إليه » ثم يخر ساجدا بعد التعقيب من هاتين الركعتين ويقول : في سجوده « يا خير مدعو يا خير مسؤل يا أوسع من اعطى وأفضل من يحبى (٢) صل على محمد وآل محمد واغفر لي وارحمني وتب على انك أنت التواب الرحيم ». فاذا رفع رأسه من سجوده.

قال : اللهم من أصبح وحاجته الى غيرك فإني أصبحت وحاجتي ورغبتي إليك يا ذا الجلال والإكرام » ثم يضطجع على جانبه الأيمن مستقبل القبلة ، ويقول : « استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها واعتصمت بحبل الله المتين وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم ، وأعوذ بالله من شر فسقة الجن والانس ، توكلت على الله وألجأت ظهري الى الله ، أطلب حاجتي من الله ، ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدْراً ) ، حسبي الله ونعم الوكيل » ويقرء من آخر آل عمران الخمس آيات التي كان قرأها عند قيامه إلى صلاة الليل ، فاذا طلع الفجر قال « سبحان رب الصباح سبحان فالق الإصباح » ثلاث مرات ، ثم يصلى الفريضة ان شاء الله.

وإذا خاف المسافر من غلبة النوم عليه ولا يقوم آخر الليل إلى الصلاة جاز ان يقدم صلاتها في أول الليل بعد صلاة العشاء الآخرة ، كذلك يفعل من أراد المسير في آخر الليل ، وإذا ضعف الإنسان عن صلاة الليل قائماً جاز له ان يصليها جالسا.

وإذا أدركه الفجر وكان قد صلى من صلاة الليل اربع ركعات تممها وخفف

__________________

(١) في بعض النسخ « وسلم » بدل « والسلام »

(٢) في نسخة « مرتجى » بدل « من يحبى ».

١٤٢

في قراءته ودعائه وصلى الفجر بعد ذلك ، فإن أدركه وقد صلى أقل من اربع ركعات قطع على الشفع مما انتهى اليه عن ذلك وصلى الغداة وتمم بعد ذلك صلاة الليل.

وإذا قام في آخر الليل وقد قرب طلوع الفجر وخاف ان ابتدأ هو بصلاة الليل هجم الفجر ، فينبغي ان يبتدء بركعتي الشفع ويوتر بعدهما ويصلى بعد ذلك ركعتي الفجر ، فان طلع الفجر اذن واقام وصلى فريضة ، ثم صلى ثمان ركعات بعد فريضة الفجر ، وان لم يطلع أضاف الى ما صلى ست ركعات ثم أعاد ركعة الوتر وركعتي الغداة ، وان هو قام وقد قرب الفجر أدرج صلاة الليل بالحمد وسورة الإخلاص مرة واحدة وخفف ليفرغ من ذلك قبل طلوع الفجر ، وان قام وقد بقي من الليل شي‌ء أطال في صلاته على ما تقدم بيانه.

فاما سنن السفر فقد ذكرناها في ما سلف ، واما كيفيتها فهو جار مجرى ما ذكرناه فيما تقدم.

باب ما عدا سنن اليوم والليلة من سنن الصلاة :

هذه المسنونات من الصلوات نحن ذاكروها فصلا فصلا الى آخرها بمشيئة الله تعالى.

باب كيفية صلاة الاستسقاء :

إذا امتنع القطر وأجدبت البلاد ، يستحب للناس ان يصلوا هذه الصلاة ، ويتقدم الإمام أو من قام مقامه من الناس بالصوم ثلاثة أيام فإذا كان يوم الثالث ، اغتسل من يريد صلاتها ، وينادى بالصلاة جامعة ويخرجون الى الصحراء ، والأفضل ان

١٤٣

يكون ذلك الاثنين (١) ولا يصلى في مسجد الا ان يكونوا بمكة ، ويتقدم المؤذنون كما يفعل في صلاة العيد ، ويخرج الامام على أثرهم بسكينة ووقار حتى ينتهي الى المصلى من الصحراء ، فاذا صار بذلك الموضع ، قام فيصلي بهم ركعتين من غير أذان ولا اقامة يقرء فيهما من السور ما أراد.

وترتيبها مثل ترتيب صلاة العيدين ، اثنتي عشر تكبيرة سبع في الاولى وخمس في الثانية (٢) ، والقراءة قبل التكبير فاذا فرغ الامام من صلاتها وسلم صعد المنبر وحمد الله سبحانه واثنى عليه وصلى على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووعظ الناس وزجر وحذر وأنذر ، فاذا فرغ من الخطبة أدار ردائه فجعل ما على يمينه على يساره ، وما على يساره على يمينه ـ ثلث مرأة ، ثم استقبل وكبر ـ مأة تكبيرة ـ رافعا صوته بها ويكبر الناس معه ، ثم يلتفت على يمينه ويسبح الله سبحانه ـ مأة تسبيحة ـ رافعا صوته بها ، ويسبح الناس معه كذلك ، ثم يلتفت على يساره فيحمد الله سبحانه ـ مأة تحميدة ـ رافعا صوته بها ، ويفعل الناس معه ذلك ، ثم يقبل بوجهه الى الناس فيستغفر الله تعالى مأة مرة رافعا صوته بها ويفعل الناس معه ذلك ثم يستقبل القبلة بوجهه فيدعو ويدعوا الناس معه ، فيقول : « اللهم رب الأرباب ومعتق الرقاب ومنشى‌ء السحاب ومنزل القطر من السماء ومحيي الأرض بعد موتها ، يا فالق الحب والنوى

__________________

(١) اى يوم الاثنين.

(٢) فيكون في الأول خمسة قنوتات ( لأن إحدى التكبيرات هي تكبيرة الإحرام والسابعة هي تكبيرة الركوع ، كما ذكره « قدس‌سره » في صلاة العيدين ، ) وفي الثانية أربعة قنوتات كما هو ظاهر قوله « قدس‌سره » : ( والقراءة قيل التكبير ) ، الا انه « قدس‌سره » ذكر في صلاة العيدين : « قام إلى الركعة الثانية بغير تكبيرة ، ثم يكبر تكبيرة واحدة ويقرء الحمد » وظاهره ان القنوتات في الثانية ثلاثة ، وهو أحد الأقوال في كيفية صلاة العيدين وعليه السيد المرتضى ، والشيخ المفيد وأبو الصلاح وابن زهرة « قدس الله أسرارهم » كما ذكره العلامة في المختلف « ص ١١٢ » ، والبحراني في « حدائقه » ج ١٠ ص ٢٤٤

١٤٤

ويا مخرج الزرع والنبات ومحيي الأموات ، وجامع الشتات ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا هنيئا مريئا ، ينبت به الزرع والنبات ، ويدر به الضرع ويحيى به الأرض بعد موتها ، ويسقى به مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا ».

ويستحب للإمام ان يخطب خطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام المعروفة بخطبة الاستسقاء فان لم يحفظها جاز ان يقتصر على ما قدمناه أو على الدعاء ، ولا ينبغي للناس ان يخرجوا معهم أحدا من أهل الذمة ، ويجوز خروج الكبار والصفار من الرجال والعجائز من النساء وصغارهن ، فاما الشباب ومن لها هيئة منهن فلا ينبغي ان تخرج في ذلك ، فان صلوا ولم يسقوا صلوا ثانيا وثالثا ، فاذا خرج الناس لذلك فسقوا قبل ان يصلوا صلوا شكرا لله سبحانه.

ويجوز ان يصلوا صلاة الاستسقاء إذا قل نبع مياه الآبار ونصبت (١) وكذلك مياه العيون وينبغي لأهل الخصب (٢) ان يدعو لأهل الجدب ، حضروا معهم في هذه الصلاة أم لم يحضروا معهم.

« باب نوافل شهر رمضان »

نوافل شهر رمضان ألف ركعة زائدة على نوافله (٣) وترتيبها : ان يصلى من يريد صلاتها من أول ليلة من الشهر في كل ليلة عشرين ركعة ثماني منها بعد صلاة المغرب ، واثنتي عشرة ركعة بعد صلاة العشاء الآخرة قبل الوتيرة ، ويصلى الوتيرة بعد ذلك يفعل هذا إلى ليلة تسع عشرة من الشهر ، فاذا حضرت هذه الليلة اغتسل وصلى بعد العشاء الآخرة مأة ركعة ، ثم يعود في ليلة العشرين الى الترتيب الذي

__________________

(١) كذا في النسخ ومعناه : أتعبت ، اى يعسر سقيها ، ويحتمل ان تكون « نضبت » بالمعجمة ، يقال نضب الماء نضوبا اى غار في الأرض وسفل

(٢) الخصب بكسر الخاء : النماء والبركة خلاف الجدب

(٣) اى نوافل المصلى في سائر المشهور ويحتمل ان يكون المراد سائر نوافل هذا الشهر.

١٤٥

قدمنا ذكره ، فاذا حضرت ليلة احدى وعشرين اغتسل بعد العشاء الآخرة وصلى مأة ركعة ، ويصلى في ليلة اثنتي وعشرين بعد المغرب ثمان ركعات ، وبعد العشاء الآخرة اثنتي وعشرين.

فاذا حضرت ليلة ثلث وعشرين اغتسل وصلى بعد عشاء الآخرة مأة ركعة ، ثم يصلى ليلة أربع وعشرين الى آخر الشهر في كل ليلة بعد صلاة المغرب ثمان ركعات وبعد عشاء الآخرة اثنتي وعشرين ركعة ، فيكون جميع ما ذكرناه تسع مأة وعشرين ركعة ، ويبقى ثمانون ركعة يصلى في يوم جمعة من الشهر عشر ركعات ـ منها صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ وسنذكر كيفيتها في بابها ومنها صلاة السيدة فاطمة ( عليها‌السلام ) وسنذكرها أيضا فيما بعد في بابها ومنها صلاة جعفر بن ابى طالب عليهما‌السلام وسنذكرها في بابها ان شاء الله تعالى.

ثم يصلى في آخر ليلة جمعة من الشهر عشر ركعة (١) من صلاة أمير المؤمنين (ع) وفي آخر ليلة سبت منه عشر ركعة من صلاة مولاتنا فاطمة صلوات الله عليها ، فيكمل بذلك ألف ركعة. والزيادة على هذه الالف مأة ركعة ينبغي ان يصليها ليلة النصف من هذا الشهر ويقرء في كل ركعة بعد الحمد قل هو الله أحد عشر مرات.

« باب صلاة يوم الغدير »

هذا العيد هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، فمن أراد هذه الصلاة فالأفضل له ان يغتسل في هذا اليوم ، ويلبس أجمل ثيابه ، ويمس شيئا من الطيب ويبرز تحت السماء فإذا بقي من النهار الى زوال الشمس مقدار ساعة أو نحو ذلك صلاها ركعتين يقرء في كل واحدة منهما بعد الحمد قل هو الله أحد عشر مرات وانا أنزلناه عشر مرات ، وآية الكرسي عشر مرات.

__________________

(١) كذا في أكثر النسخ وفي نسخة عشر ركعات والصحيح « عشرين ركعة » والشاهد إفراد التمييز وكذا إكمال العدد راجع الوسائل ، الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان ، الحديث ١

١٤٦

فاذا سلم حمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله وابتهل الى الله سبحانه في لعن ظالمي أهل البيت عليهم‌السلام وأشياعهم ثم دعا فقال. اللهم إني أسألك ، بحق محمد نبيك وعلى وليك ، وبالشأن والقدرة التي خصصتهما به دون خلقك ان تصلى عليهما وعلى ذريتهما وان تبدأ بهما في كل خير عاجل ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الأئمة القادة والدعاة السادة والنجوم الزاهرة والأعلام الباهرة وساسة العباد وأركان البلاد والناقة المرسلة ، والسفينة الناجية الجارية في اللجج الغامرة ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد خزان علمك وأركان توحيدك ودعائم دينك ومعادن كرامتك وصفوتك من بريتك وخيرتك من خلقك الأنبياء النجباء الأبرار ، والباب المبتلى به الناس ، من أتاه نجى ومن أباه هوى.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد أهل الذكر. الذين أمرت بمسألتهم وذوي القربى الذين أمرت بمودتهم وفرضت حقهم وجعلت الجنة جزاء من اقتص آثارهم ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما أمروا بطاعتك ونهوا عن معصيتك ودلوا عبادك على وحدانيتك.

وأسألك بحق محمد نبيك ونجيبك (١) وصفوتك وأمينك ورسولك الى خلقك ، وبحق أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين الولي الوصي الوفي والصديق الأكبر والفاروق الأعظم بين الحق والباطل والشاهد لك والدال عليك والصادع بأمرك والمجاهد في سبيلك لم تأخذه فيك لومة لائم ، ان تصلى على محمد وعلى آل محمد وان تجعلني في هذا الشهر وفي هذا اليوم الذي عقدت فيه العهد لوليك في أعناق خلقك وأكملت لهم الدين من العارفين بحرمته والمقرين بفضله من عتقائك وطلقائك من النار ، ولا تشمت بي حاسد النعم.

اللهم فكما جعلته عيدك الأكبر وسميته في السماء بيوم العهد والمعهود وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المسؤل صل على محمد وعلى آل محمد ، واقرر به

__________________

(١) في بعض النسخ « نجيك »

١٤٧

عيوننا واجمع به شملنا ، ولا تضلنا بعد إذ هديتنا ، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين يا ارحم الراحمين.

الحمد لله الذي عرفنا فضل هذا اليوم ، وبصرنا حرمته ، وكرمنا به وشرفنا بمعرفته وهدانا بنوره ، يا رسول الله يا أمير المؤمنين عليكما وعلى عترتكما وعلى محبيكما منى أفضل السلام ما بقي الليل والنهار ، بكما أتوجه الى الله ربي وربكما في نجاح طلبتي وقضاء حوائجي ، وتيسير أموري.

اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد ان تصلى على محمد وآل محمد وان تلعن من جحد حق هذا اليوم وأنكر حرمته ، وصد عن سبيلك لإطفاء نورك فأبى الله الا ان يتم نوره ، اللهم فرج عن أهل بيت نبيك واكشف عنهم وبهم عن (١) المؤمنين الكربات اللهم إملاء الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وأنجز لهم ما وعدتهم انك لا تخلف الميعاد.

« باب صلاة يوم المبعث »

هذا اليوم هو الذي بعث الله تعالى فيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ، وهو اليوم « السابع والعشرون » من رجب ، فمن أراد صلاة هذا اليوم فينبغي ان يفتتح الصلاة بالتكبير ويصلى « باثنتي عشرة ركعة » يقرء في كل ركعة منها بعد فاتحة الكتاب سورة « يس » فاذا فرغ منها جلس في مكانه ، قرء الحمد « اربع مرات » وقل هو الله أحد « أربع مرات » ، وكل واحدة من المعوذتين « اربع مرات » ، ثم يقول بعد ذلك : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله » اربع مرات ثم يقول الله الله ربي ولا أشرك به شيئا أربع مرات ويدعو بما شاء لنفسه بغير ذلك.

__________________

(١) في نسخة « أمير المؤمنين » بدل « المؤمنين » والصحيح ما أثبتناه

١٤٨

« باب صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام »

وهذه الصلاة أربع ركعات ، بتسليم بعد كل ركعتين ، يقرء في كل ركعة منها الحمد مرة واحدة وقل هو الله أحد خمسين مرة.

« باب صلاة مولاتنا فاطمة عليها‌السلام »

هذه الصلاة ركعتان ، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب مرة واحدة وانا أنزلناه مأة مرة ، وفي الثانية بعد فاتحة الكتاب سورة الإخلاص مأة مرة.

« باب صلاة الحبوة »

هذه الصلاة ، صلاة جعفر الطيار ( عليه‌السلام ) وتسمى أيضا صلاة التسبيح ، وهي أربع ركعات : يقرء في الأولى الحمد مرة وسورة الزلزلة ، وفي الثانية الحمد مرة وسورة العاديات ، وفي الثالثة الحمد مرة وإذا جاء نصر الله والفتح ، وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد ، ويقول في كل ركعة عقيب القراءة وقبل الركوع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والا أكبر خمس عشرة مرة ، ثم يقول ذلك في الركوع عشرا ومثل ذلك في انتصابه ، ومثل ذلك في السجدة الاولى وفي الجلسة بين السجدتين وفي السجدة الثانية وإذا رفع رأسه وجلس قبل القيام ، ويفعل ذلك في كل ركعة.

باب صلاة الاستخارة :

صلاة الاستخارة ركعتان ، يصليهما من أراد صلاتها كما يصلى غيرهما من النوافل ، فاذا فرغ من القراءة في الركعة الثانية قنت قبل الركوع ثم يركع ويقول

١٤٩

في سجوده : « أستخير الله » مأة مرة ، فإذا أكمل المائة قال : « لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلى العظيم ، رب بحق محمد وآل محمد ، صل على محمد وآل محمد : وخر لى في كذا وكذا » ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة لأجلها وقد ورد في صلاة الاستخارة وجوه غير ما ذكرناه ، والوجه الذي ذكرناه ـ ها هنا ـ من أحسنها.

« باب صلاة الحاجة »

من كان له الى الله حاجة ، فينبغي ان يصوم ثلاثة أيام ، ويكون هذه الأيام أربعاء وخميسا وجمعة ، فاذا كان يوم الجمعة اغتسل ولبس ثوبا جديدا ، وصعد الى موضع ، وصلى بهذه الصلاة ركعتين كما يصلى غيرهما من النوافل ، فاذا سلم منها رفع يديه الى السماء.

ثم قال : اللهم انى اطلب ساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك وانه لا قادر على (١) حاجتي غيرك وقد علمت يا رب انه كل ما تظاهرت نعمتك على اشتدت فاقتي إليك وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت تكشفه ، عالم غير معلم ، واسع غير متكلف ، فأسألك باسمك الذي وضعته على السماء فانشقت ووضعته على الجبال فنسفت ، وعلى النجوم فانتثرت (٢) وعلى الأرض فسطحت ، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد وآل محمد ، وعند فلان وفلان ويسمى الأئمة واحدا ان تصلى على محمد وآل محمد وان تقضى حاجتي وتيسر على عسرها ، وتكفيني مهمها ، فان فعلت ذلك فلك الحمد ، وان لم تفعل ذلك فلك الحمد ، غير حائر (٣) في حكمك ، ولا متهم

__________________

(١) في بعض النسخ زيادة « كل »

(٢) في نسخة « فانتشرت »

(٣) ويحتمل غير « جائر » بالجيم المعجمة

١٥٠

في قضائك ، ولا خائف (١) في عدلك » ويلصق خده الأيمن بالأرض ويقول : « اللهم ان يونس بن متى عبدك ونبيك دعاك في بطن الحوت فاستجبت له ، وانا أدعوك فاستجب لي كما استجبت له » وقد ورد في صلاة الحاجة وجوه ، أحسنها ما ذكرناه

« باب صلاة ليلة النصف من رجب »

صلاة ليلة النصف من رجب اثنتا عشرة ركعة يقرء في كل ركعة « الحمد وسورة » ، فاذا فرغ منها قرء الحمد والمعوذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي أربع مرات ، وقيل : سبع مرات ، ويقول « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » كذلك (٢) ، ويقول « الله الله ربي ، لا أشرك به شيئا ويقول : « ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلى العظيم » سبع مرات.

« باب صلاة ليلة النصف من شعبان »

هذه الصلاة أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة منها بعد الحمد قل هو الله أحد مأة مرة ، فاذا فرغ مصليها منها دعا بما أراد.

« باب صلاة الشكر »

صلاة الشكر ركعتان ، يصليهما من قضى الله حاجته أو جدد عليه نعمته ، يقرء في كل واحدة بعد الحمد قل هو الله أحد ، وانا أنزلناه في ليلة القدر ، أو غير ذلك من سورة القرآن ، ويقول في ركوعه وسجوده فيهما « الحمد لله شكرا لله وحمدا لله »

__________________

(١) في بعض النسخ « بغى » بدل « خائف »

(٢) اى اربع مرات أو سبع

١٥١

ويقول بعد التسليم منهما « الحمد لله الذي قضى حاجتي ، وأعطاني مسألتي ».

« باب صلاة الزيارات »

وهي ركعتان لكل واحد من نبي أو امام ، والفعل فيهما من أفعال الصلاة كالفعل في غيرهما من ذلك ، وقيل : ان المصلى لهما ينبغي ان يقرء في الركعة الأولى منهما بعد الحمد ، صورة الرحمن ، وفي الثانية بعد الحمد ، سورة يس ، وانما ندب الزائر لأمير المؤمنين (ع) الى صلاة ست ركعات ، لان عنده آدم ونوحا عليهما‌السلام ، فمن زاره فينبغي ان يزورهما ، ويصلى لزيارتهما اربع ركعات ولزيارته هو (ع) ركعتين ، فتكمل بذلك ست ركعات ، فأما كيفية الزيارة فسيأتي ذكرها في باب الزيارات ان شاء الله تعالى.

« باب صلاة ليلة عيد الفطر »

هذه الصلاة ركعتان ، الأفعال فيها كالأفعال في غيرها من الصلوات الا القراءة فإنه ينبغي لمن صلاها ان يقرء في الركعة الأولى منهما بعد الحمد ، قل هو الله أحد ألف مرة وفي الثانية بعد الحمد قل هو الله أحد مرة واحدة.

« باب صلاة الإحرام »

وينبغي لمن أحرم بحج أو عمرة ، ان يصلى ست ركعات ، يقرأ في الأولى منهما بعد الحمد ، قل هو الله أحد وفي الثانية بعد الحمد قل يا ايها الكافرون.

١٥٢

« باب صلاة النوافل الزائدة على نوافل يوم الجمعة »

هذه الصلاة أربع ركعات ، تزاد على نوافل يوم الجمعة ، فيصير جملتها عشرين ركعة ، فاما أحكامها فهي جارية مجرى أحكام غيرها من نافلة الصلاة.

« باب تحية المسجد »

هذه الصلاة ركعتان ، ينبغي لمن دخل المسجد ان يصليهما تحية له ، وأحكامها جارية مجرى غيرها من نوافل الصلاة.

« باب ما يوجب إعادة الصلاة »

ما يوجب إعادة الصلاة على ضربين : أحدهما يتعلق بعدد الركعات ، والأخر لا يتعلق بذلك ، فأما الذي لا يتعلق بعدد الركعات ، فهو ان يترك المصلى النية عمدا أو سهوا ، أو تكبيرة الإحرام ، أو الركوع حتى يسجد ، أو يترك سجدتين في ركعة ، أو يسهو فحدث ما ينقض الطهارة ولم يتطهر حتى يستدبر القبلة ، أو تكلم لأنه إذا تطهر ولم يتكلم من غير استدبار القبلة كان له البناء على ما تقدم من الصلاة ، أو يصلى بغير طهارة ، أو يشك في الوقت فيصلي قبل دخوله ثم يعلم ذلك بعد الفراغ منها ، أو يصلى الى غير جهة القبلة ، أو يصلى في لباس النجس ، وقد تقدم له العلم به لأنه متى لم يتقدم له العلم ، لم يكن عليه إعادة الا ان يعلم ذلك والوقت باق.

أو يصلى جماعة فيصلي الامام بهم الى غير جهة القبلة ، وهم عالمون بذلك ، لأنهم ان لم يكونوا عالمين كانت الإعادة على الامام دونهم.

أو يصلى جماعة يكون امامهم على غير طهارة وهم عالمون بذلك ، ومتى

١٥٣

لم يكونوا عالمين كانت الإعادة على الامام وحده ، أو يصلى اثنان يعتقد كل واحد منهما انه مأموم والأخر له إمام ، لأنه متى اعتقد كل واحد منهما انه امام الأخر كانت صلاتهما صحيحة.

أو يصلى وعلى جسده نجاسة وهو عالم بها ، وكذلك ان لم يتقدم العلم بها ثم علم والوقت باق ، وان كان الوقت قد خرج لم يكن عليه اعادة.

أو ترك القراءة متعمدا ، أو يقتدى بمن لا يجوز الاقتداء به وهو عالم بذلك ، أو يسجد على شي‌ء نجس مع تقدم العلم به أو يصلى في ثوب أو مكان مغصوب مختارا مع تقدم علمه بذلك ، أو لا يمس الأرض بجبهته في السجود.

أو يتعمد الجمع بين صورتين بعد الحمد ، أو يتعمد التسليم قبل الفراغ من الصلاة ، أو يصلى عريانا ، وهو متمكن مما يستر به أو يقهقه ، أو يبكي على هلاك أحد ، أو مصيبة ، لأنه ان بكى من خشية الله تعالى لم يكن عليه اعادة أو يعبث بلحيته (١) أو ثوبه من غير ضرورة ، أو يحدث ما ينقض الطهارة متعمدا.

أو يتعمد ترك الشهادتين أو الصلاة على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهدين أو في واحد منهما ، أو يتعمد الإتمام في السفر الذي يجب عليه التقصير مع علمه بان ذلك لا يجوز ، أو يتم ساهيا في السفر ويذكر ذلك والوقت باق ، لأنه ان يذكر ذلك بعد خروج الوقت لم يلزمه اعادة.

أو يأتم بقاعد وهو ممن تجب عليه الصلاة قائماً ، أو يأتم بمن بينه وبينه حائط أو ما أشبه ذلك ، أو يكون مكان الامام ارفع من مكانه بما يعلم تفاوته ولم تجر العادة بمثله.

أو يكون في محمل (٢) أو ما أشبهه ومعه امرأة فيصليان جميعا في حالة واحدة أو يصلى وهو متيمم قبل تضيق الوقت ، أو يصلى متيمما وهو متمكن من استعمال الماء أو يصلى وقد تطهر بما لا تجوز الطهارة به ، أو تكون امرأة حرة فتصلي مكشوفة

__________________

(١) في بعض النسخ « بجسده » بدل « بلحيته ».

(٢) في بعض النسخ « محل » بدل « محمل »

١٥٤

الرأس مع تمكنها من سترة ، أو يصلى فيما لا تجوز الصلاة فيه ، أو يسجد على ما لا يجوز السجود عليه ، الا ان يكون في حال ضرورة وقد ذكر انه يجوز السجود على ثوب قطن أو كتان ، أو يقرء بغير لسان عربي.

« باب السهو في الصلاة »

إذا علم المكلف في صلاته امرا من الأمور أو غلب ذلك على ظنه فيجب عليه العمل فيها بما علمه أو غلب على ظنه ومع هذين الوجهين لا يثبت للسهو والشك ، في الصلاة حكم ، وانما يثبت ذلك فيما لا يعلمه ولا يغلب على ظنه ، وذلك انما يكون بتساوي الظن واعتداله ، فاذا كان ما ذكرناه صحيحا ، فالسهو في الصلاة على خمسة أضرب :

أولها يوجب إعادتها ، وثانيها يوجب الاحتياط وثالثها يوجب التلافي ورابعها يوجب الجبران بسجدتي السهو ، وخامسها لا حكم له.

فاما ما يوجب إعادتها ، فهو على ضربين : أحدهما لا يتعلق بأعداد الركعات والأخر يتعلق بذلك ، وما لا يتعلق بأعداد الركعات قد تقدم ذكره فيما يوجب إعادة الصلاة واما ما يتعلق بأعداد الركعات ، فهو ان يشك في الركعتين الأولتين من كل رباعية ، أو يشك في صلاة المغرب أو صلاة الغداة أو صلاة السفر ، أو يشك في صلاته أي صلاة كانت ولا يعلم ، كمن صلى بسهو فيزيد ركعة أو ينقص ركعة أو أكثر ولا يعلم حتى يستدبر القبلة أو يتكلم بما ليس من الصلاة.

واما ما يجب منه الاحتياط ، فهو ان يشك ولا يعلم هل صلى ركعتين أو ثلاثا فليبن على الثلاث ويتم الصلاة ، فإذا سلم صلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس أو يشك فلا يعلم هل صلى ثلاثا أو أربعا فليفعل مثل ما فعله في اثنتين أو ثلاث ، أو يشك فلا يعلم صلى اثنتين أو أربعا فليبن على الأربع ويسلم ويصلى ركعتين من قيام أو يشك بين اثنتين وثلاث واربع فليبن على الأربع ويسلم ، ثم يصلى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

١٥٥

وصلاة النافلة يجوز البناء فيها على الأقل وعلى الأكثر.

فأما ما يوجب التلافي ، فهو ان يسهو عن قراءة الحمد ثم يقرء سورة غيرها فليرجع فيقرء الحمد وسورة بعدها ، أو يسهو عن قراءة السورة التالية للحمد ثم يذكر ذلك قبل الركوع فليقرءها ثم يركع ، أو يسهو عن تسبيح الركوع قبل رفع رأسه منه ، فليسبح ويرفع رأسه ، أو يشك في الركوع وهو في حال القيام فليركع ، فان ذكر في حال هذا الركوع انه كان قد ركع ، أرسل نفسه الى السجود من غير ان يرفع رأسه أو يشك في سجدتين أو واحدة منهما قبل القيام فليسجد ما شك فيه ، أو يشك (١) في التشهد الأول وهو قائم لم يركع (٢) فليجلس ويتشهد ، أو يسهو عن السجود ثم يقوم قبل الركوع فليرجع وليسجد.

واما ما يجب فيه الجبران بسجدتي السهو ، فهو ان يسهو عن سجدة ويذكرها بعد الركوع ، فليقضها بعد التسليم ويسجد سجدتي السهو أو يسهو فتكلم ، فعليه سجدتا السهو بعد التسليم ، أو يسهو فيقوم في موضع جلوس أو يجلس في موضع قيام ، فعليه بعد التسليم سجدتا السهو أو يسهو فيسلم في الركعتين الأولتين ثلاثية أو رباعية فعليه أيضا سجدتا السهو ، أو يسهو عن التشهد فليقضه بعد التسليم ، ويسجد سجدتي السهو ، أو يشك هل صلى أربعا أو خمسا ، وتتساوى ظنونه في ذلك ، فليبن على الأربع ويسجد سجدتي السهو واما ما لا حكم له : فهو ان يشك في تكبيرة الإحرام وهو في حال القراءة ، أو يشك في القراءة وهو في حال الركوع أو يشك في التشهد وهو في الثالثة ، أو يسهو في النافلة أو يسهو في سهو أو يتواتر عليه السهو أو يشك في تسبيح الركوع وقد رفع رأسه منه أو يشك في تسبيح السجود وقد رفع رأسه منه.

« تم كتاب الصلاة »

__________________

(١) كذا في النسخ ولعله تصحيف والصحيح « يسهو » والا فهي تنافي ما سيأتي قريبا « في الشك في التشهد ».

(٢) في بعض النسخ « ثم يركع » بدل « لم يركع » ولعل معناه : فليجلس بإرسال نفسه من غير رفع رأسه ، كما مر في الفرع الأسبق.

١٥٦

« باب حقوق الأموال »

حقوق الأموال التي ذكرنا في أول الكتاب انها من العبادات يحتاج في بيان أحكامها إلى أشياء وهي : الزكاة والخمس وأحكام الأرضين والجزية والغنائم والأنفال ، ونحن نبين أحكام كل واحد منها في باب مفرد بعون الله وتوفيقه.

« باب في الزكاة »

قال الله تعالى ، ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ ) ، « الى قوله » ( يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ ، هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (١).

وقال تعالى ، ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (٢). وروى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال في الزكاة : انما يعطى أحدكم جزءا مما أعطاه الله فليعطه بطيب نفس منه ، ومن أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره (٣)

وروى عن محمد بن على الباقر (ع) ، انه قال : ما نقصت زكاة من مال قط

__________________

(١) المؤمنون ، الاية : ١ ـ ١١

(٢) الأعلى ، الاية : ١٤ ـ ١٥.

(٣) جامع أحاديث الشيعة ج ٨ ، الباب ١ من أبواب فضل الزكاة ، الحديث ٢٠ ، ص ٩ ، وفي نسخة « شرة » وما في المتن مطابق لما في دعائم الإسلام ( ج ١ ، ص ٢٤٠ ).

١٥٧

ولا هلك مال في بر ، أو بحر أديت زكاته (١).

واعلم ان الزكاة على ضربين ، أحدهما زكاة الأموال ، والأخر زكاة الرؤس ، ويؤدى (٢) ذلك الى بيان أشياء ، منها من يجب عليه الزكاة ، ومنها ما الذي يجب فيه الزكاة ، ومنها ما المقدار الذي يجب إخراجه منها ، ومنها من المستحق لها ، ومنها ما المقدار الذي ينبغي دفعه الى مستحقه منها ، ومنها الوقت الذي ينبغي إخراجها فيه.

« باب من يجب عليه الزكاة »

الذي يجب عليه الزكاة ، هو كل حر ، كامل العقل ذكرا كان أو أنثى ، مخاطب بشريعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مالك لنصاب يجب فيه الزكاة.

وانما شرطنا الحرية ، لان من ليس بحر لا يجب عليه الزكاة ، بل ليس يملك ما تجب فيه زكاة عليه.

وشرطنا كمال العقل ، لان من ليس بكامل العقل لا يجب عليه زكاة ولا غيرها ، وذكرنا كون من تجب عليه ذكرا كان أو أنثى لنبين ان وجوبها لا يختص بالذكر دون الأنثى ، ولا بالأنثى دون الذكر ، بل ذلك يعمهما ، وشرطنا كونه مخاطبا بشريعة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لنبين ان وجوبها متعلق بالمسلمين ، والكفار ، لأن الكفار عندنا مخاطبون بالشرائع ، وانما لا يصح منهم أدائها مع المقام على كفرهم ، لأن الإسلام شرط في صحة أدائها ، لا في وجوبها.

وشرطنا كونه مالكا لنصاب يجب فيه الزكاة ، لان من لا يملك ذلك ، لا تجب عليه.

__________________

(١) جامع الأحاديث ، ج ٨ ، الباب ٢ من أبواب فضل الزكاة ، الحديث ١٣ ، ص ٢٤ وفي الدعائم ( ج ١ ص ٢٤٠ ).

(٢) في بعض النسخ « مدار » بدل « يؤدى »

١٥٨

« باب ما الذي تجب فيه »

الذي تجب فيه الزكاة تسعة أشياء وهي ، الذهب ، والفضة ، والإبل ، والغنم ، والبقر ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.

« باب زكاة الذهب »

ليس تجب الزكاة في الذهب الا ان يجتمع فيه شروط وهي : الملك ، والنصاب ، وكونه مضروبا منقوشا دنانير ، أو (١) كان كذلك فسبك عند دخول وقت الزكاة فرارا بذلك منها ، وحلول الحول على النصاب ، وهو حال (٢) فيه من أوله إلى أول يوم من الشهر الثاني عشر.

فاذا اجتمعت هذه الشروط ، وجب فيه الزكاة.

فإذا بلغ الذهب عشرين مثقالا ، كان فيه نصب المثقال وليس فيه بعد ذلك شي‌ء حتى يبلغ بعد العشرين أربعة مثاقيل ، فاذا بلغ ذلك كان فيه عشر مثقال ، وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ المال ، وإذا لم يبلغ المال عشرين مثقالا لم يجب فيه جملة ، وما لا يجب الزكاة فيه ، يسمى عفوا.

والمعتبر في ما ذكرناه من مثاقيل الذهب ، والدراهم في المائتين ، وفي العشرين (٣) ، والأربعين ـ بالوزن ، لا بالعدد. وسبائك الذهب ، وما كان منه حليا ، أو أواني ، أو مراكب ، أو ما جرى مجرى ذلك ، فإنه ليس في شي‌ء منه زكاة ، الا ان يكون قد عمل كذلك فرارا منها.

__________________

(١) في نسخة « ولو » بدل « أو »

(٢) في بعض النسخ « حاصل » بدل « حال »

(٣) العشرون هو النصاب الأول للذهب والأربعون هو النصاب الثاني للفضة.

١٥٩

وإذا كان شي‌ء من المال يبلغ نصابا ـ دينا ـ كانت الزكاة عنه واجبة على المستدين ، فان ضمن المدين ذلك لزمه ، ولم يكن على المستدين ـ من ذلك عليه ـ شي‌ء.

ومن كان في مال لا يبلغ النصاب ، وله مال غائب لا يبلغ أيضا ذلك. وهو متمكن منه ، وإذا اجتمعا وكان فيهما نصاب أو أكثر ، وجب عليه جمعهما ، والإخراج عنهما.

فان كان له مال غائب ، وهو متمكن من التصرف فيه ، وكان فيه نصاب ، أو أكثر ، وجب زكاته ، فان لم يكن متمكنا من التصرف فيه لم يكن عليه شي‌ء.

وحلي الذهب محرم استعماله على الرجال ، وفي الآلات لهم أيضا.

ومن ترك نفقة لعياله ، دنانير ، أو دراهم ، ويبلغ ذلك نصابا تجب فيه الزكاة ، وان كان قد ترك ذلك لهم ، لسنة ، أو لسنتين ، فان كان حاضرا ، وجب عليه في ذلك الزكاة ، وان كان غائبا ، لم يكن في ذلك شي‌ء.

ومن ورث مالا ، ولم يصل اليه ، ولا يمكن من التصرف فيه الا بعد الحول ، لم يلزمه زكاته من ذلك الحول.

« باب زكاة الفضة »

زكاة الفضة لا تجب الا بشروط ، وهي وشروط الذهب سواء ، فاذا اجتمعت لم يكن فيها شي‌ء حتى يبلغ مأتي درهم. فاذا بلغت ذلك كان فيها خمسة دراهم ، ثم ليس فيها شي‌ء بعد ذلك حتى تزيد أربعين درهما ، فيكون فيها درهم واحد ، وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ المال. ولما لا يجب الزكاة فيه من الفضة ، يسمى عفوا أيضا. وما يتعلق منها بدين ، أو غيبة ، فالحكم فيه ما ذكرنا في الذهب.

١٦٠