المهذّب - ج ١

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

المهذّب - ج ١

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

ان يتغير بذلك أحد أوصافه التي هي الريح واللون والطعم ، فاذا حصل كذلك كان نجسا.

واما ما كان مقداره أقل من كر ، فإنه ينجس بملاقاة ذلك له ، تغير بذلك أحد أوصافه أو لم يتغير.

والكر هو ما كان مقدار الف رطل ومأتي رطل بالعراقي ، أو ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثل ذلك عمقا.

مياه الآبار

واما مياه الآبار فإنها تنجس بما يلاقيها من ذلك ، قليلا كان ماؤها أو كثيرا ، تغير بذلك أحد أوصافها أو لم يتغير ، فاذا حصلت كذلك لم يجز استعمالها الا بعد تطهيرها ، وتطهيرها ان يكون بالنزح منها ، والنزح منها على ثلاثة أضرب :

أوّلها : نزح جميع الماء فان لم يتمكن من ذلك لكثرته وقوة مادته ونبعه تراوح عليه أربعة رجال يستقون منه من أول النهار الى آخره ثم يحكم بطهارته.

وثانيها : نزح كّر.

وثالثها : نزح مقدار بالدلاء.

فاما ما ينزح جميع الماء على ما قدمناه ، فهو وقوع شي‌ء من الخمر فيها وكل شراب مسكر والفقاع ، والمنى ، ودم الحيض ، والاستحاضة ، والنفاس وعرق الإبل الجلالة وموت البعير فيها ، وكل ما كان جسمه مقدار جسمه (١) أو أكثر. وذكر في ذلك عرق الجنب إذا كان جنبا من حرام وجميع ما كان نجسا ولم يرد في النزح منه مقدار معين.

واما ما ينزح منه كر فهو موت الخيل فيها ، والبغال ، والحمير ، وكلما كان جسمه بمقدار أجسامهم.

__________________

(١) اى جسم البعير

٢١

واما ما ينزح منه مقادير الدلاء فهو ثمانية اضرب :

أوّلها : سبعون ، وثانيها : خمسون ، وثالثها : أربعون ، ورابعها : عشرة وخامسها : سبع ، وسادسها : خمس ، وسابعها : ثلاث ، وثامنها : دلو واحد

واما السبعون : فينزح من موت الإنسان فيها.

واما الخمسون : فينزح من وقوع الدم المخالف لدم الحيض والاستحاضة والنفاس إذا كان كثيرا فيها ، والعذرة الرطبة والمتقطعة (١)

واما الأربعون : فينزح إذا مات فيها شي‌ء من الكلاب والخنازير والغنم والأرانب والثعالب والظباء والسنانير وكلما كان جسمه بمقدار أجسامها وبول الإنسان الكبير.

واما العشرة : فينزح من الدم المخالف للدماء الثلاثة المتقدم ذكرها إذا كان قليلا ، أو العذرة اليابسة.

واما السبع : فينزح من موت الحمام فيها ، والدجاج ، وكلما كان جسمه بمقدار اجسامهما والكلب إذا وقع حيا وخرج حيا على ما وردت به الرواية (٢) ، والفأرة إذا تفسخت ، والجنب إذا ارتمس فيها ، وبول كل صبي أكل الطعام.

واما الخمسة : فينزح من ذرق الدجاج الجلالة خاصة.

واما الثلاثة : فينزح من موت الحية فيها ، والوزغ ، والعقرب ، والفأرة التي لم تنفسخ.

واما الدلو الواحد : فينزح من موت العصافير فيها ، والقنابر ، والزرازير (٣) وكلما كان جسمه بمقدار أجسامهم وبول كل صبي لم يأكل الطعام.

وماء البئر إذا تغير أحد أوصافه من النجاسة ينزح منه حتى يطيب ، كثيرا كان

__________________

(١) أي المنتشرة

(٢) الوسائل ج ١ من الباب ١٧ من أبواب الماء المطلق الحديث ١

(٣) الزرزور : طائر من نوع العصفور ، جمعه الزرازير

٢٢

النزح أو قليلا ، ولا يعتبر فيه هاهنا بمقدار من النهار ولا بمن يستقى منه من الرجال. والماء الذي في الدلو الأخير من دلاء النزح محكوم بنجاسته والباقي بعده من ماء البئر طاهر ، والذي يقطر من الدلو نجس الا انه ما يتنجس به الباقي في البئر من الماء لأنه معفو عنه. والمعتبر في هذا الدلو ، المعتاد ، لا بما ذهب اليه قوم انه من دلاء هجر (١) أو بما يسع أربعين رطلا ، لان الخبر في ذلك لم يرد مقيدا.

واعلم ان مياه الحياض والغدران والقلبان (٢) وما جرى مجراها إذا تغير أحد أوصافها الثلاثة بنجاسة حكمنا بنجاستها على ما قدمناه ، فاذا زال هذا التغير بغير الماء الطاهر المطهر من الأجسام الطاهرة التي تختلط به ، أو بتصفيق الرياح له أو ما جرى مجرى ذلك ، لم يحكم بطهارته وكان نجسا.

وإذا كان مقدار الماء أقل من كر وهو نجس فتمم بطاهر حتى صار كرا ، أو كان طاهرا فتمم بنجس ولم يتغير أحد أوصافه التي هي الريح أو اللون أو الطعم ، كان طاهرا ، فان تغير بذلك أحد أوصافه كان نجسا ، وكذلك الحكم فيه إذا كان هذا المقدار نجسا وتمم بنجس فصار كرا بالجميع ، فإنه يحكم بطهارته ما لم يكن أحد أوصافه متغيرا بالنجاسة ، لقولهم صلوات الله عليهم : إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا (٣)

وقد كان الشيخ أبو جعفر الطوسي «ره» يذهب إلى نجاسة هذا الماء ، ويقوى القول بما ذكرناه في كثير من الأوقات ، وقد أشرنا إلى الوجه القوى لذلك في كتابنا الموسوم بـ « جواهر الفقه » فمن أراد الوقوف عليه نظره في ذلك الموضع

__________________

(١) وفي المدارك نقل عن بعض المتقدمين ان المراد بالدلو الهجرية التي وزنها ثلاثون رطلا أو أربعون ( راجع الجواهر ج ١ ص ٢٦٠ ) ، وهجر محركة : بلدة باليمن واسم لجميع ارض البحرين وقرية كانت قرب مدينة تنسب إليها القلال ، والقلة إناء للعرب

(٢) القلبان : جمع القليب بمعنى الحفيرة

(٣) المستدرك ج ١ الباب ٩ من أبواب الماء المطلق الحديث ٦ الا انه عن النبي (ص)

٢٣

« الماء المضاف »

والماء الطاهر المضاف إذا اختلط بالطاهر المطهر وسلبه إطلاق اسم الماء لم يجز استعماله في رفع الأحداث ولا ازالة النجاسات ، ويجوز استعماله في غير ذلك والماء النجس لا يجوز استعماله على كل حال إلا في الشرب خاصة عند الخوف من تلف النفس فإنه يجوز والحال هذه ان يشرب ما يمسك الرمق كما قدمناه وإذا اعجن به الدقيق وخبز ، لم يجزأ كل شي‌ء منه.

وإذا اختلط الطاهر المضاف بالطاهر المطهر ولم يسلبه إطلاق اسم الماء جاز استعماله في الطهارة وغيرها وإذا اختلط هذا الماء المضاف بالمطهر ـ وكان المطهر هو الأغلب والأكثر ـ جاز استعماله في رفع الأحداث وازالة النجاسات ، وجاز استعماله فيما عدا ذلك.

فان لم يغلب أحدهما على الأخر ، ولا زاد عليه ، وكانا متساويين ، فالأقوى عندي انه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ، ولا إزالة النجاسة ، ويجوز في غير ذلك

وقد كان الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) قال لي يوما في الدرس : هذا الماء يجوز استعماله في الطهارة وازالة النجاسة ، فقلت له : ولم أجزت ذلك مع تساويهما فقال : إنما أجزت ذلك لان الأصل الإباحة.

فقلت : له الأصل وان كان هو الإباحة ، فأنت تعلم ان المكلف مأخوذ بان لا يرفع الحدث ولا يزيل النجاسة عن بدنه أو ثوبه الا بالماء المطلق ، فتقول أنت : بأن هذا الماء مطلق؟ فقال : افتقول أنت بأنه غير مطلق؟

فقلت له : أنت تعلم ان الواجب ان تجيبني عما سألتك عنه قبل ان تسألني بـ « لا » أو « نعم » ثم تسألني عما أردت ، ثم اننى أقول : بأنه غير مطلق.

فقال : الست تقول فيها إذا اختلطا وكان الأغلب والأكثر المطلق ، فهما مع التساوي كذلك؟

فقلت له : انما أقول بأنه مطلق إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب لأن ما

٢٤

ليس بمطلق لم يؤثر في إطلاق اسم الماء عليه ، ومع التساوي قد أثر في إطلاق هذا الاسم عليه فلا أقول فيه بأنه مطلق ، ولهذا لم تقل أنت بأنه مطلق ، وقلت فيه بذلك إذا كان المطلق هو الأكثر والأغلب ، ثم ان دليل الاحتياط تناول ما ذكرته ، فعاد الى الدرس ولم يذكر في ذلك شيئا.

« أسئار الحيوان »

وأسئار الحيوان هي فضلة ما شربوا منه واستعملوه وماسوه بأجسامهم وهي على ثلاثة أضرب :

أولها : يجوز استعماله على كل حال. وثانيها : مكروه. وثالثها : لا يجوز استعماله على حال.

فإما الأول : فهو سؤر كل ما أكل لحمه من حيوان البر والبحر لا ما كان جلالا وكل ما ليس بنجس من حيوان البر كان مما لا يؤكل لحمه

واما المكروه : فهو سؤر الجنب والحائض والبهائم والسباع الا الكلاب والخنازير ، وسؤر الطيور الا ما كان جلالا أو مما يأكل الجيف ، أو يكون على منقاره اثر الدم ، والسنور ، والفأرة ، والخيل ، والبغال والحمير.

واما الذي لا يجوز استعماله على حال : فهو سؤر كل ما لا يؤكل لحمه من غير الناس والطيور الا ما ذكرناه فيما تقدم وسؤر كل ما كان نجسا من الناس والكلاب والخنازير.

واعلم ان حكم المائعات المخالفة للماء المطلق إذا شرب منها شي‌ء مما تقدم ذكره أو استعمله أو ماسة بجسمه كالحكم السالف ذكره في الأقسام الثلاثة.

وكلما ذكرناه انه لا يجوز استعمال سؤره إذا ماس جسمه مائعا ثم جمد كالماء الذي

٢٥

يمسه ثم يصير ثلجا ، أو جليدا (١) فإنه لا يجوز استعماله على حال وان غسل. فإن ماسة وهو ثلج أو جليد لم يجز استعماله الا بعد غسله وكذلك الحكم فيما خالف الماء من المائعات.

وليس ينجس الماء مما يقع فيه من الحيوان الا ان تكون له نفس سائلة ، واما ما يقع فيه مما ليس له نفس سائلة ـ غير العقرب والوزغ ـ فإنه لا ينجسه ، فذلك كالخنافس وبنات وردان (٢) والجراد وما أشبه ذلك ويجوز استعماله على كل حال الا ان يسلبه إطلاق اسم الماء ، فان سلبه ذلك لم يجز استعماله في الطهارة وجاز استعماله في ما عدا ذلك ، والبول والروث مما يؤكل لحمه إذا وقع في الماء لم ينجسه قليلا كان أو كثيرا ويجوز استعماله على كل حال الا ان يسلبه إطلاق اسم الماء عليه ، فاذا سلبه ذلك لم يجز استعماله في الطهارات وجاز استعماله فيما عداها ، وما يكره أكل لحمه فمكروه استعمال ما وقع فيه بوله أو روثه من الماء ، والكراهة في ذلك تزيد وتنقص بحسب زيادتها ونقصها في أكل لحم ذلك.

مثال ما ذكرناه : ان كراهة أكل لحم الحمار أغلظ من كراهة أكل لحم البغال وكراهة أكل لحم البغال أغلظ من كراهة أكل لحم الفرس ، والكراهة فيما ذكرناه في أكل هذه اللحوم.

« ماء المطر »

وماء المطر إذا كان نازلا من السماء فحكمه حكم ماء الجاري ، يجوز استعماله على كل حال فان انقطع واستقر منه شي‌ء في موضع من الأرض ولاقته نجاسة اعتبر فيه بالقلة والكثرة والتغيير وكان الحكم فيه بحسب ذلك. وطين المطر محكوم إلى ثلاثة أيام بالطهارة الا ان يعلم ملاقاة شي‌ء من النجاسة له فإنه يحكم بنجاسته

__________________

(١) في بعض النسخ « جامدا » بدل « جليدا »

(٢) بنت وردان ، جمعها بنات وردان : دويبة كريهة الريح تألف الأماكن القذرة في البيوت وهي ذات ألوان مختلفة

٢٦

« ماء الحمام »

وماء الحمام حكمه حكم الماء الجاري إذا كانت له مادة ويجوز استعماله على كل حال.

فان انقطعت مادته من المجرى ولم تلاقه نجاسة فاستعماله جائز على كل حال فان لاقته نجاسة كان الاعتبار بالقلة والكثرة والتغير ويحكم فيه بحسب ذلك على ما قدمناه.

« البئر القريب من البالوعة »

والأرض التي فيها البئر إذا كانت سهلة وكانت بالقرب من البئر ، بالوعة وكانت البئر تحت البالوعة فيستحب ان يكون بينهما مقدار سبع اذرع.

وان كانت الأرض حزنة (١) وكانت البئر فوق البالوعة فيستحب ان يكون بينهما خمس اذرع.

وجميع مياه العيون الحمية مكروه استعمالها والتداوي بها ، وكذلك يكره استعمال الماء المسخن بالشمس في الطهارة فاما المسخن بالنار فليس بمكروه

« الماء النجس »

والماء النجس إذا تطهر به مكلف ثم صلى فلا يخلو من ان يكون تقدم له العلم بنجاسته ، أو لم يتقدم له العلم بذلك. فان كان العلم قد تقدم له بذلك كان عليه إعادة الطهارة والصلاة ، ان كان قد صلى بهذه الطهارة سواء كان مع تقدم العلم له بذلك وقد نسيه ثم ذكره أو لم يكن كذلك. فان لم يكن قد تقدم العلم له بذلك فلا يخلو من ان يكون الوقت باقيا أو غير باق ، فان كان باقيا كان عليه إعادة الطهارة والصلاة وان لم يكن باقيا لم يكن عليه شي‌ء وعليه مع هذه الوجوه غسل ما اصابه هذا الماء من جسده أو ثيابه.

__________________

(١) والحزن ما غلظ من الأرض ( راجع المصباح )

٢٧

« الأواني وفروعها »

والأواني إذا كانت من خشب أو فخار (١) أو رصاص أو زجاج أو نحاس أو حديد وكانت طاهرة فإنه يجوز استعمالها في الماء للطهارة وغيرها ، وما كان منها ينشف الماء مثل الخشب والفخار الذي لم يقصر وكان آنية لأحد من الكفار فإنه لا يجوز استعماله في الماء غسل أو لم يغسل.

وكذلك ما استعمل منها في الخمر والمسكر وقد ورد جواز استعمال ذلك إذا غسل سبع مرات (٢) والاحتياط يتناول ما ذكرناه.

وأواني الذهب والفضة لا يجوز استعمالها في الماء ولا في غيره للطهارة ولا غيرها ، فان تطهر المكلف منها ، أو أكل فيها ، أو شرب منها ، كانت طهارته صحيحة ولم يحرم المأكول والمشروب عليه. لان الحظر انما يتناول استعمالها وذلك لا يتعدى الى ما هو فيها.

والإناء المفضض إذا كان فيه موضع غير مفضض جاز الشرب من ذلك الموضع دون غيره من المفضض.

وكل ما استعمله من الكفار ـ على اختلافهم في الكفر ـ من الأواني والأوعية في المائعات إذا كانت مخالفة للاوانى والأوعية التي تقدم ذكر استعمالهم لها ، أو باشروه بأجسامهم فلا يجوز استعمال شي‌ء منها الى بعد غسله ثلاث مرات.

وإذا شرب الكلب أو الخنزير في شي‌ء من الأوعية أو الأواني ، فلا يجوز استعمال ذلك حتى يهرق ما فيه من الماء ، ويغسل ثلاث مرات ، الاولى بالتراب.

__________________

(١) الفخار بالتشديد : الطين المشوي

(٢) الوسائل ج ١٧ الباب ٣٠ من الأشربة المحرمة الحديث ٢ الا انه ورد في النبيذ قال في الحدائق : والذي وقفت عليه من اخبارها منها موثقة عمار ( المشار إليها ) والى هذه الرواية استند أصحاب القول الأول ( أي القول بسبع مرات في إناء الخمر ) راجع الحدائق ج ٥ ص ٤٩٤.

٢٨

وليس يعتبر التراب في غسل شي‌ء مما ذكرناه إلا في ولوغ الكلب والخنزير ـ لأنه يسمى كلبا.

وإذا ولغ في الإناء من الكلاب أكثر من واحد فلا يجب تكرار الغسل له بعدد ما ولغ فيه منها ، بل يكفى غسله دفعة واحدة ثلاث مرات كما ذكرناه (١). وكذلك الحكم فيه إذا تكرر ولوغ الكلب الواحد.

وإذا غسل الإناء من ولوغ الكلب المرة الاولى والثانية ووقع فيه نجاسة لم يجب استئناف الغسل له من اوله بل يبنى على ما تقدم ويتمم العدد لأن النجاسة بعد حاصلة والمراعى في الحكم بطهارته بالمرة الثالثة.

وإذا وقع الإناء الذي ولغ فيه الكلب في ماء يكون أقل من كر قبل غسله كان الماء الذي وقع فيه ، نجسا ولم يجز استعماله. وإذا أصاب شي‌ء من الماء الذي يغسل به هذا الإناء جسد الإنسان أو ثوبه فالأحوط غسله.

وإذا وقع الإناء الذي ولغ فيه الكلب في ماء جار وجرى عليه لم يحكم بطهارته لأنه لم يغسل الغسل المحكوم بطهارته معه.

« العلم الإجمالي في الأواني »

ومن كان معه إناء آن في أحدهما ماء طاهر وفي الأخر ماء النجس ولم يعلم الطاهر منهما لم يجز استعمال واحد منهما على حال الا للشرب في حال الضرورة.

وإذا كان معه إناءان ، في أحدهما ماء طاهر وفي الأخر ماء مستعمل في الطهارة الصغرى ، جاز استعمال اى منهما شاء ، وإذا كان في أحدهما ماء استعمل في الطهارة الصغرى وفي الأخر ماء استعمل في الطهارة الكبرى استعمل في الطهارة أيهما أراد ، وان كان في الواحد منهما ماء مستعمل في الطهارة الكبرى ولم يعلم

__________________

(١) في بعض النسخ زيادة « فكذلك الحكم فيه إذا تكرر الغسل له بعدد ما ولغ فيه منها بل يكفى غسله دفعة واحدة ثلاث مرات كما ذكرناه »

٢٩

المستعمل منهما في الطهارة الكبرى من الأخر فالأحوط أن يستعمل كل واحد منهما

وإذا كان معه إناءان ، يعلم ان ماء أحدهما طاهر وماء الأخر نجس ثم نسي ذلك ولم يتميز له كل واحد منهما من الأخر ، وأخبره عدل بان النجس واحد عينه لم يلزمه القبول منه ولم يجز له استعمال واحد منهما لأن النجاسة في أحدهما متيقنة.

وإذا وجد ماء فأعلمه غيره بأنه نجس لم يلزمه القبول منه وجاز له استعماله لان الماء على أصل الطهارة ما لم يعلم ملاقاة شي‌ء من النجاسات له.

ومن كان معه إناءان ، يعلم طهارتهما فشهد شاهدان بان واحدا منهما معينا نجس أو كان يعلم نجاستهما فشهد شاهدان بان واحدا منهما معينا طاهر لم يجب عليه القبول منهما ، بل يعمل على الأصل الذي كان متيقنا بحصول الماء عليه.

وإذا كان معه إناء فيه ماء تيقن نجاسته وشك في طهارته ، أو كان تيقن طهارته فشك في نجاسته ، لم يلتفت الى شكه في شي‌ء منهما وكان عمله على ما كان متيقنا له من ذلك.

وإذا كان معه ثلاثة أواني ، اثنان منها يشتبهان عليه في نجاسة أو طهارة والأخر متيقن طهارته ، كان عليه ان يستعمل الذي يتيقن طهارته دون المشتبه عليه وإذا كان معه إناء كانت فيه نجاسة وشك في تطهيره لم يجز استعماله حتى يطهره.

وإذا حضر عند ماء متغير اللون أو الطعم أو الرائحة وشك في ان هذا التغير من نجاسة أو من أصل الماء ، جاز استعماله ولم يلزمه في شكه شي‌ء لان الماء على أصل الطهارة حتى يعلم حصول نجاسة فيه.

أحكام الجلود

ولا يجوز استعمال شي‌ء من جلود الميتة ولا الانتفاع به ، دبغ أم لا ولا فرق في ذلك بين ان يكون مما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل لحمه.

ولا يجوز التصرف في شي‌ء من ذلك على حال وكل ما ذكي وكان مما

٣٠

لا يؤكل لحمه وليس هو من الكلاب والخنازير فإنه يجوز الانتفاع بجلده بعد الدباغ

فاما جلود الكلاب والخنازير فإنه لا يجوز ذلك فيها وان ذكيت ودبغت وكذلك لا يجوز الانتفاع بشي‌ء من شعر ذلك إذا جز في حياته أو بعد موته.

وشعر وصوف الميتة التي ليست كلبا ولا خنزيرا طاهر يجوز استعماله وكذا شعر الإنسان في حياته وبعد موته. وقد ذكر ان ذلك نجس ، والاحتياط يتناول ذلك والدباغ يجب ان يكون بطاهر مثل قشور الرمان والعفص (١) والقرظ (٢) وما أشبه ذلك ، ولا يجوز مما يكون نجسا كالحارش (٣) فإنه يعمل بخرء الكلاب.

باب الصعيد وما يجوز التيمم به وما لا يجوز

قال الله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (٤). الاية.

فالصعيد هي : ما يتصاعد على وجه الأرض من تراب أو غبار وهو على ثلاثة أضرب :

أولها يجوز التيمم به على كل حال والثاني مكروه والثالث ما لا يجوز التيمم به على حال.

فاما الذي يجوز التيمم به على كل حال فهو كل طاهر من هذا الصعيد والأرض الحصية (٥) والحجر ، والصخر ، والوحل إذا وضع الإنسان يديه عليه ومسح

__________________

(١) العفص : ثمر معروف كالبندقة يدبغ به ويتخذ منه الحبر.

(٢) القرظ بفتحتين : حب معروف يخرج في غلف كالعدس من شجر العضاه وبعضهم يقول : انه ورق السلم ( راجع المصباح )

(٣) كذا في بعض النسخ وفي بعضها « كالحاوش » والظاهر انهما تصحيف والصحيح « الدارش » وهو الجلد الأسود وفي الخبر « عن ابى الحسن الرضا (ع) انه سئله عن جلود الدارش التي يتخذ منها الخفاف ، قال : فقال : لا تصل فيها ، فإنها تدبغ بخرء الكلاب ( راجع الوسائل ج ٢ الباب ٧١ من أبواب النجاسات الحديث ١

(٤) المائدة : ٦

(٥) اى كثير الحصاة

٣١

إحداهما بالأخرى حتى ينشف وذلك لا يكون الا مع عدم التمكن من التراب أو ما يقوم مقامه.

وكل ما كان من التراب في عوالي الأرض كان استعماله أفضل من استعمال ما كان منه في مهابطها.

ومن لم يتمكن من شي‌ء مما ذكرناه فلينفض ثوبه ، أو عرف دابته (١) ، أو لبد سرجه ، أو ما جرى مجرى ذلك مما يكون فيه غبار وتيمم به.

واما المكروه فهو تراب الأرض السبخة والرملة.

واما الذي لا يجوز التيمم به فهو كل ما يختص بمعدن من كحل أو زرنيخ أو زاج (٢) أو ما يجرى مجرى ذلك ، وكل ما لا يطلق عليه اسم الأرض من دقيق أو أشنان (٣) أو سدر وما جرى مجرى ذلك في نعومته أو انسحاقه (٤) وكل ما كان نجسا مما قدمنا ذكر جواز التيمم به.

باب أقسام الطهارة

الطهارة على ثلاثة أقسام : وضوء وغسل وتيمم

والوضوء : على قسمين :

واجب ومندوب : فاما الواجب فهو ما يقصد به رفع الحدث لاستباحة الصلاة به ، واما المندوب فهو ما يقصد به مس المصحف أو كتابته أو ما جرى مجرى ذلك

الغسل

واما الغسل : فهو على ضربين : واجب ومندوب.

__________________

(١) عرف الدابة : الشعر النابت في محدب رقبتها.

(٢) الزاج : ملح يصبغ به.

(٣) الأشنان : بضم الهمزة : لغة معرب ويقال له بالعربية : الحرض ويقال له بالفارسية « چوبك »

(٤) النعومة : لينة المس ، وانسحق الشي‌ء : اندق.

٣٢

فاما الواجب فهو الغسل من خروج المنى على كل حال ، والجماع في الفرج ـ انزل المجامع أو لم ينزل ـ والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومس الميت من الناس بعد برده بالموت وقبل غسله ، وغسل الموتى من الناس.

واما المندوب فهو على أربعة أضرب : أو لها يتعلق بازمنة مخصوصة ، وثانيها يتعلق بأمكنة شريفة ، وثالثها يتعلق بعبادة معينة ، ورابعها قسم مفرد عن ذلك.

فاما الأزمنة المخصوصة في يوم الجمعة ، ويوم العرفة ، ويوم العيد فطرأ كان أو أضحى أو غديرا ، وليلة النصف من شعبان ، وأول ليلة من شهر رمضان ، وليلة النصف منه ، وليلة سبع عشرة منه ، وليلة احدى وعشرين منه ، وليلة ثلاث وعشرين منه.

واما الأمكنة الشريفة فهي : الحرم ، والمسجد الحرام ، والكعبة ، ومدينة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله)

واما العبادات المعينة فهي : الإحرام للحج والعمرة ، والزيارات لنبي كانت أو إمام عليه‌السلام ، أو البيت الحرام ، والمباهلة ، والتوبة ، وصلاة الاستسقاء ، وصلاة الاستخارة وصلاة الحاجة ، وصلاة الشكر ، والإسلام من الكفر ، وقضاء صلاة الكسوف إذا تعمد قاضيها تركها مع احتراق جميع القرص.

واما الضرب المفرد فهو غسل المولود ، وغسل القاصد الى نظر المصلوب بعد ثلاثة أيام.

« التيمم »

واما التيمم فهو على ضربين : أحدهما بدل عن الوضوء ، والأخر بدل عن الغسل. فأما الذي هو بدل من الوضوء فهو ضربة واحدة على ما تيمم به المتيمم لوجهه أو (١) يديه.

واما الذي هو بدل من الغسل فهو ضربتان إحداهما للوجه والأخرى لليدين.

__________________

(١) كذا في جميع النسخ وهو تصحيف والصحيح هو « و » بدل « أو »

٣٣

« باب الجنابة »

الجنابة تكون بأمرين أحدهما : إنزال المنى على كل حال. والأخر : الجماع في الفرج وان لم ينزل المجامع.

التقاء الختانين : غيبوبة الحشفة في الفرج. فاذا صار المكلف جنبا بأحد هذين الأمرين ، كان عليه الغسل ـ وسنذكر كيفيته في باب كيفيات الطهارة ـ ولا يدخل المسجد الحرام ، ولا مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جملة ، فاما غير ذلك من المساجد. فيجوز له دخولها عابر سبيل من غير جلوس فيها واستقرار بها ، فان كان له فيها شي‌ء جاز له أخذه منها ، ولا يضع فيها شيئا ولا يقرء شيئا من العزائم الأربع جملة ـ وهي سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقراء باسم ربك (١) فاما غير ذلك من القرآن فلا يجوز ان يقرأ منه أكثر من سبع آيات والأفضل ترك ذلك ، ولا يمس كتابة المصحف ، ويجوز ان يمس أطراف الورق والأفضل ان لا يمسه ولا يمس شيئا عليه اسم الله تعالى أو أحد الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام مكتوبا ، ولا يطوف بالبيت ، ولا يسجد إذا سمع من يقرء السجدة ، ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام حتى يغتسل ويتمضمض ويستنشق ، ولا يختضب حتى يغتسل.

« باب الحيض »

الحيض : هو دم اسود يخرج من المرية بحرارة على وجه يتعلق بظهوره وانقطاعه ـ على الخلاف في ذلك ـ انقضاء عدة المطلقات ، وأقل الحيض ثلاثة أيام ، وأكثره عشرة أيام ، وأقل الطهر عشرة أيام وليس لأكثره حد.

فإن رأت الحائض الدم ثلاثة أيام متوالية أو مفترقة (٢) في جملة العشرة فهي حائض ، وفي أصحابنا من اعتبر كونها متوالية ، فإن رأت الدم يوما واحدا أو يومين

__________________

(١) السجدة : سورة ٣٢ ـ حم : سورة ٤١ ـ النجم : سوره ٥٣ ـ العلق : سورة ٩٦

(٢) في بعض النسخ « منفردة » بدل « مفترقة »

٣٤

وانقطع عنها الى آخر اليوم العاشر فليس ذلك حيضا ، وإذا رأته بعد العشرة أيام كان استحاضة.

فإن رأته اليوم الرابع بعد انقضاء هذه العشرة كان حيضا الا ان ترى يوما واحدا أو يومين وينقطع فلا تراه حتى تنقضي العشرة فلا يحكم بأنه حيض وانما قلنا بأنه حيض لأن أقل أيام الطهر وهو عشرة قد انقضت فيكون هذا الدم من الحيضة المستأنفة ، فإن رأت الدم بعد ان يكمل أكثر أيام الحيض ويستمر ذلك بها ولا ترى بين الدمين طهرا فإنه ليس بحيض فيجب الحكم بأنه استحاضة ـ وسنذكر حكم الاستحاضة في بابها بعون الله سبحانه.

والحمرة والصفرة في أيام الحيض حيض ، وفي أيام الطهر غير حيض.

وإذا اختلفت عادة المرية اعتبرت صفات الدم بعد ان يعتبر بين الدمين أقل الطهر وهو عشرة أيام ، فان لم يتميز لها صفات الدم تركت الصوم والصلاة في الشهر الأول أقل أيام الحيض ، وفي الشهر الثاني أكثر أيامه.

وتستقر عادة المرية بأن ترى الدم شهرين متواليين في وقت متفق ، فتعمل حينئذ في عادتها على ذلك.

وإذا التبس على المرية دم الحيض بدم العذرة ، استبرأت نفسها بقطنة ، فإن خرجت مطوقة فهو دم عذرة ، وان خرجت منغمسة فهو حيض.

فان التبس بدم القرح استدخلت المرأة إصبعها ، فإن كان الدم يخرج من الجانب الأيسر فهو دم حيض وان كان يخرج من الأيمن فهو دم قرح.

وإذا انقطع الدم عن المرية وأرادت ان تعلم هل هي بعد ، حائض أو قد طهرت فتستدخل قطنة ، فان خرجت وعليها دم فهي حائض لم تطهر ، وان لم تخرج عليها شي‌ء فقد طهرت.

وإذا كانت المرأة حائضا فكل ما ذكرناه مما يتعلق بالجنب من الأحكام يتعلق بها ويلحق بذلك ان لا تصوم ولا تصلى وهي كذلك ، وإذا وطأها زوجها كفر عن ذلك

٣٥

وسنذكر ما يلزمه من الكفارة في باب الكفارات.

فاذا حضر وقت الصلاة توضأت وجلست في مصلاها تذكر الله تعالى وتسبحه وتمجده الى ان ينقضي وقت الصلاة.

وإذا اغتسلت قضت الصوم دون الصلاة وإذا رأت الدم وقد دخل وقت الصلاة ومضى من هذا الوقت مقدار ما يمكنها أداء تلك الصلاة ولم تكن صلت كان عليها قضائها. وان رأت الدم قبل ذلك تجب (١) عليها القضاء.

فاذا طهرت وتوانت عن الغسل وكان قد دخل عليها الوقت ولم تغتسل حتى خرج الوقت كان عليها القضاء.

وإذا طهرت عند زوال الشمس ولم تغتسل حتى دخل وقت العصر وجب عليها قضاء الصلاتين.

وإذا طهرت قبل مغيب الشمس بمقدار ما يؤدى فيه خمس ركعات استحب لها قضائهما ، وان كان مقدار ما يؤدى فيه اربع ركعات ، كانت عليها قضاء صلاة العصر وإذا طهرت بعد مغيب الشمس الى نصف الليل وجب عليها قضاء العشائين وإذا طهرت قبل طلوع الفجر بمقدار ما تؤدى خمس ركعات استحب لها قضائهما ، وان لم يكن في الوقت أكثر من ان تصلى فيه اربع ركعات ، كان عليها قضاء العشاء الأخير فقط وكان عليها قضاء الفجر إذا طهرت قبل طلوع الشمس بمقدار ما يؤدى فيه ركعة ، فإن كان أقل من ذلك لم يلزمها شي‌ء.

فاذا حاضت في يوم تصبح فيه صائمة أفطرت وكان عليها قضاء ذلك اليوم ولو كان قد حاضت قبل مغيب الشمس بلحظة ، وإذا رأت الدم بعد العصر أمسكت بقية يومها عن الإفطار وكان عليها القضاء ، وإذا أصبحت حائضا وطهرت أمسكت باقي النهار وكان عليها القضاء.

وإذا رأت الطهر وجب عليها الغسل ـ وسنذكر كيفيته في موضع مفرد من

__________________

(١) كذا في النسخ التي بأيدينا والظاهر سقوط « لم » الجازمة من الفعل « تجب »

٣٦

باب كيفية الطهارة ان شاء الله تعالى.

« باب الاستحاضة »

والاستحاضة هي استمرار ظهور الدم بالمرئة بعد أكثر أيام الحيض ، والمرأة في ذلك على ضربين : أحدهما ان تكون مبتدئة ، والأخر ان تكون غير مبتدئة.

فاما المبتدئة فينبغي لها ان تعمل على التمييز بصفات الدم ، فإذا رأت الدم الأسود الخارج بحرارة كان عليها ان تعمل ما تعمله الحائض وقد تقدم ذكر جميع ذلك. وإذا رأت الدم الأصفر البارد الرقيق فعلت ما تفعله المستحاضة. فان لم يكن لها تمييز عملت على عادة نسائها ان كان لها نساء ، فان لم يكن لها نساء عملت على عادة أمثالها في السن.

وعليها ان لا تصوم ولا تصلى في الشهر الأول أقل أيام الحيض ، وفي الشهر الثاني أكثر أيامه إذا لم يكن لها تمييز ولا نساء ولا أمثال في السن ثم تصلى وتصوم بعد ذلك.

واما التي ليست مبتدئة فعليها إذا فقدت التمييز واختلفت عليها عادتها ان تترك الصوم والصلاة في كل شهر سبعة أيام ثم تصلى وتصوم بعد ذلك ، ولا يزال هذا فعلها حتى تستقر عادتها وتعلم استقرار عادتها بان يتوالى عليها شهران يظهر بها الدم في أيام متساوية فيهما لا زيادة فيها ولا نقصان.

وعليها مبتدئة كانت أو غير مبتدئة أن تحتشي (١) بقطنة :

وان ظهر عليها دم ولم يرشح كان عليها الوضوء عند كل صلاة.

وان رشح عليها ولم يسل كان عليها غسل واحد عند الفجر وتتوضأ بعد ذلك لكل صلاة من يومها وليلتها وتجدد تغيير الحشو مع ذلك.

وان رشح وسال اغتسلت ثلاثة أغسال : أو لها لصلاة الظهر والعصر تؤخر

__________________

(١) احتشت المرأة ، استدخلت في فرجها القطنة.

٣٧

الظهر قليلا عن أول وقتها وتجمع بينه وبين العصر ، والثاني تجمع بينه (١) وبين صلاة المغرب والعشاء الآخرة كذلك ، وثالثها لصلاة الليل والفجر تؤخر صلاة الليل قليلا ان كانت ممن تصليها ثم تجمع بينهما به ، وان كانت ممن لا تصلى صلاة الليل صلت به صلاة الفجر وحدها.

وتصوم وتصلى في سائر أيامها إلا الأيام التي تكون حائضا فيها.

وإذا وجبت عليها حد لم يقم عليها حتى ينقطع الدم عنها.

والأفضل لها قبل الوطي ان تغسل فرجها.

وجميع ما يحرم على الحائض فهو حلال لها إلا في الأيام التي تكون فيها حائضا.

واعلم ان المبتدئة إذا رأت دم الحيض ـ وهو الأسود الخارج بحرارة ـ ثلاثة أيام ، ودم الاستحاضة (٢) ـ وهو الأصفر الرقيق البارد ـ ثلاثة أيام ، ثم رأت صفرة أربعة أيام ثم انقطع الجميع كان ذلك كله حيضا.

وان رأت دم الاستحاضة ثلاثة أيام ودم الحيض ثلاثة أيام ثم رأت دم الاستحاضة وجاز عليها العشرة أيام فحكمها في ما رأته من دم الحيض حكم الحائض ، وفي ما رأته من دم الاستحاضة حكم المستحاضة.

فإذا كان الدم متصلا وتوضأت ثم انقطع عنها قبل دخولها في الصلاة كان عليها استئناف الوضوء وان صلت بالوضوء الأول لم تصح صلاتها سواء عاد إليها الدم قبل فراغها من الصلاة أو بعد فراغها منها.

وإذا توضأت بعد دخول وقت الصلاة وصلت عقيب الوضوء كانت صلاتها صحيحة ، فإن توضأت قبل دخول الوقت لم يكن وضوءها صحيحا فان صلت به لم تصح الصلاة أيضا.

__________________

(١) كذا في النسخ ولعل المراد بالجمع بينه وبين الصلاة عدم الفصل بينه وبينها.

(٢) ليس المراد الدم المحكوم بأنه استحاضة بل الدم الذي كان بصفة الاستحاضة

٣٨

وإذا توضأت لصلاة مخصوصة مفروضة جاز لها ان تصلى به من النوافل ما أرادت.

« باب النفاس »

اعلم ان النفساء هي التي ترى الدم عند الولادة ، فإن رأت قبل الولادة لم يكن ذلك نفاسا وان لم تر دما عند الولادة لم يتعلق بها شي‌ء من أحكام النفاس.

ولا فرق في الولادة بين ان يكون ولادة بسقط أو غير سقط ، وبولد تام أو غير تام.

فإن رأت الدم دفعة واحدة وانقطع عنها ثم عاد قبل تمام عشرة أيام أو الى اليوم العاشر كان جميع ذلك نفاسا ، فإذا رأته بعد تمام العشرة أيام لم يكن نفاسا ، فان مضى عليها بعد العشرة الأولى ، عشرة أيام أخرى ثم رأته فيها ثلاثة أيام متوالية أو متفرقة كان ذلك حيضاً.

فان كانت حاملا باثنين ورأت الدم مع ولادة الأول منهما ومع ولادة الثاني حكمت بالنفاس من الأول وعملت في أكثره على ولادة الثاني.

وأكثر النفاس كأكثر أيام الحيض عشرة أيام ، وليس لقليله حد.

وجميع أحكام النفساء هي أحكام الحائض إلا فيما ذكرناه : انه ليس لأقل النفاس حد.

« باب مقدمات الطهارة »

مقدمات الطهارة هي استنجاء مخرج النجو (١) بالماء أو الأحجار ، وغسل مخرج البول بالماء وحده.

وترك استقبال القبلة واستدبارها في حال البول والغائط ، وتقديم الرجل اليسرى عند دخول الخلاء ، واليمنى عند الخروج منه ، والدعاء عند ذلك ، وتغطية

__________________

(١) النجو : ما يخرج من البطن اى الغائط.

٣٩

الرأس عند دخول الخلاء ، والدعاء عند الاستنجاء وعند الفراغ منه ، ولا يستقبل الشمس ولا القمر في حال البول ولا الغائط ، ولا الريح بالبول ، ولا يحدث في الماء الجاري ، ولا الراكد ، ولا في الطريق ، ولا أفنية الدور ، ولا في المشارع ، ولا تحت الأشجار المثمرة ، ولا في مواضع اللعن ، ولا في (١) النزال ، ولا يبول في جحرة الحيوان ، ولا على الأرض الصلبة ، ولا يطمح ببوله في الهواء ، ولا يتكلم في حال البول والغائط ولا يستاك في هذه الحال ، ولا يأكل ولا يشرب وهو كذلك.

« باب الاستنجاء وأحكامه »

الاستنجاء هو تنظيف مخرج النجو بما قدمنا ذكره من الماء أو الأحجار ، والجمع بينهما أفضل من الاقتصار على أحدهما ، والاقتصار على الماء أفضل من الاقتصار على الأحجار.

ويجب على المكلف ان ينظف الموضع على وجه يتيقن معه النظافة.

فاما مخرج البول فليس يجزى فيه الا الماء مع التمكن منه ، وكذلك إذا تعدت النجاسة مخرج النجو فليس يجزى فيه الا الماء.

والأحجار ينبغي ان يكون ثلاثة وغير مستعملة في الاستنجاء وان لم يقدر على ثلاثة أحجار وقدر على حجر له ثلاثة رؤس قام كل رأس منه مقام حجر فاذا استعمل حجرا واحدا ونقى الموضع به فينبغي ان يستعمل آخرين سنة. ولا يجوز ان يستنجى بعظم ولا روث ، ويجوز استعمال الخرق (٢) والقطن في ذلك عوضا من الأحجار إذا لم يتمكن منها.

وإذا أراد دخول الخلاء فينبغي ان يدعو فيقول : « بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم »

__________________

(١) في بعض النسخ زيادة « في‌ء »

(٢) في بعض النسخ « الخزف » بدل « الخرق »

٤٠