مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

ومنه الْحَدِيثُ « لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِيضَ وَلَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ » سُئِلَ مَا الْأَمْرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؟ قَالَ : مَثَلُ ذَلِكَ رَجُلٌ رَأَيْتَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَنَهَيْتَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَتَرَكْتَهُ فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ فَلَيْسَ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ.

و « الجَبْرِيَّةُ » بإسكان الباء خلاف القدرية ، وفي عرف أهل الكلام يسمون المُجْبِرَة والمُرْجِئَة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر. والمفهوم من كلامالأئمة عليهم السلام أن المراد من الجَبْرِيَّة الأشاعرة ومن القَدَرِيَّة المعتزلة ، لأنهم شهروا أنفسهم بإنكار ركن عظيم من الدين وهو كون الحوادث بقدرة الله تعالى وقضائه ، وزعموا أن العبد قبل أن يقع منه الفعل مستطيع تام ، يعني لا يتوقف فعله على تجدد فعل من أفعاله تعالى ، وهذا معنى التَّفْوِيض ، يعني أن الله تعالى فوض إليهم أفعالهم وقال علي بن إبراهيم : المُجْبِرَة الذين قالوا ليس لنا صنع ونحن مجبرون يحدث الله لنا الفعل عند الفعل ، وإنما الأفعال منسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة ، وتأولوا في ذلك بآيات من كتاب الله لم يعرفوا معناها ، مثل قوله ( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) وقوله : ( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ). وغير ذلك من الآيات التي تأولوها على خلاف معانيها ، وفيما قالوه إبطال الثواب والعقاب ، وإذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب والعقاب نسبوا إلى الله الجور وأنه يعذب على غير اكتساب وفعل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل وبغير حجة واضحة عليه ، والقرآن كله رد عليهم ، قال الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) فقوله ( لَها ) و ( عَلَيْها ) هو الحقيقة لفعلها ، وقوله : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وقوله : ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) وقوله : ( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ) وقوله : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا

٢٤١

الْعَمى عَلَى الْهُدى ) وقوله : ( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) وقوله ( وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ) وقوله : ( وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ ) ولم يقل بفعلنا ( فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ. لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ومثل ذلك كثير ـ انتهى. والجَبْرُ : إصلاح العظم من الكسر ، يقال جَبَرْتُ العظمَ والكسرَ جَبْراً. وجَبَرَ العظمُ والكسرُ جُبُوراً : أي انجبر يتعدى ولا يتعدى ، ومنه « جَبَرَ اللهُ وَهْنَكُمْ ». وقولهم جَبَرْتُ اليتيمَ : إذا أعطيته. والمُجَبِّرُ : الذي يجبر العظام المكسورة ومنه « الجَبِيرَة » على فعيلة واحدة الجَبَائِر ، وهي عيدان يجبر بها العظام.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « الْبِئْرُ جُبَارٌ وَجُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ ».

أراد بِالْجُبَارِ بالضم والتخفيف الهَدَر ، يعني لا غرم فيه ، والعَجْمَاء البهيمة سميت بذلك لأنها لا تتكلم ، والمعنى أن البهيمة العجماء تنفلت فتتلف شيئا فذلك الشيء هدر ، وكذلك المعدن إذا انهار على أحد فهو هدر. وجَابِرُ بن عبد الله صحابي شهد بدرا (١) وجَابِرٌ الجعفي من علماء الشيعة (٢) ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَعَنِ

__________________

(١) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريّ السّلميّ ، كان من المكثرين الحفاظ للسنن ، وكفّ بصره في آخر عمره ، توفّي سنة أربع وسبعين وقيل سنة ثمان وسبعين وقيل سنة سبع وسبعين بالمدينة الإصابة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٠.

(٢) جابر بن يزيد أبو عبد الله وقيل أبو محمّد الجعفيّ لقي أبا جعفر وأبا عبد الله عليه السلام ومات في أيّامه سنة ١٢٨ رجال النّجاشيّ صلى الله عليه وآله ١٠٠.

٢٤٢

النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله.

وعَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِراً يَقُولُ : عِنْدِي خَمْسُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِحَدِيثٍ ، ثُمَّ حَدَّثَ يَوْماً مِنْهَا بِحَدِيثٍ فَقَالَ : هَذَا مِنَ الْخَمْسِينَ أَلْفاً.

وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ حَمَلْتَنِي وِقْراً عَظِيماً بِمَا حَدَّثْتَنِي مِنْ سِرِّكُمُ الَّذِي لَا أُحَدِّثَ بِهِ أَحَداً ، وَرُبَّمَا جَاشَ فِي صَدْرِي حَتَّى أَخَذَنِي مِنْهُ شِبْهُ الْجُنُونِ؟ قَالَ : يَا جَابِرُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاخْرُجْ إِلَى الْجَبَّانَةِ فَاحْفِرْ حَفِيرَةً وَدَلِّ رَأْسَكَ فِيهَا ثُمَّ قُلْ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِكَذَا وَكَذَا (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا الْمَجْبُورُ » قُلْتُ : وَمَا الْمَجْبُورُ؟ قَالَ : « أُمٌّ تُرَبِّي أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَةٌ تُشْتَرَى ».

قال في شرح الشرائع : المَجْبُور وجدتها مضبوطة بخط الصدوق بالجيم والباء في كتابه المقنع فإنه عندي بخطه ـ انتهى. ويتم الكلام في جبر إن شاء الله تعالى.

( جحر )

فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَبَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَيْضاً « لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ ».

الجُحْرُ بالضم فالسكون : ثقب الحية ونحوها من الحشار ، وهو هنا استعارة. قال الخطاب : والحديث يروى على وجهين أحدهما على الخبر والآخر على النهي ، ومعنى الأول أن المؤمن الممدوح هو المتيقظ الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدم مرة بعد أخرى ولا يفطن هو به ، ويقال إنه الخداع في أمر الآخرة دون الدنيا ، والثاني لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه مرتين ، ويقال هذا يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة ، والأصل في هذا الحديث ـ على ما حكي ـ هوأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله مَنَّ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجْلِبَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ مَأْمَنَهُ عَادَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَأُسِرَ تَارَةً أُخْرَى فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ ، فَكَلَّمَهُ

__________________

(١) رجال الكشّيّ صلى الله عليه وآله ١٧١.

٢٤٣

بَعْضُ النَّاسِ فِي الْمَنِّ فَقَالَ « لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ ».

( جدر )

قوله تعالى : ( جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ ) [ ١٨ / ١٧ ]. الجِدَار بالكسر الحائط ، والجَدْر بالفتح فالسكون مثله ، وجمع الجِدَار جُدُر وجمع الجدر جُدْرَان كبطن وبطنان. و « الجُدَرِيُ » بضم الجيم وفتح الدال والجَدَريُ بفتحهما لغتان : قروح تنفط عن الجلد ممتلئة ماء ثم تنفتح ، وصاحبها جَدِيرٌ مُجَدَّر ، ويقال أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم.

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ « وَفُلَانٌ جَدِيرٌ بِكَذَا ».

أي خليق به وحقيق.

( جرر )

في الحديث ذكر الجِرِّيِ بالجيم والراء المشددة المكسورتين والياء المشددة أخيرا ضرب من السمك عديم الفلس ، ويقال له الجريث بالثاء المثلثة. وفِيهِ « كُلُّ شَيْءٍ يَجْتَرُّ فَسُؤْرُهُ حَلَالٌ وَلُعَابُهُ حَلَالٌ ».

قوله يَجْتَرُّ هو من الاجْتِرَاء وهو أن يجر البعير من الكرش ما أكل إلى الفم فيمضغه مرة ثانية ، والمراد بالحلال الطاهر في الظاهر. وفِيهِ « لَا صَدَقَةَ فِي الْإِبِلِ الْجَارَّةِ ».

أي التي تجر بأزمتها ، فاعلة بمعنى مفعولة ك ( عِيشَةٍ راضِيَةٍ ). والجَرِيرَة : هي الجناية والذنب ، سميت بذلك لأنها تجر العقوبة إلى الجاني. ومنه الدُّعَاءُ « يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ ».

ومنه « ضمان الجَرِيرَة » وهو أن يضمن سائبة كالمعتق في الواجب أو حر الأصل بحيث لا يعلم له قريب ، وعقده كأن يقول المضمون « عاقدتك على أن تنصرني وتدفع عني وتعقل عني وأعقل عنك » فيقول « قبلت » ولتحقيق المسألة بتمامها محل آخر. والمَجَرَّةُ : هي البياض المعترض في السماء والسواد من جانبيها. قال الجوهري : سميت بذلك لأنه كأثر المجر. و « الجَرُّ » بالفتح والتشديد : الجذب ، ومنه « يَجُرُّ الأَبُ الوِلَاءَ إِذَا أُعْتِقَ ».

٢٤٤

وجَرَرْتُ الحبلَ جَرّاً : سحبته. وهلم جَرّاً : معناها استدامة الأمر وانسحابه ، يقال كان ذلك عام كذا وهلم جَرّاً إلى اليوم ، وأصله من الجَرِّ السَّحْب ، وانتصب جرا على المصدر أو الحال. قال في النهاية والجَرَّةُ بالفتح والتشديد إناء معروف من خزف ، والجمع جِرَار مثل كلبة وكلاب وجَرَّات وجَرّ مثل تمرة وتمرات وتمر. و « جَرِيرٌ » شاعر مشهور معروف (١). و « مسجد جَرِير » أحد المساجد الملعونة في الكوفة. والجَرْجَرَةُ : صوت يردده البعير في حنجرته. وقوله فِي الْخَبَرِ « يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ ».

أي يلقي في بطنه ، يقال جَرْجَرَ فلان من الماء في حلقه : إذا تجرعه جرعا متتابعا له صوت. والجَرِيرَة : حكاية ذلك الصوت. وهذا مثل قوله تعالى : ( إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ) فنارا منصوبة على المفعولية بقوله يجرجر فاعله الشارب. وقال بعضهم يُجَرْجِرُ فعل لازم ونار رفع على الفاعلية. وعن الزمخشري يروى برفع النار والأكثر النصب ، وهذا الكلام على المجاز لأن نار جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه. والجِرْجِرُ والجِرْجِيرُ بقلة معروفة ، ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ « الْهِنْدَبَاءُ لَنَا وَالْجِرْجِيرُ لِبَنِي أُمَيَّةَ » (٢).

( جزر )

في الحديث ذكر الجَزُور بالفتح ، وهي من الإبل خاصة ما كمل خمس سنين ودخل في السادسة ، يقع على الذكر والأنثى والجمع جُزُر كرسول ورسل ، يقال جَزَرْتُ الجزورَ من باب قتل أي

__________________

(١) هو جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي ، كان أشعر أهل زمانه ، ولد باليمامة سنة ٢٨ ومات فيها سنة ١١٠ ، وكان من أغزل الناس شعرا الأعلام ج ٢ صلى الله عليه وآله ١١١.

(٢) الكافي ج ٦ صلى الله عليه وآله ٣٦٨.

٢٤٥

نحرتها ، والفاعل جَزَّارٌ بالتشديد ، والحرفة الجِزَارَة بالكسر. والمَجْزَر كجعفر : موضع الجزر ، وربما دخلته الهاء فيقال مَجْزَرَة. والجُزَارُ بضم الجيم : ما يُعْطَى الجَزَّار من الجزور. وجَزَرْتُ الناقةَ : نحرتها وجلدتها. ولحم مَجْزُور : قد أخذ منه الجلد الذي كان عليه. وجَزَرَ الماءُ جَزْراً من باب ضرب وقتل : انحسر ، وهو رجوعه إلى خلف ، ومنه الجَزِيرَة سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأرض. والجَزِيرَة : موضع بعينه ، وهو ما بين دجلة والفرات (١). و « جَزِيرَةُ العرب » اختلف في تحديدها : فعن الخليل بن أحمد أنه قال ولعلها سميت جزيرة لانقطاعها عن معظم البر وقد اكتنفتها البحار والأنهار من أكثر الجهات ، كبحر البصرة وعمان إلى بركة بني إسرائيل حيث أهلك الله عدوه فرعون وبحر الشام والنيل ودجلة والفرات والقدر الذي يتصل بالبر فقد انقطع بالقفار والرمال عن العمرانات ، وعن أبي عبيدة هي ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول والعرض ما بين رمل بئرين إلى منقطع السماوة اسم بادية في طرف الشام ، وعن الأصمعي هي ما بين عدن إلى أطراف الشام طولا وأما العرض فمن جدة وما والاها من شاطىء البحر إلى ريف العراق ، وعن البكري جَزِيرَة العرب مكة والمدينة واليمن واليمامة ، وعن بعضهم جَزِيرَة العرب خمسة أقسام تهامة ونجد وحجاز وعروض ويمن : فأما تِهَامَة فهي الناحية الجنوبي من الحجاز ، وأما نَجْد فهي الناحية التي بين الحجاز

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٣٤ : جزيرة أقور بالقاف ، وهي التي بين دجلة والفرات مجاورة الشام تشتمل على ديار مضر وديار بكر ، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات ، وهما يقبلان من بلاد الروم وينحطان متسامتين حتى يلتقيا قرب البصرة ثم يصبان في البحر.

٢٤٦

والعراق ، وأما الحِجَازُ فهو جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام وفيه المدينة وعمان ، وسمي حِجَازاً لأنه حجز بين نجد وتهامة ، وأما العَرُوض فهو اليمامة إلى البحرين ، وأما اليَمَن فهو أعلى من تهامة. وهذا قريب من قول الأصمعي. وفي المجمع جَزِيرَة العرب اسم صقع من الأرض وهو ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول وما بين رمل بئرين إلى منقطع السماوة في العرض ، لأن بحر فارس وبحر السودان أحاط بجانبيها وأحاط بالشمال دجلة والفرات. جَزَرْتُ النخلَ أَجْزِرُهُ بالكسر جَزْراً : صرمته. و « الجَزَر المأكول » بفتح الجيم وكسرها لغة الواحدة [ بالهاء والجمع ] بحذف الهاء ـ قاله في المصباح.

( جسر )

فِي الْحَدِيثِ « فَوَقَفَ عَلَى جِسْرِ الْكُوفَةِ ».

الجَسْرُ بفتح الجيم وكسرها ما يعبر عليه كالقنطرة ، والجمع جُسُور. ورجل جَسْرٌ : يعني جَسُور. والجَسُورُ : المقدام. وجَسَرَ على عدوه جُسُوراً من باب قعد وجَسَارَة أيضا ، فهو جَسُورٌ.

( جعر )

فِي حَدِيثِ زَكَاةِ النَّخْلِ « وَتُتْرَكُ أُمُ جُعْرُورٍ ».

جُعْرُور : ضرب من الدقل يحمل رطبا صغارا لا خير فيه.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّهُ نَزَلَ الْجِعْرَانَةِ ».

هي بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر وتشدد الراء : موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة ، وهي إحدى حدود الحرم وميقات للإحرام ، سميت باسم ريطة بنت سعد وكانت تلقب بِالْجِعْرَانَة وهي التي أشار إليها قوله تعالى ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها ). وعن ابن المدائني العراقيون يثقلون الجِعْرَانَة والحديبية ، والحجازيون يخففونهما.

( جعفر )

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عليه السلام أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمَضَى

٢٤٧

فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً.

والجَعْفَرُ : النهر الصغير ، وأبو قبيلة

وَجَعْفَرٌ الطَّيَّارُ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام أَسَنُّ مِنْ عَلِيٍّ عليه السلام بِعَشْرِ سِنِينَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الطَّيَّارُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ وَذُو الْهِجْرَتَيْنِ الشُّجَاعُ الْجَوَادُ ، كَانَ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَكَانَ هُوَ سَبَبَ إِسْلَامِ النَّجَاشِيِّ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وقد تكرر ذكر أبي جَعْفَرٍ عليه السلام ويراد به عند الإطلاق محمد بن علي الباقر عليه السلام وإذا قيد بالثاني فالجواد عليه السلام.

( جفر )

فِي الْحَدِيثِ « أَمْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَفْرَ وَالْجَامِعَةَ » وَفُسِّرَا فِي الْحَدِيثِ بِإِهَابِ مَاعِزٍ وَإِهَابِ كَبْشٍ فِيهِمَا جَمِيعُ الْعُلُومِ حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ وَالْجَلْدَةُ وَنِصْفُ الْجَلْدَةِ.

ونقل عن المحقق الشريف في شرح المواقف أن الجَفْرَ والجامعة كتابان لعلي عليه السلام قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث إلى انقراض العالم ، وكان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونها ويحكمون بها ـ انتهى. ويشهد له

حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : عِنْدِي الْجَفْرُ الْأَبْيَضُ. فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ : وَأَيُّ شَيْءٍ فِيهِ؟ قَالَ : فَقَالَ لِي زَبُورُ دَاوُدَ وَتَوْرَاةُ مُوسَى وَإِنْجِيلُ عِيسَى وَصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَمُصْحَفُ فَاطِمَةَ عليه السلام ، وَفِيهِ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْنَا وَلَا نَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ. قَالَ عليه السلام : وَعِنْدِي الْجَفْرُ الْأَحْمَرُ وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ فِيهِ السِّلَاحُ وَذَلِكَ أَنَّهَا تُفْتَحُ لِلدَّمِ يَفْتَحُهَا صَاحِبُ السَّيْفِ لِلْقَتْلِ. قِيلَ لَهُ : فَيَعْرِفُ بَنُو الْحَسَنِ هَذَا؟ فَقَالَ : إِي وَاللهِ كَمَا يُعْرَفُ اللَّيْلُ أَنَّهُ لَيْلٌ وَالنَّهَارُ أَنَّهُ نَهَارٌ وَلَكِنْ يَحْمِلُهُمُ الْحَسَدُ وَطَلَبُ الدُّنْيَا ، وَلَوْ طَلَبُوا الْحَقَّ بِالْحَقِّ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ. وَقَالَ أَيْضاً : لَقَدْ كُنَّا وَعَدُوُّنَا كَثِيرٌ وَقَدْ أَمْسَيْنَا وَمَا أَعْدَى لَنَا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِنَا.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قِيلَ لَهُ : وَمَا الْجَفْرُ؟ فَقَالَ : هُوَ مَسْكُ مَاعِزٍ وَمَسْكُ ضَأْنٍ

٢٤٨

مُطْبَقٌ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِيهِ سِلَاحُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَالْكُتُبُ وَمُصْحَفُ فَاطِمَةَ عليها السلام.

والجَفْرُ : البئر التي لم تُطْوَ ، وهو مذكر والجمع جِفَار كسهم وسهام. والجُفْرَة : سعة في الأرض مستديرة ، والجمع جِفَار بالكسر مثل برمة وبرام والجَفِيرُ : الكنانة أوسع منها. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفِيرِ الْفَارِغِ » (١).

والجَفِيرُ : الأسد الشديد. وجَفِيرٌ العبدي ثقة من رواة الحديث (٢).

( جلنر )

« الجُلَّنَارُ » بضم الجيم وفتح اللام المشددة : زهرة الرمان معرب ـ قاله في القاموس.

( جمر )

فِي حَدِيثِ التَّكْفِينِ « لَا يُجَمَّرُ الْكَفَنُ » (٣).

أي لا يدخن بالمجمرة. والمِجْمَرَة : ما يدخن بها الثياب ، يقال جَمَّرَ ثوبَهُ تَجْمِيراً : أي بخره. ومِنْهُ « نَهَى أَنْ تُتْبَعَ الْجِنَازَةُ بِمِجْمَرَةٍ ».

هي بكسر الأول المبخرة والمدخنة ، وعن بعضهم المِجْمَر بحذف الهاء ما يتبخر به من عود وغيره وهي لغة. وجَمْرَةُ النَّارِ : القطعة الملتهبة ، والجمع جَمْر مثل تمرة وتمر ، وجمع الجَمْرَة جَمَرَات وجِمَار بكسر الجيم والتخفيف. والجِمَار أيضا جمع جَمْرَة من الحصا ومنه « جِمَارُ المناسك للحج ». و « الجَمَرَات » مجتمع الحصى بمنى ، فكل كومة من الحصى جَمْرَةٌ ، والجمع جَمَرَات. وجَمَرَاتُ منى ثلاث بين كل جمرتين غلوة سهم : منها جَمْرَةُ العَقَبَة وهي تلي مكة ولا ترمى يوم النحر إلا هي ، ومنها جَمْرَةُ

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٣١.

(٢) قال النجاشي في رجاله صلى الله عليه وآله ١٠١ جفير بن الحكم العبدي أبو المنذر عربي ثقة روى عن جعفر بن محمد عليه السلام ، له كتاب.

(٣) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٤٧.

٢٤٩

الدنيا ووصفها لكونها أقرب منازل النازلين عند مسجد الخيف وهناك كان مناخ النبي صلى الله عليه وآله ولأنها أقرب من الحل من غيرها ، قيل وإضافتها إلى الدنيا كإضافة المسجد الجامع.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْخِلَافَةِ « أَمَا وَالْبَيْتِ الْمُفْضِي إِلَى الْبَيْتِ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَالْخِفَافِ إِلَى التَّجْمِيرِ لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ ».

قيل فيه الواو للقسم ، والمضاف محذوف أي أما ورب البيت المفضي إلى البيت المعمور لتحاذيهما. والخفاف بالخاء المعجمة والفائين في كثير من النسخ ، وعن بعض الأفاضل لم أقف لها على معنى مناسب ، وهو كما ترى لا مكان أن يراد بالخفاف الإبل الخفاف الماشية إلى التجمير ، ويتم المعنى والله أعلم. و « الجُمَّار » بالضم والتشديد : شحم النخل الذي في جوفه. وجَمَّرْتُ النخلةَ : قطعت جمارها. وفي الحديث ذكر الاسْتِجْمَار ، والمراد به الاستنجاء ، ومعناه التمسح بالجمار وهي الأحجار الصغار ، يقال اسْتَجْمَرَ الإنسانُ في الاستنجاء : قلع النجاسة بالجمرات والجمار. ومنه الْخَبَرُ « إِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ ».

أي قف على الفرد.

( جمهر )

الجُمْهُور من الناس كعصفور : جلهم وأكثرهم. وجَمَاهِير قريش : جماعاتها ، جمع جُمْهُور. وجَمْهَرْتُ الشيء : جمعته.

( جور )

قوله تعالى : ( وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ ) أي مجيركم من كنانة وناصركم ( فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ ) [ ٨ / ٤٨ ] قوله : ( وَمِنْها جائِرٌ ) [ ١٦ / ٩ ] أي من السبيل ما هو مائل عن الحق. قوله تعالى : ( وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ ) [ ٤ / ٣٦ ] الجَارُ : هو الذي يجاورك في المسكن ويميل ظل بيته إلى بيتك ، من الجَوْرِ : الميل ، تقول

٢٥٠

جَاوَرْتُهُ مُجَاوَرَةً من باب قاتل وجِوَاراً والكسر أفصح من الضم : إذا لاصقته في المسكن. والجَارُ ذي القربى : أي ذي القرابة والجَارُ الجُنُب : الغريب ، وجمع الجَار الجِيرَان بكسر الجيم كقاع وقيعان.

وَفِي الْخَبَرِ « كُلُّ أَرْبَعِينَ دَاراً جِيرَانٌ مِنْ بَيْنِ الْيَدَيْنِ وَالْخَلْفِ وَالْيَمِينِ وَالشِّمَالِ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْجِوَارِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرُ الدِّيَارَ ».

وقيل ليس حُسْنُ الجِوَارِ كف الأذى فقط بل تحمل الأذى منه أيضا. ومن جملة حسن الجِوَارِ ابتداؤه بالسلام وعيادته في المرض ، وتعزيته في المصيبة وتهنئته في الفرح ، والصفح عن زلاته ، وعدم التطلع على عوراته ، وترك مضايقته فيما يحتاج إليه من وضع جذوعه على جدارك وتسلط ميزابه إلى دارك وما أشبه ذلك. وفِيهِ « أَحْسِنُوا جِوَارَ النِّعَمِ ».

وتفسيره ـ كما جاءت به الرواية ـ الشكر لمن أنعم بها عليك وأداء حقوقها. والجَارُ الذي يجير غيره : أي يؤمنه مما يخاف.

وَفِي الْخَبَرِ « وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ ».

أي إذا جار واحد من المسلمين حرا أو عبدا أو امرأة جماعة أو واحد من الكفار وأمنهم جاز ذلك على جميع المسلمين ولا ينقض عليهم جواره. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « لَا تُجَارُ حُرْمَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا ».

والحُرْمَة المرأة.

وَفِي الدُّعَاءِ « عَزَّ جَارُكَ ».

أي المُسْتَجِيرُ بك. و « يَسْتَجِيرُوا بك » أي يطلبون الإجارة.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَيُّمَا رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ ».

أي في أمن لا يظلم ولا يؤذى. وجَارَ في حكمه يَجُورُ جَوْراً : ظلم. والجَوْرُ : هو الميل عن القصد. ومنه « جَارَ عن الطريق » أي مال عنه. ومنه « الحاكم الجَائِرُ » أي المائل

__________________

(١) الكافي ج ٢ صلى الله عليه وآله ٦٦٦.

٢٥١

عن طريق الهدى.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالْجِوَارَ ».

وفسرت بالاعتكاف كما صرح به ابن الأثير في النهاية. ومنه « فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي » أي اعتكافي. والجِوَارُ بالكسر : أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك. والجَارَةُ : الضرة ، قيل لها جارة استكراها للفظ الضرة. ومن أمثال العرب « إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَة » قيل أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ، وذلك أنه خرج فمر ببعض أحياء طي فسأل عن سيد الحي فقيل هو حارثة بن لام الطائي ، فأم رحله فلم يصبه شاهدا ، فقالت له أخته : انزل في الرحب والسعة ، فنزل فأكرمته وألطفته ، ثم خرجت من خباء فرآها أجمل أهل زمانها فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك ، فجلس بفناء الخباء وهي تسمع كلامه فجعل ينشد :

يا أخت خير البدو والحضاره

كيف ترين في فتى فزاره

أصبح يهوى حُرة معطاره

(إياك أعني واسمعي يا جاره )

فلما سمعت قوله علمت أنه إياها يعني ، فضرب مثلا (١). ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي! وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ ».

وقد تقدم الكلام فيه في عني.

وَفِي الدُّعَاءِ « يَا مَنْ ( يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ) ».

أي ينقذ من هرب إليه ولا ينقذ أحد ممن هرب منه ، وكلاهما من الإجارة وليس الثاني من الجوار. و « أَجَارَهُ الله من العذاب » أنقذه. واسْتَجَارَهُ : طلب منه أن يحفظه فأجاره. و « المُسْتَجَارُ » من البيت الحرام هو الحائط المقابل للباب دون الركن اليماني ،

__________________

(١) النظر الفاخر في الأمثال صلى الله عليه وآله ١٥٩.

٢٥٢

لأنه كان قبل تجديد البيت هو الباب ، سمي بذلك لأنه يستجار عنده بالله من النار. و « نهر جُوَيْر » أحد رساتيق المدائن (١). وجُوَيْرِيَة من الرجال مصغر جَارِيَة بالجيم. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ « أَشَكَكْتَ يَا جُوَيْرِيَةُ ».

وجُوَيْرِيَة كانت امرأة جميلة.

قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَتْ جُوَيْرِيَةَ عَلَيْهَا حَلَاوَةٌ وَمَلَاحَةٌ لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا وَقَعَتْ بِنَفْسِهِ قَالَتْ : وَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله تَسْتَعِينُهُ فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ ، فَقَالَتْ لَهُ : جِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ. فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكِ؟ قَالَتْ : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ : أَتَزَوَّجُكِ. قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ صلى الله عليه وآله قَدْ فَعَلْتُ ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ (٢).

( جهر )

قوله تعالى : ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) [ ١٧ / ١١٠ ] أي لا تَجْهَرْ بقراءة صلاتك أي لا ترفع بها صوتك ، أخذا من قولهم جَهَرَ بالقول : إذا رفع به صوته ، فهو جَهِيرٌ. ( وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ ) بين الجهر والمخافة ( سَبِيلاً ) وسطا. وقيل لا تَجْهَرْ بصلاة النهار ولا تخافت بصلاة الليل ، وقيل معناه ولا تَجْهَرْ بكل صلاتك ولا تخافت بكلها بل اجْهَرْ بصلاة الليل والفجر وخافت بالظهرين. وفسر الجَهْرُ بسماع الصحيح القريب إذا استمع والإخفات بسماع النفس. قيل : ويحتمل أنها منسوخة بقوله ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) بناء على أن المراد بالصلاة هنا الدعاء. قوله : ( لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ) [ ٤ / ١٤٨ ] أي إلَّا جَهْرَ من ظلم ، فاستثنى من الجهر الذي لا يحب الله تعالى جَهْرَ المظلوم ،

__________________

(١) انظر هذا الخبر في الاستيعاب ج ٤ صلى الله عليه وآله ١٨٠٤. انظر « جوز ».

(٢) انظر هذا الخبر في الاستعياب ج ٤ صلى الله عليه وآله ١٨٠٤.

٢٥٣

وهو أن يدعو على الظالم ويذكر ما فيه من السوء ، وقيل هو أن يبدأ بالشتيمة فرد على الشاتم لينتصر منه. وقال الشيخ أبو علي : وفي معناه أقوال ، وذكر منها لا يحب الله الشتم في الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له بأن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز له الانتصار به في الدين ، ومنها لا يحب الله الجَهْرَ بالدعاء على أحد إلا أن يظلم إنسان فيدعو على من ظلمه (١) قوله : ( حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) [ ٢ / ٥٥ ] أي عيانا ، وهي مصدر من قولك جَهَرَ بالقراءة كأن الذي يُرى بالعين جَاهِرٌ بالرؤية ، وانتصابها على المفعول المطلق أو الحال من فاعل نرى أو مفعول له.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ زَكَاةٌ ».

الجَوْهَرُ واحد جَوَاهِر الأرض. قال في القاموس : وهو كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به ـ انتهى. ووزنه فوعل ، والواحدة جَوْهَرَة. وجَوْهَرُ كل شيء : جبلته المخلوق عليها ، يقال جَوْهَرُ الثوب جيد ورديء ونحو ذلك ، ومن ذلك سمى بعض المتكلمين الجزء الذي لا يتجزأ جَوْهَراً ، وحده عندهم ما تحيز وصح أن تحله الأعراض عند الوجود ، فَالْجَوْهَرُ عندهم إما جوهر فرد أو خط أو سطح أو جسم وكل واحد مفتقر إلى حيز ، وعند الحكماء تنحصر الجَوَاهِرُ في خمسة في الهيولى والصورة والجسم والنفس والعقل ، وإن كان الجوهر محلا لجوهر آخر فهو الهَيُولَى ، أو حالا في جوهر آخر فهو الصُّورَة ، أو مركبا من الحال والمحل وهو الجِسْمُ ، أو لا يكون حالا ولا محلا ولا مركبا منهما وهو المفارق ، فإن تعلق بالجسم تعلق تدبير فهو النَّفْسُ ، وإن لم يتعلق تعلق التدبير فهو العَقْلُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ تُعْرَفُ جَوَاهِرُ الرِّجَالِ » (٢).

أي حقائقها التي جبلت عليها. ومثله « لِكُلِّ شَيْءٍ جَوْهَرٌ ».

أي حقيقة.

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٣١.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٠٢ ، وفيه « علم جواهر الرجال ».

٢٥٤

وفِيهِ « لَوْ قَاسَ ـ يَعْنِي إِبْلِيسَ الْجَوْهَرَ الَّذِي خَلَقَ اللهُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ نُوراً ».

يريد بالجَوْهَر هنا النور كما يفسره الْحَدِيثُ الْآخَرُ « لَوْ قَاسَ نُورِيَّةَ آدَمَ بِنُورِيَّةِ النَّارِ عَرَفَ فَضْلَ مَا بَيْنَ النُّورَيْنِ وَصَفَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ».

وجَهَرَ الشيءُ يَجْهَرُ بفتحتين كمنع : ظهر. وأَجْهَرْتُهُ بالألف : أظهرته ، ويعدى بنفسه وبالباء فيقال جَهَرْتُهُ وجَهَرْتُ به. وجَاهَرَ فلان بالعداوة مُجَاهَرَةً وجِهَاراً ، وجَهُرَ الصوتُ بالضم جَهَارَةً فهو جَهِيرٌ. والحروف المَجْهُورَة عند النحويين تسعة عشر ، يجمعها قولك « ظِلُّ قَوٍّ رَبَضٌ إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطِيعٌ » قال الجوهري : وإنما سمي الحرف مَجْهُوراً لأنه أشبع الاعتماد في موضعه ، ومنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد بجري الصوت. و « الجَوْهَرِيُ » هو صاحب الصحاح المشهور في اللغة (١). قال ابن بري بعد كلام يصف فيه الجَوْهَرِيَ : وصحاحه هذا فيه تصحيف في عدة مواضع تتبعها عليه المحققون. قيل إن سببه أنه لما صنفه سمع عليه إلى باب الضاد المعجمة وعرض له وسوسة فألقى نفسه من سطح فمات ، فبقي سائر الكتاب مسودة غير منقح ولا مبيض ، فبيضه تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق فغلط فيه في مواضع ، وكانت وفاة الجَوْهَرِيِ في حدود أربعمائة.

( جير )

« جَيْرِ » بكسر الراء وتُنَوَّنُ : يمين للعرب وبمعنى نعم أو أجل

__________________

(١) هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الفارابي.

٢٥٥

باب ما أوله الحاء

( حبر )

قوله تعالى : ( فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) [ ٣٠ / ١٥ ] أي ينعمون ويكرمون ويسرون ، من الحُبُور وهو السرور ، يقال حَبَرَهُ يَحْبُرُهُ حَبْراً من باب قتل. وفي الحديث تكرر ذكر الأَحْبَار جمع حَبْر بالفتح فالسكون وبكسر الحاء أيضا وهو أفصح ، واحد أَحْبَار اليهود وهو القائم الذي صناعته تحبير المعاني ، وجمع المكسور أَحْبَار بالفتح كحمل وأحمال وجمع المفتوح حُبُور كفلس وفلوس. والحِبْر بالكسر الذي يكتب به وموضعه المِحْبَرَة بالكسر. قال في المصباح وفيه لغات أجودها فتح الميم والباء ، الثانية بضم الباء مثل مأدبة ، والثالثة كسر الميم لأنها آلة. و « الحِبْرُ » بالكسر وقد يفتح : الجمال والهيئة الحسنة. وتَحْبِيرُ الخط والشعر وغيرهما : تحسينه. ومنه حَدِيثُ وَصْفِهِ تَعَالَى « كَلَّ دُونَ وَصْفِهِ تَحْبِيرُ اللُّغَاتِ ».

أي تحسينها وتزيينها. وفيه نفي لأقاويل المشبهة حيث شبهوه بالسبيكة والبلورة وغير ذلك. وحَبَرْتُهُ من باب قتل : زينته. وفي الحديث ذكر الحِبَرَة هي كعنبة ثوب يصنع باليمن قطن أو كتان مخطط ، يقال بُرْدٌ حِبَرٌ على الوصف وبُرْدُ حِبَرَةٍ على الإضافة ، والجمع حِبَرٌ وحِبَرَاتٌ كعنب وعنبات. وعن الأزهري ليس حِبَرَة موضعا أو شيئا معلوما ، إنما هو وشي معلوم أضيف الثوب إليه ، كما قيل ثوب قرمز بالإضافة ، والقرمز صبغة فأضيف الثوب إلى الوشي والصبغ. والحَبْرَة بالفتح فالسكون : النعمة وسعة العيش وكذلك الحُبُور.

٢٥٦

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ عَزَّى حَزِيناً كُسِيَ فِي الْمَوْقِفِ حُلَّةً يُحْبَرُ بِهَا ».

على البناء للمجهول إما بتخفيف الموحدة المفتوحة من الحَبْرِ بالفتح بمعنى السرور أي يسر بها ، أو بالتشديد من التَّحْبِيرِ بمعنى التزيين أي جعل الحلة زينة له فيكون مزينا بها ـ كذا قرره بعض شارحي الحديث. وفي بعض النسخ « يُحْبَى بها » من الحَبَاء والحَبْوَة بمعنى العطاء والعطية. وفِيهِ « لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحُبَارَى ».

بضم الحاء وفتح الراء : اسم طائر معروف على شكل الإوزة برأسه وبطنه غبرة ، ولون بطنه وجناحه كلون السمانى غالبا ، يقع على الذكر والأنثى والواحد والجمع سواء ، يقال إنها إذا تبعها الصقر سلحت في وجهه فشغلته.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّ أَكْلَهُ جَيِّدٌ لِلْبَوَاسِيرِ وَوَجَعِ الظَّهْرِ وَهُوَ مِمَّا يُعِينُ عَلَى كَثْرَةِ الْجِمَاعِ ».

والحُبُّورُ كعصفور فرخ الحبارى. وفي حياة الحيوان الحُبَارَى طائر معروف ، وهو من أشد الطير طيرانا وأبعدها شوطا ، كبير العنق رمادي اللون ، وأكثر الطير حيلة في تحصيل الرزق ومع ذلك يموت جوعا (١)

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا كَانَ مَحْبُوراً. قُلْتُ : وَمَا المَحْبُورُ؟ قَالَ : أُمٌّ تُرَبِّي أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَةٌ تُشْتَرَى » (٢).

وقد اضطربت النسخ في ذلك : ففي بعضها بالحاء المهملة كما ذكرنا ، وفي بعضها بالجيم كما تقدم ، وفي بعضها بالخاء المعجمة ولعله الصواب ، ويكون المَحْبُورُ بمعنى المعلوم.

( حبتر )

الحَبْتَرُ : القصير مثل البَحْتَر ، وبه يسمى الرجل حَبْتَر ، وفي التصغير حُبَيْتِر (٣).

( حبكر )

الحَبَوْكَرُ : الداهية. وأم حَبَوْكَر : أي عظيم الدواهي ـ قاله الجوهري

( حجر )

قوله تعالى : ( كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ) [ ١٥ / ٨٠ ]

__________________

(١) حياة الحيوان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٦.

(٢) من لا يحضر ج ٣ صلى الله عليه وآله ٣٠٧.

(٣) ويقال للثعلب حبتر ـ انظر حياة الحيوان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٥.

٢٥٧

الحِجْرُ بالكسر ديار ثمود ومنازلهم بين الحجاز والشام عند وادي القرى (١). قوله : ( وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً ) [ ٢٥ / ٢٢ ] أي حراما محرما عليكم والحِجْرُ الحرام يكسر ويضم ويفتح قال الجوهري والكسر أفصح ، قرئ بهن في قوله تعالى ( وَحَرْثٌ حِجْرٌ ) [ ٦ / ١٣٨ ]. قوله : ( هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) [ ٨٩ / ٥ ] أي عقل. والحِجْرُ : العقل. والحُجُور : البيوت ، ومنه قوله : ( وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) [ ٤ / ٣٣ ] ولذا قال العلماء : لا يجوز نكاح الرجل لربيبته إذا دخل بأمها ، سواء كانت مرباة في حجره أو في حجر غيره. قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) [ ٢ / ٦٠ ] هو بالتحريك : الحَجَرُ الذي كان مع موسى يستسقي به لقومه.

رُوِيَ أَنَّهُ حَجَرٌ حَمَلَهُ مَعَهُ مِنَ الطُّورِ وَكَانَ مُرَبَّعاً ، وَكَانَ يَنْبُعُ مِنْ كُلِّ وَجْهِهِ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ تَسِيلُ فِي جَدْوَلٍ إِلَى سِبْطٍ ، وَكَانَ عَدَدُ قَوْمِهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَسَعَةُ الْعَسْكَرِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً.

والحَجَرُ أيضا واحد الأَحْجَار في القلة ، وفي الكثرة حجار. قوله : ( مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ ) [ ٤٩ / ٤ ] هي جمع حُجْرَة كغرفة الدار وقرئ بفتح الجيم أيضا ، ويجمع على حُجَر أيضا كغرفة وغرف. قوله : ( بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) [ ٣٣ / ١٠ ] هي جمع حَنْجَرَة فنعلة ، وهي مجرى النفس ، ويقال منتهى الحلقوم

__________________

(١) قال في معجم البلدان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٢١ : والحجر اسم ديار ثمود بوادي القرى صغيرة قليلة السكان ، وهي من وادي القرى على يومين بين جبال ... وتسمى تلك الجبال الأثالث ، وهي جبال إذا رآها الرائي من بعد ظنها متصلة فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها ، يطوف بكل قطعة منها الطائف وحواليها الرمل لا تكاد ترتقي ، كل قطعة منها قائمة بنفسها ، لا يصعدها أحد إلا بمشقة شديدة.

٢٥٨

وهي الغلصمة حيث نراه ناتئا من خارج الحلق. والحنجور فنعول بضم الفاء : الحلق ، والمعنى شخصت من الفزع وصعدت عن مواضعها من الخوف إليها. ومثله ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ ) [ ٤٠ / ١٨ ]

وَفِي الْحَدِيثِ « الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ » (١).

أي الخيبة والحرمان ، أو هو كناية عن الرجم.

وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ « يَتْبَعُهُ أَهْلُ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ ».

يريد أهل البوادي الذين يسكنون مواضع الأحجار والجبال وأهل المدر الذين يسكنون البلاد.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ » (٢).

وهو تمثيل مبالغة في تعظيم شأنه وتفظيع أمر الخطايا ، يعني أنه لشرفه يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها ، وأن خطاياكم تكاد تؤثر في الجمادات فكيف بقلوبكم ، أو من حيث إنه مكفر للخطايا كأنه من الجنة ومن كثرة تحمل أوزارهم كأنه كان ذا بياض فسودته ـ هكذا قيل ، والأظهر إبقاء الحديث على ظاهره كما يشهد له بعض الأخبار ، إذ لا مانع من ذلك سمعا ولا عقلا بالنظر إلى القدرة الإلهية.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّهُ عليه السلام شَدَّ حَجَرَ الْمَجَاعَةِ عَلَى بَطْنِهِ ».

قيل فائدة ذلك المساعدة على الاعتدال والانتصاب على القيام ، أو المنع من كثرة الخلل من الغذاء الذي في البطن ، أو ربما يشد طرف الأمعاء فيكون الضعف قليلا ، أو لتقليل حرارة الجوع ببرودة الحجر ، أو الإشارة إلى كسر النفس وإلهامها الحجر ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وحَجَرَ عليه حَجْراً من باب قتل : منعه التصرف ، وبعضهم قصر المَحْجُور على الممنوع من التصرف في ماله فهو مَحْجُور عليه ، والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا لكثرة الاستعمال ويقولون مَحْجُور وهو شائع ، ومنه « الحَجْر » بالفتح وهو مصدر حَجَرَ القاضي عليه حَجْراً.

وَفِي الْحَدِيثِ « خَلَقَ اللهُ ( السَّماواتِ )

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٩٤.

(٢) الكافي ج ٤ صلى الله عليه وآله ١٩١.

٢٥٩

مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ ».

أي اقتطعها من هذا العدد. وحِجْرُ الثوب بالكسر : طرفه المقدم ، وهو في حِجْرِهِ أي في كنفه وحمايته ، والجمع حُجُور. والحِجْرُ أيضا : الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي ، وحكي فتح الحاء وكله من البيت أو ستة أذرع منه أو سبعة أقوال.

نُقِلَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيَّ عليه السلام دَفَنَ أُمَّهُ فِي الْحِجْرِ فَحَجَرَ عَلَيْهَا لِئَلَّا تُوطَأَ.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام « دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الثَّالِثَ عَذَارَى بَنَاتِ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام ».

وفِيهِ « الْحِجْرُ بَيْتُ إِسْمَاعِيلَ وَفِيهِ قَبْرُ هَاجَرَ وَقَبْرُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام ».

وحَجْرُ الإنسان بالفتح وقد يكسر : حضنه ، وهو ما دون إبطه إلى الكشح. ومنه الْحَدِيثُ « بَيْنَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليه السلام فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ».

أي في حضنه. ومِحْجَر العين بالكسر : ما ظهر من النقاب من الرجل والمرأة من الجفن الأسفل ، وقد يكون من الأعلى ، وعن بعض العرب هو ما دار بالعين من جميع الجوانب وبدا من البرقع ، والجمع المَحَاجِرُ.

( حدر )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ إِقَامَتَكَ حَدْراً ».

بضم الدال : أي أسرع بها من غير تأن وترتيل ، يقال حَدَرَ الأذانَ والإقامةَ والقراءةَ حَدْراً من باب قتل أسرع بها ، يشهد له

قَوْلُهُ عليه السلام « الْأَذَانُ تَرْتِيلٌ وَالْإِقَامَةُ حَدْرٌ » (١).

وروي فاحذر بحاء مهملة وذال معجمة وهو بمعناه ، وعن الزمخشري بخاء معجمة. وحَدَرْتُ الشيءَ من باب قعد : أنزلته. والحَدُور وزان رسول : الهبوط ، وهو المكان ينحدر منه. والحُدُور بالضم : فعلك ، ومنه أرض مُنْحَدِرَة.

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٣٠٦.

٢٦٠