مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

وسوي : صحيح الأعضاء مستوفى الخلقة ، وفي الاستقامة مصون عن الاعوجاج. وفي بعض النسخ ولم يقل لذي مرة سوي وكأنه إنكار. والْمُرَّةُ : خلط من أخلاط البدن غير الدم ، والجمع مرار بالكسر. وفِيهِ « الْخَلُّ يَكْسِرُ الْمُرَّةَ ».

وفِيهِ « لَمْ يُبْعَثْ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا صَاحِبُ مُرَّةٍ سَوْدَاءَ صَافِيَةٍ ».

والْمَرَارَةُ بفتح الميم : ضد الحلاوة. والْمَرَارَةُ : التي تجمع المرة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس فيها ماء أخضر ، وهي لكل حيوان إلا البعير ، فإنه لا مرارة له ، والجمع مرار ، وشيء مر ، والجمع أمرار بالألف ، وهذا أمر من كذا. وأَمَرَّ الشيء : صار مرا ، وكذلك مَرَّ الشيء يَمَرُّ بالفتح مَرَارَةً فهو مُرٌّ. والمرة بالفتح واحدة المر والمرار ، ومِنْهُ الْحَدِيثُ « فَرَضَ اللهُ الْوُضُوءَ مَرَّةً مَرَّةً ».

بالنصب يعني غسل الأعضاء مرة للوجه ومرة لليدين ، وهو مفعول مطلقا ، أي مرة مرة من التوضي أو غسل الأعضاء غسلة واحدة على الظرفية ، أي متوضئا في زمان واحد ، أو حال ساد مسد الخبر ، أي يفعل مرة ، وروي بالرفع على الخبرية وفعلت ذلك غير مَرَّةٍ : أي أكثر من مرة. ومَرَّ عليه يَمُرُّ مَرّاً : أي اجتاز. ومَرَّ يَمُرُّ مَرّاً ومُرُوراً : ذهب ، واسْتَمَرَّ مثله والْمَمَرُّ : موضع المرور. والْمُرَّانُ : شجر الرماح. ومَرٌّ ـ وزان فلس ـ موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة ، وهو منصرف لأنه اسم واد ، ويقال له بطن مَرٍّ ومَرُّ الظهران (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ أَبُو ذَرٍّ فِي بَطْنِ مَرٍّ يَرْعَى غَنَماً ».

وفِيهِ « لَا لَيْسَ لِأَهْلِ مَرٍّ مُتْعَةٌ ».

والْمَرْمَرُ كجعفر نوع من الرخام إلا أنه أصلب وأشد صفاء.

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٥ صلى الله عليه وآله ١٠٤ : مر الظهران ويقال مر ظهران موضع على مرحلة من مكة.

٤٨١

( مزر )

فِي الْحَدِيثِ « إِنَّ نَفَراً مِنَ الْيَمَنِ سَأَلُوهُ فَقَالَ : إِنَّ بِهَا مَاءً يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ. فَقَالَ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ».

الْمِزْرُ بالكسر والزاي المعجمة ثم الراء المهملة : نبيذ يتخذ من الذرة وقيل من الشعير أو الحنطة.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : فَسَّرَ الْأَنْبِذَةَ فَقَالَ : الْبِتْعُ نَبِيذُ الْعَسَلِ ، وَالْجَعَّةُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ ، وَالْمِزْرُ مِنَ الذُّرَةِ ، وَالسَّكْرُ مِنَ التَّمْرِ ، وَالْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ ، وَأَمَّا السُّكُرْكَةُ ـ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ ـ فَخَمْرُ الْحَبَشِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمِمْزَارُ لَا يَطِيبُ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءٍ. فَقِيلَ لَهُ : وَأَيُّ شَيْءٍ الْمِمْزَارُ؟ فَقَالَ : الرَّجُلُ يَكْسِبُ مَالاً مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَيَتَزَوَّجُ بِهِ أَوْ يَتَسَرَّى بِهِ فَيُولَدُ لَهُ ، فَذَلِكَ الْوَلَدُ هُوَ الْمِمْزَارُ ».

( مصر )

فِي الْحَدِيثِ « أَخْرَجَ عِظَامَ يُوسُفَ مِنْ مِصْرَ ».

هي المدينة المعروفة تذكر وتؤنث ، سميت بذلك لتمصرها أو لأنه بناها الْمِصْرُ بن نوح. والْمِصْرُ أيضا : واحد الْأَمْصَارِ. وهو البلد العظيم. والْمِصْرَانُ : الكوفة والبصرة. ومَصَرَ الرجل الشاة وتَمَصَّرَهَا وامْتَصَرَهَا : إذا حلبها بأطراف الأصابع الثلاث أو الإبهام أو السبابة فقط.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا يَمْصُرَ لَبَنَهَا فَيَضُرَّ وَلَدَهَا ».

يريد لا يكثر من أخذ لبنها. والْمَصِيرُ كرغيف : المعاء ، والجمع مُصْرَانٌ كرغفان.

( مضر )

فِي الْحَدِيثِ « مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ ».

بضم الميم وفتح المعجمة قبيلة منسوبة إلى مُضَرَ بن نزار بن معد بن عدنان ، ويقال له مُضَرُ الحمراء ولأخيه ربيعة الفرس ، لأنهما لما اقتسما الميراث أعطي مضر الذهب وهي تؤنث وأعطي ربيعة الخيل. والْمَضِيرَةُ : طبيخ يتخذ من اللبن الْمَاضِرِ أي الحامض.

وَفِي الْحَدِيثِ « اطْبُخِ اللَّحْمَ بِاللَّبَنِ فَإِنَّهُمَا يَشُدَّانِ الْجِسْمَ. قَالَ : قُلْتُ هِيَ الْمَضِيرَةُ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنِ اللَّحْمُ بِاللَّبَنِ ».

٤٨٢

ومنه يتبين أن الْمَضِيرَةَ هو الطبيخ باللبن الحامض لا غير. ومنه الْحَدِيثُ « جَاءَنَا بِمَضِيرَةٍ وَبِطَعَامٍ بَعْدَهَا ».

( مطر )

قوله تعالى : ( وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً ) [ ١٥ / ٧٤ ] يقال لكل شيء من العذاب أُمْطِرَتْ ، وللرحمة مَطَرَتْ. والمطر واحد الأمطار ، يقال مطرت السماء تمطر مطرا من باب طلب ، وأمطرها الله وقد مُطِرْنَا.

وَكَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقُولُ فِي الْمَطَرِ « إِنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ بَحْراً فِيهِ مَاءٌ يُنْبِتُ أَرْزَاقَ الْحَيَوَانَاتِ ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُنْبِتَ مَا يَشَاءُ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ أَوْحَى اللهُ فَمَطَرَ مَا شَاءَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُلْقِيَهُ إِلَى السَّحَابِ ، وَالسَّحَابُ بِمَنْزِلَةِ الْغِرْبَالِ ، ثُمَّ يُوحِي إِلَى الرِّيحِ أَنِ اطْحَنِيهِ وَأَذِيبِيهِ ذَوَبَانَ الْمَاءِ ثُمَّ انْطَلِقِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، وَمَا مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ إِلَّا وَمَعَهَا مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَهَا مَوْضِعَهَا ، وَلَنْ يَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ إِلَّا بِعَدَدٍ مَعْدُودٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ».

والليلة الْمَطِيرَةُ : كثيرة المطر ، ومنه استحباب تأخير المغرب وتعجيل العشاء في الليلة المطيرة. والْمِمْطَرُ كمنبر : ما يلبس في المطر يتوقى به ، ومنه الْحَدِيثُ « فَدَعَا بِمِمْطَرٍ أَحَدُ وَجْهَيْهِ أَسْوَدُ وَالْآخَرُ أَبْيَضُ فَلَبِسَهُ ».

والْمَمْطُورَةُ : الكلاب المبتلة بالمطر.

وَفِي الْحَدِيثِ « قَدْ عَرَفْتُ هَؤُلَاءِ الْمَمْطُورَةَ فَأَقْنُتُ عَلَيْهِمْ فِي صَلَاتِي؟ قَالَ : نَعَمْ ».

يريد بِالْمَمْطُورَةِ الواقفية.

وَفِي حَدِيثِ الرِّضَا عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْوَاقِفِيَّةِ؟ قَالَ : يَعِيشُونَ حَيَارَى وَيَمُوتُونَ زَنَادِقَةً.

. ومَطْرَانُ : رجل نصراني من علماء النصارى ، ومنه الْحَدِيثُ « مَطْرَانَ عُلْيَاءَ الْغُوطَةِ غُوطَةِ دِمَشْقَ أَرْشِدْنِي إِلَيْكَ ».

( معر )

الْمَعَرُ : سقوط الشعر ، وقد معر الرجل بالكسر فهو مِعَرٌ. والْأَمْعَرُ : قليل الشعر.

( مغر )

فِي الْخَبَرِ « أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَدِمَ عَلَيْهِ وَهُو

٤٨٣

مَعَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالُوا : هُوَ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ ».

أي هو الأحمر المتكي على مرفقه. قال الليث : الْأَمْغَرُ الذي في وجهه حمرة مع بياض صاف ، وقيل أراد بِالْأَمْغَرِ الأبيض لأنهم يسمون الأبيض أحمر ، والْأَمْغَرُ الأحمر الشعر والجلد على لون المغرة ، والْمَغْرَةُ الطين الأحمر الذي يصبغ به ، وقد يحرك. ومنه « ثوبان ممغران ».

( مكر )

قوله تعالى : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ) [ ٣ / ٥٤ ] الْمَكْرُ من الخلق خب وخداع ومن الله مجازاة ، ويجوز أن يكون استدراجه العبد من حيث لا يعلم. قوله : ( بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) [ ٣٤ / ٣٣ ] أي مكرهم في الليل والنهار. قوله : ( إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا ) [ ١٠ / ٢١ ] أي يحتالون لما رأوا الآيات فيقولون ( سِحْرٌ ) و ( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ). قوله : ( قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً ) [ ١٠ / ٢١ ] أي أقدر على مكركم وعقوبتكم قوله : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ ) [ ٧ / ٩٩ ] أي عذاب الله. قوله : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ ٨ / ٣٠ ] يريد الخدع والحيلة. قوله : ( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ ) [ ١٢ / ٣١ ] أي باغتيابهن ، وإنما سمي مكرا لأنهن أخفينه كما يخفى الماكر مكره. والْمَكُر الخديعة ، يقال مَكَرَ يَمْكُرُ مَكْراً من باب قتل : خدع ، فهو مَاكِرٌ.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَ امْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ بِي ».

أراد بِمَكْرِ الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه. وفِيهِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَكْرِ الشَّيْطَانِ ».

أي وسوسته ونفسه ونفخه وتثبيطه وحبائله وخيله ورجله وجميع مكائده.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ كَانَ الْعَرْضُ عَلَى اللهِ حَقّاً فَالْمَكْرُ لِمَا ذَا ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ « جَانِبُهُ الْأَيْسَرُ مَكْرٌ ».

قيل كانت السوق جانبه الأيسر ، وفيها يقع المكر والخداع.

٤٨٤

( مور )

قوله تعالى : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ) [ ٥٢ / ٩ ] وتدور بما فيها وتموج موجا ، والْمَوْرُ الموج ، ويقال تَمُورُ أي تكفأ ، أي تذهب وتجيء كما تمور النخلة العبدانية. ومَارَ الشيء من باب قال : أي تحرك بسرعة. قوله تعالى : ( فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ ) [ ٥٤ / ٣٦ ] أي فشككوا في الإنذار.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي وَصْفِهِ تَعَالَى « كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ » (١).

الْمَوْرُ المتحرك ، واستعار لفظ الاستفحال للموج ملاحظة للشبه بالفحل عند صياله.

وَفِي حَدِيثِهِ عليه السلام فِي الْجِهَادِ « الْتَوُوا عَلَى أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ » (٢).

والْمَارَمَاهِي هو بفتح الراء معرب ، وأصله حية السمك ، وفي بعض النسخ المارماهي.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمَارَمَاهِي وَالْجِرِّيُّ وَالزِّمَّارُ مُسُوخٌ مِنْ طَائِفَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ».

وَمِنْ دُعَاءِ نُوحٍ عليه السلام فِي السَّفِينَةِ « يَا مَارِي أَتْقِنْ ».

كما صح في النسخ ، ومعناه بالسريانية يا رب أصلح. وقطاة مَارِيَّةٌ ـ بتشديد الياء ـ أي ملساء.

( مهر )

فِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ ».

أي أجرة الفاجرة. والْمَهْرُ بفتح الميم : صداق المرأة ، والجمع مُهُورٌ مثل فحل وفحول. ومَهْرُ السّنّة هو ما أصدقه النبي صلى الله عليه وآله لأزواجه ، وهو خمسمائة درهم قيمتها خمسون دينارا ، يقال مَهَرْتُ المرأة مهرا ـ من باب نفع ونصر : ـ أعطيتها المهر. وأَمْهَرْتُهَا بالألف : زوجتها من رجل على مهر. وبنت مَهِيرَةٍ على فعيلة بمعنى مفعولة بنت حرة تنكح بمهر وإن كانت متعة

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١٧٢.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ صلى الله عليه وآله ٥.

٤٨٥

على الأقوى ، بخلاف الأمة فإنها قد توطأ بالملك.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ لِدَاوُدَ عليه السلام ثَلَاثُمِائَةِ بِنْتِ مَهِيرَةٍ وَسَبْعُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ ».

والْمُهْرُ بالضم : ولد الفرس ، والجمع أمهار ومهار ومهارة ، والأنثى مهرة والجمع مهر ، مثل غرفة وغرف وغرفات ومهرات أيضا. والْمَهَارَةُ : الحذق في الشيء. والْمَاهِرُ : الحاذق بكل شيء ، يقال مهر في العلم وغيره وتمهر بفتحتين فهو مَاهِرٌ أي عالم حاذق ، ومنه « الماهر بالقراءة ». والْمِهْرَجَانُ : عيد الفرس كلمتان مركبتان من مهر وزان حمل وجان ومعناه محبة الروح ، وسيأتي تحقيقه في نذر إن شاء الله تعالى. و « مِهْرَانُ » نهر الهند ، وهو أحد الأنهار الثمانية التي خرقها جبرئيل بإبهامه.

( مير )

قوله تعالى : ( وَنَمِيرُ أَهْلَنا ) [ ١٢ / ٦٥ ] يقال فلان يَمِيرُ أهله : إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم ، من الْمِيرَةِ بالكسر فالسكون طعام يَمْتَارُهُ الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد. ومَارَهُمْ ميرا من باب باع : أتاهم بالميرة. والْمِيتَارُ : جالب الميرة. والبيت يُمْتَارُ منه المعروف : أي يؤخذ منه. ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ الْبَرَكَةَ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُمْتَارُ مِنْهُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الشَّفْرَةِ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ يَمِيرُهُمُ الْعِلْمَ ».

والْمَائِرُ : المتحرك.

__________________

(١) الكافي ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٩.

٤٨٦

باب ما أوله النون

( نبر )

نَبَرْتُ الشيء أَنْبِرُهُ نبرا : رفعته ، ومنه سمي الْمِنْبَرُ لارتفاعه.

وَفِي الْخَبَرِ « مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي ».

الأكثر على أن منبره بعينه يكون هناك ، وقيل ملازمة منبره للأعمال الصالحة تورد صاحبها الحوض. والنِّبْرُ بالكسر : دويبة تشبه بالقراد إذا دبت على البعير يورم مدبها. والْأَنْبَارُ : بلدة على الفرات من الجانب الشرقي وهيت من الجانب الغربي الأنبار (١).

( نتر )

فِي الْحَدِيثِ « فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ نَتْرَاتٍ بَعْدَ الْبَوْلِ » (٢).

النَّتْرُ : جذب الشيء بجفوة ، ومنه نَتْرُ الذكر في الاستبراء. واسْتَنْتَرَ من بوله : اجتذبه واستخرج بقيته من الذكر.

( نثر )

فِي حَدِيثِ الْكَفَنِ « وَنَثَرَ عَلَيْهِ الذَّرِيرَةَ ».

أي يفرقها ، يقال نَثَرْتُ الشيء نَثْراً من بابي قتل وضرب : رميت به متفرقا. والنَّثْرَةُ للدواب شبه العطسة ، ومنه الْحَدِيثُ « الْجَرَادِ هُوَ نَثْرَةٌ مِنْ حُوتِ الْبَحْرِ ».

أي عطسته و « النِّثَارُ » بالكسر والضم لغة اسم لفعل ما ينثر كالنثر ، ويكون بمعنى الْمَنْثُورِ كالكتاب بمعنى المكتوب ، وقيل النِّثَارُ ما يتناثر من الشيء كالساقط اسم ما يسقط وبالضم اسم للفعل كالنثر ، ودر

__________________

(١) ذكر ياقوت في معجم البلدان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٥٨ ثلاثة أمكنة تسمى بالأنبار : مدينة قرب بلخ وهي قصبة ناحية جوزجان ، ومدينة على الفرات في غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ ، وسكة الأنبار بمرو في أعلى البلد.

(٢) من لا يحضر ج ١ صلى الله عليه وآله ٢١.

٤٨٧

منثر شدد للمبالغة. والِانْتِثَارُ والِاسْتِنْثَارُ بمعنى ، وهو نثر ما في الأنف بالنفس ، وهو أبلغ من الاستنشاق لأنه إنما يكون بعده.

( نجر )

نَجَرَ الخشبة ينجرها نجرا من باب قتل نحتها ، والصانع نَجَّارٌ ، والنجارة مثل الصناعة. ونَجْرَانُ : بلدة من بلاد همدان من اليمن ، سميت باسم بانيها نَجْرَانُ بن زيدان. وفي النهاية نَجْرَانُ موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « شَرُّ النَّصَارَى نَصَارَى نَجْرَانَ ».

( نحر )

قوله تعالى : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) [ ١٠٨ / ٢ ] قال الشيخ أبو علي : أمره تعالى بالشكر على هذه النعم العظيمة ، بأن قال ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) أي فصل صلاة العيد وانحر هديك وأضحيتك.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ « كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرَ ».

وقيل معناه صل لربك الصلاة المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك.

وَرُوِيَ عَنْ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى النَّحْرِ فِي الصَّلَاةِ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) هُوَ رَفْعُ يَدَيْكَ حِذَاءَ وَجْهِكَ. وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ مِثْلَهُ

وَعَنْ جَمِيلٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )؟ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا ـ يَعْنِي اسْتَقْبَلَ بِيَدَيْهِ خُدُودَ وَجْهِهِ الْقِبْلَةَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله لِجَبْرَئِيلَ : مَا هَذِهِ النَّحْرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي؟ قَالَ : لَيْسَتْ بِنَحْرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلَاةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ وَإِذَا رَكَعْتَ وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ

__________________

(١) ذكر في معجم البلدان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٢٦٦ ـ ٢٧٠ عدّة أمكنة كلّها تسمّى بنجران.

٤٨٨

الرُّكُوعِ وَإِذَا سَجَدْتَ ، فَإِنَّهُ صَلَاتُنَا وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةً وَزِينَةُ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (١).

وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله : رَفْعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ مِنَ الِاسْتِكَانَةِ. قُلْتُ : وَمَا الِاسْتِكَانَةُ؟ قَالَ : أَلَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ ( فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ).

وَفِي الدُّعَاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ « اللهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ ».

يقال جعلت فلانا في نَحْرِ العدو أي قبالته وحذاه ، وتخصيص النَّحْرِ بالذكر لأن العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال ، والمعنى أسألك أن لا تتولانا في الجهة التي يريدون أن يأتونا منها ونتوقى بك عن ما يواجهوننا به ، فأنت الذي تدفع في صدورهم وتكفينا أمرهم وتحول بيننا وبينهم. و « النُّحُورُ » بضم النون جمع نَحْرٍ ، وهو موضع القلادة من الصدر ، وهو المنحر مثل فلس وفلوس ، ونحرت البهيمة من باب نفع. والْمَنْحَرُ : الموضع الذي ينحر فيه الهدي وغيره.

وَفِي الْخَبَرِ « أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ».

وهو حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع ، كأنها وصلت إلى النَّحْرِ وهو أعلا الصدر. ويوم النَّحْرِ : هو يوم العاشر من ذي الحجة. ومنازل بني فلان تَتَنَاحَرُ : أي تتقابل. والنِّحْرِيرُ : الحاذق الماهر العاقل المجرب المتقن الفطن البصير بكل شيء ، لأنه ينحر العلم نحرا ـ كذا في القاموس.

( نخر )

قوله تعالى : ( أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً ) [ ٧٩ / ١١ ] أي فارغة يسمع منها حس عند هبوب الريح ، يقال نَخِرَ العظم نَخَراً من باب تعب : بلي وتفتت ، فهو نَخِرٌ ونَاخِرٌ. قال الشيخ أبو علي : قرأ أهل الكوفة ـ ويعني أكثرهم ـ « عظاما نَاخِرَةً » بالألف. ثم قال : نَاخِرَةٌ ونَخِرَةٌ لغتان.

__________________

(١) انظر هذه الأحاديث في البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٥١٤.

٤٨٩

قال : وقال الفراء النَّخِرَةُ البالية ، والنَّاخِرَةُ المجوفة. وقال الزجاج : نَاخِرَةُ أكثر وأجود لأجل مراعاة أواخر الآي مثل الخاسرة والحافرة. والْمَنْخِرُ كمجلس وكسر الميم للإتباع كمنبر لغة. والْمَنْخِرَانِ : ثقبا الأنف ، وَفِي حَدِيثِ الْعَابِدِ « فَنَخِرَ إِبْلِيسُ نَخْرَةً وَاحِدَةً فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُنُودُهُ » (١).

من النَّخِيرِ وهو صوت الأنف ، يقال نَخَرَ يَنْخُرُ من باب قتل : إذا مد النفس في الخياشيم ، والجمع مَنَاخِرُ. و « نَاخُورَا » بالنون والخاء المعجمة والراء المهملة على ما صح في النسخ وصي النبي إدريس ، وهو الذي دفع الوصية إلى نوح عليه السلام.

( ندر )

نَدَرَ الشيء نُدُوراً ـ من باب قعد ـ : سقط وشذ ، ومنه النَّادِرُ. وفي القاموس نَوَادِرُ الكلام : ما شذ وخرج من الجمهور. والنَّادِرُ من الحديث في الاصطلاح : ما ليس له أخ أو يكون لكنه قليل جدا ويسلم من المعارض ولا كلام في صحته ، بخلاف الشاذ فإنه غير صحيح أو له معارض وكتاب نَوَادِرُ الحكمة تأليف الشيخ الجليل محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي يشتمل على كتب عديدة. وعن ابن شهرآشوب أن كتاب نَوَادِرِ الحكمة اثنان وعشرون كتابا. والنُّدْرَةُ : القلة ، ومنه « لقيته في النُّدْرَةِ » أي فيما بين الأيام. ونَدَرَ الكلام نَدَارَةً : فصح وجاد.

( نذر )

قوله تعالى : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها ) [ ٧٩ / ٤٥ ] قال الشيخ أبو علي : قرأ أبو جعفر والعباس عن أبي عمرو إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ بالتنوين ، والباقون بغير تنوين ، يعني إنما أنت مخوف من يخاف مقامها ، أي إنما ينفع إِنْذَارُكَ من يخافها ، وأما من لا يخشى فكأنك لم تُنْذِرْهُمْ. قوله : ( وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ ) [ ٣٥ / ٣٧ ]

__________________

(١) الوافي ج ١٤ صلى الله عليه وآله ٩٥.

٤٩٠

النَّذِيرُ فعيل بمعنى الْمُنْذِرِ ، أي المخوف ، ويقال ( جاءَكُمُ النَّذِيرُ ) يعني الشيب ، قيل وليس بشيء لأن الحجة تلحق كل بالغ وإن لم يشب. والْإِنْذَارُ الإبلاغ ولا يكون إلا في التخويف ، قال تعالى : ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ ) [ ٤٠ / ١٨ ] أي خوفهم عذابه ، والفاعل مُنْذِرٌ ونَذِيرٌ ، والجمع نُذُرٌ بضمتين ، قال تعالى : ( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) [ ٤ / ١٦ ] أي كيف رأيتم انتقامي منهم وإِنْذَارِي إياهم مرة بعد أخرى ، فَالنُّذُرُ جمع نَذِيرٍ وهو الْإِنْذَارُ ، والمصدر يجمع لاختلاف أجناسه. وقوله : ( هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ) [ ٥٣ / ٥٧ ] يعني محمدا صلى الله عليه وآله. قوله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [ ١٣ / ٧ ]

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : أَنَا الْمُنْذِرُ وَعَلِيٌّ الْهَادِي ، أَمَا وَاللهِ مَا ذَهَبَتْ ـ يَعْنِي الْهِدَايَةَ ـ مِنَّا وَمَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ (١).

قوله : ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) [ ٢ / ٦ ] أي أعلمتهم بما تحذرهم منه ، ولا يكون المعلم مُنْذِراً حتى يحذر بإعلامه ، فكل مُنْذِرٍ معلم ولا عكس ، يقال أَنْذَرَهُ بالأمر أعلمه وحذره وخوفه في إبلاغه ، والاسم النُّذْرَى بالضم.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ ».

قال بعض الأعلام : هو شامل لما إذا كان نَذْراً مطلقا نحو لله علي أن أتزوج مثلا ، ومعلقا نحو إن شفي مريضي فلله علي أن أصوم العيد. قال : وذهب المرتضى إلى بطلان النَّذْرِ المطلق طاعة كان أو معصية ، وادعى عليه الإجماع ، وقال : إن العرب لا تعرف من النَّذْرِ إلا ما كان معلقا كما قاله تغلب والكتاب والسنة وردا بلسانهم والنقل على خلاف الأصل. قال : وقد خالفه أكثر علمائنا وحكموا بانعقاد النذر المطلق كالمعلق. ثم نقل ما تمسكوا به على ذلك ورده ثم قال : وبالجملة فلا دلالة على ما ينافي مذهب السيد بوجه. إذا تقرر هذا فَالنَّذْرُ لغة الوعد وشرعا التزام

__________________

(١) البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٨٠.

٤٩١

المكلف بفعل أو ترك متقربا ، كأن يقول إن عافاني الله فلله علي صدقة أو صوم مما يعد طاعة ، والماضي منه مفتوح العين ويجوز في مضارعه الكسر والضم.

وَالْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ كَانَ عَامِلَ عَلِيٍّ عليه السلام عَلَى بَعْضِ النَّوَاحِي فَخَانَهُ. وَمِنْ كَلَامِهِ عليه السلام لَهُ « إِنَّ صَلَاحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ وَظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتْبَعُ هَدْيَهُ وَتَسْلُكُ سَبِيلَهُ » (١).

ومُنْذِرٌ وصي يحيى بن زكريا.

( نزر )

النَّزْرُ : القليل ، يقال نَزُرَ الشيء بالضم يَنْزُرُ نَزَارَةً ونُزُوراً : قل. ونَزِيرٌ : قليل. وعطاء مَنْزُورٌ : قليل. ونَزَارٌ ككتاب أبو قبيلة ، وهو نَزَارُ بن معد بن عدنان.

( نسر )

قوله تعالى : ( وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) [ ٧١ / ٢٣ ] هو بفتح النون : اسم صنم يعبد كان لذي كلاع بأرض حمير ، وكان يغوث لمذحج ويعوق لهمدان من أصنام قوم نوح. وفي الحديث ذكر النَّاسُورَ بالسين والصاد جميعا ، وهي علة تحدث حوالي المقعدة ، وعلة في اللثة أيضا قل ما تندمل ـ قاله الجوهري ، وهو معرب. وفي القاموس النَّاسُورُ : العرق العسير الذي لا ينقطع في المآقي ، وعلة حوالي المقعدة ، وعلة في اللثة. والنَّسْرُ بفتح النون معروف ، وجمع القلة أَنْسُرٌ والكثير نُسُورٌ مثل فَلْسٍ وفُلُوسٍ وأَفْلُسٍ ، ويقال النَّسْرُ لا مخلب له وإنما له ظفر كظفر الدجاجة والغراب والرخمة ، ويقال سمي نَسْراً لأنه يَنْسُرُ الشيء ويبتلعه.

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ النَّسْرُ يَقُولُ : « يَا بْنَ آدَمَ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّ آخِرَهُ الْمَوْتُ ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي ذَمِّ أَصْحَابِهِ « كُلَّمَا ظَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ » (٢).

الْمَنْسِرُ بفتح الميم وكسر السين وبالعكس : القطعة من الجيش من المائة

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٤٥.

(٢) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١١٣.

٤٩٢

المائتين.

( نشر )

قوله تعالى : ( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) [ ٨١ / ١٠ ] المراد صحف الأعمال ، فإن صحيفة الإنسان تطوى عند موته ثم تُنْشَرُ إذا حوسب. قال الشيخ أبو علي : قرأ أهل المدينة وابن عامر وعاصم ويعقوب وسهل ( نُشِرَتْ ) بالتخفيف والباقون بالتشديد. قوله : ( صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) [ ٧٤ / ٥٢ ] شدد للكثرة. قوله : ( ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ ) [ ٨٠ / ٢٢ ] أي أحياه. والْإِنْشَارُ : الإحياء بعد الموت كَالنُّشُورِ ، ومَنْشَرَيْنِ مَحْيَيَيْنِ. قوله : ( وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ) [ ٢ / ٢٩٩ ] قرئ في السبعة بالراء المهملة والزاي المعجمة. قوله : ( وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً ) [ ٢٥ / ٤٧ ] أي ينشر فيه الناس في أمورهم. قوله : ( فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ) [ ٦٢ / ١٠ ] تفرقوا فيها ، من قولهم « انْتَشَرَ القوم » أي تفرقوا. قوله : ( النَّاشِراتِ نَشْراً ) [ ٧٧ / ٣ ] قيل هي نَشْرُ الرياح التي تأتي بالمطر ، من قولهم « نَشَرَتِ الريحُ » أي جرت ، وقِيلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْشُرُ أَجْنِحَتَهَا فِي الْجَوِّ عِنْدَ انْحِطَاطِهَا بِالْوَحْيِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِ نُشْرَةٌ » (١).

بضم النون فالسكون أي رقية وحرز. والنُّشْرَةُ : عوذة يعالج بها المجنون والمريض ، سميت نُشْرَةً لأنه يُنْشَرُ بها عنه ما خامره من الداء الذي يكشف ويزال ومنه « النُّورَةُ نُشْرَةٌ وَطَهُورٌ لِلْبَدَنِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « مِنْ عَلَامَاتِ الْمَيِّتِ نَشْرُ مَنْخِرَيْهِ ».

أي ارتفاعهما وانتفاخهما من الِانْتِشَارِ وهو انتفاخ في عصب الدابة يكون من التعب. ونَشَرَ المتاع وغيره يَنْشُرُهُ نَشْراً : بسطه ، ومنه « ريح نَشُورٌ » و « رياح نُشُرٌ » ونُشِرَ الميتُ يُنْشَرُ نُشُوراً ـ من باب قعد ـ : أي عاش بعد الموت.

__________________

(١) مكارم الأخلاق صلى الله عليه وآله ٦٦.

٤٩٣

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْعِبَادِ ».

أي تحيي ونَشَرَهُمُ اللهُ يتعدى ولا يتعدى ويتعدى بالهمزة. ونَشَرْتُ الخشبةَ : قطعتها بِالْمِنْشَارِ ، وهو بالكسر اسم آلة النَّشْرِ. والنُّشَارَةُ بالضم : ما سقط منه. ونَشَرْتُ الخبر أَنْشُرُهُ وأَنْشِرُهُ ضما وكسرا : أذعته. وانْتَشَرَ الخبر : ذاع.

( نصر )

قوله تعالى : ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) [ ١١٠ / ١ ] أي إذا جاءك يا محمد ( نَصْرُ اللهِ ) على من عاداك وهم قريش ، ( وَالْفَتْحُ ) يعني فتح مكة ، وهذه بشارة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بالنصر والفتح قبل وقوع الأمر ، ومفعول ( جاءَ ) محذوف وكذا الجواب ، والتقدير إذا جاءك نصر الله حضر أجلك ،

وَالْآيَةُ نَزَلَتْ ـ عَلَى مَا قِيلَ ـ فِي مِنًى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله « نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي » (١).

وقيل جوابه ( فَسَبِّحْ ). قوله : ( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ ) [ ٢٢ / ١٥ ] ويعينه في الدنيا والآخرة ويغيظه أن لا يظفر بمطلوبه ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) أي فليستفرغ وسعه في إزالة ما يغيظه ، بأن يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق ، فلينظر إن فعل ذلك هل يذهب عدم نصر الله الذي يغيظه. وسمي الاختناق قطعا لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه ، وسمي الفعل كيدا لأنه وضعه موضع الكيد حيث لا يقدر على غيره. وفي تفسير علي بن إبراهيم : الظن في كتاب الله على وجهين : ظن علم ، وظن شك. وهذا ظن شك ، أي من شك أن الله لن يثيبه في الدنيا وفي الآخرة ( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ) أي يجعل بينه وبين الله دليلا ، والدليل على أن السبب هو الدليل قول الله في سورة الكهف ( وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. فَأَتْبَعَ سَبَباً ) أي

__________________

(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٥١٧.

٤٩٤

دليلا ، ( ثُمَّ لْيَقْطَعْ ) أي يميز ، والدليل على أن القطع هو التميز قوله تعالى : ( وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ) أي ميزناهم ، فقوله ( ثُمَّ لْيَقْطَعْ ) أي يميز ( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) أي حيلته ، والدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله ( كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ) أي احتلنا له حتى حبس أخاه ، وقوله يحكي قول فرعون ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) أي حيلتكم (١). قوله : ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا ) [ ٤٠ / ٥١ ] أي لغلب رسلنا ، والنَّصْرُ الإعانة ، يقال نَصَرَهُ على عدوه : أي أعانه ، والفاعل نَاصِرٌ ونَصِيرٌ. والِانْتِصَارُ : الانتقام ، يقال انْتَصَرَ منه أي انتقم. قوله : ( فَلا تَنْتَصِرانِ ) [ ٥٥ / ٣٥ ] أي لا تمتنعان من ذلك. قوله : ( فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ ) [ ١١ / ٦٣ ] أي من يمنعني منه. قوله : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ) [ ٢ / ١١٣ ] النَّصارى جمع نَصْرَانٍ يقال رجل نَصْرَانٌ وامرأة نَصْرَانَةٌ لم تحنف والياء في نَصْرَانِيٍ مثلها لغة كالتي في أحمري. والنَّصَارَى هم قوم عيسى ، قيل نسبوا إلى قرية بالشام تسمى نَصُورِيَّةً ، ويقال تسمى نَاصِرَةً ، يؤيده

حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام « سَمَّوْا النَّصَارَى نَصَارَى لِأَنَّهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ نَزَلَتْهَا مَرْيَمُ عليه السلام بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ مِصْرَ » (٢).

وقيل لأنهم نَصَرُوا المسيح.

وَعَنِ الصَّادِقِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : « سُمِّيَ النَّصَارَى نَصَارَى لِقَوْلِ عِيسَى عليه السلام ( مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ).

ورجل نَصْرَانِيٌ بفتح النون وامرأة نَصْرَانِيَّةٌ والنَّصْرَانِيُ يطلق على كل من تعبد بهذا الدين. وفي الحديث ذكر الْأَنْصَارُ ، وهم الذين آوَوْا رسول الله صلى الله عليه وآله ونَصَرُوهُ. وفِيهِ « شِعَارُنَا يَوْمَ الْأَحْزَابِ ( حم ) ... [ حم ] ( لا يُنْصَرُونَ ) ».

قيل معناه اللهم لا يُنْصَرُونَ

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم صلى الله عليه وآله ٤٣٦.

(٢) علل الشرائع ج ١ صلى الله عليه وآله ٧٦.

٤٩٥

ويريد به الخبر لا الدعاء ، لأنه لو كان دعاء لقال لِيُنْصَرُوا مجزوما ، فكأنه قال والله لا يُنْصَرُونَ. وقيل إن السور التي أولها ( حم ) سور لها شأن ، فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من الله تعالى. قوله ( « وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ » ) كلام مستأنف ، كأنه قال قولوا ( حم ) قيل ما ذا يكون لو قلناها فقال ( لا يُنْصَرُونَ ).

وَفِي الْخَبَرِ « نُصِرْتُ بِالصَّبَا » وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ حِينَ حَاصَرُوا الْمَدِينَةَ فَأُرْسِلَتْ رِيحُ الصَّبَا بَارِدَةً فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ ، فَسَفَّتِ التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ وَقَلَعَتْ خِبَاءَهُمْ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَلَا إِهْلَاكِ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِحِكْمَةٍ.

وأبو جعفر الْمَنْصُورُ من الخلفاء كان في زمن الصادق عليه السلام (١). وخَواجَا نَصِير اسمه محمد بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه‌الله (٢).

( نضر )

قوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ) [ ٧٥ / ٢٣ ] أي مشرقة من بريق النعيم. قوله : ( لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ) [ ٧٦ / ١١ ] النَّضْرَةُ في الوجه والسرور في القلب. قوله : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) [ ٨٣ / ٢٤ ].

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ : قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام وَيَعْقُوبُ تُعْرَفُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَنَضْرَةُ بِالرَّفْعِ ، وَالْبَاقُونَ ( تَعْرِفُ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ و ( نَضْرَةَ ) بِالنَّصْبِ.

والمعنى إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض والبهجة.

قَالَ عطا : وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَادَ فِي جَمَالِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ مَا لَا يَصِفُهُ وَاصِفٌ.

__________________

(١) أبو جعفر منصور الدوانيقي توفي بمكة سنة ١٥٨ ه‍ الكنى والألقاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٠٧.

(٢) ولد سنة ٥٩٧ بطوس ، وتوفي في يوم الغدير سنة ٦٧٢ ببغداد الكنى والألقاب ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٠٨.

٤٩٦

والنَّضْرَةُ : الحسن والرونق وقد نَضَرَ وجهه من باب قتل : أي حسن. ونَضَّرَ الله وجهه : يتعدى ولا يتعدى ويقال نَضَّرَ الله وجهه بالتشديد ، وأَنْضَرَ الله وجهه بمعناه.

وَفِي الْخَبَرِ « نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَبَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ».

أي حسنه بالسرور والبهجة لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس ونعمة في الأخرى حتى يرى عليه رونق الرخاء ورفيف النعمة.

وَبَنُو النَّضِيرِ كَأَمِيرٍ حَيٌّ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى عليه السلام ، صَالَحُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ يَكُونُوا لَهُ لَا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا وَقَعَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ طَارَتْ فِي رُءُوسِهِمْ نَفْرَةُ الْخِلَافِ وَمَنَّاهُمُ الْمُنَافِقُونَ نَكَثُوا الْعَهْدَ ، وَسَارَ زَعِيمُهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَرِجَالٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَخَانُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله.

و « النَّضْرُ » أبو قريش ، وهو النَّضْرُ بن كنانة بن خزيمة بن إلياس بن مضر ـ قاله الجوهري.

( نطر )

النَّاطِرُ والنَّاطُورُ : حافظ الكرم والنخل ، أعجمي ـ قاله في القاموس.

( نظر )

قوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) [ ٧٥ / ٢٤ ] الأولى بالضاد والثانية بالظاء المشالة ، والمعنى وجوه يومئذ حسنة مشرقة تنظر إلى رحمة ربها لا غير ذلك ، ويحتمل أن يكون إلى اسماً لواحد الآلاء وهي النعمة لا حرف جر ، فكأنه قال ناظرة نعمة ربها. قوله : ( وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ ) [ ١٥ / ٨ ] أي مؤخرين ، والمعنى لا نمهلهم ساعة من النظرة بكسر الظاء للتاخير ، يقال أَنْظَرْتُهُ أي أخرته ، واسْتَنْظَرْتُهُ أي استمهلته. قوله : ( وَلا تُنْظِرُونِ ) [ ١٠ / ١٧ ] أي لا تمهلون.

٤٩٧

قوله : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ ) [ ٢ / ٢١٠ ] الآية ، أي وما يَنْظُرُ هؤلاء إلا هذا. قوله : ( أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) [ ٧ / ١٤ ] أي أمهلني وأخرني في الأجل إلى يوم يبعثون. قوله : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) [ ٧ / ٧١ ] أي ( فَانْتَظِرُوا ) عذاب الله فإنه نازل بكم ( إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) لنزوله بكم.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَوْ عَطَّلَ النَّاسُ الْبَيْتَ سَنَةً لَمْ يُنَاظَرُوا » (١).

أي لم يؤخر عنهم العذاب. ومثله « إِنْ تَرَكْتُمْ بَيْتَ رَبِّكُمْ لَمْ تُنَاظَرُوا ».

والنَّظَرُ : الِانْتِظَارُ. والنَّظَرُ إلى الشيء : مشاهدته. والنَّظَرُ : تأمل الشيء بالعين. والنَّظَرُ : الفكر يطلب به علم أو ظن ، فهو تأمل معقول لكسب مجهول. وداري تَنْظُرُ إلى دار فلان : أي تقابلها. والنَّظِرَةُ : عين الجن. والنَّظِرَةُ : التأخير ، ومنه « رجل يشتري المتاع بِنَظِرَةٍ » أي بتأخير. ومنه « إِنْظَارُ المعسر » أي تأخيره وإمهاله. والنَّاظِرُ في المقلة : السواد الأصغر الذي فيه إنسان العين ، ويقال للعين النَّاظِرَةٍ والْمَنْظَرَةُ المَرْقَبَةُ.

وَفِي الدُّعَاءِ « يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ».

أي في المرقب الأعلى يَرْقُبُ عباده ، والجمع نُظَرَاءُ.

فِي الْحَدِيثِ « اصْحَبْ نُظَرَاءَكَ ».

يعني في السفر. ونَاظِرْهُ مُنَاظَرَةً : جادله.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ».

ومعنى النَّظَرِ هاهنا الاختبار والرحمة ، ولما كان ميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقه والله متقدس عن شبه المخلوقين كان نَظَرُهُ إلى ما هو السر واللب ، وهو القلب والعمل.

__________________

(١) الكافي ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٧١.

٤٩٨

والنَّظَرُ يقع على الأجسام والمعاني ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر فهو للمعاني.

( نعر )

النُّعَرَةُ كهمزة : ذباب ضخم أزرق العين أخضر له إبرة في طرف ذنبه يلصع بها ذوات الحوافر خاصة. ونَعَرَتِ الدابة من باب قتل : صوتت والاسم النَّعَارُ بالضم. والنَّاعُورُ واحد النَّوَاعِيرِ التي يستقى بها يديرها الماء ، سميت بذلك لِنَعِيرِهَا وهو صوتها ، ثم استعيرت للنخوة والأنفة والكبر ، ومنه حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ « إِذَا رَأَيْتَ نَعْرَةَ النَّاسِ وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّرَهَا فَدَعْهَا حَتَّى يَكُونَ اللهُ يُغَيِّرُهَا ». يريد كبرهم وجهلهم.

( نغر )

نَغِرَ الرجل بالكسر : اغتاظ. وفي القاموس نَغِرَ عليه كفرح ومنع : علا جوفه وغضب ، فهو نَغِيرٌ. والنُّغَرَةُ كهمزة واحدة النُّغَرِ كرطب ، قيل هو فرخ العصفور وقيل ضرب من العصافير حمر المناقير ، وقيل أهل المدينة تسمي البلبل النَّغِرَةَ ، وجاء تصغيره في كلامهم.

( نفر )

قوله تعالى : ( أَكْثَرَ نَفِيراً ) [ ١٧ / ٦ ] أي أكثر عددا ، وهو جمع نَفَرٍ. والنَّفِيرُ : من يَنْفُرُ مع الرجل من قومه. قوله : ( حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ) [ ٧٤ / ٥ ] أي نَافُورَةٌ. ومُسْتَنْفِرَةٌ ـ بفتح الفاء ـ أي مذعورة. قوله : ( فَانْفِرُوا ثُباتٍ ) [ ٤ / ٧١ ] النَّفَرُ : الخروج إلى الغزو ، وأصله الفزع ، يقال نَفَرَ يَنْفُرُ نُفُوراً فزع ، ونَفِرَ إليه فزع من أمر إليه ، والنَّفَرُ جماعة تَنْفُرُ إلى مثلها ، والثبات جماعات في تفرقة واحدها ثبه ، والْإِنْفَارُ عن الشيء والِاسْتِنْفَارُ كله بمعنى. قوله : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ) [ ٩ / ١٢٢ ] الآية.

وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام : إِذَا حَدَثَ بِالْإِمَامِ حَدَثٌ كَيْفَ يَصْنَعُ النَّاسُ؟

٤٩٩

قَالَ : أَيْنَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) قَالَ : هُمْ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُمْ فِي عُذْرٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ » (١).

وفي الحديث تكرر ذكر النَّفَرِ بالتحريك ، وهم عدة رجال قيل من ثلاثة إلى عشرة ، وقيل إلى سبعة ، ولا يقال نَفَرَ فيما زاد على العشرة. والنَّفِيرُ مثله.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَهُوَ غَاوٍ وَالِاثْنَانِ غَاوِيَانِ وَالثَّلَاثَةُ نَفَرٌ ».

أي جماعة ، وروي سفر أي ركب. ونَفَرَ القوم نَفَراً تفرقوا الحاج من منى دفعوا للحج. ونَفَرْتُ إلى مكة : دفعت نفسي إليها. ونَفَرُوا إلى الشيء : أسرعوا إليه. وليلة النَّفْرِ يوم النَّفْرِ : لليوم الذي يَنْفُرُ الناس من منى ، فَالنَّفْرُ الأول من منى هو اليوم الثاني من أيام العشر ، والنَّفْرُ الثاني هو اليوم الثالث منها ، ويقال أيضا يَوْمُ النَّفَرِ بالتحريك ويوم النُّفُورِ ويَوْمُ النَّفِيرِ. والْمُنَافَرَةُ : المحاكمة في الحسب ، يقال نَافَرَهُ فَنَفَرَهُ يَنْفُرُهُ بالضم لا غير ، أي غلبه.

وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عليه السلام « فَنَفَرَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ بِانْتِهَارٍ ».

أي قضى عليه الحكم بالغلبة ، يقال نَفَرَ عليه يَنْفُرُ : أي قضى عليه الحكم بالغلبة. ونَفَرَتِ الدابة تَنْفُرُ نُفُوراً ونِفَاراً : جزعت وتباعدت ، والاسم النِّفَارُ بالكسر

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَضْرِبْهَا عَلَى النِّفَارِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ».

والنَّيْلُوفَرُ ويقال اللِيْنُوفَرُ ضرب للرياحين ينبت في المياه الراكدة ، قيل هو نافع لأوجاع كثيرة.

( نقر )

قوله تعالى : ( فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) [ ٧٤ / ٨ ] أي نفخ في الصور ، والنَّاقُورُ الصور.

__________________

(١) البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٧١.

٥٠٠