مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

( رذذ )

الرَّذَاذُ : المطر الضعيف ـ قاله الجوهري وهو فوق القطقط. وفي الدر الرَّذَاذُ أقل ما يكون من المطر ، وقيل هو كالغبار.

( ريذ )

« الحسن بن محمد بن رِيذَوَيْهِ » بالياء المثناة التحتانية بعد الراء المهملة والواو المفتوحة بعد الذال المعجمة بعدها ياء وهاء اسم رجل من رواة الحديث.

باب ما أوله الزأي

( زمرذ )

« الزُّمُرُّذُ » بالضمات وتشديد الراء : الزبرجد ، وهو معرب.

( زوذ )

« سهل بن زَاذَوَيْهِ » بالزاي والذال المعجمتين رجل ثقة من رواة الحديث (١).

باب ما أوله السين

( سبذ )

فِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ بِأَيِّ أَرْضٍ؟ فَقَالَ : بِسُبْذَانِ الْهِنْدِ ».

بسين مهملة بَعْدَهَا بَاء موحدة بَعْدَهَا ذال مُعْجَمَة وَنُون فِي الْآخِرِ بَعْدَ أَلِفٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّسَخُ : اسْمُ مَوْضِعٍ هُنَاكَ (٢).

__________________

(١) سهل بن زاذويه أبو محمد القمي ، ثقة جيد الحديث نقي الرواية معتمد عليه منتهى المقال صلى الله عليه وآله ١٥٩.

(٢) وذكر ياقوت في معجم البلدان ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٨٣ موضعا يعرف بسبذان على أربعة فراسخ من البصرة.

١٨١

( سمذ )

فِي حَدِيثِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى « وَيَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهَا شِبْهُ دَقِيقِ السَّمِيذ ».

بسين مهملة وذال معجمة بعد ياء منقطة نقطتين تحتانيتين. قال صاحب الكنز : إنه نان سفيد بمعنى الطحين الأبيض البدلية شبه ، ثم قال كذا وجدناه في شرح النصاب وشرح المقامات ـ انتهى. ويؤيده ما في بعض النسخ « أو الخبز الأبيض دقيق السمراء » والسَّمْرَاء الحنطة والله أعلم.

( سنبذ )

« سَنَابَاذ » هي بالسين المهملة ثم نون بعدها ألف ثم باء موحدة وذال معجمة في الآخر بينهما ألف : اسم بلدة بخراسان وهي الموضع الذي دفن فيه الرضا عليه السلام ، وهي من مُوقان على دَعْوَةٍ أي قدر سماع صوت الشخص.

باب ما أوله الشين

( شحذ )

فِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ شَحَذَ لِي ظُبَةَ مُدْيَتِهِ ».

أي حد لي ، من قولهم شَحَذْتُ السكينَ أَشْحَذُهُ شَحْذاً من باب منع : أي حددته.

( شذذ )

فِي الْحَدِيثِ « الشَّاذُّ عَنْكَ يَا عَلِيُّ فِي النَّارِ ».

أي المنفرد المعتزل عنك ولم يتبع أمرك وحكمك في النار ، يقال شَذَّ عنه يَشُذُّ شُذُوذاً : انفرد عنه ، فهو شَاذٌّ. وقيل الشَّاذُّ هو الذي يكون مع الجماعة ثم يفارقهم ، والفَاذُّ هو الذي لم يكن قد اختلط معهم. والشَّاذُّ في كلام العرب ثلاثة أقسام : ما شذ في القياس دون الاستعمال فهذا قوي في نفسه يصح الاستدلال به ، الثاني ما شذ في الاستعمال دون القياس فهذا لا يحتج به في تمهيد الأصول لأنه كالمرفوض ، والثالث ما شذ فيهما فهذا لا يعول عليه ـ كذا ذكره في المصباح.

١٨٢

وَفِي الْحَدِيثِ « أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ كُلَ شَاذٍّ عَنِ الطَّرِيقِ ».

أي منفرد واضع ، أي أترك صدقته.

وَفِي حَدِيثِ التَّعَارُضِ « وَاتْرُكِ الشَّاذَّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ ».

يعني الحديث الذي لا شهرة فيه بين الأصحاب. و « الشَّاذَرْوَان » بفتح الذال من جدار البيت الحرام ، وهو الذي ترك من عرض الأساس خارجا ، ويسمى تَأْزِيراً لأنه كالإزار للبيت.

( شعبذ )

الشَّعْبَذَةُ هي الحركة الخفيفة.

باب ما أوله الطاء

( طبرذ )

الطَّبَرْزَذُ : السكر ، معرب.

باب ما أوله العين

( عوذ )

قوله تعالى : ( أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ ) قيل هو من عُذْتُ به عَوْذاً وعِيَاذاً ومَعَاذاً : لجأت إليه ملجأ. قوله : ( مَعاذَ اللهِ ) أي أستجير بالله وعِيَاذَ اللهِ مثله. وفي الصحاح مَعَاذَ الله أي أعوذ بالله معاذا تجعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر ، والمَعَاذُ مصدر زمان ومكان قوله : ( وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) [ ٧٢ / ٦ ] قال المفسر : كان إذا سافر الرجل وخاف الجن في سلوك الطريق قال « أَعُوذُ بسعيد هذا الوادي » ثم يسلك فلا يخاف ، وكانوا يرون ذلك استجارة بالجن وأن الجن يجيرونهم. قال تعالى : ( فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) أي خسرانا

١٨٣

ويتم الكلام في عشر إنشاء الله تعالى. وعُذْتُ بفلان واسْتَعَذْتُ به : أي لجأت إليه واعتصمت به. وهو عِيَاذِي : أي ملجئي. وعَوَّذْتُ الصغير بالله : أي عصمته به. وأَعَذْتُ غيري وعَوَّذْتُهُ به بمعنى. والعُوذَةُ والتَّعْوِيذُ بمعنى. ومنه الْحَدِيثُ « سَأَلْتُهُ عَنِ التَّعْوِيذِ يُعَلَّقُ عَلَى الْحَائِضِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « اقْرَأِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ».

هما بضم ميم وكسر واو دون ضمها يعني سورة الفلق وسورة الناس ،

سُمِّيَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام كَانَ عَوَّذَ بِهِمَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله حِينَ وُعِكَ.

وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ « ثُمَّ اقْرَأِ الْمُعَوِّذَاتِ الثَّلَاثَ ».

كأنه أراد بها المعوذتين و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) لأنها يعوذ بها أيضا. وقولهم « أنا عَائِذٌ » و « مُتَعَوِّذٌ بالله من النار » مثل مستجير بالله.

وَفِي الْخَبَرِ مَنِ « اسْتَعَاذَكُمْ بِاللهِ فَأَعِيذُوهُ ».

أي من استعاذ بكم وطلب منكم رفع شركم أو شر غيركم عنه قائلا « بالله عليك أن تدفع عني شرك أو شر غيرك » فأجيبوه. وقوله : « عَائِذاً بالله من النار » يجوز فيه وجهان : الرفع والتقدير أنا عائذ ومتعوذ كما يقال مستجير بالله ، والنصب على المصدر أي أعوذ بك عياذا ، أقام اسم الفاعل مقام المصدر كقولهم « قائما ».

وَفِي الدُّعَاءِ « هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ ».

أي المُسْتَعِيذ المستعصم بك الملتجئ إليك المستجير بك. وفِيهِ « نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ ».

أي إلى الناس ، ومن الكسل لعدم انبعاث النفس للخير ، ومن العجز لأنه عدم القدرة ، ومن الهرم لأنه أرذل العمر وفيه ما فيه من اختلال العقل والحواس وتشويه بعض المنظر والعجز عن كثير من الطاعات ، ومن الجبن لأنه يمنع من الإغلاظ على العصاة ، ومن الكبر بسكون الباء يعني التعظيم على الغير وبفتحها بمعنى الهرم. والعُوذُ جمع عَائِذ بالذال المعجمة ، وهي كل أنثى قريبة العهد بالولادة ، وهي سبعة أيام إلى عشرة أيام وخمسة عشر

١٨٤

وهي مطفل.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي قَوْمِهِ النَّاكِثِينَ « فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ المَطَافِيلِ عَلَى أَوْلَادِهَا » (١).

و المُطْفِلُ : ذات طفل والجمع مَطَافِيلُ. و « عَائِذٌ الأحمسي » اسم رجل من رواة الحديث. و « عَائِذَةُ » أبو حي من ضبة ، والنسبة إليه عَائِذِيٌ. و « مُعَاذُ بن جبل » على صيغة اسم المفعول صحابي (٢).

باب ما أوله الفاء

( فخذ )

فِي الْحَدِيثِ « جَاءَ فِخْذٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ».

الفِخْذُ بالكسر فالسكون للتخفيف : دون القبيلة وفوق البطن ، والجمع أَفْخَاذٌ. ومنه أَفْخَاذُ قريش وأَفْخَاذُ العرب. و « الفَخِذُ » ككتف : ما بين الساق والورك ، مؤنث والجمع أَفْخَاذ أيضا. ومنه الْحَدِيثُ « صَحِيفَةٌ مِثْلُ فَخِذِ الْبَعِيرِ ».

وَفِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ « فَفَخَّذْتُ لَهَا ».

أي أصبت منها ما بين فخذيها

( فذذ )

في الحديث ذكر الفَذِّ ، وهو أول القداح العشرة التي هي سهام الميسر. والفَذُّ : الفرد أيضا ، يقال ذهبا فَذَّيْنِ أي منفردين متفرقين.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٨.

(٢) هو معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي ، أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار ، وبعثه النبي قاضيا إلى الجند من اليمن ، ومات بناحية الأردن في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، وقيل ثلاث وثلاثين سنة ، وقيل ثمان وعشرين سنة ـ انظر الاستيعاب ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٤٠٢ ـ ١٤٠٧.

١٨٥

والآية الفَاذَّةُ ـ بتشديد الذال ـ ، المنفردة في معناها ليس مثلها آية أخرى في قلة ألفاظ وكثرة معان.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ ».

أي الواحد « بسبع وعشرين درجة » وروي « بخمس وعشرين » (١)ولعل اختلاف الرواية بسبب فوات خشوع وكمال ثم لا يقنع بدرجة عن الدرجات إلا أحد رجلين أما غير مصدق لتلك النعمة العظمية أو سفيه لا يهتدي لتلك التجارة الرابحة

( فلذ )

الفِلْذَة كسدرة : القطعة من الكبد واللحم والمال ، والجمع أَفَالِيذُ وفِلَذٌ كسِدَر يقال فَلَذْتُ له من شيء فَلْذاً من باب ضرب : قطعت له منه.

باب ما أوله القاف

( قذذ )

فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ».

القُذَّةُ بالضم والتشديد : ريش السهم ، والجمع قُذَذٌ. و « حَذْوَ القُذَّةِ بِالْقُذَّةِ » أي كما يقدر كل واحدة منها على قدر صاحبتها وتقطع ، ضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.

وَفِي الْحَدِيثِ « وَتَرْكَبُونَ قُذَّتَهُمْ ».

أي طريقتهم. والقُذَّةُ : الطريقة

( قنفذ )

فِي الْحَدِيثِ « الْقُنْفُذُ مِنَ الْمُسُوخِ ».

هو بضم القاف وفتحها ، واحد القَنَافِذُ « والأنثى قُنْفُذَة ، وهو حيوان معروف مولع بأكل الأفاعي ولا يتألم منها

__________________

(١) في الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٣٧٣ « وفضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل فذا خمس وعشرون درجة في الجنة ».

١٨٦

باب ما أوله اللام

( لذذ )

قوله تعالى : ( لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ) [ ٣٧ / ٤٦ ] أي لذيذة. وعن ابن الأعرابي اللَّذَّةُ الأكل والشرب بنعمة وكفاية ، واللذة واحدة اللَّذَّات. وقد لَذِذْتُ الشيءَ بالكسر لَذَاذاً ولَذَاذَةً : وجدته لذيذا. ولَذَّ الشيءُ يَلَذُّ من باب تعب : صار شهيا. والْتَذَذْتُ وتَلَذَّذْتُ به بمعنى. وشراب لَذِيذٌ : يلتذ به. واسْتَلَذَّهُ : عده لذيذا. ومُسْتَلَذٌّ : لَذِيذٌ. قال بعض العارفين : اللَّذَّةُ والألم تابعان للمزاج والمزاج عرض ، فهي عند بعض المتكلمين الحالة الحاصلة عند تغيير المزاج إلى الاعتدال ، والألم هي الحالة الحاصلة عند تغير المزاج إلى الفساد. وعند الحكماء اللَّذَّةُ هي إدراك الملائم من حيث هو ملائم ، والألم إدراك المنافي من حيث هو مناف. وعند بعض المعتزلة هي إدراك متعلق الشهوة ، والألم إدراك متعلق النفرة. واللَّذَّةُ تنقسم إلى حسية وهي ما أدرك بإحدى الحواس العشرة ، وعقلية وهي ما تدرك بالعقل ـ انتهى. و « اللَّذِ » بكسر الذال وتسكينها لغة في الذي ـ قاله الجوهري وغيره.

( لوذ )

قوله تعالى : ( يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً ) [ ٢٤ / ٦٣ ] لِوَاذاً مصدر قولهم لَاوَذَ القومُ مُلَاوَذَةً ولِوَاذاً : أي لاذ بعضهم ببعض واستتر به ، ولو كان من لَاذَ لقال لِيَاذاً. ولَاذَ به لَوْذاً ولِيَاذاً : أي لجأ إليه وعاذ به. وجاء في المصباح لَاذَ الرجلُ بالجبل يَلُوذُ لِوَاذاً بكسر اللام وحكى التثليت وهو الالتجاء.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ بِكَ أَلُوذُ ». أي ألتجئ

١٨٧

وأنضم وأستغيث. ومثله « بِكَ أَعُوذُ وَبِكَ أَلُوذُ ».

وقوله « وتَلُوذُ بسبابتك » أي تتضرع بسباتك بتحريكها. و « لَوْذَانُ » بالفتح اسم رجل. ولَاوِذُ بن سام بن نوح عليه‌السلام

باب ما أوله الميم

( منذ )

قال في القاموس « مُنْذُ » بسيط مبني على الضم ، و « مُذْ » محذوف منه مبني على السكون وتكسر ميمهما ويليهما اسم مجرور ، وحينئذ فهما حرفا جر بمعنى من في الماضي وفي في الحاضر ، ومن وإلى جميعا في المعدود ك « ما رأيته مُذْ يوم الخميس » واسم مرفوع ك « مُذْ يومان » وحينئذ مبتدءان ما بعدهما خبر ومعناها بين وبين ك « لقيته مُنْذُ يومان » أي بيني وبين لقائه يومان ، وتليهما الجملة الفعلية نحو « ما زال مُذْ عقدت يداه إزاره » والاسمية :

وما زلت أبغي المال مُذْ أنا يافع

وحينئذ فهما ظرفان مضافان إلى الجملة أو إلى زمان مضاف إليها ، وقيل مبتدءان

( موذ )

المَاذِيُ : العسل الأبيض ـ قاله الجوهري

. باب ما أوله النون

( نبذ )

قوله تعالى : ( نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) [ ٢ / ١٠٠ ] أي نقضه ، وأصل النَّبْذِ الطرح. قوله : فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ [ ٣ / ١٨٧ ] مَثَلٌ في ترك اعتدادهم به كما يقال في ضده « جَعَلَهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ »

١٨٨

قال الشيخ أبو علي : وفيه دلالة على أنه واجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس ولا يكتمون شيئا منه لغرض فاسد من جر منفعة أو لبخل في العلم أو تطيب نفس ظالم أو غير ذلك.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام « مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى الْجُهَّالِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا » (١).

قوله : ( فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ) [ ٨ / ٥٨ ] معناه إذا هادنت قوما فعلمت منهم النقض للعهد فكذا. وفي التفسير : اطرح العهد عليهم على سواء. قوله : ( إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها ) [ ١٩ / ١٦ ] أي اعتزلهم بمعزل بعيد عن القوم. والمُنَابَذَةُ : المكاشفة. ومنه « نَابِذَهٌ في الحرب » أي كاشفه. ونَابَذْتُهُمُ الحربَ : كاشفتهم إياها وجاهرتهم بها. ومنه الْخَبَرُ « فَإِنْ أَبَيْتُمْ نَابَذْنَاكُمْ عَلَى سَوَاءٍ ».

أي كاشفناكم وقابلناكم على سواء أي على طريق مستقيم في العلم بالمنابذة منا ومنكم. ومنه الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُ « نَابَذَنِي مَنْ أَذَلَّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ ».

والنَّبِيذُ : ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك ، يقال نَبَذْتُ التمرَ والعنبَ : إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا ، فصرف من مفعول إلى فعيل.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَصْلُ النَّبِيذِ حَلَالٌ وَأَصْلُ الْخَمْرِ حَرَامٌ ».

كأنه أراد بالأصل الأول العنب وهو حلال وبالأصل الثاني النَّبِيذُ وهو حرام. وانْتَبَذْتُهُ : اتخذته نبيذا سواء كان مسكرا أو غير مسكر ، ويقال للخمر المعتصر من العنب نَبِيذٌ كما يقال لِلنَّبِيذِ خمر ـ كذا ذكره بعض شراح الحديث. وفِيهِ « أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ بِالنَّبِيذِ ».

وليس هو مسكر كما توهمه ظاهر العبارة وإنما هو ماء مالح قد نُبِذَ به

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٦٦.

١٨٩

تمرات ليطيب طعمه وقد كان ماء صافيا فوقها كما جاءت الرواية بتفسيره. وقيل إذا أصابك خمر أو نَبِيذٌ فاغسله يعني نبيذا مسكرا. والنَّبْذُ : الشيء اليسير ، يقال ذهب ماله وبقي نَبْذٌ منه. والمَنْبُوذُ : ولد الزنا والصبي تلقيه أمه في الطريق ، يقال نَبَذْتُهُ نَبْذاً من باب ضرب : ألقته فهو مَنْبُوذٌ.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ ».

وفسرت بأن تقول إذا نَبَذْتَ متاعَك أو نَبَذْتُ متاعي فقد وجب البيع ، أو يقول انْبِذْ إليَّ الثوبَ أو أَنْبِذُهُ إليك ليجب البيع ، وإذا انْتَبَذْتُ إليك الحصاة فقد وجب البيع.

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ « وَنَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَبَيْعِ الْحَصَى ».

ثم قال : وهذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعون بها. و « جلس نُبْذَةً » بضم النون وفتحها : أي ناحية

( نجذ )

فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ».

النَّوَاجِذُ من الأسنان بالذال المعجمة الضواحك وهي التي تبدو عند الضحك والأكثر أنها أقصى الأسنان. قيل والمراد الأول لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدو آخر أسنانه وإنما كان ضحكه التبسم ، وإن أريد بها الأواخر فالوجه المبالغة في الضحك من غير أن يريد ظهور نواجذه في الضحك ، وهو أقيس القولين لاشتهار النَّوَاجِذ بآخر الأسنان ـ كذا قرره بعض شارحي الحديث. وفي الصحاح للإنسان أربعة نَوَاجِذ في أقصى الأسنان بعد الأرحاء. وفي غيره الأسنان كلها نَوَاجِذ. وعن صاحب البارع وتكون النَّوَاجِذُ للإنسان وللحافر وهي في ذوات الخف الأنياب.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لِقَوْمِهِ فِي الْحَرْبِ « وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ فَإِنَّهُ

١٩٠

أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ » (١).

يحتمل أن يريد بها النَّوَاجِذ المشهورة ، أو التي تلي الأنياب وهي الأضراس كلها جمع في نَاجِذ ، ومعنى الكلام المبالغة في التمسك في هذه الوصية بجميع ما يمكن من الأسباب المعينة عليه كالذي يتمسك بالشيء ويستعين عليه بأسنانه استظهارا للمحافظة ويحتمل أي تمسكوا بها كما يتمسك العاض بجميع أضراسه. و « الأَنْجُذَان » بضم الجيم : نبات يقاوم السموم جيد لوجع المفاصل جاذب مدر محدث للطمث ـ قاله في القاموس

( نفذ )

قوله تعالى : ( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ ) [ ٥٥ / ٣٣ ] المعنى أيها الثقلان إن استطعتم أن تهربوا من قضائي وتخرجوا من أرضي وسمائي فافعلوا ، ثم قال لا تقدرون على النفوذ من نواحيها إلا بسلطان أي بقهر وقوة وغلبة وأنى لكم ذلك.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنْ نَافَذْتَهُمْ نَافَذُوكَ ».

هو من نَافَذَهُ : حاكمه ، أي إن قلت لهم قالوا لك.

وَفِي خَبَرِ الْوَالِدَيْنِ « وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا ».

أي إمضاء وصيتهما وما عهدا به قبل موتهما. ونَفَذَ السهمُ نُفُوذاً من باب قعد ونَفَاذاً : خرق الرمية وخرج منها ، وأَنْفَذْتُهُ بالألف. ونَفَذَ في الأمر والقول نُفُوذاً ونَفَاذاً : مضى. وأمره نَافِذٌ : أي مطاع. ونَفَذَ العتقُ : مضى. قال في المصباح كأنه مستعار من نُفُوذِ السهم. وطريق نَافِذٌ : أي سالك. والمَنْفِذُ : موضع نفوذ الشيء. والنَّافِذَةُ في الشجاج : التي نفذت من رمح أو خنجر

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١١٠.

١٩١

( نقذ )

النَّقْذُ والاسْتِنْقَاذُ والتَّنْقِيذُ : التخليص. ومنه « حقا عَلَيَّ أن أَسْتَنْقِذَهُ من النار ». ومنه « يا مُنْقِذَ الغرقى » وأمثالها. والاسْتِنْقَاذُ في تعريف بعض الفقهاء عبارة عن رفع يد عادية بعوض. و « النَّقَذُ » بالتحريك : ما أنقذته ، وهو فعل بمعنى مفعول. و « مُنْقِذٌ » اسم رجل

باب ما أوله الواو ( وقذ )

قوله تعالى : ( وَالْمَوْقُوذَةُ ) [ ٥ / ٣ ] هي المضروبة حتى تشرف على الموت ثم تترك حتى تموت وتؤكل بغير ذكاة ، من وَقَذَهُ يَقِذُهُ وَقْذاً : ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت. ومنه « شاة مَوْقُوذَةٌ » للتي وقذت بالخشب.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمَوْقُوذَةُ الَّتِي مَرِضَتْ وَوَقَذَهَا الْمَرَضُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهَا حَرَكَةٌ » (١).

ووَقَذَهُ النعاس : إذا غلبه.

باب ما أوله الهاء

( هذذ )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَهُذُّوا الْقُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ وَلَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الرَّمْلِ » (٢).

الهَذُّ بالذال المعجمة المشددة : سرعة القطع ، ثم أستعير لسرعة القراءة ، يقال هو يَهُذُّ القرآنَ من باب قتل : أي يسرده

__________________

(١) البرهان ج ١ صلى الله عليه وآله ٤٣٣.

(٢) تفسير علي بن إبراهيم صلى الله عليه وآله ٧٠١.

١٩٢

ويسرع به ، والمعنى لا تسرعوا بقراءة القرآن كما تسرعون في قراءة الشعر ، ولا تفرقوا بعضه عن بعض وتنثروه كنثر الرمل ، ولكن بينوه ورتلوه ترتيلا كما أمر به في قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ).

( هوذ )

هَوْذَةُ : اسم رجل لعنه النبي صلى الله عليه وآله.

١٩٣
١٩٤

كتاب الراء

١٩٥
١٩٦

باب ما أوله الألف

( أبر )

فِي الْحَدِيثِ « مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ ».

التَّأْبِيرُ : تلقيح النخل وإصلاحه ، على ما هو معروف بين غراس النخيل ، يقال أَبَرْتُ النخلةَ أَبْراً من بابي ضرب وقتل : لقحته ، والاسم منه الإِبَارُ بالكسر. وأَبَّرْتُهُ تَأْبِيراً ، مبالغة وتكثير ، ومنه « خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ وَسِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ ».

أي ملقحة. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام فِي الْخَوَارِجِ « لَا بَقِيَ مِنْكُمْ آبِرٌ » (١).

أي رجل يقوم بتأبير النخل وإصلاحه ، فهو اسم فاعل. ويروى « آثر » بالثاء المثلثة أي مخبر. و « الإِبْرَةُ » بالكسر معروفة. وإِبْرَةُ العقرب : شوكتها.

وَفِي الْخَبَرِ « الْمُؤْمِنُ كَالشَّاةِ المَأْبُورَةِ ».

أي التي أَكَلَتِ الإبرةَ في علفها فنشبت في جوفها ، فهي لا تأكل وإن أكلت شيئا لم يتمحد به.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَسْتُ بِمَأْبُورٍ فِي دِينِي ».

أي لست بمتهم في ديني.

( أثر )

قوله تعالى : ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) [ ٢٠ / ٩٦ ] المعنى من أثر فرس الرسول ، رُوِيَ أَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا حَلَّ مِيعَادُهُ وَذَهَابُهُ إِلَى الطُّورِ أَرْسَلَ اللهُ جَبْرَئِيلَ رَاكِبَ حَيْزُوم فَرَسِ الْحَيَاةِ لِيَذْهَبَ بِهِ ، فَأَبْصَرَهُ السَّامِرِيُّ فَقَالَ : إِنَّ لِهَذَا شَأْناً ، فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ مَوْطِئِهِ ، فَلَمَّا سَأَلَهُ مُوسَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ ذَلِكَ.

وتوضيح القصة في محالها. قوله : ( « آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا » ) أي فضلك الله علينا ، من قولهم « له عليه إِثْرَةٌ » أي فضل.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١٠٢.

١٩٧

قوله : ( « أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ » ) أي بقية من علم تؤثر عن الأولين أي تسند إليهم أو علم مَأْثُور. قوله : ( وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ ) [ ٣٦ / ١٢ ] السين فيها وفي نظائرها للتأكيد ، ( وَآثارَهُمْ ) أي ما قدموا من الأعمال وما سنوه بعدهم حسنة كانت أو قبيحة ، ومثله ( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) وقيل آثارَهُمْ أي أقدامهم في الأرض ، أراد مشيهم إلى العبادة. وآثَارُ الأعمال : ما بقي منها. ومنه قوله تعالى : ( فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ ) [ ٣٠ / ٥٠ ] أي ما بقي منها. قوله : ( وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) [ ٤٣ / ٢٣ ] أي على سنتهم في الدين. قوله : ( هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي ) [ ٢٠ / ٨٤ ] هو من قولهم « خرجت في أَثَرِهِ » بفتحتين ، وفي إِثْرِهِ بكسر الهمزة فالسكون أي تبعته عن قريب. قوله : ( إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ) [ ٧٤ / ٢٤ ] أي ما تقوله سحر يؤثر وينقل عن أهل بابل. قوله : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ) [ ٥٩ / ٩ ] أي يقدمون على أنفسهم ، من قولهم « آثره على نفسه » قدمه وفضله. قوله : ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) [ ٨٧ / ١٦ ] أي تقدمونها وتفضلونها على الآخرة. قال الشيخ أبو علي قرأ أبو عمر وغيره بالياء التحتانية والباقون بالتاء على الخطاب. وقال في قوله : ( فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ) [ ١٠٠ / ٤ ] بتشديد الثاء وهو من التأثير فالهمزة فاء الفعل ، فَأَثَرْنَ بالتخفيف من الإثارة. والنَّقْعُ : الغبار.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَهُوَ الْمَأْثُورُ ».

أي المقدم المفضل على غيره من الشهور. والأُثْرُ بالضم : أثر الجراح يبقى بعد البرء. وسنن النبي صلى الله عليه وآله آثَارُهُ. وأَثَرْتُ الحديثَ أَثْراً من باب قتل : نقلته. و « الأَثَرُ » بفتحتين الاسم منه.

١٩٨

وحديث مَأْثُور : ينقله خلفا عن سلف. وأَثَرُ الدار : بقيتها ، والجمع آثَار مثل سبب وأسباب.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِمْ عليه السلام « آثَارُكُمْ فِي الْآثَارِ وَقُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ ».

ونحو ذلك ، ولعل المراد بذلك شدة الامتزاج بهم والاختلاط معهم.

وَفِي الْخَبَرِ « فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ».

أي فبعث الطالب وراءهم. وفِيهِ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَبْسُطَ اللهُ فِي رِزْقِهِ وَيَنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ».

الأَثَرُ : الأجل ، سمي به لأنه يتبع العمر. ومنه قولهم « قُطِعَ أَثَرُهُ » أي أجله ، لأن من مات لم يبق له أثر. واسْتَأْثَرَ فلان بالشيء : استبد به ، والاسم الأَثَرَةُ بالتحريك.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وآله لِلْأَنْصَارِ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا ».

الأَثَرَةُ بفتح الهمزة والثاء الاسم من آثَرَ يُؤْثِرُ إِيثَاراً : إذا أعطى ، أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء. والاسْتِيثَارُ : الانفراد.

وَفِي خَبَرِ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي « قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ ».

دعاء عليه بالزمانة ليقطع مشيته. والتَّأْثِيرُ : إبقاء الأثر في الشيء. واسْتَأْثَرَ اللهُ بفلان : إذا مات ورجا له الغفران ـ قاله الجوهري. والمَأْثُرَةُ بالضم : المكرمة لأنها تؤثر ويتحدث بها.

( أجر )

قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَ أُجُورَهُنَ ) [ ٤ / ٢٤ ] جمع أَجْر ، وهو جزاء العمل ، يعني صداقهن ، فأوجب إيفاء الأجر بنفس العقد في نكاح المتعة خاصة. قوله : ( عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ) [ ٢٨ / ٢٧ ] هو من قولهم آجَرَ فلان فلانا إذا أخدمه بِأُجْرَةٍ ، أي تكون أجيرا لي.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي غَسَلَاتِ الْوُضُوءِ « وَمَنْ زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ » (١).

أي لم يعط الأجر والثواب ، يقال أَجَرَهُ اللهُ من

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٧.

١٩٩

بابي ضرب وقتل ، وآجَرَهُ اللهُ بالمد لغة ثالثة : أثابه.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي عِلَّةٍ اعْتَلَّهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ « جَعَلَ اللهُ [ مَا كَانَ مِنْ ] شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ وَلَكِنْ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ وَيَحُتُّهَا حَتَّ الْأَوْرَاقِ ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَالْأَقْدَامِ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ » (١).

قال السيد رضي : قَوْلُهُ « إِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ ».

ليس ذلك على إطلاقه ، وذلك لأن المريض إذا احتمل المشقة التي حملها الله عليه احتسابا كان له أَجْرُ الثواب على ذلك والعوض على المرض ، فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب وعلى فعل الله إذا كان ألما على سبيل الاختبار العوض (٢)، وهو كلام حسن. وآجَرْتُهُ على فعله : إذا جعلت له أجرا. والأُجْرَةُ : الكراء ، والجمع أُجَر مثل غرفة وغرف. قال في المصباح : وربما جمعت على أُجُرَات بضم الجيم وفتحها وآجَرْتُهُ الدارَ : أكريتها. والإِجَارَة : هي العقد على تملك منفعة بعوض معلوم.

وَفِي خَبَرِ الْأَضَاحِيِ « كُلُوا وَادَّخِرُوا وَائْتَجِرُوا ».

أي تصدقوا طالبين الأجر بذلك ، ولا يجوز فيه اتجروا بالإدغام لأن الهمزة لا تدغم في التاء ، وإنما هو من الأجر لا من التجارة. و « ائْتَجَرَ عليه بعضُ إخوانه بكفن » أي تصدق.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٦٢.

(٢) لم نجد هذا الكلام في نهج البلاغة ، بل نص كلامه فيه بعد ذكر كلام علي عليه السلام هو : إن المرض لا أجر فيه ، لأنه من قبيل ما يستحق عليه العوض لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام والأمراض وما يجري مجرى ذلك ، والأجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد ، فبينهما فرق قد بينه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب.

٢٠٠