مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

لأنه الأصل المبني منه ، ويبعد أن يكون أصل الشيء ليس منه.

( تنبيه )

قال بعض الأفاضل العَدَدُ قد يجعل كناية عن القلة والكثرة ، فالأول مثل

« وَنَهَى صلى الله عليه وآله أَنْ تَتَكَلَّمَ الْمَرْأَةُ عِنْدَ غَيْرِ زَوْجِهَا وَغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ كَلِمَاتٍ ».

فإنه ربما جعل كناية عن القلة كما جعلت السبعون في قوله تعالى ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) كناية عن الكثرة وهو القسم الثاني.

وأنفدت عِدَّةَ كتبي : أي جماعة كتبي و « العِدَّةُ » مصدر عَدَدْتُ الشيءَ عَدّاً وعِدَّةً والعِدَّةُ : جماعة قلت أو كثرت.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْخِلَافَةِ « لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ ».

وعِدَّةُ أصحاب بدر ثلاثمائة. وعِدَّةُ المرأة بالأقراء والأشهر.

وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَرَابَةِ « تَنْتَظِرُ عِدَّةَ مَا كَانَتْ تَحِيضُ ».

أي عدد أيام الحيض. و « فلان في عِدَدِ أهل الخير » بالكسر : أي معهم. وفلان يحثو المال ولا يَعُدُّهُ : أي يقسمه من غير عدد. و « مَعَدٌّ » بالفتح والتشديد أبو العرب ، وهو مَعَدُّ بْنُ عدنان ، والميم من نفس الكلمة نقلا عن سيبويه. وقولهم في المثل المشهور « أن تسمع بِالْمُعَيْدِي خير من أن تراه » هو تصغير مَعَدِّيٍ منسوب إلى مَعَدٍّ ولكن خفف ـ قاله الجوهري (١)

( عرد )

فِي الْحَدِيثِ « الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى غَيْرِ عَرْدٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ ».

المراد بِالْعَرْدِ المرة الواحدة من المواقعة قال في القاموس عَرَدَ جاريته : جامعها وشيء عَرِدٌ أي صلب. والعَرَادُ بفتح العين نبت عربد ، قولهم فلان معربد في سكره مأخوذ من العربدة ، وهي حية تنفخ

__________________

(١) قال : وإنما خففت الدال استثقالا للجمع بين التشديدين مع ياء التصغير ، يضرب للرجل الذي له صيت وذكر في الناس إذا رأيته ازدريت مرآته.

١٠١

ولا تؤذي.

( عسجد )

العَسْجَدُ : الذهب والجوهر كله والدر والياقوت.

( عصد )

العَصِيدَةُ : التي تُعْصَدُ بالمسواط فتمرها به فتنقلب لا يبقى في الإناء منها شيء إلا انقلب ، وعن ابن فارس سميت بذلك لأنها تُعْصَدُ أي تقلب وتلوى ، يقال عَصَدْتُهَا عَصْداً من باب ضرب إذا لويتها ، وأَعْصَدْتُهَا بالألف لغة. وقولهم « فلان لون بكل عَصِيدَةٍ » يريدون كثرة الاختلاط مع كل أحد. وقولهم « وقعوا في عَصُودٍ » أي في أمر عظيم.

( عضد )

قوله تعالى : ( وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) [ ١٨ / ٥١ ] أي أعوانا ، يقال عَضَدْتُهُ أَعْضُدُهُ : أعنته ، واعْتَضَدْتُ بفلان : استعنت به. ومنه « عَضَدَهُ على أمره » أي أعانه عليه. قوله : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) [ ٢٨ / ٣٥ ] قد تقدم بيانه. والعَضُدُ : الساعد ، وهو من المرفق إلى الكتف مؤنث عند أهل تهامة ومذكر عند تميم ، وفيه خمس لغات وزن رجل وبضمتين في لغة الحجاز وبها قرأ الحسن ومثال كبد ومثال فلس ومثال قفل ، والجمع أَعْضَادٌ كأقفال ، وأَعْضُدٌ كأكلب.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَكَّةُ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا ».

أي لا يقطع شجرها ، من العَضْدِ ـ بإسكان الضاد ـ أي القطع. ومثله « لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ ».

يقال عَضَدْتُ الشجرةَ عَضْداً ـ من باب ضرب ـ : قطعتها. و « العَضَدُ » بالتحريك : المَعْضُودُ. و « المِعْضَدُ » بكسر الميم : الدملج. وعِضَادَتَا الباب : خشبتاه من جانبيه. والأخبار قد يَعْضُدُهَا كذا : أي يقويها ، من عَضَدْتُهُ إذا قويته.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَنْتَ عَضُدِي ».

أي أنا بك أتقوى وأنتصر. وفلان عَضُدِي : أي معتمدي على الاستعانة.

١٠٢

( عقد )

قوله تعالى : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ) [ ٢٠ / ٢٧ ] قيل هي رثاثة كانت في لسانه ، لما روي من حديث الجمرة قوله : ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) [ ٢ / ٢٣٧ ] قيل هو الزوج المالك لحله وعقده ، وقيل هو الولي يلي أمر الصبية.

وَفِي الْحَدِيثِ « ( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) هُوَ الْأَبُ وَالْأَخُ أَوِ الرَّجُلُ يُوصَى إِلَيْهِ وَالَّذِي يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَرْأَةِ يَبْتَاعُ لَهَا وَيَتَّجِرُ فَإِذَا عَفَا فَقَدْ جَازَ » (١).

وفِي حَدِيثٍ آخَرَ « يَأْخُذُ بَعْضاً وَيَدَعُ بَعْضاً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَعَهُ كُلَّهُ » (٢).

قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) [ ٥ / ١ ] هي جمع عَقْدٍ بمعنى المعقود ، وهو أوكد العهود. والفرق بين العهد والعَقْدِ أن العَقْدَ فيه معنى الاستيثاق والشد ولا يكون إلا من متعاقدين ، والعَهْدَ قد يتفرد به الواحد ، فكل عهد عَقْدٌ ولا يكون كل عَقْدٍ عهدا ، وأصله عَقْدُ الشيء بغيره وهو وصله به كما يعقد الحبل. قال الشيخ أبو علي : اختلف في هذه العهود على أقوال : أحدها أن المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم شرا ، وذلك هو معنى الحلف. وثانيها أراد بالعهود التي أخذ الله على عباده بالإيمان به وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم ، وهو قول ابن عباس. وثالثها أن المراد بها العقود التي يتعاقد الناس بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الأيمان وعقد البيع وعقد العهد وعقد الحلف. ورابعها أن ذلك أمر من الله تعالى بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق نبينا محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به من عند الله. قالوا : وأقوى هذه قول

__________________

(١) البرهان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٩.

(٢) البرهان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٢٩.

١٠٣

ابن عباس (١) قوله : ( بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) [ ٥ / ٨٩ ] أي بتعقيدكم الأيمان ، وهو توثيقها بالقصد والنية ، وقرئ عَقَدْتُمْ بالتخفيف وعَاقَدْتُمْ ، والمعنى ولكن يؤاخذكم بنكث ما عقدتم. قوله : ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) [ ٤ / ٣٣ ] أي الذين عاهدت أيديكم ، نسب العهد إلى اليمين لأن الرجل كان يمسح يده معاهده عند المعاهدة ، يقال نزلت تأكيدا لعقد الولاء الثابت في الجاهلية ، فإنهم كانوا يتحالفون فيها فيكون للحليف السدس ، ثم نسخ هذا بآية أولي الأرحام. قال الشيخ أبو علي : قرأ أهل الكوفة عَقَدَتْ بغير ألف والباقون عَاقَدَتْ بالألف (٢)والمعنى والذين عاقدت حلفهم أيمانكم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ومن قال عَقَّدَتْ أَيْمَانُكمْ كان المعنى عقدت حلفهم أيمانكم ، فحذف الحلف وأقام المضاف إليه مقامه ، والذين قالوا عَاقَدَتْ حملوا الكلام على المعنى ، إذ كان لكل واحد من الفريقين يمين ، والذين قالوا عَقَدَتْ حملوا الكلام على لفظ الأيمان ، لأن الفعل لم يستند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ وإنما استند إلى الأيمان. قوله : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ) [ ١١٣ / ٤ ] هو بضم عين وفتح قاف جمع عُقْدَة ، وهذه العُقْدَةُ حقيقة من باب عقد النفاثات السواحر بأن يأخذن خيطا فيعقدن عليه عقدة ويتكلمن عليه بالسحر.

وَفِي الْحَدِيثِ « مُشْتَرِي الْعُقْدَةِ مَرْزُوقٌ وَبَايِعُهَا مَحْرُومٌ ».

العُقْدَةُ بالضم الضيعة والعقار الذي اعتقده صاحبه ملكا ، والجمع عُقَدٌ كصرد. ومِنْهُ « كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام لَا يَشْتَرِيَانِ عُقْدَةً ».

أي لا يبيعانها حتى يدخلا طعام سنة.

وَفِي الدُّعَاءِ « لَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ ».

يريد عقد العزم على الندامة ،

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٥١ ـ ١٥٢ ، وقد نقل هنا باختصار.

(٢) مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٤٢.

١٠٤

وهو تحقيق التوبة.

وَفِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ الْمُعْصِرِ « ثُمَ عَقَدَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى تِسْعِينَ » ثُمَّ قَالَ : « تَسْتَدْخِلُ الْقُطْنَةَ ثُمَّ تَدَعُهَا مَلِيّاً ».

التسعون هي من الأعداد ، وهي بحساب اليد عبارة عن لف السبابة ووضع الإبهام بحيث لا يبقى بينهما إلا خلل يسير ، وكأنه كناية عن حفظ السر حفظا محكما كإحكام القابض على تسعين ، لأن ما قبله من الكلام هكذا

« ثُمَّ نَهَدَ إِلَيَّ فَقَالَ : يَا خَلَفُ سِرُّ اللهِ سِرُّ اللهِ لَا تُذِيعُوهُ » (١).

وربما كان العَقْدُ على تسعين بيانا لكيفيه إدخال القطنة ، وقرينة اليسرى تدل عليه.

وَفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ عليه السلام : « أَسْلَمَ أَبُو طَالِبٍ بِحِسَابِ الْجَمَلِ ».

ثم عقد بيده ثلاثة وستين ، يريد عنى بذلك إله أحد جواد ، وتفسير ذلك على ما ذكر في معاني الأخبار أن الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستة والألف واحد والدال أربعة ، فذلك ثلاثة وستون (٢)و العَقْدُ من مواضعات الحساب يستعمل في الأصابع ، ومنه « وعَقَدَ عشرا » وسيجيء في جمل مزيد كلام في هذا المقام. و « العُقْدَةُ » بالضم : ما تمسكه وتوثقه ومنه « عُقْدَةُ البيع » ونحوه من باب ضرب. وعَقَدْتُ اليمين وعَقَّدْتُهَا بالتشديد توكيد. و « عُقَدُ عَزِيمَاتِ اليَقِينِ » ما انعقد في النفس من العزم على يقين. و « العِقْدُ » بالكسر : القِلادة. ومنه « انقطع عِقْدٌ لي » والجمع عُقُودٌ كحمل وحمول ، ويقال تَعَقَّدَ الخيط وخيوط مُعَقَّدَة للكثرة. وتَحَلَّلَ عُقَدُهُ : سكن غضبه. وثلاث عُقَدٍ بضم عين وفتح قاف جمع

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٩٣.

(٢) حديث الصادق عليه السلام في معاني الأخبار صلى الله عليه وآله ٢٨٥ ، وشرح الحديث مأخوذ من كلام للحسين بن روح ـ انظر نفس الكتاب والصفحة.

١٠٥

عُقْدَة ، وهكذا « أهل العُقْدَةِ » يعني أصحاب الولايات على الأمصار. وكلام مُعَقَّدٌ : أي مغمض. ومَعْقِدُ الشيء ـ مثل مجلس ـ : موضع عقده. وقولهم « هو مني مَعْقِدَ الإزار » يراد به قرب منزلة. وعَقْدُ النكاح : إحكامه وإبرامه. وعَقَدْتُ النكاحَ والبيعَ ونحوه : أحكمته وأبرمته. والمرأة إذا سبحت عَقَدَتْ على الأنامل ، يعني رءوس الأصابع جمع أنملة ، يعني سبحت بهن. واعْتَقَدْتُ كذا : أي عقدت عليه قلبي وضميري. وله عَقِيدَةٌ حسنة : أي سالمة من الشك. وأهل الحل والعَقْدِ : من يرجع الناس إلى أقوالهم ويعتقدون بهم من الأكابر والعلماء.

قَوْلُهُ : « الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرِ » (١).

أي ملازم لها كأنه معقود فيها. و « العُنْقُودُ » بالضم واحد عَنَاقِيد : العنب ، وفِيهِ « إِذَا صَارَ الْحِصْرِمُ عُنْقُوداً حَلَّ بَيْعُهُ ».

قيل العُنْقُودُ اسم للحصرم بالنبطية ، وفي الخبر ما يشهد له (٢)

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ».

أي بخصال استحق بها العرش العز أو بمواضع انعقادها منه ، قيل وحقيقته بعز عرشك.

( عمد )

قوله تعالى : ( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) [ ١٣ / ٢ ] أي خلقها مرفوعة بلا عمد ، وفيه تنبيه على عظم قدرة الله تعالى ، وقيل معناه ألا ترون تلك العَمَدَ وهي قدرة الله تعالى ، وقيل النفي فيه واقع على الموصوف والصفة ، أي لا عمد ولا رؤية كما سبق الكلام في مثله. وعن ابن عرفة العَمَدُ جمع عِمَاد ، وليس في كلام العرب فِعَال على فَعَل إلا هذا وقولهم إِهَاب وأَهَب.

__________________

(١) الكافي ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٨.

(٢) التهذيب ج ٧ صلى الله عليه وآله ٨٤.

١٠٦

قوله : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) [ ٨٩ / ٧ ] أي البناء الرفيع ، نقل أنهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخون من أسفله إلى أعلاه ، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها ثم يبنون القصور فوقها ، فسميت ذات العماد. وقيل أهل عَمَدٍ لأنهم كانوا بدويين أهل خيام. قال الشيخ أبو علي : اختلفوا في ( إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) على أقوال : « أحدها » ـ أنه اسم قبيلة ، قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى هي إرم وهي التي قال الله تعالى فيهم ( أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى ). وقيل هو جد عاد ، وهو عاد ابن عوص ابن إرم بن سام بن نوح [ وقيل هو سام بن نوح ] نسب عاد إليه ، وقيل إرم قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك [ وكانوا بمهرة وكان عاد أباهم ]. و « ثانيها » ـ أن إرم اسم بلد ، ثم قيل هو دمشق ، وقيل هي مدينة الإسكندرية وقِيلَ هِيَ مَدِينَةٌ بَنَاهَا عَادُ بْنُ شَدَّادٍ (١) فَلَمَّا أَتَمَّهَا وَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا أَهْلَكَهُ اللهُ بِصَيْحَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ.

و « ثالثها » ـ أنه ليس بقبيلة ولا بلد بل هو لقب لعاد ، وكان عاد يعرف به.

وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ « بِعَادِ إِرَمٍ » عَلَى الْإِضَافَةِ ، وَقِيلَ وَهُوَ اسْمٌ آخَرُ لِعَادٍ وَكَانَ لَهُ اسْمَانِ (٢).

قوله : ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) [ ١٠٤ / ٩ ] قرئ بضمتين ، وهي قراءة أهل الكوفة غير حفص ، وقرأ الباقون بفتحتين ، وكلاهما جمع عَمُودٍ في الكثرة ، وأما جمعه في القلة فَأَعْمِدَةٌ ، أي تُوصَد عليهم الأبواب ويمدد على الأبواب العَمَد استيثاقا في استيثاق ، وفيه تأكيد لليأس من الخروج وإيذان بحبس الأبد ، نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الصَّلَاةُ عِمَادُ دِينِكُمْ ».

أي يتقوم بها دينكم. و « عِمَادُ الشَّيْءِ » بالكسر : ما يقوم به الشيء ويثبت ولولاه لسقط وزال.

__________________

(١) شداد بن عاد ـ كذا في المجمع.

(٢) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٨٥ ـ ٤٨٦ ، والزيادات منه.

١٠٧

ومنه « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ السَّمَاءَ لِكُرْسِيِّهِ عِمَاداً ».

ومثله « مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ » (١).

العَمُودُ بالفتح عمود البيت ، والجمع في القلة على أَعْمِدَة وفي الكثرة على عُمُد بضمتين. والمعنى أن الصلاة كالعمود للخيمة ، فكما لا تتقوم الخيمة إلا به لا يتقوم الدين إلا بالصلاة.

قَوْلُهُ عليه السلام « صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ ».

أراد بهما العَمُودَيْنِ اللذين في الكعبة شرفها الله تعالى.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ ، وَأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ » (٢).

يعني الشهادتين ، فاستعار لفظ العمودين والمصباحين لتوحيد الله تعالى واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وآله لقيام الدين بهما. والعَمُودَانِ : الآباء وإن علوا أو الأولاد وإن سفلوا. والعِمَادُ : الأبنية الرفيعة. وفلان رفيع العِمَادِ : كناية عن الشرف.

وَفِي وَصْفِهِ تَعَالَى « أَنْتَ عِمَادُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ».

أي لا يقومان ولا يتقومان إلا بك. قال الله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ). وعَمَدْتُ إلى الشيء أَعْمِدُ عَمْداً من باب ضرب : قصدته. وعَمَدْتُ إليه : قصدت إليه. والعَمْدُ : نقيض الخطإ. وقولهم « فلان فعل ذلك عَمْداً » أي قصدا ، ومنه « قتل العَمْدِ ». وعَمِيدُ القوم وعَمُودُهُمْ : سيدهم ، ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « مِنْ عَمِيدِ هَذَا الْجَيْشِ ».

أي كبيرهم الذي إليه المرجع. واعْتَمَدْتُ على الشيء : اتكأت عليه

وَفِي حَدِيثِ الْحَائِضِ « تَعَمَّدَ بِرِجْلِهَا الْيُسْرَى عَلَى الْحَائِطِ » (٣).

أي تعتمد عليها برجلها ، بمعنى ترفعها كما جاءت به الرواية.

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٦٦.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٤.

(٣) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٨٠.

١٠٨

( عمرد )

فِي الْحَدِيثِ « لَعَنَ اللهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ فُلَاناً وَفُلَاناً وَمُسُوخاً وَأَبْضَعَةَ وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ ».

أي الطويلة ، من قولهم فرس عَمَرَّدٌ بتشديد الراء : أي طويل

( عند )

قوله تعالى : ( وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) [ ١٤ / ١٥ ] العَنِيدُ هو الجائر عن القصد الباغي الذي يرد الحق مع العلم به ، يقال عَنَدَ يَعْنِدُ بالكسر عُنُوداً : أي خالف ورد الحق وهو يعرفه ، فهو عَنِيدٌ وعَانِدٌ ، والجمع عُنَّدٌ مثل راكع وركع ، وجمع العَنِيدِ عُنُدٌ مثل رغيف ورغف. والعَنِيدُ والعَنُودُ والمُعَانِدُ واحد ، وهو المعارض لك بالخلاف عليك. ومنه الْخَبَرُ « سَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً وَمَلِكاً عَنُوداً ».

أي عَنِيداً. وعَنَدَ عن الطريق يَعْنُدُ ـ بالضم ـ : عدل عنه. والعُنُود بالضم : الجور والميل. وعَنَدَ العرق من باب ترك عُنُوداً : إذا سال ولم ينقطع. ومنه « العِرْقُ العَانِدُ » في حديث الاستحاضة ، شبهه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته فكأنه جار ، وقيل العَانِدُ الذي لا يرقأ. وعانَدَهُ مُعَانَدَةً وعِنَاداً من باب قاتل : إذا ركب الخلاف والعصيان. و « عِنْد » ظرف في المكان والزمان ، تقول عند الليل وعند الحائط ، إلا أنها ظرف غير متمكن ، وقد أدخلوا عليه من حروف الجر مِنْ وحدها كما أدخلوها على لدن ، قال الله تعالى ( رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا ) وقوله ( مِنْ لَدُنَّا ). وفي العين من عِنْد ثلاث لغات أفصحها الكسر وبه تكلم الفصحاء والبلغاء ، والأصل في عِنْد استعماله فيما حضرك من أي قطر كان من أقطارك ، وقد استعمل في غيره ، فتقول « عِنْدِي مال » لما هو بحضرتك ولما غاب عنك ، قال في المصباح : ومن هنا استعمل في المعاني فيقول « عِنْدَهُ خَيْرٌ وما عِنْدَهُ شَرٌّ » لأن المعاني ليس لها جهات. قال ومنه قوله تعالى : ( فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ) [ ٢٨ / ٢٧ ]

١٠٩

أي من فضلك ، وتقول « هذا عِنْدِي أفضل من هذا » أي في حكمي

( عود )

قوله تعالى : ( وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ) [ ٧ / ٦٥ ]

قِيلَ إِنَ عَاداً كَانَتْ بِلَادُهُمْ فِي الْبَادِيَةِ ، وَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ وَنَخِيلٌ كَثِيرٌ وَلَهُمْ أَعْمَارٌ طَوِيلَةٌ وَأَجْسَامٌ طَوِيلَةٌ ، فَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ وَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ هُوداً يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَخَلْعِ الْأَنْدَادِ فَأَبَوْا.

قوله : ( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ) [ ٦ / ٢٨ ] هو من قولهم عَادَ إلى كذا وعَادَ له أيضا يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً : صار إليه. قوله : ( يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) [ ٨٥ / ١٣ ] أي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا وبعد الممات إلى الحياة في الآخرة قوله : ( رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً ) [ ٥ / ١١٤ ] أي يكون نزولها عيدا ، قيل وذلك يوم الأحد فمن ثم اتخذه النصارى عيدا ، وقيل العِيدُ السرور العائد ، وكذلك تقول يَوْمُ عِيدٍ. قوله : ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) [ ٢٨ / ٨٥ ] قيل لراجع بك إلى مكة ، وهي مَعَادُ الحج لأنهم يعودون إليها. ومَعَادُ الرجل : بلدته لأنه يطوف البلاد ثم يعود إليها ، وقيل إلى المَعَادِ الذي هو بعث الأجسام البشرية وتعلق أنفسها بها للنفع أو الانتصاف والجزاء. والمَعَادُ المدني : أي البدن والروح التي هي الأصلية التي لا تقبل الزيادة والنقصان ، وعند الحكماء المَعَادُ للنفس لا للبدن ، وهو باطل بإجماع المسلمين.

قَوْلُهُ : « وَإِلَيْهِ الْمَعَادُ ».

أي المصير والمرجع. و « عَادٌ » اسم رجل من العرب الأولى ، وبه سميت القبيلة قوم هود النبي ( عليه السلام ). و ( عاداً الْأُولى ) [ ٥٣ / ٤٠ ] قوم هود ، وعَادٌ الأخرى إرم ، وقيل الأولى القدماء لأنهم أول الأمم هلاكا بعد قوم نوح. وقرئ « عَاداً لُّولَى » بإدغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى ونقل ضمتها إلى لأم التعريف ، وعَادٌ هو ابن

١١٠

عوص بن سام بن نوح عليه السلام. والمُعَاوَدَةُ : الرجوع إلى الأمر الأول. وعَادَ إليه عَوْداً وعَوْدَةً : رجع. و « العَادَةُ » معروفة ، والجمع عَادٌ وعَادَاتٌ. واعْتَادَهُ وتَعَوَّدَهُ : صار عادة له. والموضع المُعْتَاد لخروج الفضلة : هو الذي يخرج منه مرة بعد أخرى إلى أن يصير مخرجا عرفا. واعتبر بعضهم في صيرورته مُعْتَاداً خروج الفضلة مرتين متواليتين فيثبت نقض الطهارة في الثالثة وأَعَادَ الشيءَ : إذا فعله ثانيا ، ومنه « أَعَادَ الصلاة ». وعُدْتُ المريض أَعُودُهُ عِيَادَةً : زرته ومنه حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ « فَإِنَّهَا امْرَأَةٌ يَكْثُرُ عُوَّادُهَا ».

أي زوارها. وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عَائِدٌ وإن اشتهر في عيادة المريض حتى صار كأنه مختص به.

وَفِي الْحَدِيثِ « عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَى مَنْ حَرَمَكُمْ ».

أي صلوهم بما زاد عليكم ولا تقطعوهم. وشيء عَادِيٌ : أي قديم كأنه منسوب إلى عَادٍ ومنه شجرة عَادِيَّةٌ وبئر عَادِيَّةٌ. والقليب العَادِيَّة : التي لا يعلم من حفرها. وفِيهِ « عَادِيُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».

والمراد القديمة التي لا يعرف لها مالك. وفِيهِ « لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ».

أي أنفع منه ، مثل قولهم « هذا الشيء أَعْوَدُ عليك من كذا » أي أنفع منه ». والعَوَائِدُ جمع عَائِدَة ، وهي التعطف والإحسان ، ومنه الدُّعَاءُ « إِلَهِي عَوَائِدُكَ تُؤْنِسُنِي ».

ومِنْهُ « وَعَوَائِدُ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ ».

وهي التي تعود مرة بعد أخرى. وعَادَ إليه بِعَائِدَةٍ : أي تكرم عليه بكرامة. و « العُودُ » بالضم : الذي يضرب به ، وهو عُودُ اللهو. والعُودُ : الذي يتبخر به. و « العُودُ الهندي » قيل هو القُسط البحري. وقيل العُودُ الذي يتبخر به. و « العُودُ » من الخشب واحد العِيدَان

١١١

والأَعْوَاد. و « العَوْدُ » بالفتح : الجمل المسن ، وهو الذي جاوز في السن البازل. والعَوْدُ : التي تعود على زوجها بعطف ومنفعة ومعروف ـ وسمعت منه عَوْداً وبدءا أي أولا وآخرا.

وَفِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ عليه السلام : « فَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إلى منزلي ».

أي أولى مثل أخرى ، ومحصله كما غدوت خاليا جئت خاليا. و « العِيدُ » واحد الأَعْيَاد : هو كل يوم مجمع ، وقيل معناه اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور ، وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها الواحد أو للفرق بينه وبين أَعْوَاد الخشب. وعَيَّدُوا : شهدوا العيد.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّمَا جُعِلَ يَوْمُ الْفِطْرِ الْعِيدَ لِيَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ مُجْتَمَعاً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فَيَحْمَدُونَ اللهَ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ يَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ السَّنَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ.

وَفِي الْخَبَرِ « الْزَمُوا التَّقْوَى وَاسْتَعِيدُوهَا ». أي اعتادوها.

( عهد )

قوله تعالى : ( فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ ) [ ٩ / ٤ ] أي أمانهم. والعَهْدُ : الأمان. والعَهْدُ : الوصية والأمر ، يقال عَهِدَ إليه يَعْهَدُ من باب تعب : إذا وصاه. ومنه قوله تعالى : ( عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ ) [ ٢ / ١٢٥ ] أي وصيناه وأمرناه. ومثله قوله تعالى : ( عَهِدَ إِلَيْنا ) [ ٣ / ١٨٣ ] أي أمرنا في التوراة وأوصانا. ومثله قوله : ( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ ) [ ٢٠ / ١١٥ ] أي وصيناه بأن لا يقرب الشجرة ، فنسي العهد ولم يتذكر الوصية.

وَفِي الْحَدِيثِ « عَهِدْنَا إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَالْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَرَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ إِنَّهُمْ هَكَذَا » (١).

وعَهِدَ المَلِكُ إلى فلان بكذا : أي

__________________

(١) البرهان ج ٣ صلى الله عليه وآله ٤٥.

١١٢

تقدم إليه به. ومنه قوله تعالى : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) [ ٣٦ / ٦٠ ] أي ألم أقدم ذلك إليكم. قوله : ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ) [ ٢ / ٢٧ ] أي العهد المأخوذ بالعقل والحجة القائمة على عباده والمأخوذ بالرسل على الأمم بأنهم إذا بعث إليهم رسول مصدق بالمعجزات صدقوه واتبعوه. قوله : ( وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ) [ ٧ / ١٠٢ ] أي من وفاء عهد. قوله : ( أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً ) [ ٢ / ٨٠ ] أي خبرا ووعدا بما تزعمون. قوله : ( الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ ) [ ٣ / ٧٧ ] أي بما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول والوفاء بالأمانات. قوله : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) [ ٢ / ١٢٤ ] قال الزمخشري : وقرئ « الظَّالِمُونَ » أي من كان ظالما من ذريتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة ، وإنما ينال من كان عادلا بريئا من الظلم. وقالوا : في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة ، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته ولا تجب طاعته ولا يقبل خبره ولا يقدم للصلاة.

وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُفْتِي سِرّاً بِوُجُوبِ نُصْرَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَحَمْلِ الْمَالِ إِلَيْهِ وَالْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى اللِّصِّ الْمُتَغَلِّبِ الْمُتَسَمَّى بِالْإِمَامِ وَالْخَلِيفَةِ كَالدَّوَانِيقِيِّ وَأَشْبَاهِهِ ، [ وَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ : أَشَرْتَ عَلَى ابْنِي بِالْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ حَتَّى قُتِلَ. فَقَالَ : لَيْتَنِي مَكَانَ ابْنِكِ ] وَكَانَ يَقُولُ فِي الْمَنْصُورِ وَأَشْيَاعِهِ لَوْ أَرَادُوا بِنَاءَ مَسْجِدٍ وَأَرَادُونِي عَلَى عَدِّ آجُرِّهِ لَمَا فَعَلْتُ.

وعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَا يَكُونُ الظَّالِمُ إِمَاماً قَطُّ (١).

قوله : ( إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ) [ ١٩ / ٨٧ ] اتخاذهم العَهْدَ : الاستظهار بالإيمان بوحدانية الله وتصديق أنبيائه وأوليائه. قوله : ( إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ ) [ ٣ / ١٨٣ ] الآية. قال الشيخ أبو علي : ( عَهِدَ إِلَيْنا ) أي في أمرنا في التوراة وأوصانا بأن لا نؤمن لرسول

__________________

(١) الكشاف ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٣٦ والزيادة منه.

١١٣

حتى يأتينا بهذه الآية الخاصة ، وهي أن يرينا قربانا فتنزل نار من السماء فتأكله. ( قُلْ ) يا محمد ( قَدْ جاءَكُمْ ) أي جاء أسلافكم ( رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ ) بالحجج والدلالات الكثيرة وجاءهم أيضا بهذه الآية التي اقترحتموها ( فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ ) أراد بذلك زكريا ويحيى وجميع من قتله اليهود من الأنبياء (١). قوله : ( ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ) [ ٧ / ١٣ ] وهو النبوة ، أي ادع متوسلا إليه بعهده ـ كذا في المجمع. قوله : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ) [ ٢ / ١٧٧ ] وقيل يدخل فيه النذور وكلما التزمه المكلف من الأعمال مع الله تعالى ومع غيره. قوله : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) [ ٢ / ٤٠ ] أي أوفوا بما ضمنتم أوف بما ضمنت لكم من الجنة. ومثله : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً ) [ ١٧ / ٣٤ ]. قوله : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) [ ٣٣ / ٢٣ ] أي إذا لقوا حربا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ ».

أي ولا ذو ذمة في ذمته ولا مشرك أعطي أمانا فدخل دار الإسلام. والعَهْدُ يكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية ، ولا تخرج أكثر الأحاديث عنها. والعَهْدُ كالنذر وصيغته « عَاهَدْتُ اللهَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا » وتقول « عَلَيَ عَهْدٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ويمين ». و « المُعَاهَدَةُ » من كان بينك وبينه عهد ، وأكثر ما يطلق في الحديث على الذمي ، وهو الذي أخذ العهد والأمان. ومنه الْحَدِيثُ « لَمْ يَبْعَثْنِي رَبِّي بِأَنْ أَظْلِمَ مُعَاهَداً وَلَا غَيْرَهُ ».

وقد يطلق على غيره من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة ما. والذِّمَّةُ : اليمين.

__________________

(١) مجمع البيان ج ١ صلى الله عليه وآله ٥٤٩.

١١٤

وَ « اعْتُقِلَ لِسَانُ رَجُلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ».

أي في مدته وزمانه. وقوله :

وليس كَعَهْدِ الدار يا أم مالك

أي ليس الأمر كما عهدت.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا ».

أي أقر وأعترف. وفِيهِ « اللهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْداً لَنْ تُخْلِفْهُ ».

أي أمانا ، والمعنى أسألك أمانا لن تجعله خلاف ما أترقبه وأرتجيه. وعَهِدْتُهُ بمكان كذا : لقيته. وعَهْدِي به قريب : أي لقائي. وتَعَهَّدْتُ الشيءَ : أي ترددت إليه وأصلحته. وتَعَهَّدْتُهُ : حفظته. قال ابن فارس ولا يقال « تعاهدته » لأن التفاعل لا يكون إلا بين اثنين. وفي الأمر عُهْدَةٌ : أي مرجع إلى الإصلاح. والمُعَاهَدَةُ : المعاقدة. وعَهِدْتُهُ بمال : عرفته به. والأمر كما عَهِدْتَ : أي كما عرفت. وهو « قريب العَهْدِ بكذا » أي قريب العلم به.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ».

أي أنا متمسك بما عهدته إلي من الأمر والنهي ، موقن بما وعدتني من الوعد والثواب والعقاب ما استطعت ، وأنا مقيم على ما عاهدتك عليه من الإيمان بك والإقرار بوحدانيتك ، وأنك منجز وعدك في المثوبة بالأجر عليه ، وهو اعتراف بالعجز عن القيام بكنه ما وجب عليه وحرم

وَفِي الْحَدِيثِ « حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ ».

قيل يريد الحفاظ ورعاية الحرمة.

وَ « وِلَايَةُ الْعَهْدِ » هِيَ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ تَعَهَّدَ فِيهَا الرِّضَا عليه السلام لِلْمَأْمُونِ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْوِلَايَةَ ، وَهِيَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْمُرَ وَلَا يَنْهَى وَلَا يُفْتِيَ وَلَا يُوَلِّيَ وَلَا يَعْزِلَ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، لِعِلْمِهِ عليه السلام بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوِلَايَةِ لَا يَتِمُ (١).

__________________

(١) انظر تفصيل ولاية عهد الرضا عليه السلام في الإرشاد للمفيد صلى الله عليه وآله ٢٩٠ ـ ٢٩٣.

١١٥

وحكايته في صلاة العيد مشهورة (١)وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله بِكَذَا ».

أي أوصى إلي. و « تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ فلان » أي بما يأمركم به ويوصيكم. و « تَعَاهَدْ جِيرَانَكَ » أي تفقدهم بزيارة واحفظ بذلك حق الجوار. و « فلان يَتَعَاهَدْنَا » أي يراعي حالنا. والتَّعَاهُدُ : بمعنى التَّعَهُّد ، وهو التحفظ بالشيء وتجديد العهد. ومنه قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله : « تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ ».

وقَوْلُهُ « إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الصَّلَاةَ فَكَذَا ».

وفي الأمر عُهْدَةٌ : أي لم يحكم بعد. وفي عقله عُهْدَةٌ : أي ضعف. وقولهم « لا عُهْدَةَ في العبد » أي لا رجعة ، ومنه الْحَدِيثَ « لَيْسَ فِي الْإِبَاقِ عُهْدَةٌ ».

وبرئت من عُهْدَةِ هذا العبد : أي مما أدركته فيه من عيب كان معهودا عندي. وعُهْدَتُهُ على فلانٍ : أي ما أدرك من درك فإصلاحه عليه.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ ذُو عَهْدٍ وَمُعَاهَدٌ ».

يقرأ بالبناء للفاعل والمفعول ، لأن الفعل من اثنين فكل واحد يفعل بصاحبه مثل ما يفعل صاحبه به ، فكل في المعنى فاعل ومفعول. و « عَهْدِي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا » يحتمل الوصية.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَوْمُ الْغَدِيرِ » يُسَمَّى فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ ».

أي اليوم الذي عهد وعرف. وقَوْلُهُ « وَجَّهَنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ».

أي حضورا. وتَعَهَّدْتُ فلانا وتَعَهَّدْتُ ضيعتي ، وهو أفصح من تَعَاهَدْتُ ، لأن التَّعَاهُدَ إنما يكون بين اثنين.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي ».

أي آخر الحضور.

__________________

(١) أورد هذه الحكاية المفيد في الإرشاد صلى الله عليه وآله ٢٩٣.

١١٦

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّ لِكُلِّ إِمَامٍ عَهْداً وَثِيقاً فِي رِقَابِ أَوْلِيَائِهِمْ ».

أي ضمانا. ومن تمام العَهْدِ زيارة قبورهم. وفِيهِ « تَعَاهَدُوا نِعَالَكُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ ».

وَفِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْحَجَرِ « مِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ ».

أي جددت العهد به

. باب ما أوله الغين

( غدد )

« الغُدَّةُ » بضم الغين : لحم أسود مستصحب للشحم يحدث عن داء بين الجلد واللحم ، يتحرك بالتحريك ، وهي للبعير كالطاعون للإنسان ، والجمع غُدَدٌ مثل غرفة وغرف. وأَغَدَّ البعيرُ : صار ذا غدة

( غرد )

« الغَرَدُ » بالتحريك : التطريب في الصوت والغناء ، يقال غَرِدَ الطائرُ ـ من باب تعب ـ : إذا طرد في صوته وغنائه. والتَّغْرِيدُ مثله

( غرقد )

« الغَرْقَدُ » بالفتح فالسكون : شجر من شجر الغضاء. ومنه « بقيع الغَرْقَد » لمقبرة بالمدينة المشرفة ، وهو مشهور (١)

( غمد )

فِي الدُّعَاءِ « تَغَمَّدَهُ اللهُ بِغُفْرَانِهِ ».

أي ستر الله ذنوبه وحفظه عن المكروه كما يحفظ السيف بالغمد. ومثله « تَغَمَّدَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ » أي جعله

__________________

(١) في معجم البلدان ج ١ صلى الله عليه وآله ٤٧٣ : أصل البقيع في اللغة الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى ، وبه سمي بقيع الغرقد ، والغرقد كبار العوسج ... وهو مقبرة أهل المدينة ، وهي داخل المدينة ... وقال الزبير : أعلى أودية العقيق البقيع ....

١١٧

مستورا بها. ومثله « تَغَمَّدْ زللي » أي اجعله مشمولا بالعفو والغفران. وتَغَمَّدْتُ فلانا : أي سترت ما كان منه وغطيته. و « الغِمْدُ » بالكسر فالسكون : غلاف السيف ، وجمعه أَغْمَادٌ كحمل وأحمال. وغَمَدْتُ السيفَ أَغْمِدُهُ غَمْداً من بابي ضرب وقتل : جعلته في غمده ، وجعلت له غمدا ، وأَغْمَدْتُهُ إِغْمَاداً لغة. و « غَامِد » قبيلة من اليمن من أزد شنوة ، وحكي عن بعضهم « غَامِدَة » بالهاء ، ومنه الْغَامِدِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي رَجَمَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) فِي حَدِّ الزِّنَا.

و « أبو غَامِدٍ » سفيان بن عوف الْغَامِدِيُ ـ قاله في القاموس (١).

باب ما أوله الفاء

( فأد )

قوله تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ) [ ١٧ / ٣٦ ] الفُؤَادُ : القلب ، والجمع الأَفْئِدَةُ ، ويقال الأَفْئِدَةُ توصف بالرقة والقلوب باللين ، لأن الفُؤَادَ غشاء القلب إذا رق نفذ القول فيه وخلص إلى ما ورائه ، وإذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله ، وإذا صادف القلب شيئا علق به إذا كان لينا. قوله : ( تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ) [ ١٠٤ / ٧ ] الاطلاع والبلوغ بمعنى ، أي تبلغ أوساط القلوب ، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ولا أشد تأذيا منه.

__________________

(١) سفيان بن عوف الأزدي الغامدي قائد صحابي من الشجعان الأبطال ، كان مع أبي عبيدة الجراح بالشام حين افتتحت ، وولاه معاوية الطائفتين فظفر واشتهر ثم سيره بجيش إلى بلاد الروم فأوغل فيها إلى أن بلغ أبواب القسطنطينية ، فتوفي في مكان يسمى الرنداق سنة ٥٢ ه‍ ـ انظر الأعلام للزركلي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٥٨.

١١٨

قوله : ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ) [ ٦٠ / ١١٠ ] فهم لا يفقهون ولا يبصرون.

( فدد )

فِي الْحَدِيثِ « الْجَفَاءُ وَالْقَسْوَةُ فِي الْفَدَّادِينَ ».

الفَدَّادُونَ يفسر بوجهين : أحدهما أن يكون جمعا لِلْفَدَّادِ ، وهو شديد الصوت من الفديد ، وذلك من دأب أصحاب الإبل ، وهذا إذا رويته بتشديد الدال من فَدَّ يَفِدُّ : إذا رفع صوته. والوجه الآخر أنه جمع الفَدَّانِ مشددا ، وهي البقر التي يحرث عليها أهلها ، وذلك إذا رويته بالتخفيف. وإنما ذم ذلك وكرهه لأنه يشغل عن أمر الدين ويلهي عن أمر الآخرة ويكون معها قساوة القلب ونحوها.

( فدفد )

« الفَدْفَدُ » المكان المرتفع ، والجمع فَدَافِدُ (١).

( فرد )

قوله تعالى : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى ) [ ٦ / ٩٤ ] جمع فَرْد وفَرِيد ، فلا يصرفونها تشبيها بثلاث ورباع ، ونصب على الحال ، وقيل جمع فَرْدَان كسكارى في جمع سكران ، ويقال جاءوا فُرَاداً وفُرَادَى منونا وغير منون ، أي واحدا واحدا. قال المفسر : أي جئتمونا وحدانا لا مال لكم ولا ولد عراة عزلا ، خاطب الله به عباده إما عند الموت أو عند البعث.

وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ : وَا سَوْأَتَاهْ أَيَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؟ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ): ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) وَيُشْغَلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (٢).

والفَرْدُ : الوتر ، وهو الواحد ، والجمع أَفْرَاد. وفَرَدَ يَفْرُدُ من باب قتل : صار فردا ، وانْفَرَدَ مثله. وأَفْرَدْتُهُ : جعلته فردا. واسْتَفْرَدْتُهُ : انفردت به.

__________________

(١) في الصحاح ( فدد ) : والفدفد ، الأرض المستوية.

(٢) التفسير والحديث في مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٣٧.

١١٩

وأَفْرَدْتُ الحجَّ عن العمرة : فعلت كل واحد منهما على حدة. ومنه « رجل مُفْرِدٌ للحج ». ومنه « العمرة المُفْرَدَة » والفرق بين العمرة المُفْرَدَة وعمرة التمتع مذكور في محله ونعل فَرْدٌ : أي طاق على طاق.

( فرند )

فِي حَدِيثِ إِحْرَامِ الْمَرْأَةِ « لَا تَلْبَسُ حُلِيّاً وَلَا فِرِنْداً » (١).

الفِرِنْدُ بكسر الفاء والراء : ثوب معروف معرب ـ قاله في القاموس. والفِرِنْدُ أيضا : السيف.

( فرصد )

الفِرْصَادُ بالكسر : الأحمر من التوت ، ومنه قول بعضهم « كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادٍ » أي رُمِيَتْ بفرصاد فصُبِغت به ، من مَجَ الرجلُ الشرابَ : إذا رمى به.

( فرقد )

في الحديث ذكر الفَرْقَدَيْنِ ، وهما نجمان مضيئان قريبان من القطب.

( فرهد )

« الفُرْهُودُ » كجُمْلُود : ولد السبع ، وقيل الوعل ، وقيل أيضا للغلام الغليظ. والفَرَاهِيدُ بطن من الأزد ، ومنهم الخليل بن أحمد العروضي (٢).

( فسد )

قوله تعالى : ( وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ) [ ١٧ / ٤ ] أي وأوحينا إلى بني إسرائيل وحيا مقضيا مقطوعا بأنهم يفسدون في الأرض لا محالة ،

__________________

(١) الكافي ج ٤ صلى الله عليه وآله ٣٤٤.

(٢) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي ، من أئمة اللغة والأدب وواضع علم العروض ، عاش فقيرا صابرا ، وفكر في ابتكار طريقة في الحساب تسهله على العامة ، فدخل مسجدا من مساجد البصرة وهو يعمل فكره فصدمته سارية وهو غافل فكانت سبب موته وذلك في سنة ١٧٠ ه‍ ـ انظر الأعلام للزركلي ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٦٣.

١٢٠