مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

[ ٧٥ / ٢٤ ] أي متكرهة.

وَفِي الْحَدِيثِ « الِاسْتِنْجَاءُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَمَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ ».

البَاسُورُ بالباء الموحدة والسين أو الصاد المهملتين واحد البَوَاسِير ، وهي كالدماميل في المقعدة. وفي المصباح : قيل هو ورم تدفعه الطبيعة إلى كل موضع في البدن يقبل الرطوبة من المقعدة والأنثيين والأشفار وغير ذلك. وفي الحديث ذكر البُسْرِ بالضم فالسكون وهو ثمر النخل قبل أن يرطب. وأَبْسَرَ النخلُ : صار ما عليه بسرا. و « روضات بَاسِرَاتٌ » أي لينات طريات.

( بشر )

قوله تعالى : ( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ ) [ ٢٣ / ٢٤ ] الآية. البَشَرُ : الإنسان ، والواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء ، وقد يثنى وبه جاء التنزيل ( لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا ) والجمع البَشَرُ ، وهم الخلق ، وسمي البَشَرُ بشرا لظهورهم. قال تعالى : ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) [ ٧٤ / ٢٩ ] أخذا من البَشَرَةِ التي هي ظاهر الجلد. قوله : ( يا بُشْرى هذا غُلامٌ ) [ ١٢ / ١٩ ] البُشْرَى والبِشَارَةُ إخبار بما يسر ، وإنما سميت بِشَارَة لأنها تتبين في بَشَرَةِ مَنْ بُشِّرَ بها. وقد تستعمل البِشَارَةُ في الشر كقوله تعالى : ( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) [ ١٣ / ٢١ ] وقيل بُشْرَى في قوله تعالى : ( يا بُشْرى هذا غُلامٌ ) [ ١٢ / ١٩ ] اسم صاحب له ناداه ، ويقال يَا بُشْرَايَ هَذَا غُلَامٌ مثل عصاي. قوله : ( لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) [ ١٠ / ٦٤ ] فسرت البُشْرَى في الحياة الدنيا بالرؤيا الصالحة في الدنيا يراها الرجل الصالح فيستبشر بها ، أو يرى ما بشر الله به المتقين في غير موضع من كتابه وفي الآخرة الجنة. أو بِشَارَة يبشر عند الموت. قوله : بَاشِرُوهُنَ [ ٢ / ١٨٧ ] أي جامعوهن. والمُبَاشَرَةُ : الجماع ، سمي بذلك لمس البشرة ـ أعني ظاهر الجلد ـ ، قوله : ( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ

٢٢١

وَفَضْلٍ ) [ ٣ / ١٧١ ] أي يفرحون. قوله : ( مُبَشِّراً بِرَسُولٍ ) [ ٦١ / ٦ ] يعني عيسى عليه السلام يبشر برسول الله.

وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ قَالُوا لِعِيسَى : يَا رُوحَ اللهِ هَلْ بَعْدَنَا مِنْ أُمَّةٍ؟ قَالَ : نَعَمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله عُلَمَاءُ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمْ فِي الْفِقْهِ أَنْبِيَاءُ يَرْضَوْنَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَيَرْضَى اللهُ مِنْهُمْ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ.

قوله : ( يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) [ ١٦ / ١٣ ]

قَالُوا : يُعَلِّمُهُ غُلَامٌ رُومِيٌّ اسْمُهُ غَامِسُ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. قَالُوا : إِنَّهُ يَتَعَلَّمُ الْقِصَصَ مِنْهُ.

و « البُشَارَةُ » بالضم : ما يعطى البشير كالعمالة للعامل. والبِشْرُ بالكسر : طلاقة الوجه وبشاشته ، ومنه الْحَدِيثُ « الْقَوُا النَّاسَ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَحُسْنِ الْبِشْرِ ».

ومِنْهُ « حُسْنُ الْبِشْرِ يَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ ».

ومنه فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَحُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ ».

أي بشره في وجهه تحببا إلى الناس ، وحزنه في قلبه اصطبارا على مكاره الدنيا وشدائدها. و « البِشَارَةُ » هي بكسر الباء وحكى ضمها.

وَفِي الْخَبَرِ « أُمِرْنَا أَنْ نَبْشُرَ الشَّوَارِبَ بَشْراً ».

أي نحفيها حتى تبين بشرتها. وبَاشَرَ الرجلُ الأمرَ : إذا خالطه ولامسه ، ومنه « فَلْيُبَاشِرْ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ ».

و « أَتَانِي أَمْرٌ بُشِّرْتُ بِهِ ».

بالكسر : أي سررت به. والتَّبَاشِيرُ : البُشْرَى وتَبَاشِيرُ الصبح : أوائله ، وكذا أوائل كل شيء ، ولا يكون منه فعل ـ قاله الجوهري.

( بصر )

قوله تعالى : ( قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ ٦ / ١٠٤ ] أي بينات ودلائل من ربكم تبصرون بها الهدى من الضلالة وتميزون بها بين الحق والباطل. قوله : ( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [ ١٧ / ١ ] أي العالم ، وهما من صفات الأزل ، والبَصِيرُ في أسمائه تعالى هو الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخافيها

٢٢٢

من غير جارحة ، فالبَصَرُ في حقه تعالى عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَمَّيْنَاهُ بَصِيراً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يُدْرَكُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ نَصِفْهُ بِبَصَرِ لَحْظَةِ الْعَيْنِ.

قوله : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) [ ٦ / ١٣ ] أي لا تراه العيون لأن الإدراك متى قرن بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية ، كما أنه إذا قرن بآلة السمع فقيل » أدركته بأذني « لم يفهم منه إلا السماع ، وكذا إذا أضيف إلى كل واحد من الحواس أفاد ما بتلك الحاسة آلته ، مثل » أدركته بفمي « أي وجدت طعمه ، و « أدركته بأنفي » أي وجدت رائحته ، والمعنى لا تدركه ذو الأبصار ( وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) أي المبصرين. ويقال ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) أي الأوهام.

وَفِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ » الْأَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِأَمْرَيْنِ : الْحَوَاسِّ وَالْقَلْبِ ، وَالْحَوَاسُّ إِدْرَاكُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ : إِدْرَاكٌ بِالْمُدَاخَلَةِ ، وَإِدْرَاكٌ بِالْمُمَاسَّةِ ، وَإِدْرَاكٌ بِلَا مُدَاخَلَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ. فَأَمَّا الْإِدْرَاكُ الَّذِي بِالْمُدَاخَلَةِ فَالْأَصْوَاتُ وَالْمَشَامُّ وَالطُّعُومُ ، وَأَمَّا الْإِدْرَاكُ بِالْمُمَاسَّةِ فَمَعْرِفَةُ الْأَشْكَالِ مِنَ التَّرْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ وَمَعْرِفَةُ اللَّيِّنِ وَالْخَشِنِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، وَأَمَّا الْإِدْرَاكُ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا مُدَاخَلَةٍ فَالْبَصَرُ ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا مُدَاخَلَةٍ فِي حَيِّزِ غَيْرِهِ وَلَا فِي حَيِّزِهِ ، وَإِدْرَاكُ الْبَصَرِ لَهُ سَبِيلٌ وَسَبَبٌ فَسَبِيلُهُ الْهَوَاءُ وَسَبَبُهُ الضِّيَاءُ ، فَإِذَا كَانَ السَّبِيلُ مُتَّصِلاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْئِيِّ وَالسَّبَبُ قَائِماً أَدْرَكَ مَا يُلَاقِي مِنَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْخَاصِ ، فَإِذَا حُمِلَ الْبَصَرُ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لَهُ فِيهِ رَدَّ رَاجِعاً فَحَكَى مَا وَرَاءَهُ كَالنَّاظِرِ فِي الْمِرْآةِ لَا يَنْفُذُ بَصَرُهُ فِي الْمِرْآةِ وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ فِي الْمَاءِ الصَّافِي يَرُدُّ رَاجِعاً فَيَحْكِي مَا وَرَاءَهُ إِذْ لَا سَبِيلَ لَهُ فِي إِنْفَاذِ بَصَرِهِ. وَأَمَّا الْقَلْبُ فَإِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الْهَوَاءِ ، فَهُوَ يُدْرِكُ جَمِيعَ مَا فِي الْهَوَاءِ ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحْمِلَ قَلْبَهُ عَلَى مَا لَيْسَ مَوْجُوداً فِي الْهَوَاءِ مِنْ أَمْرِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَتَوَهَّمْ إِلَّا فِي الْهَوَاءِ

٢٢٣

مَوْجُودٌ كَمَا قُلْنَاهُ فِي أَمْرِ الْبَصَرِ ، تَعَالَى اللهُ أَنْ يُشْبِهَهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ ».

قوله تعالى : ( أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ ) [ ٣٨ / ٤٥ ] أي أيد من الإحسان وبصائر في الدين ، ألا ترى إلى قوله تعالى ( قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ ٦ / ١٠٤ ] ليس بمعنى بصر العيون ( فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ) يعني ليس من البصر بعينيه ، ( وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ) ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم ، كما يقال « فلان بَصِيرٌ بالشعر » و « فلان بَصِيرٌ بالفقه » و « فلان بَصِيرٌ بالثياب » إنما أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون. والبَصِيرُ : خلاف الأعمى ، ومنه قوله تعالى : ( وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ) [ ٣٥ / ١٩ ]. قوله : ( وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ) [ ٣٧ / ١٧٩ ] أي أبصرهم ما يقضى عليهم من القتل والأسر عاجلا والعذاب الأليم آجلا ، فسوف يبصرونك وما يقضى لك من النصرة والتأييد اليوم والثواب والنعيم غدا. والبَصَرُ : العين وحاسة الرؤية. ومنه قوله تعالى : ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ) [ ٦٧ / ٤ ]. قوله : ( فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) [ ٥٠ / ٢٢ ] أي علمك بما آتيت به نافذ. قوله : ( بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ ٦ / ١٠٤ ] أي حجج بينة ، واحدها بَصِيرَة وهي الدلالة التي يستبصر بها الشيء على ما هو به ، وهو نور القلب كما أن البَصَرَ نور العيون سميت بها الدلالة لأنها تجلي الحق ويبصر فيها. قوله : ( بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) [ ٢٠ / ٩٦ ] أي رأيت ما لم يروه ، أو علمت ما لم يعلموه ، من البصيرة. ويقال بَصُرْتُ : علمت ، وأَبْصَرْتُ : نظرت. قوله : ( عَلى بَصِيرَةٍ ) [ ١٢ / ١٠٨ ] أي على يقين. قوله : ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) [ ٧٥ / ١٤ ] أي الإنسان بَصِيرٌ على نفسه ، والهاء دخلت للمبالغة كما في علامة ونسابة ، ويقال جوارحه تشهد عليه بعلمه.

٢٢٤

قوله : يُبَصَّرُونَهُمْ [ ٧٠ / ١١ ] بالتشديد ، أي يبصرون الأحماء والأقرباء فلا يخفون عليهم ، فلا يمنعهم من المسألة أن بعضهم لا يبصر بعضا ولكنهم لم يتمكنوا من تسائلهم لتشاغلهم. والمُبْصِرَةُ : المضيئة ، ومنه قوله تعالى : ( فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً ) [ ٢٧ / ١٣ ] أي واضحة مضيئة. ومثله ( وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ) [ ١٧ / ٥٩ ] أي بينة واضحة. ومثله ( وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) [ ١٧ / ١٢ ]. قوله : ( وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) [ ١٠ / ٦٧ ] أي يبصر فيه ، كما يقال ليل ينام أي ينام فيه.

وَفِي حَدِيثِ الدُّنْيَا « مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَمَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ » (١).

قَوْلُهُ : مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ ».

أي من جعلها سبب هدايته ومحل إبصاره بعين عقله استفاد منها البصر ، و « مَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ ».

أي من مد إليها بصر بصيرته محبة لها أعمته عن إدراك أنوار الله تعالى.

وَفِي حَدِيثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ « وَجَعَلَهُ تَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ » (٢).

أي من عزم على أمر كان في الإسلام تبصرة وهداية إلى كيفية فعله. وأَبْصَرْتُهُ برؤية العين إِبْصَاراً ، وبَصُرْتُ بالشيء بالضم والكسر لغة بَصَراً بفتحتين : علمت فأنا بَصِيرٌ يتعدى بالباء وبنفسه ، وهو ذو بَصِيرَةٍ : أي علم وخبرة ، ويتعدى بالتضعيف إلى ثان. والاسْتِبْصَارُ من البَصِيرَةِ ، والمُسْتَبْصِرُ : المستبين للشيء. و « يُبْصِرُهُمُ الناظر » أي يحيط بهم نظرة لا يخفى عليه منهم شيء.

وَفِي الْخَبَرِ « بَصَرُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ كَذَا ».

أي سمكها. و « البَصْرَةُ » وزان تمرة بلدة إسلامية بنيت في خلافة الثاني في ثمان عشر من الهجرة ، سميت بذلك لأن البَصْرَةَ الحجارة

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١٢٧.

(٢) في نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٠٣ « وتبصرة لمن عزم ».

٢٢٥

الرخوة وهي كذلك فسميت بها (١).

وَفِي كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام « الْبَصْرَةُ مَهْبِطُ إِبْلِيسَ وَمَغْرِسُ الْفِتَنِ » (٢).

والبَصْرَتَانِ : البصرة والكوفة. و « الحسن البَصْرِيُ » كان في زمن الصادق عليه السلام (٣)، وكان يقول تارة بالجبر وتارة بالقدر ، وابن أبي العوجاء من تلامذته فانحرف عنه. و « أبو بَصِيرٍ » من رواة الحديث مشترك بين الثقة والضعيف (٤). و « بِنْصِر » بكسر الباء والصاد : الإصبع التي بين الوسطى والخنصر ، والجمع بَنَاصِرُ.

( بطر )

قوله تعالى : ( بَطِرَتْ مَعِيشَتَها ) [ ٢٨ / ٥٨ ] بكسر الطاء ، أي في معيشتها. وقد تكرر في الحديث ذكر البَطَرِ ، وهو ـ كما قيل ـ سوء احتمال الغنى والطغيان عند النعمة ، ويقال هو التجبر وشدة النشاط ، وقد بَطِرَ بالكسر يَبْطَرُ بالفتح وأَبْطَرَهُ المالُ. وذهب دَمُهُ بَطِراً بالكسر : أي هدرا.

وَفِي الْخَبَرِ « الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ».

قيل هو أن يجعل ما جعله الله من توحيده وعبادته باطلا ، وقيل هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا ، وقيل هو أن يتكبر

__________________

(١) في معجم البلدان ج ١ صلى الله عليه وآله ٤٣٠ : قال ابن الأنباري : البصرة في كلام العرب الأرض الغليظة ، وقال قطرب : البصرة الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب ... وقال غيره : البصرة حجارة رخوة فيها بياض ... وذكر أنه إنما سميت البصرة لأن فيها حجارة سوداء صلبة وهي البصرة ....

(٢) نهج البلاغة ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٠.

(٣) ولد سنة ٨٩!! وتوفي في رجب سنة ١١٠ ـ انظر الكنى والألقاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٧٥.

(٤) يطلق « أبو بصير » على ثلاثة أو أربعة ـ انظر التفاصيل في منتهى المقال صلى الله عليه وآله ٣٤٠.

٢٢٦

من الحق ولا يقبله. وفي الحديث ذكر البَطِيرَةِ ، وهي معالجة الدواب. والبَيْطَارُ بفتح الباء : هو الذي يعالج الدواب ، ومنه حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَرْثِ الْقَزْوِينِيِ « وَكَانَ أَبِي يَتَعَاطَى الْبَيْطَرَةَ ».

والبَطْرُ : الشق ، ومنه سمي البَيْطَار. وغَيْثٌ صَوْتُهُ مُسْتَبْطِرٌ : أي ممتد. ومثله سحاب مُسْتَبْطِرٌ.

( بظر )

البُظَارَةُ بالضم : هنة نابتة في الشفة العليا ومنه قَوْلُ عَلِيٍّ عليه السلام لِشُرَيْحٍ « فَمَا تَقُولُ أَنْتَ أَيُّهَا الْأَبْظَرُ ».

والبَظْرُ : قلفة بين شفري المرأة لم تقطع في الختان ، والجمع أَبْظُر وبُظُور مثل أفلس وفلوس.

( بعر )

« البَعِيرُ » بفتح الأول وكسر الثاني وسكون الثالث قال الجوهري : هو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس ، يقال هو للجمل والناقة. ومنه قول بعض العرب « صرعتني بَعِيرِي » أي ناقتي ، والجمع أَبْعِرَة وأَبَاعِرُ وبُعْرَان. وليلة البَعِير : ليلة اشترى صلى الله عليه وآله من جابر جمله في السفر. قيل سمي البَعِيرُ بعيرا لأنه يَبْعَرُ ، يقال بَعَرَ البعيرُ يَبْعَرُ بفتح العين فيهما بَعْراً بإسكان العين. و « البَعْرَةُ » بالفتح فالسكون واحدة البَعْر كذلك والأَبْعَار ، وهي من البعير والغنم بمنزلة العذرة من الإنسان.

( بعثر )

قوله تعالى : ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ ) [ ١٠٠ / ٩ ] أي أثير وأخرج. قوله : ( وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) [ ٨٢ / ٤ ] أي بحثرت وأثيرت ، يقال بَعْثَرْتُ الشيءَ وبَحْثَرْتُهُ : إذا استخرجته وكشفته ، ويقال بُعْثِرَتْ : أي قلبت فأخرج ما فيها ، من قولهم « تَبَعْثَرَتْ نفسي » أي جاشت وانقلبت ، يريد عند البعث.

( بقر )

قوله تعالى : ( سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ ) [ ١٢ / ٤٣ ] البَقَرَاتُ بالتحريك جمع البَقَر

٢٢٧

كذلك اسم جنس يقع على الذكر والأنثى وإنما دخلته الهاء للوحدة. قيل واشتق هذا الاسم من بَقَرَ : إذا شق لأنها تشق الأرض بالحراثة. والبَقَرُ أجناس : فمنها الجواميس وهي أكثرها ألبانا وأعظمها أجساما ، ومنها نوع آخر يقال له دَرْبَن بدال مهملة ثم راء ثم باء موحدة ثم نون وهي التي ينقل عليها الأحمال وربما كانت لها أسنمة. قال في حياة الحيوان : والوحشي من البَقَرِ أربعة أصناف الأُيَّل والمَهَا واليَحْمُور والثَّيْتَل ، وكلها تشرب الماء في الصيف إذا وجدته وإذا عدمته صبرت عنه واقتنعت باستنشاق الريح ، وفي هذا الوصف يشاركها الذئب والثعلب (١). وأهل اليمن يسمون البَقَرَةَ بَاقُورَة ومنه ما كَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله « فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَاقُورٍ بَقَرَةً ».

وَفِي الْحَدِيثِ نَهَى عَنِ التَّبَقُّرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ.

قال الأصمعي : التَّبَقُّرُ التوسع ، ويقال بَقَرْتُ الشيءَ بَقْراً من باب قتل : شققته وفتحته. وتَبَقَّرَ في العلم : توسع ، ومنه سُمِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عليه السلام لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْمِ بَقْراً وَشَقَّهُ وَفَتَحَهُ.

والبَيْقَرَةُ : إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه.

( بقطر )

« البُقْطَرِيَّةُ » بالضم : الثياب البيض الواسعة.

( بكر )

قوله تعالى : ( لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) [ ١٩ / ٦٢ ] أي مقدارهما أو دائما ، وقد تقدم في عشا غير ذلك والبُكْرَةُ بالضم : الغداة ، والجمع بُكَر مثل غرفة وغرف ، وجمع الجمع أَبْكَار مثل رطب وأرطاب. قوله : ( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) [ ٢٥ / ٥ ] أي غداء ومساء. قوله ( بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ ) [ ٣ / ٤١ ] هو اسم لِلْبُكْرَةِ. قال الجوهري : جعل الإِبْكَار ، وهو فعل

__________________

(١) حياة الحيوان ج ١ صلى الله عليه وآله ١٥٣.

٢٢٨

يدل على الوقت ، وهو البكرة كما قال تعالى : ( بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) جعل الغدو وهو مصدر يدل على الغداة. قوله : ( فَجَعَلْناهُنَ أَبْكاراً ) [ ٥٦ / ٣٦ ] هي بفتح الهمزة جمع بِكْر ، وهي العذراء من النساء التي لم تمس ، مثل حمل وأحمال ، وسميت البِكْرُ بِكْراً اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يزاوله النساء. والبَكَارَة أيضا : عذرة المرأة. وضربةٌ بِكْرٌ : أي قاطعة لا تثنى ومنه الْخَبَرُ « كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍ أَبْكَاراً إِذَا اعْتَلَى قَدَّ وَإِذَا اعْتَرَضَ قَطَّ ».

والبَكْرُ بالفتح : الفتى من الإبل ، والأنثى بَكْرَةٌ ، والجمع بِكَارٌ مثل فرخ وفراخ ، وقد يجمع في القلة على أَبْكُر.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي أَصْحَابِهِ « كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى البِكَارُ الْعَمِدَةُ وَالثِّيَابُ الْمُتَدَاعِيَةُ » (١).

قال الفاضل ميثم والبِكَارُ العَمِدَةُ : التي انشدخ باطن أسنمتها لثقل الحمل ، وتسمى العمدة لذلك ، ووجه شبه مداراتهم بمداراتها قوة المداراة وكثرتها ، وخص البِكَار جمع بَكْرَة لأنها أشد تضجرا بالحمل عند ذلك الداء ، وأشار إلى وجه شبهها بمداراة الثياب المتتابعة في التمزق بقوله « كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر ». وحِيصَتْ : خِيطَتْ وجمعت ، أي كلما أصلح حال بعضهم وجمعهم للحرب فسد بعض آخر عليه وتفرق عنه.

وَفِي الْحَدِيثِ « عَلَيْهِ بَكَارَةٌ ».

بالفتح وهي الناقة إذا ولدت. وبَكْرَةُ البئر : الخشبة التي يستقى عليها. قال الأصمعي : إن كانت البَكْرَةُ على ركية مَتُوحٍ فهي بَكْرَةٌ ، وإن كانت على ركية جرور فهي مَحَالَةٌ. وبَكَّرَ بالصلاة : صلاها لأول وقتها. ومِنْهُ « لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ».

وبَكَرَ إلى الشيء بُكُوراً من باب قعد : أسرع أي وقت كان. وبَكَّرَ بالتشديد مثله

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١١٢.

٢٢٩

ومنه حَدِيثُ الْجُمُعَةِ « مَنْ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ ».

قالوا بَكَّرَ : أسرع ، وابْتَكَرَ : أدرك الخطبة. وبَكَّرَ بالصدقة : تصدق قبل خروجه ، ومِنْهُ « بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا » (١).

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي وَصْفِ الْمُفْتِي « بَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ » (٢).

أي ذهب بكرة ، يعني أخذ في طلب العلم أول شيء فاستكثر منه. ومن بادر إلى الشيء فقد أَبْكَرَ إليه : أي أسرع. وأتيته بُكْرَةً : أي بَاكِراً. قال الجوهري فإن أردت به بكرة يوم بعينه قلت « أَتَيْتُهُ بُكْرَةَ » غير منصرف كأنه للتأنيث والعلمية ، وهي من الظروف التي لا تتمكن وابْتَكَرَ الشيءَ : إذا أخذ بَاكُورَتَهُ وهو أوله.

وَ « أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ » وُلِدَ قَبْلَ عَامِ الْفِيلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ (٣)، وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى وَكُنْيَتُهُ أَبَا فَصِيلٍ ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله عَبْدَ اللهِ وَكَنَّاهُ بِأَبِي بَكْرٍ.

( بلر )

في الحديث ذكر البِلَّوْر وهو بكسر الباء مع فتح اللام كسنور وبفتح الباء مع ضم اللام كتنور : حجر من المعادن واحدته بِلَّوْرَة. ومنه الْحَدِيثُ « نِعْمَ الْفَصُ الْبِلَّوْرُ ».

قيل وأحسنه ما يجلب من جزائر الزنج.

( بندر )

« بُنْدَار » بضم الباء وإسكان النون :

__________________

(١) الكافي ج ٤ صلى الله عليه وآله ٦ ، وفيه « بكروا بالصدقة ».

(٢) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٤٨.

(٣) توفي يوم الجمعة لتسع ليالي بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ، وقيل مات عشي يوم الإثنين ، وقيل ليلة الثلاثاء ، وقيل عشي يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة الاستيعاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٩٧٧.

٢٣٠

إمامي من رواة الحديث (١).

( بور )

قوله تعالى : ( كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً ) [ ٢٥ / ١٨ ] أي هلكى. من البَوَارِ بفتح الباء أي الهلاك. ومنه بَارَ فلان : هلك. وأَبَارَهُ اللهُ : أهلكه. قوله : ( تِجارَةً لَنْ تَبُورَ ) [ ٣٥ / ٢٩ ] أي لن تكسد. قوله : ( وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ ) [ ٣٥ / ١٠ ] أي يبطل ، من بَارَ عملُه بَطَلَ.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ ».

أي من كسادها وعدم الرغبة فيها ، من قولهم بَارَتِ السوقُ : كسدت. ويتم الكلام في « أيم » والبَوْرُ بالفتح : الأرض التي لم تزرع.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنِ السُّجُودِ عَلَى الْبُورِيَاءِ؟ ».

هي بالمد التي تُسَفُّ من القصب. وعن الأصمعي البُورِيَاءُ بالفارسية وبالعربية بَارِيّ وبُورِيّ والبَارِيَّة.

( بهر )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « عَرَضَ لِي بُهْرٌ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْكَلَامِ ».

البُهْرُ بالضم : تتابع النفس يعتري الإنسان عند السعي الشديد والعدو والمرض الشديد و « البَهْرُ » بالفتح فالسكون : العجب يقال بَهْراً لفلان أي عجبا له. ومنه حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْعَاصِ « فَأَتَى شَجَرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا لَوْ أَتَاهَا أَحَدُكُمْ مَا أَبْهَرَهُ ذَلِكَ ».

أراد ما أعجبه الجلوس تحت ظلها لكثرة شوكها وعدم تمكن المستظل من فيئها. والبَهْرُ : الغلبة ، يقال بَهَرَ القمرُ الكواكب كمنع : إذا أضاء وغلب ضوؤه ضوأها. ومنه « قمر بَاهِرٌ » أي مضيء. و « الأَبْهَرُ » وزان أحمر : عرق في الظهر ، وهما أَبْهَرَان ، وقيل أَكْحَلَان في الذراعين ، وقيل في القلب إذا انقطع

__________________

(١) هو ابن محمد بن عبد الله إمامي متقدم ، له كتب كثيرة ـ انظر منتهى المقال صلى الله عليه وآله ٦٩.

٢٣١

مات ، ويقال هو عرق منشؤه من الرأس يمتد إلى القدم ، وله شرايين تمتد بأكثر الأطراف والبدن ، فالذي في الرأس منه يسمى النَّأْمَة ويمتد إلى الحلق فيسمى فيه الوَرِيد ، ويمتد إلى الصدر فيسمى الأَبْهَر ويمتد إلى الظهر فيسمى الوَتِين والفؤاد معلق به ، ويمتد إلى الفخذ فيسمى النَّسَا ويمتد إلى الساق فيسمى الصَّافِن ـ كذا ذكر في النهاية. و « بَهُرَسِير » بالباء الموحدة والسين غير المعجمة المدائن ـ قاله في السرائر (١)و « بَهْرَاء » قبيلة من قضاعة ، والنسبة إليهم بَهْرَانِيٌ مثل بحرائي على غير القياس. والبَهَار بالفتح : العرار الذي يقال له عين البقر ، وهو بهار البر ، وهو نبت جعد له فقاحة صفراء ينبت أيام الربيع ـ قاله الجوهري. والبَهَارُ شيء يوزن به ، وهو ثلاثمائة رطل أو ستمائة ألف ، ومتاع البحر والعدل فيه أربعمائة رطل ـ قاله في القاموس.

باب ما أوله التاء

( تبر )

قوله تعالى : تَبَّرْنا [ ٢٥ / ٣٩ ] أي هلكناهم ، ويقال تَبَّرَهُ تَتْبِيراً أي كسره وأهلكه. قوله : ( وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ) [ ١٧ / ٢٨ ] أي لا هلاكا. قوله : ( هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ ) [ ٧ / ١٣٩ ] أي مهلك.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي التِّبْرِ زَكَاةٌ ».

التِّبْرُ بكسر التاء فالسكون هو ما كان

__________________

(١) في معجم البلدان ج ١ صلى الله عليه وآله ٥١٥ : من نواحي سواد بغداد قرب المدائن .. وقال حمزة بهرسير إحدى المدائن السبع التي سميت بها المدائن ، وهي معربة من ده أردشير ، وهي في غربي دجلة ....

٢٣٢

من الذهب غير مضروب فإذا ضرب دنانير ، فهو عين ولا يقال تِبْرٌ إلا للذهب وبعضهم يقول للفضة أيضا. وعن الزجاج كل جوهر قبل أن يستعمل كالنحاس والصفر وغيرهما فهو تِبْرٌ

( تجر )

قوله تعالى : ( لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ) [ ٢٤ / ٣٧ ] الآية. التِّجَارَة بالكسر هي انتقال شيء مملوك من شخص إلى آخر بعوض مقدر على جهة التراضي ، أخذا من تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْراً من باب قتل فهو تَاجِرٌ ، والجمع تَجْرٌ كصاحب وصحب وتُجَّارٌ بالضم والتشديد وبكسرها مع التخفيف. والمَتَاجِرُ جمع مَتْجَر من التجارة. ومنه قول الفقهاء « كتاب المَتَاجِر » قيل هو إما مصدر ميمي بمعنى التجارة كالمقتل بمعنى القتل ، أو اسم موضع ، وهي الأعيان يكتسب بها ، قال بعض الأفاضل : والأول أليق بالمقصود. وفي كلام الفقهاء أيضا في بحث الشراء « ولا بأس بِالْمَتَاجِر » وفسر بجواز شراء ما فيه الخمس ممن لا يخمس ولا يجب إخراج خمسه ، وكذا من يشتري من الغنائم حال الغيبة وإن كان كله أو بعضه للإمام عليه السلام

( ترر )

فِي الْحَدِيثِ « التُّرُّ تُرُّ حُمْرَانَ مُدَّ المِطْمَرَ ».

التُرُّ بالضم والتثقيل : خيط البَنَّاء ، والمِطْمَرُ مثله. واستعاره عليه السلام للتمييز بين الحق والباطل.

وَلِذَا قَالَ عليه السلام « لِحُمْرَانَ مُدَّ المِطْمَرَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعَالِمِ ».

وَقَالَ لِابْنِ سِنَانٍ « لَيْسَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَكُمْ إِلَّا المِطْمَرُ ، فَمَنْ خَالَفَكُمْ وَجَازَهُ فَابْرَءُوا مِنْهُ ».

ومنه حَدِيثُ زُرَارَةَ « إِنَّمَا نَمُدُّ الْمِطْمَارَ قَالَ : وَمَا الْمِطْمَارُ؟ قُلْتُ : التُّرُّ فَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ وَغَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَمَنْ خَالَفَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ وَغَيْرِهِ بَرِئْنَا مِنْهُ ».

ومن كلامهم « ولم أَتَتَرْتَرْ » أي لم أتزلزل.

( تمر )

قد تكرر في الحديث ذكر التَّمْر وهو بالفتح فالسكون : اليابس من ثمر النخل كالزبيب والعنب ، الواحدة تَمْرَة والجمع

٢٣٣

تَمَرَات بالتحريك ، وجمع التَّمْر تُمُور وتُمْرَان بالضم ، ويراد به الأنواع لأن اسم الجنس الذي هو التمر لا يجمع في الحقيقة. والتَّامِرُ : الذي عنده التمر ، يقال « رجل تَامِرٌ » أي ذو تمر. والتَّمَّارُ بالتثقيل : الذي يبيع التمر. ومنه « ميثم التَّمَّار » صاحب علي عليه السلام.

( تنر )

قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ ) [ ١١ / ٤٠ ] وهو الذي يخبز به حتى يقال إنه بكل لسان كذلك والمراد به هنا وجه الأرض عن على ، وقيل ما زاد على وجه الأرض وأشرف منها ، وهو مروي أيضا.

( تور )

فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ « أُتِيَ بِطَسْتٍ أَوْ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ ».

التشكيك من الراوي ، والتَّوْرُ بالفتح فالسكون : إناء صغير من صفر أو خزف يشرب منه ويتوضأ فيه ويتوكل.

( تير )

التيراني [ التِّيزَانِيُ ] رجل من أهل اللغة له كتاب خلق الإنسان ، قال في القاموس اسمه محمد بن عبد الله لغوي مشهور. والتَّارَة : المرة ، يقال فعل ذلك تَارَةً بعد تَارَةٍ أي مرة بعد مرة والجمع تَارَاتٌ. وتَيِّر والتَّيَّار بالتشديد : موج البحر ومنه « بحر تَيَّار ».

باب ما أوله الثاء

( ثأر )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام يَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ : نَحْنُ أَهْلُ الدَّمِ طُلَّابُ الثرة [التِّرَةِ] ».

أي الثَّار. ومثله حَدِيثُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ « بِكُمْ يُدْرِكُ اللهُ ثرة [تِرَةَ] كُلِّ مُؤْمِنٍ ».

والثَّأْرُ والثُّؤْرَة : الذحل ، يقال ثَأَرْتُ

٢٣٤

القتيل ثَأْراً وثُؤْرَةً أي قتلت قاتله. وقولهم « يا ثَارَاتِ فلان » أي قتلة فلان. والثَّائِرُ : الذي لا يبقى على شيء حتى يدرك ثاره.

وَفِي مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ حِينَ الزِّيَارَةِ « أَشْهَدُ أَنَّكَ ثَارُ اللهِ وَابْنُ ثَارِهِ ».

ولعله مصحف من يا ثار الله وابن ثائره ، والله أعلم.

( ثبر )

قوله تعالى : ( دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً ) [ ٢٥ / ١٣ ] أي صاحوا وا هلاكاه ، والثُّبُورُ الهلاك والخسران. قوله : مَثْبُوراً [ ١٧ / ١٠٢ ] أي مهلكا ، وقيل ملعونا مطرودا ».

وَفِي حَدِيثِ الْمَوْقِفِ « ثُمَّ اقْضِ حِينَ يُشْرِقُ لَكَ ثَبِيرٌ ».

ثَبِيرٌ كأمير جبل بمكة كأنه من الثَّبْرَة وهي الأرض السهلة.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَبْشُ إِسْمَاعِيلَ تَنَاوَلَهُ يَعْنِي جَبْرَئِيلَ ـ مِنْ قُلَّةِ ثَبِيرٍ ».

ومن شعر امرىء القيس :

كأن ثَبِيراً في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمل (١)

قيل في معناه ثَبِير على فعيل اسم هذا الجبل بعينه. والعِرْنِينُ : الأنف ، وقال الجمهور معظم الأنف ، والجمع عَرَانِين ثم استعمل العرانين لأوائل المطر لأن الأنف مقدم الوجه. والبِجَادُ : الكساء المخطط الجمع بُجُد والتَّزْمِيل : التلفيف بالثياب ، وقد زَمَّلْتُهُ بالثياب فَتَزَمَّلَ بها : أي لففته فتلفف بها. وقد استشهد فيه على جواز الجر للمجاورة لأنه جر مزمل لمجاورته بجاد وإلا فالقياس الرفع لأنه وصف لكبير أناس. ومثله في جر المجاورة قولهم « جحر ضب خرب » لمجاورة ضب مع أنه خبر المبتدإ.

( ثرثر )

فِي خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَ الثَّرْثَارُونَ ».

الثَّرْثَارُون جمع الثَّرْثَار. وهو كثير الكلام ، ومنه رجل ثَرْثَارٌ ، والمراد كثرة الكلام تكلفا وخروجا عن الحق من غير حاجة إليه بل لنيل

__________________

(١) من معلقته الشهيرة.

٢٣٥

الحظوظ الدنيوية. والثَّرْثَار : النهر ، ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الثَّرْثَارِ « يُخَوِّفُنَا بِالْجُوعِ مَا دَامَ ثَرْثَارُنَا يَجْرِي » (١).

أي نهر. و « أهل الثَّرْثَار » قوم كانوا يأخذون مخ الحنطة ويجعلونه خبزا يستنجون به (٢). والثَّرَّةُ من العيون : الغزيرة الماء وسحاب ثَرٌّ : أي كثير الماء.

( ثغر )

في الحديث ذكر الثَّغْر بالفتح فالسكون : موضع المخافة الذي يخاف منه هجوم العدو ، ومنه استحباب المرابطة لحفظ الثَّغْرِ ، والجمع ثُغُور كفلس وفلوس والثَّغْرُ أيضا ما تقدم من الأسنان. وفي المصباح الثَّغْرُ : المَبْسِم ثم أطلق على الثنايا. وإذا كُسِرَ ثغر الصبي قيل ثُغِرَ ثُغُوراً بالبناء للمجهول وثَغَرْتُهُ أَثْغَرُهُ [ من باب نفع : كسرته ، وإذا نبتت بعد السقوط قيل : أَثْغَرَ ] إِثْغَاراً مثل أكرم إكراما ، وإذا ألقى أسنانه قيل اتَّغَرَ على افتعل قاله ابن فارس ـ انتهى. وأصل اتَّغَرَ اثتغر قلبت الثاء تاء ثم أدغمت ، وإن شئت قلت اثَّغَرَ بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر. والمُثَّغِر : من سقطت أسنانه الرواضع التي من شأنها السقوط ونبت مكانها

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا شَيْءَ فِي سِنِّ صَغِيرٍ لَمْ يَثَّغِرْ ».

أي لم يسقط سنه بعد. وفي القاموس أَثْغَرَ الغلامُ : ألقى ثغره ضد ، وعلى هذا يحمل

قَوْلُهُ عليه السلام « يُحْرَمُ بِالصَّبِيِّ إِذَا أَثْغَرَ ».

والثُّغْرَةُ بالضم : نقرة النحر التي بين الترقوتين ، والجمع ثُغَر مثل غرفة وغرف.

( ثفر )

فِي حَدِيثِ الْحَائِضِ « فَإِنْ رَأَتْ دَماً ثَبِيباً اغْتَسَلَتْ وَاحْتَشَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ فِي كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ ».

الاسْتِثْفَار بالسين المهملة ثم التاء المثناة ثم الثاء المثلثة وفي الآخر راء مهملة ، مصدر قولك اسْتَثْفَرَ الرجل بثوبه. إذا رد طرفيه بين رجليه إلى حجزته بضم

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ صلى الله عليه وآله ١٣٠.

(٢) انظر تفاصيل قصة أهل الثرثار في سفينة البحار ج ١ صلى الله عليه وآله ١٣٠.

٢٣٦

الحاء والجيم ، أو من اسْتَثْفَرَ الكلبُ بذنبه : جعله بين فخذيه ، أو مأخوذ من ثَفْرِ الدابة بالثاء المثلثة الذي يجعل تحت ذنبها. ومنه الْحَدِيثُ « الِاسْتِثْفَارُ أَنْ تَجْعَلَ مِثْلَ ثَفْرِ الدَّابَّةِ » (١).

والمراد تأخذ خرقة طويلة عريضة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها الآخر من وراء بعد أن تحتشي بشيء من القطن ليمتنع به من سيلان الدم.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ « تَسْتَدْخِلُ قُطْنَةً وَتَسْتَثْفِرُ وَتَسْتَذْفِرُ ».

وكأنها نسخة جمع لا بدل ، يشهد لها ما قاله في القاموس الاستذفار هو أن تتطيب وتستجمر بالدخنة وغير ذلك ، والاسْتِثْفَارُ أن تجعل مثل ثفر الدابة ، والثَّفْرُ للدابة معروف والجمع أَثْفَارٌ مثل سبب وأسباب

( ثمر )

قوله تعالى : ( لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ) [ ٣٦ / ٣٥ ] الآية. الثَّمَرُ بالتحريك : الرطب ما دام في رأس النخل ، فإذا قطع فهو الرطب ، ويقع على كل الثِّمَار أكلت أو لم تؤكل كثمر الأراك والعوسج ، واحدة ثَمَرَة ، ويغلب على ثَمَرِ النخل.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « أُمُّكَ أَعْطَتْكَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِهَا ».

هو على الاستعارة ، وجمع الثَّمَرِ ثِمَار مثل جبل وجبال ، وجمع الثَّمَرَة ثَمَرَات مثل قصبة وقصبات ، وجمع الثِّمَار ثُمُر مثل كتاب وكتب ، وجمع الثَّمَر أَثْمَار مثل عنق وأعناق. قوله : ( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ ) [ ٢ / ١٢٦ ]

عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام هِيَ ثَمَرَاتُ الْقُلُوبِ.

وعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام أَنَ الثَّمَرَاتِ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَقْطَارِ (٢)، وَقَدِ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ حَتَّى لَا يُوجَدُ فِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ثَمَرَةُ لَا تُوجَدُ فِيهَا ، حَتَّى إِنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَوَاكِهُ رَبِيعِيَّةٌ وَصَيْفِيَّةٌ وَخَرِيفِيَّةٌ وَشِتَائِيَّةٌ.

و « الثُّمُرُ » بضم الثاء : المال. وأَثْمَرَ المالُ : صار فيه الثمر. وأَثْمَرَ الرجلُ : كثر ماله. وثَمَّرَ اللهُ مالَه : كثره. واسْتِثْمَارُ المال : استنماؤه. ومنه الْحَدِيثُ « اسْتِثْمَارُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوَّةِ ». ولعله

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٨٩.

(٢) مجمع البيان ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٠٦.

٢٣٧

يريد الصدقة منه ، فإن المال ينمو بسببها ، أو استنماؤه بإنفاقه بالمعروف.

( ثور )

قوله تعالى : ( وَأَثارُوا الْأَرْضَ ) [ ٣٠ / ٩ ] أي قلبوها للزراعة وعمروها بالفلاحة.

وَفِي الْخَبَرِ « ثَارَتْ قُرَيْشٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وآله فَخَرَجَ هَارِباً ».

أي هيجوه من مكانه ، من قولهم ثَارَ الغبارُ يَثُورُ ثَوَرَاناً : هاج. ومنه ثَارَتِ الفتنةُ : أي هاجت ، ومثله ثَارَتْ به مرة. والثَّوَرَانُ : الهيجان. و « ثَوْرٌ » بالفتح فالسكون : جبل بمكة وفيه الغار الذي بات فيه النبي صلى الله عليه وآله لما هاجر (١). و « ثَوْرٌ » أبو قبيلة من مضر ، وهو ثَوْرُ بن عبد منات. والثَّوْرُ الذكر من البقر ، وكنيته أبو عجل ، والأنثى ثَوْرَة ، والجمع ثِيرَان وأَثْيَار وثِيَرَة كعنبة. قال المبرد نقلا عنه : وإنما سمي الثَّوْرُ ثورا لأنه يثير الأرض ، كما سميت البَقَرَة بقرة لأنها تبقرها. والثَّوْرُ : برج في السماء. و « سفيان الثَّوْرِيُ » كان في شرطة هشام بن عبد الملك ، وهو ممن شهد قتل زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، فإما أن يكون ممن قتله أو أعان عليه أو خذله (٢).

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرَ الْقُرْآنَ ».

أي لينقر عنه ويفكر في معانيه وتفسيره وقراءته.

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٨٦ : وقال الجوهري ثور جبل بمكة وفيه الغار المذكور في القرآن يقال له أطحل ، وقال الزمخشري ثور أطحل من جبال مكة بالمفجر من خلف مكة على طريق اليمن ....

(٢) هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ، قال فيه ابن حجر : ثقة عابد إمام حجة من رءوس الطبقة السابعة وكان ربما دلس ، توفي بالبصرة سنة ١٦١ ه‍ الكنى والألقاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٢٠.

٢٣٨

باب ما أوله الجيم

( جأر )

قوله تعالى : ( فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ ) [ ١٦ / ٥٣ ] أي ترفعون أصواتكم إليه بالدعاء ، يقال جَأَرَ القومُ إلى الله جُؤَاراً : إذا دعوا إليه وعجوا إليه برفع أصواتهم. ومنه الْحَدِيثُ « كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى لَهُ جُؤَارٌ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّلْبِيَةِ ».

يريد الاستعانة ورفع الصوت.

( جبر )

قوله تعالى : ( إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ ) [ ٥ / ٢٢ ] أي أقواما عظاما. الجَبَّار : المسلط ، ومنه قوله تعالى ( وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) [ ٥٠ / ٤٥ ] والجَبَّار : المتكبر ، ومنه ( جَبَّاراً شَقِيًّا ) [ ١٩ / ٣٢ ]. والجَبَّار : الذي يقتل على الغضب ، ومنه قوله تعالى ( وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) [ ٢٦ / ١٣٠ ]. والْجَبَّارُ : من أسمائه تعالى ، وهو الذي يجبر الخلق ويقهرهم على بعض الأمور التي ليس لهم فيها اختيار ولا على تغييرها قدرة ، والذي يجبر حالهم ويصلحه. وفعال من أبنية المبالغة. وقيل الْجَبَّارُ العظيم الشأن في الملك والسلطان ، ولا يطلق هذا الوصف على غيره تعالى إلا على وجه الذم.

وَفِي حَدِيثِ الْكُوفَةِ « مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلَّا ابْتَلَاهُ اللهُ بِشَاغِلٍ أَوْ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ » (١).

قِيلَ وَمِنَ الْجَبَابِرَةِ الَّذِينَ أَرَادُوا بِهَا السُّوءَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ ، رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ جَمَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ بِسَبِّ عَلِيٍّ عليه السلام وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَيَقْتُلُ مَنْ يَعْصِيهِ فِي ذَلِكَ ، فَبَيْنَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ إِذْ خَرَجَ حَاجِبُهُ فَأَمَرَهُمْ بِالانْصِرَافِ وَقَالَ : إِنَّ الْأَمِيرَ مَشْغُولٌ عَنْكُمْ ، وَكَانَ قَدْ رُمِيَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْفَالِجِ وَمِنْهُمْ عُبَيْدُ اللهِ وَأَصَابَهُ الْجُذَامُ.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٩٣.

٢٣٩

وَمِنْهُمُ الْحَجَّاجُ تَوَلَّدَتْ فِي بَطْنِهِ الْحَيَّاتُ وَاحْتَرَقَ دُبُرُهُ حَتَّى هَلَكَ. وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ وَابْنُهُ يُوسُفُ وَرُمِيَا بِالْبَرَصِ. وَمِنْهُمْ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى مَاتَ جُوعاً.

وممن رمي بقاتل : عبيد الله بن زياد لعنه الله ومصعب بن الزبير ويزيد بن المهلب وأحوالهم مشهورة.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ جَبَّارِينَ ».

أي متكبرين. والمُتَجَبِّرُ : المُتَكَبِّرُ ، ولا فرق بينهما لغة. وقيل المُتَكَبِّرُ المتعظم بما ليس فيه ، والمُتَجَبِّرُ الذي لا يكترث لأمر.

وَفِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ « إِيَّاكُمْ وَالتَّجَبُّرَ عَلَى اللهِ ».

كأنه أراد بِالتَّجَبُّرِ على الله التكبر على الناس متكلا معتمدا على قربه عند الله.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ عَبْداً لَمْ يَتَجَبَّرْ عَلَى اللهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ».

و « الجَبَرُوت » فهو فعلوت من الجبر والقهر. و « جَبْرَئِيلُ » هو اسم ملك من ملائكة الله ، يقال هو جَبْرٌ أضيف إلى إيل اسم من أسماء الله تعالى بغير العربية ، وفيه لغات جَبْرَئِيل يهمز ولا يهمز وجِبْرِيل بالكسر وجَبْرَئِل مقصور وجَبْرِين.

نُقِلَ أَنَّهُ عليه السلام نَزَلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَمْسِينَ مَرَّةً وَعَلَى مُوسَى أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ وَعَلَى عِيسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ وَعَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ.

وَمِنْ كَلَامِهِ عليه السلام فِي وَصْفِ وَالِي الْأُمَّةِ « هُوَ الَّذِي لَمْ يُغْلِقْ بَابَهُ دُونَهُمْ فَيَأْكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ وَلَمْ يُجْبِرْهُمْ فِي بُعُوثِهِمْ فَيَقْطَعَ نَسْلَ أُمَّتِي ».

قيل هو من الجَبْرِ على الشيء : القهر والغلبة عليه ، وقد اضطربت النسخ في ذلك والأصح ما ذكرناه ، والمعنى حينئذ لم يقهر كل جماعة من المسلمين على الجهاد فينجر إلى قطع النسل. و « الجَبْرُ » وزان فلس : خلاف القدر وهو القول بأن الله يجبر عباده على فعل المعاصي

٢٤٠