مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

وانحرف. والتَّزْوِيرُ : تزيين الكذب. وزَوَّرْتُ الشيءَ : حسنته وقومته.

( زهر )

قوله تعالى : ( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [ ٢٠ / ١٣١ ] بفتح الزاي وسكون الهاء أي زينتها وبهجتها ، وفي انتصاب زَهْرَة وجوه : منها على الذم والاختصاص وتضمين متعنا وأعطينا وخولنا ، وكونه مفعولا ثانيا له ، وعلى إبداله من محل الجار والمجرور ، وعلى إبداله من أزواج على تقدير ذوي زَهْرَةٍ.

وَ « الزَّهْرَاءُ » فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا إِذَا قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا زَهَرَ نُورُهَا إِلَى السَّمَاءِ كَمَا يَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.

وَرُوِيَ أَنَّهَا سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ لِأَنَّ اللهَ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ.

ومن صفاته « أَزْهَرُ اللون » (١)أي نير اللون ، من الزُّهْرَةِ وهي البياض النير وهو أحسن الألوان. ومنه رجل أَزْهَرُ : أي أبيض مشرق الوجه ، والمرأة زَهْرَاء. وزَهَرَ الشيءُ يَزْهَرُ ـ بفتحتين ـ : صفا لونه وأضاء. قال في المصباح : وقد يستعمل في اللون الأبيض خاصة. وزَهِرَ الرجلُ ـ من باب تعب ـ : ابيض وجهه. وزَهْرُ النبات نوره ، الواحدة زَهْرَة مثل تمر وتمرة ، وقد تفتح الهاء. وزَهَرَ السراج والقمر والوجه كمنع زُهُوراً : تلألأ. واليوم الأَزْهَر : يوم الجمعة.

وَفِي الْخَبَرِ « سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ الزَّهْرَاوَان ».

أي المنيران ، واحدتها زَهْرَاء. و « زُهْرَة » حي من قريش ، وهي اسم امرأة كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، ومنه « الزُّهْرِيُ » المشهور (٢).

__________________

(١) مكارم الأخلاق صلى الله عليه وآله ٩.

(٢) هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن الحارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب الفقيه المدني التابعي ، توفي ببغداد سنة ١٨٥ الكنى والألقاب ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٧٠.

٣٢١

والمِزْهَر بكسر الميم من آلات الملاهي وهي عود الغناء ، والمَزَاهِر جمعه.

باب ما أوله السين

( سأر )

في الحديث تكرر ذكر الأَسْآر جمع سُؤْر بالضم فالسكون ، وهو بقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم أستعير لبقية الطعام ـ قاله في المغرب وغيره. وعن الأزهري اتفق أهل اللغة أن سَائِرَ الشيء باقيه قليلا كان أو كثيرا. وفي النهاية سَائِر مهموز ومعناه الباقي لأنه اسم فاعل من السُّؤْر ، وهو ما يبقى بعد الشراب ، وهذا مما يغلط فيه الناس فيضعونه موضع الجميع ، وقد يقال في تعريفه السُّؤْرُ ما باشره جسم حيوان وبمعناه رواية ولعله اصطلاح ، وعليه حملت الأَسْآر كسُؤْرِ اليهودي والنصراني وغيرهما والسُّؤْرَةُ بالهمز : قطعة من القرآن ، على حدة من قولهم « سُؤْرَةٌ من كذا » أي أبقيت وأفضلت منه فضلة ، ويتم الكلام في سور إن شاء الله تعالى.

( سبر )

فِي الْحَدِيثِ « إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ ».

جمع سَبْرَة بسكون الباء وهي شدة البرد. و « السَّابِرِيُ » تكرر ذكره في الحديث وهو ضرب من الثياب الرقاق تعمل بِسَابُور موضع بفارس. و « سَابُور » ملك معرب شاپور. و « سَبَرْتُ القومَ » من باب قتل وفي لغة من باب ضرب : تأملتهم واحدا بعد واحد. والسَّبْرُ : امتحان غور الجرح وغيره.

( سبطر )

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « صَوْبُهُ مُسْتَبْطِرٌ ».

أي ممتد.

وَفِي خَبَرِ شُرَيْحٍ « إِنِ اسْبَطَرَّتْ فَهُوَ لَهَا ».

أي امتدت للإرضاع ومالت إليه. ومِنْهُ « سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْئاً قَبْلَ أَنْ يَسْبَطِرَّ؟ فَقَالَ : مَا أَخَذَ مِنْهَا مَيْتَةٌ ».

أي قبل أن تمتد بعد الذبح. واسْبَطَرَّ الرجل : اضطجع وامتد.

٣٢٢

( ستر )

قوله تعالى : ( حِجاباً مَسْتُوراً ) [ ١٧ / ٤٥ ] أي حجابا على حجاب ، والأول مستور بالثاني ، يريد بذلك كثافة الحجاب لأنه جعل على قلوبهم أكنة. قوله : ( وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) [ ٤١ / ٢٢ ] أي ما كنتم تسترون عن الناس عند كسب الفواحش مخافة الفضاحة وما ظننتم أعضاؤكم تشهد عليكم فما استترتم عنها. وسَتَرْتُ الشيءَ من باب قتل : حجبته عمن ينظر إليه. و « السِّتْرُ » بالكسر واحد السُّتُور والأَسْتَار والخوف والحياء والعمل ـ قاله في القاموس. والسُّتْرَة بالضم : ما يستتر به كائنا ما كان ، وكذلك السِّتَارَة بالكسر ، والجمع السَّتَائِرُ ، ويقال لما ينصبه المصلي قدامه وقت صلاته من عصا وكومة تراب وغيره « سُتْرَةٌ » لأنه يستر المار من المرور أي يحجبه. و « تُسْتَرُ » بتائين مثناتين الأول مضمومة والثانية مفتوحة بينهما سين مهملة ساكنة مدينة مشهورة بخوزستان ـ كذا عن بعض العارفين ، ولعلها شستر والله أعلم (١). و « الإِسْتَار » في العدد بكسر الهمزة : وزن أربعة مثاقيل ونصف ، والجمع أَسَاتِير.

( سجر )

قوله تعالى : ( وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ) [ ٨١ / ٦ ] أي ملئت ونفذ بعضها إلى

__________________

(١) قال في معجم البلدان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٩ : وهو ـ أي تستر ـ تعريب شوشتر ، قال الزجاجي سميت بذلك لأن رجلا من بني عجل يقال له تستر بن نون افتتحها فسميت به ، وليس بشيء ، والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني قال الشوشتر مدينة بخوزستان تعريب شوش بإعجام الشينين قال ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف ....

٣٢٣

بعض فصار بحرا واحدا ، كقوله تعالى : ( وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ ) ويقال معنى سُجِّرَتْ أي يقذف بالكواكب فيها ثم تضرم فتصير نارا لتعذيب الفجار. قال الشيخ أبو علي : قرأ ابن كثير وأهل البصرة سُجِرَتْ بالتخفيف والباقون بالتشديد. قوله : ( ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) [ ٤٠ / ٧٢ ] أي يقذفون فيها ويوقد عليهم. قوله : ( وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ) [ ٥٢ / ٦ ] أي المملوء.

وَفِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « كَانَ أَسْجَرَ الْأَعْيُنِ ».

السُّجْرَة أن يخالط بياضها حمرة تستره ، وقيل أن يخالط الحمرة الزرقة ، وأصل السُّجْرَة الكدرة. وسَجَرْتُ النهرَ : إذا ملأته. وسَجَرْتُ التنورَ سَجْراً : إذا حميته. واللؤلؤ المَسْجُور : أي المنظوم المسترسل.

( سحر )

قوله تعالى : ( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) [ ٢٣ / ٨٩ ] أي فكيف تخدعون عن توحيده ويموه لكم. قوله : ( إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ) [ ٢٦ / ١٢٥ ] قيل أي من المخلوقين ، وقيل من الذين سحروا مرة بعد أخرى ، وقيل من المخدعين ، وقيل غير ذلك. قوله : ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً ) [ ١٧ / ٤٧ ] أي مصروفا عن الحق. وسمي السِّحْرُ سحرا لأنه صرف عن جهته ، وقيل من السِّحْرِ أي سُحِرَتْ فخولط عقلك ، وقد مر في « نفث » إبطال تأثير السحر فيهصلى الله عليه وآلهقوله : تُسْحَرُونَ [ ٢٣ / ٨٩ ] أي تخدعون. قوله : سَاحِرانِ تَظاهَرا [ ٢٨ / ٤٨ ] أي تعاونا ، وقرئ سِحْرانِ أي ذوا سحر ، وجعلوهما سِحْرَيْنِ مبالغة في وصفهما بالسحر ، أو أرادوا نوعين من السحر. قوله : ( يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ ) [ ٤٣ / ٤٩ ] أرادوا يا أيها العالم الفاضل ، لأنهم يخاطبون بالذم في حال

٣٢٤

حاجتهم ودعائه لهم واستنقاذه إياهم من العقاب والهلكة ، ومن هنا قال ابن الأنباري السَّاحِرُ يقال للمذموم والممدوح ، فهو من الأضداد. والسَّحَرَةُ في قوله تعالى : ( لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ ) [ ٢٦ / ٤٠ ] جمع سَاحِر ، قيل كان عددهم اثني عشر ألفا كلهم أقربهم بالحق عند آية موسى عليه السلام. قوله : ( إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ) [ ٥٤ / ٣٤ ] السَّحَرُ بالتحريك قبيل الصبح وبضمتين لغة ، وإذا أردت به سَحَرَ ليلتك لم تصرفه لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة ، وإن أردت به سَحَرَ بكرة صرفت كما في الآية الشريفة ـ كذا نقلا عن الجوهري (١)والجمع أَسْحَار ، ومنه قوله تعالى : ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) [ ٣ / ١٧ ] وقد تكرر في الحديث ذكر السَّحُور هو كرسول ما يتسحر به من الطعام والشراب في ذلك الوقت ، وبالضم المصدر والفعل نفسه. و « السِّحْرُ » بالكسر فالسكون كلام أو رقية أو عمل يؤثر في بدن الإنسان أو قلبه أو عقله ، وقيل لا حقيقة له ولكنه تخيل. وقد اختلف العلماء في القدر الذي يقع به السحر ، فقال بعضهم لا يزيد تأثيره على قدر التفرق بين المرء وزوجه لأن الله تعالى ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له في حقنا ، فلو وقع به منه أعظم لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى الأحوال ، والأشعرية ـ على ما نقل عنهم ـ أجازوا ذلك.

وَفِي الْحَدِيثِ « حُلَّ وَلَا تَعْقِدْ ».

وفيه دلالة على أن له حقيقة ، ولعله أصح.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً ».

قيل معناه لما كان في البيان من إبداع التركيب وغرابة التأليف ما يجذب السامع ويخرجه إلى حد يكاد يشغله عن غيره شبه بالسحر الحقيقي ، وقيل هو السِّحْرُ الحلال. وعن الإمام فخر الدين في تفسيره ما هذا لفظه : ولفظ السِّحْر في عرف

__________________

(١) هذا تلخيص عما في صحاح الجوهري ( سحر ) لا نصه.

٣٢٥

الشرع مختص بكل أمر مخفي سببه ويتخيل على غير حقيقة ويجري مجرى التمويه والخداع ، قال الله تعالى : ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى ) وإذا أطلق ذم فاعله. وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح فاعله ويحمد

كَقَوْلِهِ عليه السلام « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً ».

أي بعض البيان سحر لأن صاحبه يوضح الشيء المشكل بحسن بيانه فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر. وفي المصباح اختلف في قَوْلِهِ « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً وَمِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً » (١).

في أنه مدح أو ذم ، فمعناه على الذم أنه يصرف ببيانه قلوب السامعين إلى قبول قوله ولو باطلا ويتكلف بزيادة ما لا يعني ويخلط بالتلبيس ويذهب بغير الحق ، وعلى المدح أنه يختار الألفاظ ويحسن الكلام ، ويمكن أن يكون ردا على من زعم أن الشعر كله مذموم والبيان كله حسن ، فقيل إن بعض البيان كالسحر في البطلان وبعض الشعر كالحكمة في الحقيقة ، قيل والحق أن الكلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ « وَمَلَأَ سُحْرَاكُمَا ».

بالضم أي أجوافكما. والسَّحْرُ كفلس وبرد الرئة والجمع سُحُور وأَسْحَار. وقد يقال سَحَرَ كنهر لمكان حرف الحلق ، ولعل منه حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ مَعَ يَزِيدَ فِي تَعْنِيفِهِ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام « يَا عَدُوَّ اللهِ قَدْ قَتَلْتَ رَجُلاً كَانَ رَسُولُ اللهِ يُقَبِّلُ بَيْنَ سَحْرِهِ وَنَحْرِهِ وَيَقُولُ : إِنِّي لَأَشَمُّ رَائِحَةَ جَنَّةِ عَدْنٍ ».

وانتفخ سَحْرُهُ ومَسَاحِرُهُ : عدا طوره وجاوز قدره. وانقطع منه سَحْرِي : يئست منه.

( سخر )

قوله تعالى : ( سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ ) [ ١٤ / ٣٢ ] أي ذلل لكم السفن. والتَّسْخِيرُ : التذليل ، ومنه « سَخَّرَ اللهُ الإِبِلَ » أي ذللها وسهلها. ومنه ( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ) [ ٤٣ / ١٣ ].

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ صلى الله عليه وآله ٧٠٣.

٣٢٦

قوله : يَسْتَسْخِرُونَ [ ٣٧ / ١٤ ] أي يهزءون ، يقال سَخِرْتُ منه وبه سَخَراً من باب تعب وبالضم لغة ، وبهما قرئ قوله تعالى : ( لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ) [ ٤٢ / ٣٣ ] أي يستخدم بعضهم بعضا. قال في المجمع : قد تكرر ذكر السُّخْرِيَة والتَّسْخِير بمعنى التكليف والحمل على الفعل من غير أجرة ، تقول من الأول سَخِرْتُ منه وبه سَخَراً بفتحهما وضمهما والاسم السُّخْرِيُ بالضم والكسر والسُّخْرِيَة ومن الثاني سَخَّرَهُ تَسْخِيراً والاسم السُّخْرَى بالضم. والسُّخْرَة وزان غرفة ، وآية الآية.

( سدر )

قوله تعالى : ( فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ) [ ٥٦ / ٢٨ ] السِّدْرُ شجر النبق ، واحده سِدْرَة ، والجمع سِدْرَات بالسكون حملا على لفظ الواحد ، وسِدِرَات وسِدَر كقيمة وقيم. قوله : ( إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ) [ ٥٣ / ١٦ ] قيل يغشاها الملائكة أمثال الغربان حتى يقفن على الشجرة.

وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله قَالَ : « رَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْ وَرَقِهَا مَلَكاً قَائِماً يُسَبِّحُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ » (١).

وقيل يغشاها من النور والبهاء والحسن والصفاء الذي يروق الأبصار وما ليس لوصفه منتهى والسَّادِرُ : المتحير. والسَّادِر : الذي لا يهتم ولا يبالي ما صنع. والسَّدَرُ : تحير البصر ، يقال سَدِرَ البعير بالكسر : تحير من شدة الحر ، فهو سَدِرٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَسَدِرَ الرَّجُلُ فَمَالَتْ مِسْحَاتُهُ فِي يَدِهِ فَأَصَابَتْ بَطْنَ الْمَيِّتِ فَشَقَّهُ ».

من هذا الباب. والسَّنْدَرِيُ : ضرب من السهام منسوب إلى السَّنْدَرَة ، وهي شجرة. والسَّنْدَرَة : مكيال ضخم واسع ، ومنه قَوْلُ عَلِيٍّ عليه السلام « أَكِيلُكُمْ

__________________

(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٥٠.

٣٢٧

بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَةِ ».

وقيل السَّنْدَرَة اسم رجل وامرأة كان يكيل كيلا وافيا. والسُّدَّرُ كقُبَّر : لعبة للصبيان ، ومنه الْحَدِيثُ « سَأَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى السُّدَّرِ ».

( سرر )

قوله تعالى : ( فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ) [ ٨٨ / ١٣ ]

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَلْوَاحُهَا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةً بِالزَّبَرْجَدِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مُرْتَفِعَةً مَا لَمْ يَجِئْ أَهْلُهَا ، فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُهَا الْجُلُوسَ عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَرْفَعُ إِلَى مَوْضِعِهَا.

و « السُّرُرُ » جمع سَرِير ، وهو مجلس السرور ، وقيل إنما رفعت ليرى المؤمنون بجلوسهم عليها جميع ما حولهم من الملك ـ انتهى. وكل صفة جمع موصوف لا يعقل صح جمعه وإفراده ، كقوله تعالى : ( سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ). ومن ذلك فِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي ».

ولو لا ذلك لوجب أن يقول اللاتي. قوله : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) [ ٨٦ / ٩ ] أي تختبر ، والسَّرَائِر : ما أسر في القلوب والعقائد والنيات وغيرها وما خفي من الأعمال. قال الشيخ أبو علي : السَّرَائِر أعمال بني آدم والفرائض التي أوجبت عليه ، وهي سرائر في العبد تختبر تلك السرائر يوم القيامة حتى يظهر خيرها وشرها.

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله مَا هَذِهِ السَّرَائِرُ الَّتِي تُبْلَى بِهَا الْعِبَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ : سَرَائِرُكُمْ هِيَ أَعْمَالُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَكُلِّ مَفْرُوضٍ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا سَرَائِرُ خَفِيَّةٌ ، فَإِنْ شَاءَ قَالَ صَلَّيْتُ وَلَمْ يُصَلِّ وَإِنْ شَاءَ قَالَ تَوَضَّأْتُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) (١).

قوله : ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ) [ ٢٠ / ٧ ] السِّرُّ ما أكمنته في نفسك ، و

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٧٢.

٣٢٨

أخفى ما خطر ببالك ثم نسيته. قوله : ( فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ ) [ ١٢ / ٧٧ ] أي سرقتهم. وأَسَرَّ إليه حديثا : أي أفضى. ومنه قوله : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ) [ ٦٦ / ٣ ]. قوله : ( بَعْضِ أَزْواجِهِ ) يريد حفصة حدثها كلاما وأمرها بإخفائه فلم تكتمه. قوله : ( لا تُواعِدُوهُنَ سِرًّا ) [ ٢ / ٢٣٥ ] أي نكاحا أو جماعا ، عبر بِالسِّرِّ عنهما لأن مثلهما يسر. قوله : ( وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ ) [ ١٠ / ٥٤ ] أي أظهروها ، ويقال كتموها ، فهي من الأضداد. قوله : ( تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) [ ٦٠ / ١ ] قيل المفعول محذوف والتقدير تسرون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وآله بسبب المودة بينكم وبينهم ، ويجوز أن يكون بالمودة مفعوله والباء زائدة للتأكيد. وفِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ « لَا تُسَارَّ أَحَداً فِي مَجْلِسِكَ فَتُتَّهَمَ ».

والسِّرُّ : الذي يكتم. ومِنْهُ « هَذَا مِنْ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ».

أي مكتوم آل محمد صلى الله عليه وآله الذي لا يظهر لكل أحد. قال بعض شراح الحديث : اعلم أن سِرَّ آل محمد صلى الله عليه وآله صعب مستصعب. فمنه ما يعلمه الملائكة والنبيون وهو ما وصل إليهم بالوحي ، ومنه ما يعلمه هم ولم يجر على لسان مخلوق غيرهم وهو ما وصل إليهم بغير واسطة ، وهو السِّرُّ الذي ظهرت به آثار الربوبية عنهم فارتاب لذلك المبطلون وفاز العارفون فكفر به فيهم من أنكر وفرط ومن غلا فيهم وأفرط وفاز من أبصر وتبع النمط الأوسط. وجمع السِّرِّ أَسْرَار ، ومثله السَّرِيرَة والجمع السَّرَائِر. ومنه « تَبَطُّنُكَ سَرَائِرُنَا ». وفي الحديث ذكر « السُّرِّيَّة » هي بضم السين الأمة منسوبة إلى السِّرِّ وهو الجماع والإخفاء ، لأن الإنسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن الحرة ، وإنما ضمت سينه لأن الأبنية تغير في النسب ، والجمع السَّرَارِي.

٣٢٩

والسَّارِيَةُ : الأسطوانة ، والجمع سَوَارٍ كجارية وجوار. ومنه حَدِيثُ الصَّادِقِ عليه السلام فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ « وَلَوْ كَانَ خَلْفَ سَارِيَةٍ ».

ومنه « أُقِيمَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله سَوَارِيَ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ ».

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى أَنْ يُصَلَّى بَيْنَ السَّوَارِي ».

يريد إذا كان في صلاة الجماعة لانقطاع الصف.

وَفِي وَصْفِهِ عليه السلام « تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ».

هي خطوط تجتمع في الجبهة وتتكسر ، واحدها سِرٌّ ، وجمعها أَسْرَار وأَسِرَّة ، وجمع الجمع أَسَارِير. والمُسْتَسِرُّ بالشيء : المستخفي به. ومِنْهُ الْمُسْتَسِرُّونَ بِدِينِكَ ».

أي المستخفون به. وتَسَارَّ القومُ : أي تناجوا. واسْتَسَرَّ الشيءُ : استتر وخفي.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ قَوْمِهِ « هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ ».

قال بعض شراح الحديث : التقدير في سرار فحذف حرف الجر ووصل الفعل ، وقيل في معنى كلامه هيهات وبعد أن أنور بسببكم سرار العدل وأطلعكم مضيين ليستنير بكم العدل والسُّرُورُ بالضم : خلاف الحزن ، وهو الفرح. وسَرَّهُ : فرحه. والمَسَرَّةُ : وهو ما يسر به الإنسان

فِي حَدِيثِ مَاءِ الْوُضُوءِ « مَا يَسُرُّنِي بِذَلِكَ مَالٌ كَثِيرٌ ».

وقد سبق معناه في شرى. والسُّرُّ بالضم : ما تقطعه القابلة من سرة الصبي ، والجمع [ أَسِرَّة وجمع السُّرَّة ] سُرَر وسُرَّات.

وَفِي الْحَدِيثِ « وَيَقَعُ الْإِمَامُ مَسْرُوراً ».

يعني يقع من بطن أمه مقطوع السُّرَّةِ.

( سطر )

قوله تعالى : ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ) [ ٨٨ / ٢٢ ] أي بمسلط. والمُسَيْطِر والمُصَيْطِر : المسلط على الشيء ليشرف عليه ويتعهد أحواله ويكتب علمه ، وأصله من السطر لأن الكتاب مُسَطَّر والذي يفعله مُسَطِّر ومُسَيْطِر ، قيل نزلت الآية قبل أن يؤمر بالقتال ثم نسخها

٣٣٠

الأمر بالقتال. قوله : ( فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً ) [ ١٧ / ٥٨ ] أي مكتوبا. قوله : مُسْتَطَرٌ [ ٥٤ / ٥٣ ] أي مكتوب ، أي كلما هو كائن من الآجال والأرزاق وغيرها مكتوب في لوح المحفوظ. قوله : ( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) [ ٦ / ٢٥ ] أي أباطيلهم وما سطروه من الكتب ، الواحد أُسْطُورَة بالضم وإِسْطَارَة بالكسر. والسَّطْرُ : الخط والكتابة ، وجمع السَّطْر أَسْطُر وسُطُور مثل أفلس وفلوس وسَطَرْتُ الكتاب سَطْراً ـ من باب قتل ـ كتبته. وسَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً : كتب ، واسْتَطَرَ مثله. والسَّطْرُ : الصف من الشيء. وفلان سَطَّرَ على فلان : إذا زخرف له الأقاويل ونمقها.

( سعر )

قوله تعالى : ( وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ) [ ٨١ / ١٢ ] بالتشديد ، وهي قراءة ابن عامر وأهل المدينة وعاصم عن حماد ويحيى ، والباقون بالتخفيف أي أوقدت إيقادا شديدا ، قيل سَعَّرَهَا غضب الله تعالى وخطايا بني آدم. قوله : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) [ ٥٤ / ٤٧ ] قيل أي مجنون ، من قولهم « ناقة مَسْعُورَة » للتي فيها جنون ، وقيل سُعُر جمع سَعِير وسَعِير اسم من أسماء جهنم ، ويقال السُّعُر بالضم الحر ، والسَّعِيرُ النار ولهبها. قوله : ( وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) [ ٤ / ٥٥ ] هو من قولهم « سَعَرْتُ النارَ سَعْراً » من باب نفع وأَسْعَرْتُهَا : أوقدتها.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَوْ سَعَّرْتَ لَنَا سِعْراً ».

أي فرضت وقدرت لنا قدرا. والسِّعْرُ بالكسر : الذي يقوم عليه الثمن ، الجمع أَسْعَار ، وسمي السِّعْرُ سعرا تشبيها بإسعار النار ، لأن سعر السوق يوصف بالارتفاع وفي الدعاء

« جَبَلِ سَاعِيرَ » وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي أَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَهُوَ عَلَيْهِ ـ كَذَا عَنِ الرِّضَا عليه السلام

٣٣١

( سعتر )

في الحديث ذكر « السَّعْتَر » وهو نبت معروف بالعراق ، وبعضهم يقول صَعْتَر بالصاد ، وبعضهم زَعْتَر بالزاي وهو الأشهر.

( سفر )

قوله تعالى : ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ ) [ ٨ / ١٥ ] السَّفَرَةُ بالتحريك : الملائكة الذين يسفرون بين الله وأنبيائه ، واحدهم سَافِر مثل كاتب وكتبة ، يقال سَفَرْتُ بين القوم : إذا مشيت بينهم بالصلح ، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديبه كَالسَّفِيرِ الذي يصلح بين القوم ، وقيل الأصل في ذلك السَّفَرُ ، وهو كشف الغطاء لأن السَّفَرَة يؤدون الكتاب إلى الأنبياء والمرسلين ويكشفون به الغطاء عما التبس عليهم من الأمور المكنونة حقائقها. والبَرَرَة : المطهرون من الذنوب. قوله : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) [ ٨٠ / ٣٨ ] أي مضيئة ، يقال أَسْفَرَ وجهه إذا أضاء ، وأَسْفَرَ الصبح : إذا انكشف وأضاء. قوله : ( كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً ) [ ٦٢ / ٥ ] أي كتبا كبارا من كتب العلم ، فهو يمشي بها ولا يدري بما فيها ، وكذا كل من علم علما ولم يعمل بموجبه. و « السِّفْرُ » بكسر السين : الكتاب الذي يسفر عن الحقائق. والسَّفِيرُ : الرسول بين القوم يزيل ما بينهم من الوحشة ، فعيل بمعنى فاعل والسِّفَارَة بالكسر : الرسالة ، فالرسول الملائكة والكتب مشتركة في كونها سافرة عن القوم بما اشتبه عليهم.

وَفِي الْحَدِيثِ « حَقُّ إِمَامِكَ عَلَيْكَ فِي صَلَاتِكَ بِأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ تَقَلَّدَ السِّفَارَةَ » (١).

أي الرسالة بينك وبين ربك.

وَفِي حَدِيثِ الدُّنْيَا « إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا سَفْرٌ حُلُولٌ ».

هو من سَفَرَ الرجلُ سَفَراً من باب طلب : خرج للارتحال ، فهو سَافِرٌ ، والجمع سَفْرٌ كراكب وركب وصاحب وصحب ، والسَّفْرُ والمُسَافِرُونَ بمعنى.

__________________

(١) مكارم الأخلاق صلى الله عليه وآله ٤٨٧.

٣٣٢

ومنه « سَأَلْتُهُ عَنِ الصِّيَامِ بِمَكَّةَ وَنَحْنُ سَفْرٌ ». أي مسافرون.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهَا ـ يَعْنِي الدُّنْيَا كَسَفْرٍ سَلَكُوا سَبِيلاً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ ، وَأَمُّوا عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ ، وَكَمْ عَسَى الْمُجْري إِلَى الْغَايَةِ أَنْ يَجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا ، وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ ، وَطَالِبُ حَثِيثٌ فِي الدُّنْيَا يَحْدُوهُ » (١).

قال الشارح المحقق ميثم : السَّفْرُ المسافرون ، وفائدة كان في الموضعين تقريب الأحوال المستقبلة من الأحوال الواقعة ، وكم عسى وما عسى استفهام تحقير لما يرجى من البقاء في الدنيا ، وكنى بالطالب الحثيث عن الموت ، واستعار وصف الحدو لما يتوهم من سوق أسباب الموت إليه. وسَفَرْتُ الشيءَ سَفْراً من باب ضرب : كشفته ، ومنه « أَسْفَرَتِ المرأةُ عن وجهها » فهي سَافِرٌ بغير هاء. ومنه حَدِيثُ الْمَرْأَةِ « وَإِذَا كَشَفَتْ عَنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ أَسْفَرَتْ فَهُوَ أَفْضَلُ ».

والسُّفْرَة بالضم : طعام يصنع للمسافر والجمع سُفَر كغرفة وغرف ، وسمي الجلدة التي يوضع فيها الطعام سُفْرَة مجازا. والسَّفَرُ بالتحريك : قطع المسافة ، والجمع الأَسْفَار. والسِّفْرُ : الكتاب ، وجمعه أَسْفَار. ومِنْهُ « قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله سِفْراً سِفْراً ».

كأنه قال : قرأت عليه كتابا كتابا ، أي سورة سورة لأن كل سورة ككتاب أو قطعة قطعة. وأَسْفَارُ التوراة جاءت في الحديث كأنها بمنزلة أجزاء القرآن ، وهي ـ على ما قيل ـ خمسة أَسْفَار : السِّفْرُ الأول يذكر فيه بدء الخلق والتأريخ من آدم عليه السلام إلى يوسف ، السِّفْرُ الثاني استخدام المصريين لبني إسرائيل وظهور موسى عليه السلام وهلاك فرعون وإمامة هارون عليه السلام ونزول الكلمات العشر ، السِّفْرُ الثالث يذكر فيه تعليمه القوانين بالإجمال السِّفْرُ الرابع يذكر فيه عدد القوم وتقسيم الأرض عليهم وأحوال الرسل التي بعثها

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١٩٢.

٣٣٣

موسى عليه السلام إلى الشام وأخبار المن والسلوى والغمام ، السِّفْرُ الخامس يذكر فيه بعض الأحكام ووفاة هارون وخلافة يوشع عليه السلام.

( سقر )

قوله تعالى : ( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) [ ٧٤ / ٣٢ ] سَقَرُ ، بالتحريك :

وَادٍ فِي جَهَنَّمَ شَدِيدُ الْحَرِّ ، سَأَلَ اللهَ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ.

فهو من أسماء النار.

( سنقر )

« السَّقَنْقُورُ » نوعان هندي ومصري ومنه ما يتولد في بحر القلزم وهو البحر الذي غرق فيه فرعون. ويتولد أيضا ببلاد الحبشة ، وهو يغتذي بالسمك في الماء وفي البر بالقطا يسترطه كالحيات ، أنثاه تبيض عشرين بيضة تدفنها بالرمل ، فيكون ذلك حضانها ، وللأنثى فرجان وللذكر ذكران ـ كذا في حياة الحيوان (١).

( سكر )

قوله تعالى : ( وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ ) [ ٥٠ / ١٩ ] أي شدته التي تغلبه وتغير فهمه وعقله كالسكر من الشراب. قوله : ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) [ ٤ / ٤٣ ] اختلف المفسرون في معنى السُّكْر في الآية ، فقال بعض المراد سُكْرُ النعاس فإن الناعس لا يعلم ما يقول ، وقيل سمع من العرب سُكْر السِّنَةِ أيضا. قال بعض المفسرين : والظاهر أنه مجاز علاقته التشبيه ، وقال الأكثرون إنه سُكْر الخمر ، وفي بعض ما قرئ وَأَنْتُمْ سَكْرَى جمعا كهلكى ، وقيل النهي متوجه إلى الثمل الذي لم يزل عقله ، وقيل معناه لا تقربوا مواضع الصلاة وهي المساجد ، ويؤيده الحديث المروي عن الصادق عليه السلام ، وقوله ( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) إذ العبور حقيقة في الجواز المكاني ومن هنا قال أهل البديع : إن الله سبحانه استخدم في هذه الآية لفظ الصلاة في معناها الحقيقي وفي موضع الصلاة لأن قرينة ( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) دلت على الصلاة ، وقرينة ( إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) دلت على المسجد ، كقول البحتري :

__________________

(١) حياة الحيوان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٣.

٣٣٤

فسقى الغضا والساكنيه وإن هم

شبوه بين جوانحي وضلوعي

فإن قرينة والساكنيه دلت على الوادي الذي هو موضع الغضا ، وقرينة شبوه دلت على النبت لأجل شب جمره. قوله : ( وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى ) [ ٢٢ / ٢ ] السَّكْرَانُ : خلاف الصاحي ، والجمع سَكْرَى وسُكَارَى بضم السين وفتحها لغة. وقد سَكَرَ يَسْكُرُ سَكَراً بالتحريك مثل بطر يبطر بطرا بالتحريك أيضا. قوله : ( تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ) [ ١٦ / ٦٧ ] السَّكَر بالتحريك نبيذ التمر ، وقيل إن الآية نزلت قبل تحريم الخمر ، فإن تم فلا إشكال. وقيل السَّكَرُ الخل والرزق الحسن الدبس والتمر والزبيب. قوله : ( سُكِّرَتْ أَبْصارُنا ) [ ١٥ / ١٥ ] أي سدت وحبست عن النظر ، من قولك « سَكَرْتُ النهر » من باب قتل : إذا سددته. ومنه السِّكْرُ بالكسر.

وَفِي الْحَدِيثِ « كُلُ مُسْكِرٍ حَرَامٌ » (١).

هو بضم الميم وكسر الكاف : ما أَسْكَرَ وأزال العقل. و « السُّكَّرُ » بضم السين وتشديد الكاف معروف ، وقد جاء في الحديث ، قيل وأول ما عرف بطبرزد ولهذا يقال سُكَّرٌ طبرزدي.

( سلر )

سَلَّارُ بن عبد العزيز الديلمي أبو يعلى شيخنا المقدم في الفقه والأدب وغيرهما ثقة وجه ، له المقنع في المذهب والتقريب في أصول الفقه والمراسم في الفقه والرد على أبي الحسن البصري في نقض الشافي والتذكرة في حقيقة الجوهر ، قرأ على المفيد والسيد المرتضى ـ كذا ذكره العلامة ( ره ) في الخلاصة. وكان من طبرستان ، وكان ربما يدرس نيابة عن السيد ، وحكى أبو الفتح بن جني قال : أدركته وقرأت عليه ، وكان من ضعفه لا يقدر على الإكثار من الكلام فكان يكتب الشرح في اللوح فيقرؤه ،

__________________

(١) الكافي ج ٦ صلى الله عليه وآله ٤٠٧.

٣٣٥

وأبو الصلاح الحلبي قرأ عليه ، وكان إذا استفتى من حلب يقول عندكم التقى ، وأبو فتح الكراجكي قرأ عليه وهو من ديار مصر (١).

( سمر )

قوله تعالى : ( فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ ) [ ٢٠ / ٩٥ ] السَّامِرِيُ صاحب العجل ، وقصته مع موسى عليه السلام مشهورة.

وَفِي حَدِيثِ مُوسَى عليه السلام « لَا تَقْتُلِ السَّامِرِيَ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ ».

قوله : ( سامِراً تَهْجُرُونَ ) [ ٢٣ / ٦٧ ] يعني سُمَّاراً ، أي متحدثين ليلا ، من المُسَامَرَةُ وهي التحادث ليلا. ومنه حَدِيثُ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِ : « سَامَرْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ».

و « الأَسَامِرَة » وهم الذين يتحدثون بالليل. وسَمَرَ فلانٌ : إذا تحدث ليلا. وفي الحديث ذكر « السَّمُّور » بالفتح كتنور : دابة معروفة يتخذ من جلدها فراء مثمنة تكون ببلاد الترك تشبه النمر ومنه أسود لامع وأشقر ، حكى البعض أن أهل تلك الناحية يصيدون الصغار فيخصون الذكر ويتركونه يرعى ، فإذا كان أيام الثلج خرجوا للصيد فمن كان مخصيا استلقى على قفاه فأدركوه وقد سمن وحسن شعره ـ قاله في المصباح. وجمع السَّمُّور سمامير كتنور وتنانير. و « السَّمُرَة » بضم الميم : شجر الطلح. ومنه الْحَدِيثُ « فَأَتَى سَمُرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا ».

والجمع سَمُرٌ وسَمُرَات ، ومِنْهُ « فَأَمَرَ بِسَمُرَاتٍ فَقُمَّ شَوْكُهُنَّ ».

والسُّمْرَة بالضم فالسكون : لون الأسمر ، يقال سَمُرَ فهو أَسْمَرُ. وفِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « كَانَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ » (٢).

وَرُوِيَ « أَبْيَض مُشْرَباً حُمْرَةً ».

قال البعض : والجمع أنه ما يبرز إلى الشمس كان أَسْمَر وما توارته الثياب كان أَبْيَض. والأَسْمَرَان : الماء والتمر.

__________________

(١) قال السيوطي في بغية الوعاة ج ١ صلى الله عليه وآله ٥٩٤ : مات في صفر سنة ٤٤٨.

(٢) وفي مكارم الأخلاق صلى الله عليه وآله ٩ « أزهر اللون ».

٣٣٦

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ » (١).

أي ما اختلف الليل والنهار ، والمعنى لا يكون ذلك أبدا ، وهو من كلام العرب ، يقال : ما أفعله ما سَمَرَ السَّمِير. قال الجوهري وابنا سَمِير : الليل والنهار يسمر فيهما ، تقول لا أفعله ما سَمَرَ ابنا سَمِير أي أبدا ، ولا أفعله السَّمَرَ والقمر أي ما دام الناس يسمرون وليلة القمر. والمِسْمَار واحد مَسَامِير الحديد ، ومنه سَمَرْتُ الباب سَمْراً من باب قتل وسَمَّرْتُ الشيءَ تَسْمِيراً. والسِّمْسَارُ بالكسر : المتوسط بين البائع والمشتري والجمع سَمَاسِرَة. ومنه « لَا بَأْسَ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ ».

و « يَا مَعْشَرَ السَّمَاسِرَةَ. افعلوا كذا ». والسِّمْسَارُ أيضا : القائم بالأمر الحافظ له.

( سنر )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِفَضْلِ السِّنَّوْرِ إِنَّمَا هِيَ مِنَ السِّبَاعِ ».

السِّنَّوْرُ بكسر السين وفتح النون المشددة واحد السَّنَانِير معروف ، ويعبر عنه بالهر ، والأنثى سِنَّوْرَة. قيل إن أهل سفينة نوح عليه السلام تأذوا من الفأر فمسح نوح عليه السلام على جبهة الأسد فعطس فرمى بِالسِّنَّوْر ، فلذلك هو أشبه بالأسد. قال في حياة الحيوان : وأما سِنَّوْر الزباد فهو كالسنور الأهلي إلا أنه أطول منه ذنبا وأكبر منه جثة ووبره إلى السواد أميل ، يجلب من بلاد الهند والسند ، والزباد فيه يشبه الوسخ الأسود اللزج وهو زفر الرائحة يخالطه طيب كطيب المسك يوجد في إبطيه وفي باطن أفخاذه وباطن ذنبه وحوالي دبره (٢)، وقد مر في زبد كيفية أخذه.

( سنمر )

السِّنِمَّارُ (٣) بكسر السين اسم رجل رومي بنى الخورنق الذي بظهر الكوفة

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٠.

(٢) حياة الحيوان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٧.

(٣) في الصحاح « سنمار » مجردا عن الألف واللام.

٣٣٧

للنعمان بن امرئ القيس ، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتا كي لا يبني لغيره مثله فضرب به العرب المثل فقالوا « جَزَاءُ سِنِمَّار » كذا ذكره الجوهري.

( سور )

قوله تعالى : ( يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ) [ ١٨ / ٣١ ] الأَسَاوِر جمع أَسْوِرَة بواو مكسورة جمع سِوَار كسلاح وأسلحة ، وسُوَار بالضم لغة ، وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب ، فإن كان من فضة فهو قُلْبٌ وجمعه قِلَبَة وإن كان من قرون أو عاج فهو مَسَكَة وجمعه مَسَك ، وجمع الجمع أَسَاوِرَة بالهاء. قوله : ( فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) [ ٤٣ / ٥٣ ] أي إن كان صادقا في نبوته ، وكانوا إذا سودوا رجلا سوروه بسوار من ذهب وطوقوه بطوق من ذهب ، وقرئ فَلَوْ لَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةُ. قوله : ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ ) [ ٥٧ / ١٣ ] أي بين المؤمنين والمنافقين بسور حائل بين الجنة والنار ، ويقال هو الذي يسمى بِالْأَعْرَافِ. قال المفسر والباء زائدة لأن المعنى جعل بينهم وبينهم سور ، ولذلك السور باب ( باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ ) أي من قبل ذلك الظاهر ( الْعَذابُ ) وهو النار. والسُّورُ : الحائط. وتَسَوَّرَ الحائط : أي صعد من أعلاه و ( تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) [ ٣٨ / ٢١ ] نزلوا من ارتفاع ، ولا يكون التَّسَوُّرُ إلا من فوق. قوله : ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) [ ٢ / ٢٣ ] السُّورَةُ : طائفة من القرآن المترجمة التي أقلها ثلاث آيات ، وهي إما من سور المدينة لأنها طائفة من القرآن محدودة ، وإما من السورة التي هي الرتبة لأن السُّوَرَ بمنزلة المنازل والمراتب ، وإما من السُّؤْرِ الذي هو البقية من الشيء فقلبت همزتها واوا لأنها قطعة من القرآن كما مر ، والسُّورَة تجمع على سُوَر كغرفة وغرف ، والسُّور للمدينة يجمع على أَسْوَار كنور على أنوار. وكل مرتفع سُورٌ ، ومنه الْخَبَرُ « لَا

٣٣٨

يَضُرُّ الْمَرْأَةَ أَنْ لَا تَنْقُضَ شَعْرَهَا إِذَا أَصَابَ الْمَاءُ سُورَ رَأْسِهَا ».

أي أعلاه. والسُّورُ : بلدة (١) ، ومنها الحسن ابن أحمد السُّورِيُ. وسُورَى كطوبى وقد تُمَدُّ بلدة بالعراق من أرض بابل من بلاد السريانيين وموضع من أعمال بغداد.

وَفِي الْحَدِيثِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْفَجْرِ؟ قَالَ : « إِذَا رَأَيْتَهُ مُعْتَرِضاً كَأَنَّهُ بَيَاضُ نَهَرِ سُورَى » (٢).

يريد الفرات. والمِسْوَرُ كمنبر : متكأ من أدم كَالْمِسْوَرَة ، ومِنْهُ « فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى مَسَاوِرَ فِي الْبَيْتِ ».

وسَوْرَةُ الخمر وغيرها : شدتها ، ومن السلطان سطوته واعتداؤه.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُسَاوَرَةِ الْأَقْرَانِ ».

أي من سطوتهم واعتدائهم.

( سهر )

قوله : ( فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) [ ٧٩ / ١٤ ] قيل السَّاهِرَة وجه الأرض ، سميت سَاهِرَة لأن فيها سهرهم ونومهم ، وأصلها مَسْهُورَة ومَسْهُور فيها ، فصرف عن مفعوله إلى فاعله ك ( عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) ، أي مرضية ، ويقال السَّاهِرَة أرض القيامة. وعن الأزهري السَّاهِرَة هي المكان المستوي. والسَّهَرُ بالتحريك : عدم النوم في الليل كله أو بعضه ، وقد سَهِرَ بالكسر يَسْهَرُ فهو سَاهِرٌ. وسَهْرَان : إذا لم ينم الليل كله أو بعضه.

( سير )

قوله تعالى : ( وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ ) [ ١٢ / ١٩ ] الآية ، أي قافلة ورفقة يسيرون من مدين إلى مصر. قوله : ( سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى )

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٧٨ : السور محلة ببغداد كانت تعرف ببين السورين ، ينسب إليها سوري.

(٢) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ٢٨٣.

٣٣٩

[ ٢٠ / ٢١ ] أي سنردها عصا كما كانت أولا ، من السِّيرَةِ بالكسر وهي الطريقة.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَيْرُ الْمَنَازِلِ يُنْفِدُ الزَّادَ وَيُسِيءُ الْأَخْلَاقَ وَيُخْلِقُ الثِّيَابَ ».

و « المَسِيرُ ثمانية عشر » أي ثمانية عشر منزلا أو يوما. قال بعض شراح الحديث : الواو إما للحال فيكون المعنى أن السَّيْرَ المنفد للزاد والمسيء للأخلاق والمخلق للثياب إنما يكون كذلك إذا كان ثمانية عشر فما زاد فابتداؤه ثمانية عشر ، وإما للاستيناف أو العطف فيكون المراد أن السَّيْرَ المحمود الذي ليس فيه إنفاد الزاد وإساءة الأخلاق وإخلاق الثياب هو السير ثمانية عشر ، فما نقص فمنتهاه ثمانية عشر ، فثمانية عشر على الأول مبتدأ السير المذموم وعلى الثاني منتهى السير المحمود.

وَفِي الْحَدِيثِ « نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ».

أي المسافة التي يسار فيها من الأرض ، أو هو مصدر السير كالمعيشة بمعنى العيش. والسِّيرَة : الطريقة ، ومنه سَارَ بهم سِيرَةً حسنة أو قبيحة ، والجمع سِيَرٌ مثل سدرة وسدر. والسِّيرَةُ أيضا : الهيئة والحالة. وكتاب السِّيَر جمع سِيرَة بمعنى الطريقة ، لأن الأحكام المذكورة فيها متلقاة من سير رسول الله صلى الله عليه وآله في غزواته. وسَيَّرَهُ من بلده : أخرجه وأجلاه. والسَّيْرُ : الذي يقد من الجلد ، والجمع سُيُور كفلس وفلوس. ومنه الْحَدِيثُ « كَانُوا يَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ ».

و « نهر السِّير » بالسين والراء المهملتين بينهما ياء مثناة من تحت : رستاق من رساتيق مدائن كسرى في أطراف بغداد.

٣٤٠