مجمع البحرين - ج ٣

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٣

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٢٤

( درر )

قوله تعالى : ( كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ ) [ ٢٤ / ٣٥ ] هو بضم الدال الثاقب المضيء الشديد الإنارة ، نسب إلى الدر لبياضه وإن كان أكثر ضوءا منه ، وقد تكسر الدال فيقال دِرِّيٌ مثل سخري. قال الفراء نقلا عنه : الكوكب الدُّرِّيُ عند العرب هو العظيم المقدار ، وقيل هو أحد الكواكب الخمسة السيارة وجمع الدُّرِّة دُرَر كغرفة وغرف. قوله : ( يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ) [ ٧١ / ١١ ] أي دارَّة عند الحاجة لأن المطر يدر ليلا ونهارا. والمِدْرَارُ : الكثير الدرور ، مفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْوَدْيُ يَخْرُجُ مِنْ دَرِيرَةِ الْبَوْلِ ».

هي بالمهملات الثلاثة كشعيرة أي سيلانه ومثله « إِذَا انْقَطَعَتْ دِرَّةُ الْبَوْلِ » بِالْكَسْرِ « فَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فِي جِرْيَانِهِ » (١).

والدِّرَّةُ بالكسر : التي يضرب بها ، والجمع دِرَر مثل سدرة وسدر. ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام دِرَّةٌ لَهَا سَبَّابَتَانِ ».

أي طرفان. ومثله « كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام كُلَّ بُكْرَةٍ يَطُوفُ فِي أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ سُوقاً سُوقاً وَمَعَهُ الدِّرَّةُ عَلَى عَاتِقِهِ ».

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « دِيَماً دِرَراً ».

جمع دِرَّة. يقال للسحاب دِرَّةٌ أي صب واندفاق ، وقيل الدِّرَر الدَّارَّة مثل ( دِيناً قِيَماً ) أي قائما. والدَّرُّ بالفتح : كثرة اللبن وسيلانه ، ومنه « سقيا دائما غزرها واسعا دَرُّهَا » أي سيلانها وصبها واندفاقها.

وَفِي الدُّعَاءِ « اجْعَلْ رِزْقِي دَارّاً ».

أي يتجدد شيئا فشيئا ، من قولهم « دَرَّ اللبنُ » إذا زاد وكثر جريانه في الضرع. وقوله : « لله دَرُّهُمْ » دعاء لهم بالخير ولكن لله أبوهم فيه تهزؤ ، وقيل تعجب منهم وليس بدعاء.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ ».

أي اللبن.

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ صلى الله عليه وآله ٢١.

٣٠١

ويقال في الذم « لا دَرَّ دَرُّهُ » أي لا كثر خيره ، وفي المدح « لله دَرُّهُ » أي عمله. وفِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « بَيْنَ حَاجِبَيْهِ عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ » (١).

أي يمتلئ دما كما يمتلئ الضرع لبنا إذا در. ومثله « أُتِيَ رَسُولُ اللهِ بِرَجُلٍ قَدْ سَقَا بَطْنُهُ وَدَرَّتْ عُرُوقُ بَطْنِهِ ». أي امتلأت عروق بطنه كما يمتلئ الضرع من اللبن

( دستر )

الدُّسْتُورُ بالضم : النسخة المعمولة للجماعات التي منها تحريرها ، والجمع دَسَاتِير ـ قاله في القاموس.

( دسر )

قوله تعالى : ( ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ) [ ٥٤ / ١٣ ] بضمتين أي مسامير ، واحدها دِسَار ، ويقال هي الشرط تشد بها السفينة.

وَمِنْهُ حَدِيثُ السَّمَاءِ « رَفَعَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا وَلَا دِسَارٍ يَنْظِمُهَا » (٢).

والدَّسْرُ الدفع ، ومنه الْخَبَرُ « أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يُؤْخَذَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ عِنْدَ اللهِ فَيُدْسَرَ كَمَا تُدْسَرُ الْجَزُورُ ».

أي يدفع ويكب للقتل كما يفعل بالجزور عند النحر. ومثله فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ « وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ ».

أي دفعه وألقاه إلى الشط.

( دسكر )

وَفِي حَدِيثِ هِرَقْلٍ « أَذِنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ ».

الدَّسْكَرَةُ بناء على هيئة القصر فيه منازل وبيوت الخدم والحشم ، وليست بقرية محصنة ، وليست بعربية ، والجمع دَسَاكِر. ومِنْهُ « سَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الدَّجَاجِ مِنَ الدَّسَاكِرِ ». الحديث.

( دعر )

الدَّعَرُ بالتحريك : الفساد والشر. ومثله الدَّعَارَة. ورجل دَاعِرٌ : أي خبيث مفسد.

وَمِنْهُ الدُّعَاءُ « اللهُمَّ ارْزُقْنِي الْغِلْظَةَ وَالشِّدَّةَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَهْلِ الدَّعَارَةِ ».

وسيأتي معنى الزعارة بالزاي المعجمة ،

__________________

(١) مكارم الأخلاق صلى الله عليه وآله ٩.

(٢) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ١٢.

٣٠٢

وفي الوجهين قرئ « وَمَا بِالنَّاسِ مِنْ دَعَارَةٍ فَمِنْ كَذَا ». وفي خلقه دَعَارَّةٌ مشددة الراء : سوء ـ قاله في القاموس

( دغر )

الدَّغْرُ : الدفع ، والفعل كمنع.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا قَطْعَ فِي الدَّغَارَةِ الْمُعْلَنَةِ ».

أي في الاختلاس الظاهر. ومثله « لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ ».

أي الخلسة الظاهرة. والدَّغْرَةُ : أخذ الشيء اختلاسا ، والخَلْسُ : الدفع ، لأن المختلس يدفع نفسه على الشيء الذي يختلسه.

( دفر )

الدَّفْرُ : الدفع في الصدر. ودَفِرَ الشيءُ من باب تعب : أنتنت ريحه.

( دفتر )

الدَّفْتَرُ واحد الدَّفَاتِر : التي يكتب بها.

( دمر )

قوله تعالى : ( دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) [ ٤٧ / ١٠ ] أي أهلكهم. ومثله قوله ( أَنَّا دَمَّرْناهُمْ ) [ ٢٧ / ٥١ ] في قوله ( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ ) فهو استيناف ، ومن قرأ بالفتح رفعه بدلا من العاقبة أو على خبر مبتدإ محذوف وهي تدميرهم ، أو نصبه خبر كان ، أي كان عاقبة مكرهم الدمار ـ كذا ذكره الشيخ أبو علي. والدَّمَارُ : الهلاك ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ عَلَى الْأَعْدَاءِ « اللهُمَّ عَجِّلْ بَوَارَهُمْ وَدَمَارَهُمْ ».

ودَمَرَ يَدْمُرُ دُمُوراً من باب قتل : دخل بغير إذن. ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ دَمَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ فِي مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَدَمُهُ مُبَاحٌ لِلْمُؤْمِنِ ».

وتَدْمُر بفتح التاء : من بلاد الشام (١).

( دنر )

تكرر في الحديث ذكر الدِّينَار

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٧ : تدمر بالفتح ثم السكون وضم الميم مدينة قديمة مشهورة في برية الشام بينها وبين حلب خمسة أيام.

٣٠٣

بالكسر وهو واحد الدَّنَانِير الذي هو مثقال من الذهب. وعن ابن الأثير أن المثقال في العرف يطلق على الدِّينَار خاصة وأصله دنار بالتشديد فأبدل. و « الدِّينَوَرُ » قرية ما بين همذان وبغداد ، وهي إلى همذان أقرب.

( دور )

قوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ ) [ ٥ / ٥٢ ] أي من دَوَائِرِ الزمان ، أعني صروفه التي تدور وتحيط بالإنسان مرة بخير ومرة بشر وتكون الدولة للكفار. قوله : ( عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ ) [ ٩ / ٩٨ ] أي عليهم يدور من الدهر ما يسوؤهم. قوله : ( تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ) [ ١١ / ٦٥ ] أي استمتعوا بالعيش في دَارِكُمْ ، أي في بلدكم ، وتسمى البلد الدَّار لأنه يدار فيه بالتصرف ، يقال دِيَارُ بِكْرٍ لبلادهم ـ كذا في تفسير الطبرسي (١) قوله : ( يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ ) [ ٩ / ٩٨ ] أي الموت أو القتل. قوله : ( لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) [ ٧١ / ٢٦ ] أي أحدا ، يقال ما في الدار أحد ولا دَيَّارٌ. والدَّارُ : المنزل مؤنثة. وقوله : ( وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) [ ١٦ / ٣٠ ] ذكر على معنى الموضع والمثوى كما قال تعالى ( نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ) فأنث على المعنى وأدنى العدد في الدار أَدْؤُر ، والهمزة فيه مبدلة من واو مضمومة ، ولك أن لا تهمز ، والكثير دِيَار كخيار ودُور مثل أسد. والدَّارَةُ : التي تحيط حول القمر. ودَارَ الشيءُ يَدُورُ دَوْراً ودَوَرَاناً : إذا طاف حول الشيء. واسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ مثله. والمُسْتَدِيرُ حول الشيء : الطائف به. ودَوَرَانُ الرحى معروف.

وَفِي حَدِيثِ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ « وَعَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَى ». قد تقدم ذكره.

__________________

(١) لم نجد النص المنقول هنا في مجمع البيان ، بل فيه في ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٧٤ : ويقال للبلاد دار لأنها تجمع أهلها كما تجمع الدار أهلها ، ومنه قولهم ديار ربيعة وديار مضر.

٣٠٤

والأربعاء التي لا تدور هي آخر الشهر وتَدْوِيرُ الشيء : جعله مُدَوَّراً. والدَّارِيُ : العطار المنسوب إلى دَارِين موضع بالبحرين فيها سوق كان يحمل إليها المسك من ناحية الهند ـ قاله الجوهري.

وَفِي الْخَبَرِ « مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِيِ إِنْ لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْرِهِ عَلِقَكَ مِنْ رِيحِهِ ».

أي إن لم يحذك ، من أَحْذَيْتُهُ إِحْذَاءً والحَذِيَّة العطية. والدَّيْرُ : خان النصارى أصله الواو وجمعه أَدْيَار. و « الدَّيْرَانِيُ » صاحب الدير.

وَفِي الْخَبَرِ « أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ دُورِ الْأَنْصَارِ ».

هي جمع دَار ، وهي المنازل المسكونة والمحال ، وأراد بها القبائل ، وكل قبيلة اجتمعت في محله سميت المحلة دَاراً وسمي ساكنوها بها مجازا.

وَفِي حَدِيثِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ « سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ».

بالنصب على الاختصاص أو النداء ، وبالجر بدلا من ضمير عليكم سمي موضع القبور دَاراً تشبيها بدار الأحياء لاجتماع الموتى فيها.

وَدَارُ الْقَضَاءِ هِيَ دَارٌ وَصَّى عُمَرُ أَنْ يُقْضَى دَيْنُهُ بِهَا وَكَانَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً فَبَاعَهُ ابْنُهُ وَقَضَى دَيْنَهُ.

وقيل هي دار الإمارة.

( دهر )

قوله تعالى : ( وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ) [ ٤٥ / ٢٤ ] الدَّهْرُ عبارة عن الزمان ومرور السنين والأيام ، والجمع دُهُور. وقولهم « أصبحنا في دَهْرٍ عنود أهله » من عَنَدَ يَعْنُدُ بالضم عُنُوداً. والعَنُود : الذي يعدل عن طريق الحق.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ لِأَنَ الدَّهْرَ هُوَ اللهُ ».

لأنهم كانوا يضيفون النوازل إليه فقيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك فإنه هو الله. وقولهم : « لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِرِينَ » أي أبدا. و « الدَّهْرِيُ » بالفتح : الملحد. والدَّهْرِيَّة قوم يقولون لا رب ولا جنة ولا نار ، ويقولون ( ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ) ، وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبت.

٣٠٥

باب ما أوله الذال

( ذخر )

قوله تعالى : ( تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) [ ٣ / ٤٩ ] هو تفتعلون من الذخر ، يقال ذَخَرْتُ الشيءَ أَذْخُرُهُ ذَخْراً ، وكذلك ادَّخَرْتُهُ وهو افتعلت. و « الذَّخِيرَة » واحدة الذَّخَائِر.

وَفِي الْحَدِيثِ « مِنَ الْأَمْرِ الْمَذْخُورِ الْإِتْمَامُ فِي الْحَرَمَيْنِ ».

أي المختار المدخر ، من قولهم ذَخَرَهُ كمنعه ذُخْراً بالضم : اختاره وادخره.

وَفِي الْخَبَرِ « كُلُوا وَادَّخِرُوا ».

أصله اذتخروا قلبت التاء دالا مهملة وأدغمت وقد يعكس فتصير ذالا معجمة وهو الأقل. وأصل الادِّخَار اذتخار ، وهو افتعال من الذخر. وفي الحديث ذكر الإِذْخِر بكسر الهمزة والخاء : نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت يحرقه الحداد بدل الحطب والفحم ، الواحدة إِذْخِرَة والهمزة زائدة.

( ذرر )

قوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) [ ٩٩ / ٧ ] أي ير ثوابه وجزاءه. والذَّرَّةُ بتشديد الراء النملة الصغيرة التي لا تكاد ترى ، ويقال إن المائة منها زنة حبة شعير ، وقيل هي جزء من أجزاء الهباء الذي يظهر في الكوة من أثر الشمس. ومثله قوله : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [ ٩٩ / ٨ ] أي يره في كتابه فيسوؤه. نقل أن الآية مخصوصة بغير خلاف ، فإن التائب معفو عنه بالإجماع ، وآيات العفو دالة على جواز العفو عما دون الشرك ، فجاز أن يشترط في المعصية التي يؤاخذ بها أن لا تكون مما قد عفي عنه. قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً ) [ ٤ / ٤٠ ] أنث مثقال ذرة بكونه مضافا إلى مؤنث ، وقرئ حَسَنَةٌ بالرفع على أن كان تامة ،

٣٠٦

وفي الآية دلالة على أنه لو نقص من الأجر أدنى شيء أو زيد على المستحق من العقاب كان ظلما. قوله : ( فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ) [ ١٠ / ٨٣ ] قال المفسر : إلا ذرية من ذراري بني إسرائيل ، كأنه قال الأولاد من أولاد قومه ، وذلك أنه دعا الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون وقِيلَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ يَعْقُوبُ دَخَلَ مِصْرَ مِنْهُمْ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ.

وإنما سماهم ذُرِّيَّة على وجه التصغير لقلتهم بالإضافة إلى قوم فرعون ، وقيل الضمير في ( قَوْمِهِ ) لفرعون والذُّرِّيَّة مؤمن آل فرعون وآسية امرأته وحارثة وامرأة حارثة وامرأة أخرى. قوله : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ ) [ ٦ / ٨٤ ] الآية الضمير لنوح عليه السلام أو لإبراهيم عليه السلام. قوله : ( وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ) [ ٤٦ / ١٥ ] أي اجعل ذريتي صالحين ، وقيل إن الدعاء بإصلاحهم لطاعة الله وعبادته. قال المفسر : وهو الأشبه لأن طاعتهم لله تعالى من بره ، لأن اسم الذُّرِّيَّة يقع على من يكون بعده.

وَفِي الْحَدِيثِ « الذَّرَّةُ تَخْرُجُ مِنْ جُحْرِهَا تَطْلُبُ رِزْقَهَا ».

يريد النملة الصغيرة. والذَّرُورُ كرسول : ما يذر في العين من الدواء اليابس ، يقال ذَرَرْتُ عينَه : إذا داويته بها. وذَرَرْتُ الملحَ على الحب من باب قتل : إذا فرقته عليه. و « الذَّرِيرَةُ » بفتح معجمة فتاة قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند ـ كذا في مجمع البحار وغيره. وعن بعض الفضلاء : أن قصب الذَّرِيرَة يؤتى به من ناحية نهاوند ، وأصلها قصب نابت في أجمة في بعض الرساتيق محيط بها حيات ، والطريق إليها على عدة عقبات ، فإذا طال ذلك القصب ترك حتى يجف ثم يقطع عقدا وكعابا ثم يعبى في جواليق ، فإذا أخذ على عقبة من تلك العقبات المعروفة صار ذَرِيرَة وإن سلك به على غير تلك العقبات بقي قصبا لا يصلح إلا للوقود.

٣٠٧

وَفِي حَدِيثِ التَّكْفِينِ « فَذَرَّ عليه السلام عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ شَيْئاً مِنْ ذَرِيرَةٍ وَكَافُورٍ » (١).

ولعل المراد مطلق الطيب المسحوق كما ذكره بعض الفضلاء. وذَرُّ ابن أبي ذَرٍّ الغفاري الصحابي ، وَأَبُو ذَرٍّ اسْمُهُ جُنْدَبُ بْنُ السَّكَنِ (٢)تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ عَاشِرَهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الشَّيْطَانُ يُقَارِنُ الشَّمْسَ إِذَا ذَرَّتْ وَكَبَّدَتْ وَإِذَا غَرَبَتْ ».

قَوْلُهُ إِذَا ذَرَّتْ.

أي طلعت ، يقال ذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً : أي طلعت. ومنه « ذَرَّ البقلُ » إذا طلع. ومحصل الحديث كراهة الصلاة في هذه الأوقات. و « الذُّرِّيَّةُ » اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى ، وأصله الهمز فخفف ، ويجمع على ذُرِّيَّات وذَرَارِيِ مشددة. وقيل أصلها من الذَّرِّ بمعنى التفرق لأن الله ذَرَّهُمْ في الأرض أي فرقهم. وذَرَارِيُ المشركين : أولادهم الذين لم يبلغوا الحلم.

( ذعر )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ ذَاعِراً مِنَ الْمُؤْمِنِ ».

أي ذا ذُعْرٍ منه وخوف ، أو هو بمعنى مفعول أي مَذْعُوراً ، يقال ذَعَرْتُهُ ذَعْراً من باب نفع : أفزعته ، والاسم الذُّعْرُ بالضم ، وقد ذُعِرَ فهو مَذْعُورٌ. و « ذو الأَذْعَار » ملك من ملوك اليمن لأنهم زعموا أنه حمل النسناس إلى بلاد اليمن فذعر الناس منه.

( ذفر )

فِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ « وَتَحْتَشِي وَتَسْتَذْفِرُ ».

بالذال المعجمة من الاسْتِذْفَار بإبدالها من الثاء المثلثة كما هو المشهور من النسخ ، وقد مر الكلام فيه.

وَفِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ « ثُمَ أَذْفِرْهُ بِالْخِرْقَةِ وَيَكُونُ تَحْتَهَا الْقُطْنُ تُذْفِرُ بِهِ إِذْفَاراً ».

__________________

(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٤٣.

(٢) المشهور أن اسم أبي ذر جندب بن جنادة ، ولكن فيه بين المؤرخين اختلاف كثير ـ فراجع الاستيعاب ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٥٢.

٣٠٨

كأنه أراد تربطه ربطا. والذَّفَرُ بالتحريك : شدة ذكاء الريح. ومنه « مسك أَذْفَرُ » أي جيد بين الذفر.

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ « وَذَفِرَ الشَّيْءُ ».

من باب تعب. وامرأة ذَفِرَةٌ : ظهرت ريحها واشتدت طيبة كانت كالمسك أو كريهة كالصنان.

( ذكر )

قوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) [ ١٦ / ٤٣ ]

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : نَحْنُ وَاللهِ أَهْلُ الذِّكْرِ. فَقُلْتُ : أَنْتُمُ الْمَسْئُولُونَ؟ قَالَ : نَعَمْ. قُلْتُ : وَعَلَيْكُمْ أَنْ تُجِيبُونَا؟ قَالَ : ذَاكَ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا فَعَلْنَا وَإِنْ شِئْنَا تَرَكْنَا (١).

قوله : ( لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) [ ٤٣ / ٤٤ ] أي شرف. ومثله قوله : ( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) [ ٣٨ / ١ ] قيل لما فيه من قصص الأولين والآخرين. قوله : ( ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ) [ ٤٠ / ٥٤ ] أي عبرة لهم. قوله : ( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) [ ٢٠ / ١١٣ ] أي تذكرا. قوله : ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) [ ٩٤ / ٤ ] قال : تذكر إذا ذكرت ، وهو قول الناس

« أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ».

قوله : ( كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) [ ٢١ / ١٠٥ ] قال المفسر الكتب كلها ذِكْرٌ. قوله : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) [ ٢ / ١١٤ ] قال المفسر : أن يذكر مفعول ثان لمنع ، مثل قوله ( وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ ) و ( ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا ) كل ذلك منصوب بنزع الخافض ، أي من أن نذكر ومن أن نرسل ، وشرط النصب بنزع الخافض أن يكون الفعل متعديا إلى مفعول آخر. ثم قال : وقال الزمخشري إنه مفعول له أي كراهة أن يذكر. وفيه نظر لأن

__________________

(١) البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٣٦٩.

٣٠٩

منع تعقله يتوقف على متعلقين ولا يمكن أن يقدر غير الذكر فيها لأنه هو الممنوع منه ـ انتهى.

قوله : ( هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ) [ ٢١ / ٣٦ ] أي يعيبها ، ومثله ( فَتًى يَذْكُرُهُمْ ) [ ٢١ / ٦٠ ] أي يعيبهم.

قوله ( وَاذْكُرُوا ما فِيهِ ) [ ٢ / ٦٣ ] أي ادرسوا.

قوله : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ) [ ٧ / ٢٠٥ ] الآية. قال الشيخ أبو علي : وهو عام في الأذكار وقراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل. و ( تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) أي متضرعا وخائفا. ( وَدُونَ الْجَهْرِ ) أي ومتكلما كلاما دون الجهر لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص وأبعد من الرياء وأقرب إلى القبول.

قوله : ( يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ) [ ٨٩ / ٢٣ ] أي يتوب وأنى له التوبة.

قوله : ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) [ ١٢ / ٤٥ ] أي ذكر بعد نسيان ، وأصله اذتكر فأدغم. قوله : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) [ ٥٤ / ١٧ ] والأصل مذتكر فأدغم. قوله : ( إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ) [ ٣٨ / ٤٦ ] أي بخصلة خالصة وهي ذِكْرَى الدار أي ذكراهم الآخرة دائما ونسيانهم ذكر الدنيا ، أو تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها وتزهيدهم في الدنيا كما هو شأن الأنبياء. وقيل ( ذِكْرَى الدَّارِ ) الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق الذي ليس لغيرهم ، ويتم الكلام في خلص إن شاء الله.

قوله : ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ ) [ ٤٧ / ١٨ ] أي فكيف لهم إذا جاءتهم الساعة بذكراهم.

قوله : ( ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ) [ ١٩ / ٢ ] أي ذكر ربك برحمته عبده.

قوله : ( فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ) [ ٧٧ / ٥ ] مر ذكره في لقي ، ومعنى ( عُذْراً أَوْ نُذْراً ) إعذارا من الله أو إنذارا.

قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ) يعني القرآن ( لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ

٣١٠

عَزِيزٌ ) [ ٤١ / ٤١ ] أي منيع محمي بحماية الله.

قوله : ( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) [ ٢٠ / ١١٣ ] أي تذكيرا.

قوله : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ ) [ ٣ / ١٠٣ ] أي احفظوها ولا تضيعوا شكرها. قال الشيخ أبو علي : الذِّكْرُ هو حضور المعنى في النفس ، وقد يستعمل الذِّكْر بمعنى القول لأن من شأنه أن يذكر به المعنى ، والتَّذَكُّرُ هو طلب القول.

قوله : ( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ) [ ٣٨ / ٨ ] الذِّكْرُ من أسماء القرآن ، سمي به لأنه لا يذكر ويذكر به المنزل عليه والمؤمن به والعامل والتالي فيفيده. و ( الذِّكْرِ الْحَكِيمِ ) [ ٣ / ٥٨ ] أي المحكم الذي ( أُحْكِمَتْ آياتُهُ ) أو المتضمن للحكمة.

قوله : ( نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً ) [ ٥٦ / ٧٣ ] أي من شاء أن يتذكر بنار جهنم فليتعظ.

قوله : ( لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً ) [ ٦٩ / ٢ ] عبرة وموعظة.

قوله : ( اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) [ ٣٣ / ٤١ ] الذِّكْرُ يشمل الصلاة وقراءة القرآن والحديث وتدريس الصلاة ومناظرة العلماء.

قوله : ( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ) [ ٢ / ٢٠٠ ] قال الزمخشري : أي أكثروا ذكر الله وبالغوا فيه كما تفعلون في ذكر آبائكم ومفاخرهم وأيامهم ، وكانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا بين المسجد بمنى وبين الجبل فيعدون فضائل آبائهم ويذكرون محاسن أيامهم (١).

قيل إنما جعل ذكر الآباء مشبها به والغالب في التشبيه أن المشبه به أقوى في الشبه مع أن ذكره تعالى ينبغي أن يكون أقوى جريا على الواقع فإن أكثر الناس لا يذكرون الله إلا أحيانا يسيرة ولا يغفلون عن ذكر الآباء ، فكان ذكر الآباء أكثر وجودا فحسن جعله مشبها به.

__________________

(١) الكشاف ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٦٥ ـ ٢٦٦.

٣١١

قوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) [ ٢٠ / ١٤ ] يحتمل وجوها والأحسن منها ما وافق الحديث ، والمعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى. وسيأتي في فكر كلام لطيف يناسب المقام ، ويمكن أن يقدر مضاف هنا أي لذكر صلاتي ، أو يكون قد وقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها ، وقرئ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِلذِّكْرَى فتكون اللام الأولى بدل الإضافة ، أي أقم الصلاة وقت ذكرها.

قوله : ( أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى ) [ ٨٠ / ٤ ] قال الشيخ أبو علي قرأ عاصم ( فَتَنْفَعَهُ ) بالنصب والباقون بالرفع ، فمن قرأ بالرفع عطفه على ما تقدم من الرفع ومن قرأ بالنصب فعلى أنه جواب بالفاء.

قوله : ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) [ ٧٦ / ١ ] قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : كَانَ مُقَدَّراً غَيْرَ مَذْكُورٍ (١) ، والمعنى قد مضى على الإنسان وقت لم يكن موجودا في الأرض مَذْكُوراً بين أهل الأرض ، ولم يكن تقديره أيضا ـ أي نقشه ـ موجودا في اللوح المحفوظ ، فعلم تجدد إرادته تعالى وتجدد تقديره ، وهذا هو معنى البَدَاءِ في حقه تعالى. ومثله قوله : ( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) فقال : لا مقدرا ولا مكونا ، أي مقدرا في اللوح المحفوظ ولا موجودا في الأرض.

قوله : ( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها ) [ ٧٩ / ٤٣ ] قال الشيخ أبو علي : أي في أي شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم ، والمراد ما أنت من ذكراها لهم وتبين وقتها في شيء ( إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها ) أي منتهى علمها لم يأت علمها أحدا من خلقه فيم إنكار لسؤالهم أي فيم هذا السؤال ، وقيل أنت من ذِكْرَاهَا أي إرسالك وأنت خاتم الأنبياء المبعوث إلى قيام الساعة ذكر من ذكراها وعلامة من علاماتها ، وكفاهم بذلك دليلا على إقرابها ووجوب الاستعداد لها.

__________________

(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٤١٠.

٣١٢

وَفِي الْحَدِيثِ « أَوْلِيَاءُ اللهِ تَكَلَّمُوا فَكَانَ كَلَامُهُمْ ذِكْراً ».

أراد الذكر الكلامي وقد اختاروا له كلمة التوحيد. و « الذِّكْرُ » بالكسر : نقيض النسيان والذِّكْرَى مثله. والذَّكَرُ بالتحريك : خلاف الأنثى ، والجمع ذُكُور وذُكْرَان. ومنه فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ « ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ ».

قيل ذكر الذكر للتأكيد ، وقيل إن الابن يطلق في بعض الحيوانات على الذكر والأنثى كابن آوى وابن عرس فيرتفع الإشكال. والذَّكَرُ : العضو المعروف ، ويعبر عنه بالقضيب ، وجمعه ذِكَرَة كعنبة ومَذَاكِير على غير القياس. ومنه الْحَدِيثُ « وَقَطَعَ مَذَاكِيرَهُ ».

أي استأصل ذكره ، وإنما جمع على ما حوله كقولهم « شابت مفارق رأسه ». ومثله « غسل مَذَاكِيره ».

وَفِي الْحَدِيثِ « كُنْتُ ذَكُوراً فَصِرْتُ نَسِيّاً ».

أراد المبالغة في الذكر والنسيان وفِيهِ « أَنَّ عَلِيّاً عليه السلام يَذْكُرُ فَاطِمَةَ ».

أي يخطبها ويتعرض لخطبتها.

( ذمر )

فِي الْحَدِيثِ « أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ ذَمَّرَ حِزْبَهُ وَاسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ » (١).

ذَمَرَ بالتخفيف والتشديد حث. والجَلَبُ : الجماعة من الناس تجلب وتؤلف.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ فَضَحَ الذِّمَارَ ».

والذِّمَارُ : ما لزمك حفظه مما وراءك ويتعلق بك. وذِمَارُ : الرجل مما وراءه ويحق عليه أن يحميه.

باب ما أوله الزاي

( زأر )

الزَّئِيرُ : صوت الأسد في صدره ، يقال زَأَرَ يَزْأَرُ زَأْراً وزَئِيراً : إذا صاح وغضب فهو زَائِرٌ.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٥٥.

٣١٣

( زبر )

قوله تعالى : ( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ) [ ٥٤ / ٥٢ ] في دواوين الحفظة والزُّبُر الصحف جمع زَبُور كرسول. ومثله قوله تعالى : ( جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ ) [ ٣ / ١٨٤ ] قوله : ( زُبَرَ الْحَدِيدِ ) [ ١٨ / ٩٦ ] بفتح الباء وضمها ، أي قطع الحديد ، واحدتها زُبْرَة كغرفة وغرف. ومثله قوله تعالى : ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً ) [ ٢٣ / ٥٣ ] أي قطعا. والزِّبْرُ بالكسر : الكتاب ، والجمع زُبُور كقدر وقدور. ومنه قرأ بعضهم : وَآتَيْنا داوُدَ زُبُوراً [ ١٧ / ٥٥ ] بضم الزاي. والزَّبُورُ بالفتح : كتاب داود عليه السلام ، فعول بمعنى مفعول ، من زَبَرْتُ الكتابَ كتبته أي من زَبَرْتُهُ أحكمته ، قِيلَ وَكَانَ مِنَ الزَّبُورِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سُورَةً لَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ مِنَ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا هِيَ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ وَتَحْمِيدٌ وَتَمْجِيدٌ وَثَنَاءٌ.

قوله : ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) [ ٢١ / ١٠٥ ] الآية. الزَّبُورُ بفتح الزاي اسم لجنس ما أنزل على الأنبياء من الكتب ، والذِّكْرُ أم الكتاب يعني اللوح المحفوظ ، وقيل زَبُور داود عليه السلام والذكر التوراة والقرآن. والمَزْبُورُ : المكتوب. ومنه حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ عليه السلام « عِلْمُنَا عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مَاضٍ وَغَابِرٍ وَحَادِثٍ ، أَمَّا الْمَاضِي فَمَضَى وَأَمَّا الْغَابِرُ فَمَزْبُورٌ ».

أي مكتوب في الجفر وغيره

« وَأَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِي الْقُلُوبِ ».

والزَّبْرُ : الزجر والنهر ، يقال زَبَرَهُ زَبْراً من باب قتله : زجره ونهره. ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا رَدَدْتَ عَلَى السَّائِلِ ثَلَاثاً فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَزْبُرَهُ ».

يعني تنهره وتغلظ له في القول. و « الزُّبَيْرُ » في التصغير ابن العوام ، والزُّبَيْرِيُ نسبة إليه ، والدته صفية بنت عبد المطلب. و[ الزُّبَيْرُ أيضا ] أخو عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله وأخو أبي طالب أبي علي عليه السلام لأبيهما وأمهما (١).

__________________

(١) خرج الزبير مع أصحاب الجمل لقتال علي عليه السلام ، ولما قاتل أصحاب علي ذكره علي عليه السلام بقول النبي له « ستقاتل عليا وأنت له ظالم » فانصرف عن القتال فقتله شخص يدعى ابن جرموز في يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين الإصابة ج ٢ صلى الله عليه وآله ٥١٥.

٣١٤

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ صَفِيَّةَ أَعْتَقَتْ غُلَاماً تَطَوُّلاً وَمَاتَتْ صَفِيَّةُ وَمَاتَ مُعْتَقُهَا وَلَمْ يُخَلِّفْ نَسَباً وَتَرَكَ مَالاً ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : مِيرَاثُهُ لِي وَلِأَخِي ، وَقَالَ الزُّبَيْرُ بَلْ إِرْثُهُ لِي وَكَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَحَكَمَ لِلزُّبَيْرِ بِذَلِكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام هَذَا خِلَافٌ لِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَإِنَّ وَلَاءَ مُعْتَقِ الْمَرْأَةِ يَكُونُ لِعَصَبَتِهَا وَهُمْ عَاقِلَتُهَا وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهَا.

و « الزَّبِيرُ » ككريم : اسم الجبل الذي كلم عليه موسى ربه. و « الزُّنْبُور » بضم الزاي : حيوان لساع ، والجمع الزَّنَابِيرُ.

وَفِي حَدِيثِ الْمُسُوخِ « كَانَ لَحَّاماً يَسْرِقُ فِي الْمِيزَانِ ».

والزُّنْبُور أيضا : نوع من المرض.

( زبعر )

« الزِّبَعْرَى » بكسر الزاي وفتح الباء والراء : السيء الخلق ، والذي كثر شعر وجهه وحاجبيه. وعن الفارابي الزِّبَعْرَى : نبت له رائحة فائحة ، وسمي الرجل من ذلك.

( زجر )

قوله تعالى : ( فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ) [ ٣٧ / ١٩ ] يعني نفخة الصور والزَّجْرَة : الصيحة بشدة وانتهار. قوله : فَالزَّاجِراتِ زَجْراً [ ٣٧ / ٢ ] يعني الملائكة تزجر السحاب وتنهره. قوله : ( وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ) أي القرآن المودع من أنباء الآخرة والقرون الماضية ( ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) [ ٥٤ / ٤ ] أي ازدجار أو موضع ازدجار عن الكفر وتكذيب الرسل ، من زَجَرْتُهُ زَجْراً من باب قتل : منعته.

٣١٥

وازْدَجَرَ : افتعل ، من الزَّجْر وهو الانتهار. وتَزَاجَرُوا عن المنكر زجر بعضهم بعضا. والزَّاجِرُ عن الخنا والفحش : المانع له. وازْجُرِ الشيطانَ عنك : امنعه من التسلط عليك كما تزجر الكلب حين يطلبك لتمنعه عنك. و « يَزْدَجِرْدُ » أحد ملوك الفرس. ومنه سلامة بنت يَزْدَجِرْد أم زين العابدين واسمها شاه زنان.

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ : يَزْدَجِرْدُ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ سُبِينَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَحَصَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَأَوْلَدَهَا سَالِماً ، وَالْأُخْرَى لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَوْلَدَهَا قَاسِماً ، وَالْأُخْرَى لِلْحُسَيْنِ عليه السلام فَأَوْلَدَهَا عَلِيّاً زَيْنَ الْعَابِدِينَ عليه السلام ، فَكُلُّهُمْ بَنُو خَالَةٍ.

( زحر )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا تَزَحَّرَ قَالَ كَذَا » (١).

الزَّحِيرُ : استطلاق البطن والتنفس بشدة ، وكذلك الزُّحَار بالضم ، ومنه زَحَرَتِ المرأةُ عند الولادة تَزْحَرُ.

( زخر )

فِي الْحَدِيثِ « فَزَخَرَ الْبَحْرُ ».

كمنع زَخْراً وزُخُوراً : مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه. وزَخَرَ النباتُ : طال. وعِرْقُ فلان زَاخِرٌ : لمن كان كريما. والزَّاخِرُ : الشرف العالي.

( زرر )

الزِّرُّ بالكسر وشدة الراء واحد أَزْرَار القميص ، يقال زَرَّ الرجلُ القميص زَرّاً من باب قتل : أدخل الأزرار في العرى ، وزَرَّرَ بالتضعيف مبالغة. وأَزَرَّهُ بالألف : جعل له أزرارا. والزُّرْزُورُ بالضم : نوع من العصافير سمي بذلك لِزَرْزَرَتِهِ أي لتصويته ، من قولهم زَرْزَرَ : إذا صوت.

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ « الزُّرْزُورُ يَقُولُ اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ يَا رَزَّاقُ ».

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ صلى الله عليه وآله ١٦.

٣١٦

و « زُرَارَةُ » أحد رواة الحديث (١).

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام « رَحِمَ اللهُ زُرَارَةَ بْنَ أَعْيَنَ لَوْ لَا زُرَارَةُ لَانْدَرَسَتْ أَحَادِيثُ أَبِي » (٢).

( زعر )

قد جاء في الحديث ذكر الزُّعْرُور بالضم وهو تمر من تمر البادية شبه النبق في خلقه وطعمه حموضة. والزُّعْرُورُ : السيء الخلق. ومنه الْحَدِيثُ « أُخَالِطُ الرَّجُلَ وَأَرَى مِنْهُ زَعَارَّةً ».

هي بالزاي المعجمة وتشديد الراء المهملة ، أي شراسة خلق وشكاسة ، وقرئ دَعَارَة بالدال المهملة أي فسق وفساد كما سبق التنبيه عليه في محله. والزَّعَرُ بالتحريك : قلة الشعر ، ومنه رجل أَزْعَر.

( زعفر )

« الزَّعْفُرَانُ » بفتح الزاي وضم الفاء : نبت معروف يجمع على زَعَافِر مثل ترجمان وتراجم. ومنه زَعْفَرْتُ الثوب : إذا صبغته به ، وثوب مُزَعْفَرٌ.

( زفر )

قوله تعالى : ( لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) [ ١١ / ١٠٦ ] الزَّفِيرُ صوت الحمار ، والشَّهِيق آخر صوته ، لأن الزَّفِيرَ إدخال النفس والشَّهِيق إخراجه ، والزَّفِير من الصدر والشَّهِيق من الحلق. وزَفَرَ زَفِيراً : أخرج نفسه بعد مدة أيام ، والاسم الزَّفْرَة ، والجمع زَفَرَات بالتحريك لأنه اسم لا نعت. ويتم الكلام في شهق. وزَافِرَة الرجل : أنصاره وعشيرته.

__________________

(١) هو زرارة بن أعين بن سنسن ، شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم ، وكان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين صادقا فيما يرويه رجال النجاشي صلى الله عليه وآله ١٣٢ ـ ١٣٣.

(٢) رجال الكشي صلى الله عليه وآله ١٢٤.

٣١٧

( زكر )

تكرر في الكتاب الكريم وغيره ذكر زَكَرِيَّا عليه السلام ، قيل هو من نسل يعقوب بن إسحاق ، وقيل هو أخو يعقوب بن ثامان ، وفيه لغات المد والقصر وحذف الألف ، فإن مددت أو قصرت لم تصرف ، وإن حذفت الألف صرفت ـ قاله الجوهري ثم ذكر تفصيل تثنيته وجمعه. ونقل في السير أنه عاش تسعة وتسعين سنة. وفي حديث الوليمة ذكر الزكَار ، وفسر بالرجل يقدم من مكة (١).

( زمر )

قوله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ) [ ٣٩ / ٧١ ] أي جماعات في تفرقة ، واحد منها زُمْرَة وهي الجماعة من الناس ، ومنه زُمْرَةُ المتقين.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ كَسْبِ الزَّمَّارَة ».

وفسر فيه بالزانية. وعن الأزهري أنه قال : يحتمل أن يكون نهى عن كسب المرأة المغنية. وزَمَرَ الرجلُ يَزْمِرُ من باب ضرب زَمْراً : إذا ضرب المِزْمَار ، وهو بالكسر قصبة يزمر بها وتسمى الشبابة ، والجمع مَزَامِير. ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي لِأَمْحَقَ الْمَعَازِفَ وَالْمَزَامِيرَ ».

وفِي آخَرَ « أُمِرْتُ بِمَحْقِ الْمَزَامِيرِ ».

والمَزْمُور بفتح الميم وضمها والمِزْمَار سواء

وَفِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى حِينَ سَمِعَهُ النَّبِيُّ يَقْرَأُ « لَقَدْ أُعْطِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ عليه السلام ».

أراد بآل داود نفسه ، والمعنى أوتيت لحنا طيبا من ألحان داود عليه السلام لأنه كان حسن الصوت

__________________

(١) معاني الأخبار صلى الله عليه وآله ٢٧٢ ، وقال الصدوق بعد نقل هذا الحديث : والركاز الغنيمة ، كأنه يريد أن في اتخاذ الطعام للقدوم من مكة غنيمة لصاحبه من الثواب الجزيل ، وقال أهل العراق الركاز المعادن كلها ، وقال أهل الحجاز الركاز المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام ... وفي الحديث « ركاز » فليتأمل.

٣١٨

في القراءة.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَأْكُلِ الزِّمِّيرَ ».

وفِي آخَرَ « أَنْهَاكُمْ عَنْ أَكْلِ الزِّمِّيرَ ».

الزِّمِّير كسكيت نوع من السمك.

وَفِي بَعْضِ مَا رُوِيَ « الزِّمَّارُ مِنَ الْمُسُوخِ ».

( زمهر )

قوله تعالى : ( لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) [ ٧٦ / ١٣ ] فسر الزَّمْهَرِير بشدة البرد ، يعني أن هواها معتدل لا حر شمس يحمي ولا زمهرير يؤذي. والمُزْمَهِرُّ كمكفهر : الشديد الغضب.

( زنر )

في الحديث ذكر الزُّنَّار كتفاح : شيء يكون على وسط النصارى واليهود ، والجمع زَنَانِير. ومنه « فَقَطَعَ زُنَّارَهُ ».

( زور )

قوله تعالى : ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) [ ٢٢ / ٣٠ ] الزُّور : الكذب والباطل والتهمة. وروي أنه يدخل في الزُّور الغناء وسائر الأقوال الملهية لأن صدق القول من أعظم الحرمات. قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) [ ٢٥ / ٧٢ ] قيل يعني الشرك ، وقيل أعياد اليهود والنصارى. قوله : [ ١٨ / ١٧ ] أي تمايل عنه ، ولذا قيل للكذب زُور لأنه يميل عن الحق ، ويقال تَزَاوَرَ عنه تَزَاوُراً : عدل عنه وانحرف ، وقرئ تَزَّاوَرُ وهو مدغم تَتَزَاوَرُ. قوله : ( حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ) [ ١٠٢ / ٢ ] يعني أدرككم الموت.

وَفِي الْحَدِيثِ « تَزَاوَرُوا تَلَاقَوْا وَتَذَاكَرُوا أَمْرَنَا وَأَحْيُوهُ ».

أي زوروا إخوانكم ويزورونكم ولاقوا إخوانكم ويلاقونكم وتذاكروا فيما بينكم أمرنا وما نحن عليه وأحيوه ولا تميتوه ، يعني تدرسونه. وزَارَهُ يَزُورُهُ زيارة : قصده ، فهو زَائِرٌ وزَوْرٌ وزُوَّارٌ مثل سافر وسفر وسفار ، يقال نسوة زَوْرٌ أيضا وزَائِرَات. وفِيهِ « مَنْ زَارَ أَخَاهُ فِي جَانِبِ الْمِصْرِ » أَيْ قَصَدَهُ « ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ فَهُوَ زَوْرُهُ

٣١٩

وَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ يُكْرِمَ زَوْرَهُ » (١).

أي قاصديه. وفِيهِ « مَنْ فَعَلَ كَذَا فَقَدْ زَارَ اللهَ فِي عَرْشِهِ ».

قال الصدوق : زِيَارَةُ الله تعالى زِيَارَةُ أنبيائه وحججه صلى الله عليه وآله من زَارَهُمْ فقد زَارَ الله عزوجل ، كما أن من أطاعهم ( فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) ومن عصاهم فقد عصى الله ومن تابعهم فقد تابع الله ، وليس ذلك على ما تتأوله المشبهة تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ زُوَّارِكَ ».

بالواو المشددة ، أي من القاصدين لك الملتجئين إليك. و « المَزَارُ » بالفتح يكون مصدر أو موضع الزيارة. والزِّيَارَةُ في العرف : قصد المزور إكراما له وتعظيما له واستيناسا به. والزَّوْرُ : وسط الصدر أو ما ارتفع إلى الكتفين أو ملتقى عظام الصدر حيث اجتمعت ـ قاله في القاموس. و « الزَّوْرَاءُ » بالفتح والمد : بغداد (٢)وموضع بالمدينة يقف المؤذنون على سطحه للنداء الثالث قبل خروج الإمام ليسعوا إلى ذكر الله ولا تفوتهم الخطبة والنداء الأول بعده عند صعوده للخطبة والنداء الأول بعده عند صعوده للخطبة والثاني الإقامة بعد نزوله من المنبر ـ قاله في المجمع. قال : وهذا الأذان أمر به عثمان بن عفان. و « الزَّوْرَاءُ » في شعر ابن أبي عقبة :

وينحر بِالزَّوْرَاء منهم لدى ضحى

ثمانون ألفا مثل ما تنحر البدن

هُوَ جَبَلٌ بِالرَّيِّ يُقْتَلُ فِيهِ ثَمَانُونَ أَلْفاً مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَادُ الْعَجَمِ ـ كَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام

وربما كان ذلك في دولة القائم. وازْوَرَّ عنه ازْوِيرَاراً : عدل عنه

__________________

(١) الكافي ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٧٦.

(٢) قال في معجم البلدان ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٥٦ : قالوا إنما سميت زوراء لأنه لما عمرها ـ يعني المنصور ـ جعل الأبواب الداخلة مزورة عن الأبواب الخارجة ، أي ليست على سمتها.

٣٢٠