مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٩٩

وأنها من أي قسم من الأقسام الثلاثة بإدخال قطنة والصبر قليلا ثمَّ إخراجها وملاحظتها لتعمل بمقتضى وظيفتها ، وإذا صلت من غير اختبار بطلت إلا مع مطابقة الواقع [١] وحصول قصد القربة كما في حال الغفلة. وإذا لم تتمكن من الاختبار يجب عليها الأخذ [٢] بالقدر المتيقن [٣].

______________________________________________________

مبني على عدم جواز الامتثال الإجمالي مع إمكان الامتثال التفصيلي ، لا لاستظهار الاحتمال الثاني من النصوص ، قال (ره) : « فلو لم تعتبره مع الإمكان فسدت عبادتها لعدم علمها بما يجب عليها من الطهارة ». لكن المبني ضعيف. نعم مقتضى إطلاق النصوص المنع من جريان الاستصحاب. وأما المنع عنه من جهة الوجه الأول فضعيف ، فان مجرد لزوم المخالفة القطعية الكثيرة لا يقتضي وجوب الفحص ما لم يكن بنحو يعلم بإيجاب الاحتياط ، وهو غير حاصل.

وأما الاحتياط فالنصوص لا تقتضي المنع عنه ، لعدم تعرضها للواقع على نحو تكون مقيدة له. وقد عرفت أن المنع عنه من جهة العبادية ضعيف.

[١] الوجه في المستثنى والمستثنى منه ظاهر. واحتمال البطلان مطلقاً ـ لكون الاختبار شرطاً في الصحة ـ في غاية السقوط ، لظهور ما دل على وجوبه في كونه من قبيل وجوب الفحص في الشبهات الحكمية إرشاديا الى تنجز الواقع ، وعدم عذرية الجهل ، فاذا فرض الإتيان بالواقع كان موجباً لسقوط الأمر به عقلا.

[٢] لا إشكال في سقوط وجوب الاختبار حينئذ للتعذر ، كما لا إشكال في وجوب الصلاة ، لأنها لا تسقط بحال.

[٣] لحصول الموافقة للواقع.

٤٠١

إلا أن يكون لها حالة سابقة من القلة أو التوسط فتأخذ بها [١]. ولا يكفي الاختبار قبل الوقت [٢] إلا إذا علمت بعدم تغير حالها إلى ما بعد الوقت.

( مسألة ٥ ) : يجب على المستحاضة تجديد الوضوء لكل صلاة [٣] ولو نافلة وكذا تبديل القطنة [٤] أو تطهيرها ، وكذا الخرقة إذا تلوثت ، وغسل ظاهر الفرج إذا أصابه الدم ، لكن لا يجب تجديد هذه الأعمال للأجزاء المنسية [٥]

______________________________________________________

[١] عملا بدليل الاستصحاب. اللهم إلا أن يقال : إطلاق دليل وجوب الاختبار موجب لسقوط الاستصحاب عن الحجية. وانصرافه إلى صورة القدرة عليه ممنوع ، كما هو الحال في نظائره.

[٢] لانصراف دليل وجوبه الى ما بعد الوقت. نعم مقتضى الانصراف يكون الاختبار حال العمل ، فلا مانع من أن يكون قبل الوقت إذا كان أداء الوظيفة في الوقت مقارناً له ، كما لا يكفي أن يكون في الوقت مع كون أدائها في آخر الوقت. فكان المناسب التعبير بأنه لا يكفي الاختبار منفصلا عن أداء الوظيفة. فلاحظ.

[٣] تقدم الوجه فيه.

[٤] أما تبديل القطنة لكل صلاة ولو نافلة فغير ظاهر في القليلة ، لما عرفت من قصور الدليل عليه في الفريضة فضلا عن النافلة. وأما في المتوسطة فيمكن دعوى إطلاق النص المتقدم بنحو يشمل النافلة أو يستفاد حكم النافلة من الفريضة. فتأمل. ومنه يظهر الكلام في الخرقة.

[٥] إذ لا تخرج عن كونها أجزاء صلاتية لا يجب التجديد لها.

٤٠٢

ولا لسجود السهو إذا أتي به متصلا بالصلاة [١] ، بل ولا لركعات الاحتياط [٢] للشكوك ، بل يكفيها اعمالها لأصل الصلاة. نعم لو أرادت إعادتها احتياطاً أو جماعة وجب تجديدها [٣]

( مسألة ٦ ) : إنما يجب تجديد الوضوء والأعمال المذكورة إذا استمر الدم ، فلو فرض انقطاع الدم قبل صلاة الظهر يجب الأعمال المذكورة لها فقط ، ولا تجب للعصر ولا للمغرب والعشاء [٤] ، وإن انقطع بعد الظهر وجبت للعصر فقط وهكذا.

بل إذا بقي وضوؤها للظهر إلى المغرب لا يجب تجديده أيضاً مع فرض انقطاع الدم قبل الوضوء للظهر.

______________________________________________________

[١] لأنه من توابع الصلاة ، وكذا لو جي‌ء به منفصلا عن الصلاة للأصل. نعم لو أمكن تحصيل الطهارة أو تخفيفها وجب التجديد حينئذ بناء على وجوب ذلك فيه.

[٢] هذا غير ظاهر ، سواء كانت مرددة بين الجزئية والنافلة أم كانت صلاة مستقلة مجزئة على تقدير النقص ، أما على الثاني فلأن اللازم إجراء أحكام الصلاة المستقلة عليها ، وأما على الأول فلأنها على تقدير الجزئية وإن كان لا يلزم فيها التجديد لكن على تقدير النافلة يلزم ذلك لها. اللهم الا أن يدعى ظهور النص في غير مثل صلاة الاحتياط مما هو من توابع الصلاة ، نظير الأجزاء المنسية.

[٣] يمكن منع التجديد بناء على عدم لزوم معاقبة الصلاة لأعمالها.

[٤] لأن الظاهر من النصوص كون دم الاستحاضة كسائر الأحداث يرفعه ما يتعاقبه من الوظيفة الخاصة ، فإذا وجد بعد الوظيفة أو بعد الشروع‌

٤٠٣

( مسألة ٧ ) : في كل مورد يجب عليها الغسل والوضوء يجوز لها تقديم كل منهما [١] ، لكن الأولى تقديم الوضوء.

______________________________________________________

فيها احتاج في رفعه الى تجديد الوظيفة ، ولا يكفي وجوده آنا ما في وجوب وظائف اليوم جميعها ، وإن قال في الجواهر : « لو لا مخافة خرق ما عساه يظهر من الإجماع ، وتشعر به بعض الاخبار ، لأمكن القول بإيجابه الأغسال الثلاثة وان لم يستمر لحظة بعد الغسل ، للإطلاق ، فيكون حينئذ هذا الدم حدثاً يوجب الأغسال الثلاثة وان لم يستمر » ، إذ الإطلاق الذي ادعاه ممنوع ، لظهور النصوص فيما ذكرنا. كما أنه قد عرفت أنه لا يعتبر وجوده في أوقات الصلاة بحيث لا يحتاج في وجوب الوظيفة لرفعه إذا وجد قبل الوقت ، فلو رأته قبل الصبح فاغتسلت وتوضأت للصلاة ثمَّ استمر وانقطع قبل الزوال لم يحتج الى تجديد الغسل والوضوء للظهرين ، وان كان ظاهر المحكي عن جماعة ـ منهم : الشهيد ـ ذلك ، كما عرفت ، إذ لا شاهد له من النصوص ، لما عرفت من ظهورها فيما ذكرنا ، وأن استظهار الذكرى له من مصحح الصحاف ـ لقوله (ع) فيه : « فان كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة .. » (١) ـ غير ظاهر ، كما عن جماعة الاعتراف به ، كيف والفقرة المذكورة مسبوقة بفرض صلاة الظهرين؟! فالمتعين جعله دليلا على الاعتبار بما قبل الوقت ، كما أشرنا إليه آنفاً. وكيف كان فلا ينبغي التأمل في كون ظاهر النصوص ما ذكرناه.

[١] لإطلاق نصوص الباب. وقد تقدم في المسألة الخامسة والعشرين من فصل أحكام الحائض بعض الكلام فيه وفي أفضلية تقديم الوضوء.

__________________

(١) تقدم في آخر المسألة الثانية من هذا الفصل‌

٤٠٤

( مسألة ٨ ) : قد عرفت أنه يجب [١] بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة [٢] ، لكن لا ينافي ذلك إتيان الأذان‌

______________________________________________________

[١] هذا مما لم يتقدم منه ، وإنما تقدم منه وجوب الجمع بين الصلاتين.

[٢] على المشهور. والعمدة فيه ما‌ في روايتي إسحاق وأبي المعزى من قوله (ع) : « فلتغتسل عند كل صلاتين » (١) ، وما‌ في مصحح ابن سنان « المستحاضة التي لا تطهر تغتسل عند صلاة الظهر » (٢) ، لظهور « عند » في المقاربة ، وبذلك ترفع اليد عن إطلاق غيرها. وحمل الكلام على إرادة « عند » وقت الصلاة ، بتقدير مضاف ـ عملا بإطلاق غيرهما ـ لا يساعده الجمع العرفي وإن جعله شيخنا الأعظم (ره) هو الذي يقتضيه الانصاف ولا سيما بملاحظة ما عرفت مما دل على وجوب الجمع بين الصلاتين ، إذ التفكيك بين المسألتين بعيد كما أشرنا إليه آنفاً. ومن ذلك يظهر ضعف ما في كشف اللثام وعن العلامة الطباطبائي من نفي الوجوب ، قال في الأول : « وهل يجوز الفصل بين الغسل والصلاة؟ الأقرب الجواز ، للأصل والعمومات وقول الصادق (ع) لإسماعيل بن عبد الخالق : « فاذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد الفجر ، ثمَّ تصلي ركعتين قبل الغداة ، ثمَّ تصلي الغداة » (٣) رواه الحميري في قرب الاسناد. نعم إطلاق القول بوجوب المبادرة لا يخلو من إشكال ، لأنها أخص من المقاربة المدلول عليها بـ « عند » ، ولأجل ذلك لم يكن بأس بالفصل بمثل الأذان والإقامة ولبس الساتر الموجود والاجتهاد في القبلة ونحو ذلك مما لا ينافي المقاربة ، ومنه انتظار الجماعة ـ كما عن الدروس ـ والذهاب الى مكان الصلاة إذا كانا غير منافيين للمقاربة. فلاحظ.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الحيض حديث : ٥ و ٦‌

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ٤‌

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ١٥‌

٤٠٥

والإقامة والأدعية المأثورة ، وكذا يجوز لها إتيان المستحبات في الصلاة [١] ، ولا يجب الاقتصار على الواجبات ، فإذا توضأت واغتسلت أول الوقت وأخرت الصلاة لا تصح صلاتها [٢] إلا إذا علمت بعدم خروج الدم وعدم كونه في فضاء الفرج أيضاً من حين الوضوء إلى ذلك الوقت بمعنى انقطاعه [٣] ولو كان انقطاع فترة [٤].

( مسألة ٩ ) : يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفظ من خروج الدم [٥] بحشو الفرج بقطنة أو غيرها وشدها بحرقة ، فان احتبس الدم ، وإلا فبالاستثفار ـ أي شد وسطها [٦] بتكة ( مثلا ) وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة للرأسين تجعل‌

______________________________________________________

بل لا يبعد أن يكون فعل النافلة من ذلك أيضاً ، كما تقدم في رواية إسماعيل ابن عبد الخالق‌.

[١] للإطلاق.

[٢] لعدم فعل الطهارة عندها.

[٣] هذا مما لا ينبغي الإشكال فيه لحصول الطهارة.

[٤] هذا لدفع احتمال كون الانقطاع لفترة بمنزلة رؤية الدم ، كما يظهر من الذكرى ، قال : « فان كان انقطاع فترة فلا أثر له ، لأنه بعوده كالموجود دائماً ».

[٥] نسبه إلى ظاهر الأصحاب جماعة ، بل قيل : إن الإجماع عليه ما بين ظاهر وصريح مستفيض. ويكفي فيه الأخبار الآمرة بالاحتشاء والاستثفار وتبديل الكرسف.

[٦] هذا التفسير ذكره في الذكرى بتفاوت يسير ، وكأنه من قبيل‌

٤٠٦

إحداهما قدامها والأخرى خلفها وتشدهما بالتكة ـ أو غير ذلك مما يحبس الدم ، فلو قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة [١] بل الأحوط إعادة الغسل [٢] أيضاً ، والأحوط كون ذلك بعد الغسل والمحافظة عليه بقدر الإمكان تمام النهار إذا كانت صائمة [٣].

______________________________________________________

ذكر المعنى ولازمه ، إذ الاستثفار إما مأخوذ من : « استثفر الكلب بذنبه » أي جعله بين فخذيه ، أو من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها.

[١] لظهور النصوص في شرطيته لها.

[٢] بل هو الذي جزم به في الذكرى ، قال : « ولو خرج دم المستحاضة بعد الطهارة أعيدت بعد الغسل والاستظهار إن كان لتقصير فيه وإن كان لغلبة الدم فلا ، للحرج » ، وعن نهاية الاحكام موافقته. وكأنه لحدثية الدم المذكور ولا دليل على العفو عنه حينئذ. لكن قال في الجواهر « وفي استفادة ذلك من الأدلة نظر ، بل مقتضاها العفو عن حدثيته بعد الطهارة. نعم يستفاد منها شرطيته بالنسبة للصلاة خاصة ، فلعل الأقوى حينئذ عدمها » وهو في محله ، لأن سوق الأمر به مساق الأمر بالوضوء والغسل يقتضي كونه شرطاً للصلاة لا غير. مع أن إجمال النصوص في ذلك موجب للرجوع إلى استصحاب عدم الانتقاض.

[٣] وعن نهاية العلامة والذكرى والروض : وجوب ذلك على الصائمة لبنائهم على قدحه في الغسل المعتبر في صحة صومها. قال في الذكرى : « وهذا الاستظهار يمتد الى فراغ الصلاة ، ولو كانت صائمة فالظاهر وجوبه جميع النهار ، لأن توقف الصوم على الغسل يشعر بتأثره بالدم ، وبه قطع الفاضل (ره) ». لكن إذا منع قدحه في الغسل ـ لعدم الدليل على حدثية الخارج مع عدم الاستظهار ـ لم يكن وجه لوجوب التحفظ عليها كذلك.

٤٠٧

( مسألة ١٠ ) : إذا قدمت غسل الفجر عليه لصلاة الليل فالأحوط تأخيرها إلى قريب الفجر [١] فتصلي بلا فاصلة.

( مسألة ١١ ) : إذا اغتسلت قبل الفجر [٢] لغاية أخرى ثمَّ دخل الوقت من غير فصل يجوز لها الاكتفاء به للصلاة.

______________________________________________________

مع أنه لو سلم قدحه في الغسل فلا دليل على اعتبار الطهارة تمام النهار في صومها ، وإنما الذي يمكن الالتزام به هو اعتبار الغسل للصلاة لا غير فيه ، بحيث لو صحت صلاتها صح صومها ، وذلك لا يقتضي الاستظهار تمام النهار.

[١] احتياطا في حصول المعاقبة ، لعدم الدليل على سقوطها مطلقاً ، ولا إطلاق في معقد الإجماع على جواز تقديم غسل الفجر لصلاة الليل ، بل المصرح به في محكي الخلاف أنها تؤخر صلاة الليل إلى قرب الفجر ، بل هو الأقرب ، لأنه المتيقن في جواز الخروج عما دل على وجوب المعاقبة.

[٢] أما جواز الاغتسال قبل وقت الفريضة لغاية مشروطة بالطهارة فهو المصرح به في كلام جماعة ، منهم الشهيد في الروض ، قال : « لو أرادت الصلاة في غير الوقت اغتسلت لأول الورد ، وعملت باقي الأفعال لكل صلاة » ، وفي كشف الغطاء قال : « وفي غير الرواتب تجمع بين كل نافلتين بغسل ، ولا يبعد الاكتفاء في الورد بالغسل الواحد ، ولكل واحدة وضوء » وقال شيخنا الأعظم (ره) : « الأقوى مشروعية العبادة لها قبل دخول الوقت ، فتغتسل ويرتفع به حكم حدثها » ، وذلك لأن نصوص الباب كما تتكفل لحدثية الدم المذكور تتكفل ببيان رافعة وهو الغسل والوضوء. واحتمال الاقتصار على خصوص مواردها من الفريضة والرجوع في غيرها إلى أصالة عدم المشروعية مما لا مجال له ، لأنه خلاف المتفاهم العرفي منها ، إذ المفهوم منها عرفا أن حدثية الدم ترتفع بالغسل والوضوء من دون خصوصية للفريضة اليومية.

٤٠٨

( مسألة ١٢ ) : يشترط في صحة صوم المستحاضة [١]

______________________________________________________

نعم يمكن الإشكال في الغايات الموسعة ، لأن ظاهر أدلة الرافعية أنها رافعية اضطرارية ، ولذا لو انقطع الدم بعد فعل الوظائف وجب تجديد الطهارة ، والرافعية الاضطرارية تختص بحال الاضطرار ، وهو منتف في الغايات الموسعة ، بناء على التحقيق من عدم جواز البدار لذوي الأعذار. اللهم إلا أن يستفاد عموم الحكم للغايات الموسعة من بنائهم على مشروعية الغايات المشروطة بالطهارة بمجرد فعل الوظائف المذكورة للصلاة وإن كانت تلك الغايات موسعة. واحتمال اختصاص الرافعية بصورة الإتيان بها بقصد الفرائض اليومية لا مجال له في كلامهم. لكن في عموم كلامهم للغايات الموسعة إشكال ، وإن كان ظاهر كلامهم هو العموم كما سيأتي.

ومن ذلك يظهر ضعف التأمل فيه كما في الجواهر ، قال (ره) : « قد يشعر تصفح عباراتهم في المقام وفي توقف الصوم على ذلك بأن طهارتها واستباحتها لتلك الغايات تابع للافعال الصلاتية .. ( الى أن قال ) : فلو استحاضت المرأة في غير وقت الصلاة لم يكن لها استباحة شي‌ء من الغايات التي تتوقف على رفعه قبل أن يدخل وقت الصلاة ، فتعمل ما عليها من الاعمال ، ثمَّ تستبيح بذلك غيرها ، ولا يجزئها الاغتسال والوضوء قبل ذلك لتلك الغاية مثلا .. ».

وأما الاكتفاء به للصلاة مع عدم منافاته لوجوب معاقبتها له فكذلك أيضاً على تقدير صحته ، للإطلاق. نعم لو فرض عدم صحته لعدم فعل الغاية بعده الموجب لبطلانه ـ بناء على وجوب خصوص المقدمة الموصلة ـ لم يكن وجه للاكتفاء به ، ووجب تجديده للصلاة.

[١] بلا خلاف كما استظهره في الحدائق ، وعن المدارك والذخيرة‌

٤٠٩

______________________________________________________

وشرح المفاتيح : انه مذهب الأصحاب ، وعن جامع المقاصد والروض وحواشي التحرير ومنهج السداد والطالبية : الإجماع عليه. وعن المبسوط ، إسناده إلى رواية أصحابنا ، ولعلها‌ صحيح ابن مهزيار : « كتبت إليه : امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ، ثمَّ استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين ، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب (ع) : تقضي صومها ولا تقضي صلاتها ، لأن رسول الله (ص) كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك » (١). ولا يقدح فيه الإضمار كما تكرر غير مرة. ولا ظهوره في أن فاطمة (ع) كانت تستحاض مع تكاثر الأخبار بأنها (ع) لم تر حمرة أصلا لا حيضاً ولا استحاضة. لإمكان حمله على فاطمة بنت أبي حبيش ، أو كون الأمر لها (ع) بذلك لتعلم المؤمنات. ولا باشتماله على ما لا يقول به الأصحاب من عدم قضاء الصلاة ، لإمكان التفكيك في الحجية بين فقرات الحديث الواحد. ومن ذلك يظهر أن توقف المصنف (ره) في الحكم غير ظاهر الوجه.

ثمَّ الظاهر أنه لا خلاف في توقف الصوم على الأغسال النهارية. نعم عن النهاية وفي كشف اللثام : احتمال اختصاص التوقف بغسل الفجر ، قال فيه : « فهل يتوقف صوم كل يوم على أفعال نهاره خاصة أو فجره خاصة أو الليلة اللاحقة خاصة أو السابقة خاصة أو الليلتين؟؟ أوجه ، أجودها الأول ». وكأن وجه الاحتمال المذكور أنه يكفي في صحة الصوم الدخول فيه مع الطهارة ، ولا يعتبر بقاؤها إلى آخر النهار. لكن مقتضاه وجوب تقديم الغسل على الفجر ، وهو اجتهاد غير ظاهر. مع أنه لم يوجد قائل به. كما‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤١ من أبواب الحيض ملحق حديث : ٧‌

٤١٠

______________________________________________________

قيل. وهل يتوقف مع ذلك على أغسال الليلة اللاحقة ـ كما هو ظاهر من أطلق القول بتوقفه على الأغسال ـ أو على أغسال الليلة الماضية مطلقاً ، أو بشرط عدم تقدم غسل الفجر قبله ـ كما عن الذكرى وفي الروض ـ أو غسل الليلتين معاً؟؟ وجوه.

هذا ومقتضى الجمود على عبارة النص من البطلان عند ترك الغسل للصلاتين عدم استفادة التوقف على غسل الفجر ، لعدم التعرض له. لكن الظاهر بل المعلوم إرادة تركها للغسل أصلا حتى غسل الفجر ، وحينئذ فالبطلان عند ترك الأغسال كلية أعم من توقفه على فعل جميعها وبعضها ، فالرواية الشريفة لا تدل على شي‌ء من ذلك بعينه. نعم يعلم إجمالا بالتوقف إما على جميعها أو على بعضها المردد بين اثنين منها وواحد مردد بين الثلاثة ، وحيث أنه لا مجال لاحتمال التوقف على غسل العشاءين فقط يكون التوقف عليه مشكوكاً بدواً ، فينحل العلم الإجمالي الشامل له بالعلم الإجمالي بالتوقف على ما عداه ، فالمرجع فيه الأصل. أما التوقف على غسلي النهار معاً فيقتضيه العلم الإجمالي أيضاً ، لأنه يعلم بتوقفه إما على غسل الظهر أو على غسل الفجر أو عليهما ، ومقتضاه الاحتياط بفعلهما معاً. نعم بالنظر إلى الفتاوى يكون التوقف على غسل الفجر متيقناً ، إذ لم يقل أحد بعدم توقفه عليه ، بخلاف التوقف على غسل الظهرين ، فقد تقدم عن نهاية الاحكام وكشف اللثام احتمال عدم اعتباره فيكون المرجع في غسل الظهرين أصل البراءة. لانحلال العلم الإجمالي الشامل له بالعلم التفصيلي بالتوقف على غسل الفجر. لكن هذا المقدار من الاتفاق لا يوجب العلم التفصيلي بملاحظة كثرة الوجوه والأقوال المستندة إليها ، فلا ينحل العلم الإجمالي المذكور. وإن شئت قلت : لا يمكن الرجوع إلى الأصل في غسل الفجر للاتفاق عليه ، ولا إلى الأصل في غسل الظهرين‌

٤١١

على الأحوط إتيانها للأغسال النهارية ، فلو تركتها فكما تبطل صلاتها يبطل صومها أيضاً على الأحوط. وأما غسل العشائين فلا يكون شرطاً في الصوم وإن كان الأحوط مراعاته أيضاً وأما الوضوءات فلا دخل لها بالصوم [١].

( مسألة ١٣ ) : إذا علمت المستحاضة انقطاع دمها بعد ذلك إلى آخر الوقت انقطاع برء أو انقطاع فترة تسع الصلاة وجب عليها تأخيرها إلى ذلك الوقت [٢] فلو بادرت إلى الصلاة‌

______________________________________________________

لأنه المتيقن من الرواية. فتأمل جيداً.

ثمَّ إنه لا فرق فيما ذكرنا بين كون المنع للحدث وللتعبد. ودعوى : أنه على الأول لا بد من اعتبار غسل الليلة السابقة أو من تقديم غسل الفجر عليه. غير ظاهرة ، وإن صدرت من شيخنا الأعظم (ره) إذا لم يعلم كيفية منع حدث الاستحاضة عن الصوم كي يعتبر أحد الأمرين المذكورين كيف لا؟! وهي لا ريب في كونها محدثة عند الفجر ، ولو كانت قد اغتسلت لعشائي الليلة السابقة ، فإذا أمكن القول بصحة صومها على تقدير غسلها لعشائي الليلة السابقة مع كونها محدثة عند الفجر قطعاً ـ ولذا احتاجت إلى تجديد الغسل لصلاته ـ أمكن القول بصحته ولو مع عدم الغسل في الليلة السابقة ، وعدم تقديم غسل الفجر.

[١] لعدم الدليل عليه ، والرواية قاصرة عنه. فما عن بعض العبارات الموهمة لذلك ضعيف. وكأن وجهه دعوى ظهور ما دل على أن كل غسل معه وضوء في دخل الوضوء في أثر الغسل رفعا وإباحة. لكن عرفت ضعفه مع أنه لا يقتضي إلا الوضوء مع كل غسل لا لكل صلاة. فتأمل جيداً.

[٢] كما عن العلامة في النهاية والشهيد والمحقق الثاني ، وقال في المنتهى :

٤١٢

______________________________________________________

« إن اتسع وقت الانقطاع للطهارة والصلاة انتظرته ». وذلك لأنه لا إشكال نصاً وفتوى في حدثية دم الاستحاضة ، ولا إطلاق في نصوص الاكتفاء بالغسل والوضوء يشمل صورة وجود الفترة كسائر أدلة الابدال الاضطرارية فيكون مقتضى‌ قوله (ع) : « لا صلاة إلا بطهور » (١) وجوب انتظار تلك الفترة ، كما ذكرنا ذلك في سائر موارد الاعذار.

نعم قد يشكل ذلك ( أولا ) : لعدم العموم الدال على حدثية الدم المذكور ـ حتى ما يخرج بعد الغسل قبل انتهاء الصلاة ـ غير نصوص الباب وهي لا تدل على عموم حدثيته. ولذا قال في محكي المعتبر : « إن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه ، فلم يكن مؤثراً في نقض الطهارة ». لكن الانصاف ظهورها عرفا في كون وجوده مطلقا حدثا كسائر الاحداث. مع أنه لو سلم قصورها عن الدلالة على ذلك ، فالمرجع في صورة وجود الفترة إلى استصحاب حكم الحدث وعدم ارتفاعه بالغسل والوضوء ، بعد فرض عدم الإطلاق الدال على الإباحة في صورة الفترة ( وثانيا ) : بأن وجود الفترة غالبي ، فعدم تعرض النصوص لوجوب انتظارها وإطلاق الحكم فيها بالصلاة مع الوظائف المخصوصة يدل على عدمه. وفيه : أن الغلبة ممنوعة ولو سلم ثبوتها فثبوت الإطلاق المقامي بنحو يعتمد عليه في رفع اليد عن القواعد ممنوع ، لأن مصب النصوص بيان حكم الاستمرار ، ولذا عبر بالوضوء لكل صلاة ، وبالأغسال الثلاثة ، ولذا لا نقول بجواز البدار في المقام وإن قلنا به في غيره من موارد الاعذار. ( وثالثا ) : بأن وجود الفترة بمنزلة العدم ، لأن حدثية الدم المذكور قائمة بوجوده بالقوة كما قد يظهر من بعض ، فعن الشهيدين : الانقطاع للفترة لا يؤثر في الطهارة ، لأنه بعوده‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الجنابة حديث : ٢‌

٤١٣

بطلت ، إلا إذا حصل منها قصد القربة ، وانكشف عدم الانقطاع ، بل يجب التأخير مع رجاء الانقطاع بأحد الوجهين [١] حتى لو كان حصول الرجاء في أثناء الصلاة ، لكن الأحوط إتمامها ثمَّ الصبر إلى الانقطاع.

( مسألة ١٤ ) : إذا انقطع دمها فاما أن يكون انقطاع برء أو فترة تعلم عوده أو تشك في كونه لبرء أو فترة ، وعلى التقادير إما أن يكون قبل الشروع في الأعمال أو بعده أو بعد الصلاة ، فإن كان انقطاع برء وقبل الأعمال يجب عليها الوضوء فقط أو مع الغسل [٢] والإتيان بالصلاة ، وإن كان بعد الشروع‌

______________________________________________________

بعد ذلك كالموجود دائماً. انتهى. وفيه : أنه خلاف ظاهر الأدلة. وهذان الإشكالان على تقدير تماميتهما يختصان بالفترة ولا يعمان الانقطاع للبرء.

هذا ولو كانت الفترة لا تسع الطهارة والصلاة فلا إشكال في عدم اعتبارها ، كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) وفي الجواهر : « إنه لا يلتفت إليها قطعا ». فكأنه إجماع ، وإلا لأمكن القول بالانتظار كما في المسلوس لما ذكر فيه. اللهم إلا أن يقال : إن غلبة وجود الفترات اليسيرة تقتضي ذلك ، لئلا يلزم حمل الكلام على النادر. هذا ولكن الغلبة غير ظاهرة.

[١] حيث عرفت أنه لا دليل على صحة الفعل في حال وجود الدم مع وجود الفترة ـ لعدم الإطلاق في النصوص ـ كان الحكم بالصحة منوطاً في الواقع بعدم وجود الفترة واقعا ، فمعها يبطل ، وبدونها يصح ، ولا فرق بين صورتي الرجاء واليأس ، والعلم بعدمها والعلم بها ، فان فعلت في حال الدم وانكشف وجودها بطل الفعل مطلقا ، وإلا صح بلا فرق بين الصور.

[٢] كما عن الشهيدين والمحقق الثاني وجماعة ، لأن وجوده إذا كان‌

٤١٤

______________________________________________________

يقتضي الوضوء فقط أو مع الغسل لا يكون انقطاعه موجبا لتبدل مقتضاه ، لأنه يكفي في لزوم مقتضاه وجوده قبل الانقطاع. نعم بناء على التفصيل بين وجوده في الوقت وعدمه يختلف وجوب مقتضاه باختلاف كون الانقطاع في الوقت أو قبله ، فان انقطع في الوقت ترتب مقتضاه ، وإن انقطع قبله لم يترتب عليه شي‌ء. لكن عرفت ضعف التفصيل المذكور ، وأن ظاهر الأدلة كون وجوده مطلقا حدثا بلا خصوصية لوجوده في الوقت.

ومن ذلك تعرف ضعف ما عن الشيخ والعلامة في جملة من كتبه وغيرهما من إطلاق القول بأن الانقطاع للبرء موجب للوضوء فقط ، قال في القواعد : « وانقطاع دمها للبرء يوجب الوضوء ». وعن نهاية الأحكام النص على عدم لزوم الغسل. كيف؟! ولا يظهر أيضاً وجه للفرق بين الوضوء والغسل فما يوجب الأول يوجب الثاني. وتوجيهه بحمله على الانقطاع قبل الوقت ـ بناء على ان العبرة بوجوده في الوقت لا في خارجة ـ فيه ـ مع أنه خلاف ظاهر عباراتهم أو صريحها ـ : أنه لا وجه لا يجاب الوضوء على هذا المبنى. ومثله توجيهه بما في كشف اللثام من منع وجوب الغسل للدم مطلقاً بل مع الاستمرار. انتهى. فان هذا المنع لو تمَّ في الغسل تمَّ في الوضوء أيضاً.

ومما ذكرناه أولا تعرف الوجه في وجوب الاستئناف إذا كان الانقطاع بعد الشروع في الأعمال ، حيث لا دليل على صحة الأعمال على تقدير الانقطاع. وكذا الوجه في وجوب الإعادة إذا كان الانقطاع بعد الصلاة ، حيث لا دليل على صحة الصلاة حينئذ. لكن قوى في الجواهر وشيخنا الأعظم (ره) في طهارته عدم وجوب الإعادة إذا كان الانقطاع بعد الصلاة. وعلله في الأول بحصول الامتثال ، واقتضاء الأمر الاجزاء. وإطلاق الأدلة. كما أنه حكي عن المعتبر والجامع عدم الاستئناف لو كان بعد الطهارة قبل الصلاة ،

٤١٥

استأنفت. وإن كان بعد الصلاة أعادت إلا إذا تبين كون الانقطاع قبل الشروع في الوضوء والغسل [١] ، وإن كان انقطاع فترة واسعة فكذلك [٢] على الأحوط ، وإن كانت شاكة في سعتها أو في كون الانقطاع لبرء أم فترة لا يجب‌

______________________________________________________

خلافا لما نسب الى المشهور. وعن الخلاف والمبسوط والمنتهى والبيان : الصحة لو كان الانقطاع في أثناء الصلاة. إلا أن الجميع مبني على إطلاق دليل العفو ، والاجزاء الشامل لصورة وجود الفترة ، وقد عرفت أنه محل منع ، ولذا قال في كشف اللثام : « أبطل في نهاية الأحكام صلاتها بالانقطاع في الأثناء ، وهو ظاهر إطلاق الكتاب والتحرير ومقرب الدروس ، لأن الوضوء السابق طهارة اضطرارية وقد زالت الضرورة ». وأما ما تقدم من الجواهر من حصول الامتثال ، واقتضاء الأمر الإجزاء ، فمنعه ظاهر ، إذ بعد انتفاء الإطلاق لا امتثال ولا مجال للاجزاء.

[١] هذا الاستثناء منقطع ، مع أنه تقدم مضمونه.

[٢] يعني : فيجب الوضوء أو الغسل مع الانقطاع قبل الاعمال ، والاستئناف إذا كان بعد الشروع ، والإعادة إذا كان بعد الصلاة. ووجه ذلك كله ما عرفت الانقطاع للبرء من عدم الإطلاق المقتضي للصحة حتى مع الفترة ، وكونها للبرء أو لغيره لا يوجب اختلاف الحكم. وكأن الوجه في توقف المصنف (ره) عن الجزم ما تقدم من كون وجود الفترة غالبيا مع عدم التعرض في النصوص لوجوب انتظارها فيكون مقتضي ذلك الصحة ولو مع وجودها. أو أن وجود الفترة بمنزلة العدم ، لأن حدثية الدم المذكور تابعة لوجوده قوة ، كما عرفت القول بذلك من جماعة. لكن عرفت ضعف ذلك.

٤١٦

عليها الاستئناف أو الإعادة [١] إلا إذا تبين بعد ذلك سعتها أو كونه لبرء.

( مسألة ١٥ ) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كما إذا انقلبت القليلة متوسطة أو كثيرة ، أو المتوسطة كثيرة ـ فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال ، فتعمل عمل الأعلى [٢]. وكذا إن كان بعد الصلاة فلا يجب. إعادتها [٣] ، وأما إن كان بعد الشروع قبل تمامها فعليها الاستئناف [٤] والعمل على الأعلى ، حتى إذا كان الانتقال‌

______________________________________________________

[١] أما إذا لم تعلم سعة الفترة فقد قواه في الجواهر وشيخنا الأعظم (ره) لإطلاق الاخبار. ولزوم الحرج. لكن الأول لا مجال له ، لأنه في مقام الحكم الواقعي ، والمقام مقام الحكم الظاهري. والثاني لا يطرد في جميع الموارد فقاعدة وجوب الاحتياط عند الشك في القدرة الموجبة للاستئناف والإعادة محكمة. بل مقتضى الاستصحاب سعة الفترة ، فيجب من أجله الاستئناف نعم إذا كان أمد الفترة معلوماً وكان الشك في أمد الطهارة والصلاة لم يجر الاستصحاب. وأما إذا لم تعلم أنه لبرء أو فترة ، فإن كانت الفترة على تقديرها تسع الطهارة والصلاة فاللازم وجوب الاستئناف والإعادة ، لما عرفت من عدم الفرق بينهما في ذلك ، وإن كانت لا تسعهما ـ كما هو المراد ظاهراً ـ أو قلنا بأنه لا اعتبار بالفترة ، لكفاية الاستمرار بالقوة ، فالحكم كما إذا لم تعلم سعة الفترة من وجوب الاحتياط.

[٢] عملا بمقتضاه الذي يدخل فيه مقتضى الأدنى.

[٣] لأن الحدث الحادث شرط في الأعمال اللاحقة لا السابقة.

[٤] لقدح الحادث فيها بمقتضى إطلاق دليله ، فلا بد من إعمال مقتضاه.

٤١٧

من المتوسطة إلى الكثيرة فيما كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به [١] أيضاً ، فيكون أعمالها حينئذ مثل أعمال الكثيرة. لكن مع ذلك يجب الاستئناف ، وإن ضاق الوقت عن الغسل والوضوء أو أحدهما تتيمم بدله [٢] ، وإن ضاق عن التيمم أيضاً استمرت على عملها [٣]. ولكن عليها القضاء على الأحوط. وإن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها لصلاة واحدة [٤] ، ثمَّ تعمل عمل الأدنى [٥] ، فلو تبدلت الكثيرة متوسطة قبل الزوال أو بعده قبل صلاة الظهر تعمل للظهر عمل الكثيرة ، فتتوضأ وتغتسل وتصلي ، لكن للعصر والعشائين يكفي‌

______________________________________________________

[١] لأن إتيانها به قبل حدوث الكثيرة لا يجدي في رفع أثرها ، فلا بد من رفعه باعمال مقتضاها وهو الغسل ثانيا.

[٢] لعموم دليل بدليته الذي لا فرق بين ما يكون المبدل منه رافعاً ومبيحاً كوضوء المسلوس.

[٣] كذا في نجاة العباد أيضاً. مع أن الظاهر إجراء حكم فاقد الطهورين عليها ، ومختار المتن والنجاة سقوط الأداء عنه ووجوب القضاء عليه.

[٤] لأن وجود الأعلى قبل الانقطاع يقتضي ذلك ، والتبدل إلى الأدنى لا يكون مطهراً عنه. ثمَّ إن إطلاق كلام المصنف (ره) يقتضي أنه لو تبدل الأعلى إلى الأدنى بعد عمل الأعلى قبل الصلاة وجب عليها الاستئناف كما يجب مع الانقطاع ، للزوم تخفيف الحدث. وكذا لو تبدلت في أثناء الصلاة إلى الأدنى وجب استئناف الأعمال والصلاة.

[٥] إعمالا لمقتضاه ، ولا حاجة حينئذ إلى إعمال مقتضى الأعلى ، لحصول الطهارة عنه بالعمل السابق.

٤١٨

الوضوء. وإن أخرت العصر عن الظهر أو العشاء عن المغرب [١] نعم لو لم تغتسل للظهر عصياناً أو نسياناً يجب عليها للعصر [٢] إذا لم يبق الا وقتها ، وإلا فيجب إعادة الظهر بعد الغسل [٣] وإن لم تغتسل لها فللمغرب وإن لم تغتسل لها فللعشاء إذا ضاق الوقت وبقي مقدار العشاء.

( مسألة ١٦ ) : يجب على المستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا انقطع عنها بالمرة الغسل للانقطاع [٤] ، إلا إذا فرض [٥] عدم خروج الدم منها من حين الشروع في غسلها السابق للصلاة السابقة.

______________________________________________________

[١] يعني : وإن فصلت بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم تجمع بينهما ، لأن الجمع في الكبرى إنما كان لأجل الاجتزاء بالغسل الواحد.

[٢] لأنه يعتبر فيها الطهارة عنه ، المفروض عدم حصولها.

[٣] لبطلانها بترك الغسل. ومنه يظهر الوجه فيما بعده.

[٤] لما عرفت من إطلاق دليل حدثيته ، فيجب إعمال مقتضاه. كما عرفت أنه حكي عن الشيخ والعلامة وغيرهما : الاكتفاء بالوضوء ، وأنه غير ظاهر إلا بدعوى عدم الدليل على حدثية الدم مطلقاً ، ووجوب الوضوء من جهة الإجماع عليه ، والأصل البراءة عن الغسل. وفيه : ان ظاهر الأدلة حدثيته مطلقا. مع قيام الإجماع عليها حتى ممن اكتفى بالوضوء ، فإنه ادعي العفو عنه كما تقدم عن المحقق. ودعوى العفو مع الانقطاع محتاجة إلى دليل مفقود.

[٥] هذا الاستثناء غير متحصل ، لأن مرجعه إلى عدم الاحتياج إلى غسل ثان بعد الغسل الواقع بعد الانقطاع.

٤١٩

( مسألة ١٧ ) : المستحاضة القليلة كما يجب عليها تجديد الوضوء لكل صلاة ما دامت مستمرة كذلك يجب عليها تجديده لكل مشروط بالطهارة [١]. كالطواف الواجب ومس كتابة للقرآن إن وجب ، وليس لها الاكتفاء بوضوء واحد للجميع على الأحوط ، وإن كان ذلك الوضوء للصلاة فيجب عليها تكراره‌

______________________________________________________

[١] كما عن التحرير والموجز وشرحه والروض وغيرها. لما عرفت من النص والإجماع على عموم حدثية دم الاستحاضة ، فيجب تجديد الوضوء لرفعه ، للإجماع على الاكتفاء به. ولأجل ذلك لا مجال للرجوع إلى استصحاب الطهارة الحكمية المتيقنة حال الفراغ من الوضوء أو الغسل ، حيث يعلم حينئذ بجواز الدخول في كل غاية ، إذ المقام مما يرجع فيه إلى عموم العام لا استصحاب حكم المخصص.

وقولهم : إنها إذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر ، وإن كان بعد التأمل ظاهراً في عدم الحاجة إلى التجديد لأن الظاهر من اسم الإشارة هو الوظائف المأتي بها للصلوات ، يعني : إذا فعلت الوضوء لكل صلاة ، والغسل الواحد لصلاة الغداة ، أو الأغسال الثلاثة للصلوات اليومية كانت بحكم الطاهر بالنسبة إلى سائر الغايات. وحمله على أنها بحكم الطاهر بالنسبة إلى الصلاة خلاف الظاهر جداً ، كيف؟! وهو على هذا المعنى يكون تأكيداً ، لأنه مفهوم من بيان الوظائف التي هي معتبرة في الصلاة. فهو نظير ما ذكروه في التيمم من أنه إذا تيمم لغاية استباح به كل غاية. ولذا قال في الجواهر : « لا ينبغي الإشكال في ظهور عبارات الأصحاب في عدم وجوب تجديد شي‌ء من ذلك عليها بعد فرض محافظتها على ما وجب عليها من الأفعال للصلاة ، لأنها تكون حينئذ بحكم الطاهر من هذا الدم ،

٤٢٠