مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٩٩

في النوم أو اليقظة [١] ، حتى لو أدخلت لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان. وكذا لو أدخلت ذكر ميت أو أدخل في ميت ، والأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل والوضوء [٢]

______________________________________________________

ولكن إطلاق النص والفتوى غير ظاهر ، لانصرافهما أو ظهورهما في خصوص الأحياء ، والاستصحاب تعليقي والاشكال فيه معروف. والفحوى لا يمكن الاعتماد عليها كما عرفت. فالعمدة الإجماع المنقول المؤيد بإرسال الحكم في لسان جماعة إرسال المسلمات. وعليه فلا إشكال في ثبوت الجنابة للحي وثبوت أحكامها المتعلقة به أو بغيره من الأحياء. إنما الإشكال في ثبوت الجنابة للميت ، لعدم قيام إجماع عليه. وكذا في ثبوت أحكامها مثل حرمة إدخاله للمسجد. اللهم الا أن يعتمد على الاستصحاب التعليقي في جميع ذلك.

[١] هذا ـ مع انه مما لا إشكال فيه ظاهراً ـ يقتضيه إطلاق الأدلة. وحديث رفع الاضطرار‌ (١) ، ورفع القلم عن النائم‌ (٢) لا يقيده كما عرفت.

[٢] للإشكال في إيجابه الجنابة الناشئ من الأصل النافي له ، ومن أنه يلوح من كلام السيد المرتضى دعوى الإجماع عليه ، حيث قال (ره) ـ في ضمن كلام له ـ : « على أنهم يوجبون الغسل بالإيلاج في فرج البهيمة ». وربما يستفاد من‌ قول علي (ع) : « أتوجبون ..؟! » (٣) ومن المرسل عن علي (ع) : « ما أوجب الحد أوجب الغسل » (٤) ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الخلل في الصلاة ملحق حديث : ٢. وباب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١‌

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب الجنابة حديث : ٥‌

(٤) كنز العمال ج : ٥ ص : ١٣٢ رقم ٢٧١٤‌

٢١

إن كان سابقا محدثا بالأصغر [١] والوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة [٢] دون قبلها [٣] إلا مع الانزال فيجب الغسل عليه دونها إلا أن تنزل هي أيضا. ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الانزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء [٤] ، وإذا أدخل الرجل بالخنثى والخنثى بالأنثى‌

______________________________________________________

لكن دعوى الإجماع يمتنع التعويل عليها مع مخالفة الكثير ، بل نسب العدم إلى الأكثر ، واستظهر في الحدائق انه المشهور ، وقد عرفت الإشكال في استفادته من قول علي (ع). والمرسل غير ثابت وإنما حكي عن بعض كتب الفقهاء ، والظاهر أنه مصطاد من الخبر الذي عرفت إشكاله. فلا معدل عن العمل بالأصل. نعم يمكن أن يتوهم أن مقتضى الأصول وجوب الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان محدثا بالأصغر قبل وطء البهيمة. وقد تقدم الكلام في نظيره في آخر مسائل فصل الاستبراء.

[١] وكذا لو كان شاكا في حاله السابقة.

[٢] بلا إشكال ـ كما في الجواهر ـ لأنه دبر حقيقة فيجري عليه حكمه المتقدم.

[٣] كما صرح به جماعة ـ كما في الجواهر ـ لاحتمال كونه ثقبا وليس بفرج ، والأصل يقتضي الطهارة. وفي محكي التذكرة جعل وجوب الغسل فيه وجها ، لقوله (ع) : « إذا التقى الختانان .. » (١). وفيه : أن منصرفه العضو الأصلي فلا يشمل الزائد وإن كان مشابها له.

[٤] لاحتمال كون ما أدخلته زائداً. واحتمل في محكي التذكرة أيضاً وجوب الغسل ، للعموم. وعرفت ما فيه.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الجنابة حديث : ٢‌

٢٢

وجب الغسل على الخنثى [١] دون الرجل والأنثى [٢].

( مسألة ١ ) : إذا رأى في ثوبه منيا وعلم أنه منه ولم يغتسل بعده وجب عليه الغسل [٣] وقضاء ما تيقن من الصلوات التي صلاها بعد خروجه ، وأما الصلوات التي يحتمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضاؤها [٤] ، وإذا شك في أن هذا المني منه أو من غيره لا يجب عليه الغسل [٥] وإن كان أحوط خصوصا إذا كان الثوب مختصا به [٦] ، وإذا علم أنه منه ولكن‌

______________________________________________________

[١] للعلم بجنابتها ، لأنها إما واطئة وإما موطوءة.

[٢] لاحتمال كون كل منهما لا واطئاً للعضو الأصلي ولا موطوءاً به. نعم يجري عليهما ما يجري على واجدي المني في الثوب المشترك ، للعلم الإجمالي بجنابة أحدهما.

[٣] ضرورة حجية العلم.

[٤] كما هو المشهور. لقاعدة الفراغ ، ولاستصحاب الطهارة. وعن المبسوط : وجوب قضاء كل صلاة صلاها بعد آخر غسل واقع. وعلل بالاحتياط. وهو كما ترى.

[٥] لاستصحاب الطهارة.

[٦] فإن ظاهر جماعة وصريح آخر : وجوب الغسل حينئذ ، عملا بظاهر الحال المستفاد حجيته من‌ موثق سماعة : « عن الرجل يرى في ثوبه المني بعد ما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنه قد احتلم؟ قال (ع) : فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته » (١) ، وموثقه الآخر : « عن الرجل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الجنابة حديث : ٢‌

٢٣

______________________________________________________

ينام ولم ير في نومه أنه احتلم ، فوجد في ثوبه وعلى فخذه الماء ، هل عليه غسل؟ قال (ع) : نعم » (١).

لكن كما يحتمل فيهما السؤال عن الحكم الظاهري للمني المشكوك كونه من المكلف ، أو المعلوم كونه منه المشكوك كونه من جنابة جديدة ، يحتمل أيضا أن يكون السؤال عن الحكم الواقعي للمني المعلوم الخروج من المكلف إذا لم يكن خروجه عن احتلام بل عن أسباب اقتضاها المزاج ، وحيث أنه يمتنع أن يكون السؤال عنهما معا ـ لعدم الجامع بينهما ـ ولا قرينة على تعيين أحدهما بعينه لا مجال للخروج بهما عن القاعدة المسلمة : من عدم نقض اليقين بالشك.

هذا مضافا الى معارضتهما‌ بموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل يصيب ثوبه منيا ولم يعلم أنه احتلم؟ قال (ع) : ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ » (٢) ، وكما يمكن الجمع بينهما بحمل الأولين على الثوب المختص ـ بقرينة ذكر الفخذ في أحدهما ـ وحمل الأخير على المشترك ، يمكن أيضا حمل الأولين على صورة العلم بكون المني من جنابة لم يغتسل منها وحمل الأخير على صورة العلم بكونه منه مع احتمال كونه من جنابة قد اغتسل منها ، بقرينة اختلاف المتنين في الخصوصيات المناسبة لذلك ، فان قول السائل في موثق سماعة : « ولم يكن رأى في منامه .. » ظاهر في السؤال عن خروج المني بدون احتلام في النوم السابق على الرؤية فيكون السؤال فيه عن الحكم الواقعي. وأما قول السائل‌ في موثق أبي بصير « ولم يعلم أنه احتلم » فظاهر في السؤال عن رؤية المني مع عدم العلم بسببه ،

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الجنابة حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الجنابة حديث : ٣‌

٢٤

لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه الغسل [١] أيضا. لكنه أحوط.

______________________________________________________

فإن كان غرض السائل السؤال عن صورة احتمال كونه عن جنابة سابقة قد اغتسل منها لم يكن منافيا لما سبق ، وإن كان غرضه السؤال عن صورة العلم بخروج المني مع عدم العلم بالاحتلام ـ فيكون سؤالا عن الحكم الواقعي ـ كان ظاهره غير معمول به. وعلى كل حال فالطائفة الأولى بعد ما كانت ظاهرة في الحكم الواقعي لا مجال للتمسك بها في الحكم الظاهري ، فلا مجال لرفع اليد بها عن عموم دليل الاستصحاب والله سبحانه أعلم.

[١] لاستصحاب الطهارة. ولا يجري فيه ما تقدم ويأتي في مسألة من تيقن الطهارة والحدث وشك في المتقدم منهما ، لما ذكره في الجواهر من الفرق الواضح بين ما نحن فيه وبين تلك المسألة ، لأنه في المقام لا يعلم حدوث جنابة غير الأولى فكان الأصل عدمها ، كما هو الحال في كل ما شك في تعدده واتحاده ، بخلاف تلك المسألة فإن من المعلوم وقوع الحدث والطهارة معا لكنه جهل صفة السبق واللحوق ، وهنا لم يعلم أصل الوجود فضلا عن السبق واللحوق. انتهى.

ويمكن أن يقال : بعدم الفرق بينهما من هذه الجهة ، إذ في المقام أيضا يعلم بوجود الجنابة حال خروج المني الذي وجده ، وإنما يشك في انطباقها على الجنابة التي اغتسل منها وعدم انطباقها عليها بأن تكون جنابة جديدة بعد الغسل ، فكما يمكن أن تستصحب الطهارة يمكن أن تستصحب تلك الجنابة المعلومة بالإجمال ، فيتعارض الاستصحابان ويرجع الى قاعدة الاشتغال الموجبة للغسل ، نظير ما قيل في تلك المسألة.

نعم تفترق المسألتان من جهة أخرى ، وهي : أن في تلك المسألة‌

٢٥

( مسألة ٢ ) : إذا علم بجنابة وغسل ولم يعلم السابق منهما وجب عليه الغسل [١] ، إلا إذا علم زمان الغسل دون الجنابة فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ.

( مسألة ٣ ) : في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل على واحد منهما [٢] ،

______________________________________________________

يعلم بتكرر السبب وإنما الشك في أن السبب الثاني وقع بعد السبب الأول بلا فصل بالحالة المضادة أو مفصولا بها ، وهنا لا يعلم بتكرر السبب لاحتمال كون المني الذي وجده هو المني الذي أوجب الجنابة الاولى. ولأجل الفرق المذكور لا يمكن تصور صورة الجهل بتاريخ الغسل والعلم بتاريخ الجنابة ، ولا الجهل بتاريخهما معا ، للعلم بتاريخ الغسل والجنابة الأولى ، فيتعين فيه فرض صورة واحدة وهي العلم بتاريخ الغسل والجهل بتاريخ الجنابة. وقد عرفت أن التحقيق فيها هو استصحاب الغسل وعدم معارضته باستصحاب الجنابة لعدم جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ. نعم بناء على المشهور من جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ ينبغي أن يحكم في المقام بتعارض الاستصحابين والرجوع إلى قاعدة الاشتغال الموجبة لتجديد الغسل كما ذكرنا. فتأمل جيداً. ومنه تعرف الوجه في كون الأحوط الغسل. مضافا الى احتمال كون مفاد موثقي سماعة وجوب الغسل في المقام ، وهو ما إذا علم أن المني منه وكان يحتمل انه قد اغتسل منه ، كما احتمله بعض. وبه جمع بينهما وبين موثق أبي بصير‌ فحمله على ما إذا لم يعلم أن المني منه.

[١] تقدم الكلام في تمام هذه المسألة في المسألة السابعة والثلاثين من فصل شرائط الوضوء ، فراجع.

[٢] اتفاقا كما في الحدائق ، وفي الجواهر : « لم أعثر على خلاف‌

٢٦

والظن كالشك [١] ، وإن كان الأحوط فيه مراعاة الاحتياط ، فلو ظن أحدهما أنه الجنب دون الآخر اغتسل وتوضأ إن كان مسبوقا بالأصغر [٢].

( مسألة ٤ ) : إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر [٣]. للعلم الإجمالي‌

______________________________________________________

فيه بين أصحابنا ، بل لعله إجماعي كما عساه يظهر من المنقول في السرائر من خلاف المرتضى ، وبه صرح بعض المتأخرين كصاحب المدارك وغيره » وكأن الوجه فيه أنه عمل كل واحد منهما باستصحاب طهارة نفسه. ولا يمنع عنه العلم الإجمالي المذكور ، لخروج أحد طرفيه وهو جنابة الآخر عن محل الابتلاء. وقد تحقق في محله ان مثل ذلك مانع من منجزية العلم ومن منعه عن إعمال الأصل في الطرف الذي هو محل الابتلاء. نعم إذا كان الشخص الآخر محل الابتلاء ـ وإن لم يكن من جهة الاقتداء به بل كان من جهة أخرى ، مثل عدم جواز استئجاره لكنس المسجد بنفسه أو نحو ذلك ـ وجب الغسل ، للعلم الإجمالي بوجوب الغسل أو بحرمة الإجارة مثلا. فالرجوع الى الأصل وعدم وجوب الغسل إنما هو إذا كان الآخر خارجا عن محل الابتلاء أصلا لا من جهة الاقتداء ولا من جهة أخرى.

[١] لأصالة عدم الحجية ، فلا يقدح في جريان الاستصحاب المتقدم. وقد تحقق في مبحث الاستصحاب ان الشك الذي لا يجوز به رفع اليد عن اليقين يراد به ما يقابل اليقين ، كما لعله معناه لغة ، ويساعده بعض القرائن المشتمل عليها أدلة الاستصحاب.

[٢] وكذا لو كان شاكا في ذلك.

[٣] كما عن المعتبر ، والإيضاح ، والبيان وجامع المقاصد ، وحاشية‌

٢٧

بجنابته أو جنابة إمامه [١] ، ولو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث ،

______________________________________________________

الشرائع ، والمسالك ، والروض ، وكشف اللثام ، وكثير ممن عاصرناه أو قارب عصرنا.

[١] الموجب للعلم الإجمالي بفساد إحدى الصلاتين الموجب للعلم التفصيلي ببطلان الاقتداء ، إذ الاقتداء إنما يكون في الصلاة الصحيحة بالصلاة كذلك.

وعن المنتهى ، والتذكرة ، والتحرير ، ونهاية الأحكام ، والمدارك والحدائق ، واللوامع ، وغيرها : الجواز ، بل نسب الى معظم الطبقة الثالثة لصحة الصلاتين ، لحصول الطهارة لكل من الامام والمأموم ، ولذا لم يجب عليهما الغسل كما تقدم ، ولسقوط حكم هذه الجنابة في نظر الشارع ، ولذا يجوز لكل منهما الدخول في المساجد وقراءة العزائم. ولأنا نمنع حصول الحدث الا مع تحقق الانزال من شخص بعينه ، ولذا ارتفع لازمه وهو وجوب الطهارة.

وهذه الوجوه متقاربة راجعة إلى إثبات صحة الصلاة ظاهراً بالإضافة الى المصلي نفسه ، وهو غير محل الكلام الذي هو صحة تمام الصلاتين بالإضافة الى كل منهما مع العلم الإجمالي بخلاف ذلك الموجب للعلم التفصيلي ببطلان الائتمام. ولذا لو كان الامام مستصحب الطهارة من الحدث فإنه تصح صلاته ظاهراً في حقه ولا يجب عليه الغسل ، ويجوز له قراءة العزائم ودخول المساجد ، ولكن لا يجوز لمن علم تفصيلا بجنابته الائتمام به ، فثبوت الأحكام المذكورة ظاهراً في حق المكلف نفسه لا يسوغ لغيره الائتمام به إذا كان عالماً تفصيلا بجنابته. نعم قد يظهر من الوجه الأخير‌

٢٨

______________________________________________________

أن العلم بالإنزال من شخص بعينه شرط في تحقق الحدث واقعاً بالإضافة اليه. ولكنه مما لا ينبغي أن يتوهم ، فإنه خلاف المتفاهم القطعي من النصوص. كما أنه لو ثبت كون الأحكام الظاهرية المذكورة في حق مكلف موضوعاً لجواز الائتمام به واقعا ، كان الحكم بجواز الائتمام في المقام وفي الفرض المذكور في محله. إلا أن الوجوه المذكورة أجنبية عن ذلك ، بل لا يظن من أحد الالتزام بجواز الائتمام في الفرض المذكور.

وأما ما في الجواهر ـ من أن أقصى ما ثبت من الأدلة اشتراطه في الائتمام هو عدم علم المأموم بفساد صلاة الإمام ، فوجود الجنابة واقعاً للإمام لا يمنع من جواز الائتمام به. ولذا لا خلاف ظاهراً في جواز ائتمام ثالث بأحد واجدي المني في فرض وبالآخر في فرض آخر مع العلم بوقوع الائتمام بالجنب في أحد الفرضين. انتهى ـ فغير ظاهر. والإجماع على جواز الائتمام من ثالث بواجدي المني في فرضين غير ثابت بنحو يصح الاعتماد عليه.

نعم قد يمكن الاستدلال عليه بما ورد في الأخبار الكثيرة : من عدم وجوب الإعادة على المأمومين إذا تبين كون الامام على غير طهارة‌ (١) أو كافراً‌ (٢) ، أو غير مستقبل للقبلة‌ (٣) ، أو غير ناو للصلاة‌ (٤) أو عرض له في أثناء الصلاة ما يمنعه من البقاء على الإمامة من موت‌ أو حدث‌ أو نحوهما‌ (٥). لكن ـ مع ان مورد بعضها صورة علم الامام بالفساد إنما يدل جميعها على صحة صلاة المأمومين ولا يدل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب صلاة الجماعة‌

(٢) الوسائل باب : ٣٧ من أبواب صلاة الجماعة‌

(٣) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب صلاة الجماعة‌

(٤) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب صلاة الجماعة‌

(٥) الوسائل باب : ٤٣ و ٧٢ من أبواب صلاة الجماعة‌

٢٩

______________________________________________________

على صحة الائتمام. ولذا أفتى المصنف وغيره بفساد الجماعة لو تبين بعد الصلاة فساد صلاة الإمام.

فإن قلت : إطلاق النصوص ـ صحة صلاة المأمومين الشامل لصورة مخالفتها لصلاة المنفرد ـ يدل على صحة الائتمام بالالتزام.

قلت : صحة صلاة المأموم حال مخالفتها لصلاة المنفرد ـ : بترك القراءة أو الجهر بها في بعض المواضع أو نحوهما مما لا يقدح سهواً ـ لا يلازم صحة الائتمام بوجه ، لجواز الإخلال سهواً بمثل ذلك في صلاة المنفرد. والمخالفة بغير ذلك ـ مثل زيادة الركوع ، والرجوع الى الامام في الشك في الأوليين ، ونحوهما مما يقدح بصلاة المنفرد عمداً وسهواً ، لو سلم إطلاق النصوص بنحو يشملها ولم يمنع ، لقرب دعوى كون السؤال في تلك النصوص عن صحة صلاة المأموم من حيث كونه مقتدياً بغير المصلي ، لا من حيث وقوع الخلل المبطل لصلاة المنفرد ـ لا تدل على صحة الائتمام أيضاً ، إذ من الجائز عذر الشارع للمأموم في وقوع مثل هذا الخلل وإن لم يصح له الائتمام. مضافاً الى معارضة الإطلاق المذكور لإطلاق ما دل على قدح الخلل المزبور ، والأخذ بهذا الإطلاق أولى من الأخذ بإطلاق النصوص المذكورة ، لندرة وقوع الخلل في صلاة المأموم بالنحو المسطور ولا سيما مع ما عرفت من ضعف إطلاقها لو سلم. ولأجل ذلك أفتى غير واحد ببطلان صلاة المأموم إذا اختلت بما يبطل صلاة المنفرد فيما لو تبين فساد صلاة الإمام.

نعم يشكل ما ذكرنا بأن ظاهر النص والفتوى عدم الفرق في صحة الصلاة بين ما يعتبر فيها الائتمام كالجمعة وبين غيرها ، ويصعب الالتزام بصحة الأولى مع عدم صحة الائتمام. لكن على تقديره يجب الاقتصار على‌

٣٠

لعدم العلم حينئذ [١] ، ولا يجوز لثالث علم إجمالا بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة الاقتداء بواحد منهما أو منهم [٢] ،

______________________________________________________

مورد النصوص ، وهو خصوص صورة تبين الفساد بعد الفراغ ، أو في الأثناء مع قيام الحجة عند المأموم على صحة صلاة الامام ، ولا يجوز التعدي عنه إلى صورة عدم قيام الحجة على صحتها ، فضلا عن صورة قيامها على فسادها ، ولو كانت هي العلم الإجمالي كما في المقام ، بل المرجع في الصورتين المذكورتين الى عموم البطلان المستفاد من نصوص أبواب الجماعة الظاهرة في أن الائتمام إنما يكون في الصلاة الصحيحة المطابق لمرتكزات المتشرعة ، أو الى أصالة البطلان لو لم يتم العموم المذكور ، لما ذكرنا في مبحث الجماعة من هذا الشرح من عدم الإطلاق الصالح للمرجعية في نفي الشك في اعتبار شرطية شي‌ء للجماعة والائتمام. وكأنه لذلك لم يجز على لسان أحد ممن قال بجواز الاقتداء في المقام الاستدلال عليه بعدم اعتبار صحة صلاة الإمام في جواز الائتمام ، بل إنما استدلوا عليه بما تقدم من الوجوه الراجعة إلى تصحيح صلاة الإمام فالقول بعدم جواز الائتمام في المقام هو المتعين. والله سبحانه أعلم.

[١] العلم المتقدم وأن لم يكن حاصلا لكنه يعلم إجمالا بجنابة أحدهم وقد عرفت أنه مع العلم الإجمالي بالجنابة لا يجوز الاقتداء ، للعلم إجمالا بفساد الاقتداء بأحد صاحبيه ، فيلحقه حكم الصورة الآتية‌

[٢] لما عرفت من العلم الإجمالي بالجنابة الموجب للعلم الإجمالي بفساد الاقتداء. وقد تقدم ما في الجواهر من عدم الخلاف ظاهرا في جواز الاقتداء في الفرض. كما تقدم أنه خلاف القاعدة المشار إليها ، ولم يثبت إجماع يصح الاعتماد عليه في الخروج عنها.

٣١

إذا كانا أو كانوا محل الابتلاء له [١] وكانوا عدو لا عنده [٢] ، وإلا فلا مانع. والمناط علم المقتدي بجنابة أحدهما لا علمهما ، فلو اعتقد كل منهما عدم جنابته وكون الجنب هو الآخر أولا جنابة لواحد منهما وكان المقتدي عالماً كفى في عدم الجواز [٣]. كما أنه لو لم يعلم المقتدي إجمالا بجنابة أحدهما وكانا عالمين بذلك لا يضر باقتدائه [٤].

( مسألة ٥ ) : إذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل أيضا [٥] بعد العلم بكونه منيا.

______________________________________________________

[١] لما قد تقرر في محله : من أن العلم الإجمالي إنما يكون منجزاً إذا لم يخرج بعض أطرافه عن محل الابتلاء. وإلا فلا مانع من جريان الأصل فيما هو محل الابتلاء ، فيرجع كل من الامام والمأموم إلى استصحاب الطهارة فيه وفي صاحبه. هذا إذا كان الخروج عن محل الابتلاء قبل العلم أو حاله ، أما لو كان بعد العلم فكما لو لم يخرج عن محل الابتلاء ، وقد أشرنا إلى ذلك كله في أحكام النجاسات.

[٢] أما لو كان أحدهما فاسقا ، أو مشكوك الفسق ، فالعلم التفصيلي بعدم جواز الائتمام به موجب لانحلال العلم الإجمالي المتقدم ، فلا مانع من جريان الأصل فيما هو معلوم العدالة. وكذا الحال لو علم كون أحدهما فاقداً لبقية شرائط الإمامة ، أو مشكوكاً كونه كذلك مع عدم الأصل المحرز لها ، لعين الوجه المتقدم.

[٣] لأن علمه حجة عليه ، وعلم غيره لا يكون حجة إلا على العالم.

[٤] لعدم حجية علميهما عليه ، فلا مانع له من إجراء أصل الطهارة في كل منهما. نعم إخبار الشخص عن جنابة نفسه يكون حجة.

[٥] وعن الذكرى ، والمدارك : أنه الأقرب. وعن جامع المقاصد‌

٣٢

( مسألة ٦ ) : المرأة تحتلم كالرجل ، ولو خرج منها المني حينئذ وجب عليها الغسل ، والقول بعدم احتلامهن [١] ضعيف‌

( مسألة ٧ ) : إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام ولم يخرج إلى خارج لا يجب الغسل كما مر [٢] ، فاذا كان بعد دخول الوقت ، ولم يكن عنده ماء للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أو لا؟ الأقوى عدم الوجوب [٣] ، وإن لم يتضرر به ، بل مع التضرر يحرم ذلك [٤] ، فبعد خروجه يتيمم للصلاة [٥] ، نعم لو توقف إتيان الصلاة في الوقت على حبسه ـ بأن لم يتمكن‌

______________________________________________________

والذخيرة : التردد فيه. وعن نهاية الأحكام : احتمال العدم لأن المني دم في الأصل فلما لم يستحل ألحق بالدماء. انتهى. وقد يظهر من كلامه التشكيك في كونه منيا ، وحينئذ فعدم الوجوب في محله. لكن التشكيك لا وجه له فان اللون كسائر الصفات غالب الثبوت للمني وقد تتخلف ، فإطلاق أدلة وجوب الغسل لخروجه محكم.

[١] تقدمت حكايته عن المقنع في أول الفصل ، وتقدم وجه ضعفه.

[٢] ومر وجهه.

[٣] فإنه من صغريات ما في المسألة الآتية فيشمله دليله. واحتمال الفرق بين الجماع وغيره موهون جدا.

[٤] لما دل على حرمة الضرر.

[٥] يعني : ولا إعادة عليه كما هو المشهور. وعن المقنعة ، والهداية والخلاف : أن من تعمد الجنابة وجب عليه الغسل وان خاف التلف. وعن المبسوط ، والنهاية ، والتهذيب ، والاستبصار ، وغيرها : يتيمم وعليه الإعادة. وسيأتي الكلام في هذه المسألة في مبحث التيمم إن شاء الله تعالى.

٣٣

من الغسل ، ولم يكن عنده ما يتيمم به ، وكان على وضوء بأن كان تحرك المني في حال اليقظة ، ولم يكن في حبسه ضرر عليه ـ لا يبعد وجوبه [١] فإنه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكن من الصلاة في الوقت ولو حبسه يكون متمكنا.

( مسألة ٨ ) : يجوز للشخص إجناب نفسه [٢]

______________________________________________________

[١] لوجوب الصلاة بالطهارة المتوقفة عليه ، ولا موجب للخروج عن ذلك من إجماع أو سيرة أو غيرهما.

[٢] إجماعا كما في المستند ، وفي الجواهر عن المعتبر. ويدل عليه‌ مصحح إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) : « عن الرجل يكون معه أهله في السفر لا يجد الماء ، أيأتي أهله؟ قال (ع) : ما أحب أن يفعل ، إلا أن يخاف على نفسه. قال قلت : طلب بذلك اللذة ، أو يكون شبقاً الى النساء؟ قال (ع) : إن الشبق يخاف على نفسه. قال قلت : طلب بذلك اللذة قال (ع) : هو حلال .. » (١). ونحوه ما عن مستطرفات السرائر‌ (٢). وعن ظاهر عبارتي المفيد وابن الجنيد : انه غير جائز. ولو ثبت فلا وجه له الا بعض النصوص الدالة على وجوب الغسل على من أجنب نفسه وان تضرر‌ (٣) ، ولكن ـ مع أنه لا ملازمة بين وجوب الغسل وحرمة الجنابة ، بل بعض تلك النصوص مورده جنابة الإمام (ع) نفسه‌ (٤) الذي يمتنع عليه فعل الحرام ، فيكون دليلا على الحل ـ لا مجال لتقديمها على المصحح المتقدم ، مع ما هو عليه من الصراحة في الجواز ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٥٠ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١‌

(٢) راجع الوسائل باب : ٢٧ من أبواب التيمم‌

(٣) راجع الوسائل باب : ١٧ من أبواب التيمم‌

(٤) الوسائل باب : ١٧ من أبواب التيمم حديث : ٣‌

٣٤

ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت [١]. نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك [٢] ، وأما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا ـ ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث ـ أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت [٣] ، ففرق في ذلك بين الجنابة والحدث الأصغر ، والفارق النص [٤] ،

( مسألة ٩ ) : إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا؟ لم يجب عليه الغسل [٥] ، وكذا لو شك في أن المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما فإنه لا يجب عليه الغسل ،

( مسألة ١٠ ) : لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجبا للجنابة بين أن يكون مجرداً أو ملفوفاً بوصلة أو غيرها [٦] ، إلا أن يكون بمقدار لا يصدق عليه الجماع.

______________________________________________________

وموافقته للإجماع المدعى.

[١] لإطلاق نص الجواز.

[٢] لأنه غير مورد النصوص ، وقد عرفت أن المنع مقتضى القاعدة لأنه تفويت للصلاة.

[٣] لما عرفت الإشارة إليه من أن الجمع العرفي بين أدلة الوضوء والتيمم هو كون التيمم واجباً في ظرف سقوط وجوب الوضوء مع بقاء ملاكه ، فيكون وجوب الوضوء مطلقاً غير مشروط ملاكه بوجدان الماء وحينئذ فتفويته اختياراً تفويت للواجب المطلق ، فيكون حراماً.

[٤] يعني : المسوّغ في الجنابة لا غير ، وأما عدم الجواز في الوضوء فليس مستنداً الى النص ، بل إلى القاعدة التي أشرنا إليها.

[٥] لأصالة عدم السبب ، وكذا الوجه فيما بعده.

[٦] كما صرح به جماعة كالعلامة ، وولده ، والشهيد ، والمحقق الثاني‌

٣٥

( مسألة ١١ ) : في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل والوضوء الاولى أن ينقض الغسل بناقض من مثل البول ونحوه ثمَّ يتوضأ ، لأن الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز [١] ، والمفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة.

______________________________________________________

وعن شرح المفاتيح : نسبته الى الفقهاء ، لكن تنظر فيه في القواعد. وعن النهاية : احتمال العدم ، لعدم استكمال اللذة. كما احتمل فيها أيضاً التفصيل بين الليّنة التي لا تمنع وصول البلل ولا الحرارة وبين غيرها. هذا ويحتمل التفصيل بين صورة كون الخرقة ونحوها ملحوظة عرفا تابعة لأحد العضوين بحيث يصدق إدخال الذكر ملفوفا ، أو الإدخال في الفرج الموصول بالخرقة وبين غيرها التي لا يصدق معها الإدخال فيه ، بل الإدخال في غيره ، وكأن هذا هو مراد المصنف (ره) من الاستثناء ، وإلا فالمذكور في النصوص لا يختص بالجماع ، بل كما ذكر الجماع ذكر الإدخال والإيلاج ، والتقاء الختانين ، وغيبوبة الحشفة ، ونحوها ، وإطلاقها اللفظي وان كان شاملا لجميع الصور ، الا أن المنصرف اليه من الجميع ما لا يشمل صورة كون الخرقة ملحوظة في قبال كل من العضوين. والله سبحانه أعلم.

[١] الظاهر من عدم جوازه عدم جوازه بعنوان المشروعية لا حرمته ذاتاً ، وحينئذ فالإتيان به برجاء المطلوبية لا يصدق معه التشريع ، لكنه مشابه له صورة ولذا كان الأولى تركه.

٣٦

فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة

وهي أمور :

الأول : الصلاة واجبة أو مستحبة [١] ، أداءً وقضاءً لها ولأجزائها المنسية [٢] ، وصلاة الاحتياط ، بل وكذا سجدتا السهو على الأحوط. نعم لا يجب في صلاة الأموات [٣] ، ولا في سجدة الشكر والتلاوة [٤].

______________________________________________________

فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة‌

[١] إجماعاً ، بل ضرورة ، وتقتضيه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب العبادات ، مثل‌ قوله (ع) : « لا صلاة إلا بطهور » (١) ، وحديث : « لا تعاد .. » (٢) ، وما ورد في قضاء من صلى بغير طهور‌ (٣) ، وفيمن نسي غسل الجنابة في شهر رمضان وأنه يقضي صومه وصلاته‌ (٤) إلى غير ذلك.

[٢] كما تقدم في غايات الوضوء ، وتقدم أيضاً وجه اعتباره في سجدتي السهو وضعفه. نعم قد ذكرنا في مبحث الخلل من هذا الشرح : قرب دعوى استفادته مما دل على أنهما قبل الكلام.

[٣] لما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ من النصوص الكثيرة الدالة على جواز إيقاعها على غير طهور ، وعلى غير وضوء.

[٤] لإطلاق أدلتهما من غير مقيد.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب الجنابة حديث : ٢‌

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب الوضوء حديث : ٨‌

(٣) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب الجنابة حديث : ٢‌

(٤) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب الجنابة حديث : ١‌

٣٧

الثاني : الطواف الواجب [١] دون المندوب [٢] لكن يحرم على الجنب دخول المسجد الحرام [٣] ، فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهواً وطاف ، فان طوافه محكوم بالصحة [٤]. نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل [٥] ولو كان الطواف مندوبا.

الثالث : صوم شهر رمضان وقضاؤه ، بمعنى أنه لا يصح إذا أصبح جنباً متعمداً أو ناسياً للجنابة [٦].

______________________________________________________

[١] كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في غايات الوضوء.

[٢] للأصل. والنص المتقدم في الوضوء لا يدل عليه ، وإنما يدل على صحته مع الحدث الأصغر لا غير. وقاعدة حمل المندوب على الواجب تختص بالماهيات المخترعة ، فلا تشمل مثل الطواف. وصحيح ابن جعفر عليه‌السلام ـ : « عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف؟ قال (ع) : يقطع طوافه لا يعتد بشي‌ء مما طاف ، وسألته عن رجل طاف ثمَّ ذكر أنه على غير وضوء؟ فقال (ع) : يقطع طوافه ولا يعتد به » (١) ـ ظاهر في الطواف الواجب بقرينة ذيله. فلاحظ.

[٣] كما سيأتي.

[٤] كما نص على ذلك في الجواهر ، نظير صحة الصلاة في الدار المغصوبة مع العذر في حرمة الغصب.

[٥] لعموم أدلة اعتباره في الصلاة. مضافاً إلى ما ورد فيها بالخصوص.

[٦] أما مع العمد في شهر رمضان فهو المشهور ، بل عليه الإجماع عن جماعة ، وفي الجواهر : « يمكن دعوى تواتر نقله وأن الحكم فيه من القطعيات ».

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب الطواف حديث : ٤‌

٣٨

______________________________________________________

ويدل عليه جملة من النصوص‌ كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل احتلم أول الليل ، أو أصاب من أهله ، ثمَّ نام متعمداً في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال (ع) : يتم صومه ذلك ثمَّ يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه » (١).

ويعارضها جملة أخرى ، كالصحيح عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله (ع) : « كان رسول الله (ص) يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثمَّ يجنب ، ثمَّ يؤخر الغسل متعمداً حتى يطلع الفجر » (٢). ولكنها مطروحة ، أو محمولة على التقية ، كما يظهر من ملاحظة بعضها ، وبعضها محمول على غير العمد جمعاً.

وأما في قضاء شهر رمضان فهو المنسوب الى ظاهر المشهور ، ويقتضيه بعض النصوص‌ كصحيح ابن سنان : « سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجي‌ء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع؟ قال (ع) : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره » (٣) ، لكن في المعتبر : « لقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام ». ولا وجه له ظاهر بعد ورود الصحيح المذكور وغيره.

وأما مع النسيان في شهر رمضان فهو المحكي عن الأكثر لجملة من النصوص‌ كصحيح الحلبي عن الصادق (ع) : « عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان؟ قال (ع) : عليه أن يقضي الصلاة والصيام » (٤) ونحوه روايته الأخرى‌ (٥) ، وقريب منه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث : ٥‌

(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث : ١‌

(٤) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٣‌

(٥) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب من يصح منه الصوم ملحق حديث : ٣‌

٣٩

وأما سائر الصيام ما عدا رمضان وقضائه فلا يبطل بالإصباح جنباً [١] وان كانت واجبة.

______________________________________________________

رواية إبراهيم بن ميمون‌ (١). وعن الحلي وجماعة الصحة ، وفي الشرائع « انه الأشبه » وكأنه لحديث رفع النسيان‌ (٢) ، ولما دل على الصحة مع غلبة النوم ، ولكنه كما ترى ، وأما في قضاء شهر رمضان فلا دليل عليه بالخصوص. اللهم إلا أن يستفاد مما دل على مساواة القضاء للأداء كما تقدمت الإشارة اليه ، أو من إطلاق صحيح ابن سنان المتقدم‌ ونحوه ، بل مقتضى إطلاقه البطلان مع الجهل وغيره من سائر الأعذار.

[١] لعدم الدليل عليه ، والأصل ينفيه.

ودعوى أن مقتضى القاعدة إلحاق المندوب بصوم رمضان فضلا عن إلحاق سائر أفراد الصوم الواجب به ، وعلى ذلك استقر بناء الأصحاب في غير المقام ، وقد أشرنا إلى وجهه في المباحث السابقة.

مندفعة بأن ذلك يتم لو لم يرد بيان من الشارع ، فان ترك البيان قرينة على الاعتماد على بيانه للواجب ، لكن قد ورد في بعض النصوص جواز الصوم المندوب مع الإصباح جنباً عمداً‌ ففي خبر الخثعمي : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أخبرني عن التطوع وعن هذه الثلاثة أيام إذا أجنبت من أول الليل فأعلم أنه قد أجنبت فأنام متعمداً حتى ينفجر الفجر ، أصوم أو لا أصوم؟ قال (ع) : صم » (٣) وقريب منه موثق ابن بكير‌ وحينئذ فكما يمكن إلحاق الواجب عدا صوم رمضان وقضائه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٢. وباب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس‌

(٣) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث : ١‌

٤٠