مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٩٩

( مسألة ٩ ) : لو رأت بصفة الحيض ثلاثة أيام ، ثمَّ ثلاثة أيام بصفة الاستحاضة ، ثمَّ بصفة الحيض خمسة أيام أو أزيد ، تجعل الحيض الثلاثة الاولى [١] ، وأما لو رأت بعد الستة الأولى ثلاثة أيام أو أربعة بصفة الحيض ،

______________________________________________________

أحدهما أشد حرارة ، مع أن صريح النصوص المذكورة المقابلة بين الدمين في السواد والصفرة والحرارة والبرودة ، فكيف يمكن التصرف فيها برفع اليد عن صريحها؟؟ بخلاف حمل الإقبال والادبار في المرسلة على السواد والصفرة والحرارة والبرودة. فالاقتصار على الصفات المنصوصة متعين ، فلو كان الدم بعضه أسود وبعضه أحمر لم يكن تمييز كما سيأتي من المصنف في المسألة الثانية عشرة.

ومنه يظهر وجه ما ذكره المصنف من التحيض بالستة في الفرض ـ كما عن نهاية الاحكام وموضع من التذكرة ـ وضعف ما عن المعتبر والمنتهى وموضع آخر من التذكرة من أن الأسود فقط حيض. بل لو بني على التمييز بمطلق القوة والضعف لم يكن وجه للجزم بإلحاق الحمرة بالصفرة إذ كما هي ضعف بالنسبة إلى السواد هي قوة بالنسبة إلى الصفرة أيضاً ، ولا مرجح ، ومجرد الحكم بطريقية الحمرة إلى الاستحاضة مع انفرادها مع السواد عن الصفرة لا يقتضي ذلك في حال الانضمام إليها كما لا يخفى.

[١] هذا ينافي ما تقدم منه من اشتراط الرجوع الى التمييز ، بأن لا يعارض الدم دم آخر ، لحصول المعارضة في المقام بين الدمين على النحو الذي كان يلزم في المثال الذي ذكر سابقاً ، فاذاً البناء على التساقط ، إذ أنه لا مرجح للأول وإن حكي ذلك عن الذكرى والمدارك وظاهر المنتهى ، ولا للأخير وان حكي ذلك عن المبسوط ، ثمَّ الرجوع الى الروايات فيه متعين.

٣٠١

تجعل الحيض الدمين الأول والأخير [١] ، وتحتاط في البين مما هو بصفة الاستحاضة ، لأنه كالنقاء المتخلل بين الدمين [٢].

( مسألة ١٠ ) : إذا تخلل بين المتصفين بصفة الحيض عشرة أيام بصفة الاستحاضة ، جعلتهما حيضين إذا لم يكن كل واحد منهما أقل من ثلاثة [٣].

( مسألة ١١ ) : إذا كان ما بصفة الحيض ثلاثة متفرقة في ضمن عشرة تحتاط في جميع العشرة [٤].

______________________________________________________

[١] قد عرفت أنه إنما يتم بناء على إمكان أن يتخلل في أثناء الحيض الواحد طهر أقل من العشرة ، إذ حينئذ لا تنافي بين الحكم على الطرفين بالحيضية ، والوسط بالاستحاضة ، أما بناء على امتناعه يقع التعارض في أدلة التمييز ، فكما يكون الوجدان في الطرفين طريقاً الى الحيض يكون الفقدان في الوسط طريقاً إلى الاستحاضة ، وحينئذ يمتنع صدقهما معاً ، فيتكاذبان ويسقطان معاً عن الحجية ، وتكون فاقدة للتمييز ، كما جزم به في نجاة العباد ، وحكي عن المعتبر والتذكرة. اللهم إلا أن يكون الفقدان طريقاً إلى الاستحاضة إلا حيث لا يكون الوجدان طريقاً الى الحيض ، كما قواه شيخنا الأعظم (ره) في طهارته ، وتبعه الأستاذ (ره) في رسالة الدماء ، وظاهر اختيار المصنف (ره) هنا ، فلا يكون تكاذب بينهما. لكن عرفت في المسألة الأولى في شرائط التمييز أنه محل تأمل.

[٢] الذي تقدم من المصنف الإشكال في حكمه.

[٣] قد تقدم في شرائط التمييز احتمال الحكم بالحيضية على ما هو أقل من ثلاثة إذا كان بصفة الحيض. فراجع.

[٤] لما تقدم منه من الإشكال في اعتبار التوالي ، فتجمع بين‌

٣٠٢

( مسألة ١٢ ) : لا بد في التمييز أن يكون بعضها بصفة الاستحاضة ، وبعضها بصفة الحيض ، فاذا كانت مختلفة في صفات الحيض فلا تمييز بالشدة والضعف أو غيرهما [١] ، كما إذا كان في أحدهما وصفان وفي الآخر وصف واحد [٢] ، بل مثل هذا فاقد التمييز. ولا يعتبر اجتماع صفات الحيض بل تكفي واحدة منها [٣].

______________________________________________________

وظيفتي الحائض والمستحاضة. وحيث أنها تحتمل أن وظيفتها الرجوع الى عدد الروايات ـ لاحتمال عدم حجية التمييز ـ يتعين عليها نية التحيض بالعدد احتياطا.

[١] لما تقدم في المسألة الثامنة.

[٢] فان واجد الوصفين وإن لم يكن أشد من الواجد للواحد ، لكنه أشبه بدم الحيض من الثاني ، إلا أنك عرفت أنه لا دليل على التمييز بمثل ذلك.

[٣] لظهور الأدلة في طريقيه كل صفة في نفسها بلا اعتبار الاجتماع كما يشهد به اختلاف النصوص في التعريف بالصفات. وحينئذ فإذا كان بعض الدم واجداً لصفة والآخر فاقداً للجميع كانت الصفة طريقاً إلى حيضية الواجد. وفقدان الجميع طريقاً الى استحاضية الباقي. نعم قد يشكل بأن الواجد لصفة ، الفاقد لغيرها ، إذا كانت الصفة طريقاً الى حيضيته كان فقدانه للباقي طريقاً إلى كونه استحاضة. اللهم إلا أن يدعى ـ كما أشرنا إليه سابقاً ـ : أن طريقية الفقدان إلى الاستحاضة مترتبة على عدم طريقية الوجدان الى الحيض ، فاذا كان في الدم صفة دالة على حيضيته لا يكون فقدان غيرها طريقاً إلى استحاضيته ، فطريق الاستحاضة فقدان الجميع ، وطريق الحيض وجدان واحدة.

٣٠٣

( مسألة ١٣ ) : ذكر بعض العلماء [١] الرجوع إلى الأقران مع فقد الأقارب ، ثمَّ الرجوع إلى التخيير بين الأعداد ، ولا دليل عليه [٢] ، فترجع إلى التخيير بعد فقد الأقارب.

______________________________________________________

وبالجملة : محتملات النصوص بدواً أربعة : الاكتفاء بواحدة في كل من الحيض والاستحاضة ، واعتبار الجميع في كل منهما ، واعتبار الجميع في الأول والاكتفاء بواحدة في الثاني ، وعكس ذلك. فلو رأت عشرة فاقداً لبعض وواجداً لآخر ، وعشرة فاقداً للجميع ، تكون فاقدة للتمييز على الأول لتعارض الحجتين في الأول ، وكذا على الثاني والثالث لعدم تحقق الطريق ، وعلى الرابع تكون واجدة للتمييز فتجعل ما بالصفة حيضاً والآخر استحاضة. ومقتضى الجمود على عبارة النصوص هو الثاني. ولا تبعد دعوى دلالتها ـ بقرينة الجمود على عبارة النصوص هو الثاني. ولا تبعد دعوى دلالتها ـ بقرينة الارتكاز العرفي ، واختلاف النصوص في بيان الصفات ـ على الأول. وظاهر عبارة المصنف (ره) اختيار الرابع. والثمرة بين الأول والرابع في الفرض المذكور في المتن علمية ، إذ على الأول يكون فقد التمييز فيه لتعارض الحجتين ، وعلى الرابع يكون من جهة عدم الحجة من الصفات على الاستحاضة.

[١] نسب إلى الأكثر ، وإلى المشهور ، وإلى ظاهر المتأخرين ، وعن ظاهر السرائر : الإجماع عليه.

[٢] كما اعترف به غير واحد. نعم استدل له بموافقته للاعتبار ، لغلبة لحقوق المرأة في الطبع بأقرانها. وبعموم نسائها ـ المذكور في موثق سماعة‌ (١) ـ للاقران. وبقراءة « أقرائها » في رواية زرارة‌ (٢)

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣٠٤

( مسألة ١٤ ) : المراد من الأقارب أعم من الأبويني والأبي والأمي فقط [١]. ولا يلزم في الرجوع إليهم حياتهم [٢].

( مسألة ١٥ ) : في الموارد التي تتخير بين جعل الحيض أول الشهر أو غيره ، إذا عارضها زوجها وكان مختارها منافياً لحقه وجب عليها مراعاة حقه [٣]. وكذا في الأمة مع السيد. وإذا أرادت الاحتياط الاستحبابي فمنعها زوجها أو سيدها يجب تقديم حقهما. نعم ليس لهما منعها عن الاحتياط الوجوبي [٤].

( مسألة : ١٦ ) : في كل مورد تحيضت من أخذ عادة ، أو تمييز ، أو رجوع إلى الأقارب ، أو إلى التخيير بين الأعداد المذكورة ، فتبين بعد ذلك كونه خلاف الواقع يلزم عليها التدارك [٥] بالقضاء أو الإعادة.

______________________________________________________

« أقرانها » بالنون. والجميع كما ترى. مع أنه لا يصلح لإثبات الترتيب المذكور. فتأمل جيداً.

[١] كما عن المعتبر والمنتهى والمسالك ، بل قيل : مما لا خلاف فيه. لصدق نسائها على الجميع.

[٢] كما عن المسالك ، لما سبق.

[٣] لعموم وجوب إطاعته. لكن لو اختارت عمداً عصياناً أو سهواً تعين كونها حائضا ، ووجب عليه ترتيب أحكام الحائض عليها. ولا تنافي بين حرمة الاختيار وصحته كالبيع وقت النداء. ومنه يظهر الحال فيما بعده.

[٤] لعدم وجوب الإطاعة فيما هو معصية أو بحكمها.

[٥] كما سبق في المسألة الخامسة. وله الحمد.

٣٠٥

فصل في أحكام الحائض

وهي أمور :

( أحدهما ) : يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة [١] ، كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف.

______________________________________________________

فصل في أحكام الحائض‌

[١] إجماعا ، حكاه جماعة كثيرة ، بل في المنتهى : « يحرم على الحائض الصلاة والصوم ، وهو مذهب عامة أهل الإسلام » ، وعن شرح المفاتيح : انه ضروري. ويدل عليه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب الحيض والعبادات المذكورة.

وهذا في الجملة مما لا إشكال فيه ، إنما الإشكال في أن الحرمة المذكورة ذاتية ـ كما قد يقتضيه ظاهر جملة من معاقد الإجماع المشتملة على التعبير بالحرمة ونحوها ـ أو تشريعية ، كما يقتضيه ظاهر معقد إجماع محكي المعتبر فإنه قال : « لا ينعقد للحائض صلاة ولا صوم. وعليه الإجماع » ، فإن إهمال التعرض للحرمة الذاتية شاهد بعدمها. نعم في التحرير جمع بين العبارتين فإنه قال : « يحرم على الحائض الصلاة والصوم ، ولا ينعقدان لو فعلتهما ». هذا ولا ينبغي التأمل في أن موضوع الحرمة الذاتية ـ على تقدير القول بها ـ ليس نفس الفعل الذي هو موضوع الأمر الموجه الى الطاهر إذ لا يظن الالتزام من أحد بحرمته على الحائض ، مع أنه مما لا تساعده الأدلة المساقة لإثبات الحرمة الذاتية كما سيأتي. بل موضوعها الفعل المأتي به بنحو عبادي.

وحينئذ فثمرة الخلاف المذكور أمران : أحدهما : حرمة الإتيان‌

٣٠٦

______________________________________________________

بالصلاة بداعي أنها عبادة بالذات بناء على الحرمة الذاتية ، وعدم حرمته بناء على الحرمة التشريعية ، لاختصاص التشريع بصورة قصد الأمر التشريعي غير الحاصل في الفرض. وثانيهما : حصول الاحتياط المطلق عند تردد الدم بين الحيض وغيره ، بإتيان الصلاة بداعي الأمر الاحتمالي ، بناء على الحرمة التشريعية ، لعدم التشريع حينئذ ، لمباينته للاحتياط ، وعدم حصوله بناء على الحرمة الذاتية ، لدوران الفعل بين الوجوب والحرمة ، فلا يكون كل من الفعل والترك موجباً للاحتياط المطلق ، بل موجب للاحتياط من جهة دون جهة.

لكن ترتب الثمرة الأولى موقوف على القول بالعبادة الذاتية في قبال ما يكون عبادة بالأمر ، كما لعله المشهور. ولكن المحقق في محله عدمها ، وأن الموجب لكون الفعل عبادة كونه واجدا لملاك المحبوبية ، الذي ينكشف بالأمر تارة ، وبغيره أخرى ، فالفاعل إذا فعل تلك العبادة بما أنها واجدة لملاك المحبوبية للمولى ، الراجع ذلك الى الفعل لأجل المولى ومراعاة جانبه كان متعبداً وآتياً بما هو من مظاهر عبوديته ، وإلا فلا ، ولا دخل للأمر في هذه الجهة. نعم قد يلحظ بما أنه طريق وعبرة إلى ذلك الملاك. وعليه فلا فرق في قبح التشريع عقلا وحرمته شرعاً بين القسمين ، فكما أنه لو فعل بقصد الأمر التشريعي يكون مشرّعاً وآثماً كذلك لو فعل بقصد الملاك التشريعي لما عرفت من رجوع التعبد بالأول إلى التعبد بالثاني. وعليه فلا فرق بين القولين في حرمة إتيان الحائض بالعبادة على أي النحوين المذكورين. نعم بناء على الحرمة الذاتية يكون الفعل على أي النحوين جي‌ء به مخالفة من جهتين للحرمتين معاً ، وعلى الحرمة التشريعية يكون مخالفة من جهة واحدة أعني جهة حرمة التشريع لا غير. هذا ثمَّ أنه لو قلنا بتحقق العبادة الذاتية‌

٣٠٧

______________________________________________________

امتنع النهي عنها ، لأن حسنها الذاتي مانع عن ذلك. فتنتفي الثمرة المذكورة. وأيضاً فإن القائلين بالحرمة التشريعية لا يظن منهم الالتزام بصحة العبادة الذاتية الصادرة من الحائض ، فكيف يصح جعل ذلك ثمرة للخلاف المذكور؟؟ وهل يحتمل في كلام المحقق ـ الظاهر في الحرمة التشريعية ـ أن يكون مقصوده أن لا ينعقد للحائض صلاة ولا صيام ، إذا كان مقصودها امتثال الأمر التشريعي ، وأنه إذا جاءت بالصلاة بقصد عباديتها الذاتية تصح منها وتنعقد؟؟.

وأما الثمرة الثانية فيمكن منعها من جهة أنه مع تردد الدم بين الحيض وغيره ، إذا صلت برجاء الأمر الشرعي كان قصد الصلاة عن الأمر الشرعي منوطاً بوجود الأمر واقعاً ، فمع عدمه واقعاً ـ لكونها حائضاً ـ لا تكون قاصدة للصلاة عن أمرها ، ولا متقربة إلى الله سبحانه بامتثال أمره ، فلا وجه لاحتمال المخالفة للحرمة كي لا تتمكن من الاحتياط المطلق. وإن شئت قلت : الفعل بقصد امتثال أمر الله سبحانه برجاء وجوده طاعة وانقياد له تعالى ، فيمتنع أن يكون حراماً منهياً عنه ، فان الانقياد له تعالى حسن عقلا لا يمكن أن يكون منهياً عنه ، فلا بد أن يكون تحريم العبادات على الحائض ذاتاً مختصا بالعبادات المأتي بها بداعي امتثال أمر تشريعي ، فيتحد موضوع الحرمة الذاتية مع موضوع الحرمة التشريعية.

وكيف كان : يمكن أن يستدل للحرمة الذاتية ـ مضافا إلى ظهور أكثر معاقد الإجماعات ـ كما عرفت ـ بظاهر الأخبار المشتملة على التعبير بـ « تحرم » (١)

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب الحيض حديث : ٧ وهو في كلام السائل ، وفي باب : ٣٠ من أبواب الحيض حديث : ١٤ وفي باب : ٥١ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

٣٠٨

______________________________________________________

و « لا يجوز » (١) و « لا تحل » (٢) ، بل هو ظاهر النهي بمثل : « دعي الصلاة أيام أقرائك » (٣) ‌ونحوه. وبظاهر جملة من النصوص الخاصة مثل ما ورد في أخبار الاستظهار من الأمر بالاحتياط بترك العبادة‌ (٤) ، إذ على الحرمة التشريعية يكون الاحتياط بفعلها لا بتركها.

فان قلت : تقدم أنه بناء على الحرمة الذاتية يكون كل من الفعل والترك موافقاً للاحتياط من جهة ، ومخالفاً له من أخرى ، فكيف يكون الاحتياط بالترك؟!. قلت : قد تقرر في محله أنه مع احتمال أهمية الحرمة المحتملة في الدوران بين الوجوب والحرمة يكون الاحتياط بالترك ، بل يتعين ذلك عقلا.

ومثل‌ رواية الفضل المروية عن الرضا (ع) ، المعللة نهي الحائض عن الصلاة والصيام بقوله (ع) : « لأنها في حد نجاسة ، فأحب الله أن لا يعبد إلا طاهراً » (٥) ، فإنه ظاهر في وجوب ترك العبادة في حال النجاسة. وما‌ في رواية خلف بن حماد المتقدمة في اشتباه الحيض بالعذرة : « فلتتق الله إن كان من دم الحيض ، فلتمسك عن الصلاة‌ .. إلى أن قال (ع) : وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوضأ .. » (٦). وما‌ في رواية مسعدة ابن صدقة : « إني أمر بقوم ناصبة وقد أقيمت لهم الصلاة ، وأنا على غير وضوء ، فان لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا ، أفأصلي معهم ثمَّ أتوضأ إذا انصرفت وأصلي؟ فقال جعفر بن محمد (ع) : أفما‌

__________________

(١) لم نقف على هذا التعبير في النصوص‌

(٢) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ٨ و ١٠ و ١٢‌

(٥) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٦) الوسائل باب : ٢ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣٠٩

______________________________________________________

يخاف من يصلي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا » (١) وبأن موضوع الحرمة التشريعية التشريع القلبي لا العمل الجوارحي ، وظاهر النصوص كون موضوع الحرمة هو الثاني.

ويمكن الخدش فيما ذكر فان التعبير في أكثر معاقد الإجماع لا يأبى الحمل على الحرمة التشريعية ، كما هو كذلك في بيانهم لسائر المحرمات البدعية مثل صوم الوصال ونحوه. فلاحظ. مع ما عرفت من أنه معارض بظاهر بعض معاقد الإجماع ، للعلم باتحاد مراد الجميع ، وحمل الأول على الثاني أسهل من العكس.

ومنه يظهر حال ظاهر النصوص. ودعوى : أن ظاهرها كون موضوع الحرمة الصلاة مثلا بعنوانها الخاص لا بعنوان البدعة. مندفعة بعدم بلوغ الظهور المذكور حد الاعتناء به ، بحيث يكون حجة على الحرمة الذاتية ، فإن النهي عن الصلاة للحائض وإن كان بمقتضى الجمود عليه دالا على حرمة الصلاة من حيث كونها صلاة لا من حيث كونها بدعة ، لكن إذا ثبت من الخارج تحريم الصلاة لكونها بدعة كان صالحاً لصرف النهي إلى كونه من حيث البدعة ، نظير ما لو ورد النهي عن الخمر ، والنهي عن شرب المسكر ، فإنه لا يلتزم بتحريم الخمر لذاتها ولكونها مسكرا ، أو ورد النهي عن السم وعن شرب المضر ، فإنه لا يلتزم بحرمة شرب السم من وجهين فلاحظ.

وأما ما اشتمل على التعبير بالاحتياط ، فلأجل أنه لا يمكن الأخذ بظاهره ـ من الاحتياط المطلق ـ ، دار الأمر بين الحمل على الاحتياط من جهة ـ كما تقدم في الاستدلال ـ وبين حمله على الاحتياط بلحاظ بعض الأحكام ، مثل الوطء ودخول المساجد وقراءة العزائم ، وليس الأول أولى‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب الوضوء حديث : ١‌

٣١٠

______________________________________________________

من الثاني ، بل الذي يظهر من‌ موثقة البصري : « عن المستحاضة أيطؤها زوجها ، وهل تطوف بالبيت؟ قال (ع) : تقعد أيام أقرائها التي كانت تحيض فيه ، فان كان قرؤها مستقيماً فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين » (١) هو الثاني. مع أن دعوى ، كون الحرمة المحتملة أهم ، غريبة ، لأن الظاهر أن ترك الصلاة من أعظم الكبائر. ويحتمل كون وجه التعبير بالاحتياط أنه الموافق للاستصحاب ، وقاعدة الإمكان. فتأمل.

ولعل الظاهر من رواية العلل‌ (٢) كون المراد : أحب الله أن يعبد في حال الطهارة ، لا أنه كره أن يعبد في غير حال الطهارة وإلا لدل على عدم فائدة وخصوصية للطهارة وهو بعيد. ولمثل هذا النحو من التعبير نظائر كثيرة. وأما رواية خلف‌ (٣) فالظاهر أن الأمر بالاتقاء إنما هو بمعنى وجوب الفحص ، ولذا قدمه على الشرطية الاولى ، ويشهد به تأخير الأمر به عن الشرطية الثانية. وأما رواية مسعدة‌ ، فلا يظن إمكان الالتزام بها في موردها ، فإن أدلة التقية مقدمة على غيرها من الأدلة ، مهما كان لموردها من الأهمية. والتشريع وإن كان جنانياً إلا أن الجري عليه محرم أيضاً شرعاً ، كما يفهم مما ورد في البدعيات بل لعله محرم عقلا. بل لعله أقبح في نظر العقل من التشريع القلبي.

ومما ذكرنا في منع الثمرة الثانية تعرف الإشكال في دفع الحرمة الذاتية بدعوى : الاتفاق على إمكان الاحتياط المطلق للمضطربة ، كما في كلام شيخنا الأعظم (ره) وغيره. إذ قد عرفت أن إمكان الاحتياط التام لا ينافي احتمال الحرمة الذاتية. اللهم إلا أن يكون القائل بالحرمة الذاتية يلتزم بها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ٨‌

(٢) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣١١

( الثاني ) : يحرم عليها مس اسم الله [١] وصفاته الخاصة ، بل غيرها أيضاً إذا كان المراد بها هو الله ، وكذا مس أسماء الأنبياء والأئمة [٢] على الأحوط. وكذا مس كتابة القرآن [٣]

______________________________________________________

وإن أنيط التعبد بالأمر الواقعي الشرعي. ولكنه لا يظن منه ذلك ، ولا مما تساعده عليه الأدلة. فتأمل جيداً. والله سبحانه أعلم.

[١] كما عن جماعة ، منهم : العلامة والشهيدان والمحقق الثاني في جملة من كتبهم. ولم يتعرض له كثير ، وكأنه لعدم الدليل عليه ، إذ لا دليل على وجوب التعظيم بنحو ينافي المس ، ولا على مشاركة الحيض للجنابة في أحكامها ليتعدى منها اليه. وظهور الاتفاق عليه لو سلم لا يصلح لإثباته. وخبر سعيد بن يسار الوارد في المرأة ترى الدم وهي جنب ، من قوله (ع) : « وقد أتاها ما هو أعظم من ذلك » (١) ـ مع أنه ضعيف السند ـ غير ظاهر فيما نحن فيه. وما‌ في صحيح ابن فرقد في التعويذ : « تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها » (٢) مما لا يمكن الالتزام بعمومه الناشئ من ترك الاستفصال ، فيجب حمله على تعويذ بعينه ، وإجماله حينئذ ظاهر. والتعدي. من مس المصحف الى المقام للفحوى لا يخلو من تأمل. فالحكم إذاً لا يخلو من إشكال ، لو لا موافقته لمرتكزات المتشرعة وكونه مظنة الإجماع. فتأمل.

[٢] الدليل عليه غير ظاهر ، كما تقدم في الجنابة. بل هنا أخفى ، لقلة المتعرضين له.

[٣] إجماعا صريحاً وظاهراً ، حكاه جماعة كثيرة ، ولم ينسب الخلاف‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٢) الوسائل باب : ٣٧ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣١٢

على التفصيل الذي مر في الوضوء‌ ( الثالث ) : قراءة آيات السجدة [١] ، بل سورها على الأحوط‌ ( الرابع ) : اللبث في المساجد [٢] ( الخامس ) : وضع شي‌ء فيها إذا استلزم الدخول [٣] ( السادس ) : الاجتياز من المسجدين [٤] والمشاهد المشرفة كسائر المساجد [٥]

______________________________________________________

فيه إلا الى ظاهر الكاتب ، وهذا هو العمدة في إثباته. مضافا إلى ما تقدم في الوضوء على نحو ما سبق في الجنابة.

[١] إجماعا محكياً متجاوزاً حد الاستفاضة. مضافا الى النصوص المتقدمة في الجنابة. كما تقدم الكلام أيضاً في اختصاص التحريم بها وعمومه للسورة.

[٢] لما تقدم في الجنابة ، لاتحاد الدليل في البابين. وكذا الحال في وضع شي‌ء فيها.

[٣] قد عرفت وجهه فيما تقدم في الجنابة ، وعرفت التأمل فيما في المتن هناك من حرمته مطلقاً. مع أنه لا يظهر وجه للفرق بين الحائض والجنب ، لاتحاد الدليل في البابين.

[٤] كما نسب إلى الأصحاب ، بل عن بعض : دعوى الإجماع عليه.

ويشهد به ما‌ في حسن محمد بن مسلم : « ولا يقربان المسجدين الحرمين » (١) وقد يشير إليه أيضاً ما في ذيل المرفوع عن أبي حمزة المروي عن الكافي‌ (٢) وبه يظهر ضعف ما عن جماعة من القدماء والمتأخرين من إطلاق جواز الجواز في المساجد.

[٥] تقدم الاشكال فيه في الجنابة. وعلى تقدير ثبوته هناك فالتعدي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الجنابة حديث : ١٧‌

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الجنابة حديث : ٣‌

٣١٣

دون الرواق [١] منها ، وإن كان الأحوط إلحاقه بها. هذا مع عدم لزوم الهتك ، وإلا حرم [٢]. وإذا حاضت في المسجدين تتيمم وتخرج [٣] إلا إذا كان زمان الخروج أقل من زمان التيمم أو مساوياً.

( مسألة ١ ) : إذا حاضت في أثناء الصلاة ولو قبل السلام بطلت [٤] ، وإن شكت في ذلك صحت [٥] ، فان تبين بعد ذلك ينكشف بطلانها. ولا يجب عليها الفحص [٦] وكذا الكلام في سائر مبطلات الصلاة.

( مسألة ٢ ) : يجوز للحائض سجدة الشكر [٧] ،

______________________________________________________

منه إلى المقام موقوف على مشاركة الحيض للجنابة في الأحكام ، من إجماع أو غيره ، كما تقدم في حرمة مس اسم الله تعالى.

[١] إذ لا يصدق على الدخول فيه أنه دخول بيت النبي (ص) أو الإمام (ع) الذي هو موضوع نصوص التحريم ، على تقدير القول به في الجنابة.

[٢] لحرمة هتكها قطعاً ، بل هو في مرتكزات المتشرعة من أعظم المنكرات.

[٣] كما تقدم التعرض له بالخصوص في مبحث الجنابة.

[٤] لما سيأتي إن شاء الله في محله من قاطعية الحدث.

[٥] لاستصحاب الطهارة ، أو لقاعدة الفراغ.

[٦] لما حرر في محله من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية كما يقتضيه إطلاق أدلة الأصول.

[٧] بلا خلاف ظاهر ، وإن كان مقتضى ما عن الشيخ ـ من الاستدلال‌

٣١٤

ويجب عليها سجدة التلاوة إذا استمعت [١]. بل أو سمعت [٢]

______________________________________________________

على حرمة سجود التلاوة بعدم جواز السجود لغير الطاهر اتفاقاً ـ الحرمة هنا أيضاً ، إلا أني لم أعثر على قائل بها ، وذلك مما يوهن الاستدلال المذكور. مضافاً إلى وهنه في نفسه. وكيف كان فيدل على الجواز إطلاق أدلة المشروعية.

[١] كما عن السرائر والمختلف وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والمسالك وغيرها ، لمصحح ابن سنان : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل سمع السجدة تقرأ. قال (ع) : لا يسجد إلا أن يكون منصتاً لقراءته مستمعاً لها .. » (١) ، وبضميمة قاعدة الاشتراك يثبت الحكم في المرأة وإن كانت حائضاً ، مع عدم المعارض له ، لاختصاص ما يتوهم معارضته له من مصحح البصري‌ وخبر غياث‌ الآتيين بصورة السماع الذي هو غير محل الكلام ، وقد عرفت حال دعوى عدم جواز السجود لغير الطاهر. ومن هذا يظهر لك ضعف ما عن المقنعة والانتصار والتهذيب والوسيلة من الحرمة. ومثله ما عن الاستبصار والجامع من القول بالاستحباب.

[٢] كما عن السرائر وغيرها مما تقدم آنفاً ، لإطلاق أدلة وجوبها على السامع. مضافاً إلى‌ صحيح الحذاء : « سألت أبا جعفر (ع) عن الطامث تسمع السجدة. فقال (ع) : إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها » (٢) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « إذا قرئ بشي‌ء من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد ، وإن كنت على غير وضوء ، وإن كنت جنباً ، وإن كانت المرأة لا تصلي ، وسائر القرآن أنت بالخيار ، إن شئت‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٣ من أبواب قراءة القرآن حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣١٥

آيتها ويجوز لها اجتياز غير المسجدين [١] ،

______________________________________________________

سجدت ، وإن شئت لم تسجد » (١) ، وموثقه عنه (ع) : « والحائض تسجد إذا سمعت السجدة » (٢). نعم يعارضها‌ مصحح البصري : « عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال (ع) : لا تقرأ ولا تسجد » (٣) ، وموثق غياث عن جعفر عن أبيه (ع) عن علي (ع) : « لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت السجدة » (٤) ولأجلهما قال بالتحريم هنا من لم يقل به في الاستماع. لكن فيه : انه يتوقف على عدم إمكان الجمع بينهما وبين ما سبق ، مع رجحانهما عليه ، وكلاهما غير ظاهر ، لإمكان الجمع بحملهما على غير العزائم ، لاختصاص الأولين بها ، فيتعين القول بالوجوب ، أو بحملهما على نفي الوجوب ويحمل الأولان على الاستحباب ، فيتعين القول به. ولو سلم التعارض فالترجيح مع الأول لأنها أصح سنداً ، وأكثر عدداً ، وموافقة لعموم ما دل على وجوب السجود مع السماع مطلقاً ، ومخالفة لأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأكثر الجمهور على ما حكي ، فالقول بالتحريم ضعيف جداً ، بل يدور الأمرين بين القول بالوجوب والقول بالاستحباب المبنيين على الجمعين المذكورين ، والأول أوفق بقواعد الجمع فهو المتعين. فتأمل. هذا كله بناء على وجوب السجود عند السماع ـ كما هو المشهور ـ وإلا فلا مجال للقول به هنا بل يتعين الجمع الثاني والكلام في ذلك موكول الى محله في مباحث سجود الصلاة.

[١] على المشهور ، وعن المعتبر : دعوى الاتفاق عليه. وفي صحيح‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٢) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٣) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

(٤) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب الحيض حديث : ٥‌

٣١٦

لكن يكره [١] وكذا يجوز لها اجتياز سائر المشاهد المشرفة [٢].

( مسألة ٣ ) : لا يجوز لها دخول المساجد بغير الاجتياز [٣] ، بل معه أيضاً في صورة استلزامه تلويثها [٤] ( السابع ) : وطؤها في القبل [٥] حتى بإدخال الحشفة [٦]

______________________________________________________

زرارة ومحمد : « الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين » (١) ومنه يظهر ضعف ما عن المقنع والفقيه والجمل وغيرها من إطلاق المنع عن الدخول.

[١] كما عن جماعة من الأجلاء ، بل عن بعض : دعوى الإجماع عليه ، وفي خبر الدعائم : « ولا يقربن مسجداً ولا يقرأن قرآناً » (٢) ، وهذا كاف بناء على التسامح.

[٢] لما تقدم من أنها بحكم سائر المساجد. لكن أشرنا في مبحث الجنابة إلى أنه على تقدير تمامية دليلية النصوص على إلحاق المشاهد بالمساجد فالمستفاد منها إلحاقها بالمسجدين ، لظهورها في المنع من الدخول.

[٣] لما تقدم في الجنب ، لاتحاد الدليل في البابين.

[٤] فيحرم لحرمة ما يترتب عليه.

[٥] إجماعا من العلماء ، أو من علماء الإسلام ، حكاه جماعة كثيرة ، بل في كلام جماعة : انه من ضروريات الإسلام ، ويدل عليه الكتاب المجيد والسنة المتجاوزة حد التواتر.

[٦] كما يقتضيه إطلاق الأدلة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الجنابة حديث : ١٠‌

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

٣١٧

من غير إنزال ، بل بعضها [١] على الأحوط. ويحرم عليها أيضاً [٢] ويجوز الاستمتاع بغير الوطء من التقبيل والتفخيذ والضم [٣].

______________________________________________________

[١] كما عن ظاهر كشف الغطاء ، لما في بعض النصوص من النهي عن الإيقاب‌ (١) ، والأمر باتقاء موضع الدم‌ (٢) ، واجتنابه‌ (٣) ، ونحو ذلك مما يقتضي إطلاقه المنع من إدخال بعض الحشفة أيضاً ، واعتبار التقاء الختانين في وجوب الغسل للجنابة لا يوجب تقييد ما ذكر.

[٢] كما صرح به في الجواهر وغيرها ، وعن الغنية : الإجماع عليه. واستدل له بحرمة المعاونة على الإثم ، ومقتضاه جواز تمكينه مع العذر لجهل أو غفلة أو نوم أو نحوها ، كما احتمله بعض. ولكن يدل عليه‌ خبر محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « سألته عن الرجل يطلق امرأته متى تبين منه؟ قال (ع) : حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة تملك نفسها. قلت : فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال (ع) : نعم ، ولكن لا تمكن من نفسها حتى تطهر من الدم » (٤). وربما يستفاد من غيره بعد سبر النصوص ولا سيما بملاحظة مرتكزات المتشرعة ، فإن بناءهم على حرمته عليها ذاتاً لا من باب المعاونة.

[٣] أما التقبيل والضم ونحوهما من الاستمتاع بما فوق السرة ودون الركبة فلا إشكال فيه ، بل عليه الإجماع المستفيض النقل ، وعن جماعة دعواه من علماء المسلمين. ويدل عليه ما سيأتي من النصوص. وأما التفخيذ ونحوه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٨‌

(٢) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٥‌

(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٦‌

(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب العدد حديث : ١‌

٣١٨

______________________________________________________

من الاستمتاع بما بين السرة والركبة حتى الوطء في الدبر فالمشهور فيها ذلك أيضاً ، بل عن ظاهر مجمع البيان والتبيان الإجماع عليه. ويدل عليه ما‌ في حسن عبد الملك بن عمرو. « سألت أبا عبد الله (ع) : ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ فقال (ع) : كل شي‌ء ما عدا القبل منها بعينه » (١) ، وفي روايته الأخرى : « كل شي‌ء غير الفرج » (٢) ، وفي موثق معاوية ابن عمار عن أبي عبد الله (ع) : « ما دون الفرج » (٣) ، ونحوه ما في خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) (٤) ، وفي مرسل ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) : « حيث شاء ما اتقى موضع الدم » (٥) وفي موثق هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يأتي المرأة فيما دون الفرج وهي حائض. قال (ع) : لا بأس إذا اجتنب بذلك الموضع » (٦) وفي خبر عمر بن حنظلة عنه (ع) : « ما بين الفخذين » (٧) وفي حسن عمر بن يزيد عنه (ع) : « ما بين إليتيها ولا يوقب » (٨).

ومن ذلك يظهر ضعف ما عن السيد (ره) في شرح الرسالة من تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة ، وعن الأردبيلي الميل اليه. لصحيح الحلبي : « انه سأل أبا عبد الله (ع) عن الحائض وما يحل لزوجها منها قال (ع) : تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثمَّ له ما فوق الإزار » (٩)

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٤) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٥) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٥‌

(٦) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٦‌

(٧) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٧‌

(٨) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الحيض حديث : ٨‌

(٩) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٣١٩

نعم يكره الاستمتاع بما بين السرة والركبة منها بالمباشرة [١] ، وأما فوق اللباس فلا بأس [٢]. وأما الوطء في دبرها فجوازه محل إشكال [٣] ، وإذا خرج دمها من غير الفرج فوجوب الاجتناب عنه [٤] غير معلوم ، بل الأقوى عدمه [٥] إذا كان من غير الدبر. نعم لا يجوز الوطء في فرجها [٦] الخالي عن الدم حينئذ.

______________________________________________________

ونحوه خبر أبي بصير‌ (١) ، فان الجمع العرفي بين النصوص بالحمل على الكراهة ممكن فيتعين.

[١] تقدم وجهه.

[٢] كما يظهر من نصوص الكراهة.

[٣] لاحتمال دخول الدبر في الفرج المستثنى في النصوص المتقدمة ، بل لعل المنع عنه ظاهر حسن عمر بن يزيد‌. لكنه ضعيف ، للتنصيص على تحليل ما عدا القبل ، وموضع الدم ، وذلك الموضع ، وهو مقدم على إطلاق الفرج لو سلم وهكذا إطلاق‌ قوله (ع) : « لا يوقب » في الحسن لو تمَّ فالمتعين الجواز بناء على جوازه في الطاهر كما هو المشهور.

[٤] يعني عن مخرج الدم.

[٥] لما عرفت من النصوص الدالة على حلية ما عدا القبل ، فإطلاقها محكم. وموضع الدم في مرسل ابن بكير‌ يراد به الفرج ، فهو مرآة إليه لا عنوان لموضوع الحكم. فالتوقف فيه ـ كما في نجاة العباد ـ تورع عن الفتوى ، وإلا فهو ضعيف.

[٦] لإطلاق الأدلة. والتوقف فيه. كما في نجاة العبادة ـ أضعف مما سبق.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

٣٢٠