مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٩٩

( مسألة ٤ ) : إذا أخبرت بأنها حائض يسمع منها [١]

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ولا إشكال ، كما استظهره في الحدائق وجزم به في غيرها ، بل قيل : إنه مجمع عليه مع عدم التهمة. ويدل عليه‌ صحيح زرارة : « العدة والحيض إلى النساء » (١) ، و‌في رواية الكليني زيادة « إذا ادعت صدقت » (٢) مؤيداً أو معتضداً بقوله تعالى ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٣) وبأنه. مما لا يعلم إلا من قبلها وأنه مما يتعسر إقامة البينة عليه غالباً. والعمدة الصحيح. مضافاً الى ما يستفاد من النص والسيرة من قبول إخبار ذي اليد عما في يده ، إذ قبول اخباره عما في نفسه بطريق أولى ، بل السيرة دالة عليه بنفسها.

ومقتضى إطلاق الصحيح عدم الفرق بين الاتهام لها وعدمه ، وعن التذكرة وجامع المقاصد والروض : تقييد القبول بعدم الاتهام ، وكأنه‌ لرواية السكوني : « أن أمير المؤمنين (ع) قال في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض ، فقال (ع) : كلفوا نسوة من بطانتها أن حيضها كان فيما مضى على ما ادعت ، فان شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة » (٤) وقريب منها مرسل الصدوق‌ (٥). لكن موردهما الدعوى البعيدة عن المتعارف جداً وبينهما وبين الدعوى مع الاتهام عموم من وجه. اللهم إلا أن يكون الحكم فيهما بذلك من جهة الاتهام. وكيف كان فهما من حيث السند يصلحان لتقييد ما سبق جمعاً بين المطلق والمقيد. وقد تقدم أيضاً في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٢) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٣) البقرة : ٢٢٨‌

(٤) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٥) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب الحيض ملحق حديث : ٢‌

٣٢١

كما لو أخبرت بأنها طاهر [١].

( مسألة ٥ ) : لا فرق في حرمة وطء الحائض بين الزوجة الدائمة والمتعة والحرة والأمة والأجنبية والمملوكة [٢] كما لا فرق بين أن يكون الحيض قطعياً وجدانياً أو كان بالرجوع الى التمييز أو نحوه [٣]. بل يحرم أيضاً في زمان الاستظهار إذا تحيضت.

______________________________________________________

مباحث النجاسات أن حجية قول ذي اليد تختص بما إذا لم يكن شي‌ء يوجب اتهامه ، وإلا فقوله أيضاً حينئذ ليس بحجة. فراجع.

[١] والظاهر أنه لا خلاف فيه أيضاً. للروايتين السابقتين ، لأن الظاهر من الرجوع إليهن في الحيض الرجوع في الوجود والعدم ، لا خصوص الوجود. وكذلك ما دل على حجية إخبار ذي اليد. ومنه يظهر ضعف ما عن بعض من التوقف في صورة التهمة مع سبق الحيض ، للاستصحاب مع عدم القطع بالمزيل. انتهى. فان الدليل المذكور إذا دل على حجية قولها في الطهر حصل القطع بالمزيل تعبداً ، وهو كالمزيل حقيقة.

[٢] بلا خلاف ظاهر. ويدل عليه إطلاق أدلة المنع من الكتاب والسنة والإجماع.

[٣] لأن التمييز والعادة وغيرهما مما كان طريقاً اليه شرعاً يوجب تنجز الحرمة الواقعية على تقدير ثبوتها ، فيجب الاجتناب عقلا حينئذ ، كسائر الطرق القائمة على ثبوت موضوع محرم في اقتضائها المنع عنه. وأما التحيض بالعدد المروي في المضطربة فهو كذلك ، لأن الظاهر من أدلته أنها باختيارها العدد المعين تكون حائضاً تعبداً ، فيكون اختيارها بمنزلة أصل يثبت الحيضية. وكذا الحال في التحيض بقاعدة الإمكان ، وفي أيام الاستظهار فيجري عليه جميع أحكام الحيض الإلزامية وغيرها ، متعلقة بها أم بغيرها‌

٣٢٢

وإذا حاضت في حال المقاربة تجب المبادرة بالإخراج [١] ( الثامن ) : وجوب الكفارة بوطئها [٢]

______________________________________________________

وفي بعض نصوص الاستظهار تصريح بما نحن فيه. فلاحظ.

[١] كما نص عليه شيخنا الأعظم (ره). لإطلاق الأدلة.

[٢] كما عن الصدوقين والشيخين وعلم الهدى وبني حمزة وزهرة وإدريس وسعيد وغيرهم ، ونسب الى المشهور بين المتقدمين ، وعن الخلاف والانتصار والغنية والفوائد : الإجماع عليه ، للنصوص‌ كرواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع) : « في كفارة الطمث أنه يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار. قلت : فان لم يكن عنده ما يكفر؟ قال (ع) : فليتصدق على مسكين واحد وإلا استغفر الله تعالى ولا يعود ، فان الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفارة » (١) ، ومصحح ابن مسلم : « سألته عمن أتى امرأته وهي طامث. قال (ع) : يتصدق بدينار ويستغفر الله تعالى » (٢) وما‌ في خبره الآخر : « عن الرجل يأتي المرأة وهي حائض قال (ع) : « يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفي استدباره نصف دينار » (٣) وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « من أتى حائضاً فعليه نصف دينار يتصدق به » (٤) وصحيح عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل يقع على امرأته وهي حائض ، ما عليه؟ قال (ع) : يتصدق على مسكين بقدر شبعه » (٥) ، ومرسل القمي في تفسيره قال الصادق (ع) :

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب بقية الحدود حديث : ١‌

(٤) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

(٥) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٥‌

٣٢٣

______________________________________________________

« من أتى امرأته في الفرج في أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار ، وعليه ربع حد الزاني خمس وعشرون جلدة ، وإن أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار ، ويضرب اثنتي عشرة جلدة ونصفاً » (١).

لكنها مع قصور دلالة بعضها ـ كرواية داود‌ ـ فإن الكفارة أعم من الواجبة ، وليس الكلام وارداً لبيان وجوبها. ومع اختلافها بنحو يصعب الجمع بينها معارضة‌ بصحيح العيص « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل واقع امرأته وهي طامث. قال (ع) : لا يلتمس فعل ذلك ، قد نهى الله تعالى أن يقربها. قلت : فان فعل ذلك أعليه كفارة؟ قال (ع) : لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله » (٢) وموثق زرارة عن أحدهما (ع) : « عن الحائض يأتيها زوجها. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء يستغفر الله ولا يعود » (٣) وموثق ليث : « سألت أبا عبد الله (ع) عن وقوع الرجل على امرأته وهي طامث خطأ. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء وقد عصى ربه » (٤) فان المراد من الخطأ ـ بقرينة قوله (ع) : « وقد عصى .. » ـ الخطيئة ، واستبعاد ذلك في الجواهر ضعيف. ومثله طعنه في الصحيح والموثق الآخرين بمخالفتهما للإجماعات التي هي بمنزلة الاخبار الصحيحة ، وللأخبار ، وموافقتهما لفتوى الشافعي في الجديد ، ومالك وأبي حنيفة وأصحابه وغيرهم. وجه الضعف : أن الإجماعات ليست حجة فضلا عن أن تكون بمنزلة الاخبار الصحيحة. والموافقة للعامة على تقدير تماميتها في المقام لا أثر لها مع إمكان الجمع العرفي ولذا كان خيرة النهاية ونكاح المبسوط وجملة من كتب الفاضلين والشهيدين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٦‌

(٢) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٣) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٤) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

٣٢٤

وهي دينار في أول الحيض [١] ، ونصفه في وسطه ، وربعه في آخره ، إذا كانت زوجة [٢] ، من غير فرق بين الحرة‌

______________________________________________________

والمحقق الثاني وغيرهم ـ على ما حكي عنهم ـ الاستحباب ، واختاره في الوسائل ، وجعله شيخنا الأعظم (ره) الأقوى ، جمعاً بين النصوص بالحمل على ذلك. وهو في محله. وحمل نصوص النفي على نفي غير الكفارة لا يقبله المتفاهم العرفي.

[١] كما هو المشهور ـ كما عن جماعة ـ بل عليه الإجماع عن الانتصار والخلاف والغنية والمعتبر والمنتهى. ويدل عليه رواية داود بن فرقد‌ ، ومرسل المقنع‌ (١) ، وكذا مصحح ابن مسلم بعد حمله على أول الحيض‌ ، وموثق أبي بصير‌ بعد حمله على وسطه. ولا يعارضها صحيح الحلبي المتقدم‌ ، لحمله على صورة تعذر الدينار أو تعسره ، وبقرينة ما في رواية ابن فرقد‌. لكن ظاهر المقنع‌ (٢) الاعتماد عليه ، لأنه ذكر مضمونه لا غير. وكأنه لترجيحه على غيره ، بناء منه على تعذر الجمع العرفي.

نعم يعارضها‌ حسن الحلبي : « سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل واقع امرأته وهي حائض. فقال (ع) : إن كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر الله ، ويتصدق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كل نفر منهم ليومه ولا يعد .. » (٣).كما يعارضها أيضاً مرسل القمي. لكن لم يعرف القائل بهما. وفي كشف اللثام : حمل الأول على كون قوت السبعة قيمة الدينار. وهو بعيد.

[٢] هذا هو المتيقن من النصوص. وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٧‌

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٣) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب الكفارات حديث : ٢‌

٣٢٥

والأمة والدائمة والمنقطعة. وإذا كانت مملوكة للواطئ فكفارته ثلاثة أمداد من طعام [١] ، يتصدق بها على ثلاثة مساكين‌

______________________________________________________

الأقسام المذكورة في المتن.

[١] كما عن الفقيه والمقنعة والانتصار والنهاية والسرائر وغيرها ، وعن السرائر : نفي الخلاف فيه ، وعن الانتصار : الإجماع عليه. وظاهرهم الوجوب ودليله غير ظاهر ، وفي الروض قال : « والمستند رواية لا تنهض بصحة المدعى ». نعم‌ في الرضوي : « وإن جامعت أمتك وهي حائض فعليك أن تتصدق بثلاثة أمداد من طعام » (١). لكن مجرد الموافقة لفتواهم غير كافية في جبره. ولذلك اختار في المعتبر والمنتهى وجامع المقاصد الاستحباب. وهو في محله ـ بناء على قاعدة التسامح ـ بعد قيام الإجماع على انتفاء الكفارة بالدينار ونصفه وربعه. ولحسن عبد الملك بن عمرو : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أتى جاريته وهي طامث. قال (ع) : يستغفر الله تعالى ربه. قال عبد الملك : فان الناس يقولون : عليه نصف دينار أو دينار ، فقال أبو عبد الله (ع) : فليتصدق على عشرة مساكين » (٢) ودلالته على انتفاء وجوب الكفارة في الأمة ظاهرة. وما في ذيله محمول على أفضل الفردين جمعاً بينه وبين ما سبق. قال في كشف اللثام : « ومن الغريب استدلال السيد عليه مع الإجماع بأن الصدقة بر وقربة وطاعة لله تعالى فهي داخلة تحت قوله تعالى ( افْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٣) وأمره بالطاعة فيما لا يحصى من الكتاب ، وظاهر الأمر الإيجاب ، فيقتضي وجوب هذه الصدقة وإنما خرج ما خرج عن هذه الظواهر بدليل ، ولا دليل على الخروج هنا.

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٢٣ من أبواب أحكام الحيض حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٣) الحج : ٧٧‌

٣٢٦

لكل مسكين مد [١] من غير فرق بين كونها قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد [٢] ، نعم في المبعضة والمشتركة والمزوجة والمحللة إذا وطئها مالكها إشكال [٣] ، ولا يبعد إلحاقها بالزوجة في لزوم الدينار أو نصفه أو ربعه. والأحوط الجمع بين الدينار والأمداد. ولا كفارة على المرأة [٤] وإن كانت مطاوعة. ويشترط في وجوبها العلم والعمد والبلوغ والعقل ،

______________________________________________________

وهو صريح في الوجوب كظاهر الأكثر ». وجه الاستغراب : أن العمومات المذكورة لا ريب أنها للاستحباب. ولو سلم أنها للوجوب فلا تدل على التخصيص بما ذكر.

[١] للإجماع المحكي ، وإن كان الرضوي‌ خالياً عن هذا التقييد. وأما حسن عبد الملك‌ فالظاهر منه كون الصدقة بعشرة أمداد.

[٢] لإطلاق الفتوى والدليل.

[٣] وجه الاشكال : عدم الدليل فيها بالخصوص ، فيكون المرجع فيها الأصل ، وإمكان استفادة حكمها من عموم ما دل على أن كفارة الطمث الدينار ونصفه وربعه ، خرج منه الأمة الموطوءة لمالكها حلالا ، فيبقى غيرها داخلا في العموم. هذا ولا يبعد إلحاق الأخيرتين بالأمة ، لإطلاق دليلها الشامل للأمة ، وانصرافه عنها بدوي. وإلحاق الأولتين بالزوجة ، لما عرفت وسيأتي.

[٤] بلا خلاف ظاهر. لاختصاص النصوص بالرجل الواطئ ، والأصل في المرأة يقتضي العدم ، وظاهر المنتهى : الإجماع عليه منا ، وفي الروض ، الإجماع عليه.

٣٢٧

فلا كفارة على الصبي ولا المجنون [١] ولا الناسي ولا الجاهل بكونها في الحيض [٢] ، بل إذا كان جاهلا بالحكم أيضاً [٣] وهو الحرمة وإن كان أحوط. نعم مع الجهل بوجوب الكفارة بعد العلم بالحرمة لا إشكال في الثبوت [٤].

( مسألة ٦ ) : المراد بأول الحيض ثلثة الأول ، وبوسطه ثلثة الثاني [٥] ، وبآخره الثلث الأخير ، فإن كان أيام حيضها ستة فكل ثلث يومان ، وان كانت سبعة فكل ثلث يومان وثلث يوم ، وهكذا.

______________________________________________________

[١] لاختصاص الأدلة بصورة المعصية المنتفية بالنسبة إليهما ، لانتفاء التكليف ، لحديث رفع القلم (١) وغيره.

[٢] لأن النسيان والجهل عذران في مخالفة التكليف ، فيمنعان عن تحقق المعصية.

[٣] كما هو ظاهر جماعة ، حيث اشترطوا في وجوب الكفارة العمد والعلم ، منهم : الشيخ في الخلاف ، والمحقق في الشرائع ، والعلامة في جملة من كتبه ، والشهيد في الذكرى ، وعن ظاهر الأول : نفي الخلاف فيه. وهو في محله إذا كان مع العذر ، أما مع عدمه لكونه عن تقصير فإطلاق الأدلة يقتضي ثبوت الكفارة معه ، لتحقق المعصية حينئذ.

[٤] لإطلاق الأدلة.

[٥] كما هو المصرح به في كلام جماعة ، وظاهر المشهور. وعن المراسم : « ان الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة » ولازمه أنه إذا كان دمها أربعة أيام فليس هناك وسط ولا آخر ، وأنه إذا كان سبعة فليس له آخر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١‌

٣٢٨

( مسألة ٧ ) : وجوب الكفارة في الوطء في دبر الحائض غير معلوم [١] لكنه أحوط.

( مسألة ٨ ) : إذا زنى بحائض أو وطئها شبهة فالأحوط التكفير ، بل لا يخلو عن قوة [٢].

( مسألة ٩ ) : إذا خرج حيضها من غير الفرج فوطئها في الفرج الخالي من الدم فالظاهر وجوب الكفارة ،

______________________________________________________

وعن الراوندي : « ان التثليث بلحاظ أكثر الحيض ، فذات الثلاثة ليس لحيضها وسط ولا آخر ، وذات الستة ليس لحيضها آخر ». ولكنهما ضعيفان لمخالفتهما لظاهر النصوص.

[١] لابتنائه على حرمة وطئها في الدبر ، وقد تقدم منه الاشكال فيه. لكن عرفت أن الحيض لا يمنع من وطئها فيه إذا كان يجوز ذلك حال الطهر فلا كفارة عليه.

[٢] كما اختاره في الذكرى والمنتهى ، قال في الأول : « لا فرق بين الزوجة والأجنبية ، لإطلاق بعض النصوص » ، ونحوه في الثاني. وفي جامع المقاصد : « لو وطئ الأجنبية في الحيض زانياً أو لشبهة ، فهل تترتب عليه الكفارة وجوبا أو استحبابا أم لا؟ وجهان ، منشؤهما عدم النص ، وكونه أفحش فيناسبه التغليظ بطريق أولى. وبه صرح في الذكرى ، والمصنف (ره) في المنتهى. واحتج له‌ برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « من أتى حائضاً » (١) حيث علق الحكم على المطلق من غير تقييد فكان كالعام. انتهى. وظاهره الميل إلى الإلحاق ، وهو في محله. للنص لا للأولوية فإنها ممنوعة. ودعوى انصراف النص إلى الزوجة ممنوعة. بل يمكن دعوى ظهور غير ما ذكر في العموم ، وان كان مورده الزوجة ، لكن الخصوصية ملغاة بقرينة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

٣٢٩

بخلاف وطئها في محل الخروج [١].

( مسألة ١٠ ) : لا فرق في وجوب الكفارة بين كون المرأة حية أو ميتة [٢].

( مسألة ١١ ) : إدخال بعض الحشفة كاف في ثبوت الكفارة على الأحوط [٣].

( مسألة ١٢ ) : إذا وطئها بتخيل أنها أمته فبانت زوجته ، عليه كفارة دينار ، وبالعكس كفارة الأمداد. كما أنه إذا اعتقاد كونها في أول الحيض فبان الوسط أو الآخر أو العكس فالمناط الواقع [٤].

______________________________________________________

مناسبة الحكم والموضوع. ومن ذلك يظهر ضعف التردد في الإلحاق ـ كما في الروض ـ فضلا عن الجزم بعدمه.

[١] لما تقدم من حرمة الوطء في الأول دون الثاني ، والكفارة تابعة للحرمة وجوداً وعدما.

[٢] لاستصحاب حرمة الوطء الى حال الموت ، لبقاء الموضوع عرفا فاذا ثبتت الحرمة ثبتت الكفارة لأنها تابعة لها. اللهم إلا أن يقال : ان التبعية لها في حال الحياة لا تقتضي التبعية لها في حال الممات ، وإلا بناء على الاستصحاب التعليقي ، وهو محل إشكال أشرنا إليه في مبحث العصير من مباحث النجاسات وكون حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً غير ظاهر فيما نحن فيه.

[٣] لما سبق من الاشكال فيه.

[٤] لكونه ظاهر الدليل كسائر موضوعات الاحكام ، وبه صرح في كشف الغطاء والجواهر.

٣٣٠

( مسألة ١٣ ) : إذا وطئها بتخيل أنها في الحيض فبان الخلاف لا شي‌ء عليه [١].

( مسألة ١٤ ) : لا تسقط الكفارة بالعجز عنها [٢] ، فمتى تيسرت وجبت. والأحوط الاستغفار [٣] مع العجز بدلا عنها ما دام العجز.

( مسألة ١٥ ) : إذا اتفق حيضها حال المقاربة وتعمد في عدم الإخراج وجبت الكفارة [٤].

( مسألة ١٦ ) : إذا أخبرت بالحيض أو عدمه يسمع قولها ، فاذا وطئها بعد إخبارها بالحيض وجبت الكفارة [٥]

______________________________________________________

[١] لانتفاء موضوع الكفارة. ولا دليل على اقتضاء التجري ثبوتها.

[٢] كما هو ظاهر كلماتهم حيث أطلقوا وجوبها بالوطء ، لكن في ذيل رواية داود‌ (١) : أنها يكفي عنها الصدقة على مسكين ، ومع العجز عنه يسقط ، ويكفي حينئذ الاستغفار. إلا أنه لضعفه وعدم الجابر له لا مجال للاعتماد عليه.

[٣] الظاهر أنه لا إشكال في وجوب الاستغفار كما في كل معصية. وأما من حيث البدلية عن الكفارة فالأحوط العمل بما في رواية داود‌ من التصدق على مسكين.

[٤] لإطلاق الدليل ، قال في الروض : « ولو اتفق الحيض في أثناء الوطء وجب التخلص في الحال ، فان استدام فكالمبتدئ ».

[٥] يعني : وجوباً ظاهرياً بمقتضى حجية قولها. نعم مع العلم بالكذب لا مجال لحجيته.

__________________

(١) تقدمت في المسألة الخامسة‌

٣٣١

إلا إذا علم كذبها ، بل لا يبعد سماع قولها في كونه أوله أو وسطه أو آخره [١].

( مسألة ١٧ ) : يجوز إعطاء قيمة الدينار [٢] ،

______________________________________________________

[١] فان الجمود على عبارة النص وإن كان يقتضي الاقتصار في الحجية على أصل الحيض لا خصوصيته ، لكن دعوى كون المفهوم عرفا منها عموم الحجية لذلك أيضاً قريبة. مضافا إلى ما عرفت من حجية أخبار ذي اليد.

[٢] كما حكاه في كشف اللثام عن الجامع ، واستظهره من المقنعة والنهاية والمراسم والمهذب والغنية. لتعذره غالباً ، ولسوقه مساق النصف والربع المراد بهما القيمة ، لظهور عدم كونهما مضروبين في زمن صدور النصوص ، لأن الدينار اسم للمسكوك من الذهب وإن كان صغيراً لو فرض وجوده. وفيه : أن التعذر في زمن الصدور ممنوع ضرورة ، والتعذر اليوم لا يصلح قرينة كما هو ظاهر. وأن عدم ضرب النصف والربع لا يوجب فهم القيمة ، لإمكان الصدقة بالكسر المشاع. فالجمود على ظاهر النص ـ كما في سائر موارد الكفارات ـ متعين ، كما عن كتب العلامة والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم من المحققين المتأخرين ، قال في جامع المقاصد : « يعتبر في الدينار كونه خالصاً من الغش مضروبا ، لأنه المتبادر من الإطلاق ، فلا يجزي التبر ولا القيمة ، لعدم تناول النص لهما ، وكما في جميع الكفارات إلا مع التعذر ». اللهم إلا أن يقال : إن الظاهر من نصف الدينار وربعه ـ بناء على عدم ضربهما كما هو الظاهر ـ هو المالية الموجودة في مطلق المسكوك ـ كما عليه بناء المعاملات اليوم ـ لا الكسر المشاع ، فيكون المراد من الدينار ذلك أيضاً ، لبعد التفكيك بين المقامين في المراد. اللهم إلا أن يقال : إذا كانت قرينة السياق مانعة من حمل الدينار على خصوص المسكوك ، يدور‌

٣٣٢

والمناط قيمة وقت الأداء [١].

______________________________________________________

الأمر بين حمله على القيمة وحمله على المقدار من الذهب ، والثاني أولى ، لأنه أقرب إلى الحقيقة وإلى الاحتفاظ بخصوصية الذهب ، فيكون هو المتعين ولذا قال في المنتهى : « لا فرق بين المضروب والتبر ، لتناول الاسم لهما .. ( الى أن قال ) : وفي إخراج القيمة نظر ، أقربه عدم الاجزاء ، لأنه كفارة فاختص ببعض أنواع المال كسائر الكفارات ». وهو في محله ، وإن كان تعليله بما ذكر موضع نظر ، كما عرفت.

ثمَّ إن الدينار وإن كان ينطبق على الصغير والكبير لكن المراد منه في المقام خصوص المثقال الشرعي ، لأنه الموجود في زمان الصدور ، بل الظاهر أنه لا خلاف في أن المراد من الدينار ما يكون وزنه مثقالا شرعياً في جميع الموارد التي ذكر فيها الدينار موضوعاً للأحكام الشرعية ، كما في باب الزكاة والديات وغيرها.

ثمَّ إنه لو تعذر الدينار فلا كلام في الاجتزاء بالقيمة ، والعمدة فيه الإجماع المذكور ، ولولاه أشكل الحكم ، لأن قاعدة الميسور على تقدير تماميتها كلية ، فاقتضاؤها وجوب القيمة غير واضح ، لعدم صدق الميسور على القيمة. كما أنه بناء على الاجتزاء بالقيمة اختياراً ، فظاهر كلماتهم الاجتزاء بكل قيمة ولو من غير النقدين ولا يختص بالنقد ، فان كان إجماعاً فهو ، وإلا فالأصل يقتضي الاختصاص به ، للدوران بين التعيين والتخيير الموجب للاحتياط.

[١] لا وقت تشريع الحكم ـ كما عن جماعة ـ ولا وقت الوطء ـ كما صرح به بعض ، معللا بأنه وقت الشغل ـ لأن الظاهر من الدينار بعد حمله على ماليته كون ماليته ملحوظة عنواناً له إلى حين الامتثال ، فلا يجوز‌

٣٣٣

( مسألة ١٨ ) : الأحوط إعطاء كفارة الأمداد لثلاثة مساكين [١] ، وأما كفارة الدينار فيجوز إعطاؤها لمسكين واحد [٢] ، والأحوط صرفها على ستة أو سبعة مساكين [٣]

______________________________________________________

أن تنقص عنه ، وإن ساوت ماليته بلحاظ وقت آخر. وحمله على أنه ملحوظ مرآة للقيمة المحدودة وقت التشريع أو الوطء خلاف الظاهر. نعم إذا قلنا بأن الواجب بالأصل الدينار ، والانتقال إلى القيمة مشروط بالتعذر فان قلنا بأن القيمة واجبة بنفسها في الذمة ، وتردد الأمر بين الوجوه الثلاثة المذكورة ، فلأجل إجمال الدليل على وجوب القيمة لانحصاره بالإجماع ، فمع التردد بين الأقل والأكثر يكون مقتضى الأصل البناء على الأقل ، وهو أقل القيم الثلاث. وإن قلنا بأن القيمة مسقطة للواجب وهو الدينار ، يكون مقتضى الأصل البناء على الأكثر ، لأصالة عدم السقوط إلا بالأكثر.

[١] لما عرفت من الإجماع المدعى ، وإن كان الرضوي‌ (١) خالياً عنه.

[٢] بلا خلاف أجده كما في الجواهر ، وعن جماعة : التصريح به ـ تبعاً للروض ـ لإطلاق الدليل.

[٣] أما الاحتياط في السبعة فلحسن الحلبي المتقدم. لكن ينبغي حينئذ أن يكون مقدار ما يكفي لكل منهم قوت يومه ، كما قيد به فيه. وأما الاحتياط بالستة فلم أقف على وجهه ، ولذا لم يتعرض له في النجاة ، وإنما ذكر فيها العشرة مضافاً إلى السبعة ، لحسن عبد الملك المتقدم‌ (٢). هذا ولا يخفى ضعف الاحتياط المذكور ، لاختصاص النصوص بالأمة ، ولم يقل أحد بالتعدي منها إلى الزوجة.

__________________

(١) تقدم ذكره عند الكلام في مقدار الكفارة‌

(٢) ص : ٣٢٦‌

٣٣٤

( مسألة ١٩ ) : إذا وطئها في الثلث الأول والثاني والثالث فعليه الدينار ونصفه وربعه [١] ، وإذا كرر الوطء في كل ثلث فان كان بعد التكفير وجب التكرار [٢] ، وإلا فكذلك أيضاً على الأحوط.

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ظاهر ، أخذاً بإطلاق الدليل في الجميع.

[٢] على المشهور ، بل استبعد شيخنا الأعظم (ره) وجود الخلاف فيه بعد أن حكى عن ظاهر الوحيد وجوده. لكن لو قيل فيما يأتي بالتداخل لأجل التداخل في السبب كان اللازم القول به هنا ، وعدم وجوب التكرار. نعم لو قيل بالتداخل لأجل التداخل في الامتثال لم يمكن القول به هنا ، لامتناع امتثال التكليف اللاحق بالفعل السابق ، فتأمل. فالعمدة في وجوب التكرار ـ هنا وفيما يأتي ـ أصالة عدم التداخل ، الراجعة إلى ظهور أدلة السببية في كون كل فرد سبباً للجزاء ، فتدل على تعدد الجزاء بتعدد أفراد السبب. والبناء على الاكتفاء بالمسبب الواحد ، إن كان راجعاً إلى الاكتفاء عن المسببات المتعددة بوجود واحد ، المعبر عنه بالتداخل في المسبب أو في الامتثال ، فهو وإن كان مقتضى إطلاق الجزاء ، لكنه خلاف ظاهر الشرطية في كون كل فرد يقتضي جزاء مستقلا ، وإن كان راجعاً إلى إنكار سببية الوجود الثاني للسبب فهو خلاف الإطلاق.

وما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) من أن مقتضى الإطلاق كون السببية ثابتة لنفس الطبيعة من غير نظر الى الافراد ، والطبيعة كما تتحقق بالفرد الواحد تتحقق بالإفراد المتعددة. فكأنه قال : من وطئ حائضاً مرة أو مرتين أو أزيد فعليه كذا ، فكما يكون الفرد سبباً لأنه طبيعة تكون الأفراد المتعددة كذلك ، إذ لا فرق بين الفرد والافراد بلحاظ نفس الطبيعة.

٣٣٥

( مسألة ٢٠ ) : ألحق بعضهم النفساء بالحائض في وجوب الكفارة [١] ، ولا دليل عليه [٢].

______________________________________________________

فيه : أنه إنما يتم لو كان مقتضى الإطلاق كون الوطء ملحوظاً بنحو صرف الوجود بمعنى خرق العدم ، إذ هو إنما ينطبق على الوجود الأول ، إذ الوجود الثاني وجود بعد الوجود لا وجود بعد العدم ، فاذا لم ينطبق على الوجود الثاني لم تدل القضية على سببيته. لكن الظاهر في كلية أدلة السببية كون الموضوع فيها ملحوظاً بنحو الطبيعة السارية ، بقرينة كون المرتكز في الذهن أن السببية من لوازم الماهية التي لا تختص بوجود دون وجود ، كما هو كذلك في كلية الأسباب الحقيقية الخارجية ، فيجب العمل عليه إلا أن تكون قرينة على خلافه. مضافا ـ في خصوص المقام ـ إلى أن الكفارة من تبعات المعصية التي لا فرق في تحققها بين الوطء الأول والثاني. وتمام الكلام في المقام موكول إلى محله في الأصول.

[١] بل نسب إلى ظاهر الأصحاب ، وفي التذكرة : « لا نعلم في ذلك خلافا ».

[٢] قيل : « إن دليله عموم النص والفتوى : أن النفساء كالحائض ».

وعموم الفتوى وإن كان محققاً إلا أن عموم النص لا يخلو من إشكال ، إذ لم نقف على هذا العموم غير قوله (ع) في صحيح زرارة في الحائض : « تصنع مثل النفساء سواء » (١). وهو ـ مع أن مورده خصوص أحكام الاستحاضة ـ إنما يدل على إلحاق الحائض بالنفساء لا العكس. وأما‌ خبر مقرن عن أبي عبد الله (ع) : « سأل سلمان ( رض ) علياً (ع) عن رزق الولد في بطن أمه فقال (ع) : إن الله ـ تبارك وتعالى ـ حبس عليها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ٥‌

٣٣٦

نعم لا إشكال في حرمة وطئها. ( التاسع ) : بطلان طلاقها [١] وظهارها [٢] إذا كانت مدخولا بها [٣]

______________________________________________________

الحيضة فجعلها رزقه في بطن أمه » (١) فظاهره بيان قضية خارجية لا تشريعية ، فلا مجال للاستدلال به فيما نحن فيه ، وإن كان هو ظاهر التذكرة وغيرها. فالعمدة عموم الفتوى. لكن في بلوغه حد الإجماع تأمل وسيأتي إن شاء الله في النفاس بعض ما له دخل في المقام. فانتظر.

[١] إجماعا. للنصوص الكثيرة الدالة عليه ، كموثق اليسع عن أبي جعفر (ع) : « لا طلاق إلا على طهر » (٢) ، ونحوه غيره.

[٢] إجماعاً. ففي صحيح زرارة عنه (ع) : « كيف الظهار؟ فقال (ع) : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع .. » (٣) ونحوه غيره.

[٣] إجماعا. لأن غير المدخول بها معدودة في الخمس اللاتي يطلقن على كل حال حسب ما استفاضت به النصوص ، ففي صحيح إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع) : « خمس يطلقن على كل حال : المستبين حملها ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست من الحيض » (٤) ونحوه غيره ، وبينها وبين ما دل على اشتراط الطهر وإن كان عموم من وجه ، لكنها مقدمة عليه ، لسوقها مساق الحاكم. ومنه يظهر وجه اعتبار حضور زوجها ، وأن لا تكون حاملا ، فان الحامل والغائب عنها زوجها معدودتان في الخمس في النصوص المذكورة. نعم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الحيض حديث : ١٣‌

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب شرائط الطلاق حديث : ٣‌

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب الظهار حديث : ٢‌

(٤) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب شرائط الطلاق حديث : ١‌

٣٣٧

ولو دبراً [١] وكان زوجها حاضراً أو في حكم الحاضر [٢] ولم تكن حاملا ، فلو لم تكن مدخولا بها أو كان زوجها غائباً أو في حكم الغائب بأن لم يكن متمكناً من استعلام حالها [٣] أو كانت حاملا يصح طلاقها. والمراد بكونه في حكم الحاضر أن يكون مع غيبته متمكناً من استعلام حالها.

( مسألة ٢١ ) : إذا كان الزوج غائبا ووكل حاضراً متمكناً من استعلام حالها لا يجوز له طلاقها في حال الحيض [٤].

______________________________________________________

لا بد في جواز طلاق الغائب من مضي مدة شهر أو ثلاثة أشهر على اختلاف النصوص والفتوى ، أو بمقدار ما يعلم انتقالها من طهر المواقعة إلى غيره.

والكلام في ذلك موكول إلى محله.

[١] لأنه أحد المأتيين فتشمله أدلة الدخول.

[٢] فإنه لا يصح طلاقها حينئذ ، لاختصاص أدلة استثناء الغائب بمن لا يتمكن من العلم ـ ولو بملاحظة صحيح ابن الحجاج الآتي‌ ـ فيرجع في المتمكن منه الى عموم ما دل على اعتبار الطهر.

[٣] في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن (ع) عن رجل تزوج امرأة سراً من أهلها وهي في منزل أهلها ، وقد أراد أن يطلقها ، وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ، ولا يعلم طهرها إذا طهرت. قال : فقال (ع) : هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالأهلة والشهور .. » (١).

[٤] لاختصاص نصوص الجواز بغير هذه الصورة ، فالمرجع فيها عموم اعتبار الطهر.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب شرائط الطلاق حديث : ١‌

٣٣٨

( مسألة ٢٢ ) : لو طلقها باعتقاد أنها طاهرة فبانت حائضاً بطل ، وبالعكس صح [١].

( مسألة ٢٣ ) : لا فرق في بطلان طلاق الحائض بين أن يكون حيضها وجدانياً أو بالرجوع إلى التمييز أو التخيير بين الأعداد المذكورة سابقاً [٢] ، ولو طلقها في صورة تخييرها قبل اختيارها فاختارت التحيض بطل [٣] ، ولو اختارت عدمه صح ، ولو ماتت قبل الاختيار بطل أيضاً [٤].

______________________________________________________

[١] لظهور الأدلة في كون الطهر شرطاً واقعياً تدور الصحة مداره وجوداً وعدماً ، ولا أثر للاعتقاد الخطئي.

[٢] لأن ذلك مقتضى دليل الحجية ، غاية الأمر أنه في الحيض الوجداني يكون البطلان وجدانياً ، وفي الحيض التعبدي يكون تعبديا ظاهريا.

[٣] لأن مقتضى صحة اختيارها المتأخر ونفوذه أن يحكم من حين الاختيار بكون الزمان المختار زمان حيض فيحكم بالبطلان. ولا مانع من تأخر زمان الحكم عن زمان المحكوم به ، نظير الكشف المشهوري في باب الإجازة. وكون الزمان الماضي خارجاً عن محل الابتلاء إنما يقدح لو كان الحكم المتأخر تكليفياً محضا ، أما إذا كان وضعياً ، أو تكليفياً مشوبا بالوضع ـ بحيث يترتب على الحكم المتأخر به أثر عملي ـ فإنه لا مانع منه حينئذ. ومنه يظهر وجه الحكم بالصحة لو اختارت عدمه ، بأن اختارت زمانا للحيض غير زمان الطلاق.

[٤] لعدم إحراز الشرط لا واقعاً ولا ظاهراً تعبدا ، لانحصار الحجة بالاختيار ، وهو منتف.

٣٣٩

( مسألة ٢٤ ) : بطلان الطلاق والظهار وحرمة الوطء ووجوب الكفارة مختصة بحال الحيض [١] ، فلو طهرت ولم تغتسل لا تترتب هذه الأحكام ، فيصح طلاقها وظهارها ويجوز وطؤها ولا كفارة فيه. وأما الأحكام الأخر [٢] المذكورة فهي ثابتة ما لم تغتسل [٣].

______________________________________________________

[١] ظاهر الروض والمسالك : الإجماع عليه ، لأن الحائض حقيقة في ذلك ، وحمل الحائض على ذات حدث الحيض خلاف الظاهر. مضافا في الأخيرين إلى نصوص الجواز ، ونفي الكفارة.

[٢] يعني الستة الأولى.

[٣] كما عن المشهور ، وظاهر الروض والمسالك : الإجماع عليه. لأن ظاهر أدلة الأحكام المذكورة عدا الأولين كونها أحكاماً للحدث الخاص ، ولو مع انقطاع الدم ، كما يشهد به جمع الحائض والجنب في كل منها ، فان وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد من الحائض ذات الحدث. ومنه يظهر ضعف ما عن بعض من تقوية عدم وجوب الغسل لها ، والاكتفاء في جوازها بانقطاع الدم ، لعدم التسمية بعده عرفا ولغة. وعن المدارك : انه غير بعيد ، غير أن المشهور أقرب. وأما الأول ـ أعني : حرمة العبادة ـ فإن قلنا بكونها ذاتية فلا ينبغي التأمل في اختصاصها بحال الحيض كالأربعة ، وإن كان مقتضى بعض أدلتها المنع مع بقاء الحدث ، وإن قلنا بكونها تشريعية فعموم المنع ظاهر جداً. وصريح الروض والمسالك : اختصاص الخلاف بالصوم ، وأن المشهور إلحاقه بالصلاة في عدم صحته مع الحدث ، وأن العلامة في النهاية ـ تبعاً لابن أبي عقيل ـ اختار صحته مع الحدث. وسيأتي في كتاب الصوم الكلام في ذلك. وأما الثاني ـ أعني حرمة المس ـ فقد‌

٣٤٠