مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٩٩

التوالي في البقية. فلو رأت ثلاثة متفرقة في ضمن العشرة لا يكفي. وهو محل إشكال ، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال المستحاضة وتروك الحائض فيها. وكذا اعتبروا استمرار الدم في الثلاثة ولو في فضاء الفرج. والأقوى كفاية الاستمرار العرفي [١] ،

______________________________________________________

وجوابه عنها ، وغير ذلك ، يتضح حمله على ما ذكرنا.

نعم استدل شيخنا (ره) على اعتبار التوالي بالمعنى المذكور ـ بناء على كون النقاء المتخلل طهرا ـ بظهور الأدلة في العشرة المتوالية. ولكنه غير ظاهر الوجه ، إذ التوالي المستفاد من الأدلة المذكورة إنما هو بالمعنى المستفاد من‌ قولهم (ع) : « أقل الحيض ثلاثة » ، ولا بد من رفع اليد عنه ، لامتناع الالتزام به كما عرفت. مضافاً إلى أن ذلك خلاف البناء على طهرية النقاء المتخلل.

ومن الغريب أن الأستاذ (ره) ـ مع أنه تنبه للإشكال على شيخنا الأعظم (ره) بما سبق ـ قال في رسالة الدماء : « ثمَّ إنه لا إشكال في أن العشرة لا بد أن تكون متوالية ، بناء على ما هو المشهور من كون النقاء المتخلل بين العشرة حيضاً ، وأما على ما ذهب اليه صاحب الحدائق من كون النقاء المتخلل ليس بحيض ففي كونها كذلك أيضاً أو ليس كذلك خلاف وإشكال : من دعوى انسباق التوالي من إطلاق‌ قوله (ع) : « أكثره عشرة » ، ولو منع فلا أقل من كونه المتيقن منه ، ومن دعوى الإطلاق .. ». وقد عرفت أن لا خلاف في التوالي بالمعنى المعتبر في الأقل ، وبالمعنى الآخر لا مجال للاستدلال عليه بالانسباق كما عرفت.

وأما ما استدل به في الحدائق على عدم اعتبار التوالي بالمعنى المذكور فسيأتي الكلام فيه عند التعرض لمذهبه في أيام النقاء. فانتظر وتأمل جيداً.

[١] يعني : ما يكون استمراراً بحسب النظر العرفي المبني على المسامحة.

٢٠١

وعدم مضرية الفترات اليسيرة في البين ، بشرط أن لا ينقص من ثلاثة ، بأن كان بين أول الدم وآخره ثلاثة أيام ولو ملفقة ، فلو لم تر في الأول مقدار نصف ساعة من أول النهار ومقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثالث لا يحكم بحيضيته ، لأنه يصير ثلاثة إلا ساعة مثلا. والليالي المتوسطة داخلة فيعتبر الاستمرار العرفي فيها أيضاً ، بخلاف ليلة اليوم الأول وليلة اليوم الرابع ، فلو رأت من أول نهار اليوم الأول إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى.

( مسألة ٧ ) : قد عرفت ان أقل الطهر عشرة فلو رأت الدم يوم التاسع أو العاشر بعد الحيض السابق لا يحكم عليه بالحيضية [١] ، وأما إذا رأت يوم الحادي عشر بعد الحيض السابق فيحكم بحيضيته [٢] إذا لم يكن مانع آخر. والمشهور على اعتبار هذا الشرط ـ أي مضي عشرة من الحيض السابق في حيضية الدم اللاحق مطلقاً [٣] ـ ولذا قالوا : لو رأت ثلاثة ـ مثلا ـ ثمَّ انقطع يوماً‌

______________________________________________________

لكنه غير ظاهر الوجه ، بل هو خلاف ظاهر الدليل. نعم لا بأس بالحمل على الاستمرار العادي ، لأن حمل الكلام على غيره بعيد جداً. ولعله هو المراد ، لكن في كون المعتاد تحقق الفترات إشكال.

[١] أما عدم الحكم بكونه حيضة ثانية فلعدم الفصل بأقل الطهر الذي لا إشكال نصاً وفتوى في اعتباره بين الحيضتين ، وأما عدم الحكم بكونه من الحيضة الأولى فمبني على اعتبار التوالي بالمعنى الذي سيجي‌ء فيه الكلام.

[٢] لقاعدة الإمكان التي سيأتي الكلام فيها إن شاء الله‌

[٣] أي : سواء أكان بين حيضتين أم بين أيام حيضة واحدة. لكن‌

٢٠٢

أو أزيد ثمَّ رأت وانقطع على العشرة أن الطهر المتوسط أيضاً حيض ، وإلا لزم كون الطهر أقل من عشرة. وما ذكروه محل إشكال [١] ، بل المسلم أنه لا يكون بين الحيضين أقل من عشرة ، وأما بين أيام الحيض الواحد فلا. فالأحوط مراعاة الاحتياط بالجمع في الطهر بين أيام الحيض الواحد ، كما في الفرض المذكور.

( مسألة ٨ ) : الحائض إما ذات العادة أو غيرها ، والأولى إما وقتية وعددية أو وقتية فقط ، أو عددية فقط ، والثانية إما مبتدئة وهي التي لم تر الدم سابقاً وهذا الدم أول ما رأت ، وإما مضطربة وهي التي رأت الدم مكرراً لكن لم تستقر لها عادة ، وإما ناسية وهي التي نسيت عادتها ، ويطلق عليها المتحيرة أيضاً وقد يطلق عليها المضطربة ، ويطلق المبتدئة على الأعم ممن لم تر الدم سابقاً ومن لم تستقر لها عادة أي المضطربة بالمعنى الأول.

______________________________________________________

العبارة لا تخلو من تشويش ، لأنه في فرض مضي عشرة طهراً لا يتصور إلا صورة واحدة ، وهي أن يكون الدم الثاني حيضاً ثانيا ، وإنما يصح الإطلاق لو كانت العبارة هكذا : لا يكون الطهر أقل من عشرة. والأمر سهل.

[١] بل منعه في الحدائق ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ فالتزم بأن النقاء إذا كان لا يبلغ العشرة طهر ويكون الدمان حيضاً واحداً ، ومن دون فرق بين ما يتخلل بين الثلاثة ـ بناء على عدم اعتبار التوالي فيها ـ وبين ما يتخلل بينها وبين دم آخر.

٢٠٣

______________________________________________________

وقد يشهد له جملة من النصوص : منها : مرسلة يونس القصيرة‌ (١) وموضع الاستدلال منها فقرتان : إحداهما : الفقرة المتقدمة دليلا على عدم اعتبار التوالي في الثلاثة الأقل ، فإن ظاهر قوله (ع) : « فذلك الذي رأته مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض » قصر الحكم بالحيضية على خصوص أيام الدم. وثانيتهما : قوله (ع) بعد ذلك : « ولا يكون الطهر أقل من عشرة أيام ، وإذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثمَّ انقطع الدم اغتسلت وصلت ، فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض ، تدع الصلاة » فإن قوله (ع) : « من يوم طهرت » إما قيد لقوله : « عشرة أيام » فيكون المراد : لم يتم لها عشرة أيام كائنة من يوم طهرت ، فتكون العشرة كلها طهراً. أو متعلق بقوله : « يتم » فيكون المعنى : لم يتم لها عشرة أيام دم حين طهرت ، وعلى كل حال يتم الاستدلال ، لأنها تدل على إلحاق هذا الدم اللاحق بالدم السابق دون النقاء. لكن المتعين الاحتمال الأول ، إذ على الثاني يكون القيد المذكور لغواً ، لإغناء قوله (ع) : « وكان حيضها خمسة » عنه. وأما ما ذكره شيخنا الأعظم (ره) ـ من أن المراد أنه لم يتم لها من يوم طهرت إلى أن رأت الدم الثاني عشرة أيام من أول رؤية الدم الأول ـ فمخالف للظاهر لا مجال لارتكابه إلا عند الضرورة ، من باب أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح. نعم يقربه قوله (ع) بعد ذلك : « وإن رأت الدم من أول ما رأت الثاني الذي رأته تمام العشرة ، ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ، ثمَّ هي مستحاضة .. » إذ الظاهر من العشرة فيه العشرة من أول الدم لا من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

٢٠٤

______________________________________________________

حين النقاء. وأن في بعض النسخ المعتبرة‌ « من يوم طمثت » بدل من‌ « يوم طهرت ».

ومنها : موثق محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) : « أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام ، وإذا رأت الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى وإذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقلة » (١) ، فإن حمل العشرة في الشرطية الثانية على عشرة النقاء إجماعا ، يوجب حمل العشرة في الأولى عليها أيضاً ، ومقتضى إطلاقه إلحاق الدم الثاني بالأول ، وان كان ما بينهما من النقاء تسعة فيمتنع جعل النقاء حيضاً ، لأنه يلزم أن يكون مجموع الدمين والنقاء حيضاً واحداً ، وهو أكثر من عشرة أيام. وفيه : أنه على هذا يجب تقييده بصورة عدم تجاوز الدمين للعشرة ، وتقييد‌ قولهم (ع) : « أدنى الطهر عشرة » ، بخلاف ما لو حمل العشرة على عشرة الدم فإنه لا يلزم التقييد المذكور. نعم يلزم تقييدها بأن يكون ما بعد العشرة بينه وبين الدم الأول عشرة نقاء. ولعله أولى من التقييدين الأولين ولا سيما بملاحظة ان‌ قوله (ع) : « أقل ما يكون الحيض ثلاثة » يصلح قرينة على كون العشرة عشرة تلك الثلاثة لا غيرها. وأما احتمال أن تكون « من » في‌ قوله (ع) : « فهو من الحيضة الأولى » « ابتدائية » ـ يعني : ان هذا الدم ناشئ من الحيضة الاولى ـ لا « تبعيضية » ـ والمراد أنه استحاضة ناشئة من الحيضة الأولى ـ فبعيد جداً مخالف للسياق. ومما ذكرنا يظهر الحال‌ في مصحح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولى. وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة » (٢) ، ولا أقل من الاجمال الموجب لسقوط الرواية عن الحجية.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الحيض حديث : ١١‌

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

٢٠٥

______________________________________________________

ومنها : رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري : « سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة إذا طلقها زوجها متى تكون أملك بنفسها؟ فقال : إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها. قلت : فان عجل الدم عليها قبل أيام قرئها؟ فقال : إذا كان الدم قبل العشرة أيام فهو أملك بها ، وهو من الحيضة التي طهرت منها ، وإن كان الدم بعد العشرة فهو من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها » (١) فإنها كالصريحة في كون العشرة عشرة الطهر ، إذا لا يصدق التعجيل المذكور في السؤال لو كان المراد عشرة الدم. لكنها ـ مع أنها ضعيفة بالمعلى بن محمد البصري ـ قيل فيها : إن ارتكاب التقييد فيها بالحمل على ما كان مجموع الدمين والنقاء لا يزيد على العشرة أولى من ارتكاب التقييد فيما دل على أن أدنى الطهر عشرة ، لأنها واردة مورد حكم آخر ، فليس لها إطلاق معتد به. لكنه لا يخلو من تأمل.

ومنها : رواية يونس بن يعقوب : « قلت لأبي عبد الله (ع) : المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة؟ قال (ع) : تدع الصلاة. قلت : فإنها ترى الطهر ثلاثة أو أربعة؟ قال (ع) : تصلي. قلت : فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة؟ قال (ع) : تدع الصلاة. قلت : فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال (ع) تصلي. قلت : فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة؟ قال (ع) : تدع الصلاة ، تصنع ما بينها وبين شهر ، فان انقطع الدم عنها ، وإلا فهي بمنزلة المستحاضة » (٢) ونحوها رواية أبي بصير‌ (٣). وفيه أنه يمتنع أن يكون جميع الدم المتفرق حيضاً ، لزيادته على العشرة ،

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب العدد حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

٢٠٦

______________________________________________________

فلا بد من حملها على الحكم الظاهري ، كما عن المحقق ، وعليه أيضاً يحمل كلام من أفتى بمضمونها ، كما عن المقنع والفقيه والنهاية والاستبصار والمبسوط بل هو ظاهر محكي الاستبصار.

ومنها : رواية داود مولى أبي المعزى عمن أخبره عن أبي عبد الله (ع) : « قلت له : فالمرأة يكون حيضها سبعة أيام أو ثمانية أيام حيضها دائم مستقيم ، ثمَّ تحيض ثلاثة أيام ثمَّ ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا دماً؟ قال (ع) : تغتسل وتصلي. قلت : تغتسل وتصلي وتصوم ثمَّ يعود الدم؟ قال (ع) : إذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة والصيام. قلت : فإنها ترى الدم يوما وتطهر يوماً؟ قال : فقال (ع) : إذا رأت الدم أمسكت ، وإذا رأت الطهر صلت ، فاذا مضت أيام حيضها واستمر بها الطهر صلت ، فإذا رأت الدم فهي مستحاضة » (١). لكنها ضعيفة السند بالإرسال ، قاصرة الدلالة ، لقرب دعوى كون الأمر بالعبادة في أيام النقاء ظاهريا لا واقعيا ، ويكون المراد من رؤية الدم والطهر يوماً بعد ما رأته ثلاثة أيام.

هذا كله بملاحظة النصوص المذكورة أنفسها ، وأما بملاحظة الإجماعات المدعاة على كون أدنى الطهر عشرة فلا مجال للأخذ بها. ومن ذلك يعلم أن ما عن غير واحد من تقييد معقد الإجماع بما كان بين الحيضتين ، لا يراد منه جواز كون الطهر دون عشرة أيام بين أيام حيض واحد ، بل لأن الطهر عندهم لا يكون إلا بين حيضتين ، فإن العلامة في المنتهى ـ مع أنه قيد معقد الإجماع بما كان بين الحيضتين ـ قال في التذكرة : « فإن رأت ثلاثة أيام متوالية فهو حيض قطعاً ، فاذا انقطع وعاد قبل العاشر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٢٠٧

( مسألة ٩ ) : تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلتين [١]

______________________________________________________

كان الدمان وما بينهما حيضاً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ». بل ظاهر بعض الفروع التي ذكرها في المنتهى ذلك أيضاً. فلاحظ. نعم ظاهر بعض العبارات وقوع الخلاف في ذلك. لكن لو تمَّ فليس مما ينافي انعقاد الشهرة العظيمة على خلاف هذه الروايات الموهنة لها جداً.

هذا مضافاً إلى ما يلزم الحدائق من اللوازم ، مثل : أن يستمر حيض المرأة مدة طويلة ، بل بناء على جواز التلفيق بالساعات يمكن فرض حيض واحد مدة العمر ، فيشكل أمر طلاقها وعدتها. ومثل : أن لا يسقط عنها صوم ولا صلاة ، بأن تراه في الليل ساعة ثمَّ تنقى بقية الليل والنهار ونحو ذلك ، فإنه على تقدير تمامية دلالة النصوص المذكورة على طهر النقاء المتخلل ، فهي أيضاً دالة على جواز التلفيق ولو بعد عشرة الدم ، فعلى تقدير جواز العمل بها في الأول يجوز العمل بها في الثاني. اللهم إلا أن يكون إجماع على المنع عنه ولو على تقدير طهر النقاء ، كما قد يظهر من محكي نهاية الأحكام ، حيث قال : « ولا قائل بالالتقاط من جميع الشهر وإن لم يزد مبلغ الدم عن الأكثر .. ».

[١] إجماعاً ، كما عن الخلاف والتذكرة وجامع المقاصد والمدارك ، ويدل عليه‌ موثق سماعة : « سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض .. إلى أن قال : فاذا اتفق الشهران عدة أيام سواء فتلك أيامها » (١). وما‌ في مرسلة يونس الطويلة : « .. فإن انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء ، حتى توالى عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الآن ان ذلك قد صار لها وقتاً وخلقاً معروفاً ، تعمل عليه وتدع ما سواه ، وتكون سنتها فيما يستقبل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٢٠٨

فان كانتا متماثلتين في الوقت والعدد فهي ذات العادة الوقتية والعددية [١] ، كأن رأت في أول شهر خمسة أيام وفي أول الشهر الآخر أيضاً خمسة أيام ، وإن كانتا متماثلتين في الوقت دون العدد فهي ذات العادة الوقتية [٢] ، كما إذا رأت في أول شهر خمسة وفي أول الشهر الآخر ستة أو سبعة مثلا ،

______________________________________________________

إن استحاضت‌ .. إلى أن قال : وإنما جعل الوقت أن توالى عليها حيضتان أو ثلاث لقول رسول الله (ص) للتي تعرف أيامها : دعي الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول : دعي الصلاة أيام قرئك ولكن سن لها الأقراء ، وأدناه حيضتان فصاعداً .. » (١). ومنه يظهر أن ما عن بعض أصحابنا من الاكتفاء بالمرة ضعيف جداً.

[١] كما هو ظاهر المرسلة‌.

[٢] هذا غير ظاهر من الروايتين. إلا أن يكون إجماعاً ، كما حكاه في المستند. أو يستفاد من إطلاق ما دل على التحيض برؤية الدم في أيامها ، فإنه وإن كان لا يصدق بتكرر الدم في وقت معين مرتين ، بل يتوقف على تكرره مرات ، لكن يمكن تطبيقه بالتكرر مرتين بتوسط مرسلة يونس المتقدمة‌ ، أو بعدم القول بالفصل بين المرتين والزائد عليهما. لكنه يتم لو لم يكن ظاهر الموثق المتقدم عدمه ، وإلا وجب تقييده به. ( ودعوى ) : عدم دلالة الموثق على النفي لعدم تعرضه إلا لإثبات كون العدة المتساوية أيامها ، أما انحصار أيامها بذلك فلا دلالة فيه عليه. ( ممنوعة ) لأنها خلاف ظاهر أداة الشرط. وقياس المقام على ما ورد في ضابط كثرة السهو ـ من‌ قوله (ع) : « إذا كان الرجل ممن يسهو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

٢٠٩

وإن كانتا متماثلتين في العدد فقط فهي ذات العادة العددية [١] ، كما إذا رأت في أول شهر خمسة وبعد عشرة أيام أو أزيد رأت خمسة أخرى [٢].

______________________________________________________

في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو » (١) ـ غير ظاهر ، لأن قوله (ع) : « ممن كثر عليه السهو » غير ظاهر في الانحصار ، لوجود كلمة « من » فيه ، بخلاف المقام ، كما يظهر بالتأمل. فالعمدة إذن الإجماع المتقدم عن المستند المؤيد بما عن جامع المقاصد من نسبته إلى كلمات الأصحاب ، إذ ما يستفاد من المرسلة‌ ـ من أن التعدد مرتين كاف في صدق العادة ، مستدلا عليه بقول النبي (ص) ـ لا يصلح الموثق للحكومة عليه بل هو محكوم له ، لأن ظاهر الاستدلال بقول النبي (ص) أنه لا تعبد في هذا الضابط إلا من حيث الاكتفاء بالتكرار مرتين ، كما يظهر بالتأمل. وهل يعتبر في الوقتية تساوي الطهرين الواقعين بعد الدمين أو لا؟ خلاف ، والأظهر الثاني لصدق « أيامها » بدونه كما لا يخفى.

[١] كما هو ظاهر الموثق.

[٢] حكي عن بعض : اشتراط الشهرين الهلاليين في تحقق العادة العددية لظاهر الخبرين المتقدمين. قال في الجواهر : « وهو ضعيف ، لصدق اسم العادة. ولتصريح كثير من الأصحاب به ». قلت : قد عرفت الإشكال في ذلك بناء على ظهور الموثق في المفهوم. والحمل على الغالب ـ كما في كلام غير واحد من الأعاظم ـ غير ظاهر. ومثله ما في المنتهى : « إذا عرفت المرأة شهرها صارت ذات عادة ، وهو إجماع أهل العلم. والمراد بشهر المرأة المدة التي دمها حيض وطهر وأقله ثلاثة عشر يوماً عندنا ».

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٧‌

٢١٠

______________________________________________________

نعم يتم ما ذكر بناء على ما عرفت من حكومة المرسلة‌ على الموثق‌.

ثمَّ إنه يظهر من قول المصنف (ره) : ـ إن العادة في المثال المذكور عددية فقط ـ أنه يعتبر في الوقتية تعدد الشهر ، كما اختاره في الجواهر تبعاً للمحقق الثاني ، إذ لا يمكن اتحاد الوقت في الشهر الواحد ، ولا يمكن تماثل زماني الدم إلا بالشهرين الهلاليين ، خلافاً للشهيد الثاني في الروض ، لأن تكرر الطهر يحصّل الوقت. واستحسنه شيخنا الأعظم (ره) قال : « وتوضيحه انه إذا تكرر طهران متساويان ـ كأن رأت ثلاثة حيضاً ، ثمَّ عشرة طهراً ، ثمَّ ثلاثة حيضاً ، ثمَّ عشرة طهراً ، ثمَّ ثلاثة حيضاً ـ يصدق على الدم المرئي بعد مضي مقدار ذلك الطهر من الحيض الثالث أنها رأت الدم في أيام حيضها ، لأنها اعتادت بالحيض عقيب عشرة الطهر .. » وما ذكره في محله ، لو قلنا بأن التماثل بين الحيضتين يكفي فيه التماثل بالجهات الزائدة ، كما هو مبنى القول بالعادة المركبة كما يأتي ، أما لو قلنا باعتبار التماثل بحسب الزمان فقط فما ذكره غير ظاهر ، لأن التماثل بين الحيضتين في الفرض المذكور ليس إلا من جهة الطهر المتعقب به. وبالجملة : فهذه المسألة ومسألة العادة المركبة تبتنيان على مبنى واحد ، فالقائل بالعادة المركبة لا بد له من القول بعدم اعتبار تعدد الشهر الهلالي في العادة الوقتية ، وبالعكس. وأيضاً لازم القول بالاجتزاء بتماثل زماني الدمين بلحاظ الطهر في تحقق العادة الوقتية الاجتزاء بتماثلها بلحاظ حال أخرى من الحر والبرد والخوف والأمن ، وكون القمر أو الشمس في البرج الفلاني .. إلى غير ذلك من الاقترانات التي لا تحصى الموجبة لتماثل زماني الدمين.

ثمَّ إنه لو بني على تحقق العادة الوقتية بتساوي زماني الطهر ، فالرجوع إليها مع استمرار الدم لا يخلو من إشكال ، لعدم مساواة حالتي استمرار‌

٢١١

( مسألة ١٠ ) : صاحبة العادة إذا رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة الأولى تنقلب عادتها [١] إلى الثانية وإن رأت مرتين على خلاف الأولى لكن غير متماثلتين يبقى حكم الأولى [٢]. نعم لو رأت على خلاف العادة الأولى مرات‌

______________________________________________________

الدم والنقاء ، إذ النقاء الذي كانت ترى معه الدم من الخصوصيات المفقودة وأيضاً يشكل البناء عليها مع اتفاق الدمين في الشهرين إذا كانا مختلفين في الخصوصيات المذكورة ، مثلا : إذا رأته في أول الشهر الأول خمسة ، وفي أول الثاني ثلاثة ، وفي أول الثالث أربعة ، فالطهران بعد الدمين الأولين لما لم يتساويا أوجب ذلك اختلافاً بين الدمين الأولين ، فلم تستقر لها عادة وقتية حينئذ.

[١] اتفاقاً ، كما في المنتهى ، بل ظاهره الاتفاق حتى من العامة ، لأنه اقتصر على نقل الخلاف عن بعض العامة بدعواه الانقلاب بالمرة. ويساعده أدلة أحكام العادة ، ولا سيما ما تقدم في مرسلة يونس الطويلة‌ (١) فإن الظاهر منها الفعلية وهي الثانية دون العادة السابقة الزائلة. فلا مجال للإشكال بأن تطبيق الدليل على العادة الثانية ليس بأولى من تطبيقه على الأولى.

[٢] للإطلاق ، لصدق العادة والخلق على الأولى. وأما استصحاب بقاء العادة أو حكمها فلا مجال لهما ، إذ الأول من قبيل استصحاب المفهوم المردد ، لأن منشأ الشك في العادة الشك فيما به قوام العادة ، وان طروء الاختلاف المذكور رافع لها أو لا؟ والثاني من الاستصحاب التعليقي. وما يظهر من الأستاذ (ره) في رسالة الدماء ـ من عدم الارتياب في زوال العادة بذلك ـ غير ظاهر. اللهم إلا أن يريد الفرض الآتي.

__________________

(١) تقدم ذكرها في أول المسألة التاسعة‌

٢١٢

عديدة مختلفة تبطل عادتها [١] وتلحق بالمضطربة.

( مسألة ١١ ) : لا يبعد تحقق العادة المركبة [٢] كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة ، أو رأت شهرين متواليين ثلاثة وشهرين متواليين أربعة ، ثمَّ شهرين متواليين ثلاثة وشهرين متواليين أربعة ، فتكون ذات عادة على النحو المزبور. لكن لا يخلو عن إشكال [٣] خصوصاً في مثل الفرض الثاني ، حيث يمكن أن يقال : إن الشهرين المتواليين على خلاف السابقين يكونان ناسخين للعادة الاولى. فالعمل بالاحتياط أولى. نعم إذا تكررت الكيفية المذكورة مراراً عديدة بحيث يصدق في العرف أن هذه الكيفية عادتها وأيامها‌

______________________________________________________

[١] لانصراف الدليل عن ذلك.

[٢] كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة ونهاية الأحكام والتحرير وحواشي الشهيد والبيان ، وفي القواعد وغيرها ، لصدق « أيامها » على ما تقدم في تقريب العادة الوقتية. واليه مال شيخنا الأعظم (ره) لذلك. وفي الجواهر اختار العدم ، إلا إذا تكرر ذلك مراراً متعددة بحيث يثبت بها الاعتياد العرفي فإنه يمكن أن يدعى ذلك.

[٣] كما عن الذكرى حيث احتمل نسخ كل عدد لما قبله ، ومنشؤه دعوى قصور الروايتين المتقدمتين‌ (١) عن إثبات العادة بذلك. ودعوى صدق العادة العرفية حينئذ قد عرفت أن لازمها البناء على تحقق العادة مع الاختلاف الناشئ عن اختلاف المأكل والمشرب والصحة والمرض والحر والبرد والخوف والأمن ونحو ذلك من الأحوال ، التي يختلف الدم‌

__________________

(١) وهما موثقة سماعة ومرسلة يونس المتقدمتين في أول المسألة التاسعة‌

٢١٣

______________________________________________________

باختلافها وقتاً أو عدداً أو وقتاً وعدداً ، فلو رأت في حال الصحة في أول شهرين خمسة ، ثمَّ رأت في حال المرض في وسط شهرين ثلاثة لم تكن الثانية ناسخة للأولى ، بل اختصت العادة الأولى بالصحة ، والثانية بالمرض فلو استمر بها الدم في الشهر الخامس فان كانت صحيحة تحيضت في أوله بخمسة ، وإن كانت مريضة تحيضت في وسطه بثلاثة. ولازم ذلك أيضاً أن لو رأت الدم في شهرين مستويين وقتاً وعدداً في حال معين من الأحوال التي يحتمل اختلاف الدم باختلافها ، لم تحكم بثبوت العادة لها إلا بلحاظ تلك الحال لا غير ، فلو استحاضت في الثالث وتغيرت حالها إلى حال أخرى لم ترجع إلى العادة المذكورة إلا بعد تنقيح كونها عادة لها ، وعدم دخل الحالة السابقة في كيفية رؤية الدم ، وإلا فاحتمال كونها عادة بلحاظ الحالة التي كانت عليها مانع من جواز الرجوع إليها في حالة أخرى ، فإذا كان أول الدور خمسة وثانية أربعة وثالثة ثلاثة ، فالاولية إذا كانت دخيلة في كون العادة خمسة والثانوية دخيلة في كونها أربعة والثالثية دخيلة في كونها ثلاثة فلم لا تكون سائر الجهات دخيلة في كون الخمسة في الشهرين المتواليين عادة؟ فلا يجوز الحكم بكونها عادة مطلقاً. وهذا ونحوه من اللوازم مما يصعب الالتزام بها جداً ، ويأباه إطلاق الروايتين السابقتين (١) وغيرهما من نصوص أحكام العادة ، حيث لم تقيد ببقاء الحال الاولى ، والاختلاف غالباً إنما يكون ناشئاً عن اختلاف الأحوال ، وليس لنصوص الرجوع الى العادة أو « أيامها » أو « أيام أقرائها » أو نحو ذلك الإطلاق الشامل لذلك وإلا لم يبق له مورد إلا نادراً ، بل هو منصرف إلى الوقت من حيث الشهر لا غير.

__________________

(١) تقدمتا في أول المسألة التاسعة‌

٢١٤

لا إشكال في اعتبارها [١] فالإشكال إنما هو في ثبوت العادة الشرعية بذلك ، وهي الرؤية كذلك مرتين.

( مسألة ١٢ ) : قد تحصل العادة بالتمييز [١] كما في المرأة المستمرة الدم إذا رأت خمسة أيام ـ مثلا ـ بصفات الحيض في أول الشهر الأول ، ثمَّ رأت بصفات الاستحاضة ، وكذلك رأت في أول الشهر الثاني خمسة أيام بصفات الحيض ثمَّ رأت بصفات الاستحاضة ، فحينئذ تصير ذات عادة عددية وقتية ، وإذا رأت في أول الشهر الأول خمسة بصفات الحيض وفي أول الشهر الثاني ستة أو سبعة ـ مثلا ـ فتصير حينئذ ذات عادة وقتية ، وإذا رأت في أول الشهر الأول خمسة ـ مثلا ـ وفي العاشر من الشهر الثاني ـ مثلا ـ خمسة بصفات الحيض فتصير ذات عادة عددية.

______________________________________________________

هذا والأستاذ (ره) في رسالة الدماء استظهر جريان بعض أحكام العادة ، كالتحيض برؤية الدم وإن لم نقل به في المبتدئة لصدق « أيام أقرائها » ، ومنع من الرجوع إليها عند تجاوز الدم لصدق أنها ممن لا أيام لها أو أيامها متعددة. وهو كما ترى.

[١] لصدق « أيامها » عرفاً فيجري عليها أحكامها. لكن عرفت الإشكال في ذلك.

[٢] بلا خلاف يعرف ، كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره) ، وفي المنتهى : « لا نعرف فيه خلافا » ، ويقتضيه إطلاق أدلة التمييز الدالة على طريقيته إلى الحيض ، نظير طريقية العلم اليه ، فكما تثبت العادة بالعلم تثبت‌

٢١٥

______________________________________________________

به. لكن استشكل شيخنا الأعظم (ره) فيما لو اختلف التمييز ، كما لو رأته في المرة الأولى أسود وفي الثانية أحمر ، ونقل عن الذكرى : التردد فيه ، وعن التحرير أنه قرّب العدم. وليس له وجه ظاهر ، لأن طريقية المختلف كطريقية المتفق.

وفي الجواهر قال : « نقل عن العلامة في المنتهى : نفي الخلاف عن ثبوت العادة بالتمييز ، فان تمَّ إجماعا وإلا فللنظر فيه مجال » ، وذكر قبل ذلك وجه النظر في ذلك ، وهو عدم تناول الخبرين السابقين له مع ظهور غيرهما في عدمه ، كالأخبار الآمرة بالرجوع إلى الأوصاف ، فإن إطلاقها يقتضي الرجوع الى الأوصاف ولو مع التكرر مرتين.

أقول : إذا بنينا على تقييد أخبار الرجوع الى الأوصاف بصورة فقد العادة ، فإذا فرض أن تكرر الجامع للصفات طريق إلى العادة كان الإطلاق مقيداً بعدمه. نعم يمكن أن يقال : أدلة حجية الصفات إنما تقتضي ثبوت الحيض بلحاظ أحكام الحائض ـ من ترك الصلاة ونحوه ـ بلا نظر فيها الى حجيتها لإثبات الحيض بلحاظ إثبات العادة. وفيه : أن ذلك خلاف إطلاق دليل الحجية. وكذا يمكن أن يقال : إذا كانت حجية التمييز مشروطة بعدم العادة كانت العادة مانعة عن حجيته ، فكيف تكون حجيته علة لثبوت العادة؟! لأن الشي‌ء لا يكون علة لمانعة. وهذا نظير الاشكال على آية النبإ في شمولها للأخبار بالواسطة. وفيه : ان حجية التمييز لما كانت منحلة إلى حجيات متعددة بتعدد أفراد التمييز ـ كسائر الأحكام الثابتة للعمومات الإفرادية ـ فحجية التمييز في الشهرين الأولين علة لثبوت العادة فيهما ، والعادة المذكورة إنما تمنع عن حجيته في الشهور اللاحقة لا عن حجيته في الشهرين الأولين. فالأولى في تقرير الاشكال دعوى ظهور نصوص‌

٢١٦

( مسألة ١٣ ) : إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء [١] في البين ، فهل العادة أيام الدم فقط أو مع أيام النقاء أو خصوص ما قبل النقاء؟؟؟ الأظهر الأول [٢]. مثلا : إذا رأت أربعة أيام ثمَّ طهرت في اليوم الخامس ، ثمَّ رأت في السادس كذلك في الشهر الأول والثاني ، فعادتها خمسة أيام لا ستة ولا أربعة ، فإذا تجاوز دمها رجعت إلى خمسة متوالية وتجعلها حيضاً لا ستة ، ولا بأن تجعل اليوم الخامس يوم النقاء والسادس أيضاً حيضاً ولا إلى الأربعة.

______________________________________________________

الرجوع الى التمييز في خصوص من لم تكن لها عادة في حال الاستقامة ، لأن العادة في حال الاستقامة مقدمة على التمييز لا مطلقاً ولو في حال الاستحاضة ولعل ذلك مراد الجواهر. وربما يجي‌ء في مستمرة الدم بعض الكلام في المقام. فانتظر.

ثمَّ الظاهر انه لا إشكال في ثبوت العادة بقاعدة الإمكان ، كما يظهر من تنصيص غير واحد عليه ، من غير تعرض للخلاف فيه ، لإطلاق الأدلة بل لعله ظاهر الروايتين المتقدمتين بلحاظ غلبة ثبوت الحيض بالقاعدة المذكورة.

[١] سواء كان النقاء فيهما على نهج واحد أم مختلف.

[٢] هذا لا يخلو من تأمل ، إذ الظاهر من أيام القعود في موثق سماعة المتقدم‌ (١) أيام القعود عن الصلاة الشامل لمدة النقاء ، كما هو المراد مما‌ في موثق سماعة في الحبلى : « فاذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد » (٢) وما‌ في رواية الصحاف : « فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت‌

__________________

(١) تقدم في أول المسألة السادسة‌

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الحيض حديث : ١١‌

٢١٧

______________________________________________________

تقعد في حيضها » (١) ، والنبوي : « تدع الصلاة قدر أقرائها » (٢) فإن النقاء قرء ، إذ المراد منه ما يقابل الطهر ، ولا يكون الطهر أقل من عشرة. ومن هنا قال شيخنا الأعظم (ره) : « ان ظاهر أكثر النصوص العموم للنقاء. وجعله أيضاً ظاهر أكثر العبارات » ، نعم جعل ما‌ في مرسلة يونس القصيرة : « كلما كبرت نقصت » (٣). ظاهراً في خصوص الدم ، وادعى انصراف أيامها التي كانت تقعد فيها. ونحو ذلك إلى أيام الدم. ثمَّ أمر بالتأمل ، وكأنه أشار به إلى منع الانصراف المذكور بنحو يعتمد عليه في رفع اليد عن الإطلاق. نعم أيام الحيض في المرسلة الطويلة‌ (٤) ظاهرة في أيام الدم. وكذلك‌ النبوي : « تدع الصلاة قدر حيضها » (٥) ‌لكن دليل تنزيل النقاء منزلة الدم قرينة على إرجاع هذا اللسان إلى الأول ، وهو أولى من حمل الأول عليه بحمله على الدم.

والأستاذ (ره) في رسالة الدماء فصل بين العددية فالعبرة بأيام الدم والوقتية فالعبرة بالأخذ والانقطاع ، لأن الظاهر من المضمرة والمرسلة اعتبار تساوي أيام الدم في العددية ، وان الملاك في الوقتية صدق مثل أيامها ، والظاهر صدقه مع تخلل النقاء. وفيه أولا : انك عرفت ظهور المضمرة فيما يعم النقاء. وثانياً : أنه إذا صدق مثل أيامها على ما يعم النقاء صدق ما في ذيل المرسلة عليه ، وهو حاكم على صدرها. وثالثاً : أن صدق ذلك موجب لدلالة المطلقات على ما يعم النقاء الشاملة للوقتية وللعددية.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

(٤) الوسائل باب : ٣ و ٥ و ٧ و ٨ من أبواب الحيض‌

(٥) الوسائل باب : ٥ من أبواب الحيض حديث : ١‌

٢١٨

( مسألة ١٤ ) : يعتبر في تحقق العادة العددية تساوي الحيضين [١] ، وعدم زيادة إحداهما على الأخرى ولو بنصف يوم أو أقل فلو رأت خمسة في الشهر الأول وخمسة وثلث أو ربع يوم في الشهر الثاني لا تحقق العادة من حيث العدد. نعم لو كانت الزيادة يسيرة لا تضر. وكذا في العادة الوقتية تفاوت الوقت ولو بثلث أو ربع يوم يضر ، وأما التفاوت اليسير فلا يضر. لكن المسألة لا تخلو عن إشكال [٢] فالأولى مراعاة الاحتياط.

( مسألة ١٥ ) : صاحبة العادة الوقتية ـ سواء كانت عددية أيضاً أم لا ـ ، تترك العبادة بمجرد رؤية الدم في العادة [٣]

______________________________________________________

هذا وعن بعض : الجزم بأن العبرة بالدم المتصل ، ولا ينظر إلى المنفصل بعد النقاء ، مدعياً انه المستفاد من الفتاوى والنصوص بعد إمعان النظر ، وهو أعلم بما قال.

[١] للتصريح به في الموثق والمرسل.

[٢] لإمكان دعوى ظهورها في اعتبار المساواة في الأيام لا في الساعات فلا يقدح الاختلاف فيها ، ولا سيما وكونه غالبياً. وكأنه لذلك صرح في محكي كشف الغطاء بعدم قدح الاختلاف ببعض يوم. لكن ذلك على إطلاقه مشكل ، كما اعترف به شيخنا الأعظم (ره) ، بل يختص بما إذا كان البعض غير مانع من صدق القعود في أيام متساوية كما هو الغالب.

[٣] بلا خلاف ، بل الإجماع عليه ، كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة وغيرها. ففي مصحح ابن مسلم : « سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة‌

٢١٩

أو مع تقدمه [١]

______________________________________________________

ترى الصفرة في أيامها. فقال (ع) : لا تصل حتى تنقضي أيامها » (١) وفي خبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « عن المرأة ترى الصفرة أيام طمثها كيف تصنع؟ قال (ع) : تترك لذلك الصلاة بعدد أيامها التي كانت تقعد في طمثها » (٢) ، وفي مرسلة يونس الطويلة : « لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضاً » (٣) ونحوه ما في مرسلته القصيرة‌ (٤) ، ومرسلة المبسوط‌ (٥). بل عن جامع المقاصد : دعوى تواتر الأخبار عن النبي (ص) والأئمة (ع) بوجوب الجلوس برؤية الدم أيام الأقراء. وأما عمومات الأمر بالقعود عن الصلاة أيام الحيض فلا تصلح للاستدلال بها على المقام لظهورها في الحكم الواقعي للحيض لا في التحيض بالرؤية.

[١] اتفاقا في الجملة ، كما عن المنتهى. ويدل عليه ما‌ في مصحح الحسين بن نعيم الصحاف عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ : « وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل ، أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة » (٦) و‌موثق سماعة : عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ، قال (ع) : فلتدع الصلاة ، فإنه ربما تعجل بها الوقت » (٧) ، ومصحح إسحاق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) :

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب الحيض حديث : ٧‌

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب الحيض حديث : ٤‌

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب الحيض حديث : ٣‌

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب الحيض حديث : ٩‌

(٦) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الحيض حديث : ١‌

(٧) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الحيض حديث : ٢‌

٢٢٠