مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٨

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٨

ولو امتزج المبيع بغيره بحيث لا يتميز ، تخير المشتري بين الشركة والفسخ.

ولو تلف بعض الجملة وله قسط من الثمن كعبد من عبدين ، فللمشتري الفسخ والأخذ بالصحة ، ولو لم يكن له قسط كيد العبد تخير بين الرد والأخذ بالأرش على رأى.

ويجب تسليم المبيع مفرغا ،

______________________________________________________

واما على احتمال البطلان حين التلف وانتقاله الى المالك الأول قبله بقليل ، فلان البطلان في أي وقت كان في أحد الطرفين يستلزم البطلان في الطرف الأخر ، ويبعد البطلان بالنسبة الى احد الطرفين والصحة في الأخر في عقد واحد ، لانه تصرف فيه تصرفا ناقلا حين ملكه ، فلا سبيل لإبطاله فتأمّل.

وبالجملة ان كان البيع الثاني قبل التلف كما حررناه ، فذلك غير بعيد ، واما إذا كان أعم كما هو ظاهر المتون فليس بواضح ، فتأمل.

قوله : «ولو امتزج المبيع بغيره إلخ» وجه التخيير بين الشركة بنسبة المبيع ، وبين الفسخ وأخذ ثمنه ، هو ان الشركة عيب مقرر عندهم ، فوجودها قبل القبض بمنزلة العيب قبله ، ولما لم يفت هنا شي‌ء. وما حصل ما يوجب نقصه ، فلا معنى للأرش ، فتعين ما تقدم.

قوله : «ولو تلف بعض الجملة إلخ» قد مرّ شرحه عن قريب.

قوله : «ويجب تسليم المبيع مفرغا إلخ» أي من الأمتعة ، فلو كان سفينة أو بيتا أو صندوقا يجب ان يفرغه ثم يسلمه ، لان الانتفاع موقوف على التفريغ ، ويجب ان يعطيه بحيث ينتفع به على ما هو عليه.

والظاهر انه يحصل التسليم المسقط للضمان إذا خلّى بينه وبينه ، أو سلّمه ، أو نقل به على القول به من دون الفراغ ، وان وجب التفريغ ، صرح به في التذكرة.

٥٢١

ولو غصب من البائع فإن استعاده بسرعة ، والا تخير المشتري بين الصبر بغير اجرة والفسخ.

ولو منعه البائع لزمه الأجرة.

______________________________________________________

ويظهر من شرح الشرائع الإجماع حيث قال : عندنا ، والأصل يؤيده ، مع صدق ما شرط في القبض من التخلية والتمكين ، أو النقل. ويمكن الاشتراط فارغا.

قوله : «ولو غصب من البائع إلخ» أي لو غصب المبيع قبل القبض من عند البائع ، فإن استعاده بسرعة بحيث لا يتأخر عادة حتى يفوت منفعته المطلوبة عرفا ، لم يتخير المشتري ، بل له ان يأخذه بثمنه ، وليس له أيضا التخيير قبل الاسترجاع مع الإمكان بسرعة.

فان لم يمكن بسرعة ، أو أمكن ولم يفعل بسرعة ، فله الفسخ والرجوع الى الثمن ، وان كان حين الفسخ استرجعه ، مع تأمل فيه ، والصبر حتى تحصل بغير اجرة على البائع.

للأصل ، ولأن البائع لا يجب عليه استمناء المبيع وإعطاء نمائه ، ولانه كان مخيرا ، فان لزمت اجرة على الغاصب فتلك للمشتري أيضا ، مع عدم الفسخ ، لانه نماء ماله ، وله ان يتصرف بما لا يتوقف على القبض مثل العتق.

اما لو منعه البائع عن التسليم ، ولم يسلمه ، فله الأجرة ان سلمه بعد مدة لزم فيها الأجرة.

ويمكن ان يكون له الفسخ أيضا حينئذ ، كما فيما أخذه الغاصب ظلما ، بأن يأخذ الثمن ، أو يكون مؤجلا ، بخلاف ان لو حبس لنقد الثمن ، فإنه له ذلك على ما قيل في التذكرة ، فلا اجرة عليه حينئذ ، فتأمل.

وكل موضع يجوز الحبس والمنع عن التسليم ، نفقة المبيع مثلا على المشتري ، لأنه ملكه ، وان لم يكن في قبضه ويكون في ضمان غيره ، وهو الظاهر.

٥٢٢

ويكره بيع ما لم يقبض من المبيعات ، ويحرم لو كان طعاما على رأي إلا تولية.

ولو باع ما لم يقبض من الميراث والصداق وشبهه صح ،

ويصح ان يتولى الواحد طرفي القبض.

وإتلاف المشتري قبض منه وإتلاف الأجنبي ليس بفسخ ،

______________________________________________________

قوله : «ويكره بيع ما لم يقبض إلخ» قد مرّ تفصيله وتحقيقه بما لا مزيد عليه ، فتذكر وتأمل.

قوله : «ولو باع ما لم يقبض إلخ» إشارة الى ان المنع عن بيع ما لم يقبض مخصوص بالمبيع ، كما انه مخصوص بالبيع فلا منع من بيع الصداق ونحوه قبل القبض ، وان كان طعاما ، وبغير التولية ، كما ان لا منع من هبة المبيع الغير المقبوض ، قبله ، وكذا الإيصاء به وغير ذلك ، لان الدليل مخصوص بمنع بيع المبيع. والملكية يقتضي عدم المنع في الغير ، مع الأصل ، وقد مرّ أيضا.

قوله : «ويصح ان يتولى الواحد إلخ» بأن يكون البائع مثلا وكيلا للمشتري في القبض ، فيقبض بوكالته وكالولي مثل الأب والجد ، بل الوصي أيضا يقبض لنفسه من مال المولى عليه ، وبالعكس.

وقد مرّ دليله في جواز تولى طرفي العقد لواحد ، بل هنا أولى ، إذ حقيقة ، لا عقد ، ولا يحتاج الى مسلم ومسلم اليه ، وانما المقصود وصول الحق إلى يد المالك ، أو من يقوم مقامه ، وقد حصل في الفرض.

ولعل المراد بكون إتلاف المشتري قبضا ، كونه مثل القبض في سقوط الضمان للبائع ، فافهم.

قوله : «وإتلاف الأجنبي إلخ» دليله الأصل وبقاء الملك على ملك مالكه ، فيكون للمشتري الخيار لتعذر تسليم المبيع اليه ، فيفسخ ويأخذ الثمن ، ويرجع

٥٢٣

وكذا الوجه في إتلاف البائع ، ويثبت الخيار للمشتري فيهما.

«نكت متفرقة»

لا يجوز بيع الصبرة مجهولة ، ولا جزء مشاعا منها. ولو باعها كل قفيز بدرهم ، بطل ولو باع قدرا معلوما كقفيز صح.

______________________________________________________

البائع إلى المتلف ، أو يرضى ويطلب المشتري المتلف بالمثل أو القيمة ، وفي القيمة تأمل ، وقد مر مثله.

قوله : «وكذا الوجه في إتلاف البائع إلخ» هو مقتضى القانون كما أشرنا في التلف في يد البائع بآفة أيضا.

ولكن نقل في التذكرة عن الشيخ كون إتلاف البائع كالتلف في يده بآفة.

ودليله غير واضح ، كأنه عموم ، التلف في يده وقبل القبض ، ولكنه يشمل إتلاف المشتري والأجنبي أيضا ، على انه ليس ذلك في دليل بل كلام البعض ، وليس ذلك بسند ، والإجماع غير ظاهر ، لوجود الخلاف ، ولو ثبت في التلف بآفة ، اقتصر عليه ، هذا واضح.

ولكن ثبوت الخيار للمشتري في إتلاف الأجنبي والبائع غير واضح الدليل ، فتأمل.

قوله : «(نكت متفرقة) لا يجوز بيع إلخ» لما وجب عندهم العلم بالعوضين كيلا أو وزنا فيما يكال أو يوزن ، علم منه عدم جواز بيع الصبرة المجهولة ، ولا جزء مشاعا منها ، مثل الثلث ، وان كانت مشاهدة.

وهو إشارة إلى خلاف العامة وبعض الأصحاب ، فإنهم جوزوا بيع المكيل والموزون بالمشاهدة من غير كيل ولا وزن ، والى خلاف ابن الجنيد حيث جوز بيع الصبرة المشاهدة فقط ، على ما نقل في شرح الشرائع.

٥٢٤

ولو باعه جزء من المشاهد غير المكيل والموزون صح كنصف الدار والثوب ولو باعه كل ذراع بدرهم ، صح مع العلم بقدر الأذرع. ولو قال بعتك عشرة أذرع من ههنا الى حيث ينتهى صح ، ولو لم يعنى ، المبدأ ولا المنتهى بطل ، وان كانت الأذرع معلومة.

______________________________________________________

وكذا لا يصح لو باعها كلها ، كل قفيز بشي‌ء معلوم ، مثل درهم ، لعدم العلم الآن بالمبيع والثمن وهو إشارة إلى خلاف بعض العامة أيضا ، فإنه جائز عندهم ، ويمكن خلاف بعض الأصحاب أيضا.

وفيه تأمل ، لما مرّ من عدم لزوم العلم بالمبيع الى هذا المقدار ، كما في المسائل الجبرية ، فتذكر.

واما إذا عين منها مقدارا معينا بكيل متيقن وجوده فيها ، فالظاهر عدم الخلاف عند الأصحاب في جوازه ، لعدم المانع عقلا وشرعا ، مع عموم أدلة جواز البيع.

قوله : «ولو باعه جزء من المشاهد إلخ» أي لو باع من احد جزء مشاعا من المشاهد الغير المكيل ولا الموزون ـ وان كان مذروعا أو معدودا على الظاهر ، كنصف الدار المعلومة والثوب كذلك ـ صح ، لوجود شرائط البيع وأدلة جوازه ، وعدم المانع ، إذ لا يعلم اشتراط العلم بالكلية ذرعا أو عددا ، للأصل ولا عذر (١) ، للعلم بالمشاهدة ، كما في بيع كله ، بان قال : بعتك هذه الدار بكذا ، أو الثوب والكرباس بكذا ، فالظاهر الصحة من غير علم بمقدار ذرعاتهما. نقل الإجماع في التذكرة على جواز بيع الثوب والأرض بالمشاهدة بغير مساحة ، كأنه إجماع أهل العلم.

والظاهر انه يكفي ذلك في الفرش ، والبسط منشورة ومطوية مع العلم بعدم

__________________

(١) كذا في النسخ.

٥٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

التفاوت ولو عادة.

وكذا لو باع من شخص كل الأرض والثوب كل ذرع بدرهم مثلا مع العلم بذرعان المجموع وهو ظاهر.

واشتراط العلم بالذرعان هنا ، لدفع جهالة الثمن حين البيع.

ولو قال : بعتك عشرة أذرع من هذا الثوب أو من هذه الأرض مبتدئا من هذا الموضع الى حيث ينتهي ، فقال المصنف : انه يصح وهو الظاهر ، لعموم أدلة البيع وصدقه عليه ، مع عدم ظهور المانع عقلا وشرعا.

ولا جهل هنا بالمبيع لمعرفة مقداره ومشاهدته ، ولا بالثمن ، وهو المفروض ، فلا غرر.

ولا يضر عدم العلم بأنه إلى أين ينتهي ، للأصل ، وعدم ظهور كونه غررا وجهلا مانعا ، والأصل عدم ذلك.

ويؤيده جواز شراء شي‌ء مع رؤية بعضه ، مثل الصبرة ، وزق السمن والأرض والثوب والبسط والفرش وغير ذلك بغير خلاف.

وما تقدم من عدم دليل قوى على اشتراط العلم ، وجواز بيع شي‌ء مع عدم العلم بدخول ما يدخل فيه عرفا مما يجوز النزاع فيه ، والرجوع الى الشرع ، ويحكم له بإطلاق اللفظ عرفا ، مع عدم علم المتعاقدين بذلك ، بل كان في علم أحدهما غير الذي في علم الأخر ، ولهذا تنازعا ، وهو ظاهر.

وقال بعض : والمصنف أيضا في التذكرة بعدم الجواز ، وليس بواضح ، فتأمل.

اما لو لم يعين المبدء ولا المنتهى ولا (١) يحتاج اليه و (لو خ) عين الأذرع ،

__________________

(١) فلا ـ ظ.

٥٢٦

ولو باعه على انها جربان معينة ، فنقصت تخير المشتري بين الرد وأخذ الناقص بالحصة من الثمن على رأي.

______________________________________________________

فيبطل ، لانه غير معلوم مع التفاوت فيه ، فهو كالمجهول بالكلية ، لأنه ما يعلم من هنا أو من هناك ، مع انه قد يقع النزاع.

فتأمل ، فإنه يحتمل الجواز ، وجعل التعيين إلى المشتري.

قوله : «ولو باعه على انه جربان معينة إلخ» لو باع من شخص أرضا معينة على انها عشرة أجربة مثلا ، فتبين أنها تسعة ، ففيه ثلاثة مذاهب :.

(الأول) ما اختاره المصنف هنا : وهو ان المشتري مخير بين الرد بالكلية وأخذ ثمنه ، وبين ان يأخذ التسعة الموجودة بتسعة أعشار الثمن.

وجه جواز الرد ظاهر ، لانه ليس بأقل من نقص الوصف الذي هو عيب موجب الجواز الرد.

وهو ظاهر ، وهو وجه جواز أخذ الناقص الموجود بحصته من الثمن ، فيسترد ما هو مقابل للناقص فكأنه بمنزلة الأرش للعيب.

(والثاني) انه يتخير بين الرد وأخذ الموجود بكل الثمن ، لان الرضا من البائع ما حصل الا به ، فإلزامه بأقله ظلم ، فلما نقص من الشرط شي‌ء ينبغي جواز الرد وأخذ ثمنه ، واما الأخذ بأنقص فلا.

وهذا هو المضعف للاول.

وفيه تأمل ، لما نقل انه ليس بأنقص من العيب ، وفي المعيب أيضا إنما رضي بالثمن ولكن الزم بالنقص للعيب ، وليس نقصان العيب أقل من نقصان الوصف ، ولا الثمن متوزع على المبيع ، فلكل جزء ، فإذا فات من المبيع جزء ، يفوت من الثمن كذلك ، وان كان في العيب نص ولم يكن هنا ، الا ان ذلك مؤيد لهذا فتأمل.

ويؤيده الرواية الاتية أيضا في الجملة ، فافهم.

(الثالث) : انه ان كان بجنب الأرض المبتاعة ارض للبائع ، يأخذ مقدار

٥٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

النقص من تلك الأرض ، والا فهو مخير بين الأخذ بجزء الثمن وبين الرد وأخذ الثمن كله. وهو وان كان خارجا عن القانون المقررة عندهم ، الا ان به رواية.

وهي رواية عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل باع أرضا على ان فيها عشرة أجربة فاشترى المشتري منه (ذلك قيه) بحدوده ونقد الثمن ووقع صفقة البيع وافترقا ، فلما مسح الأرض فإذا هي خمسة أجربة ، قال : ان شاء استرجع (فضل قيه) ماله وأخذ الأرض ، وان شاء رد المبيع وأخذ ماله كله ، الا ان يكون الى جنب (حد قيه) تلك الأرض له أيضا أرضون ، فليوفه (فيوفيه قيه) ويكون البيع لازما له ، وعليه الوفاء (له خ) بتمام البيع ، فان لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع ، فان شاء المشتري أخذ الأرض واسترجع فضل ماله ، وان شاء رد الأرض وأخذ المال كله (١).

ويمكن حملها على احتمال قصد ذلك الأرض التي في جنب المبيع المفروض ، ففي الحقيقة المبيع عشرة أجربة من ماله الى ان ينتهي.

فتأمل فيها ، لان سندها غير واضح ، لمجهولية البعض ، وواقفية داود بن الحصين ، ومجهولية عمر بن حنظلة أيضا (٢) وان كان يظهر انه مقبول ، لقبول خبره في جعل الامام ، المجتهد قاضيا.

وفي الدلالة تأمل ، لاحتمال قبول الخبر ، مع عدم قبوله وكونه عدلا (٣).

وقال الشيخ زين الدين (٤) في دراية الحديث : قد عرفت كونه عدلا من

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٤ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن ذبيان عن موسى بن أكيل عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام).

(٣) اي لو سلمنا قبول خبر عمر بن حنظلة على اعتبار الاجتهاد ولزوم الرجوع اليه ، لا يستلزم منه قبول خبره في جميع الموارد.

(٤) يعني الشهيد الثاني رحمه الله.

٥٢٨

ولو زاد متساوي الأجزاء ، فالزيادة للبائع.

______________________________________________________

موضع أخر ، وان لم يكن وثق في موضع ذكره.

وما فهمت ذلك وما بينه ، ولعله لا يكفي ، لأنه قدسي (١) عن الاجتهاد في تحصيل كونه ثقة ، لا انه ثبت عنده عدالته بالشهادة أو الممارسة ، ويشهد بذلك.

وفي متنها أيضا شي‌ء ، الا انها غير بعيدة.

وفيها بعض الاحكام ، مثل لزوم البيع بعد التفرق ، وجوازه قبله ، وجواز البيع مع عدم ذرع الأرض ، وكذا في فرض الأصحاب هذه المسألة ، فافهم ، والخيار بين الرد وأخذ الموجود بحصته من الثمن كالأول ان لم يكن هناك ارض.

قوله : «ولو زاد متساوي الأجزاء إلخ» يعني لو اشترى متساوي الأجزاء ، مثل ان اشترى صبرة معينة من حنطة بخبر البائع على انه كذا قفيزا ، فان ذلك جائز ، والتصرف أيضا فيه كذلك قبل الكيل ، يفهم من التذكرة إجماعنا عليهما ، ان كاله المشتري وخرج زائدا عما قال زيادة فاحشة ، لا يتغابن ، ولا يتسامح بمثلها ، ولا تنسب الى تفاوت المكاييل ، فإنه لو لم يكن كذلك ، لكان للمشتري التصرف من غير اعلام ، للعرف بالتسامح في مثله ، وقد مرّ الأخبار المحمولة على ذلك أيضا.

فلا شك انه للبائع ، فيكون شريكا بالنسبة.

وحينئذ يمكن ان يكون للمشتري الخيار بين الفسخ والرضا بالبيع مع الشركة ، للشركة التي هي عيب عندهم ، وتبعض الصفقة ، وعدمه ، لأصل اللزوم في البيع بأدلته.

والزيادة التي حصلت في المبيع ، مثل ان باعه قفيزا من صبرة ، فيحتاج الى الكيل ، وكأنه ما كيل ، ويحتاج التمييز اليه ، وعدم الكيل بعد ان باعه بالكيل ، لا تضر.

فالظاهر ان الزيادة أمانة ، لا مضمونة ، مع الاحتمال لما تقدم.

__________________

(١) هكذا في النسخ.

٥٢٩

ولو زاد المختلف تخير البائع بين الفسخ والإمضاء.

ويجوز الجمع بين المختلفين كبيع واجارة ونكاح وسلف بعوض واحد ، ويقسط على ثمن المثل وأجرته ومهره.

______________________________________________________

وعلى التقديرين لا يتصرف فيه الا بإذن البائع ، كما هو شأن الشركة.

ومع عدم العلم به ، يمكن التصدق بمقدار حقه مثل سائر الأموال المجهول صاحبها.

ومع الغيبة يمكن الرجوع الى الحاكم ، ومع تعذره الصبر اولى من العزل والقسمة بحضور العدل والضبط له.

وظاهر عبارة المتن انه حينئذ لا خيار للبائع ، لما تقدم ، ويحتمله لما تقدم.

وعموم كلامهم في إثبات الخيار بالتشقيص يقتضي ذلك ، الا انه يحتمل هنا العدم ، لان التقصير منه.

وفيما نقص المتساوي المعين أيضا يحتمل ان يكون للمشتري الخيار.

قوله : «ولو زاد المختلف إلخ» الظاهر ثبوت الخيار فيه للمشتري أيضا ، كما ان له الخيار في النقصان في المختلف والمتساوي ، ولكن في المختلف كون الخيار لهما أظهر ، للاختلاف الذي قد لا يرضى أحدهما بما يقع له بالقسمة ، للتفاوت في الاجزاء بحسب النفع والثمن ، بخلاف المتساوي ، مع ان التقصير من البائع في الزيادة. وكأنه لذلك سكت عن ذكر الخيار له في المتساوي.

وظاهر القوانين ثبوت الخيار لهما في زائد القسمين ، وللمشتري في الجميع أظهر ، وان الأخذ بالحصة لا بكل الثمن. ويحتمل الخيار للبائع في الناقص المختلف أيضا ، فتأمل.

قوله : «ويجوز الجمع بين المختلفين إلخ» مثل ان يقول : بعتك هذا الثوب ، وأجرتك هذه الدار إلى سنة ، وأنكحتك بنتي ، وبعتك طعاما وحنطة إلى شهر بماءة دينار ، فقال : قبلت ، فهو صحيح عند المصنف والأكثر.

٥٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

دليله : عموم أدلة جواز العقود ، وعدم ظهور المانع.

ويمكن عدم الجواز ، لجهالة ثمن المبيع ، واجرة السكنى ، ومهر الابنة حال البيع ، وهو ليس بأقل في الجهل مما إذا قال : بعتك هذه الصبرة كل قفيز بكذا ، وهو غير جائز عندهم للجهالة ، ولهذا نقل في التذكرة عن الشيخ عدم جواز بيع عبدين يكون كل واحد من شخص وباعهما صفقة ، لجهالة ثمن كل واحد.

ويمكن الفرق بان هنا الكل لشخص واحد.

والظاهر انه لا ينفع ، على ان المهر للبنت ، وانهم ما يفرقون.

ويؤيد عدم الجواز ما روى من طرقهم (١) وطرقنا المنع من جواز بيع وشرط.

مثل رواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله رجلا من أصحابه واليا ، فقال له : اني بعثتك الى أهل الله ، يعني أهل مكة ، فإنهم عن بيع ما لم يقبض ، وعن شرطين في بيع ، وعن ربح ما لم يضمن (٢).

ويطلق الشرط على المبيع كثيرا.

ورواية سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله عن سلف وبيع ، وعن بيعين في بيع ، وعن بيع ما ليس عندك ، وعن ربح ما لم يضمن (٣).

والمصنف في التذكرة رد دليل الشيخ : بأنه يكفي معلومية ثمن الكل ،

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ٢ ص ٢٠٥ ولفظ الحديث (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم عن سلف وبيع ، وعن بيعتين في بيعة ، وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن).

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٠ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ٦ ، التهذيب ج ٧ (٢١) باب من الزيادات ص ٢٣١ الحديث ٢٦.

(٣) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٧ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ٢.

٥٣١

وإذا ادعى المشتري النقص ولا بينة ، فان حضر الكيل أو الوزن قدم قول البائع مع اليمين ، والا قوله معها

______________________________________________________

ولا يحتاج إلى معرفة ثمن الاجزاء ، لان الصفقة الواحدة ، تكفي معلومية الثمن الذي فيها.

وقال : ليس المراد بالشرط كل الشرط ، لجواز البعض بالاتفاق ، فكأنه محمول على الشرط المخالف للكتاب والسنة ، فحمل الشرط على معناه.

والظاهر ما قلناه كما يفهم من هذه الرواية.

ويمكن ان يقال : الروايتان غير صحيحتي السند (١) ، فلا تصلحان للمعارضة بعموم الأدلة من الكتاب والسنة والأصل.

ويمكن حملهما على بعض الشرائط المخالفة للكتاب والسنة ، والبيوع الغير الجائزة ، فتأمل والاحتياط واضح.

وطريق التقسيط ظاهر ، وهو ان يلاحظ قيمة الكل ومهر المثل ، ثم كل واحد واحد فقيست (فنسب خ) إلى قيمة الكل والمهر ويؤخذ بالنسبة من الثمن لكل واحد.

قوله : «وإذا ادعى المشتري إلخ» يعني إذا اشتري مكيلا بكيل معين ، ثم ادعى ان المقبوض ناقص عما بيع ، فان لم يكن بينة لأحد فالقول قول المشتري مع يمينه ان لم يكن حضر الكيل ، بل اشتراه بخبر البائع مثلا ، لانه منكر لوجود معناه فيه ، ولأصل عدم وصول حقه اليه ، فيبقى في ذمة البائع حتى يعطي.

وهذا هو الظاهر مع الحضور أيضا ، لاحتمال الغفلة والسهو ، الا انهم قالوا

__________________

(١) سند الحديث الأول كما في التهذيب (محمد بن احمد بن يحيى عن احمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار) وسند الحديث الثاني كما في التهذيب (عنه عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن سليمان بن صالح).

٥٣٢

وإذا أسلف في موضع وطالبه به في غيره لم يجب دفعه ، وكذا لو طالبه بالقيمة ، وكذا القرض ، ولو طالبه بسعر موضع القرض لم يجبر.

ولو كان غصبا وجب دفع المثل اين طلب ، فان تعذر فالقيمة عند المطالبة في بلدها.

______________________________________________________

مع الحضور القول قول البائع مع يمينه ، إذ الظاهر وصول حق المشتري حينئذ وعدم غفلته وسهوه.

قوله : «وإذا أسلف في موضع إلخ» حاصله انه إذا أسلف وطلب المسلف المسلف فيه في موضع غير موضع تعين شرعا للإعطاء فيه ـ مثل بلد العقد مع الإطلاق وعدم القرينة ، مع القول بعدم شرطية ذكر موضع التسليم ـ لم يجب على البائع الدفع في بلد الطلب.

وكذا لا يجب عليه دفع قيمته لو طلب القيمة في موضع تعين القيمة بأن تعذر المسلف فيه ، وغير ذلك.

وكذا لو أسلفه تغار حنطة مثلا في موضع وطلبه في موضع أخر لم يجب دفع العوض عند الطلب.

وكذا لو طلب قيمة القرض ، ولو طلب بسعر موضع القرض كل ذلك ظاهر مما تقدم ، إذا قيل بتعين موضع السلف والقرض للطلب فيه.

وهو محل التأمل ، ويمكن الرجوع الى القرائن ، ومع عدمها الى العرف الغالب بين الناس كما سلف في تعيين زمان السلف ومكانه.

ثم انه مع اقتضاء العقد مكانا ، لا يجب الدفع في غير ذلك ، وهو ظاهر سواء كان عينا أو قيمة ، مساويا أو أقل.

ومع العدم يجب قيل بخبر الدافع في القرض والسلف لو رضى بالأدون في أي موضع طلب ، وهو غير واضح.

نعم لو كان ما في ذمة الدافع غصبا ، يجب دفعه أو مثله أو قيمته أينما

٥٣٣

وإطلاق النقد والوزن ينصرف الى البلد ، ولو تعذر فالأغلب ، فإن تساويا بطل ان لم يعين.

ولو اختلفا في قدر الثمن ولا بينة فالقول قول البائع مع يمينه ، ان كانت السلعة قائمة. وقيل : ان كانت في يده وقول المشتري مع التلف ، وقيل : ان كانت في يده.

______________________________________________________

طلب ، بل أينما أمكن مع عدم الطلب أيضا.

وظاهر المتن وجوب إعطاء القيمة عند الطلب في بلد المطالبة.

وقيل : أعلى القيم ، وقيل : غير ذلك ، وقد سلف مثله وسيجي‌ء أيضا.

قوله : «وإطلاق النقد والوزن إلخ» انصراف النقد والوزن والكيل الى المتعارف في بلد العقد مع وجودها فيه ، وعدم ما يصرفها عنه ـ ظاهر ، للعرف.

فمع الواحد يتعين ، ومع التعدد يتعين الغالب المتداول في الأكثر والأغلب ، لانصراف الأمور إلى الغالب والمعروف.

ومع التساوي وعدم الغلبة التي يقتضي العرف الانصراف إليها ، قال المصنف : يبطل مع عدم التعيين ، للجهل المبطل في الثمن أو المبيع كما تقدم.

ويحتمل الانصراف إلى الأقل وما يريد المشتري في المبيع والبائع في الثمن ، ان لم يكن خلاف الإجماع.

قوله : «ولو اختلفا في قدر الثمن إلخ» بان ادعى المشتري ثمنا قليلا ، والبائع كثيرا ولا بينة (حينئذ خ).

الحكم مع البينة لأحدهما فقط واضح. ومع وجودها لهما ، أيضا ظاهر ، بعدم الحكم بدون البينة ، فإنه لو قدم بينة الخارج ، فيقدم هنا بيّنة من ردّ قوله ، والا فبينة من قدّم قوله.

واما مع العدم ، فالظاهر تقديم قول المشتري مطلقا ، لانه منكر على ظاهر

٥٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

تعريفه ، ولأصل عدم زيادة الثمن بعد الاعتراف بالبيع ، وهو الظاهر الموافق للقوانين ، فتأمل.

الا انهم قالوا : القول قوله مع تلف المبيع.

وقيل : ان كانت في يده ، ومع البقاء قول البائع.

وقيل : ان كانت في يده.

وجه القيل : ان من كان المبيع في يده ، فالآخر هو المدعى ، فالقول قوله مع يمينه ، لأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

ووجه الأول المشهور ، انه إذا كان المبيع باقيا ، فالأصل عدم انتقاله من ملك البائع إلا برضاه ، وهو لا يرضى الا بما يدعيه ، وبعد التلف قول المشتري ، لأنه غارم ، والقول قول الغارم وعدم لزوم شي‌ء عليه الا بما ثبت.

وفيه بعد يعلم مما تقدم من الاتفاق على انتقال المبيع إلى المشتري سواء كان باقيا أو تالفا فهو المنكر فينبغي كون القول قوله كما مرّ.

ولعل عمدة المشهور وحجته مرسلة ابن أبي نصر (الذي أجمع العصابة على تصحيح ما صح عنه) عن (بعض أصحابه خ) رجل عن أبي عبد الله عليه السلام ، في الرجل يبيع الشي‌ء ، فيقول المشتري هو بكذا وكذا ، بأقل مما قاله البائع ، قال : قال القول قول البائع إذا كان الشي‌ء قائما بعينه مع يمينه (١).

ومنها يفهم : ان القول قول المشتري مع يمينه مع عدم بقائه ، مع عدم القول بالواسطة.

ومرسلته بمنزلة المسند الى عدم عندهم ، كابن أبي عمير ، فهي صحيحة عندهم.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١١ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ١.

٥٣٥

ولو اختلفا في تأخير الثمن أو قدر الأجل ، أو شرط رهن من البائع على الدرك أو ضمين أو قال ثوبا فقال : بل ثوبين فالقول قول البائع مع اليمين.

______________________________________________________

والشهرة يؤيده ، بل نقل الإجماع على ذلك في شرح الشرائع عن الشيخ.

ويحتمل التحالف ، فيبطل البيع.

وفيه أيضا تأمل كعين الأول ، لأن موضع التحالف ، هو إرجاع الدعوى الى دعويين ، وعدم قطع الدعوى بحلف المنكر.

والظاهر انه هنا ليس كذلك ، إذ الظاهر انه دعوى واحد ، وإذا حلف المشتري على عدم الزيادة التي يدعيها البائع ، يقطع الدعوى والخصومة.

وبالجملة الأول (١) هو الظاهر ان لم يعمل بالخبر المرسل المؤيد بالشهرة ، وإلّا تعين ذلك (٢) ، ولعل الأول نقل في التذكرة عن بعض العامة وقواه ، وذكره في القواعد احتمالا ، فتأمل.

قوله : «ولو اختلفا في تأخير الثمن إلخ» لا شك في ان القول قول البائع في ادعاء المشتري تأخير الثمن ، لان العقد يقتضي التعجيل ، والأصل عدم اشتراط ما يؤخره ، ولا يوجد التأخير إلا معه.

وإذا فرض العكس ـ إذ قد يكون تأخير الثمن مصلحة للبائع ـ فالقول قول لمشتري ، فيجب القبول على البائع على تقدير وجوب قبول الثمن الحال دون المؤجل.

وكذا لو اتفقا في اشتراط الأجل والتأخير في الثمن ، إلا أنهما اختلفا في قدره ، فالقول قول البائع مع دعوى المشتري الزيادة ، وبالعكس لو انعكس الدعوى ، والوجه ما تقدم بعينه.

__________________

(١) اي تقديم قول المشتري مطلقا كما تقدم.

(٢) اي لو عملنا بالخبر المرسل المؤيد بالشهرة تعين القول بتقديم قول البائع.

٥٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا القول قوله مع دعوى المشتري الرهن ، على انه ان خرج المبيع مستحقا ، يأخذ منه عوض ثمنه ، وهو ظاهر.

وكذا في دعواه اشتراط ضمين لو خرج المبيع مستحقا بأخذ عوض ثمنه منه ، مع إنكار البائع ذلك.

والحكم ينعكس في الكل مع وجود التحالف المذكور في المبيع ، بان ادعى البائع تأخيره ، أو زيادة اجله ، أو الرهن على الثمن ، أو الضمين ، وذلك كله ظاهر مما تقدم.

وكذا الكلام في دعواه زيادة المبيع ، بان قال : كان ثوبين ، وقال البائع : بل ثوبا واحدا أو بالعكس في الثمن ، فالقول قول البائع في الأول ، وقول المشتري في الثاني. وجهه أيضا ظاهر لانه منكر ، والأصل عدم دخول الزيادة ، وأصل عدم ما يدعيه في البيع دخوله فيه (١) ، وهو أيضا ظاهر.

الا انه قد قيل هنا بالتحالف مع الاختلاف في الثمن أيضا ، بان يدعي البائع الثمن الكثير في مقابل الثوب الواحد ، والمشتري الثوبين بثمن قليل ، فالتحالف هنا غير بعيد ، وهو ظاهر ، لكنه خارج عن فرض المتن في الجملة ، لأن الفرض اتحاد الثمن بحسب الظاهر.

وكذا يتوجه التحالف لو كان الثوب الذي يقول البائع بأنه المبيع ، غير الثوبين الذين يدعيهما المشتري ، إذ على تقدير حلف البائع على عدم البيع في الثوبين ، لا ينقطع دعواه ، إذ له ان يقول : بعتك هذا الثوب بالثمن الذي تقول هو ثمن الثوبين ، ولا يعطيه المشتري بمجرد ذلك ، لانه ينكر ذلك البيع والثوب الواحد ، فاما ان يعطي الثمن ويأخذ ، أو يحلف.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب (والأصل عدم دخول ما يدعى دخوله فيه في المبيع).

٥٣٧

ولو قال : بعتك العبد ، فقال : بل الأمة ، تحالفا وبطلا (بطل خ).

ولو قال بعتك بعبد فقال : بل بحرّ.

أو قال فسخت قبل التفرق فأنكر ، قدم قول مدعى الصحة مع اليمين.

______________________________________________________

ولا يخفى انه يمكن التحالف هنا مطلقا.

قوله : «ولو قال بعتك العبد إلخ» تعين التحالف هنا ظاهر ، لكون ذلك دعويين حقيقة ، فكل واحد مدع ومنكر ، فيحلف كل واحد لاخر ، فيبطل البيع والدعوى.

وكذا لو كان مثل هذا الاختلاف في الثمن من غير فرق.

قوله : «ولو قال بعتك بعبد إلخ» لو يدعي أحدهما كون الثمن عبدا ، فيصح البيع ، والأخر كونه حرا ، فيبطل فالقول قول مدعي الصحة ، لأنها الأصل ، وعليها يحمل فعل المسلمين.

هذا مع عدم البينة ، وعدم ظهور كون الثمن أي شي‌ء بأن تلف أو مات أو انهزم ، وحينئذ يأخذ ثمنه من المشتري مع يمينه في قيمته ان لم يكن معلوما.

واما مع ظهوره وظهور كونه حرا فلا شك في البطلان ، كما في الصحة على تقدير الرقية ولو كان بإقراره مع البلوغ ، أو الحكم عليه بذلك ، لكونه تحت يده يباع ويشترى ، وبكونه طفلا تحت يده ، مع عدم ظهور الحرية ، فتأمل.

والظاهر عدم الفرق بين المعنيين بان يقول بعتك بهذا العبد وأنكر الأخر ، وقال : بل بهذا الحر ، والمطلقين ، بان يقول : بعتك بالعبد وأنكر الأخر وقال : بل بالحر. ولا بين كون مدعى الصحة البائع أو المشتري ، وان كان ظاهر المتن ان المنكر للصحة ، هو المشتري ، فلا يظهر فائدة تعميم قول مدعي الصحة ، فتأمل.

وكذا القول قول مدعي الصحة فيما إذا يدعى (ادعى خ) أحدهما الفسخ قبل التفرق ، وينكر (وأنكر خ) الأخر ، لأصل بقاء الصحة وعدم وقوع المفسد ، ولكن مع اليمين على عدم الحرية ، وعدم العلم بالفسخ قبل ان كان المدعي يدعي

٥٣٨

واجرة الكيال ووزان المتاع على البائع ، واجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري ، واجرة الدلال على الآمر.

ولو باع واشترى فاجرة البيع على آمره واجرة الشراء على آمره.

______________________________________________________

الفسخ بنفسه ، وعلى عدم فسخه ان كان المدعي يدعي انه فسخ العقد بحضوره ، وهو الظاهر.

قوله : «واجرة الكيال إلخ» معلوم ان اجرة الكيل والوزن للمبيع على البائع ، لأنه لمصلحته ، ولما هو واجب عليه ، لانه يجب عليه كيله للبيع ، وكذا للقبض والإقباض على هذا الوجه على ما تقدم ، فتأمل.

وكذا على المشتري لو كان الثمن منهما ، كاجرة نقاد الثمن ، لما تقدم.

ولو كان من جانب البائع فعليه ، وهو ظاهر.

وكذا إنّ اجرة الدلال على الآمر ، لانه معلوم ان اجرة عمل ذي اجرة تكون على الآمر به لا على الغير.

قوله : «ولو باع واشترى إلخ» قد دلت أخبار كثيرة على جواز أخذ الأجرة للدلال والسمسار من المشتري (١).

ويدل عليه أيضا الاعتبار ، وعلى جواز الأخذ من البائع ان أمر بالبيع له ، وهو ظاهر.

وظاهر العبارة انه لو اشترى لشخص بامره متاعا ، لشرائه أجرة عادة ، وان لم يقل له بذلك.

وكذا لو باعه لاخر ، يكون له اجرة أخرى ، وان كان الشي‌ء واحدا ، لحصول العمل الموجب للأجر بالأمر ، فيأخذ ما يستحقه من كل منهما بعمله ، وان كان واحدا.

__________________

(١) لاحظ الوسائل ، ج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ١٨ و ٢٠ من أبواب أحكام العقود فلاحظ.

٥٣٩

والدلال أمين ، فالقول قوله في عدم التفريط والقيمة معه.

______________________________________________________

فقد يتخيل عدم استحقاق أجرتين ، بل أجرة واحدة ، إذ لا اجرة في عمل واحد ، الا واحدا.

ولأن الأجرة للبيع مثلا ، انما هو للسعي في بيعه في ازدياد الثمن مهما أمكن ، وكذا في الشراء. وذلك لا يمكن من شخص واحد في متاع واحد.

نعم ان كان وكيلا في إيقاع طرفي العقد ، على القول بجوازه ، ويكون ذلك مما له الأجرة ، يستحقهما بذلك ، هكذا قيل.

ويمكن ان يقال : قد يكون الغرض مجرد البيع والشرى ، لا السعي في كمال ما يسوى مثلا ، وذلك قد يرى في بعض الأمتعة ، بحيث يرضى صاحبه في بعض الأوقات بيعه بأدنى شي‌ء ، أو يصرح به ، وان يخليه ويترك ، وحينئذ يرضى بان يباع له بمهما يباع ، ويأخذ الأجرة.

على انه قد يمكن بذل الجهد والسعي من الجانبين على سبيل المتعارف ، بان يقال : هذا لو كان سوقا رائجا يباع بكذا وكذا ، وان كان الان لا يباع بكذا ، وعن قريب يجي‌ء الموسم ويكثر المشتري ، فيشترى بأكثر (من هذا الثمن خ) وهذا للترغيب إلى شرائه بالزائد الإن ، ويقول مع هذا : هذا وان كان الان قليلا ، ولكن انك إذا بعت هذا وأخذت بثمنه شيئا أخر واتجرت به ، يحصل لك الربح ، وهو اولى من ان لا تبيعه ويخليه الى ان يجي‌ء الموسم ويبيعه بأكثر من هذا الثمن.

وبالجملة : قد يتخيل النفع في قوله لكل منهما ، بحيث يكون قوله باعثا للشراء والبيع والرغبة ، وذلك كاف للأجرة فتأمل.

قوله : «والدلال أمين إلخ» يعني لا يضمن ما تلف في يده الا مع الإفراط أو التفريط ، وقوله مقبول في التلف والقيمة وعدم التفريط.

ولعل ذلك مجمع عليه ولهم عليه دليل غير ما يتخيل انه لو لم يكن ذلك لم يصر احد دلالا ، وفي ذلك ضرر عظيم ، كما قيل ذلك في الودعي.

٥٤٠